You are on page 1of 2

‫املدخل‪ :‬التزكية‬

‫املوضوع‪ :‬العقيدة‪ ،‬اإليمان والفلسفة‬


‫‪ .I‬أهمية املوضوع‪:‬‬
‫التنبيه على خطورة انحراف منهج التفكير وفساد العقيدة وتحريف حقيقة اإليمان واختالل القيم واألخالق‪ .‬وتعتبر‬
‫الفلسفة من أهم املذاهب العقلية التي خاضت في حقيقة القضايا اإليمانية الكلية‪ ،‬والتي عرفت تطورا مع مرور‬
‫الزمن حتى صارت علما ومنهجا في التفكير‪ .‬لكن منهج كثير من الفالسفة ابتعد عن املوضوعية في دراسة القضايا‬
‫الغيبية‪ ،‬والتي ل سبيل إلدراكها إل ما أخبرنا به الوحي لقصور العقل ومحدودية مداركه وقدراته‪ ،‬فكانت نتائج بعض‬
‫الفالسفة في البحث خطيرة تمثلت في تحريف الحقيقة أو إنكارها وجعل العقل مركزا للمعرفة‪ ،‬وهو ما يتعارض ويتنافى‬
‫مع الحقائق املخبر عنها في القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ .II‬السند‪:‬‬
‫قال هللا تعالى‪:‬‬
‫َ َ ْ ٗ َ ٗ َ َ َ َّ َّ ُ ٓ َّ ْ ُ ْ َ ْ‬ ‫ْ ْ َ َ َ ْ َّ َ ٓ ُ َ َ ْ ُّ َ ْ ْ َ َ َ َ‬
‫ےُأولوا ےُ۬اَّلل َب َٰ ِ ے‬
‫ب ے‪﴾٢٦٨‬‬ ‫ےفق ُےد ے۟ا ِ‬
‫وِت ےخْيا ےكثِْياُۖ ےوما ےيذكر ےإَِّل‬ ‫﴿يُ ِ ے‬
‫وت ےِ۬الحِ كمة ےمن ےيشاء ُۖ ےومن ےيوت ےَ۬الحِ كمة‬
‫[سورة البقرة]‬

‫‪ .1‬الشرح والفهم‪:‬‬
‫نزل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم رسالة خاتمة ليرشد عقول الناس إلى طريق‬
‫الحق بعد انحراف فكرهم وفساد عقيدتهم‪ ،‬ويجيبهم عن كل التساؤلت التي ظل العقل البشري باحثا‬
‫لها عن جواب خصوصا ما يتعلق بالقضايا اإليمانية الكبرى‪ ،‬لذلك فإن‪:‬‬
‫‪ −‬الحكمة في سياق اآلية الكريمة تعني‪ :‬الوحي املنزل من أجل إخبار الناس بحقيقة اإليمان‬
‫‪ −‬األلباب‪ :‬معناها العقول السليمة‬
‫‪ .2‬املضمون‪:‬‬
‫يبين السند فضل هللا على الناس أن آتاهم الحكمة والعلم إلرشاد عقولهم وترسيخ إيمانهم‬
‫وهدايتهم ملا فيه خيرهم ومصلحتهم‪.‬‬

‫‪ .III‬تحليل املضمون‪:‬‬
‫‪ .1‬مفاهيم أساسية‪:‬‬
‫كرم هللا تعالى اإلنسان وزينه بالعقل ودعاه إلى إعماله في إدراك الحقيقة وفهم مقتضيات التوحيد‪.‬‬
‫َّ ٓ َ َ ْ َ َٰ ُ ُ ْ ً َ ٗ َّ َّ ُ َ ُ‬
‫ےع َربِيّاےل َعلك ْمےت ْعقِل َُۖے‬
‫ون﴾ ے‬ ‫قال هللا تعالى في سورة يوسف‪﴿ :‬إِناےأنزلنهےقرَٰءنا‬

‫فالعقل‪ :‬ملكة الفهم واإلدراك واملعرفة‪ ،‬وهو خاصية إنسانية وشرط من شروط التكليف؛‬
‫ّ‬
‫وأما الفلسفة‪ :‬لغة‪ ،‬تعني محبة الحكمة؛ واصطالحا‪ :‬النظر العقلي ومنهج التفكير القائم على الستدلل املنطقي‬
‫والبرهاني حول قضايا كلية وهي مبحث الوجود ومبحث املعرفة ومبحث القيم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫حسيا ظاهرا خصوصا قضايا الغيب ملحدودية‬ ‫لكن العقل مهما حاول اإلنسان‪ ،‬عاجز عن إدراك كل الحقائق إدراكا‬
‫مداركه وقدراته‪ .‬لذلك جاء القرآن الكريم ليجيب عن األسئلة اإليمانية الكلية‪ ،‬فتشكل من خالل ذلك منهجا في‬
‫التفكير عند املسلمين سمي بالفلسفة الراشدة‪:‬‬

‫فالفلسفة الراشدة هي‪ :‬كل نظر عقلي ومنهج في التفكير يوفق بين العقل والنقل(الوحي) في إدراك حقيقة اإليمان‪.‬‬

‫‪ .2‬عالقة اإليمان بالفلسفة‪:‬‬


‫ّ‬
‫يحصل التوافق بين اإليمان والفلسفة كلما كان منهج التفكير موضوعيا يجمع بين حدود العقل ومداركه وقدراته وبين‬
‫حقيقة اإليمان املخبر عنها في الوحي‪ ،‬يتأسس على النظر في آيات الكون والوجود‪ ،‬والستدلل على قضايا اإليمان‪.‬‬

‫‪ .3‬أهمية التفكير الفلسفي‪:‬‬

‫ل يستطيع أحد إنكار أهمية التفكير ألنه جزء من طبيعة اإلنسان وحاجة من حاجاته الضرورية‪ ،‬وفي القرآن‬
‫َ َْ ُ ْ‬ ‫ْ َ َ َْ ُ َ ّ َ‬
‫ْحے‬ ‫ِ‬ ‫ےت‬ ‫ف‬ ‫ي‬‫ك‬ ‫ے‬ ‫ے‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫الكريم توجيه إلى إعمال العقل والتفكر في الكون ومنه قول هللا تعالى‪ِ﴿ :‬إَوذےقالےإِبرَٰهِيمےر ِبےأ ِ‬
‫ر‬
‫ّ َ ْ َ َّ َ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ َ ٗ ّ َ َّ ْ َ ُ ْ ُ َ َ ُ ْ ْ‬
‫ُصه َّنےإِّلْكےث َّمےَ۪اج َعلے‬ ‫ْيےف‬ ‫َ۬الط‬ ‫ے‬ ‫ِن‬ ‫ےم‬ ‫ة‬ ‫ع‬‫ب‬ ‫ےَار‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫ےف‬ ‫ال‬ ‫ےق‬ ‫ے‬
‫ب‬ ‫ل‬‫ےق‬ ‫ن‬‫ئ‬ ‫م‬ ‫ط‬ ‫ِ‬
‫نےّل‬ ‫َٰلكِ‬ ‫۪ل َ‬
‫ےو‬ ‫َٰ‬ ‫۪‬ ‫ِتےقَ َالےأَ َول َ ْمےتُومِنےقَ َالےبَ‬
‫َٰ‬ ‫۪‬ ‫ِ۬الْ َم ْ‬
‫و‬
‫ِ‬ ‫ُۖ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ےس ْعيا َُۖےواعل َمےَانے َ‬
‫َ۬اَّللےعز ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ٗ‬ ‫ك َ‬ ‫َ َ َٰ ُ ّ َ َ ّ ْ ُ َّ ُ ْ ٗ ُ َّ ْ ُ ُ َّ َ َ َ‬
‫يم﴾ [سورة البقرة‪ .]260 :‬أو كما‬ ‫يزےحكِ ُۖے‬ ‫ِ‬ ‫عهنےياتِين‬ ‫لَعےك ِلےجب ٖلےمِنهنےجزءاےثمےَ۟اد ے‬
‫ُ ُ‬ ‫ك ےقَ َال ےلَنےتَريَِٰن َ‬ ‫ٓ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ُ َ ُّ ُ َ َ َ ّ‬ ‫َ َ َّ َ ٓ َ ُ‬
‫ن ےُ۟انظ ِرے‬ ‫ےوَٰلكِے ے‬ ‫۪ ِ‬ ‫ن ےأنظ ِر ےِاّلْ ُۖ‬ ‫و۪س ےلِمِيقَٰتِناےوكلمهۥےربهۥےقال ےر ِب ےأ ِر ِ‬ ‫ےم ۪ َٰ‬ ‫في قوله‪﴿ :‬ولماےجاء‬
‫ٗ‬ ‫ْ َ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ْ َ َ َٰ َ َ َّ َ َ ّ َٰ َ ُّ ُ ْ َ َ َ َ َ ُ َ ّ ٗ َ َ ُ‬ ‫َ ْ ََ َ‬
‫و۪س ے َصعِقاُۖے‬‫ےوخ َّےر ےم ۪ َٰے‬ ‫ِن ےفلماےتج ۪۪ل ےربهۥےل ِلجب ِل ےجعلهۥےدكا‬ ‫ي‬
‫۪ ِ ُۖ‬‫ر‬ ‫ےت‬ ‫ف‬ ‫و‬‫س‬ ‫ۥےف‬ ‫ه‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫ےم‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ت‬‫ِ۪اس‬‫ے‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫ِاَل ےَ۬الجب ِل ےف‬
‫َ َ َّ ٓ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َٰ َ َ ُ ْ ُ َ ْ َ َ َ ٓ ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِي﴾ے[سورة ا ألعراف‪.]143 :‬‬ ‫ےوأنےاےأ َّولےُ۬ال ُمو ِمن َے‬ ‫فلماےأفاقےقالےسبحنكےتبتےإِّلك‬
‫ّ‬
‫وأما التفكير الفلسفي فهو منهج البحث القائم على مبادئ الفلسفة من شك وسؤال وبحث واستدلل‪ ،‬تتمثل‬
‫أهميته فيما يلي‪:‬‬

‫✓ التفكير الفلسفي يقوي العقل وينمي ملكة التفكير؛‬


‫✓ التفكير الفلسفي يساعد في البحث عن الحقيقة واإلجابة عن األسئلة الكبرى التي تخص الوجود واملصير؛‬
‫✓ التفكير الفلسفي يحرر اإلنسان من كل مظاهر التقليد والتبعية ويبني قناعات راسخة؛‬
‫‪ .4‬قيمة التفكير الفلسفي املوضوعي (التفكير الفلسفي الراشد) وأثره في عالقة باإليمان‪:‬‬
‫✓ تثبيت العقيدة وترسيخ اإليمان بمنهج في الستدلل يوفق بين النقل والعقل‪ّ ،‬‬
‫مما يوصل اإلنسان إلى جوهر‬
‫الحكمة والعلم املفض ي إلى اليقين املطلق باهلل وبالحقائق الغيبية األخرى؛‬
‫✓ تحرير فكر اإلنسان وحفظه من التيه والضالل أثناء الخوض في القضايا الغيبية التي تتجاوز قدراته‬
‫العقلية؛‬
‫✓ تصحيح العقائد الفاسدة وتوجيه اإلنسان إلى الوفاء بمهمة الخالفة في األرض التي كلفه هللا تعالى بها‬
‫وإعمارها بالعمل الصالح‪.‬‬

‫‪2‬‬

You might also like