Professional Documents
Culture Documents
نماذج للاقتداء - عثمان بن عفان
نماذج للاقتداء - عثمان بن عفان
املدخل :القتداء
املوضوع :عثمان بن عفان رض ي هللا عنه وقوة الحياء والبذل
أهمية املوضوع :ندرس هذا املوضوع انطالقا من وقوفنا على سيرة نبي هللا يوسف عليه السالم ،ومرورا بموضوع
"اإليمان والفلسفة" الذي أثبتنا من خالله خطورة انحراف منهج التفكير في فساد العقيدة واختالل القيم .وإن من
أهم هذه القيم التي اختلت في سلوكنا اليوم ،قيمة الحياء ،وكثير من الناس له تمثل خاطئ لهذه القيمة وأغلبهم
يحصرها في مفهوم الخجل أو يسميها ضعفا في الشخصية .والناظر املتأمل في سير األنبياء عليهم السالم يجد الحياء
قيمة مشتركة بينهم جميعا ،وها هو نبي هللا يوسف عليه السالم يظهر حياؤه في كل املواقف من مراودة امرأة العزيز
وتآمر النسوة واختياره دخول السجن حياء من هللا تعالى من أن يقترف الفاحشة؛ كما أن املثال األعلى والقدوة
األسمى في الحياء هو حبيبنا وسيدنا محمد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وهو القائل« :لكل دين خلقا ،وخلق
اإلسالم الحياء» ،وهو ما يؤكد أهمية هذه القيمة ومكانتها في اإلسالم ،ول غرابة في أن يتربى على يديه الشريفتين
الصحابة الكرام وأن يتخلقوا بأخالقه رض ي هللا عنهم جميعا ،وإن أعظم من تمثل هذا الخلق بعد رسول هللا
الصحابي الجليل عثمان بن عفان رض ي هللا عنه ،لذلك أهمية املوضوع تتمثل في حديثنا عن أهمية خلق الحياء
وعن أهم مظاهره وتجلياته ،وذلك بالتركيز على هذا النموذج في القتداء.
Iالسند:
ً
مضطجعا في بيتي، عن عائشة رض ي هللا عنها قالت« :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
ثم استأذن َّ
فتحدثَّ ، كاشفا عن ساقيه ،فاستأذن أبو بكر فأذن له ،وهو على تلك الحال، ً
ثم استأذن عثمان ،فجلس رسول هللا صلى هللا عليه َّ
فتحدثَّ ، عمر ،فأذن له ،وهو كذلك،
فلما خرج ،قالت عائشة :دخل أبو بكر ،فلم تهتش له فتحدثَّ ، َّ وسلمَّ ،
وسوى ثيابه ،فدخل
وسويت ثيابك، ثم دخل عثمان فجلست َّ ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تبالهَّ ،ولم تبالهَّ ،
فقال« :أل أستحي من رجل تستحي منه املالئكة» ،رواه مسلم في صحيحه:
.1الشرح والفهم
−مضطجعا :مستلقيا على جنبه
−كاشفا عن ساقيه :يدل على هيئة اطمئنان للنبي صلى هللا عليه وسلم في بيته
−لم تهتش له :أي لم تتحرك ألجله ولم تغير من وضعك
أستحي :من الحياء وهذا يبين مكانة عثمان بن عفان رض ي هللا عنه
ٍ −
إن املتأمل في معاني الحديث يقف على سلوك الرسول صلى هللا عليه وسلم في تعامله مع صحابته الكرام ،وهو
ما يثبت أنه عليه السالم كان له منهج في تربيتهم والتعامل معهم كل واحد منهم بما تميز من الخصائص
والصفات الحميدة ،وما تغييره لجلسته إل دليل على املكانة التي كان يكنها للصحابي الجليل عثمان بن عفان
1
رض ي هللا عنه ،الذي عرف بحيائه الشديد والذي لم يمنعه من أن يكون من أكبر الرجالت األكثر جودا وبذل
وعطاء في تاريخ اإلسالم.
.2املضمون
سلوك النبي صلى هللا عليه وسلم دليل على املنهج التربوي الذي كان ينتهجه في إعداد صحابته
لحمل الرسالة ،واستحياؤه من عثمان بن عفان دليل على قيمة هذا الخلق وعلى سمو مقامه رض ي
هللا تعالى عنه كنموذج للتأس ي والقتداء.
IIتحليل املضمون:
.1املنهج النبوي في تربية الصحابة وإعدادهم لتحمل املسؤولية:
يقول هللا تعالى في سورة يوسف مخاطبا نبيه الكريم﴿ :قل هذه سبيلي أدعو إلى هللا على بصيرة أنا ومن
اتبعني﴾ [اآلية ،]108 :فالرسول صلى هللا عليه و سلم لم يكن يشتغل بالدعوة إلى دين هللا وحده نظرا
لخصوصية مهمة تبليغ الرسالة التي كلف بها ،بل كان الصحابة أيضا معنيون بهذا األمر ،و لذلك كان
ويعدهم لتحمل مشاق الدعوة ،فكلما أى منهم خلال ّ
سدده ،وكلما رأى عليه الصالة و السالم يربيهم ّ
ر
وجهه ،حتى صاروا مثال يقتدى ويحتذى به ،فكانوا ضعفا قواه ،وكلما رأى بذل وشجاعة وتضحية ّ
بذلك رضوان هللا عليهم صفوة الخلق بعد الرسول صلى هللا عليه وسلم ،اختارهم هللا تعالى لصحبة
نبيه ليتعلموا منه دينهم وينشروه في أصقاع األرض ،ويكونوا حجة على الناس.
.2نماذج للتأس ي والقتداء :عثمان بن عفان رض ي هللا عنه و قوة الحياء والبذل:
ارتباطا بموضوع الحياء وفي عالقة بنبي هللا يوسف عليه السالم ونبي هللا محمد صلى هللا عليه وسلم ،اخترنا الحديث
عن عثمان بن عفان رض ي هللا عنه ألن الحياء صفة مشتركة بينهم ،وهو ما يؤكد أمرا بالغ األهمية وهو أن هذه القيم
ل تخص األنبياء والرسل لوحدهم وإنما خاطب هللا بها جميع الناس وما عثمان بن عفان الذي عرف بشدة حيائه إل
دليل وحجة ،وقبل التعريف بهذا الرجل الفذ ل بد أن نمر بمفهومي الحياء والبذل:
إن النظر في هذا التعريف يبين أن الحياء ليس باملفهوم الذي نتمثله حقيقة في حياتنا بل هو أشمل وأعمق من
ذلك بكثير فقولنا خلق بمعنى أنه صفة ثابتة في سلوك صاحبه ،وقولنا يبعث صاحبه أي يحثه ويحفزه ويشجعه
على اجتناب القبيح ،والقبيح كل ما حرمه هللا تعالى وأدركه العقل فهما ومعرفة وخبرة ،وأما قولنا يمنع من
التقصير في حق ذي حق فهو يظهر عظمة هذه القيمة ونتائجها في حياة وسلوك املسلم .فالحياء ليس ضعفا في
الشخصية ول خجال كما يتمثله البعض بل هو إيمان اإلنسان بأهمية ما يفعله ،ويقينه بالنتائج ،ومن هنا تتبين
أهمية هذا الخلق في عفة اإلنسان ومنعه من كل مظاهر الفاحشة والفساد وبعثه على الوفاء بالحقوق وتحمل
ً
معطاء ،يبذل ما في وسعه لتحقيق هذه الغاية. املسؤولية ،وتجعل منه فردا نافعا
2
ب .تعريف البذل:
العطاء والجود والعمل والسعي واإلنفاق والتضحية بالجهد واملال عن طيب نفس ابتغاء وجه هللا تعالى.
ج .القتداء بعثمان بن عفان رض ي هللا عنه في الدعوة إلى هللا من خالل قيمة الحياء والبذل:
يستطيع املؤمن أن يرتقي بنفسه اقتداء بهذا الصحابي في بذله وحيائه وذلك بما تحققه هاتين القيمتين من:
3
✓ الوفاء بالحقوق والرقي باملجتمع وتنميته ووقايته من الفواحش الظاهرة والباطنة؛
✓ املبادرة إلى خدمة الصالح العام وجلب املنفعة لنفسه وملجتمعه؛
✓ تحقيق التكافل الجتماعي وكسب محبة اآلخرين والقضاء على مظاهر األنانية والكراهية والحقد؛
✓ جعل اإلنسان قدوة حسنة ،يتأس ى به كثير من أفراد مجتمعه ،فيكون سببا في صالح غيره؛
✓ نيل الكرامة في الدنيا والرفعة في اآلخرة؛
4