You are on page 1of 38

‫حكم التأمين مع شركات التأمين في اإلسالم‬

‫التأمني حديث النشأة ‪ ،‬فقد ظهر مبعناه احلقيقي يف القرن الرابع عشر امليالدي يف إيطاليا يف صورة‬
‫التأمني البحري‪ .‬والتأمني ( أو السوكرة ) نوعان‪ 2:‬تأمني تعاوين وتأمني بقسط ثابت (‪. )2‬‬
‫أما التأمني التعاوين‪ :‬فهو أن يتفق عدة أشخاص على أن يدفع كل منهم اشرتاكاً معيناً‪ ،‬لتعويض‬
‫األضرار اليت قد تصيب‪ 2‬أحدهم إذا حتقق خطر معني‪ .‬وهو قليل التطبيق يف احلياة العملية‪.‬‬

‫إلىاملؤمن‪ :‬وهو شركة التأمني‬


‫ِّ‬ ‫املؤمن له بدفع قسط حمدد‬
‫وأما‌ التأمني بقسط ثابت‪ :‬فهو أن يلتزم َّ‬
‫املكونة‪ 2‬من أفراد املسامهني‪ ،‬يتعهد (أي املؤمن) مبقتضاه دفع أداء معني عند حتقق خطر معني‪ .‬وهو‬
‫النوع السائد اآلن‪ .‬ويدفع العوض إما إىل مستفيد معني أو إىل شخص املؤمن أو إىل ورثته‪ ،‬فهو‬
‫‪1‬عقد معاوضة ملزم للطرفني‬

‫‪ 1‬القسم‪ :‬الفقه العام‬


‫وأهم النَّظريَّات الفقهيَّة وحتقيق األحاديث النَّبويَّة‬ ‫ُّ َّ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمي وأدلتُهُ (الشَّامل لألدلّة الشَّرعيَّة واآلراء املذهبيَّة ّ‬ ‫الكتاب‪ :‬الف ْقهُ‬
‫وخترجيها)‬
‫اإلسالمي وأصوله جبامعة دمشق ‪ -‬كلّيَّة الشَّريعة‬
‫ّ‬ ‫الز َحْيلِ ّي‪ ،‬أستاذ ورئيس قسم الفقه‬ ‫املؤلف‪ :‬أ‪ .‬د‪َ .‬و ْهبَة بن مصطفى‪ُّ 2‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الفكر ‪ -‬سوريَّة ‪ -‬دمشق‬
‫الرابعة املنقَّحة املعدَّلة بالنِّسبة ملا سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة ملا تقدمها من طبعات مصورة‪)2‬‬ ‫الطبعة‪َّ :‬‬
‫عدد األجزاء‪١٠ :‬‬
‫احلليب عضو يف ملتقى أهل احلديث‬ ‫أعده للشَّاملة‪ :2‬أبو أكرم ّ‬
‫[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مقابل على املطبوع]‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ٧ :2‬حمرم ‪١٤٣٣‬‬
‫ج‪ 5‬ص‪3416-3415‬‬

‫‪1‬‬
‫ب‬ ‫ك يِف الْمر َك ِ‬ ‫ني احْلَْريِب ِّ َما َهلَ َ‬‫ض ِم ِ‬ ‫‌س ْو َكَر ًة َوتَ ْ‬ ‫مطْلَب م ِه ٌّم فِيما ي ْفعلُه الت َّ ِ‬
‫َْ‬ ‫ُّج ُار م ْن َدفْ ِع َما يُ َس َّمى َ‬ ‫َ ََُ‬ ‫َ ٌ ُ‬
‫ِ‬
‫ُّج َار إذَا‬
‫َأن الت َّ‬ ‫السَؤ ُال َعْنهُ يِف َز َماننَا‪َ :‬و ُه َو َأنَّهُ َجَر ْ‬
‫ت الْ َع َادةُ َّ‬ ‫اب َما َك ُثَر ُّ‬ ‫َومِبَا َقَر ْرنَاهُ يَظْ َه ُر َج َو ُ‬
‫وما لِر ُج ٍل َح ْريِب ٍّ ُم ِقي ٍم يِف‬ ‫ِ‬
‫استَْأ َج ُروا َم ْر َكبًا م ْن َح ْريِب ٍّ يَ ْد َفعُو َن لَهُ ْ‬
‫ضا َمااًل َم ْعلُ ً َ‬ ‫ُأجَرتَهُ‪َ ،‬ويَ ْد َفعُو َن َأيْ ً‬ ‫ْ‬
‫ب حِب َْر ٍق َْأو َغَر ٍق‬ ‫ك ِم ْن الْم ِال الَّ ِذي يِف الْمر َك ِ‬ ‫‌س ْو َكَر ًة َعلَى َأنَّهُ َم ْه َما َهلَ َ‬‫ال‪َ :‬‬ ‫ك الْ َم ُ‬ ‫ِ‬
‫بِاَل ده‪ ،‬يُ َس َّمى َذل َ‬
‫ِِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫يل َعْنهُ ُم ْستَْأ َم ٌن يِف َدا ِرنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرجل ِ مِب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َْأو َن ْه ٍ‬
‫ضام ٌن لَهُ َُق َابلَة َما يَْأ ُخ ُذهُ مْن ُه ْم‪َ ،‬ولَهُ َوك ٌ‬ ‫ك َّ ُ ُ َ‬ ‫ب َْأو َغرْيِ ه‪ ،‬فَ َذل َ‬
‫ك ِم ْن‬ ‫ض ِم ْن الت َّ‬ ‫اح ِل اِإْل ساَل ِميَّ ِ‪2‬ة بِِإ ْذ ِن ُّ ِ‬ ‫السو ِ‬ ‫ي ِق يِف ِ ِ‬
‫الس ْو َكَر ِة َوِإذَا َهلَ َ‬‫ال َّ‬ ‫ُّجا ِر َم َ‬ ‫الس ْلطَان َي ْقبِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫يم باَل د َّ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ُّجا ِر ب َدلَه مَتَاما‪ ،‬واَلَّ ِذي يظْهر يِل ‪َ :‬أنَّه اَل حَيِ ُّل لِلت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِلِ‬
‫َّاج ِر‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ك الْ ُم ْستَْأ َم ِن للت َّ َ ُ ً َ‬ ‫َما ْم يِف الْبَ ْح ِر َش ْيءٌ يَُؤ ِّدي َذل َ‬
‫ُأجَر ًة َعلَى‬ ‫َأخ َذ ْ‬ ‫ع إ َذا َ‬ ‫ود َ‬ ‫إن الْ ُم َ‬‫َأِلن َه َذا الْتَِز ٌام َما اَل َي ْلَز ُم‪ .‬فَِإ ْن ُق ْلت‪َّ :‬‬ ‫ك ِم ْن َمالِِه َّ‬ ‫َأخ ُذ ب َد ِل اهْل الِ ِ‬
‫ْ َ َ‬
‫ب‬ ‫اح ِ‬ ‫ال لَيس يِف ي ِد ص ِ‬ ‫ت َم ْسَألَُتنَا ِم ْن َه َذا الْ َقبِ ِيل َّ‬ ‫الْ َو ِد َيع ِة يَ ْ‬
‫َأِلن الْ َم َ ْ َ َ َ‬ ‫ت ُق ْلت لَْي َس ْ‬ ‫ض َمُن َها إ َذا َهلَ َك ْ‬
‫ب يَ ُكو ُ‪2‬ن‬ ‫احب الْمر َك ِ‬ ‫السو َكر ِة هو ِ‬ ‫ب‪ ،‬وِإ ْن َكا َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫السو َكر ِة بَل يِف يَ ِد َ ِ ِ‬
‫ص ُ َْ‬ ‫ب َّ ْ َ ُ َ َ‬ ‫صاح ُ‬ ‫َ‬ ‫صاحب الْ َم ْر َك َ‬ ‫َّ ْ َ ْ‬
‫َِأجريا م ْش ِ ًكا قَ ْد َأخ َذ ُأجر ًة علَى احْلِْف ِظ‪ ،‬وعلَى احْل م ِل‪ ،‬و ُكلٌّ ِمن الْمود ِع و ِ‬
‫اَأْلج ِري الْ ُم ْشرَتِ ِك اَل‬ ‫ْ ُ َ َ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ً ُ رَت‬
‫اب َك َفالَِة‬ ‫ِ‬
‫ك‪ .‬فَِإ ْن ُق ْلت‪ :‬سيْأيِت ُقبْيل ب ِ‬
‫ََ َ َ َ‬ ‫ض َم ُن َما اَل مُيْ ِك ُن ااِل ْحرِت َ ُاز َعْنهُ َكالْ َم ْو ِت َوالْغََر ِق َوحَنْ ِو َذل َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ال‪ :‬إ ْن َكا َن‬ ‫ض َم ْن َولَ ْو قَ َ‬ ‫ُأخ َذ َمالُهُ مَلْ يَ ْ‬‫ك‪ ،‬و ِ‬ ‫ك ه َذا الطَِّر ِإ ِ‬ ‫الرجلَ ِ قَ َ آِل‬
‫يق‪ ،‬فَ نَّهُ آم ٌن فَ َسلَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َخَر اُ ْسلُ ْ َ‬ ‫َّ ُ نْي‬
‫الساَل َم ِة لِْل َم ْغ ُرو ِر‬ ‫ض ِم َن الْغَ ُّار ِص َفةَ َّ‬ ‫ك بَِأنَّهُ َ‬
‫ِ‬
‫ِح ُهنَال َ‬ ‫ض ِامن َ ِ‬
‫ضم َن َو َعلَّلَهُ الشَّار ُ‬ ‫ك فََأنَا َ ٌ‬ ‫ُأخ َذ َمالُ َ‬ ‫خَمُوفًا و ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ان بَِقولِِه فََأنَا ِ‬ ‫ص علَى الض ِ‬ ‫صا اهـ خِبِ ِ‬
‫صولَنْي ِ‬ ‫ضام ٌن‪َ ،‬ويِف َجام ِع الْ ُف ُ‬ ‫َ‬ ‫َّم ْ‬ ‫َ‬ ‫َأي اَل ف اُأْلوىَل ‪ ،‬فَِإنَّهُ مَلْ َينُ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫نَ ًّ‬
‫ض ِم َن الْغَ ُّار ِص َفةَ‬ ‫َأن الْم ْغرور إمَّنَا ير ِجع علَى الْغَ ِّار لَو حصل الْغُرور يِف ِضم ِن الْمعاو ِ‬
‫ضة َْأو َ‬ ‫ْ َُ َ َ‬ ‫ْ َ ََ ُ ُ‬ ‫اَأْلص ُل َّ َ ُ َ َ ْ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫الن ْق ِ‬ ‫ب ِم ْن َّ‬ ‫ِِ‬ ‫اج َع ْلهُ يِف َّ‬ ‫ان لَِر ِّ‬‫الساَل مةَ لِْلم ْغرو ِر َفيصار َك َقو ِل الطَّ َّح ِ‬
‫ب‬ ‫الدلْ ِو فَ َج َعلَهُ فيه‪ ،‬فَ َذ َه َ‬ ‫ب الُْبِّر‪ْ :‬‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َ ُ ْ‬
‫ضمن؛ إ ْذ َغَّره يِف ِضم ِن الْع ْق ِد وهو ي ْقتَ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫الساَل َمةَ‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫ضي َّ‬ ‫ْ َ َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫إىَل الْ َماء‪َ ،‬و َكا َن الطَّ َّحا ُن َعال ًما به يَ ْ َ ُ‬
‫ان‬‫الت ْغ ِري ِر ِمن َأ ْن ي ُكو َ‪2‬ن الْغَ ُّار عالِما بِاخْلَطَ ِر َكما ي ُد ُّل علَي ِه مسَألَةُ الطَّ َّح ِ‬ ‫ُق ْلت‪ :‬اَل بُ َّد يِف َم ْسَألَِة َّ‬
‫َ َ َْ َ ْ‬ ‫َ ً‬ ‫ْ َ‬
‫الدلْ ِو يَ ُكو ُن‬ ‫ب َّ‬ ‫ب الُْبِّر لَ ْو َكا َن َعالِما بَِن ْق ِ‬
‫ً‬ ‫ك َّ‬
‫َأن َر َّ‬ ‫ور َغْيَر َعامِلٍ إ ْذ اَل َش َّ‬ ‫ورة‪َ ،‬وَأ ْن يَ ُكو َن الْ َم ْغ ُر ُ‬
‫الْم ْذ ُك ِ‬
‫َ َ‬
‫ورا‬
‫وس َغَّرهُ َغًّرا َوغُُر ً‬ ‫ك لُغَةً لِ َما يِف الْ َق ُام ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ الْ َم ْغ ُرو ِر يُْنبُِئ َع ْن ذَل َ‬ ‫اختِيَا ِر ِه‪َ ،‬ولَ ْف ُ‬ ‫هو الْم ِ ِِ‬
‫ضيِّ ُع ل َماله بِ ْ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫اط ِل فَا ْغَتَّر ُه َو‪ .‬اهـ‬ ‫‪َ .‬فهو م ْغرور و َغ ِرير خ َدعه وَأطْمعه بِالْب ِ‬
‫َُ َ ُ ٌ َ ٌ َ َُ َ َ َُ َ‬

‫‪2‬‬
‫ول الْغََر ِق َه ْل يَ ُكو ُ‪2‬ن َْأم اَل ‪،‬‬ ‫ُّجا ِر‪ ،‬واَل يعلَم حِب ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأن ِ‬
‫الس ْو َكَر ِة اَل َي ْقص ُد َت ْغ ِر َير الت َّ َ َ ْ ُ ُ ُ‬ ‫ب َّ‬ ‫صاح َ‬ ‫َواَل خَي ْ َفى َّ َ‬
‫الس ْو َكَر ِة إاَّل ِعْن َد‬ ‫ُّجا ِر َأِلن َُّه ْم اَل يُ ْعطُو َن َم َال َّ‬ ‫وم لَهُ‪َ ،‬ولِلت َّ‬ ‫اع َف ُه َو َم ْعلُ ٌ‬‫وص‪َ ،‬والْ ُقطَّ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ََّأما اخْلَطَُر م ْن اللُّ ُ‬
‫ِ‬
‫ك‪َ ،‬فلَ ْم تَ ُك ْن َم ْسَألَُتنَا م ْن َه َذا الْ َقبِ ِيل َأيْ ً‬ ‫َأخ ِذ ب َد ِل اهْل الِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ضا‪َ ،‬ن َع ْم‪ :‬قَ ْد يَ ُكو ُ‪2‬ن‬ ‫شدَّة اخْلَْوف طَ َم ًعا يِف ْ َ َ‬
‫الس ْو َكَر ِة يِف بِاَل ِد ِه ْم‪،‬‬
‫ب َّ‬ ‫يك حريِب ٌّ يِف بِاَل ِد احْل ر ِب‪َ ،‬فيع ِق ُد َش ِري ُكه ه َذا الْع ْق َد مع ص ِ‬
‫اح ِ‬ ‫ُ َ َ ََ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫للتَّاج ِر َش ِر ٌ َ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫َأِلن الْع ْق َد الْ َف ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّاج ِر فَالظَّ ِ‬
‫ك‪ ،‬وير ِسلُه إىَل الت ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اس َد‬ ‫َأخ ُذهُ َّ َ‬ ‫َأن َه َذا حَي ُّل للتَّاج ِر ْ‬ ‫اه ُر َّ‬ ‫َويَْأ ُخ ُذ مْنهُ بَ َد َل اهْلَال َ ُْ ُ‬
‫َأخ ِذ ِه‪َ ،‬وقَ ْد يَ ُكو ُن‬ ‫ِ ِ‬
‫اه ْم فَاَل َمان َع م ْن ْ‬ ‫ضُ‬
‫ِ‬
‫ص َل إلَْيه َماهُلُ ْم بِ ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجَرى َبنْي َ َح ْربَِّينْي ِ يِف بِاَل د احْلَْرب‪َ ،‬وقَ ْد َو َ‬
‫ك َأنَّهُ يِف اُأْلوىَل‬ ‫ْس‪َ ،‬واَل َش َّ‬ ‫ض الْبَ َد َل يِف بِاَل ِدنَا َْأو بِالْ َعك ِ‬ ‫اك‪َ ،‬و َي ْقبِ ُ‬ ‫َّاج ُر يِف بِاَل ِد ِه ْم‪َ ،‬فَي ْع ِق ُد َم َع ُه ْم ُهنَ َ‬
‫الت ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ ْن حصل بينهما ِخصام يِف بِاَل ِدنَا اَل ُت ْق ِ ِ‬
‫ص ٌام َو َدفَ َع لَهُ الْبَ َد َل‬
‫ص ْل خ َ‬ ‫ضى للتَّاج ِر بِالْبَ َدل‪َ ،‬وِإ ْن مَلْ حَيْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َْ َ ُ َ َ ٌ‬
‫يِف ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأخ َذ‬
‫ْم لَهُ َفيَ ُكو ُ‪2‬ن قَ ْد َ‬ ‫ص َد َر باَل ده ْم‪ ،‬اَل ُحك َ‬ ‫َأِلن الْ َع ْق َد الَّذي َ‬ ‫َأخ ُذهُ َّ‬ ‫َوكيلُهُ الْ ُم ْستَْأ َم ُن ُهنَا حَي ُّل لَهُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ْس بَِأ ْ‪2‬ن َكا َن الْ َع ْق ُد يِف بِاَل ِدنَا‪َ ،‬والْ َقْب ُ‪2‬‬
‫ض يِف بِاَل ده ْم فَالظَّاه ُر َأنَّهُ‬ ‫ور ِة الْ َعك ِ‪2‬‬‫صَ‬ ‫ضاهُ َو ََّأما يِف ُ‬ ‫ال َح ْريِب ٍّ بِ ِر َ‬
‫َم َ‬
‫اس ِد َّ‬
‫الص ِاد ِر‬ ‫»‪2‬اَل حَيِ ُّل َأخ ُذه‪ ،‬ولَو بِ ِرضا احْل ريِب ِّ اِل بتِنَاِئِ‪2‬ه علَى الْع ْق ِد الْ َف ِ‬
‫ْ ُ َ ْ َ َْ ْ َ َ‬

‫‪ 2‬القسم‪ :‬الفقه احلنفي‬


‫الكتاب‪ :‬رد احملتار على الدر املختار‬
‫املؤلف‪ :‬ابن عابدين‪ ،‬حممد أمني بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي‪ 2‬احلنفي (ت ‪ ١٢٥٢‬هـ)‬
‫الناشر‪ :‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى‪ 2‬البايب احلليب وأوالده مبصر (وصورهتا دار الفكر ‪ -‬بريوت)‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪ ١٣٨٦ ،‬هـ = ‪ ١٩٦٦‬م‬
‫عدد األجزاء‪٦ :‬‬
‫[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]‬
‫«الدر املختار للحصفكي شرح تنوير األبصار للتمرتاشي» بأعلى الصفحة يليه ‪ -‬مفصوال بفاصل ‪« -‬حاشية ابن عابدين»‬
‫عليه‪ ،‬املسماه «رد احملتار»‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ٨ :‬ذو احلجة ‪١٤٣١‬‬
‫ج‪ 4‬ص‪170‬‬
‫‪3‬‬
‫هـ‪ -‬قياس عقد التأمني على ضمان خطر الطريق ‪:‬‬
‫نذكر فيما يلي كالم بعض الفقهاء السابقني يف ضمان خطر الطريق وأسباب الضمان مث ما تيسر‬
‫من كالم فقهاء هذا العصر‪.‬‬
‫أما كالم الفقهاء السابقني ‪:‬‬
‫فقال ابن عابدين يف أثناء كالمه على السوكرة‪ :‬فإن قلت‪ :‬سيأيت قبيل باب كفالة الرجلني‪ ،‬قال‬
‫آلخر‪ :‬اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلكه وأخذ ماله مل يضمن‪ ،‬ولو قال‪ :‬إن كان خموفا وأخذ‬
‫مالك فأنا ضامن‪ ،‬ضمن‪ ،‬وعلله الشارح هناك بأول ضمن الغار صفة السالمة للمغرور نصا‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫خبالف األوىل فإنه مل ينص على الضمان بقوله‪ :‬فأنا ضامن‪ ،‬ويف جامع الفصولني‪ :‬األصل أن‬
‫املغرور إمنا يرجع على الغار لو حصل الغرر يف ضمن املعاوضة أو ضمن الغار صفة السالمة‬
‫للمغرور فصار كقول الطحان لرب الرب اجعله يف الدلو فجعله فيه فذهب من النقب‪ 2‬إىل املاء‪،‬‬
‫وكان الطحان عاملا به يضمن إذ غره يف ضمن العقد وهو يقتضي‪ 2‬السالمة‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬البد يف مسألة التغرير من أن يكون الغار عاملا باخلطر كما يدل عليه مسألة الطحان‬
‫املذكورة‪ ،‬وأن يكون املغرور غري عامل إذ ال شك أن رب الرب لو كان عاملا بنقب الدلو يكون‪ 2‬هو‬
‫املضيع ملاله باختياره ولفظ املغرور ينبئ عن ذلك لغة ؛ ملا يف [القاموس] غره غرا وغرورا فهو‬
‫مغرور وغرير خدعه وأطمعه بالباطل فاغرت هو‪ .‬ا هـ‪.‬‬
‫وال خيفى أن صاحب السوكرة ال يقصد تغرير التجار‪ ،‬وال يعلم حبصول الغرق هل يكون‪ 2‬أم ال‪،‬‬
‫وأما اخلطر من اللصوص والقطاع فهو معلوم له وللتجار؛ ألهنم ال يعطون مال السوكرة إال عند‬
‫‪3‬شدة اخلوف طمعا‬
‫الكتاب ‪ :‬أحباث هيئة كبار العلماء‬ ‫‪3‬‬

‫املؤلف ‪ :‬هيئة كبار العلماء باململكة العربية السعودية‬


‫عدد األجزاء ‪ 7 :‬أجزاء‬
‫‪4‬‬
‫إن التأمني التعاوين من عقود التربع اليت يقصد هبا أصالة التعاون على تفتيت‪ 2‬األخطار واالشرتاك‬
‫يف حتمل املسئولية‪ 2‬عند نزول الكوارث‪ 2‬وذلك عن طريق إسهام أشخاص مببالغ نقدية ختصص‬
‫لتعويض من يصيبه الضرر ‪.‬‬
‫فجماعة التأمني التعاوين ال يستهدفون جتارة وال رحبا من أموال غريهم وإمنا يقصدون توزيع‬
‫األخطار بينهم والتعاون‪ 2‬على حتمل الضرر ‪.‬‬

‫ورغم أن املال املوهوب لتغطية النوائب غري حمدد مسبقا وإمنا حيدده مستقبال حجم النوائب‬
‫الالحقة بأحاد املستأمنني ‪ ,‬رغم ذلك فإن العقد ال خيتل ألن اجلهالة والغرر يف التربعات متسامح‬
‫‪ .‬هبما يف املذهب‪ 2‬املالكي‬

‫الكتاب ‪ :‬فقه املعامالت‬


‫املؤلف ‪ :‬جمموعة من املؤلفني‬

‫[ موسوعة فقه املعامالت]‬


‫وتشمل ‪:‬‬

‫‪ -1‬األحباث‬
‫‪ -2‬التطبيقات‪2‬‬
‫‪ -3‬الفتاوى‬
‫‪ -4‬املصطلحات‬
‫ج‪ 2‬ص‪44‬‬
‫املصدر ‪ :‬موقع اإلسالم‪2‬‬

‫مصدر الكتاب ‪ :‬موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية واإلفتاء‬


‫[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل باحلواشي]‬
‫ص‪ 191‬ج‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫‪http://moamlat.al-islam.com‬‬

‫الس ْوكرة ـ‬ ‫ح ْكم ِ‬


‫عقود التأمين ـ َّ‬

‫جواب األستاذ مصطفى الزرقا إىل فضيلة الشيخ عبد العزيز محاده عن حكم التأمني ‪:‬‬
‫فضيلة األستاذ اجلليل الشيخ عبد العزيز محادة حفظه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫السالم عليكم ورمحة اهلل‪.‬‬
‫وبعد؛ فأمحد اهلل تعاىل إليكم‪ ،‬راجيًا أن تكونوا خبري وعافية‪ .‬كنتم باحثتموين يف موضوع عقود‬
‫شر ًعا‪ ،‬وذكرت لكم أين أفتيت‪ 2‬جبوازها ويل على ذلك أدلة شرعية‬ ‫ِ‬
‫التأمني (السوكرة) هل حَت ل ْ‬
‫وعدتكم بكتابتها‪.‬‬
‫واآلن أختلس من وقيت ُف ْرجة ضيِّقة جدًّا َأْن ُفذ مْنها ِإىل كِتَابَة ُرءوس أقْالم إمجالية ُْأرسلها إىل‬
‫مفصلة‪.‬‬
‫ْفي‪ 2‬لكتابة رسالة َّ‬ ‫ضيلتِكم‪ ،‬وَأرجو أن يتاح يِل ِمن الوقت ما يك ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُْ‬
‫متعارفًا يِف َز َماهِن م‪،‬‬
‫نصوصا لفقهائنا األقدمني؛ ألنه مل يكن َ‬ ‫ً‬ ‫‪ - 1‬إن ع ْقد التأمني هذا ال جند عنه‬
‫َو ُهو يِف بِالد الغَرب َح ِديث الوالدة‪.‬‬
‫‪ - 2‬إن الفقيه الوحيد الذي حبث عنه فيما أعلم من فقهائنا املتأخرين هو الشيخ ابن عابدين رمحه‬
‫اهلل يف حاشيته (رد احملتار) يف فصل استِئمان ال َكافِر من باب امل ْستْأِمن من كتاب اجلهاد ‪3/249‬‬
‫ُ‬
‫استقر رْأيُه فيه على عدم جواز هذا َ‬
‫الع ْقد يف بالدنا بني ُو َكالء‬ ‫(الطبعة البوالقية األوىل)‪ ،‬وقَ ْد َّ‬
‫بالدنا ُم ْستْأ َمنني‪ ،‬ومن يتعاملون معهم من رعايانا يف دار اإلسالم؛‬ ‫ُّجار احلربيِّني امل ِقيمني يف ِ‬
‫الت َّ‬
‫ُ‬
‫حبُجة أن هذا العقد ال جيوز؛ ألنه يُْلزم هذا الوكيل مبا ال َي ْلَز ُمه‪ ،‬فال جيوز القضاء عليه به‪ ،‬وال حَيِ ل‬
‫مستأمن إال مبا حَيِ ل من العقود مع املسلمني‪ ،‬وقد ناقش ابن عابدين ـ رمحه‬ ‫َ‬ ‫للمسلم أن يتعاقد مع‬
‫‪4‬‬
‫اهلل ـ هذا املوضوع طويالً‪.‬‬

‫الكتاب ‪ :‬فتاوى الزرقا (( مصطفى بن أمحد الزرقا ))‬ ‫‪4‬‬

‫املؤلف ‪ :‬جمد أمحد مكي‬


‫‪6‬‬
‫قال ابن عسيمني ‪:‬‬

‫ما دام ليس فيه ظلم وال غرر وال ربا فاالصل الصحة‬

‫الكتاب ‪ :‬الشرح املمتع على زاد املستقنع‬


‫املؤلف ‪ :‬حممد بن صاحل بن حممد العثيمني (املتوىف ‪1421 :‬هـ)‬
‫مصدر الكتاب ‪ :‬موقع الشيخ العثيمني على اإلنرتنت‪2‬‬
‫‪http://www.ibnothaimeen.com‬‬
‫[ مالحظات ]‬
‫‪ - 1‬النسخة ‪ 12‬جملدا حىت آخر كتاب النكاح ‪ ،‬وهو مجيع املوجود حاليا من الكتاب على موقع‬
‫الشيخ‬
‫‪ - 2‬مفهرس موضوعيا‪ 2‬على الكتب واألبواب وفروعها‬
‫‪ - 3‬الصفحات مذيلة حبواشي اللجنة العلمية يف مؤسسة الشيخ حممد بن صاحل العثيمني اخلريية ‪،‬‬
‫اليت قامت على إخراج الكتاب‬
‫‪ - 4‬مرقم آليا غري موافق للمطبوع‬
‫ج‪ 9‬ص‪37‬‬

‫وميكن أن يناقش جواب األستاذ مصطفى الزرقاء مبا يأيت‪:‬‬


‫أوال‪ -‬أنه تسليم بتحرمي عقود التأمني اليت اشرتط فيها الربا‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أنه على تقدير الدخول على إسقاط شرط نسبة ربوية على مبلغ التأمني ال ميكن التخلص مما‬
‫يف التأمني من ربا النساء يف أي حال‪ ،‬وال من ربا الفضل عند تفاوت العوضني؛ ألن تأجيل مبلغ‬
‫التأمني أو عوض اخلطر أصيل يف التعاقد‪ ،‬ومتاثل العوضني مشكوك‪ 2‬فيه للجهالة مبا يؤول إليه األمر‬

‫مت استرياده‪ 2‬من نسخة ‪Maktabah Syamilah10000 (16 GB) Ust. Ahmad :‬‬
‫‪.Zainuddin, Lc‬‬
‫ج‪ 1‬ص‪102‬‬

‫‪7‬‬
‫يف املستقبل‪ 2،‬والشك يف التماثل كتحقق التفاضل‪ ،‬فيتبني أنه ال يتأتى التخلص من الربا يف عقود‬
‫التأمني إال بالقضاء على التأمني املعروف واجتثاثه من أصوله‪.‬‬
‫وميكن أن يناقش اجلواب اآلخر‪ :‬بأن‪ 2‬تكون‪ 2‬قسط التأمني من جزأين جزء يغطي الضرر واآلخر‬
‫يدخر ال أثر له يف احلكم حبل أو حبرمة‪ ،‬فإن احلكم بذلك مبين على ما يف عقود التأمني من ربا‬
‫الفضل والنساء‪ ،‬ال على‪،‬‬
‫الكتاب ‪ :‬أحباث هيئة كبار العلماء‬
‫املؤلف ‪ :‬هيئة كبار العلماء باململكة العربية السعودية‬
‫عدد األجزاء ‪ 7 :‬أجزاء‬
‫مصدر الكتاب ‪ :‬موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫‪http://www.alifta.com‬‬
‫[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل باحلواشي]‬
‫مت استرياده من نسخة ‪Library 11,4 GB :‬‬
‫ج‪ 4‬ص‪134‬‬

‫تكون املعاوضة يدا بيد‪ ،‬ومل يتحقق ذلك يف عقود التأمني‪ ،‬بل تفاوت العوضان‪ 2،‬وعجل أحدمها‬
‫وأخر اآلخر فلزم أن تكون عقود التأمني ربوية مع ما فيها من اخلطر واملقامرة‪.‬‬
‫وميكن أن جياب عن شبهة وجود الربا يف عمليات التأمني ‪ :‬بأن عمليات التأمني ليست نقودا‬
‫بنقود‪ ،‬وإمنا هي بيع وشراء‪ ،‬فاملؤمن له يشرتي األمان من املؤمن مبا يدفعه له من أقساط‪ ،‬واملؤمن‬
‫يعطيه األمان‪ 2‬فإذا وقع ما خيل باألمان اجته الضمان على ذلك فدفع املؤمن للمؤمن له ما يقابل ما‬
‫ضمنه له من أمان عجز عن حتقيقه له‪.‬‬
‫ونوقش ذلك‪ :‬بأن املعاوضة يف التأمني تقع بني ما يدفعه املؤمن له من األقساط مقدما ومبلغ‬
‫التأمني الذي تعهد املؤمن بدفعه للمؤمن له أو عنه أو للمستفيد‪ ،‬مث نشأ عن ذلك ما مسي أمانا‪،‬‬
‫وليس فيه بيع وال شراء ألمان‪.‬‬
‫املناقشة الثانية‪ :‬للصديق حممد األمني الضرير ‪:‬‬
‫قال‪ :‬والواقع أنه ليس من اليسري اعتبار التأمني من القمار فإن القمار يف األصل هو الرهان على‬
‫ين َآمنُوا ِإمَّنَا‬ ‫َّ ِ‬
‫اللعب بشيء من اآلالت املعدة له‪ ،‬ومنه امليسر الذي حرمه اهلل يف القرآن { يَا َأيُّ َها الذ َ‬
‫اجتَنِبُوهُ‪ 2‬لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحو َن } (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫اَأْلزاَل م ِرج ِ‬
‫س م ْن َع َم ِل الشَّْيطَان فَ ْ‬
‫اب َو ْ ُ ْ ٌ‬ ‫ص ُ‪2‬‬ ‫ِ‬
‫اخْلَ ْمُر َوالْ َمْيس ُر َواَأْلنْ َ‬

‫‪8‬‬
‫يقول أبو حيان يف [تفسريه]‪ :‬امليسر‪ :‬قمار أهل اجلاهلية‪ ،‬فقد كان عرب اجلاهلية يطلقون لفظة‬
‫امليسر غالبا على املقامرة باألقداح القتسام اجلزور‪ ،‬فكلمة القمار يف األصل أعم من كلمة امليسر‪،‬‬
‫ولكن الفقهاء أطلقوا امليسر على مجيع‬
‫الكتاب ‪ :‬أحباث هيئة كبار العلماء‬
‫املؤلف ‪ :‬هيئة كبار العلماء باململكة العربية السعودية‬
‫عدد األجزاء ‪ 7 :‬أجزاء‬
‫مصدر الكتاب ‪ :‬موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫‪http://www.alifta.com‬‬
‫[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل باحلواشي]‬
‫مت استرياده من نسخة ‪Library 11,4 GB :‬‬
‫ج‪ 4‬ص‪124‬‬

‫‪ - 8‬باب األمان‪2‬‬
‫س‪ :61‬ما هو األمان؟ وما األصل فيه؟ وما الذي يُراد به هنا؟ وما الذي حيرم به؟ وكم مدته؟ وما‬
‫منجزا أو معل ًقا؟ وما الذي يشرتط له؟ ومن الذي يصح منه؟ وما صفة التأمني؟ وهل‬ ‫حكمه ً‬
‫يسري األمان؟ وكم العقود اليت تفيد األمن؟ وما هي؟ واذكر احملرتزات واألدلة والتعاليل‪.‬‬
‫ج‪ :‬األمان‪ :‬ضد اخلوف‪ ،‬وُأريد به هنا ترك القتل والقتال مع الكفار وهو من مكايد احلرب‬
‫ومصاحله‪ ،‬والعقود اليت تقيد األمن ثالثة‪ :‬أمان‪ ،‬وجزية‪ ،‬وهدنة؛ ألنه إن تعلق مبحصور فاألمان‪ ،‬أو‬
‫بغري حمصور؛ فإن كان إىل غاية فاهلدنة‪ ،‬وإال فاجلزية‪ ،‬ومها خمتصان‪ 2‬باألمان‪ ،‬أو بغري حمصور؛ فإن‬
‫كان إىل غاية فاهلدنة‪ ،‬وإال فاجلزية‪ ،‬ومها خمتصان باإلمام خبالف األمان‪ ،‬واألصل فيه آية‪َ { :‬وِإ ْن‬
‫الم اللَّ ِه } ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استَ َج َار َك فََأج ْرهُ َحىَّت يَ ْس َم َع َك َ‬ ‫َأح ٌد ِّم َن املُ ْش ِرك َ‬
‫ني ْ‬ ‫َ‬
‫قال األوزاعي‪ :‬هي إىل يوم القيامة‪ ،‬فمن طلب أمانًا ليسمع كالم اهلل‪ ،‬ويعرف شرائع اإلسالم‪ ،‬لزم‬
‫إجابته‪ ،‬مث يرد إىل مأمنه‪.‬‬
‫وروي عن علي ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ ، -‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪« :‬ذمة املسلمني‬
‫مسلما‪ ،‬فعليه لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني‪ ،‬ال يقبل اهلل‬ ‫واحدة يسعى هبا أدناهم‪ ،‬فمن أخفر ً‬
‫منه صرفًا وال عداًل » رواه البخاري‪ ،‬وحيرم قتل‪ ،‬ورق وأسر‪ ،‬وأخذ مال‪ ،‬والتعرض هلم لعصمتهم‬
‫به‪ ،‬ويشرتط أن يكون األمان‪ 2‬من مسلم‪ ،‬فال يصح من كافر ولو ذميًا؛ ألنه غري مأمون علينا‪ ،‬عاقل‬

‫‪9‬‬
‫فال يصح من طفل وال جمنون؛ ألنه ال يدري املصلحة‪ ،‬خمتار فال يصح من مكره عليه‪ ،‬كاإلقرار‬
‫والبيع‪ ،‬غري سكران؛ ألنه ال يعرف املصلحة‪،‬‬
‫الكتاب ‪ :‬األسئلة واألجوبة الفقهية‬
‫املؤلف ‪ :‬أبو حممد عبد العزيز بن حممد بن عبد الرمحن بن عبد احملسن السلمان (املتوىف ‪1422 :‬هـ)‬
‫عدد األجزاء ‪ 6 :‬أجزاء‬
‫مصدر الكتاب ‪ :‬ملفات وورد وضعها األخ أبو مهند النجدي ‪ ،‬عضو يف ملتقى‪ 2‬أهل احلديث‬
‫‪http://www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أعده للشاملة ‪ :‬موقع مكتبة املسجد النبوي الشريف‬
‫‪http://www.mktaba.org‬‬
‫[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع ‪ ،‬وهو مفهرس‪ 2‬فهرسة موضوعية]‬
‫ج‪ 3‬ص‪183‬‬

‫‪ - 2‬أدلة القائلني جبواز التأمني التجاري مطلقا ‪:‬‬


‫أ‪ -‬استدلوا ‪ :‬بقياس عقود التأمني على عقد والء املواالة ‪ ،‬وفسروه ‪ :‬بأن يقول شخص جمهول‬
‫النسب آلخر ‪ :‬أنت وليي تعقل عين إذا جنيت ‪ ،‬وترثين إذا أنا مت ‪ ،‬أو أن يتفق شخص من غري‬
‫العرب قد أسلم مع عريب مسلم على أن يلتزم العريب بالدية إذا جىن مواله ‪ ،‬ويلتزم غري العريب أن‬
‫يرثه مواله العريب إذا مل يكن له وارث سواه ‪.‬‬
‫ووجه الشبه بينه وبني التأمني ‪ :‬أن العريب يتحمل جناية غري العريب بعقد املواالة‪ 2‬مقابل إرثه ‪،‬‬
‫واملؤمن يتحمل جنايات املستأمن نظري ما يدفعه من أقساط التأمني ‪ ،‬فاملؤمن نظري املسلم العريب يف‬
‫حتمل املسئولية ‪ ،‬واملستأمن‪ 2‬نظري املوىل املسلم من غري العرب فيما يبذل من أقساط أو إرث ‪ ،‬وقد‬
‫صحح احلنفية عقد والء املواالة ‪ ،‬وأثبتوا به املرياث‪ ، 2‬وعقود التأمني وثيقة الصلة وقوية الشبه به‬
‫فتخرج عليه وحيكم هلا حبكمه وهو اجلواز ‪.‬‬
‫الكتاب ‪ :‬أحباث هيئة كبار العلماء‬
‫املؤلف ‪ :‬هيئة كبار العلماء باململكة العربية السعودية‬
‫عدد األجزاء ‪ 7 :‬أجزاء‬
‫مصدر الكتاب ‪ :‬موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫‪http://www.alifta.com‬‬
‫[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل باحلواشي]‬
‫مت استرياده من نسخة ‪Library 11,4 GB :‬‬

‫‪10‬‬
‫ج‪4‬ص‪288‬‬

‫[«فتاوى نور على الدرب البن باز بعناية الشويعر» (‪]:)209 /19‬‬

‫«‪ ‌- 124‬بيان التفصيل يف حكم التأمني التعاوين والتأمني التجاري‪.‬‬

‫س‪ :‬هل صحيح أنه صدر من مساحتكم فتوى حتلل التأمني الشامل على السيارة‪ ،‬كما هو منشور‬
‫يف اإلعالم‪ 2‬املرفق يف إحدى الصحف قبل يومني؟ الرجاء توضيح ذلك يف برنامج نور على»‬

‫[«فتاوى نور على الدرب البن باز بعناية الشويعر» (‪]:)210 /19‬‬

‫خريا‪ ،‬وإن مل يكن صدر منكم شيء‪ ،‬الرجاء تعميم ذلك على الصحف‪،‬‬ ‫«الدرب‪ ،‬جزاكم اهلل ً‬
‫الت ْقوى َواَل َت َع َاونُوا َعلَى اِإْل مْثِ‬ ‫رِب‬
‫{وَت َع َاونُوا‪َ 2‬علَى الْ ِّ َو َّ َ‬
‫يقول اإلعالن‪ 2:‬بسم اهلل الرمحن الرحيم‪َ :‬‬
‫َوالْعُ ْد َو ِان}‪ 2‬شركة التأمني اإلسالمية احملدودة‪ ،‬بشرى للدوائر يف املنطقة‪ 2‬الشمالية‪ ،‬للدوائر احلكومية‬
‫نظرا ألمهية التأمني على املمتلكات‪ ،‬وجوازه‬ ‫وللشركات‪ ،‬وللمؤسسات وللممتلكات الفردية‪ً ،‬‬
‫بقرار جملس هيئة كبار العلماء يف اململكة العربية السعودية إثر اجتماعهم هبذا اخلصوص‪ ،‬وعلى‬
‫رئيسا‪ ،‬وفضيلة حممد‬
‫رأسهم فضيلة الشيخ عبد اهلل بن محيد رئيس جملس القضاء األعلى باململكة ً‬
‫علي احلركان األمني العام لرابطة العامل اإلسالمي‪ 2‬نائبًا للرئيس‪ ،‬وفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد‬
‫اهلل بن باز‪ ،‬وخروجهم بالقرار رقم (‪ )51‬جبواز التأمني التعاوين بدالً من التأمني التجاري‪ ،‬وبناء‬
‫عله مت حبمد اهلل يف مدينة جدة‪ ،‬التوقيع على الصيغة‪ 2‬النهائية بإنشاء مقر لشركة التأمني اإلسالمي»‬

‫فتاوى نور على الدرب البن باز بعناية الشويعر‬

‫القسم‪ :‬الفتاوى‬
‫الكتاب‪ :‬فتاوى نور على الدرب‬

‫‪11‬‬
‫املؤلف‪ :‬عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز (ت ‪١٤٢٠‬هـ)‬
‫مجعها‪ :‬الدكتور حممد بن سعد الشويعر‬
‫قدم هلا‪ :‬عبد العزيز بن عبد اهلل بن حممد آل الشيخ‬
‫عدد األجزاء‪٢٢ :‬‬
‫[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ١٥ :‬ذو احلجة ‪١٤٣٣‬‬

‫ص‪ 209‬ج‪19‬‬

‫[«اللقاء الشهري» (‪ 21 /29‬برتقيم الشاملة آليا)‪]:‬‬

‫«‌‌حكم‌التأمني‌التجاري‬

‫‌‌السؤال‬

‫فضيلة الشيخ! أرجو منك أن تبصرنا حبكم التأمني فإذا كان حالالً تنصحنا به أو حراماً حتذرنا‬
‫منه‪ ،‬يقول اإلعالن‪ :‬كن مطمئناً أثناء قيادتك أية سيارة خاصة‪ ،‬حنن نغطيك حىت ثالثة ماليني لاير‬
‫مقابل لاير واحد يف اليوم‪ 2،‬ألنك معرض حلادث سيارة يف أي وقت‪ ،‬وألن الظروف قد تضطرك‬
‫الستخدام سيارة قد تكون‪ 2‬ملكك أم ال‪ ،‬قامت التعاونية‪ 2‬للتأمني بتطوير وثيقة تأمني الرخصة‬
‫اخلاصة حلمايتك من هذا اخلطر‪ ،‬إهنا وثيقة تأمني لرخصة القيادة وليس على السيارة اليت تقودها‪،‬‬
‫نغطي مسئوليتك‪ 2‬جتاه الغري عن أية إصابة أو خسارة يف ممتلكاهتم حىت مبلغ ثالثة ماليني لاير‪ ،‬وحىت‬
‫تكون الوثيقة‪ 2‬يف متناول اجلميع جعلنا قيمة االشرتاك فيها ميسرة‪ ،‬فهي ال تكلف سوى رياالً‬
‫واحداً يف اليوم‪ 2،‬أي‪ :‬ثالمثائة ومخسة وستني رياالً يف السنة‪ ،‬لقاء ذلك بإمكانك‪ 2‬أن تقود أية سيارة‬
‫خصوصية وأنت مطمئن ومرتاح البال‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‌‌اجلواب‬

‫أقول‪ :‬إن هذا التأمني وأمثاله حرام‪ ،‬وال يشك إنسان يعرف مصادر الشريعة ومواردها إال أنه من‬
‫ين َآمنُوا ِإمَّنَا اخْلَ ْمُر‬ ‫َّ ِ‬
‫امليسر الذي قرنه اهلل تعاىل باخلمر واألنصاب واألزالم‪ ،‬فقال تعاىل‪{ :‬يَا َأيُّ َها الذ َ‬
‫اجتَنِبُوهُ لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحو َن} [املائدة‪]902:‬‬ ‫ِ‬ ‫اَأْلزالم ِرج ِ‬
‫س م ْن َع َم ِل الشَّْيطَان فَ ْ‬
‫اب َو ْ ُ ْ ٌ‬ ‫ص ُ‬
‫ِ‬
‫َوالْ َمْيس ُر َواَأْلنْ َ‬
‫ووجه كونه ميسراً‪ :‬أنك إذا دفعت كل يوم رياالً كم تدفع يف السنة؟ كما قال هو‪ :‬ثالمثائة‬
‫ومخسة وستني رياالً بناءً على السنة امليالدية‪ ،‬أما السنة القمرية اهلاللية فهي أقل من ذلك‪ ،‬ستدفع‬
‫يف السنة ثالمثائة ومخسني رياالً‪ ،‬مث قد حيصل لك حادث يستوعب‪ 2‬مائة ألف‪ ،‬فتكون‪ 2‬الشركة‬
‫خاسرة وأنت‪ 2‬رابح‪ ،‬ورمبا ميضي العام ال حيصل عليك حادث فتكون‪ 2‬أنت اخلاسر‪.‬‬

‫وهلذا أقول‪ :‬نسأل اهلل أن يعافينا من البالء‪ ،‬كثر الربا يف املسلمني‪ ،‬إما صراحة وإما حبيلة‪ ،‬فهل‬
‫يريد منا هؤالء أن يكثر فينا امليسر أيضاً والقمار واملغالبات؟!! نسأل اهلل تعاىل أن يكفينا شر‬
‫أشرارنا‪.‬‬

‫أقول‪ :‬إن هذا التأمني وأمثاله حرام‪ ،‬والقاعدة‪ :‬كل عقد حيتمل الغنم والغرم بني العاقدين فإنه من‬
‫امليسر‪.‬‬

‫كل عاقد إما غامن وإما غارم مبقتضى العقد ال مبقتضى‪ 2‬األسعار لو اختلفت وإال من املعلوم إذا‬
‫اشرتيت سلعة مبائة لاير مث جلبتها يف السوق ومل أبعها إال بثمانني فهذا غرم‪ ،‬لكن ليس بسبب‪2‬‬
‫العقد‪ ،‬وهلذا لبس بعض الناس قال‪ :‬كل شيء معرض للغنم والغرم‪ ،‬فيقال‪ :‬إن الغنم والغرم يف‬
‫امليسر مبقتضى العقد‪ ،‬أما الغنم والغرم ضمن اقتضاء السوق واألسعار فهذا خارج عن العقد»‬
‫اللقاء الشهري‬

‫القسم‪ :‬الفقه العام‬


‫الكتاب ‪ :‬اللقاء الشهري‬
‫المؤلف ‪ :‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى ‪١٤٢١ :‬هـ)‬
‫مصدر الكتاب ‪ :‬دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة اإلسالمية‬
‫‪http://www.islamweb.net‬‬
‫[الكتاب مرقم آليا‪ ،‬ورقم الجزء هو رقم اللقاء ‪ ،‬عدد اللقاءات ‪ ٧٧‬لقاء‪ .‬واللقاء رقم ‪ ١٨‬و‪ ١٩‬غير‬
‫موجودين بموقع الشبكة اإلسالمية]‬

‫‪13‬‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ٨ :‬ذو الحجة ‪١٤٣١‬‬
‫ص‪ 21‬ج‪29‬‬

‫[«فتاوى الشيخ ابن جربين» (‪ 11 /7‬برتقيم الشاملة آليا)‪]:‬‬

‫«السؤال‪-:‬‬

‫ما‌حكم‌التأمني الشرعي على التأمني‌التجاري‪ ،‬وخاصة التأمني على السيارة؟‬

‫اجلواب‪-:‬‬

‫‌حكم‌التأمني‌التجاري أنه ال جيوز شرعاً‪ ،‬ودليله قوله تعاىل (وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)‬
‫(البقرة‪ )188:‬حيث إن الشركة تأكل أموال هؤالء املؤمنني بغري حق‪ ،‬فإن أحدهم يدفع شهرياً‬
‫مبلغاً من املال‪ ،‬قد يبلغ جمموعه عشرات اآلالف‪ ،‬وال حيتاج إىل إصالح طوال السنوات‪ 2،‬وال ترد‬
‫عليه أمواله‪ ،‬وأيضاً فإن بعضهم قد يدفع ماالً قليالً‪ ،‬فيحصل منه حادث يكلف الشركة أضعاف‬
‫ما دفع هلا فيأكل مال الشركة بغري حق‪ ،‬وأيضاً فإن الكثري من الذين دفعوا التأمني للشركة‬
‫يتهورون‪ ،‬ويركبون األخطار‪ ،‬ويتعرضون للحوادث‪ ،‬ويسرعون ويقولون‪ 2:‬إن الشركة قوية‪ .‬وقد‬
‫تدفع ما حيصل من احلوادث‪ ،‬ويف ذلك ضرر على املواطنني بكثرة احلوادث والوفيات‪ ،‬واهلل أعلم»‬
‫فتاوى الشيخ ابن جبرين‬

‫القسم‪ :‬الفتاوى‬
‫الكتاب‪ :‬فتاوى الشيخ ابن جبرين‬
‫المؤلف‪ :‬عبد هللا بن عبد الرحمن بن عبد هللا بن جبرين‬
‫[الكتاب مرقم آليا]‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ٨ :‬ذو الحجة ‪١٤٣١‬‬
‫ج‪ 7‬ص‪11‬‬

‫[«املعامالت‪ 2‬املالية أصالة ومعاصرة» (‪]:)226 /4‬‬

‫‪14‬‬
‫فاملادة ‪ 70‬من الالئحة التنفيذية‪ 2‬لنظام مراقبة شركات التأمني التعاوين تقضي بأن يصرف فائض‬
‫التأمني الذي ميثل الفرق بني جمموع االشرتاكات وجمموع التعويضات بإعادة ‪ %10‬للمؤمن هلم‪،‬‬
‫وأما الباقي‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ %90‬من الفائض الصايف فيكون من نصيب‪ 2‬املسامهني (مالك‬
‫الشركة) نتيجة تعرض حقوقهم ملخاطر التأمني‪.‬‬

‫وهذا يعين أن نظام التأمني يف الشركة قائم على االلتزام التعاقدي‪ ،‬وهذا هو حقيقة التأمني‬
‫‌التجاري‪ .‬إذا علم ذلك نأيت إىل‌حكم‌التأمني التعاوين بالصورة املفرتضة‪.‬‬

‫[ن‪ ]27-‬اختلف العلماء يف‌حكم‌التأمني التعاوين‪.‬‬

‫فذهب األكثرون إىل إباحة التأمني التعاوين‪ ،‬وعلى رأسهم‪ :‬هيئة كبار العلماء يف السعودية(‪،)1‬‬
‫وجممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي(‪ ،)2‬واجملمع الفقهي‪ 2‬اإلسالمي التابع لرابطة‬
‫العامل اإلسالمي(‪ ،)32‬وبه صدر قرار املؤمتر الثاين جملمع البحوث اإلسالمية(‪.)4‬‬

‫كما أن كل من أباح التأمني‌التجاري‪ ،‬فقد أباح التأمني التعاوين‪.‬‬

‫‌‌_________‬

‫(‪ )1‬انظر قرار هيئة كبار العلماء رقم (‪ )10 /5‬وتاريخ ‪ 4/1397 /4‬هـ‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر قرار اجملمع رقم (‪ )2‬بشأن التأمني وإعادة التأمني منشور يف جملة جممع الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫العدد الثاين (‪.)731 /2‬‬

‫(‪ )3‬جاء يف قرار اجملمع الفقهي اإلسالمي‪ 2‬يف دورته املنعقدة‪ 2‬يف ‪ 10‬شعبان ‪ 1398‬هـ مبكة‬
‫املكرمة ما نصه‪« :‬قرر اجمللس باإلمجاع املوافقة‪ 2‬على قرار جملس هيئة كبار العلماء يف جواز التأمني‬
‫التعاوين بداًل من التأمني‌التجاري احملرم … »‪.‬‬

‫(‪ )4‬انظر قرارات املؤمتر الثاين جملمع البحوث اإلسالمية بالقاهرة‪ ،‬عام ‪ 1385‬هـ‪ ،‬وانظر فقه‬
‫النوازل للجيزاين (‪)266 /3‬‬
‫المعامالت المالية أصالة ومعاصرة‬

‫‪15‬‬
‫القسم‪ :‬الفقه العام‬
‫الكتاب‪ :‬المعامالت المالية أصالة ومعاصرة‬
‫المؤلف‪ :‬دبيان بن محمد الدبيان‬
‫تقديم أصحاب المعالي‪ :‬د عبد هللا بن عبد المحسن التركي‪ ،‬و د صالح بن عبد هللا بن حميد‪ ،‬والشيخ‬
‫محمد بن ناصر العبودي‪ ،‬والشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ‬
‫الناشر‪( :‬بدون ناشر)‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪ ١٤٣٢ ،‬هـ‬
‫عدد األجزاء‪٢٠ :‬‬
‫[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ُ ١٨ :‬جمادَى اآلخرة ‪١٤٣٦‬‬
‫ج‪ 4‬ص‪226‬‬
‫[«موسوعة الفقه اإلسالمي ‪ -‬األوقاف المصرية» (‪]:)22 /26‬‬
‫«‌‌مال المستأمن‬
‫‌‌مذهب الحنفية‪:‬‬
‫إذا دخل المسلم دار الحرب بأمان حرم عليه تعرضه لشئ من أموالهم ودمائهم وفروجهم‪ ،‬فلو أخرج‬
‫إلينا شيئا ملكه ملكا حراما للغدر فيتصدف به وجوبا‪ .‬ولو اغتصب منهم شيئا ولم يخرجه وجب رده‬
‫عليهم‪ .‬إال إذا وجد امرأته أو أم ولده أو مدبرته مأسورة‪ ،‬جاز له إخراجهن ألنهم لم يملكونهن‪ ،‬بخالف‬
‫األمة ولو وطئهن إهل الحرب تجب العدة للشبهة‪ .‬وإن أدانه حربى دينا ببيع أو قرض أو أدان هو حربيا‬
‫أو غصب إحدهما صاحبه وخرجا إلينا لم نقض ألحد بشئ‪ ،‬ألن القضاء يستدعى الوالية ويعتمدها‪ ،‬وال‬
‫والية وقت اِإل دانة أصال إذ ال قدرة للقاضى فيه على من هو في دار الحرب وال وقت القضاء على‬
‫المستأمن ألنه ما التزم حكم اإلسالم فيما مضى من أفعال‪ ،‬وإنما التزمه فيما يستقبل في حق أحكامـ‬
‫يباشرها في دار اإلسالم والغصب في دار الحرب سبب يفيد الملك؛ ألنه استيالء على مال مباح غير‬
‫معصوم فصار كاِإل دانة فإذا ملكه فليس للحاكم أن يتعرض له بالحكم ولكن يفتى المسلم برد المغصوب‬
‫ويأمره به‪ ،‬ألنه التزم باألمان أن ال يغدرهم وهذا غدر وقال أبو يوسف‪ :‬يقضى بالدين على المسلم دون‬
‫الغضب ألنه التزم أحكام اإلسالم حيث كان أال ترى أنهما لو خرجا مسلمين يحكم عليهما بالدين‪ ،‬فكذا‬
‫هذا‪ .‬وأجيب‪ :‬بإنه إذا امتنع في حق المستأمن امتنع في حق المسلم أيضا تحقيقا للتسوية بينهما‪ .‬وكذلك‬
‫ال يقضى بين اثنين من أهل الحرب إذ دان أحدهما اآلخر أو غضب منه ثم استأمنا إلينا‪ .‬وإذا قتل أحد‬
‫المسلمين المستأمنين صاحبه عمدا أو خطأ (في دار الحرب)‪ ،‬تجب الدية في ماله وال تجب على العاقلة‬
‫لتعذر الصيانة مع تباين الدارين وإنما وجبت الدية في القتل العمد هنا لسقوط القود في دار الحرب‪ ،‬كما‬
‫{و َمنْ قَتَ َل ُمْؤ ِمنًا َخطًَأ فَت َْح ِري ُر َرقَبَ ٍة‬
‫تجب الكفارة في القتل الخطأ‪ِ ،‬إل طالق النص‪ ،‬وهو قوله تعالى‪َ :‬‬
‫سلَّ َمةٌ … } بال تقييد بدار اِإل سالم أو الحرب(‪.)1‬‬
‫ُمْؤ ِمنَ ٍة َو ِديَةٌ ُم َ‬
‫وإذا استأمن إلينا كافر فال جزية عليه في حول المكث إال إذا شرط عليه أخذها منه فيه‪ .‬وال يحل أخذ‬
‫ماله بعقد فاسد بخالف المسلم المستأمن في دار الحرب فإن له أخذ مالهم برضاهم ولو بربا أو قمار ألن‬
‫مالهم مباح لنا إال أن الغدر حرام‪ ،‬وما أخذ برضاهم فعند أبى يوسف‪ :‬هو للمرتهن بدينه‪ ،‬وعند محمد‬
‫يباع الرهن ويستوفى دينه‪ ،‬والزيادة فئ للمسلمين‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ليس غد ًرا من المستأمن بخالف المستأمن منهم في دارنا ألن دارنا محل إجراء األحكامـ الشرعية فال‬
‫يحل لمسلم في دارنا أن يعقد مع المستأمن إال ما يحل من العقود مع المسلمين‪ ،‬وال يجوز أن يؤخذ منه‬
‫شئ ال يلزمه شرعا وإن جرت به العاده كالذى يؤخذ من زوار بيت المقدس‪ .‬وإذا استأجر مسلم من‬
‫حربى مركبا ودفع عليه‌سوكرة (تأمينا) على أنه مهما هلك من المال الذي في الركب بحرق أو غرق أو‬
‫نهب أو غيره أخذ من المؤمن (الذي يأخذ السوكرة) قيمته‪ ،‬فإنه ‪ -‬كما يظهر البن عابدين ‪ -‬ال يحل‬
‫للتاجر المسلم أن يأخذ بذل‬
‫‌‌_________‬
‫حاشية ابن عابدين جـ ‪ 4‬ص ‪ 166‬و ‪ 167‬والزيلعى جـ ‪ 3‬ص ‪»267 - 266‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫موسوعة الفقه اإلسالمي ‪ -‬األوقاف المصرية‬

‫القسم‪ :‬الفقه العام‬


‫الكتاب‪ :‬موسوعة الفقه اإلسالمي‬
‫كان اسمها حتى جـ ‪ :١٠‬موسوعة جمال عبد الناصر فى الفقه اإلسالمى‬
‫إصدار‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬مصر‬
‫عدد األجزاء‪( ٤٨ :‬حتى اآلن)‪ ،‬والمتوفر بهذه النسخة اإللكترونية ‪٢٨‬‬
‫تنبيه‪ :‬صدر الجزء األول ‪ ١٣٨٦‬هـ‬
‫وإلى وقت كتابة هذه الكلمات (‪ ١٤٤٢‬هـ)‪ ،‬صدر الجزء ‪ ،٤٨‬وينتهي بمصطلح «تيمم»‬
‫[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]‬
‫(‪ )1‬تاريخ النشر بالشاملة‪ ٨ :‬ذو الحجة ‪١٤٣١‬‬
‫(‪ )2‬ج‪26‬ص‪22‬‬

‫[«جملة البيان» (‪ 12 /184‬برتقيم الشاملة آليا)‪]:‬‬

‫دراسات يف الشريعة‬

‫‌‌عقد التأمني‪..‬‬

‫نظرة فقهية موجزة ألبرز مسائله‬

‫هاين بن عبد اهلل بن جبري‬

‫‪H- j-30@maktoob.com‬‬

‫‪17‬‬
‫الم على من ال نيب بعده‪ ،‬وبعد‪ :‬فإن من‬
‫والس ُ‬
‫والصالةُ َّ‬
‫احلمد هلل وحده‪َّ ،‬‬
‫نوازل هذا العصر وقضاياه املستجدة عقد التأمني الذي نشأ وانتشر بفعل القوانني‬

‫التجارية واملدنية‪ 2‬اليت جعلته واقعاً يف كثري من التشريعات‪.‬‬

‫وحيث إنه سبق أن حُبِ ث يف عدد من اللقاءات والندوات‪ ،‬وصدرت حوله‬

‫كثري من املؤلفات‪ 2‬واألحباث والرسائل‪ ،‬وحيث حصل مؤخراً يف هذا العقد‬

‫مناقشات ومداوالت فقد أحببت أن أكتب خمتصراً عن هذا العقد ورأي الباحثني فيه‬

‫يف هذه األكتوبة املوجزة؛ وذلك من خالل أربع نقاط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريف التأمني وحقيقته‪:‬‬

‫يؤمن‪ ،‬مأخوذة من االطمئنان الذي هو ضد‬


‫التأمني يف اللغة مصدر َّأمن َّ‬
‫اخلوف‪ ،‬ومن األمانة اليت هي ضد اخليانة‪ .‬يقال‪َّ :‬أمنهُ تأميناً‪ 2‬وائتمنه واستأمنه [‪. ]1‬‬

‫وعند الفقهاء‪ :‬التأمني قول آمني‪ .‬وصار يُستخدم التأمني للداللة على عقد خاص‬

‫تقوم به شركات التأمني تدفع مبوجبه مبلغاً يف حال وقوع حادث معني لشخص يدفع‬

‫هلا قسطاً من املال [‪. ]2‬‬

‫ال بد للناظر للتأمني أن يتنبه‪ 2‬إىل الفرق بني تناول التأمني كفكرة ونظريَّة‪،‬‬

‫وبني تنظيمه يف عقد‪ .‬فالتأمني كنظرية ونظام مقبول؛ إذ إنه تعاون بني جمموعة‬

‫من الناس لدفع أخطار حتدق هبم؛ حبيث إذا أصابت بعضهم تعاونوا على تفتيتها‬

‫مقابل مبلغ ضئيل يقدمونه [‪ . ]3‬وال شك أن هذه الفكرة‪ 2‬فكرة مقبولة تقوم عليها كثري‬

‫من أحكام الشريعة مثل الزكاة والنفقة‪ 2‬على األقارب‪ ،‬وحتميل العاقلة للدية‪ .‬إىل‬

‫‪18‬‬
‫أمثلة كثرية تدعو إىل التعاون على الرب واإلحسان والتقوى والتكافل والتضامن‪ .‬هذه‬

‫فكرة التأمني‪ ،‬وهي فكرة تتفق مع مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ 2‬وأحكامها‪ ،‬وليس يف‬

‫هذا إشكال حبمد اهلل‪ ،‬وإمنا اإلشكال يف صياغة هذه الفكرة يف عقد معاوضة‪ ،‬أي‬

‫يف كونه عالقة بني املؤمن من جهة واملستأمن‪ 2‬من جهة أخرى‪ .‬وسيكون هذا هو‬

‫حمل البحث يف هذه األوراق‪.‬‬

‫نشأة التأمني التجاري‪:‬‬

‫كان أول ظهور التأمني التجاري تأميناً للمخاطر اليت تتعرض هلا السفن‬

‫احململة بالبضائع؛ وذلك يف مشال إيطاليا يف القرن الثاين عشر امليالدي؛ حيث‬

‫كان صاحب البضاعة‪ 2‬يدفع قسطاً معيناً على أنه يف حال تلف البضاعة‪ 2‬يقبض‪ 2‬مبلغاً‬
‫من املال‪ .‬مث بدأ التأمني التجاري بالرواج؛ ولكنه مل ينتقل إىل الدول العربية إال‬

‫يف القرن التاسع عشر؛ بدليل أن فقهاء املسلمني حىت القرن الثالث عشر اهلجري‬

‫العامة؛ فتناوله‬
‫مل يبحثوه‪ 2‬مع أهنم حبثوا كل ما هو حميط هبم يف شؤون حياهتم َّ‬
‫العاَل ّمة حممد أمني بن عابدين (‪1252‬هـ) يف كتابه رد احملتار [‪ ]4‬على الدر‬

‫املختار ومساه‪ :‬سوكرة [‪ . ]5‬وقد تزايد التعامل به بعد ذلك حىت دخل كثرياً من‬

‫اجملاالت االقتصادية وغريها [‪. ]6‬‬

‫ويرى بعض الباحثني أن التأمني التجاري يتجه إىل االنكماش فالزوال؛ وذلك‬

‫أن دول العامل الغريب تتجه إىل األخذ بالتأمني التعاوين‪ ،‬وأن أكرب املنظمات‬

‫التأمينية يف سويسرا هي منظمات تعاونية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫كما أن إحصائيات التأمني يف الواليات املتحدة األمريكية سنة ‪1972‬م تذكر‬

‫أن التأمني التعاوين أصبح يغطي أكثر من ‪ %70‬من نشاط التأمني فيها [‪. ]7‬‬

‫تعريف عقد التأمني التجاري‪:‬‬

‫تنوعت تعريفات هذا العقد يف القوانني املدنية‪ 2‬ولدى الباحثني املهتمني‪،‬‬

‫وميكن منها أن يستخلص تعريف له بأنه‪ :‬عقد معاوضة يلتزم أحد طرفيه وهو‬

‫املؤمن له أو من يعينه عوضاً مالياً يتفق‬


‫املؤمن أن يؤدي إىل الطرف اآلخر وهو َّ‬
‫ِّ‬
‫عليه يدفع عند وقوع اخلطر أو حتقق اخلسارة املبينة‪ 2‬يف العقد‪ ،‬وذلك نظري رسم‬

‫املؤمن له بالقدر واألجل والكيفيَّة اليت ينص عليها‬


‫يسمى (قسط التأمني) يدفعه َّ‬
‫العقد املربم‪ 2‬بينهما [‪. ]8‬‬

‫ومن خالل هذا التعريف وما ذكره القانونيون‪ 2‬جند أن من أبرز خصائص [‪]9‬‬

‫عقد التأمني‪:‬‬

‫املؤمن له بدفع األقساط حسب االتفاق‪،‬‬


‫‪ - 1‬أنه عقد ملزم لطرفيه‪ ،‬فيلتزم َّ‬
‫املؤمن بدفع التأمني عند حصول حادث حمتمل‪.‬‬
‫ويلتزم ِّ‬
‫‪ - 2‬كما أنه عقد معاوضة؛ ألن كال املتعاقدين يأخذ مقابالً ملا أعطى‪،‬‬

‫واملؤمن له يعطي مبلغ التأمني عند حتقق ما يوجبه‪.‬‬


‫فاملؤمن يعطي قسط التأمني‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫وليست املعاوضة مقابل أمان حمض حيصل عليه املؤمن‪.‬‬

‫‪ - 3‬كما أنه عقد احتمايل؛ ألن كل طرف ال يعرف كم سيدفع وكم سيعطى‬

‫على وجه التحديد؛ ألن ذلك يتوقف على وقوع اخلطر أو عدم وقوعه‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫املؤمن منه إىل الربح والفائدة من خالل األقساط‬
‫‪ - 4‬أنه عقد جتاري يهدف ِّ‬
‫املتجمعة لديه‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬حكم عقد التأمني التجاري‪:‬‬

‫مل يكن هذا العقد معروفاً عند السلف‪ ،‬فلم يرد فيه نص شرعي‪ ،‬ومل يوجد‬

‫تعرض حلكمه‪ .‬وملا انتشر يف هذا العصر‬


‫من الصحابة واألئمة اجملتهدين من َّ‬
‫َّ‬
‫درسه الباحثون‪ 2،‬واختلفوا يف حكمه على ثالثة أقوال‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أن التأمني التجاري عقد غري جائز‪ :‬قال به ابن عابدين احلنفي‬

‫[‪ ، ]10‬وحممد خبيت املطيعي‪1354( ، ]11[ 2‬هـ) مفيت الديار املصريَّة‪ ،‬والشيخ‬

‫حممد رشيد رضا [‪ ، ]12‬وحممد أبو زهرة [‪ ، ]13‬وعبد اهلل القلقيلي مفيت األردن‬

‫[‪ ، ]14‬وحممد أبو اليسر عابدين مفيت سوريا [‪ ، ]15‬والدكتور صديق الضرير [‪، ]16‬‬

‫وشيخ األزهر الشيخ جاد احلق [‪ ، ]17‬والشيخ حممد بن إبراهيم آل الشيخ [‪، ]18‬‬

‫ومجاعة كثريون‪2.‬‬

‫كما أنه الرأي الذي أفتت به عدة هيئات كهيئة كبار العلماء يف اململكة العربيَّة‬

‫السعودية [‪ ، ]19‬واجملمع الفقهي اإلسالمي‪ ]20[ 2‬التابع لرابطة العامل اإلسالمي‪2،‬‬

‫وجممع الفقه الدويل جبدة [‪ ]21‬التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي‪ ،‬واملؤمتر العاملي‪2‬‬

‫لالقتصاد اإلسالمي‪ ، ]22[ 2‬وهيئة رقابة بنك فيصل اإلسالمي‪ ، ]23[ 2‬إىل غريها من‬

‫اجلهات العلميَّة‪.‬‬

‫القول الثاين‪ :‬أن التأمني التجاري عقد جائز‪ :‬وقال به‌مصطفى‌الزرقا [‪، ]24‬‬

‫‪21‬‬
‫وعلي اخلفيف [‪ ، ]25‬وحممد يوسف موسى [‪ ، ]26‬وعبد الوهاب خالف [‪، ]27‬‬

‫وصدر به قرار اهليئة الشرعيّة لشركة الراجحي املصرفيّة [‪. ]28‬‬

‫القول الثالث‪ 2:‬وهو التفصيل‪ 2‬جبواز أنواع من التأمني وحترمي أنواع‪ :‬فمنهم‬

‫من أجاز التأمني على األموال دون التأمني على احلياة وهو قول حممد احلسن‬

‫احلجوي [‪ ، ]29‬ومنهم من أجاز التأمني من اخلطر الذي من أفعال العباد كالسرقة‬

‫وحرم التأمني من اخلطر الذي سببه آفة مساوية وهو قول جنم الدين الواعظ مفيت‬
‫ّ‬
‫العراق [‪ ، ]30‬ومنهم من أباح التأمني على حوادث السيارات والطائرات والسفن‬

‫وحرم ما عداه وهو قول الشيخ عبد اهلل بن زيد آل حممود [‪. ]31‬‬
‫واملصانع ّ‬
‫أدلّة أصحاب القول األول‪:‬‬

‫استدل أصحاب هذا القول جبملة أدلّة منها‪:‬‬

‫الدليل األول‪:‬‬

‫أن عقد التأمني عقد معاوضة وهو مع ذلك مشتمل على غرر‪ ،‬والغرر يفسد‬

‫عقود املعاوضات‪.‬‬

‫عن أيب هريرة ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم هنى عن‬

‫بيع الغرر [‪ ، ]32‬والنهي‪ 2‬يقتضي الفساد‪ .‬والغرر هو ما تردد بني احلصول والفوات‪،‬‬

‫أو ما طُ ِويت‪ 2‬معرفته ُ‬


‫وجهلت عينه [‪ . ]33‬فكل عقد بين على أمر حمتمل مشكوك‬

‫فيه فهو غرر‪ .‬والغرر املؤثر هو ما كان يف عقود املعاوضات املالية‪ 2‬وكان غالباً‬
‫على العقد حىت يصح وصف العقد كله بأنه غرر‪ .‬وال شك َّ‬
‫أن عقد التأمني مشتمل‬

‫‪22‬‬
‫على الغرر يف أكثر من موضع منه‪ :‬فاجلهالة حاصلة يف صفة حمل التعاقد؛‬

‫فالعوض ال يُ ْعرف مقداره حىت يقع اخلطر املؤمن عليه‪ .‬كما أهنا حاصلة يف أجل‬

‫العوض الذي ال يعرف مىت حيل‪ .‬كما أن حصول العوض‪ 2‬نفسه جمهول مشكوك‬

‫فيه‪ ،‬فال يعرف املتعاقدان‪ 2‬ذلك لتوقفه على وقوع اخلطر أو عدم وقوعه‪ .‬فالغرر‬

‫يف احلصول وصفته وأجله وهي أمور مقصودة عند التعاقد‪ ،‬وهذا يفسد العقد‪ .‬وقد‬

‫نوقش هذا الدليل بأمرين‪:‬‬

‫األول‪ :‬أنه ال يوجد غرر يف عقد التأمني؛ ألن غايته حصول األمان وقد‬
‫َّ‬
‫حصل مبجرد العقد سواء وقع اخلطر أو ال‪.‬‬

‫والثاين‪ :‬أنّه على فرض حصوله فهو غرر يسري ال يؤثر يف العقد [‪. ]34‬‬

‫واجلواب‪ :‬أن النظر الشرعي يف عقود املعاوضات إمنا يكون‪ 2‬حمللها ال إىل‬

‫ولكل أن جيعل غاية عقده مبا يراه‪ .‬فيصح‬


‫غاياهتا؛ فإن الغاية أمر غري منضبط‪ٍّ ،‬‬
‫لنا أن نقول‪ :‬إن غاية عقد التأمني أكل املال بالباطل‪ .‬وميكن ملن يبيح الفوائد‬

‫الربويّة أن يتذرع بأن غايتها حتريك املال وتنميته واستثماره‪ .‬وعليه فال يتعلق‬

‫توصيف األحكام باملقاصد واحلكم منها دون النظر حمللها‪ .‬وحمل عقد التأمني هو‬

‫قسط التأمني وعوضه‪ ،‬وهذا العِ َوض جمهول احلصول واملقدار واألجل‪.‬‬

‫وخروجاً من هذا اضطر بعض الباحثني إىل القول بأن حمل عقد التأمني هو‬

‫نفس ضمان األمن واألمان‪ .‬وقرر أن األمن واألمان حق معنوي متفق مع احلقوق‬

‫احملسوسة يف اعتباره حمل معاوضة وحمالً لتداول األيدي على متلكه؛ ولذا فال‬

‫‪23‬‬
‫مانع من أن يكون‪ 2‬األمان هو حمل املعاوضة يف عقد التأمني [‪. ]35‬‬

‫ويناقش هذا القول مبا يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن احلق هو اختصاص‪ 2‬يقرر به الشرع سلطة أو تكليفاً [‪( . ]36‬واحلق‬

‫املعنوي سلطة لشخص على شيء غري مادي هو مثرة فكره أو نشاطه) ‪ .‬واألمان‪2‬‬

‫ليس اختصاصاً‪ ،‬بل هو شعور داخلي وطمأنينة‪ 2‬نفسيَّة كاحلب والبغض‪ 2‬ال ميكن‬

‫تداوله وال املعاوضة عليه‪.‬‬

‫‪ - 2‬أن عقد التأمني ال حيقق للشخص الذي يرغب يف توقي نتائج اخلطر‬

‫أماناً حقيقياً؛ ألنه مهدد بإعسار املتعاقد معه‪.‬‬

‫‪ - 3‬أن جعل األمان حمالً لعقد التأمني خمالف للنظرة القانونية‪ 2‬اليت نشأ هذا‬

‫العقد يف ظالهلا وخمالف للنظر الفقهي حىت لدى من أجاز عقد التأمني كالشيخ‬

‫‌مصطفى‌الزرقا [‪. ]37‬‬

‫‪ - 4‬أن األمان إذا كان هو حمل عقد التأمني فإنه ينبغي أن يكون منحه‬

‫للمستأمن كافياً عن بذل عوض التأمني‪ .‬وإذا قيل إن األمان‪ 2‬ال حيصل إال ببذل‬

‫عوض التأمني علمنا أن حمل العقد هو املال‪ ،‬وأن األمان هو الباعث عليه أو‬

‫الغاية منه‪.‬‬

‫‪ - 5‬مث إن األمان‪ 2‬اجملعول حمالً لعقد التأمني جمهول املقدار غري معلوم‬

‫الصفة حتديداً وهذا غرر أيضاً‪.‬‬

‫الدليل الثاين‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫أن عقد التأمني يتضمن امليسر والقمار‪ ،‬وقد َحَّرم اهلل امليسر بقوله ‪ -‬تعاىل ‪:-‬‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫س ِّم ْن َع َم ِل‬ ‫اَألز ُ ِ‬
‫الم ر ْج ٌ‬ ‫اب َو ْ‬ ‫ين َآمنُوا ِإمَّنَا اخلَ ْم ُر َواملَْيس ُر َو َ‬
‫اَألنص ُ‬ ‫[يَا َأيُّ َها الذ َ‬
‫اجتَنِبُوهُ‪ 2‬لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحو َن] (املائدة‪ )90 :‬وامليسر كما قال شيخ اإلسالم‬ ‫ِ‬
‫الشَّْيطَان فَ ْ‬
‫ابن تيمية‪( :‬أخذ مال اإلنسان‪ 2‬وهو على خماطرة‪ :‬هل حيصل له عوض‪ ،‬أو ال‬

‫حيصل؟) [‪. ]38‬‬

‫وهذا الوصف متحقق يف عقد التأمني باعرتاف رجال القانون؛ وذلك ألن‬

‫الشخص الذي يأخذ على عاتقه ضمان اخلطر يراهن على حتقق اخلطر؛ فإذا مل‬

‫يتحقق كسب املبلغ الذي ُدفع له‪ ،‬وإذا حتقق َدفع مبلغاً يزيد كثرياً عما قبضه‪،‬‬

‫وهذا هو الرهان [‪. ]39‬‬

‫املؤمن إمنا دفع ماله‬


‫وقد نوقش هذا الدليل بأن التأمني جد والقمار لعب‪ ،‬وأن َّ‬
‫ملن يدفع عنه ضرراً كما يدفع التاجر ملن حيرس القافلة مبلغاً حلفظها من اخلطر‬

‫[‪. ]40‬‬

‫اجلواب‪ :‬أن عقد التأمني يدخل حتت تعريف امليسر وتوجد فيه خصائصه‪.‬‬

‫وأما اخلفارة اليت تُدفع ملن حيرس القافلة وحنوها فهذا املبلغ إمنا يُدفع أجرةً‬
‫للحارس مقابل تسليمه نفسه وقت العقد ليقوم مبقتضاه‪ ،‬ومل يأخذ املبلغ دون تسليمه‬

‫نفسه‪ .‬مث إنه ال يضمن ما سرق أو تلف إذا مل يفرط يف واجبه‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪:‬‬

‫أن عقد التأمني يتضمن الربا‪ ،‬بل هو أصيل فيه‪ ،‬والربا حمرم مفسد للعقد‬

‫‪25‬‬
‫املؤمن مبقتضاه أن‬
‫املشتمل عليه؛ وذلك أن التأمني كما َعَّرفه القانون‪ :‬عقد يلتزم ِّ‬
‫املؤمن له مبلغاً من املال … يف نظري مقابل نقدي … فهو معاوضة مال‬
‫يؤدي إىل َّ‬
‫مبال دون تقابض وال متاثل وهذا هو الربا‪.‬‬

‫أدلة أصحاب القول الثاين‪:‬‬


‫بأقيسة ٍ‬
‫خمتلفة من أبرزها ما يلي‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫استدل أصحاب هذا القول‬

‫تتحمل شرعاً دية قتل اخلطأ عن‬ ‫األول‪ :‬القياس على العاقلة‪َّ :‬‬
‫فإن العاقلة َّ‬
‫القاتل وتتقامسها بني أفرادها ألجل تفتيت‪ 2‬أثر املصيبة‪ 2‬عن اجلاين‪ .‬وكذلك احلال‬

‫يف شركات التأمني فإهنا تعمل على ترميم األخطار‪ ،‬وختفيف املصاب [‪. ]41‬‬

‫ويناقش هذا القياس بأمور‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن العاقلة تتحمل الدية ملا بينها‪ 2‬وبني القاتل من قرابة ورحم اليت تدعو‬

‫للتعاون‪ 2‬ولو دون مقابل؛ وعقود التأمني جتارية تقوم على املعاوضة املاليَّة‪ 2‬احملضة‪2‬‬

‫ال إىل عاطفة اإلحسان؛ فهذا قياس مع الفارق‪.‬‬

‫‪ - 2‬أن ما تتحمله العاقلة خيتلف باختالف أحواهلم من غىن وفقر‪ ،‬أما‬

‫أعضاء شركات التأمني فيتحملون على السواء‪ ،‬وال يُنظر إىل ثروهتم اخلاصة يف‬

‫تقدير ما يتحمله كل فرد‪.‬‬

‫ص‬
‫الثاين‪ :‬ختريج عقد التأمني على مسألة ضمان خطر الطريق‪ :‬وقد نَ َّ‬
‫احلنفيَّة على جوازها‪ ،‬وصورهتا أن يقول رجل آلخر‪ :‬اسلك هذا الطريق؛ فإنّه‬

‫آمن‪ ،‬وإن أصابك فيه شيء فأنا ضامن؛ فإذا سلكه فأخذه اللصوص ضمن القائل‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وعقد التأمني يشبه هذه املسألة‪ 2‬من حيث التزام الضمان؛ فالشركة التزمت الضمان؛‬

‫كما َّ‬
‫أن القائل التزم الضمان [‪. ]42‬‬

‫ونوقش بوجود الفارق بني املسألتني من وجوه‪:‬‬

‫‪ - 1‬ففي مسألة الضمان كان االلتزام من طرف واحد؛ يف حني أن االلتزام‬

‫يف عقد التأمني من الطرفني [‪. ]43‬‬

‫‪ - 2‬وألن الضمان من عقود التربعات اليت يراد هبا املعروف‪ ،‬والتأمني عقد‬

‫معاوضة مالية فال يصح القياس بينهما‪.‬‬

‫‪ - 3‬مث إن مسألة ضمان خطر الطريق مبعثها تغريره للسالك وإخباره بأنه‬

‫آمن ال جملرد الضمان‪ ،‬أما شركات التأمني فهي تقرر التضمني مطلقاً [‪. ]44‬‬

‫‪ - 4‬كما أن للضامن أن يرجع على املضمون مبا دفع عنه‪ ،‬وليس احلال‬

‫كذلك يف التأمني لكونه معاوضة ال ضماناً‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬قياس عقد التأمني على نظام التقاعد وأشباهه‪ :‬وذلك أن نظام التقاعد‬

‫عقد معاوضة يقوم على اقتطاع جزء ضئيل من مرتب املوظف شهرياً ليُصرف له‬

‫تعويض يف هناية خدمته‪ ،‬وهذا يشبه أقساط التأمني وعوضه ويف كليهما ال يدري‬

‫الشخص كم يستمر دفعه وال كم يبلغ جمموعه‪ ،‬مث قد يستلم ما يزيد كثرياً على‬

‫جمموع األقساط‪ ،‬وقد ال يستلم شيئاً؛ فإذا جاز نظام التقاعد فليكن احلكم مثله‬

‫للتأمني [‪. ]45‬‬

‫ونوقش‪ :‬بأن‪ 2‬التقاعد ليس عوضاً عما اقتطع من املوظف‪ 2‬شهرياً وإال لوجب‬

‫‪27‬‬
‫توزيعه على سنن املرياث‪ 2‬ومل جيز أن حيرم منه املوظف وال ورثته بعده؛ وإمنا‬

‫التقاعد مكافأة التزم هبا ويل األمر باعتباره مسؤوالً عن رعيته وراعى يف احتساهبا‬

‫ما قام به املوظف‪ 2‬من خدمة ومصلحة أقرب الناس إليه ومظنّة احلاجة فيهم؛ فليس‬

‫التقاعد معاوضة بني الدولة وموظفيها‪ ،‬وال يقوم على أساس التجارة وحتصيل‬

‫األرباح‪.‬‬

‫هذا وقد استدل أصحاب هذا القول بأقيسة أخرى تشرتك مجيعها يف أهنا ال‬

‫يصح التخريج عليها لعدم توافر شروط القياس وأمهها أن يكون‪ 2‬املقيس عليه متفقاً‬
‫عليه ألاَل ّ مينع املخالف حكم األصل‪ ،‬وهذا ممكن يف مجيع األقيسة‪.‬‬

‫كما أنه يوجد الفارق بني عقد التأمني وبني املقيس‪ 2‬عليه‪ ،‬وأما القول الثالث‬

‫فاستدل على ما منع بأدلة املانعني وعلى ما أباح بأدلة املبيحني وقد سبق ذلك‪.‬‬

‫القول الراجح‪:‬‬

‫القول الراجح مما سبق بعد تأمل األدلة هو القول بتحرمي هذا العقد لكون‪ 2‬أدلتهم‬

‫أقوى استنباطاً وأمت داللة؛ فمن أباح التأمني اعتمد على أقيسة مأخوذة من‬

‫احملرم له استند إىل نصوص‪ 2‬شرعيَّة وقواعد أساسيَّ ٍة‬


‫استنتاجات الفقهاء؛ بينما ِّ‬
‫أمجع اجملتهدون على األخذ هبا‪ .‬كما أن التأمني ال يتضمن مصلحة غالبة‪ ،‬وسبق‬

‫أن نشر تفسري ذلك جلياً [‪. ]46‬‬

‫وليس فيه مصلحة للمجتمع يف النهاية‪ ،‬بل كل ما يرتتب‪ 2‬عليه هو نقل عبء‬

‫اخلطر برمته من عاتق شخص إىل َعاتِق شخص آخر‪ ،‬وهذا ليس فيه أيَّة فائدة‬

‫‪28‬‬
‫للمجتمع [‪ ، ]47‬وله خطورة على اقتصاد الدولة من حيث سيطرة شركات التأمني‬

‫ممثلة يف أفراد قالئل على مدخرات املواطنني وتوجيهها وفق هواها‪ 2‬ومصاحلها‬

‫اخلاصة مما اضطر بعض الدول إىل تأميم شركات التأمني [‪. ]48‬‬

‫ثالثاً‪ :‬البديل الشرعي لعقد التأمني التجاري‪:‬‬

‫ال شك أن التعاون يف تفتيت األخطار ومواجهة الظروف والتكافل يف حلها‬

‫مما يدعو إليه اإلسالم وقرره يف تشريعات خمتلفة كالزكاة اليت هي مظلة التأمني‬

‫الكربى جلميع املواطنني يف اجملتمع اإلسالمي‪ 2،‬وكواجب اإلنفاق‪ 2‬على القرابة‬

‫والضيف‪ ،‬وكواجب بيت املال يف‌تأمني حد الكفاية‪ 2‬لكل فرد يف اجملتمع اإلسالمي‪.‬‬

‫ومن وسائل التعاون‪ 2‬اليت أفتت اجملامع الفقهية‪ 2‬املعاصرة جبوازها ما يسمى‬

‫بالتأمني التعاوين [‪ . ]49‬واملراد به يف ضوء القرارات املشار إليها‪ :‬قيام مجاعة‬

‫يتفق أفرادها على تعويض األضرار اليت قد تنزل بأحدهم نتيجة خطر معني؛ وذلك‬

‫من جمموع االشرتاكات اليت يتعهد كل فرد منهم بدفعها‪.‬‬

‫فهذا عقد تربع يقصد به التعاون وال يستهدف جتارة وال رحباً؛ كما أنه خيلو‬

‫من الربا‪ ،‬وال يضر جهل املسامهني فيه مبا يعود إليهم من النفع؛ ألهنم متربعون؛‬

‫فال خماطرة وال غرر وال مقامرة‪.‬‬

‫تكون‪ 2‬أسرة أو مجاعة صندوقاً‪ ،‬ويدفعوا‬


‫وأبسط تصوير هلذا التأمني هو أن ِّ‬
‫مبالغ يؤدى من جمموعها تعويض‪ 2‬ألي فرد منهم يقع عليه اخلطر‪ ،‬فإن مل ِ‬
‫تف‬

‫املبالغ اليت دفعوها َسدَّدوا الفرق املطلوب‪ ،‬وإن زاد شيء بعد التعويضات ُأعيد‬

‫‪29‬‬
‫إليهم أو ُجعل رصيداً للمستقبل‪.‬‬

‫يوسع هذا التصور املبسط ليطور هذا الصندوق‪ 2‬ليكون هيئة أو‬
‫وميكن أن َّ‬
‫مؤسسة يتفرغ هلا بعض العاملني لتحصيل املبالغ وحفظها وصرف التعويضات‪2،‬‬

‫ويكون هلا جملس إدارة يقرر خطط العمل؛ وكل ذلك مبقابل أجر معني أو تربعاً‬
‫منهم؛ بشرط أن يكون‪ 2‬مبناه التربع‪ ،‬وال يقصد منه حتصيل األرباح‪ ،‬وغاية مجيع‬

‫أطرافه التعاون [‪. ]50‬‬

‫تطبيقات التأمني التعاوين‪:‬‬

‫طرح عدد من املهتمني باالقتصاد اإلسالمي عدة مناذج وتصورات للتأمني‬

‫اإلسالمي‪ 2،‬وتبنت جهات مالية إنشاء شركات تقوم بالتأمني من منظور إسالمي‪2‬‬

‫مُسّي أكثرها بالتعاوين؛ وذلك يف عدد من البالد اإلسالميّة استفيد أكثرها من فكرة‬

‫املؤسسات ليس بالضرورة‬


‫التأمني التعاوين لدى الغرب [‪ ، ]51‬إال أن واقع هذه ّ‬
‫مطابقاً ملقصود اجملامع العلميّة اليت أفتت بإباحة التأمني التعاوين وإمنا هو تطبيق‬

‫املؤسسة له‪ .‬فقد يكون منها ما هو فكرة مطورة‬


‫لنظريته لدى اهليئة الشرعيّة ّ‬
‫للتأمني التعاوين‪ ،‬ومنه ما يكون‪ 2‬تأميناً جتاريّاً بضوابط‪ 2‬معينة أو حىت بصورته‬

‫املعروفة [‪. ]52‬‬

‫ولذا صدر البيان‪ 2‬املعروف من اللجنة الدائمة للبحوث العلميَّة واإلفتاء باململكة‬

‫العربية السعوديَّة حيال بعض املؤسسات والشركات املتسمية بالتأمني التعاوين بأهنا‬

‫ال متثل التأمني التعاوين الذي أباحته هيئة‪ 2‬كبار العلماء‪ ،‬وإمنا هو‌تأمني جتاري؛‬

‫‪30‬‬
‫وتغيري امسه ال يغري حقيقته [‪. ]53‬‬

‫واحلقيقة أن املؤسسات القائمة بالتأمني والساعية‪ 2‬لتصحيح وضعها ومطابقته‬

‫للبديل اإلسالمي تواجه أموراً صعبة من أبرزها إعادة التأمني [‪ ، ]54‬وهو أن تدفع‬

‫شركة التأمني جزءاً من أقساط التأمني اليت حتصل عليها من مجهور املستأمنني‬

‫لشركة إعادة‌تأمني تضمن هلا يف مقابل ذلك جزءاً من اخلسائر‪.‬‬

‫املؤمن ضده جلأ املستأمن إىل شركة التأمني اليت تدفع له‪،‬‬
‫فإذا وقع اخلطر َّ‬
‫مث تطالب شركة إعادة التأمني بدفع جزء من التعويض حسب االتفاق‪ 2‬املربم بينهما‪.‬‬

‫فتكون شركة التأمني املباشر كوسيط بني املستأمن وشركة إعادة التأمني‪،‬‬

‫وتعرتف شركات التأمني اإلسالمية‪ 2‬بأنه ال قيام هلا وال ازدهار لصناعتها‪ 2‬إال‬

‫برتتيبات إعادة التأمني [‪ . ]55‬وشركات إعادة التأمني الضخمة مجيعها جتارية‪ ،‬وقد‬

‫بدأت اآلن شركات إعادة‌تأمني تتبىن املنهج اإلسالمي‪ 2‬فيه [‪. ]56‬‬

‫رابعاً‪ :‬اإللزام بالتأمني‪:‬‬

‫من مجلة ما طرح من أفكار يف موضوع التأمني ما رآه األستاذ حممد البهي؛‪2‬‬

‫حيث قرر ِح َّل التأمني جبميع أنواعه‪ 2،‬ورأى أنه جيب على الدولة اإللزام به ملا فيه‬

‫من مصلحة‪َّ .‬أما الدكتور حممد شوقي الفنجري فإنه بعد أن قرر معارضته للتأمني‬

‫التجاري وعدم شرعيته‪ ،‬وأن التأمني التعاوين هو بديله املثايل قال‪( :‬ونرى‬

‫لضمان جناح التأمني التعاوين‪ ،‬يف مثل ظروف اجملتمعات العربيَّة واليت تعاين‬

‫من عدم كفاية الوعي التأميين مع ترامي مساحاهتا الشاسعة وارتفاع إمكانياهتا املاليَّة‬

‫‪31‬‬
‫أن يكون‪ 2‬التأمني إلزامياً يف األصل‪ ،‬واختيارياً يف احلاالت اليت يقررها‪ .‬وهو‬

‫يكون إلزامياً بالنسبة للفئات اليت يكثر لديها وقوع اخلطر كأصحاب السيارات‬

‫وأصحاب املصانع‪ 2،‬وبالنسبة‪ 2‬للحاالت املؤكد وقوعها كاملرض والشيخوخة‬

‫والوفاة‪. ]57[ )..‬‬

‫ويل مع هذا الرأي وقفات‪:‬‬

‫‪ - 1‬عقد التأمني عقد رضائي‪ ،‬والعقود يف الشريعة اإلسالمية‪ 2‬أساسها‬

‫الرتاضي بني طريف العقد‪.‬‬


‫قال تعاىل‪[ :‬يا َأيُّها الَّ ِذين آمنُوا اَل تَْأ ُكلُوا‪َ 2‬أموالَ ُكم بينَ ُكم بِالْب ِ‬
‫اط ِل ِإاَل ّ َأن تَ ُكو َن‬‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اض ِّمن ُك ْم َواَل َت ْقُتلُوا َأْن ُف َس ُك ْم ِإ َّن اللَّهَ َكا َن بِ ُك ْم َر ِحيماً] (النساء‪. )29 :‬‬
‫جِت َ َار ًة َعن َتَر ٍ‬

‫عن ابن عباس ‪ -‬رضي اهلل عنهما ‪ -‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫خطب الناس يف حجة الوداع فقال‪« :‬ال حيل المرئ من مال أخيه إال ما أعطاه‬

‫من طيب نفس» [‪. ]58‬‬

‫وقد اتفق مجهور أهل العلم على أن من ُأكره على قول أو عقد مل يرتتب عليه‬

‫حكم من األحكام‪ ،‬وكان لغواً [‪ . ]59‬وإذا ُألزم أحد بعقد فات شرط الرتاضي انعدمت‪2‬‬

‫ص َّور تربع من ُمكَْره‪ .‬مع أنه‬


‫الص َحة فيه‪ .‬والتأمني التعاوين أساسه التربع وال يُتَ َ‬
‫ِّ‬
‫قد يصح ختريج ذلك بالنسبة للتأمني التجاري عند القائل به على نزع ملكية‬

‫العقارات للصاحل العام‪ ،‬والتسعري‪ ،‬وإلزام احملتكر بالبيع بسعر املثل‪ ،‬وإلزام‬

‫أرباب املهن بالعمل بأجرة املثل إذا امتنعوا‪ 2‬عن العمل إال بُأجور فاحشة والناس‬

‫‪32‬‬
‫حباجة إىل منافعهم‪.‬‬

‫إال أن القول هبذا حيتاج إىل إثبات أن احلاجة إىل هذا النوع من التعاقد‬

‫ضرورة عامة يصح أن تكون سبباً إللغاء أساس العقود الذي هو الرضا من طرفيه‪.‬‬

‫وأن هذا العقد فعالً سبب لرفع هذه الضرورة‪.‬‬

‫مث إن صح هذا يف التأمني التجاري‪ ،‬وقد تقدم بيان حكمه‪ ،‬فال يصح يف‬

‫التعاوين الذي تقدَّم أن أساسه التربع واملساحمة‪ ،‬وال يتصور تربع إال برضا البَ ِاذل‪.‬‬

‫‪ - 2‬إن يف اإللزام بأمر هو حمل خالف بني أهل العلم نظراً واضحاً‪ .‬وقد‬

‫عمن ويل أمراً من أمور املسلمني‬


‫ُسئل شيخ اإلسالم‪ 2‬ابن تيمية ‪ -‬رمحه اهلل تعاىل ‪ّ -‬‬
‫جيوز شركة األبدان؛ فهل جيوز له منع الناس؟ فأجاب‪( :‬ليس له منع‬
‫ومذهبه ال ِّ‬
‫الناس من مثل ذلك‪ ،‬وال من نظائره مما يسوغ فيه االجتهاد‪ ،‬وليس معه باملنع‬

‫ص من كتاب‪ ،‬وال سنة‪ ،‬وال إمجاع‪ ،‬وال ما هو يف معىن ذلك؛ ال سيما وأكثر‬
‫نَ ٌّ‬
‫عامة األمصار‪.‬‬
‫عامة املسلمني يف َّ‬
‫العلماء على جواز مثل ذلك‪ ،‬وهو مما يعمل به َّ‬
‫وهذا كما أن احلاكم ليس له أن ينقض حكم غريه يف مثل هذه املسائل‪ ،‬وال‬

‫للعامل واملفيت أن يلزم الناس باتباعه يف مثل هذه املسائل؛ وهلذا ملا استشار الرشيد‬

‫مالكاً أن حيمل الناس على موطئه‪ 2‬يف مثل هذه املسائل منعه من ذلك‪ .‬وقال‪ :‬إن‬

‫تفرقوا يف األمصار‪ ،‬وقد أخذ كل قوم من‬


‫أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ّ‬
‫تسمه‪( :‬كتاب‬
‫رجل كتاباً يف االختالف؛ فقال أمحد‪ :‬ال ّ‬
‫وصنَّف ٌ‬
‫العلم ما بلغهم‪َ .‬‬
‫السنة) ‪.‬‬
‫االختالف) ولكن مسّه‪( :‬كتاب ُّ‬

‫‪33‬‬
‫حجةٌ قاطعة‪ ،‬واختالفهم رمحة‬
‫وهلذا كان بعض العلماء يقول‪ :‬إمجاعهم َّ‬
‫يسرين أن أصحاب رسول اهلل صلى‬
‫واسعة‪ .‬وكان عمر بن عبد العزيز يقول‪ :‬ما ّ‬
‫اهلل عليه وسلم مل خيتلفوا؛ ألهنم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضاالً‪.‬‬

‫وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا‪ ،‬ورجل بقول هذا كان يف األمر سعة‪ .‬وكذلك‬

‫قال غري مالك من األئمة‪ :‬ليس للفقيه أن حيمل الناس على مذهبه‪.‬‬

‫وهلذا قال العلماء املصنفون‪ 2‬يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر من‬

‫أصحاب الشافعي وغريه‪( :‬إن مثل هذه املسائل االجتهاديّة ال تنكر باليد‪ ،‬وليس‬

‫ألحد أن يلزم الناس باتباعه فيها؛ ولكن يتكلم فيها باحلجج العلميَّة؛ فمن تبني له‬

‫صحة أحد القولني تبعه‪ ،‬ومن َقلّد أهل القول اآلخر فال إنكار عليه؛ ونظائر هذه‬
‫ّ‬
‫املسائل كثرية) [‪. ]60‬‬

‫وليس هذا من احلكم الذي يرفع اخلالف؛ فإن ذلك يف األمور املعينة‪2‬‬

‫اخلاصة مبوطنها‪ .‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪( :‬األمور املشرتكة بني‬
‫واملسائل ّ‬
‫األمة ال حيكم فيها إال الكتاب والسنة‪ ،‬ليس ٍ‬
‫ألحد أن يلزم الناس بقول عامل وال أمري‬

‫وال شيخ‪ ..‬وحكام املسلمني حيكمون يف األمور املعينة‪ 2‬ال حيكمون يف األمور‬

‫الكليّة‪. ]61[ )..‬‬

‫وبناء على هذين األمرين؛ فإنه ال يظهر يل وجاهة ما قرره األستاذان‪2‬‬

‫الفاضالن‪ .‬واهلل املوفق‪.‬‬

‫وبعد‪ :‬فهذا آخر ما هتم معرفته عن حكم هذا العقد‪ .‬أسأل اهلل ‪ -‬تعاىل ‪ -‬أن‬
‫ُ‬

‫‪34‬‬
‫يوفق للصواب ال إله إال هو‪.‬‬

‫القسم‪ :‬الجوامع‬
‫الكتاب‪ :‬مجلة البيان (‪ ٢٣٨‬عددا)‬
‫المؤلف‪ :‬تصدر) عن المنتدى اإلسالمي‬
‫[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع)]‬
‫(رقم الجزء‪ ،‬هو رقم) العدد‪ .‬ورقم الصفحة‪ ،‬هي الصفحة التي يبدأ عندها المقال في العدد المطبوع))‬
‫تنبيه‪ :‬األعداد بعد الـ ‪ ٢٠٠‬ترقيمها غير موافق) للمطبوع‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ٨ :‬ذو الحجة ‪١٤٣١‬‬

‫‌‌أنواع اإلمجاع باعتبار التصريح وغريه‬

‫أما اإلمجاع من حيث التصريح وغريه فهو نوعان‪ :‬إمجاع صريح‪ ،‬وإمجاع سكويت‪.‬‬

‫األول‪ :‬اإلمجاع الصريح‪ :‬وهو الذي صرح فيه كل إمام عامل مفت جمتهد من هذه األمة باحلكم‬
‫الشرعي‪.‬‬

‫مثال ذلك‪ :‬وقع يف عصر الصحابة‪ :‬أن امرأ ًة جاعت فأرادت أن تأكل فزنت بدرمهني‪ ،‬فجاء عمر‬
‫بن اخلطاب ليجلدها‪ ،‬وملا تكلم معها علم أهنا مل تكن تعلم أن الزنا حرام‪ ،‬فقال عمر بن اخلطاب‪:‬‬
‫هي جاهلة باحلكم فال جتلد‪ ،‬فوافقه الصحابة وقالوا‪ :‬ال جتلد‪ ،‬فهذا إمجاع صريح‪.‬‬

‫وكذلك مثل‪ :‬قضية التأمني‪ ،‬والتأمني تأمينان‪‌2:‬تأمني جتاري‪ ،‬وتأمني تعاوين‪.‬‬

‫فالتأمني التعاوين كصندوق الزمالة وغريه‪ ،‬وهذا ال حرج فيه‪ ،‬لكن التأمني التجاري يعترب نازلة من‬
‫النوازل‪ ،‬أي‪ :‬أنه ال يوجد أحد تكلم عنه‪ ،‬غري ابن عابدين تكلم يف التأمني البحري‪ ،‬فيوجد‌تأمني‬
‫يؤمن على أنفسهن‪ ،‬ومنهن من تؤمن‬
‫على احلياة‪ ،‬وتأمني على العني وغري ذلك‪ ،‬وهناك‪ 2‬ممثالت َّ‬
‫على عينها‪ ،‬أو العب الكرة يؤمن على رجله‪ ،‬فهذا التأمني يعترب نازلة‪ ،‬فالشيخ ابن باز ينظر يف‬
‫التأمني ويقول‪ :‬حرام‪ ،‬لكن الشيخ‌مصطفى‌الزرقا يقول‪ :‬إنه جائز‪ ،‬والشيخ ابن عثيمني والشيخ‬
‫األلباين يقوالن‪ 2:‬إنه حرام‪ ،‬ويأيت اجملمع الفقهي‪ 2‬يف الكويت‪ 2‬فيقول‪ :‬حرام‪ ،‬وتأيت دار اإلفتاء يف‬
‫األزهر وجتتمع مع إدارة البحوث فيقولون‪ 2:‬حرام‪ ،‬فيسمى هذا إمجاعاً صرحياً‪ ،‬وقد اتفق أهل العلم‬
‫على أن اإلمجاع الصريح حجة‬

‫‪35‬‬
‫القسم‪ :‬أصول الفقه‬
‫الكتاب‪ :‬تيسير أصول الفقه للمبتدئين‬
‫المؤلف‪ :‬محمد حسن عبد الغفار‬
‫مصدر) الكتاب‪ :‬دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة اإلسالمية‬
‫‪http://www.islamweb.net‬‬
‫[ الكتاب مرقم) آليا‪ ،‬ورقم الجزء هو رقم الدرس ‪ ٢١ -‬درسا]‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ١٦ :‬رجب ‪ ١٤٣٢‬ج‪9‬ص‪7‬‬

‫[«فتاوى الشبكة‪ 2‬اإلسالمية»‪ 10395 /12( 2‬برتقيم الشاملة آليا)‪]:‬‬

‫«‌‌حكم‌التأمني‌التجاري بكافة أنواعه‪2‬‬

‫‌[السَؤ ُال]‬
‫‌ ُّ‬
‫ـ[السادة العلماء واملفتني حتية طيبة‪ 2‬وبعد‪..‬‬

‫فإين مسلم مقيم يف بالد أجنبية‪ ،‬أعمل يف سيارة أجرة اشرتيتها‪ 2‬حديثة الصنع‪ ،‬هذا العمل هو‬
‫املورد الوحيد ألسريت‪ ،‬سؤايل هو‪ :‬هل أدخلها يف برنامج التأمني‪ ،‬ألجل أنين كثري العمل هبا‬
‫وأخشى عليها من احلوادث والتصليح عندنا يف هذه البالد غايل الثمن لدرجة أين ال أستطيع‬
‫سداده فضال عن سداد تصليح السيارة اليت قد أصطدم هبا‪ ،‬هذا عدا توفري املال الكايف للمسكن‬
‫واملعيشة ألسريت‪ ،‬علما بأن بعض األصدقاء أخربوين عن وجود درجة ثالثة للتأمني وهي أن تقوم‬
‫شركة التأمني بدفع أجور التصليح لسيارة الضحية‪ ،‬لكن ليس يل إن حدث اصطدام أو ضرر عن‬
‫غري عمد‪ ،‬فما هو احلكم الشرعي يف ذلك برأيكم‪ ،‬أثابكم اهلل‪ ،‬هل أضع تأمينا على احلياة بالنسبة‬
‫يل؟ يف اخلتام بارك اهلل فيكم وجزاكم كل خري‪].‬ـ‬

‫‌‌[ال َفْت َوى]‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم‪ 2‬على رسول اهلل وعلى آله وصحبه‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫فإن التأمني التجاري بكافة أنواعه سواء ما كان منه على األشخاص كالتأمني الصحي والتأمني‬
‫على احلياة وغري ذلك‪ ،‬أو ما كان منه على املمتلكات كالتأمني على السيارات بنوعيه الشامل‬
‫وضد الغري‪ ،‬وكذلك التأمني على احملالت وحنوها‪ ،‬كل ذلك حرام وهبذا أفتت اجملامع الفقهية ملا‬
‫اشتمل عليه عقد التأمني التجاري من امليسر والغرر الفاحش‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإذا كان التأمني املسؤول عنه من هذا النوع‪ 2‬فإنه ال جيوز للسائل االشرتاك فيه‪ ،‬وما ذكرته‬
‫من تربيرات ال اعتبار‪ 2‬هبا‪ ،‬فإن ما عند اهلل من الرزق ال يطلب مبعصيته‪.‬‬

‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫‌‌[تَا ِر ُ‬
‫يخ الْ َفْت َوى]‬

‫‪ 14‬رمضان ‪»1428‬‬
‫فتاوى) الشبكة اإلسالمية‬

‫القسم‪ :‬الفتاوى‬
‫الكتاب‪ :‬فتاوى الشبكة اإلسالمية‬
‫المؤلف‪ :‬لجنة الفتوى بالشبكة اإلسالمية‬
‫تم نسخه من اإلنترنت‪ :‬في ‪ ١‬ذو الحجة ‪ ،١٤٣٠‬هـ = ‪ ١٨‬نوفمبر)‪ ٢٠٠٩ ،‬م‬
‫تنبيه‪ :‬ذا الملف هو أرشيف لجميع الفتاوى العربية بالموقع حتى تاريخ نسخه (وعددها ‪[ )٩٠٧٥١‬وتجد‬
‫رقم) الفتوى في خانة الرقم‪ ،‬ورابطها) أسفل يسار الشاشة]‬
‫‪http://www.islamweb.net‬‬
‫[الكتاب مرقم) آليا]‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ٨ :‬ذو الحجة ‪١٤٣١‬‬
‫خ‪ 12‬ص‪ 1039‬رقم ‪99310‬‬

‫‌نظام‌التقاعد ليس عقداً ربوياً وليس من التأمني احملرم وإمنا استدل من يرى جواز التأمني التجاري‬
‫جبواز‌نظام‌التقاعد‪ ،‬وال أعرف أحداً من أهل العلم حرم (معاش التقاعد) بدليل معترب‪ ،‬وإمنا جاء‬
‫اللبس على بعض الناس من العامة حيث كل من عقدي (التأمني والتقاعد) يدفع فيه الشخص أو‬
‫‪37‬‬
‫املوظف مبلغاً من املال مقسطاً مث يأخذ بعد زمن مبلغاً أكثر مما دفع مقسطاً أيضاً ووجه جواز‬
‫معاش التقاعد أن املوظف منحته الدولة مكافأة (‪ )%9‬تضم مع ما خيصم من راتبه الشهري وهو‬
‫(‪ )%9‬مث يعطى املوظف جمموع النسبتني بعد تقاعده‪ ،‬ألن الدولة ممثلة بويل األمر مسؤولة عن‬
‫أسرته تربعت له بذلك ووضع لصرفها له نظام روعي فيه مصلحته ومصلحة أقرب الناس إليه‬
‫فنظام التقاعد من عقود (التربعات) ‪ ،‬أما عقد التأمني فهو من عقود (املعاوضات) ولو فرض أن‬
‫(التقاعد) فيه جهالة أو غرر فهما قليالن‪ ،‬خبالف عقد املعاوضة‪( 2‬التأمني) ففيه من اجلهالة والغرر‬
‫وأكل األموال بغري حق ما هو ظاهر بنَّي ‪ ،‬والقاعدة عند أهل العلم يغتفر يف عقود التربعات من‬
‫اجلهالة والغرر ما ال يغتفر يف عقود املعاوضات عالوة على أن (‪ )%9‬املقتطعة من راتب املوظف‬
‫ليس حقاً خالصاً له بدليل أنه لو أراد أال تقتطع من راتبه ملا قبل قوله وهو داخل يف عقده مع‬
‫‪5‬‬
‫الدولة على هذا راضياً‪ ،‬وليس هناك فرق شرعي بني التصفية‪ 2‬أو أخذ أقساط التقاعد‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪ 5‬الكتاب‪ :‬فتاوى) واستشارات) موقع اإلسالم اليوم‬


‫المؤلف‪ :‬علماء وطلبة علم‬
‫الناشر‪ :‬موقع اإلسالم اليوم‬
‫‪http://www.islamtoday.net‬‬
‫[الكتاب مرقم) آليا]‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪ ٨ :‬ذو الحجة ‪١٤٣١‬‬
‫ج‪ 10‬ص‪278-277‬‬
‫‪38‬‬

You might also like