You are on page 1of 10

‫‪ 24‬وسيلة لتنال رضا اهلل‬

‫دكتور أحمد مصطفى متولي‬


‫ِم ِن‬
‫فإن من أعظم نعيم أهل الجنة أن اهلل يرضى عنهم فال يسخط عليهم أبدًا‪ ،‬قال تعالى‪َ{ :‬و َعَد الَّلُه اْلُم ْؤ يَن‬
‫َو اْلُم ْؤ ِم َناِت َج َّناٍت َتْج ِر ي ِم ْن َتْح ِتَه ا اَأْلْنَه اُر َخ اِلِد يَن ِفيَه ا َو َم َس اِكَن َطِّيَبًة ِفي َج َّناِت َعْد ٍن َو ِر ْض َو اٌن ِم َن الَّلِه َأْك َبُر َذِلَك‬
‫ُه َو اْلَف ْو ُز اْلَعِظ يُم} [التوبة‪.]72 :‬‬
‫َو َعن أبي سعيد الخدري رضى اُهلل عنه قال‪َ :‬قاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪ِ " :‬إَّن الَّلَه َتَعاَلى َيُقوُل َأِلْه ِل‬
‫اْلَج َّنِة َيا أهَل الجنِة فيقولوَن َلَّبْيَك َر َّبَنا َو َس ْع َد ْيَك َو اْلَخ ْيُر ُك ُّلُه ِفي َيَد ْيَك َفَيُقوُل ‪َ :‬ه ْل َر ِض يُتْم ؟ َفَيُقوُلوَن ‪َ :‬و َم ا َلَنا اَل‬
‫َنْر َض ى َيا َر ِّب َو َقْد َأْع َطْيَتَنا َم ا َلْم ُتْع ِط َأَح ًد ا ِم ْن َخ ْلِق َك ؟ َفَيُقوُل َأاَل ُأْع ِط يُك ْم َأْفَض َل ِم ْن َذِلَك ؟ َفَيُقوُلوَن ‪َ :‬يا َر ِّب َو َأُّي‬
‫َش ْي ٍء َأْفَض ُل ِم ْن َذِلَك ؟‬
‫َفَيُقوُل ‪ُ :‬أِح ُّل َعَلْيُك ْم ِر ْض َو اِني َفاَل َأْس َخ ُط َعَلْيُك ْم َبْعَدُه َأَبًد ا (ُمَّتَف ٌق َعَلْيِه وصححه األلباني في المشكاة) "‪.‬‬
‫لذا كان حرَّيًا بنا أن نبحث عن أسباب رضا اهلل تعالى لنطرق بابها ‪ ,‬لنكون من أهل رضوان اهلل تعالى‪.‬‬
‫واآلن مع أربٍع وعشرين وسيلة لتنال رضا اهلل تعالى‪:‬‬
‫‪ :2 - 1‬اإليمان باهلل والعمل الصالح‪ ،‬قال تعالى {‪ِ :‬إَّن اَّلِذ يَن َآَم ُنوا َو َعِم ُلوا الَّص اِلَح اِت ُأوَلِئَك ُه ْم َخ ْيُر اْلَبِر َّيِة *‬
‫ِل ِل‬ ‫ِض‬ ‫ِلِد ِف‬ ‫ِم ِت‬ ‫ٍن‬ ‫ِع‬
‫َجَز اُؤ ُه ْم ْنَد َر ِّبِه ْم َج َّناُت َعْد َتْج ِر ي ْن َتْح َه ا اَأْلْنَه اُر َخ ا يَن يَه ا َأَبًد ا َر َي الَّلُه َعْنُه ْم َو َر ُضوا َعْنُه َذ َك َمْن‬
‫َخ ِش َي َر َّبُه} البينة‪ * :‬وأما المؤمنون الذين آمنوا وعِم لوا صالحًا فإنهم خيُر الخليقة‪ ،‬وثواُبهم في اآلخرة جّناُت إقامة‬
‫دائمة تجري من تحتها األنهاُر ماكثين فيها أبدا‪ .‬فلقد قبَل اُهلل أعماَلهم فرضَي عنهم‪ ،‬كما شَك روا إحساَنه عليهم‪.‬‬
‫هذا هو الجزاُء الطّيُب لمن خاف عقاب ربه‬
‫ِم ِت‬ ‫ِع‬ ‫ِب ِم ِل ِل ِذ‬
‫‪ - 3‬التقوى‪ :‬قال تعالى‪ُ ":‬قْل َأُؤ َنِّبُئُك ْم َخ ْيٍر ْن َذ ُك ْم َّل يَن اَّتَق ْو ا ْنَد َر ِّبِه ْم َج َّناٌت َتْج ِر ي ْن َتْح َه ا اَأْلْنَه اُر‬
‫َخ اِلِد يَن ِفيَه ا َو َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة َو ِر ْض َو اٌن ِم َن الَّلِه َو الَّلُه َبِص يٌر ِباْلِعَبادِ" آل عمران‪.15 :‬‬
‫* ثم أخبر عن ذلك بأن المتقين هلل‪ ،‬القائمين بعبوديته‪ ،‬لهم خير من هذه اللذات‪ ،‬فلهم أصناف الخيرات‪ ،‬والنعيم‬
‫المقيم‪ ،‬مما ال عين رأت‪ ،‬وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر على قلب بشر‪ ،‬ولهم رضوان اهلل الذي هو أكبر من كل‬
‫شيء‪.‬‬
‫ولهم األزواج المطهرة‪ ،‬من كل آفة ونقص‪ ،‬جميالت األخالق‪ ،‬كامالت الخالئق‪ ،‬ألن النفي يستلزم ضده‪،‬‬
‫فتطهيرها من اآلفات‪ ،‬مستلزم لوصفها بالكماالت (تيسير الكريم الرحمن)‪.‬‬
‫ِم ِت‬ ‫ِدِق ِص‬
‫‪ - 4‬الصدُق مع اهلل تعالى‪َ :‬قاَل تعالى‪َ ":‬ه َذ ا َيْو ُم َيْنَف ُع الَّص ا يَن ْد ُقُه ْم َلُه ْم َج َّناٌت َتْج ِر ي ْن َتْح َه ا اَأْلْنَه اُر‬
‫َخ اِلِد يَن ِفيَه ا َأَبًد ا َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ْم َو َر ُضوا َعْنُه َذِلَك اْلَف ْو ُز اْلَعِظ يُم" المائدة‪.119:‬‬
‫* والصادقون هم الذين استقامت أعمالهم وأقوالهم ونياتهم على الصراط المستقيم والهْد ي القويم‪ ،‬فيوم القيامة‬
‫يجدون ثمرة ذلك الصدق‪ ،‬إذا أحلهم اهلل في مقعد صدق عند مليك مقتدر (تيسير الكريم الرحمن)‬
‫ِل‬ ‫ِه‬ ‫ِف ِب‬ ‫ِذ‬
‫‪ :6 - 5‬الهجرُة والجهاُد في سبيل اهلل قال تعالى‪{ " :‬اَّل يَن آَم ُنوا َو َه اَج ُر وا َو َج اَه ُد وا ي َس يِل الّل ِبَأْم َو ا ِه ْم‬
‫ِف ِع‬ ‫ٍت‬ ‫ٍن‬ ‫ٍة ِم‬ ‫ِئ‬ ‫ِه ِئ‬ ‫ِع‬ ‫ِس‬
‫َو َأنُف ِه ْم َأْعَظُم َدَرَج ًة نَد الّل َو ُأْو َل َك ُه ُم اْلَف ا ُز وَن ‪ُ ..‬يَبِّش ُر ُه ْم َر ُّبُه ْم ِبَر ْح َم ْنُه َو ِر ْض َو ا َو َج َّنا َلُه ْم يَه ا َن يٌم‬
‫ُمِق يٌم} التوبة‪ * - 20:‬هؤالء الذين جمعوا الصفاِت الحميدَة يبّش رهم اهلل تعالى برحمته الواسعة التي تشملهم‪،‬‬
‫ورضوان كامل من لدْنه‪ ،‬وهو أكبر جزاٍء ‪ .‬وسُيدخلهم يوم القيامة جناٍت لهم فيها نعيٌم ثابت دائم‪( .‬تيسير التفسير‬
‫للقطان)‬
‫‪ :9 - 7‬األمُر بالمعروف والنهُى عن المنكر وإقامُة الصالة وإيتاُء الزكاة‪َ{ .‬و اْلُم ْؤ ِم ُنوَن َو اْلُم ْؤ ِم َناُت َبْع ُضُه ْم َأْو ِلَياء‬
‫َبْع ٍض َيْأُمُر وَن ِباْلَم ْع ُر وِف َو َيْنَه ْو َن َعِن اْلُم نَك ِر َو ُيِق يُم وَن الَّص َالَة َو ُيْؤ ُتوَن الَّز َك اَة َو ُيِط يُعوَن الّلَه َو َرُس وَلُه ُأْو َلِئَك‬
‫َس َيْر َحُم ُه ُم الّلُه ِإَّن الّلَه َعِز يٌز َح ِكيٌم َو َعَد الَّلُه اْلُم ْؤ ِم ِنيَن َو اْلُم ْؤ ِم َناِت َج َّناٍت َتْج ِر ي ِم ْن َتْح ِتَه ا اَأْلْنَه اُر َخ اِلِد يَن ِفيَه ا‬
‫َو َم َس اِكَن َطِّيَبًة ِفي َج َّناِت َعْد ٍن َو ِر ْض َو اٌن ِم َن الَّلِه َأْك َبُر َذِلَك ُه َو اْلَف ْو ُز اْلَعِظ يُم} التوبة‪.72 - 71:‬‬
‫* {َو اْلُم ْؤ ِم ُنوَن َو اْلُم ْؤ ِم َناُت } أي‪ :‬ذكورهم وإناثهم {َبْع ُضُه ْم َأْو ِلَياُء َبْع ٍض } في المحبة والمواالة‪ ،‬واالنتماء والنصرة‪.‬‬
‫{َيْأُمُر وَن ِباْلَم ْع ُر وِف } وهو‪ :‬اسم جامع‪ ،‬لكل ما عرف حسنه‪ ،‬من العقائد الحسنة‪ ،‬واألعمال الصالحة‪ ،‬واألخالق‬
‫الفاضلة‪ ،‬وأول من يدخل في أمرهم أنفسهم‪َ{ ،‬و َيْنَه ْو َن َعِن اْلُم ْنَك ِر } وهو‪ :‬كل ما خالف المعروف وناقضه من‬
‫العقائد الباطلة‪ ،‬واألعمال الخبيثة‪ ،‬واألخالق الرذيلة‪.‬‬
‫{َو ُيِط يُعوَن الَّلَه َو َرُس وَلُه} أي‪ :‬ال يزالون مالزمين لطاعة اهلل ورسوله على الدوام‪.‬‬
‫{ُأوَلِئَك َس َيْر َحُم ُه ُم الَّلُه} أي‪ :‬يدخلهم في رحمته‪ ،‬ويشملهم بإحسانه‪.‬‬
‫{ِإَّن الَّلَه َعِز يٌز َح ِكيٌم} أي‪ :‬قوي قاهر ومع قوته فهو حكيم يضع كل شيء موضعه الالئق به الذي يحمد على ما‬
‫خلقه وأمر به‪ .‬ثم ذكر ما أعد اهلل لهم من الثواب فقال‪َ{ :‬و َعَد الَّلُه اْلُم ْؤ ِم ِنيَن َو اْلُم ْؤ ِم َناِت َج َّناٍت َتْج ِر ي ِم ْن َتْح ِتَه ا‬
‫األْنَه اُر } جامعة لكل نعيم وفرح‪ ،‬خالية من كل أذى وترح‪ ،‬تجري من تحت قصورها ودورها وأشجارها األنهار‬
‫الغزيرة‪ ،‬المروية للبساتين األنيقة‪ ،‬التي ال يعلم ما فيها من الخيرات والبركات إال اهلل تعالى‪.‬‬
‫{َخ اِلِد يَن ِفيَه ا} ال يبغون عنها ِح َو ال {َو َم َس اِكَن َطِّيَبًة ِفي َج َّناِت َعْد ٍن } قد زخرفت وحسنت وأعدت لعباد اهلل‬
‫المتقين‪ ،‬قد طاب مرآها‪ ،‬وطاب منزلها ومقيلها‪ ،‬وجمعت من آالت المساكن العالية ما ال يتمنى فوقه المتمنون‪،‬‬
‫حتى إن اهلل تعالى قد أعد لهم غرفا في غاية الصفاء والحسن‪ ،‬يرى ظاهرها من باطنها‪ ،‬وباطنها من ظاهرها‪.‬‬
‫فهذه المساكن األنيقة‪ ،‬التي حقيق بأن تسكن إليها النفوس‪ ،‬وتنزع إليها القلوب‪ ،‬وتشتاق لها األرواح‪ ،‬ألنها في‬
‫جنات عدن‪ ،‬أي‪ :‬إقامة ال يظعنون عنها‪ ،‬وال يتحولون منها‪.‬‬
‫{َو ِر ْض َو اٌن ِم َن الَّلِه} يحله على أهل الجنة {َأْك َبُر } مما هم فيه من نعيم‪ ،‬فإن نعيمهم لم يطب إال برؤية ربهم‬
‫ورضوانه عليهم وألنه الغاية التي أَّم ها العابدون‪ ،‬والنهاية التي سعى نحوها المحبون‪ ،‬فرضا رب األرض‬
‫والسماوات‪ ،‬أكبر من نعيم الجنات‪.‬‬
‫{َذِلَك ُه َو اْلَف ْو ُز اْلَعِظ يُم} حيث حصلوا على كل مطلوب‪ ،‬وانتفى عنهم كل محذور‪ ،‬وحسنت وطابت منهم جميع‬
‫األمور‪ ،‬فنسأل اهلل أن يجعلنا معهم بجوده‪( .‬تيسير الكريم الرحمن)‬
‫ِج‬ ‫ِم‬ ‫ِب‬ ‫ِب ٍن‬ ‫َّلِذ‬
‫‪- :12 - 10‬المهاجرون واألنصار َو ا يَن اَّتَبُعوُه ْم ِإ ْح َس ا ‪ .‬قال تعالى‪َ" :‬و الَّس ا ُقوَن اَأْلَّو ُلوَن َن اْلُم َه ا ِر يَن‬
‫َو اَأْلْنَص اِر َو اَّلِذ يَن اَّتَبُعوُه ْم ِبِإ ْح َس اٍن َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ْم َو َر ُضوا َعْنُه َو َأَعَّد َلُه ْم َج َّناٍت َتْج ِر ي َتْح َتَه ا اَأْلْنَه اُر َخ اِلِد يَن ِفيَه ا‬
‫َأَبًد ا َذِلَك اْلَف ْو ُز اْلَعِظ يُم " * السابقون هم الذين سبقوا هذة األمة وبدروها إلى اإليمان والهجرة‪ ،‬والجهاد‪ ،‬وإقامة‬
‫دين اهلل‪.‬‬
‫{ِم َن اْلُم َه اِج ِر يَن } {الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضال من اهلل ورضوانا‪ ،‬وينصرون اهلل ورسوله أولئك‬
‫هم الصادقون}‪{ .‬و} من {األْنَص اِر } {الذين تبوأوا الدار واإليمان‪[ ،‬من قبلهم] يحبون من هاجر إليهم‪ ،‬وال‬
‫يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا‪ ،‬ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}‪.‬‬
‫{َو اَّلِذ يَن اَّتَبُعوُه ْم ِبِإ ْح َس اٍن } باالعتقادات واألقوال واألعمال‪ ،‬فهؤالء‪ ،‬هم الذين سلموا من الذم‪ ،‬وحصل لهم نهاية‬
‫المدح‪ ،‬وأفضل الكرامات من اهلل‪.‬‬
‫{َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ْم } ورضاه تعالى أكبر من نعيم الجنة‪َ{ ،‬و َر ُضوا َعْنُه َو َأَعَّد َلُه ْم َج َّناٍت َتْج ِر ي َتْح َتَه ا األْنَه اُر } الجارية‬
‫التي تساق إلى َس ْق ِي الجنان‪ ،‬والحدائق الزاهية الزاهرة‪ ،‬والرياض الناضرة‪.‬‬
‫{َخ اِلِد يَن ِفيَه ا َأَبًد ا} ال يبغون عنها حوال وال يطلبون منها بدال ألنهم مهما تمنوه‪ ،‬أدركوه‪ ،‬ومهما أرادوه‪ ،‬وجدوه‪.‬‬
‫{َذِلَك اْلَف ْو ُز اْلَعِظ يُم} الذي حصل لهم فيه‪ ،‬كل محبوب للنفوس‪ ،‬ولذة لألرواح‪ ،‬ونعيم للقلوب‪ ،‬وشهوة لألبدان‪،‬‬
‫واندفع عنهم كل محذور‪( .‬تيسير الكريم الرحمن)‬
‫‪ - 13‬أصحاب بيعة الرضوان من الصحابة الكرام قال تعالى‪َ ":‬لَق ْد َر ِض َي الَّلُه َعِن اْلُم ْؤ ِم ِنيَن ِإْذ ُيَباِيُعوَنَك َتْح َت‬
‫الَّش َج َر ِة َفَعِلَم َم ا ِفي ُقُلوِبِه ْم َفَأْنَز َل الَّس ِكيَنَة َعَلْيِه ْم َو َأَثاَبُه ْم َفْتًح ا َقِر يًبا" الفتح‪.18 :‬‬
‫* يخبر تعالى بفضله ورحمته‪ ،‬برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى اهلل عليه وسلم تلك المبايعة التي‬
‫بيضت وجوههم‪ ،‬واكتسبوا بها سعادة الدنيا واآلخرة‪ ،‬وكان سبب هذه البيعة ‪-‬التي يقال لها "بيعة الرضوان" لرضا‬
‫اهلل عن المؤمنين فيها‪ ،‬ويقال لها "بيعة أهل الشجرة" ‪ -‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لما دار الكالم بينه وبين‬
‫المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه‪ ،‬وأنه لم يجئ لقتال أحد‪ ،‬وإنما جاء زائرا هذا البيت‪ ،‬معظما له‪ ،‬فبعث‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عثمان بن عفان لمكة في ذلك‪ ،‬فجاء خبر غير صادق‪ ،‬أن عثمان قتله المشركون‪،‬‬
‫فجمع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من معه من المؤمنين‪ ،‬وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة‪ ،‬فبايعوه تحت‬
‫شجرة على قتال المشركين‪ ،‬وأن ال يفروا حتى يموتوا‪ ،‬فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال‪ ،‬التي‬
‫هي من أكبر الطاعات وأجل القربات‪َ{ ،‬فَعِلَم َم ا ِفي ُقُلوِبِه ْم } من اإليمان‪َ{ ،‬فَأنزَل الَّس ِكيَنَة َعَلْيِه ْم }‬
‫شكرا لهم على ما في قلوبهم‪ ،‬زادهم هدى‪ ،‬وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها‬
‫المشركون على رسوله‪ ،‬فأنزل عليهم السكينة تثبتهم‪ ،‬وتطمئن بها قلوبهم‪َ{ ،‬و َأَثاَبُه ْم َفْتًح ا َقِر يًبا} وهو‪ :‬فتح خيبر‪،‬‬
‫لم يحضره سوى أهل الحديبية‪ ،‬فاختصوا بخيبر وغنائمها‪ ،‬جزاءا لهم‪ ،‬وشكرا على ما فعلوه من طاعة اهلل تعالى‬
‫والقيام بمرضاته (تيسير الكريم الرحمن)‪.‬‬
‫‪ - 14‬من بادر إلى طاعة ربه ومواله قال تعالى حكاية عن موسى عليه السالم‪َ ":‬و َعِج ْلُت ِإَلْيَك َر ِّب ِلَتْر َض ى" طه‪:‬‬
‫‪.84‬‬
‫* كان اهلل تعالى‪ ،‬قد واعد موسى أن يأتيه لينزل عليه التوراة ثالثين ليلة‪ ،‬فأتمها بعشر‪ ،‬فلما تم الميقات‪ ،‬بادر‬
‫موسى عليه السالم إلى الحضور للموعد شوقا لربه‪ ،‬وحرصا على موعوده‪ ،‬فقال اهلل له‪َ{ :‬و َم ا َأْعَج َلَك َعْن َقْو ِم َك‬
‫َيا ُموَس ى} أي‪ :‬ما الذي قدمك عليهم؟ ولم لم تصبر حتى تقدم أنت وهم؟ قال‪ُ{ :‬ه ْم ُأوالِء َعَلى َأَثِر ي} أي‪ :‬قريبا‬
‫مني‪ ،‬وسيصلون في أثري والذي عجلني إليك يا رب طلبا لقربك ومسارعة في رضاك‪ ،‬وشوقا إليك (تيسير الكريم‬
‫الرحمن)‬
‫‪ - 15‬من شكر اهلل عز وجل قال تعالى‪َ ":‬و ِإْن َتْش ُك ُر وا َيْر َضُه َلُك ْم " الزمر‪.7 :‬‬
‫* {َو ِإْن َتْش ُك ُر وا} هلل تعالى بتوحيده‪ ،‬وإخالص الدين له {َيْر َضُه َلُك ْم } لرحمته بكم‪ ،‬ومحبته لإلحسان عليكم‪،‬‬
‫ولفعلكم ما خلقكم ألجله (تيسير الكريم الرحمن)‪.‬‬
‫‪ - 16‬البراءة من الشرك والمشركين وإظهار عداوتهم قال تعالى‪" :‬اَل َتِج ُد َقْو ًم ا ُيْؤ ِم ُنوَن ِبالَّلِه َو اْلَيْو ِم اآْل ِخ ِر‬
‫ِب‬ ‫ِف‬ ‫ِئ‬ ‫ِش‬ ‫ِإ‬ ‫َّل‬
‫ُيَو اُّدوَن َمْن َح اَّد ال َه َو َرُس وَلُه َو َلْو َك اُنوا آَباَءُه ْم َأْو َأْبَناَءُه ْم َأْو ْخ َو اَنُه ْم َأْو َع يَر َتُه ْم ُأوَل َك َك َتَب ي ُقُلو ِه ُم‬
‫اِإْل يَم اَن َو َأَّيَد ُه ْم ِبُر وٍح ِم ْنُه َو ُيْد ِخ ُلُه ْم َج َّناٍت َتْج ِر ي ِم ْن َتْح ِتَه ا اَأْلْنَه اُر َخ اِلِد يَن ِفيَه ا َر ِض َي الَّلُه َعْنُه ْم َو َر ُضوا َعْنُه ُأوَلِئَك‬
‫ِح ْز ُب الَّلِه َأاَل ِإَّن ِح ْز َب الَّلِه ُه ُم اْلُم ْف ِلُح وَن " المجادلة ‪.22‬‬
‫* يقول تعالى‪{ :‬ال َتِج ُد َقْو ًم ا ُيْؤ ِم ُنوَن ِبالَّلِه َو اْلَيْو ِم اآلِخ ِر ُيَو اُّدوَن َمْن َح اَّد الَّلَه َو َرُس وَلُه} أي‪ :‬ال يجتمع هذا وهذا‪،‬‬
‫فال يكون العبد مؤمنا باهلل واليوم اآلخر حقيقة‪ ،‬إال كان عامال على مقتضى اإليمان ولوازمه‪ ،‬من محبة من قام‬
‫باإليمان ومواالته‪ ،‬وبغض من لم يقم به ومعاداته‪ ،‬ولو كان أقرب الناس إليه‪.‬‬
‫وهذا هو اإليمان على الحقيقة‪ ،‬الذي وجدت ثمرته والمقصود منه‪ ،‬وأهل هذا الوصف هم الذين كتب اهلل في‬
‫قلوبهم اإليمان‪ .‬أي‪ :‬رسمه وثبته وغرسه غرسا‪ ،‬ال يتزلزل‪ ،‬وال تؤثر فيه الشبه والشكوك‪.‬‬
‫وهم الذين قواهم اهلل بروح منه أي‪ :‬بوحيه‪ ،‬ومعونته‪ ،‬ومدده اإللهي وإحسانه الرباني‪.‬‬
‫وهم الذين لهم الحياة الطيبة في هذه الدار‪ ،‬ولهم جنات النعيم في دار القرار‪ ،‬التي فيها من كل ما تشتهيه األنفس‪،‬‬
‫وتلذ األعين‪ ،‬وتختار‪ ،‬ولهم أكبر النعيم وأفضله‪ ،‬وهو أن اهلل يحل عليهم رضوانه فال يسخط عليهم أبدا‪ ،‬ويرضون‬
‫عن ربهم بما يعطيهم من أنواع الكرامات‪ ،‬ووافر المثوبات‪ ،‬وجزيل الهبات‪ ،‬ورفيع الدرجات بحيث ال يرون فوق‬
‫ما أعطاهم موالهم غاية‪ ،‬وال فوقه نهاية‪.‬‬
‫وأما من يزعم أنه يؤمن باهلل واليوم اآلخر‪ ،‬وهو مع ذلك مواد ألعداء اهلل‪ ،‬محب لمن ترك اإليمان وراء ظهره‪ ،‬فإن‬
‫هذا إيمان زعمي ال حقيقة له‪ ،‬فإن كل أمر ال بد له من برهان يصدقه‪ ،‬فمجرد الدعوى‪ ،‬ال تفيد شيئا وال يصدق‬
‫صاحبها‪.‬‬
‫‪ - 17‬النفس المطمئنة اآلمنة من العذاب (نفس المؤمن عند الوفاة وقبض الروح)‪ .‬قال تعالى‪َ" :‬يا َأَّيُتَه ا الَّنْف ُس‬
‫اْلُم ْطَم ِئَّنُة (‪ )27‬اْر ِج ِعي ِإَلى َر ِّبِك َر اِض َيًة َمْر ِض َّيًة" الفجر‪.28 ،27:‬‬
‫* وأما من اطمأن إلى اهلل وآمن به وصدق رسله‪ ،‬فيقال له‪َ{ :‬يا َأَّيُتَه ا الَّنْف ُس اْلُم ْطَم ِئَّنُة} إلى ذكر اهلل‪ ،‬الساكنة إلى‬
‫حبه‪ ،‬التي قرت عينها باهلل‪.‬‬
‫{اْر ِج ِعي ِإَلى َر ِّبِك } الذي رباك بنعمته‪ ،‬وأسدى عليك من إحسانه ما صرت به من أوليائه وأحبابه {َر اِض َيًة َمْر ِض َّيًة}‬
‫أي‪:‬‬
‫راضية عن اهلل‪ ،‬وعن ما أكرمها به من الثواب‪ ،‬واهلل قد رضي عنها (تيسير الكريم الرحمن)‪.‬‬
‫‪ - 18‬الرضا بقضاء اهلل وقدره‪:‬‬
‫َعْن َأَنٍس َقاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪ِ« :‬إَّن ِع َظَم اْلَجَز اِء َمَع ِع َظِم اْلَباَل ِء َو ِإَّن الَّلَه َعَّز َو َج َّل ِإَذا َأَح َّب‬
‫َقْو ًم ا اْبَتاَل ُه ْم َفَمْن َر ِض َي َفَلُه الِّر َض ا َو َمْن َس ِخ َط َفَلُه الَّس َخ ُط » (َرَو اُه الِّتْر ِمِذ ُّي َو اْبُن َم اَج ه وحسنه األلباني فى‬
‫المشكاة)‪.‬‬
‫* قال العالمة األلبانى‪ :‬وفي هذه األحاديث داللة صريحة على أن المؤمن كلما كان أقوى إيمانًا‪ ،‬ازداد ابتالًء‬
‫وامتحانًا‪ ،‬والعكس بالعكس‪ ،‬ففيها رد على ضعفاء العقول واألحالم الذين يظنون أن المؤمن إذا أصيب ببالء‬
‫كالحبس أو الطرد أو اإلقالة من الوظيفة ونحوها أن ذلك دليل على أن المؤمن غير مرضي عند اهلل تعالى! وهو ظن‬
‫باطل‪ ،‬فهذا رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم وهو أفضل البشر‪ ،‬كان أشد الناس حتى األنبياء بالء‪ ،‬فالبالء غالبًا‬
‫دليل خير‪ ،‬وليس نذير شر (موسوعة األلباني)‬
‫‪ :20 - 19‬الصدقة واإلنفاق في سبيل اهلل وشكُر نعمة اهلل تعالى‪:‬‬
‫َعن َأِبي ُه َر ْيَر َة َأَّنُه َس ِم َع الَّنِبَّي َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َيُقوُل ‪ِ« :‬إَّن َثاَل َثة ِفي َبِني ِإْس َر اِئيَل َأْبَر َص َو َأْقَر َع َو َأْع َم ى َفَأَر اَد‬
‫ِج‬ ‫ٍء‬ ‫ِل‬
‫الَّلُه َأْن َيْبَت َيُه ْم َفَبَعَث ِإَلْيِه ْم َم َلًك ا َفَأَتى اَأْلْبَر َص َفَق اَل َأُّي َش ْي َأَح ُّب ِإَلْيَك َقاَل َلْو ٌن َح َس ٌن َو ْلٌد َح َس ٌن َو َيْذ َه ُب‬
‫َعِّني اَّلِذ ي َقْد َقِذ َر ِني الَّناُس » َقاَل ‪َ« :‬فَمَس َح ُه َفَذ َه َب َعْنُه َقَذ ُر ُه َو ُأْع ِط َي َلْو ًنا َح َس ًنا َو ِج ْلًد ا َح َس ًنا َقاَل َفَأُّي اْلَم اِل َأَح ُّب‬
‫ِإَلْيَك َقاَل اِإْل ِبُل ‪َ -‬أْو َقاَل اْلَبقر شّك ِإْسَح ق ‪ِ -‬إاَّل َأَّن اَأْلْبَر َص َأِو اَأْلْقَر َع َقاَل َأَح ُد ُه َم ا اِإْل ِبُل َو َقاَل اآْل َخ ُر اْلَبَق ُر َقاَل‬
‫ِف‬ ‫ِط‬
‫َفُأْع َي َناَقًة ُعَش َر اَء َفَق اَل َباَر َك الَّلُه َلَك يَه ا» َقاَل ‪َ« :‬فأتى اَأْلْقَر ع َفَق اَل َأي َش ْي ء أحب ِإَلْيك َقاَل َش َعٌر َح َس ٌن‬
‫َو َيْذ َه ُب َعِّني َه َذ ا اَّلِذ ي َقْد َقِذ َر ِني الَّناُس »‪َ .‬قاَل ‪َ " :‬فَمَس َح ُه َفَذ َه َب َعْنُه َو ُأْع ِط َي َش َعًر ا َح َس ًنا َقاَل َفَأُّي اْلَم اِل َأَح ُّب‬
‫ِإَلْيَك َقاَل اْلَبَق ُر َفُأْع ِط َي َبَق َر ًة َح اِم اًل َقاَل ‪َ« :‬باَر َك الَّلُه َلَك ِفيَه ا» َقاَل ‪َ« :‬فَأَتى اَأْلْع َم ى َفَق اَل َأُّي َش ْي ٍء َأَح ُّب ِإَلْيَك َقاَل‬
‫ِإ‬ ‫ِل‬ ‫َّل ِإ ِه‬ ‫ِص ِبِه‬ ‫َّل ِإ‬
‫َأْن َيُر َّد ال ُه َلَّي َبَص ِر ي َفُأْب َر الَّناَس »‪َ .‬قاَل ‪َ« :‬فَمَس َح ُه َفَر َّد ال ُه َلْي َبَص َر ُه َقاَل َفَأُّي اْلَم ا َأَح ُّب َلْيَك َقاَل اْلَغَنُم‬
‫َفُأْع ِط َي َش اة والدا فأنتج َه َذ اِن َو ولد َه َذ ا َقاَل َفَك اَن ِلَه َذ ا َو اٍد ِم ِن اِإْل ِبِل َو ِلَه َذ ا َو اٍد ِم َن اْلَبَق ِر َو ِلَه َذ ا َو اٍد ِم َن اْلَغَنِم »‪.‬‬
‫ِل‬ ‫ِر‬ ‫ِب ِح ِف‬ ‫ِم ِك ِد‬ ‫ِتِه ِتِه‬ ‫ِف‬ ‫ِإ‬
‫َقاَل ‪ُ« :‬ثَّم َّنُه َأَتى اَأْلْبَر َص ي ُصوَر َو َهْيَئ َفَق اَل َرُج ٌل ْس يٌن َق اْنَق َطَعْت َي اْل َباُل ي َس َف ي َفاَل َباَل َغ َي‬
‫اْلَيْو َم ِإاَّل ِبالَّلِه ُثَّم ِبَك َأْس َأُلَك ِباَّلِذ ي َأْعَطاَك الَّلْو َن اْلحسن َو اْلَج لد اْلحسن َو اْلَم ال َبِعيًر ا أتبلغ َعَلْيِه ِفي َس َف ِر ي َفَق اَل‬
‫اْلُح ُق وق َك ِثيَر ة َفَق اَل َلُه َك َأِّني َأْع ِر ُفَك َأَلْم َتُك ْن َأْبَر َص َيْقَذ ُر َك الَّناُس َفِق يًر ا َفَأْع َطاَك الَّلُه َم ااًل َفَق اَل ِإَّنَم ا َو ِر ْثُت َه َذ ا‬
‫ِم‬ ‫ِتِه‬ ‫ِف‬ ‫َّل ِإ‬ ‫ِذ‬ ‫ِإ‬ ‫ِب‬ ‫ِب‬
‫اْلَم اَل َك ا ًر ا َعْن َك ا ٍر َفَق اَل ْن ُك ْنَت َك ا ًبا َفَص َّيَر َك ال ُه َلى َم ا ُك ْنَت »‪َ .‬قاَل ‪َ« :‬و َأَتى اَأْلْقَر َع ي ُصوَر َفَق اَل َلُه ْثَل‬
‫َم ا َقاَل ِلَه َذ ا َو َر َّد َعَلْيِه ِم ْثَل َم ا َر َّد َعَلى َه َذ ا َفَق اَل ِإْن ُك ْنَت َك اِذ ًبا َفَص َّيَر َك الَّلُه ِإَلى َم ا ُك ْنَت »‪َ .‬قاَل ‪َ« :‬و َأَتى اَأْلْعَم ى ِفي‬
‫ِت‬
‫ُصوَر ِه َو َهْيَئِتِه َفَق اَل َرُج ٌل ِم ْس ِكيٌن َو اْبُن َس ِبيٍل اْنَق َطَعْت ِبَي اْلِح َباُل ِفي َس َف ِر ي َفاَل َباَل َغ ِلَي اْلَيْو َم ِإاَّل ِبالَّلِه ُثَّم ِبَك‬
‫َأْس َأُلَك ِباَّلِذ ي َر َّد َعَلْيَك َبَص َر َك َش اًة َأَتَبَّلُغ ِبَه ا ِفي َس َف ِر ي َفَق اَل َقْد ُك ْنُت َأْع َم ى َفَر َّد الَّلُه ِإَلَّي َبَص ِر ي َفُخ ْذ َم ا ِش ْئَت‬
‫َو َدْع َم ا ِش ْئَت َفَو الَّلِه اَل أجهدك اْلَيْو م َش ْيئا َأَخ ْذ َتُه ِلَّلِه َفَق اَل َأْم ِس ْك َم اَلَك َفِإ َّنَم ا اْبُتِليُتْم فقد َر ِض ي َعْنك َو سخط على‬
‫صاحبيك» (متفق عليه وصححه األلباني فى المشكاة)‬
‫* قال العالمة ابن عثيمين‪ :‬وفي قصتهم آيات من آيات اهلل عز وجل‪ :‬منها‪ :‬إثبات المالئكة‪ ،‬والمالئكة عالم غيبي‬
‫خلقهم اهلل _ عز وجل_ من نور‪ ،‬وجعل لهم قوة في تنفيذ أمر اهلل‪ ،‬وجعل لهم إرادة في طاعة اهلل‪ ،‬فهم ال يعصون‬
‫اهلل ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون‪ .‬ومنها‪ :‬إن المالئكة قد يكونون علي صورة بني آدم‪ ،‬فان الملك أتى لهؤالء‬
‫الثالث بصورة إنسان‪ .‬ومنها أيضا‪ :‬انهم_ أي المالئكة_ يتكيفون بصورة الشص المعين‪ ،‬كما جاء إلى األبرص‬
‫واألقرع واألعمى غفي المرة الثانية بصورته وهيئته‪ .‬ومنها أيضا‪ :‬انه يجوز االختبار لإلنسان في إن يأتي الشخص‬
‫علي هيئة معينة ليختبره‪ ،‬فان هذا الملك جاء علي صورة اإلنسان المحتاج المصاب بالعاهة ليرق له هؤالء الثالثة‪،‬‬
‫مع إن الملك فيما يبدو_ والعلم عند اهلل_ ال يصاب في األصل بالعاهات‪ ،‬ولكن اهلل_ سبحانه وتعالى_ جعلهم‬
‫يأتون علي هذه الصورة من اجل االختبار‪ .‬ومنها‪ :‬إن الملك مسح األقرع واألبرص واألعمى مسحة واحدة فأزال‬
‫اهلل عيبهم بهذه المسحة‪ ،‬الن اهلل_ سبحانه وتعالى_ إذا أراد شيئا قال له كن فيكون‪ ،‬ولو شاء اهلل الذهب عنهم‬
‫العاهة بدون هذا الملك‪ ،‬ولكن اهلل جعل هذا سببا لالبتالء واالمتحان‪ .‬ومنها‪ :‬إن اهلل قد يبارك لإلنسان بالمال حتى‬
‫ينتج منه الشيء الكثير‪ ،‬فان هؤالء النفر الثالث صار لواحد واد من اإلبل‪ ،‬وللثاني واد من البقر‪ ،‬وللثالث واد من‬
‫الغنم‪ ،‬وهذا من بركة اهلل عز وجل‪ .‬وقد دعا الملك لكل واحد منهم بالبركة‪ .‬ومنها‪ :‬تفاوت بني آدم في شكر‬
‫نعمة اهلل ونفع عباد اهلل‪ ،‬فان األبرص واألقرع وقد أعطاهم اهلل المال األهم واألكبر‪ ،‬ولكن جحدا نعمة اهلل‪ ،‬قاال‪:‬‬
‫إنما ورثنا هذا المال كابرا عن كابر‪ ،‬وهم كذبة في ذلك‪ ،‬فانهم كانوا فقراء أعطاهم اهلل المال‪ ،‬لكنهم_ والعياذ‬
‫باهلل_ جحدوا نعمة اهلل وقالوا‪ :‬هذا من آبائنا وأجدادنا‪ .‬أما األعمى فانه شكر نعمة اهلل واعترف هلل بالفضل‪ ،‬ولذاك‬
‫وفق وهداه اهلل وقال للملك‪( :‬خذ ما شئت ودع ما شئت) ومنها أيضا‪ :‬إثبات الرضا والسخط هلل سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫أي انه يرضي على ما شاء ويسخط على ما شاء‪ ،‬وهما من الصفات التي يجب إن نثبتها لربنا سبحانه وتعالى‪ ،‬ألنه‬
‫وصف نفسه بها‪ .‬ففي القران الكريم‪ :‬الرضا‪َ( :‬ر ِض َي الَّلُه َعْنُه ْم َو َر ُضوا َعْنُه) (التوبة‪ :‬من اآلية ‪ ،)100‬وفي القران‬
‫الكريم‪َ( :‬أْن َس ِخ َط الَّلُه َعَلْيِه ْم َو ِفي اْلَعَذ اِب ُه ْم َخ اِلُد وَن ) (المائدة‪ :‬من اآلية ‪ ،)80‬وفي القران العظيم الغضب‪:‬‬
‫(َو َغِض َب الَّلُه َعَلْيِه َو َلَعَنُه) (النساء‪ :‬من اآلية ‪ ،)93‬وهذه الصفات وأمثالها يؤمن بها أهل السنة والجماعة بأنها ثابتة‬
‫هلل على وجه الحقيقة‪ ،‬لكنها ال تشبه صفات المخلوقين‪ ،‬كما إن اهلل عز وجل ال يشبه المخلوقين‪ ،‬فكذلك صفاته‬
‫ال تشبه صفات المخلوقين‪ .‬ومن فوائد هذا الحديث‪ :‬إن في بني إسرائيل‬
‫من العجب واآليات ما جعل النبي صلي اهلل عليه وسلم ينقل لنا من أخبارهم حتى نتعظ (شرح رياض الصالحين)‬
‫‪ - 21‬الكلمة الطيبة‪:‬‬
‫َعْن َأِبي ُه َر ْيَر َة َقاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪ِ« :‬إَّن اْلَعْبَد َلَيَتَك َّلُم ِباْلَك ِلَم ِة ِم ْن ِر ْض َو اِن الَّلِه اَل ُيْلِق ي َلَه ا‬
‫ِم‬
‫َبااًل َيْر َفُع الَّلُه ِبَه ا َدَرَج اٍت َو ِإَّن اْلَعْبَد ِلَيَتَك َّلُم ِباْلَك ِلَم ِة ْن َس َخ ِط الَّلِه اَل ُيْلِق ي َلَه ا َبااًل َيْه ِو ي ِبَه ا ِفي َج َه َّنَم»‪َ .‬رَو اُه‬
‫اْلُبَخ اِر ُّي ‪َ .‬و ِفي ِر َو اَيٍة َلُه َم ا‪َ« :‬يْه ِو ي ِبَه ا ِفي الَّناِر َأْبَعَد َم ا َبْيَن اْلَم ْش ِر ِق َو اْلَم ْغِر ِب » (صحيح‪ :‬المشكاة)‬
‫* قال العالمة ابن عثيمين‪:‬‬
‫هو أن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان اهلل‪ ،‬ويعني كلمة ترضي اهلل‪ ،‬قرآن‪ ،‬تسبيح‪ ،‬تكبير‪ ،‬تهليل‪ ،‬أمر بالمعروف‪،‬‬
‫نهي عن المنكر‪ ،‬تعليم علم‪ ،‬إصالح ذات البين‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬يتكلم بالكلمة ترضي اهلل عز وجل وال يلقي لها‬
‫باًال‪ ،‬يعني أنه ال يظن أنها تبلغ به ما بلغ‪ ،‬وإال فهو قد درسها وعرفها وألقى لها البال‪ ،‬لكن ال يظن أن تبلغ ما بلغت‬
‫يرفع اهلل له بها درجات في الجنة‪ ،‬وعلى ذلك رجل يتكلم بالكلمة من سخط اهلل ال يلقي بها باًال يهوي بها في‬
‫النار‪ ،‬ألنه تكلم بها وال ظن أن تبلغ ما بلغت‪ ،‬وهذا يقع كثيرًا‪ ،‬كثيرًا من الناس والعياذ باهلل تجده يسأل عن فالن‬
‫العاصي وما أشبه ذلك فيقول‪ :‬هذا اتركه‪ ،‬اترك هذا‪ ،‬وهذا واهلل ما يعرف سبيله‪ ،‬هذا واهلل ما يغفر اهلل له‪ ،‬هذه‬
‫كلمة خطيرة‪.‬‬
‫كان رجل عابد يمر برجل عاص‪ ،‬عابد يعبد اهلل‪ ،‬فيقول هذا الرجل العابد‪ :‬واهلل ال يغفر لفالن‪ ،‬انظر‪ ،‬والعياذ باهلل‬
‫تحجر واسًعا وتألى على اهلل‪ ،‬واهلل ال يغفر لفالن؛ ألن الرجل العابد هذا معجب بعمله‪ ،‬يرى نفسه‪ ،‬ويدلي بعمله‬
‫على ربه‪ ،‬وكأن له المنة على اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬فقال‪ :‬واهلل ال يغفر اهلل لفالن‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪ :‬من ذا الذي‬
‫يتألى على أال أغفر لفالن؟ قد غفرت لفالن وأحبطت عملك الملك والسلطان لمن؟ هلل عز وجل‪ ،‬ما هو لك حتى‬
‫تقول‪ :‬واهلل ما يغفر اهلل لفالن‪.‬‬
‫والملك والسلطان هلل ال ينازعه فيه منازع إال أذله اهلل‪ ،‬قال‪ :‬من ذا الذي يتألى على أال أغفر لفالن؟ قد غفرت‬
‫لفالن وأحبطت عملك كلمة واحدة صارت سبًبا لحبط عمله نسأل اهلل العافية‪.‬‬
‫إذًا احذر زلة اللسان‪ ،‬ومن ذلك أيضًا أي من زلل اللسان إذا قال مثًال شخص‪ :‬يا فالن‪ ،‬إن جارنا ال يصلي لعلك‬
‫تنصحه إن شاء اهلل خيًر ا قال له‪ :‬هذا ما يمكن أن يهتدي أبًد ا‪ ،‬هذا طاغ هذا فاسق‪.‬‬
‫أعوذ باهلل‪ ،‬القلوب بيد من؟ بيد اهلل عز وجل كما أخبرنا النبي صلى اهلل عليه وسلم يقول ما من قلب من قلوب بني‬
‫آدم إال بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يقلبه كيف يشاء‪ ،‬إن شاء أزاغه وإن شاء هداه‪.‬‬
‫وهذا شيء مسلم به حتى اإلنسان أحياًنا يجد في قلبه أشياء يعرف أنها من الشيطان‪ ،‬وأنه إن لم يثبته اهلل زل‪،‬‬
‫فالقلوب بيد اهلل عز وجل فكيف تقول هذا ما ينفع له شيء هذا ما هو مهتد؟ حرام هذا ما يجوز‪ ،‬ادع وال تيأس‪،‬‬
‫أال يوجد في هذه األمة من كان من ألد أعدائها وأشد خصومها؟ وكان ثاني اثنين في زعامة األمة بعد نبينا محمد‬
‫صلى اهلل عليه وسلم من؟ عمر بن الخطاب‪ ،‬كان عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه مناوئًا للدعوة اإلسالمية‪ ،‬وكان‬
‫يحذر منها وكان يفر منها وكان من ألد أعدائها‪ ،‬فهداه اهلل فصار هو الخليفة الثاني بعد الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وكذلك خالد بن الوليد‪ ،‬عكرمة بن أبي جهل‪ ،‬ماذا فعل في أحد؟ كرا على المسلمين من الخلف على‬
‫فرسيهما ومعهم فرسان آخرون واختلطا بالمسلمين وحدثت الهزيمة وفي النهاية كانا قائدين عظيمين من قواد‬
‫المسلمين‪ ،‬فال تيأس يا أخي‪ ،‬واسأل اهلل الهداية والثبات‪ ،‬وال تزل بلسانك‪ ،‬فتهلك‪ ،‬حمانا اهلل من معاصيه‪ ،‬ووفقنا‬
‫لما يرضيه‪ ،‬إنه على كل شيء قدير (شرح رياض الصالحين)‬
‫‪ - 22‬رضا الوالدين‪:‬‬
‫َعْن َعْبِد الَّلِه ْبِن َعْم ٍر و َقاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪َ« :‬ر ِض َي الرِّب ِفي رضى اْلَو اِلِد َو ُس ْخ ُط الَّر ِّب ِفي‬
‫ُس ْخ ِط اْلَو اِلِد » ‪ - 23‬حمد اهلل بعد الطعام والشراب‪َ :‬عْن َأَنِس ْبِن َم اِلٍك َقاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلم‬
‫َ‪:‬‬
‫(ِإَّن الَّلَه َلَيْر َض ى َعِن اْلَعْبِد َأْن َيْأُك َل اَأْلْكَلَة فيحمده عليها َأْو َيْش َر َب الَّش ْر َبَة َفَيْح َم َدُه َعَلْيَه ا) (رواه مسلم)‬
‫* قال العالمة ابن عثيمين‪ :‬ففي هذا دليل على أن رضا اهلل ـ عز وجل ـ قد ينال بأدنى سبب‪ ،‬قد ينال بهذا السبب‬
‫اليسير وهلل الحمد‪ .‬يرضى اهلل عن اإلنسان إذا انتهى من األكل قال‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬وإذا انتهى من الشرب قال‪ :‬الحمد‬
‫هلل؛ وذلك أن لألكل والشرب آدابًا فعلية وآدابًا قولية‪.‬‬
‫أما اآلداب الفعلية‪ :‬فإن يأكل باليمين ويشرب باليمين‪ ،‬وال يحل له أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله‪ ،‬فإن هذا‬
‫حرام على القول الراجح؛ ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله‪ ،‬وأخبر أن‬
‫الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله‪ ،‬وأكل رجل بشماله عنده فقال‪( :‬كل بيمينك) قال‪ :‬ال أستطيع‪ ،‬فقال‪( :‬ال‬
‫استطعت)‪ ،‬فما استطاع الرجل بعد ذلك أن يرفع يده اليمنى إلى فمه؛ عوقب والعياذ باهلل‪.‬‬
‫وأما اآلداب القولية‪ :‬فإن يسمي عند األكل‪ ،‬يقول‪ :‬باسم اهلل‪ ،‬والصحيح أن التسمية عند األكل أو الشرب واجبة‪،‬‬
‫وأن اإلنسان يأثم إذا لم يسم اهلل عند أكله أو شربه‪ ،‬ألنه إذا لم يفعل‪ ،‬إذا لم يسم عند األكل والشرب‪ ،‬فإن‬
‫الشيطان يأكل معه ويشرب معه‪.‬‬
‫ولهذا يجب على اإلنسان إذا أراد يأكل أن يسمي اهلل‪ ،‬وإذا نسى أن يسمي في أول الطعام ثم ذكر في أثنائه فليقل‪:‬‬
‫باسم اهلل أوله وآخره‪ ،‬وإذا نسى أحد أن يسمي فذكره؛ ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم ذكر عمر بن أبي سلمة‬
‫وهو ربيبه بن زوجته أم سلمة رضي اهلل عنها‪ ،‬حينما تقدم لألكل فأكل‪ ،‬فقال له النبي صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يا‬
‫غالم سم اهلل‪ ،‬وكل بيمينك‪ ،‬وكل مما يليك) وهذا فيه دليل على أن التسمية ـ إذا كانوا جماعة ـ تكون من كل‬
‫واحد‪ ،‬فكل واحد يسمي‪ ،‬وال يكفي أن يسمي واحد عن الجميع‪ ،‬بل كل إنسان يسمي لنفسه‪.‬‬
‫أما عند االنتهاء فمن اآلداب أن يحمد اهلل عز وجل على هذه النعمة حيث يسر له هذا األكل‪ ،‬مع أنه ال أحد‬
‫يستطيع أن ييسره‪ ،‬كما قال تعالى‪َ( :‬أَفَر َأْيُتْم َم ا َتْح ُر ُثوَن َأَأْنُتْم َتْز َر ُعوَنُه َأْم َنْح ُن الَّز اِر ُعوَن ) (الواقعة‪،)64 ،63 :‬‬
‫(َأَفَر َأْيُتُم اْلَم اَء اَّلِذ ي َتْش َر ُبوَن َأَأْنُتْم َأْنَز ْلُتُم وُه ِم َن اْلُم ْز ِن َأْم َنْح ُن اْلُم ْنِز ُلوَن ) (الواقعة (‪ )96 ،86‬لوال أن اهلل عز وجل‬
‫نمى هذا الزرع حتى كمل‪ ،‬وتيسر حتى وصل بين يديك‪ ،‬لعجزت عنه‪.‬‬
‫وكذلك الماء‪ ،‬لوال أن اهلل يسره فأنزله من المزن وسلكه ينابيع في األرض حتى استخرجته لما حصل لك هذا‪،‬‬
‫ولهذا قال في الزرع‪َ( :‬لْو َنَش اُء َلَجَعْلَناُه ُح َطامًا َفَظْلُتْم َتَف َّك ُه وَن ) (الواقعة‪ ،)65 :‬وقال في الماء‪َ( :‬لْو َنَش اُء َجَعْلَناُه‬
‫ُأَج اجًا َفَلْو ال َتْش ُك ُر وَن ) (الواقعة‪ ،)70 :‬فلهذا كان من شكر نعمة اهلل عليك بهذا األكل والشرب أن تحمد اهلل إذا‬
‫انتهيت من الشرب أو من األكل‪ ،‬ويكون هذا سببًا لرضا اهلل عنك‪.‬‬
‫قوله (األكلة) فسرها المؤلف بأنها الغدوة أو العشوة‪ ،‬ليست األكلة اللقمة‪ ،‬ليس كلما أكلت لقمة قلت‪ :‬الحمد‬
‫هلل‪ ،‬أو كلما أكلت تمرة قلت‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬السنة أن تقول إذا انتهيت نهائيًا‪ .‬وذكر أن اإلمام أحمد ـ رحمه اهلل ـ كان‬
‫يأكل ويحمد على كل لقمة‪ ،‬فقيل له في ذلك فقال‪ :‬أكل وحمد خير من أكل وسكوت‪ ،‬ولكن ال شك أن خير‬
‫الهدي هدي محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأن اإلنسان إذا حمد اهلل في آخر أكله أو آخر‬
‫شربه كفى‪ ،‬ولكن إن رأى مصلحة مثًال في الحمد؛ يذكر غيره أو ما أشبه ذلك‪ ،‬فأرجو أال يكون في هذا بأس‪،‬‬
‫كما فعله اإلمام أحمد رحمه اهلل‪ .‬واهلل الموفق (شرح رياض الصالحين)‪.‬‬
‫‪ - 24‬التسوك‪:‬‬
‫َعْن َعاِئَش َة َقاَلْت ‪َ :‬قاَل َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم ‪« :‬الِّس َو اُك َم ْطَه َر ٌة ِلْلَف ِم َمْر َض اٌة ِللَّر ِّب » (َو َأْح َم ُد َو الَّنَس اِئُّي والُبَخ اِر ّي )‪.‬‬
‫* قال العالمة ابُن عثيمين‪:‬‬
‫السواك هو‪ :‬التسوك وهو دلك األسنان واللثة واللسان بعود األراك هذا السواك المعروف هو عود األراك‪،‬‬
‫ويحصل الفضل بعود األراك أو بغيره من كل عود يشابهه‪ ،‬والصحيح أنه يحصل أيضا بالخرقة أو باإلصبع لكن‬
‫العود أفضل‪ ،‬والسواك ذلك النبي صلى اهلل عليه وسلم فيه فائدتين عظيمتين كما في حديث عائشة رضي اهلل عنها‬
‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬السواك مطهرة للفم مرضاة للرب مطهرة للفم يعني‪ :‬يطهر الفم من األوساخ‬
‫واألنتان وغير ذلك مما يضر وقوله للفم يشمل كل الفم األسنان واللثة واللسان كما في حديث أبي موسى أنه‬
‫دخل على النبي صلى اهلل عليه وسلم وطرف السواك على لسانه‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪ :‬مرضاة للرب‪ ،‬أي أنه من أسباب رضا اهلل عن العبد أن يتسوك‪.‬‬
‫وللسواك مواضع يتأكد فيها وإال فهو مسنون كل وقت لكن يتأكد في مواضع معينة منها إذا قام من النوم فإنه‬
‫يسن له أن يستاك لحديث حذيفة رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه‬
‫بالسواك يعني يتسوك وكذلك يؤيده حديث عائشة أنهم كانوا يعدون له سواكه ووضوءه فإذا قام تسوك وتوضأ‬
‫وصلى ما شاء اهلل ويسن عند القيام من النوم بالليل أو بالنهار ألن الفم يتغير فيسن أن يتسوك كذلك يسن إذا دخل‬
‫اإلنسان بيته أول ما يدخل يتسوك ألن عائشة سئلت أي شيء يبدأ به الرسول صلى اهلل عليه وسلم إذا دخل بيته‬
‫قالت السواك‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يتسوك عند الصالة ذهب ليصلي فريضة أو نافلة صالة ذات ركوع أو سجود أو صالة جنازة فإنه يسن أن‬
‫يتسوك ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬لوال أن أشق على أمتي ألمرتهم بالسواك عند كل صالة يسن السواك‬
‫أيضا بتأكد عند الوضوء ومحله عند المضمضة أو قبل أو بعد لكنه عند الوضوء كما جاء عن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وألحق العلماء رحمهم اهلل ما إذا تغير فمه بأكل أو شرب لبن أو نحوه مما له دسم‪ ،‬فإنه يسن أن يتسوك ألنه يطهر‬
‫الفم‪ ،‬وعلى كل حال فالسواك سنة ويتأكد في مواضع ولكنه من حيث السنية مشروع كل وقت حتى للصائم بعد‬
‫الزوال فإنه كغيره يسن له أن يتسوك وأما من كره ذلك من أهل العلم فقوله ال دليل عليه والصحيح أن الصائم‬
‫يتسوك أول النهار واهلل الموفق‪.‬‬
‫وأخيرا‬
‫إن أردت أن تحظى بمضاعفة هذه األجور والحسنات فتذكر قول سيد البريات‪( :‬من دل على خير فله مثل أجر‬
‫فاعله)‬
‫رواه مسلم‪ .‬فطوبى لكل من دّل على هذا الخير واتقاه‪ ،‬سواء بكلمة أو موعظة ابتغي بها وجه اهلل‪ ،‬كذا من علقها‬
‫على بيت من بيوت اهلل‪ ،‬ومن طبعها رجاء ثوابها ووزعها على عباد اهلل‪ ،‬ومن بثها عبر القنوات الفضائية‪ ،‬أو شبكة‬
‫اإلنترنت العالمية‪ ،‬ومن ترجمها إلى اللغات األجنبية‪ ،‬لتنتفع بها جميع األمة اإلسالمية‪ ،‬ويكفيه وعد سيد البرية‪:‬‬
‫(نضر اهلل امرءًا سمع منا شيئًا فبّلغه كما سمعه‪ ،‬فُر َّب مبلغ أوعى من سامع) (صحيح الجامع)‬

You might also like