You are on page 1of 4

‫بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل رب العاملين وصلى هللا وسلم‬

‫وبارك على عبده ورسوله وعلى آلة وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫َ‬
‫فاض َل بين عباده في ُ‬ ‫ُ‬
‫العقول واإلرادات‪ ،‬ورفع‬ ‫الحمد هلل الذي‬
‫واإليمان فوق بعضهم درجات‪ ،‬وأشهد أن ال إله‬ ‫ِ‬ ‫الناس بالعلم‬
‫إال هللا وحده ال شريك له في الذات‪ ،‬وال َس ِم َّي له في األسماء‪ ،‬وال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ به‬ ‫ُ‬ ‫مثيل له في الصفات‪،‬‬
‫أنف ِسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال ُمضلّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫من شرور‬
‫له‪ ،‬ومن ُيضلل فال هادي له إال هو‪.‬‬

‫يا معشر املسلمين‪ ،‬أوصيكم ونفسي بتقوى هللا تعالى‪ ،‬فهي‬


‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الشر والعذاب‪ ،‬املوصلة إلى الخير والثواب‪ ،‬ومن‬ ‫الوقاية من‬
‫رحمته ُسبحانه أن ّبين لنا مراتب الخير والثواب‪ ،‬وحثنا عليها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وسهل لنا أسبابها وطرقها‪ ،‬حيث وصف عباده املتقين بقيامهم‬
‫ُ‬ ‫ب ُحقوقه ُ‬
‫وحقوق ِعباده‪ ،‬ونفى عنهم اإلقامة على الذنوب‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫واإلصرار عليها‪ ،‬فكونوا عباد هللا من املتقين‪ ،‬ومن الدنيا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ألحد لبقيت لألنبياء‪ ،‬ولكنها خلقت للفناء‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫بقيت‬ ‫لو‬ ‫التي‬ ‫رين‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫فجديدها بال‪ ،‬ونعيمها مضمحل‪.‬‬
‫ُ‬
‫أيها املؤمنون؛ ّبين هللا ‪-‬تعالى‪ -‬لنا طرق الخير‪ ،‬وأثابنا عليها‬
‫ضهاَ‬‫بالجنة‪ ،‬لقوله‪َ ﴿ :‬و َسار ُعوا َلى َم ْغف َرة م ْن َرب ُك ْم َو َج َّنة َع ْر ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ٍ ِ ِّ‬ ‫ِ ِإ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ ُ َ َأْل ْ ُ ُأ َّ ْ ْ‬
‫السماوات وا رض ِعدت ِللمت ِقين﴾‪ ،‬فاملتقون هم امللتزمون‬
‫ُ‬
‫بطاعته‪ ،‬البعيدين عن معصيته‪ ،‬وحتى يصل اإلنسان إلى التقوى‬
‫ّ‬
‫فال ُب ّد له أن يعرف ما هي التقوى‪ „،‬فتقوى„ العبد تتحقق بجعل‬
‫الوقاية بينه وبين غضب هللا ‪-‬سبحانه‪ ،-‬وكيف ذلك؟ بفعل‬
‫ويذكر‬‫الطاعات واجتناب املعاصي‪ ،‬بأن ُيطاع هللا فال ُيعصى‪ُ ،‬‬
‫ويشكر فال ُيكفر‪.‬‬ ‫فال ُينسى‪ُ ،‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫عباد هللا‪ ،‬إن املتدبر في كتاب ربه وسنة رسوله يدرك أن‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ٌ ُ‬
‫خير‪ ،‬سواء كان هذا الخير في الدنيا أو‬ ‫التقوى سبب ِلكل ٍ‬
‫وسبب لتفريج‬ ‫ٌ‬ ‫سبب لسعادة املؤمن والنجاة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫اآلخرة‪ ،‬وهي‬
‫الكروب في الدنيا واآلخرة‪ ،‬قال هللا تعالى في كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬و َمن‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ َّ َّ َ َ ْ َ َّ ُ َ ْ َ ً َ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ ْ ُ اَل َ ْ َ‬
‫يت ِق اللـه يجعل له مخرجا* ويرزقه ِمن حيث يحت ِسب﴾‪ ،‬وذكر بعض‬
‫تجمع خيريّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫آية في القرآن؛ ألنها‬ ‫ٍ‬ ‫أجمع‬ ‫السلف أن هذه اآلية‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الدنيا واآلخرة؛ فاملتقي يجد املخرج مما يصيبه من مصائب‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الدنيا وكربات اآلخرة‪ ،‬ومن أعظم الثمار التي يجنيها املؤمن‬
‫ومحبته‪ ،‬وواليته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫معية هللا ‪-‬تبارك وتعالى‪،-‬‬ ‫بتقواه ُحصوله على ّ‬
‫ِ‬
‫َّ َ َ ْ َ ُ َأ َّ َّ‬
‫الل َه َمعَ‬ ‫وما أعظمها من ِثمار! ِلقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َّات ُقوا الله واعلموا ن‬
‫مْل ُ‬
‫ا َّت ِق َـين﴾‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجاء عن أبي الدرداء ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬أن تمام التقوى بأن يتقي‬
‫العبد ربه حتى من األشياء الصغيرة‪ ،‬وقد يترك بعض املباح‬
‫ّ‬
‫مخافة الوقوع في الحرام‪ .‬فكلنا بحاجة إلى التقوى ولو كان‬
‫ّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫حق تقا ِته‪ ،‬في الشدة‬ ‫الواحد منا من أعلم العلماء‪ ،‬أال فلنت ِق هللا‬
‫السر والعالنية‪ ،‬وفي الجلوة و الخلوة‪ ،‬لنكون من‬ ‫والرخاء‪ ،‬وفي ّ‬
‫املهتدين بإذن هللا إلى صراطه املستقيم في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫أستغفركَ‬
‫ُ‬ ‫َ َ اَّل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ َ َّ‬
‫وبحمدك‪ ،‬أشهد أن ال إله إ أنت‬
‫ِ‬ ‫سبحانك اللهم‬
‫وأتوب َ‬
‫إليك‬ ‫ُ‬

‫اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله‪ ،‬ما علمنا منه وما‬
‫لم نعلم‪ ،‬ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما‬
‫لم نعلم‪،‬‬
‫اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل‪ ،‬ونعوذ‬
‫آت نفوسنا‬
‫بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل‪ ،‬اللهم ِ‬
‫وزكها أنت خير من زكاها‪ ،‬أنت وليها وموالها‪.‬‬
‫تقواها‪ِّ ،‬‬

You might also like