Professional Documents
Culture Documents
الذاكرة العمانية في محضر قضائي
الذاكرة العمانية في محضر قضائي
ُ ٌ
فصول من اذلاكرة العمانية
()2 اإلصدار السابع والعرشون
ُ
اذلاكرة العمانية يف
حمض قضايئ
ر
من دفرت أحاكم القايض أيب زكريا
بقلم
1
ُ ٌ
سلسلة :فصول من اذلاكرة العمانية
احللقة اثلانية
ُ
حمض قضايئ من دفرت أحاكم القايض أيب زكريا
ر يف مانية اذلاكرة الع
ُ
اذلاكرة العمانية يف
حمض قضايئ
ر
من دفرت أحاكم القايض أيب زكريا
3
فهرس املحتويات
4 تمهيد •
5 ذاكرة األحداث والظواـهر •
11 ذاكرة األعالم •
13 ذاكرة الزمان •
15 ذاكرة املاكن •
17 ذاكرة املصطلحات واملفاـهيم •
20 ذاكرة ألفاظ احلضارة •
22 ذاكرة العلوم واملعارف •
24 ذاكرة املصادر واملراجع •
25 نص املحض املخطوط •
4
• تمهيد:
َ هذه الورقة ابلحثية( )1تتناول ًّ
نادراَ ،و َرد يف اجلزء اثلامن والعرشين
نصا ً
ٌ
من كتاب (بيان الرشع)( )2يف أحاكم القضاء ،وهو عبارة عن حمرض قضايئ
َ َ
ك َم به َ
أيام من دفرت أحاكم القايض أيب زكريا حيىي بن سعيد (ت472ه) ،ح
ٌ َْ َ ْ
أقامتها امرأة ىلع بدعوى اكن بزنوى ،يف القرن اخلامس اهلجري .يتعلق
صداق عليه ،وعيَّنت وكيال هلا يُقيم من ا زوجها اهلالك تطالب فيها بما ل َ َ
ه
ٍ
ادلعوى ،فسمع منه القايض ،ثم استدىع ورثة الزوج اهلالك ،واستدىع
ً
شهودا ىلع عقد انلاكح اذلي بينهما.
( )1أصل هذه املادة :ورقة بحثية قدمت يف ندوة القايض أيب زكريا؛ التي عقدها املنتدى األديب يومي الثالثاء
واألربعاء 13و 14ربيع األول 1438هـ 13 /و 14ديسمرب 2016م باملركز الثقايف يف نزوى ،ونرشت
يف الكتاب الذي ضم حصاد الندوة بعنوان :قراءات يف فكر القايض أيب زكريا حييى بن سعيد .ط:1
1441هـ2019 /م .املنتدى األديب /سلطنة عامن .وعدّ لت صياغته هنا ،وزدته فوائد كثرية.
( )2بيان الرشع؛ تأليف :حممد بن إبراهيم الكندي (ت508هـ) .اجلزء الثامن والعرشون .ط1408 :1هـ/
1988م .وزارة الرتاث القومي والثقافة /سلطنة عامن .ص .114ونقله أيضا الشيخ السعدي يف اجلزء
السادس والثالثني من قاموس الرشيعة (ط1436 :1هـ2015 /م .مكتبة اجليل الواعد -مسقط/
سلطنة عامن) .وهذا النص من خبايا زوايا املوسوعات الفقهية العامنية.
5
ُ
ومما يلفت االنتباه يف املحرض :اتلفاصيل ادلقيقة اليت يُوردها القايض
بشأن اسم املدعية ،واسم املدىع عليه ،وأسماء الشهود وتوثيقهم ،وتفاصيل
الصداق العاجل واآلجل ،وبعض ُصور احلياة االجتماعية اليت اكن يعيشها
ْ ُ
تفريع يَذكر الرأي الفقيه ،ويناقش أدتله ،وينص
ٍ انلاس آنذاك .وهو يف لك
مسواغت ترجيحه.ّ ىلع
وحتاول هذه الورقة أن ترصد – من ثنايا هذا املحرض – صورة املجتمع
العماين قبل ألف سنة ،وتستقرئ معالم اذلاكرة العمانية جبميع عنارصها
َ
وحقوهلا ،ويه أنموذج تطبييق الستخالص اذلاكرة العمانية من ن ٍّص واحد.
وثيقة املحرض بحد ذاهتا موضوع مقرتح للتحقيق والدراسة ،وقد أرفقت هبذه الورقة صورة كاملة ()3
إلحدى خمطوطاته ،تعود إىل القرن العارش ،وأرشت إىل نسخ أخرى .وال بد من األخذ يف احلسبان أن
زمان تدوينه يرقى إىل نحو ِ
ألف سنة ،وخمطوطاته متأخرة؛ ما يستلزم إنعام النظر عند قراءته.
6
َّ َ
فلما َص َّحت الواكلة عند القايض سأل الوكيل عن اهلالك املدىع عليه
ُ َّ َ ً احلق للمرأة ،أهل ورثة أم ال؟ فذكر أن هل ً
المدىع هلا، ودلا بالغا ،وزوجة غري
ً
وأوالدا أيتاما .فأمر القايض بإحضار الودل ابلالغ فقط ،والزوجة األخرى ،وأن
َّ َ ٌ
يُقام لأليتام وكيل عنهم .ثم شهد الشهود أن اهلالك املدىع عليه مات وترك
ُ َّ
(المدعيَة) ،وزوجة أخرى، من الورثة زوجتني :إحداهما فاطمة بنت حممد
وأربعة أوالد ،منهم ودل ذكر بالغ ،وابلاقون أيتام غري باليغ احللم.
ُ
وهنا بدأت املرافعة ،فأحرض الوكيل حممد بن موىس شاه َديْن ىلع صحة
دعوى مولكته بالصداق ،فشهدا أن أمحد بن حممد بن خادل اهلالك ،قد تزوج
فاطمة بنت حممد بن زياد ،ىلع:
نقد اعجل ،وآجل ،وهو قميص حرير ،وقميص كتان ،وفوطة ،ومقنعة،
ر
مثاقيل ذهب، ()4
وملحفة ،وأربعمئة درهم نقرة ،يؤدي منها سبعة
وخلخالني ،ودملوجني وزنهما مئة درهم نقرة ،وابلايق مؤجل عليه.
َ َ َ
وىلع :صداق آجل ،وهو أربعون خنلة ،من خنل ف ْرق ،وقبل هلا بذلك.
كما شهد الشاهدان أنهما ال يَعلمان أنه برئ من مجيع هذا الصداق
اعجله وآجله ،وال من يشء منه ،إىل أن مات ،وال يعلمان أن زوجته
ْ َ ُ ِّ
(املدعية) صار إيلها هذا الصداق ،وال يشء منه بعد موته ،إىل أن أديت هذه
الشهادة.
ثم أقبل القايض ىلع الودل ابلالغ ،والزوجة األخرى ،ووكيل األيتام،
فسأهلم إن اكنت دليهم حجة ينكرون بها شيئا من ذلك ،فقال مجيعهم :ال
َ ً ُ ّ
حجة نلا يف ذلك .ثم أرسل ثقة يَلف الزوجة املدعية بصحة دعواها
ُ
وتصديق الشاهدين ىلع ما قااله ،فحلفت وأقرت به .ثم طلب وكيل فاطمة
ّ
إحضار رجل إىل جملس احلكم ،يديع عليه أن عنده شيئا مما ترك أمحد بن
حممد بن خادل اهلالك ،فحرض الرجل ،وسأهل القايض فأنكر ،واستحلفه يمينا
ُّ
أنه ما عنده يشء مما اديع عليه ،فحلف.
َّ
ثم إن الوكيل أحرض رجال آخر يَديع عليه مثل األول ،فأقر الرجل
اآلخر بذلك ،واعرتف أن دليه من مال اهلالك :ثوب حرير ،وقميصا ومقنعة،
وعبية .فقىض القايض بالقميص واملقنعة للمدعية فاطمة بنت حممد ،ألنهما
من مجلة املنصوص عليهما يف صداقها املستحق هلا ،ولم ير أن يكم بنحو
ذلك يف ثوب احلرير والعبية؛ ألنه ليس للحاكم أن يقيض ملن صح هل حق
العروض من ماهل ،وأما الويص فله ذلك. ىلع هالك شيئا من ُ
ٍ
َ ً
وتنفيذا للحكم أمر القايض أن يُنادى ىلع ثوب احلرير والعبية يف
ّ
جمتمع انلاس ،بشهادة شهو ٍد ىلع املناداة ،ثم قبض ثمن املبيع وسلمه للمرأة
املدعية عوض ما صح هلا من ادلراهم ىلع زوجها اهلالك.
هذه خالصة القضية ،ويه احل َ َدث الرئيس اذلي يدور حوهل املحرض
القضايئ.
8
َ ٌ َ َ
أمرا الفتًا .وليس يف ن ّص ُ
وقوعه ،فصار ً أما الظاهرة فيه َح َدث تك َّر َر
رصده يف هذا اجلانب ،غري أن اذلي لفت انتبايه ُ ٌ
كثري مما يمكن املحرض
أمران :األول :ظاهرة رسد األسماء دون نسبة .فلو راجعنا أسماء األعالم
ً
مجيعا ختلو من أي نسب ٍة لقبيلة ،أو بدل ،أو املرسودة يف املحرض لوجدناها
ً صنعة ،أو ما شابهها .فهل هذا ٌ
أمر مقصود يف دفاتر األحاكم؛ حفاظا ىلع
جار ىلع هو أو الواضحة؟ أسمائهم إلفشاء ا خصوصيات املتخاصمني ،وجتنُّبً
ٍ
العمانية القديمة من إغفال اتلاريخ ،وإهمال ما اعتدناه يف املصادر ُ
األنساب؟
ّ َ
واألمر اثلاين :ظاهرة غالء املهور .وأنا أحتفظ هنا ىلع اتلعبري بـ
(الغالء) حىت أحتقق من صحته ،واألمر يستديع الرجوع إىل انلوازل
ْ
الفقهية القريبة من ذلك العرص ملعرفة مهر المثل آنذاك .غري أن انلظرة
األوىل إىل قيمة املهر املفروض للمدعية تشري إىل ارتفاع قيمته ،وإذا أعدنا
انلظر فيه جند أنه يشتمل ىلع مال منقول وغري منقول .أما املنقول فمنه ما
ْ هو اعجل وآجل ،وهو قميص حرير ،وقميص َكتَّان ،وفُ َ
وطة ،ومقنَ َعة،
ِّ ُْ ْ َ َ
حفة ،وأربعمئة درهم نق َرة ،يُ َؤدي منها اعجال :سبعة مثاقيل ذهب، ومل
ُُْ َْ َ ْ َ َْ
وجني وزنهما مئة درهم نقرة ،وابلايق مؤجل عليه( .)5وأما وخلخالني ،ودمل
َ
غري املنقول فلكه صداق آجل ،وهو أربعون خنلة ،من خنل ف ْرق.
تفسري واضح هلا أو تقدير ،وال ختلو كتب اجلوابات والنوازل العامنية من رشوح عارضة لبعض الفقهاء،
9
وال أعلم أحد ا من علامئنا السابقني أفردها بكتاب أو رسالة .وللشيخ حممد بن شامس البطايش
(ت1420هـ) رشح خمترص لـ (مصطلحات العمالت واألوزان واملكاييل واملسافات) أحلقه ولده الشيخ
حارث بن حممد البطايش بتحقيقه لكتاب :متهيد قواعد اإليامن (ط1431 :1هـ2010 /م .مكتبة الشيخ
حممد بن شامس البطايش /سلطنة عامن .مج /14ص .355ويمكن االستفادة من مؤلفات أخرى
ودراسات يف هذا الباب لالستضاءة هبا؛ مثل :األوزان واألكيال الرشعية؛ تأليف :أيب العباس أمحد بن
عيل املقريزي (ت845هـ) .حتقيق :سلطان بن هليّل املسامر .ط1428 :1هـ2017 /م .دار البشائر
اإلسالمية -بريوت /لبنان .و :إثبات ما ليس منه بدّ َمل م ْن أراد الوقوف عىل حقيقة الدينار والدرهم والصاع
واملدّ ؛ تأليف :أيب العباس أمحد العز ِ ّيف السبتي (ت1236هـ) .ختريج ودراسة :حممد الرشيف .ط:1
1420هـ1999 /م .املجمع الثقايف -أبوظبي /اإلمارات العربية املتحدة .ومن الدراسات املعارصة:
املكاييل واألوزان والنقود العربية؛ تأليف :حممود اجللييل (ت 20ذي احلجة 1432هـ 16 /نوفمرب
2011م) .ط1426 :1هـ2005 /م .دار الغرب اإلسالمي -بريوت /لبنان .وكتب املهندس :غالب
حممد كر ّيم ملحقا باملوازين واملكاييل واألطوال؛ يف آخر كتاب :إفادة السادة الع َمد بتقرير معان نظم
ال ُّز َبد؛ تأليف :حممد بن أمحد بن عبد الباري األهدل (ت1298هـ) .ط1426 :1هـ2006 /م .دار
املنهاج -جدة /اململكة العربية السعودية .ص 713فام بعدها .ويمكن االستئناس باملعاجم االقتصادية
العامة ،مثل :معجم املصطلحات املالية واالقتصادية يف لغة الفقهاء؛ تأليف :نزيه محّاد .ط1429 :1هـ/
2008م .دار القلم -دمشق /سورية .و :قاموس املصطلحات االقتصادية يف احلضارة اإلسالمية؛ تأليف:
حممد ِعامرة .ط1430 :1هـ2009 /م .دار السالم -القاهرة /مرص .والوثائق االجتامعية والسجالت
اإلدارية مظنَّة لكثري من هذه املصطلحات التي تتغري دالاللتها من زمن آلخر .انظر مثاال عليها يف كتاب:
املصطلحات احلضارية يف مكة املكرمة من خالل بعض الكتب والوثائق املكية من القرن التاسع اهلجري
حتى منتصف القرن الرابع عرش؛ تأليف :حسام بن عبد العزيز مكّاوي .ط1437 :1هـ2016 /م .مركز
تاريخ مكة املكرمة /اململكة العربية السعودية .ومن املفيد جدا أن يفرد حمققو الكتب فهرسا ملثل هذه
املصطلحات ،مثل ما نراه يف كتاب :املواعظ واالعتبار يف ذكر اخلطط واآلثار؛ للمقريزي (ت845هـ).
10
ط1434 :2هـ2013 /م .مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي -لندن /اململكة املتحدة .املجلد األخري
ص.812
مقادير املهور يف الرتاث العامن موضوع جدير باالستقراء والبحث ،وفيه ثمرات عديدة ،منها :ثمرة ()6
البحث الفقهي والقضائي ،والذاكرة االقتصادية يف عامن ،وأنواع العمالت واملكاييل واملقاييس
املستعملة ،واملالبس والثياب ،ومتاع البيت وآنيته ...إىل آخره .ونقلت يف اجلزء األول من كتايب (أمايل
ونصه:
مدونا صدْ ر خمطوط الضياء (رقم 1008يف دار املخطوطات العامنية)؛ ُّ الرتاث) تقييد صداق َّ
«معرفة ما تز َّوج عليه راشد بن سليامن بن خليل جلليلة بنت حممد بن خليل :تز َّوجها [بـ] ـع ْرش ِة مثاقيل،
ِ
الس ْحتـ[ـن] ،واملتزوج له والده سليامن رش ِهبا من املاء ،جوار صداقات وادي َّ
ومئة وعرشين نخلة ،مع ْ
عيش [ليلة االثنني] الثنتي ع ْرش[ة] ليلة إِ ْن بقيت من شهر
بن خليل بحق الوكالة .وكانت هذه الشهادة َّ
مجادى اآلخرة سنة سبع وثامن مئة من اهلجرة النبوية عىل صاحبها أفضل الصالة والسالم .شهد بذلك:
حممد بن عبد اهلل بن صالح .شهد بذلك :بغسان بن خنبش [اخلنبيش؟] .شهد بذلك :نارص بن سعيد بن
أيب راشد .شهد بذلك شوال بن سليامن .شهد خنبش بن سعيد .وكتب خطه بيده وعن الشهود نارص
م
ومطبوعه -اجلزء األول؛ وقراءات يف جديد الرتاث العامن خمطوطمه
ٌ نظرات نقدية
ٌ بيده» .أمايل الرتاث؛
بقلم :سلطان بن مبارك بن محد الشيباين .ط1436 :1هـ2015 /م .ذاكرة عامن -مسقط /سلطنة عامن.
11
• ذاكرة األعالم:
مما سبق رسده من أحداث القضية نرى أن املحرض يدور حول
الشخصيات اتلايلة:
القايض :وهو الشيخ أبو زكريا يىي بن سعيد.
املدعية :فاطمة بنت حممد بن زياد.
املدىع عليه :أمحد بن حممد بن خادل.
وكيل املدعية :حممد بن موىس.
الشهود :أبو يلع احلسن بن أمحد بن حممد بن عثمان ،وأبو عبد اهلل
َ
ً
مرارا ىلع مجلة أمور. حممد بن سعيد ،وقد شه َدا
ُ
زوجة املدىع عليه األخرى :لم ت َس َّم.
أبناء املدىع عليه :أربعة ،أكربهم سعيد (وهو ابلالغ من بينهم) ،وثالثة
أيتام غري باليغ احللم ،لم يسموا يف املحرض.
ُ
وثمة آخرون جمهولون ذكروا يف املحرض دون تسمية ،منهم أناس
ِّ
استعان بهم القايض كوكيل األيتام ،واملحلف ،واثلقة املنادي ،ومنهم
الرجالن املدىع عليهما أن عندهما شيئا من أموال اهلالك.
ُ َ
وإطالق األعالم ىلع مجيع هؤالء فيه نوع جتَ ُّو ٍز؛ ألنهم ليسوا ممن اشتهر
أثرا علميًّا ،سوى القايض أيب زكريا يىي بن وكرث السؤال عنه ،أو ممن أثّر ً
ّ
وشدين اسم الشاهد األول :أبو يلع احلسن بن أمحد بن حممد بن عثمان،
فهو يتفق اتفاقا لكيًّا – يف الكنية واالسم األول واثلاين واثلالث والرابع
َُ والزمان واملاكن -مع الفقيه القايض أيب يلع احلسن بن أَ ْ َ
محد بن حم َّمد بن
ً َ
اين( ،)7لكننا ال جند يف ن ِّص املحرض إشارة إىل تميزيه عثمان العقري َّ ْ
الزن َو ّ
إغفال مثل هذه األوصاف ٌ ُ
أمر بوصف الشيخ أو الفقيه أو القايض ،فهل
ً
متعمد يف السجالت القضائية؛ لكون انلاس سواسية أمام القضاء دون تميزي
ٌ
بينهم؟ أو الشاهد رجل آخر غري القايض تشابهت أسماؤهم()8؟
ترجح ِ
ورد تاريخ وفاة أيب ع ّيل القايض يف سرية ابن َمداد يوم اجلمعة 6ذي القعدة 576هـ .وهو تاريخ َّ ()7
عندي تصحيفه ،ويغلب عىل ظني أن صوابه :سنة ست سنني ومخسمئة سنة (= 506هـ) .أو أن تكون يد
الكاتب سبقتْه إىل كتابة «مخسمئة» وهو يريد «أربعمئة» ،فيكون صواب العبارة :سنة ست وسبعني
وأربعمئة سنة (=476هـ) .وعندي أدلة عىل هذا الظن ،ذكرهتا يف مقال قيد النرش عن ابن النرض.
تشابه األسامء مبحث لطيف يف املتفق واملفرتق من األلفاظ؛ عني به علامء املسلمني قديام ،وأفردوا له ()8
مؤلفات ،ومن طرائفه وغرائبه هذا اخلرب الذي ساقه ياقوت احلموي يف كتابه( :معجم البلدان) عند حديثه
عن (النهروان) يف أرض العراق ،وأعالم املنتسبني إليها« :قال أبو عبد اهلل احلميدي :قرأت بخط أيب
الفرج املعاف بن زكرياء النهرواين القايض قال :حججت سنة ،فكنت بِ ِمنى أيام التشـريق؛ إذ سمعت
مناديا ينادي :يا أبا الفرج .فقلت يف نفسـي :لعله يريدين .ثم قلت :يف الناس خلق كثري ممن يكنى أبا
الفرج ،فلعله يريد غريي ،فلم أ ِجبْه .فلام رأى أنه ال جييبه أحد نادى :يا أبا الفرج املعاف ،فهممت أن
أجيبه ،ثم قلت :يتفق من يكون اسمه املعاف وكنيته أبو الفرج ،فلم أجبه .فرجع ونادى :يا أبا الفرج املعاف
بن زكرياء النهرواين ،فقلت :مل يبق ٌّ
شك يف مناداته إياي إذ ذكر اسمي وكنيتي واسم أيب وما أ ْنسب إليه،
فقلت له :ها أنا ذا ما تريد؟ فقال :وم ْن أنت؟! فقلت :أبو الفرج املعاف بن زكرياء النهرواين ،قال :فلعلك
من هنروان الرشق؟ قلت :نعم ،قال :نحن نريد هنروان الغرب .فعجبت من اتفاق االسم والكنية واسم
13
• ذاكرة الزمان:
هنا ثغرة يف املحرض تتمثل يف إغفال تدوين زمان كتابته ،أو زمان وقوع
ّ القضية .وهذا ٌ
أمر مهم اكن سيقدم نلا معلومة تارخيية مفيدة حول حياة
َ ََْ
الع َمليَّة ،وال ندري هل أغفل القايض نفسه كتابة اتلاريخ،
ُ القايض أيب زكريا َ
ْ ُّ
ساقط من الن َسخ اليت وصلتنَا؟.
ٌ أو هو
األب وما أنسب إليه ،وعلمت أن باملغرب موضعا يعرف بالنهروان غري هنروان العراق»( .معجم
البلدان؛ تأليف :ياقوت بن عبد اهلل احلموي .ط1397 :1هـ1977 /م .دار صادر -بريوت /لبنان.
مج /5ص .)327ومن لطائف هذا الباب عند العامنيني ما ورد يف وثيقة مياه بعض أفالج نزوى من
شهادة للفقيهني املتعارصين يف القرن الثاين عرش :سليامن بن حممد بن سليامن بن حممد بن بلعرب السليامين
النزوي ،وسليامن بن حممد بن سليامن بن حممد بن بلعرب الكندي النزوي ،وقد كتب كالمها االسم
اخلاميس له ،فلام اطلع الشيخ سعيد بن بشري الصبحي عىل شهادتيهام قال لصاحب الورقة :قل للشيخني
يميزا بني اسميهام ليكونا شاهدين .فكتب األول :الذي هو من بني حممد بن سليامن ،وكتب الثاين :الذي
هو من بني كندة (النمري؛ مجع وترتيب :حممد بن عبد اهلل السيفي .ط1430 :1هـ2009 /م .دون بيانات
النرش .ج /4ص .)55ومن ذلك :ما ورد يف خمطوط (بداية اإلمداد) املكتوب بقلم مؤلفه الشيخ سليامن
ِ
سعود ِ
العزيز: ِ
الغالف« :هدية مني لألخِ الشيخ سعود عىل ِ
ظهر ف َّبن حممد الكندي؛ إذ كتب ابن املؤل ِ
حمم ِد ِ
بن أمحد بن َّ بن عامر الكندي ،وكتبه العبد الفقري هللِ أخوه :سعود بن سليامن ِ بن مجعة ِ
بن سليامن ِ
ِ
ِ
اجلمعة 17 األو ِل 1352هـ» .وامل ْه ِدي هو :الشيخ سعود الكندي (املولود ليلة ِ ِ
الكندي بيده ،يف 10ربيع َّ
ُّ
الكندي (املولود 3صفر
ُّ توف سنة 1387هـ) .واملهدى إليه هو س ِميُّه َّ
الشيخ سعود رجب 1329هـ ،وامل َّ
احلج ِة 1434هـ) ،وكالمها كان قاضيا فقيها .ومن هذه البابة :الفقيهان َّ 1331هـ ،واملتو َّف 26ذي
املتعارصان :سامل بن مخيس العربي ،وسامل بن مخيس املحليوي؛ اتفق اسمها واسم أبيهام وزماهنامُّ ،
وكل
واحد منهام ألف كتابا بعنوان« :فواكه البستان»!!.
14
ً
حتديدا ،ويف وىلع لك حال فالقضية واقعة يف القرن اخلامس اهلجري
انلصف اثلاين منه ىلع وجه اتلقريب ،ألن القايض أبا زكريا – كما هو معلوم
-اعرص من األئمة :اإلمام راشد بن سعيد ايلحمدي (ت445ه) واإلمام
اخلليل بن شاذان اخلرويص (ت بني 475 -470ه) ،وربما اعرص اإلمام
يلع بن ُسلَيْ َمان بن َراشد اخل َ ُر ّ
ويص (ت 513ـهتقريبًا) واكنت وفاته َراشد بن َ ّ
سنة 472ه.
َْ
ومن ثنايا املحرض نلمس استمرار القضية وقتا طويال ،فلم جتر
ُ
أحداثها مجيعا دفعة واحدة ،بل اكنت يف مدد زمنية متباعدة ،تؤكدها
ُ
عبارات املحرض ،إذ نرى وكيل املدعية بعد عرض دعواه ىلع القايض يطلب
إحضار ورثة املدىع عليه ،فلما وافق القايض ىلع إحضارهم خرج الوكيل
ُ
من جملس احلكم «فغاب ما شاء اهلل» ،ثم رجع بهم .وكذلك ملا طالب الوكيل
َّ
بإحضار رجل يَديع عليه أن عنده شيئا من مرياث اهلالك« ،فخال ما شاء
اهلل ،ثم أحرضه إىل جملس احلكم» .وحني حكم القايض باستحقاق
املدعية القميص واملقنعة ،أمر مناديًا ينادي عليهما يف السوق ليُسلم
املدعية قيمتهما ،فغاب املنادي ما شاء اهلل ،ثم رجع بالقيمة.
وهذا اتلباعد بني أحداث القضية يدل ىلع حرص القايض ىلع تدوين
لك جمرياتها ،وتوثيق مجيع تفاصيلها ،ثم َض ِّمها يف حمرض واحد منسوق
جمموع.
15
• ذاكرة املاكن:
أول عبارة وردت يف املحرض يه قول القايض« :بينما أنا بزنوى يف
ماكبدة أحاكمها ،ومعاناة أمورها »...ومنها نعلم يقينًا أن أبا زكريا قد توىل
القضاء يف نزوى ،وأن القضية وقعت بها ،ويه عبارة رصية تؤكد ذلك.
وهذا يعيد ابلحث يف مسألة انتماء أيب زكريا املاكين ،فأغلب املصادر تذكر
ُّ َ ُْ َ
أنه ن ْزوي ،ون َعتَته مصادر أخرى -اكلشيخ الساليم يف (اللمعة املرضية)(- )9
بـ «اهلجاري» نسبة إىل هجار؛ إحدى قرى وادي بين خروص يف العوايب ،أو
غريها.
ً
ثم هل اكن قضاؤه بزنوى تويلة من حاكم أو إمام ،أم اكن يكابد
أحاكمها ويعاين أمورها من تلقاء نفسه؟ ومىت اكن ذلك؟ وهل دام زمنا
طويال؟ هذه أسئلة أطرحها وال أجد هلا إجابات دقيقة.
وليس يف تفاصيل املحرض إشارة أخرى إىل نزوى أو حوائرها أو
أسواقها سوى ما ورد يف الشهادة بالصداق اآلجل أنه «أربعون خنلة ،من خنل
َ
فرق» .و«ف ْرق» إحدى بدلات نزوى ،وإيلها يُنسب اإلمام اتلابيع أبو الشعثاء
ِق َّ ْ َ
الزنو ّي. الف ْر ّ جابر بن زيد األزدي
اللمعة املرضية من أشعة اإلباضية؛ تأليف :نور الدين الساملي (ت1332هـ) .ط1435 :1هـ/ ( )9
ُ
وفيما يتعلق حبضور املاكن يف آثار أيب زكريا وجدت إشارتني تارخييتني؛
عهد
ٍ
ُ
قريب اإلشارة األوىل يف (احلل واإلصابة) البن َو َّصاف( ،) 10وهو
بالقايض أيب زكريا ،وربما أدرك زمانه ،قال« :قال القايض أبو زكريا يذكر
ُّ ْ َ ْ َ (ُ َ )11
وقعة نزوى وحماربة الرتك أهلها ؛ يصف الرتك وشدة بأسهم:
احلرب ُ َّ ْ ْ ُ َ ُ
ُش ٌب َ رسادق ُه ْم إن يَص ُد ُروا
َّ َ ْ ُ
املداعسا عودت َها ت ْر ٌك َّ
عليهن
ٌ َ ْ ً ً َ َ ُ
ورجال سوابغ خيال رسابيل ُه ْم
ترى منهم األحداق إن ش ْم َ
ت آنسا»(.)12
نسخة مكتبة السيد حممد بن أمحد البوسعيدي؛ رقم ،315الورقة .71 ()10
فاإلمام الساملي يف حتفة األعيان (ص )299يذكر أن الرتك خرجوا عىل عامن أيام اخلليل بن شاذان ،وعبارة
ابن و َّصاف أعاله تؤكد هذا اخلروج ،وتنص عىل وقعة رشسة بينهم وبني أهل نزوى .ووجدت يف ديوان
الشاعر الغزي – نسبة إىل غزَّ ة بفلسطني – قصيدتني يمتدح فيهام السالجقة الرتك وغزوهم لِعامن ،وخيص
منهم باملدح« :أبا عبد اهلل مكرم بن العالء ،ويذكر ما أوقعه يف اخلوارج من احلرب التي جرت يف البحر،
وظفره هبم» ،وهو ما يفيد دوام احلرب طويال ،أو وقوعها أكثر من مرة ،تارة يف الرب وأخرى يف البحر.
والقضية تستدعي مزيد بحث وحتقيق .انظر :ديوان الغزي؛ أيب إسحاق إبراهيم بن عثامن بن حممد الكلبي
األشهبي (523 -441هـ) .حتقيق ودراسة :عبد الرزاق حسني .ط1429 :1هـ2008 /م .مركز مجعة
املاجد للثقافة والرتاث -ديب /اإلمارات العربية املتحدة .ص.335 ،330
وهذا النص يفيد شاعر ّية أيب زكريا أيضا. ()12
17
حمفوظة يف مكتبة اإلمام نور الدين الساملي؛ رقم .9واملسألة بعينها موجودة يف اجلزء السادس ( ) 13
َ ْ َ ُ َ ِّ ُ
ادلفرت»(َ .)15و َو َرد هذا اللفظ يف الرتاث
ُ حدث أعرف هل اشتقاقا .وقيل :نعم الم
َ
اين يف أبواب القضاء ،باعتباره من أدوات القايض اليت تالزمه ،ويُقيّد ُ
الع َم ّ
فيها تفاصيل أحاكمه وأقضيته .قال يف اجلزء اثلامن والعرشين من بيان
الرشع« :املستحب للحاكم املبتل بأمور انلاس يف األحاكم أن يأخذ أمره
ْ
باالحزتام ،وأن يقيد يف دفرته ُحك َم لك ما جرى عليه من األحاكم؛ يلكون
حجة ىلع اخلصوم يف مراجعتهم بلعضهم يف االختصام» .وقال يف موضع آخر:
«وينبيغ للحاكم إذا استحلفه ُ
أحد اخلصمني لآلخر أن يثبته يف دفرته؛ ئلال
يرجع يستحلفه مرة أخرى ،فإن سأهل اخلصم أن يشهد هل ،ويكتب هل؛ فعليه
باب اكمل –ذلك»( .)16ويف اجلزء السادس واثلالثني من قاموس الرشيعة ٌ
وهو ابلاب اثلالث واثلالثون -فيما يكتبه احلاكم ويثبته يف دفرت أحاكمه
مما قطعه من األحاكم(.)17
َْ َ ْ
«المد َرة» ،وهو اصطالح ُعماين يعنُون به ورقة ثاين املصطلحات :لفظ
صغرية يبعثها القايض أو احلاكم ملن يريد حضوره إىل جملس احلكم،
َ
يكتب فيها :يا فالن أجب الرشع الرشيف .وللمدرة أحاكم مبثوثة يف كتب
( )15الضياء؛ تأليف :أيب املنذر سلمة بن مسلم العوتبي (ق5هـ) .حتقيق :احلاج سليامن بن إبراهيم بابزيز
الوارجالين ،وداود بن عمر بابزيز الوارجالين .ط1436 :1هـ2015 /م .وزارة األوقاف والشؤون
الدينية /سلطنة عامن.298 /2 .
بيان الرشع .208 /28 ()16
انظر :ألف باء املخطوطات العامنية؛ بقلم :سلطان بن مبارك الشيباين .ط1439 :1هـ2018 /م. ()17
َ َ
ريه َف َق ْد َر َّد َما قَ َ ُ
اهل ب َمشيئةَ اَّلل َغ ْ َ
اء َّ ُ اَّلل َال أفعل َك َذا َو َك َذا إ َّال أن ي َ َش َ َ َ َ َّ
قال :و
َ َ َ ْ َّ ْ ُ اَّلل َغ ْ َ
ري ُه .واثلِّنْوة :اال ْستثْنَ ُ َّ
اء .واثلُّنيَان ،بالض ِّم :اال ْس ُم م َن اال ْستثنَاءَ ،وكذلك
ْ
اثلَّن َوى»(.)19
( )19لسان العرب؛ مادة :ثني .وانظر :معجم مصطلحات أصول الفقه؛ تأليف :قطب مصطفى سانو .ط:2
1423هـ2002 /م .دار الفكر -دمشق /سورية .ص.51
21
( )20انظر تفصيل معاين هذه األلفاظ يف :املعجم العريب ألسامء املالبس ،يف ضوء املعاجم والنصوص املوثقة
من اجلاهلية حتى العرص احلديث؛ إعداد :رجب عبد اجلواد إبراهيم .ط1423 :1هـ2002 /م .دار
اآلفاق العربية -القاهرة /مرص .ص .452 ،408 ،364وانظر أيضا :معجم الكلامت املصطلحية يف
لسان العرب (الطب ،والعلوم ،والعامرة ،واجلغرافية واجليولوجية والفلك ،والصناعة والتقانة)؛ إعداد:
ممدوح حممد خسارة .ط1428 :1هـ2007 /م .مطبوعات جممع اللغة العربية بدمشق -سورية.
ص .687ومل أعرف مصطلح «العبية» ،ولعلها :العباءة .أو نوع آخر من األلبسة.
املوسوعة الفقهية ج /41ص( .144وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية -الكويت .الطبعة األوىل ()21
1423هـ2002 /م).
22
ومثل ذلك اإلشارة إىل انلخيل ،وكونها من املال الشائع اذلي يعتاش به
الص ُدقات .وهذه األلفاظ جديرة بالوقوف عليها انلاس ،ذللك تُفرض يف َّ
( )22أستحرض يف هذا املقام ما ذكره قطب األئمة رمحه اهلل يف (رشح النيل) يف باب الدَّ عاوى؛ قال« :وكان
أهل عامن ُيلفون املنْكِر ،ويقول له احلاكم :قل :واهللِ الذي ال إله إال هو العزيز املقتدر الرمحن الرحيم،
السحاب ومن ِْزل الكتاب ،قابل التوب شديد العقاب ،ماحي اآلثار وباتر األعامر ،قاصم اجلبابرة ِ
منْشئ ّ
ِ
الرجل كذا باس ِم ِه كاذبا أ ْخذ عزيز مقتدر؛ ما ع َّيل ِهلذا
ومد ّمر الفراعنة واألكارسة ،الذي يأخذ م ْن حلف ْ
وكذا درمها أو نحو ذلك ،وإ ْن كنت حانثا يف ذلك ينْتقم اهلل من احلانثني بنكال الدنيا وعذاب اآلخرة.
اسمه
وجدْ ته منقوال من خط الفاضل ابن الشيخ مخيس بن سعيد العامين صاحب املنهاج ،وابنه املذكور ْ
نارص بن مخيس بن سعيد ،جاء إىل جربة وقعد فيها أياما ،وكتب هذه املسألة» .انظر :رشح النيل وشفاء
العليل؛ تأليف :قطب األئمة احممد بن يوسف اطفيش (ت1332هـ) .ط1393 :2هـ1973 /م.
النارشون :مكتبة اإلرشاد -جدة /اململكة العربية السعودية .دار الفتح -بريوت /لبنان .دار الرتاث
العريب -ليبيا .مج /13ص.354
23
ويف هذا الشأن يقول« :وال جيوز أن يكون املنادي إال ثقة؛ ألنه مأمون
ٌ
وأمني من ىلع ما اغب من أحاكم القايض ،وهو شعبة من أحاكم القايض،
ً
أمنائه؛ فال يكون إال ثقة مأمونا ىلع ما دخل فيه ،واغب عن احلاكم من
أمره ،وأما إذا اكن املنادي غري ثقة؛ فال يقبل قوهل إنه قد نادى ،وبلغ املال
عدل،
ٍ كذا وكذا؛ ألن هذا دعوى من املنادي ،إال أن يشهد ىلع ندائه شاهدا
ويرضه الشاهدان يف مواقف انلداء ،ومواقف العطاء ،حىت ال يغيب من أمر
ٌ
يشء إال عرفاه كم أعطى بنداء املال ،وىلع كم استقر ثمنه وما املنادي
بلغ ،فإذا صح هذا بشهادة الشاهدين بعلمهما بفعل املنادي ،ورفعا ذلك إىل
احلاكم؛ جاز هل ىلع هذا الوجه إذا اكن املنادي غري ثقة».
َ ْ
«فراجعنا يف ذلك ويشري أحيانا إىل االستعانة بأناس حوهل يشاورهم:
ُ
«فنظرت يف ذلك أنا َ
وم ْن حرضن من انلظر ،وشاورنا أهل الفقه وابلرص»،
ُ
الصاحلني»« ،وشاورت من حرضن من الصاحلني من أهل ابلرص باألحاكم».
ويأخذ باالحتياط أحيانا« :فلما رأينا أسالفنا قد اختلفوا يف ذلك؛ أحببنا أن
نتوثق ألنفسنا ،وحنتاط« ،»...فهذا ما رأيناه ،وشاورنا فيه أهل الصدق،
ورجونا فيه إصابة احلق ىلع االستحاطة ،واملبالغة يف طلب انلجاة إن شاء
اهلل».
ومما يمزي هذا املحرض تفصيل القايض أيب زكريا للك جزئية من
ُ
اتلنظري الفقيه هلا .فهو حريص ىلع جزئياته ،واتلعقيب عليها من حيث
ْ
إتبَاع لك خط وة يقوم بها بتأصيلها الفقيه ،ورأي العلماء فيها ،وما هو
24
َ ََ
ورسد آراء فقهية مهمة للك من :مسعدة بن تميم، األرجح عنده واملعمول به.
وسليمان بن عثمان ،وأيب قحطان اهلجاري ،وموىس بن يلع ،وحممد بن
موىس ،وحممد بن حمبوب ،وأيب املؤثر ،وأيب احلواري.
واخلالصة أن هذا املحرض من أطول املحاض القضائية املأثورة عن
ً
قضاة ُعمان املتقدمني ،ومن أغزرها مادة علمية ،وثروة فقهية ،وذاكرة
عمانية ،ومن أكرثها تفصيال وحتريرا .وهو ٌ
أثر مهم ،يضاف إىل آثار أيب زكريا
العلمية يف هذا املجال.