You are on page 1of 56

‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول‪:‬اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬

‫يعترب احلق يف احلياة الشخصية جوهر وأساس حقوق اإلنسان وحرياته األساسية‪ ،‬وهو من أبرز‬
‫احلق وق اللص يقة بشخص ية اإلنس ان‪ ،‬لكن أص بح ه ذا احلق يف اآلون ة األخ رية أك ثر عرض ة لإلنته اك‬
‫لذلك وجب توفري محاية قانونية واسعة مستمدة من الدساتري والقوانني الوضعية واملواثيق الدولية‪.1‬‬

‫وعليه ميكن تقسيم اإلطار املفاهيمي إىل مبحثني‪ ،‬ماهية محاية احلق يف احلياة الشخصية (املبحث‬
‫األول) والتطور الدويل والداخلي حلماية احلياة الشخصية (املبحث الثاين)‪.‬‬

‫‪ 1‬ميمون خ يرة‪" ،‬اإلطار القانوين للحق يف احلياة اخلاصة يف نط اق الق انون الدويل"‪ ،‬جملة الدراس ات القانونية املقارنة‪ ،‬اجمللد‪،06‬‬
‫العدد‪ ،01‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪ ،2020 ،‬ص‪.571‬‬
‫‪5‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬ماهية الحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫يعترب حتديد ماهية احلق يف احلياة الشخصية من املواضيع البالغة األمهية نظرا لإلشكاالت الرئيسية‬
‫ال يت يطرحها‪،1‬ورغم ذل ك مل ي رد تعريف ا ل ه يف مجي ع التش ريعات ألهنا فك رة مرن ة ومبهم ة يش وهبا‬
‫غموض ليس هلا حدود ثابتة‪ ،‬مما يعكس صعوبة بيان ماهية احلق يف محاية احلياة الشخصية‪.2‬‬

‫مل تقتص ر ماهي ة احلق يف محاي ة احلي اة الشخص ية على معرفته ا فق ط وإمنا تتع داها ملعرف ة التبي ان‬
‫الذي طغى على جل عناصره سواء تعلق بطبيعته القانونية اليت إختلفت بني من يرى بأنه حق ملكية‬
‫ومن يرى أنه حق شخصي‪ ،‬إضافة إىل ما يتميز به من خصائص وما يتمتع به من مظاهر وهذا ما‬
‫جعله خمتلفا عن باقي احلقوق األخرى‪.3‬‬

‫ولدراس ة ماهي ة احلق يف محاي ة احلي اة الشخص ية إقتض ى األم ر تقس يم ه ذا املبحث إىل مطل بني‬
‫تضمن األول مفهوم احلق يف محاية احلياة الشخصية وطبيعته القانونية‪ ،‬واملطلب الثاين مظاهر احلق يف‬
‫محاية احلياة الشخصية وخصائصها‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬مفهوم الحق في حماية الحياة الشخصية وطبيعته القانونية‪:‬‬

‫إن الق انون مل ينص على تعري ف احلق يف محاي ة احلي اة الشخص ية ب ل نص على محايته ا فق ط‪،‬‬
‫حيث أن الفقه الفرنسي إنتقد هذا النهج ألنه كان من الضروري معرفة مضمون هذه احلماية أو حملها‬
‫قبل التطرق إىل هذه احلماية‪.4‬‬

‫‪ 1‬زيتوني محمد كمال ‪ ،‬جرمية املساس باحلياة اخلاصة وطرق مكافحتها‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاسرت يف احلقوق فرع‪ :‬قانون اجلنائي‬
‫والعلوم اجلنائية‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد احلميد بن باديس‪ ،‬مستغامن‪،2019 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬شميشم رشيد‪" ،‬احلق يف احلياة اخلاصة"‪ ،‬جملة العلوم القانونية واإلجتماعية‪ ،‬العدد‪ ،12‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة حيىي‬
‫فارس املدية‪ ،2018 ،‬ص‪.161‬‬
‫‪ 3‬بن حيدة محمد ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه يف القانون‪ ،‬كلية احلقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2017 ،‬ص‪.41‬‬
‫‪4‬شميشم رشيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫‪6‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬مفهوم الحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬

‫إن مفهوم احلق يف احلياة الشخصية متطور خيتلف حسب عادات وتقاليد كل جمتمع والظروف‬
‫اخلاصة بكل شخص ونظام احلكم‪ ،‬فبالرغم من قدم فكرة احلق يف إحرتام احلياة اخلاصة فاملالحظ أن‬
‫هذا املفهوم ال يزال بعيدا على أن يكون حمال لإلتفاق‪.1‬‬

‫لكن ه ذا ال يع ين وج ود عدي د من احملاوالت الفقهي ة والقانوني ة إلجياد تعري ف ج امع م انع ل ه‪،‬‬
‫واليت نصت أيضا على إقرار هذا احلق وكفالة محايته من أي اعتداء مادي أو معنوي أو مساس به‪.2‬‬

‫مما سبق سنتطرق إىل تعريف احلق يف محاية احلياة الشخصية يف فرعني‪ ،‬أوهلما التعريف اإلجيايب‪،‬‬
‫و ثانيهما التعريف السليب‪.‬‬

‫أوال‪:‬التعريف اإليجابي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬

‫ذهب ج انب من الفق ه األم ريكي من تعري ف احلق يف اخلصوص ية‪ 3‬بأن ه احلق يف اخلل وة أي ح ق‬
‫اإلنسان يف البقاء بعيدا عن احلياة اإلجتماعية يف عزلة دون إزعاج من اآلخرين‪ ،‬وأول من نادى بفكرة‬
‫اخللوة الفقيه القاضي كويل ‪ cooly‬إذ أن تعريف احلق يف احلياة اخلاصة لقى قبوال من جانب الفقه‬
‫األمريكي‪ ،‬إذ عرف الفقيه نيزر ‪ nizer‬هذا احلق قائال‪":‬هو حق اإلنسان يف أن يعيش مبفرده جمهوال‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬احلياة القانونية حلياة العامل اخلاصة يف مواجهة بعض مظاهر التكنولوجيا احلديثة‪ ،‬ط‪ ،01‬منشورات احلليب‬
‫احلقوقية بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2011 ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ 2‬زيتوني محمد كمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪3‬اخلصوصية يف اللغة يعرب عن حال اإلنفراد الذي هو نقيض العموم فيقال إختص باألمر أي إنفرد به‪ ،‬أما إصطالحا فتعرف أهنا‬
‫حالة إختصاص وإنفراده بشؤونه دون الغري سواء كان ذلك اإلنفراد حق اإلطالع أو النقل للغري أو التصرف يف الشأن اخلاص‪،‬‬
‫انظر‪ :‬نفس املرجع ص‪.13‬‬
‫‪7‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن ح ق الش خص أن يعيش بعي دا عن أنظ ار الن اس وعن القي ود اإلجتماعي ة‪ 4،‬مبع ىن أن ه جيوز للف رد‬
‫العيش منفردا دون احلاجة لعالقات خاصة وتدخل خارجي‪.‬‬

‫وهو ماعرب عنه الربوفيسور ألن ويسنت ‪ westin allen‬بتعريفه للخصوصية أهنا إنسحاب إرادي‬
‫ومؤقت من اجملتمع إىل العزلة‪ ،‬أو العيش يف حالة من اإلنغالق والتحفظ يف وسط جمموعة أكرب‪.1‬‬

‫أم ا فيم ا خيص تعري ف الفقي ه فريي ه ‪ Didier ferrier‬إىل "أن احلي اة اخلاص ة هي جمموع ة‬
‫‪2‬‬
‫احلاالت واألدوار الصادرة عن الفرد حبرية‪ ،‬واليت ال تربطه بأي إلتزام يف مواجهة اآلخرين"‪.‬‬

‫ويعرفها الفقيه األمريكي جون شاتوك ‪ chattuek john‬بقوله"تعين احلياة اخلاصة أن يعيش‬
‫الفرد حرا ممارسا ألنشطة خاصة حىت ولو كان سلوكه على مرأى من الناس‪ ،‬فهو يرتدي ما حيلو له‬
‫ويظهر هبيئة تتميز هبا شخصيته‪.3‬‬

‫ومن أش هر تعريف ات احلق يف اخلصوص ية التعري ف ال ذي وض عه معه د الق انون األم ريكي ال ذي‬
‫يعرف اخلصوصية عن طريق املساس هبا بقوله أن كل شخص ينتهك بصورة جديدة ودون وجه حق‬
‫شخص آخر يف أن ال تصل أموره وأحواله إىل علم الغري وأن ال تكون صورته عرضة ألنظار اجلمهور‬
‫يعترب مسؤوال أمام املعتدى عليه‪.4‬‬

‫‪4‬علي أحم د عب د الزع بي‪ ،‬ح ق اخلصوص ية يف الق انون اجلن ائي‪ ،‬ط‪ ،01‬املؤسس ة احلديث ة للكت اب ناش رون‪ ،‬ط رابلس‪ ،‬لبن ان‪ ،2006 ،‬ص‬
‫‪.119‬‬
‫‪ 1‬رح ال عب د الق ادر‪ ،‬احلماي ة اجلزائري ة للح ق يف اخلصوص ية‪ ،‬دراس ة مقارت ة بني الش ريعة اإلس المية والق انون اجلزائي اجلزائ ري‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه يف العلوم اإلسالمية‪ ،‬ختصص شريعة وقانون‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة امحد بن بلة‪،‬‬
‫وهران‪ ،2015 ،‬ص‪.42‬‬
‫‪2‬آيت سيدهم يحيى ‪ ،‬احلياة اخلاصة يف ظل التطور التكنولوجي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستري‪ ،‬ختصص قانون اإلعالم كلية احلقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة جياليل ليابس‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،2015 ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ 3‬بن س عيد ص برينة‪ ،‬محاي ة احلق يف حرم ة احلي اة اخلاص ة يف عه د التكنولوجي ا‪ ،‬أطروح ة لني ل ش هادة دكت وراه العل وم يف العل وم‬
‫القانونية ختصص‪ :‬قانون دستوري‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة احلاج خلضر‪ ،‬باتنة‪،2015 ،‬ـ ص‪.74‬‬
‫‪4‬جغالل نغم‪ ،‬محاية املشرع اجلزائري للحق يف حرمة احلياة اخلاصة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاسرت يف احلقوق ختصصه‪ :‬القانون اجلنائي‬
‫والعلوم اإلجرائية‪ ،‬كلية القوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أكلي حمند أوحلاج‪ ،‬البويرة‪ ،2019 ،‬ص‪.09‬‬
‫‪8‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعلى غرار الفقه األمريكي سلك نظريه الفرنسي طريقا مماثال فالعميد جان كاربونييه ‪Jean‬‬
‫‪ carbonnier‬يرتجم بصفة أساسية مقتضاه أن يرتك اإلنسان هادئا دون ما يعكر حياته من قبل‬
‫الغري‪ ،‬هذا اهلدوء الذي يشكل القيمة النفسية احملمية يشمل مظاهر متعددة ومتنوعة‪.1‬‬

‫باإلضافة إىل الفقه املصري الذي ال تقل وجهته عن اآلراء اليت قبله‪ ،‬حيث تناول رمسيس هبنام‬
‫‪ ramsès bahnam‬تعري ف احلي اة اخلاص ة وحرمته ا بقول ه ي راد باحلي اة اخلاص ة لإلنس ان قي ادة‬
‫اإلنسان لنفسه يف الكون املادي احمليط به‪.2‬‬

‫ف احلق يف احلي اة اخلاص ة مينح الف رد محاي ة كامل ة س واء من الناحي ة النفس ية أو اجلس دية فك ل ش خص‬
‫مسؤول عن نفسه وجسده وال جيوز للغري التدخل فيهما وإال اعترب ذلك إنتهاكا حلرمة احلياة اخلاصة‪.‬‬

‫باإلضافة إىل األستاذ الدكتور فتحي أمحد سرور الذي قال أن حرمة احلياة اخلاصة هي قطعة‬
‫غالي ة من كي ان اإلنس ان ال ميكن إنتزاعه ا من ه‪ ،‬وإال حتول إىل أداة ع اجزة عن الق درة على اإلب داع‬
‫اإلنشائي‪ ،‬فاإلنسان حبكم الطبيعة له أسراره الشخصية ومشاعره الذاتية وخصائص املتميزة وال ميكن‬
‫لإلنسان أن يتمتع هبذه املالمح إال يف مناخ حيفظهما ويهيئ هلا لسبل البقاء‪.3‬‬

‫فاحلق يف اخلصوصية يعين أنه ليس ألحد أن يقتحم على غريه عامل أسراره وأن يدعه يف سكينة‬
‫ينعم باأللفة دون تطفل من قبل اآلخرين‪.4‬‬

‫واحلياة اخلاصة تعين حجب الغري عن اإلطالع على خصوصياته وجعل ذلك يف إطار السرية‪.5‬‬

‫‪1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪ 2‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ 3‬نجم حبيب جبل المشايخي‪ ،‬التنظيم الدستوري احلق يف اخلصوصية وضماناته القضائية‪ ،‬املركز العريب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‬
‫(دون سنة النشر)‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ 4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ 5‬وه اب حم زة‪ ،‬احلماي ة الدس تورية للحري ة الشخص ية خالل مرحل ة اإلس تدالل والتحقي ق يف التش ريع اجلزائ ري‪ ،‬دار اخللدوني ة‪،‬‬
‫اجلزائر‪ 2011 ،‬ص‪.35‬‬
‫‪9‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومنه ميكن تقسيم هذا التعريف إىل ‪ 03‬أفكار رئيسية وهي ‪:‬السرية ‪،‬األلفة والسكينة‪.1‬‬

‫يذهب الفقيه مارتن ‪ martin‬إىل تعريف احلياة اخلاصة وبالطبع إستنادا إىل فكرة السرية بأهنا‬
‫"احلياة املنعزلة أو اجملهدات واحلياة السرية والشخصية الالصقة أو احلياة الداخلية و الروحية وتلك اليت‬
‫يعيشها اإلنسان خلف بابه املوصد"‪.2‬‬

‫فب الرغم من العالق ة الوطي دة بني اخلصوص ية والس رية ف إن ه ذه األخ رية ال حتم ل نفس مع ىن‬
‫اخلصوصية كما تقيد معناها وتضيقه‪ ،‬فاخلصوصية هي أوسع بكثري وجماهلا واسع‪ ،‬أما فيما خيص فكرة‬
‫الس كينة يعرفه ا ج انب أخ ر ويقص د هبا ح ق الف رد يف العيش ول و ج زءا من حيات ه بعي دا عن ت دخل‬
‫الغري‪ ،‬فلإلنسان احلق يف محاية خصوصياته من أي تدخل أو إعتداء يقع عليها‪.3‬‬

‫فالقضاء الفرنسي قام باإلعتداد بفكرة األلفة بصفة أساسية وإعتبارها مصطلح مرادف للحياة‬
‫اخلاصة‪ ،‬و حيصر الفقيه روجي نريسون ‪ Nerson roger‬فكرة احلياة يف إطار األلفة بقوله أهنا أقل‬
‫ح يز يك ون لك ل ش خص أن حيتف ظ ب ه لتف ادي تع دي األخ رين ‪ ،‬أو كم ا يص فه األس تاذ س افاتيه‬
‫‪ savatier‬أهنا احلديقة املغلقة لأللفة‪ ،‬وعرف كابان األلفة أهنا كل مايتعلق خبصوصية الشخص‪،4‬‬
‫فبالرغم من جوهرية هذا العنصر إال أنه يعترب مرادفا للسرية أو السكينة‪.5‬‬

‫ويرى البعض من الفقه أن احلياة اخلاصة ماهي إال مزيج من العناصر السابقة (السرية‪ ،‬السكينة‪،‬‬
‫األلف ة)‪ ،‬وعرفه ا بأهنا النط اق ال ذي يك ون للم رء يف إط ار اإلنس حاب عن اآلخ رين هبدف حتقي ق‬
‫السكينة والسرية يف احلياة اخلاصة‪.6‬‬

‫‪ 1‬نجم حبيب جبل المشايخي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36‬‬


‫‪ 2‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ 3‬عماد محدي حجازي‪ ،‬احلق يف اخلصوصية ومسؤولية الصحفى‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2008 ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ 4‬علي أحمد عبد الزعبي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪6‬عماد حمدي حجازي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪10‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن هنا ميكن القول أن هذه التعريفات املضيقة لفكرة احلق يف احلياة اخلاصة غامضة وال ميكن‬
‫اإلعتماد عليها‪ ،‬حبيث مت ربطها مبجموعة من األفكار‪ ،‬وبصفة عامة كل التعريفات مل تعطي تعريف‬
‫عام للحياة اخلاصة والقول بأنه حق يستعصي على التعريف‪ ،‬وهذا ما جعل الفقه يبحث عن تعريف‬
‫سليب للحياة اخلاصة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف السلبي للحق في حماية الشخصية‪.‬‬

‫تعترب احلياة اخلاصة هي كل ما ال يعد من احلياة العامة للفرد واحلياة غري العامة وغري العلنية‪،‬‬
‫فاحلق يف حرمة احلياة اخلاصة هو احلق يف حياة غري عامة‪ ،‬فهذا يسهل تعريف احلياة العامة لكنه يؤكد‬
‫أولوية احلياة اخلاصة ومحايتها وحظر املساس هبا‪ ،‬فعدم تعريف هذه األخرية يعد إحرتاما هلا فال جيوز‬
‫التعم ق فيه ا‪ ،‬وعلي ه فاحلي اة العام ة تع ين حتدي د اجملال ال ذي جيوز أن يك ون حمال حلب إس تطالع الن اس‬
‫عليه على سبيل اإلستثناء‪.2‬‬

‫فالفرد يقضي وقتا أطول يف حياته العامة مع اجلمهور‪ ،‬مقارنة بالوقت الذي يقضيه بنفسه أي‬
‫يف حياته اخلاصة‪ ،‬حىت بالنسبة ألوقات الفراغ معظم الناس يقضوهنا يف أماكن عامة‪ ،‬أي أن جانب‬
‫من نش اطه يك ون عام ا حتت مسع وبص ر اآلخ رين‪ ،‬ه ذا بالنس بة لألش خاص املش هورين فليس على‬
‫الشخص التضرر من نشر هذا اجلانب من حياته‪ ،3‬ويدلل أنصار هذا اإلجتاه بأن القضاء الفرنسي اعترب‬
‫احلياة املهنية للفنان تدخل يف عداد حياته العامة‪.4‬‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪2‬بش اتن صفية‪ ،‬احلماي ة القانونية للحياة اخلاص ة‪ ،‬م ذكرة لني ل شهادة دكت وراه يف العل وم‪ ،‬ختص ص‪ :‬قانون‪ ،‬كلي ة احلقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2012 ،‬ص‪.72‬‬
‫‪3‬عماد حمدي حجازي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪ 4‬عص ام أحم د البهجي‪ ،‬محاي ة احلق يف احلي اة اخلاص ة يف ض وء حق وق اإلنس ان واملس ؤولية املدني ة‪ ،‬دار اجلامع ة اجلدي دة للنش ر‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2005 ،‬ص‪.35‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وه ذا ي دفعنا ملعرف ة معي ار التفرق ة بني احلي اة العام ة واخلاص ة‪ ،‬ومعرف ة عناص ر احلي اة العلني ة‬
‫إلستبعاد ما خيرج منها‪ ،‬وإعتباره من قبل احلياة اخلاصة‪،1‬فاحلد الفاصل بني احلياة العامة واحلياة اخلاصة‬
‫يكمن يف فكرة الشعور باحلياء إجتاه ألفة حياته‪ ،‬فحيثما يشعر اإلنسان باحلياء يبدأ نطاق احلياة اخلاصة‬
‫وتنتهي احلياة العامة‪.2‬‬

‫فهذا املعيار فضفاض ومبهم حيتاج إيضاح‪ ،‬فقد جلأ أنصار هذا اإلجتاه إىل أن احلياة العامة هي‬
‫احلياة اإلجتماعية هبا يدخل اإلنسان يف عالقات مع غريه مثل احلياة احلرفية وحياة اجملتمع و بإختصار‬
‫احلياة اخلارجية لإلنسان أي خارج باب منزله‪.3‬‬

‫وميكن القول أن احلياة العامة للفرد تشمل احلياة السياسية كتأدية اخلدمة العسكرية أو ممارسة‬
‫حق التصويت‪.4‬‬

‫ومن خالل مراجع ة الص ور الس ابقة املكون ة ملفه وم احلي اة العام ة جند أهنا من املس لمات وحمل‬
‫خالف‪ ،‬فاحلي اة املهني ة واحلرفي ة وك ذلك أوق ات الف راغ هي من ص ور احلي اة اإلنس ان اخلاص ة‪ ،‬فيم ا‬
‫خيص الشهرة مهما بلغت ال جيوز نشر األمور الشخصية دون قيد أو شرط ويف ذلك إنتهاكا حلرمة‬
‫حياة الشخص املشهور‪.5‬‬

‫ويتض ح من خالل م ا تق دم أن ه ذا اإلجتاه الس ليب معيب ألن ه وض ع حدودا فاص لة بني احلي اة‬
‫العامة واحلياة اخلاصة‪ ،‬وهذا األمر مستحيل ألن معايري التمييز بينهما متطورة وختتلف إىل حد يفقدها‬
‫فاعليتها يف حتديد جماالت التداخل والتناسق بينهما‪.6‬‬

‫‪ 1‬نجم حبيب جيل المشايخي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬


‫‪ 2‬المسوس عتو‪،‬محاية احلق يف اخلصوصية يف القانون اجلزائري يف ظل التطور العلمي والتكنولوجي‪،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫يف العلوم ختصص علوم قانونية فرع قانون جتاري‪،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪،‬جامعة جياليل ليابس‪،‬سيدي بلعباس‪ ،2015،‬ص‬
‫‪19‬‬
‫‪ 3‬رحال عبد القادر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ 4‬بلقاسم بن عمارة‪،‬احلماية اجلزائية للحياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري‪،‬مذكرة لنيل شهادة املاسرت يف احلقوق‪،‬ختصص القانون‬
‫اجلنائي والعلوم اجلنائية‪،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد احلميد بن باديس‪ ،‬مستغامن‪ ،2019 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪5‬علي أحمد عبد الزعبى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ 6‬خلف اهلل زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪12‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فال ميكن فصل احلياة العامة عن اخلاصة‪ ،‬فكل منها فكرة مرنة حتتاج تغيري وجتديد ويرتبطان‬
‫إرتباطا وثيقا هذا ما زاد األمر تعقيدا‪ .‬فليس من السهل الفصل بينهما وترك األمر للقضاء‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫مل يكن تعريف احلق يف احلياة اخلاصة املسألة الوحيدة اليت إختلف حوهلا الفقهاء بل إمتد ذلك‬
‫إىل الطبيعة القانونية هلذا احلق‪ ،‬فقد شغلت هذه املسألة بال الفقه والقضاء‪،‬لذا كان من الالزم تدخل‬
‫العديد من التشريعات يف كثري من النظم القانونية القدمية واحلديثة حول حتديد الطبيعة القانونية للحق‬
‫يف احلياة الشخصية ملعرفة النتائج اليت تتولد عنه‪ ،‬فمنهم من إعتربه حقا ومنهم من إعتربه رخصة‪.1‬‬

‫فبالنسبة للرأي األول‪،‬إنقسم إىل إجتاهني‪ ،‬األول إعترب احلق يف احلياة اخلاصة حق ملكية‪ ،‬والثاين إعتربه من‬
‫احلقوق الشخصية‪،2‬وهذا ما سنتطرق إليه يف الفرع باإلضافة إىل معرفة األشخاص املعنيني هبذا احلق‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحق في الحياة الشخصية حق ملكية‪.3‬‬

‫أسس هذا اإلجتاه رأيه على أساس فكرة احلق يف الصورة‪ ،4‬لكوهنا ختضع ملا خيضع له حق امللكية‬
‫من أحكام‪ ،‬فكانت الفكرة السائدة آنذاك أن لإلنسان حق ملكية على جسده وشكله جزء من هذا‬
‫اجلسد والصورة ما هي إال جتسيد هلذا الشكل‪ ،‬ومن مث تعممت الفكرة لتشمل حق اخلصوص بكافة‬
‫مظاهره‪.5‬‬

‫‪ 1‬جالد سليم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬


‫‪ 2‬عدنان سوزان‪" ،‬إنتهاك حرمة احلياة اخلاصة عرب األنرتنبت"‪ ،‬جملة العلوم اإلقتصادية والقانونية‪ ،‬اجمللد ‪ ،29‬العدد ‪ ،03‬جامعة‬
‫دمشق‪ 2013 ،‬ص‪.436‬‬
‫‪ 3‬حق امللكية‪ :‬هو أوسع احلقوق العينية نطاقا‪ ،‬يرد على شيء من األشياء‪ ،‬انظر‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ 4‬ممدوح خليل بحر ‪ ،‬محاية احلياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2010 ،‬ص‪.311‬‬
‫‪ 5‬بن حيدة محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪13‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وأس س الفقي ه الفرنس ي إدملان ‪ Edelman‬رأي ه ب القول أن احلق يف احلي اة اخلاص ة يع د من‬
‫قبيل حق امللكية‪.1‬‬

‫وي رتتب على ح ق ملكي ة الش خص على جس ده ‪ 03‬أم ور فل ه ح ق التص رف واإلس تعمال‬
‫وإإلستغالل جلسده وصورته‪ ،‬ومنه جواز بيع صورته وتغيري مالحمه‪ ،‬كأن يصبغ شعره‪ ،‬أو حيلفه أو‬
‫يبيع ه‪ ،‬فوفق ا للقواع د العام ة يف الق انون املدين ال ذي خيول للمال ك ح ق اإلس تعمال واإلس تغالل‬
‫والتصرف املطلق يف ملكيته‪.2‬‬

‫فمادام الشخص مالك جلسده فله حق التصرف فيه‪ ،‬وهذه األحكام تنطبق أيضا على الصورة‪،‬‬
‫اليت هي جزء من كيان الفرد‪ ،‬وهذا ما أكده السنهوري بقوله حق ملكية الشيء هو حق اإلستئثار‬
‫بإستعماله وإستغالله وبالتصرف فيه على وجه دائم وكل ذلك يف حدود القانون‪ ،3‬وينطبق ذلك على‬
‫ما نص عليه القانون املدين يف املادة ‪.4674‬‬

‫وينب ين على ذلك عدم جواز تصوير الشخص أو إستغالل صورته إال برضاه حىت ولو كان‬
‫ذلك الشخص يف مكان عام‪.‬‬

‫فمن حق الشخص رفع دعوى وقف اإلعتداء الواقع على حرمة حياته اخلاصة دون احلاجة‬
‫إىل إثبات الض رر املادي واملعن وي الذي أنتجه هذا اإلعت داء‪ ،‬وذلك إعماال حلق املالك على امللكية‪،‬‬
‫وأن هذا احلق غري قابل للتقادم‪.5‬‬

‫‪ 1‬جالد سليم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬


‫‪ 2‬وهاب حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪3‬هشماوي آسية‪" ،‬احلق يف احلياة اخلاصة بني اإلطالق والتقييد"‪ ،‬جملة القانون العام اجلزائري واملقارن‪ ،‬اجمللد‪ ،07‬العدد‪ ،02‬جامعة‬
‫معسكر اجلزائر‪ ،2021 ،‬ص‪.154‬‬
‫‪ 4‬املادة ‪ 674‬من األمر ‪ 58-75‬املؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب‪ ،1975‬املتضمن القانون املدين‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج ‪ ،‬ع‪ ،78‬الصادر بتاريخ ‪30‬‬
‫يبتمرب ‪ ،1975‬املعدل واملتمم‪.‬‬
‫‪5‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪14‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فالقانون اإلجنليزي أنكر إستقاللية احلق يف اخلصوصية وإعتربها ملك خاص لصاحبه‪ ،‬وال تقل‬
‫أمهية عن ملكية اإلنسان ملنزله ومالبسه إذ ال جيوز املساس هبا‪.1‬‬

‫واحملاكم الفرنسية‪ 2‬يف مرحلة معينة إعتربت احلق يف اخلصوصية من قبيل حق امللكية‪ ،‬وهذا ما ذهبت‬
‫إلي ه حمكم ة الس ني التجاري ة ال يت قض ت بأن ه "ملا ك ان لك ل ش خص أن يتمت ع و أن يس تعمل ص ورته‬
‫مبقتضى ماله عليها من حق ملكية مطلق‪ ،‬فإن أحدا غريه ال ميلك مكنة التصرف فيه دون موافقته‪.3‬‬
‫وكرس أنصار هذا اإلجتاه محاية سرية الرسائل واخلطابات بإعتبار أن لصاحب اخلطاب حق‬
‫ملكية عليه حبيث تتكون بني املرسل واملرسل إليه‪.4‬‬

‫نقد هذا اإلتجاه‪:‬‬

‫إن اإلختالف بني احلق يف احلي اة اخلاص ة واحلق يف امللكي ة أك ثر من التش ابه ويظه ر ه ذا‬
‫اإلختالف مثال يف مميزات كل منهما‪ ،‬فال يستطيع أن يكون للشخص حق ملكية على جسده‪ ،‬إذن‬
‫فالصورة ليست حمل ملكية لعدم انفصاهلا عن الشخص ذاته‪ ،‬فهذا احلق العيين يفرتض وجود هذا احلق‬
‫وموض وعه‪ ،‬فه ذا اإلجتاه ت أثر ب آراء قدمية (الق انون الروم اين) وتعت رب الفك رة خاطئ ة وأدخ ل احلق يف‬
‫خصوصية ضمن حق امللكية حىت ال خيلق تقسيمات جديدة‪.5‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحق في الحياة الخاصة حق شخصي‪.‬‬

‫‪ 1‬جالد سليم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45‬‬


‫‪ 2‬من بني تلك احملاكم‪ ،‬حمكمة جراس‪ ،27/02/1971 ،‬األسبوع القانوين‪ ،16734 ،‬تعليق ليندون‪ ،‬وحمكمة السني اإلبتدائية‬
‫‪ ،13/03/1967‬جازيت دي باليه‪ ،1/389‬وحمكمة باريس اإلبتدائية ‪ ،23/05/1970‬جازيت ديباليه‪ 2‬ملخص ‪ ،65‬انظر‬
‫نفس املرجع‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ 3‬محم دي ب در ال دين‪" ،‬الطبيع ة القانوني ة للح ق يف حرم ة احلي اة اخلاص ة"‪ ،‬جمل ة البح وث القانوني ة والسياس ية‪ ،‬الع دد‪ ،06‬املرك ز‬
‫اجلامعي‪ ،‬النعامة‪ ،2016 ،‬ص‪.98‬‬
‫‪ 4‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪5‬جالد سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫‪15‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الرأي الراجح يف فرنسا‪ 6‬يرى أن حق اخلصوصية تشابه مع احلق الشخصي أكثر من تشاهبه‬
‫مع احلق العيين وهذا ما نصت عليه املادة‪ 09‬من القانون املدين الفرنسي‪.7‬‬

‫وتع رف ه ذه احلق وق بأهنا تل ك احلق وق ال يت تنص ب على مقوم ات وعناص ر الشخص ية يف‬
‫خمتل ف مظاهره ا الطبيعي ة واملعنوي ة والفردي ة و اإلجتماعي ة‪ ،‬حبيث تع رب عم ا للش خص من س لطات‬
‫خمتلفة واردة على هذه املقومات وعلى تلك العناصر بقصد تنمية هذه الشخصية ومحايتها من إعتداء‬
‫الغري بإعتبارها عناصر مكونة لشخصية املرء‪.3‬‬

‫ويف حالة اإلعتداء على هذا احلق كان لزاما اللجوء إىل القضاء دون إثبات لضرر أو خطأ ويف‬
‫ذلك محاية قوية هلذا احلق‪.4‬‬

‫فاحلماية القانونية تكون قوية هنا أكثر من أن ترتك للمسؤولية املدنية أي بإثبات خطأ وضرر‬
‫وعالقة سببية‪ ،‬وذلك يوفر محاية الحقة غري فعلية عن طريق الوقاية من أي إنتهاك‪.5‬‬

‫‪ 6‬كروش عقيلة ‪ ،‬احلماية القانونية حلرمة احلياة اخلاصة‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة املاسرت يف احلقوق‪ ،‬ختصص‪ :‬قانون جنائي‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة حممد بوضياف‪ ،‬املسيلة‪ ،2021 ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ 7‬املادة ‪ 09‬من الق انون الم دني الفرنسي تنص على أن‪ ":‬لك ل ف رد احلق يف إح رتام حيات ه اخلاص ة‪ ،‬جيوز للقض اة دون اإلخالل‬
‫بالتعويض عن األضرار اليت حلقت هبم‪ ،‬أن يصفوا أي تدابري مثل احلراسة واإلستيالء وغريها‪ ،‬ملنع أو وضع حد لغز اخلصوصية‪ ،‬قد‬
‫تك ون ه ذه الت دابري إذا ك انت هن اك على وج ه الس رقة ليك ون أم ر يف ملخص"‪.‬مت اإلطالع عليه ا بت اريخ ‪ 15/03/2020‬على‬
‫الساعة ‪ 09:00‬يف املوقع‪:‬‬
‫‪Site.eastlaws.com‬‬
‫‪ 3‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪4‬هشماوي آسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪5‬جالد سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪16‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن ه نس تنتج أن ه ذه احلق وق الشخص ية ال ميكن اإلس تغناء عنه ا‪ ،‬فق د أولت أمهي ة للج انب‬
‫املعنوي لكيان اإلنس ان باإلض افة إىل من ع التطف ل على من ل ه ح ق يف اخلصوص ية وجند أن ه ذا ال رأي‬
‫الراجح الذي جلأ إليه كال من الفقه الفرنسي واملصري‪.1‬‬

‫موقف المشرع الجزائري‪:‬‬

‫إن املشرع اجلزائري إنتهج نفس منهاج نظريه املصري‪ 2‬و الفرنسي ‪ ،‬فاملادة ‪ 47‬من القانون‬
‫املدين اجلزائري نصت صراحة على اإلعرتاف باحلقوق اللصيقة أو املالزمة لصفة اإلنسان وأقر لكل‬
‫من ينتهك أو يتعدى على هذه احلقوق التعويض‪ ،‬وللشخص الذي له احلق يف اخلصوصية طلب وقف‬
‫اإلعت داء دون احلاج ة إلثب ات‪ ،‬ففي ذل ك محاي ة للكي ان املعن وي لإلنس ان‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 47‬من‬
‫الق انون املدين‪" :‬لك ل من وق ع علي ه إعت داء غ ري مش روع يف ح ق من احلق وق املالزم ة للشخص ية أن‬
‫يطلب وقف هذا اإلعتداء والتعويض عما يكون قد حلقه من ضرر"‪.3‬‬

‫وب النظر إىل املادتني ‪ 28/01‬من الق انون املدين ن رى أن املش رع ق ام حبماي ة بعض من ه ذه‬
‫احلق وق ك احلق يف اإلس م واللقب‪ ،‬تنص املادة ‪ 28/01‬من نفس الق انون‪" :‬جيب أن يك ون لك ل‬
‫شخص لقب وإسم فأكثر ولقب الشخص يلحق أوالده‪.4"...‬‬

‫‪1‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.318‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 50‬من الق انون املدين املص ري ال يت تنص على "لك ل من وق ع علي ه إعت داء غ ري مش روع يف ح ق من احلق وق املالزم ة‬
‫لشخصيته‪ ،‬أن يطلب وقف هذا االعتداء‪ ،‬مع التعويض عما يكون قد حلقه من ضرر" مت اإلطالع عليه بتاريخ ‪17/03/2021‬‬
‫على الساعة ‪09:00‬سا يف املوقع‪http://site.eastlaws.com:‬‬
‫‪3‬أم ر رقم ‪،58-75‬املؤرخ يف ‪26‬س بتمرب‪ ،1975‬يتض من الق انون املدين‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪،‬ع‪،78‬صادر يف ‪ 30‬س بتمرب‪،1975‬معدل‬
‫ومتمم‪.‬‬
‫‪ 4‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫واملادة ‪ 48‬من نفس الق انون "لك ل من نازع ه الغ ري يف إس تعمال إمسه دون م ربر‪ ،‬ومن إنتح ل‬
‫الغري إمسه أن يطلب وقف هذا اإلعتداء والتعويض عما يكون قد حلقه من ضرر"‪.1‬‬

‫وك ذلك م ا ج اء يف ق انون العقوب ات اجلزائ ري ال ذي رتب اجلزاء اجلن ائي على املس اس‬
‫باخلصوصية دون احلاجة إىل توافر الضرر‪ ،‬هذا ما ورد يف املواد ‪299-298-296‬اليت جتيز للمعين‬
‫عليه اللجوء إىل القضاء لوقف اإلعتداء أو منعه مع التعويض‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬األشخاص الذين لهم الحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫كم ا ذكرن ا س ابقا أن القاع دة العام ة هي أن ح ق اخلصوص ية من احلق وق اللص يقة بشخص ية‬
‫الفرد‪ ،‬ومنه فالشخص الطبيعي هو األساس يف هذه احلماية وهذا ما أقره التشريع‪.‬‬

‫‪1‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 2‬املادة ‪ 299-298-296‬من ق انون العقوب ات الجزائ ري‪ ،‬الب اب الث اين اخلاص باجلناي ات واجلنح ض د األف راد‪ ،‬القس م اخلامس‬
‫املتعل ق باإلعت داء على ش رف وإعتب ار األش خاص وإفش اء األس رار‪.‬األم ر رقم ‪ 66/156‬املؤرخ يف ‪8‬يونيو‪،1966‬يتض من ق انون‬
‫العقوبات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،49‬صادر يف‪11‬يونيو‪ ،1966‬معدل و متمم‬
‫املادة ‪" : 296‬يعد قذفا كل إدعاء بواقعة من شأهنا املساس بشرف وإعتبار األشخاص أو اهليئة املدعى عليها به أو إسنادها إليهم أو‬
‫إىل تلك اهليئة‪ .‬ويعاقب على نشر هذا اإلدعاء أو ذلك اإلسناد مباشرة أو بطريق إعادة النشر حىت ولو مت ذلك على وجه التشكيك‬
‫أو إذا قص د ب ه ش خص أو هيئ ة دون ذك ر ااإلس م ولكن ك ان من املمكن حتدي دها من عب ارات احلديث أو الص ياح او التهدي د أو‬
‫الكتابة أو املنشورات أو الالفتات‪ .‬أو اإلعالنات موضوع اجلرمية"‪.‬‬
‫املادة ‪" :298‬يعاقب على القذف املوجه إىل األفراد باحلبس من شهرين إىل ستة أشهر وبغرامة من ‪ 25000‬دج إىل ‪50000‬‬
‫دج أو بإحدى هاتني العقوبتني‪ ،‬ويعاقب على القذف املوجه إىل شخص أو أكثر بسبب انتمائه إىل جمموعة عرقية أو مذهبية أو إىل‬
‫دين معني ب احلبس من ش هر إىل س نة وبغرام ة من ‪10000‬إىل ‪ 100000‬أو بإح دى ه اتني العقوب تني فق ط إذا ك ان الغ رض ه و‬
‫التحريض على الكراهية بني املواطنني أو السكان"‪.‬‬
‫املادة ‪" : 299‬يعاقب على السب املوجه إىل فرد أو عدة أفراد باحلبس من شهر إىل ثالثة أشهر وبغرامة مالية من ‪ 10000‬دج إىل‬
‫‪ 25000‬دج ويضع صفع الضحية حدا للمتابعة اجلزائرية"‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فالبحث يف نطاق اخلصوصية من حيث األشخاص يقوم أساسا على احلماية اليت يوفرها القانون‬
‫لإلنسان‪ ،‬ومن هذا املنرب تثور العديد من التساؤالت‪ ،‬حول ما إذا كان للشخص اإلعتباري‪ 1‬واألسرة‬
‫حق التمتع هبذه احلماية‪ ،2‬وهذا ما سنحاول دراسته‪.‬‬

‫مدى تمتع الشخص المعنوي بالحق في حماية الحياة الخاصة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫اإلجتاه املنكر لتمتع الشخص املعنوي باحلق يف محاية احلياة الشخصية‪ :‬إن األشخاص املعنوية أو‬
‫اإلعتبارية وفقا للمادة ‪ 49‬من القانون املدين هي "الدولة الوالية‪ ،‬البلدية‪ ،‬املؤسسات العمومية ذات‬
‫الط ابع اإلداري‪ ،‬الش ركات املدني ة والتجاري ة‪ ،‬اجلمعي ات واملؤسس ات‪ ،‬الوق ف‪ ،‬ك ل جمموع ة من‬
‫أشخاص أو أموال مينحها القانون شخصية قانونية"‪ ،3‬فقد ذهب كل من الفقيهني الفرنسيني ليندون‬
‫وفرييه‪ ،‬أن محاي ة احلق يف اخلصوصية تك ون للش خص الط بيعي فق ط دون الشخص املعن وي وال ميكن‬
‫مد هذه احلماية له‪ ،‬فكما ذكرنا سابقا أن احلق خصوصية من احلقوق اللصيقة بشخصية اإلنسان فمن‬
‫مثَّ فهو ال يثبت إال للشخص الطبيعي‪.4‬‬

‫فاملشرع الفرنسي إعرتف هبذا احلق يف قانون ‪ 17‬يوليو ‪ 1970‬الذي حيمي احلقوق الفردية للمواطنني‪.5‬‬

‫‪ 1‬لتأكيد هذا املعىن راجع قرار احملكمة العليا رقم ‪ 161815‬بتاريخ ‪ 25/12/1996‬يف قضية (ش‪.‬م‪.‬ع) ضد فريق (ب) إذ جاء‬
‫أن "من املقرر قانونا أن الشخص اإلعتباري يتمتع جبميع احلقوق إال ما كان منها مالزما لصفة اإلنسان‪ ،‬وذلك يف احلدود اليت‬
‫يقررها القانون" انظر‪ ،‬بشاتن صفية‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ 2‬جالد سليم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم‪ ،58-75‬املتضمن القانون املدين‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 4‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬الصحافة واحلماية اجلنائية للحياة اخلاصة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص‪.36‬‬
‫‪5‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.152‬‬
‫‪19‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فهذه احلماية املقررة إال لشخص بشري وآدمي فاإلختالف بني الشخص املعنوي والشخص‬
‫الطبيعي يكون يف الكيان املادي‪ ،‬ويعلل البعض هذا املوقف أن الشخص الطبيعي هو املخاطب هبذه‬
‫احلماية دون غريه‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه معظم النصوص الدستورية والقوانني‪.1‬‬

‫فاملادة ‪ 309‬مك رر من ق انون العقوب ات املص ري نص ت على محاي ة احلي اة الشخص ية للمواط نني‪،2‬‬
‫واملادة ‪ 45‬من الدستور املصري ورد فيها أن موضوع احلماية هو احلياة اخلاصة للمواطنني‪.3‬‬

‫فكلمة مواطن تطلق على الشخص الطبيعي عادة‪ ،‬فرغم متتع الشخص املعنوي باجلنسية فال‬
‫يطلق عليه كلمة مواطن‪.4‬‬

‫‪1‬بشاتن صفية‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.165‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 309‬مكرر من قانون العقوبات المصري‪" :‬يعاقب باحلبس مدة ال تزيد عن سنة كل من اعتدى على حرمة احلياة اخلاصة‬
‫للمواطن وذلك بأن إرتكب أحد األفعال اآلتية يف غري األحوال املصرح هبا قانونا أو بغري رضاء اجملين عليه‪:‬‬
‫‪-‬اس رتق الس مع أو س جل أو نق ل عن طري ق جه از من األجه زة أي ا ك ان نوع ه حمادث ات ج رت يف مك ان خ اص أو عن طري ق‬
‫التليفون‪.‬‬
‫‪-‬التقط أو نقل جبهاز من األجهزة أيا كان نوعه صورة شخص من مكان خاص‪.‬‬
‫فإذا أصدرت األفعال املشار إليها يف الفقرتني السابقتني أثناء إجتماع على مسمع أو مرأى من احلاضرين يف ذلك اإلجتماع‪ ،‬فإن‬
‫رضاء هؤالء يكون مفرتضا‪.‬‬
‫ويعاقب باحلبس للموظف العام الذي يرتكب أحد األفعال املبينة هبذه املادة إعتمادا على سلطة وظيفته‪.‬‬
‫وحيكم يف مجيع األحوال مبصادرة األجهزة وغريها مما يكون قد استخدم يف اجلرمية‪ ،‬كما حتكم مبحو التسجيالت املتحصلة عنها أو‬
‫إعدامها"‪ .‬مت اإلطالع عليها بتاريخ ‪ 17/03/2022‬على الساعة ‪ 12:55‬سا يف املوقع‪.https:// manshurat.org‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 45‬من الدستور املصري ‪ 1974‬تنص على‪ " :‬حلياة املواطنني اخلاصة حرمة حيميها القانون‪ ،‬واملراسالت الربيدية‪ ،‬والربقية‬
‫واحملادث ات التيليفوني ة وغريه ا من وس ائل اإلتص ال حرم ة‪ ،‬وس ريتها مكفول ة‪ ،‬وال جتوز مص ادرهتا أو اإلطالع عليه ا أو رقابته ا إال‬
‫بأمر قضائي مسبب وملدة حمددة وفقا ألحكام القانون"‪ .‬انظر‪ :‬عاقلي فضيلة‪،‬احلماية القانونية للحق يف حرمة احلياة اخلاصة‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه علوم يف القانون اخلاص‪،‬كلية احلقوق‪،‬جامعة اإلخوة منتوري‪،‬قسنطينة‪ ،2012،‬ص‪.241‬‬
‫‪4‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪20‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ففي املادة ‪ 39‬من الدس تور اجلزائ ري إس تعمل املش رع عب ارة "تض من للدول ة ع دم انته اك حرم ة‬
‫اإلنسان‪ 1."...‬وهذا دليل قاطع لعدم متتع الشخص املعنوي هبذا احلق‪.‬‬

‫وباإلض افة إىل م ا يثبت ذل ك املادة ‪ 50‬من الق انون املدين اجلزائ ري بقول ه "يتمت ع الش خص‬
‫اإلعتباري جبميع احلقوق إال ما كان مالزما لصفة اإلنسان وذلك يف احلدود اليت يقررها القانون‪.2"...‬‬

‫فمن الواض ح أن الش خص املعن وي ال يتمت ع ب احلقوق اللص يقة بشخص يته ك احلق يف األس رة‬
‫وحقوق عائلية وعاطفية وسياسية‪.‬‬

‫وبالنس بة للم ادة ‪ 303‬مك رر من ق‪.‬ع‪.‬ج فق د بني املش رع أن للش خص املعن وي مس ؤولية مدني ة‪،‬‬
‫عن دما يتعل ق األم ر جبرائم اإلعت داء على الش رف وإعتب ار األش خاص وعلى حي اهتم اخلاص ة وإفش اء‬
‫األسرار‪.3‬‬

‫فنطاق محاية الشخص املعنوي تدخل يف قوانني أخرى كقانون الشركات التجارية أو بصفة‬
‫عامة القوانني اليت تنظم األحكام املتعلقة بالشخصية املعنوية‪ ،‬فقد ذهب بعض الفقهاء يف فرنسا إىل أن‬
‫األس رار الص ناعية والتجاري ة ال ت دخل يف نط اق احلماي ة القانوني ة للحي اة اخلاص ة‪ ،‬فمن يتجس س على‬
‫ه ذه األس رار أو يس جل مكاملات ذات ط ابع ص ناعي أو جتاري ال يع د منتهك ا للحي اة اخلاص ة‪ ،‬فعن د‬

‫‪ 1‬األمر رقم ‪ ،442-20‬املؤرخ يف ‪ 30‬ديسمرب ‪ ،2020‬يتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬جريدة رمسية للجمهورية اجلزائرية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،82‬املؤرخة يف ‪ 30‬ديسمرب ‪.2020‬‬
‫‪ 2‬األمر رقم ‪ 58-75‬يتضمن القانون املدين‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 303‬مكرر من قانون رقم ‪ 23-06‬مؤرخ يف ‪ 20‬ديسمرب ‪ ،2006‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬جريدة رمسية للجمهورية‬
‫اجلزائرية‪ ،‬عدد‪،84‬صادر يف‪24‬ديسمرب ‪،2006‬معدل ومتمم‪ .‬تنص على‪" :‬يعاقب باحلبس من (‪ )6‬أشهر إىل ثالث (‪ )3‬سنوات‬
‫وبغرامة من ‪ 50.000‬دج إىل ‪300000‬دج‪،‬كل من تعمد املساس حبرمة احلياة اخلاصة لألشخاص بأية تقنية كانت وذلك‪:‬‬
‫‪ -‬بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكامات أو أحاديث خاصة أو سرية‪ ،‬بغري إذن صاحبها أو رضاه‪.‬‬
‫‪ -‬التقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص يف مكان خاص‪ ،‬بغري إذن صاحبها أو رضاه‪.‬‬
‫يعاقب على الشروع يف إرتكاب اجلنحة للنصوص عليها يف هذه املادة بالعقوبات ذاهتا املقررة للجرمية التامة‪ .‬ويضع صفح الضحية‬
‫حدا للمتابعة اجلزائية"‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تسجيل مكاملة جتارية ال يعد إنتهاك حلرمة احلياة اخلاصة ألن معظم العالقات والعقود تربم عن طريق‬
‫اهلاتف‪ ،‬وال ميكن إعتبارها جرمية‪.1‬‬

‫اإلتجاه المؤيد لفكرة تمتع الشخص المعنوي بحق الخصوصية‪:‬‬

‫إن للش خص املعن وي نفس حق وق الش خص الط بيعي إس تنادا إىل فك رة التفرق ة بني ألف ة احلي اة‬
‫اخلاصة و احلياة اخلاصة‪ ،‬فالشخص املعنوي يتمتع بألفة احلياة اخلاصة إال أن ذلك ال مينعه من أن تكون‬
‫له حياة خاصة متمثلة يف سرية األعمال‪ ،‬فال جيوز اإلعتداء على حرمة األشخاص املعنوية شرط أن‬
‫يكون الغرض منه إضرار الشخص أو احلصول على منفعة‪.2‬‬

‫فمصطلح مواطن ال يشكل عقبة يف سبيل اإلعرتاف للشخص املعنوي باحلق يف احلياة اخلاصة‪،‬‬
‫ألن الفق ه وقض اء الق انون ال دويل اخلاص إس تقر على متت ع الش خص املعن وي باجلنس ية مث ل الش خص‬
‫الطبيعي فكل من يتمتع باجلنسية يعترب مواطنا سواء كان الشخص طبيعي أو معنوي‪.3‬‬

‫ف إذا ك ان للش خص الط بيعي احلق يف اإلس م والش رف جيب أن يك ون ل ه احلق يف محاي ة حيات ه‬
‫اخلاصة مثله مثل الشخص الطبيعي‪.4‬‬

‫ففي بلجيكا ذهب معظم الفقهاء إىل أن للشخص املعنوي احلق يف محاية حياته اخلاصة وهذا‬
‫ما أكدته جلنة خرباء حقوق اإلنسان باجمللس األورويب اليت قررت لألشخاص القانونية واهليئات التمتع‬
‫مبثل هذا احلق‪.5‬‬

‫‪1‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.325‬‬


‫‪ 2‬بن حيدة محمد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.110‬‬
‫‪3‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪4‬جالد سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ 5‬محمدي بدر الدين‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪22‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن وجه ة نظ ري أن الش خص املعن وي ليس ل ه احلق يف محاي ة حيات ه اخلاص ة مث ل الش خص‬
‫الط بيعي بس بب اإلختالف ات بينهم ا‪ ،‬وق د ذكرن ا س ابقا أن ح ق اخلصوص ية ه و من احلق وق املالزم ة‬
‫لشخص ية اإلنس ان فال دخ ل للش خص املعن وي وال ميكن ه التمت ع هبذه احلماي ة وأهم دلي ل م ا ج اء ب ه‬
‫املشرع اجلزائري يف نصوصه‪.‬‬

‫مدى تمتع األسرة بحق الخصوصية‪:‬‬

‫إن الكشف عن خصوصيات أحد أطراف األسرة يعد إعتداءا على اخلصوصية‪ ،1‬فاألمور العائلية‬
‫‪3‬‬
‫للش خص ت دخل يف نط اق حيات ه اخلاص ة‪ .‬ألهنا عنص ر مهم بالنس بة له‪ ،2‬وق د قض ت أح د احملاكم‬
‫بتاريخ ‪ 13‬جوان ‪ 1975‬باحلياة اخلاصة للعائلة حبيث قام صحفي بنشر احلياة اخلاصة لزوجة حمامي‬
‫قائال أهنا كانت متزوجة من رجل شرطة معروف حمرتف اجلرم فصل من عمله ولقي حتفه من طرف‬
‫أح د اجملرمني‪ ،‬فقام ال زوج برفع دعوى أم ام القض اء مطالب ا ب التعويض ألن يف ذلك إعت داء على حق‬
‫األسرة‪.4‬‬

‫كما قضت حمكمة باريس اإلبتدائية‪ 5‬بأن الكشف عن احلياة العاطفية لفتاة ال يعترب ذلك إعتداء‬
‫على حرمة حياهتا اخلاصة فقط‪ ،‬بل يشمل اإلعتداء على خصوصية أسرهتا‪.‬‬

‫فاإلعتداء يضر الشخص مباشرة يف خصوصياته‪ ،‬وأسرته عن طريق اإلرتداد‪.6‬‬

‫‪1‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.157‬‬


‫‪2‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪ 3‬محكمة مارساي‪ ،‬انظر‪ :‬بشاتن صفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫‪ 4‬محفوظي أبتسام‪ ،‬رداد يسرى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62‬‬

‫‪ 5‬محكمة باريس‪ 17 ،‬ديسمير ‪ ،1973‬انظر‪ :‬جالد سليم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.69‬‬


‫‪ 6‬اإلرتداد‪ :‬هو الضرر الذي ترتتب عنه أضرار أخرى تصيب الغري‪ ،‬كاألضرار اليت تلحق بسبب قتل السلف‪ ،‬قد يكون اخللف‬
‫يعيش على نفقة السلف ومن مت فإن وفاة السلف تلحق به خسارة مالية باإلضافة إىل األضرار املعنوية باعتبار املشاعر والعواطف‬
‫اليت تكنها اخللف للسلف‪ .‬انظر‪ :‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.70‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ولتحقق ذلك جيب أن يكون الشخص املعتدى عليه غري راض عن ذلك حىت يستطيع أحد‬
‫األفراد املطالبة بالتعويض‪ ،‬أما إذا قبل الزوج نشر خصوصيات زوجته أو إبنه ففي هذه احلالة املساس‬
‫باحلياة اخلاصة لبقية أفراد األسرة ال يتحقق ألنه حق فردي‪.1‬‬

‫موقف المشرع الجزائري‪:‬‬

‫إن املشرع اجلزائري مل ينص صراحة يف مواده على مدى متتع األسرة باحلق يف اخلصوصية وترك‬
‫األمر للقضاء‪ ،‬رغم محايته لألسرة يف الدستور يف املادة ‪ ،71‬إذ أهنا حتظى حبماية الدولة واجملتمع‪.2‬‬

‫إال أن تفاص يل محاي ة احلي اة اخلاص ة لألس رة قاس ها بوق وع الض رر يف املادة ‪ 124‬من الق انون‬
‫املدين بقول ه "ك ل فع ل أي ا ك ان يرتكب ه الش خص خبطئ ه ويس بب ض رار للغ ري يل زم من ك ان س ببا يف‬
‫حدوثه بالتعويض"‪.3‬‬

‫فإذا وقع إعتداء على أحد أفراد األسرة وثبت ميكن اللجوء إىل القضاء واملطالبة بالتعويض‪ ،‬فليس‬
‫لشخص أن ينوب عن شخص أجنيب عنه ويطلب التعويض فإن ذلك ال يتحقق إال ألفراد أسرته‪.‬‬

‫‪1‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.116‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 71‬من القانون رقم ‪ ،442-20‬يتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬تنص على ‪:‬‬
‫" حتظى األسرة حبماية الدولة‬
‫حقوق الطفل حممية من طرف الدولة و األسرة مع مراعاة املصلحة العليا للطفل‪.‬‬
‫حتمي و تكفل الدولة األطفال املتخلى عنهم أو جمهويل النسب‪.‬‬
‫حتت طائلة املتابعات اجلزائية‪ ،‬يلزم األولياء بضمان تربية أبنائهم‪.‬‬
‫حتت طائلة املتابعات اجلزائية‪ ،‬يلزم األبناء بواجب القيام باإلحسان إىل أوليائهم و مساعدهتم‪.‬‬
‫يعاقب القانون كل أشكال العنف ضد األطفال و استغالهلم و التخلي عنهم‪.‬‬
‫تسعى الدولة إىل ضمان املساعدة و احلماية للمسنني"‪.‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 124‬من القانون رقم ‪58-75‬املتضمن القانون املدين‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهر الحق في حماية الحياة الشخصية وخصائصها‪:‬‬

‫ينف رد احلق يف احلي اة اخلاص ة على غ ريه من احلق وق جبمل ة من اخلص ائص و املم يزات ‪ ،‬و دل ك‬
‫جلمع ه بني اجلانب املادي و املعن وي للشخص ية ‪ ،‬مما جعل ه يغطي جانب ا واس عا من احلق وق إض افة إىل‬
‫‪1‬‬
‫متتع عناصره باحلرمة و متيزها بطابع السرية‬

‫و عليه نستخلص خصائص و عناصر حرمة احلياة اخلاصة يف الفرعني التاليني‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مظاهر الحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫إن املظاهر اليت يرد عليها احلق يف احلياة اخلاصة قد تتعلق جبسم اإلنسان أو كيانه املعنوي‪.2‬‬

‫فهي مجلة من العناصر ميكن جتسيدها يف فرعني فاألول يتعلق بالكيان املادي لإلنسان‪ ،‬والفرع‬
‫الثاين يتعلق بالكيان املعنوي لإلنسان‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مظاهر مرتبطة بالكيان المادي لإلنسان‪.‬‬

‫تعرف بأهنا املظهر اخلارجي الذي متارس فيه احلياة اخلاصة بشكل مادي ملموس‪ ،3‬واملتمثلة يف‬
‫املسكن واملكان اخلاص‪ ،‬احملادثات الشخصية (اخلاصة) وكذا املراسالت اخلاصة‪.‬‬

‫‪ 1‬زيتوني محمد كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬


‫‪2‬عصام أحمد البهجي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫‪3‬بن حي دة محمد‪،‬احلق يف اخلصوص ية يف التش ريع اجلزائ ري‪،‬دراس ة مقارن ة‪،‬م ذكرة مقدم ة لني ل ش هادة املاجس تري‪،‬ختص ص حق وق‬
‫وحريات‪،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬قسم العلوم القانونية واإلدارية‪،‬اجلامعة اإلفريقية العقيد أمحد دراية‪،‬أدرار‪ ،2010،‬ص‪.50‬‬
‫‪25‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -1‬حرمة المسكن‪.‬‬

‫يعد املسكن من قالع احلرية الشخصية ففيه يسرتيح اإلنسان وميارس حياته الفردية بكل حرية‬
‫وأم ان‪ ،1‬ف املنزل ه و املق ر املمت از لألنش طة األس رية وحيت اج إلي ه ك ل إنس ان ملمارس ة أنش طة تع د من‬
‫صميم احلياة اخلاصة‪ ،2‬فهو القلعة احلصينة للفرد طبقا لتعريف كاربونيه‪ 3‬ففي املادة ‪ 48‬من الدستور‬
‫اجلزائري‪ 4‬إعرتف املشرع اجلزائري حبرمة املسكن بقوله‪" :‬تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمة املسكن‪،‬‬
‫ال تف تيش إال مبقتض ى الق انون‪ ،‬ويف إط ار احرتام ه‪ ،‬ال تف تيش إال ب أمر مكت وب ص ادر عن الس لطة‬
‫القضائية املختصة"‪.‬‬

‫فاملشرع اجلزائري أعطى للمسكن أمهية كبرية ألنه أساس احلياة اخلاصة وأقر محايته مبجموعة‬
‫من الضمانات القانونية منها التفتيش‪ ،‬فال يكون هذا األخري إال بشروط وإال إعترب اإلجراء باطال‪.‬‬

‫ومن مثة فاملسكن هو املكان الذي يسكنه الفرد وحده والذي ال يدخله غريه دون إذنه حىت‬
‫ولو كان ساكنا بشكل مؤقت أو دائم‪.5‬‬

‫‪1‬عص ام أحم د البهجي‪ ،‬محاي ة احلق يف احلي اة اخلاص ة يف الش ريعة اإلس المية والق انون املدين‪ ،‬دار الفك ر اجلامعي‪ ،‬اإلس كندرية‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص‪.277‬‬
‫‪2‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان واملسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.284‬‬
‫‪ 3‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬اجلمال مصطفى‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪( :‬القاعدة القانونية‪ ،‬احلق)‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص‪.447‬‬
‫‪ 4‬األمر رقم ‪ ،442-20‬املتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪5‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وه ذا م ا أك ده املش رع اجلزائ ري من خالل املادة ‪ 355‬من ق انون العقوب ات بقول ه "يع د م نزال‬
‫مسكونا كل مبىن أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك ولو منتقل مىت كان ُمعِ دًّا للسكن‪ ،‬وإن مل يكن‬
‫مسكونا وقتذاك وكذا توابعه مثل‪ :‬األحواش و حضائر الدواجن وخمازن الغالل واإلسطبالت واملباين‬
‫اليت توجد بداخلها مهما كان إستعماهلا حىت ولو كانت حماطة بسياج خاص داخل سياج أو السور‬
‫العمومي"‪ .1‬فكل مكان مهما كانت طبيعته وكان معدا للسكن رغم عدم توفر اإلمكانيات فيه يعد‬
‫منزال مسكونا‪.‬‬

‫فلم يشرتط الفقه أن تكون حيازة املسكن مشروعة إذ يتمتع باحلماية مالك العقار أو مغتصبه ‪، 2‬‬
‫فك ل مس كن أي ا ك انت ص فته أو م دة إقامته س واء ك انت مش روعة أو غ ري مش روعة حيظى حبماي ة‬
‫قانونية‪ ،3‬فقد أضفى القانون محاية لألماكن اخلاصة كمكتب حمامي أو غرفة فندق نظرا إلتصال ذلك‬
‫حبياة مالكها اخلاصة‪.4‬حىت ولو كان يقيم فيها الشخص فرتة حمدودة من اليوم كعيادة الطبيب أو إقامة أو‬
‫مستشفيات‪.5‬‬

‫فلكل مسكن حرمة ومحاية قانونية‪ ،‬والطبيعة القانونية لصاحبه ال هتم هذا بالنسبة ملستأجر غرفة‬
‫فندق فيعترب مسكن خاص للمستأجر دون األخذ مبدة اإلقامة‪ ،‬وكل املوجودون يف املسكن هلم احلق‬
‫يف احلرمة‪ ،‬فال جيوز املساس هبذه احلرية إال بإذن صاحبها وإذا رضي هذا األخري بذلك سقطت احلرمة‪.6‬‬

‫‪ 1‬األم ر رقم ‪ 156-66‬م ؤرخ يف ‪ 8‬يوني و ‪ ،1966‬يتض من ق انون العقوب ات‪ ،‬جري دة رمسية للجمهوري ة اجلزائري ة‪ ،‬ع دد‪،49‬‬
‫صادر يف ‪ 11‬يونيو ‪ ،1966‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪2‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ 3‬محمد باهي أبو يونس‪ ،‬احلماية القضائية املستعجلة للحرية األساسية‪( :‬دراسة لدور قاضي األمور املستعجلة اإلدارية يف محاية‬
‫احلرية األساسية وفقا لقانون املرافعات اإلدارية الفرنسي اجلديد)‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2008 ،‬ص‪.55‬‬
‫‪4‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.338‬‬
‫‪5‬جغالل نغم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ 6‬يوسف الشيخ يوسف‪ ،‬محاية احلق يف حرمة األحاديث اخلاصة‪ ،‬دراسة مقارنة يف تشريعات التنصت وحرمة احلياة اخلاصة‪ ،‬ط‬
‫‪ ،01‬دار الفكر العريب‪ ،‬مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪27‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -2‬حرمة المحادثات الشخصية‪:‬‬

‫هي إتص ال بني شخص ني أو أك ثر مباش رة أو غ ري مباش رة ع رب اهلاتف أو أي وس يلة إتص ال‬
‫أخرى بني شخصني‪ ،‬فيطمئن لعدم وجود طرف آخر يسمع احملادثة وحيكي أسراره‪.1‬‬

‫فاحملادثات الشخصية تعد أهم عنصر من عناصر احلق يف اخلصوصية لذا وجب أن تكون سرية وأن‬
‫يكون الفرد حرا بشأن أحاديثه‪ ،2‬فقد حرمت معظم الدول على محاية هذا احلق وحذرت كل إتصال‬
‫صادر عن أشخاص معينني يهدد أمنها وسالمتها باخلطر وهذا ما ورد يف قانون العقوبات اللبناين‪.3‬‬

‫وأخذ املش رع اجلزائ ري بنفس الكالم يف املادتني ‪ 303‬واملادة ‪ 303‬مكرر‪01‬من قانون العقوبات‪،4‬‬
‫فبمجرد التنصت يعد ذلك إنتهاكا حلرمة احلياة اخلاصة بصرف النظر عن مكان املكاملة‪ ،5‬ومن جانب‬

‫‪1‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف الشريعة اإلسالمية والقانون املدين‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.173‬‬
‫‪ 2‬بس مة معن محم د ث ابت‪ ،‬محاي ة ح ق اإلنس ان يف اخلصوص ية يف ظ ل ث ورة اإلتص االت‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب القانوني ة‪ ،‬مص ر‪،‬‬
‫اإلمارات‪ ،2016 ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ 3‬خلف اهلل زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ 4‬املادة ‪ 303‬من األم ر ‪ ،66/156‬المتض من ق انون العقوب ات‪ ،‬مرج ع س ابق‪ .‬تنص على‪ ":‬ك ل من يفض أو يتل ف رس ائل أو‬
‫مراسالت موجهة إىل الغري و ذلك بسوء نية و يف غري احلاالت املنصوص عليها ويف املادة ‪ 137‬يعاقب باحلبس من شهر إىل سنة‬
‫وبغرامة من ‪ 25000‬دج إىل ‪ 100000‬دج أو بإحدى هاتني العقوبتني فقط"‪.‬‬
‫املادة ‪ 303‬مكرر‪ ،1‬األمر رقم ‪ ،23/ 06‬المتضمن قانون العقوبات‪ .‬تنص على‪ ":‬يعاقب بالعقوبات املنصوص عليها يف املادة‬
‫السابقة كل من إحتفظ أو وضع أو مسح بأن توض ع يف متناول اجلمه ور أو الغري أو إستخدم بأية وسيلة كانت التس جيالت أو‬
‫الصور أو الوثائق املتحصل عليها بواسطة أحد األفعال املنصوص عليها يف املادة ‪ 303‬مكرر من هذا القانون‪.‬عندما ترتكب اجلنحة‬
‫املنص وص عليه ا يف الفق رة الس ابقة عن طري ق الص حافة تطب ق األحك ام اخلاص ة املنص وص عليه ا يف الق وانني ذات العالق ة لتحدي د‬
‫األشخاص املسؤولني ‪.‬يعاقب على الشروع يف ارتكاب اجلنحة املنصوص عليها يف هذه املادة بالعقوبات ذاهتا املقررة للجرمية التامة‬
‫ويضع صفح للضحية حدا للمتابعة اجلزائية"‪.‬‬
‫‪ 5‬شمالل عبد العزيز ‪" ،‬حرمة احلياة اخلاصة بني احلماية وضرورة الوقاية من الفساد"‪ ،‬اجمللة األكادميية للبحث القانوين‪ ،‬اجمللد ‪،12‬‬
‫العدد‪ ،03‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة العريب بن مهيدي‪ ،‬ام البواقي‪ ،‬اجلزائر‪ ،2021 ،‬ص‪.302‬‬
‫‪28‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫آخر ميكن لسلطات الدولة أيضا مراقبة احملادثات وتسجيلها هبدف كشف احلقيقة يف حالة إرتكاب‬
‫بعض اجلرائم اخلاصة املنظمة منها‪ ،‬وإما األفراد يلجؤون إىل هذه الوسائل إلثبات حقوقهم‪.1‬‬

‫مما سبق ميكن القول أن احملادثات الشخصية من أهم حقوق اإلنسان وخصوصياته اليت حتظى‬
‫حبماي ة قانوني ة فال جيوز التنص ت عليه ا أو تس جيلها دون إذن ص احبها ألن ذل ك يعت رب غ ري مش روع‬
‫يعاقب عليه القانون‪ ،‬لكن هناك إستثناءات فإذا قامت الدولة مبراقبة احملادثات إلكتشاف مالبسات‬
‫اجلرائم‪ ،‬فإن ذلك خيرج من نطاق التجرمي واعتباره مشروعا‪.2‬‬

‫‪ -3‬حرمة المراسالت‪:‬‬

‫يقصد باملراسالت كافة الوسائل املكتوبة املرسلة بالربيد أو بواسطة رسول خاص وال عربة‬
‫لش كل املراس لة ق د تك ون خطاب ا أو برقي ة أو تلكس‪ ،‬وليس هن اك أي ة ش روط فيم ا يتعل ق ب الظرف‬
‫املوضوعة به الرسالة فقد يكون مغلقا أو مفتوحا أو يكون عبارة عن بطاقة مكشوفة طاملا أن الواضح‬
‫من قصد املرسل عدم إطالع الغري عليه لغري متييز‪3‬أ‪ ،‬أما املشرع اجلزائري عرفها يف املادة ‪ 9‬فقرة ‪6‬‬
‫من ق انون الربي د واملواص الت الس لكية والالس لكية بأهنا "ك ل إتص ال جمس د يف ش كل كت ايب يتم ع رب‬
‫خمتلف الوسائل املادية اليت مت ترحيلها إىل العنوان املشار إليه من طرف املرسل نفسه أو بطلب منه وال‬
‫تعترب الكتب واجملالت واجلرائد واليوميات كمادة مرسلة"‪ ، 4‬غري أنه وبسبب ما شهده العامل من تطور‬
‫علمي يف جمال اإلتص االت و اإلس تعمال الكث ري لله اتف النق ال و األن رتنيت‪ ،‬ك ان لزام ا على املش رع‬
‫مواكب ة التط ور‪ ،‬ل ذلك مت إلغ اء املرس وم (‪ )2000/03‬وص در ب دال من ه الق انون ‪ 18/04‬احملدد‬
‫للقواعد العامة املتعلقة بالربيد و اإلتصاالت اإللكرتونية‪.5‬‬
‫‪ 1‬بن عمارة بلقاسم‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ 2‬خلف اهلل زهرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪3‬جالد سليم‪" ،‬أثر الظروف اإلستثنائية يف احلياة اخلاصة لألفراد يف التشريع اجلزائري"‪ ،‬جملة البحوث يف احلقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫ع ‪ ،06‬جامعة وهران‪ ،‬اجلزائر‪ ،2017 ،‬ص‪274‬‬
‫‪ 4‬الق انون رقم ‪ 03-2000‬املؤرخ يف ‪ 05‬أوت ‪ ،2000‬يتض من الربي د واملواص الت الس لكية والالس لكية‪ ،‬جري دة رمسية‬
‫للجمهورية اجلزائرية‪ ،‬عدد‪ ،48‬صادر يف ‪ 06‬أوت ‪.2000‬‬
‫القانون رقم ‪ 18/04‬املؤرخ يف ‪ 10‬ماي ‪ ،2018‬يتضمن القواعد العامة املتعلقة بالربيد واإلتصاالت اإللكرتونية ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،‬ع‪ ،27‬صادر يف ‪ 13‬ماي ‪ ،2018‬انظر‪ :‬مكيد نعيمة ‪ ،‬بن سامل رضا‪ " ،‬ضمانات محاية سرية املراسالت واإلتصاالت اهلاتفية‬
‫‪29‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫واألساس القانوين إلحرتام سرية الرسالة هو اعتبارها مسألة مرتبطة بشخصية املرسل وكيانه‬
‫األديب‪ ،1‬فللمرس ل إلي ه ح ق اإلنتف اع بالرس الة دون املس اس خبصوص ية املرس ل أو الغ ري‪ ،‬ففيه ا ت ودع‬
‫أسرار متعلقة باملرسل أو املرسل إليه أو الغري‪.2‬‬

‫أما بالنسبة لإلستثناءات على األصل العام يف حفظ حرمة وسرية املراسالت هي‪:‬‬

‫أ‪-‬عالقة األبوة‪ :‬األب هو الويل الطبيعي على أوالده القصر و يتحمل املسؤولية املدنية عن‬
‫األفع ال الض ارة ال يت حتدث ألوالده وه و مس ؤول جنائي ا عن إمهاهلم‪ ،‬فيح ق لألب مراقب ة الرس ائل‬
‫اليت يرسلها أوالده أو ترد إليهم‪.3‬‬

‫ب‪-‬عالقة الزوجية‪ :‬األصل العام هو حفظ األسرار الزوجية أو اإلنفصال‪ ،‬إال يف حالة ما‬
‫إذا رفع أحدمها دعوى بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على آخر كإستثناء‪.4‬‬

‫وأص بحت القاع دة يف الق انون هي إمكاني ة تق دمي رس الة تتض من وق ائع تتص ل باحلي اة اخلاص ة‬
‫للقضاء إلثبات مصلحة مشروعة يف دعوى الطالق أما األصل ال جيوز فتح رسائل الزوج ولكل منهما‬
‫حياته اخلاصة‪.5‬‬

‫‪ -4‬الذمة المالية‪:‬‬

‫يقصد هبا جمموعة ما للشخص من حقوق وواجبات مالية ويعد الكشف عنها دون موافقته‬
‫إعت داءا على حرم ة حيات ه اخلاص ة وذل ك ش أنه ش أن رقم الض ريبة املفروض ة والعملي ات املالي ة ال يت‬

‫واإللكرتوني ة على الص عيدين ال دويل والوط ين"‪ ،‬دف اتر البح وث العلمية‪ ،‬اجملل د ‪ ،09‬ع‪ ،2‬كلي ة احلق وق والعل وم السياس ية‪ ،‬جامع ة‬
‫البليدة ‪ ،02‬اجلزائر‪ ،2021 ،‬ص‪.74‬‬
‫‪1‬عصام أحمد البهجي ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان واملسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.290‬‬
‫‪2‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ 3‬محم ود أحم د طه‪ ،‬التع دي على ح ق اإلنس ان يف س رية إتص االته الشخص ية بني التج رمي املش روعية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النهض ة العربي ة‪،‬‬
‫(دون مكان النشر)‪ ،1999 ،‬ص‪.216‬‬
‫‪ 4‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.218‬‬
‫‪5‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.346‬‬
‫‪30‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يباشرها الشخص الطبيعي فإن الكشف عنها يشكل إعتداءا مينعه القانون الفرنسي‪ ،1‬إذ جيب إحرتام‬
‫الذم ة املالي ة وع دم نش رها أو إفش ائها وه ذا م ا ذهبت إلي ه حمكم ة النقض الفرنس ية يف ‪ 28‬م اي‬
‫‪.21991‬‬

‫حبيث جيب التفرق ة بني مرتب ات م وظفي احلكوم ة والقط اع الع ام حبيث تتخ ذ ه ذه األخ رية‬
‫بق وانني ول وائح منش ورة يف اجلري دة الرمسية وم ىت أعلنت فق دت حقه ا يف اخلصوص ية‪ ،‬أم ا مرتب ات‬
‫موظفي القطاع اخلاص ال تنشر للكافة و حتتفظ خبصوصيتها‪ ،‬كما إعترب رئيس اإلحتاد الوطين لعمال‬
‫الرتبية والتكوين أن الفعل الذي قامت به وزارة الرتبية املتمثل يف الكشف عن رواتب موظفي قطاع‬
‫الرتبية على صفحات اجلرائد يعترب إنتهاكا حلرمة حياهتم اخلاصة ألن النشر كان تفصيلي‪.3‬‬

‫ف إذا نش رت معلوم ة ذات طبيع ة مالي ة لش خص دون أن حتت وي أي إش ارة إىل حيات ه أو‬
‫شخصيته فإن ذلك ال يعد إعتداء على حرمته اخلاصة‪ ،4‬وهذه األحكام إستثناءا للمبدأ الفرنسي وهو‬
‫عدم جواز الكشف عن الذمة املالية حىت ولو كان بنسبة قليلة‪.5‬‬

‫أم ا بالنس بة للق انون اجلزائ ري فق د نص على محاي ة الذم ة املالي ة يف اجملال املص ريف من خالل‬
‫ق انون النق د والق رض رقم ‪ 603/11‬يف املادة ‪ 117‬من ه بقول ه "خيض ع للس ر امله ين حتت طائل ة‬
‫العقوب ات املنص وص عليه ا يف ق انون العقوب ات‪ :‬ك ل عض و جملس إدارة وك ل حماف ظ حس ابات وك ل‬
‫ش خص يش ارك أو ش ارك بأي ة طريق ة ك انت يف تس يري بن ك أو مؤسس ة مالي ة أو ك ان أح د‬
‫مستخدميها‪."...‬‬

‫‪1‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان واملسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫‪ 2‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫‪3‬بن حيدة محمد ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.142‬‬
‫‪4‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.168‬‬
‫‪ 5‬الموسوس عتو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ 6‬األم ر ‪ 03/11‬املؤرخ يف ‪ 26‬أوت ‪ ،2003‬يتض من ق انون النق د والق رض‪ ،‬جري دة رمسية للجمهوري ة اجلزائري ة‪ ،‬ع دد‪،52‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 27‬أوت ‪ ،2003‬املعدل واملتمم‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫واإلس تثناءات ال واردة على ه ذه القاع دة م ا ج اء ب ه الق انون رقم ‪ 105/01‬املتعل ق بالوقاي ة من‬
‫تبييض األموال وحتويل اإلرهاب ومكافحتها‪ ،‬وألزمت املادة ‪ 219‬منه على املؤسسات املالية اإلخطار‬
‫عن أي شبهة خاصة حبساب مودع لديها‪ .‬باإلضافة إىل إستثناء آخر يف املادة ‪ 04‬من قانون مكافحة‬
‫الفساد رقم ‪ 306/01‬اليت تنص على إلزام املوظف العام بكتابة إقرار خاص مبمتلكاته خلدمة الصلح‬
‫العام ولعدم تبديد وإختالس أموال مؤسسات عمومية اليت سيديروهنا‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬مظاهر مرتبطة بالكيان المعنوي باإلنسان‪.‬‬

‫تق وم الشخص ية اإلنس انية على مقوم ات معنوي ة و قيم أساس ية كالش رف و اإلعتب ار‪ ،‬الس معة‬
‫والكرام ة‪ ،‬املعتق دات واألفك ار واملش اعر‪ ،‬وينبغي اإلع رتاف لك ل ش خص حبق وق معين ة على ه ذه‬
‫املقومات لتأديتها وتتنوع هذه احلقوق املتعلقة بسالمة الكيان املعنوي للشخص كما يأيت‪.5‬‬

‫‪ -1‬الحق في الشرف واإلعتبار‪:‬‬


‫‪ 1‬األمر ‪ 05/01‬املؤرخ يف ‪ 06‬فيفري ‪ ،2005‬املتعلق بالوقاية من تبييض األموال ومتويل اإلرهاب ومكافحتها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج ‪ ،‬ع‬
‫‪ ،11‬الصادر بتاريخ ‪ 09‬فيفري ‪ ،2005‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ 2‬تنص املادة ‪ 19‬من األمر ‪ ":05/01‬خيضع لواجب اإلخطار بالشبهة‪:‬‬
‫‪ -‬البن وك واملؤسس ات املالي ة واملص احل املالي ة لربي د اجلزائ ر واملؤسس ات املالي ة املش اهبة األخ رى وش ركات الت أمني ومك اتب الص رف‬
‫والتعاضدية والرهانات واأللعاب والكازينوهات‪.‬‬
‫‪ -‬كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم يف إطار مهنته باإلستشارة‪ /‬أو بإجراء عمليات إيداع أو مبادالت أو توظيفات أو حتويالت أو‬
‫أي ة حرك ة ل رؤوس األم وال‪ ،‬ال س يما على مس توى املهن احلرة املنظم ة وخصوص ا مهن احملامني واملوثقني وحمافظي ال بيع باملزاي دة‬
‫وخ رباء احملاس بة وحمافظي احلس ابات والسماس رة وال وكالء اجلمرك يني وأع وان الص رف والوس طاء يف عملي ات البورص ة واألع وان‬
‫العقاريني ومؤسسات الفوترة وكذا جتار األحجار الكرمية واملعادن الثمينة واألشياء األثرية والتحف الفنية"‪.‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم ‪ 06/01‬املؤرخ بتاريخ ‪ 20‬فيفري ‪ ،2006‬املتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج ‪ ،‬ع‪ ،14‬صادر يف‬
‫‪ 08‬مارس ‪ ،2006‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ 4‬املادة ‪ 04‬من القانون ‪ ،06/01‬املرجع نفسه‪ .‬تنص على‪" :‬قصد ضمان الشفافية يف احلياة السياسية والشؤون العمومية‪ ،‬محاية‬
‫املمتلكات العمومية‪ ،‬وصون نزاهة األشخاص املكلفني خبدمة عمومية يلزم املوظف العمومي بالتصريح مبمتلكاته‪ ،‬يقوم املوظف‬
‫العم ومي بإكتت اب تص ريح باملمتلك ات خالل الش هر ال ذي يعقب ت اريخ تنص يبه يف وظيفت ه وبداي ة عهدت ه اإلنتخابي ة‪ ،‬حيدد ه ذا‬
‫التصريح كل زيادة معتربة يف الذمة املالية للمرفق العمومي بنفس الكيفية اليت مت يها التصريح األول"‪.‬‬
‫‪ 5‬سمية مداود‪" ،‬مميزات احلقوق اللصيقة بالشخصية"‪ ،‬جملة القانون والعلوم السياسية‪ ،‬اجمللد‪ ،05‬العدد‪ ،02‬معهد احلقوق والعلوم‬
‫السياسية ‪ ،‬املركز اجلامعي صاحلي أمحد‪ ،‬النعامة ‪ ،2019‬ص‪.487 -486‬‬
‫‪32‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إن احلق يف السمعة أو احلق يف الشرف واإلعتبار هو املكانة اليت تكون للشخص يف اجملتمع‪،‬‬
‫وال يت تتخ د بن اء عليه ا تق دير الن اس وإح رتامهم ل ه فه و من احلق وق اللص يقة باإلنس ان‪ ،‬وال يت تتص ل‬
‫بوج وده كإنس ان بص رف النظ ر عن املرك ز اإلجتم اعي ال ذي يتمت ع ب ه وال خيل و نظ ام ق انوين من‬
‫محايتها‪.1‬‬

‫فالشرف‪ :‬هو جمموعة من الصفات اليت تتوفر يف الشخص ويتوقف عليها مركزه األديب واليت‬
‫ساهم يف حتديد الوضع اإلجتماعي للفرد يف البيئة اليت يعيش فيها مثل‪ :‬الصدق واألمانة‪.2‬‬

‫أم ا اإلعتب ار‪ :‬فه و املظه ر اخلارجي للش رف‪ ،‬وه و من الص فات العقلي ة واملعنوي ة ال يت ت دخل يف‬
‫تقدير الشخص وهي درجات ختتلف من فرد آلخر تبعا للمركز اإلجتماعي واملكانة اإلجتماعية اليت‬
‫حيتلها‪.3‬‬

‫وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 17‬من امليثاق الدويل للحقوق املدنية والسياسية‪ 4‬على محاية شرف‬
‫األفراد وإعتبارهم من اهلجوم واإلعتداء الغري قانوين عليهم‪.‬‬

‫أما املشرع اجلزائري إعتربمها أحد احلقوق اللصيقة بشخصية اإلنسان يف املادة ‪ 47‬من القانون‬
‫املدين‪ 5‬بقوله "لكل من وقع عليه إعتداء غري مشروع يف حق من احلقوق املالزمة لشخصيته أن يطلب‬
‫وقف هذا اإلعتداء مع تعويض عما يكون قد حلقه من ضرر"‪ ،‬فاملشرع اجلزائري أضاف إىل ذلك‬
‫جرمية البالغ الكاذب أو الوشاية الكاذبة فهي أخبار غري صحيحة تستوجب عقاب من تستند إليه‪.6‬‬
‫‪ 1‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪ 2‬الموسوس عتو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫‪ 3‬خالد مصطفى فهمي‪ ،‬املسؤولية املدنية للصحفى‪،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،01‬دار الفكر اجلامعي‪،‬اإلسكندرية‪ ،2012 ،‬ص‪.312‬‬
‫‪ 4‬العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪ ،1966 ،‬انضمت إليه اجلزائر مبوجب املرسوم الرئاسي رقم ‪ ،67-89‬املؤرخ يف‬
‫‪ 16‬ماي ‪ 1989‬املنشور يف ج‪.‬ر‪ ،‬ع ‪ ،20‬املؤرخ يف ‪ 17‬ماي ‪ .1989‬تنص املادة ‪ 17‬منه‪" :‬ال جيوز تعريض أي شخص‪ ،‬على‬
‫حنو تعسفي أو غري قانوين للتدخل يف خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسالته‪ ،‬وال ألي محالت غري قانونية متس شرفه أو‬
‫مسعته‪ ،‬من حق كل شخص أن حيميه القانون من مثل هذا التدخل"‪.‬‬
‫‪ 5‬أمر ‪،58-75‬المتضمن القانون المدني السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ 6‬جالد سليم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪33‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ف التمييز بني احلق يف اخلصوص ية واحلق يف الش رف واإلعتب ار ض روري لبي ان ح دود احلق يف‬
‫اخلصوصية‪ ،‬فمن حيث الفعل املكون جلرمية القذف‪ ،‬يكون واحد يف بعض األحيان‪.1‬‬

‫وهذا ما ذهبت إليه احملاكم الفرنسية بالقول أن املدعى فقد عقله نتيجة اآلالم النفسية اليت يعاين‬
‫منها يف حياته العاطفية بعد اإلعتداء على السمعة واخلصوصية يف آن واحد‪.2‬‬

‫كم ا تتش ابه أوج ه احلماي ة املدني ة ال يت قرره ا الق انون املدين لك ل من احلقني‪ ،‬فللقاض ي وق ف‬
‫اإلعتداء وتعويض املتضرر‪.3‬‬

‫ومن ضوابط التمييز بني احلقني أن اجلرائم اليت متس الشرف واإلعتبار تعد جرائم نتيجة تتطلب‬
‫أن يلحق الفعل أذى باحلق حمل احلماية‪ ،‬بعكس جرائم املساس باحلياة اخلاصة فهي جرائم اخلطر‪ ،‬ال‬
‫يشرتط أن حيقق الفعل أذى باحلق حمل احلماية‪.4‬‬

‫ومن ناحي ة أخ رى يتطلب الق انون إلرتك اب ج رائم متس باحلي اة اخلاص ة وس ائل جتس س معين ة‬
‫عكس جرائم املساس بالشرف واإلعتبار اليت مل يشرتط فيها مثل هذه الوسائل‪ ،‬واملشرع اجلزائري ال‬
‫يعت د بص حة الوق ائع املس ندة غ ري أن ه يستش ف من بعض الق رارات احملكم ة العلي ا أهنا متي ل إىل األخ ذ‬
‫بصحة واقعة كسبب إلباحة القذف‪.5‬‬

‫‪ -2‬اآلراء السياسية‪:‬‬

‫‪ 1‬محمدي بدر الدين‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪ 2‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬اجلمال مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.236‬‬
‫‪ 3‬محمدي بدر الدين‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ 4‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ 5‬زروقي محمد‪ ،‬احلماي ة القانوني ة للح ق يف الش رف واإلعتب ار‪ ،‬م ذكرة مقدم ة لن ل ش هادة املاجس تري يف احلق وق‪ ،‬ف رع‪ :‬ق انون‬
‫اإلعالم‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة جياليل ليابس‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،2015 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪34‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وهي آراء املواطن غري املعلنة يف األحزاب السياسية القائمة حيث يكفلها القانون محاية متمثلة يف‬
‫السرية‪ ،‬حبيث ال جيوز الكشف عنها دون رأي صاحبها‪ ،‬وإال اعترب ذلك إعتداءا على حق املواطن يف‬
‫حياته اخلاصة‪.1‬‬

‫فتثور املشكلة حينما حياول الشخص إخفاء رأيه السياسي يف مسألة معينة‪ ،‬حيث ذهبت حمكمة‬
‫النقض الفرنس ية إىل أن ه يعت رب ماس ا ب احلق يف اخلصوص ية نش ر ص ورة ش خص وه و ميس ك ببطاق ة‬
‫التصويت بصورة تكشف عمن صوت له وإذا أدخل على التصوير مونتاج بغري حقيقة الوضع‪.2‬‬

‫كما ذهبت حمكمة تولوز أن التصويت السري من األمور اليت تدخل يف احلياة اخلاصة للفرد فال‬
‫جيوز كشفها إال برضاه‪.3‬‬

‫حيث يرى جانب من الفقه إىل ضرورة التفرقة بني اآلراء السياسية‪ ،‬اليت تدخل يف نطاق احلياة‬
‫اخلاص ة‪ ،‬واآلراء السياس ية ال يت ت دخل يف نط اق احلي اة اخلاص ة‪ ،‬واآلراء السياس ية ال يت ال تعت رب ض من‬
‫عناصر احلياة اخلاصة‪ ،‬فاألوىل واجبة احلماية تتعلق بالتصويت يف اإلنتخابات‪ ،‬أما الثانية تفرض فيها‬
‫العالنية‪ ،‬تتعلق باإلنتماء إىل حزب معني وبالتايل جيوز الكشف عنها‪.4‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص الحق في حماية الحياة الشخصية‪.5‬‬

‫‪ 1‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.167‬‬


‫‪ 2‬حكم باريس صادر بتاريخ‪ ،21/12/1989‬انظر‪ ،‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫‪ 3‬عصام أحمد البهجى ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.244‬‬
‫‪4‬الموسوس عتو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ 5‬ال يعين هذا أن نتكلم عن األركان ألن الركن هو جزء من ماهية الشيء‪ ،‬فال يكون هلذا الشيء وجود إال به‪ ،‬فالركن واخلاصية‬
‫يتفقان يف أن عدم كل منهما يستلزم عدم الشيء‪ ،‬وخيتلفان يف أن الركن جزء من ماهية الشيء وحقيقته واخلاصية خارج عن‬
‫حقيقة هذا الشيء وليس جزء منه‪ ،‬انظر‪ :‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،.‬ص‪.68‬‬
‫‪35‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ينف رد احلق يف اخلصوص ية على غ ريه من احلق وق جبمل ة من اخلص ائص واملم يزات ال يت فرض تها‬
‫بعض املعطي ات ال يت يتمت ع هبا‪ ،‬بداي ة جبمع ه بني اجلانب املادي واملعن وي للشخص ية مما جعل ه يغطي‬
‫جانبا واسعا من احلقوق‪ ،‬كما أضفى عليه متتع عناصره باحلرمة و طابع السرية وتأثره بالقيم الدينية‬
‫واألخالقية والعالقات والتقاليد اليت حتكم اجملتمعات والنظام السياسي الذي تسري عليه طابع النسبية‪.1‬‬

‫أوال‪ :‬سرية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫السر هو صفة تصبغ على موقف أو مركز أو خرب أو عمل مما يؤدي إىل وجود رابطة تتصل‬
‫هبذا املوقف أو املركز أو اخلرب إىل من له حق العلم به‪ ،‬وبالنسبة ملن يقع عليه اإللتزام بعدم إفشائه‪.2‬‬

‫ولقد انقسم الفقه إىل إجتاهني عند حتديده لعالقة احلياة اخلاصة بالسرية فاإلجتاه األول يذهب‬
‫إىل ضرورة الفصل بني احلياة اخلاصة والسرية‪ ،‬أما اإلجتاه الثاين يذهب إىل الربط بينهما‪.‬‬

‫اإلتجاه األول‪ :‬الفصل بين الخصوصية والسرية‪.3‬‬

‫يرى حسام الدين األهواين أنه ال جيوز اخللط بني اخلصوصية والسرية ألن لكل منهما معىن‪،‬‬
‫فاخلصوصية تتوسط السر والعلن فحماية احلياة اخلاصة تعين محاية السر‪ ،‬لكن ميكن أن يكون ما هو‬
‫خصوصي ولكن ال يكون سرا يف نفس الوقت‪ ،4‬فاإلسم ال يعترب سرا لكن رغم ذلك يدخل يف نطاق‬
‫احلياة اخلاصة‪ ،‬كما أن الكشف عن السر خيرجه إىل العلن ويستحيل مع ذلك أن يرجع سرا‪ .‬كما أن‬
‫احلي اة اخلاص ة هي مل ك لص احبها ميكن ه الكش ف عنه ا‪ ،‬أم ا الس رية فيحظ ر الق انون اإلعالن عنه ا أو‬
‫الكشف عنها‪.5‬‬

‫اإلتجاه الثاني‪ :‬الربط بين الخصوصية والسرية‪.‬‬


‫‪ 1‬بن حيدة حممد‪ ،‬احلق يف اخلصوصية يف التشريع اجلزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪2‬هشماوي آسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.152‬‬
‫‪ 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.152‬‬
‫‪4‬عصام أحمد البهجى ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.502‬‬
‫‪5‬هشماوي آسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.152‬‬
‫‪36‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يربط ون بني احلق يف اخلصوص ية والس رية فمنهم من وض عوا احلق يف الس رية حمل احلق يف‬
‫اخلصوص ية ولك ل ش خص احلق يف س رية خصوص ياته‪ ،‬دون أن تك ون معلن ة للجمي ع‪ ،‬أو عرض ة ألن‬
‫تلوكها ألسنة الناس‪ ،‬لعيش حياة هادئة بعيدة عن النشر والعالنية‪.1‬‬

‫وي رى بعض الفق ه أن احلي اة اخلاص ة ت دخل يف نط اق الس رية من قب ل أس رار املخ ابرات‬
‫واإلتصاالت وأسرار املهنة‪.2‬‬

‫وأبرز مثال‪ :‬الواقعة اليت حدثت يف مصر قبل ‪ 15‬ماي ‪ 1971‬حيث مت اإلعتداء على سرية‬
‫احملادث ات أو املك اتب اخلاص ة ويف ذل ك إعت داء على خصوص ية املواط نني حيث ق اموا حبرق امللف ات‬
‫السرية وأشرطة صور وأحاديث دون علم أصحاهبا‪ ،‬إلزالة آثار هذا العدوان‪.3‬‬

‫فاخلصوص ية والس رية كال دائرتان تقاطع ا يف اخلصوص ية اإلنس انية يف دائ رة اخلصوص ية وس رية‬
‫احلياة اخلاصة يف دائرة السرية دون أن يتطابقا‪ ،‬ومنه فالسرية جزء جوهري يف محاية احلياة اخلاصة‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬نسبية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫‪1‬عصام أحمد البهجى ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫‪3‬صبرينة بن سعيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫‪ 4‬مجادي نعيمة ‪ ،‬احلق يف اخلصوصية بني احلماية اجلزائية والضوابط اإلجرائية للتحقيق‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه يف العلوم‪ ،‬ختصص‪ :‬علوم قانونية فرع القانون اإلجرائي‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪،‬جامعة جياليل ليابس‪ ،‬سيدي‬
‫بلعباس‪ ،2019 ،‬ص‪.76‬‬
‫‪37‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إن فكرة احلياة اخلاصة تعترب مرنة ونسبية حتكمها عادات وتقاليد وأعراف اجملتمع الذي يعيش‬
‫فيه اإلنسان‪ ،‬فهذه العادات ختتلف من جمتمع آلخر ومن زمن آلخر‪ ،‬بل أهنا ختتلف أيضا من شخص‬
‫آلخر‪ ،‬ومن خالل هذا سنبني نسبية احلق يف اخلصوصية من حيث املكان والزمان واألشخاص‪.5‬‬

‫نسبية الحياة الخاصة من حيث المكان‪:‬‬

‫إن مفه وم احلي اة اخلاص ة يت أثر حبس ب املك ان من مك ان آلخ ر داخ ل الدول ة نفس ها‪ ،‬ألن ه لك ل‬
‫جمتمع ظروف وعادات خمتلفة‪ ،‬فاحلياة اخلاصة يف الريف ختتلف عن حياة املدينة‪ ،‬فأصل القرى لقلة‬
‫عددهم وتعارفهم وصيانة حلياهتم اخلاصة ميتنعون عن اإلعتداء على خصوصيات الغري‪.2‬‬

‫أم ا اجملتم ع يف املدين ة فالعالق ة بينهم ش به منعدم ة‪ ،‬وهبذا يتغ ري دور الع رف والتقالي د بينهم‬
‫وختتل ف أص وهلم‪ ،‬فيفع ل ك ل واح د م ا يش اء كالتجس س على خصوص يات الن اس‪ ،‬باإلض افة إىل‬
‫الظ روف اإلقتص ادية ال يت أعطت جماال للتجس س والتلص ص على اآلخ رين‪ ،‬حيث يس كن أه ل املدين ة‬
‫بنايات شاهقة متالصقة‪ ،‬وهبذا يسهل اإلعتداء على احلياة اخلاصة لآلخرين‪.3‬‬

‫باإلضافة إىل العامل الديين الذي يعترب من معايري جتسيد نسبية احلق يف احلياة اخلاصة لألفراد‬
‫من بلد آلخر‪ ،‬فالدين يوسع دائرة اخلصوصية يف الدول األساسية ألنه دين التسامح ومنع التجسس‬
‫والنميمة عكس البلدان الغري مسلمة‪.4‬‬

‫هذا إىل جانب القيم األخالقية يف بعض الدول اليت أقرت الزواج القائم بني الرجل واملرأة وبني‬
‫الرجل والرجل‪ ،‬واملرأة واملرأة فهذا يقلص احلق يف اخلصوصية‪.5‬‬

‫‪ 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.58‬‬


‫‪ 2‬على سبيل املثال‪ :‬أعراف اجلزائر العاصمة ختتلف عن أعراف منطقة متنراست الصحراوية‪ ،‬حىت داخل الصحراء ختتلف األعراف‪،‬‬
‫كما هو احلال يف مصر فاألعراف يف اإلسكندرية ختتلف عن أهل الصعيد (أعراف املدينة وأعراف القرية)‪ ،‬انظر بشاتن صفية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪،‬ص‪.129‬‬
‫‪ 3‬بشاتن صفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ 4‬زيتوني محمد كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 5‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪38‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كم ا أن دائ رة احلي اة اخلاص ة تتس ع وتض يق حس ب نظ ام احلكم الس ائد ففي النظم اإلش رتاكية‬
‫والديكتاتوري ة‪ ،‬احلق يف اخلصوص ية يك اد ينعم بعكس النظم الليربالي ة ال يت حترتم حق وق وحري ات‬
‫الفرد‪.1‬‬

‫نسبية الحياة الخاصة من حيث الزمان‪:‬‬

‫يف زمن التكنولوجي ا حيرر األف راد من بعض الض غوطات اإلجتماعي ة املرتبط ة بالع ادات‬
‫والتقالي د‪ ،‬وخ رجت بعض املس ائل من اخلصوص يات إىل العمومي ات‪ ،‬ه ذا م ا أدى إىل تط ور مفه وم‬
‫احلق يف احلي اة اخلاص ة ع رب ال زمن‪ ،‬كم ا أن طبيع ة البش ر ت ؤثر يف إختالف نط اق احلق يف اخلصوص ية‬
‫فمنهم من يفضل العزلة أو اإلبتعاد‪ ،‬ومنهم من ال يبايل ويسمح للغري بالتطلع على أسراره‪.2‬‬

‫فبظه ور التقني ة العالي ة للتص وير ب دأ احلديث عن محاي ة الص ورة وبتط ور وس ائل اإلتص ال ب دأ‬
‫احلديث عن التنص ت والتجس س‪ ،‬وبظه ور تقني ة املعلوماتي ة احلديث ة ب دأ احلديث عن هوي ة األش خاص‬
‫ومعلوماهتم وبياناهتم‪ ،‬بعدما احلماية كانت تقتصر على السكن واملراسالت‪.3‬‬

‫مهما تغريت الع ادات والتقاليد عرب ال زمن واملكان إال أن أحكام الش ريعة اإلسالمية ال تتغري‬
‫ألهنا ثابت ة كتح رمي التجس س والتطف ل على اآلخ رين ونش ر ع وراهتم‪ ،‬ووقت أن ج اءت الش ريعة‬
‫اإلسالمية مل تكن خصوصيات الناس مكشوفة‪.4‬‬

‫نسبية الحياة الخاصة من حيث األشخاص‪:‬‬

‫‪1‬صبرينة بن سعيد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،.‬ص‪.78‬‬


‫‪2‬هشماوي آسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.153‬‬
‫‪3‬زيتوني محمد كمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪4‬مجادي نعيمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪39‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من أصحاب احلق يف احلياة اخلاصة احملكوم عليه بعقوبات مقيدة للحرية والشخصيات املشهورة‬
‫والفرد العادي ومن املؤكد أن مظاهر احلياة اخلاصة ونطاقها خيتلف من شخص إىل آخر‪.1‬‬

‫وف ق احملك وم علي ه يف حرم ة حيات ه اخلاص ة إنتقص ت فأص بحت مراس الته ت راقب وزيارات ه‬
‫حمدودة‪ 2‬وإتص االته مراقب ة‪ ،‬هلذا ذهبت احملكم ة العلي ا يف و‪.‬م‪.‬أ إىل الق ول‪" :‬أن الس جني يس لم ك ل‬
‫حقوق ه الدس تورية عن د بواب ة الس جن ذل ك أن حقوق ه تتالش ى بس بب حاج ات والبيئ ة يف الس جن"‪.‬‬
‫وق ول حمكم ة اإلس تئناف بفلوري دا أن‪" :‬تس جيل وض بط حمادث ات املس جونني بالفي ديو يع د ض بطا‬
‫وتفتيشا صحيحا حيث أن السجني ليس له توقع معقول من اخلصوصية يف السجن وبالتايل ليست له‬
‫محاية دستورية للخصوصية"‪.3‬‬

‫وميكن الق ول أن نط اق احلي اة اخلاص ة لألش خاص ختتل ف وفق ا ل درجات ش هرهتم فاإلنس ان‬
‫العادي ال يتعرض لنشر وقائع خاصة به وال يتم املساس حبرمة حياته اخلاصة‪ ،‬كما انه يتمتع حبرية‬
‫كاملة بعيدا عن تطفل الغري‪ ،‬على عكس الشخصيات العامة اليت تكون جماال خصبا للنشر من مجيع‬
‫وس ائل اإلعالم‪ ،‬وعل ة ذل ك املكان ة والش هرة ال يت تتمت ع هبا ه ذه الشخص يات واتص اهلا ب اجلمهور‬
‫واهتمام اجلميع بتتبع أخبارهم‪.4‬‬

‫ثالثا‪ :‬الجمع بين الحرية والخصوصية‪:‬‬

‫‪1‬عصام أحمد البهجى ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.137‬‬
‫‪ 2‬املادة ‪ 83‬من القانون رقم ‪ 05/04‬املؤرخ يف ‪6‬فرباير ‪2005‬املتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة اإلدماج اإلجتماعي‬
‫للمحبوسني‪ ،‬جريدة رمسية للجمهورية اجلزائرية‪ ،‬ع‪ ،12‬الصادر يف ‪13‬فرباير ‪.2005‬‬
‫‪3‬صبرينة بن سعيد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪4‬مجادي نعيمة‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪40‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لقد مت اجلمع بني احلرية واخلصوصية يف املؤمتر املنعقد يف استوكهومل حيث عُ ّرفت اخلصوصية‬
‫بأهنا‪" :‬احلق الذي يكون الفرد حرا وان يرتك العيش كما يريد مع أدىن حد للتدخل اخلارجي"‪ ،1‬من‬
‫ه ذا التعري ف يتض ح م دى توس يع دائ رة احلق يف اخلصوص ية لدرج ة أص بحت تش مل معظم احلري ات‬
‫الشخصية‪ ،‬وهبذا يتضح اخللط بني احلرية الشخصية واحلق يف اخلصوصية"‪.2‬‬

‫فاحلري ة هي أن يكون الش خص ق ادرا على التص رف يف كاف ة ش ؤون نفس ه و يف ك ل م ا يتعل ق‬
‫بذات ه آمن ا من اإلعت داء علي ه يف نفس ه أو عرض ه أو مال ه أو أي ح ق من حقوق ه‪ ،‬على أن يك ون يف‬
‫تصرفه عدوان على الغري‪.3‬‬

‫حيث ي رى الفقه اء أن اخلصوص ية هي قلب احلري ة يف ال دول احلديث ة‪ ،‬فاحلري ة هي مرك ز‬


‫الشخص الذي ال خيضع ألي سيد أو سلطة‪ ،‬حيث ميارس شؤونه اخلاصة مبنأى عن تدخل اآلخرين‪،‬‬
‫كاحلق يف حرمة املسكن وسرية املرسالت‪ ،‬فهي من احلريات الفردية املنصوص عليها يف الدساتري يف‬
‫باب احلرية العامة‪ 4،‬ومن مت اإلعرتاف حبق اخلصوصية فإننا نستطيع احلديث عن املدى الذي يصل إليه‬
‫األفراد يف ممارستهم هلذا احلق وهذا ما يعرف باحلرية الشخصية اليت تعين حرية الفرد بأن ميارس حقه‬
‫يف اخلصوصية‪.5‬‬

‫التفرقة بين الحرية والخصوصية‪:‬‬

‫‪ 1‬بسمة معن محمد ثابت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51‬‬


‫‪2‬بسدات الحبيب‪ ،‬الضمانات الدستورية حلماية حرمة احلياة اخلاصة واإلستثناءات الواردة عليها‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستري‪،‬‬
‫ختصص‪ :‬قانون فرع‪ :‬القانون العام‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة جياليل ليابس‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،2012 ،‬ص‪.18‬‬
‫‪ 3‬وهاب حمزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ 4‬بسمة معن محمد ثابت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ 5‬محمد باهي أبو يونس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪41‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إن احلري ة ش رط للحي اة اخلاص ة وليس ت ركن ا فيه ا مث ل الرك وع يف الص الة رغم ا أن ه ليس‬
‫عنصرا أو ركنا إال أنه شرط لصحة الصالة‪.1‬‬

‫حيث يرى األستاذ عبد اللطي ف مهيم أن احلق يف اخلصوصية يلتقي مع احلق يف احلرية‪ ،‬حبيث‬
‫أن ك ل منهم ا ميكن أن يك ون حق ا على مس توى الق انون اخلاص أو الع ام‪ ،‬ويض يف أن احلق يف‬
‫اخلصوصية هي جزء من احلرية الفردية‪ ،‬فرغم إلتقائها ال يعين ذلك أهنما نفس الشيء‪ ،‬فاحلرية نطاقها‬
‫أوسع واحلق يف اخلصوصية عنصر من احلق يف احلرية"‪.2‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلعتراف الدولي والداخلي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬

‫إن موض وع حق وق اإلنس ان وحريات ه األساس ية ق د ش غل ب اب البش رية وحظي بإهتم ام دويل‬
‫كب ري‪ ،‬ك ون اإلنس ان ه و حمور ك ل نش اط‪ ،‬فاإلهتم ام ب ه يع د إهتم ام بك ل عناص ر التنمي ة‪ ،‬وتتص در‬
‫احلقوق املدنية كل احلقوق األخرى‪ ،‬واليت يتصدرها هي األخرى احلق يف محاية احلياة الذي يعد أساس‬
‫ممارسة سائر احلقوق‪.3‬‬

‫وقد جتسد اإلهتمام باحلق يف محاية احلياة بصدور اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان الذي عمل‬
‫على تك ريس حق وق اإلنس ان على املس توى ال دويل مث تلي ه العدي د من اإلتفاقي ات واملواثي ق الدولي ة‬
‫والدساتري الوطنية‪ ،‬وهذا ما سنتناوله يف هذا املبحث‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلتفاقيات والمؤتمرات‪.‬‬

‫‪1‬عصام أحمد البهجى ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف ضوء حقوق اإلنسان و املسؤولية املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ 3‬طاهير رابح‪" ،‬محاية احلق يف احلياة يف إطار ميثاق األمم املتحدة"‪ ،‬جملة العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد‪ ،07‬كلية احلقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة جياليل ليابس‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،‬اجلزائر‪ ،2016 ،‬ص‪.135‬‬
‫‪42‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مما الش ك في ه أن اإلتفاقي ات العاملي ة و اإلقليمي ة و املؤمترات ق د إهتمت إهتمام ا بالغ ا ب احلق يف‬
‫احلياة اخلاصة‪ ،‬فعلى الدول اإللتزام بإحرتام قواعدها‪ ،‬كما أكدت املؤمترات تلك احلماية بالنص عليها‬
‫صراحة يف توصياهتا‪.1‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلتفاقيات‪:‬‬

‫يقوم النظام الدويل أساسا على تعزيز و إحرتام حقوق اإلنسان و احلريات األساسية للجميع‪ ،‬و‬
‫عليه سنتكلم أوال عن احلماية الدولية اليت شرعت مبقتضى ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬و ثانيا عن محاية أقل‬
‫إتساعا‪ ،‬ألن هلا طابعا إقليميا‪.2‬‬

‫أوال‪ :‬إتفاقيات دولية‪:‬‬

‫ميكن القول أن اإلتفاقيات الدولية و القرارات الصادرة عن هيئة األمم املتحدة تعد أهم املصادر‬
‫بالنس بة حلماي ة حق وق اإلنس ان‪ ،‬ويعت رب إلتزام ا قانوني ا يف ك ل م رة يك ون فيه ا مص دره إتفاق ا دولي ا‪،‬‬
‫وكانت الدولة طرفا فيه ‪ ،‬وعليه سندرس أهم االتفاقيات الدولية حلماية احلق يف احلياة اخلاصة‪.3‬‬

‫‪ -1‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪:4‬‬


‫إن ميثاق األمم املتحدة هو عبارة عن مبادئ عامة للقانون الدويل مبا يف ذلك حقوق اإلنسان‬
‫إضافة إىل أن منظمة األمم املتحدة أصدرت عدة إعالنات و إتفاقيات تتعلق حبقوق اإلنسان منبثقة عن‬

‫‪1‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬


‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ 4‬صادقت عليه اجلزائر مبوجب املادة ‪ 11‬من دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لسنة ‪ ،1963‬الصادر مبوجب‬
‫املرسوم الصادر يف ‪ 08‬سبتمرب ‪ ،1963‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‪ ،64‬مؤرخة يف ‪ 10‬سبتمرب ‪ ،1963‬املعدل و املتمم‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫هذا امليثاق‪ ،‬يف مقدمتها اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ ، 1‬أصدرته اجلمعية العامة لألمم املتحدة الذي‬
‫نص يف مواده على محاية اإلنسان من اإلعتداء عليه أو املساس بكرامته‪.2‬‬

‫يتكون ه ذا اإلعالن من ‪ 30‬م ادة مسخرة للحفاظ على احلقوق األساس ية لإلنسان أساسها‬
‫حرم ة احلي اة اخلاص ة‪ ،‬ه ذا م ا ورد يف املادة ‪ 12‬من ه "ال جيوز تع ريض أح د لت دخل تعس في يف حيات ه‬
‫اخلاص ة أو يف ش ؤون أس رته أو مس كنه أو مراس الته‪ ،‬وال حلمالت متس ش رفه ومسعته ولك ل ش خص‬
‫احلق يف أن حيميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك احلمالت"‪.3‬‬

‫فرغم اإلختالف الفقهي حول إلزامية اإلعالن فإن املستقر أن مبادئه أصبحت مصدر أساسي للدول‬
‫حلماية حقوق اإلنسان وحرياته األساسية ومرجعا لكل ما خيص مسألة حقوق اإلنسان يف مجيع بلدان‬
‫العامل‪،‬كما كرستها أغلب الدساتري فقد حتولت نصوص هذا اإلعالن إىل قانون إتفاقي دويل"‪.4‬‬

‫‪-2‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪:5‬‬

‫أجازت اجلمعية العامة لألمم املتحدة يف ‪ 1966-12-16‬اإلتفاقية الدولية حلقوق اإلنسان‬


‫املدنية والسياسية واليت تعد أول تقنني عاملي حلقوق اإلنسان املدنية والسياسية ملا هلا من قوة القانون‬
‫وسلطانه بالنسبة لكل الدول املوقعة عليها‪ ،‬وقد حرصت اإلتفاقية على تأكيد كفالة احلريات العامة‬
‫واألساسية‪ ،‬وتأكيد محاية احلق يف حرمة احلياة اخلاصة‪.6‬‬

‫‪ 1‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬إعتمد ونشر مبوجب قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة ‪ 217‬ألف (د‪ ،)3-‬املؤرخ يف ‪10‬‬
‫كانون األول (ديسمرب) ‪ ،1948‬مت تبنيه بقصر شابوا بباريس‪.‬‬
‫‪ 2‬طاهير رابح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫‪3‬حقوق اإلنسان‪ ،‬جمموعة صكوك الدولية األمم املتحدة‪ ،‬نيويورك‪ ،1988 ،‬ص‪.01‬‬
‫‪4‬نواف كنعان ‪ ،‬حقوق اإلنسان يف اإلسالم واملواثيق الدولية والدساتري العربية‪،‬ط‪،01‬إثراء للنشر والتوزيع‪،‬األردن‪،2008،‬ص‪.99‬‬
‫‪ 5‬إعتمد وعرض للتوقيع عليه والتصديق مبوجب قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة ‪ 2200‬ألف (د‪ )29-‬املؤرخ يف ‪ 16‬ديسمرب‬
‫‪ ،1966‬دخل حيز التنفيذ يف ‪ 23‬مارس ‪ ،1976‬صادقت عليه ‪ 168‬دولة ووقعت عليها من غري تصديق ‪ 74‬دولة حسب آخر‬
‫إحصائيات ‪ ،2014‬انظر‪ ،‬موقع ويكيبيديا‪.‬‬
‫‪6‬يوسف الشيخ يوسف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫‪44‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫نص ت املادة ‪ 17‬من اإلتفاقي ة على أن ه‪" :‬ال جيوز الت دخل بش كل تعس في أو غ ري ق انوين يف‬
‫خصوص يات أح د أو بعائلت ه أو بيت ه أو مراس اله‪ ،‬كم ا ال جيوز التع رض بش كل غ ري ق انوين لش رفه أو‬
‫مسعته‪ ،‬ولكل شخص احلق يف محاية القانون ضد مثل هذا التدخل أو التعرض"‪.1‬‬

‫وهبذا النص تكون اإلتفاقية قد إعرتفت حبق اإلنسان يف حرمة حياته اخلاصة وحرمة كل صور‬
‫اإلعتداء عليها سواء وقع من جانب األفراد أو من قبل السلطات احلكومية‪.2‬‬

‫وقد انضمت إليها اجلزائر سنة ‪.31989‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلتفاقيات اإلقليمية‪.‬‬

‫رأت بعض ال دول ال يت هتتم حبق وق اإلنس ان و احلري ات العام ة لألف راد‪ ،‬بإص دار جمموع ة من‬
‫االتفاقي ات ال يت تل زم دول األعض اء ب إحرتام القواع د ال واردة فيه ا‪ ،‬ومن ه س نتطرق إىل دراس ة ه ذه‬
‫اإلتفاقيات اإلقليمية على رأسها اإلتفاقية األوروبية واإلتفاقية األمريكية حلقوق اإلنسان‪.4‬‬

‫‪-1‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫ك ان ألوروب ا دور يف إنش اء تنظيم إقليمي حلماي ة حق وق اإلنس ان حيث أنش أت ال دول‬
‫األوروبية‪،5‬‬

‫‪1‬ص وادقية ه اني‪" ،‬محاي ة احلق يف اخلصوص ية"‪ ،‬جمل ة البح وث والدراس ات القانوني ة والسياس ية‪ ،‬الع دد‪ ،03‬كلي ة احلق وق والعل وم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة سعد حلب‪ ،‬البليدة‪ ،‬اجلزائر‪( ،‬دون سنة النشر)‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪ 2‬الموسوس عتو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ 3‬إنض مت إليه ا اجلزائ ر مبوجب المرس وم الرئاس ي رقم ‪ ، 89/67‬املؤرخ يف ‪ 16‬م اي ‪ ،1989‬تض منت اإلنض مام إىل العه د‬
‫الدويل اخلاص باحلقوق اإلقتصادية و اإلجتماعية و الثقافية‪ ،‬و العهد الدويل اخلاص باحلقوق املدنية و السياسية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،20‬املؤرخ يف ‪ 17‬ماي ‪.1989‬‬
‫‪ 4‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 5‬ك ل من النمس ا‪ ،‬بلجيك ا‪ ،‬ق ربص‪ ،‬ال دامنارك‪ ،‬فرنس ا‪ ،‬اليون ان‪ ،‬أيس لندا‪ ،‬إيطالي ا‪ ،‬لكس مبورغ‪ ،‬ال نرويج‪ ،‬هولن دا‪ ،‬أملاني ا الغربي ة‪،‬‬
‫اململكة املتحدة‪ ،‬سويسرا‪ ،‬تركيا‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إتفاقية أوروبية حلقوق اإلنسان وحرياته األساسية يف ‪.11950-11-04‬‬

‫لقد جسدت هذه اإلتفاقية حق اإلنسان يف اخلصوصية يف املادة ‪ 8‬منها على‪" :‬‬

‫‪ -1‬أن لكل شخص احلق يف إحرتام حياته اخلاصة وحياته العائلية ومسكنه ومراسالته‪.‬‬
‫‪ -2‬ال جيوز للسلطة العامة أن تتعرض ملمارسة هذا احلق وفقا للقانون ومبا تليه الضرورة يف جمتمع‬
‫دميقراطي لصاحل األمن القومي وسالمة اجلمهور أو الرفاء اإلقتصادي للبالد ملنع اإلضطراب أو اجلرمية‬
‫أو محاية الصحة أو اآلداب أو محاية حقوق اآلخرين وحرياهتم"‪.2‬‬

‫ويالح ظ من ه ذه املادة أن محاي ة احلي اة اخلاص ة واملس كن واملراس الت تق رر لك ل األف راد يف‬
‫الدول األطراف يف هذه اإلتفاقية و إمتد ذلك حىت إىل األشخاص عدميي اجلنسية أو غري األطراف ‪.3‬‬
‫حبيث أن مباشرة هذا احلق من قبل السلطات العامة ال يكون إال بالقدر الذي ينص القانون عليه‪.4‬‬

‫وما مييز هذه اإلتفاقية أهنا وضعت آلية حلمايتها من أي إعتداء من خالل اإلجراءات اخلاصة‬
‫‪5‬‬
‫التنفيذي ة ح ىت ض د ال دول‪ ،‬وتنف ذ ه ذه اإلج راءات عن طري ق اللجن ة األوروبي ة حلق وق اإلنس ان‬
‫واحملكمة األوروبية حلقوق اإلنسان‪.6‬‬

‫‪1‬بشاتن صفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.299‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 8‬من اإلتفاقية األوربية حلقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪3‬يوسف الشيخ يوسف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫‪4‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ 5‬مت تش كيل اللجن ة األوروبي ة لحق وق اإلنس ان س نة ‪ ،1945‬وتتك ون من عض و من ك ل دول ة ط رف يف اإلتفاقي ة ويعمل ون‬
‫بصفتهم الشخصية وال يعتربون ممثلي حلكوماهتم‪.‬‬
‫‪ 6‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان بدأت عملها يف ‪ 1959-02-28‬مقرها ستامبورغ يف فرنسا وختتص بالفصل يف قضايا‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪-2‬اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫كفلت اإلتفاقية األمريكي ة حلق وق اإلنس ان ال يت وقعت بني ال دول األمريكي ة يف س ان خوسيه‬
‫ع ام ‪ 1969‬وأص بحت ناف ذة يف ‪ 1978-07-18‬ح ق اخلصوص ية الفردية‪ ،1‬وال يت أك دت على‬
‫تعزي ز إط ار املؤسس ات الدميقراطي ة ونظ ام احلري ة الشخص ية والعدال ة اإلجتماعي ة‪ ،‬بن اءا على إح رتام‬
‫حقوق اإلنسان األساسية ومنها محاية حقه يف إحرتام حرمة حياته اخلاصة‪.2‬‬

‫وتتمثل هيئات محاية حقوق اإلنسان يف النظام األمريكي يف اللجنة األمريكية حلقوق اإلنسان‬
‫واحملكم ة األمريكي ة حلماي ة حق وق اإلنس ان‪ ،‬ف األوىل تق وم بفتح الش كاوى وإص دار الق رارات امللزم ة‬
‫جلميع دول األطراف يف اإلتفاقية‪ ،‬بينما الثانية تنظر يف القضايا وتصدر أحكاما ملزمة‪.3‬‬

‫ويف نفس السياق أدرجت اإلتفاقية األمريكية حلقوق اإلنسان لسنة ‪ 1969‬يف مادهتا ‪ 11‬بأنه‪:‬‬

‫‪" -‬لكل إنسان احلق يف أن حيرتم شرفه وتصان كرامته‪.‬‬


‫‪ -‬ال جيوز أن يتعرض أي أحد لتدخل مفاجئ أو تعسفي يف حياته اخلاصة أو يف شؤون أسرته أو‬
‫منزله أو مراسالته‪ ،‬و ال التعرض لإلعتداء على شرفه و مسعته‪.‬‬
‫‪ -‬لكل إنسان احلق يف أن حيميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك اإلعتداءات"‪.‬‬

‫‪-3‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫أنشأت اجلامعة العربية عام ‪ ،1945‬حبيث كانت نصوص امليثاق خالية من كل إشارة مباشرة‬
‫إىل حقوق اإلنسان‪ ،‬إال أهنا أولت إهتماما هبذه احلقوق بعد إعتمادها املعاهدة الثقافية العربية مت ميثاق‬

‫‪ 1‬بسمة معن محمد ثابت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.137‬‬


‫‪ 2‬محمد مدحت غسان‪ ،‬احلماية الدولية حلقوق اإلنسان‪ ،‬ط‪( ،1‬دون مكان النشر)‪ ،2013 ،‬ص‪.128‬‬
‫‪ 3‬نواف كنعان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.126‬‬
‫‪47‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العمل العريب‪ ،1‬ويف عام ‪ 1968‬أنشأت اجلامعة جلنة إقليمية عربية دائمة حلقوق اإلنسان وهي جلنة‬
‫حكومية يكون لكل دولة ممثل فيها على أن يعني جملس جامعة ورئيسها‪.2‬‬

‫ومن أهم أعم ال ه ذه اللجن ة مش روع امليث اق الع ريب حلق وق اإلنس ان ال ذي إعتمدت ه جملس‬
‫اجلامعة عام ‪ 1994‬وهو يتضمن عدة آليات وقد أبدت الدول العربية العديد من التحفظات شأنه‬
‫وهو مل يدخل حيز التنفيذ بعد‪.3‬‬

‫إال أن ه ذا امليث اق الص ادر يف ‪ 1994‬مل يتماش ى م ع املع ايري الدولي ة حلق وق اإلنس ان‪ ،‬حيث‬
‫عقدت اللجنة العربية الدائمة حلقوق اإلنسان صورتني إستثنائيتني لتحديث امليثاق مث وضع مشروع‬
‫حديث للميثاق يف ‪ 14/01/2004‬صادق عليه مؤمتر القمة العريب املنعقد بتونس‪ ،‬لكنه مل يدخل‬
‫حيز التفيذ واجلدير باملالحظة اجلزائر وقعت عليه يف ‪.402/08/2004‬‬

‫أما نصيب احلق يف احلياة اخلاصة من هذا امليثاق ‪t‬قد ورد يف نص املادة ‪ 21‬منه بقوله‪":‬‬

‫‪ -‬ال جيوز تعويض أي شخص على حنو تعسفي أو غري قانوين التدخل يف خصوصيات أو شؤون‬
‫أسرته أو بيته أو مراسالته أو للتشهري ميس شرفه أو مسعته‪.‬‬
‫‪ -‬من حق كل شخص أن حيميه القانون يف مثل هذا التدخل أو املساس"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المؤتمرات الدولية و اإلقليمية لحماية الحق في الحياة الخاصة‪:‬‬


‫‪ 1‬محمد مدحت غسان‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪2‬شطاب كمال‪ ،‬حقوق اإلنسان يف اجلزائر بني احلقيقة الدستورية والواقع املفقود ‪ ،2003-1989‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪) ،‬دون‬
‫سنة النشر(‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪4‬إنضمت أليه اجلزائر مبوجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 06/62‬املؤرخ يف ‪ 11‬فرباير ‪ ،2006‬تضمن التصديق على امليثاق العريب‬
‫حلقوق اإلنسان‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،08‬صادر يف ‪ 15‬فرباير‪.2006‬‬
‫‪48‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إنعقدت جمموعة من املؤمترات على الصعيد الدويل إهتمت بدراسة احلق يف محاية احلياة اخلاصة‬
‫س واء على املس توى الع املي أو اإلقليمي‪ ،‬و علي ه س نعرض لكن من ه ذين الن وعني من املؤمترات‬
‫الدولية ‪ ،‬مع حتديد ما نتج عنهما من توصيات تتعلق هبذا احلق‪.1‬‬

‫أوال‪ :‬المؤتمرات الدولية لحماية الحياة الخاصة‪.‬‬

‫أصبح موضوع احلق يف احلياة اخلاصة من أولويات األسرة الدولية ورمسياهتا وتأكيدا على تثبيت‬
‫هذا اإلهتمام عقدت عدة مؤمترات دولية على الصعيد العاملي بشأن هذا احلق‪ ،‬خاصة بعد اإلنتهاكات‬
‫‪2‬‬
‫اليت أصبح يتعرض هلا بصفة متزايدة و خطرية‪.‬‬

‫وعليه سنتطرق ألهم هذه املؤمترات‪.‬‬

‫‪ -1‬مؤتمر طهران‪:‬‬

‫إنعُقد هذا املؤمتر يف طهران يف الفرتة املمتدة من ‪ 22‬أفريل إىل ‪ 13‬ماي سنة ‪ ،1968‬وقد‬
‫نظر يف املشكالت املتصلة باألنشطة اليت تطل ع هبا األمم املتحدة من أجل تعزي ز حقوق اإلنسان‬
‫وحرياته األساسية و تشجيع إحرتامها‪ ، 3‬و على ر أسها احلق يف اخلصوصية الفردية‪.‬‬

‫و يعد هذا املؤمتر باكورة جهد األمم املتحدة يف ميدان محاية احلياة اخلاصة يف مواجهة التقدم التقين‬
‫ومحاية األفراد وحرياهتم من خطر التعدي عليها‪ ،‬واإلنتهاك الذي يعرتض حقوق األفراد وحرياهتم‬
‫‪5‬‬
‫اليت جيب أن تكون حمل إنتباه متواصل‪،4‬وأن محاية األسرة والطفل تظل شاغال للمجتمع الدويل‪.‬‬

‫‪ 1‬بشاتن صفية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.306‬‬


‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫الطبال لينا ‪ ،‬االتفاقيات الدولية و اإلقليمية حلقوق اإلنسان‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس ‪،‬لبنان‪ ،2010 ،‬ص ‪73‬‬ ‫‪3‬‬

‫علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪52‬‬ ‫‪4‬‬

‫الطبال لينا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪76‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪49‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫و ق د إختذ ه ذا املؤمتر ع دة ق رارات منه ا الق رار احلادي عش ر ال ذي تبن اه املؤمتر باإلمجاع يف‬
‫‪ 12‬ماي ‪ ،1968‬وهو القرار الذي يهدف إىل محاية حق اإلنسان يف حياته اخلاصة الذي يتضمن‬
‫إحرتام السرية بالنسبة ألساليب التسجيل ومحاية الشخصية اإلنسانية وإستخدام اإللكرتونيات اليت‬
‫ت ؤثر على حق وق الش خص‪،‬وبش كل أعم الت وازن ال ذي جيب توطي ده بني التق دم العلمي‬
‫‪1‬‬
‫والتكنولوجي وبني التقدم العقلي والروحي و الثقايف و املعنوي لإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -2‬مؤتمر مونتريال‪:‬‬

‫عُقد هذا املؤمتر الدويل خالل العام الدويل حلقوق اإلنسان يف مونرتيال بكندا سنة ‪،1968‬فبعد‬
‫دراس ته ملدى ت أثري التكنولوجي ا احلديث ة على ح ق الف رد يف خصوص ياته‪ ،‬فق د أوص ى بض رورة العناي ة‬
‫بتل ك األخط ار الناجتة عن التط ورات احلديث ة و ال يت تنته ك اخلصوص ية مث ل اإللكرتوني ات‪ ،‬وعلى‬
‫اهليئ ات الغ ري احلكومي ة و املهن القانوني ة مواجه ة اخلط ر بع دم قب ول أدل ة اإلثب ات املتحص لة بالوس ائل‬
‫االلكرتوني ة ‪ ،‬مث ل ‪ :‬أجه زة كش ف الك ذب و التس جيل على األش رطة‪ ،‬و الت أثري بإس تخدام العق اقري‬
‫‪2‬‬
‫الطبية و إستخدام آلة تصوير خفية‪.‬‬

‫‪ -3‬إجتماع خبراء اليونسكو ‪:‬‬

‫إنعق د ه ذا اإلجتم اع يف ب اريس يف الف رتة املمت دة من ‪ 19‬إىل ‪ 23‬ج انفي س نة ‪ ،1970‬و ق د‬
‫صرح املساعد مدير "املسرت سودو" خبصوص إهتمام هيئة اليونسكو ب احلق يف اخلصوصية و أن هذا‬

‫‪ 1‬بسدات الحبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.77-76‬‬


‫‪ 2‬ماروك نصر الدين‪ " ،‬احلق يف اخلصوصية"‪ ،‬جملة الصراط‪ ،‬اجمللد‪ ،04‬العدد ‪ ،07‬كلية العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.123‬‬
‫‪50‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫احلق تع ددت املش كالت املتص لة ب ه‪ ،‬و تعارض ت احلي اة اخلاص ة م ع املص لحة العام ة ‪ ،‬و من ال واجب‬
‫التوازن بينهما‪.1‬‬

‫و ميكن إس تخالص ع دة مالحظ ات بع د دراس ة اجملتمعني ملوض وع محاي ة احلق يف احلي اة‬
‫اخلاصة يف املادة ‪ 12‬من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان من بينها‪ ،‬أنه ال ميكن إعطاء تعريف جامع‬
‫للحق يف احلياة اخلاصة ألهنا مسألة نسبية‪ ،‬من غري املمكن الفصل بني الفرد والبيئة اإلجتماعية‪ ،‬وعلى‬
‫الفرد التنازل عن حقه يف احلياة اخلاصة من أجل املصلحة العامة‪ ،‬واحلماية الالزمة للحق يف اخلصوصية‬
‫‪2‬‬
‫بعد اإلتساع تدخل الدولة يف إطار التطور التكنولوجي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المؤتمرات اإلقليمية لحماية الحق في الحياة الخاصة‬

‫‪ 1‬ـ مؤتمر ستوكهولم‪:‬‬

‫ذهب م ؤمتر رج ال الق انون يف س توكهومل يف م اي ‪ 1967‬إىل أن احلق يف محاي ة احلي اة اخلاص ة‬
‫يعين حق الفرد يف أن يعيش حياته مبنأى عن األفعال اآلتية‪ :‬التدخل يف حياة أسرته أو منزله‪ ،‬التدخل‬
‫يف كيان ه الب دين أو العقلي أو حريت ه األخالقي ة أو العام ة‪ ،‬اإلعت داء على ش رفه ومسعته‪ ،‬وض عه حتت‬
‫األض واء الكاذب ة‪ ،‬إذاع ة وق ائع تتص ل حبيات ه اخلاص ة‪ ،‬إس تعمال إمسه أو ص ورته‪ ،‬التجس س والتلص ص‬
‫واملالحقة‪ ،‬التدخل يف املراسالت‪ ،‬سوء إستخدام وسائل اإلتصال اخلاصة املكتوبة أو الشفوية‪ ،‬إفشاء‬
‫املعلومات املتحصلة حبكم الثقة واملهنة‪.3‬‬

‫‪ 2‬ـ الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪:‬‬

‫‪ 1‬محمدي بدر الدين‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن احلق يف احلياة اخلاصة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪50‬‬
‫‪2‬قحم وص ن وال‪" ،‬احلماي ة الدولي ة يف حرم ة احلي اة اخلاص ة ض من التط ورات التكنولوجي ة احلديث ة"‪ ،‬اجملل ة العربي ة لألحباث‬
‫والدراسات يف العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬اجمللد‪،13‬العدد ‪ ،4‬خمرب قانون األسرة‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪ ، 2021 ،01‬ص ‪. 473‬‬
‫‪ 3‬الش افعي محم د البش ير‪ ،‬ق انون حق وق اإلنس ان مص ادره وتطبيقات ه الوطني ة والدولي ة‪ ،‬ط ‪، 4‬منش أة املع ارف‪ ،‬اإلس كندرية‪،‬‬
‫‪ ، 2007‬ص ‪ 157‬ـ ‪158‬‬
‫‪51‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تبنت منظم ة الوح دة اإلفريقي ة يف ع ام ‪ 1981‬امليث اق اإلف ريقي حلق وق اإلنس ان والش عوب‬
‫بإمجاع دوهلا اخلمس ني‪ ،‬وأص بح امليث اق ناف ذا يف ‪ 21‬أكت وبر ‪ 1986‬بتص ديق ‪ 30‬دول ة من دول‬
‫‪1‬‬
‫األعضاء يف املنظمة واليت أصبحت طرفا يف هذه املعاهدة‪ ،‬وملزمة مبراعاة أحكامها‪.‬‬

‫وقد أقر امليثاق احلقوق األساسية‪ ،‬كحق اإلنسان يف احلياة وسالمة شخصه وبدنه واإلعرتاف‬
‫‪2‬‬
‫بشخصيته القانونية‪ ،‬وحظر اإلستغالل وحرمان الشخص من ممارسة حريته‪.‬‬

‫كما تضمن امليثاق النص صراحة على أنه‪ " :‬ال جيوز إنتهاك حرمة جسد اإلنسان‪ ،‬فمن حقه‬
‫احرتام حياته وسالمة شخصها البدنية واملعنوية‪ ،‬وال جيوز حرمانه من هذا احلق تعسفا "‪ ،‬كما نصت‬
‫املادة ‪ 12‬على أن‪ ":‬احلي اة اخلاص ة لك ل إنس ان حرم ة وتش مل خصوص يات األس رة وحرم ة املس كن‬
‫وسرية املراسالت وغريها من سبل املخابرة اخلاصة وال جيوز املساس هبا إال يف حدود القانون "‪ ،3‬كما‬
‫‪4‬‬
‫جيوز اإلشارة أن اجلزائر صادقت على هذا امليثاق سنة ‪.1987‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬احلماية الداخلية للحق يف محاية احلياة خلاصة‪.‬‬

‫لقد نظم املشرع اجلزائري احلق يف محاية احلياة اخلاصة يف كل الدساتري املتالحقة والتشريعات‬
‫املختلفة‪ ،‬حيث إعتربه حقا وواجبا وقيدا على العديد من احلقوق األخرى‪ ،‬ومل يقف عند هذا احلد‬
‫بل أكد على أمهيته بإستحداث وتعديل العديد من النصوص القانونية اليت إنصب مضموهنا وجوهرها‬
‫‪5‬‬
‫على محايته‪.‬‬

‫‪1‬علوان عبد الكريم‪،‬الوسيط يف القانون الدويل العام‪ (:‬الكتاب الثالث حقوق اإلنسان)‪،‬ط‪،1‬دار الثقافة‪،‬عمان‪ ،2006،‬ص‪164‬‬
‫‪ 2‬ساسي سالم الحاج‪ ،‬املفاهيم القانونية حلقوق اإلنسان عرب الزمان واملكان‪ ،‬ط ‪ ، 3‬دار الكتاب اجلديدة املتحدة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪، 2004‬ص ‪ 335‬ـ ‪. 336‬‬
‫‪ 3‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ 4‬المرسوم رقم ‪ 87‬ـ‪ 37‬املؤرخ يف ‪ 3‬فيفري‪ ،1987‬يتضمن اإلنضمام إىل امليثاق اإلفريقي حلقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬جريدة‬
‫رمسية للجمهورية اجلزائرية‪ ،‬عدد ‪ ،06‬املؤرخ يف ‪ 4‬فيفري ‪.1987‬‬
‫‪ 5‬بن حيدة محمد ‪ ،‬محاية احلق يف احلياة اخلاصة يف التشريع اجلزائري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 95‬‬
‫‪52‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الف رع األول‪ :‬اإلع تراف الدس توري والم دني ب الحق في حماي ة الحي اة الشخص ية في الق انون‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫إن الدستور أوىل أمهية للحياة الشخصية و بيان ذلك ما جاء يف نصوصه‪ ،‬أما املشرع املدين مل‬
‫يتكلم صراحة عن احلياة الشخصية و محايتها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلعتراف الدستوري بالحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫ميكن القول أن حرمة احلياة اخلاصة يف اجلزائر قد حظيت يف بعض تطبيقاهتا بأول محاية دستورية‬
‫بصدور أول دستور للجمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية املستقلة سنة ‪ 1963‬وذلك من خالل‬
‫نص املادة ‪ 14‬اليت جاء فيها " ال جيوز اإلعتداء على حرمة املسكن ويضمن حفظ سري املراسلة جلميع‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫املواطنني "‬

‫مث ج اء دس تور ‪ 1976‬ينص ص راحة على حرم ة حي اة املواطن اخلاص ة يف املادة ‪ 49‬فق رة‬
‫‪ 01‬بقوهلا‪ " :‬ال جيوز انتهاك حرمة حياة املواطن اخلاصة وال شرفه والقانون يصوهنا "‪ ،‬كما نص يف‬
‫الفقرة ‪ 02‬على بعض الصور بقوله‪ " :‬سرية املراسالت واملواصالت اخلاصة بكل أشكاهلا مضمونة "‪،‬‬
‫ومن ذلك أيضا ما نصت عليه املادة ‪50‬من نفس الدستور‪ " :‬تضمن الدولة حرمة املسكن‪ ،‬ال تفتيش‬
‫إال مبقتضى القانون ويف حدوده‪،‬ال تفتيش إال بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية املختصة "‪.2‬‬

‫أما الدستور الث الث للجمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‪ ،‬والذي صادق عليه الشعب‬
‫اجلزائري سنة‪ ،1989‬فهو اآلخر مل يغفل النص على كثري من املواد اليت من شأهنا محاية حرمة احلياة‬
‫اخلاصة‪ ،‬فقد نص يف املادة ‪ 33‬على أن ‪ ":‬تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمة اإلنسان وحيظر أي عنف‬

‫‪ 1‬ـ دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ‪ ، 1963‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ‪ ، 1976‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بدين أو معنوي"‪ 1‬واملادة ‪ 34‬أن ‪ ":‬القانون يعاقب على املخالفات املرتكبة ضد احلقوق واحلريات‬
‫وعلى كل ما ميس سالمة اإلنسان البدنية واملعنوية"‪.‬‬

‫باإلض افة إىل املادة ‪ 60‬من نفس الدس تور‪ " :‬ميارس ك ل واح د مجي ع حريات ه‪ ،‬يف إط ار إح رتام‬
‫احلقوق املعرتف هبا للغري يف الدستور‪ ،‬وال سيما إحرتام احلق يف الشرف وسرت احلياة اخلاصة ‪ ،‬ومحاية‬
‫األسرة والشبيبة والطفولة‪.‬‬

‫أما دستور ‪ ، 21996‬يعد مطابقا لدستور ‪ 1989‬ما عدا تغيري يف ترقيم املواد‪.‬‬

‫أما الدستور األخري للجمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية لسنة ‪ ،32020‬فقد أوىل إهتماما‬
‫حبرم ة احلي اة الشخص ية مثل ه مث ل الدس اتري ال يت س بقته‪ ،‬و ذل ك من خالل نص املادة ‪ 38‬من نفس‬
‫الدس تور أن‪" :‬احلق يف احلي اة لص يق باإلنس ان‪ ،‬حيمي ه الق انون‪ ،‬و ال ميكن أن حيرم أح د من ه إال يف‬
‫احلاالت اليت حيددها القانون"‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬إعتراف القانون المدني الجزائري بالحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫املالح ظ أن الق انون املدين اجلزائ ري مل يتض من أي إش ارة ص رحية إىل احلق يف حرم ة احلي اة‬
‫اخلاصة‪ ،‬ورغم ذلك ميكننا أن جند يف نص املادة ‪ 47‬من القانون املدين ما يصلح سندا إلقرار احلق يف‬
‫حرمة احلياة اخلاصة ومحايته مدنيا وإن كان ذلك بشكل غري مباشر‪، 5‬حيث نصت املادة ‪ 47‬منه ‪":‬‬

‫‪1‬ـ دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية سنة ‪ ،1989‬الصادر مبوجب املرسوم الرئاسي رقم ‪ 18/ 89‬املؤرخ يف‬
‫‪ 28‬فيفري ‪ ،1989‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،09‬الصادرة يف ‪ 1‬مارس ‪.1989‬‬
‫‪ 2‬دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لسنة ‪ ،1996‬الصادر مبوجب املرسوم الرئاسي رقم ‪ ،438-96‬املؤرخ يف‬
‫‪ 07‬ديسمرب ‪ ،1996‬معدل و متمم‪.‬‬
‫‪ 3‬دستور ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش لسنة ‪ ،2020‬الصادر مبوجب املرسوم رقم ‪ ،442-20‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 4‬األمر رقم ‪ ،442-20‬المتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 5‬محمدي بدر الدين‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪54‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لك ل من وق ع علي ه إعت داء غ ري مش روع يف من احلق وق املالزم ة لشخص يته أن يطلب وق ف ه ذا‬
‫اإلعتداء مع التعويض عما يكون قد حلقه من ضرر"‪.1‬‬

‫باإلضافة إىل املادة ‪ 48‬من نفس القانون اليت تنص على محاية احلق يف اإلسم وهو أحد عناصر‬
‫احلق يف احلياة اخلاصة اليت نصت ‪ ":‬لكل من نازعه الغري يف إستعمال إمسه دون مربر ومن إنتحل الغري‬
‫‪2‬‬
‫إمسه أن يطلب وقف هذا اإلعتداء والتعويض عما يكون قد حلقه من ضرر" ‪.‬‬

‫الف رع الث اني ‪ :‬إع تراف ق انون العقوب ات وق انون اإلج راءات الجزائي ة ب الحق في حماي ة الحي اة‬
‫الشخصية في التشريع الجزائري‪.‬‬

‫جند أن كال من قانون العقوبات و قانون اإلجراءات اجلزائية نصا على محاية احلياة اخلاصة‪ ،‬و هذا ما‬
‫سندرسه يف هذا الفرع‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إعتراف قانون العقوبات الجزائري بالحق في حرمة الحياة الشخصية‪.‬‬

‫بعد إعرتاف الدستور حبرمة احلياة اخلاصة بالشكل املبني سابقا‪ ،‬قرر محاية القانون هلا بصفة‬
‫صرحية‪ ،‬هكذا قام املشرع العقايب بإسم هذه احلماية الدستورية وتدعيما هلا بتجرمي اإلعتداء عليها‪،‬‬
‫وإقامة مسؤولية الشخص املعتدي عليها وكذلك مسؤولية الدولة‪.‬‬

‫حيث نص املش رع اجلزائ ري من خالل الق انون ‪ 06‬ـ‪ 23‬املع دل واملتمم لق انون العقوب ات‬
‫عدد من املواد القانونية اليت جاءت يف التعديل على احلق يف محاية احلياة اخلاصة بشكل عام ‪ ،‬وقرر‬

‫‪ 1‬األمر رقم ‪ 75‬ـ ‪ ،58‬المتضمن القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪ 2‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫محاي ة قانوني ة من خالل عقوب ات جزائي ة‪ ،‬تق ع على ك ل من ميس الغ ري يف ه ذا احلق‪ ،3‬ومن أهم املواد‬
‫اليت جاءت يف التعديل واملتعلقة باحلق يف حرمة احلياة اخلاصة هي‪:‬‬

‫املادة ‪ 137‬من نفس القانون تنص على‪ " :‬كل موظف أو عون من أعوان الدولة أو مستخدم‬
‫أو من دوب عن مص لحة الربي د يق وم بفض أو إختالس أو إتالف رس ائل مس لمة إىل الربي د أو يس هل‬
‫فض ها أو إختالس ها أو إتالفه ا ‪ ،‬يع اقب ب احلبس من ثالث ة أش هر إىل مخس س نوات ‪ ،‬وبغرام ة من‬
‫‪ 30000‬دج إىل ‪ 500000‬دج‪ ،‬و يع اقب بالعقوب ة نفس ها ك ل مس تخدم أو من دوب يف مص لحة‬
‫ال ربق خيتلس أو يتل ف برقي ة أو ي ذيع حمتواه ا‪ ،‬ويع اقب اجلاين فض ال عن ذل ك باحلرم ان من كاف ة‬
‫الوظائف أو اخلدمات العمومية من مخس إىل عشر سنوات"‪.1‬‬

‫كم ا نص ت املادة ‪ 303‬من ق انون العقوب ات على أن‪ " :‬ك ل من يفض أو يتل ف رس ائل أو‬
‫مراسالت موجهة إىل الغري وذلك بسوء نية ويف غري احلاالت املنصوص عليها ويف املادة ‪ ،137‬يعاقب‬
‫ب احلبس من س تة أش هر إىل س نة وبغرام ة من ‪ 25000‬دج إىل ‪ 100000‬دج أو بإح دى ه اتني‬
‫العقوبتني فقط "‪.‬‬

‫باإلض افة إىل نص املادة ‪ 303‬مك رر من نفس الق انون ‪ " :‬يع اقب ب احلبس من س تة أش هر إىل‬
‫ثالث ة س نوات وبغرام ة من ‪ 50000‬دج إىل ‪ 100000‬دج ك ل من تعم د املس اس باحلي اة اخلاص ة‬
‫لألشخاص بأية تقنية كانت وذلك‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ بإلتقاط أو تسجيل أو نقل مكاملات أو أحاديث خاصة أو أسرية بغري إذن صاحبها أو رضاه‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ بإلتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص يف مكان خاص‪ ،‬بغري إذن صاحبها أو رضاه‪.‬‬

‫‪ 3‬محمدي بدر الدين‪ ،‬املسؤولية املدنية الناشئة عن املساس باحلق يف احلياة اخلاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 1‬األمر رقم ‪ 66‬ـ‪ ،156‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يع اقب على الش روع يف ارتك اب اجلنح ة املنص وص عليه ا يف ه ذه املادة بالعقوب ات ذاهتا املق ررة‬
‫للجرمية التامة ‪،‬ويضع صفح الضحية حدا للمتابعة اجلزائية "‪.1‬‬

‫كما نصت املادة ‪ 303‬مكرر‪ 01‬من نفس القانون ‪ ":‬يعاقب بالعقوبات املنصوص عليها يف‬
‫املادة السابقة كل من إحتفظ أوضع أو مسح بأن توضع يف متناول اجلمهور أو الغري‪ ،‬أو إستخدام بأية‬
‫وسيلة كانت‪ ،‬التسجيالت أو الصور أو الوثائق املتحصل عليها بواسطة أحد األفعال املنصوص عليها‬
‫يف املادة ‪ 303‬مكرر من هذا القانون‪.‬‬

‫عن دما ت رتكب اجلنح ة املنص وص عليه ا يف الفق رة الس ابقة عن طري ق الص حافة‪ ،‬تطب ق األحك ام‬
‫اخلاصة املنصوص عليها يف القوانني ذات العالقة‪ ،‬لتحديد األشخاص املسؤولني‪.‬‬

‫يع اقب على الش روع يف ارتك اب اجلنح ة املنص وص عاليه ا يف املادة بالعقوب ات ذاهتا املق ررة‬
‫للجرمية التامة‪.‬‬
‫ويضع صفح الضحية حدا للمتابعة اجلزائية "‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬إعتراف قانون اإلجراءات الجزائية بالحق في حماية الحياة الشخصية‪.‬‬

‫‪ 1‬األمر رقم‪ ،156-66‬املتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 2‬األمر رقم‪ 06‬ـ ‪ ، 23‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املادة ‪ 65‬مكرر‪ 1 5‬و ‪ 10‬من قانون اإلج راءات اجلزائية ‪ ، 2‬تأيت بإستثناء يتمثل يف إمكانية‬
‫اإلطالع أو نسخ املراسالت السلكية والالسلكية لضرورات التحري يف اجلرمية املتلبس هبا أو التحقيق‬
‫احلصر‪.‬‬ ‫اإلبتدائي يف جرائم حمددة على سبيل‬

‫و هذه اجلرائم هي املخدرات واجلرمية املنظمة أو تبييض األموال أو اإلرهاب أو جرائم الفساد‪،‬‬
‫وذلك دون موافقة املعين لكن بإذن من وكيل اجلمهورية وإعتربت الفقرة األخرية من املادة ‪ 11‬من‬
‫نفس القانون احلماية القانونية للحق يف احلياة اخلاصة ومراعاهتا ضمن األسرار اليت جيب احملافظة عليها‪،‬‬
‫من خالل ضرورة اإللتزام بكتمان السر املهين يف إجراءات التحقيق والتحري لكل شخص يساهم يف‬
‫ذل ك‪ ،‬وحث ممث ل النياب ة أو ض ابط الش رطة مبراعاهتا عن دما يطل ع ال رأي الع ام بالقض ية ال يت يش وهبا‬
‫‪3‬‬
‫الغموض نتيجة معلومات غري صحيحة أو غري كاملة أو لوضع حد لإلخالل بالنظام العام ‪.‬‬

‫‪ 1‬األمر رقم ‪ 66‬ـ ‪ ، 155‬املؤرخ يف ‪ 8‬يونيو ‪ ،1966‬يتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية‪،‬‬
‫عدد ‪ 46‬الصادرة يف ‪ 29‬يوليو‪ ،‬تتضمن املادة ‪ 65‬مكرر‪ 05‬منه ‪":‬إذا اقتضت ضرورة التحري يف اجلرمية املتلبس هبا أو التحقيق‬
‫االبتدائي يف جرائم املخدرات أو اجلرمية املنظمة العابرة للحدود الوطنية أو اجلرائم املاسة بأنظمة املعاجلة اإللية للمعطيات أو جرائم‬
‫تب ييض املوال أو اإلره اب أو اجلرائم املتعلق ة بالتش ريع اخلاص بالص رف وك ذا ج رائم الفس اد‪ ،‬جيوز لوكي ل اجلمهوري ة املختص أن‬
‫يأذن مبا يلي‪:‬‬
‫ـ إعرتاض املراسالت اليت تتم عن طريق وسائل االتصال السلكية والالسلكية‪.‬‬
‫ـ وضع الرتتيبات التقنية‪ ،‬دون موافقة املعنيني‪ ،‬من أجل إلتقاط وتثبيت وبث وتسجيل الكالم املتفوه به بصفة خاصة أو سرية من‬
‫طرف شخص أو عدة أشخاص يف أماكن خاصة أو عمومية أو التقاط صور لشخص أو عدة أشخاص يتواجدون يف مكان خاص‪.‬‬
‫ـ يسمح اإلذن املسلم بغرض وضع الرتتيبات التقنية بالدخول إىل احملالت السكنية أو غريها ولو خارج املواعيد احملددة يف املادة‬
‫‪ 47‬من هذا القانون وبغري علم أو رضا األشخاص الذين هلم حق على تلك األماكن‪.‬‬
‫ـ تنفذ العمليات املأذون هبا على هذا األساس حتت املراقبة املباشرة لوكيل اجلمهورية املختص‪.‬‬
‫ـ يف حالة فتح حتقيق قضائي‪ ،‬تتم العمليات املذكورة بناء على إذن من قاضي التحقيق وحتت مراقبته املباشرة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تنص املادة ‪ 65‬مكرر‪ 10‬من نفس املرجع على ‪ ":‬يهدف أو ينسخ ضابط الشرطة القضائية املأذون له أو املناب املراسالت أو‬
‫الصور أو احملادثات املسجلة واملقيدة يف إظهار احلقيقة يف حمضر يودع بامللف‪.‬‬
‫تنسخ و ترتجم املكاملات اليت تتم باللغات األجنبية‪ ،‬عند اإلقتضاء‪ ،‬مبساعدة مرتجم يسخر هلذا الغرض"‪.‬‬

‫‪ 3‬تنص المادة ‪11‬من نفس املرج ع على أن‪ " :‬تكون إجراءات التحقيق والتح ري س رية‪ ،‬ما مل ينص الق انون على خالف ذل ك‪،‬‬
‫ودون إضرار حقوق الدفاع‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كما جند أن هناك بعض األدلة ال جيوز األخذ هبا يف اإلثبات يف املواد اجلزائية‪ ،‬و هذا ألن األخذ‬
‫هبا خيل حبق ال دفاع ال ذي ه و ح ق مق دس‪ ،‬هلذا ق ام املش رع اجلزائ ري بإس تبعادها و ع دم األخ ذ هبا‬
‫كوسيلة من وسائل اإلثبات‪ ،‬حيث نصت يف هذا الصدد املادة ‪ 217‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج املع دل و املتمم‬
‫على م ا يلي‪ ":‬ال يس تنبط ال دليل الكت ايب من املراس لة املتبادل ة بني املتهم و حمامي ه"‪ ،1‬و بالت ايل ميكن‬
‫الق ول بأن ه ال ميكن الرك ون على رس الة ق ام بإرس اهلا املتهم إىل حمامي ه يع رتف فيه ا أن ه ق ام بإرتك اب‬
‫اجلرمية كدليل ضده إلثبات اجلرمية ضده‪.‬‬

‫ـ ك ل ش خص يس اهم يف ه ذه اإلج راءات مل زم بكتم ان الس ر امله ين بالش روط املبين ة يف ق انون العقوب ات وحتت طائل ة العقوب ات‬
‫املنصوص عليها فيه‪.‬‬
‫ـ غري أنه تفاديا النتشار معلومات غري كاملة أو غري صحيحة أو لوضع حدا لإلخالل بالنظام العام‪ ،‬جيوز ملمثل النيابة العامة دون‬
‫سواه أن يطلع الرأي العام بعناصر موضوعية مستخلصة من اإلجراءات على أن ال تتضمن أي تقييم لإلهتامات املتمسك هبا ضد‬
‫األشخاص املتورطني"‪.‬‬
‫‪ 1‬األمر رقم ‪ ،155-66‬املتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫اإلطار المفاهيمي للحق في حماية الحياة الشخصية‪:‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ملخص الفصل األول‪:‬‬

‫ب الرغم من أن ك ل إجتاه إس تطاع أن يوض ح ج انب من ج وانب احلق يف احلي اة الشخص ية عن د‬


‫تعريف له‪ ،‬إال أهنا فشلت يف حتديد تعريف دقيق جامع مانع له‪ ،‬وإنتقلت من البحث عن التعريف إىل‬
‫البحث عن احلماي ة‪ ،‬حيث رك ز معي ار الوح دة على ض رورة إح رتام خل وة الش خص وعزلت ه‪ ،‬وأم ام‬
‫إستحالة ذلك إنتقل معيار املكان إلضفاء احلماية على األماكن اخلاصة حىت يوسع من نطاق احلماية‬
‫إال أن فش له يف ذل ك جع ل معي ار املظ اهر يرتك ز يف حتدي ده ملفه وم احلق يف احلي اة اخلاص ة بن اء على‬
‫القيم والعناصر اليت تشكل محايتها كفالة له‪ ،‬و هو اإلجتاه الذي أخذ به املشرع اجلزائري ‪.‬‬

‫ولقد أصبح احلق يف محاية احلياة الشخصية حيتل مكانة خاصة على الصعيد الدويل بتكريس جل‬
‫الصكوك الدولية له بإبراز مظاهره و حتديد القيود الواردة عليه‪ ،‬إال أن ما يؤخذ على املشرع اجلزائري‬
‫ه و ع دم إعرتاف ه ب احلق يف محاي ة احلي اة اخلاص ة مبوجب نص ق انوين موح د‪ ،‬وإمنا ورد تكريس ه يف‬
‫نصوص قانونية متفرقة مما أضفى غموضا على املظاهر و العناصر اليت تندرج ضمنه‪.‬‬

‫كما يضمن هذا احلق العديد من املظاهر اليت حتفظ للفرد إنسانيته وتصون له كرامته كاحلق يف‬
‫الشرف و اإلعتبار واحلق يف حرمة املسكن واحملادثات واملراسالت اخلاصة‪.‬‬

‫‪60‬‬

You might also like