Professional Documents
Culture Documents
الوضعية :
شاهد أحمد مناظرة في التلفزة حول عذاب يوم القيامة فقال األول ( :إن المسلمين هم وحدهم من يدخل الجنة ) .و قال الثاني :
( كيف يدخل النار من كان كافرا و انقذ البشرية باختراعاته للدواء أو الكهرباء ) ...فاستشهد 3األول بقوله تعالى ( :و من يبتغ غير
االسالم دينا فلن يقبل منه .و هو في اآلخرة من الخاسرين ) سورة آل عمرا اآلية . 85و استشهد الثاني بقوله تعالى (:و ال تزر
وازرة وزر أخرى .و ما كنا معذبين حتى نبعث رسوال ) سورة االسراء اآلية . 15فقال األول ( :لذلك كان علينا معرفة الجنة و
النار ألنهما المصير الذي سنؤول إليه ) فقال الثاني (:ال أريد أن أعرف عالم الغيب أكثر مما أعرف عالم الشهادة )
حديث عن أبي هريرة سورة محمد اآلية 13 األسناد :سورة الكهف اآليات 31...29
المضامين :
يبين النص األول نعيم أهل الجنة و عذاب أهل النار .
يبين حديث أبي هريرة عندما خلق هللا الجنة و النار فحفت الجنة بالمكاره و حفت النار بالشهوات .
التحليل :
الجنة لغة :هي البستان و المكان الذي فيه زرع و ثمار و أشجار ،فيتوارى من سار فيها و تستره .
و اصالحا :هي الدار التي أعدها هللا تعالى لثواب المؤمنين في اآلخرة .
هي دار الخلود و الكرامة التي أعد هللا لعباده المؤمنين :و أكرمهم بالنظر إلى وجهه الكريم :و فيها من النعيم المقيم األبدي .قال
تعالى في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري و مسلم "عن أبي هريرة رضي هللا عنه أنّ الرسول محمد صلى هللا عليه وسلم قال،
قال هللا تعالى :أعددت لعبادي الصالحين ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر .وفي بعض رواياته :وال يعلمه ملك
مقرب وال نبي مرسل" .و قال تعالى ( :فال تعلم نفس ما أخفي لها من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) سورة السجدة اآلية
. 17
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -عن الرسول -عليه الصّالة والسّالم" -أنّ الجنة مائة درجة أع ّدها هللا للمجاهدين في سبيله بيْن
هللا فسلوه الفردوس فإنه وسط الج ّنة وأعلى الج ّنة )... ،أخرجه البخاريالدرجتيْن كما بين السماء واألرض ،فإذا سألت ُم َ
النار في اللغة :هي اللهيب الذي تراه العين و يحس االنسان حرارته .
اصطالحا :هي دار العذاب التي أعدها هللا في اآلخرة للكافرين الذين كفروا باهلل و عصوا رسله .
عن النعمان بن بشير رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم :إن أهون أهل النار عذابا من له نعالن و شراكان
من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا ،و إنه ألهونهم عذابا ) أخرجه مسلم .
و قد ربط هللا تعالى الجنة بأعمال الخير في الدنيا تحفيزا لإلنسان ليقوم بها :فيكون مفيدا و ايجابيا في الدنيا و فائزا في اآلخرة :كما
ربط النار بكل أنواع الشر و اإلثم التي نها هللا عنها .
1
و هذا مستقيم و منطقي عقال و نقال :
فمن العقل أن وجود اإلنسان في هذا الكون إذا لم يربط بالجزاء كان وجوده و عمله عبثا فتميل ترفاته إلى الظلم و الطغيان :فتختل
موازين العيش المشترك و تتحول الحياة إلى جحيم ال يطاق :و هو ما ال يقبله العقل و المنطق .قال تعالى ( :أفحسبتم أنما خلقناكم
عبثا و أنكم إلينا ال ترجعون ) سورة المؤمنون اآلية .116
أما نقال فقد أخبرنا هللا سبحانه و تعالى أن الجنة مأوى المؤمنين و أنها مراتب و درجات تتناسب 3مع مستوى االيمان و التقوى و
العمل الصالح الذي يقدمه االنسان في الحياة الدنيا .قال تعالى (:و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي
المأوى ) سورة النازعات اآليتان . 40 – 39
إن قضايا الجنة و النار من األمور الغيبية التي ال يستطيع االنسان أن يبحث و يجتهد فيها ،بل ينبغي عليه أن يكتفي في هذا المجال
أن يكتفي بما أخبر به هللا تعالى في كتابه العزيز و ما أخبر به رسوله الكريم صلى هللا عليه و سلم .و يؤمن به إيمانا راسخا ال يشوبه
شك أو ريب .
عدله تعالى
إن من تمام حكمة 3هللا و عدله سبحانه و تعالى أن يفرق بين وليه و عدوه ،و أهل طاعته و أهل معصيته ،و من عبده و من عبد
غيره ،و إال فالتسوية بين هؤالء جميعا من الظلم الذي يناقض العدل و الحكمة ...فإذا كان المخلوق ال يساوي بين عدوه و وليه ،و
يعد ذلك في عقول الناس و أفهامهم و أعرافهم سفها و جهال و ظلما ،فكيف برب العالمين سبحانه ؟!
ال شك أن هللا هو أرحم الراحمين ،و أن رحمته وسعت كل شيء لذلك ال بد أن نفرق بين رحمة هللا العامة التي تكون في الدنيا فيرحم
العباد جميعا عاصيا و طائعهم ،مؤمنهم و كافرهم .و رحمة هللا الخاصة التي تكون في اآلخرة و ال تكون إال للمؤمن و ليس للكافر
منها نصيب .قال تعالى ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا و عملوا الصالحات سواء محياهم و مماتهم . 3ساء3
ما يحكمون ) الجاثية . 20و قال تعالى ( أم نجعل الذين آمنوا و عملوا الصالحات كالمفسدين في االرض أم نجعل المتقين كالفجار )
سورة ص اآلية . 27و قال تعالى ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين .ما لكم كيف تحكمون ) القلم 36 – 35
علم هللا تعالى مطلق ال يقيده زمان – و ليس كعلم العباد – لذلك فهو يعلم كل شيء و يعلم ما سيفعل العباد و ال يعذب العباد بمقتضى
العلم و القدر ،و لكن يعذبهم بأعمالهم التي اكتسبوها باختيارهم و قدرتهم قال تعالى ( ال يكلف هللا نفسا إال وسعها .لها ما كسبت 3و
عليها ما اكتسبت ) سورة البقرة اآلية . 285و قال تعالى ( و ال تجزون إال ما كنتم تعملون ) يورة يس اآلية . 53و هللا سبحانه
قد أقام الحجة على عباده بإرسال الرسل .قال تعالى ( و ما كنا معذبين حتى نبعث رسوال ) اإلسراء . 15فأنزل هللا الكتب و بين
طريق الخير من طريق الشر و أعطى للعباد قدرة ليختاروا عملهم قال تعالى ( من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها .و ما
ربك بظالم للعبيد ) سورة فصلت اآلية . 45
االمتدادات السلوكية
الحرص على الطاعات والتعلق بها ،فتكون سببًا في المغفرة ونيل الج ّنة.
ً
شفاعة ألن هللا عزوجل لو غفر لواحد منهم منحه الشفاع َة ألصحابه. محبّة الصالحين ومالزمتهم؛ ففي مخالطتهم ومجالستهم
2
جدول لبعض المعلومات عن الجنة و النار
النار الجنة
النار – جهنم -الهاوية –السعير – الجنة – النعيم – الفردوس – دار المتقين أسماؤها
الجحيم –الحطمة –سقر – سجين – – دار الخلد – جنة عدن ......
السموم ...
النار دركات الجنة درجات أبوابها
لها سبعة أبواب لها ثمانية أبواب ( باب الصالة -باب
الصدقة باب الجهاد – باب الريان -باب
األيمن – باب التوبة – باب الكاظمين
الغيظ )..
ملك اسمه (مالك ) ملك اسمه ( رضوان ) خازنها
نهر الويل لمن هم عن صالتهم ساهون الكوثر – أنهار من ماء – أنهار من أنهارها و عيونها
نهر غي لمن أضاعوا الصالة حليب – أنهار من عسل مصفى -أنهار
نهر سقر لتاركي الصالة من خمر ال يسكر – عين سلسبيل -عين
تسنيم .....
3
االقتداء :
وقع نقاش بين مناهض لإلسالم و مدافع عنه فقال المعادي لإلسالم أنه انتشر بفضل السيف و الحروب و قال الثاني أن الحروب
كانت من أجل تحرير الشعوب من االحتالل الذي استعبد شعوبها كما وقع في العراق و الشام و شمال افريقيا ،و انتشر بالتجارة و
الدعوة السلمية في كل بقاع العالم ...ثم قال األول أن النبي صلى هللا عليه و سلم نفسه قام بحروب و غزوات و قتل فيها الكثير .
فقال الثاني :في كل الغزوات كان المسلون في موقف دفاع و ليسوا في موقف هجوم .
األسناد :
المضامين :
يقرر النص األول أن النصر في غزوة بدر كان بشرى لالنتصارات القادمة .
يبين النص الثاني أن الهزيمة في غزوة أحد كانت بسبب عصيان أمر الرسول صلى هللا عليه و سلم .
يبين النص الثاني أن الهزيمة في غزوة أحد كانت امتحانا للمسلمين كانت درسا لالعتبار .
التحليل :
رغم التعذيب الذي تعرض له المسلمون من طرف كفار قريش و رغم مصادرتهم ألموال المسلمين و حصارهم لهم ...رغم ذلك فقد
أمرهم النبي صلى هللا عليه و سلم المسلمين بالصبر ،و نصحهم بالهجرة إلى الحبشة ثم أمرهم بالهجرة إلى يثرب .
و بعد الهجرة أسسوا الدولة االسالمية القائمة على األخوة و السالم و العدل و حسن الجوار ...وفي شهر رمضان من السنة الثانية
للهجرة علم المسلمون بقافلة لقريش رجعت من الشام و ستمر قرب المدينة و كان يقودها أبو سفيان ،فأراد المسلمون اعتراضها
من أجل استعادة األموال التي صودرت منهم في مكة :و في نفس الوقت تحركت جيوش قريش لحماية قافلتهم فالتقى جيش
المسلمين البالغ ثالثة مائة و أربعة عشر مقاتال مع جيش قريش البالغ ألف مقاتل بالقرب من آبار بدر ( و هي أقرب إلى المدينة
من مكة ) يوم الجمعة 3سابع عشر من رمضان ،فانتصر المسلمون و قتلوا سبعين من المشركين و أسروا سبعين آخرين .في
حين استشهد اربعة عشر من المسلمين وغنموا الغنائم كتعويض عما اغتصب منهم في المرحلة المكية .
استشارة الرسول صلى هللا عليه و سلم ألصحابه في الخروج إلى لقاء العدو و في اختيار موقع المعركة من طرف الصحابي الجليل
الحباب بن المنذر .
4
التخطيط الجيد للمعركة و حسن إدارتها .
صبر المسلمين و استماتتهم في الدفاع عن دين هللا و رسوله و التصميم على استرجاع قوقهم المسلوبة .
االنضباط للقيادة الحكيمة و طاعة الرسول صلى هللا عليه و سلم .
دفاع المسلمين المظلومين عن الحق في مقابل هجوم قريش الهادف الى االعتداء .
بعد عام من هزيمة قريش في عزوة بدر جمعوا أمرهم و قرروا االنتقام و الثأر و ذلك بالقضاء على النبي صلى هللا عليه و سلم ،و
بذلك يمكنهم استرجاع المهابة و االحترام أمام العرب جميعا و القضاء على االسالم بقيادة أبي سفيان ،فقصدوا المدينة المنورة
بجيش عدده ثالثة أالف مقاتل ،فاستشار النبي عليه السالم أصحابه و رأى أن يبقى المسلمون في المدينة ويتحصنوا بها و يدافعوا
عنها ...و لكن الصحابة فضلوا الخروج لمالقاة العدو الذي وصل إلى ضواحي المدينة ،فخرجوا يوم الخامس عشر من شوال من
السنة الثالثة للهجرة في جيش بلغ ألف مقاتل لمالقاة قريش قرب (جبل أحد ) ...و في الطريق رجع ثالث مائة من المنافقين
بقيادة عبد هللا بن أبي بن سلول إلى المدينة و بقي فقط سبع مائة من المسلمين ثم أمر النبي عليه السالم خمسين من رماة النبال أن
يبقوا فوق( جبل الرماة ) و ال ينزلوا منه إال بأمر منه عليه الصالة و السالم ...فانتصر المسلمون في البداية لكن نزول الرماة من
الجبل جعل خالد بن الوليد و جيشه ( و كان يومئذ ال يزال من المشركين ) أن يباغتهم من الخلف و يحول الهزيمة إلى انتصار ،
فقتل سبعون من المسلمين و شج وجه النبي عليه السالم و كسرت رباعيته ...و شيع أنه عليه الصالة و السالم قتل .فبقي النبي
عليه السالم يثبت المؤمنين في أرض المعركة .قال تعالى ( حتى إذا فشلتم و تنازعتم في االمر و عصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون
.منكم من يريد الدنيا و منكم من يريد اآلخرة .ثم صرفكم عنهم ليبتليكم .و لقد عفا عنكم .و هللا ذو الفضل العظيم ) سورة آل
عمران اآلية . 152
في اليوم المالي لغزوة أحد نزل قوله تعالى ( فبما رحمة من هللا لنت لهم .و لو كنت فظا غليظ القلب النفظوا من حولك .فاعف
عنهم و استغفر لهم و شاورهم في االمر .فإذا عزمت فتوكل على هللا .إن هللا يحب المتوكلين ) سورة آل عمران اآلية . 159فجمع
النبي عليه الصالة و السالم أصحابه الستخالص الدروس ،و علمهم أن الهزيمة ليست نهاية الطريق ،و لكنها امتحان يميز هللا به
الصابرين الصادقين من المنافقين أصحاب األغراض و المطامع الشخصية .فكانت 3فرصة لتجديد العزم و التخطيط الجيد و تجاوز
األخطاء .قال تعالى ( و ال تهنوا و ال تحزنوا و أنتم األعلون إن كنتم مؤمنين .إن يمسسكم فرح فقد مس القوم قرح مثله .و تلك
األيام نداولها بين الناس .و ليعلم هللا الذين آمنوا و يتخذ منكم شهداء .و هللا ال يحب الظالمين .و ليمحص هللا الذين آمنوا و يمحق
الكافرين .أم سبتم أن تدخلوا الجنة و لما يعلم هللا الذين جاهدوا منكم و يعلم الصابرين ) سورة آل عمران اآليات . 142—139
لزوم طاعة األمير أو القائد و عدم االختالف عليه من أسباب النصر .
إن االختالف و التنازع من أسباب الفشل و الهزيمة أمام العدو .قال تعالى (:و أطيعوا هللا و رسوله .و ال تنازعوا فتفشلوا و تذهب
ريحكم .و اصبروا .إن هللا مع الصابرين ) سورة األنفال اآلية . 47
نبه هللا تعالى إلى خطورة سيطرة المال و حب الدنيا على النفس رغم الفقر و شدة الحاجة .
إن التوكل على هللا من أعظم أسباب النصر قال تعالى ( إن ينصركم هللا فال غالب لكم .و إن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده
.و على هللا فليتوكل المؤمنون ) سورة آل عمران اآلية .160
إن المنافقين في كل زمان و مكان يكيدون لإلسالم و أهله .و يدبرون المكائد و يخذلون المؤمنين في مواطن الشدة .
إن حكمة 3هللا تعالى و سنته في رسله و أتباعهم أن ينتصروا تارة و ينهزموا أخرى لكن تكون لهم العاقبة ،فلو أنهم انتصروا دائما
لم يحصل المقصود من البعثة و الرسالة .فاقتضت حكمة هللا أن جمع لهم بين األمرين ليتميز من يتبعهم و يطيعهم للحق و ما جاءوا
به ممن يتبعهم على الظهور و الغلبة .
5
ميزت محنة ( غزوة أحد ) بين المؤمن و المنافق الذي دخل االسالم ظاهرا بعد انتصار المسلمين في ( غزوة بدر ) قال تعالى ( ما
كان هللا ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) سورة آل عمران اآلية 179
هيأ هللا نفوس المسلمين في ( غزوة أحد ) لتلقي نبأ وفاة الرسول صلى هللا عليه و سلم بعد ذلك ،و في ها تعليم للمسلمين أن رباط
المسلمين برسولهم إنما يكون عن طريق ما جاء به من تعاليم و سنن و ما حث عليه من توجيهات و إرشادات و إن هذه العالقة 3هي
الحبل الموصول الذي يربطهم بنبيهم حيا و ميتا .فواجب المسلم هو الثبات على العقيدة و الجهاد في سبيلها و الوفاء لها في حياة
النبي عليه الصالة و السالم و بعد وفاته .
آخذ العبرة من مدى تضحية األسالف من أجل نشر دين هللا الحنيف .
ربح سعيد خمسة آالف درهم في لعبة القمار ،و اشترى مالبس بألفي درهم و أقرض صديقه أحمد ألف درهم ،ثم ذهب إلى
المستشفى و اشترى الدواء ألحد الفقراء بألف درهم ...فقال له أحمد :ما فعلته من القمار حرام و ما تصدقت به لن يشفع لك عند
هللا .فقال سعيد :لقد تصدقت بألف درهم و الحسنة بعشر أمثالها ...و بذلك نلت من الحسنات أكثر من السيئات .
سورة القصص اآليتان 26و - 27سورة النساء 3اآليتان – 7 سورة الكهف اآلية - 19سورة المائدة اآلية 1 األسناد :
8
المضامين :
التحليل :
يقصد بفقه المعامالت المالية :فهم معاني المعامالت المالية و سبر أغوار أسرارها ،و بواطن مقاصدها .
و المعامالت 3المالية هي :عمليات المبادالت الجارية بين الناس فيما يتعلق بالعقود المالية المنجزة من طرف األفراد و المؤسسات،
سواء أكانت بعوض مقابل تمليك شيء ما ،أم بغير عوض تبرعا بمحض الجود و الكرم .
المال في االسالم :هو كل شيء وهبه هللا تعالى لإلنسان كي ينتفع به على الوجه المشروع ،كالنقود و سائر الممتلكات العينية
( ذهب و فضة )..و المادية ( السلع و العروض التجارية و العقارات )...باإلضافة إلى ما يحصل عليه االنسان من غير ما سبق
كاإلرث و الصدقة و الهدية ،
مكانة المال في االسالم :وصف هللا المال بأنه زينة الحياة الدنيا قال تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و
القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسومة و االنعام و الحرث .ذلك متاع الحياة الدنيا .و هللا عنده حسن المئاب ) 14
سورة آل عمران اآلية . 14و قال تعالى ( المال و البنون زينة الحياة الدنيا ) سورة الكهف اآلية . 46
و نظرا لألهمية القصوى للمال في الحياة فقد حدد سبحانه األوجه المشروعة لكسبه من تجارة و فالحة و صناعة و وظيفة و
خدمات ... 3و نهى عن أوجه غير مشروعة كالقمار و الخمر و الرشوة و الغش و السرقة ...و نهى عن إعطائه لمن ال يحسن
التصرف فيه لقوله تعالى ( و ال تؤتوا السفهاء 3أموالكم التي جعل هللا لكم قيما ) سورة النساء اآلية . 5
7
و المال بموجب التصور االسالمي هو مال هللا و االنسان مستخلف فيه مصداقا لقوله تعالى ( آمنوا باهلل و رسوله و أنفقوا مما جعلكم
مستخلفين فيه .فالذين آمنوا منكم و أنفقوا لهم أجر كبير )7سورة الحديد اآلية . 7و عليه فليس لإلنسان مطلق الحرية في التصرف
فيما في حوزته من االموال و الممتلكات 3إال وفق القواعد الشرعية .
معامالت مالية عوضية ( إعطاء بدل ما في مقابل تمليك ذات أو منفعة ) كالبيع و الشراء والرهن و اإلجارة و الكراء ....
معامالت مالية غير عوضية ( تبرعية ) بدون مقابل كالهبة و الصدقة و الوصية ....
حرمة احتكار السلعة لما ينطوي عليه من ظلم التسبب في غالء المعيشة .
من كمال االيمان إجراء عقود التبرع بين أفراد المجتمع مثل اإلرث و الوقف .
يشترط لصحة جميع عقود المعامالت شروط و ضوابط أهمها ما يلي :
صدور العقد من مالكه المتصرف فيه ،أو ممن يقوم مقامه كالولي و الولي و الوصي ..
8
القسط
ساعد يوسف صديقه حسن في الغش في االمتحان بدعوى أن حسن فقير و يجب أن ينجح لكي يصبح موظفا و له راتب شهري يعيل
به أسرته .فشاهدهما أحمد و قال لهما أن االسالم حرم الغش بكل أشكاله ،و أن المساعدة من األحسن أن تكون بالتحضير الجماعي
للدروس و ليس بالمساعدة على الغش .فخاصمه أصدقاؤه ( يوسف و حسن و آخرون ) لكنه بقي مصرا على أن الغش حرام .
ما هو موقفك ؟
األسناد :
ضي ُع َأ ْج َر َمنْ َأ ْحسَنَ َع َماًل (ُ )30أو ٰلَِئ َك لَ ُه ْم َجنَّاتُ َع ْد ٍن ت َْج ِري ِمن ت َْحتِ ِه ُم ت ِإنَّا اَل نُ ِ قال تعالى ِ( :إنَّ الَّ ِذينَ آ َمنُوا َو َع ِملُوا ال َّ
صالِ َحا ِ
سنَتْ اب َو َح ُ ق ُّمتَّكِِئينَ فِي َها َعلَى اَأْل َراِئ ِك ۚ نِ ْع َم الثَّ َو ُ
ستَ ْب َر ٍ
س َوِإ ْ
سن ُد ٍ ب َويَ ْلبَسُونَ ثِيَابًا ُخ ْ
ض ًرا ِّمن ُ سا ِو َر ِمن َذ َه ٍاَأْل ْن َها ُر يُ َحلَّ ْونَ ِفي َها ِمنْ َأ َ
ُم ْرتَفَقًا )31( سورة الكهف اآليتان 31و . 32
ش ِركْ بِ ِعبَا َد ِة َربِّ ِه َأ َحدًا ( )110سورة الكهف قال تعالى ( :فَ َمن َكانَ يَ ْر ُجو لِقَا َء َربِّ ِه فَ ْليَ ْع َم ْل َع َماًل َ
صالِ ًحا َواَل يُ ْ
ت ُأو ٰلَِئكَ ُه ْم َخ ْي ُر ا ْلبَ ِريَّئ ِة ( ) )7سورة البينة قال تعالى (ِ :إنَّ الَّ ِذينَ آ َمنُوا َو َع ِملُوا ال َّ
صالِ َحا ِ
قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم دخلت امرأة النار من جراء هرة لها أو هر ربطتها فال هي أطعمتها وال هي أرسلتها ترمرم
من خشاش األرض حتى ماتت هزال ) أخرجه مسلم .
المضامين :
يقرر النص األول أن ارتباط االيمان بالعمل الصالح يدخل صاحبه الجنة .
التحليل :
العمل الصالح هو كل تصرف إيجابي لمختلف الجوارح ظاهرها و باطنها ،حكم الشرع أو العقل أو العرف بصالحه يُثمر خيرا
الخ لق في الحال أو المآل ،و يكون فرديا و جماعيا و مؤسسيا ،و يكون َقبوله عند هللا عز و جل ليجازي عنه بشرط االيمان
لجميع َ
به تعالى .
العمل الصالح هو فعل الخير بجميع أبوابه ،و نفع الناس و اإلحسان إليهم ،و إتقان العمل الديني و الدنيوي قال تعالى (:يا أيها
الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا و اعبدوا ربكم و افعلوا الخير لعلكم تفلحون ) سورة الحج اآلية . 75
و العمل الصالح في االسالم يشمل تصرف االنسان تجاه أخيه االنسان و تجاه الحيوان و النبات ..و كل مكونات البيئة .و فيه
الواجب كإسداء 3النصيحة للغير ومساعدة المريض وانقاذ الغريق ..و فيه المستحب 3كالنوافل في الصالة و الصوم أو توفير
الكماليات للمساجد أو االحتياط من إزعاج الحيوانات ...
9
و يدخل في العمل الصالح االحسان إلى من خالفونا في العقيدة قال عمر بن عبد العزيز ( :بلغني أن أمير المؤمنين عمر مر بشيخ
من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس ،فقال :ما أنصفناك أن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك :ثم ضيعناك في كبرك .قال :ثم
أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه ) .
و قد ارتبط االيمان بالعمل الصالح في كثير من اآليات قال تعالى ( :إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات 3سيجعل الرحمان لهم ودا )
سورة مريم اآلية . 97في إشارة إلى أن العمل الصالح هو االمتداد العملي لإليمان في المجتمع .فاإليمان هو الذي يدفع االنسان إلى
طاعة هللا و حب الغير و اإلكثار من الخير و االبتعاد عن الفساد في االرض .
و العمل الصالح يكفر الذنوب و يمحو السيئات قال تعالى ( :و الذين آمنوا و عملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم و لنجزينهم
أحسن ما كانوا يعملون ) سورة العنكبوت اآلية . 6
و العمل الصالح هو سبيل الفوز في الدنيا و اآلخرة قال تعالى ( :و العصر إن االنسان لفي خسر إال الذين آمنوا و عملوا الصالحات
و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر ) سورة العصر .
أسس الشرع الحنيف العمل الصالح على االيمان باهلل تعالى ألن تعظيم هللا الخالق يستوجب تعظيم ما يصدر عنه من تشريعات
مرشدة و إرشادات موجهة ،يترتب عليها الجزاء بالنعيم لمن أطاع و الجزاء بالعذاب لمن عصى كما أن السبيل األنجع لتحقيق
العدل و القسط بين جميع المخلوقات هو اتناع منهج الوحي الذي يساوي بين العباد و يجعل ميزان التفاضل هو تقوى هللا قال تعالى (
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن هللا أتقاكم ) الحجرات 12
لقبول العمل الصالح يجب أن يكون خالصا هلل تعالى و أن يكون صائبا موافقا للشرع .
أوال :يجب إخالص النية هلل تعالى من غير رياء و ال سمعة قال تعالى ( و ما أمروا إال ليبعدوا هللا مخلصين له الدين حنفاء ) سورة
البينة اآلية : 5و قال صلى هللا عليه و سلم ( إنما األعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى )...أخرجه البخاري .إذ بإخالص النية
هلل يتجرد االسان من حظوظ النفس التواقة إلى الذكر و الشهرة و المدح و الثناء من الناس ،فيصبح الدافع إلى العمل الصالح هو
السعي إلى مرضاة هللا وحده ألن العمل الذي يتعلق بحظوظ النفس ال يستمر و ال يدوم و ال يكتب له القبول في الدنيا و اآلخرة قال
رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ) قال هللا تعالى :من عمل عمال و أشرك فيه غيري تركته و شركه ) أخرجه مسلم .و جاء في
األثر ( ما كان هلل دام و اتصل و ما كان لغير هللا انقطع و انفصل ) .
ثانيا :فال يمكن الزيادة في العبادات أو النقص منها ألن هللا ال يعبد إال بما شرع .
مجاالته :
للعمل الصالح مجاالت كثيرة اجتماعية و اقتصادية و سياسية و ثقافية و ترفيهية ...و كل منها يكمل اآلخر :
فحق التربية هو من اختصاص األسرة و المدرسة و وسائل االعالم و غيرها ...و حق الحياة و الحرية هو من اختصاص األمن و
القضاء ...وغيرها من األعمال الجماعية .
كما يمكن أن يكون العمل الصالح فرديا كدفع األذى عن الطريق و قضاء الدين عن الغارم و بر الوالدين و االحسان إلى الجار و
مساعدة المحتاجين ....
10
الحكمة
الرفقة الصالحة
الوضعية :
حكمت 3المحكمة على سعيد بسنتين سجنا بتهمة السرقة و حكمت 3على صديقه فريد بسنة سجنا بتهمة إخفاء والتستر على مجرم
،فقال فريد أن صديقه كان ضيفا عنده و أنه لم يكن يعرف أن صديقه سارق .و رغم تنكر سعيد للسرقة إال أن كاميرا المراقبة
كانت دليال على اإلدانة .و رغم إصرار فريد على البراءة إال أن صداقته كانت كافية 3لإلدانة ...
-سورة التوبة اآلية 40 سورة الكهف اآلية – . 59سورة الكهف اآليات 70 ... 64 األسناد :
المضامين :
في الرفقة الصالحة تواصي بالمعروف و نهي عن المنكر ( النص الثاني ).
التحليل :
الرفيق في اللغة هو المعين و النافع ،نقول رافقه في السفر أي صاحبه .و الرفقة الصالحة هي الصحبة المؤدية إلى الخير و
الصالح .
لقد أمرنا هللا تعالى أن نتحرى الرفقة الصالحة لما فيها من دور في ترسيخ قيم التناصح و التعاون و االرشاد و التوجيه ،فالرفيق
الصالح يعينك على ارتياد طريق الخير و يساعدك عند الحاجة قال تعالى ( و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون
بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصالة و يؤتون الزكاة و يطيعون هللا و رسوله .أولئك سيرحمهم هللا .إن هللا عزيز حكيم
)72سورة التوبة اآلية . 72
و حذرنا من اختيار أصدقاء و رفقاء السوء فيكونون سببا في كثير من االمراض االجتماعية و اآلفات 3السلوكية ،فكم من صديق
صالح كان لصاحبه مشعال و نبراسا يهتدي به في دروب الحياة ،و كم من صديق سوء جر على صاحبه مشكالت 3سلوكية و أخالقية
أصابته بكثير من الضرر و األذى ،فلحقه الندم و تمنى لو أنه ما عرفه من قبل و يصور القرآن ذلك في قال تعالى ( يا ويلتي ليتني
لم أتخذ فالنا خليال ) سورة الفرقان اآلية . 28
: 1صدق النية في المرافقة قال تعالى ( األخالء يومئذ بعضهم لبعض عدو إال المتقين ) سورة الخرف اآلية . 67و قال صلى هللا
عليه و سلم ( المرء على دين خليله ،فلينظر أحدكم من يخالل )أخرجه الترمذي .
: 2اإلخالص و الوفاء قال عليه الصالة و السالم ( ال تصاحب إال مؤمنا 3و ال يأكل طعامك إال تقي ) أخرجه الدارمي .
: 3الصبر :و هو تحمل كل صعب من أجل تآلف الرفقة ،لما في الصبر من األجر و الثواب قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا و
صابروا و رابطوا و اتقوا هللا لعلكم تفلحون ) آل عمران اآلية . 200و قال صلى هللا عليه و سلم ( اعلم أن النصر مع الصبر و أن مع العسر
11
يسرا ) أخرجه أحمد .و قال أبو سعيد الخدري رضي هللا عنه ( و من يتصبر يصبره هللا و من يستغن يغنه هللا ،و لن تعطوا عطاء خيرا و أوسع
من الصبر ) أخرجه البخاري .
: 4التضحية :و هي بذلها في سبيل الرفقة بخدمتها 3و حسن معاشرتها لتبقى متآلفة متماسكة ما دامت في سفر و غربة إلى أن ترجع ،و لو صدر
خطأ من أحد اعتذر و سامح فقد جاء في الحديث القدسي ( وجبت محبتي للمتحابين في و المتجالسين في و المتزاورين في و المتباذلين في )
أخرجه اإلمام مالك .و قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ( من اعتذر إلى أخيه بمعذرة فلم يقبلها كان عليه مثل خطيئة صاحب مَكس ) أخرجه
ابن ماجة .
رفقة أبي بكر الصديق لرسول هللا صلى هللا عليه و سلم في هجرته قال أبو ذر الغفاري سمعت رسول هللا صلى هللا عليه و سلم قبل
أن يموت بخمس و هو يقول ( أني أبرأ إلى هللا أن يكون لي منكم خليل ،و لو كنت متخذا من أمتي خليال التخذت أبا بكر خليال )
أخرجه مسلم .
رفقة موسى عليه السالم ألخيه هارون و رفقة موسى عليه السالم للخضر عليه السالم في طلب العلم قال تعالى ( قال له موسى هل
أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا 65قال إنك لن تستطع معي صبرا 66و كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا 67قال
ستجدني إن شاء هللا صابرا و ال أعصي لك أمرا 68قال فإن اتبعتني فال تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا )69سورة
الكهف اآليات . 69... 65
أصحاب الكهف الذين خرجوا من ديارهم فرارا بدينهم الذي ارتضوه حيث كانوا يؤمنون بإله واحد و يوحدونه في العقيدة و العبادة
منعزلين عن عبادة األصنام و األوثان التي يعبدها قومهم قال تعالى ( إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة و
هيء لنا من أمرنا رشدا . ) 10سورة الكهف اآلية . 10
صحبة أصحاب الجنتين اللذين ذكرهما القرآن الكريم في سورة الكهف قال تعالى ( و اضرب لهم مثال رجلين جعلنا ألحدهما جنتين
من أعناب و حففناهما بنخل و جعلنا بينهما زرعا 32كلتا الجنتين آتت أكلها و لم تظلم منه شيئا .و فجرنا خاللها نهرا 33و
كان له ثمر فقال له صاحبه و هو يحاوره :أنا أكثر منك ماال و أعز نفرا ) 34سورة الكهف اآليات . 34 33 – 32
من ثمار الرفقة الصالحة :تقوية الروابط -دوام العشرة -اكتساب القيم واالخالق الفاضلة -كسب الثقة و المحببة -
النصرة و النصح هلل تعالى -التعاون على البر و التقوى -اكتساب حسن الخلق .
هذه الثمار الحميدة تنتج مجتمعا 3سليما متماسكا يشد بعضه بعضا قال صلى هللا عليه و سلم ( المؤمن مرآة أخيه ) أخرجه البخاري
و قال أيضا ( مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد ،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و
الحمى ) أخرجه مسلم .
التزكية
12
علم هللا المطلق
الوضعية :
في خطبة الجمعة 3تناول الخطيب علم هللا انطالقا من قوله تعالى ( إن هللا عنده علم الساعة و ينزل الغيث .و يعلم ما في االرحام .و
ما تدري نفس ما تكسب غدا .و ما تدري نفس بأي أرض تموت .إن هللا عليم خبير )33سورة لقمان اآلية . 33فقال سعيد :تطور
العلم جعل الناس تعرف متى يسقط المطر .و تعرف ما في بطن المرأة .و تعرف المرضى متى يموتون ...
األسناد :
-سورة األنعام اآلية - 60سورة لقمان اآلية . 33 -سورة الكهف اآلية 104 سورة الكهف اآلية 48 -
المضامين :
يعرض على االنسان يوم القيامة كتاب فيه كل أعماله في الدنيا .
التحليل :
علم هللا هو :صفة ينكشف بها المعلوم على ما هو به انكشافا 3ال يحتمل النقيض بوجه من الوجوه .
و هو صفة من صفات الذات اإللهية الواجبة .و علم هللا مطلق ال حدود له :يشمل العلم بالكليات و الجزئيات ،و الماضي و
الحاضر و المستقبل ...و كل ما يقع في ملك هللا تعالى .قال تعالى (:قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ
كلمات ربي .و لو جئنا بمثله مددا ) سورة الكهف اآلية . 104و علم هللا غير مكتسب و ال مسبوق بجهل فهو سبحانه عليم منذ
األزل و إلى االبد .و علمه ليس كعلم االنسان النسبي (القليل المحدود االدراك ) فقد يعلم االنسان شيئا و تغيب عنه أشياء كثيرة
جدا .قال تعالى ( و ما أوتيتم من العلم إال قليال ) سورة االسراء اآلية . 85
من األدلة النقلية قوله تعالى ( وسع ربنا كل شيء علما ) سورة األعراف اآلية 88و قال تعالى ( ربنا وسعت كل شيء رحمة و
علما ) سورة غافر اآلية . 7و قال تعالى ( و قال الذين كفروا ال تأتينا الساعة .قل :بلى و ربي لتأتينكم .عالم الغيب ال يعزب عنه
مثقال ذرة في السماوات و االرض .و ال أصغر من ذلك و ال أكبر إال في كتاب مبين ) سورة سبأ اآلية .3
و من األدلة العقلية :أن هللا تعالى خالق الكون و المتصرف فيه ،فال تقع فيه أحداث أو تفاعالت أو تصرفات إال بتقديره و علمه ،
فهذا االتقان العجيب ،و التدبير الحكيم لهذا الكون الرحب الواسع ،و ما يجري فيه من التسلسل و التتابع ؛ وفق نظام رائع ال خلل
فيه و ال ارتجال فيه و ال مصادفة ،ال يمكن أن يكون إال عن علم شامل و واسع و مطلق .
فال يمكن للخالق أن يجهل ما يخلق و ال يمكن للصانع أن يجهل ما يصنع .و لذلك فالعلم المطلق من كمال ربوبيته و ألوهيته ألن
الخالق الذي ال يعلم كل شيء ال يخلق كل شيء .
و بتظافر األدلة النقلية و العقلية على علم هللا المطلق يطمئن المؤمن إلى تدبير خالقه لحياته و مصيره في الدنيا و اآلخرة قال تعالى
( الذين آمنوا و تطمئن قلوبهم بذكر هللا .أال بذكر هللا تطمئن القلوب ) سورة الرعد اآلية . 29
13
المحور الثاني :ال يعلم الغيب إال هللا .
يجوز في حق هللا تعالى أن يختص عباده بمعرفة ما يشاء من علمه ،و من هنا كان ذلك حافزا لإلنسان على التعلم و البحث في جميع
المجاالت و إنتاج مختلف العلوم ( العلوم الشرعية و غير الشرعية ) ،و قد جعل هللا تعالى طلب العلم من أجل العبادات بل هو أول
عبادة فرضها هللا على آدم و أول عبادة نزل بها القرآن .قال تعالى ( و علم آدم االسماء كلها ) سورة البقرة اآلية . 31و قال تعالى
( اقرأ باسم ربك الذي خلق .خلق االنسان من علق .اقرأ و ربك األكرم الذي علم بالقلم علم اإلنسان ما لم يعلم ) سورة العلق اآليات
. 5. 4 .3 .2 .1
فالعلم وسيلة للقيام بمهمة اإلعمار و االستخالف و به تتيسر حياة االنسان و به يتميز عن غيره من المخلوقات... 3
فقد سمح هللا لعباده بادراك الكثير من الحقائق و لكنه استأثر بعلم المغيبات التي ال يعلمها إال هو قال تعالى ( قل ال يعلم من في
السماوات و االرض الغيب إال هللا .و ما يشعرون أيان يبعثون ) سورة النمل اآلية . 67و قد حددت سورة األنعام هذه المغيبات
الكبرى في خمسة أمور .قال تعالى ( :إن هللا عنده علم الساعة .و ينزل الغيث .و يعلم ما في االرحام .و ما تدري نفس ماذا
تكسب غدا .و ما تدري نفس بأي أرض تموت .إن هللا عليم خبير ) سورة لقمان اآلية . 33
و ينقسم علم هللا إلى علم غيب نسبي يهبه لمن أراد من مالئكته أو أنبيائه عليهم السالم أو من أراد من عباده الصالحين كسيدنا محمد
صلى هللا عليه و سلم و العبد الصالح في قصة موسى عليه السالم في سورة الكهف ...فاهلل قد يطلع من عباده من يشاء على ما يشاء
و متى شاء .و ال يتجاوز ما أراد هللا تعالى اطالعه عليه مثقال ذرة .
و علم غيب مطلق استأثر هللا بعلمه و لم يطلع عليه أحدا من خلقه .قال تعالى ( يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و ال يحيطون بشيء
من علمه إال بما شاء ) سورة البقرة اآلية . 254و قال تعالى ( و هلل غيب السماوات و االرض ) سورة النحل اآلية . 76
و بناء عليه فال يجب تصديق الذين يدعون علم الغيب من الكهان و العرافين و السحرة و المنجمين و أصحاب األبراج ،و قراءة
األكف و الضاربين بالرمل أو الحصى أو الورق أو الفنجان ...فهم كذابون على هللا و على الناس ،و ينشرون الخرافة بدل العلم
الصحيح ،و ال يجوز تصديقهم فيما يقولون .عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ( من أتى
عرافا أو كاهنا فصدقه 3بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) أخرجه الحاكم .و قال تعالى ( قل ال يعلم من في السماوات و االرض
الغيب إال هللا ).سورة النمل اآلية . 67
االقتداء
نماذج للتأسي
14
عمر بن الخطاب رضي هللا عنه و عزة االسالم
الوضعية :
سأل الولد أباه :لماذا نجد عمر بن الخطاب هو رمز العدل في كل العالم ؟ قال االب :ألنه أعدل رجل بعد رسول هللا صلى هللا عليه
و سلم .فقال االبن :و لماذا هاجر عمر نهارا بخالف كل المسلمين ؟ فقال األب ألنه قوي و شجاع و ال يخشى غير هللا .فقال االبن
:و لماذا لم يكن من المبارزين قبل بداية المعركة ؟
األسناد :
حديث أخرجه البخاري عن عبد هللا بن عمر قال :قال رسول هللا نص من كتاب ( خلفاء الرسول ) لخالد محمد خالد
عن عبد هللا بن عمر قال :خطبنا عمر بالجابية فقال :يا أيها الناس :إني قمت 3فيكم كمقام ( بينما أنا على بئر )....
رسول هللا ...
المضامين :
يبين النص األول كيف نصر هللا االسالم بعمر بن الخطاب .
نصر هللا االسالم بعمر بن الخطاب استجابة لدعاء الرسول صلى هللا عليه و سلم .
يبين النص الثاني صدق رؤيا الرسول صلى هللا عليه و سلم .
يبين النص الثاني ثقل المسؤولية في زمن ابي بكر و في زمن عمر
يبين النص الثاني قصر مدة خالفة أبي بكر و طول خالفة عمر .
التحليل :
: 1حياته :هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح القرشي العدوي كنيته أبو حفص و لقبه الفاروق .ولد بمكة بعد
عام الفيل بثالث عشرة سنة .هو ثاني الخلفاء الراشدين بعد أبي بكر .و هو أبو حفصة زوجة النبي صلى هللا عليه و سلم .و هو
أول من لقب بأمير المؤمنين ،بقي في الخالفة عشر سنين إلى أن طعنه أحد المجوس بسكين مسمومة و هو يؤم بالناس صالة
الصبح .و استشهد بالمدينة المنورة في أواخر ذي الحجة سنة ثالث و عشرين للهجرة و هو في الثالثة و الستين من عمره. .
في ذي الحجة من السنة السادسة 3بعد البعثة .كان عمر يريد أن يقتل النبي صلى هللا عليه و سلم .و مر بأحد الصحابة و كان ذلك
الصحابي يكتم إسالمه ،فقال له :إلى أين يا عمر ؟ فقال :سأخلص قريشا من هذا الرجل الذي يزعم أنه رسول ،فقال الصحابي :
قبل أن تذهب إلى محمد لتقتله ،فابدأ بآل بيتك أوال .فقال عمر رضي هللا عنه :من؟ قال الصحابي :أختك فاطمة و زوجها ،فقد
اتبعا محمدا على دينه .فقال عمر :أو قد فعل ؟ فقال الصحابي :نعم .فانطلق عمر رضي هللا عنه مسرعا غاضبا إلى دار أخته
فاطمة 3و زوجها سعيد بن زيد رضي هللا عنهما ،فلما وصل البيت سمعهما يقرآن القرآن ،فطرق الباب بشدة ،و لما فتح سعيد بن
زيد عنه الباب أمسكه عمر و قال له :أراك صبأت ؟ فقال سعيد رضي هللا عنه :يا عمر ،أرأيت إن كان الحق في غير دينك ؟
15
فضربه ،ثم أمسك أخته فقال لها :أراك صبأت ؟ فقالت :يا عمر ،أرأيت إن كان على الحق ؟ فضربها حتى سقطت من يدها
صحيفة كتبت فيها آي من القرآن ،ثم أخذ الصحيفة فقرأ فيها اآليات الست األولى من سورة طه .فاهتز عمر لما تال من كالم هللا
تعالى و قال :ما هذا بكالم بشر ،فساد البيت صمت رهيب ،و الكل ينظر إلى عمر و قد جلس مطرقا ،فما لبث أن قال :أشهد أن
ال إله إال هللا و أن محمدا رسول هللا .ثم قام واقفا فقال :دلوني على محمد ،فذهبوا به إلى دار األرقم بن أبي األرقم فطرق الباب
فقال الصحابة :من ؟ قال :عمر .فخاف الصحابة رضوان هللا عليهم ،و لما فتح الباب و دخل عمر أمسك به رسول هللا صلى هللا
عليه و سلم و قال له :أما آن األوان يا ابن الخطاب ؟ فحكى له قصة خروجه لقتله و ما وقع له في دار أخته فاطمة ،ثم قال عمر :
أشهد أن ال إله إال هللا و أنك رسول هللا .فأعز هللا االسالم بعمر و كان حمزة بن عبد المطلب قد أسلم قبله بثالثة أيام فصار
المسلمون ال يخشون إعالن إسالمهم 3بين الناس ،فتحقق دعاء النبي صلى هللا عليه و سلم ( اللهم أعز االسالم بأحد العمرين ) أخرجه
أحمد
: 1فضله :
أول من وضع تاريخا للمسلمين و اتخذ التأريخ من هجرة رسول هللا صلى هللا عليه و سلم .
أول من عقد مؤتمرات سنوية للقادة و الوالة و محاسبتهم و ذلك في موسم الحج فيكونوا في أعلى حالتهم اإليمانية فيطمئن على
عبادتهم و أخبارهم .
أول من مهد الطرق و منها قولته الشهيرة ( لو عثرت بغلة في العراق لسألني هللا تعالى عنها :لم لم تمهد لها الطريق .
أول من أحصى أموال عماله و قواده و والته و طالبهم بكشف حساب أموالهم ( من أين لك هذا ؟ )
: 2مكانته :
كان في الجاهلية من أشراف قريش و المتحدث الرسمي باسمهم مع القبائل األخرى .قال عليه السالم ( خياركم في الجاهلية خياركم
في االسالم إذا فقهوا ) أخرجه ابن حبان .
قال فيه الرسول صلى هللا عليه و سلم ( إن هللا جعل الحق على لسان عمر و قلبه ) أخرجه الترمذي .و قال صلى هللا عليه و سلم
( إيه يا ابن الخطاب و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إال سلك فجا غير فجك ) أخرجه البخاري .قال عبد هللا بن
مسعود ( ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر أخرجه البخاري .قال محمد بن عبيد ( لقد رأينا و ما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر
فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي ) أخرجه البخاري .
عرف بالعدل إلى درجة أنه كلما ذكر العدل ذكر معه عمر .و عرف بالشجاعة و االستماتة في الدفاع عن االسالم .و عرف بالتجديد
إلى درجة أنه أكثر الصحابة اجتهادا في الدين ........
16
متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم امهاتهم أحرارا .
ال يقعد أحدكم عن طلب الرزق و يقول :اللهم ارزقني .فقد علمتم أن السماء ال تمطر ذهبا و ال فضة .
إنا كنا أذل قوم فأعزنا هللا باإلسالم ،فمهما 3نطلب العزة بغير ما أعزنا هللا به أذلنا هللا .
و لست أدع أحدا يظلم أحدا و يتعدى عليه حتى أضع خده على االرض ،و أضع قدمي على الخد اآلخر حتى يذعن للحق .و إني بعد
شدتي تلك أضع خدي على االرض ألهل العفاف و أهل الكفاف .
أحترم كل الصحابة رضي هللا عنهم في أقوالي و أفعالي و ال أنقص من قدرهم .
17
االستجابة
الوضعية :
كان سعيد يكنز األموال و كان ال يفرق بين الحالل و الحرام في كسبه .فقال له صديقه :إن هللا سيحاسبك يوم القيامة عن
مصدر كسب المال و سيسألك عن وجوه إنفاقه .فقال سعيد قال عليه السالم ( :إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة
يتكففون الناس في أيديهم )...فأردت أن أترك أبنائي أغنياء .
ما موقفك ؟
األسناد :
حديث عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما سورة الملك اآلية 16 سورة الجمعة اآلية 10
المضامين :
التحليل :
المال شرعا هو كل ما يمكن حيازته و االنتفاع به سواء كان عينا أو حيوانا أو عقارا ...
االستثمار هو توظيف الفرد أو الجماعة للمال الزائد عن الحاجة الضرورية بشكل مباشر أو غير مباشر في نشاط اقتصادي ال
يتعارض مع مبادئ الشرع و مقاصده العامة ، 3بغية الحصول على عائد منه يستعين به على القيام بمهمة الخالفة و عمارة االرض .
أوال :المبادئ العقدية :و هي مبادئ قطعية أوجب الشارع على المستثمر المسلم االيمان بها ايمانا راسخا .هي
االيمان بأن المال مال هللا و االنسان مستخلف فيه فليس له حق التصرف المطلق فيه بل يتصرف كما أمره الشارع قال تعالى ( و
آتوهم من مال هللا الذي آتاكم ) سورة النور اآلية . 33
االيمان بوجوب إعمار األرض و ذلك باالنتفاع بمواردها بما يضمن السعادة للناس في الدنيا و اآلخرة قال تعالى ( هو أنشأكم 3من
االرض و استعمركم فيها ) سورة هود اآلية . 60
ثانيا :مبادئ القيم و األخالق :و يقصد بها مجموعة القيم و المبادئ األخالقية الثابتة التي يجب أن يلتزم بها كل مستثمر مسلم من
أجل ضمان تحقيق النفع و الخير له و لمجتمعه .و من أهم هذه المبادئ األخالقية :الصدق و األمانة و الوفاء و تجنب الكذب و الغش
و الخيانة ...
18
ثالثا :المبادئ االجتماعية :االستثمار في االسالم وسيلة لتحقيق الرفاهية االقتصادية و االجتماعية للفرد و المجتمع عن طريق تحقيق
الكفاءة و العدالة االقتصادية للمستثمر و مجتمعه 3و إشاعة المحبة و اإلخاء بين أفراد المجتمع .لذلك حرم االحتكار و الربا و حرم
االكتناز ...و حرم السلع التي تضر بالمجتمع كالخمر و المخدرات ...و كلما يضر الكليات الخمس
رابعا :المبادئ االقتصادية :و هي مبادئ على ارتباط بالقرار االقتصادي رغم أنها ال تمهل الجانب االجتماعي و تمتاز بأنها
متغيرة تبعا لتغير الزمان و المكان .و يدخل فيها التخطيط األمثل لقرار االستثمار و يعني أن على المستثمر ضرورة اإللمام
بالواقع االقتصادي و المعامالت التجارية التي تجري في السوق و العوامل المؤثرة فيها حتى يأمن الوقوع في الخسائر بسبب الجهل
بها .
19
الوضعية :
قرأ سعيد أن ( مؤتمر الفرقاء ) » Conference of Parties « أو ما يعرف ( مؤتمر قمة االرض للمناخ ) الذي يعقد كل سنة
في دولة من دول العالم لتدارس تأثير التلوث على المناخ و بخاصة االحتباس الحراري الذي تسبب في اتساع ظاهرة التصحر و
الجفاف ...لكن هذا المؤتمر يفشل في كل سنة بسبب اعتراض أمريكا و الصين و عدم التزامهما بقرارات المؤتمر حيث أن أمريكا
تتسبب في خمسين في المائة من نسبة التلوث و الصين تتسبب في خمس و عشرين في المائة من نسبة التلوث فتتذرعان بأن
التخفيض من االنبعاث للغازات السامة 3معناه الرفع من البطالة و توقيف التطور الصناعي و التقليص من الطاقة الكهربائية ...
في حين تنادي الدول غير الصناعية إلى إنقاذ االرض قبل فوات األوان فقد تلوث الغالف الجوي و تضرر غالف االوزون و نشأت
قارة من البالستيك في المحيط الهادي و بدأ التصحر و الجفاف يغزوان الكثير من دول العالم ...
األسناد :
.حديث أخرجه سورة األعراف اآليات 53و 54و 55 سورة الكهف اآلية 90 سورة الكهف اآلية 76
البخاري
المضامين :
يقرر النص األول أن المصلح ال ينتظر جزاء إال من هللا تعالى .
التحليل
هي كل األشياء التي تحيط بنا و تؤثر على وجود الكائنات الحية على سطح األرض متضمنة الماء و الهواء و التربة و المعادن و
المناخ و الكائنات الحية .
بالنظر إلى النصوص الشرعية نجدها تدعوا إلى العناية بالبيئة و إصالحها و عمران االرض بدل اإلفساد فيها قال تعالى ( إنا
جعلنا ما على األرض زينة لنبلوهم أيهم أحسن عمال ) سورة الكهف اآلية . 7و قال تعالى ( و ال تفسدوا في االرض بعد إصالحها )
سورة األعراف اآلية . 55و قال تعالى ( و اذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد و بوأكم في االرض تتخذون من سهولها قصورا و
تتخذون الجبال بيوتا فاذكروا آالء هللا .و ال تعثوا في االرض مفسدين ) سورة االعراف اآلية . 73
و جاءت 3السنة النبوية لتدعو إلى الحفاظ على البيئة و تربط بين جمالية البيئة و الجزاء عند هللا قال عليه السالم ( ما من مسلم
يغرس غرسا أو يزرع زرعا فتأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إال كان له به صدقة ) أخرجه البخاري .و قال عليه السالم
( االيمان بضع و سبعون شعبة فأفضلها قول :ال إله إال هللا ،و أدناها إماطة األذى عن الطريق ،و الحياء شعبة من االيمان )
أخرجه مسلم .و عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه و سلم قال ( بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك ،
فأخره فشكر هللا له فغفر له ) أخرجه البخاري .و عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه و سلم قال ( ال يبولن
20
أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه ) أخرجه البخاري .و عن معاذ بن جبل رضي هللا عنه قال :قال رسول صلى هللا عليه و سلم
( اتقوا المالعن الثالثة :البراز في الموارد ،و قارعة الطريق ،و الظل ) أخرجه أبو داوود .
يستعمل االنسان عناصر البيئة لتأمين احتياجاته اليومية في الغداء و السكنى و التنقل و التدفئة ...و نتيجة لالستخدام المكثف و
غير المعقلن للموارد الطبيعية في الفالحة و الصناعة اختل نظام البيئة و أصبح مهددا .لذلك تنوعت مظاهر العناية بالبيئة سواء
كانت البيئة حية ( كاإلنسان و الحيوان و النبات ) أو غير حية ( كالماء 3و الهواء و التراب و الجبال الشمس )...
الماء :الماء هو أهم عناصر الحياة قال تعالى ( و جعلنا من الماء كل شيء حي ) و أمر اإلسالم باالقتصاد فيه و عدم االسراف
في استعماله فعن عبد هللا بن عمرو بن العاص أن رسول هللا صلى هللا عليه و سلم مر بسعد و هو يتوضأ فقال :ما هذا السرف يا
سعد ؟ قال :أفي الوضوء سرف ؟ قال :نعم ،و إن كنت على نهر جار ) أخرجه أحمد .
الهواء :هو ثاني عنصر من عناصر البيئة فال ينبغي تلويثه بدخان السيارات و السجائر و دخان مصانع و بخاصة مصانع
انتاج الكهرباء التي تشتغل بمصادر الطاقة األحفورية كالنفط و الفحم الحجري ...بل يجب التوجه نحو الطاقات النظيفة المتجددة .
و وسائل النقل الكهربائية النظيفة ...قال عليه السالم ( النظافة من االيمان ) و قال تعالى ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت3
أيدي الناس ) سورة الروم اآلية . 40
مصادر الغداء :أمرنا االسالم باستهالك المواد الغدائية في إطار الوسطية و االعتدال و نهانا عن تبذيرها و احتكارها ضمانا
الستمرارها قال تعالى ( و كلوا و اشربوا و ال تسرفوا إن هللا ال يحب المسرفين ) سورة األعراف اآلية . 31و بما أن النبات هو
غداء أغلب الكائنات فقد حثنا االسالم على العناية به إضافة إلى أنه يستهلك غاز الكربون وينتج االكسيجين و يلطف الجو ...قال
عليه السالم ( من نصب شجرة فصبر على حفظها و القيام عليها حتى تثمر كان له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند هللا
عز و جل ) أخرجه البيهقي .
الحيوان :أمر االسالم بالرفق بالحيوان قال تعالى ( و ما من دابة في االرض و ال طائر يطير بجناحيه إال أمم أمثالكم ) سورة
االنعام اآلية .38
عن أنس بن مالك قال ( كان رسول هللا صلى هللا عليه و سلم أحسن الناس خلقا ،و كان لي أخ يقال له :أبو عمير – أحسبه قال :
كان فطيما ، -قال :فكان إذا جاء رسول هللا صلى هللا عليه و سلم فرآه قال :يا أبا عمير ما فعل النغير؟ – طائر صغير كالعصفور
-قال :فكان يلعب به ) أخرجه مسلم .
عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ( :دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت ،
فال هي أطعمتها و سقتها إذ هي حبستها ،و ال هي تركتها تأكل من خشاش االرض ) أخرجه مسلم .
عن عبد هللا بن جعفر أن النبي صلى هللا عليه و سلم ....فدخل يوما حائطا ( بستانا ) من حيطان األنصار ،فإذا جمل قد أتاه فجرجر
و ذرفت عيناه ،قال :فلما رأى النبي صلى هللا عليه و سلم حن و ذرفت عيناه ،فمسح رسول هللا صلى هللا عليه و سلم سراته و
ذفراه ( ظهره و أذنيه ) فسكن ،فقال :من صاحب الجمل ؟ فجاء 3فتى من األنصار :هو لي يا رسول هللا ،فقال صلى هللا عليه و
سلم :أما تتقي هللا في هذه البهيمة التي ملككها 3هلل ،إنه شكا إلي أنك تجيعه و تدئبه ( تتعبه) ) أخرجه أحمد .
لقد أحاط االسالم تسخير البيئة بسياج من التوجيهات و االحكام لكي يستغلها االنسان بما يوافق الشرع و وفق ما يصونها و يحفظا
خالفا لمن يقولون بالصراع مع الطبيعة أو غضب الطبيعة .فالطبيعة ملك لكل البشر و تدهورها في جهة من جهاتها يتضرر منه
الجميع لذلك ال بد أن تتظافر الجهود لحمايتها بما يضمن االستمرار لها و للبشرية .
الحكمة
21
الوصايا التسع
الوضعية :
سأل سعيد صديقه أحمد :لماذا نجد وصايا هللا لعباده في التوراة و القرآن .قال أحمد :ألن دين هللا واحد و الرسل كلهم مبعوثون من
عند رب العالمين .فقال سعيد :أقصد لماذا أنزل هللا هذه الوصايا ؟ فقال أحمد :هي أوامر و نواهي تشمل كل األسس للدين
االسالمي لذلك تكررت في كل الرسائل السماوية .قال سعيد :إذا قمنا باألوامر فهل هذا معناه أننا اجتنبنا النواهي ؟ و هل األوامر
تغنينا عن النواهي ؟
األسناد :
حديث الموبقات السبع الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة سورة األنعام اآليتان 153 – 152
المضامين :
يبين النص األول تحريم بعض الكبائر و األمر ببعض الواجبات .
تتناول السور المكية العقيدة و االدلة و البراهين على وحدانية هللا تعالى و إفراده بالعبودية و على البعث و الحساب ،و سورة
األنعام كباقي السور المكية تركز على العقيدة باعتبارها أساس الشريعة .ألن قبول عقيدة التوحيد يجعل النفوس مهيأة لقبول ما ينبني
عليها من الكليات األساسية لإلسالم فجاءت 3الوصايا التسع في سورة األنعام تشمل خمس وصايا للعاقلين .
الشرك :و الشرك هو أن يعبد المخلوق كما يعبد هللا ،أو يعظم كما يعظم هللا تعالى .و التوحيد في االسالم هو محور الدين و منه
تتشعب العقيدة و تتفرع الشريعة .فاهلل هو الخالق الرازق و هو وحده الجدير بالعبادة .قال تعالى ( إن هللا ال يغفر أن يشرك به و يغفر
ما دون ذلك لمن يشاء ) سورة النساء اآلية . 48
عقوق الوالدين :هللا هو الخالق و هو الموجد لكل المخلوقات 3و الوالدان هما الوسيلة لهذا الخلق لذلك أمر هللا ببرهما و جعل
عقوقهما ثاني كبيرة بعد اإلشراك باهلل .قال تعالى ( و قضى ربك أال تعبدوا إال إياه و بالوالدين إحسانا ) سورة االسراء اآلية 23
قتل األوالد :إذا كان الوالدان سبب مجيئنا إلى هذا العالم ،فإن أوالدنا هم سبب استمرارنا كنوع بشري .و حرم هللا عادة قتل
األوالد بسبب الفقر التي كانت عند بعض عرب الجاهلية .و حرم ظاهرة اإلجهاض المنتشرة في عصرنا الحاضر .أو ما يؤدي إلى
االنقراض البشري .قال تعالى ( و ال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق نحن نرزقهم و إياكم .إن قتلهم كان خطئا كبيرا ) االسراء .31
ارتكاب الفواحش :الفاحشة هي كل ما اشتد و تناهى قبحه عقال و شرعا :سواء كان قوال أو فعال أو اعتقادا .فالفاحشة 3كالزنى
منهي حتى االقتراب منها بمعنى أن مقدماتها حرام و وسائلها الموصلة إليها حرام و نتائجها حرام ...فالفواحش عصيان هلل و
إضرار باألصول و الفروع .
قتل النفس :حرم االسالم قتل النفس بغير حق سواء كانت هذه النفس مسلمة أو غير مسلمة .قال تعالى ( لذلك كتبنا على بني
إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد 3في االرض فكأنما قتل الناس جميعا .و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) سورة
المائدة اآلية . 34و لحماية النفس شرع االسالم القصاص و الحدود ...فأوجب قتل القاتل عمدا و ظلما .و المفسد في االرض
كالحرابة ،و الزاني المحصن و المرتد و الساحر .قال عليه الصالة و السالم ( ال يحل دم امرئ مسلم يشهد أن ال إله إال هللا و أني
رسول هللا إال بإحدى ثالث :الثيب الزاني ،و النفس بالنفس ،و التارك لدينه المفارق للجماعة ) أخرجه مسلم .
كانت هذه الوصايا الخمس للعاقلين ألن هللا ميز االنسان بالعقل و فضله به عن سائر المخلوقات 3و جعل العقل مناط التكليف ..
22
و أكد أن العاقلين ذوي الفطرة السليمة يبتعدون عن هذه المحرمات الخمس .قال تعالى ( ذلكم وصآكم به لعلكم تعقلون ) سورة
األنعام اآلية . 152
ثم تمضي الوصايا لتحثنا على عدم االعتداء على الغير فحرمت 3قتل الغير و حرمت أخذ ماله بغير حق أو عدم الوفاء بالعهود
المعقودة معه :
أكل مال اليتيم :يطلق اسم اليتيم على من مات أبوه من وقت والدته إلى أن يبلغ .فال يجوز أخذ ماله أو إضاعته قال تعالى ( و ال
تقربوا مال اليتيم إال بالتي هي أحسن )االنعام 153و قال تعالى ( و ابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا
إليهم أموالهم .و ال تأكلوها إسرافا و بدارا أن يكبروا )..سورة النساء اآلية 6
التطفيف في الوزن :أمر هللا بتوفية الكيل و الوزن ،و األمر بالشيء نهي عن ضده ،و بهذا حرم بخس الكيل و الوزن و التطفيف
فيهما .قال تعالى ( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون .و إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون .أال يظن أولئك أنهم
مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ) سورة المطففين اآليات . 4 - 3 - 2 -1
الجور في األقوال و األحكام :حرم هللا شهادة الزور و أمر بالعدل في القول .قال تعالى ( و ال تكتموا الشهادة و من يكتمها فإنه آثم
قلبه ) سورة البقرة اآلية 283و قال تعالى ( و ال يأب الشهداء إذا ما دعوا ) سورة البقرة اآلية . 282و قال رسول هللا صلى هللا
عليه و سلم ( أال ُأنَ ِب ُّئ كم بأكبر الكبائر؟ ثالثًا :اإلشراك باهلل ،وعقوق الوالدين ،وشهادة الزور -أو قول الزور)) ،وكان
ت"؛ رواه مسلم، ك َس َ
كرّرها؛ حتى قلنا :لي َته َ رسول هللا -صلَّى هللا عليه وسلَّم ُ -م َّتكًِئ ا ،فجلَس ،فما زال ُي ِ
نكث العهد و خلف الوعد :أمر هللا بالوفاء بالعهود و العقود و حرم نكثها و نقضها و عدم الوفاء بها .لذلك اختتمت اآلية بالتأكيد
على تاج القيم الذي هو الوفاء بالعهد .قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) سورة المائدة اآلية . 1و قال تعالى ( و أوفوا
بالعهد إن العهد كان مسؤوال ) سورة االسراء اآلية . 34
تختتم الوصايا التسع بقوله تعالى ( ذلكم وصآكم به لعلكم تذكرون ) سورة األنعام اآلية . 153إشارة إلى ما تضمنته هذه اآلية الثانية
مما حرم هللا تعالى على عباده .و قوله ( لعلكم تذكرون) أي ليعدكم بذلك ألن تذكروا فتتعظوا فتجتنبوا ما حرم عليكم .
23