Professional Documents
Culture Documents
التأمني حديث النشأة ،فقد ظهر مبعناه احلقيقي يف القرن الرابع عشر امليالدي يف إيطاليا يف صورة
التأمني البحري .والتأمني ( أو السوكرة ) نوعان 2:تأمني تعاوين وتأمني بقسط ثابت (. )2
أما التأمني التعاوين :فهو أن يتفق عدة أشخاص على أن يدفع كل منهم اشرتاكاً معيناً ،لتعويض
األضرار اليت قد تصيب 2أحدهم إذا حتقق خطر معني .وهو قليل التطبيق يف احلياة العملية.
1
ب ك يِف الْمر َك ِ ني احْلَْريِب ِّ َما َهلَ َض ِم ِ س ْو َكَر ًة َوتَ ْ مطْلَب م ِه ٌّم فِيما ي ْفعلُه الت َّ ِ
َْ ُّج ُار م ْن َدفْ ِع َما يُ َس َّمى َ َ ََُ َ ٌ ُ
ِ
ُّج َار إذَا
َأن الت َّ السَؤ ُال َعْنهُ يِف َز َماننَاَ :و ُه َو َأنَّهُ َجَر ْ
ت الْ َع َادةُ َّ اب َما َك ُثَر ُّ َومِبَا َقَر ْرنَاهُ يَظْ َه ُر َج َو ُ
وما لِر ُج ٍل َح ْريِب ٍّ ُم ِقي ٍم يِف ِ
استَْأ َج ُروا َم ْر َكبًا م ْن َح ْريِب ٍّ يَ ْد َفعُو َن لَهُ ْ
ضا َمااًل َم ْعلُ ً َ ُأجَرتَهَُ ،ويَ ْد َفعُو َن َأيْ ً ْ
ب حِب َْر ٍق َْأو َغَر ٍق ك ِم ْن الْم ِال الَّ ِذي يِف الْمر َك ِ س ْو َكَر ًة َعلَى َأنَّهُ َم ْه َما َهلَ َالَ : ك الْ َم ُ ِ
بِاَل ده ،يُ َس َّمى َذل َ
ِِ
َْ َ
يل َعْنهُ ُم ْستَْأ َم ٌن يِف َدا ِرنَا ِ ِ الرجل ِ مِب ِ ِ ِ َْأو َن ْه ٍ
ضام ٌن لَهُ َُق َابلَة َما يَْأ ُخ ُذهُ مْن ُه ْمَ ،ولَهُ َوك ٌ ك َّ ُ ُ َ ب َْأو َغرْيِ ه ،فَ َذل َ
ك ِم ْن ض ِم ْن الت َّ اح ِل اِإْل ساَل ِميَّ ِ2ة بِِإ ْذ ِن ُّ ِ السو ِ ي ِق يِف ِ ِ
الس ْو َكَر ِة َوِإذَا َهلَ َال َّ ُّجا ِر َم َ الس ْلطَان َي ْقبِ ُ ْ يم باَل د َّ َ ُ ُ
ُّجا ِر ب َدلَه مَتَاما ،واَلَّ ِذي يظْهر يِل َ :أنَّه اَل حَيِ ُّل لِلت ِ ِ ِ هِلِ
َّاج ِر ُ َ َُ ك الْ ُم ْستَْأ َم ِن للت َّ َ ُ ً َ َما ْم يِف الْبَ ْح ِر َش ْيءٌ يَُؤ ِّدي َذل َ
ُأجَر ًة َعلَى َأخ َذ ْ ع إ َذا َ ود َ إن الْ ُم ََأِلن َه َذا الْتَِز ٌام َما اَل َي ْلَز ُم .فَِإ ْن ُق ْلتَّ : ك ِم ْن َمالِِه َّ َأخ ُذ ب َد ِل اهْل الِ ِ
ْ َ َ
ب اح ِ ال لَيس يِف ي ِد ص ِ ت َم ْسَألَُتنَا ِم ْن َه َذا الْ َقبِ ِيل َّ الْ َو ِد َيع ِة يَ ْ
َأِلن الْ َم َ ْ َ َ َ ت ُق ْلت لَْي َس ْ ض َمُن َها إ َذا َهلَ َك ْ
ب يَ ُكو ُ2ن احب الْمر َك ِ السو َكر ِة هو ِ ب ،وِإ ْن َكا َن ِ ِ السو َكر ِة بَل يِف يَ ِد َ ِ ِ
ص ُ َْ ب َّ ْ َ ُ َ َ صاح ُ َ صاحب الْ َم ْر َك َ َّ ْ َ ْ
َِأجريا م ْش ِ ًكا قَ ْد َأخ َذ ُأجر ًة علَى احْلِْف ِظ ،وعلَى احْل م ِل ،و ُكلٌّ ِمن الْمود ِع و ِ
اَأْلج ِري الْ ُم ْشرَتِ ِك اَل ْ ُ َ َ َ َ َْ َ َ َْ َ ً ُ رَت
اب َك َفالَِة ِ
ك .فَِإ ْن ُق ْلت :سيْأيِت ُقبْيل ب ِ
ََ َ َ َ ض َم ُن َما اَل مُيْ ِك ُن ااِل ْحرِت َ ُاز َعْنهُ َكالْ َم ْو ِت َوالْغََر ِق َوحَنْ ِو َذل َ يَ ْ
ال :إ ْن َكا َن ض َم ْن َولَ ْو قَ َ ُأخ َذ َمالُهُ مَلْ يَ ْك ،و ِ ك ه َذا الطَِّر ِإ ِ الرجلَ ِ قَ َ آِل
يق ،فَ نَّهُ آم ٌن فَ َسلَ َ َ َ ال َخَر اُ ْسلُ ْ َ َّ ُ نْي
الساَل َم ِة لِْل َم ْغ ُرو ِر ض ِم َن الْغَ ُّار ِص َفةَ َّ ك بَِأنَّهُ َ
ِ
ِح ُهنَال َ ض ِامن َ ِ
ضم َن َو َعلَّلَهُ الشَّار ُ ك فََأنَا َ ٌ ُأخ َذ َمالُ َ خَمُوفًا و ِ
َ
ِ ان بَِقولِِه فََأنَا ِ ص علَى الض ِ صا اهـ خِبِ ِ
صولَنْي ِ ضام ٌنَ ،ويِف َجام ِع الْ ُف ُ َ َّم ْ َ َأي اَل ف اُأْلوىَل ،فَِإنَّهُ مَلْ َينُ َّ َ ْ نَ ًّ
ض ِم َن الْغَ ُّار ِص َفةَ َأن الْم ْغرور إمَّنَا ير ِجع علَى الْغَ ِّار لَو حصل الْغُرور يِف ِضم ِن الْمعاو ِ
ضة َْأو َ ْ َُ َ َ ْ َ ََ ُ ُ اَأْلص ُل َّ َ ُ َ َ ْ ُ َ ْ
الن ْق ِ ب ِم ْن َّ ِِ اج َع ْلهُ يِف َّ ان لَِر ِّالساَل مةَ لِْلم ْغرو ِر َفيصار َك َقو ِل الطَّ َّح ِ
ب الدلْ ِو فَ َج َعلَهُ فيه ،فَ َذ َه َ ب الُْبِّرْ : َّ َ َ ُ ُ َ ُ ْ
ضمن؛ إ ْذ َغَّره يِف ِضم ِن الْع ْق ِد وهو ي ْقتَ ِ ِ ِِ ِ
الساَل َمةَ .اهـ. ضي َّ ْ َ َ َُ َ ُ إىَل الْ َماءَ ،و َكا َن الطَّ َّحا ُن َعال ًما به يَ ْ َ ُ
انالت ْغ ِري ِر ِمن َأ ْن ي ُكو َ2ن الْغَ ُّار عالِما بِاخْلَطَ ِر َكما ي ُد ُّل علَي ِه مسَألَةُ الطَّ َّح ِ ُق ْلت :اَل بُ َّد يِف َم ْسَألَِة َّ
َ َ َْ َ ْ َ ً ْ َ
الدلْ ِو يَ ُكو ُن ب َّ ب الُْبِّر لَ ْو َكا َن َعالِما بَِن ْق ِ
ً ك َّ
َأن َر َّ ور َغْيَر َعامِلٍ إ ْذ اَل َش َّ ورةَ ،وَأ ْن يَ ُكو َن الْ َم ْغ ُر ُ
الْم ْذ ُك ِ
َ َ
ورا
وس َغَّرهُ َغًّرا َوغُُر ً ك لُغَةً لِ َما يِف الْ َق ُام ِ ِ
ظ الْ َم ْغ ُرو ِر يُْنبُِئ َع ْن ذَل َ اختِيَا ِر ِهَ ،ولَ ْف ُ هو الْم ِ ِِ
ضيِّ ُع ل َماله بِ ْ َُ ُ َ
اط ِل فَا ْغَتَّر ُه َو .اهـ َ .فهو م ْغرور و َغ ِرير خ َدعه وَأطْمعه بِالْب ِ
َُ َ ُ ٌ َ ٌ َ َُ َ َ َُ َ
2
ول الْغََر ِق َه ْل يَ ُكو ُ2ن َْأم اَل ، ُّجا ِر ،واَل يعلَم حِب ص ِ ِ َأن ِ
الس ْو َكَر ِة اَل َي ْقص ُد َت ْغ ِر َير الت َّ َ َ ْ ُ ُ ُ ب َّ صاح َ َواَل خَي ْ َفى َّ َ
الس ْو َكَر ِة إاَّل ِعْن َد ُّجا ِر َأِلن َُّه ْم اَل يُ ْعطُو َن َم َال َّ وم لَهَُ ،ولِلت َّ اع َف ُه َو َم ْعلُ ٌوصَ ،والْ ُقطَّ ِ ص ِ ِ
َو ََّأما اخْلَطَُر م ْن اللُّ ُ
ِ
كَ ،فلَ ْم تَ ُك ْن َم ْسَألَُتنَا م ْن َه َذا الْ َقبِ ِيل َأيْ ً َأخ ِذ ب َد ِل اهْل الِ ِ ِ ِ ِ
ضاَ ،ن َع ْم :قَ ْد يَ ُكو ُ2ن شدَّة اخْلَْوف طَ َم ًعا يِف ْ َ َ
الس ْو َكَر ِة يِف بِاَل ِد ِه ْم،
ب َّ يك حريِب ٌّ يِف بِاَل ِد احْل ر ِبَ ،فيع ِق ُد َش ِري ُكه ه َذا الْع ْق َد مع ص ِ
اح ِ ُ َ َ ََ َ َْ َْ للتَّاج ِر َش ِر ٌ َ ْ
ِ ِ
َأِلن الْع ْق َد الْ َف ِ ِ ِ ِ َّاج ِر فَالظَّ ِ
ك ،وير ِسلُه إىَل الت ِ ِِ ِ
اس َد َأخ ُذهُ َّ َ َأن َه َذا حَي ُّل للتَّاج ِر ْ اه ُر َّ َويَْأ ُخ ُذ مْنهُ بَ َد َل اهْلَال َ ُْ ُ
َأخ ِذ ِهَ ،وقَ ْد يَ ُكو ُن ِ ِ
اه ْم فَاَل َمان َع م ْن ْ ضُ
ِ
ص َل إلَْيه َماهُلُ ْم بِ ِر َ ِ ِ
َجَرى َبنْي َ َح ْربَِّينْي ِ يِف بِاَل د احْلَْربَ ،وقَ ْد َو َ
ك َأنَّهُ يِف اُأْلوىَل ْسَ ،واَل َش َّ ض الْبَ َد َل يِف بِاَل ِدنَا َْأو بِالْ َعك ِ اكَ ،و َي ْقبِ ُ َّاج ُر يِف بِاَل ِد ِه ْمَ ،فَي ْع ِق ُد َم َع ُه ْم ُهنَ َ
الت ِ
ِ ِ إ ْن حصل بينهما ِخصام يِف بِاَل ِدنَا اَل ُت ْق ِ ِ
ص ٌام َو َدفَ َع لَهُ الْبَ َد َل
ص ْل خ َ ضى للتَّاج ِر بِالْبَ َدلَ ،وِإ ْن مَلْ حَيْ ُ َ َ َ َ َْ َ ُ َ َ ٌ
يِف ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َأخ َذ
ْم لَهُ َفيَ ُكو ُ2ن قَ ْد َ ص َد َر باَل ده ْم ،اَل ُحك َ َأِلن الْ َع ْق َد الَّذي َ َأخ ُذهُ َّ َوكيلُهُ الْ ُم ْستَْأ َم ُن ُهنَا حَي ُّل لَهُ ْ
ِ ِِ ْس بَِأ ْ2ن َكا َن الْ َع ْق ُد يِف بِاَل ِدنَاَ ،والْ َقْب ُ2
ض يِف بِاَل ده ْم فَالظَّاه ُر َأنَّهُ ور ِة الْ َعك ِ2صَ ضاهُ َو ََّأما يِف ُ ال َح ْريِب ٍّ بِ ِر َ
َم َ
اس ِد َّ
الص ِاد ِر »2اَل حَيِ ُّل َأخ ُذه ،ولَو بِ ِرضا احْل ريِب ِّ اِل بتِنَاِئِ2ه علَى الْع ْق ِد الْ َف ِ
ْ ُ َ ْ َ َْ ْ َ َ
ورغم أن املال املوهوب لتغطية النوائب غري حمدد مسبقا وإمنا حيدده مستقبال حجم النوائب
الالحقة بأحاد املستأمنني ,رغم ذلك فإن العقد ال خيتل ألن اجلهالة والغرر يف التربعات متسامح
.هبما يف املذهب 2املالكي
-1األحباث
-2التطبيقات2
-3الفتاوى
-4املصطلحات
ج 2ص44
املصدر :موقع اإلسالم2
5
http://moamlat.al-islam.com
جواب األستاذ مصطفى الزرقا إىل فضيلة الشيخ عبد العزيز محاده عن حكم التأمني :
فضيلة األستاذ اجلليل الشيخ عبد العزيز محادة حفظه اهلل تعاىل.
السالم عليكم ورمحة اهلل.
وبعد؛ فأمحد اهلل تعاىل إليكم ،راجيًا أن تكونوا خبري وعافية .كنتم باحثتموين يف موضوع عقود
شر ًعا ،وذكرت لكم أين أفتيت 2جبوازها ويل على ذلك أدلة شرعية ِ
التأمني (السوكرة) هل حَت ل ْ
وعدتكم بكتابتها.
واآلن أختلس من وقيت ُف ْرجة ضيِّقة جدًّا َأْن ُفذ مْنها ِإىل كِتَابَة ُرءوس أقْالم إمجالية ُْأرسلها إىل
مفصلة.
ْفي 2لكتابة رسالة َّ ضيلتِكم ،وَأرجو أن يتاح يِل ِمن الوقت ما يك ِ فَ ِ
َ ُ َ ُْ
متعارفًا يِف َز َماهِن م،
نصوصا لفقهائنا األقدمني؛ ألنه مل يكن َ ً - 1إن ع ْقد التأمني هذا ال جند عنه
َو ُهو يِف بِالد الغَرب َح ِديث الوالدة.
- 2إن الفقيه الوحيد الذي حبث عنه فيما أعلم من فقهائنا املتأخرين هو الشيخ ابن عابدين رمحه
اهلل يف حاشيته (رد احملتار) يف فصل استِئمان ال َكافِر من باب امل ْستْأِمن من كتاب اجلهاد 3/249
ُ
استقر رْأيُه فيه على عدم جواز هذا َ
الع ْقد يف بالدنا بني ُو َكالء (الطبعة البوالقية األوىل) ،وقَ ْد َّ
بالدنا ُم ْستْأ َمنني ،ومن يتعاملون معهم من رعايانا يف دار اإلسالم؛ ُّجار احلربيِّني امل ِقيمني يف ِ
الت َّ
ُ
حبُجة أن هذا العقد ال جيوز؛ ألنه يُْلزم هذا الوكيل مبا ال َي ْلَز ُمه ،فال جيوز القضاء عليه به ،وال حَيِ ل
مستأمن إال مبا حَيِ ل من العقود مع املسلمني ،وقد ناقش ابن عابدين ـ رمحه َ للمسلم أن يتعاقد مع
4
اهلل ـ هذا املوضوع طويالً.
ما دام ليس فيه ظلم وال غرر وال ربا فاالصل الصحة
مت استرياده 2من نسخة Maktabah Syamilah10000 (16 GB) Ust. Ahmad :
.Zainuddin, Lc
ج 1ص102
7
يف املستقبل 2،والشك يف التماثل كتحقق التفاضل ،فيتبني أنه ال يتأتى التخلص من الربا يف عقود
التأمني إال بالقضاء على التأمني املعروف واجتثاثه من أصوله.
وميكن أن يناقش اجلواب اآلخر :بأن 2تكون 2قسط التأمني من جزأين جزء يغطي الضرر واآلخر
يدخر ال أثر له يف احلكم حبل أو حبرمة ،فإن احلكم بذلك مبين على ما يف عقود التأمني من ربا
الفضل والنساء ،ال على،
الكتاب :أحباث هيئة كبار العلماء
املؤلف :هيئة كبار العلماء باململكة العربية السعودية
عدد األجزاء 7 :أجزاء
مصدر الكتاب :موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية واإلفتاء
http://www.alifta.com
[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل باحلواشي]
مت استرياده من نسخة Library 11,4 GB :
ج 4ص134
تكون املعاوضة يدا بيد ،ومل يتحقق ذلك يف عقود التأمني ،بل تفاوت العوضان 2،وعجل أحدمها
وأخر اآلخر فلزم أن تكون عقود التأمني ربوية مع ما فيها من اخلطر واملقامرة.
وميكن أن جياب عن شبهة وجود الربا يف عمليات التأمني :بأن عمليات التأمني ليست نقودا
بنقود ،وإمنا هي بيع وشراء ،فاملؤمن له يشرتي األمان من املؤمن مبا يدفعه له من أقساط ،واملؤمن
يعطيه األمان 2فإذا وقع ما خيل باألمان اجته الضمان على ذلك فدفع املؤمن للمؤمن له ما يقابل ما
ضمنه له من أمان عجز عن حتقيقه له.
ونوقش ذلك :بأن املعاوضة يف التأمني تقع بني ما يدفعه املؤمن له من األقساط مقدما ومبلغ
التأمني الذي تعهد املؤمن بدفعه للمؤمن له أو عنه أو للمستفيد ،مث نشأ عن ذلك ما مسي أمانا،
وليس فيه بيع وال شراء ألمان.
املناقشة الثانية :للصديق حممد األمني الضرير :
قال :والواقع أنه ليس من اليسري اعتبار التأمني من القمار فإن القمار يف األصل هو الرهان على
ين َآمنُوا ِإمَّنَا َّ ِ
اللعب بشيء من اآلالت املعدة له ،ومنه امليسر الذي حرمه اهلل يف القرآن { يَا َأيُّ َها الذ َ
اجتَنِبُوهُ 2لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحو َن } ()1 ِ اَأْلزاَل م ِرج ِ
س م ْن َع َم ِل الشَّْيطَان فَ ْ
اب َو ْ ُ ْ ٌ ص ُ2 ِ
اخْلَ ْمُر َوالْ َمْيس ُر َواَأْلنْ َ
8
يقول أبو حيان يف [تفسريه] :امليسر :قمار أهل اجلاهلية ،فقد كان عرب اجلاهلية يطلقون لفظة
امليسر غالبا على املقامرة باألقداح القتسام اجلزور ،فكلمة القمار يف األصل أعم من كلمة امليسر،
ولكن الفقهاء أطلقوا امليسر على مجيع
الكتاب :أحباث هيئة كبار العلماء
املؤلف :هيئة كبار العلماء باململكة العربية السعودية
عدد األجزاء 7 :أجزاء
مصدر الكتاب :موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية واإلفتاء
http://www.alifta.com
[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل باحلواشي]
مت استرياده من نسخة Library 11,4 GB :
ج 4ص124
- 8باب األمان2
س :61ما هو األمان؟ وما األصل فيه؟ وما الذي يُراد به هنا؟ وما الذي حيرم به؟ وكم مدته؟ وما
منجزا أو معل ًقا؟ وما الذي يشرتط له؟ ومن الذي يصح منه؟ وما صفة التأمني؟ وهل حكمه ً
يسري األمان؟ وكم العقود اليت تفيد األمن؟ وما هي؟ واذكر احملرتزات واألدلة والتعاليل.
ج :األمان :ضد اخلوف ،وُأريد به هنا ترك القتل والقتال مع الكفار وهو من مكايد احلرب
ومصاحله ،والعقود اليت تقيد األمن ثالثة :أمان ،وجزية ،وهدنة؛ ألنه إن تعلق مبحصور فاألمان ،أو
بغري حمصور؛ فإن كان إىل غاية فاهلدنة ،وإال فاجلزية ،ومها خمتصان 2باألمان ،أو بغري حمصور؛ فإن
كان إىل غاية فاهلدنة ،وإال فاجلزية ،ومها خمتصان باإلمام خبالف األمان ،واألصل فيه آيةَ { :وِإ ْن
الم اللَّ ِه } . ِ ِ
استَ َج َار َك فََأج ْرهُ َحىَّت يَ ْس َم َع َك َ َأح ٌد ِّم َن املُ ْش ِرك َ
ني ْ َ
قال األوزاعي :هي إىل يوم القيامة ،فمن طلب أمانًا ليسمع كالم اهلل ،ويعرف شرائع اإلسالم ،لزم
إجابته ،مث يرد إىل مأمنه.
وروي عن علي -رضي اهلل عنه ، -عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال« :ذمة املسلمني
مسلما ،فعليه لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني ،ال يقبل اهلل واحدة يسعى هبا أدناهم ،فمن أخفر ً
منه صرفًا وال عداًل » رواه البخاري ،وحيرم قتل ،ورق وأسر ،وأخذ مال ،والتعرض هلم لعصمتهم
به ،ويشرتط أن يكون األمان 2من مسلم ،فال يصح من كافر ولو ذميًا؛ ألنه غري مأمون علينا ،عاقل
9
فال يصح من طفل وال جمنون؛ ألنه ال يدري املصلحة ،خمتار فال يصح من مكره عليه ،كاإلقرار
والبيع ،غري سكران؛ ألنه ال يعرف املصلحة،
الكتاب :األسئلة واألجوبة الفقهية
املؤلف :أبو حممد عبد العزيز بن حممد بن عبد الرمحن بن عبد احملسن السلمان (املتوىف 1422 :هـ)
عدد األجزاء 6 :أجزاء
مصدر الكتاب :ملفات وورد وضعها األخ أبو مهند النجدي ،عضو يف ملتقى 2أهل احلديث
http://www.ahlalhdeeth.com
أعده للشاملة :موقع مكتبة املسجد النبوي الشريف
http://www.mktaba.org
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع ،وهو مفهرس 2فهرسة موضوعية]
ج 3ص183
10
ج4ص288
[«فتاوى نور على الدرب البن باز بعناية الشويعر» (]:)209 /19
س :هل صحيح أنه صدر من مساحتكم فتوى حتلل التأمني الشامل على السيارة ،كما هو منشور
يف اإلعالم 2املرفق يف إحدى الصحف قبل يومني؟ الرجاء توضيح ذلك يف برنامج نور على»
[«فتاوى نور على الدرب البن باز بعناية الشويعر» (]:)210 /19
خريا ،وإن مل يكن صدر منكم شيء ،الرجاء تعميم ذلك على الصحف، «الدرب ،جزاكم اهلل ً
الت ْقوى َواَل َت َع َاونُوا َعلَى اِإْل مْثِ رِب
{وَت َع َاونُواَ 2علَى الْ ِّ َو َّ َ
يقول اإلعالن 2:بسم اهلل الرمحن الرحيمَ :
َوالْعُ ْد َو ِان} 2شركة التأمني اإلسالمية احملدودة ،بشرى للدوائر يف املنطقة 2الشمالية ،للدوائر احلكومية
نظرا ألمهية التأمني على املمتلكات ،وجوازه وللشركات ،وللمؤسسات وللممتلكات الفرديةً ،
بقرار جملس هيئة كبار العلماء يف اململكة العربية السعودية إثر اجتماعهم هبذا اخلصوص ،وعلى
رئيسا ،وفضيلة حممد
رأسهم فضيلة الشيخ عبد اهلل بن محيد رئيس جملس القضاء األعلى باململكة ً
علي احلركان األمني العام لرابطة العامل اإلسالمي 2نائبًا للرئيس ،وفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد
اهلل بن باز ،وخروجهم بالقرار رقم ( )51جبواز التأمني التعاوين بدالً من التأمني التجاري ،وبناء
عله مت حبمد اهلل يف مدينة جدة ،التوقيع على الصيغة 2النهائية بإنشاء مقر لشركة التأمني اإلسالمي»
القسم :الفتاوى
الكتاب :فتاوى نور على الدرب
11
املؤلف :عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز (ت ١٤٢٠هـ)
مجعها :الدكتور حممد بن سعد الشويعر
قدم هلا :عبد العزيز بن عبد اهلل بن حممد آل الشيخ
عدد األجزاء٢٢ :
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تاريخ النشر بالشاملة ١٥ :ذو احلجة ١٤٣٣
ص 209ج19
«حكمالتأمنيالتجاري
السؤال
فضيلة الشيخ! أرجو منك أن تبصرنا حبكم التأمني فإذا كان حالالً تنصحنا به أو حراماً حتذرنا
منه ،يقول اإلعالن :كن مطمئناً أثناء قيادتك أية سيارة خاصة ،حنن نغطيك حىت ثالثة ماليني لاير
مقابل لاير واحد يف اليوم 2،ألنك معرض حلادث سيارة يف أي وقت ،وألن الظروف قد تضطرك
الستخدام سيارة قد تكون 2ملكك أم ال ،قامت التعاونية 2للتأمني بتطوير وثيقة تأمني الرخصة
اخلاصة حلمايتك من هذا اخلطر ،إهنا وثيقة تأمني لرخصة القيادة وليس على السيارة اليت تقودها،
نغطي مسئوليتك 2جتاه الغري عن أية إصابة أو خسارة يف ممتلكاهتم حىت مبلغ ثالثة ماليني لاير ،وحىت
تكون الوثيقة 2يف متناول اجلميع جعلنا قيمة االشرتاك فيها ميسرة ،فهي ال تكلف سوى رياالً
واحداً يف اليوم 2،أي :ثالمثائة ومخسة وستني رياالً يف السنة ،لقاء ذلك بإمكانك 2أن تقود أية سيارة
خصوصية وأنت مطمئن ومرتاح البال.
12
اجلواب
أقول :إن هذا التأمني وأمثاله حرام ،وال يشك إنسان يعرف مصادر الشريعة ومواردها إال أنه من
ين َآمنُوا ِإمَّنَا اخْلَ ْمُر َّ ِ
امليسر الذي قرنه اهلل تعاىل باخلمر واألنصاب واألزالم ،فقال تعاىل{ :يَا َأيُّ َها الذ َ
اجتَنِبُوهُ لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحو َن} [املائدة]902: ِ اَأْلزالم ِرج ِ
س م ْن َع َم ِل الشَّْيطَان فَ ْ
اب َو ْ ُ ْ ٌ ص ُ
ِ
َوالْ َمْيس ُر َواَأْلنْ َ
ووجه كونه ميسراً :أنك إذا دفعت كل يوم رياالً كم تدفع يف السنة؟ كما قال هو :ثالمثائة
ومخسة وستني رياالً بناءً على السنة امليالدية ،أما السنة القمرية اهلاللية فهي أقل من ذلك ،ستدفع
يف السنة ثالمثائة ومخسني رياالً ،مث قد حيصل لك حادث يستوعب 2مائة ألف ،فتكون 2الشركة
خاسرة وأنت 2رابح ،ورمبا ميضي العام ال حيصل عليك حادث فتكون 2أنت اخلاسر.
وهلذا أقول :نسأل اهلل أن يعافينا من البالء ،كثر الربا يف املسلمني ،إما صراحة وإما حبيلة ،فهل
يريد منا هؤالء أن يكثر فينا امليسر أيضاً والقمار واملغالبات؟!! نسأل اهلل تعاىل أن يكفينا شر
أشرارنا.
أقول :إن هذا التأمني وأمثاله حرام ،والقاعدة :كل عقد حيتمل الغنم والغرم بني العاقدين فإنه من
امليسر.
كل عاقد إما غامن وإما غارم مبقتضى العقد ال مبقتضى 2األسعار لو اختلفت وإال من املعلوم إذا
اشرتيت سلعة مبائة لاير مث جلبتها يف السوق ومل أبعها إال بثمانني فهذا غرم ،لكن ليس بسبب2
العقد ،وهلذا لبس بعض الناس قال :كل شيء معرض للغنم والغرم ،فيقال :إن الغنم والغرم يف
امليسر مبقتضى العقد ،أما الغنم والغرم ضمن اقتضاء السوق واألسعار فهذا خارج عن العقد»
اللقاء الشهري
13
تاريخ النشر بالشاملة ٨ :ذو الحجة ١٤٣١
ص 21ج29
«السؤال-:
اجلواب-:
حكمالتأمنيالتجاري أنه ال جيوز شرعاً ،ودليله قوله تعاىل (وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)
(البقرة )188:حيث إن الشركة تأكل أموال هؤالء املؤمنني بغري حق ،فإن أحدهم يدفع شهرياً
مبلغاً من املال ،قد يبلغ جمموعه عشرات اآلالف ،وال حيتاج إىل إصالح طوال السنوات 2،وال ترد
عليه أمواله ،وأيضاً فإن بعضهم قد يدفع ماالً قليالً ،فيحصل منه حادث يكلف الشركة أضعاف
ما دفع هلا فيأكل مال الشركة بغري حق ،وأيضاً فإن الكثري من الذين دفعوا التأمني للشركة
يتهورون ،ويركبون األخطار ،ويتعرضون للحوادث ،ويسرعون ويقولون 2:إن الشركة قوية .وقد
تدفع ما حيصل من احلوادث ،ويف ذلك ضرر على املواطنني بكثرة احلوادث والوفيات ،واهلل أعلم»
فتاوى الشيخ ابن جبرين
القسم :الفتاوى
الكتاب :فتاوى الشيخ ابن جبرين
المؤلف :عبد هللا بن عبد الرحمن بن عبد هللا بن جبرين
[الكتاب مرقم آليا]
تاريخ النشر بالشاملة ٨ :ذو الحجة ١٤٣١
ج 7ص11
14
فاملادة 70من الالئحة التنفيذية 2لنظام مراقبة شركات التأمني التعاوين تقضي بأن يصرف فائض
التأمني الذي ميثل الفرق بني جمموع االشرتاكات وجمموع التعويضات بإعادة %10للمؤمن هلم،
وأما الباقي ،وهو ما يعادل %90من الفائض الصايف فيكون من نصيب 2املسامهني (مالك
الشركة) نتيجة تعرض حقوقهم ملخاطر التأمني.
وهذا يعين أن نظام التأمني يف الشركة قائم على االلتزام التعاقدي ،وهذا هو حقيقة التأمني
التجاري .إذا علم ذلك نأيت إىلحكمالتأمني التعاوين بالصورة املفرتضة.
فذهب األكثرون إىل إباحة التأمني التعاوين ،وعلى رأسهم :هيئة كبار العلماء يف السعودية(،)1
وجممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي( ،)2واجملمع الفقهي 2اإلسالمي التابع لرابطة
العامل اإلسالمي( ،)32وبه صدر قرار املؤمتر الثاين جملمع البحوث اإلسالمية(.)4
_________
( )1انظر قرار هيئة كبار العلماء رقم ( )10 /5وتاريخ 4/1397 /4هـ.
( )2انظر قرار اجملمع رقم ( )2بشأن التأمني وإعادة التأمني منشور يف جملة جممع الفقه اإلسالمي،
العدد الثاين (.)731 /2
( )3جاء يف قرار اجملمع الفقهي اإلسالمي 2يف دورته املنعقدة 2يف 10شعبان 1398هـ مبكة
املكرمة ما نصه« :قرر اجمللس باإلمجاع املوافقة 2على قرار جملس هيئة كبار العلماء يف جواز التأمني
التعاوين بداًل من التأمنيالتجاري احملرم … ».
( )4انظر قرارات املؤمتر الثاين جملمع البحوث اإلسالمية بالقاهرة ،عام 1385هـ ،وانظر فقه
النوازل للجيزاين ()266 /3
المعامالت المالية أصالة ومعاصرة
15
القسم :الفقه العام
الكتاب :المعامالت المالية أصالة ومعاصرة
المؤلف :دبيان بن محمد الدبيان
تقديم أصحاب المعالي :د عبد هللا بن عبد المحسن التركي ،و د صالح بن عبد هللا بن حميد ،والشيخ
محمد بن ناصر العبودي ،والشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
الناشر( :بدون ناشر)
الطبعة :الثانية ١٤٣٢ ،هـ
عدد األجزاء٢٠ :
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تاريخ النشر بالشاملةُ ١٨ :جمادَى اآلخرة ١٤٣٦
ج 4ص226
[«موسوعة الفقه اإلسالمي -األوقاف المصرية» (]:)22 /26
«مال المستأمن
مذهب الحنفية:
إذا دخل المسلم دار الحرب بأمان حرم عليه تعرضه لشئ من أموالهم ودمائهم وفروجهم ،فلو أخرج
إلينا شيئا ملكه ملكا حراما للغدر فيتصدف به وجوبا .ولو اغتصب منهم شيئا ولم يخرجه وجب رده
عليهم .إال إذا وجد امرأته أو أم ولده أو مدبرته مأسورة ،جاز له إخراجهن ألنهم لم يملكونهن ،بخالف
األمة ولو وطئهن إهل الحرب تجب العدة للشبهة .وإن أدانه حربى دينا ببيع أو قرض أو أدان هو حربيا
أو غصب إحدهما صاحبه وخرجا إلينا لم نقض ألحد بشئ ،ألن القضاء يستدعى الوالية ويعتمدها ،وال
والية وقت اِإل دانة أصال إذ ال قدرة للقاضى فيه على من هو في دار الحرب وال وقت القضاء على
المستأمن ألنه ما التزم حكم اإلسالم فيما مضى من أفعال ،وإنما التزمه فيما يستقبل في حق أحكامـ
يباشرها في دار اإلسالم والغصب في دار الحرب سبب يفيد الملك؛ ألنه استيالء على مال مباح غير
معصوم فصار كاِإل دانة فإذا ملكه فليس للحاكم أن يتعرض له بالحكم ولكن يفتى المسلم برد المغصوب
ويأمره به ،ألنه التزم باألمان أن ال يغدرهم وهذا غدر وقال أبو يوسف :يقضى بالدين على المسلم دون
الغضب ألنه التزم أحكام اإلسالم حيث كان أال ترى أنهما لو خرجا مسلمين يحكم عليهما بالدين ،فكذا
هذا .وأجيب :بإنه إذا امتنع في حق المستأمن امتنع في حق المسلم أيضا تحقيقا للتسوية بينهما .وكذلك
ال يقضى بين اثنين من أهل الحرب إذ دان أحدهما اآلخر أو غضب منه ثم استأمنا إلينا .وإذا قتل أحد
المسلمين المستأمنين صاحبه عمدا أو خطأ (في دار الحرب) ،تجب الدية في ماله وال تجب على العاقلة
لتعذر الصيانة مع تباين الدارين وإنما وجبت الدية في القتل العمد هنا لسقوط القود في دار الحرب ،كما
{و َمنْ قَتَ َل ُمْؤ ِمنًا َخطًَأ فَت َْح ِري ُر َرقَبَ ٍة
تجب الكفارة في القتل الخطأِ ،إل طالق النص ،وهو قوله تعالىَ :
سلَّ َمةٌ … } بال تقييد بدار اِإل سالم أو الحرب(.)1
ُمْؤ ِمنَ ٍة َو ِديَةٌ ُم َ
وإذا استأمن إلينا كافر فال جزية عليه في حول المكث إال إذا شرط عليه أخذها منه فيه .وال يحل أخذ
ماله بعقد فاسد بخالف المسلم المستأمن في دار الحرب فإن له أخذ مالهم برضاهم ولو بربا أو قمار ألن
مالهم مباح لنا إال أن الغدر حرام ،وما أخذ برضاهم فعند أبى يوسف :هو للمرتهن بدينه ،وعند محمد
يباع الرهن ويستوفى دينه ،والزيادة فئ للمسلمين.
16
ليس غد ًرا من المستأمن بخالف المستأمن منهم في دارنا ألن دارنا محل إجراء األحكامـ الشرعية فال
يحل لمسلم في دارنا أن يعقد مع المستأمن إال ما يحل من العقود مع المسلمين ،وال يجوز أن يؤخذ منه
شئ ال يلزمه شرعا وإن جرت به العاده كالذى يؤخذ من زوار بيت المقدس .وإذا استأجر مسلم من
حربى مركبا ودفع عليهسوكرة (تأمينا) على أنه مهما هلك من المال الذي في الركب بحرق أو غرق أو
نهب أو غيره أخذ من المؤمن (الذي يأخذ السوكرة) قيمته ،فإنه -كما يظهر البن عابدين -ال يحل
للتاجر المسلم أن يأخذ بذل
_________
حاشية ابن عابدين جـ 4ص 166و 167والزيلعى جـ 3ص »267 - 266 ()1
موسوعة الفقه اإلسالمي -األوقاف المصرية
دراسات يف الشريعة
عقد التأمني..
H- j-30@maktoob.com
17
الم على من ال نيب بعده ،وبعد :فإن من
والس ُ
والصالةُ َّ
احلمد هلل وحدهَّ ،
نوازل هذا العصر وقضاياه املستجدة عقد التأمني الذي نشأ وانتشر بفعل القوانني
مناقشات ومداوالت فقد أحببت أن أكتب خمتصراً عن هذا العقد ورأي الباحثني فيه
وعند الفقهاء :التأمني قول آمني .وصار يُستخدم التأمني للداللة على عقد خاص
تقوم به شركات التأمني تدفع مبوجبه مبلغاً يف حال وقوع حادث معني لشخص يدفع
ال بد للناظر للتأمني أن يتنبه 2إىل الفرق بني تناول التأمني كفكرة ونظريَّة،
وبني تنظيمه يف عقد .فالتأمني كنظرية ونظام مقبول؛ إذ إنه تعاون بني جمموعة
من الناس لدفع أخطار حتدق هبم؛ حبيث إذا أصابت بعضهم تعاونوا على تفتيتها
مقابل مبلغ ضئيل يقدمونه [ . ]3وال شك أن هذه الفكرة 2فكرة مقبولة تقوم عليها كثري
من أحكام الشريعة مثل الزكاة والنفقة 2على األقارب ،وحتميل العاقلة للدية .إىل
18
أمثلة كثرية تدعو إىل التعاون على الرب واإلحسان والتقوى والتكافل والتضامن .هذه
فكرة التأمني ،وهي فكرة تتفق مع مقاصد الشريعة اإلسالمية 2وأحكامها ،وليس يف
هذا إشكال حبمد اهلل ،وإمنا اإلشكال يف صياغة هذه الفكرة يف عقد معاوضة ،أي
يف كونه عالقة بني املؤمن من جهة واملستأمن 2من جهة أخرى .وسيكون هذا هو
كان أول ظهور التأمني التجاري تأميناً للمخاطر اليت تتعرض هلا السفن
احململة بالبضائع؛ وذلك يف مشال إيطاليا يف القرن الثاين عشر امليالدي؛ حيث
كان صاحب البضاعة 2يدفع قسطاً معيناً على أنه يف حال تلف البضاعة 2يقبض 2مبلغاً
من املال .مث بدأ التأمني التجاري بالرواج؛ ولكنه مل ينتقل إىل الدول العربية إال
يف القرن التاسع عشر؛ بدليل أن فقهاء املسلمني حىت القرن الثالث عشر اهلجري
العامة؛ فتناوله
مل يبحثوه 2مع أهنم حبثوا كل ما هو حميط هبم يف شؤون حياهتم َّ
العاَل ّمة حممد أمني بن عابدين (1252هـ) يف كتابه رد احملتار [ ]4على الدر
املختار ومساه :سوكرة [ . ]5وقد تزايد التعامل به بعد ذلك حىت دخل كثرياً من
ويرى بعض الباحثني أن التأمني التجاري يتجه إىل االنكماش فالزوال؛ وذلك
أن دول العامل الغريب تتجه إىل األخذ بالتأمني التعاوين ،وأن أكرب املنظمات
19
كما أن إحصائيات التأمني يف الواليات املتحدة األمريكية سنة 1972م تذكر
أن التأمني التعاوين أصبح يغطي أكثر من %70من نشاط التأمني فيها [. ]7
وميكن منها أن يستخلص تعريف له بأنه :عقد معاوضة يلتزم أحد طرفيه وهو
ومن خالل هذا التعريف وما ذكره القانونيون 2جند أن من أبرز خصائص []9
عقد التأمني:
- 3كما أنه عقد احتمايل؛ ألن كل طرف ال يعرف كم سيدفع وكم سيعطى
على وجه التحديد؛ ألن ذلك يتوقف على وقوع اخلطر أو عدم وقوعه.
20
املؤمن منه إىل الربح والفائدة من خالل األقساط
- 4أنه عقد جتاري يهدف ِّ
املتجمعة لديه.
مل يكن هذا العقد معروفاً عند السلف ،فلم يرد فيه نص شرعي ،ومل يوجد
القول األول :أن التأمني التجاري عقد غري جائز :قال به ابن عابدين احلنفي
[ ، ]10وحممد خبيت املطيعي1354( ، ]11[ 2هـ) مفيت الديار املصريَّة ،والشيخ
حممد رشيد رضا [ ، ]12وحممد أبو زهرة [ ، ]13وعبد اهلل القلقيلي مفيت األردن
[ ، ]14وحممد أبو اليسر عابدين مفيت سوريا [ ، ]15والدكتور صديق الضرير [، ]16
وشيخ األزهر الشيخ جاد احلق [ ، ]17والشيخ حممد بن إبراهيم آل الشيخ [، ]18
ومجاعة كثريون2.
كما أنه الرأي الذي أفتت به عدة هيئات كهيئة كبار العلماء يف اململكة العربيَّة
وجممع الفقه الدويل جبدة [ ]21التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي ،واملؤمتر العاملي2
لالقتصاد اإلسالمي ، ]22[ 2وهيئة رقابة بنك فيصل اإلسالمي ، ]23[ 2إىل غريها من
اجلهات العلميَّة.
القول الثاين :أن التأمني التجاري عقد جائز :وقال بهمصطفىالزرقا [، ]24
21
وعلي اخلفيف [ ، ]25وحممد يوسف موسى [ ، ]26وعبد الوهاب خالف [، ]27
القول الثالث 2:وهو التفصيل 2جبواز أنواع من التأمني وحترمي أنواع :فمنهم
من أجاز التأمني على األموال دون التأمني على احلياة وهو قول حممد احلسن
وحرم التأمني من اخلطر الذي سببه آفة مساوية وهو قول جنم الدين الواعظ مفيت
ّ
العراق [ ، ]30ومنهم من أباح التأمني على حوادث السيارات والطائرات والسفن
وحرم ما عداه وهو قول الشيخ عبد اهلل بن زيد آل حممود [. ]31
واملصانع ّ
أدلّة أصحاب القول األول:
الدليل األول:
أن عقد التأمني عقد معاوضة وهو مع ذلك مشتمل على غرر ،والغرر يفسد
عقود املعاوضات.
عن أيب هريرة -رضي اهلل عنه -أن النيب صلى اهلل عليه وسلم هنى عن
بيع الغرر [ ، ]32والنهي 2يقتضي الفساد .والغرر هو ما تردد بني احلصول والفوات،
فيه فهو غرر .والغرر املؤثر هو ما كان يف عقود املعاوضات املالية 2وكان غالباً
على العقد حىت يصح وصف العقد كله بأنه غرر .وال شك َّ
أن عقد التأمني مشتمل
22
على الغرر يف أكثر من موضع منه :فاجلهالة حاصلة يف صفة حمل التعاقد؛
فالعوض ال يُ ْعرف مقداره حىت يقع اخلطر املؤمن عليه .كما أهنا حاصلة يف أجل
العوض الذي ال يعرف مىت حيل .كما أن حصول العوض 2نفسه جمهول مشكوك
فيه ،فال يعرف املتعاقدان 2ذلك لتوقفه على وقوع اخلطر أو عدم وقوعه .فالغرر
يف احلصول وصفته وأجله وهي أمور مقصودة عند التعاقد ،وهذا يفسد العقد .وقد
األول :أنه ال يوجد غرر يف عقد التأمني؛ ألن غايته حصول األمان وقد
َّ
حصل مبجرد العقد سواء وقع اخلطر أو ال.
والثاين :أنّه على فرض حصوله فهو غرر يسري ال يؤثر يف العقد [. ]34
واجلواب :أن النظر الشرعي يف عقود املعاوضات إمنا يكون 2حمللها ال إىل
الربويّة أن يتذرع بأن غايتها حتريك املال وتنميته واستثماره .وعليه فال يتعلق
توصيف األحكام باملقاصد واحلكم منها دون النظر حمللها .وحمل عقد التأمني هو
قسط التأمني وعوضه ،وهذا العِ َوض جمهول احلصول واملقدار واألجل.
وخروجاً من هذا اضطر بعض الباحثني إىل القول بأن حمل عقد التأمني هو
نفس ضمان األمن واألمان .وقرر أن األمن واألمان حق معنوي متفق مع احلقوق
احملسوسة يف اعتباره حمل معاوضة وحمالً لتداول األيدي على متلكه؛ ولذا فال
23
مانع من أن يكون 2األمان هو حمل املعاوضة يف عقد التأمني [. ]35
املعنوي سلطة لشخص على شيء غري مادي هو مثرة فكره أو نشاطه) .واألمان2
ليس اختصاصاً ،بل هو شعور داخلي وطمأنينة 2نفسيَّة كاحلب والبغض 2ال ميكن
- 2أن عقد التأمني ال حيقق للشخص الذي يرغب يف توقي نتائج اخلطر
- 3أن جعل األمان حمالً لعقد التأمني خمالف للنظرة القانونية 2اليت نشأ هذا
العقد يف ظالهلا وخمالف للنظر الفقهي حىت لدى من أجاز عقد التأمني كالشيخ
- 4أن األمان إذا كان هو حمل عقد التأمني فإنه ينبغي أن يكون منحه
للمستأمن كافياً عن بذل عوض التأمني .وإذا قيل إن األمان 2ال حيصل إال ببذل
عوض التأمني علمنا أن حمل العقد هو املال ،وأن األمان هو الباعث عليه أو
الغاية منه.
- 5مث إن األمان 2اجملعول حمالً لعقد التأمني جمهول املقدار غري معلوم
الدليل الثاين:
24
أن عقد التأمني يتضمن امليسر والقمار ،وقد َحَّرم اهلل امليسر بقوله -تعاىل :-
ِ َّ ِ
س ِّم ْن َع َم ِل اَألز ُ ِ
الم ر ْج ٌ اب َو ْ ين َآمنُوا ِإمَّنَا اخلَ ْم ُر َواملَْيس ُر َو َ
اَألنص ُ [يَا َأيُّ َها الذ َ
اجتَنِبُوهُ 2لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحو َن] (املائدة )90 :وامليسر كما قال شيخ اإلسالم ِ
الشَّْيطَان فَ ْ
ابن تيمية( :أخذ مال اإلنسان 2وهو على خماطرة :هل حيصل له عوض ،أو ال
وهذا الوصف متحقق يف عقد التأمني باعرتاف رجال القانون؛ وذلك ألن
الشخص الذي يأخذ على عاتقه ضمان اخلطر يراهن على حتقق اخلطر؛ فإذا مل
يتحقق كسب املبلغ الذي ُدفع له ،وإذا حتقق َدفع مبلغاً يزيد كثرياً عما قبضه،
[. ]40
اجلواب :أن عقد التأمني يدخل حتت تعريف امليسر وتوجد فيه خصائصه.
وأما اخلفارة اليت تُدفع ملن حيرس القافلة وحنوها فهذا املبلغ إمنا يُدفع أجرةً
للحارس مقابل تسليمه نفسه وقت العقد ليقوم مبقتضاه ،ومل يأخذ املبلغ دون تسليمه
الدليل الثالث:
أن عقد التأمني يتضمن الربا ،بل هو أصيل فيه ،والربا حمرم مفسد للعقد
25
املؤمن مبقتضاه أن
املشتمل عليه؛ وذلك أن التأمني كما َعَّرفه القانون :عقد يلتزم ِّ
املؤمن له مبلغاً من املال … يف نظري مقابل نقدي … فهو معاوضة مال
يؤدي إىل َّ
مبال دون تقابض وال متاثل وهذا هو الربا.
تتحمل شرعاً دية قتل اخلطأ عن األول :القياس على العاقلةَّ :
فإن العاقلة َّ
القاتل وتتقامسها بني أفرادها ألجل تفتيت 2أثر املصيبة 2عن اجلاين .وكذلك احلال
يف شركات التأمني فإهنا تعمل على ترميم األخطار ،وختفيف املصاب [. ]41
- 1أن العاقلة تتحمل الدية ملا بينها 2وبني القاتل من قرابة ورحم اليت تدعو
للتعاون 2ولو دون مقابل؛ وعقود التأمني جتارية تقوم على املعاوضة املاليَّة 2احملضة2
أعضاء شركات التأمني فيتحملون على السواء ،وال يُنظر إىل ثروهتم اخلاصة يف
ص
الثاين :ختريج عقد التأمني على مسألة ضمان خطر الطريق :وقد نَ َّ
احلنفيَّة على جوازها ،وصورهتا أن يقول رجل آلخر :اسلك هذا الطريق؛ فإنّه
آمن ،وإن أصابك فيه شيء فأنا ضامن؛ فإذا سلكه فأخذه اللصوص ضمن القائل.
26
وعقد التأمني يشبه هذه املسألة 2من حيث التزام الضمان؛ فالشركة التزمت الضمان؛
كما َّ
أن القائل التزم الضمان [. ]42
- 2وألن الضمان من عقود التربعات اليت يراد هبا املعروف ،والتأمني عقد
- 3مث إن مسألة ضمان خطر الطريق مبعثها تغريره للسالك وإخباره بأنه
آمن ال جملرد الضمان ،أما شركات التأمني فهي تقرر التضمني مطلقاً [. ]44
- 4كما أن للضامن أن يرجع على املضمون مبا دفع عنه ،وليس احلال
الثالث :قياس عقد التأمني على نظام التقاعد وأشباهه :وذلك أن نظام التقاعد
عقد معاوضة يقوم على اقتطاع جزء ضئيل من مرتب املوظف شهرياً ليُصرف له
تعويض يف هناية خدمته ،وهذا يشبه أقساط التأمني وعوضه ويف كليهما ال يدري
الشخص كم يستمر دفعه وال كم يبلغ جمموعه ،مث قد يستلم ما يزيد كثرياً على
جمموع األقساط ،وقد ال يستلم شيئاً؛ فإذا جاز نظام التقاعد فليكن احلكم مثله
ونوقش :بأن 2التقاعد ليس عوضاً عما اقتطع من املوظف 2شهرياً وإال لوجب
27
توزيعه على سنن املرياث 2ومل جيز أن حيرم منه املوظف وال ورثته بعده؛ وإمنا
التقاعد مكافأة التزم هبا ويل األمر باعتباره مسؤوالً عن رعيته وراعى يف احتساهبا
ما قام به املوظف 2من خدمة ومصلحة أقرب الناس إليه ومظنّة احلاجة فيهم؛ فليس
التقاعد معاوضة بني الدولة وموظفيها ،وال يقوم على أساس التجارة وحتصيل
األرباح.
هذا وقد استدل أصحاب هذا القول بأقيسة أخرى تشرتك مجيعها يف أهنا ال
يصح التخريج عليها لعدم توافر شروط القياس وأمهها أن يكون 2املقيس عليه متفقاً
عليه ألاَل ّ مينع املخالف حكم األصل ،وهذا ممكن يف مجيع األقيسة.
كما أنه يوجد الفارق بني عقد التأمني وبني املقيس 2عليه ،وأما القول الثالث
فاستدل على ما منع بأدلة املانعني وعلى ما أباح بأدلة املبيحني وقد سبق ذلك.
القول الراجح:
القول الراجح مما سبق بعد تأمل األدلة هو القول بتحرمي هذا العقد لكون 2أدلتهم
أقوى استنباطاً وأمت داللة؛ فمن أباح التأمني اعتمد على أقيسة مأخوذة من
وليس فيه مصلحة للمجتمع يف النهاية ،بل كل ما يرتتب 2عليه هو نقل عبء
اخلطر برمته من عاتق شخص إىل َعاتِق شخص آخر ،وهذا ليس فيه أيَّة فائدة
28
للمجتمع [ ، ]47وله خطورة على اقتصاد الدولة من حيث سيطرة شركات التأمني
ممثلة يف أفراد قالئل على مدخرات املواطنني وتوجيهها وفق هواها 2ومصاحلها
اخلاصة مما اضطر بعض الدول إىل تأميم شركات التأمني [. ]48
مما يدعو إليه اإلسالم وقرره يف تشريعات خمتلفة كالزكاة اليت هي مظلة التأمني
والضيف ،وكواجب بيت املال يفتأمني حد الكفاية 2لكل فرد يف اجملتمع اإلسالمي.
ومن وسائل التعاون 2اليت أفتت اجملامع الفقهية 2املعاصرة جبوازها ما يسمى
يتفق أفرادها على تعويض األضرار اليت قد تنزل بأحدهم نتيجة خطر معني؛ وذلك
فهذا عقد تربع يقصد به التعاون وال يستهدف جتارة وال رحباً؛ كما أنه خيلو
من الربا ،وال يضر جهل املسامهني فيه مبا يعود إليهم من النفع؛ ألهنم متربعون؛
املبالغ اليت دفعوها َسدَّدوا الفرق املطلوب ،وإن زاد شيء بعد التعويضات ُأعيد
29
إليهم أو ُجعل رصيداً للمستقبل.
يوسع هذا التصور املبسط ليطور هذا الصندوق 2ليكون هيئة أو
وميكن أن َّ
مؤسسة يتفرغ هلا بعض العاملني لتحصيل املبالغ وحفظها وصرف التعويضات2،
ويكون هلا جملس إدارة يقرر خطط العمل؛ وكل ذلك مبقابل أجر معني أو تربعاً
منهم؛ بشرط أن يكون 2مبناه التربع ،وال يقصد منه حتصيل األرباح ،وغاية مجيع
اإلسالمي 2،وتبنت جهات مالية إنشاء شركات تقوم بالتأمني من منظور إسالمي2
مُسّي أكثرها بالتعاوين؛ وذلك يف عدد من البالد اإلسالميّة استفيد أكثرها من فكرة
ولذا صدر البيان 2املعروف من اللجنة الدائمة للبحوث العلميَّة واإلفتاء باململكة
العربية السعوديَّة حيال بعض املؤسسات والشركات املتسمية بالتأمني التعاوين بأهنا
ال متثل التأمني التعاوين الذي أباحته هيئة 2كبار العلماء ،وإمنا هوتأمني جتاري؛
30
وتغيري امسه ال يغري حقيقته [. ]53
للبديل اإلسالمي تواجه أموراً صعبة من أبرزها إعادة التأمني [ ، ]54وهو أن تدفع
شركة التأمني جزءاً من أقساط التأمني اليت حتصل عليها من مجهور املستأمنني
املؤمن ضده جلأ املستأمن إىل شركة التأمني اليت تدفع له،
فإذا وقع اخلطر َّ
مث تطالب شركة إعادة التأمني بدفع جزء من التعويض حسب االتفاق 2املربم بينهما.
فتكون شركة التأمني املباشر كوسيط بني املستأمن وشركة إعادة التأمني،
وتعرتف شركات التأمني اإلسالمية 2بأنه ال قيام هلا وال ازدهار لصناعتها 2إال
برتتيبات إعادة التأمني [ . ]55وشركات إعادة التأمني الضخمة مجيعها جتارية ،وقد
بدأت اآلن شركات إعادةتأمني تتبىن املنهج اإلسالمي 2فيه [. ]56
من مجلة ما طرح من أفكار يف موضوع التأمني ما رآه األستاذ حممد البهي؛2
حيث قرر ِح َّل التأمني جبميع أنواعه 2،ورأى أنه جيب على الدولة اإللزام به ملا فيه
من مصلحةَّ .أما الدكتور حممد شوقي الفنجري فإنه بعد أن قرر معارضته للتأمني
التجاري وعدم شرعيته ،وأن التأمني التعاوين هو بديله املثايل قال( :ونرى
لضمان جناح التأمني التعاوين ،يف مثل ظروف اجملتمعات العربيَّة واليت تعاين
من عدم كفاية الوعي التأميين مع ترامي مساحاهتا الشاسعة وارتفاع إمكانياهتا املاليَّة
31
أن يكون 2التأمني إلزامياً يف األصل ،واختيارياً يف احلاالت اليت يقررها .وهو
يكون إلزامياً بالنسبة للفئات اليت يكثر لديها وقوع اخلطر كأصحاب السيارات
عن ابن عباس -رضي اهلل عنهما -أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
خطب الناس يف حجة الوداع فقال« :ال حيل المرئ من مال أخيه إال ما أعطاه
وقد اتفق مجهور أهل العلم على أن من ُأكره على قول أو عقد مل يرتتب عليه
حكم من األحكام ،وكان لغواً [ . ]59وإذا ُألزم أحد بعقد فات شرط الرتاضي انعدمت2
العقارات للصاحل العام ،والتسعري ،وإلزام احملتكر بالبيع بسعر املثل ،وإلزام
أرباب املهن بالعمل بأجرة املثل إذا امتنعوا 2عن العمل إال بُأجور فاحشة والناس
32
حباجة إىل منافعهم.
إال أن القول هبذا حيتاج إىل إثبات أن احلاجة إىل هذا النوع من التعاقد
ضرورة عامة يصح أن تكون سبباً إللغاء أساس العقود الذي هو الرضا من طرفيه.
مث إن صح هذا يف التأمني التجاري ،وقد تقدم بيان حكمه ،فال يصح يف
التعاوين الذي تقدَّم أن أساسه التربع واملساحمة ،وال يتصور تربع إال برضا البَ ِاذل.
- 2إن يف اإللزام بأمر هو حمل خالف بني أهل العلم نظراً واضحاً .وقد
ص من كتاب ،وال سنة ،وال إمجاع ،وال ما هو يف معىن ذلك؛ ال سيما وأكثر
نَ ٌّ
عامة األمصار.
عامة املسلمني يف َّ
العلماء على جواز مثل ذلك ،وهو مما يعمل به َّ
وهذا كما أن احلاكم ليس له أن ينقض حكم غريه يف مثل هذه املسائل ،وال
للعامل واملفيت أن يلزم الناس باتباعه يف مثل هذه املسائل؛ وهلذا ملا استشار الرشيد
مالكاً أن حيمل الناس على موطئه 2يف مثل هذه املسائل منعه من ذلك .وقال :إن
33
حجةٌ قاطعة ،واختالفهم رمحة
وهلذا كان بعض العلماء يقول :إمجاعهم َّ
يسرين أن أصحاب رسول اهلل صلى
واسعة .وكان عمر بن عبد العزيز يقول :ما ّ
اهلل عليه وسلم مل خيتلفوا؛ ألهنم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضاالً.
وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ،ورجل بقول هذا كان يف األمر سعة .وكذلك
قال غري مالك من األئمة :ليس للفقيه أن حيمل الناس على مذهبه.
وهلذا قال العلماء املصنفون 2يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر من
أصحاب الشافعي وغريه( :إن مثل هذه املسائل االجتهاديّة ال تنكر باليد ،وليس
ألحد أن يلزم الناس باتباعه فيها؛ ولكن يتكلم فيها باحلجج العلميَّة؛ فمن تبني له
صحة أحد القولني تبعه ،ومن َقلّد أهل القول اآلخر فال إنكار عليه؛ ونظائر هذه
ّ
املسائل كثرية) [. ]60
وليس هذا من احلكم الذي يرفع اخلالف؛ فإن ذلك يف األمور املعينة2
اخلاصة مبوطنها .قال شيخ اإلسالم ابن تيمية( :األمور املشرتكة بني
واملسائل ّ
األمة ال حيكم فيها إال الكتاب والسنة ،ليس ٍ
ألحد أن يلزم الناس بقول عامل وال أمري
وال شيخ ..وحكام املسلمني حيكمون يف األمور املعينة 2ال حيكمون يف األمور
وبعد :فهذا آخر ما هتم معرفته عن حكم هذا العقد .أسأل اهلل -تعاىل -أن
ُ
34
يوفق للصواب ال إله إال هو.
القسم :الجوامع
الكتاب :مجلة البيان ( ٢٣٨عددا)
المؤلف :تصدر) عن المنتدى اإلسالمي
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع)]
(رقم الجزء ،هو رقم) العدد .ورقم الصفحة ،هي الصفحة التي يبدأ عندها المقال في العدد المطبوع))
تنبيه :األعداد بعد الـ ٢٠٠ترقيمها غير موافق) للمطبوع
تاريخ النشر بالشاملة ٨ :ذو الحجة ١٤٣١
أما اإلمجاع من حيث التصريح وغريه فهو نوعان :إمجاع صريح ،وإمجاع سكويت.
األول :اإلمجاع الصريح :وهو الذي صرح فيه كل إمام عامل مفت جمتهد من هذه األمة باحلكم
الشرعي.
مثال ذلك :وقع يف عصر الصحابة :أن امرأ ًة جاعت فأرادت أن تأكل فزنت بدرمهني ،فجاء عمر
بن اخلطاب ليجلدها ،وملا تكلم معها علم أهنا مل تكن تعلم أن الزنا حرام ،فقال عمر بن اخلطاب:
هي جاهلة باحلكم فال جتلد ،فوافقه الصحابة وقالوا :ال جتلد ،فهذا إمجاع صريح.
فالتأمني التعاوين كصندوق الزمالة وغريه ،وهذا ال حرج فيه ،لكن التأمني التجاري يعترب نازلة من
النوازل ،أي :أنه ال يوجد أحد تكلم عنه ،غري ابن عابدين تكلم يف التأمني البحري ،فيوجدتأمني
يؤمن على أنفسهن ،ومنهن من تؤمن
على احلياة ،وتأمني على العني وغري ذلك ،وهناك 2ممثالت َّ
على عينها ،أو العب الكرة يؤمن على رجله ،فهذا التأمني يعترب نازلة ،فالشيخ ابن باز ينظر يف
التأمني ويقول :حرام ،لكن الشيخمصطفىالزرقا يقول :إنه جائز ،والشيخ ابن عثيمني والشيخ
األلباين يقوالن 2:إنه حرام ،ويأيت اجملمع الفقهي 2يف الكويت 2فيقول :حرام ،وتأيت دار اإلفتاء يف
األزهر وجتتمع مع إدارة البحوث فيقولون 2:حرام ،فيسمى هذا إمجاعاً صرحياً ،وقد اتفق أهل العلم
على أن اإلمجاع الصريح حجة
35
القسم :أصول الفقه
الكتاب :تيسير أصول الفقه للمبتدئين
المؤلف :محمد حسن عبد الغفار
مصدر) الكتاب :دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة اإلسالمية
http://www.islamweb.net
[ الكتاب مرقم) آليا ،ورقم الجزء هو رقم الدرس ٢١ -درسا]
تاريخ النشر بالشاملة ١٦ :رجب ١٤٣٢ج9ص7
[السَؤ ُال]
ُّ
ـ[السادة العلماء واملفتني حتية طيبة 2وبعد..
فإين مسلم مقيم يف بالد أجنبية ،أعمل يف سيارة أجرة اشرتيتها 2حديثة الصنع ،هذا العمل هو
املورد الوحيد ألسريت ،سؤايل هو :هل أدخلها يف برنامج التأمني ،ألجل أنين كثري العمل هبا
وأخشى عليها من احلوادث والتصليح عندنا يف هذه البالد غايل الثمن لدرجة أين ال أستطيع
سداده فضال عن سداد تصليح السيارة اليت قد أصطدم هبا ،هذا عدا توفري املال الكايف للمسكن
واملعيشة ألسريت ،علما بأن بعض األصدقاء أخربوين عن وجود درجة ثالثة للتأمني وهي أن تقوم
شركة التأمني بدفع أجور التصليح لسيارة الضحية ،لكن ليس يل إن حدث اصطدام أو ضرر عن
غري عمد ،فما هو احلكم الشرعي يف ذلك برأيكم ،أثابكم اهلل ،هل أضع تأمينا على احلياة بالنسبة
يل؟ يف اخلتام بارك اهلل فيكم وجزاكم كل خري].ـ
احلمد هلل والصالة والسالم 2على رسول اهلل وعلى آله وصحبه ،أما بعد:
36
فإن التأمني التجاري بكافة أنواعه سواء ما كان منه على األشخاص كالتأمني الصحي والتأمني
على احلياة وغري ذلك ،أو ما كان منه على املمتلكات كالتأمني على السيارات بنوعيه الشامل
وضد الغري ،وكذلك التأمني على احملالت وحنوها ،كل ذلك حرام وهبذا أفتت اجملامع الفقهية ملا
اشتمل عليه عقد التأمني التجاري من امليسر والغرر الفاحش.
وعليه ،فإذا كان التأمني املسؤول عنه من هذا النوع 2فإنه ال جيوز للسائل االشرتاك فيه ،وما ذكرته
من تربيرات ال اعتبار 2هبا ،فإن ما عند اهلل من الرزق ال يطلب مبعصيته.
واهلل أعلم.
[تَا ِر ُ
يخ الْ َفْت َوى]
14رمضان »1428
فتاوى) الشبكة اإلسالمية
القسم :الفتاوى
الكتاب :فتاوى الشبكة اإلسالمية
المؤلف :لجنة الفتوى بالشبكة اإلسالمية
تم نسخه من اإلنترنت :في ١ذو الحجة ،١٤٣٠هـ = ١٨نوفمبر) ٢٠٠٩ ،م
تنبيه :ذا الملف هو أرشيف لجميع الفتاوى العربية بالموقع حتى تاريخ نسخه (وعددها [ )٩٠٧٥١وتجد
رقم) الفتوى في خانة الرقم ،ورابطها) أسفل يسار الشاشة]
http://www.islamweb.net
[الكتاب مرقم) آليا]
تاريخ النشر بالشاملة ٨ :ذو الحجة ١٤٣١
خ 12ص 1039رقم 99310
نظامالتقاعد ليس عقداً ربوياً وليس من التأمني احملرم وإمنا استدل من يرى جواز التأمني التجاري
جبوازنظامالتقاعد ،وال أعرف أحداً من أهل العلم حرم (معاش التقاعد) بدليل معترب ،وإمنا جاء
اللبس على بعض الناس من العامة حيث كل من عقدي (التأمني والتقاعد) يدفع فيه الشخص أو
37
املوظف مبلغاً من املال مقسطاً مث يأخذ بعد زمن مبلغاً أكثر مما دفع مقسطاً أيضاً ووجه جواز
معاش التقاعد أن املوظف منحته الدولة مكافأة ( )%9تضم مع ما خيصم من راتبه الشهري وهو
( )%9مث يعطى املوظف جمموع النسبتني بعد تقاعده ،ألن الدولة ممثلة بويل األمر مسؤولة عن
أسرته تربعت له بذلك ووضع لصرفها له نظام روعي فيه مصلحته ومصلحة أقرب الناس إليه
فنظام التقاعد من عقود (التربعات) ،أما عقد التأمني فهو من عقود (املعاوضات) ولو فرض أن
(التقاعد) فيه جهالة أو غرر فهما قليالن ،خبالف عقد املعاوضة( 2التأمني) ففيه من اجلهالة والغرر
وأكل األموال بغري حق ما هو ظاهر بنَّي ،والقاعدة عند أهل العلم يغتفر يف عقود التربعات من
اجلهالة والغرر ما ال يغتفر يف عقود املعاوضات عالوة على أن ( )%9املقتطعة من راتب املوظف
ليس حقاً خالصاً له بدليل أنه لو أراد أال تقتطع من راتبه ملا قبل قوله وهو داخل يف عقده مع
5
الدولة على هذا راضياً ،وليس هناك فرق شرعي بني التصفية 2أو أخذ أقساط التقاعد ،واهلل أعلم.