You are on page 1of 428

‫جـــــامعة وهـــــران ‪2-‬‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫أطـــروحـــة‬
‫للحصول على شهـــادة دكتـــوراه في العـــلوم‬
‫في القانون الخاص‬

‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬


‫مقدمة ومناقشة علنا من طرف‬
‫‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬
‫الطالبة‪ :‬بـنـور سعـاد‬
‫أمــام لجنـــــة المنـــاقشـــــة‬

‫رئـيســـــــــــة‬ ‫جامعة وهران ‪2‬‬ ‫أستاذة التعليم العالي‬ ‫حمدان ليلى‬


‫مشرفـا مقـررا‬ ‫جامعة مستغانم‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫بن عزوز بن صابر‬
‫عضوة مناقشة‬ ‫جامعة وهران ‪2‬‬ ‫أستاذة التعليم العالي‬ ‫بولنوار مليكة‬
‫عضوا مناقشــا‬ ‫جامعة الجزائر‪1‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫أحمية سليمان‬
‫عضوا مناقشــا‬ ‫جامعة سعيدة‬ ‫بوكلي حسان شكيب أستاذ محاضـر (أ)‬
‫عضوة مناقشة‬ ‫جامعة مستغانم‬ ‫ماموني فاطمة الزهراء أستاذة محاضرة (أ)‬

‫السنة ‪2112/2112‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المـقـــدمـــة‬

‫إن الحق في احترام الحياة الخاصة يعد من أهم حقوق اإلنسان في المجتمعات الحديثة‪ ،‬شغل‬
‫هذا الحق الباحثين والفقهاء الذين حاولوا جاهدين وضع الحدود الفاصلة لما يعد ضمن نطاق الحياة‬
‫الخاصة وما يخرج عنها‪ ،‬و مضت عقود ارتبط فيها تصور الحياة الخاصة بمسكن اإلنسان‪ ،‬إذ ليس‬
‫من حق الغير اإلطالع على نشاط الفرد داخل مسكنه‪ ،‬غير أن التطورات العلمية المتالحقة أضافت‬
‫أبعادا جديدة لمفهوم الحياة الخاصة فلم تعد تقتصر على مسكنه فقط‪.‬‬
‫كان للتقدم العلمي الهائل في مجال الوسائل التكنولوجية للمراقبة والمعلوماتية وما أفرزته من‬
‫أجهزة المراقبة والتنصت والتسمع والتسجيل والتقاط الصور أكبر األثر في تهديد الحياة الخاصة‪،‬‬
‫فأصبح من اليسير غزو خصوصية اإلنسان‪ ،‬و الجهود التي بذلت للحد من الرقابة على أفكار‬
‫األفراد وأحاديثهم واتصالتهم الشخصية واجتماعاتهم وتصرفاتهم الخاصة كانت محور النضال من‬
‫أجل إرساء مباديء الحرية في المجتمعات الغربية والعربية على حد السواء‪ ،‬وشكل انتهاك حرمة‬
‫الحياة الخاصة سببا من األسباب التي قادت إلى إرساء المبادئ الدستورية لحماية حقوق اإلنسان في‬
‫دساتير الدول‪.‬‬
‫لكل انسان الحق في أن تحترم حياته الخاصة‪ ،‬وقد ظهر حديثا اتفاق علني التوجه بشأن حماية‬
‫هذا الحق اإلنساني‪ ،‬فهو من حقوق اإلنسان األساسية‪ ،‬ذلك أن لكل إنسان الحق في منع تطفل‬
‫اآلخرين وفضولهم‪ ،‬كما له الحق في اتخاذ اإلجراءات التي يراها مناسبة لحماية حياته الخاصة‪ ،‬إال‬
‫بين المفهوم العلمي‬ ‫أن هذا اإلتفاق الجماعي لحماية الحق في الحياة الخاصة ال يمنع من اإلختال‬
‫والتطبيقي له‪ ،‬وكيفية حمايته من اإلعتداءات واالنتهاكات التي قد تطاله وتجعل حياة االنسان‬
‫الحماية التي يحظى بها‬ ‫الخاصة عرضة للخطر‪ ،‬خاصة أمام نسبية حقوق اإلنسان وأمام اختال‬
‫من مكان إلى آخر‪.‬‬
‫تعددت التسميات التي تطلق على هذا الحق بين من يعتمد على مصطلح الحق في الحياة‬
‫الخاصة شأن الدول الالتينية‪ ،‬وبين من يعتمد على مصطلح الحق في الخصوصية شأن الدول‬
‫األنجلوساكسونية‪ ،‬وإن كان المصطلح األول أي التقليدي هو المصطلح المعتمد في أغلب التشريعات‬
‫العربية التي أخذت بالتشريع الالتيني و منها التشريع الجزائري‪ ،‬فإنه غالبا ما يجمع الباحثون بين‬
‫المصطلحين بالرغم من وجود بعض الفروق بينهما‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إن أغلب الدراسات تناولت الموضوع تحت عنوان الحق في احترام الحياة الخاصة أو الحق‬
‫في حرمة الحياة الخاصة وهو المصطلح التقليدي الذي ظهر به هذا الحق‪ ،‬والقانون الفرنسي كان له‬
‫بهذا الحق وتبني عبارة الحق في الحياة الخاصة‪.‬‬ ‫السبق والفضل في اإلعترا‬
‫يذهب الفقه إلى أن المقارنة بين مصطلح الحياة الخاصة ومصطلح الخصوصية توضح أن‬
‫لكل منهما جانبه ومجاله الذي يصلح لالستعمال فيه‪ ،‬حيث أن مصطلح الحياة الخاصة يمثل غالبا‬
‫الجانب المادي كحرمة المسكن وحرمة المراسالت ويرتبط بالمكان الذي يتواجد فيه الشخص‪ ،‬في‬
‫حين أن مصطلح الخصوصية يعبر عن المظاهر المعنوية كالمحادثات الشخصية والمكالمات الهاتفية‬
‫والتي ترتبط بالشخص أكثر من المكان‪.‬‬
‫هذا التوجه تعرض لالنتقاد‪ ،‬وفضًل الجانب الغالب من الفقه استعمال المصطلحين للتعبير‬
‫وتعدد أشكال انتهاك الحق في الحياة الخاصة هو الذي كش‬ ‫عن عناصرهما‪ ،‬واعتبروا أن اختال‬
‫معالم هذا الحق بشكل واضح‪ ،‬وما التعبير والتغير في المصطلحات إالَ تجسيدا لمظاهره المختلفة لذا‬
‫فإن إشكالية الحماية تفرض تحديد نطاقه‪ ،‬هذا ما حولنا التطرق إليه من خالل هذه دراسة هذا الحق‪.‬‬
‫نعرض من خالل هذه األطروحة مدى حماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬ومدى تأثير هذه الحياة‬
‫على حياته المهنية‪ ،‬مما ال شك فيه أن اختالفا واضحا يطرح بشأن ما يدخل في دائرة الحياة‬
‫الخاصة للعامل التي يتع ين احترامها وعدم التعرض لها‪ ،‬وبين ما ال يعد داخال فيها‪ ،‬فإذا كان يحق‬
‫للعامل الدفاع عن حياته الخاصة خارج مكان وزمان العمل التي تمثل اإلطار غير المهني للعامل‪،‬‬
‫ذلك أن الحياة التي تمارس خارج اإلطار المهني تعد من مظاهر الحرية الفردية‪ ،‬وتعد حياة خاصة‬
‫تستحق الحماية في مواجهة صاحب العمل‪ ،‬إذ البد من البحث عن مدى الحماية الموفرة له أيضت‬
‫داخل اإلطار المهني المحدد زمانا ومكانا وفقا لعقد العمل المبرم بينه وبين المستخدم وااللتزامات‬
‫المترتبة عليه‪.‬‬
‫غير أنه قبل الخوض في الموضوع كان لزاما علينا التطرق لتحديد ماهية الحياة الخاصة التي‬
‫لها يدعى بالخصوصية‪ ،‬والحق في الخصوصية اصطالح حديث نسبيا‪ ،‬وهو‬ ‫شاع استعمال مراد‬
‫الخصوصية في‬ ‫للحق في الحياة الخاصة ذو التداول التقليدي‪ ،‬ومن الناحية األدبية تعر‬ ‫مراد‬
‫اللغة العربية بأنها "حالة الخصوص‪ ،‬والخصوص نقيض العموم‪ ،‬فيقال خصَهُ الشيء خصًا‬

‫‪3‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫وخصوصاً وخصوصيةً‪ ،‬ويقال إختص فالن باألمر"‪ ،1‬أما اللغة الفرنسية فوردت عبارة الحياة‬
‫بأنها‪ " :‬كل ما يعني الفرد وال يعني الدولة وهي كذلك كل ما ليس مفتوحا‬ ‫الخاصة التي تُعرَ‬
‫للجمهور"‪.2‬‬
‫جامع مانع للحياة الخاصة‪ ،‬نظرا لصعوبة هذا المفهوم‬ ‫أما من الناحية القانونية ال يوجد تعري‬
‫في وجهات‬ ‫واتساع نطاقه‪ ،‬وكذا بسبب تعدد وتنوع عناصر الحياة الخاصة‪ ،‬وهو ما أحدث اختال‬
‫قانوني يحيط بها‪.‬‬ ‫النظر حول وضع تعري‬
‫كانت محاوالت عديدة إلقرار الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬ورغم ذلك لم تظهر الحاجة لالعترا‬
‫جليا به سوى بقدوم الشريعة اإلسالمية الغراء‪ ،‬وزادت هذه الحاجة بإلحاح في القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫مع التقدم العلمي وتشعب العالقات وتطور وسائل االتصال والتكنولوجيا الذي أدى إلى انتهاك الحياة‬
‫المجاالت وبشتى الوسائل التكنولوجية‪.‬‬ ‫الخاصة لألفراد في مختل‬
‫إن كفالة آدمية وكرامة اإل نسان ينبغي أن تكون هي األساس الذي تسعى إلى حمايته النظم‬
‫القانونية‪ ،‬لذلك كفل الدين اإلسالمي احترام خصوصية اإلنسان وكرامته وآدميته‪ ،‬وجعل قيمته تسمتد‬
‫من كونه من خلق اهلل عز وجل‪ ،‬ويحفل كال من القرآن الكريم والحديث النبوي بالعديد من‬
‫ج َت ِنبُوا َكثِيراً مِنَ الظَّنِّ‬
‫التطبيقات لمظاهر الحياة الخاصة من بينها قوله تعالى « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَ َمنُوا ا ْ‬
‫َسسُوا وَال يَ ْغتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً َأ ُيحِبُّ َأحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ َلحْمَ َأخِيهِ َميْت ًا‬
‫إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ ِإثْمٌ وَال َتج َّ‬
‫فَكَرِ ْهتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ َرحِيمٌ«‪ ، 3‬وبهذا يتضح مدى تكريم اهلل سبحانه وتعالى لإلنسان‬
‫ومراعاة لخصوصيته وكرامته‪.‬‬
‫حجْر النبي صلى اهلل عليه وسلم ومع رسول‬
‫كما جاء في الحديث النبوي أن رجال إطلًع من ِ‬
‫اهلل مدرٌ يحُكُّ به رأسه فلما رآه صلى اهلل عليه وسلم قال « لو أعلم أنه يُبصرني لطعنت به في عينه‬
‫إنما جعل اإلستئذان من أجل النظر»‪ ،4‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم أيضا « أياكم والظن‪ ،‬فإن الظن‬
‫أكذب الحديث‪ ،‬وال تجسسوا وال تحاسدوا‪ ،‬وال تباغضوا وكونوا عباد اهلل إخوانا»‪ ،‬في هذه األحاديث‬
‫نهي عن االغتياب والتجسس على الغير وتتبع عوراته‪ ،‬وحث على صيانة أسرار وخصوصية‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن منظر‪ ،‬قاموس العرب‪ ،‬مطبعة بيروت‪.323 ،9191 ،‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Dictionnaire français : « Larousse », vie privée,‬‬ ‫تاريخ االطالع ‪http://www.larousse.fr/.‬‬
‫‪.2193/19/94‬‬
‫‪ 3‬القرآن الكريم‪ ،‬اآلية ‪ 92‬من سورة الحجرات‪.‬‬
‫‪ 4‬محمد بن اسماعيل البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬مراجعة الشيخ محمد علي القطب والشيخ هشام البخاري‪ ،‬كتاب الديات‪ ،‬الحديث رقم ‪،9119‬‬
‫المكتبة العصرية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.9221‬‬

‫‪4‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫اإلنسان الذي ال يتمتع بالكرامة اإلنسانية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بحياته الخاصة ال يقدر‬
‫على اإلبداع واإلبتكار‪ ،‬ويتحول إلى آلة صماء عاجزة عن أداء مهمتها‪ ،‬هذا ما فعلته اإلديولوجية‬
‫الماركسية‪ ،‬حيث جعلت اإلنسان آلة غير مبدعة وحياته الخاصة تكاد تذوب في حياة المجتمع‪ ،‬حيث‬
‫اقتضى المذهب الماركسي إنكار حياة الفرد الخاصة وإذابتها في الحياة العامة‪.‬‬
‫نظرا ألهمية الحياة الخاصة وارتباطها الوثيق بكرامة اإلنسان‪ ،‬ومدى تأثيرها على قدرة‬
‫اإلنسان على اإلبداع واال بتكار ونظرا لخطورة التعديات عليها وتطورها‪ ،‬كان لزاما وضروريا‬
‫إيجاد وسائل لحماية الحياة الخاصة وتفعيلها‪.‬‬
‫إذا كانت الحياة الخاصة موضوعا لإلهتمام منذ القدم‪ ،‬فإن هذا اإلهتمام قد تزايد في‬
‫المجتمعات الحديثة‪ ،‬إذ شغل موضوع الحق في الحياة الخاصة حيزا هاما على الصعيد القانوني‪،‬‬
‫فانشغل به الفقه والقضاء في الدول الحديثة بغية توفير الحماية الالزمة له‪ ،‬وتدخل المشرع لتكريس‬
‫هذه الحماية سواء على الصعيد الدولي أو المحلي‪ ،‬حيث كفلت كافة المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫واالتفاقيات الدولية‪ ،‬والدساتير في معظم بلدان العالم الحماية لهذا الحق‪.‬‬
‫بها لإلنسان منذ القدم‪ ،‬إذ من حق االنسان‬ ‫الحق في الحياة الخاصة هو من الحقوق المعتر‬
‫أن تكون له دائرة من السرية يترك فيها وشأنه دون أي تدخل من الغير‪ ،‬وفي سبيل ذلك سعى‬
‫اإلعالن العالمي الصادر سنة ‪ 9141‬إلى حماية هذا الحق في المادة ‪ 92‬منه بنصها «ال يجوز‬
‫تعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة يمس شرفه وسمعته‪ ،‬ولكل شخص في أن يحميه‬
‫القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحمالت»‪.‬‬
‫تكرست حماية الحق في الحياة الخاصة أيضا عبر العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‬
‫الصادر سنة ‪ ،9199‬حيث نصت المادة ‪ 91‬منه على أنه «ال يجوز التدخل بشكل تعسفي أو غير‬
‫قانوني بخصوصيات أحد أو بعائلته أو بيته أو مراسالته‪ ،‬كما ال يجوز التعرض بشكل غير قانوني‬
‫لشرفه أو سمعته‪ ،‬ولكل شخص الحق في حماية القانون ضد التدخل أو التعرض »‪.‬‬
‫صاحب التطور التكنولوجي الحديث تهديدا خطيرا للعديد من عناصر الحياة الخاصة‬
‫كالمكالمات الهاتفية والمراسالت والمعلومات والبيانات الشخصية‪ ،‬مما ساهم في انعقاد العديد من‬
‫المؤتمرات الدولية والمحلية لبحث انعكاسات التقدم العلمي والتكنولوجي على الحق في الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬ووضع قيود على هذه اإلستخدامات بشكل يكفل حمايته‪ ،‬ومن بينها مؤتمر أثينا لحماية‬
‫حقوق اإلنسان سنة ‪ 9133‬والذي وجه فيه المؤتمرون انتقاداً شديداً الستعمال الميكروفونات‬
‫والتنصت للحصول على األدلة بمسائل اإلثبات ووصفت بأنها معلومات ال تحظى باالحترام‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كما لفت مؤتمر مونتريال بكندا المنعقد سنة ‪ 9191‬اإلنتباه إلى مخاطر األجهزة التقنية‬
‫الحديثة وأثرها السلبي على الحياة الخاصة لألفراد‪ ،‬وعقدت من جهتها منظمة األمم المتحدة للتربية‬
‫والعلوم والثقافة مؤتمرا بالعاصمة الفرنسية باريس سنة ‪ 9111‬حثت فيه على عدم التعرض‬
‫لخصوصيات األفراد‪.‬‬
‫نظمت أيضا مؤخرا كلية القانون الكويتية العالمية مؤتمرا دوليا حول التحديات المستجدة للحق‬
‫في الخصوصية في الفترة الممتدة ما بين ‪ 93‬و ‪ 99‬فيفري ‪ ،2193‬أين تم تسليط الضوء على‬
‫الحق في الخصوصية في مواجهة التشريعات الوطنية وحماية الحياة الخاصة للعامل في قانون‬
‫العمل‪ ،‬أمام انعدام أي نص قانوني عمالي يحمي الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطات‬
‫المستخدم‪ ،‬كما تم التعرض أيضا إلى مسألة الحوكمة في المؤسسات اإلقتصادية وتأثيرها على الحق‬
‫في الخصوصية‪ ،‬وتم بحث مدى حق العامل في حرمة حياته الخاصة في أماكن العمل‪.‬‬
‫تم أيضا خالل الفترة الممتدة من ‪ 91‬إلى ‪ 21‬أكتوبر ‪ 2199‬في مراكش بالمملكة المغربية‬
‫عقد المؤتمر الدولي لمفوضي حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية الذي تطرق لعدة محاور‬
‫كان أهمها حماية الحياة الخاصة والبيانات الشخصية كمحرك للتنمية المستدامة‪ ،‬وبحث تأثير‬
‫اإلبتكار العلمي والتكنولوجي على الحياة الخاصة‪.‬‬
‫إن التقدم العلمي والتكنولوجي في أجهزة االلكترونية في تزايد مستمر في كل المجاالت التي‬
‫تتدخل فيها لتلعب دورا في التوغل في الحياة الخاصة‪ ،‬وعلى األخص في مجال المراقبة البصرية‬
‫والسمعية‪ ،‬وكذا في مجال تجميع المعلومات وتخزينها بواسطة أحدث وأخطر ما توصل إليه العلم‪،‬‬
‫وأنواع األجهزة من حيث التقاط الصور‬ ‫فأصبح انتهاك الحياة الخاصة في كل المجاالت بمختل‬
‫في المعلومات والصور‪.‬‬ ‫ونقلها والتسمع والتسجيل‪ ،‬بل حتى إلى التحري‬
‫اهتمت غالبية النظم القانونية المقارنة بحماية الحياة الخاصة في البداية بواسطة القانون‬
‫الم دني‪ ،‬ويعد القانون الفرنسي أبرز نظام مقارن نظم حماية نوعية مباشرة للحياة الخاصة إلى جانب‬
‫الحماية غير المباشرة المنصوص عليها في نصوص القانون المدني والجزائي على حد السواء‪،‬‬
‫وهو النظام الذي أخذ عنه المشرع المصري‪ ،‬واقتبس منه المشرع الجزائري حين اعتمدا الحماية‬
‫غير المباشرة لهذا الحق من خالل نصوص القانون المدني والجزائي‪.‬‬
‫كما كانت مساهمة القضاء الفرنسي فعالة في ردع كل مساس بحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬حيث أن‬
‫أغلب دعاوى المسؤولية المدنية المتعلقة بحماية الحياة الخاصة في السابق ترتكز على االجتهاد‬
‫القضائي إلى غاية صدور قانون ‪ 91‬جويلية ‪ 9111‬المتعلق بتدعيم حقوق المواطينن‪ ،‬الذي اعتر‬

‫‪9‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المشرع الفرنسي من خالله بحماية نوعية لها‪ ،‬حيث أصبحت الفقرة األولى من المادة التاسعة من‬
‫القانون المدني الفرنسي تنص على أنه «لكل فرد الحق في احترام حياته الخاصة »‪.‬‬
‫بدوره التشريع المصري أقر حماية قانونية للحياة الخاصة من خالل إدارجه سنة ‪ 9119‬إلى‬
‫جانب المواد التقليدية في قانون العقوبات مواد أخرى تسعى إلى حماية الحقوق اللصيقة بالشخصية‪،‬‬
‫لعل أهمها المادتين ‪ 311‬مكرر و ‪ 311‬مكرر‪ 9‬التي تضمنتا حماية الحياة الخاصة عند التقاط‬
‫صورة‪ ،‬أواستراق السمع أو تسجيل أو نقل لمحادثات جرت في مكان خاص‪ ،‬أو التقاط أو نقل‬
‫صورة شخص في مكان خاص عن طريق أي جهاز من األجهزة‪ ،‬كما شددت على معاقبة كل‬
‫في استعمال سلطة وظيفته‪.‬‬ ‫عام يرتكب األفعال المذكورة استنادا إلى اإلنحرا‬ ‫موظ‬
‫أما التشريع الجزائري فقد أولى الحق في الحياة الخاصة أهمية بالغة‪ ،‬وأضفى عليه نوعا من‬
‫القدسية‪ ،‬وذلك من خالل النص عليه عبر كافة الدساتير المتعاقبة‪ ،‬بداية بدستور ‪ 9193‬والذي نص‬
‫في المادة ‪ 94‬منه على أنه «ال يجوز اإلعتداء على حرمة المسكن‪ ،‬ويضمن حفظ سر المراسلة‬
‫بذلك صراحة من خالل المادة ‪ 41‬التي جاء‬ ‫لجميع المواطنين»‪ ،‬ثم جاء دستور ‪ 9119‬ليعتر‬
‫نصها « ال يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة وال شرفه‪ ،‬والقانون يصونها وسرية‬
‫المراسالت والمواصالت الخاصة بكل أشكالها مضمونة»‪ ،‬وهو نفس المعنى والسياق التي داولته‬
‫الدساتير الالحقة‪ ،‬كما ورد تعديل المادة ‪ 34‬من دستور ‪ 9119‬في نفس السياق‪ ،‬وبعد أن كانت‬
‫بدني أو معنوي‬ ‫الدولة تضمن تحت إطار الحياة الخاصة عدم انتهاك حرمة االنسان ضد أي عن‬
‫المشرع عبارة أو "أي مساس بالكرامة"‪.‬‬ ‫أضا‬
‫تجسد حرص المشرع الجزائري في إقرار الحق في الحياة الخاصة وتوفير الحماية الفعالة له‬
‫من خالل المادة‬ ‫من خالل النصوص القانونية الجديدة‪ ،‬بداية بقانون العقوبات ‪ 23/19‬الذي اعتر‬
‫‪ 313‬مكرر بأهم مظهرين يقوم عليهما وهما الحديث والصورة وحدد اشكال االعتداء عليهما‬
‫التعديل الجديد لقانون اإلجراءات الجزائية ‪ 22/19‬الحاالت التي‬ ‫والعقوبات المقررة لذلك‪ ،‬وأضا‬
‫تقتضي المساس بهذا الحق وقيود ممارسته كاعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط‬
‫الصور‪ ،‬وكذا شرعية مراقبة المكالمات واألحاديث الخاصة‪.‬‬
‫ال يحتوي القانون المدني الجزائري على أي نص صريح وخاص يحمي الحياة الخاصة‪ ،‬حيث‬
‫أورد المشرع الجزائري نصا عاما مطابقا في الصياغة اللفظية للنص المدني المصري المتمثل في‬
‫المادة ‪ 31‬من القانون المدني المصري بشأن حماية الحقوق اللصيقة بالشخصية‪ ،‬إذ نصت المادة ‪41‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه «لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة‬
‫هذا اإلعتداء والتعويض عما قد يلحقه من ضرر»‪.‬‬ ‫لشخصيته أن يطلب وق‬

‫‪1‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لعل أول خطوة خطاها المشرع الجزائري في اتجاه إقراره الحماية للحياة الخاصة في مجال‬
‫العمل والتشغيل كانت سنة ‪ 2114‬من خالل تجريمه إفشاء المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة‬
‫لطالبي العمل أثناء إصداره للقانون المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫‪ 21‬من هذا القانون على أنه «يعرض إفشاء المعلومات الشخصية التي تمس الحياة الخاصة لطالب‬
‫دينار دج »‪.9‬‬ ‫دج إلى ‪ 911‬أل‬ ‫التشغيل مرتكبه لغرامة من ‪ 31‬أل‬
‫أمام عدم تعرض قانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل لحماية الحياة الخاصة لطالبي العمل‪،‬‬
‫يتضح أن مشروع قانون العمل الجزائري الجديد من خالل نص المادة ‪ 313‬منه قد ألزم وكاالت‬
‫التشغيل المعنية بمعالجة المعلومات الشخصية لطالبي العمل بضرورة احترام حياتهم الخاصة‪،‬‬
‫واتخاذ جميع التدابير الالزمة لحماية بياناتهم الشخصية‪ ،‬واشترط أن تتعلق المعومات المطلوبة‬
‫مبلغ‬ ‫بالمؤهالت واإلعتبا رات المهنية لطالبي العمل‪ ،‬ونص في المادة ‪ 419‬منه على تضعي‬
‫دج لمن يقوم بإفشاء المعلومات الشخصية التي تمس الحياة‬ ‫دج إلى ‪ 211‬أل‬ ‫الغرامة من ‪ 911‬أل‬
‫الخاصة لطالب الشغل‪.‬‬
‫إذا كانت هذه المادة قد نصت على احترام الحياة الخاصة‪ ،‬فإن حمايتها جاءت قاصرة على‬
‫طالبي الشغل الذين يمرون عبر وكاالت التشغيل‪ ،‬أما إذا تعلق األمر بالعامل أو بمن يطلب الشغل‬
‫مباشرة من صاحب العمل فال تنطبق عليه هذه المادة‪ ،‬كما أقر هذا المشروع أيضا الحماية من‬
‫التحرش الجنسي في أماكن العمل في المادة ‪ 92‬والمواد من ‪ 39‬إلى ‪.31‬‬
‫إذا كانت الح ياة الخاصة لإلنسان مهددة على هذا النحو‪ ،‬فإنَ حياة العامل تصبح أكثر عرضة‬
‫لإلنتهاك‪ ،‬وذلك باعتباره فردا من أفراد المجتمع من جهة‪ ،‬وباعتباره عامال يرتبط بعقد عمل وعالقة‬
‫تبعية تجعله تابعا لصاحب العمل من جهة ثانية‪ ،‬مما يجعل لهذا األخير الحق في رقابة نشاطه‬
‫به‪ ،‬تلك المراقبة التي قد يبالغ فيها صاحب العمل فينتهك بدلك حرمة الحياة‬ ‫وتنفيذه للعمل المكل‬
‫الخاصة للعامل‪ ،‬سواء داخل المؤسسة أو خارجها‪ ،‬عبر تقنيات ووسائل متنوعة األشكال والصور‪،‬‬
‫ومما يزيد األمر خطورة هو دقة هذه المعدات وصغر حجمها‪ ،‬مما يتيح إمكانية التصوير والتسجيل‬
‫بطريقة سريعة وخفية تماما‪ ،‬ال تخطر على بال الشخص المراقب‪.‬‬
‫كان للقضاء الفرنسي دور بارز في إقرار الحماية للحياة الخاصة للعامل من خالل قرار‬
‫" ‪ "Nikon‬الصادر بتاريخ ‪ 2‬أكتوبر ‪ 2119‬عن محكمة النقض الفرنسية أقرت فيه بأنه يحق للعامل‬

‫‪ 9‬قانون رقم ‪ 91-14‬المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ ،2114‬المتعلق بتنصيب الع َمال ومراقبة التشغَيل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،13‬الصادرة في‬
‫تاريخ ‪.2114/92/29‬‬

‫‪1‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حتى في وقت ومكان العمل احت رام حياته الخاصة‪ ،‬وتوالت بعد ذلك العديد من القضايا المدعمة‬
‫لكثير من عناصر الحياة الخاصة للعامل للتي تم انتهاكها من قبل صاحب العمل‪.‬‬
‫استقرَ القضاء الفرنسي على وجوب الفصل التام بين الحياة المهنية والحياة الخاصة للعامل‪،‬‬
‫وقد أقر أن كل تسريح للعامل له اتصال بحياته الخاصة يعد تعسفيا‪ ،‬كما أقر بأنَ العامل رغم‬
‫وجوده في مكان ووقت العمل‪ ،‬إال أنه يحتفظ بذاته كإنسان وبقدر من الخصوصية التي تالزمه في‬
‫حتى مكان العمل‪.‬‬
‫القضاء الفرنسي كان متأرجحا بشأن ممارسة الحرية الدينية للعامل داخل‬ ‫غير أنَ موق‬
‫المؤسسة بين المعارضة تارة والتأييد تارة أخرى‪ ،‬سواء بالنسبة الرتداء الزي الديني كالحجاب‬
‫االسالمي داخل أماكن العمل‪ ،‬أو من خالل تالزم أوقات الصالة مع أوقات العمل‪ ،‬في حين كان‬
‫للقضاء المغربي دور في حماية المعتقدات الدينية باعتبارها أهم عناصر الحق في الحياة الخاصة‪.‬‬
‫يعد مو ضوع حماية الحياة الخاصة للعامل من أهم الموضوعات التي تستحق الدراسة‪ ،‬لما له‬
‫من ارتباط بمسألتي السرية والحرية‪ ،‬وتأثير ممارسته على الحياة المهنية للعامل‪ ،‬واحتماالت تأثرها‬
‫الحماية المقرره للعامل‬ ‫سلبا بأمور يفترض بقائها بعيدا عن الجانب المهني للعامل‪ ،‬ونظرا لضع‬
‫في هذا المجال‪ ،‬حيث يلجأ صاحب العمل إلى مبررات تجدها مصدرها في الحياة الخاصة للعامل‬
‫كسبب لتسريحه من العمل وإنهاء عقد عمله‪.‬‬
‫حيث تتسم عالقة العمل بفقدان لقدر محدد من حريته الشخصية يتمثل في ضرورة خضوعه‬
‫ورقابة‬ ‫المهني لصاحب العمل‪ ،‬فإذا كان عليه االستجابة لمقتضيات التبعية القانونية من إشرا‬
‫وتوجيه‪ ،‬فإنه في إطار هذه التبعية يلتزم بالتخلي عن حريته المطلقة بالقدر الالزم لتنفيذ التزاماته‬
‫العقدية‪ ،‬ومن هنا يتوجب حماية الحياة داخل اإلطار المهني وخارجه‪.‬‬
‫يعتبر اإلطار المهني للعامل محددا من حيث مكان وزمان العمل ومن حيث نوع العمل‬
‫به‪ ،‬الفاصل بين تعهداته المقيدة له في ظل عالقة عقدية قائمة‪ ،‬وتبقى مقتضيات مبدأ حسن‬ ‫المكل‬
‫النية بالنسبة للعامل التي تتطلب أن يكون تنفيذه اللتزاماته العقدية متفقا مع هذا المبدأ تفرز أبعادا‬
‫متميزة في مواجهته كالتزامه بالمحافظة على أسرار صاحب العمل خالل عالقة العمل كما يبقى‬
‫قائما كذلك بعد انقضائها‪ ،‬غير أن قدرة العامل على التمسك بحريته في وأسلوب ممارستها خارج‬
‫العمل ال ينبغي أن يصطدم بمبدأ حسن النية الذي يطبع التزاماته المهنية‪.‬‬
‫في ظل اإلطار المهني فقط المحدد بموجب عقد العمل يمكن إجبار العامل على تقبل القيود‬
‫التي يفرضها العقد‪ ،‬وأما في اإلطار غير المهني ورغم وجود عالقة عقدية قائمة فإن العامل‬

‫‪1‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يسترجع حريته بالكامل لممارسة حياته الخاصة‪ ،‬ذلك أن تعاقده يقيد من حريته في إطار حدود مكان‬
‫وزمان العمل وأداء العمل المتفق عليه‪ ،‬بل إن تأثر حياته المهنية بما يحدث خارج إطارها يعد‬
‫مساسا بشخصيته وحياته الخاصة‪ ،‬يتعين على العامل الخضوع لإلطار المهني ومقتضيات عقد‬
‫صاحب العمل ورقابته‪.‬‬ ‫العمل قبل الدخول فيه‪ ،‬وممارسة عمله تحت إشرا‬
‫أما في غير اإلطار المهني ينتهي التزام العامل بمفرداته زمانيا ومانيا ومن حيث العمل المنوط‬
‫حيالها بما يتفق مع توجهاته‬ ‫به‪ ،‬فيسترد حريته في التعامل مع مفردات حياته المختلفة‪ ،‬فيتصر‬
‫ومعتقداته وسلوكياته‪ ،‬وتظهر في هذا اإلطار غير المهني قدرته على ممارسة حياته الخاصة كيفما‬
‫يشاء‪ ،‬وأي تدخل من جانب صاحب العمل يعد تعطيال لحريته وكيفية ممارستها‪.‬‬
‫هذه الممارسات أيا كانت طبيعتها أو اإلطار الذي يمكن نسبتها إليه لتقييمها سلبا أو إيجابا تعني‬
‫ممارسة العامل لحريات غير محددة كفلها الدستور والقانون وكذلك المواثيق الدولية‪ ،‬وبالتالي يحق‬
‫له أن يحظى باحترام الغير لها وأن يفرض احترام حريته وكيفية ممارستها في حالة محاولة‬
‫للمساس بها‪.‬‬
‫غير أن الفصل بين الحياة المهنية والحياة غير المهنية للعامل وحرية ممارستهما ليس دائما‬
‫باألمر اليسير لعدة أسباب؛ لعل أهمها أن مثل هذا الفصل ليس واضحا وصارما على المستوى‬
‫الجماعي لألفراد وتعاملهم مع مسألة الحياة الخاصة و‬ ‫الفكري والثقافي‪ ،‬فيصعب الزعم بأن الموق‬
‫الحرية الفردية يتسم بالتوحد‪ ،‬كما أن مبدأ احترام الحياة الخاصة وحرية ممارستها ووضوح‬
‫الخطوط الحمراء التي ال يجوز تخطيها تعكس درجة من الوعي قد ال تتوافر لدى الجميع بذات‬
‫الدرجة‪.‬‬
‫إذا كنا ال نكاد نعثر بين أحكام القضاء االجتماعي الجزائري لما يشير إلى حماية الحياة‬
‫الخاصة للعامل عند تعارضها مع العمل الذي يزاوله‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن عالقة العمل لدينا ال‬
‫مثل هذه النزاعات‪ ،‬ذلك أن مثل هذا الفراغ ال يمكن تفسيره إال بتردد العمال في طرق باب‬ ‫تعر‬
‫القضاء عند المساس بحياتهم الخاصة‪ ،‬ذلك أن العامل حتى في حالة وعيه بحقوقه قد يتردد في‬
‫أي عامل عن‬ ‫الدفاع عنها‪ ،‬حيث أن خشية فقدان العمل بعد مشقة الحصول عليه كافية لصر‬
‫مقاضاة المستخدم والمطالبة بتطبيق القانون‪.‬‬
‫يرجع سبب اختياري لموضوع حماية الحياة الخاصة للعامل إلى األهمية البالغة التي يكتسيها‬
‫هذا الحق سيّما في اآلونة األخيرة في ظل اإلنتشار الواسع والمتطور للوسائل التكنولوجية الحديثة‬
‫التي تتسابق المؤسسات االقتصادية في االعتماد عليها في مراقبة العمال‪ ،‬والمنافسة الشرسة بين‬
‫في عالقة العمل في‬ ‫الضعي‬ ‫المؤسسات‪ ،‬وكذا ألهميته البالغة بالنسبة للعامل باعتباره الطر‬

‫‪91‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مواجهة صاحب العمل في ظل عصر اجتاحت فيه الوسائل التكنولوجية الحديثة أغلب المؤسسات‬
‫االقتصادية سواء العمومية أو الخاصة‪.‬‬
‫أمام انعدام الحماية القانونية المباشرة لهذا الحق في تشريع العمل الجزائري وال حتى في‬
‫النصوص التنظيمية الالحقة له‪ ،‬وتردد وخشية العمال من رفع أي دعاوى قضائية بخصوص انتهاك‬
‫في صفهم في مواجهة سلطات صاحب العمل‬ ‫حرمة حياة الخاصة لهم‪ ،‬النعدام أي نص قانوني يق‬
‫الذي قد يستغل هذه الثغرات القانونية للتمادي في انتهاك هذا الحق‪ ،‬كان ال بد من إقامة دراسة‬
‫مقارنة لهذا الحق‪ ،‬وما شد انتباهي إلى هذا الموضوع أيضا عدم التعرض له من قبل الفقهاء‬
‫معالجته الفقهية والقانونية والقضائية المقارنة‪ ،‬حيث تركز بعض األنظمة‬ ‫الجزائريين واختال‬
‫القانونية في إطار معالجته على تعداد العناصر التي يمكن اعتبارها مشكلة للحياة الخاصة‪ ،‬بينما‬
‫تركز أنظمة قانونية أخرى على صور وحاالت اإلعتداء على هذا الحق‪.‬‬
‫تمثلت صعوبات البحث في عدم وجود نصوص قانونية في تشريع العمل الجزائري تعنى‬
‫بحماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬وال حتى في التشريعات االجتماعية العربية‪ ،‬وكذا انعدام اجتهادات‬
‫القضائية في هذا المجال‪ ،‬وانعدام المراجع الخاصة في التشريع والقضاء والفقه الجزائر سوى‬
‫الدراسات والبحوث التي عالجت حماية الحياة الخاصة من الناحية المدنية والجزائية‪ ،‬كان ال بد من‬
‫تسليط الضوء عليه من خالل اإلستعانة بآراء فقهية وتطبيقات قضائية مقارنة‪ ،‬والتعرض ألهم ما‬
‫صدر في القانون والقضاء الفرنسيين في هذا المجال كونهما عالجا الموضوع بالتفصيل‪ ،‬واإلشارة‬
‫إلى الفقه والقضاء االنجلوساكسوني‪ ،‬وكذا للبحوث العربية في هذا المجال‪ ،‬وصوال إلى تحديد‬
‫المشرع الجزائري لحماية الحق في الحياة الخاصة باالستعانة بنصوص القانون المدني‬ ‫موق‬
‫والجزائي‪.‬‬
‫لموضوع حماية الحياة الخا صة للعامل أهمية بالغة في مجال الدراسات المقارنة‪ ،‬حيث حظي‬
‫الدول األجنبية شأن الدولة‬ ‫بدراسات عديدة من قبل الباحثين والدارسين في القانون في مختل‬
‫الفرنسية‪ ،‬حيث نجد العديد من المؤلفات واألطروحات والمذكرات والبحوث الفرنسية عالجت‬
‫بالتفصيل مسألة الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬إلى جانب الفقه المصري الذي سعى إلى‬
‫تسليط الضوء على هذا الموضوع‪ ،‬وإقامة دراسات مقارنة بين التشريع المصري والتشريع الفرنسي‬
‫في هذا المجال‪ ،‬ناهيك عن التشريع والقضاء والفقه المغربي الذي اهتم هو اآلخر ببحث مسالة‬
‫حماية حقوق الشخصية في قانون العمل‪.‬‬
‫يطرح هذا الموضوع بساط البحث على عدة أفكار‪ ،‬تم اختيار الحلول التي تساعد على توفير‬
‫هذه الدارسة أيضا إلى البحث عن‬ ‫حماية شاملة لهذا الحق وتطبيقها على أرض الواقع‪ ،‬وتهد‬

‫‪99‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الكيفيات التي يجب أن يتصدى لها القانون الوضعي للدفاع عن الحياة الخاصة بصفة عامة والحياة‬
‫الخاصة للعامل بصفة خاصة‪.‬‬
‫على الجوانب المختلفة للموضوع‪ ،‬يثير التساؤل حول رسم الحدود‪ ،‬والبحث عن‬ ‫إن التعر‬
‫الضمانات التي تفصل بين حق صاحب العمل في مراقبة تنفيذ العامل للعمل وحسن إدارة مؤسسته‬
‫على بعض جوانب الحياة الخاصة من جهة‪ ،‬وحق العامل‬ ‫الذي يستدعي في بعض األحيان الوقو‬
‫في الحفاظ على حياته الخاصة بعيدا عن تدخل صاحب العمل‪ ،‬وضمان عدم تأثير ذلك على حياته‬
‫المهنية من جهة أخرى‪.‬‬
‫يمكن تحقيق التوازن بين حق العامل‬ ‫إنطالقا مما تقدم فإنَ اإلشكالية الرئيسة تتمثل في‪ :‬كي‬
‫في حماية حياته الخاصة وبين سلطة صاحب العمل في المحافظة على مصالح مؤسسة؟ وهذه‬
‫اإلشكالية الرئيسية تتفرع عنها عدة أسئلة جزئية أخرى من بينها؛ إلى أي مدى تتأثر الحياة المهنية‬
‫للعامل بحياته الخاصة؟ ما هي مظاهر اإلعتداء على الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬وما هي الضمانات‬
‫القانونية الكفيلة بحمايتها؟‬
‫عناصر الموضوع‪ ،‬واإلجابة على اإلشكاليات المطروحة‪ ،‬فإن‬ ‫محاولة لإللمام بمختل‬
‫المنهج‬ ‫دراستنا للموضوع كانت باإلعتماد على المنهج الوصفي‪ ،‬وكذا المنهج التحليلي‪ ،‬مع توظي‬
‫المقارن‪ ،‬وذلك من خالل تحليل النصوص القانونية التي عالجت مسألة حماية الحياة الخاصة‬
‫األحكام القضائية ذات‬ ‫التشريعات الوضعية‪ ،‬والتطرق إلى مختل‬ ‫ل لعامل‪ ،‬بالمقارنة بين مختل‬
‫الصلة بالموضوع في التشريعات واإلجتهادات القضائية السباقة إليه‪ ،‬مع إعطاء قسط من الدراسة‬
‫في هذه المقارنة للشريعة اإلسالمية الغراء‪ ،‬فضال عن دراسة بعض آراء الفقه سواء بالتعليق‬
‫على أوجه القصور‪ ،‬ومدى فعالية النصوص القانونية في تحقيق الحماية المقررة‬ ‫أو النقد‪ ،‬للوقو‬
‫للحق محل الدراسة‪.‬‬
‫لذلك ارتأينا اعتماد خطة البحث في هذا الموضوع وفقا للتقسيم التالي؛ حيث تم تقسيم‬
‫الدراسة إلى بابين تعرضنا في الباب األول لحماية الحياة الخاصة للعامل خارج االطار المهني‪ ،‬فيما‬
‫خصصنا الباب الثاني لحماية الحياة الخاصة للعامل داخل االطار المهني‪.‬‬
‫يتضمن الباب األول من األطروحة دراسة الحماية غير المباشرة للحياة للعامل في الفصل‬
‫األول‪ ،‬وبحث الحماية المباشرة للحياة الخاصة للعامل في الفصل الثاني منه‪ ،‬أما الباب الثاني‬
‫المعنون بحماية الحياة الخاصة للعامل داخل االطار المهني‪ ،‬يحتوي هو اآلخر على فصلين‪ ،‬يتطرق‬
‫الفصل األول منه إلى صور حماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬أما الفصل الثاني منه فيتعرض إلى‬
‫ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الباب األول‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل خارج االطار المهني‬
‫ال يقِ ل الحق في الحياة الخاصة أهميةَ عن باقي حقوق اإلنسان األخرى‪ ،‬إذ يُعتبر هذا الحق‬
‫جوهر الحقوق والحريات التي تُشكِل اإلطار الذي يستطيع اإلنسان بداخله أن يمارس حقه في حرمة‬
‫حياته الخاصة‪ ،‬فالبد من توافر هذه الحقوق والحريات الشخصية بصفة عامة حتى يُمكن لإلنسان أن‬
‫يتمتع بعد ذلك بخصوصياته وأن يطالب بحماية حقه فيها‪.‬‬
‫إذا كان الحق في الحياة الخاصة وليد حاجة إنسانية تستوجب اإلحترام‪ ،‬وتستدعي حماية‬
‫القانون التي ينبغي أن تزداد وتتفاعل كلما زادت احتماالت التهديد الذي يتعرض له‪ ،‬فإنَ العامل‬
‫الحماية لحقوقه‪ ،‬سيَما تلك المتعلقة بحقه في احترام حياته الخاصة‪،‬‬ ‫يعاني بصورة خاصة من ضع‬
‫في ظل ما يمارس ضِده من تهديدٍ سواء من قبل أفراد المجتمع باعتباره أحد أفراده من جهة‪،‬‬
‫أوباعتباره عامالً يرتبط بعالقة تبعية تجعله تابعا لصاحب العمل من جهة ثانية‪ ،‬هذه العالقة التي‬
‫به‪ ،‬مما ينجر عنها المبالغة‬ ‫تفرض رقابة صاحب العامل لنشاط العامل ومدى تنفيذه للعمل المكل‬
‫في ممارسة هذه السلطة وانتهاك الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫إن التعارض الواضح بين حق صاحب العمل في ممارسة سلطاته قصد إدارة شؤون‬
‫مؤسسته‪ ،‬وبين حق العامل في احترام حياته الخاصة‪ ،‬يقتضي بنا بيان حدود حماية الحياة الخاصة‬
‫للعامل خارج اإلطار المكاني والزماني للعمل‪ ،‬على نحو يجعل صاحب العمل مسؤوال عن الحفاظ‬
‫على مصالح مؤسسته دون المساس بحرمة الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬وذلك من خالل تحديد مفهوم‬
‫الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬وضبط نقاط التقاطع بين الحياة الخاصة والحياة المهنية‪ ،‬وألجل ذلك سيتم‬
‫التطرق الى الحماية غير المباشرة للحياة الخاصة للعامل في (الفصل األول)‪ ،‬ودراسة الحماية‬
‫المباشرة للحياة الخاصة للعامل في (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفصل األول‬
‫الحماية غير المباشرة للحياة الخاصة للعامل‬
‫العادية على مشاركة‬ ‫ال يُمكن للعامل باعتباره كائناً اجتماعياً أن يبني حياته فى الظرو‬
‫الغير التامة فى سائر جوانب حياته في إطار ممارسته لعمله‪ ،‬فهو بحاجة لالختالء بنفسه‪ ،‬ويمثل هذا‬
‫اإلختِالء حاجة اجتماعية يتم تنظيمها دون تجاهل التركيب النفسي والفسيولوجي للعامل‪ ،‬ويصبح‬
‫بالحق فى الحياة الخاصة ضرورة إنسانية على جانب كبير من األهمية لصالح الحياة‬ ‫اإلعترا‬
‫االجتماعية ذاتها‪.‬‬
‫أمام غياب الحماية الكافية للحياة الخاصة للعامل قد يستغل صاحب العمل ممارسة سلطته في‬
‫المتابعة والرَقابة على العامل للتطفل على جوانب خاصة من حياته ال صلة لها بتنفيذ العمل‪ ،‬مما قد‬
‫يكون لها تأثير على عالقة العمل‪.‬‬
‫تقتضي طبيعة البحث في موضوع حماية الحياة الخاصة للعامل قبل التعرُض ألوجه‬
‫االعتداء على الحياة الخاصة للعامل خارج مكان وزمان العمل‪ ،‬والبحث عن الضمانات القانونية‬
‫التي تكفل حق صاحب العمل في مراقبة تنفيذ العامل للعمله‪ ،‬وحق العامل في الحفاظ على حياته‬
‫الخاصة بعيداً عن تدخل صاحب العمل‪ ،‬التطرق لماهية الحق في الحياة الخاصة وتحديد مضمونه‪،‬‬
‫هذه الفكرة من صعوبات‪ ،‬نظراً لما تتسِم به من مرونةٍ ونسبيةٍ وما يشوبها من غموض‬ ‫وما يكتنِ‬
‫النظم القانونية والفقه والقضاء حول تحديد مدلول هذا الحق‬ ‫وعدم التحديد‪ ،‬خاصة أمام اختال‬
‫وتبيان عناصره‪.‬‬
‫هذا ما استدعى البحث عن الحماية غير المباشرة للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬باعتبار أن المشرع‬
‫الجزائري لم ينظم حماية الحياة الخاصة للعامل بصفة مستقلة من جهة‪ ،‬كما أنه لم يتعرض إلى‬
‫حماية نوعية لهذا الحق من جهة أخرى بل أورد بعض العناصر المرتبطة به بصفة وثيقة‪ ،‬وهذا ما‬
‫سنحاول التطرق إليه من خالل تحديد ماهية الحياة الخاصة في (المبحث األول)‪ ،‬ثم التطرق إلى‬
‫اإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل في (المبحث الثاني)‪.‬‬
‫المبحث االول‬
‫مـاهيـة الحيـاة الخـاصـة للعـامـل‬
‫إنَ التقديم للحياة الخاصة وتحديد ماهيتها بين الحقوق والحريات‪ ،‬يقتضي اإلفصاح عن‬
‫عند أهم عناصرها‪ ،‬وإذا ما أفصحنا عن مفهومها وعناصرها‪ ،‬فإنَ الطريق‬ ‫مفهومها‪ ،‬والوقو‬
‫على المكانة التي كفلتها لها الوثائق الدستورية والقوانين الوضعية‪.‬‬ ‫حينئذ يكون مُمهدًا للتعرُ‬

‫‪94‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وعدم إيجاد تحديد عام لهذا‬ ‫استقر غالبية الفقه على صعوبة تعري‬
‫لفكرة‬ ‫المصطلح يتناسب واإلستعمال القانوني‪ ،‬ويتجنب القضاء غالبا هو اآلخر عن إعطاء تعري‬
‫غامضة الحدود والمعالم‪ ،‬ومن تم يكتفي بأن يبحث كل حالة على حده‪ ،‬محاوالً إيجاد العالج‬
‫المناسب والحماية الكاملة دون اإللتزام بأحكام وقواعد سابقة‪.‬‬
‫ترجع صعوبة بيان ماهية هذا الحق إلى أنَ التشريعات التي تضمنت حمايته لم تضع تعريفا‬
‫له‪ ،‬ولم يتفق الفقه على تحديد مدلوله مما زاد صعوبة ذلك‪ ،‬وقد تتداخل مسألة الحق في الحياة‬
‫الخاصة في أمور أخرى تتشابه معها‪ ،‬مما يعني أنها مرآة عاكسة لنواحي كثيرة من حياة االنسان‪.9‬‬
‫هذا‬ ‫ينجم عن تحديد مفهوم حق اإلنسان في حرمة حياته الخاصة مواجهة مشكلة تعري‬
‫الفقه والقضاء المقارن بصددها حتى أن اإلتجاه‬ ‫الحق‪ ،‬وهذه المسألة من أدق المسائل التي اختل‬
‫العام اآلن ينتهي إلى أن وضع تعريفاً محدداً لها ليس بذي أهمية‪ ،‬ويفضل أن يترك أمر هذا التحديد‬
‫والعادات والتقاليد التي توجد في كل مجتمع‪ ،‬وما قد يلحق بها من‬ ‫للقضاء يقضي به تبعا للظرو‬
‫تطور وتغيير‪.2‬‬
‫الزمان‬ ‫باختال‬ ‫إنَ الحق في الحياة الخاصة حق نسبي وما يدخل في نطاقه أمور تختل‬
‫والمكان والشعوب والمجال القانوني‪ ،‬على ضوء ما تقدم نقسم دراستنا في هذا المبحث إلى مطلبين‬
‫الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬فيما نتعرض في المطلب الثاني إلى‬ ‫نخصص المطلب األول لتعري‬
‫عناصر هذا الحق‪.‬‬
‫المطلب االول‬
‫تـعـــريــف الحـيــاة الخــاصــة‬
‫رغم أنَ كال من التشريعين الجزائري والفرنسي على غرار باقي التشريعات يتخذان من‬
‫الحياة الخاصة مرجعا لحماية حرمتها‪ ،‬فهما لم يعرفا مفهوم هذه العبارة ولم يحددا طبيعتها القانونية‪،‬‬
‫ومن خالل اإلطالع على القانون الجزائري الصادر في ‪ 23‬ديسمبر ‪ 2114‬المتعلق بتنصيب العمَال‬
‫ومراقبة التشغَيل‪ ،3‬يتضح أنه قد أدخل في التشريع عبارة "الحياة الخاصة"‪ ،‬لكنه لم يعط أي تعري‬

‫‪9‬‬
‫‪RAVANAS (J), La protection des personnes contre la réalisation et la publication de leur image, LGDJ,‬‬
‫‪Paris, 1918, p 128 et suite.‬‬
‫‪2‬‬
‫يوسف أحمد علي السيد علي‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬دار النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،9113 ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ 3‬قانون رقم ‪ 91-14‬المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ ،2114‬المتعلق بتنصيب الع َمال ومراقبة التشغَيل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،13‬الصادرة في‬
‫تاريخ ‪.2114/92/29‬‬

‫‪93‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫على أي مدلول لها في مناقشات أعضاء البرلمان الجزائري بغرفتيه‪ ،‬ويرجع هذا‬ ‫لها‪ ،‬كما ال نق‬
‫السكوت إلى الطبيعة المعقدة لهذه العبارة‪.9‬‬
‫لعبارة الحياة الخاصة من خالل‬ ‫يعتبر القانون الفرنسي السبّاق إلى السُكوت عن وضع تعري‬
‫النص عليها في المادة ‪ 33‬من قانون ‪21‬جويلية ‪ 9119‬المتعلق بحرية الصحافة‪ ،‬عندما نصّ على‬
‫عدم قبول الدليل إلثبات صحة الوقائع التي تعني الحياة الخاصة‪.2‬‬
‫كما أنه بالرجوع إلى األعمال التحضيرية للصياغة األولى لقانون العقوبات الفرنسي رقم ‪-11‬‬
‫‪ 943‬المؤرخ في ‪ 91‬جولية ‪ ،3 9111‬عندما أورد النص على حماية حرمة الحياة الخاصة في‬
‫المادة ‪ 391‬وما يليها‪ ،‬نرى أنَ النواب قد استعملوا مصطلح‪" :‬الحياة الخاصة" دون أن يعطوه تعريفاً‬
‫تشريعي لمفهوم الحياة الخاصة‪.‬‬ ‫واضحاً‪ ،4‬بل أنّهم لم يشيروا حتى إلى مسألة غياب تعري‬
‫الحياة الخاصة إلى‬ ‫يرجع سبب عدم تركيز أعضاء البرلمان الفرنسي على موضوع تعري‬
‫"المكان الخاص"لما أولوه له من أهمية آنذاك‪ ،‬وأمام هذا‬ ‫انشغالهم بالدرجة األولى بمسألة تعري‬
‫الحياة الخاصة‪ ،‬يكون من الضروري اللجوء إلى كل من الفقه والقضاء‬ ‫الفراغ التشريعي لتعري‬
‫لدراسة اإلقتراحات التي وضعاها من أجل تحديد هذه العبارة المعقدة‪.‬‬
‫الفرع االول‬
‫التعريفات الفقهية للحياة الخاصة‬
‫الحق‪ 3‬ذاته‪،‬‬ ‫الحق في الحياة الخاصة مثلما اختلفوا في تعري‬ ‫الفقهاء في تعري‬ ‫اختل‬
‫وامتنع أغلب المشرعون عن تعريفه مثل المشرع الفرنسي‪ ،‬وسايره في ذلك كل من المشرع‬
‫هذا الحق من أدق األمور التي تثير الجدل في الفقه‬ ‫المصري والجزائري‪ ،9‬و ال يزال تعري‬
‫األقطار‬ ‫باختال‬ ‫والقانون المقارن‪ ،‬بحكم مرونة وعدم ثبات فكرة الحياة الخاصة‪ ،‬إذ أنها ال تختل‬
‫األفراد أنفسهم بحسب أعمارهم وشخصياتهم‪.‬‬ ‫فحسب‪ ،‬بل باختال‬

‫‪ 9‬موقع المجلس الشعبي الوطني‪ ،www.apn.dz :‬وموقع مجلس األمة ‪ ،www.majlisseloumma.dz :‬تـاريخ اإلطالع‪:‬‬
‫‪.2012 /11/ 21‬‬
‫‪ 2‬نويري عبد العزيز‪ ،‬الحماية الجزائية للحياة الخاصة‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫جامعة باتنة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2199-2191‬ص ‪.32‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Loi n° 70-643 du 17 juillet 1970 tendant à renforcer la garantie des droits individuels des citoyens, J.O 19‬‬
‫‪Juillet 1970.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Ass, Nat, Française, Session ordinaire 1986-1970, p 11.‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬أصول القانون ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،9111،‬ص ‪ ، 31‬أيضا نبيل سعد‪ ،‬المدخل إلى‬
‫القانون‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،2111 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ 9‬تفاصيل هذا الموضوع في المبحث الثاني من هذا الباب الخاص باإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫محدد للحق في الحياة الخاصة ال‬ ‫تجدر اإلشارة أن الصعوبات التي تحول دون وضع تعري‬
‫تمنع من أن نلمس بعض األسس التي يمكن اإلعتماد عليها في تحديد المقصود من هذا الحق من‬
‫جهة‪ ،‬وإيجاد طريق فاصل بين فكرة حرمة الحياة الخاصة واألمور المتشابهة معها من جهة أخرى‬
‫للوصول إلى تحديد هذا الحق‪ ،‬وبدورها التشريعات التي نصت صراحة على الحق في الحياة‬
‫له تاركة بذلك المجال أمام الفقه لمحاولة تحديد مدلول هذا الحق‪،‬‬ ‫الخاصة‪ ،‬لم تقم بإعطاء تعري‬
‫وظهر بهذا الصدد اتجهان رئيسيان أحدهما يضع تعريفاً سلبياً‪ ،‬واآلخر يرتكز على التعري‬
‫اإليجابي للحياة الخاصة‪.‬‬
‫السلبي للحياة الخاصة‬ ‫أوال‪ :‬التعري‬
‫الحياة‬ ‫الحياة الخاصة بطريقة سلبية‪ ،‬وذلك من خالل تعري‬ ‫لجأ فريق من الفقه إلى تعري‬
‫العامة وتحديد نطاقها‪ ،‬من رواده الفقهاء ( ‪ BADINTER‬و ‪ ،) MARTIN‬وفقاً لهذا اإلتجاه فإنّ الحياة‬
‫الخاصة هي كل ما ال يعدُ من قبيلِ الحياة العامة‪ ،9‬وبالتالي يكون الحق في الحياة الخاصة هو الحق‬
‫في الحياة غير العلنية أو غير العامة‪.2‬‬
‫السلبي يعطي األولوية للحياة الخاصة ويحرص على حمايتها من التطفل‪ ،‬فال‬ ‫هذا التعري‬
‫يسمح للغير باإلطالع سوى على الجانب العام من حياتـه وبصفـة استثنائية فـقط‪ ،3‬ممّا يـفيد أنَ‬
‫األصل هو حظر المساس بالحياة الخاصة‪ ،‬وال يسمح إالَ بالتعرض للحياة العامة‪.4‬‬
‫الدول لبيان ماهية الحياة‬ ‫السلبي ونظراً لعدم تعرُض المشرعين في مختل‬ ‫طبقاً للتعري‬
‫الخاصة‪ ،‬تقتضي الضرورة التطرق لها بطريقة عكسية للوصول للحد الفاصل بين الحياة العامة‬
‫االتجاهات الفقهية التي حاولت وضع‬ ‫والحياة الخاصة‪ ،‬وفي هذا الصدد البد من التعرض لمختل‬
‫معايير يتم على ضوئها الفصل بين النوعين من الحياة وأهمها معيار المكان‪ ،‬و معيار مضمون‬
‫الحياة العامة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪BADINTER (R), Le droit au respect de la vie privée , J.C.P ,France, 1968, p12, et « La protection de la vie‬‬
‫‪privée contre l’écoute électronique clandestine », J.C.P, France, 1971, p435.‬‬
‫‪ 2‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬حق الخصوصية في القانون الجنائي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الموسوعة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،2119‬ص ‪.932‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MARTIN (L), Le secret de la vie privée, RTD, Civ,France,9113, p 229.‬‬
‫‪ 4‬سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن‪ ،‬حق االنسان في حرمة مراسالته واتصاالته الهاتفية الخاصة في النظام الجنائي‬
‫السعودي‪ ،‬رسالة ماجيستر تخصص سياسة جنائية‪ ،‬كليات الدراسات العليا‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،2113 ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪91‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -1‬معيار المكان‬
‫حسب هذا اإلتجاه‪ ،‬تتحدد دائرة الحياة العامة للشخص باتصاله باآلخرين في المجتمع لعدة‬
‫المجاالت االقتصادية‬ ‫أسباب‪ ،‬لعلَ أهمها يتمثل في نشاطه المهني العام تجاه المجتمع في مختل‬
‫أو االجتماعية أو السياسية‪ ،‬وأيضا شهرته أو نشاطه المهني الخاص كأن يكون مطربا مشهورا‬
‫أو رساما معروفا أو عالما قديرا‪ ،‬كما قد يتهم الشخص أو يحكم عليه في قضية جنائية مما يؤدي‬
‫عن حياته الخاصة وتعريضها لتطفل اآلخرين‪.‬‬ ‫إلى الكش‬
‫في هذه الحاالت كلها‪ ،‬طالما أنَ اإلنسان يتصل بالغير في ممارسة نشاطاته العامة المختلفة في‬
‫مكان تكون فيه حياته مكشوفة للغير‪ ،‬فال يجوز أن يتضرر من نشر هذا الجانب من حياته‪ ،‬ألنه‬
‫يدخل في نطاق حياته العامة وليس الخاصة‪.9‬‬
‫الحياة العامة حسب هذا اإلتجاه هي تلك الحياة التي يمارسها الفرد وهو خارج منزله‪ ،‬سواء‬
‫كان في حياته مع المجتمع‪ ،‬أو تلك التي يمارسها في المهنة أو العمل‪ ،‬وذلك ألن النشاط العام للفرد‬
‫أحد رواد هذا المذهب وهو الفقيه (‪)MARTIN‬‬ ‫يجري في العادة خارج األماكن الخاصة‪ ،2‬وعر‬
‫الحياة العامة على أنها «الحياة االجتماعية للشخص والتي بمناسبتها يدخل عادة في عالقات مع غيره‬
‫من الناس‪ ،‬فهي حياته الخارجية أي خارج باب منزله»‪ ،3‬ويدخل ضمن هذا المفهوم النشاط العلني‬
‫المهني والحرفي و الوظيفي للشخص‪.‬‬
‫أثبت الواقع العلمي رغم دقة ووضوح هذا المعيار الى عدم إمكانية األخذ به بصفة مطلقة‪،‬‬
‫ألنه يبقى مرناً وغير محدَد‪ ،‬فعلى سبيل المثال لو أخذنا بهذا المعيار فإن حماية القانون ال تمتد الى‬
‫األحاديث الخاصة التي يتم إجراؤها في األماكن العامة‪.‬‬
‫المحكمة الفيدرالية األمريكية قد عدلت عن األخذ بهذا المعيار منذ عام ‪ ،9194‬إذ قضت بأنّ‬
‫الحماية الدستورية تنطبق على الحديث الشخصي بغضِ النظر عن المكان الذي جرى فيه الحديث‪،‬‬
‫أمَا في فرنسا فقد قًضي باعتبار الحديث خاصاً حتى ولو جرى في مكان عام‪ ،4‬أمام صعوبة األخذ‬
‫شامل للحياة العامة استناداً إلى معيار معين‪ ،‬بل‬ ‫بهذه المعايير‪ ،‬امتنع البعض عن وضع تعري‬
‫ينظر إلى هذه الحياة من خالل ما تحتويه من عناصر أي مضمونها‪.‬‬

‫‪ 9‬صفية بشاتن‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص القانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪ ، 2192 ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 2‬سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.39‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MARTIN (L), op.cit, p 230.‬‬
‫‪ 4‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية المدنية‪ ،‬دار الجامعة للنشر‬
‫اإلسكندرية‪ 2113 ،‬ص ‪ 43‬و ‪.44‬‬

‫‪91‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -2‬معيار مضمون الحياة العامة‬


‫يرى هذا اإلتجاه الفقهي أن الحياة العامة يتم تحديدها وفقا ما تتضمنه من عناصر‪ ،‬وإخراج ما‬
‫عادا الحياة العامة واعتباره من قبيل الحياة الخاصة‪ ،‬فيعرون الحياة العامة بأنها «الحياة اإلجتماعية‬
‫للفرد والتي بمقتضاها يكون على اتصال دائم بأقرانه‪ ،‬كالحياة المهنية والحياة اليومية وباختصار هي‬
‫الحياة الخارجية لإلنسان»‪ ،9‬وعليه يمكن تحديد عناصر الحياة العامة على أساس النشاط المهني‪،‬‬
‫وأوقات الفراغ‪ ،‬ومن خالل التعامل مع السلطات العامة‪.‬‬
‫‪ -1-2‬النشاط المهني‬
‫يعتبر إتجاه من الفقه النشاط المهني جزءا هاما من الحياة العامة للشخص‪ ،‬خاصة بالنسبة لفئة‬
‫أصحابها إلى الحصول على إقبال الجمهور والعمالء كمهنة التعليم والطب‬ ‫المهن التي يهد‬
‫والمحاماة إلى غير ذلك من المهن‪ ،‬التي يمارس أصحابها نشاطاً يخرج عن دائرة الحياة الخاصة‪،‬‬
‫فيعتبر من الحياة العامة النشاط الحرفي والوظيفي في الحدود التي تقتضي الدخول في عالقة مع‬
‫العمالء‪.2‬‬
‫يُحدد بعض الفقهاء مضمون الحياة العامة على معيار اتصال نشاط الشخص بالطابع العام‪ ،‬في‬
‫حين يحدد البعض اآلخر من الفقه مضمونها بمعيار درجة الشهرة التي يتمتع بها الشخص المعني‪،‬‬
‫ُيبرر أنصار هذا اإلتجاه الفقهي اعتبار الحياة المهنية من صميم الحياة العامة على أساس أنّ‬
‫أصحاب هذه المهن يبحثون عن ثِقة الجمهور‪ ،‬التي تتطلب التدخل في حياتهم المهنية وحياتهم‬
‫القضاء الفرنسي الذي اعتبر الحياة المهنية من عناصر الحياة‬ ‫الخاصة‪ ،‬مستندين على موق‬
‫العامة‪.3‬‬
‫ال شك أن الحياة العامة تخضع لقواعد مختلفة عن تلك التي تحكم الحياة الخاصة‪ ،‬إذ تتحدد‬
‫بمعيارين؛ يتمثل المعيار األول في مدى ارتباط الحياة الخاصة للشَخص بالمصلحة العامة للجماعة‬
‫التي يعيش فيها‪ ،‬وتطبيقا لهذا المبدأ قضت المحكمة اإلبتدائية الفرنسية نانسي بأنَه "ليس لمُقدم أحد‬
‫البرامج التَليفزيونية أن يعترِ ض على تصويره بواسطة الصَحافة المحلية وهو يمارس مهام وظيفته‪،‬‬
‫عندما كان يقوم بإجراء مقابلة بشأن افتتاح محل تجاري جديد‪ ،‬وذلك على أساس أنَ شخصيته‬
‫ن صورته وصوته يدخالن األوساط العائلية في كل مرة يقدم فيها برنامجه"‪.4‬‬
‫معروفة للجمهور وأ َ‬

‫‪9‬‬
‫‪MARTIN (L), op.cit, p 230.‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود خليل بحر‪ ،‬حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،9112 ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪3‬‬
‫‪T.G.I. Seine 24 Nov.1965, J.C.P. 1966-2-1452- Paris, 27 Fév.1976. p230.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Citer par : MEZGHANI Nébila, La protection civile de la vie privée, Thèse de Doctorat d’état Université de‬‬
‫‪droit, Paris, 1976, p 47.‬‬

‫‪91‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أما المعيار الثاني للحياة العامة فيشمل ما يتمتع به الشَخص من شهرة ونشاط مهني‪ ،‬ويبدو أنَ‬
‫باريس في‬ ‫القضاء الفرنسي كثيراً ما استجاب إلى مثل هذه الحاالت‪ ،‬حيث ميزت محكمة استئنا‬
‫هذه القضية بين الحياة العامة للشَخص العادي والحياة العامة للرَسام المشهور‪ ،‬واتخذت من الشَهرة‬
‫سبباً إلتساع الحياة العامة لصاحبها على حساب حياته الخاصة‪ ،‬وبالتالي فكل ما يكون من الجائز‬
‫نشره للنَاس من نشاط الشَخص أو أحواله إلتصاله بحياتهم أو إلنكشافه أمامهم‪ ،‬يعتبر من الحياة‬
‫العامة وما عدا ذلك فهو من الحياة الخاصة‪.9‬‬
‫‪ -2-2‬أوقات الفراغ‬
‫قد يقضي الفرد أوقات فراغه في مكان خاص بعيداً عن أعين المتطفلين‪ ،‬كما قد يقضيها في‬
‫أماكن عامة‪ ،‬عندما يمارس نشاطات علنية مكشوفة لمن يحيطون به‪ ،‬كالمشاركة في مشاهدة‬
‫مسرحية أو مباراة رياضية‪ ،‬و هنا يثار اإلشكال حول ما إذا كانت هذه النشاطات األخيرة تدخل في‬
‫نطاق الحياة الخاصة‪ ،‬أم أنها تدخل في نطاق الحياة العامة‪.‬‬
‫في هذا الصدد يذهب اتجاه فقهي من رواده (حسام الدين االهواني‪ ،‬عصام أحمد البهجي) إلى‬
‫القول بأنّه ال ينبغي الربط بين المكان العام والحياة العامة‪ 2‬بدعوى أنّ الخصوصية تتوافر رغم‬
‫التواجد في مكان عام‪ ،3‬في حين يذهب اتجاه فقهي آخر من أنصاره (مموح خليل بحر‪،‬‬
‫‪ )BERTRAND‬إلى القول بأنّ " كل ما يدور في المكان العام هو من صميم الحياة العامة"‪ ،4‬باعتبار‬
‫أنّ األنشطة التي يمارسها الشخص لقضاء أوقات فراغه بصفة علنية ال يمكن اإلدعاء بسريتها‪.3‬‬

‫‪ 9‬محمود عبد الرحمن مح مد‪ ،‬نطاق الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،9119 ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪ 2‬يضيف هذا االتجاه الفقهي أن الشخص إذا قضى وقت فراغه في مكان عام فإنه يبحث مع ذلك عن الهدوء والخلوة إلى نفسه‪ ،‬فمن‬
‫يوجد في وسط ال يعرفه فيه أحد‪" ،‬يكون وحيدا مع نفسه" ‪ ،‬على حد تعبير االستاذ حسام الدين االهواني‪" ،‬الحق في الخصوصية في‬
‫القانون الفرنسي" ‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬باألسكندرية‪ - ،‬مشار إليه سابقا‪ -‬ص ‪.3‬‬
‫‪ 3‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 4‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Voir également : T.G.I, Paris, 1ere ch. Civ, 26 Fév.1993, Gaz. Pal, 1994-2- somme 803; également :‬‬
‫‪l’excellente analyse faite sur la vie privée et publique par Mr André BERTRAND, OP.cit, p 22 à 46. Enfin, il‬‬
‫‪est impératif de mentionner l’avis de trois des ténors du droit Français qui comparant les domaines de la vie‬‬
‫‪privée st publique écrivent que « force est néanmoins de constater qu’il n’est pas toujours facile de tracer la‬‬
‫‪ligne de partage entre les deux vies, le domaine de ce qui est privé ayant tendance à se restreindre lorsqu’il y‬‬
‫‪a notoriété de certain fait ou lorsqu’il s’agit de personnages historique »; CAPIANT (H), TERRE (F) et‬‬
‫‪LEQUETTE (Y), Les grands arrêts la jurisprudence civile, T.1, introduction – personnes – famille, 12éme éd,‬‬
‫‪Dalloz, 2007, p159.‬‬

‫‪21‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يخلص هذا الرأي إلى أن قضاء وقت الفراغ في مكان عام يدخل في نطاق الحياة العامة‪ ،9‬إالّ‬
‫إذا اتخذ الشخص وسائل تثبت رغبته في أن يكون في حالة خاصة وال يُسمح للغير بالتدخل في‬
‫خصوصيته‪ ،‬ولقاضي الموضوع أن يبحث في مدى اعتبار هذه الحالة تدخل ضمن الحياة الخاصة‬
‫القرائن‪.‬‬ ‫أو العامة على اختال‬
‫‪ - 3- 2‬التعامل مع السلطات العامة‬
‫هناك من األعمال من يمارسها الشخص أثناء تعامله مع السلطات العامة أو مشاركته في إدارة‬
‫المجتمع الذي ينتمي إليه‪ ،‬كممارسة العملية االنتخابية‪ ،‬أو الخدمة العسكرية‪ ،2‬فإنّها تتمتع بحرمة‬
‫الحياة الخاصة بل تعتبر جزءاً من الحياة العامة ألنّها تمارس علناً أمام أنظار وأسماع الجميع‪.‬‬
‫مما الشك فيه أن المسألة تزداد تعقيداً لو سلمنا بهذه المعايير‪ ،‬بسبب اتساع نطاق الحياة‬
‫العامة وطغيانه على جانب الحياة الخاصة لإلنسان‪ ،‬وصعوبة وضع حدود للحياة العامة لشدة‬
‫اإلرتباط والتداخل بين النمطين من الحياة الخاصة والعامة‪ ،3‬يتضح مما تقدم أنَ كل هذه التعريفات‬
‫في مظهرها السلبي‪ ،‬لم تفلح في إعطاء مفهوم عام للحق في الحياة الخاصة‪ ،‬مما دفع جانب من‬
‫إيجابي للحياة الخاصة‪.‬‬ ‫الفقه إلى البحث عن تعري‬
‫اإليجابي للحياة الخاصة‬ ‫ثانيا‪ :‬التعري‬
‫هذا االتجاه من الفقه‪ ،‬نجد البعض‪ 4‬منه قد وسّع في مضمون الحياة‬ ‫عند البحث في موق‬
‫من‬ ‫الخاصة إلى درجة الخلط بينها وبين فكرة الحرية‪ ،‬في حين عمل البعض اآلخر‪ 3‬على التضيي‬
‫مفهومها وفضّل ربطها بأفكار معينة تتمثل في السرية‪ ،‬السكينة واأللفة‪.9‬‬
‫الواسع للحياة الخاصة‬ ‫‪ - 1‬التعري‬

‫‪9‬‬
‫‪BADINTER (R), Le droit au respect de la vie privée, op.cit, p12.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Voir NERSON Roger, Jurisprudence Française en matière de droit civil, Rev. Trim. dr. Civ. 1987, N° 1 et‬‬
‫‪2, p 364, NERSON (R) observe que la vie publique est pour chacun de nous la part de notre vie que se‬‬
‫‪déroule nécessairement en présence du public, notre participation publique à la vie de la cité.‬‬
‫‪3‬‬
‫في هذا الصدد يرى االستاذ ‪ Lucien MARTIN‬صعوبة وضع حد فاصل بين النوعين من الحياة حيث يصرح أنه‪:‬‬
‫‪« Il nous apparaît impossible de savoir quand commence la vie privée et quand finit la vie publique‬‬
‫‪puisqu’elles sont si solidement liées l’une à l’autre qu’il est pratiquement impossible de les‬‬
‫‪séparer ».MARTIN (L), op.cit, p 227.‬‬
‫‪ 4‬من بين فقهاء هذا االتجاه في الفقه الفرنسي نذكر ‪Jean CARBONNIER , Pierre KAYSER , Roger NERSON ( :‬‬
‫‪ ،) Robert BADINTER‬وفي الفقه العربي أمثال‪ ( :‬محمد عبد العظيم محمد‪ ،‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬وأحمد فتحي سرور)‪.‬‬
‫‪ 3‬من بين مؤيدي هذا االتجاه الفقهي‪ ( :‬آدم عبد البديع آدم‪ ،‬ابراهيم عيد نايل)‬
‫‪ 9‬ابراهيم عيد نايل‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2111 ،‬القاهرة‪،‬ص‬
‫‪.49‬‬

‫‪29‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إن الصورة ال واسعة التي اختارها بعض الفقه وكذا بعض المنظمات والهيئات الدولية لتعري‬
‫الحق في الحياة الخاصة أدت إلى الخلط والدمج بين هذه الحياة والحرية‪ ،‬ومن أهم التعريفات التي‬
‫قيل بها استنادا إلى فكرة الحرية كمعيار لتحديد مدلول الحق في الحياة الخاصة بمعناها الواسع‪،‬‬
‫معهد القانون األمريكي والذي أخذ به جانب من الفقه األمريكي والذي مفاده أن "كل شخص‬ ‫تعري‬
‫ينتهك بصورة جدية‪ ،‬وبدون وجه حق‪ ،‬حق شخص آخر في أال تصل أموره وأحواله إلى علم‬
‫الغير‪ ،‬وأالً تكون صورته عرضة ألنظار الجمهور‪ ،‬يعتبر مسؤوال أمام المعتدى عليه"‪.9‬‬
‫صدى كبير لدى جانب معتبر من الفقه و أخذت به بعض المؤتمرات‬ ‫لقي هذا التعري‬
‫مؤتمر دول الشمال (الدول اإلسكندينافية) بأنه "حق الشخص في أن نتركه‬ ‫الدولية‪ ،‬حيث عر‬
‫يعيش وحده‪ ،‬يعيش الحياة التي يرتضيها مع أدنى حد من التدخل في جانب الغير"‪.2‬‬
‫فريق من الفقه األمريكي الح ق في الحياة الخاصة بأنه "الحق في الخلوة" ويعرفها‬ ‫ُيعر‬
‫آخرون بأنها رغبة الفرد في الوحدة واأللفة والتخفي والتحفظ‪ ،3‬ويعرفها الفقيه األمريكي‬
‫"‪ "Shattuck‬بقوله « الحياة الخاصة تعني أن يعيش المرء كما يحلو له أن يعيش على مرأى من‬
‫الناس ح َر في ارتداء ما يراه مناسب‪ ،‬وح َر في أن يظهر بهيئة تتميز بها شخصيته »‪.4‬‬
‫الحياة الخاصة تعريفاً واسعاً‬ ‫أما في الفقه الفرنسي نجد عيِنة من الفقهاء ذهبت إلى تعري‬
‫بأنها حرمة الحياة العائلية والشخصية والداخلية والروحية لإلنسان عندما يعيش وراء بابه المغلق‪،‬‬
‫وقال البعض اآلخر بأن هذا الحق يعني الحق في استبعاد اآلخرين من حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬و حق‬
‫اإلنسان في احترام طبيعته الشخصية‪.3‬‬
‫الحق في الحياة الخاصة بأنه "حق الشخص في أن‬ ‫الفقيه الفرنسي (‪ )Carbonnier‬يعر‬
‫يترك في هدوء وسكينة‪ ،‬باعتبار أنه يكون لكل انسان نطاقاً من الحياة يجب أن يكون خاصاً به‬
‫ومقصوراً عليه‪ ،‬بحيث ال يجوز للغير أن يدخل إليه دون إذنه‪ ،‬والخلوة قد تكون بأن يبتعد الفرد عن‬
‫المجتمع ويعيش وحده فترة من الوقت‪ ،9‬فيما يرى فقيه آخر أن الحياة الخاصة هي "مجموع الحاالت‬
‫واألعمال واألدوار الصادرة عن الفرد بحرية والتي ال تربطه بأي التزام في مواجهة اآلخرين"‪.1‬‬

‫‪ 9‬حسام الدين كامل االهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،9111 ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ 2‬مروك نصر الدين‪ ،‬الحق في الخصوصية‪ ،‬موسوعة الفكر القانوني‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬الجزائر‪ ،‬بدون سنة‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MISCHEL James, Privacy and human rights, darmouth, États-Unis, 1994, P2.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪SHATTUCK (J.H.F), Privacy and freedom, Atheneum, New-york, 1967, p7.‬‬
‫‪ 3‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،9114 ،34‬ص ‪211.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪CARBONNIER (J), Droit civil: Introduction, les personnes, la famille, l’enfant, le couple, Vo. 1, P.U.F,‬‬
‫‪coll. « Quadrige », France, 2004, p 450.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪DIDIER Ferrier, La protection de la vie privée, Thèse de Doctorat en droit, université des sciences social,‬‬
‫‪Toulouse,France, 1973, p12.‬‬

‫‪22‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كما يُعرفها الفقيه نارسون « أنّ لكل إنسان نطاق من الحياة يجب أن يكون خاصاً به‬
‫آخرله أنها‬ ‫في مؤلـ‬ ‫ومقصوراً عليه‪ ،‬بحيث ال يجوز للغير أن يدخل إليه إال بإذنه »‪ ،9‬ويضي‬
‫« األسرار التي يحتفظ بها صاحبا وتتعلق بصفة أساسية بحقوق شخصية إذ أن الحق في الحياة‬
‫الخاصة يقع في دائرة حقوق الشخصية وإن كان ال يشملها كلَها»‪.2‬‬
‫فيما يرى فقيه آخر في نفس السياق بأن الحق في الحياة الخاصة وحقوق الشخصية يمكن أن‬
‫يتطابقا لتقريريهما حق الشخص في اسمه وشرفه واعتباره ومراسالته واتصاالته وحياته المهنية‬
‫ل ما من شأنه التأثير على حياته الشخصية‪.3‬‬
‫والعائلية‪ ،‬وك َ‬
‫يرى أغلب الفقهاء الفرنسيين أن حقوق الشخصية هي ركيزة الحياة الخاصة‪ ،‬هناك من يوسع‬
‫في دائراتها إلى حد المغاالة فيها نوعاً ما وهناك من يحددها بصفة معقولة‪ ،‬وتترك السلطة التقديرية‬
‫للقضاء في إيجاد الحلول المناسبة حسب كل حالة‪.‬‬
‫الفقه المصري فقد مال هو األخير إلى تحديد الحق في الحياة الخاصة وفقاً‬ ‫أما عن موق‬
‫لمفهوم الحرية‪ ،‬فعرّفها أحدهم بأنها «حق الفرد في أن يحدد لنفسه مدى مشاركة اآلخرين له في‬
‫أفكاره وسلوكه إلى جانب الوقائع المتعلقة بحياته الشخصية‪ ،‬وهو حق طبيعي وأساسي في مواجهة‬
‫الدولة واألفراد‪ ،‬لضمان كرامة الفرد وحريته في تحديد مصيره»‪.4‬‬
‫في حين يرى فقيه آخر أن الحياة الخاصة هي‪ « :‬قيادة اإلنسان لذاته في الكون المادي‬
‫حرمتها‬ ‫المحيط به في المجالين الجسدي والنفسي »‪ ،‬ثم يستطرد بعد تعريفه للحياة الخاصة فيعر‬
‫بأنها «السياج الواقي لتلك الحياة من قيود ترد دون مبرر على حرية مباشرتها ومن أضرار تصيب‬
‫دون رأي صاحبها من وراء هذه المباشرة»‪.3‬‬
‫كما يؤكد فقيه آخر على ارتباط الحق في الحياة الخاصة بالحرية‪ ،‬فباسم حرية الفرد يتم‬
‫«احترام حياتـه الخاصة وصون كـرامته واحترام آدميته فـال يتطفل عليه متطفل فيما يرغب في‬
‫االحتفاظ به لنفسه »‪.9‬‬

‫‪9‬‬
‫‪NARSON (R), La protection de la vie privée en droit positif Français, Revue internationale de droit‬‬
‫‪comparé, France, 1971, p 739.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪NERSON (R), La protection de l’intimité, Journal des tribunaux, Bruxelles, Belgique, 1979, p713.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MALHERBE (J), La vie privée et le droit moderne , journal des notaires et des avocats, Paris, 1976, p 8.‬‬
‫‪ 4‬محمد عبد العظيم محمد‪ ،‬حرمة الحياة الخاصة في ظل التطور العلمي الحديث‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،9111‬ص ‪493.‬‬
‫‪ 3‬رمسيس ينهام‪ ،‬نطاق الحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر الحق في الحياة الخاصة المنعقد في كلية الحقوق جامعة‬
‫االسكندرية من ‪ 4‬إلى ‪ 9‬جانفي ‪ ،9111‬ص ‪ 9‬و ‪.2‬‬
‫‪ 9‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 1‬و ‪91.‬‬

‫‪23‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في هذا الشأن يعتبر األستاذ أحمد فتحي سرور أنّ الحق في الحياة الخاصة له وجهان‬
‫متالزمان هما حرية حرمة الحياة الخاصة وسريتها فيرى «أن حرمة الحياة الخاصة هي قطعة‬
‫غالية من كيان اإلنسان ال يمكن انتزاعها منه وإال تحول إلى أداة صماء عاجزة عن القدرة على‬
‫االبداع اإلنساني‪ ،‬فاإلنسان بحكم طبيعته له أسراره الشخصية‪ ،‬ومشاعره الذاتية‪ ،‬وخصائصه‬
‫المتميزة‪ ،‬وال يمكن لإلنسان أن يتمتع بهذه المالمح إال في مناخ يحفظها ويهيئ لها سبيل البقاء»‪.‬‬
‫الحق في‬ ‫من بين آراء الفقه المصري أيضا رأي االستاذ نعيم عطية حيث يُعر‬
‫الخصوصية بأنه‪ « :‬حق الفرد في عدم مالحقة االخرين له في حرمة حياته الخاصة‪ ،‬وإذا جاء‬
‫الحرية بأنها حق الفرد في آن يترك وشأنه‪ ،‬فإنَ حق الفرد في أن ينسحب انسحابا اختياريا‬ ‫تعري‬
‫ومؤقتا بجسمه أو فكره من الحياة االجتماعية هو حقه في الخصوصية»‪.9‬‬
‫الحياة الخاصة في الفقه المصري تأخذ بعين اإلعتبار‬ ‫إنَ أغلب اآلراء التي قيلت في تعري‬
‫واألخالق السائدة في المجتمع العربي‪ ،‬وأثناء انعقاد مؤتمر "الحق في الحياة‬ ‫التقاليد واألعرا‬
‫للحق في الحياة الخاصة‬ ‫الخاصة" بكلية الحقوق ج امعة االسكندرية أقرَ الفقهاء في توصياتهم تعري‬
‫بأنه‪ « :‬حق الشخص بأن يحترم الغير كل ما يعد من خصوصياته‪ ،‬مادية كانت أو معنوية‪ ،‬أم‬
‫تعلقت بحرياته‪ ،‬على أن يتحدد ذلك بمعيار الشخص العادي وفقا للعادات والتقاليد والنظام القانوني‬
‫القائم في المجتمع ومبادئ الشريعة اإلسالمية»‪.2‬‬
‫أمام غياب آراء فقهية في الجزائر حول موضوع الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬نرى ضرورة‬
‫تدخلها لوضع إطار لهذا الحق يترك فيه للفرد الحرية الالزمة‪ ،‬يظهر من خاللها إرادته في اختيار‬
‫نمط عيش خاص خارج النمط اإلجتماعي يراه مناسباً له‪ ،‬يمكنه من الخلوة تحقيقا لقسط من الراحة‬
‫النفسية سواء شاركه في جمع من األفراد كما هو شأن العامل أثناء فترات الراحة‪ ،‬هذا النمط الذي‬
‫يتبناه الفرد سواء بصفة مؤقتة أو بصفة دائمة يمتنع على الكافة أفراداً كانوا أو سلطات التدخل فيه‬
‫واختراقه دون إذن منه طالما بقي هو في إطاره محترما للشرع والقانون‪.‬‬
‫كما أنَ للفرد عموما والعامل خصوصا ضرورة ماسة وحيوية بأن يختلط بالجماعة كممارسة‬
‫عمل أو مهنة ما تحقق له انسجام وراحة اجتماعية‪ ،‬وبالمقابل وللغرض نفسه تظهر الضرورة‬
‫الحيوية ألن ينعزل ويبتعد عن الضغوط وال سيما النفسية‪ ،‬من هذا المنظور وفقط يكون حقه المطلق‬
‫في حرمة حياة خاصة تقتضي حماية شرعية وقانونية كاملة وواجبة‪.‬‬

‫‪ 9‬عطية نعيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 19‬‬


‫‪ 2‬رمسيس ينهام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪24‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫السابقة أنها توسع دائرة الحق في الحياة الخاصة لدرجة تجعلها‬ ‫يتضح لنا من التعاري‬
‫مرادفة للحرية‪ ،‬وبالرغم من أن التركيز على فكرة الحرية كمعيار لتحديد مدلول الحق في الحياة‬
‫الخاصة قد يساهم بدور بارز في تفهم معنى الحياة الخاصة وفقا لطبيعة لطبيعة الحق فيها‪ ،‬باعتباره‬
‫حرية فردية أو عامة‪ ،‬إذ يتيح للفرد إمكانية المطالبة باإلمتناع عن التدخل‪ ،9‬ويفترض الحق في‬
‫الحياة الخاصة هذه اإلمكانية أيضا لهذا يلتقي مفهوما الحرية والحياة الخاصة إلى حد بعيد‪ ،‬إال أن‬
‫ذلك ال يعني أن أحدهما مرادفا لآلخر‪ ،‬وال أدل على ذلك من تمتع الفرد بالحق في الحياة الخاصة‬
‫التي تنعدم فيها حريته؛ فالسجين مثال ال يتمتع بالحرية أثناء مدة تنفيذ العقوبة‪،‬‬ ‫في بعض الظرو‬
‫لكنه يظل محتفظا بحقه في حياته الخاصة‪.‬‬
‫الوا قع أن نطاق الحرية أوسع من الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وال يلتقي مع هذا األخير إال في‬
‫جانب منه بصدد حرية الشخص في ممارسة خصوصياته ‪ ،‬أما الجوانب األخرى من الحق في‬
‫الحرية والتي يحتك فيها الشخص باآلخرين‪ ،‬مثل حرية التعبير عن الرأي‪ ،‬فال تالزم بين الحقين‪،‬‬
‫ومن ثم يكون منع الغير من التَعدي تطبيقا لحقه في الحرية وليس لحقه في الحياة الخاصة‪.2‬‬
‫الضيق للحياة الخاصة‬ ‫‪ -2‬التعري‬
‫(‪،CARBONNIER ،KAYSER‬‬ ‫عمل االتجاه الثاني من الفقه المقارن‪ ،‬من بينه الفقهاء‬
‫‪)MARTIN‬على التضييق من فكرة الحياة الخاصة‪ ،‬مستندا في ذلك على ثالث أفكار رئيسية‪،‬‬
‫كمعايير لتحديد مدلول هذا الحق وهي السرَية‪ ،‬السكينة واأللفة‪ ،‬من هذا المنطلق فإن الحق في الحياة‬
‫الخاصة يعني أنه ليس ألحد أن يقتحم عالم أسرار غيره وأن يدعه في سكينته ينعم باأللفة دون‬
‫التطفـل عليه‪ ،3‬وبعيدا عن تدخل الغير في حياته‪ ،‬وتفـصيل هذه األفكار كالتالي‪:‬‬
‫‪ -9-2‬الســـريــة‬
‫نادى الفقه الفرنسي بفكرة السرَية )‪ (l’idée de secret‬وربطها بحرمة الحياة الخاصة في‬
‫بعض نشاطات الفرد‪ ،4‬فيعرفها "كاربونيه" بأنها «المجال السري للفرد حيث يكون له القدرة على‬
‫إبعاد الغير والحق في أن يُترك هادئا»‪.3‬‬

‫‪ 9‬بيو خالف‪ ،‬تطور حماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجيستر تخصص تحوالت الدولة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2199-2191‬ص ‪.1‬‬
‫‪ 2‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬الحق في الخصوصية ومسؤولية الصحفي‪ ،‬ط‪ ،9‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪،2111 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 3‬ابراهيم عيد نايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪4‬‬
‫‪KAYSER (P), Le conseil constitutionnel protecteur du secret de la vie privée à l’égard des lois , Mélanges,‬‬
‫‪Raynaud, Dalloz, France, 1985, p329.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CARBONNIER (J), Droit civil, Introduction. Les personnes. La famille, l'enfant, le couple, Quadrige,‬‬
‫‪France, 2004, p 156, Ou il définié cette tranche de vie comme étant « Une sphére secrète de la vie de‬‬
‫‪l’individu d’ou il aura le pouvoir d’écarter les tiers… Il a le droit de faire respecter le caractère privé de sa‬‬
‫‪personne, le droit d’être laissé en paix ».‬‬

‫‪23‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يذهب "مارتن" في تعريفه للحياة الخاصة استنادا إلى فكرة السرية بأنها «الحياة المنعزلة أو‬
‫المجهولة‪ ،‬والحياة األ سرية والشخصية اللصيقة‪ ،‬أو الحياة الداخلية والروحية‪ ،‬وتلك التي يعيشها‬
‫بابه الموصد»‪.9‬‬ ‫اإلنسان خل‬
‫لم يخرج الفقه المصري عن هذا الموق ‪ ،‬إذ أكد على ضرورة إحاطة الحياة الخاصة بسياج‬
‫من السرية الالزمة‪ ،‬التي تسمح للفرد بممارسة حياته غير العلنية بعيدا عن أنظار وأسماع الغير‪،9‬‬
‫فيما يرى أحد الفقهاء بأن "حرمة الحياة الخاصة تقتضي أن يكون لإلنسان حق إضفاء السرية على‬
‫مظاهرها وآثارها ومن هنا كان الحق في السرية وجها الزما للحق في الحياة الخاصة ال ينفصل‬
‫الحق في الحياة الخاصة بأنه «الحق في ان ال يطلع أحد على‬ ‫عنه"‪ ، 2‬واتجه فقيه آخر الى تعري‬
‫شق خاص من جوانب حياة غيره»‪.3‬‬
‫الفقه الجزائري فيعتبر السرية أحد أعمدة الحياة الخاصة‪ ،‬ومن بين المجاالت‬ ‫أما عن موق‬
‫الخاصة التي يحرص الفرد على إخفائها‪ ،‬سر الجانب الصحي‪ ،‬حيث أن القانون ألـقى االلتزام على‬
‫عاتق الطبيب بعدم هتك االستار وال إفشاء أسرار المريض‪.4‬‬
‫هذا االلتزام يطبق على كافة المهن االخرى التي يتم فيها االطالع على أسرار الغير بحكم هذه‬
‫المهن والوظائ ‪ ،‬ففي مجال طب العمل وإن كان يجب على طبيب العمل االخبار عن بعض‬
‫االمراض لهيئة الضمان االجتماعي وكذا مفتشية العمل المختصة إقليما‪ ،‬إال أنه ال يباح له إفشاء تلك‬
‫االسرار لغير تلك الهيئات‪ ،‬وإال اعتبر مخال بالتزامه بالسر المهني‪.3‬‬
‫‪ - 2- 2‬السكيـــنة‬
‫الحق في الحياة الخاصة استنادا إلى فكرة السكينة أو الهدوء‬ ‫حاول بعض الفقهاء تعري‬
‫"رافانا" الذي يرى أن مفهوم «الحياة الخاصة ليس جامدا‬ ‫(‪ ،)l’idée de tranquillité‬ومنها تعري‬
‫وال يمكن رسم لها حدود صارمة ودقيقة‪ ،‬فالحد الفاصل فيها نتيجة قوى متعارضة تحركها من جهة‬
‫مصلحة كل واحد في العيش في سالم وسكينة ومن جهة أخرى االعالم المشروع للجمهور»‪ ،9‬وفي‬

‫‪9‬‬
‫‪MARTIN (L), op.cit, p 222.‬‬
‫‪ 9‬صافية بشاتن‪ ، ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 2‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية المدنية‪ ،‬دار الجامعة للنشر اإلسكندرية‪،2113، ،‬‬
‫ص‪. 911‬‬
‫‪ 3‬محمد نجيب حسني‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،9119 ،‬ص ‪. 34‬‬
‫‪ 4‬محمد رايس‪ ،‬مسؤولية األ طباء المدنية عن إفشاء السر المهني‪ ،‬بحث مقدم بمناسبة الملتقى الوطني حول المسؤولية الطبية المنعقد بكلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬من ‪ 11‬إلى ‪ 91‬أفريل ‪ ،2111‬ص‪. 9‬‬
‫‪ 3‬بومدان عبد القادر‪ ،‬المسؤولية الجزائية للطبي عن إفشاء السر الطبي‪ ،‬رسالة ماجيستر‪ ،‬تخصص قانون المسؤولية المهنية‪ ،‬بكلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة تيزي وزو‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2199-2191‬ص ‪31.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪RAVANAS (J), La protection de personnes contre la réalisation et la publication de leur image, Thèse,‬‬
‫‪AIX-en Provence, 1994, p 5. RAVANAS déclare que « La vie privée n’est donc pas une notion statique ; son‬‬

‫‪29‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫"بادنتير" الحياة الخاصة على أن "احترام الصفة الخاصة للشخص‪ ،‬والحق في‬ ‫المعنى نفسه عر‬
‫الهدوء والسكينة دون تعكير لصفو حياته"‪.9‬‬
‫كذلك ركز الفقه المصري على ضرورة أن ينعم الفرد بحياته الخاصة في هدوء وسكينة فقال‬
‫أحدهم أن «التركيز عليها يقدم ميزة هامة في تحديد المقصود بالخصوصية‪ ،‬ألن حماية الحياة‬
‫عن أسرار هذه الحياة‪ ،‬وإنما تمتد لتشمل ضرورة‬ ‫الخاصة ال تقتصر فقط على مجرد عدم الكش‬
‫عدم التدخل في الحياة الخاصة باالمتناع عن كل ما من شأنه المساس بهدوء وسكينة الحياة الخاصة‬
‫للشخص»‪ ،2‬واعتبرها آخر «الغاية المرجوة من حماية الحياة الخاصة للشخص»‪.3‬‬
‫‪ - 3- 2‬األلــفــة‬
‫ذهب اتجاه آخر من الفقه المقارن إلى اعتبار األلفة جوهر الحياة الخاصة وأحد مكوناتها‪ ،‬ففي‬
‫الحيـاة الخـاصة في إطار فكرة األلـفة‬ ‫الفقـه الفرنسي نـجد "نرسون" يحـرص على تعـري‬
‫(‪ )l’idée d’intimité‬بأنها «أقل حيز يكون لكل شخص أن يحتفظ به لتفادي تعدي االخرين»‪.4‬‬
‫فيما يفسر فقيه آخر بأن «األلفة تذكر بمجال مميز للهدوء والسر والسكينة داخل الحياة‬
‫الخاصة»‪ ،3‬ويواصل فقيه آخر بالقول‪« :‬إن الحياة الخاصة مهما كانت نسبية فإنها تحتوي في كلَ‬
‫األحوال على نواة كاملة‪ ،‬مجال لأللفة تتطلب حماية مطلقة»‪.9‬‬
‫عرفها الفقيه "كابان" أيضا بأنها «كل ما يتعلق بخصوصية الشخص‪ ،‬والذي ال يتعلق‬
‫بخصوصية غيره من حيث المبدأ»‪ ،1‬وتجدر االشارة أن مفهوم األلفة قد استعمله المشرع الفرنسي‬

‫‪domaine ne peut être tracé ex abrupto avec précision. La ligne de démarcation est la résultante de forces‬‬
‫‪opposées que mettent en œuvre l’intérêt de chacun à évoluer dans la paix et la tranquillité d’une part et‬‬
‫‪d’autre part l’information légitime du public».‬‬
‫‪ 9‬هذا التعريف مذكور لدى ‪ :‬أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬الحماية ا لجنائية الخاصة وبنوك المعلومات‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،9114 ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 2‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪4‬‬
‫‪NERSON (R), op.cit, p 713, Ou il estime que « Le droit à la vie privée c’est aussi le droit à l’intimité de sa‬‬
‫‪vie privée ».‬‬
‫‪3‬‬
‫‪RAVANAS (J), op.cit, p 6. Monsieur Jacques RAVANAS écrit que « L’intimité évoque une zone‬‬
‫‪privilégiée de paix, de secret et de tranquillité au sein de la vie privée ».‬‬
‫‪9‬‬
‫‪BADINTER (R), Le droit et l’écoute électronique en droit français, publication : Faculté de droit et sciences‬‬
‫‪politique et économiques d’Amiens, 1971-1972, p 21. Monsieur Robert BADINTER note : « Aussi relative,‬‬
‫‪s’affirme –t-elle, la vie privée comporte en tout état de cause un moyen irréductible, une zone d’intimité qui‬‬
‫‪appelle une protection absolue ».‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Citer par: MEZGHANI Nébila, op.cit, p 69.‬‬

‫‪21‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في المادة ‪ 1‬فقرة ‪ 2‬من التقنين المدني‪ ،9‬ثم أعاد استعماله في سنة ‪ 9113‬من خالل المادة ‪231‬‬
‫فقرة ‪ 2‬من التقنين المدني‪ ،2‬كما تم التأكيد عليه أيضا في قانون العقوبات‪. 3‬‬
‫الفقه المصري نجد جانب من الفقهاء اعتبر األلفة إحدى مكونات‬ ‫أمَا إذا نظرنا إلى موق‬
‫الحياة الخاصة‪ ،4‬وهناك من اعتبرها الحيز الذي ينعم فيه صاحبه بعيدا عن تدخل الغير في حياته‪،3‬‬
‫أما الجانب اآلخر من الفقه المصري لم يتعرض لهذه الفكرة إطالقا‪ ،9‬بل هناك من امتنع عن تعري‬
‫الحياة الخاصة بصفة مطلقة ‪.1‬‬
‫المضيقة للحق في الحياة الخاصة أنها غامضة وال يمكن االحتكام‬ ‫ما يؤخذ على هذه التعاري‬
‫إليها‪ ،‬برغم من أن فكرة السرية تعد طابعا مميزا للحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وخاصية هامة من‬
‫خصائصه‪ ،‬إذ أن هذه االخيرة تقتضي قدرا من الخفاء وعدم إطالع الغير على كثير من مظاهرها‪،‬‬
‫لكن ذلك ال يعني أن السرية مرادفة للحياة الخاصة‪.‬‬
‫قد تتوفر الحياة الخاصة بالرغم من عدم وجود السرية وليس أدل على ذلك ما حكم به القضاء‬
‫الفرنسي بمنع نشر معلومات متعلقة بشخصيات مشهورة دون الحصول على موافقة أصحابها‪ ،‬حتى‬
‫ولو كانت هذه المعلومات معروفة سلفا بسبب سبق نشرها‪.‬‬
‫كما تحتل األلفة أو الحميمية مكانا هاما في نطاق حياة الشخص الخاصة‪ ،‬فهى أحد العناصر‬
‫الجوهرية للحياة الخاصة‪ ،‬غير أنَ هذا ال يعني أن األلفة تعني الحياة الخاصة‪ ،‬بل إن األلفة قد تكون‬
‫مرادفة إما للسرَية أو للسَكينة‪.‬‬
‫كذلك األمر بالنسبة لالتجاه الذي يركز على فكرة السكينة أو الهدوء‪ ،‬وإن كان يقدم مبرراً‬
‫التي تفرض ضرورة حماية الحياة الخاصة‪ ،‬ورغم كون اإلنسان إجتماعي بطبيعته‬ ‫للظرو‬
‫وفطرته‪ ،‬إال أنه ال يستطيع أن يعيش حياته كلها في المجتمع‪ ،‬بل هو في حاجة إلى االنسحاب منه‬

‫‪9‬‬
‫نص الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 1‬من ق‪.‬م‪.‬ف رقم ‪ 943-11‬الصادر في ‪ 91‬جويلية ‪ 9111‬المعدل والمتمم‪:‬‬
‫‪« …les juges peuvent sans préjudice de la réparation du dommage…propres à empêcher ou faire cesser une à‬‬
‫‪atteinte à l’intimité de la vie privée…. ».‬‬
‫‪2‬‬
‫نص المادة ‪ 231‬فقرة ‪ 2‬من ق‪.‬م‪.‬ف كاألتي وفقا للقانون رقم ‪ 991-13‬الصادر بتاريخ ‪ 99‬جويلية ‪:9113‬‬
‫‪Art 259/2 : « Les constats dressés à la demande d’un époux sont écartée des débats s’il y a eu violation de‬‬
‫‪domicile ou atteinte illicite à l’intimité de la vie privée ».‬‬
‫‪ 3‬نص المادتين ‪ 9/229‬و‪ 2/229‬من قانون العقوبات الفرنسي وذلك منذ صدور القانون رقم ‪ 12-9339‬الصادر في ‪ 99‬ديسمبر‬
‫‪.9112‬‬
‫‪ 4‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 911‬‬
‫‪ 3‬مذكور في ‪ :‬صافية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪ 9‬محمد محمود عبد الرحمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪929.‬‬
‫‪ 1‬أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪49.‬‬

‫‪21‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مؤقتا و التحرر من مراقبة االخرين‪ ،‬لكن ال يحدد األحوال التي يتم فيها تركه وشأنه دون تدخل من‬
‫الغير‪.‬‬
‫إنَ اإلتج اهات الفقهية السابقة لم تضع تعريفا واحدا لفكرة الحياة الخاصة‪ ،‬األمر الذي ذهب‬
‫محدد للحياة الخاصة‪ ،9‬وأن يترك ذلك‬ ‫معه جانب من الفقه إلى القول بأنه من الصعب وضع تعري‬
‫للقضاء وفقا للتقاليد والثقافة السائدة والنظام السائد في كل مجتمع بما يضمن للفرد احترام ذاتيته‬
‫الشخصية‪ ،‬ويحقق له السكينة واألمان بعيدا عن تدخل اآلخرين‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫التعريفات القضائية للحياة الخاصة‬
‫إنَ القضاء من جانبه امتنع غالبا عن إعطاء تعريفا للحق في الحياة الخاصة يحدد ماهيته‬
‫وحدود‪ ،‬ومن ثمة يكتفي بأن يبحث كل حالة على حدى حتى يوفر الحماية الكافية دون أن يتقيد‬
‫بقواعد مسبقة‪ ،‬فيصعب القول مسبقا أن تنتهي الحياة الخاصة وأين تبدأ الحياة العامة‪.2‬‬
‫إذا كان القضاء لم يضع تعريفا عاما للحياة الخاصة‪ ،‬إال أنه أظهر ذلك فيما يصدر عنه من‬
‫أحكام في الحاالت المعروضة عليه في نطاق حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬وهذا ما سنتعرض له على‬
‫أحكامه في كل من القضاء األنجلوساكسوني والقضاء الالتيني‪.‬‬ ‫اختال‬
‫أوال‪ :‬القضاء األنجلوساكسوني‬
‫قام القضاء األنجلو ساكسوني بحصر مجموعة االنتهاكات الرئيسية التي تقع على الحقوق‬
‫الفرعية الداخلية للحق في الحياة الخاصة‪ 3‬مع تركه المجال مفتوحا لما قد يقضي به التطور من‬
‫أو إضافة إلى قائمة هذه االنتهاكات‪ 4‬ومن أهمها مايلي‪:‬‬ ‫حذ‬
‫‪ -9‬انتهاك أو اقتحام عزلة الفرد‪ ،‬أو خلوته‪ ،‬أو التدخل في حياته الخاصة‪ ،‬كاالعتداء على حرمة‬
‫مسكنه‪ ،‬أو التنصت على محادثاته التليفونية‪ ،‬أو تصويره‪ ،‬أو التأمين على حياته بغير رضاه‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلفشا ء العلني للوقائع الخاصة التي تمس الشخص العادي كإفشاء واقعة إصابته بمرض مخزي‪،‬‬
‫أو عجزه عن سداد ديونه‪ ،‬أو نشر صورة إلبنه المشوه‪.‬‬

‫‪ 9‬تنوير أحمد بن محمد نذير‪ ،‬حق الخصوصية – دراسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون اإلنجليزي‪ -‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬الجامعية االسالمية باسالم آباد‪ ،2111 ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 2‬حسام الدين االهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 3‬كريم مزعل شبي الساعدي‪ -‬حسن محمد كاظم‪ ،‬الحق في الخصوصية دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة كربالء‪،‬العراق‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬العدد‬
‫العاشر‪ ،‬سنة ‪ ،2113‬ص ‪.13،19‬‬
‫‪ 4‬سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 33‬و ‪.34‬‬

‫‪21‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -3‬تشويه سمعة الشخص في نظر الجمهور‪ ،‬كعرض صورته في معرض صور المتشردين‪،‬‬
‫والمشتبه فيهم بعد تبرئته من جريمة اتهم فيها‪ ،‬أو استعمال اسمه أو صورته على نحو يسيء‬
‫إليه‪ ،‬كأن يوضع اسمه بغير علمه على برقية عامة أو مقال ينسب إليه رأياً ال يعتنقه‪.‬‬
‫‪ -4‬اإلستيالء على بعض عناصر شخصيته‪ ،‬كاالسم‪ ،‬أو الصورة لتحقيق مغنم خاص‪ ،‬مثل استغالل‬
‫اسم الشخص أو صورته في الدعاية لسلعة‪.‬‬
‫هذا اإلتجاه نفسه الذي سار عليه القاضي األمريكي ( ‪ (DOUGLAS‬مستندا على فكرة‬
‫الحق في الحياة الخاصة بأنه «حق الفرد في أن يختار سلوكه الشخصي‬ ‫الحرية‪ ،‬حيث عر‬
‫وتصرفاته في الحياة عندما يشارك في الحياة اإلجتماعية مع اآلخرين»‪.9‬‬
‫ثم حدد هذا القاضي ثالث مجموعات رئيسية لهذا الحق وهي؛ تتضمن المجموهة األولى حرية‬
‫التعبير عن الفكار واالهتمامات والذوَق والشخصية‪ ،‬أما الثانية فتتعلق بحرية الفرد في أن يكون له‬
‫أوالد يربَيهم وينشئهم‪ ،‬فيما تتمثل المجموعة الثالثة في حق الفرد في كرامة بدنه وتحرَره من القسر‬
‫والقهر‪.2‬‬
‫الواسع للحياة الخاصة للقاضي (‪ ،(DOUGLAS‬تعريفا آخر للقاضي األمريكي‬ ‫يقابل التعري‬
‫الحياة الخاصة تعريفا ضيقا على أنها «حق الفرد في أن يعيش حياته‬ ‫(‪ )COOLEY‬الذي عر‬
‫ولو بصفة جزئية بعيدا عن المجتمع مع أدنى حد من التدخل من جانب الغير‪ ،‬أي حق الفرد في أن‬
‫يترك وشأنه»‪.3‬‬

‫‪9‬‬
‫‪DOUGLAS (W), The privacy opinions of Justice Douglas, Yale Law journal, Vol.78, N° 8, July 1968, p‬‬
‫‪582.‬‬
‫كان دوڨ الس عضو في المحكمة العليا للواليات المتحدة األمريكية آنذاك ‪،‬ويعد من أهم القضاة الذين ساهموا في توسيع مفهوم الحق‬
‫في الحياة الخاصة‪ ،‬ويظهر من خالل تعريفه لهذا الحق الوارد في المرجع المذكور أعاله الربط الواضح بين الحق في الحياة‬
‫الخاصة وفي فكرة الحرية التي قال فيها‪ « :‬أن الحرية بمعناها الدستوري تذهب إلى أبعد من مجرد التحرر من كل صور التحكم‬
‫والقيود المشروعة للحكومة‪ ،‬حيث يجب أن تتضمن الحياة الخاصة أيضا‪ ،‬بل إن حق الفرد في أن يترك وشأنه هو بداية كل‬
‫الحريات»‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪DOUGLAS (W), op.cit, p 124.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪NIZER (l), The right of privacy: a half century’s development, Michigan law review; 1941, vol.39, p 527.‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ التي ربـطت بين الحيـاة الخاصة وبين الهدوء‬،9‫من أشـهر التعريفات‬ ‫يعتبر هذا التعري‬
‫ وإنما تعني‬،‫على األسرار‬ ‫ إذ أن الحياة من منظوره ال تقتصر على عدم الكش‬،‫والسكينة والخلوة‬
.‫اإلمتناع عن االعتداء على هدوء اآلخرين‬
‫القضاء األنجلوساكسوني بحق الفرد في حياته الخاصة إلى إصرار‬ ‫يرجع الفضل في اعترا‬
،2‫الفقه الذي ناضل بشكل كبير من أجل الوصول إلى انتصار في األول محتشم ولكن تاريخي‬
‫ كلما‬،‫بحق الفرد في هذا الجزء من حياته ويحميه‬ ‫ليواصل شيئا فشيئا استجابته في االعترا‬
‫واجهته قضية من القضايا التي تتعلق بتضرر الفرد من جراء االعتداء على خلوة وسكينة حياته‬
.3‫الخاصة‬
‫تجدر المالحظة أن جانب كبير من شراح القانون األمريكي يميل إلى تفضيل عبارة "حق‬
‫ وفكرة الهدوء والسكينة لها‬،‫ على تسمية الحق في الحياة الخاصة‬،"‫الشخص في الخلوة والسكينة‬
‫ أحدهما إيجابي يتمثل في احترام سرية الحياة الخاصة وثانيهما سلبي يكمن في االمتناع عن‬،‫وجهان‬
.4‫تعكير الحياة الخاصة والخوض فيها‬

9
En 1890, Samuel WARREN et Louis BRANDEIS (deux magistrats Américain), dans leur article « The
right to privacy », publié dans la Harvard law review, p 193. Année 1890 avaient plaidé pour que soient
sanctionnées les atteintes à la vie privée (invasion of privacy) et que soit reconnu par les tribunaux « Un droit
d’être laissé tranquille » (The right to be let alone).
- Il fallu attendre 15 ans pour que leur article fasse jurisprudence dans l’arrêt rendu à l’unanimité par la cour
suprême de Géorgie dans l’affaire PAVESICH en 1905 contre la compagnie d’assurance : « New England
Life ins.Go ».
- Mais ce n’est qu’en 1960 que William PROSSER, doyen de la faculté de droit de BERKELEY,
systématisa le concept pour le fractionner en 4 éléments distincts comme nous l’expliquerons dans ce qui suit
de l’avis de la doctrine Américaine concernant la vie privée.
- Cependant, il est à rappeler qu’avant 1890, et avant Messieurs WARREN et BRANDEIS, il y eut un certain
Mr COOLEY, auteur et magistrat Américain qui fut le premier à prôner le concept de « tranquillité » dans son
ouvrage « Trots » paru en 1888. 2éme édition, p 29.
2
Voir l’arrêt N° 50. S. E. 68 rendu par la cour suprême de l’Etat de Géorgie dans l’affaire PAVESICH. V.
New England life ins. Co en 1905.
‫ تحرررت عنررروان‬BRANDEIS ‫ و‬WARREN‫يعتبرررر هرررذا القررررار أول تتررروي وانتصرررار حققررره القضررراء بعرررد مقرررال القاضررريين‬
.‫" المشار إليه سابقا‬The right of privacy"
3
Voir à titre d’exemple :
- L’arrêt HAELAN Laboratoires V.Topps chewing Gum N°202.dd866.rendu par la cour suprême de
l’Ocklahoma en 1953.
- L’arrêt N° 836, Sdny rendu par la cour suprême de l’Etat de New York dans l’affaire des comédiens
LAUREL et HARDY.V.HAL Roach studio en 1975.
،‫ أطروحة دكتوراه تخصص قانون جنائي‬،‫ الحماية الجنائية للحق في حرمة االتصاالت الشخصية‬،‫ مفتاح محمد رشاد ابراهيم‬4
.913 ‫ ص‬،2111 ‫ سنة‬،‫ جامعة االسكندرية‬،‫كلية الحقوق‬

39
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ثانيا‪ :‬القضاء الالتيني‬


‫عام للحق في الحياة الخاصة‪ ،‬إال أنه‬ ‫بالرغم من امتناع القضاء الالتيني عن إعطاء تعري‬
‫موقفه بدا جليا فيما صدر عنه من أحكام في الحاالت التي عرضت عليه في نطاق تكريسه للحق‬
‫في الحياة الخاصة‪.‬‬
‫كان للقضاء الفرنسي الفضل في إرساء مبدأ السرية في الحياة الخاصة‪ ،‬وفي وضع االساس‬
‫المتين لها‪ ، 9‬وذلك في العالقات بين األفراد الخواص‪ ،‬ثم في العالقات بين السلطة العامة وهؤالء‬
‫االفراد الخواص‪.2‬‬
‫الحق في الحياة الخاصة بأنه "حق الشخص في أن‬ ‫ذهب القاضي (‪ )NERSON‬إلى تعري‬
‫يحتفظ بأسرار من المتعذر على العامة معرفتها إال بإرادة صاحب الشأن والتي تتعلق بصفة أساسية‬
‫بحقوقه الشخصية‪.3‬‬
‫نجد تطبيقات فكرة السرية في كثير من أحكام القضاء الفرنسي نذكر منها قضية "فليكس"‪،‬‬
‫حيث أكدت محكمة السين االبتدائية‪ ،‬وهي بصدد الحديث عن األشخاص ذوي الشهرة «أنهم‬
‫يستطيعون أن يتخيروا ألنفسهم الموت في الخفاء ألنهم قد عاشوا في المجد‪...‬فللرجل المشهور الحق‬
‫في أن يموت في الخفاء»‪.4‬‬
‫الحياة الخاصة في فكرة األلفة بأنها "أقل حيز‬ ‫يحصر القاضي )نرسون ‪ )NERSON-‬تعري‬
‫يكون لكل شخص أن يحتفظ به لتفادي تعدي اآلخرين"‪ ،‬ونجد تطبيقا لهذه الفكرة في أحكام القضاء‬
‫الفرنسي كقضية (برجيت باردو)‪.‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في أن أحد الصحفيين قام بتصوير الفنانة (برجيت باردو)‬
‫بواسطة ألة تصور‪ ،‬وهي في حديقة منزلها‪ ،‬فقضت المحكمة في الدعوى التي رفعتها هذه الفنانة‪،‬‬
‫بأن مثل هذا التصوير يعتبر اعتداء على حياتها الخاصة ألن تواجد المدعية بالوضع المذكور‪ ،‬في‬
‫المكان الخاص ‪ -‬حديقة منزلها‪ -‬دليال على توافر حالة األلفة‪.‬‬

‫‪ 9‬هذا قبل صدور قانون ‪ 91‬جويلية ‪ 9111‬والمتضمن القانون المدني الفرنسي‪.‬‬


‫‪ 2‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪3‬‬
‫‪NERSON (R), La protection de l’intimité, op.cit, p 715.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪La décision de justice prononcée par le Tribunal de grande instance de la seine le 16 juin 1858 concernant‬‬
‫‪l’affaire de l’actrice et dramaturge Rachel FELIX (publication de la photographie sur son lit de mort). Trib‬‬
‫‪seine, Gaz pal , 1985, p62.‬‬

‫‪32‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫فيما ذهب القاضي (‪ )MALHERBE‬إلى القول بأن الحق في الحياة الخاصة والحقوق‬
‫الشخصية يشمالن حماية وحرمة الحياة الخاصة للفرد مما تنشره عنه الصحافة وحماية اتصاالته‬
‫الخاصة ومراسالته الالسلكية وتسجيالته وشؤونه الصحية‪ ،‬وكذلك حماية حرمة مسكنه وحماية‬
‫حياته العائلية التي تشمل المسؤولية عن نفقة األبناء إلى وقت بلوغهم فضال عن األمور التي لها‬
‫تأثيرها على حياته الشخصية‪.9‬‬
‫من خالل هذه التعريفات يبدو أن القضاء الفرنسي لم يضع تعريفا للحياة الخاصة مكتفيا ببيان‬
‫الحاالت التي تدخل في نطاق هذا الحق‪ ،‬وعليه تكون دراسة أهم تطبيقات القضاء الفرنسي في هذا‬
‫الشأن في النقاط اآلتية‪:2‬‬
‫‪ - 1‬اسم الشخص ومحل إقامته‬
‫يميل القضاء الفرنسي إلى اعتبار اسم الشخص وال سيما االسم المستعار الذي اختاره الشخص‬
‫لنفسه‪ ،‬كما يعتبر من حق االنسان أن يحتفظ بمكان إقامته في طي الكتمان واألمر كذلك بالنسبة‬
‫لقضاء أوقات الفراغ‪ ،‬والحياة المهنية أو الوظيفية أو الحرفية‪ ،‬والسياسية‪.‬‬
‫‪ - 2‬الحياة الزوجية والعائلية‬
‫استقر القضاء الفرنسي على أن األمـور العاطـفية من خـطبة ومغامرات عاطفية والحـياة‬
‫النظر عن كونها‬ ‫عنها للناس بصر‬ ‫الزوجية وكذا الطالق‪ ،‬واألمور العائلية‪ ،‬ال يجوز الكش‬
‫حقيقية‪ ،‬أم خيالية‪.3‬‬
‫‪ - 3‬الذمة المالية للشخص‬
‫من أهم ما يتصل بالحياة الخاصة في فرنسا هي األمور المتعلقة بالذمة المالية للشخص‪ ،‬ومن‬
‫عن عناصر الذمة المالية سواء‬ ‫ثم يعد من قبيل انتهاك الخصوصية نشر كل ما من شأنه الكش‬
‫أثناء حياة الشخص أو بعد وفاته‪.‬‬
‫‪ - 4‬الحالة الصحية للشخص‬
‫اعتبر القضاء الفرنسي صحة اإلنسان‪ ،‬وما يصاب به من أمراض من أدق األمور الخاصة‪،‬‬
‫والتي ال يسمح بنشرها إال بإذنه‪ ،‬كما ال يصح تصوير المريض وهو في فراش المرض كما ال‬

‫‪9‬‬
‫‪MALHERPE ( J), op.cit, p 8.‬‬
‫‪ 2‬عاق لي فضيلة‪ ،‬الحماية القانونية للحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫اإلخوة منتوري قسنطينة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2192-2199‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CARBONNIER (J), op.cit, p239.‬‬

‫‪33‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يجوز نشر هذه الصور‪ ،‬و أن ال يعكَر عليه أحد خلوته‪ ،9‬وهذا ما أخذ به القضاء الفرنسي في قضية‬
‫"جيرالد فيليب" ‪ ،‬حين طالب المدعي االحتفاظ بسكينة ابنه المريض ضد اعتداءات رجال الصَحافة‪،‬‬
‫فاستجابت المحكمة إلى طلبه تأسيسا على فكرة السكينة والخلوة‪ ،‬وكون الحقَ في الحياة الخاصة‬
‫يتضمن هذا المعنى‪.2‬‬
‫لم يخرج القضاء المصري‪ ،‬والقضاء الجزائري عن هذا الخط‪ ،‬و بالرجوع إلى القضاء‬
‫المصري ومن خالل أحكامه وقراراته نجده يعنتق في البعض منها فكرة الهدوء والسكينة كأساس‬
‫لحماية الحياة الخاصة أهمها قرار محكمة النقض المصرية رقم ‪ 3111‬الصادر بتاريخ‬
‫دون وجه حق‪ ،‬قضت المحكمة‬ ‫‪ 2111/13/11‬عن قضية التشهير والحط من الكرامة لموظ‬
‫الذي زعزع سكينة الحياته الخاصة والحكم له بالتعويض المدني‪.3‬‬ ‫عن هذا التصر‬ ‫بالك‬
‫دافع القضاء المصري في البعض من قراراته وأحكامه على سرية الحياة الخاصة وحمايتها‪،‬‬
‫ففي قضيتين مختلفتين رفعت ضد مجلَتين قامتا بنشر مقالين تضمَنا نقدا ألفعال صدرت عن‬
‫المدَعيتين في مكان عام‪ ،‬صدر الحكم في كل دعوى برفضها على أساس أنَ نشاطات المدَعيتين‬
‫علني غير سرَي‪ ،‬لذلك ال تحظى بالحماية القانونية المقرَرة ألنَ هذه النشاطات خارجة عن حياتهما‬
‫الخاصة‪.4‬‬
‫أمَا القضاء الجزائري فقد اتجه هو أيضا إلى تأكيد هذه الحماية لألفراد في إطار ممارسة‬
‫جوانبها‪ ،‬فكان حريصا على حماية سرية الحياة الخاصة‪ ،‬فأحيانا اكتفى‬ ‫حياتهم الخاصة في مختل‬
‫على‬ ‫بالحماية عن طريق األمر بالك َ عن اإلعتداء‪ ،‬وأحيانا أخرى باإلضافة إلى الحكم بالتوق‬
‫االعتداء‪ ،‬الحكم بمبالغ من التَعويضات المدنية والعقوبات الجنائية‪ ،‬ال سيَما فيما يتعلق بالتزام السرية‬
‫الواقع على عاتق أصحاب بعض الهمن التي يتم فيها االطالع على أسرار الغير بحكم هذه المهن‬
‫العامة والخاصة وكذا بالنسبة‬ ‫والوظائ ‪ ،‬كمهنة المحاماة‪ ،‬ووظيفة القضاء‪ ،‬وغيرها من الوظائ‬

‫‪9‬‬
‫كريم مزعل شبي الساعدي‪ -‬حسن محمد كاظم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Paris, 13 mars 1955, n° 11. 24223, Dalloz 1956, some 14, j.c.p, 1955.‬‬
‫‪ 3‬صدر عن القضاء المصري عدة أحكام وقرارات نذكر عينة منها‪:‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض المصرية رقم ‪ 9111‬بتاريخ ‪ 2111/19/94‬حول التقاط صورة للمدعي في منزله خفية عنه‪ ،‬حكمت له‬
‫بالتعويض المدني‪.‬‬
‫‪ -‬حكم محكمة جنايات القاهرة رقم ‪ 9194‬بتاريخ ‪ ،9119/99/93‬حول قضية التنصت والتسجيل ألحاديث خاصة بمجموعة من‬
‫البنات سبب لهن إزعاج وضرر لحياتهن الخاصة وعكر صفوها‪.‬‬
‫‪ - 4‬تتمثل هاتين القضيتين في‪:‬‬
‫‪ -‬القضية األولى رقم ‪ 13/399‬مدني جزائي‪ ،‬السيدة زينب‪ ،‬محكمة القاهرة ‪ ،‬الحكم الصادر بتاريخ ‪.9113/12/91‬‬
‫‪ -‬القضية الثانية رقم ‪ 2113/914‬مدني جزائي‪ ،‬السيدة زينب محكمة القاهرة‪ ،‬الحكم الصادر بتاريخ ‪.2113/99/19‬‬

‫‪34‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لألفراد‪ ،‬إذ أن هذا االلتزام عام‪ ،‬يمتنع على الكافة إفشاء األسرار وعدم محاولة خرقها دون علم وال‬
‫رضا صاحبها‪.‬‬
‫جامع مانع للحق في الحياة الخاصة‪ ،‬أن تحديد‬ ‫نخلص مما سبق أنه في ظل انعدام تعري‬
‫ماهية هذا الحق يرتبط بعدة حقائق البد األخذبها بعين االعتبار أال وهي؛ أنَ هذا الحق يتطلب‬
‫للشخص بسلطة االعتراض على التدخل في خصوصياته واالعتداء على حياته الخاصة‪،‬‬ ‫االعترا‬
‫كما أنَه يرتبط بمنظومة التقاليد والثقافة والقيم الدينية السائدة والنظام السياسي في كل مجتمع‪ ،‬وأنَ‬
‫هذا‬ ‫هذا الحق يتضمن عناصر رئيسية مشتركة‪ ،‬تلتقي عندها كحد أدنى اآلراء المتباينة بشأن تعري‬
‫الحق‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫عـنـاصر الحـيـاة الخــاصة‬
‫وجهات النظر‪ ،‬ترتب عنه اتجاه‬ ‫للحق في الحياة الخاصة اختال‬ ‫واجه الفقه أثناء تعري‬
‫الفكر القانوني إلى محاولة تعداد العناصر التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة‪ ،‬ويقصد بهذه‬
‫العناصر تلك االشياء واألمور المتصلة بالكيان المادي والمعنوي لإلنسان والتي يحيـطها هذا الحق‬
‫بالستار والكتمان‪.9‬‬
‫لم يتف ق كال من الفقه والقضاء على تحديد عناصر الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وذلك الختال‬
‫السياسية‬ ‫الثقافات والعادات والتقاليد واألنظمة القانونية‪ ،‬والتي تتغير بتغير وتطور الظرو‬
‫واالقتصادية واالجتماعية لكل بلد‪ ،‬ومن بين هذه العناصر ما هو محل اتفاق الفقه والقضاء (أوال)‪،‬‬
‫بينهما(ثانيا)‪.‬‬ ‫ومنها ما هو محل خال‬
‫الفرع األول‬
‫عنـاصر الحياة الخاصـة المتفـق عليـها‬
‫شهد العالم اهتماما متزايدا بحقوق اإلنسان وبتلك تلك الطائفة من الحقوق المالزمة لشخصية‬
‫اإلنسان والتي ال يستطيع اإلنسان أن يؤدي دوره في المجتمع إال إذا تمتع بها‪ ،2‬واتفق الفقهاء على‬
‫أن لكل شخص الحق في أن تحترم حياته الخاصة‪ ،‬وأن هناك جملة من العناصر المكونة للحق في‬
‫الحياة الخاصة وقع االتفاق عليها من بينها‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫محمد محمد الشهاوي‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في مواجهة الصحافة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2119 ،‬ص ‪. 91‬‬
‫‪ 2‬حسن حسين البراوي‪ ،‬مدى حماية الحق في الحياة الخاصة في القانون المدني القطري‪ ،‬المجلة القانونية والقضائية ـ العدد األول‪ ،‬قطر ‪،2111‬‬
‫ص ‪.11‬‬

‫‪33‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1‬حرمة المسكن‬
‫يكتسي المسكن أهمية خاصة نظرا لتعلقه بالحريات الشخصية لألفراد‪ ،‬كونه يمثل مستودع‬
‫أسرار اإلنسان وموطن حياته الخاصة‪ ،9‬وامتداد لحق االنسان في خصوصيته‪ ،2‬وتعتبر حرمة‬
‫المسكن من أهم عناصر الحق في الحياة الخاصة المتفق عليها‪ ،3‬إذ ال قيمة لحرمة الحياة الخاصة‬
‫إن لم تشمل مسكنا يشعر فيه اإلنسان بالسكينة واآلمان‪.4‬‬
‫نظراً ألهمية المسكن أحاطته المعاهدات الدولية والتشريعات المقارنة بعناية خاصة حماية‬
‫لحرمته ومنعا لكل ما من شأنه المساس به‪ ،3‬ولم تهمل الشريعة االسالمية هذا الحق فكرسته ضمن‬
‫مبادئها األساسية في العديد من اآليات القرآنية منها قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا ال تدخلوا بيوتا‬
‫غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذَكرون»‪.9‬‬
‫كما تضمنت الدساتير الجزائرية المتعاقبة النص على ضرورة الحفاظ على حرمة المسكن‬
‫ص الدستور الجزائري لسنة ‪ 9119‬المعدل‪ ،‬في مادته ‪ 41‬الفقرة ‪ 19‬على أنه " تضمن الدولة‬
‫حيث ن َ‬
‫عدم انتهاك حرمة المسكن"‪ ،‬كما نص القانون المدني في صلب المادة ‪ 41‬على أنه « لِكل من وقع‬
‫االعتداء عليه»‪،‬‬ ‫عليه إعتداء غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة لشخصيته‪ ،‬أن يطلب وق‬
‫وجاء قانون العقوبات ليجرم االعتداء على حرمة المسكن في المادة ‪.213‬‬

‫‪9‬‬
‫محمود عبد الرحمان محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 2‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.912‬‬
‫‪ 3‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،911‬حسام الدين كامل االهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،31‬محمود عبد الرحمان محمد ‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪ ،911‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،233‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .919‬وفي الفقه‬
‫الفرنسي‪:‬‬
‫‪KAYSER (p), La protection de la vie privée par le droit. Protection du secret de la vie privée .op.cit , p396 et‬‬
‫‪s, RAVANAS (J) op.cit, p 17 et s.‬‬
‫‪ 4‬سالمي فضيلة‪ ،‬حماية حرمة المسكن في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماستر تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة البويرة‪ ،‬سنة ‪ ،2193‬ص ‪.4‬‬
‫‪ 3‬تضمنه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ‪ ،9199‬وأوصت به المواثيق الدولية على غرار االعالن العالمي لحقوق االنسان‬
‫لسنة ‪ 9141‬حيث نصت المادة ‪ 92‬منه على‪ " .‬ال يجوز أن يتعرض أحد لتخل تعسفي في حياته الخاصة أو شؤون أسرته أو مسكنه‬
‫أو مراسالته‪ ،‬أو لحمالت تمس شرفه وسمعته‪ ،‬ولكل شخص الحق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك المعامالت"‪.‬‬
‫‪ 9‬انظر سورة النور‪ ،‬اآليتان ‪.21 ،21‬‬

‫‪39‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تشريعي للمسكن عرفه الفقه على أنه «كل مكان يتخذه المرء ملجأ لنفسه‬ ‫أمام غياب تعري‬
‫يأويه سواء كان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة‪ ،‬وال يجوز للغير مهما كانت صفته دخوله إالَ بإذنه وفي‬
‫الحاالت التي يحددها القانون»‪ ،9‬ويعتبر مسكنا المكان المخصص للعمل والمكاتب الخاصة‪.2‬‬
‫توسع القضاء الجزائري في تحديد مدلول المسكن‪ ،‬فهو يشمل كل مكان يستخدمه اإلنسان مقراً‬
‫الفقهاء حول تحديد العالقة بين المكان الخاص‪ 4‬والمسكن‪ ،‬فانقسم الفقه الى‬ ‫خاصاً له‪ ،3‬واختل‬
‫اتجاهين‪ ،‬يرى اإلتجاه األول أن المكان الخاص يقتصر على المسكن فقط‪ ،‬فيما يحدد االتجاه الثاني‬
‫للمسكن مفهوما واسعا‪ ،‬يمتد ليشمل كل مكان خاص لألقامة أو مكان مزاولة االنشطة المهنية‪،‬‬
‫الصناعية والتجارية أوالعلمية‪.3‬‬
‫بناء على اإلتجاه الفقهي الثاني المحدد لمفهوم المسكن‪ ،‬يتضح أنَ مدلول المسكن يتحدد في‬
‫كل مكان يقيم فيه الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة‪ ،9‬وعليه تمتد فكرة المسكن لتشمل األماكن‬
‫المخصصة للعمل والمكاتب الخاصة‪.1‬‬
‫كما أن أحكام محكمة النقض الفرنسية تتوسع في تحديد مفهوم السكن‪ ،‬فتجعل المكان مسكونا‬
‫بمجرد الوجود المؤقت فيه لقضاء بعض الحاجات أو األعمال أو الواجبات مثل «عيادة طبيب‬
‫أو مكتب المحامي أو المعمل إلتصالها بحرمة الحياة الخاصة»‪.‬‬

‫‪ 9‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬تفتيش المنازل في القانون الجزائري‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزء‬
‫‪ ،39‬رقم ‪ ،2/11‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 2‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 3‬قرار رقم ‪ 94‬مؤرخ في ‪ ، 9111/12/12‬أشار إليه األستاذ أحسن بوسقيعة‪ ،‬قانون العقوبات في ضوء الممارسات القضائية‪،‬‬
‫الطبعة االولى‪ ،‬الديوان الوطني لألشغال التربوية‪ ،‬الجزائر‪ ،2111 ،‬ص ‪ ،914‬ولقد قررت المحكمة العليا في هذا القرار بأنه‪:‬‬
‫«يتعين تحديد مفهوم المنزل الذي أشارت إليه المادة ‪ 213‬من قانون العقوبات الجزائري بمعناه الواسع‪ ،‬هو وكل لواحقه التي ليست‬
‫في متناول العامة‪ ،‬وبما أن العارض اعترف بأنه دخل حديقة الضحية بغير إذنها‪ ،‬فيعتبر تصرفه خلسة وتنطبق عليه المادة ‪213‬‬
‫سالفة الذكر» وفي قرار آخر أشارت المحكمة العليا أنه‪ « :‬ال يشترط أن يكون المنزل مسكونا‪ ،‬بل يكفي أن يكون العقار معدا للسكن‬
‫وتحوزه المجني عليها بأي طريقة من طرق الحيازة المشروعة » يمكن الرجوع الى قرار المحكمة العليا قرار رقم ‪،11399‬‬
‫مؤرخ في ‪ ،9119/19/29‬المجلة القضائية‪ ،‬العدد ‪ 19‬لسنة ‪ ،9119‬ص ‪.213‬‬
‫‪ 4‬إن مفهوم المكان الخاص أعم من المسكن‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء حول تعريف المكان الخاص و انقسموا الى اتجاهين اتجاه يعتمد‬
‫على المعيار الذاتي وآخر يعتمد على المعيار الموضوعي‪ ،‬فيعتمد االول في تعريفيه للمكان الخاص على رضا الشخص ‪.‬ومن‬
‫أنصاره ‪ RAVANAS :‬الذي جاء في تعريفه‪ ..." :‬يعتبر مكانا خاصا كل مكان يحتاج من أجل دخوله إلى رضا من يشغله"‪ ،‬أما‬
‫المعيار الثاني فيعتمد في تعريفه للمكان الخاص على تعداد االماكن العام‪ ،‬بهذا الشأن يمكن النظر إلى‪.:‬‬
‫‪RAVANAS (J) op.cit , p19.‬‬
‫‪ 3‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪ 9‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.919‬‬
‫‪ 1‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حيث حكمت محكمة "بوردو" في ‪ 9133/11/93‬بأن المستخدم الذي يدخل بدون سبب‬
‫مشروع أحد المصانع يزعم التأكد من حسن سير العمل فيه يعتبر متعديا على مسكن الغير‪.9‬‬
‫ال يجوز اإلفصاح عن عنوان الشخص أو مسكنه‪ ،‬وكذا رقم هاتفه‪ ،‬ألنها تعتبر من قبيل‬
‫عناصر شخصية اإلنسان‪ ،‬ومن ث م فهي تدخل ضمن عناصر الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وهذا ما أقره‬
‫صاحب العمل عن موطن‬ ‫القضاء الفرنسي‪ ،‬حيث اعتبرت محكمة النقض الفرنسية بأنَ كش‬
‫العامل‪ 2‬بدون موافقة األخير يعتبر اعتداء على حياته الخاصة‪.3‬‬
‫اعتبر الفقه‪ 4‬والقضاء أنَ مكان العمل مكان خاص‪ ،‬فنجد في القضاء الفرنسي عدة تطبيقات‬
‫مدينة ‪ Rouen‬بتاريخ‬ ‫قضائية نذكر من بينها على سبيل المثال قرارا صدر عن محكمة استئنا‬
‫‪ ، 9111/13/91‬تتلخص أحداث القضية في أن عامال كان يشك في تسريحه من منصبه‪ ،‬فقام‬
‫بالتنصت على المكالمات الهاتفية المتبادلة بين صاحب عمله وأحد المحامين‪ ،‬مستعينا في ذلك‬
‫"أن مكتب العامل‬ ‫بأجهزة تنصت وضعت داخل مكتب هذا العامل نفسه‪ ،‬فرأت محكمة االستئنا‬
‫يعتبر عادة مكان غير مفتوح ألي كان إالَ بموجب إذن من شاغله المؤقت أو الدائم‪ "....‬وبالتالي‬
‫فهو يشكل مكانا خاصا‪.3‬‬
‫سبق أن أصدرت محكمة النقض الفرنسية قرارا بتاريخ ‪ 9113/92/11‬اعتبرت فيه المكتب‬
‫الموجود في إحدى المؤسسات مكانا خاصا‪ ،‬فقضت بأنه "لم يستخلص من وقائع القرار المطعون فيه‬
‫أن السيد ( ) عندما قام بالمهاتفة من مكتبه الذي يمكن أن يكون له فيه وحده ارتباط مع مراسليه‪،‬‬
‫قد تنازل عن الطابع الحميمي للمكالمات‪ ،‬فالمكتب قد لقي من خالل استعماله طابع المكان‬
‫الخاص"‪.9‬‬
‫المالحظ أن القضاء الفرنسي يعتمد على إجراء تحليل لوقائع القضايا المعروضة عليه‪ ،‬فيحدد‬
‫طبيعة المكان انطالقا من تحليل العناصر المادية الواردة في كل قضية على حده‪ ،‬وهذا ما يستخلص‬
‫من حكم صادر عن محكمة ‪ Montbéliard‬بفرنسا‪ ،‬بتاريخ ‪ 9111/92/19‬بشأن مقاربة أجريت‬

‫‪ 9‬عاقلي فضيلة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.339‬‬


‫‪ 2‬تعتبر المادة ‪ 912‬من القانون المدني الفرنسي موطن الشخص على أنه المكان الذي يوجد فيه مركز عمله الرئيسي‪ ،‬فإن من‬
‫الجائز الكشف عن موطن الشخص‪ ،‬فإن هذه اإلجازة ال تمتد إلى محل إقامته‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Civ, 06 Nov 1990, D.1990, P 353.‬‬
‫‪ 4‬يتجه أغلبية الفقهاء الى اعتبار مكان العمل مكانا خاصا نذكر على سبيل المثال الدكتور أحمد عصام البهجي الذي جاء في‬
‫تعريفه"‪ .....‬يدخل في مفهوم المكان الخاص أيضا مكان ممارسة النشاط الصناعي أ والمهني أو التجاري أ أو السياسي"‪ ،‬عصام‬
‫أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ 3‬نويري عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.931‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Gaz.Pal.1984, II, p8.‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بين اإلقامة الجماعية للعمال واألمكنة العامة‪ ،‬فقضت المحكمة بأن "اإلقامة‪....‬التي يمكنها استقبال‬
‫ذلك في حكم آخر لها‪،‬‬ ‫حوالي ‪ 311‬شخصا تشكل لهذا السبب مكانا عاما"‪ ،9‬في حين قضت بخال‬
‫صدر بتاريخ ‪ ،9111/92/93‬أدانت فيه صاحب العمل بجنحة المساس حرمة الحياة الخاصة للعمال‬
‫المقيمين بمؤسسته‪ ،‬معتبرة اإلقامة التابعة للمؤسسة مكانا خاصا ‪.2‬‬
‫‪ - 2‬حرمة المحادثات الشخصية‬
‫األحاديث الخاصة تشكل أسلوبا من أساليب الحياة الخاصة‪ ،‬ومن الطبيعي أن تنطوي على أدق‬
‫خصوصيات المرء سواء ما تعلق بحياته ا لعائلية أو المهنية أو السَياسية‪ ،‬ولقد حرمت الشريعة‬
‫ما ليس‬ ‫االسالمية التنصت واستراق السمع على األحاديث الخاصة للغير لقوله عزَ وجلَ «وال تق‬
‫لك به من علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤوال»‪.3‬‬
‫أمَا عن الحماية القانونية التي تمتد للحديث الخاص‪ ،‬فقد حرص المشرع الجزائري على‬
‫كفالتها في المادة ‪ 2/31‬من دستور ‪ 9119‬بنصها‪":‬سرية المراسالت واالتصاالت الخاصة بكل‬
‫أشكالها مضمونة"‪ ،‬كما نص قانون العقوبات في المادة ‪ 313‬مكرر فقرة األولى على معاقبة "كل من‬
‫قام أو شرع في التقاط أو تسجيل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرَية‪ ،‬بغير إذن صاحبها‬
‫أو رضاه"‪.4‬‬
‫كما يعتبر المساس باألحاديث والمكالمات الشخصية اعتداء على الحق في سرية الحياة‬
‫الخاصة‪ ، 3‬إذ يشكل قـيداً خطيراً على الحرية ال يجوز اللجوء إليه إال استثناءاً في الحاالت التي‬
‫حددها قانون االجراءات الجزائية‪.9‬‬
‫إن كانت مشكلة التنصت على المحادثات والمكالمات الشخصية مطروحا منذ القدم‪ ،9‬إلى أنه‬
‫في عاد في اآلونة األخيرة ليطرح بشكل أقوى بسبب تطور وسائل التنصت الحديثة التي جعلت من‬

‫‪9‬‬
‫‪JCP.1979, II. n° 19248. p88.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪JCP.1980, II. n° 19449, Note Bécourt, p 358.‬‬
‫‪ 3‬اآلية ‪ 39‬من سورة اإلسراء‪.‬‬
‫‪ 4‬هذا ما نصت عليه المادة ‪ 9/229‬من قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬وكذلك المادة ‪ 311‬مكرر من قانون العقوبات المصري‪.‬‬
‫‪ 3‬قد تكون المحادثات الخاصة بين شخصين أو أكثر مباشرة‪ ،‬وقد تكون غير مباشرة عبر خط الهاتف أو أي وسيلة صناعية أخرى‪،‬‬
‫ولهذا الحديث داللته إذ أن المتحدث مع الطرف اآلخر يطلق العنان لنفسه‪ ،‬يبوح له بأسراره وهو في أتم االطمئنان لعدم وجود‬
‫شريك أو دخيل ثالث يتنصت دون وجه حق لهذا الحديث الخاص‪.‬ألكثر تفصيا انظر‪ :‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.291‬‬
‫‪ 9‬جاء قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري بعدة نصوص تبيح االطالع وانتهاك حرمة الحياة الخاصة في جرائم محددة على سبيل‬
‫الحصر ال المثال وقيدها بقيود وشروط‪ ،‬وهو ما يمكن استقراؤه من نص المادة ‪ 93‬مكرر ‪ 3‬إلى المادة مكرر ‪ 91‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬ألكثر‬
‫تفاصيل اطلع على‪ :‬وهاب حمزة‪ ،‬الحماية الدستورية للحرية الشخصية خالل مرحلة االستدالل والتحقيق في التشريع الجزائري‪،‬‬
‫دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪ ،2199‬ص ‪.922-929‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫السهل استراق السمع والنظر إلى خصوصيات الغير‪ ،‬مما جعل أغلب التشريعات تجرم انتهاك‬
‫حرمة المحادثات الخاصة‪.‬‬
‫غير أنَ هذه التشريعات اختلفت في تحديد معيار معين للتمييز بين ما يعد حديثا خاصاً‪ ،‬وما‬
‫يعد حديثا عاماً‪ ،‬وبعض التشريعات أخذت بطبيعة المكان الذي يدور فيه الحديث أي التفرقة بين‬
‫المكان الخاص والمكان العام‪ ،‬والبعض االخر اعتمد على طبيعة الحديث ذاته‪.2‬‬
‫أخذ المشرع الفرنسي بالمعيار الموضوعي لتحديد طبيعة األحاديث في قانون ‪ 91‬جويلية‬
‫‪ ،9111‬حين اتخذ من طبيعة المكان الذي يدور فيه الحديث معيارا للتفرقة معتبرا أن المكان الخاص‬
‫يصبغ صفة الخصوصية للحديث‪ ،‬وذلك بموجب نص المادة ‪ 319‬التي تعاقب على تسجيل واستراق‬
‫األحاديث شريطة أن تكون هذه االحاديث قد جرت في مكان خاص‪.3‬‬
‫نظراً لالنتقادات التي وجهت للمعيار الموضوعي في ظل قانون ‪ ،9111‬استجاب المشرع‬
‫الفرنسي لذلك‪ ،‬وعدل عن موقفه في قانون العقوبات الجديد الصادر في ‪ 91‬جويلية‪ 9119‬بموجب‬
‫المادة ‪ 9/229‬واستبدل المعيار الموضوعي بالمعيار الشخصي وعبر عن ذلك " بصفة خاصة‬
‫أو سرية"‪.‬‬
‫وسَع التشريع الفرنسي من خالل هذا التعديل من نطاق تطبيق القانون ليشمل كافة صور‬
‫الحديث الذي يعبر عنه بصفة خاصة حتى ولو صدر في مكان عام‪ ،‬وهو ما أخذ به المشرع‬
‫الجزائري في المادة ‪ 313‬مكرر من قانون العقوبات سالفة الذكر‪ ،‬وأيضا المشرع األردني في المادة‬
‫‪ 341‬من ق‪.‬ع‪ ،‬حيث اعتنقوا معيار طبيعة الحديث معتبرين أن األحاديث تتسم بالخصوصية أينما‬
‫صدرت سواء كان الحديث في مكان خاص أو مكان عام‪.‬‬
‫القانون األمريكي فقد اعتنق في باديء األمر معيار المكان الخاص‪ ،‬ليعدل عنه‬ ‫أما عن موق‬
‫فيما بعد ويأخذ بمعيار نوعية الحديث خاص ًا أو عاماً‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه القضاء األمركي بقوله‬

‫‪9‬‬
‫‪Voir en ce sens : la cour d’appel de paris ; 2éme ch. civ. en date du 18 Mars 1955 qui constate la violation de‬‬
‫‪la vie privée des époux L. plaignants, car l’opération de mise sur écoute de leur récepteur téléphonique par la‬‬
‫‪police a été exécutée hors des règles de procédure pénale et des garanties de la vie privée et annula donc la‬‬
‫‪validité de la procédure.‬‬
‫‪ 2‬محمد أمين فالح الخرشة‪ ،‬جرائم االعتداء على الحق في الحياة الخاصة في القانون االردني‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬قسم‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق جامعة مؤتة‪ ،‬األردن‪ ،‬بدون سنة النشر‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Badinter (R), Protection de la vie privée contre l’écoute électronique clandestine, O.p.cit, p 243.‬‬

‫‪41‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ن كل حديث شخصي ولو في مكان يرتاده الجمهور تشمله الحماية الدستورية"‪.9‬‬


‫"أ َ‬
‫المشرع المصري الذي اعتمد معيار المكان الخاص لتحديد طبيعة الحديث‬ ‫هذا على خال‬
‫واضفاء الحماية عليه بموجب المادة ‪ 311‬ق‪.‬ع‪ ،2‬فاعتبر أن الحديث يكون خاصا إذا جرى في‬
‫مكان خاص‪.3‬‬
‫أثير التساؤل حول ما إذا كانت المحادثات التي تتم في إطار النشاط المهني تدخل في مدلول‬
‫الحياة الخاصة للعامل أم أنها تخرج عنه‪ ،‬وفي هذا اإلطار يرى اتجاه من الفقه الفرنسي أن كل ما‬
‫يتصل بالجانب المهني للعامل يخرج من نطاق الحياة الخاصة‪.4‬‬
‫كما اعتبر نفس اإلتجاه الفقهي أن التجسس على األسرار الصناعية والتجارية للشخص ال‬
‫يدخل في نطاق الحياة الخاصة‪ ،‬ومثال ذلك تسجيل محادثة هاتفية دارت بين مدير أحد المصانع‬
‫وبين أحد الموردين لمصنعه أو أحد عمالئه‪ ،‬غير أن هذا الرأي يسلم بأنه كثيرا ما تتداخل دائرة‬
‫الحياة الخاصة مع الحياة المهنية للشخص في بعض األحيان‪.3‬‬
‫على العكس من ذلك فإنه من المستقر عليه في الفقه والقضاء الفرنسي أن الحماية المقررة‬
‫للحياة الخاصة تتس ع لتشمل المحادثات الي تجري في مكان العمل‪ ،‬متى كان أطرافها قد قصدوا عدم‬
‫اسباغ العالنية عليه‪.9‬‬
‫اعتبر القضاء الفرنسي أن الحديث الذي يجري في مكان العمل من األماكن الخاصة ألنه ال‬
‫يجوز للغير دخوله دون رغبة وعلم العمال أو الموظفين‪ ،1‬حيث أدانت محكمة جنح باريس صاحبة‬
‫صيدلية عمدت إلى وضع جهاز تسجيل للتجسس على إحدى العامالت بالصيدلية‪.1‬‬
‫أيضاً أكدت محكمة النقض الفرنسية موقفها على وجود مساس بالحياة الخاصة في قرارها‬
‫المؤرخ في ‪ 9111/91/99‬في قضية قام فيها رئيسان في العمل بتسجيل محادثات كان قد أجرياها‬

‫‪ 9‬مذكور في‪ ،‬ممدوح خليل بحر مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،241‬محمد أمين فالح الخرشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.314‬‬
‫‪ 2‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 31‬الصادرة في ‪ 21‬سبتمبر ‪.9112‬‬
‫‪ 3‬في هذا الصدد حكمت محكمة جنايات القاهرة بتاريخ ‪ 13‬نوفمبر ‪ 9119‬بإدانة موظف لكونه استغل عمله الذي يمكنه من معرفة‬
‫أرقام المتحدثين تليفونيا‪ ،‬كون أن المتهم اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للم عتدى عليهم بأن استرق السمع عن طريق أجهزة‬
‫االتصاالت التليفونية لمحادثات جرت في أمكنة خاصة وذلك اعتمادا على سلطة وظيفتيه‪ .‬القضية رقم ‪ 9194‬لسنة ‪.9119‬‬
‫‪4‬‬
‫‪RAVANAS (J) op.cit , p19.‬‬
‫‪ 3‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬الصحافة والحماية الجنائية للحياة الخاصة – دراسة مقارنة‪ -‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،2111 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 9‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21،31‬‬
‫‪1‬‬
‫‪T.G.I saint. E Tiennes, 10 avr. 1977. D.S.1978, p 122.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪T.G.I Paris 7 Nov. 1975, D.1976. p 270.‬‬

‫‪49‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مع أحد عمالهما‪.9‬‬


‫بناءا على ذلك ذهب الفقه الفرنسي‪ 2‬إلى أن وضع أجهزة التنصت والتسجيل داخل المؤسسات‬
‫والشركات لتسجيل كافة المحادثات التي تدور خالل فترة العمل تعتبر أعماال غير مشروعة تحت‬
‫المصانع للتنصت على محادثات‬ ‫طائلة قانون العقوبات‪ ،‬كما ال يجوز وضع أجهزة في مقص‬
‫العمال أثناء راحتهم‪.3‬‬
‫تبقى عملية غير مشروعة كل التسجيالت المنجزة عبر مسجالت الصوت‪ ،‬وغيرها من‬
‫المحادثات الخاصة والسرية التي تمس الحياة الخاصة‪ ،‬وينطبق هذا التجريم على مكان العمل حيث‬
‫يزاول العامل مهنته‪ ،‬فال يجب التنصت على محادثاته‪ ،‬وااللتزامات الناتجة عن عقد العمل يجب أن‬
‫تحترم حياة العامل الخاصة‪.4‬‬
‫كما ينطبق هذا التجريم على مكان إقامة العمال التابع للمؤسسة‪ ،‬وهذا ما تبنته محمة استئنا‬
‫‪ Besançon‬الفرنسية في القرار الصادر عنها بتاريخ ‪ ،9111/92/93‬يتعلق األمر بوقائع ملخصها‬
‫أن صاحب العمل قام بوضع جها ز رقابة في إحدى إقامات العمال التابعة للمؤسسة‪ ،‬يسمح بتسجيل‬
‫التابع لتلك اإلقامة‪ ،‬وتم ذلك‬ ‫محتوى المكالمات الهاتفية الصادرة والواردة من وإلى مخدع الهات‬
‫بغرض التحقق من عدم اإلفراط في مكالمات أولئك العمال المقيمين بمؤسسته‪ ،‬وبعد متابعة ذلك‬
‫المدير قضائيا أدانته محكمة الجنح بجنحة المساس بحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬على أساس أنه " بوضعه‬
‫منظومة التصنت‪ ،‬يكون قد بيّ ت على مفاجأة أسرار الغير‪ ،‬وعند اإلقتضاء‪ ،‬مفاجأة أسرار متعلقة‬
‫بالحياة الخاصة"‪.3‬‬
‫أيَد قضاة الدرجة الثانية ذلك الحكم اإلبتدائي‪ ،‬وصادقو على األسباب التي استند‬ ‫عند االستئنا‬
‫عليها‪ ،‬في هذه القضية كان للقضاء الفرنسي مرجعية تتمثل في واقعة أن وضع جهاز في مكان‬
‫بقصد سماع أحاديث الغير يستخلص منه وجود إرادة في انتهاك حرمة الحياة الخاصة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪KAYSER (p), La protection de la vie privée par le droit. Protection du secret de la vie privée, o.p.cit , p396.‬‬
‫‪2‬‬
‫ي كان‪ ،‬سواء تعلق األمر بشخص خاص‬ ‫من بين هؤالء الفقهاء نذكر الفقيه ‪ GASSIN‬الذي قال «ليس هناك شك أن يمنع على أ َ‬
‫أو برئيس مؤسسة تحت طائلة قانون العقوبات الجزائية‪ ،‬من القيام بتسجيل أقوال الغير دون علم هذا الغير» وفي هذا الصدد كتب‬
‫الفقيه ‪ LINDON‬يقول‪ « :‬مادام االمر يتعلق بتسجيل مكالمة هاتفية من طرف أحد المتهاتفين دون علم اآلخر ‪...‬؛ فإن الجنحة‬
‫تكون قد ارتكبت»ألكثر تفاصيل ارجع إلى‪ :‬نويري عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.912‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Voir également : RAVANAS (J), o.p.cit, p 20.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Voir l’affaire du micro caché : T.G.I.l Paris 19 mars 2006, D2007, 1534. Obs. L. MARINO. Le jugt. en‬‬
‫‪faveur du salarié ; au motif que : «Constitue une attente à la vie privée au sens de l’art. 226/1 c. pen. Et‬‬
‫‪l’art.9, c.civ, le fait pour un employeur d’avoir installé, dans des condition de clandestinité, un microphone‬‬
‫‪dans le bureau d’une attachée de presse ».‬‬
‫‪3‬‬
‫‪JCP.1980, II. n° 19294, Note Lindon, p 358.‬‬

‫‪42‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -3‬حرمـة المراسالت‬
‫تعد الرسائل من أهم عناصر الحق في الحياة الخاصة في التشريعات المقارنة‪ ،‬وأيضا التشريع‬
‫الجزائري الذي كفل حرمة المراسالت وسريتها في الفقرة الثانية من المادة ‪ 31‬من دستور‪،9119‬‬
‫ألن الرسائل مهما كان نوعها ما هي إال ترجمة ألفكار شخصية وآراء خاصة ال يجوز لغير‬
‫مصدرها ومن توجه إليه اإلطالع عليها‪.9‬‬
‫تحظى المراسالت بالحماية القانونية‪ 2‬مهما كان شكلها من رسائل تقليدية عن طريق الرسول‬
‫أو التلكس‪ ،‬إلى أحدثها وهي‬ ‫أو عبر البريد العادي والبرقيات و الفاكس أو عبر جهاز التلغرا‬
‫الرسائل االلكترونية أو رسائل البريد االلكتروني‪ ،‬وسواء‬
‫أو مفتوحة أو كانت في بطاقة مكشوفة‪.‬‬ ‫مغلق‬ ‫كانت هذه الرسائل داخل ظر‬
‫أما عن الرسائل اإللكترونية المذكورة والتي ترسل عن طريق شبكة األنترنت بواسطة‬
‫الحاسب اآللي‪ ،‬فإن القانون‪ 3‬يحمي سريتها خاصة من اإلنتهاك الذي يحدث عند اإلطالع عليها‪،‬‬
‫أو نقلها‪ ،‬وهذه الحماية ال تقتصر على حرمة المراسالت الشخصية المرسلة الى البيت وإنما تتعداها‬
‫إلى مكان العمل وأثناء مزاولته‪.4‬‬
‫تلعب الوسائل العلمية الحديثة دوراً كبيراً في فض الرسائل السرية المغلقة‪ ،‬دون أن يترك‬
‫ذلك أثر يثبت بأن تلك الرسائل قد تم فحصها أو اإلطالع عليها‪ ،‬وهذا ما يشكل خطر على حرمة‬
‫االتصاالت عبر رسائل البريد اإللكتروني التي قد يتلقاها العامل حتى في أوقات عمله‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫‪ 2‬هذه الحماية واردة في مختلف القوانين المقارنة‪ ،‬على سبيل المثال‪ :‬المادتين ‪ 93- 9،229-229‬عقوبات فرنسي‪ ،‬المادتين ‪311‬‬
‫مكرر‪ 311 ،‬مكرر (أ) عقوبات مصري‪ ،‬وفي التشريع الجزائري نجد المادتين ‪ 313‬و ‪( 931‬المضافتين بالقانون رقم ‪23-19‬‬
‫المؤرخ في ‪ )2119-92-21‬عقوبات جزائري‪ ،‬تتعرض المادة االولى النتهاك حرمة المراسالت من طرف الخواص‪ ،‬والثانية‬
‫لتعسف السلطة العامة في الموضوع ذاته‪.‬‬
‫‪ 3‬انظر المادة ‪ 314‬مكرر وما بعدها من قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬يقابلها في التشريع الفرنسي القانون رقم ‪ 91-11‬المؤرخ في‬
‫‪ 19‬جانفي ‪ 9111‬الذي جاء في المادة ألولى منه تنظيم الوسائل االلكترونية عن طريق وضع أحكام ترمي إلى حماية حياته‬
‫الخاصة والحريات الشخصية‪ ،‬وأيضا التوجيهة االوروبية رقم ‪ )Directive 2002/ 58/CE( 2002/58‬الصادرة عن مجلس‬
‫االتحاد االوروبي بتاريخ ‪ 92‬جويلية ‪ 2112‬الخاصة بحماية الحياة الخاصة في قطاع المراسالت االلكترونية‪.‬‬
‫أما في التش ريع األمريكي نجد قانون خصوصية االتصاالت االلكترونية الصادر في ‪ ،9119‬باللغة اإلنجليزية‪:‬‬
‫‪(ECPA: Electronic Communication Privacy Act).‬‬
‫‪4‬‬
‫‪MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F) , « Leçons de droit civil les personnes, T.I , 2eme Vol, 8eme ed ,‬‬
‫‪Montchrestien , 1997 , p397-399.‬‬

‫‪43‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫القانون واضح وصارم في مد الحماية للحياة الخاصة في أوقات العمل‪ ،‬إذ ال يحق لصاحب‬
‫العمل وال لباقي الزمالء اآلخرين في العمل‪ ،‬اإلطالع على سرية الرسائل متى تلقاها العامل لنفسه‬
‫أو أرسلها لغيره طالما أنها ال تدخل في إطار العمل الذي يقوم به في تلك المؤسسة‪.9‬‬
‫هذا ما أقرَته محكمة النقض الفرنسية في ‪ 2‬أكتوبر ‪ 2119‬في قضية ‪ ،Nikon feanc‬حيث‬
‫قضت أن الرسائل اإللكترونية التي يرسلها العامل أو يستقبلها على الحاسب الخاص بصاحب العامل‬
‫تدخل في نطاق حياة العامل الخاصة‪ ،‬وعليه يحظر اإلطالع عليها أو المساس بسريتها‪ ،2‬وهو ما‬
‫أقرته أيضا في قرارات عديدة صدرت بعد سنة ‪ 2119‬مثل القرار الصادر عنها بتاريخ‪92‬‬
‫أكتوبر‪ ،3 2114‬الذي يمنع صاحب العامل من فتح الملفات الشخصية للعامل المتواجب بكومبيوتر‬
‫المؤسسة لما يشكله من انتهاك لحياته الخاصة‪.‬‬
‫‪ - 4‬حرمة الحياة العائلية‬
‫جوانبها عاطفية‪ ،‬زوجية‪ ،‬أسرية تعد من أدق عناصر الحياة‬ ‫إنَ الحياة العائلية بمختل‬
‫الخاصة‪ ،‬وسواء تعلقت بخطبة أو زواج أو طالق أو أبوة فإنه ال يجوز المساس بها عن طريق‬
‫عنها للجمهور سواء كانت حقيقية أم خيالية‪،‬‬ ‫أو بأية وسيلة كانت‪ ،‬وعدم الكش‬ ‫النشر في الصح‬
‫كنشر أخبار عن خطبة أحد االشخاص‪ ،‬أو عالقة الزوج بزوجته‪ ،‬ومدى نجاح العالقة‪ ،‬وما يترتب‬
‫عليها من نتائج كالطالق أو الزَواج الجديد‪ ، 4‬وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بعدم جواز نشر‬
‫المغامرات العاطفية ألن الحياة العاطفية تعد من أخص أمور الحياة الخاصة‪.3‬‬
‫اعتبر القضاء الفرنسي أن الحياة العاطفية تشمل الذكريات الشخصية‪ ،‬فال يجوز نشرها إلى‬
‫بعـد موافقة صاحبها‪ ،‬وذهبت محكمة النقـض الفرنسية على أن إلعتـداء على الحـياة الخـاصة‬
‫المرأة متزوجة ينطوي على اعتداء حق الزوج في الحياة الخاصة‪.9‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Voir cass. Sociale du 17 Mai 2007.L’arrêt fut prononcé en faveur de l’employeur, déclarant que‬‬
‫‪« L’ouverture des fichiers personnels, effectuée hors présence de l’intéresse n’était justifiée par aucun ou‬‬
‫‪événement particulier ».‬‬
‫‪2‬‬
‫الملحق رقم ‪Arrêt n° 4164 du 2 octobre 2001, Cour de cassation - Chambre sociale, N° de pourvoi: 99-42942.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪3‬‬
‫الملحق رقم ‪Cass.soc, 12 octobre 2004, N° 02-40392, Bull 2004, N° 245, p 226. 12‬‬

‫‪4‬‬
‫كريم مزعل شبي الساعدي‪ -‬حسن محمد كاظم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.civ, 11 juin 1991, bull, civ, 1991-1-195.‬‬
‫‪ 9‬االطالع في هذا الصدد عن الحكمين الصادرين عن القضاء الفرنسي اآلتيين‪:‬‬
‫‪- Cass.Civ : 25/02/1966, Gaz-pal 1967-1, p 201‬‬
‫‪- Cass.Civ : 06/01/1971, J.C.P 1971-2, p723.‬‬

‫‪44‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أكدَ الفق ه بأن الحق في الحياة الخاصة ال يخص حياة الشخص نفسه‪ ،‬وإنما يمتد ليشمل أسرته‬
‫أيضا سواء حصل االعتداء في حياته أو بعد مماته‪ ،‬وهو ما قضت به محكمة مارسيليا في حكم لها‬
‫يتعلق بالحياة الخاصة للعائلة‪ ،‬في قضية تتلخص وقائعها في أن أحد الصحفيين كان قد نشر جزء‬
‫فصل عن‬ ‫من الحياة الخاصة لزوجة أحد المحاميين‪ ،‬والتي سبق زواجها من رجل شرطة معرو‬
‫عمله لسوء سلوكه وتورطه مع عتاه اإلجرام ليتلقى حتفه على أيديهم‪ ،‬وقد رأى الزوج الحالي لهذه‬
‫السيدة أنَ ما تم نشره من وقائع يعد قذفا في خصوصية األسرة‪ ،‬مطالبا بالحماية القانونية والحكم له‬
‫بالتعويض‪ ،‬وقد قررت المحكمة أن مثل تلك الوقائع يعد من قبيل االعتداء الصارخ على حق األسرة‬
‫في الخصوصية ‪ ،‬ويحق لألسرة أن تدافع عنه حتى في حياة الشخص نفسه‪.9‬‬
‫تعتبر من قبيل الحياة الخاصة األمور العائلية المتصلة بمسألة النسب‪ ،‬الكفالة والتبني‪ ،2‬مسألة‬
‫الحمل أو ا ألمومة‪ ،‬ويشترط لحماية أسرار الحياة الزوجية؛ أن يكون السر متعلق بالحياة الزوجية‪،‬‬
‫وأنَ ال توجد دعاوى قدر رفعت بين الزوجين بسبب رابطة الزواج‪.‬‬
‫‪ - 5‬الحالة الصحية‬
‫تعتبر الحالة الصحية وما تتصل بها من رعاية طبية وعالج جزءاً من الحياة الخاصة‬
‫للشخص‪ ،‬والتي يحرص على إخفائها عن الكافة‪ ،‬و قد تؤدي أحيانا االصابة باألمراض إلى حد‬
‫االنسحاب من الحياة العامة‪.‬‬
‫تدخل في إطار الحالة الصحية للشخص كل ما يتعلق باألمراض التي تصيبه وتلقيه العالج‬
‫وأسباب ذلك سواء كانت هذه األسباب جسمانية أم نفسية أم عقلية‪ ،‬فال يجوز النشر عنها بدون إذنه‪،‬‬
‫وإال اعتبر ذلك انتهاكا لخصوصية هذا الشخص‪ ،‬ألن في مثل هذه الحاالت أحوج ما يكون االنسان‬
‫إلى الهدوء والسكينة‪ ،‬بعيدا عن تطفل الغير وازعاجهم‪.3‬‬
‫في عدة‬ ‫حرصت القوانين المقارنة على حماية الحياة الصحية‪ ،‬كما ساير القضاء هذا الموق‬
‫قضايا طرحت أمامه‪ ،‬وتشمل هذه الحماية كل أنواع األمراض والعالج وأسبابه و كيفياته سواء تم‬
‫ذلك في داخل الوطن أو خارجه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Trip. Marseille, 13 juin 1975, p 643. Voir en ce sens LINDON (R), la création prétorienne en matière de‬‬
‫‪droit de la personnalité et incidence sur la notion de famille, Dalloz, Paris, 1974, p 107.‬‬
‫‪ 2‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫‪ 3‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.931‬‬

‫‪43‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بواسطة‬ ‫عن الحالة الصحية للشخص بدون إذن محظور قانونا‪ ،‬سواء كان هذا الكش‬ ‫الكش‬
‫أو المجالت أو بواسطة الطبيب ومساعديه أوالصيادلة وحتى أعضاء المؤسسات‬ ‫النشر في الصح‬
‫االستشفائية‪.9‬‬
‫ن المعلومات ذات الطابع الطبي تحاط بحماية قانونية لما لألطباء من التزام قانوني بالمحافظة‬
‫إَ‬
‫على سر المهنة‪ ،‬حيث نجد أن المشرع الجزائري نص على وجوب التزام الطبيب بالحفاظ على‬
‫السر الطبي‪ ،‬فجاء نص المادة ‪ 9/219‬من القانون ‪ 91/11‬المعدل والمتمم لقانون حماية الصحة‬
‫المريض وحماية شخصيته بكتمان السر المهني الذي يلزم به كافة‬ ‫وترقيتها‪ « :‬يضمن احترام شر‬
‫االطباء وجراحو االسنان والصيادلة »‪.2‬‬
‫هذا اإللتزام يقع أيضا على عاتق طبيب العمل في مجال طب العمل بالتزامه بعدم إفشاء‬
‫أسرار العامل الصحية لغ ير الهيئات المحددة قانونا كهيئة الضمان االجتماعي وكذا مفتشية العمل‬
‫المختصة إقليما‪.‬‬
‫يترتب على انتهاك هذا السر المهني أن يقع هؤالء تحت طائلة أحكام المادة ‪ 319‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‬
‫التي تنص «يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من ‪ 21.111‬إلى ‪ 911.111‬دج‬
‫األطباء والجراحون والصيادلة والقابالت‪ ،‬وجميع األشخاص المؤتمنين بحكم الواقع أو المهنة‬
‫أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة على أسرار أدلي بها إليهم وأفشوها في غير الحاالت التي يوجب‬
‫عليهم فيها القانون إفشائها ويصرح لهم بذلك »‪.‬‬
‫يكتسي هذا الحق أهمية خاصة لدى التشريعات المقارنة‪ ،‬كما هو عليه الحال في القانون‬
‫‪ L991-4‬من‬ ‫الفرنسي‪ ،‬إذ نص المشرع الفرنسي على هذا االلتزام وحدد مضمونه في المادة‬
‫قانون الصحة العامة الفرنسي على أنه "كل شخص توَلَى العناية به صاحب مهنة صحية أو مؤسسة‬
‫أو شبكة صحية أو أي منظمة أخرى تشارك في الوقاية أوالعالجات‪ ،‬له الحـق في احترام حياتـه‬
‫الخاصة وسرية المعلومات المتعلقة به‪.3‬‬
‫‪ - 2‬الذمة المالية‬
‫من أهم المسائل التي تعتبر من صميم الحياة الخاصة ما يتعلق بالذمة المالية‪ ،‬وهي ما‬
‫للشخص من حقوق وواجبات مالية‪ ،‬وتعد من أدق أسرار االنسان‪ ،‬ال يجوز االطالع على كل ما‬

‫‪ 9‬فريحة كمال‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجيستر في القانون الخاص‪ ،‬تخصص قانون المسؤولية المهنية‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسة ‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪ ، 2192‬صر‪.912‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ 91/11‬مؤرخ في ‪ 39‬جويلية ‪ ،9111‬ج‪.‬ر عدد ‪ 33‬مؤرخة في ‪ 93‬أوت ‪.9111‬‬
‫‪ 3‬أضيفت هذه المادة بموجب المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 2112/313‬الصادر بتاريخ ‪ 2112/13/14‬والمتعلق بحقوق المريض‬
‫وجودة نظام الصحة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يتعلق بها‪ ، 9‬وقد أفرز التقدم العلمي من وسائل التعدي على األسرار المالية لإلنسان ما يجعل الذمة‬
‫المالية للشخص محل تهديد دائم‪ 2‬نتيجة تتنوع هذه الوسائل‪ ،‬وعليه تتعدد النصوص القانونية التي‬
‫تفرض الحفاظ على الذمة المالية‪.3‬‬
‫يندرج ضمن الذمة المالية مرتبات الموظفين العاملين بالقطاع العام والحكومة‪ ،‬وأجور‬
‫العاملين بالقطاع الخاص والعام‪ ،‬وأتعاب أصحاب المهن الحرة‪ ،‬ويميز بعض الفقهاء بين مرتبات‬
‫الموظفين العاملين بالقطاع العام‪ ،‬والحكومة التي تحدد بمقتضى القوانين واللوائح وهي بدورها‬
‫منشورة في الجرائد الرسمية ومتى أعلنت فقدت خصوصيتها‪ ،‬وبين أجور العمال العاملين بالقطاع‬
‫الخاص التي تعتبر من أهم مظاهر الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬حيث أنها ال تنشر للكافة و تظل لها‬
‫خصوصيتها‪ ، 4‬ويشكل انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة نشر العمليات المالية التي يقوم بها الشخص‪،‬‬
‫وحجم ثروته‪ ،‬ونشر رقم الضريبة المفروضة عليه‪ ،‬وأيضا نشر مقدار الوصية والتركة‪.3‬‬
‫المشرع الجزائري من الذمة المالية وأسرارها في عدة قوانين‪ ،‬فهو يحمي‬ ‫يتجلى موق‬
‫سريتها من خالل قانون النقد والقرض الصادر بموجب األمر رقم ‪ 99/13‬المؤرخ في ‪ 29‬أوت‬
‫‪ 2113‬الذي يلزم العاملين في البنوك مهما كانت دراجاتهم سواء كانوا مسيرين أو مستخدمين‬
‫بضرورة الحفاظ على السر المهني وعدم إفشاء ما يتعلق بالذمة المالية لألشخاص‪ ،9‬ويشمل سر‬
‫الوثائق‬ ‫الذمة المالية كل المعلومات المتعلقة بالزبون أو العميل من مراسالت وحسابات ومختل‬
‫البنكية المتعلقة بالزبون‪. 1‬‬
‫أما عن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته رقم ‪ 19/19‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬فيفري ‪2119‬‬
‫السامية التصريح بممتلكاته عند تولي الوظيفة وعند‬ ‫العمومي في الوظائ‬ ‫نجده يلزم الموظ‬
‫انتهائها‪ ،‬ولكن هذا اإلستثناء ال يشكل خطورة على الذمة المالية ألن التصريح بها يكون من‬
‫إختصاص جهة معينة ومحددة‪ ،1‬يلتزم األشخاص المكونين لها بعدم إفشاء هذه التصريحات‪ ،‬إالَ إذا‬
‫تعلق األمر بجريمة‪.‬‬

‫‪ 9‬كريم مزعل شبي الساعدي‪ -‬حسن محمد كاظم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 2‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ 3‬مثال ذلك‪ :‬القانون رقم ‪ 99/13‬المؤرخ في ‪ 2113/11/29‬المتعلق بالنقد والقرض المعدل والمتمم باألمر رقم ‪ 14/91‬الصادر‬
‫‪ ،2191 /11/29‬والقانون رقم ‪ 19/13‬المؤرخ في ‪ 2113/14/19‬المتعلق بالوقاية من تبييض األموال‪ ،‬والقانون رقم ‪19/19‬‬
‫المؤرخ في ‪ 2119/12/21‬المتعلق بالوقاية من الفساد‪.‬‬
‫‪ 4‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ 3‬محمود عبد الرحمان محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪ 9‬الحاسي مريم‪ ،‬التزام البنك بالمحافظة على السر المهني‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجيستر‪ ،‬تخصص مسؤولية المهنيين‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2192-2199‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 1‬صفية بتاشن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫‪ 1‬تتمثل هذه الجهة في القانون الجزائري سالف الذكر في الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد وكافحته والمنشئة بموجب المادة ‪ 91‬منه‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كرَست التشريعات المقارنة حماية الذمة المالية وسريتها في عدة قوانين من بينها القانون‬
‫المدني الفرنسي في مادته التاسعة‪ ،‬والتشريع المصري من خالل القانون ‪ 931‬لسنة ‪9119‬‬
‫بخصوص الضرائب‪ ،‬والقانون رقم ‪ 213‬لسنة ‪ 9111‬بشأن سرية البنوك‪.9‬‬
‫اآلراء السياسية والمعتقدات الدينية‬ ‫‪-2‬‬
‫تعد اآلراء السياسية مظهراً من مظاهر الحياة الخاصة‪ ،‬وهي تلك اآلراء غير المعلنة للمواطن‬
‫بخصوص األحزاب السياسية القائمة المتنافسة فيما بينها من أجل كسب ثقة الجمهور وتأييد أكبر‬
‫عدد ممكن من الجمهور‪ ،‬كما يعتبر مساسا بالخصوصية نشر صورة شخص وهو يمسك ببطاقة‬
‫عمن صوت له‪ ،‬أو إذا انطوت على تركيب للصورة يغير من‬ ‫التصويت اإلنتخابية بصورة يكش‬
‫حقيقة وضعه أثناء اإلنتخابات‪.2‬‬
‫عنها بدون‬ ‫القانون يحمي هذه اآلراء السياسية عن طريق سرية التصويت‪ ،3‬فال يجوز الكش‬
‫موافقة الشخص ومن تم فإن نشر صورة شخص في إعالنات إحدى االحزاب السياسية بصورة تثير‬
‫االعتقاد أنه ينظم إلى هذا الحزب يعتبر من قبيل المساس بالحياة الخاصة‪.‬‬
‫أما المعتقدات الدينية هي حق الشخص في اعتناق ما يشاء من األديان‪ ،‬أو عدم اعتناقه ألي‬
‫عن ذلك ألي جهة أو فرد‪ ،4‬ويذهب الفقه الفرنسي إلى أن المعتقدات‬ ‫دين‪ ،‬وهو غير ملزم بالكش‬
‫الدينية للشخص تعتبر من المسائل التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة‪.‬‬
‫االعتقاد الديني يعتبر من األمور النفسانية التي تقوم بين اإلنسان وربه‪ ،‬لذك فإن مبدأ حماية‬
‫الشخص ضد أي ضغط أو إكراه ديني وحرمة عقيدته يتطلب حمايته ضد الفضولية وتطفل الغير‪،‬‬
‫ضمانا الحترام حقه في الحياة الخاصة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫عناصـر الحياة الخاصة المختلف فيها‬
‫فقهي وقضائي بشأن دخولها‬ ‫كانت وال تزال بعض العناصر المهمة محل جدل وخال‬
‫أو عدم دخولها في نطاق الحياة الخاصة للشخص ومن أهمها الحق؛ في االسم والحق في الصورة‪،‬‬
‫الحق في حرمة جسم االنسان والحق في سرية الحياة المهنية أوالوظيفية‪ ،‬وكذا الحق في قضاء‬
‫أوقات الفراغ‪.‬‬

‫‪ 9‬القانون رقم ‪ 213‬لسنة ‪ 9111‬بشأن سرية البنوك‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 31‬مؤرخة في ‪.9111/91/12‬‬
‫‪ 2‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫‪ 3‬كريم مزعل شبي الساعدي‪-‬حسن محمد كاظم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 4‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.991‬‬

‫‪41‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1‬الحق في االسم‬
‫االسم هو الوسيلة أو العالمة التي بها تتحدد ذاتية كل شخص‪ ،9‬فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بحالة‬
‫على أنه « اللفظ الذي يستخدم عادة لتحديد الشخص وتمييزه عن‬ ‫الشخص وبشخصيته‪ ،2‬وقد عر‬
‫غيره من األشخاص‪ ،‬وقد يستخدم االسم بالمعنى الضيق‪ ،‬للداللة على اسم صاحبه وحده‪ ،‬كما قد‬
‫يستخدم بالمعنى الواسع لبيان اسم الشخص ولقبه»‪.3‬‬
‫ثار جدل فقهي حول ما إذا كان اسم الشخص عنصرا من عناصر حياته الخاصة أم ال‪ ،‬فاتجه‬
‫جانب من الفقه والقضاء إلى أنه لما كان الحق في الحياة الخاصة يعني حق الشخص في أن يعيش‬
‫حياته كما يشاء دون أدنى تدخل من الغير‪ ،‬فإن هذا الحق يشمل أول ما يشمل حماية الحق في االسم‬
‫ضد أي اعتداء‪ ،4‬ومن تم يعتبر عنصرا من عناصر حياته الخاصة‪.‬‬
‫باريس في‬ ‫يجد هذا االتجاه بعض التطبيقات القضائية في فرنسا‪ ،‬حيث أدانت محكمة استئنا‬
‫حكم لها في ‪ 91‬ماي ‪ 9111‬إحدى المجالت التي كانت قد كشفت عن االسم الحقيقي ألحد الفنانيين‬
‫على النحو الذي تمكن معه الجمهور من التطفل على خصوصياته‪.‬‬
‫كان المعتدى عليه في القضية يمارس عمله الفني باسم مستعار حرصا منه على الفصل بين‬
‫حياته المهنية و حياته الخاصة‪ ،‬وهو السبب الذي جعل المحكمة ترى أن االعتداء الواقع على اسمه‬
‫كان من قبيل االعتداء على الحق في الحياة الخاصة‪.3‬‬
‫بينما ذهب اتجاه آخر من الفقه ‪ -‬وهو االتجاه الغالب‪ -‬على العكس من ذلك‪ ،9‬فاعتبر أن حق‬
‫في االسم ال يعد من قبيل الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬بل هو أحد الحقوق اللصيقة بالشخصية‪ ،‬وذلك‬

‫‪ 9‬بيرك فارس حسين الجبوري ‪ ،‬حقوق الشخصية وحمايتها المدنية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2199 ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 2‬هذا ما ورد في حكم المحكمة االوروبية لحقوق االنسان الصادر في ‪ 22‬فبراير ‪.9114‬‬
‫‪C.ED.H du 22 fév. 1994 : BURCHARTZ/SUISSE. La cour déclare que : « Le nom, en tant que moyen‬‬
‫‪d’identification personnelle et de rattachement à une famille, intéresse la vie privée et familiale de‬‬
‫‪l’individu ».‬‬
‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬
‫‪ 4‬هذا ما أكدت عليه المحكمة االوروبية لحقوق االنسان مرة أخرى في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 91‬جوان ‪ 2113‬والذي جاء فيه‪:‬‬
‫‪« Le nom de la personne est réellement un élément de la vie privée et familiale ». C.E.D.H, 17 Juin 2003,‬‬
‫‪PILAR de la CIERVA C/Espagne ; 13-07-2006 JAGGI C/ Suisse.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cour de cassation Paris, 1970.Dalloz, 1970.P 466.‬‬
‫‪ 9‬انظر حسام الدين كامل االهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ -19‬محمود عبد الرحمان محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ -211‬أحمد فتحي‬
‫سرور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 11‬و ‪ ، 11‬حيث يعتبر هذا االخير أن مجرد استعمال االسم دون موافقة صاحبه ال يعتبر اعتداء على‬
‫حرمة حياته الخاصة ما لم يكن مقرونا بذكر أسرار عن حياته الخاصة‪ .‬أما في الفقه الفرنسي فيمكن الرجوع الى‪:‬‬
‫‪LINDON (R), Les droit de la personnalité, op.cit, p 17, N°36, FERRIER (D), OP.cit, p165.‬‬

‫‪41‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لفقدانه صفة السرية التي تتسم بها حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬ألن االسم يتميز بأكبر قدر من العالنية‪،‬‬
‫ومن تم ال يكون االعتداء عيه بكشفه للغير‪ ،‬وإنما يكون بالخلط في االسماء وانتحالها‪.9‬‬
‫المشرع الجزائري فقد نص في المادة ‪ 21‬من القانون المدني على «يجب أن‬ ‫أما عن موق‬
‫القانون الجزائري يتفق‬ ‫يكون لكل شخص اسم ولقب يلحق أوالده»‪ ،‬وعليه يمكن القول أن موق‬
‫والرأي المنكر العتبار االسم عنصرا من عناصر الحياة الخاصة‪ ،‬وبالتالي ال يتم اإلعتداء عليه‬
‫بكشفه للغير‪ ،‬وإنما يأخذ االعتداء على االسم صورا أخرى كانتحالته من قبل الغير‪.2‬‬
‫‪ - 2‬الحق في الصورة‬
‫تعد الصورة انعكاسا لشخصية االنسان ليس في مظهرها المادي فحسب‪ ،‬بل في مظهرها‬
‫المعنوي‪ ، 3‬ألنها المرآة التي تعكس مشاعره وانفعاالته‪ ،‬وتعبر عما يخفيه المرء بداخله‪ .‬فالصورة‬
‫عن ذاته وترصد مكنونات نفسه‪.4‬‬ ‫سمة مميزة للشخص وبصمة خارجية له تكش‬
‫لعلَ التقدم الذي شهده قطاع التصوير وأدواته بشكل خاص‪ ،‬خلق نوعا من التحدي أمام‬
‫االنسان الذي يرغب في كل األحوال أن تظل حياته الخاصة بعيدة عن أعين االخرين والمتطـفلين‪،‬‬
‫في الوقت الذي أصبح فيه من السهل التسلل الى خصوصيات الفرد واالعتداء عليها‪.3‬‬
‫الفقه حول مدى اعتبار الحق في الصورة عنصرا من عناصر الحق في الحياة الخاصة‪،‬‬ ‫اختل‬
‫إذ اعتبر البعض بأن االعتداء على الصورة في حاالت معينة من قبيل المساس بالحياة الخاصة‪ ،9‬بل‬
‫اعتبروها من أكثر العناصر قدسية‪ ،1‬وفي حاالت أخرى ينظر إليه على أنه حق مستقل‪ ،‬يرجع‬
‫أنصار اإلتجاه القائل باستقاللية الحق في الصورة عن الحق في الحياة الخاصة أن هذه األخيرة‬
‫تحمي الجانب المعنوي من شخصية الفرد‪ ، 1‬أما الحق في الصورة فيحمي الجانب المادي لجسم‬
‫االنسان‪.1‬‬
‫إن الحق في الصورة يخول لصاحبه حق اإلعتراض على تصويره أثناء ممارسته لحياته‬
‫العامة‪ ،‬وإن كان الحق في الصورة يصاحبه غالبا اعتداء على الحق في الحياة الخاصة فإن ذلك ال‬

‫‪ 9‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬


‫‪ 2‬انظر المادة ‪ 41‬من القانون المدني الجزائري « لكل من نازعه الغير في استعمال اسمه دون مبرر‪ ،‬ومن انتحل الغير اسمه أن‬
‫يطلب هذا االعتداء والتعويض عما يكون قد لحقه من ضرر»‬
‫‪ 3‬علي أحمد عبد الزعبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪ 4‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 3‬جعفر محم ود المغربي‪ ،‬حسين شاكر عساف‪ ،‬المسؤولية المدنية عن االعتداء على الحق في الصورة بواسطة الهاتف المحمول‪،‬‬
‫دار الثقافة‪ ،‬المملكة األردنية‪ ،2191 ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪9‬‬
‫‪LINDON (R), La presse et la vie privée , op.cit, p 5.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪RAVANAS (J), op.cit.p129, LINDON (R), La presse et la vie privée, op.cit, p 6.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪CARBONNIER (J), op.cit.p 63.‬‬
‫‪ 1‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يعني الخلط بين الحقين‪ ،‬فلإلنسان اإلعتراض على تصويره حتى لو كان ذلك ال يمثل اعتداء على‬
‫حياته الخاصة‪.‬‬
‫عمد القضاء الفرنسي الى حماية الحق في الصورة بصفة مستقلة عن حماية الحياة الخاصة‪،‬‬
‫وأقرَ أنه يمكن أن يكون الحق في الصورة محال لالعتداء حتى لو أثناء ممارسة الشخص للحياة‬
‫العامة‪ ،9‬غير أن الرأي الغالب في الفقه يعتبر هذا الحق ذو طبيعة مزدوجة إذ يمكن حمايته باعتباره‬
‫عنصر من عناصر الحق في الحياة الخاصة‪ ،2‬كما يمكن حمايته أيضا بوصفه حقا قائما بذاته‬
‫ومستقال‪ ،‬كونه يدخل في دائرة حقوق الشخصية‪.3‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬أقرَ القضاء الفرنسي أنه حتى وإن كان للمستخدم الحق‬ ‫بهد‬
‫في التعرض لبعض الجوانب الخاصة ألسباب تتعلق بحسن أداءه لعمله‪ ،‬أو ألسباب أمنية في مكان‬
‫العمل ‪،‬كأن يصدر المستخدم تعليمات تقتضي ضرورة لبس هندام معين كالمآزر أو الخـوذة مثال‪،‬‬
‫أو منع ارتداء اللباس الرياضي في مكان العمل‪ ،4‬فإن للعامل الحق في احترامه حياته الخاصه‪ ،‬إذ‬
‫يمنع على المستخدم مراقبة تصرافاته بأية وسيلة كانت في أوقات العمل أو خارجها بالتصوير‬
‫أو التجسس عليه‪.3‬‬
‫بالحق في الصورة وحمايته‪ ،‬من بينها‬ ‫أمام هذه األهمية بادرت بعض التشريعات إلى االعترا‬
‫التشريع الجزائري حيث نص قانون العقوبات الجزائري في المادة ‪ 313‬مكرر فقرة ‪ 2‬على تجريم‬
‫تصوير شخص في مكان خاص بغير إذنه أو رضاه‪ ،‬سواء أكان ذلك بااللتقاط أو التسجيل أو النقل‬
‫بأية تقنية كانت‪ ،‬ومن جهة أخرى ساند القضاء الجزائري فكرة ضرورة احترام الحق في الصورة‬
‫باعتباره عنصرا من عناصر الحياة الخاصة بتطبيقه للمادة ‪ 41‬من ق م ج‪.9‬‬

‫‪ 9‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬


‫‪ 2‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ 3‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-T.G.I Paris ch.soc, 16 Jan 2001, jugement qui déclare le licenciement justifié d’un salarié ayant refusé‬‬
‫‪d’appliqué une consigne générale sur le port d’une blouse de travail.‬‬
‫‪- Cass. Soc, du 20 Mai 2003 qui déclara légitime le fait d’interdire par l’employeur à une salarié en contact‬‬
‫‪avec la clientèle de se présenter au travail en survêtement.‬‬
‫‪3‬‬
‫الملحق رقم ‪Cass. Soc, du 20 Nov.1991, N°: 88-43120 Bull 9119 V N° 519 p 323. 13‬‬
‫‪Aussi : Cass. Soc, du 21 Nov. 2006, Bull 2006 V N° 349 p. 337, civ.V N°519. D. 2007-73, Concl.‬‬
‫‪CHAUVY : «IL été jugé «Ilicite, tout enregistrement quels qu’en soient les motifs, d’images ou de paroles à‬‬
‫‪l’insu des salarié même si l’employeur a le droit de contrôler et surveiller leur activité pendant le travail».‬‬
‫‪ 9‬قضية رقم ‪ 11/411‬لعائلة ببلدية القبة – ضواحي الجزائر العاصمة‪ -‬ضد شركة سونلغاز طالبت بالتعويض عن انتهاك حرمة‬
‫حياتها الخاصة‪ ،‬بعد أن قامت الشركة المذكورة بنشر صورتها في رزنامة من انتاجها وتوزيعها في أماكن متعددة‪ ،‬وكذلك االعتداء‬
‫على صورتها دون إذن وال موافقة منها وال حتى علمها بتلك المبادرة ألحقتها ضررا بليغا‪ .‬مذكور في صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.292‬‬

‫‪39‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التشريع المصري بالحق في الصورة من خالل نص المادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪334‬‬ ‫اعتر‬
‫على أنه" ال يجوز نشر صور الشخص بدون رضاه‪ ،‬فضال عن‬ ‫لسنة ‪ 9 9134‬الخاص بحق المؤل‬
‫المادة ‪ 31‬قانون المدني والمادة ‪ 311‬مكرر من قانون العقوبات المصري‪ ،‬أما في التشريع‬
‫الفرنسي‪ 2‬يعاقب المادة ‪ 9-229‬من قانون العقوبات الفرنسي كل من اعتدى على ألفة الحياة‬
‫الخاصة بالتقاط أو التسجيل أو بالنقل دون موافقة صاحب الشأن صورة شخص في مكان خاص‬
‫والحقوق المجاورة‪.‬‬ ‫إضافة قانون حقوق المؤل‬
‫المشرع اللبناني بدوره جرَم االعتداء على في الحق في الصورة في المادة ‪ 211‬من ق‪.‬ع‪،3‬‬
‫ونجد في التشريع المغربي المادة األولى من القانون رقم ‪ 11-11‬المتعلق بمعالجة المعطيات ذات‬
‫الطابع الشخصي تحمي الحق في الصورة من أي اعتداء‪.4‬‬
‫أيض اً نص المشرع الكويتي صراحة في قانون المطبوعات والنشر رقم ‪ 3/2119‬على تحديد‬
‫المسائل المحظور نشرها في المطبوعات أو الصحيفة والتي تمثل مساسا بالحياة الخاصة للموظ‬
‫بخدمة عامة‪ ،‬إضافة إلى القانون الكويتي رقم ‪ 99‬لسنة ‪ 2111‬المتعلق باإلعالم السمعي‬ ‫أو المكل‬
‫والبصري‪ ،‬ليحظر أي مساس بكرامة االشخاص أو حياتهم الخاصة‪ ،‬والمساس بالحياة الخاصة‬
‫بخدمة عامة‪.3‬‬ ‫أو المكل‬ ‫للموظ‬
‫‪ - 3‬الحق في حرمة جسم اإلنسان‬
‫يعد الحق في حرمة الجسم من أهم الحقوق بعد الحق في الحياة‪ ،‬ويقصد بهذا الحق عدم‬
‫األعضاء فضال عن تحرره من األالم‬ ‫المساس بسالمة وأمن الجسم‪ ،‬وبالعمل الطبيعي لوظائ‬
‫البدنية والنفسية‪ ،9‬تتضمن حرمة الجسم كل من الحق في التكامل الجسدي والحق في االحتفاظ‬

‫‪ 9‬قانون حماية المؤلف رقم ‪ 334‬لسنة ‪ 9134‬المعدل بالقانون رقم ‪ 31‬لسنة ‪ ،9112‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 23‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪.9112/19/14‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Voir le code de la propriété intellectuelle et de la propriété industrielle (droit d’auteur et droit voisins) : loi‬‬
‫‪N°92-597 du 1ere Juillet 1992.‬‬
‫‪ 3‬ابراهيم علي حمادي‪ ،‬انتهاك حرمة الحياة الخاصة "الخطأ الصحفي نموذجا" دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة جامعة األنبار للعلوم القانونية‬
‫والسياسية العدد الثاني‪ ،‬كلية القانون الفلوجة‪ ،‬العراق‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 4‬نور الدين الناصري‪ ،‬النظام القانوني للحق في الحياة الخاصة – دراسة في ضوء التشريعي المغربي والمقارن – مجلة الفقه‬
‫والقانون‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬جويلية ‪ .2193‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 3‬فهيد محسن الديحاني‪ ،‬الطبيعة القانونية للحق في الصورة وحمايته الم دنية في القانون الكويتي‪ ،‬المجلة العربية للدراسات األمنية‬
‫والتدريب‪ ،‬المجلد ‪ ،21‬العدد ‪ ،39‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪ 9‬ادم عبد البديع حسين‪ ،‬الحق في حرمة الحياة الخاصة ومدى الحماية التي يكفلها القانون الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2111‬ص ‪.331‬‬

‫‪32‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بالمستوى الصحي‪ ،‬والحق في السكينة الجسدية‪ ،9‬والتشريعات المقارنة صارمة في ضرورة‬


‫المساس بحرمة جسم االنسان في نصوصها القانونية مدنية كانت أو جنائية أو القوانين الصحية‪.2‬‬
‫تضاربت اآلراء الفقهية حول دخول حرمة جسم االنسان في نطاق الحياة الخاصة أم ال بين‬
‫الى اتجاهين‪ ،‬فيعارض اتجاه من الفقه ادخال هذا الحق في‬ ‫مؤيد و معارض‪ ،‬وانقسمت هذا المواق‬
‫نطاق الحياة الخاصة باعتبار أن هذا الربط قد يؤدي الى الخلط بين الحرية الفردية وحرمة الحياة‬
‫الخاصة‪ ،3‬فحين يذهب اتجاه آخر من الفقه ‪ -‬وهو االتجاه الغالب‪ -‬الى اعتبار حرمة جسم االنسان‬
‫أحد عناصر الحياة الخاصة ألن الجسم اإلنسان ما هو الى امتداد لشخصيته‪.4‬‬
‫الذي وضعته بعض الندوات الدولية حول الحياة الخاصة أن حماية‬ ‫جاء في مضمون التعري‬
‫الكيان المادي لجسم االنسان يعتبر من صميم الحياة الخاصة ويقصدون بذلك عدم اخضاع الشخص‬
‫للفحص الطبي والنفسي إال بعد الحصول على موافقته‪ ،‬وأن ال يمس إجراء تفتيش الشخص بحرمة‬
‫حياته الخاصة‪.3‬‬
‫في مجال عالقات العمل‪ ،‬تبين أنَ صاحب العمل قد يلجأ إلى إجراء فحوص على شخصية‬
‫هذه الفحوص الى اختراق شخصيته وقياس عواطفه استعداداته‬ ‫المترشح لمنصب عمل لديه‪ ،‬تهد‬
‫ومقاومة الضغوط النفسية‪.‬‬ ‫وتوازنه العقلي‪ ،‬وكذا قدرته على التكي‬
‫آرائه السياسية‬ ‫كل هذه الضغوط تجبر المترشح للعمل الخاضع لها – أحيانا – على كش‬
‫أو أفكاره فيما يخص بعض مسائله الشخصية ذات الطابع الديني أو السياسي أو الجنسي‬
‫أو العائلي‪ ،‬والمتعلقة بصميم حياته الخاصة السرية‪ ،‬والتي ال صلة لها بمنصب العمل المرشح له‪.9‬‬
‫ارتفعت األصوات مستنكرة اللجوء الى هذه الوسائل الماسة بجسم االنسان المادي والنفسي‬
‫وبحرمته‪ ،‬وصل دوِيها الى الهيئات الدولية المتكفلة بعالم الشغل‪ ،1‬خاصة وأن صاحب العمل الذي‬

‫‪ 9‬أكرم محمود حسين البدو‪ ،‬بيرك فارس حسين‪ ،‬الحق في سالمة الجسم‪ ،‬دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬مجلة الرافدين للحقوق‪،‬مجلد ‪،1‬‬
‫العدد ‪ ،33‬سنة ‪ ،2111‬ص ‪ ،93‬أيضا بيرك فارس حسين الجبوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.941‬‬
‫‪ 2‬نذكر على سبيل المثال القانون الفرنسي الذي كرس مبدأ حرمة الكيان الجسمي للشخص في المواد من ‪ 99‬إلى ‪ 1-99‬من القانون‬
‫المدني الفرنسي‪ ،‬والمادة ‪ 31‬من القانون المدني المصري‪ ،‬والمادة ‪ 41‬من القانون المدني الجزائري ونجد مبدأ عام في الدستور‬
‫الجزائري يقضي بعدم المساس بالسالمة البدنية والمعنوية لإلنسان في المادتين ‪ 33-34‬من دستور ‪ ،.9119‬كما خصص المواد من‬
‫‪ 233‬إلى ‪ 219‬من ق ع لتجريم االعتداء على جسم االنسان‪.‬‬
‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪4‬‬
‫‪MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit.p 375, 378, RAVANAS (J), op.cit, p8.‬‬
‫‪ 3‬أخذ بهذا االتجاه قرارات مؤتمر البالد االسكندنافية المنعقد في ‪ 91‬ماي ‪ ،9191‬وقرارات الندوة الدولية لالتفاقية االوروبية‬
‫الخاصة بحقوق االنسان المنعقد في بروكسل سنة ‪.9111‬‬
‫‪ 9‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Conférence international du travail. Cinquième session : les techniques au service de la liberté, l’homme et‬‬
‫‪son milieu, Rôle de l’O.I.T, Rapport du Directeur général, partie I, (Bureau international du travail, Genève,‬‬
‫‪1972), p 34-36.‬‬

‫‪33‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يرفض تعيين المرشح للعمل بعد فحص شخصيته‪ ،‬قد يحتفظ بجميع المعلومات الشخصية السرية‬
‫التي تحصل عليها من هذا المترشح بهذه الوسيلة‪.‬‬
‫الحق في سرية الحياة المهنية أوالوظيفية‬ ‫‪-4‬‬
‫تعد الحياة المهنية والوظيفية من ضمن العناصر التي ثار بشأنها جدل فقهي‪ ،‬من حيث‬
‫اعتبارها عنصرا من عناصر الحياة الخاصة من عدمها‪ ،‬إذ ذهب الفقهاء الى التفرقة بين الجانب‬
‫العلني وغير العلني للمهنة‪ 9‬أو الوظيفة ومدى اتصاله بالجمهور‪ ،‬باإلعتماد على طبيعة المهنة‬
‫أو الوظيفة‪ ،‬فإن كانت هذه المهنة أو الوظيفة ال تتصل بالجمهور اعتبرت عنصرا من عناصر‬
‫العادي في وظيفته‪ ،‬والعامل في مقر عمله‪.2‬‬ ‫حياته الخاصة‪ ،‬ومثال ذلك الموظ‬
‫هذا رأي اإلتجاه الغالب في الفقه المقارن‪ 3‬الذي نادى بضرورة النظر الى طبيعة العمل‬
‫أو النشاط الذي يزاوله الشخص؛ فالجانب العلني العام من الوظيفة أو المهنة يعتبر داخال في الحياة‬
‫عنه ال يعد خرقا للحياة الخاصة‪ ،‬مثال ذلك التعرض للعالقات مع‬ ‫العامة‪ 4‬والتعرض له بالكش‬
‫العمالء‪.‬‬
‫وسيرته داخل‬ ‫أما الجانب السري من ممارسة أية مهنة أو حرفة أو وظيفة كنشاط الموظ‬
‫مقر عمله‪ ، 3‬أو العامل داخل المؤسسة المستخدمة‪ ،‬فإن ذلك كله وما يأخذ حكمه‪ ،‬يدخل في نطاق‬
‫أو الحرفي‪.9‬‬ ‫الحياة الخاصة للعامل أو الموظ‬
‫أحيانا قد تتداخل الحياة المهنية مع الحياة الخاصة فيصعب التمييز بينهما‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫يمكن أن تكون الحياة الخاصة شرطا من شروط عقد العمل‪ ،‬ألنه يمكن أن يرغم المستخدم العامل‬
‫على الشغل يوما من أيام عطلة نهاية االسبوع كالجمعة أو السبت مثال‪ ،‬ولو كان للعامل أو الموظ‬
‫في هذا اليوم بالذات التزامات عائلية‪ ،‬في هذه الحالة يمكن المساس بالحياة الخاصة للعامل‬
‫لضرورا ت منصوص عليها في العقد‪ ،‬وهنا تداخل الحياة المهنية مع الحياة الخاصة‬ ‫أوالموظ‬
‫يكون على حساب الحياة الخاصة للعامل‪.1‬‬

‫‪ 9‬ابراهيم علي حمادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬


‫‪ 2‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit.p 375, 378, RAVANAS (J), op.cit, p1.‬‬
‫‪ 4‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪ 3‬ابراهيم علي حمادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪9‬‬
‫‪KAYSER (P), op.cit, N°147, p 264, LINDON (R), La presse de la vie privée, op.cit, p69.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪C.A Paris, 2eme ch, Civ, 5 Jan2003,D 2003, P 25.‬‬

‫‪34‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يكون التدخل في الحياة الخاصة أثناء تكوين العقد وذلك في إطار ملىء االستمارة الخاصة‬
‫أو تفتيشه‬ ‫بطلب الشغل أو المنصب‪ ،‬أو أثناء تنفيذه في شكل التجسس على العامل أو الموظ‬
‫بصفة غير مشروعة‪ ،‬أوعند انهائه لعالقة العمل لسبب حادث يتعلق بالحياة العائلية مثال‪.9‬‬
‫للعامل الحق في احترام حياته الخاصة في مكان عمله‪ ،‬فيمنع على المستخدم مراقبة تصرفاته بأي‬
‫وسيلة كانت في أوقات العمل‪ ،‬بالتصوير أو بالتنصت عليه‪ ،2‬بمتابعته بواسطة مخبر خاص‪ 3‬أومن‬
‫عامل آخر في الهيئة المستخدمة نفسها‪ ،‬كما ال يجوز له منعه من اختيار محل اقامته‪ ،4‬وال‬ ‫طر‬
‫إرغامه على مواصلة العمل في المنزل‪.‬‬
‫الفقه أما القضاء وعلى المستوى األوروبي فقد قررت المحكمة االروبية‬ ‫هذا عن موق‬
‫لحقوق االنسان بأن مفاهيم الحياة الخاصة والمسكن والمراسلة تغطي النشاطات المهنية أو التجارية‪،‬‬
‫وكذلك األماكن التي تمارس فيها هذه النشاطات‪ ،‬كما أكدت المحكمة بعدم وجود أي سبب يسمح‬
‫بإقصاء النشاطات المهنية أو التجارية من مدلول الحياة الخاصة‪.3‬‬
‫‪ - 5‬الحق في قضاء أوقات الفراغ‬
‫يعد قضاء أوقات الف راغ والراحة لإلنسان من أهم مظاهر حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬فتنقالت‬
‫وسلوكه ومكان إقامته أثناء أوقات الفراغ والراحة من خصوصيات صاحبها فقط‪ ،‬فضغط العمل‬
‫يفرض على العامل أن يخلو إلى نفسه ليزيل عنه تعب العمل وليتمتع بالهدوء والسكينة‪ ،‬ويجدد‬
‫نشاطه ليواجه أعباء العمل من جديد‪.9‬‬
‫قضاء أوقات الفراغ في األماكن الخاصة ال يثير أي إشكال طالما أنه في ظل الحماية القانونية‬
‫أثناء قضاء أوقات الفراغ في األماكن العامة‪ ،‬حيث ثار خال‬ ‫لحياته الخاصة‪ ،‬ولكن األمر يختل‬
‫فقهي بشأن هذه المسألة وانقسم الفقه الى فريقين‪ ،‬فبينما يرى االتجاه األول أن كل ما يجري في‬

‫‪9‬‬
‫‪RAVANAS (J), op.cit,p 49.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Voir l’arrêt déjà cité Paris, 19 Mars 2002 : aff. Du micro caché, N°1534, D 2003.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Voir cass. Soc26 Nov 2005, Bull civ.V, N° 352, 2006-394. Obs A.FABRE : Il résulte de l’art 8 de la CEDH‬‬
‫‪et l’art.L 120-2 du code de travail qu’ « Une filature organisée par l’employeur pour contrôler et surveiller‬‬
‫‪l’activité d’un salarié constitue un moyen de preuve illicite….elle implique nécessairement une atteinte à la‬‬
‫‪vie privée de ce dernier, insusceptible d’être justifiée, eu égard à son caractère disproportionné, par les‬‬
‫‪intérêts légitimes de l’employeur ».‬‬
‫‪ 4‬كريم مزعل شبي الساعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 3‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪ 9‬عصام أحمد البهجي مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬

‫‪33‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مكان عام‪ ،‬حتى ولو تعلق النشاط بقضاء أوقات الفراغ يدخل في نطاق الحياة العامة وتنتفي عنه‬
‫صفة الخصوصية‪ ،9‬وال يكون منوطا بالحماية القانونية المقررة للحق في الحياة الخاصة‪.2‬‬
‫يرى أنصار اإلتجاه الثاني أن أوقات الفراغ تعد جزءا من الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن مكان ممارسة هذه األنشطة‪ ،3‬ذلك أن المرء حين يسعى إلى قضاء إجازته إنما يريد‬
‫البحث عن الخلوة والهدوء ليزيل عنه أعباء العمل ويريح أعصابه ويستعيد حيويته‪ ،‬ومن ثم ال‬
‫عن محل إقامته بدون إذنه‪ ،4‬وإذا ما‬ ‫يجوز للغير تكدير راحته أو تعكير صفو هدوئه‪ ،‬وال الكش‬
‫حدث ذلك كان بمثابة اعتداء على حياته الخاصة‪.3‬‬
‫أيَد غالبية الفقه الفرنسي و المصري هذا الرأي على اعتبار أن قضاء أوقات الفراغ عنصر‬
‫من عناصر الحياة الخاصة بغض النظر عن مكان حدوثه‪ ،‬إذ ال مانع من أن تستمد صفة‬
‫الخصوصية من حالة األشخاص أنفسهم ال من طبيعة المكان‪ ،9‬فحالة الخصوصية يمكن أن تتوفر‬
‫في المكان العام‪ ،1‬حيث أن قضاء أوقات الفراغ يندرج تحت إطار ترك الشخص يمارس حياته دون‬
‫تدخل أو إزعاج‪.1‬‬
‫خالصة لهذا المبحث المتضمن ماهية الحياة الخاصة للعامل وتحديد عناصرها‪ ،‬نالحظ أنه إذا‬
‫كان لتحديد نطاق الحياة الخاصة بشكل عام أهمية كبيرة فإن هذه األهمية تزداد إذا تعلق األمر‬
‫بأحد العمال ألن حياته الخاصة قد تتعرض بشكل أكبر للتقييد والمساس بها‪ ،‬فهو كمواطن قد تنتهك‬
‫حياته الخاصة من قبل الغير أو من قبل سلطات الدولة‪ ،‬وبصفته عامل فهو أكثر عـرضة لالعتداء‬
‫على حياته الخاصة من قبل صاحب العمل‪.1‬‬
‫العامل بحكم العقد الذي يربطه بصاحب العمل‪ ،‬يخضع في أدائه للعمل المنوط به لرقابة‬
‫وتوجيه رب العمل‪ ،‬وهذا ما يعبر عنه بعالقة التبعية التي تعتبر جوهر عقد العمل‪ ،‬والتي‬ ‫وإشرا‬

‫‪9‬‬
‫‪BADINTER (R), « Le droit au respect de la vie privée », op.cit, p12 et 13.‬‬
‫‪ 2‬راجع هذا الموضوع في الفصلول من هذا الباب‪ ،‬المبحث األول المطلب األول الفرع األول بمناسبة تعريف الحياة الخاصة‬
‫تعريفا سلبيا انطالقا من معيار مضمون الحياة العامة‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LINDON (R), « La presse et la vie privée », op.cit, p25.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪LINDON (R), « Droit de la personnalité», op.cit, p54.‬‬
‫‪ 3‬كريم مزعل شبي الساعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 9‬محمود عبد الرحمن محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪ 1‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ 1‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.241‬‬
‫‪ 1‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل وضماناتها في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.21‬‬

‫‪39‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بمقتضاها يكون لصاحب العمل سلطة تنظيم العمل‪ ،‬والتحقق من مدى التزام العامل بأداء عمله وفقا‬
‫لتعليماته وتوجيهاته‪ ،‬عمال بالقواعد التنظيمية للمؤسسة المستخدمة‪.‬‬
‫ال شك أن التبعية بهذا المعنى تفترض تنازال جزئيا من قبل العامل عن حريته وتقييداً لها‪ ،‬إذ‬
‫يمكن لصاحب العمل وإلعتبارات معينة أن يتدخل فيضع قيودا على حياة العامل الخاصة حتى في‬
‫خارج مكان ووقت العمل انطالقا من مبدأ األمانة الذي يملي على العامل أال يفشي أسرار العمل‬
‫وأال ينافس صاحب العمل‪ 9‬أو انطالقا من مضمون العقد أو نصه الصريح بمراعاة اعتبارات معينة‬
‫أوصفة خاصة بالعامل‪ ،2‬أو انطالقا من مصالح المؤسسة المستخدمة والمحافظة على حسن سير‬
‫العمل‪.3‬‬
‫غير أنَ الواقع يؤكد أن خضوع العامل لسلطة صاحب العمل ال يعني تنازل العامل عن‬
‫المزايا األساسية لحياته الخاصة‪ ،‬فحرمة هذه الحياة مصونة وال تطالها أوامر صاحب العمل‪ ،4‬ألن‬
‫التبعية المقصودة هنا هي تبعية مهنية ال تمس مجال الحياة الخاصة للعامل‪.3‬‬
‫نصوص القانون التي تفرض حرمة الحياة الخاصة نصوص عامة‪ ،‬تنطبق بالتالي على‬
‫عالقات العمل‪ ،‬وتأكيدا على ذلك حرصت بعض التشريعات على عدم اإلكتفاء بالنصوص العامة‬
‫التي تكرس الحق في الحياة الخاصة وضرورة احترامها‪ ،‬بل لجأت إلى التأكيد على حق العامل في‬
‫نتطرق له من‬ ‫الحياة الخاصة من خالل نصوص صريحة في صلب قانون العمل‪ ،‬وهذا ما سو‬
‫خالل المبحث الموالي الخاص باإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫اإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫هذه الحماية صون‬ ‫تحتل حماية الحياة الخاصة بؤرة اهتما م اإلنسان منذ القدم‪ ،‬وتستهد‬
‫كرامة اإلنسان واحترام آدميته من خالل عدم التطفل عليه وعدم انتهاك أسراره وسائر جوانب‬
‫حياته الخاصة‪ ،9‬و ازداد اإلهتمام بالحق في الحياة الخاصة في المجتمعات الحديثة مع نهاية القرن‬
‫التاسع عشر إثر التطور التكنولوجي والعلمي وكذا اإلنتشار السريع لوسائل اإلعالم واإلتصال حيث‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪،2119‬ص‪ 999‬وما بعدها‬
‫‪ 2‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.241‬‬
‫‪ 3‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ 4‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪39‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،.2119-2113 ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪9‬‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بات يهدد الحياة الخاصة لإلنسان‪.9‬‬


‫إذا كانت حياة االنسان مهددة على هذا النحو فإنَ حياة العامل الخاصة هي أكثر عرضة‬
‫للتهديد بحكم مركزه القانوني وما يربطه من عالقة تبعية برئيسه في العمل‪ ،‬التي تعطي الحق لهذا‬
‫األخير بمراقبة نشاطه عبر تقنيات ووسائل تكنولوجية مختلفة‪ ،‬هذه الوسائل التي قد تشكل خطرا‬
‫على حياة العامل الخاصة إذا ما أساء استعمالها صاحب العمل‪.‬‬
‫األنظمة القانونية إلى إصدار تشريعات لحماية الحياة‬ ‫إدراكاً لهذه المخاطر عمدت مختل‬
‫الخاصة والحقوق ال شخصية‪ ،‬سواء على الصعيد الدولي أو على الصعيد الوطني (المطلب األول)‪،‬‬
‫ومن البديهي أن بيان الطبيعة القانونية للحياة الخاصة من شأنه أن يحدد نتائج تطبيق هذا الحق على‬
‫أرض الواقع (المطلب الثاني )‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫الحماية القـانونية للحيـاة الخاصة‬
‫مستوياته‪ ،‬الدولية واإلقليمية والوطنية‪ ،‬يعد نفسه اليوم معنيا أكثر‬ ‫إنَ المشرع على اختال‬
‫من أي وقت مضى بحماية حقوق اإلنسان وحرياته األساسية والتي من أهمها حقه في احترام حياته‬
‫الخاصة وال سيما في مجال العمل‪ ،2‬فلكل عامل الحق في منع تطفل اآلخرين على حياته الخاصة‪،‬‬
‫والحق في احترام وصون كرامته‪ ،‬وحرياته الشخصية‪ ،‬وكذا الحق في المساواة وعدم التمييز في‬
‫مجال العمل‪.3‬‬
‫سنحاول من خالل هذا المطلب تقديم رؤية عن أهم التشريعات القانونية على المستوى الدولي‬
‫واإلقليمي الهادفة الى حماية الحياة الخاصة للعامل (الفرع األول)‪ ،‬ثم اإلنتقال الى دراسة واقع‬
‫الحماية القانونية لهذا الحق في مجال العمل وبيئته على مستوى الشريع الوطني (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫الحماية الدولية للحياة الخاصة‬
‫لكل إنسان الحق في أن تحترم حياته الخاصة‪ ،‬وهناك اتفاق عالمي التوجه بشأن هذا‬
‫مدى احترام‬ ‫في تطبيقه من مكان آلخر‪ ،‬إلختال‬ ‫الحقاإلنساني‪ ،‬إالَ أن هذا اإلتفاق الجماعي يختل‬
‫الحق في الحياة الخاصة من مجتمع آلخر‪.‬‬

‫‪ 9‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪ 2‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية – المجلد ‪23‬‬
‫العدد الثاني سنة ‪ ، 2111‬ص ‪.331‬‬
‫‪ 3‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.331‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أوال‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في التشريعات الدولية العامة‬


‫اهتمت اإلتفاقيات التي أبرمت والمؤتمرات التي عقدت سواء على المستوى الدولي أو اإلقليمي‬
‫اهتماما بالغا بالحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وتضمنت موادها سبل حماية هذا الحق بعد إقراره‪ ،‬وفيما‬
‫يلي تبيان للدور البارز الذي أدته اإلتفاقيات والمؤتمرات الدولية واإلقليمية في حماية الحق في الحياة‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫‪ - 1‬حماية الحياة الخاصة على المستوى العالمي‬
‫حمايةً لكرامة ا إلنسان وحقوقه إلقامة حياة أفضل‪ ،‬عمدت المواثيق والمؤتمرات الدولية‬
‫واإلقليمية لبحث هذه المسألة وإبراز أهمية احترام الحياة الخاصة للفرد في عصر متغير نحو‬
‫المعلوماتية اإللكترونية‪.9‬‬
‫‪ -9-9‬حماية الحياة الخاصة في االتفاقيات الدولية‬
‫كفلت المنظمات الدولية وعلى رأس ها منظمة األمم المتحدة الحماية للحق في الحياة الخاصة‪،‬‬
‫إذ حظى باهتمام بالغ في إطار نشاطاتها تجسدت في اإلتفاقيات واإلعالنات العالمية التي تضمن‬
‫موادها وسائل وسبل الحفاظ على هذا الحق بعد إقراره‪ ،‬و من أهم هذه االتفاقيات‪:‬‬
‫‪ ‬اإلعالن العالمي لحقوق االنسان‬
‫شمل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ 2‬الذي يعد بمثابة أول بيان دولي أساسي يؤكد احترام‬
‫حقوق اإلنسان الحياة الخاصة بالحماية في المادة ‪ 92‬منه التي جاء نصها «ال يجوز تعريض أحد‬
‫لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسالته أو لحمالت تمس‬
‫شرفه وسمعته ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحمالت»‪.‬‬
‫كما اهتم في عدة نصوص أخرى بحرمة وسالمة جسد اإلنسان والحفاظ على كرامته وحريته‬
‫الشخصية‪ ،‬غير أنه وبالرغم من أن هذا االعالن العالمي لم تكن له حجية قانونية أو إلزامية‪ ،‬إال أنه‬
‫أحدث أثارا عم يقة في العالم بأسره لما تضمنه من قيم ومبادئ وقيم تهتدي بها البشرية في سعيها‬
‫نحو الحق والكرامة اإلنسانية‪.‬‬

‫‪ 9‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31 ،31‬‬


‫‪ 2‬صدر هذا االعالن بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة بمناسبة انعقاد دورتها العادية الثالثة بتاريخ ‪ 91‬ديسمبر ‪ ،9114‬بموجب‬
‫القرار رقم ‪ ، 192‬اإلعالن العالمي لحقوق االنسان وأحوال الوطن العربي‪ ،‬المنظمة العربية لحقوق اإلنسان ص ‪.911‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ ‬العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‬


‫يمتاز العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪ 9‬عن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في‬
‫التطبيق الفعلي لحماية حقوق االنسان المدنية والسياسية‪ ،‬بفرض التزمات قانونية محددة على الدول‪،‬‬
‫اإلعالن الذي يقتصر على فرض التزامات أدبية باحترام ما تضمنه من قواعد تتعلق بحقوق‬ ‫بخال‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫أقرَ هذا العهد الكرامة المتأصلة في اإلنسان‪ ،‬وكفل الحق في الحياة الخاصة في المادة ‪91‬‬
‫من على أنه «ال يجوز التدخل بشكل تعسفي أو غير قانوني بخصوصيات أحد أو بعائلته‬
‫أو مراسالته كما ال يجوز التدخل بشكل غير قانوني لشرفه وسمعته‪ ،‬ولكل شخص الحق في حماية‬
‫القانون ضد هذا التدخل أو التعرض»‪ ،‬وهذه الحماية تعد ملزمة للدول الموقعة على هذا العهد ومن‬
‫بينها الجزائر التي انضمت إليه في ‪.2 9111/11/92‬‬
‫بهذا النص الصريح يكون العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية قد أكد على كفالة حرمة‬
‫الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وأضفى الحماية الالزمة عليه ضد أي تدخل غير مشروع وبدون نص‬
‫قانوني‪ ،‬ومنع كل صور اإلعتداء عليه س واء وقع اإلعتداء من جانب األفراد أو من قبل السلطات‬
‫الحكومية‪.‬‬
‫صاحب العمل‬ ‫من طر‬ ‫ينطبق هذا النص على حماية الحياة الخاصة للعامل ضد أي تعس‬
‫سواء داخل الهيئة المستخدمة أو خارجها‪ ،‬فال يحق له انطالقا من سلطة التبعية التي يفرضها عقد‬
‫العمل التدخل في الحياة الشخصية للعامل‪.‬‬
‫هذا ما أكده القضاء في عدة قضايا‪ ،‬حيث قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه محضور على‬
‫صاحب العمل أن يبحث في الملفات الشخصية الموجودة في كمبيوتر الخاص العمل‪ ،‬وأن قيام‬
‫صاحب العمل بدخول مكتب العامل أثناء غيابه من صالحياته‪ ،‬ولكن ليس له أن يبحث في أي‬
‫ملفات خاصة موجودة في جهاز الكمبيوتر معنونة بأنها ملفات شخصية ‪،Files Personnelles‬‬
‫ألن قيام صاحب العمل بذلك أثناء غياب العامل لمعارضته ومساسه بحق العامل في احترام حياتـه‬
‫الخاصة‪ 3‬طبقا ألحكام المادة ‪ 1‬من ق‪.‬م‪. .‬‬

‫‪ 9‬الصادر بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 2211‬في ديسمبر ‪ ، 9199‬وانضمت إليه الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي‬
‫رقم ‪ 91/11‬المؤرخ في ‪ 99‬ماي ‪ ،9111‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 21‬بتاريخ‪ 91 :‬ماي ‪ ،9111‬وتم نشر نصوصه في ج‪.‬ر عدد ‪ 99‬بتاريخ ‪29‬‬
‫فيفري ‪.9111‬‬
‫‪ 2‬صادقت على هذا العهد ‪ 993‬دولة‪ ،‬ووقعته ست دول أخرى‪ ،‬وتعتبر الجزائر من بين الدول التي صادقت على هذا العهد بتاريخ‬
‫‪ 99‬ماي ‪ 9111‬بموجب المرسوم الرئاسي ‪ 91/11‬الصادر في ‪. 9111/13/99‬‬
‫‪3‬‬
‫الملحق رقم ‪Cass. Soc, 17 mai 2005, Dr. Soc. 2005, p 789, note J.E. RAY. 14‬‬

‫‪91‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ ‬اإلعالن الخاص باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لمصلحة السلم والبشرية‬


‫أك َد هذا اإلعالن على ضرورة اتخاذ الدول التدابير التشريعية الالزمة لمنع استخدام التطورات‬
‫التكنولوجية والعلمية من جانب الهيئات التابعة للدول بصورة تتنافى مع ما أقره اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق االنسان والعهود الدولية الخاصة بحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫اإلعالن الخاص باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي صراحة بأن الحق في الحياة‬ ‫اعتر‬
‫الخاصة هو أحد الحقوق األساسية التي يكفل حمايته في مواجهة التقدم التكنولوجي والعلمي‪ ،‬كما‬
‫التي يمكن أن تنجر عن سوء استعمال التطورات العلمية والتكنولوجية‪ ،‬ال سيمَا أن‬ ‫بيَن المخاو‬
‫المعلوماتية أضحت واقعا موجودا وضرورة حتمية تفرض نفسها على مستوى الحياة اليومية لألفراد‬
‫بصفة عامة‪ ،‬وعلى الحياة المهنية بصفة خاصة‪.‬‬
‫العالقة بين المعلوماتية والشغل وإن كانت تتضمن جوانب إيجابية كثيرة‪ ،‬إال أنها تنطوي في‬
‫المقابل على جوانب سل بية تشكل خطرا على الحياة الخاصة للعامل والممارسة الفعلية للحرية‬
‫الشخصية بصفة عامة‪.‬‬
‫في هذا الشأن كان للقضاء الفرنسي دورا بارزا في حماية الحياة الخاصة للعامل من أثر التقدم‬
‫التكنولوجي في ميدان العمل وذلك بمناسبة نظر دعوى أقامها أحد العمال في مواجهة صاحب العمل‬
‫الذي قام بوضع أجهزة إلكترونية حديثة ظاهر الغرض منها مراقبة أوقات حضور وانصرا‬
‫كل جسم اإلنسان من خالل أشعة خاصة غير ضارة‪.‬‬ ‫العمال ولكنها في الوقت ذاته تتمكن من كش‬
‫جاء هذا الحكم ليُقرر أن قيام صاحب بمثل هذا اإلجراء دون الحصول على الموافقة المسبقة‬
‫للعامل يشكل خطأ في جانب صاحب العمل ومساسا بحق الحق العامل في احترام جسمه الذي يعتبر‬
‫أحد العناصر الهامة للحياة الخاصة للعامل‪.9‬‬
‫‪ - 2- 1‬حماية الحياة الخاصة في المؤتمرات الدولية‬
‫انعقدت عدة مؤتمرات على الصعيد الدولي لدراسة الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وما يتعرض له‬
‫م ن أخطار بسبب التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة‪ ،‬ونتج عنها إصدار عدة توصيات ومن‬
‫أبرز هذه المؤتمرات ما يلي‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫‪T. G.I Paris, 1 er ch, soc, 19 avril 2005, cité par Agathe LEPAGE et autres, Droit de la personnalité, art.‬‬
‫‪Prec, p 264 et s.‬‬

‫‪99‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ ‬مؤتمر طهران الدولي لحقوق االنسان‬


‫انعقد هذا المؤتمر في طهران عاصمة إيران في الفترة ما بين ‪ 22‬أفريل و‪ 93‬ماي ‪،9 9191‬‬
‫ويعتبر ثمرة جهد األمم المتحدة في ميدان حماية حرمة الحياة الخاصة في مواجهة التقدم العلمي‬
‫والتقني‪ ،‬وحماية األفراد وحرياتهم من خطر التعدي عليها عبر تقنيات التسجيل واإلستخدمات‬
‫اإللكترونية‪ ،‬وما يجب فرضه من قيود على مثل هذه اإلستخدمات‪ ،2‬وصوال إلى ضرورة وجود‬
‫توازن بين ما حصل من تقدم علمي وتكنولوجي وبين رقي اإلنسانية الفكري والثقافي واألخالقي‪.3‬‬
‫من أهم قراراته القرار الحادي عشر المتعلقة بحماية حق اإلنسان في حياته الخاصة‪ ،‬ال سيما‬
‫بعد ازدياد األخطار التي تهدد الحرمات الشخصية لألفراد نتنيجة التكنولوجيا الحديثة التي باتت‬
‫نشاطته سواء الشخصية أو المهنية‪.‬‬ ‫مالزمة لحياة اإلنسان في مختل‬
‫إنَ عالقة العمل وإن كانت تضع العامل تحت رقابة صاحب العمل إعماال لمبدأ التبعية‬
‫القانونية‪ ،‬فإن ذلك ال يعني تنازال من قبل العامل عن حقه في حياته الخاصة‪ ،‬ال سيما في ظل لجوء‬
‫الكثير من أصحاب األعمال وبشكل متزايد إلى استعمال كاميرات مراقبة‪ ،‬لرقابة نشاط العامل من‬
‫ناحية ولمنع السرقات أو المخالفات من ناحية أخرى‪.‬‬
‫شهدت أنظمة مراقبة العمال انتشاراً كبيراً وتطوراً واسعاً بتطور تقنيات التصوير بالكاميرات‪،‬‬
‫من المراقبة التناظرية (‪ )Vidéosurveillance analogique‬إلى المراقبة التلفيزيونية الرَقمي‬
‫)‪(Vidéosurveillance numérique‬بما يعني القدرة على تخزين معلومات الصورة والصوت‬
‫ومعالجتها بواسطة الحاسب اآللي‪ ،‬األمر الذي يشكل خطر على الحياة الخاصة للعامل‪.4‬‬
‫‪ ‬مؤتمر مونتريال لحقوق اإلنسان‬
‫خالل العام الدولي لحقوق االنسان انعقد مؤتمر مونتريال بكندا سنة ‪ ،9191‬وتم فيه بحث‬
‫اآلثار السلبية للتكنولوجيا الحديثة على الحياة الخاصة لألفراد‪ ،‬وأوصى بضرورة العناية باألخطار‬
‫الجديدة التي تهدد خصوصيات األشخاص نتيجة التطورات العلمية مثل اإللكترونيات والوسائل‬
‫السمعية والبصرية‪.‬‬

‫‪ 9‬انظر الوثيقة النهائية للمؤتمر – منشورات األمم المتحدة بنيويورك‪ ،‬ص ‪ 9‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬حماية الحق في الحياة الخاصة في عهد التكنولوجيا‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية‪ ،‬تخصص قانون‬
‫دستوري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬جامعة الحاج لخضر ‪ ،‬باتنة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2193/2194‬ص ‪.931‬‬
‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪4‬‬
‫بيو خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪92‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫دعا المؤتمر كذلك إلى تفعيل دور الهيئات الحكومية والمهن القانونية بواجبها في العمل على‬
‫درء الخطر عن طريق عدم قبول أدلة اإلثبات المتحصل عليها بالوسائل التكنولوجية الحديثة‪،‬‬
‫كاستخدام آالت التصوير الخفية وعالية الدقة‪.9‬‬
‫على هذا األساس تم في فرنسا إنشاء اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات )‪ ،)CNIL‬وهي‬
‫مختصة في تلقي الشكاوى والطلبات المتعلقة بمخاطر اإلستخدام التعسفي لهذه األجهزة‪ ،‬ولهذا قضت‬
‫الدائرة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية بأن قيام صاحب العمل بتركيب جهاز التحويل اآللي في‬
‫مكان العمل ينبغي أن يكون مسبوقا بإخطار إلى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات)‪،2)CNIL‬‬
‫وإالَ أصبح مرتكبا لجريمة معلوماتية‪.3‬‬
‫كما قضت الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر بتاريخ‬
‫‪ 9119/99/21‬على أنه « إذا كان لصاحب العمل الحق في مراقبة أداء عماله خالل وقت العمل‪،‬‬
‫فإن كل تسجيل‪ ،‬أيا كان باعثه‪ ،‬لصورهم أو كالمهم‪ ،‬بغير علمهم‪ ،‬يعتبر أداة إثبات غير‬
‫مشروعة‪.4»...‬‬
‫‪ ‬المؤتمر الدولي لخبراء اليونسكو‬
‫اجتمع خبراء اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس في الفترة الممتدة ما بين ‪ 91‬إلى ‪23‬‬
‫جانفي ‪ ،9111‬لدراسة موضوع حماية الحياة الخاصة‪ ،‬وقد ورد عن السيد )‪ 3(A-sedou‬أن‬
‫موضوع الحق في الحياة الخاصة قد تفرعت عنه مشكالت أدت إلى تعارض مصلحة الفرد وحقه‬
‫في حرمة حياته الخاصة مع حق المجتمع والمصلحة العامة‪.9‬‬
‫بُغية الوصول إلى محاولة تحقيق التوازن بين المصلحتين‪ ،‬تداول المجتمعون في هذا المؤتمر‬
‫حماية الحق في الحياة الخاصة في المادة الثانية عشر من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وأبدو‬
‫عدة توصيات كان أهمها التوسع في بسط الحماية الالزمة للحفاظ على الحق في الحياة الخاصة من‬
‫تدخل السلطات العامة في الدولة خاصة بعد اتساع نطاقه‪.‬‬

‫‪ 9‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 41‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Délibération du 11 septembre 1984, 5eme rapport d’activité, la documentation française, Paris 1984, p 39 et‬‬
‫‪242.‬‬
‫‪ 3‬هي جريمة اعتداء على الحريات وفقا للمادة ‪ 49‬من قانون المعلوماتية والحريات الصادر في ‪ 9‬يناير ‪ ،9111‬انظر‪:‬‬
‫‪- Cass. Crim. 22 Mai 1991, Bull. crim. 1991, No 218, p 555.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Soc. 20 Novembre 1991, D 1992, p 73. Conclusion Y.Chauvy, R.T. D.‬‬
‫‪ 3‬كان يشغل آنذاك منصب مساعد مدير عام اليونسكو بالنيابة‪.‬‬
‫‪ 9‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪93‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 2‬حماية الحياة الخاصة على المستوى اإلقليمي‬


‫أدى التطور علمي وآثاره السلبية الى العديد من االنتهاكات طالت الحق في الحياة الخاصة من‬
‫الموظفين اإلداريين في القطاع الحكومي‪ ،‬تمعلى إثرها التوقيع على العديد من االتفاقيات‬ ‫طر‬
‫الدولية على المستوى اإلقليمي كما عقد عدة مؤتمرات محلية لبحث آليات حماية الحياة الخاصة‪.‬‬
‫‪ -9-2‬حماية الحياة الخاصة في اإلتفاقيات اإلقليمية‬
‫لتفادي فشل المجهودات المبذولة على المستوى العالمي‪ ،‬قررت بعض الدول اتخاذ قرارات‬
‫صارمة على المستوى اإلقليمي فأصدرت مجموعة من االتفاقيات تتعلق بحقوق اإلنسان ملزمة‬
‫للدول الموقعة عليها باحترام القواعد الواردة فيها بل وتطبيقها في أرض الواقع‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق االنسان‬
‫وقعت هذه اإلتفاقية بين بعض الدول األوروبية المنظمة للمجلس األوروبي في العاصمة‬
‫اإليطالية روما في ‪ 14‬نوفمبر ‪ ،9131‬ولقد اهتمت هذه األخيرة بالحفاظ على الحقوق العامة‬
‫والشخصية ومنع المساس بحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬وتقرير حق األفراد في الخصوصية‪.9‬‬
‫كما تصدت هذه اإلتفاقية لتبيان مضمون وحدود الحق في الحياة الخاصة في مجموعة من‬
‫النصوص التي عنيت بحماية هذا الحق‪ ،‬فحثت في الفقرة األولى من المادة الثامنة منها على أن لكل‬
‫شخص الحق في احترام حياته الخاصة وحياته العائلية ومسكنه ومراسالته‪ ،‬فيما نصت في الفقرة‬
‫الثانية منها على عدم جواز تدخل السلطة العامة في هذا الحق إالَ في الحدود التي يفرضها القانون‬
‫وبالقدر الضروري للحماية‪.‬‬
‫عددت لجنة الخبراء للمجلس األوروبي الحاالت التي يمكن فيها التدخل‪ ،‬من بينها حالة تواجد‬
‫عالقة تبعية خاصة منصوص عليها قانونا‪ ،‬وفي حالة توفر مصلحة مشروعة ومرجحة تبرر مثل‬
‫هذا التدخل‪ ،‬وكذا في حالة الموافقة الصريحة أو الضمنية من صاحب األمر‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة أن هذه االتفاقية لم تكتفي بمجرد إعالن تلك الحقوق‪ ،‬بل وضعت آلية لحمايتها‬
‫ضد أي انتهاك يعترضها‪ ،‬من خالل االجراءات التنفيذية الخاصة‪ ،‬عن طريق جهازين قضائيين هما‬
‫اللجنة األوروبية لحقوق االنسان والمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫رغبة منها في بسط حماية واسعة على الحياة الخاصة‪ ،‬مددت اللجنة األوروبية مفهوم‬
‫الخصوصية إلى الحياة ا لمهنية بشروط معينة‪ ،‬فاللجنة لها تصوَر ذاتي للحياة الخاصة‪ ،‬إذ ترى أن‬

‫‪ 9‬علي أحمد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪94‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫هذه األخيرة ال تنفصل دائما عن الحياة العامة‪ .‬حيث يمكن للحياة العامة أن تقع في الخصوصية‬
‫بإرادة الشخص المعني وحده‪.9‬‬
‫‪ ‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق األفراد من المعالجة اإللكترونية للمعلومات الشخصية‬
‫جاءت هذه اإلتفاقية والتي تم التوقيع عليها في ستراسبورغ بتاريخ ‪ 21‬جانفي ‪ ،2 9119‬من‬
‫أجل ضمان الحياة الخاصة األفراد في مواجهة االستخدام اآللي للمعلومات ذات الطابع الشخصي‪،‬‬
‫كما تالها إصدار الميثاق األوروبي للحقوق األساسية والذي بدأ العمل به في ديسمبر ‪ ،2111‬ليؤكد‬
‫بدوره في المادة السابعة منه على حق كل شخص في احترام حياته الخاصة وحياته العائلية ومسكنه‬
‫واتصاالته‪.3‬‬
‫‪ ‬اتفاقية بودابست‬
‫تمَ التوقيع على هذه اإلتفاقية بتاريخ ‪ 23‬نوفمبر ‪ 2119‬من قبل الدول األعضاء في مجلس‬
‫أوروبا‪ ،‬ومن بين المواضيع التي أولتها اهتمام حماية األفراد إزاء المعالجة اآللية للبيانات‬
‫الشخصية‪ ،‬كما نصت على الجرائم المرتكبة ضد سرية وسالمة البيانات وتنظيم المعلومات‪ ،‬كما تم‬
‫إصدار مجموعة من األدلة أهمها الدليل المتعلق بمعالجة البيانات الشخصية وحماية الحياة الخاصة‬
‫بقطاع اإلتصاالت‪.4‬‬
‫‪ ‬اإلتفاقية األمريكية لحقوق االنسان‬
‫تمَ إعداد هذه اإلتفاقية أثناء انعقاد مؤتمر حقوق االنسان بمدينة سان خوسيه بكوستريكا بتاريخ‬
‫‪ 22‬جانفي ‪ ،3 9191‬وتعرضت للحياة الخاصة وأوجبت حمايتها من خالل عدة نصوص أهمها‬
‫المادة ‪ 99‬منها التي تنص على أنه " لكل إنسان الحق في أن يحترم شرفه وتصان كرامته"‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫نويري عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 2‬تم التوقيع على هذه اإلتفاقية في ستراسبورغ بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪ 9112‬تحت مظلة المجلس األوروبي المتعلقة بحماية األشخاص‬
‫في مواجهة مخاطر المعالجة ا إللكترونية ذات الطبيعة الشخصية‪ ،‬ووقعت على هذه اإلتفاقية أكثر من خمسة عشر دولة منها فرنسا‪،‬‬
‫بلجيكا‪ ،‬النمسا‪ ،‬الدنمارك‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬إلخ‪ .‬ألكثر تفاصيل أنظر في هذا الصدد علي أحمد الزغبي‪ ،‬مرجع السابق‪،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ 3‬ميثاق الحقوق األساسية لإلتحاد األوروبي المتاحة على الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪ http://www1.umn.edu/humanrts/arab/eu-rights-charter.html‬تاريخ االطالع‪2194/13/91 :‬‬
‫‪ 4‬الدليل األوروبي الصادر في ‪ 92‬جويلية ‪ 2112‬المتعلق بحماية الحياة الخاصة بقطاع االتصاالت الدولية‪ ،‬والذي دخل حيز التنفيذ‬
‫في ‪ 19‬أوت ‪ ، 2112‬وقد عال هذا الدليل عدة مسائل أهمها‪ :‬البريد االلكتروني ‪ ،‬وبرام التنصت والهاتف النقال‪ ،‬واعتبر أن هذه‬
‫التقنيات تشكل تهديد وخطر على الحياة الخاصة‪ .‬ولذلك عمد على اتخاذ كافة التدابير التنظيمية والتقنية للحيلولة دون الوصول الى‬
‫المعلومات‪ ،‬وخرق شبكة االتصاالت‪ ،‬كما نص الدليل على مبدأ سرية االتصاالت‪ ،‬وخص عقوبات في حالة خرق األحكام‬
‫المنصوص عليها في هذا الدليل‪.‬‬
‫‪ 3‬دخلت هذه اإلتفاقية حيز التنفيذ بتاريخ ‪ 91‬جويلية ‪ ،9111‬وتتضمن ‪ 19‬مادة تحتوي عما يزيد على أربعة وعشرين حقا من‬
‫ح قوق اإلنسان والتي تأثرت نوعا ما باإلعالن األمريكي بحقوق وواجبات اإلنسان الصادر سنة ‪.9141‬‬
‫لإلطالع على االتفاقية انظر الموقع‪ ،http://www1.umn.edu/humanrts/arab/am2.html :‬تاريخ االطالع‪:‬‬
‫‪.2193/13/91‬‬

‫‪93‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ثُم جاءت الفقرة الثانية من نفس المادة "ال يجوز أن يتعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته‬
‫الخاصة أو شؤون أسرته أو منزله أو مراسالته‪ ،‬وال أن يتعرض إلعتداءات غير مشروعة على‬
‫شرفه أو سمعته‪ ،‬ولكل إنسان الحق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك اإلعتداءات"‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة أن هذه اإلتفاقية ال تستمد حمايتها لحق اإلنسان في خصوصيته من كونه مواطنا‬
‫في دولة‪ ،‬بل أنها تستند في ذلك إلى الصفات المميزة لشخص اإلنسان‪ ،‬كما تناولت حق الحماية‬
‫القضائية بإقرارها حق كل إنسان في اللجوء الى محكمة مختصة لحماية نفسه من هذه األعمال التي‬
‫بها في دستور دولته أو قوانينها‪ ،‬أو المنصوص عليها في اإلتفاقية‪،‬‬ ‫تنتهك حقوقه األساسية المعتر‬
‫حتى ولو كان مرتكبوها أشخاصا يعملون في أثناء تأديتهم لواجبتهم‪.9‬‬
‫‪ ‬الميثاق العربي لحقوق االنسان‬
‫أكدت الدول العربية الموقعة على هذا الميثاق‪ 2‬في المادة ‪ 99‬منه على أن للحياة الخاصة‬
‫حرمتها‪ ،‬واعتبرت المساس بها جريمة تستوجب العقاب‪ ،‬وشملت الحياة الخاصة خصوصيات‬
‫األسرة وحرمة المسكن‪ ،‬وسرية المراسالت‪ ،‬وغيرها من وسائل االتصاالت الخاصة‪.‬‬
‫على الرغم من تلك الحماية إال أنه يجوز وضع قيود على هذه الحقوق بنص القانون‪ ،‬لما تمليه‬
‫ضرورة األمن واالقتصاد الوطنيين أو النظام العام أو الصحة العامة أو األخالق أو حقوق اآلخرين‬
‫وحرياتهم‪.3‬‬
‫‪ -2-2‬حماية الحياة الخاصة في المؤتمرات االقليمية‬
‫من أبرز المؤتمرات ذات الطابع المحلي التي دعت إلى حماية الحياة الخاصة فيي واجهة‬
‫التطورات الحديثة للعل والتكنولوجيا مؤتمر دول الشمال‪ ،‬مؤتمر حقوق اإلنسان في الشريعة‬
‫االسالمية‪ ،‬المؤتمر اإلفريقي لحقوق االنسان والشعوب‪.‬‬
‫‪ ‬مؤتمر دول الشمال‬
‫على المستوى األوروبي انعقد في استوكهولم عاصمة السويد في الفترة مابين ‪ 22‬إلى ‪23‬‬
‫ماي ‪ 9191‬مؤتمر دول الشمال‪ ،‬ويعد من أهم المؤتمرات التي عنيت بالحق في الحياة الخاصة‪،‬‬
‫ويظهر هذا جليا من خالل العديد من التوصيات التي توصل إليها هذا اللقاء‪.‬‬

‫‪ 9‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41 ،49‬‬


‫‪ 2‬صدر هذا الميثاق بقرار مجلس جامعة الدول العربية رقم (‪ )3421‬المؤرخ في ‪ 91‬سبتمبر ‪ ،9111‬المصادق عليه من مجلس‬
‫الجامعة على مستوى القمة‪ ،‬صادقت الجزائر على هذا الميثاق بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 92/19‬بتاريخ ‪ 99‬فبراير ‪،2119‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ ،1‬بتاريخ ‪ 93‬فبراير ‪ ، 2119‬لإلطالع على نصوص الميثاق‪ ،‬انظر الموقع‪:‬‬
‫‪ ، http://www1.umn.edu/humanrts/arab/a003-2.html‬تاريخ االطالع‪.2193/13/22:‬‬
‫‪ 3‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪99‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لعلَ أهم هذه التوصيات ما تعلق منها بضرورة تقوية وسائل حماية الحياة الخاصة التقليدية‬
‫التي لم تعد تتالئم مع التطور العلمي الحديث‪ ،9‬ومنح الشخص الذي تم انتهاك حرمة حياته الخاصة‬
‫أسباب التطفل على حياته‬ ‫الحق في إقامة دعوى مدنية للتعويض عن ذلك‪ ،‬والحق في طلب وق‬
‫عن طريق إقامة الدعوى الجنائية‪.2‬‬
‫‪ ‬مؤتمر حقوق اإلنسان في الشريعة االسالمية‬
‫للدفاع عن حقوق االنسان في الشريعة اإلسالمية على ضوء‬ ‫‪3‬‬
‫انعقد هذا المؤتمر سنة ‪9111‬‬
‫التطورات الحديثة وما أدت أليه من اعتداء على الحق في الحياة الخاصة وحرمتها‪ ،‬خرج هذا‬
‫المؤتمر بعدة توصيات لعلَ أهمها كان تكوين لجنة تتولى اإلسهام في رعاية حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫بالتعاون مع لجنة حقوق اإلنسان التابعة لهيئة األمم المتحدة‪ ،‬إلى جانب وضع وثيقة تتضمن حقوق‬
‫اإلنسان وحرياته المستمدة من الشريعة اإلسالمية‪.4‬‬
‫‪ ‬المؤتمر اإلفريقي لحقوق االنسان والشعوب‬
‫نظمت نايروبي عاصمة دولة كينيا الدورة الثامنة عشر لمنظمة الوحدة اإلفريقية في الفترة‬
‫مابين ‪ 24‬و‪ 21‬جوان ‪ ،9119‬أين وافقت الدول المشاركة على إنشاء الميثاق اإلفريقي لحقوق‬
‫االنسان والشعوب‪ ،‬والذي نص صراحة على عدم جواز انتهاك حرمة جسد اإلنسان‪ ،‬وعلى حقه‬
‫في احترام حياته وسالمة شخصه البدنية والمعنوية‪.3‬‬
‫نخلص مما تقدم إلى أن حرمة الحياة الخاصة قد باتت على جانب كبير من األهمية‪،‬‬
‫وأ صبحت تحتل مكانة خاصة على مستوى األمم المتحدة‪ ،‬والمؤتمرات الدولية والمحلية‪ ،‬باعتبار أن‬
‫العامل بصفته انسان هو عصب الحياة والمحرك لعناصرها ومقوماتها‪ ،‬ومن غير المتصور أن‬
‫نطالب العامل باإلنتاج والتطور دون أن يكون هناك مناخ مناسب من الحرية‪ ،‬والديمقراطية‪،‬‬
‫إنتاجه‪.‬‬ ‫وحماية خصوصياته‪ ،‬حتى ال يشعر بالمهانة واالضطهاد فيضع‬

‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة في التشريعات الدولية المتخصصة‬


‫نصوص القانون الدولي التي تفرض حرمة الحياة الخاصة هي نصوص عامة‪ ،‬تنطبق على‬
‫العامل لكونه إنسان‪ ،‬كما تنطبق على عالقات العمل‪ ،‬ففي إطار هذه العالقات البد من احترام حياة‬

‫‪ 9‬عماد حمدي الحجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ 2‬جرف محمد أنس‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح‪ ،9111 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 3‬انعقد هذا المؤتمر في النيجر بتاريخ جوان ‪ ،9111‬انظر ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.19‬‬
‫‪ 4‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،34‬أيضا عماد حمدي الحجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 3‬عماد حمدي الحجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪91‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العامل الخاصة‪ ،‬وتبقى المحافضة على سريتها ضرورة حتمية ال يمكن التنازل عنها بمجرد خضوع‬
‫العامل لعالقة التبعية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار كان البد من التعرض على واقع الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل في‬
‫التشريعات الدولية الخاصة به‪ ،‬إذ تمثل اتفاقيات ومؤتمرات وتوصيات منظمة العمل الدولية مصدرا‬
‫أساسيا لحماية العمال في كل أرجاء العالم‪.‬‬
‫إنَ صاحب العمل بما يتمتع من سلطات واسعة كمركز قوي‪ ،‬وبناءً على عالقة التبعية التي‬
‫تجمعه بالعامل‪ ،‬قد يقوم بانتهاك رقعة الحقوق األساسية للعمال‪ ،‬األمر الذي أدى إلى بزوغ منظمتي‬
‫هذه اإلنتهاكات والخروقات التي تتعرض لها‬ ‫العمل الدولية والعربية في محاولة إلحتواء مختل‬
‫الطبقة العاملة‪.‬‬
‫في سبيل ذلك رصدت مجموعة من اإلتفاقيات والتوصيات الدولية التي سعت إلى إعادة‬
‫التوازن وضبط العالقات داخل المؤسسة المستخدمة‪ ،‬وبالتالي ضمان اإلستقـرار في العمل وحماية‬
‫األمن والسلم اإلجتماعيين‪.9‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ - 1‬حماية الحياة الخاصة في منظمة العمل الدولية‬
‫المراكز القانونية ألننا نجد صاحب العمل في مركز قوي متميز‪،‬‬ ‫يتسم ميدان العمل باختال‬
‫وفي المقابل نجد العامل ذي المركز الضعي ‪ ،‬يبقى هذا الميدان مجاال خصبا إلنتهاك حرمة الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬والمس بكرامة العمال في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يضمن لهم القدر الكافي من‬
‫اإلستقرار واإلستمرارية وضمان الحقوق األساسية لهم‪.‬‬
‫مهَدت اإلتفاقيات الدولية وأهمها االعالن العالمي لحقوق االنسان الطريق أمام منظمة العمل‬
‫توفر لهم الحرية والكرامة وتكافؤ الفرص‪ ،‬وتضمن لهم‬ ‫الد ولية لتكرس حقوق العمال ضمن ظرو‬
‫األمن االقتصادي والرفاهية المادية والتقدم الروحي‪ ،3‬األمر الذي دعانا إلى عرض أهم اتفاقيات‬
‫العمل الدولية ذات صلة بموضوع حماية الحياة الخاصة للعامل والتي من أهمها‪:‬‬

‫‪ 9‬حكيمة برقوقي‪ ،‬حقوق االنسان وسلطات المشغل بين االتفاقيات الدولية ومدونة الشغل المغربية‪ ،‬رسالة ماستر في قانون العقود‬
‫والعقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬المغرب‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،.2199-2191‬ص ‪.9‬‬
‫‪ 2‬تعتبر منظمة العمل الدولية من أنشط المنظمات الدولية العاملة في مجال الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافبة‪ ،‬فحتى سنة‬
‫‪ 2113‬اعتمدت منظمة العمل الدولية مابين ‪ 913‬اتفاقية‪ ،‬و ‪ 914‬توصية تتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ 3‬ديباجة الدستور الدولي للعمل لمنظمة العمل الدولية‪ ،‬منشورات مكتب العمل الدولي‪ ،‬جنيف ‪ 2119‬ص ‪.3‬‬

‫‪91‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1- 1‬اإلتفاقية الخاصة بحظر التمييز في مجال اإلستخدام والمهنة‬


‫حددت المادة األولى من هذه اإلتفاقية رقم ‪ 999‬مفهوم ومضمون التمييز من حيث اشتماله لكل‬
‫تمييز أو تفضيل يتم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي أو األصل الوطني‬
‫أو المنشأ االجتماعي من أثره إبطال المساواة وانتقاصها في المعاملة على صعيد اإلستخدام والمهنة‪،‬‬
‫كما حددت هذه اإلتفاقية مفهوم اإلستخدام والمهنة ليشمل كل من مجال التدريب المهني واإللتحاق‬
‫بالعمل‪ ،‬وبالمهن المختلفة‪.9‬‬
‫‪ - 2- 1‬اإلتفاقية الخاصة بالسخرة أو العمل القسري‬
‫بينَت اإلتفاقية رقم ‪ 21‬الخاصة بالسخرة‪ 2‬بأن المقصود بمصطلح السخرة أو العمل القصري‬
‫" جميع األعمال أو الخدمات التي تفرض عنوة على أي شخص تحت التهديد بأي عقاب‪ ،‬والتي ال‬
‫يكون هذا الشخص قد تطوع بأدائها بحض اختياره‪.‬‬
‫أما االتفاقية الدولية رقم ‪ 913‬الخاصة بتحريم السخرة فقد تعهدت الدول األعضاء بموجبها‬
‫بحظر أي شكل من أشكال عمل السخرة أو العمل القسري‪ ،‬وبعدم اللجوء إليه كوسيلة لإلكراه‬
‫أوالتوجيه السياسي أو كعقاب على اعتناق آراء سياسية أو آراء تتعارض مذهبيا مع النظام السياسي‬
‫أواالقتصادي أو االجتماعي القائم‪ ،‬أو على التصريح بهـذه اآلراء‪ ،‬أو كأسلوب لحشد اليد العاملة‬
‫على‬ ‫اإلنضباط‬ ‫لفرض‬ ‫كوسيلة‬ ‫أو‬ ‫االقتصادية‪،‬‬ ‫التنمية‬ ‫ألغراض‬ ‫واستخدامها‬
‫العمال‪ ،‬أوكعقاب على المشاركة في اإلضرابات‪ ،‬أو كوسيلة للتمييز العنصري أو اإلجتماعـي‬
‫أو الوطـني أوالديني‪.3‬‬
‫حماية الحياة الخاصة في منظمة العمل العربية‬ ‫‪-2‬‬
‫لم يُشر دستور منظمة العمل العربية وال الميثاق العربي للعمل‪ 4‬صراحة على حماية الحياة‬
‫الخاصة للعامل‪ ،‬بينما تم التأكيد على هذا المبدأ من خالل نصوص عامة‪ ،‬فقد جاء في مقدمة دستور‬
‫منظمة العمل العربية بأنه إيمانا بأن‪" :‬العمل ليس سلعة‪ ،‬وأن من حق القوى العاملة في الوطن‬
‫أو شروط مالئمة بكرامة اإلنسان العربي‪ ،‬وبأن لجميع البشر السعي‬ ‫العربي أن تعمل في ظرو‬

‫‪ 9‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬


‫‪ 2‬اإلتفاقية رقم ‪ 21‬و‪ 913‬لسنة ‪ 9131‬الخاصة بالسخرة أو العمل القسري الصادرة عن منظمة العمل الدولية‪.‬‬
‫‪ 3‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،334‬انظر أيضا‪:‬‬
‫‪Patrick Belser, Michaelle de Cock and Farhad Mehran, ILO minimum estimate of forced labour in the world,‬‬
‫‪International Labour Organisation, 2005, p 8.‬‬
‫‪ 4‬اعتمد المؤتمر األول لوزراء العمل العرب الذي عقد ببغداد في الفترة ما بين ‪ 9‬و ‪ 92‬جانفي ‪ 9193‬دستور منظمة العمل العربية‬
‫و الميثاق العربي للعمل‪ ،‬وهما الوثيقتان اللتان أقرتهما الدورة الثالثة واألربعون لمجلس جامعة الدول العربية في ‪ 29‬مارس‬
‫‪.9193‬‬

‫‪91‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫قوامها تكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية‪،‬‬ ‫وراء رفاهيتهم المادية والروحية في حرية وفي ظرو‬
‫منظمة العمل العربية إلى تنسيق الجهود العربية في ميدان العمل‪ ،‬وتوحيد التشريعات‬ ‫وتهد‬
‫وشروط العمل في الدول العربية"‪.9‬‬ ‫العمالية وظرو‬
‫الفرع الثاني‬
‫الحماية التشريعية المقارنة والوطنية للحياة الخاصة‬
‫نما مفهوم الحياة الخاصة وتطور كأثر للتغيرات اإلجتماعية والثقافية والسياسية التي مرت‬
‫بحسب الت وجهات القانونية والقضائية السائدة في كل مجتمع‪ ،‬وفي‬ ‫بها المجتمعات‪ ،‬وهو بذلك يختل‬
‫التشريعات المقارنة سواء الغربية منها‬ ‫ما يلي دراسة للحماية المقررة لهذا الحق في مختل‬
‫أو العربية‪ ،‬نتعرض من خالل التشريعات الغربية إلى حماية الحياة الخاصة في التشريعات‬
‫األنجلوساكسونية وأيضا الالتينية‪ ،‬ثم يليها عرض لحماية هذا الحق في التشريعات العربية المختلفة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حماية الحياة الخاصة في التشريعات المقارنة‬


‫النظم القانونية المقارنة في كيفية حماية الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬فمنها من يكتفي‬ ‫تختل‬
‫بالحماية المدنية‪ ،‬ومنها من يدعم هذه الحماية المدنية بحماية جزائية غير مباشرة‪ ،‬ومنها من‬
‫يخصص تنظيم قانوني خاص بالحق في الخصوصية الخاصة كحق مستقل‪.‬‬
‫‪ - 1‬حماية الحياة الخاصة في التشريعات الغربية‬
‫إن التطور العلمي والتكنولوجي الحديث وما نتج عنه من أخطار تهدد الحياة الخاصة كان سببا‬
‫بهذا الحق في بعض األنظمة القانونية‪ ،‬ومع ذلك فإن بعض‬ ‫بضرورة االسراع في االعترا‬
‫بهذا الحق كحق مستقل‪ ،‬بل يتم اللجوء إلى أساليب مختلفة لتوفير‬ ‫التشريعات الغربية ال تعتر‬
‫قوانين أخرى بهذا الحق‬ ‫الحماية القانونية للحياة الخاصة عند المساس بها وعلى النقيض‪ ،‬تعتر‬
‫بوصفه حقا مستقال‪ ،‬وتوفر له من الحماية المدنية والجنائية ما يضمن لصاحبه مواجهة أي اعتداء‬
‫عليه‪.2‬‬
‫‪ - 1- 1‬التشريعات األنجلوساكسونية‬
‫كرَست التشريعات المقارنة الحماية التشريعية للحق في الحياة الخاصة وبسطت له حماية‬
‫دستورية جنائية ومدنية‪ ،‬وتم من الناحية العملية معالجة موضع حماية الحياة الخاصة تشريعيا‬
‫حسب كل بلد‪ ،‬فالقانون االنجليزي على رأس الدول التي رفضت االعترا‬ ‫بصورة متنوعة تختل‬

‫‪ 9‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.334‬‬


‫‪ 2‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بالحق في حرمة الحياة الخاصة كحق مستقل‪ ،‬وإنما نظمته باعتباره حقا متفرعا عن حقوق أساسية‬
‫لصيقة بالشخصية‪.9‬‬
‫حذا حذو القانون االنجليزي بعض التشريعات األخرى كالتشريع األسترالي‪ ،‬واألمريكي القديم‪،‬‬
‫بالحق في‬ ‫والكندي‪ ،‬ولكن هذا يعني ال البتة عدم توفير حماية للحياة الخاصة‪ ،‬وإنما عدم االعترا‬
‫الخصوصية بوصفه حق مستقل‪.‬‬
‫من بين الوسائل التي عالج بها القانون االنجليزي موضوع الحياة الخاصة ما يسمى بقانون‬
‫العقد‪ ،‬فعلى الشاكي إبراز الع القة التعاقدية بينه وبين المشكو في حقه‪ ،‬ورفع الدعوى فحواها خرق‬
‫شروط العقد صراحة أو ضمنا‪.2‬‬
‫هذا ينطبق على العالقة التعاقدية بين طرفي عقد العمل وما تقتضيه من خضوع العامل لسلطة‬
‫على أداء عمله تجعله أكثر عرضة ألن تنتهك‬ ‫صاحب العمل وحق األخير في الرقابة واإلشرا‬
‫حياته الخاصة داخل إطار حياته المهنية خرقا لشروط عقد العمل المبرم بينهما‪.‬‬
‫بالرغم من أن التشريعي األمريكي ينتمي إلى مجموعة النظم القانونية األنجلوسكسونية فإنه ال‬
‫يحدو حذو القانون اإلنجليزي وإنما يحمي الحق في الحياة الخاصة بوصفه حقا مستقال‪ ،3‬و لو بصفة‬
‫غير مباشرة وتبعا لذلك يكون الدفاع عن الحق في سرية الحياة الخاصة في أمريكا مضمونا من‬
‫بهذا الحق تشريعيا‬ ‫خالل حماية الحق في االنعزال والحق في سرية االتصال‪ .‬وقد تمَ االعترا‬
‫بموجب القانون الصادر سنة ‪ 9111‬وتم تعديله سنة ‪.4 2119‬‬
‫‪ - 2- 1‬التشريعات الالتينية‬
‫يعد القانون الفرنسي أبرز نظام مقارن اهتم بحماية الحق في الحياة الخاصة‪ ،3‬فله قيمة‬
‫دستورية باعتباره حق أساسي ال يمكن التنازل عنه‪ ،‬وفي إطار القانون الخاص نجد القانون المدني‬
‫الفرنسي يقر في المادة التاسعة منه "أن لكل فرد الحق في احترام حياته الخاصة"‪.4‬‬

‫‪ 9‬سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 4‬نويري عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ 3‬ان اهتمام المشرع الفرنسي بالحياة الخاصة يرجع إلى وقت بعيد حيث نص القانون الصادر في ماي ‪ ،9191‬في المادة الحادية‬
‫عشر منه‪ ،‬على توقيع عقوبة غرامة مقدارها ‪ 311‬فنك على كل من يقوم بأي نشر أو أي إعالن مكتوب يكون من شأنه التشهير‬
‫بالحياة الخاصة للناس‪ ،‬وفي سنة ‪ 9119‬استحدث القانون الخاص بالصحافة امكانية إقامة المواطن العادي دعوى القذف على‬
‫الصحف‪ ،‬والحق في نشر الرد عند قيام نزاع بينه وبين الجريدة حول نشر أمر متعلق بحرمة حياته الخاصة‪.‬‬
‫‪ 4‬هذه الصيغة الكاملة للمادة باللغة الفرنسية ‪:‬‬
‫‪L’article 9 C.civ.fr (loi N°70-64 du 17-07-1970 stipule: « Chacun à droit au respect de sa vie privée.Les‬‬
‫‪juge peuvent, sans préjudice de la réparation du dommage subi, prescrire toute mesure, telles que séquestre ,‬‬
‫‪saisie et autres, propres à empêcher ou faire cesser une atteinte à la vie privée, ces mesures peuvent, s’il y a‬‬
‫‪urgence, être ordonnées en référé ».‬‬

‫‪19‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تغ طي الحماية المدنية جانبين من الحق في حرمة الحياة الخاصة وهما أوال حق كل فرد في‬
‫عدم إذاعة أو إفشاء جانب من حياته الخاصة دون إذنه أو موافقته‪ ،‬وثانياعدم البحث أو التنقيب في‬
‫حياته الخاصة‪ ، 9‬كما أن القانون الجنائي الفرنسي بدوره يكفل بنصوصه العقابية حماية للحياة‬
‫الخاصة في صورة حظر انتهاك حرمة المساكن والمراسالت واألسرار المهنية والصور‬
‫والمحادثات الخاصة‪.2‬‬
‫تأكيدا على حق العامل في حياته الخاصة لم يكتفي المشرع الفرنسي بالنصوص الواردة في‬
‫القانون المدني والجنائي‪ ،‬بل جاء بنص صريح في قانون العمل وهو نص المادة ‪ L120-2‬التي‬
‫جاء محتواها "ال يجوز ألحد فرض قيود على حقوق األشخاص والحريات الفردية والجماعية‪ ،‬ما لم‬
‫يكن لذلك ما يبرره وفقا لطبيعة المهمة المراد إنجازها وبشرط أن تكون تلك القيود متناسبة مع‬
‫التشريعات العمالية المقارنة‪.‬‬ ‫المنشود"‪ ،‬والمالحظ غياب مثل هذا النص في مختل‬ ‫الهد‬
‫بالحق في الخاصة كحق مستقل وبسط عليه‬ ‫الحقيقة أن المشرع الفرنسي كان قد اعتر‬
‫حماية أوسع بموجب القانون رقم ‪ 943-11‬الصادر في ‪ 91‬جويلية ‪9111‬الخاص بحماية الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 22‬منه على أن لكل شخص حق في احترام حياته الخاصة‪ ،‬وأمر‬
‫االعتداء على حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬هذه‬ ‫القضاء باتخ اذ كافة االجراءات الضرورية لمنع ووق‬
‫االجراءات التي يمكن األمر بها قاضي االمور الوقتية في حالة االستعجال‪.3‬‬
‫القضاء الفرنسي استطاع خالل حقبة طويلة من الزمان وقبل أن يتدخل المشرع بنصوص‬
‫خاصة في هذا الصدد‪ ،‬أن يوفر الحماية للحق في الحياة الخاصة استنادا إلى قواعد المسؤولية‬
‫المدنية من خالل تطبيقه ألحكام المادة ‪ 9312‬من القانون المدني الفرنسي التي تنص «كل فعل‬
‫يترتب عليه ضرر للغير يلزم من يرتكبه بإصالح هذا الضرر»‪ ،4‬وقد ظل القضاء يطبق هذه المادة‬
‫لمدة طويلة إضفاء الحماية المدنية المالئمة على الحياة الخاصة‪.3‬‬

‫‪9‬‬
‫‪RIGAUX (F), La protection de la vie priée et les autres biens de la personnalité, Bibliothèque de la faculté‬‬
‫‪de l’Université catholique de louvain. Rev. Int, dr, comp, 1990, p10 et suite.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Olivier TISSOT, La protection de la vie privée du salarié, Dr, Soc,France, 1990, p 223.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪RAVANAS (J), op.cit, N° 73 , MAZEAUD (H.L.J) , op.cit. p 398, N°803, KAYSER (P), Les droit de la‬‬
‫‪personnalité, op.cit, N° 43.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪L’article 1382 stipule que «Tout fait quelconque de l’homme, qui cause à autrui un dommage oblige celui‬‬
‫‪par la faute duquel il est arrivé à le réparer ».‬‬
‫‪3‬‬
‫‪RIGAUX (F), La protection de la vie priée et les autres biens de la personnalité. Op.cit. p7.‬‬

‫‪12‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مع ذلك ال تشكل الحياة الخاصة في القانون اإليطالي سوى حقا لصيقا بشخصية اإلنسان إلى‬
‫جانب حقوق أخرى‪ ،9‬وبناءا على ذلك ال تستفيد الخصوصية الفردية بتنظيم خاص بها‪ ،‬وهي تجد‬
‫مصدرها في حماية سرية المراسالت‪ ،‬كما أن حماية المراسالت تجد مرجعها في المحافظة على‬
‫المصلحة الخاصة أو المصلحة العامة على حد السواء‪ ،‬و يسير القانون األلماني نفس نهج القانون‬
‫اإليطالي من حيث عدم اكساب الحق في احترام الحياة الخاصة نصا نوعيا مستقال ينظمه‪ ،‬فهذا‬
‫الحق يظل يرتبط بالحقوق األخرى اللصيقة بشخصية اإلنسان‪.‬‬
‫‪ - 2‬حماية الحياة الخاصة في التشريعات العربية‬
‫ال تزال تشريعات العمل في كثير من الدول العربية بعيدة عن إدراج هذا المفهوم في‬ ‫لألس‬
‫قوانينها والنص عليه صراحة‪ ،‬وحتى التشريعات العمالية الحديثة التي عدلت نصوصها في اآلونة‬
‫األخيرة‪ ،‬تبنت هذا الموضوع في حدوده الدنيا دون التوسع فيه‪.2‬‬
‫لوحظ غياب نص يحمي الحياة الخاصة للعامل في قانون العمل المصري الجديد‪ ،‬األمر الذي‬
‫أثار تساؤل خبراء منظمة العمل الدولية عند عرض مشروع هذا القانون عليهم‪ ،‬فقد ورد بالمذكرة‬
‫اإليضاحية لمشروع قانون العمل أن خبراء هذه المنظمة قد أثاروا بشأن هذا المشروع‪ ،‬وعند‬
‫عرضه عليهم غياب لبعض المبادئ العامة ومنها حق العامل في الحفاظ على حياته الخاصة‬
‫وكرامته‪ ،‬وكان رد الوفد المصري المخول المناقشة معهم بأن هذه الحقوق منظمة بموجب الدستور‬
‫وأن مقدمة المذكرة اإلضاحية ال بد أن تشير إليها مرة ثانية‪.3‬‬
‫في حين حظيت حرمة الحياة الخاصة بحماية دستورية‪ ،‬بحيث ال يجوز المساس به سواء من‬
‫قبل الدولة وسلطاتها أو األفراد‪ ،‬وهذا ما جاء في نص الفقرة االولى من المادة ‪ 43‬من الدستور‬
‫المصري "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسالت البريدية والبرقية والمحادثات‬
‫التليف ونية وغيرها من وسائل االتصال حرمة‪ ،‬وسريتها مكفولة‪ ،‬وال يجوز مصادرتها أو االطالع‬
‫عليها أو رقابتها إال بأمر قضائي مسبب وفقا ألحكام القانون"‪.‬‬
‫لم يكتفي المشرع المصري بالنص على مبدأ احترام الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وإنما حرص‬
‫على إقراره بموجب القانون المدني وحرَم االعتداء عليه‪ ،‬واعتبره أحد الحقوق المالزمة لشخصية‬
‫اإلنسان‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 31‬من القانون المدني المصري على أنه "لكل من وقع عليه اعتداء‬
‫هذا االعتداء مع التعويض‬ ‫غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة لشخصيته أن يطلب وق‬
‫عما يكون قد لحقه من ضرر"‪.‬‬

‫‪ 9‬سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ 3‬محمد حسن قاسم‪ ،‬الحماي ة القانونية لحياة العامل الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪13‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إلى جانب ذلك اعتبر المشرع المصري االعتداء على الحياة الخاصة جريمة ال تسقط‬
‫الدعوى الناشئة عنها بالتقادم‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 31‬من الدستور على أن «كل اعتداء على الحرية‬
‫الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها‬
‫الدستور والق انون جريمة ال تسقط الدعوى الجنائية وال المدنية الناشئة عنها بالتقادم‪ ،‬وتكفل الدولة‬
‫تعويضا عادال لمن وقع عليه االعتداء»‪.‬‬
‫وردت الحماية الجنائية لبعض مظاهر الحق في الحياة الخاصة من خالل نص المادتين ‪311‬‬
‫مكرر و ‪ 311‬مكرر (أ) من قانون العقوبات المصري‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 311‬على أن "يعاقب‬
‫بالحبس مدة ال تزيد عن سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن‪ ،‬وذلك بأن ارتكب‬
‫أحد األفعال اآلتية في غير األحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضا المجني عليه؛ استرق السمع‬
‫أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من األجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن‬
‫طريق التليفون‪ ،‬والتقط أو نقل بجهاز من األجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص"‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 311‬مكرر (أ) على أن "يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة‬
‫أواستعمل ولو في غير عالنية تسجيالت أو مستندات متحصل عليها بإحدى الطرق المبينة بالمادة‬
‫العام الذي يرتكب أحد‬ ‫السابقة‪ ،‬أو كان ذلك بغير رضا صاحب الشأن‪ ،‬ويعاقب بالسجن الموظ‬
‫األفعال المبينة بهذه المادة اعتمادا على سلطة وظيفته‪.‬‬
‫الدستور األردني شأنه شأن باقي الدساتير العربية بالحق في احترام‬ ‫أما في األردن اعتر‬
‫الحياة الخاص ة في المادة السابعة منه على أن الحرية الشخصية مصونة‪ ،‬وكفل في المادة ‪ 91‬منه‬
‫لكل شخص حرمة مراسالته الشخصية وجعل اإلطالع عليها أو رقابتها أو توقيفها محظورا إال في‬
‫األحوال المعينة في القانون‪ ،‬لما يتضمنه ذلك من اعتداء على حق ملكية الرسائل ولما قد تتناوله من‬
‫أمو ر تتعلق بمعتقداتهم الدينية أوالسياسية‪ ،‬ال سيما بعد أن أصبحت وسائل ضبط المراسالت‬
‫رصد حركات المواطنين بحجة المصلحة العامة أو المحافظة‬ ‫وتسجيل المحادثات الشخصية تستهد‬
‫على النظام العام‪.‬‬
‫تماشيا مع هذه األهمية أجمعت القوانين األردنية على تنظيم هذا الحق‪ ،‬ومن بينها التشريع‬
‫المدني الذي نص في المادة ‪ 41‬منه «لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق‬
‫هذا االعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر»‪.‬‬ ‫المالزمة لشخصيته أن يطلب وق‬
‫جاء هذا النص عاما وشامال ألي اعتداء يقع على أي حق من الحقوق المالزمة للشخصية‪،‬‬
‫كما سار التشريع الجزائي األ ردني على نفس النهج بفرضه العقاب على كل اعتداء على حرمة‬

‫‪14‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫صورها سواء بإستراق السمع أو اختالس النظر بأي وسيلة كانت بما‬ ‫الحياة الخاصة في مختل‬
‫فيها التسجيل الصوتي أو التقاط الصور‪ ،‬يتضح أن تشريع العمل األردني يفتقر إلى أي نص يتناول‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫حاول المغرب تكريس حماية الحياة الخاصة من خالل إصداره لقانون حماية البيانات‬
‫الشخصية‪ ،‬وهو القانون ‪ 11/11‬الصادر في ‪ 91‬فبراير ‪ ،2111‬ويملك هيئة مراقبة في هذا المجال‬
‫ممثلة في اللجنة الوطنية لمراقبة وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي خاصة في ظل التحديات‬
‫والتطور المعلوماتي والتحوالت التكنولوجية التي تطبع كافة مناحي الحياة االقتصادية والمالية‪.‬‬
‫إن المشرع المغربي لم يضع نصوصا تنظم حماية الحياة الخاصة للعامل باستثناء ما أشير اليه‬
‫في المادة ‪ 411‬من مدونة الشغل التي تنص على أنه يج ب أن تتم معالجة البيانات الشخصية لطالبي‬
‫الشغل من قبل وكاالت التشغيل الخاصة بكيفية تراعي احترام الحياة الخاصة للمعنيين باألمر‪ ،‬مع‬
‫اقتصارها على المسائل التي ترتبط بمؤهالتهم وخبراتهم المهنية‪ ،9‬غير أن هذه المادة تلزم وكاالت‬
‫التشغيل وليس المستخدمين‪ ،‬زيادة على أنها لم تتطرق لمسألة مدة تخزين البيانات الشخصية‪ ،‬وذلك‬
‫على عكس ما هو وارد في المادة ‪ 9‬من االتفاقية رقم ‪ 919‬المتعلقة بوكاالت التشغيل الخاصة والتي‬
‫صادق عليها المغرب‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة في التشريع الجزائري‬
‫لم يتضمن قانون العمل نصا صريحا يحمي الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطات صاحب‬
‫العمل ولكنه تضمن بعض التطبيقات المتناثرة في نصوصه يستدل منها أنها تقرر حماية لحياة‬
‫العامل الخاصة‪ ،‬مثل النصوص التي تحمي السالمة البدنية والمعنوية للعمال وتحظر التمييز بينهم‪.‬‬
‫في حين نجد أن القانون رقم ‪ 91/14‬المؤرخ في ‪ 2114/92/93‬المتعلق بتنصيب العمال‬
‫ومراقبة التشغيل قد نص على حرمة الحياة الخاصة لطالبي الشغل في مادته ‪ 21‬التي جاء فيها‬
‫" يعرض إفشاء المعلومات الشخصية التي تمس الحياة الخاصة لطالب التشغيل مرتكبه لغرامة من‬
‫‪31.111‬دج إلى ‪911.111‬دج"‪ ،‬وهذا ما أعتمده أيضا مشروع قانون العمل الجديد مع تغيير في‬
‫مبلغ الغرامة المالية‪ ،‬مضفيا الحماية القانونية على هذا الحق بالنسبة لطالبي العمل دون العمال‪.‬‬

‫‪ 9‬نورة بوطاهر‪ ،‬أنس االعرج‪ ،‬رشيد االشهب‪ ،‬حسن االبراهيمي‪ ،‬آثار المعلوميات على الشغل‪ ،‬منطلقات لتوجيه القضاء في تطبيق‬
‫مدونة الشغل‪ ،‬ص ‪ ،1‬بحث منشور على الموقع اآلتي‪ ، http://www.startimes.com/?t=15307871 :‬تاريخ االطالع‪21 :‬‬
‫مارس ‪.2193‬‬
‫‪ 2‬نورة بوطاهر‪ ،‬أنس االعرج‪ ،‬رشيد االشهب‪ ،‬حسن االبراهيمي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫‪13‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تجدر المالحظة أنه كان باإلمكان حماية الحياة الخاصة للعامل بإدراج مثل هذه المادة في‬
‫المشرع الجزائري من هذا المقتضى كان حماية طالبي‬ ‫نصوص مشروع ق‪.‬ع‪ ،‬وذلك بعلة أن هد‬
‫الشغل من خطر االعتداء على حرمة حياتهم الخاصة عند تدوين بيانات طالب الشغل‪ ،‬وهو ما تم‬
‫إدراجه في المادة ‪ 313‬من مشروع ق‪.‬ع‪ ،‬والتي وردت مطابقة لنص المادة ‪ 411‬من مدونة الشغل‬
‫ذكرها‪.‬‬ ‫المغربية السال‬
‫كان من باب أولى تمديد هذه الحماية إلى العامل‪ ،‬وتوفير أكبر قدر ممكن من الضمانات‬
‫والحماية للطبقة العاملة‪ ،‬خاصة مع اتساع رقعة سلطات صاحب العمل التي تتحول إلى جبروت‬
‫وتسلط‪ ،‬يؤدي في أغلب األحيان إلى اإلضرار بالحقوق األساسية للعمال‪.9‬‬
‫يعتبر التدخل التشريعي المنظم للعالقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل‪ ،‬في ظل ظرو‬
‫تأخذ بعين االعتبار المعطيات المادية واالعتبارية لشخص العامل‪ ،‬أحد أهم المطالب األساسية التي‬
‫تقررها المبادئ الحمائية لحقوق االنسان‪ ،‬وبالرغم عدم وجود نص قانون خاص ينظم حماية الحياة‬
‫الخاصة للعامل في تشريع العمل‪ ،‬إال أنه مع ذلك يبقى يستفيد من الحماية الدستورية وكذا الحماية‬
‫نصوص القانون‪.‬‬ ‫التشريعية الواردة في مختل‬
‫‪ - 1‬الحماية الدستورية للحياة الخاصة‬
‫أدَى االهتمام الدولي بالحق في الحياة الخاصة إلى قيام المؤسس الدستوري بتكريس الحماية‬
‫الالزمة وبسطها لهذا الحق نظرا للمكانة البارزة على المستويات الدولية واإلقليمية والداخلية‪ ،‬وتعد‬
‫الطبيعة الدستورية للحق في الحياة الخاصة من أهم وأقوى الضمانات الخاصة به‪.2‬‬
‫الحق في حرمة الحياة الخاصة يتمتع بمكانة بارزة في الدستور الجزائري‪ ،3‬بحيث حرص‬
‫المشرع الدستوري على كفالة هذا الحق من خالل دستور ‪ ،9119‬حيث أقر في الفصل الرابع منه‬
‫تحت عنوان الحقوق والحريات صراحة‪ ،‬بموجب نص الفقرة االولى من المادة ‪ 31‬منه على أنه "ال‬

‫‪9‬‬
‫حكيمة برقوقي‪ ،‬حقوق االنسان وسلطات المشغل بين االتفاقيات الدولية ومدونة الشغل المغربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ 2‬صافية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.324‬‬
‫‪ 3‬اعتنى المشرع الجزائري كغيره من المشرعين عبر دساتيره المتعاقبة بموضع حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬ففي دستور ‪ 9193‬لم يكن‬
‫االهتمام منصبا على حياة المواطنين الخاصة بشكل مركز‪ ،‬وذلك بحكم الظروف السياسية للبالد إلى أن ذلك لم يمنع المشرع‬
‫الجزا ئري بالنص على أحد عناصر الحياة الخاصة وهو المسكن‪ ،‬الذي أورد حمايته في نص المادة ‪ 94‬منه تقضي بأنه " اليجوز‬
‫االعتداء على مقر السكنى‪ ،‬كما تضمن سرية المراسلة لسائر المواطنين" ‪ ،‬كما ورد النص أيضا على هذا الحق في دستور ‪9119‬‬
‫فنصت المادة ‪ 41‬منه "ال يجوز انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطن وشرفه ويحميها القانون"‪ ،‬كما ورد النص على نفس فحوى‬
‫هذه المادة في دستور ‪ 9111‬في المادة ‪ 31‬منه‪ ،‬فحين أضافت الفقرة الثانية منها "سرية المراسالت واالتصاالت الخاصة بكل‬
‫أشكالها مضمونة"‪ .‬وبهذا يكون المشرع الجزائري قد أضفة قيمة دستورية عليا على الحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬كما كرس‬
‫العديد من الحقوق المتصلة بشخص االنسان وضمن لها الحماية كسرية المراسالت والمحادثات‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة وحرمة شرفه ويحميها القانون"‪ ،‬وبذلك يكون المشرع‬
‫الجزائري قد وضع نظاما للحياة االجتماعية تصان فيه الكرامة اإلنسانية‪.‬‬
‫أورد المؤسس الدستوري على هذا المبدأ عدة تطبيقات تتضح من خالل المادة ‪ 34‬التي تنص‬
‫بدني أو معنوي أو أي مساس بالكرامة"‪،‬‬ ‫"تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة اإلنسان ويحظر أي عن‬
‫فيما فرض العقاب على كل من ينتهك حرمة الحياة الخاصة بنصه في المادة ‪" 41‬يعاقب القانون‬
‫على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات وعلى كل ما يمس سالمة اإلنسان البدنية‬
‫والمعنوية" ‪ ،‬كما ضمن حماية سرية المراسالت واإلتصاالت الخاصة بكل أشكالها في المادة ‪،31‬‬
‫ونهى عن المساس بحرمة حرية المعتقد وحرية الرأي في المادة ‪ ،39‬يتضح من خالل هذه‬
‫النصوص أن الدستور الجزائري أقر الحق في الحياة الخاصة واعتبره حقا من حقوق االنسان وكفل‬
‫حمايته بواسطة السلطة القضائية‪.‬‬
‫الحماية التشريعية للحياة الخاصة‬ ‫‪-2‬‬
‫إن العامل رغم وجوده في مكان ووقت العمل إال أنه يظل يحتفظ بذاته كإنسان وبقدر من‬
‫الخصوصية التي تالزمه حتى في مكان العمل‪ ،‬فالعامل ليس آلة متحجرة ولكنه كائن بشري يتفاعل‬
‫وبالتالي فإنه يظل محتفظا بحقه في الحياة الخاصة سواء داخل مكان العمل‬ ‫مع األحداث والمواق‬
‫أوخارجه‪ ،‬ولعل أهم ما يالزم العامل حتى في حياته المهنية اعتقاده وضميره وفكره‪ ،‬فال يمكن‬
‫للعامل أن يؤمن بنفس معتقدات وتوجهات صاحب العمل‪.‬‬
‫أمام غياب نصوص قانونية صريحة في تشريع العمل تحفظ حرمة حياته الخاصة للعامل‪ ،‬فإنه‬
‫يتم اللجوء إلى باقي النصوص التشريعية كالقانون المدني الذي يعتبر الشريعة العامة للقانون وكذا‬
‫التشريعات المنظمة لهذا الحق‪.9‬‬ ‫قانون العقوبات‪ ،‬والى مختل‬
‫‪ - 1- 2‬حماية الحياة الخاصة في القانون المدني‬
‫لم يتضمن القانون المدني الجزائري‪ 2‬نصا صريحا يحمي بموجبه الحق في الحياة الخاصة‬
‫كحق مستقل على نحو ما فعل المشرع الفرنسي في المادة ‪ 11‬من القانون المدني‪ ،‬بينما أورد نصا‬
‫عاما‪ 3‬يحمي به الحقوق ا للصيقة بشخصية االنسان التي تعتبر الحياة الخاصة أحد أهم عناصرها‪،‬‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ 2‬األمر رقم ‪ 31/13‬المؤرخ في ‪ 29‬سبتمبر ‪ 9131‬المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 13/11‬المؤرخ في ‪93‬‬
‫ماي ‪ ،2111‬ج‪.‬ر عدد ‪ 39‬الصادرة بتاريخ ‪ 93‬ماي ‪.2111‬‬
‫‪ 3‬تجدر االشارة أن القانون المدني الجزائري تضمن في نصوصه أحكام تحمي خصوصيات الغير في المواد من (‪ 911‬إلى ‪،)192‬‬
‫وكل هذه المواد تستهدف إلى الحيلولة دون إطالع الجار على خصوصيات جاره‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫وذلك بنصه في المادة ‪ 41‬من القانون المدني" لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من‬
‫هذا اإلعتداء والتعويض عما يكون قد لحقه من ضرر"‪.‬‬ ‫الحقوق المالزمة لشخصيته‪ ،‬أن يطلب وق‬
‫التعرض للحق بالحياة الخاصة باالعتداء وفقا ألحكام المادة ‪ 41‬قد يحدث على أي عنصر من‬
‫عناصرها‪ ،‬فقد يكون بإفشاء االسرار الصحية أوالعائلية أوالمالية أو بالتقاط أحاديث خاصة أو نشر‬
‫صور بغير إذن صاحبها‪...‬الخ‪ .‬وإن للمعتدى على حقه في الحياة الخاصة الحق في رفع دعوى‬
‫االعتداء على أساس هذه المادة‪.‬‬ ‫للمطالبة بوق‬
‫‪ - 2- 2‬حماية الحياة الخاصة في قانون اإلجراءات المدنية‬
‫انطالقا من اعتبار احترام الحياة الخاصة أحد الحقوق اللصيقة بالشخصية طبقا لنص المادة ‪41‬‬
‫من ق‪.‬م‪ .‬ج‪ ،‬واعتبار لمفهوم مفهوم لسالمة المعنوية للفرد وما تتضمنه مقومات للشخصية كاالعتبار‬
‫والسمعة والمعتقدات والمشاعر والسرية والصورة والصوت‪..‬الخ‪ ،‬فإن ذلك قد يكون إطارا عاما‬
‫لمبدأ حماية الحياة الخاصة في القانون الجزائري‪.9‬‬
‫كرَس المشرع الجزائري حماية وقائية للحق في الحياة الخاصة في ظل قانون االجراءات‬
‫االعتداء طـالما أن هـناك‬ ‫المدنية واإلدارية‪ ،2‬حيث نصت المادة ‪ 41‬من ق‪.‬م على طلب وقـ‬
‫ضرر‪ ،‬أما المادة ‪ 211‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ تقضي أنه "في جميع أحوال االستعجال وإذا اقتضى األمر‬
‫الفصل في إجراء يتعلق بالحراسة القضائية أو بأي تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة يتم‬
‫عرض القضية بعريضة افتتاحية أمام المحكمة الواقع في دائرة إختصاصها اإلشكال أو التدبير‬
‫المطلوب"‪.‬‬
‫من خالل الرجوع إلى المادة السابقة يمكن للمعتدي عليه اللجوء إلى التدابير التحفظية عن‬
‫طريق اإلستعجال‪ ،‬أما التصور العملي في اتخاذ يتمثل في إجراءات الحجز للمادة موضوع اإلعتداء‬
‫كحجز كاميرا أو جهاز مسجل إلتقط صورة مرتبطة بحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬أو الحراسة‪.‬‬
‫‪ - 3- 2‬حماية الحياة الخاصة في قانون العقوبات‬
‫لم يتوارى المشرع العقابي الجزائري عن االهتمام بحماية الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬إال أن‬
‫تجسيد هذه الحماية جاء متأخرا بالمقارنة مع التشريعات المقارنة‪ ،‬حيث أعلن المشرع الجزائري‬
‫عن حماية هذا الحق بمناسبة التعديل الدستوري الذي أدخله على قانون العقوبات‪ ،‬وذلك بموجب‬
‫القانون رقم ‪ 23/19‬المؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر ‪.2119‬‬

‫‪ 9‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.931‬‬


‫‪ 2‬األمر رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 23‬فبراير ‪ 2111‬المتضمن القانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر ‪29‬عدد الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 23‬أبريل ‪.2111‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إذ ورد في المادة ‪ 313‬منه" يعاقب بالحبس من ستة ‪ 9‬أشهر إلى ‪ 3‬ثالث سنوات وبغرامة من‬
‫‪31.111‬دج إلى ‪311.111‬دج كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة لألشخاص‪ ،‬بأية تقنية‬
‫كانت وذلك؛ بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية‪ ،‬بغير إذن صاحبها‬
‫أورضاه‪ ،‬وبالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكان خاص‪ ،‬بغير إذن صاحبها أو رضاه"‬
‫ليس هذا وحسب‪ ،‬بل جرم المشرع في الفقرة الرابعة من المادة ‪ 911‬من ق‪.‬ع‪ ،‬اإلعتداء على‬
‫بالسجن المؤقت من ‪ 13‬إلى ‪ 91‬سنوات إذا أمر بعمل تحكمي‬ ‫الحريات بنصها" يعاقب الموظ‬
‫أوماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر"‪.‬‬
‫كما نجد العديد من التشريعات الوطنية أقرت الحماية للحق في الحياة الخاصة‪ ،‬نذكر من بينها‬
‫قانون اإلعالم‪ 9‬الذي نص في المادة الثالثة ‪ 3‬منه على أنه "يمارس حقَ االعالم بحرية مع احترام‬
‫كرامة الشخصية االنسانية‪ ،"...‬تضمن أيضا المرسوم التنفيذي رقم ‪ 231/11‬المتعلق بشروط‬
‫وضبط كيفيات إقامة خدمات االنترنت واستغاللها‪ 2‬تأكيدا على هذا الحق‪ ،‬حيث جاء في الفقرة الثانية‬
‫من المادة ‪" 94‬يلزم مقدم خدمات األنترنت خالل ممارسة نشاطاته المحافظة على سرية كلَ‬
‫المعلومات المتعلقة بحياة مشتركيه الخاصة‪ ،‬وعدم اإلدالء بها إالَ في الحاالت المنصوص عليها في‬
‫القانون"‪ ،‬إلى جانب القانون رقم ‪ 14-11‬المتعلق بالوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم‬
‫واإلتصال ومكافحته‪ 3‬في المادة ‪ 4‬منه التي تعاقب على المساس بالحياة الخاصة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الطبيعة القانونية للحياة الخاصة‬
‫بين الفقهاء‪ ،‬فالطبيعة‬ ‫أثارت مسألة تحديد الطبيعة القانونية للحق في حياة الخاصة اختال‬
‫القا نونية لهذا الحق ال تقل أهمية عن تحديد مفهومه لما لها من تأثير مباشر في تحديد التكيي‬
‫القانوني لحق في الحياة الخاصة من جهة‪ ،‬ولما يترتب عنها من نتائج وسيمات تميز هذا الحق عن‬
‫ما يماثله من حقوق من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ 9‬القانون رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 13‬أفريل ‪ ،9111‬المتضمن قانون اإلعالم‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 94‬الصادرة بتاريخ ‪ 14‬أفريل ‪.9111‬‬
‫‪ 2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 231/11‬المؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪ 9111‬المتعلق بشروط وضبط كيفيات إقامة خدمات األنترنت واستغاللها‬
‫المعدل والمتمم‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،93‬الصادرة بتاريخ ‪ 29‬أوت‪.9111‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 14-11‬المؤرخ في ‪ 13‬أوت ‪ 2111‬المتعلق بالوقاية من الجرائم المت صلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحته‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 41‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬أوت ‪.2111‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفرع األول‬
‫التكييف القـانوني للحياة الخاصة‬
‫إن إتساع وتعقيد مفهوم الحياة الخاصة‪ ،‬وصعوبة حصر مجالها فتح المجال أمام الفقهاء‬
‫القانوني‬ ‫لتحديد طبيعتها القانونية‪ ،‬في هذا الصدد انقسم الفقه إلى ثالث اتجاهات بشأن تحديد التكيي‬
‫للحق في الحياة الخاصة‪ ،‬فمنهم من اعتبره حرية‪ 9‬أو رخصة‪ ،‬ومنهم من يعـتبره حـق ملكية‪ ،2‬في‬
‫حين ينظر اتجاه آخر على أنه حقا من حقوق الشخصية وهو االتجاه الغالب‪.3‬‬
‫أوال‪ :‬الحق في الحياة الخاصة حرية عامة‬
‫اعتبر الحق في الحياة الخاصة من قبيل الحريات العامة؛ طالما أن السلطة العامة قد اعترفت‬
‫به ويتم تنظيم ممارسته بواسطتها‪ ،‬ولكونه يكفل كرامة اإلنسان‪ ،‬وتصان كل الحريات عندما تتم‬
‫إلى ضمان‬ ‫ممارستها في نطاق الحياة الخاصة‪ ،‬وذهب البعض إلى القول بأن هذه الحماية ال تهد‬
‫ممارسة حرية معينة من الحريات العامة‪ ،‬بل أنَ حماية الحق في الحياة الخاصة هذه تخدم بغير‬
‫جميع الحريات‪.4‬‬ ‫خال‬
‫يعتبر الحق في الحياة الخاصة عنصرا جوهريا من عناصر الحرية الشخصية‪ ،3‬ألن هذه‬
‫األخيرة ضرورية لإلنسان‪ ،‬ومالزمة له طيلة حياته‪ ،‬كما ال يمكن له أن يتمتع بأي حق من حقوقه‬
‫أو حرية من حرياته إذا ما فقد حريته الشخصية‪.‬‬
‫إذا كانت للحرية الشخصية هذه األهمية الواضحة فيما بين الحريات العامة‪ ،‬فإن حرمة الحياة‬
‫الخاصة هي لب الحرية الشخصية‪ ،‬وأوثقها صلة بشخص اإلنسان‪ ،‬فيعتبرها البعض بأنها حرية‬
‫بالمعنى الضيق‪.9‬‬
‫‪1‬‬
‫يتميز الحق في الحياة الخاصة بوصفه حرية من الحريات العامة‪ ،‬بمجموعة من الخصائص‬
‫لعل أهمها أنه يتسم بالسرية‪ ،‬أنه حق ذو طابع سلبي‪ ،‬أنه حق يتسم بالخصوصية‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫‪CARBONNIER (J), op.cit, p 70 et s, NERSON (R), op.cit, p384, FERRIER (D), op.cit, p 12.‬‬
‫أما في الفقه العربي‪ :‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،31‬أسامة عبد هللا قائد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫‪EDELMAN (B), Esquisse d’une théorie du sujet : l’homme et son image, Dalloz, Paris, 1970, p119.‬‬
‫‪ 3‬أقره غالبية الفقه الفرنسي وهو االتجاه السائد في فرنسا حديثا‪ ،‬والفقه العربي؛ ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،213‬حسام‬
‫الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،91‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ، 941‬وغيرهم من الفقهاء‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪RIVERO (J), Les Libertés Publiques dans l’entreprise, Droit social, Paris, 1982, p19.‬‬
‫‪ 3‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬الحماية الجنائية للحرية الشخصية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية‪ ،2199 ،‬ص‪ ، 3‬حيث يرى أن الحرية‬
‫الشخصية تتمثل في مجموعة من الحقوق الفردية تكون مجتمعة مكونة للحرية الشخصية وجوهرها‪ ،‬وهذه الحقوق أربعة هي الحق‬
‫في األمن الشخصي والحق في السالمة البدنية والذهنية والحق في حماية المسكن‪ ،‬والحق في حماية حرية الحياة الخاصة‪ ،‬وهذه‬
‫الحقوق يستهدف الق انون حمايتها بتقريره لجرائم االعتداء على الحرية‪.‬‬
‫‪ 9‬آدم عبد البديع آدم حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ 1‬نويري عبد العزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -‬أنه حق يتسم بالسرية‪ :‬يشكل الحق في السرية األساس في تقرير الحماية للحياة الخاصة من أي‬
‫اعتداء‪ ،‬فالسرية بوصفها الطابع المميز للحياة الخاصة‪ ،‬تعتبر مصلحة هامة يحرص االنسان على‬
‫تحقيقها‪ ،‬من أجل ضمان حريته في مباشرة هذه الحياة‪ ،‬فللحق في الحياة الخاصة وجهين متالزمين‬
‫هما حرية الحياة الخاصة وسرية الحياة الخاصة‪.9‬‬

‫تتمثل حرية الحياة الخاصة في حرية الفرد في أن يفعل ما يشاء بعيدا عن تدخل الغير‪،‬‬
‫ولكن في إطار ما يحدده القانون‪ ،‬أما سرية الحياة الخاصة فتتمثل في عدم إطالع الغير على حياته‬
‫الخاصة‪ ،‬فالعالنية تفسد هذه الحرية ألنها تقيد صاحبها‪.2‬‬

‫في هذه الحالة يصبح الحق في الحياة الخاصة مجردا من وجهيه‪ ،‬فإذا كانت حرية االنسان‬
‫في مباشرة الحق عنصرا هاما لقيامه‪ ،‬فإن السرية التي تترتب على الحرية‪ ،‬هي عنصر الزم لقيام‬
‫هذه الحرية وواقع األمر أنه ال جدوى من حرية الحياة الخاصة ما لم تتقرر سرية هذه الحياة‪.3‬‬

‫‪ -‬أنه حق ذو طابع سلبي‪ :‬بمعنى يمنع على الغير االعتداء على المجال الخاص حيث تزدهر فيه‬
‫الحرية الشخصية‪ ،‬كما يفيد في رسم الحدود للمنطقة التي يستطيع فيها األفراد أن يتحركوا دون‬
‫من تدخل الدولة‪.4‬‬ ‫خو‬

‫‪ -‬أنه حق يتسم بالخصوصية‪ :‬والخصوصية للحق هنا سمة واضحة‪ ،‬تتمثل في انفراد صاحب‬
‫الحق بالحق وقصره عليه‪ ،‬فهو ليس بالحق الشائع أو المشترك‪ ،3‬وهذا االستئثار دليل االستقالل‬
‫بذاتيته واحتفاظه باستقالليته في الوسط الذي ينتمي إليه‪.9‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحق في الحياة الخاصة حق ملكية‬
‫ذهب اتجاه في ال فقه والقضاء المقارن إلى اعتبار الحق في الحياة الخاصة حق ملكية‪ ،1‬حيث‬
‫في ملكه واستعماله واستغاللها‪ ،1‬وقـد أسس‬ ‫يكون الشخص مالكا لجسده وشكله‪ ،‬وبإمكانه التصر‬
‫هذا االتجاه رأيه على أساس الحق في الصورة‪ 1‬لكونها تخضع لما يخضع له حق الملكية من أحكام‪،‬‬

‫‪ 9‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ 2‬وهاب حمزة‪ ، ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 3‬آدم عبد البديع آدم حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.449‬‬
‫‪ 4‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪91‬‬
‫‪ 9‬أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪1‬‬
‫‪EDELMAN (B), op.cit, p119.‬‬
‫‪ 1‬أكرم عبد الرزاق المشهداني‪ ،‬اساءة استخدام تقنيات المعلومات وانتهاك الحق في الخصوصية‪ ،‬بحث مقدم خالل المؤتمر السادس لجمعية‬
‫المكتبات والمعلومات السعودية حول البييئة المعلوماتية ا آلمنة‪ ،‬المفاهيم والتشريعات والتطبيقات‪ ،‬المنعقد بمدينة الرياض خالل الفترة ‪1-9‬‬
‫أفريل ‪.2191‬‬
‫‪ 1‬تجدر االشارة إلى الحكم الشهير المؤسس لهذا االتجاه والذي صدر منذ أكثر من قرن من الزمان عن المحكمة المدنية بالسين والذي أسس‬
‫قضاؤه على إلزام شخص بتعويض شخص آخر بسبب قيام األول بتصوير األخير ونشر صورته دون موافقته‪ ،‬واستند الحكم على أن الحقوق‬

‫‪19‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫فهو ينظر إلى الصورة نظرة مادية‪ ،9‬وإذ كانت الفكرة السائدة آنذاك أن لإلنسان حق ملكية على‬
‫جسده وشكله جزء من هذا الجسد‪ ،‬والصورة ما هي إلى تجسيد لهذا الشكل‪ ،‬ومن تم تعمقت الفكرة‬
‫لتشمل الحق في الحياة الخاصة بكافة مظاهره‪.‬‬
‫وعليه فكل مساس بالحق في الحياة الخاصة باعتباره حق ملكية يخول له اللجوء إلى القضاء‬
‫هذا االعتداء دون حاجة إلى اثبات الضرر الذي لحقه‪ ،‬سواء كان ضررا ماديا أومعنويا‬ ‫لطلب وق‬
‫وذلك إعماال لحقوق المالك‪ ،‬ولقد كان لهذا االتجاه بعض التطبيقات في القانون والقضاء الفرنسيين‪.2‬‬
‫غير أن هذا اإلتجاه كان محل انتقاد‪ ،3‬كون أن خصائص الحق في الحياة الخاصة تتعارض مع‬
‫خصائص الحق في المكلية‪ ،‬فإذ كان كال الحقين يحتج بهما في مواجهة الكافة‪ ،‬فإن أوجه االختال‬
‫بينهما متعددة وليس منطقيا القول بأن للشخص حق ملكية على ذاته‪ ،‬فحق المكلية يفترض صاحب‬
‫الحق‪ ،‬وموضوعا يمارس عليه هذا األخير سلطاته‪ ،‬وعليه ال يمكن ممارسة هذا الحق إذا اتحد‬
‫صاحب الحق وموضوعه‪ ، 4‬وبالفعل بدأ االتجاه العام لدى المحاكم في استبعاد هذه الفكرة وتكيي‬
‫الحق في الحياة الخاصة تكييفا آخر‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحق في الحياة الخاصة من الحقوق الشخصية‬
‫الحق في‬ ‫ذهب الرأي الراجح في الفقه الفرنسي‪ 9‬حديثا والمعتمد في معظم الدول‪ ،‬إلى تكييي‬
‫الحياة الخاصة على أنه حقا من الحقوق الشخصية المالزمة لصفة اإلنسان‪ ،‬وهذا ما أكد عليه‬
‫المشرع الفرنسي صراحة في المادة التاسعة من القانون المدني‪ ،‬بأن للشخص الحق في احترام‬
‫حياته الخاصة‪.‬‬

‫اللصيقة بالشخصية ومنها الحق في الصورة إنما هي حقوق مملوكة لصاحبها وبمعنى آخر فإن صاحب الصورة له حق عيني على‬
‫جميع عناصر حقوقه اللصيقة بالشخصية وال يجوز بناء على ذلك المساس بملكية الغير‪T.civ.Seine,10 février 1905, .‬‬
‫)‪)D.p.1905, p389‬‬
‫‪ 9‬مفتاح محمد رشاد‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة االتصاالت الشخصية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Appliquant la loi de 1994 relative à la présomption qui stipule en l’art préliminaire III, du code de‬‬
‫‪procédure pénale que : « Toute personne suspectée ou poursuivie est présumée innocente tant que sa‬‬
‫‪culpabilité n’a pas été établie ». la cour de cassation interdit la reproduction de l’image d’une personne‬‬
‫‪placée en détention provisoire, sans autorisation. A ce sujet voir la cassation criminelle en date du 8 juin‬‬
‫‪2004, bulletin criminel N°156.‬‬

‫‪ 3‬آدم عبد البديع آدم حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.443‬‬


‫‪ 4‬مفتاح محمد رشاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ 3‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪941‬‬
‫‪9‬‬
‫‪KAYSER (P), op.cit, p415, MARTIN (L),op.cit, p 245, LINDON (R), op.cit, 389, MAZEAUD‬‬
‫‪(H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p399.‬‬

‫‪12‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫هذا ما أخذ به أيضا المشرع المصري في المادة ‪ 31‬من القانون المدني بأن الحق في الحياة‬
‫الخاصة من الحقوق الشخصية‪ ،‬أما فيما يخص التشريع الجزائري‪ ،‬فلم نعثر على نص قانوني‬
‫يصرح بذلك‪ ،‬ولكن بالرجوع إلى الفقه الجزائري نجد أغلبه يجمع على أن الحياة الخاصة من‬
‫الحقوق الشخصية‪.9‬‬
‫الفقه الحقوق الشخصية على أنها "الحقوق التي تنصب على مقومات وعناصر‬ ‫عرَ‬
‫مظاهرها الطبيعية والمعنوية والفردية واالجتماعية‪ ،2‬بحيث تعبر عما‬ ‫الشخصية‪ ،‬في مختل‬
‫للشخص من سلطات مختلفة واردة على هذه المقومات‪ ،‬بقصد تنمية هذه الشخصية وحمايتها من‬
‫اعتداء الغير"‪ ،3‬أو تلك التي" ترد على القيم اللصيقة بشخص االنسان في مظاهر نشاطه المختلفة‪،‬‬
‫سواء بصفته كائنا فردا‪ ،‬أو كائنا اجتماعيا‪ ،‬وسواء تعلقت بحياته المادية أو المعنوية"‪.4‬‬
‫يترتب على اعتبار الحق في الحياة الخاصة من الحقوق الشخصية نتائج هامة أبرزها أنه يتيح‬
‫االعتداء أو منعه دون انتظار حدوث الضرر‪ ،3‬ودون‬ ‫لصاحب الحق اللجوء إلى القضاء لوق‬
‫االلتزام بإثبات خطأ المعتدي والضرر الناتج عن اعتدائه‪ ،‬أي دون التقيد بأحكام المسؤولية المدنية‬
‫التي تتطلب إثبات عناصرها الثالث الخطأ والضرر وعالقة السببية‪ ،9‬ومن تم تكون الحماية أكثر‬
‫فعالية مما لو تركت لقواعد المسؤولية المدنية‪.‬‬
‫كما يفرض على الكافة التزاما عاما‪ ،‬وهو احترام هذا الحق في مقوماته المادية التي تشكل‬
‫الكيان المادي للشخص مثل الحق في سالمة الجسم والحق في الحياة‪ ،‬وفي مقوماته المعنوية المتمثلة‬
‫في حق االنسان في السمعة‪ ،‬والشر ‪ ،‬واالعتبار‪ ،‬والمعتقد‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫الخصائص القانونية للحياة الخاصة‬
‫يعتبر الحق في الحياة الخاصة حقا لصيقا بشخصية العامل كإنسان‪ ،‬فهو من حقوق‬
‫الشخصية‪ ،‬وهذه األخيرة تنقسم إلى مجموعتين‪ ،‬األولى تتعلق بالمظهر الطبيعي للشخصية كحق‬

‫‪ 9‬علي فاللي‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬دار موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2199 ،‬ص ‪ 991‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 2‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪91‬‬
‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ .214 ،‬كما قام هذا الفقيه بتقسيم الحقوق الشخصية إلى قسمين‪ :‬األول‪ :‬يتمثل في الحقوق الواردة‬
‫على المقومات المادية للشخصية كالحق في سالمة الجسم‪ ،‬والحق في الحياة‪ ،‬والثاني‪ :‬يتمثل في الحقوق التي ترمي إلى حماية‬
‫المقومات المعنوية لإلنسان‪ ،‬والتي تشمل حق االنسا ن في السمعة والشرف واالعتبار والمعتقدات‪ ،‬وكذا مشاعره ورغباته‪.‬‬
‫‪ 4‬مذكور في‪ :‬علي فاللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.992‬‬
‫‪ 3‬مفتاح محمد رشاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ 9‬نور الدين الناصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ 1‬أكرم عبد الرزاق المشهداني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪13‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العامل في سالمة جسمه وحقه في صورته‪ ،‬والثانية ترتبط بالمظهر المعنوي للشخصية كحق العامل‬
‫واالعتبار والسمعة والمعتقد‪.9‬‬ ‫في الشر‬
‫مع التسليم باعتبار الحق في الحياة الخاصة من الحقوق اللصيقة بالشخصية فإن الخصائص‬
‫التي تتسم بها هذه الحقوق تنطبق على الحق في الحياة الخاصة ومن أهم هذه الخصائص مايلي‪:‬‬
‫فيه‬ ‫أوال‪ :‬مدى قابلية الحق في الحياة الخاصة للتصر‬
‫كمبدأ عام إذا كان اإلتفاق بشأنه غير‬ ‫يتميز الحق في الحياة الخاصة بعدم قابليته للتصر‬
‫ممكن‪ ،‬وإذا لم يكن لإلرادة دور في تحديد نظامه القانوني‪ ،2‬ومن تم فإن هذا الحق ال يجوز التنازل‬
‫عنه نهائيا‪ ،‬كما ال يمكن أن يكون محال للبيع أو الهبة أو الوصية‪ ،‬ذلك أن هذا الحق مالزم لشخصية‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫إالَ أن استثناءا ولمقتضيات واعتبارات عملية يمكن أن يكون هذا الحق محال التفاقات متنوعة‪،‬‬
‫تنازال عن‬ ‫فيمكن االتفاق على نشر بعض األمور المتعلقة بالحياة الخاصة‪ ،‬وال يع َد مثل هذاالتصر‬
‫الحق في الحياة الخاصة نفسه‪.3‬‬
‫في إطار عالقات العمل يلزم صاحب العمل قبل إعمال نظام المراقبة اإللكترونية‪ ،‬وبمقتضى‬
‫مبدأ االمانة في تنفيذ عقود العمل اإلتفاق مع العمال وإعالمهم مسبقا بأنه سيضع وسائل مراقبة‬
‫داخل الهيئة المستخدمة‪ ،4‬مع إعطاء الحق للعامل في مشاهدة هذه األشرطة واالستماع إلى تسجيالت‬
‫صاحب العمل‪.‬‬
‫هذا ما أقره المشرع الفرنسي في مدونة الشغل في المادة ‪ 921‬و‪ 929‬منه‪ ،3‬في حين ال نجد‬
‫نظيرا لهذا النص في تشريع العمل الجزائري‪ ،‬وإنَ مثل هذا األمر يعتبر تنازل عن ممارسة الحق‬
‫في الحياة الخاصة مع رضا المتنازل‪ ،‬ودون أن يكتسب المستفيد حقا مطلقا على الحياة الخاصة‪.9‬‬

‫‪ 9‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪941‬‬


‫‪2‬‬
‫‪NARSON (R), La protection de la vie privée en droit positif Français , op.cit, p393.‬‬
‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 4‬مرنيز فاطمة‪ ،‬حرمة الحق في الخصوصية للعامل في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة‪ ،‬مقال منشور بمجلة نظرة على القانون‬
‫االجتما عي‪ ،‬مخبر القانون االجتماعي‪ ،‬القطب الجامعي‪ ،‬بلقايد‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬العدد رقم ‪ 13‬لسنة ‪ ،2199‬ص ‪.913‬‬
‫‪ 3‬نورة بوطاهر‪ ،‬أنس االعرج‪ ،‬رشيد االشهب‪ ،‬حسن االبراهيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ 9‬فعند ابرام عقد العمل يقبل العامل شروط العمل التي يمليها صاحب العمل في العقد‪ ،‬كما يقبل معها ما يكمل هذا العقد وهو النظام‬
‫الداخلي للمؤسسة المستخدمة الذي يصبح قانون الطرفين ويجب عليهما االحتكام إليه ويلتزم القاضي بتطبيقه عليهم‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ثانيا‪ :‬مدى قابلية الحق في الحياة الخاصة لإلنقضاء بالتقادم‬


‫إن الحق في الحياة الخاصة ال ينقضي بالتقادم شأنه في ذلك شأن باقي الحقوق الشخصية‪ ،‬حيث‬
‫أن الشخص يظل حقه في حرمة حياته الخاصة قائما‪ ،‬مهما طال زمن عدم استعماله له‪ ،9‬غير أنه‬
‫إذا كان الحق في الحياة الخاصة ذاته غير قابل للتقادم‪ ،‬فإنَ ذلك ال يستتبع بعدم قابلية الدعوى‬
‫الناشئة عنه لالنقضاء بالتقادم‪ ،‬إذ تخضع هذه األخيرة لنفس مواعيد التقادم المقررة للدعوى العامة‪.2‬‬
‫إن عدم خضوع الحق في الحيا ة الخاصة لنظام التقادم أمر تحتمه ضرورات النظام العام التي‬
‫تستلزم أن تكون هذه الحقوق ثابتة ال تتغير‪ ،‬كما تستلزمه مقتضيات االستقرار القانوني لهذه الحقوق‬
‫باعتباره حقا من الحقوق الشخصية‪.3‬‬
‫ثالثا‪ :‬مدى قابلية الحق في الحياة الخاصة لالنتقال عن طريق اإلرث‬
‫ثار جدل فقهي بشأن تحديد ما إذا كان الحق في احترام الحياة الخاصة لشخص المتوفي يقبل‬
‫االنتقال عن طريق اإلرث إلى ورثته أم ال‪ ،‬وظهر بهذا الصدد اتجاهان فقهيان‪ ،‬يذهب االتجاه‬
‫الفقهي األول إلى القول بأن الحق في الحياة الخاصة ينقضي بوفاة صاحبه‪ ،‬شأنه شأن سائر الحقوق‬
‫غير المالية‪ ،4‬ولكنَه ينشيء لألقارب حق شخصي آخر‪ ،‬يستطيعون بواسطته الدفاع عن المساس‬
‫بمشاعرهم تجاه المتوفي‪ ،‬وذلك باسمهم الشخصي‪ ،‬ال باسم المتوفي صاحب الحق في الحياة‬
‫الخاصة‪.3‬‬
‫في حين يرى أنصار اإلتجاه الثاني أن الحق في الحياة الخاصة ينتقل عن طريق اإلرث‬
‫أساسا‬ ‫بوص فه عنصرا من عناصر الذمة المعنوية‪ ،‬ذلك أن انتقال الحقوق المالية بالميراث يستهد‬
‫من انتقال الحقوق اللصيقة بالشخصية بالوفاة هو حماية‬ ‫رعاية مصلحة الورثة‪ ،‬في حين أن الهد‬
‫للمصالح المعنوية للمتوفي نفسه‪.‬‬
‫يكمن األساس القانوني النتقال الحق في الحياة الخاصة إلى ورثة التركة المعنوية في كون أن‬
‫الورثة يكملون شخص المتوفي‪ ،‬بمعنى أن الورثة يقع على عاتقهم االلتزام بضمان ورعاية واجب‬
‫االخالص لذكرى المتوفي‪ ،‬ويؤكدون احترام الكيان المعنوي لشخص حتى بعد وفاته‪.9‬‬

‫‪ 9‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪941‬‬


‫‪ 2‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 919‬و ‪.912‬‬
‫‪ 3‬بيرك فارس‪ -‬حسين الجبوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪4‬‬
‫‪DIDIER Ferrier, La protection de la vie privée, op.cit, p 177.‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.993‬‬
‫‪ 9‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪13‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفرع الثالث‬
‫القيود الواردة على حماية الحياة الخاصة‬

‫ال جدال اليوم حول أهمية الحق في الحياة الخاصة للعامل بوصفه حقا فرديا يحتج به أمام‬
‫الجميع سواء كانوا المؤسسات العامة و الخاصة أم األفراد‪ ،‬أم األجهزة الحكومية‪ ،‬لكن هذا الحق ال‬
‫يعتبر حقا مطلقا‪ ،‬وإنما يخضع لمجموعة من القيود والضوابط تطبق استثنائيا حال توفر أحوال‬
‫معينة‪ ،‬تجعل المساس بالحق في الحياة الخاصة مشروعا وتنتفي المسؤولية القانونية عن‬ ‫وظرو‬
‫القائم بانتهاكها‪.‬‬
‫لذا سنتولة بحث هذه القيود من خالل تقسيمها إلى نقطتين‪ ،‬نتعرض في النقطة األولى إلى‬
‫القيود الموضوعية المتعلقة بالوظيفة األساسية لبعض المؤسسات بوصفها عمال ينظم الحقوق‬
‫والحريات ويحافظ على حسن سيرها من جهة ومن جهة أخرى رضا صاحب الحق ذاته في مدى‬
‫ممارسته لهذا الحق من جهة أخرى‪ ،‬أما النقطة الثانية فنتعرض فيها لبيان القيود الشكلية وهي‬
‫تحتاج نصوصا قانونية تنظمها وتحدد شروطها‪ ،‬وتتمثل غالبا في نصوص إجرائية أو جزائية يكون‬
‫منها الحصول على دليل لإلثبات‪.‬‬ ‫الهد‬
‫أوال‪ :‬القيود الموضوعية‬
‫يقصد بالقيود الموضوعية تلك الحاالت التي يمكن فيها التجسس على الحياة الخاصة‬
‫عنها دون أن يعتبر ذلك من الناحية القانونية اعتداء على حرمة الحياة الخاصة‪ ،9‬والقيود‬ ‫أو الكش‬
‫الموضوعية قد ال تتقيد بنص قانوني معين وإن أشارت بعض الدساتير‪ 2‬إلى الجوء إلى بعضها دون‬
‫إيضاح لمدى استعمالها‪ ،‬وفي حاالت أخرى تتخذ مظهرا يستمد من إفرازات التكنولوجيا الحديثة‪،‬‬
‫عن حياته الخاصة‪ ،‬مما يجعل رضا صاحب‬ ‫أما القيد الثاني يتعلق بحاالت رضا العامل بالكش‬
‫الحق سببا إلباحة المساس بالحق ي الحياة الخاصة‪.‬‬
‫اإلستثنائية‬ ‫‪ - 1‬الظرو‬
‫تتخذ القيود الموضوعية كغيرها من القيود مبررا للحد من من بعض الحقوق شأن الحق في‬
‫اإلستثنائية التي بموجبها تتحلل السلطة واإلدارة‬ ‫الحياة الخاصة‪ ،‬وتشمل تلك القيود حالة الظرو‬

‫‪ 9‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬


‫‪ 2‬التعديل الدستوري لسنة ‪ 9119‬في المواد ‪ 19‬إلى ‪ 13‬منه‪،‬موضحة الشروط الموضوعية إلعالن حاالت الظروف االستثنائية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫من التزاماتها اتجا ه األفراد بصفة عامة والعمال والموظفين بصفة خاصة‪ ،‬إذ أن هذا القيد يجد‬
‫أساسه في قيود شبيهة له كالمحافظة على النظام العام والصحة العامة واألخالق العامة‪.‬‬
‫على أنها أنها صالحيات يكون تطبيقها استثنائيا‪ ،‬ومن شأنها فرض قيود‬ ‫هذا الظرو‬ ‫تعر‬
‫االستثنائية إلى القضاء الفرنسي ممثال في‬ ‫على الحقوق والحريات العامة‪ ،‬يرجع أساس الظرو‬
‫مجلس الدولة‪ ،‬الذي أقر بعض اإلجراءات اإلدارية واعتبرها غير مشروعة في األوقات العادية مع‬
‫إمكانية إعتبارها إجراءات مشروعة في بعض الظرو ‪ ،‬إذا كانت ضرورية لحماية النظام العام‬
‫اإلستثنائية تستبدل المشروعية العادية‬ ‫أو استمرار سير ال مرافق العامة‪ ،‬وهكذا فإنه في ظل الظرو‬
‫بالمشروعية اإلستثنائية‪.9‬‬
‫اإلستثنائية حاالت واقية متعددة الصور مختلفة المصادر من‬ ‫بناءا على ما تقدم فإن الظرو‬
‫شأنها تعطيل العمل بالقواعد القانونية العادية‪ ،‬مما يستدعي الخروج عن تلك القواعد والعمل بقواعد‬
‫قانونية استثنائية‪ ،‬على سبيل المثال حالة الطواريء تجيز تفتيش األشخاصة واألماكن دون التقيد‬
‫باإلجراءات القانونية‪ ،‬كما تجيز فتح الرسائل ايا كان نوعها‪.‬‬
‫االستثنائية‪ ،‬غير أن هذه‬ ‫االستثنائية قيدا على ممارسة الحق في الظرو‬ ‫تعتبر الظرو‬
‫االستثنائي حتى ال تفتح‬ ‫الحالة مقيد مشروط‪ ،‬تتمثل في ظرورة تحقق فكرة الضرورة أساس للظر‬
‫إدارة المؤسسة ‪ ،‬كما يجب تكون هناك مصلحة تفرض على هذه اإلدارة أن تواجه‬ ‫المجال لتعس‬
‫كستار لفرض قيود تحكمية‪ ،‬أن‬ ‫اإلستثنائي‪ ،‬كما ال يجوز أن تستخدم هذه الظرو‬ ‫هذا الظر‬
‫مختص بناءا على أعمال وظيفته‪ ،‬وأن تكون هذه الظرو‬ ‫ت كون هذه األعمال صادرة من موظ‬
‫االستثنائي‪.2‬‬ ‫مؤقتة تنتهي بانتهاء الظر‬
‫‪ - 2‬الرضا كسبب إلباحة المساس بالحياة الخاصة‬
‫يعتبر هذا المبدأ خروجا على القواعد العامة التقليدية في مجال خصائص الحقوق المالزمة‬
‫لصفة اإل نسان‪ ،‬التي تستبعد اإلرادة في مجال التمتع وممارسة هذه الحقوق‪ ،‬ذهب القضاء المعاصر‬
‫إلى أنه يحظر تنازل الشخص عن حقه في الحياة الخاصة بصفة نهائية‪ ،‬ولكن يجوز أن يكون هذا‬
‫الحق محال التفاقات تتعلق بممارسته أو تسمح بالنزول عنه‪ ،‬شريطة أن تكون هذه االتفاقات‬
‫مشروعة‪ ،‬وال تتعارض مع النظام العام أو اآلداب‪.‬‬

‫‪ 9‬جابوربي اسماعيل ‪ ،‬نظرية الظروف االستثنائية وظوابطها في القانون الدستوري الجزائي‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة والقانوون‪،‬‬
‫ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،94‬جانفي ‪ ،2199‬ص ‪.32‬‬
‫‪ 2‬علي أحمد الزغبي‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الرضا الذي يصلح كسبب لإلباحة يجب يجب أن يكون صادرا عن إرادة حرة وصحيحة‬
‫وخالية مما يعيبها‪ ،‬وبذلك يملك الشخص الحق في تحديد ما يمكن نشره‪ ،‬وما يجب أن يظل في‬
‫الكتمان من أمور حياته الخاصة‪ ،‬والشروط التي يجب أن يتم النشر طبقا لها‪.‬‬
‫من ثم فإن الرضا يبيح التدخل والتحري عن الحياة الخاصة‪ ،9‬ويجب التزام من حصل على‬
‫الرضا بنشر الوقائع التي كانت محال للرضا فقط وال يملك التعرض لوقائع أخرى غير تلك التي‬
‫تمت الموافقة على نشرها‪ ،‬فإذا وافق شخص على التقاط صورته مع أسرته في بيته‪ ،‬فإن هذه‬
‫الموافقة ال تمتد إلى نشر األحاديث التي دارت بين أفراد األسرة أثناء التصوير‪.2‬‬
‫ظهر هذا المبدأ في قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬حيث اعتبر رضا الشخص بالمساس بحرمة‬
‫عن خصوصياته‪ ،‬وبالتالي يشترط العتبار الفعل من قبيل‬ ‫حياته الخاصة‪ ،‬سببا إلباحة الكش‬
‫االعتداء على الحياة الخاصة‪ ،‬أن يقع بغير رضا أو إذن صاحبها‪.3‬‬
‫المحيطة‬ ‫الرضا كما يكون صريحا شفاهة أو كتابة‪ ،‬قد يكون ضمنيا يستنتج من الظرو‬
‫بالواقع‪ ،‬سواء كان الرضا بتسجيل الحديث ونقله أو الرضا بالتصوير والنشر‪ ،‬وقد يكون الرضا‬
‫مفترضا كما لو كان فعل التسجيل أو ال تصوير قد تم أثناء اجتماع أو على مرأى ومسمع من‬
‫الحاضرين‪.4‬‬
‫استقر القضاء الفرنسي على أن إعادة نشر ما سبق نشره بصورة متفرقة ال يمنع من توافر‬
‫المساس بالحق في الحياة الخاصة؛ متى تم إعادة النشر دون موافقة المعني باألمر‪ ،‬والمساس قد‬
‫يمثل تارة إعادة النشر إذا جاء بجديد لم يرد في النشر السابق‪ ،‬وتارة أخرى في بعث وقائع سبق‬
‫نشرها ولكنها دخلت طي النسيان‪ ،‬وتارة أخرى في نشر الوقائع لدى فئات جديدة من الجمهور لم‬
‫يصلها النشر السابق‪.3‬‬
‫عن الحياة الخاصة‬ ‫‪ 3‬ضرورات الحق في اإلعالم إلباحة الكش‬
‫حسب‬ ‫إذا كان األصل أن لكل إنسا ن الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬إال أن نطاق هذا الحق يختل‬
‫المجال الذي يعمل فيه كل إنسان‪ ،‬إذ قد يعمل البعض في مهن تتطلب معرفة أخبارهم في حدود‬
‫أنواعه والرياضين وأيضا الشخصيات‬ ‫معينة خاصة بالنسبة للعاملين في مجال الفن بمختل‬

‫‪ 9‬علي أحمد الزغبي‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.421‬‬


‫‪ 2‬احمد فتحي سرور‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 313‬مكرر من القانون رقم ‪ 23-19‬المؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر ‪ 2119‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪ 939-99‬بتاريخ ‪11‬‬
‫جويلية ‪ ،9199‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،14‬بتاريخ ‪ 24‬ديسمبر ‪.2119‬‬
‫‪ 4‬علي أحمد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.431‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫قدرا من حياتها الخاصة‪ ،9‬كالموظفين في مناصب عليا شأن‬ ‫المشهورة التي يهُم المجتمع أن يعر‬
‫رئيس الدولة وأعضاء المجالس النيابية وكبار موظفي الدولة والمرشح لمنصب هام‪.2‬‬
‫الشخصية المشهورة بأنها «أي شخص يكون في وضع أو مركز يجعله محطا ألنظار‬ ‫تعر‬
‫الناس‪ ،‬ومحال لإلهتمام بشخصه»‪ ،3‬ويذهب بعض الفقه إلى تغليب الحق في اإلعالم بالنسبة‬
‫بالحياة الخاصة لهؤالء األفراد‪.4‬‬ ‫للشخصيات المشهورة‪ ،‬ومن ثم يرفضون االعترا‬
‫يذهب أنصار هذا اإلتجاه‪ 3‬إلى أن الشخصيات الشهيرة وعلى األخص العاملين في مجال الفن‬
‫ال يتمتعون بالحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬ذلك ألن هذه الشخصيات ال تكون فقط محال للدعاية‪،‬‬
‫وإنما هي التي تسعى بنفسها و برضاها التقرب من وسائل اإلعالم‪ ،‬ويكون ذلك عن طريق إعطاء‬
‫هذه الوسائل مادة خصبة للكتابة عنهم‪ ،‬و يتمثل ذلك في وقائع حرمة حياتهم الخاصة وتصبح هذه‬
‫األخيرة مجاال رحبا للتحقيقات الصحفية واإلعالمية‪.‬‬
‫أما الب عض من الفقه يُغلِب الحق في الحياة الخاصة أيا كانت صفة الشخص‪ ،‬ويكمن اإلشكال‬
‫في المفاضلة بين الحق في اإلعالم والحق في الحياة الخاصة‪ ،‬إذا كان اإلتجاه االلغالب يرى إمكان‬
‫عما يتصل بالحياة الحرفية أو المهنية للشخص المشهور بدون إذن سابق منه‪ ،‬إال أنه قد‬ ‫الكش‬
‫للشخصيات الشهيرة بحقهم في التمتع بحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬و ال‬ ‫ذهب إتجاه آخر إلى اإلعترا‬
‫عن خصوصيات هذه الفئة إال في الحدود التي تقتضيها المصلحة العامة‪ ،‬فأساس‬ ‫يجوز الكش‬
‫عن الخصوصيات أن يكون الموضوع المنشور متعلقا بالمصلحة العامة و ليس‬ ‫إباحة الكش‬
‫الشهرة‪.9‬‬
‫ا هتمام الجمهور بمعرفة خصوصيات الشخص المشهور يرجع إلى مجرد حب استطالع‬
‫شخصي‪ ،‬وإنما لدافع المصلحة العامة‪ ،‬حتى تلقي الضوء على حياته العامة‪ ،‬وبالتالي يكون النشر‬
‫مشروعا بدون إذن؛ متى كان تحقيقا لمصلحة عامة‪ ،‬أما إذا كان الموضوع ال يهم المصلحة العامة‪،‬‬
‫وينطوي على التعرض للحياة الخاصة‪ ،‬فال يجوز النشر عندها إال بعد الحصول على إذن صاحبها‪.‬‬
‫لهذا ال يجوز التعرض للحياة الخاصة للشخصيات المشهورة إال في الحدود التي تقتضيها‬
‫العامة‪ ،‬ومن الضرورات التي تؤخذ بعين‬ ‫المصلحة العامة‪ ،‬كما هو الشأن لمن يتولى الوظائ‬

‫‪ 9‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ 2‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.293‬‬
‫‪ 4‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ 3‬حسن آدم عبد البديع آدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ، 421‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪ 9‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪994‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫االعتبار مثال مس ألة الحالة الصحية للشخصيات السياسية القيادية في الدولة‪ ،‬فحالتهم الصحية يكون‬
‫لها أكبر األثر عن مجرى األمور السياسية‪ ،‬ومن ثم يحق للجمهور أن يعلمها‪.9‬‬
‫ثانيا‪ :‬القيود الشكلية‬
‫يتمتع اإلنسان بحقوق أولية يطلق عليها البعض سام حقوق الشخصية على اعتبار أنها ترد‬
‫على قيم وعناصر ال زمة لوجود اإلنسان واستمرار تقدمه‪ ،‬إذ تفترض واجب اإلمتناع عن إيذاء‬
‫جسم اإلنسان أو عن المساس بكيانه المعنوي والجسدي‪ ،2‬أما البعض اآلخر فيطلق عليها الحريات‬
‫العامة واألساسية‪ ،‬وحجر الزاوية فيها هو حق اإلنسان في حرمة المسكن والسرية وصيانة العرض‬
‫واإلعتبار‪ ،‬وفي مجموعها تمثل الحق في حماية الحياة الخاصة‪.3‬‬
‫إذا أمعنا النظر في أخطر اإلجراءات اإلستثنائية الورادة على الحق في الحياة الخاصة من‬
‫حيث القواعد الشكلية‪ ،‬لوجدنا أن أخطرها في هذا الشأن وأكثرها أهمية تتمثل في إجراء التفتيش‬
‫عالوة على أدلة اإلثبات المستمدة من الوسائل العلمية الحديثة‪.‬‬
‫‪ -9‬إباحة المساس بالحياة الخاصة لضرورة التفتيش‬
‫يمثل التفتيش قيدا من القيود الواردة على الحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬لذا تعنى جميع‬
‫التشريعات الحديثة بتنظيم قواعد التفتيش وتفصيل أحكامه من أجل صيانة الحقوق‪ ،‬وعدم التعس‬
‫في التدخل في خصوصيات اإلنسان‪ ،‬وعدم اإلعتداء على حرمة جسده ومراسالته و مسكنه إال إذا‬
‫كان هناك مبررلذلك‪ ،‬ونظرا ألهمية هذه القواعد على الحق في الحياة الخاصة وضعت بعض‬
‫التشريعات أحكام التفتيش ضمن النصوص الدستورية‪ ،4‬كما تضمنت قوانين االجراءات الجزائية‬
‫أحكاما مفصلة عن التفتيش بين قواعده وشروطه‪ ،3‬والضمانات التي يجب أن تراعى أثناء تطبيقه‪.‬‬
‫طبيعته ومحله‪ ،‬فقد يطبق على أشخاص أو مساكن أو رسائل‪ ،‬حيث‬ ‫التفتيش باختال‬ ‫يختل‬
‫على أنه "اإلطالع على محل منحه القانون حرمة خاصة باعتباره مستودع سر صاحبه‪،‬‬ ‫يعر‬
‫الحقيقة"‪ ،9‬وهو بهذه الحالة يشتمل على التفتيش‬ ‫لضبط ما عسى أن يوجد به‪ ،‬مما يفيد في كش‬
‫التحقيقي‪ ،‬والتفتيش الوقائي والتفتيش اإلداري‪.‬‬

‫‪ 9‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪41‬‬
‫‪ 3‬علي أحمد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.433‬‬
‫‪ 4‬نصت المادة ‪ 41‬من الدستور الجزائري لسنة ‪ 9119‬على ما يلي‪...." :‬ال تفتيش إال بمقتضى القانون‪ ،‬وفي إطار احترامه‪ ،‬وال‬
‫تفتيش إال بأمر مكتوب من السلطة القضائية المختصة"‬
‫‪ 3‬المواد من ‪ 43‬إلى ‪ 41‬من ق‪.‬إ ج‪.‬الجزائري‪.‬‬
‫‪ 9‬تعريف ورد ذكره في ‪:‬علي أحمد الزغبي‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪ -433‬بحث التفتيش التحقيقي في قوانين الدول العربية‪ ،‬مجلة العدالة‪ ،‬عدد ‪،2‬‬
‫دار الحرية للطباعة‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،9111 ،‬ص ‪ ،21‬دون ذكر اسم المؤلف‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التفتيش اإلداري الذي يباشر لغرض إداري ال عالقة له بجريمة يجري التحقيق فيها بهد‬
‫الحقيقة‪ ،‬وبذلك فهو يخرج عن إجراءات التحقيق الجنائي‪ ،‬وال تلزم إلجرائه‬ ‫جمع األدلة وكش‬
‫توافر دالئل على وقوع جريمة‪ ،‬ومثال ذلك تفتيش عمال المؤسسات والمصانع عند خروجهم لكش‬
‫ما قد يوجد بحوزتهم من أدوات وأشياء تعود ملكيتها للهذه المؤسسات‪.‬‬
‫هذا‬ ‫أهدا‬ ‫قد يكون التفتيش اإلداري إما بموجب نص قانوني أو ال ئحة داخلية‪ ،‬حيث تختل‬
‫المحافظة على األمن والنظام‪ ،‬وبين تفتيش يكون بحكم الضرورة‪ ،‬ذلك‬ ‫التفتيش بين تفتيش يستهد‬
‫أن تفتيش العمال أواخضاعهم لتفتيش شخصي يشكل أمرا غير مشروع‪ ،‬ما لم تقتضيه حالة‬
‫الضرورة كما هو الحال عقب فقدان أشياء أو منقوالت‪ ،‬أو أن تتم إجراءات التفتيش برضا العامل‬
‫وبحضور أحد الشهود مع إخطاره بحقه في االعتراض‪ ،‬كما ينبغي أن يتم التفتيش بما ال يهدر‬
‫الكرامة االنسانية‪.‬‬
‫تعتبر اشكالية التفتيش الجسدي من أهم قضايا حقوق وحريات االنسان‪ ،‬ولذا فإن لجوء صاحب‬
‫استثنائية‪ ،‬ال سيما مخاطر‬ ‫العمل إلى التفتيش الجسدي للعامل ال يمكن تبريره‪ ،‬إالَ إذا حلّت ظرو‬
‫وقوع هجمات‪ ،‬أو مخاطر تتعلق بالسرقة مثلما هو وموجود في المؤسسات التي تصنع‬
‫أو تستعمل مواد ثمينة‪ ،‬أو العاملين في المقالع والمناجم‪ ،‬أو المؤسسات التي يكون محور نشاطها‬
‫التعامل بالمعادن النفيسة أو المجوهرات‪ ،‬أو األجهزة االلكترونية الحديثة‪ ،‬أو غيرها من األجهزة‬
‫أو المواد المهددة بالسرقة‪ ،‬والتي التبرر اللجوء إلى إجراء التفتيش من أجلها‪.‬‬
‫الفحص األمني‬ ‫قد تلجأ بعض المؤسسات إلى إخضاع العمال إلى التفتيش الإلداري بهد‬
‫للمتلكات المؤسسة خاصة تلك التي تتعامل مع األموال أو المواد الثمينة‪ ،‬أو المؤسسا األكثر عرضة‬
‫وتهديد للسرقة‪ ،‬مما يضطر العمال إلى الخضوع إلى التفتيش الجسدي أثناء الدخول والخروج من‬
‫أماكن العمل وكذا تفتيش أمتعتهم الخاصة‪.‬‬
‫‪ - 2‬إباحة المساس بالحياة الخاصة لضرورة اإلثبات‬
‫يحدث التعارض بين الحق في الحياة الخاصة ومبدأ حرية اإلثبات‪ ،‬الذي من خالله يسعى كل‬
‫إلثبات دعواه بكل الوسائل المتاحة‪ ،‬بما في لك الوسائل التي يقدمها العلم الحديث‪ ،9‬لكن يثور‬ ‫طر‬
‫أن يثبت دعواه بأي وسيلة كانت‪ ،‬بحيث تعتبر الوسائل التي‬ ‫التساؤل عما إذا كان يجوز لكل طر‬
‫تؤدي إلى إظهار الحقيقة مشروعة‪ ،‬أم أنَ إظهار ال حقيقة ال يكون بأي ثمن‪ ،‬وال بد أن ينطوي الدليل‬

‫‪ 9‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪19‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫على مساس بالحق في الحياة الخاصة‪ ،9‬وبمعنى آخر هل يمكن التنازل عن الحق في الحياة الخاصة‬
‫عن الحقيقة أم أن األولوية واألسبقية تكون للحياة الخاصة‪.‬‬ ‫مقابل الكش‬
‫إن اإلجابة عن هذه اإلشكالية ال تزال تثير بعض التحفظات لوجود معادلة صعبة بين استخدام‬
‫الوسائل الحديثة التي أفرزها التقدم العلمي‪ ،‬والتي من شأنها المساعدة على اإلثبات بطريقة أنجع‬
‫وأسرع من الوسائل التقليدية‪ ،‬وبين ما تنطوي عليه هذه الوسائل من مساس بالحق في الحياة‬
‫الخاصة التي سعت أغلب التشريعات إلى إحاطتها بجملة من الضمانات‪.‬‬
‫التشريع الجزائري اهتم بدوره من خالل قانون اإلجراءات الجزائية بوضع القيود التي تتطلبها‬
‫ضرورات إظهار الحقيقة عند ارتكاب جريمة من الجرائم‪ ،‬وأوضح األحوال والشروط التي يجوز‬
‫فيها التنصت أو تسجيل المحادثات الهاتفية‪ ،‬وكذا االعتراض على المراسالت التي ترد على الحق‬
‫في الحياة الخاصة‪.2‬‬
‫إختلفت إتجاهات القضاء الجنائي الفرنسي حول مدى مشروعية الدليل المتحصل عليه من‬
‫التنصت اإللكتروني على األحاديث الخاصة‪ ،‬فقد كانت األحكام القضائية المبكرة ترفض هذا الدليل‬
‫وتؤكد عدم مشروعيته‪ ،‬غير أن القضاء بدأ يـميل تدريجيا لألخـذ بالدليل المتحـصل من التنصت‬
‫اإللكتروني‪ ،‬إذا تم التنصت بإذن السلطة القضائية ألسباب معقولة ووفقا لإلجراءات المعمول بها‪.‬‬
‫تعددت تطبيقات القضاء الفرنسي في هذا الشأن‪ ،‬في حكم لها قررت محكمة النقض الفرنسية‬
‫صراحة مشروعية مراقبة المحادثات التليفوني ة‪ ،‬متى تمت بناء على إذن صادر من قاضي التحقيق‪،‬‬
‫و كان األمر يتعلق بمتهم‪ -‬و بررت المحكمة قضـاءها بأن التنصت على المحادثات التـليفونية ال‬
‫ينطوي على انتهاك لحق الدفاع و ال يعد خرقا ألي نص من نصوص القانون أو أي مبدأ قانوني‪.3‬‬
‫في المقابل ذهبت محكمة جنح باريس إلى أن الجهاز الموضوع في الصيدلية يكون معدا‬
‫للتسجيل ليس فقط أثناء إفتتاح الصيدلية و إنما قبل إفتتاحها للجمهور و بعد إغالقها‪ ،‬كما أن الجهاز‬
‫يسجل المحادثات الخاصة التي تجري في الصيدلية و في الغرفة المخصصة للسكن و هذه تعد‬
‫أماكن خاصة‪ ،‬و بهذا أنتهت المحكمة إل ى إدانة صاحبة الصيدلية التي وضعت جهاز تسجيل‬
‫للتجسس على إحدى العامالت بالصيدلية‪.4‬‬

‫‪ 9‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.323‬‬


‫‪ 2‬المواد من ‪ 39‬مكرر ‪ 3‬إلى ‪ 39‬مكرر ‪ 91‬من القانون رقم ‪22-19‬المؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر ‪ 2119‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪ 93-99‬بتاريخ‬
‫‪ 11‬جويلية ‪ ،9199‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،14‬بتاريخ ‪ 24‬ديسمبر ‪.2119‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass, pénal, 18 février 1958, J.C.P, N° 2-1958-5319.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪T.G.I, PARIS, 7 nov 1975, D, 1976, p 270.‬‬

‫‪12‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفقهي والقضائي‬ ‫حاولنا التطرق من خالله الفصل إلى بيان ماهية الحياة الخاصة‪ ،‬والخال‬
‫جامع مانع للحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وحصر للعناصر المتفق عليها‬ ‫حول صعوبة وضع تعري‬
‫للحق في الحياة الخاصة يجب‬ ‫بين الفقهاء‪ ،‬انتهاينا إلى أن أي تعري‬ ‫وأيضا ال عناصر محل خال‬
‫أن يستند على أساسين هما سرية الحياة الخاصة وحرية الحياة الخاصة‪ ،‬أي حق الفرد في اختيار‬
‫أسلوب حياته الخاصة‪ ،‬وحقه في سرية هذه الحياة‪.‬‬
‫أوجه الحماية التي‬ ‫في سبيل بحث اإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة‪ ،‬تعرضنا لمختل‬
‫حظي بها هذا الحق سواء على الصعيد الدولي من خالل نصوص اإلتفاقيات الدولية وتوصيات‬
‫التشريعات‬ ‫المؤتمرات الدولية العالمية واإلقليمية‪ ،‬وكذا الحماية المقررة له من خالل مختل‬
‫المقارنة الغربية منها أو العربية‪ ،‬أو حماية هذا الحق على الصعيد الوطني التي تباينت بين حماية‬
‫دستورية وحماية في التشريع العادي‪.‬‬
‫أما عن الطبيعة القانونية لهذا الحق تبين أن هذا الحق يعد حرية من الحريات العامة‪ ،‬وحق من‬
‫حقوق الشخصية وهذا ما أكده كل من التشريعين الفرنسي والجزائري على حد السواء‪ ،‬ثم عالجنا‬
‫القيود والضوابط التي قد ترد استثناءا على ممارسة الحق في الحياة الخاصة سواء كانت‬ ‫مخت ل‬
‫اإلستثنائية ورضا صاحب الحق في المساس بحقه في الحياة‬ ‫قيودا موضوعية شأن الظرو‬
‫الخاصة‪ ،‬وأيضا ضرورات اإلعالم بالنسبة لبعض المهن‪ ،‬أو قيودا شكلية ترتبط بإجراءات التفتيش‬
‫ووسائل اإلثبات الحديثة التي تبيح المساس بهذا الحق‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفصل الثاني‬
‫الحماية المباشرة للحياة الخاصة للعامل‬
‫إن عقد العمل يجعل العامل يلتزم بتنفيذ تعهداته التعاقدية كآثار إلتفاقه مع صاحب العمل‪،‬‬
‫بها لصاحب‬ ‫المعتر‬ ‫هذه التعهدات تعكس قبوله لمبدأ الخضوع اإلداري لسلطة الرقابة واإلشرا‬
‫العمل‪ ،‬غير أن القبول بهذا القيد لحريته مقيد باإلطار المهني فقط المحدد من حيث مكان وزمان‪.‬‬
‫أما خارج هذا اإلطار أي خارج مكان وزمان العمل يسترد العامل كامل حريته لممارسة‬
‫حياته الخاصة بعيدا أدائه المهني ورغم ارتباطاه بعقد العمل‪ ،‬وأي تدخل من جانب صاحب العمل‬
‫يعد تعطيال لحريته وكيفية ممارستها‪ ،‬بل إن تأثر حياته المهنية بما يحدث خارج إطارها يعد مساسا‬
‫بحياته الخاصة التي له أن يمارسها كيفما يشاء‪.‬‬
‫لتبيان ما أتى نتعرض في المبحث األول من هذا الفصل إلى صور حماية الحياة الخاصة‬
‫للعامل سواء قبل إبرام عقد العمل أو أثنائ سريانه‪ ،‬فيما ندرس في المبحث الثاني أهم الضمانات‬
‫الكفيلة بحماية الحياة الخاصة للعامل خارج االطار المهني‪ ،‬لمنع تدخل وتعرض صاحب العمل‬
‫لخصوصيات العامل‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المبحث األول‬
‫حماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل قبل التعاقد‬
‫أسفرت تكنولوجيا اإلعالم واالتصال عن مخاطر عديدة بشأن الحياة الخاصة للعامل وكيفية‬
‫احترامها وصور حمايتها دفعت بالمشرع في عدة دول للتدخل بشكل خاص لمواجهة هذه المخاطر‪،‬‬
‫وتظهر التأثيرات السلبية للمعلوماتية في مجال عالقات العمل على مستوى العقد بكافة مراحله‪.‬‬
‫قد يلجأ صاحب العمل إلى المعلوماتية في تجميع معلومات عن المرشحين للعمل‪ ،‬كما يمكن‬
‫أن االعتماد عليها بعد التعاقد وأثناء سريان العقد ومراقبة ما يعتقد ضرورة لحسن أداء العمل‪ ،‬ال‬
‫سيما في ظل العمل عن بعد‪.‬‬
‫حيث سمحت ثورة المعلوماتية واإلتصاالت إلى ظهور وتطوير العمل عبر المسافات بصفة‬
‫عامة‪ ،‬حيث يمارس العمل خارج مكان العمل بمفهومه التقليدي‪ ،‬وعليه تتخذ التبعية شكال جديدا أي‬
‫تبعية بالمفهوم الحديث‪.9‬‬
‫بفضل األجهزة المعلوماتية للهيئة المستخدمة واعتمادا على سلطة التبعية يمكن لصاحب العمل‬
‫إجراء مراقبة ال كترونية للمراحل المختلفة إلنجاز المهام المنوطة بالعامل خارج مكان العمل‪ ،‬ومدى‬
‫فعلية أدائه للعمل‪ ،‬ومدى سرعته في إنجازه‪ ،‬وما يرتكبه من أخطاء‪ ،‬فهل تمثل هذه الطريقة في‬
‫مراقبة العامل خارج مكان العامل اعتداء على حريته الفردية في ممارسة حياته الخاصة‪.‬‬
‫هذا م ا سنحاول التطرق إله من خالل المطلب األول من هذا المبحث الذي يعالج حماية الحياة‬
‫الخاصة للمترشح للعمل قبل إبرام العقد‪ ،‬والمطلب الثاني الذي يتناول حماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫خارج مكان العمل أثناء سريان العقد‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫صور االعتداء على الحياة الخاصة للمترشح للعمل‬
‫من أهم الحقوق التي كفلها الدستور الحق في العمل‪ ،‬وحرية اختياره‪ ،‬كما أن لكل شخص‬
‫الحق في الدخول أو االحجام عن العالقة العقدية المعروضة عليه‪ ،‬وتعتبر مرحلة التوظي‬
‫أوالتشغيل األكثر عرضة لإلعتداءات نظرا لحاجة مقدم الطلب للحصول على عمل‪ ،‬ورغبة صاحب‬
‫العمل في الحصول على أقصى قدر ممكن من المعلومات عن المترشح للعمل‪ ،‬مستعمال في ذلك‬
‫شتى الوسائل للوصول إلى المعلومات‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪RADE (C), Nouvelles technologies de l’information et de la communication et nouvelles formes de‬‬
‫‪subordination, Dr. Soc, Paris,2002, p 26 .‬‬

‫‪13‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مكنّ ت التكنولوجيا الحديثة صاحب العمل اللجوء الى أحدث الوسائل والطرق في عملية انتقاء‬
‫المرشحين قبل تعيينهم مما شكل اعتداء على حياتهم الخاصة ولعل أهمها هو إجراء اختبارات‬
‫القبول عن طريق نظام المعلوماتية‪ ،9‬وكذا إخضاع المترشحين إلى االختبارات الطبية والنفسية‬
‫للتأكد من سالمتهم الصحية‪ ،‬واستخدام أجهزة نقل الصورة والصوت‪.2‬‬
‫الدخول في‬ ‫يعتبر مبدأ الحرية التعاقدية نتيجة حتمية لمبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬فيحق ألي طر‬
‫عالقة تعاقدية يراها تحقق مصلحته‪ ،‬كما له اإلمتناع عن التعاقد متى بدا له أن العقد ال يحقق‬
‫مصلحته‪ ،3‬إذ أن العديد من النصوص القانونية تكرس حرية التعاقد بين الطرفين وعدم جواز تعليقها‬
‫على شروط غير موضوعية‪ ،‬بل يتم التعاقد بناءا على جملة من اإلعتبارات والمهارات المهنية‪.‬‬
‫هذا ما يثير االشكاالت اآلتية ما هي حدود المستخدم في البحث عن معلومات تتصل‬
‫بمترشحي العمل؟ وما هي الضمانات القانونية التي تكفل عدم انتهاك حرمة حياتهم الخاصة؟ وهذا‬
‫ما سنحاول اإلجابة عنه من خالل الفرع األول الذي يتعلق االعتداء على الحياة الخاصة للمترشح‬
‫للعمل‪ ،‬والفرع الثاني الذي يخص الضمانات القانونية لحماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫المعلوماتية لكشف سرية الحياة الخاصة للمرشح للعمل‬
‫أدى التعامل مع المعلومات آليا بعد معالجتها إلى مخاطر كثيرة بشأن حريات األفراد‬
‫وخصوصياتهم‪ ،‬لذا فإن األنظمة القانونية سعت لضبط الجنوح المحتمل لهذه التقنية بإيجاد قواعد‬
‫قانونية تحدد ضوابط للتدخل المعلوماتي تبين الألفعال التي يجوز القيام بها لمنع التأثير السلبي‬
‫للمعلوماتية‪.4‬‬
‫تظهر التأثيرات السلبية للمعلوماتية في مجال عالقات العمل في مرحلة ما قبل التعاقد ومدى‬
‫إمكانية االعتماد على المعلوماتية في رفض التعاقد‪ ،‬فقد يعـتمد صاحب العمل على المعلوماتية في‬
‫تجميع معلومات عن المترشحين للعمل‪ ،‬وفي تقييمهم أيضا‪.3‬‬
‫للمعلوماتية في مجال العمل استخدمات عديدة تبدأ منذ اختيار وتعيين العمال بالمؤسسة‪ ،‬إذ‬
‫يحاول صاحب العمل قبل اتخاذ قرار نهائي بتعيين المترشحين للعمل لديه‪ ،‬أن يجمع معلومات‬
‫وفيرة عنهم سواء بنفسه أو بمساعدة مكتب وسيط يساعده في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪SAVATIER (J), La protection de la vie privée des salariés, Droit sociale, France, Avril 1992, p 329.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 3‬زهير حرح‪ ،‬تأثير الح ياة الخاصة للعامل في حياته المهنية‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،31‬العدد‬
‫األول‪ ،2194 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 4‬زهير حرح‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LENOIR (C), WALLON (B), Informatique, travail et libertés, Dr. Soc,France, Mars 1988, p 213.‬‬

‫‪19‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أوال‪ :‬طرق اختيار المترشح للعمل‬


‫الوسيلة المعتمد عليها في انتقاء‬ ‫تأثير العلوماتية على الحياة الخاصة للعامل باختال‬ ‫يختل‬
‫المترشحين للعمل سواء بمعرفة صاحب العمل‪ ،‬أو بمعرفة مكتب وسيط يساعد صاحب العمل في‬
‫اتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ - 1‬التشغيل المباشر للمترشح للعمل‬
‫ل صاحب العمل طريقتين النتقاء المترشحين للعمل وتشغيلهم مباشرة بنفسه دون اللجوء الى‬
‫وكاالت التشغيل‪ ،‬يظ هر ممن خاللهما المساس الواضح بالحياة الخاصة للمترشح للعمل سواء عن‬
‫طريق األسئلة المحسبة أو اإلختبارات النفسية‪ ،‬و أقر المشرع الفرنسي حق المتقدمين للعمل في‬
‫إطالع على القواعد المعتمد عليها في تقييمهم‪ ،‬وهذا يفترض وضوحا وأمانة من جانب المستخدم‪.9‬‬
‫‪ - 1- 1‬طريقة األسئلة المحسبة‬
‫تلجأ بعض الهيئات المستخدمة إلى استخدام نماذج األسئلة المحسبة‪ ،‬تدرج فيها أمورا بعيدة كل‬
‫الصلة عن الوظيفة وتمس بالحياة الخاصة للمترشح للعمل‪ ،2‬وذلك رغبة في معرفة كل شيء عنه‬
‫كأن تطرح أسئلة عن حالته العاطفية‪ ،‬العائلية‪ ،‬اإلجتماعية‪ ،‬ماضيه الدراسي وعاداته ومعتقداته‬
‫وانتماءاته‪ ،3‬كما أن الكثير من المؤسسات أصبحت تستعين ببرامج الحاسب اآللي عند انتقاء عمالها‪،‬‬
‫فعندما يتم إدخال البيانات الشخصية لكل مرشح‪ ،‬يعمل الحاسب اآللي على اختيار مجموعة منهم‪،‬‬
‫وقد يصل األمر إلى حد اقتراح المرشح النهائي‪.4‬‬
‫يحظر المشرع الفرنسي على أصحاب العمل التحري بأنفسهم أو بواسطة غيرهم عن أية‬
‫معلومات تتعلق بالحياة الخاصة للمترشح للعمل‪ ،3‬كما يلزم صاحب العمل بضرورة إعالم‬
‫المترشحين بالقواعد التي سيتم على أساسها تقييمهم‪ ،9‬وعدم إجبار المترشح على اإلجابة على‬
‫استفسارات ليس لها عالقة بالعمل المقترح‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪L.122-35 Modifié par Loi n°2001-1066 du 16 novembre 2001 - art. 1 JORF 17 novembre 2001, relative à‬‬
‫‪la lutte contre les discriminations.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪3‬‬
‫‪FRYSSINET)J(, Nouvelles technologie et protection de libertés dans l’entreprise, Dr. Soc, France, 1992, N‬‬
‫‪6, p09.‬‬
‫‪ 4‬نورة بوطاهر‪ ،‬أنس األعرج‪ ،‬رشيد الشهب‪ ،‬حسن اإلبراهيمي‪ ،‬آثار المعلوميات على الشغل‪ :‬منطلقات لتوجيه القضاء في تطبيق مدونة‬
‫الشغل‪ ،‬مقال متاح على الموقع االلكتروني االتي‪ http://www.startimes.com/?t=15307871 :‬تاريخ االطالع ‪2013/19/11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art L122-25 du C.T.Fr, Modifié par Loi n°93-121 du 27 janvier 1993 - art. 50 JORF 30 janvier 1993.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Art L432-2-1du C.T.Fr: «Le comité d'entreprise est informé, préalablement à leur utilisation, sur les‬‬
‫‪méthodes ou techniques d'aide au recrutement des candidats à un emploi ainsi que sur toute modification de‬‬
‫‪ceux-ci.Il est aussi informé, préalablement à leur introduction dans l'entreprise, sur les traitements‬‬
‫‪automatisés de gestion du personnel et sur toute modification de ceux-ci.‬‬
‫‪Le comité d'entreprise est informé et consulté, préalablement à la décision de mise en oeuvre dans‬‬
‫‪l'entreprise, sur les moyens ou les techniques permettant un contrôle de l'activité des salariés ».‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أكدَ القضاء الفرنسي على أنه يحق للمرشح االمتناع عن اإلجابة على األسئلة واالستفسارات‬
‫التي ال عالقة لها بالعمل المطلوب‪ ،9‬وعلى القاضي عند المنازعة التأكد مما إذا كانت األسئلة‬
‫المطروحة على المرشح للعمل تعد ذات صلة مباشرة وضرورية بالعمل المعروض عليه‪ ،‬أم ال‪.2‬‬
‫في إطار احترام الحياة الخاصة للمواطن أصدرت اللجنة القومية للمعلوماتية والحريات‬
‫الفرنسية توصيات ينبغي مراعاتها في مرحلة الترشيح للعمل‪ ،‬إذ يجب أن تكون مرتبطة باإلطار‬
‫المهني دون أن تمتد إلى تساؤالت خاصة باإلطار غير المهني‪ ،‬ويجب أن تكون االستفسارات‬
‫الموجهة للمرشح واضحة ومكتوبة مما يمكن من بحث قانونيتها عند النظر حول ما إذا كان رفض‬
‫التعاقد راجعا إلى أسباب مهنية أو غير مهنية‪.‬‬
‫كما ألزم المشرع الفرنسي صاحب العمل إبالغ المرشح بالعمل بنتيجة التقييم‪ ،‬وهو ما يتيح‬
‫لهذا األخير إمكانية المنازعات بسبب رفض التعاقد معه وإثبات استناده إلى أسباب غير مهنية‪،3‬‬
‫الفرنسي يعكس توجها قانونيا عاما بشأن المعلوماتية وتأثيراتها على الحياة الخاصة‬ ‫وهذا الموق‬
‫للمرشح للعمل‪ ،‬حيث أجمع الفقه الفرنسي على أن أهم األخطار التي تشكل تهديدا على الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬السماح ألصحاب األعمال بانشاء بنوك خاصة للمعلومات‪ 4‬المتعلقة بالمترشحين للعمل‪،‬‬
‫دون رقابة من الدولة‪.‬‬
‫إن هذه األخطار سواء كانت نتيجة استخدام البيانات في غير الغرض المخصص لها‪ ،‬أو‬
‫جمعها بغير سبب مشروع‪ ،‬أو دون علم الشخص‪ ،‬أو من مصادر مزورة‪ ،‬أو بيانات بطبيعتها ال‬
‫يجب جمعها عن المترشحين للعمل لتعلقها بحياتهم الخاصة يعد اعتداء على حرمة حياتهم الخاصة‬
‫وتهديدا لحرياتهم‪.3‬‬
‫‪ - 1- 2‬طريقة برمجيات التقييم المتخصصة‬
‫يمكن تقييم مترشحي العمل من خالل برمجيات التقييم المتخصصة‪ 9‬واالختبارات النفسية التي‬

‫‪ 9‬هذا ما أقرته محكمة النقض الفرنسية منذ ‪ 9113‬بشأن عالقات العمل في قرارها الصادر عن الغرفة االجتماعية بتاريخ ‪91‬‬
‫أكتوبر ‪ ، 9113‬المشار إليه في ‪:‬‬
‫‪LENOIR )C(, WALLON )B(, op.cit, p 215.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Code du travail français, Art L121-6 : "Ces informations doivent présenter un lien direct et nécessaire avec‬‬
‫‪l'emploi proposé ou avec l'évaluation des aptitudes professionnelles. Le candidat à un emploi ou le salarié est‬‬
‫‪tenu d'y répondre de bonne foi ".‬‬
‫‪ 3‬زهير حرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 4‬يقصد ببنوك المعلومات تكوين قواعد بيانات تفيد موضوعا معينا وتهدف لخدمة غرض‪ ،‬ومعالجتها بواسطة أجهزة الحاسبات‬
‫االلكترونية إلرجاعها في صورة معلومات تفيد مستخدمين مختلفين في أغراض م عينة ومتعددة‪ ،‬فقد يجري تحليلها للوقوف على‬
‫النواحي االستهالكية القائمة في المجتمع‪ ،‬أما من الناحية الفنية‪ :‬فيقصد بها العمليات المختلفة للحاسب اآللي من تسجيل وتصنيف‬
‫للبيانات‪ .‬أنظر أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 3‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪9‬‬
‫‪BOSSU (B), La protection des droits fondamentaux du candidat à l’emploi, site Internet :‬‬
‫تاريخ االطالع ‪http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html..2193/19/21‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تقوم بتحليل اإلجابات لتعطي مالمح شخصية للمترشح‪ ،‬وهذه البرامج يمكن شراؤها أو استأجارها‪،‬‬
‫تم تطوير هذه البرامج التي تتولى وضع االختبارات النفسية النموذجية على حسب الوظيفة الشاغرة‪.‬‬
‫من اإلختبارات النفسية التي قد يلجأ إليها بعض أصحاب األعمال لفحص المترشحين للعمل؛‬
‫اختبار) ‪ ) ad.hoc‬الذي يسمح بتقييم شخصية المترشحين بالنظر إلى االختبارات النموذجية‪ ،‬حيث‬
‫يجلس المترشح للعمل أمام شاشة الحاسب اآللي‪ ،‬ويجيب على األسئلة التي يطرحها عليه هذا‬
‫األخير‪ ،‬ويضع لكل إجابة يدلي بها المترشح درجة‪ ،‬بحسب التحديد النموذجي الموجود في الحاسب‬
‫اآللي‪ ،‬ومدى اتفاق اإلجابة معه‪ ،‬وتبلغ أسئلة االختبارات في هذه البرمجيات مابين ‪ 231‬إلى ‪311‬‬
‫سؤال‪ ،‬يحدد من خاللها مابين ‪ 91‬إلى ‪ 41‬سمة من سمات الشخصية‪.9‬‬
‫أصبح التوصل إلى البيانات والحقائق المتعلقة بالمترشح للعمل أثر سهولة من أي وقت مضى‪،‬‬
‫بفضل براممجيات التقيـيم المتخصصة‪ ،‬وبـفضل الحاسوب اآللي عن طـريق التعامل مع المل‬
‫االلكتروني الذي يشكل أساس النشاط المعلوماتي‪.2‬‬
‫غير أن برمجيات التقييم المتخصصة تثير مشكلة المعالجة اآللية للمعلومات أو المعطيات مما‬
‫يهدد الحياة الخاصة للمترشح للعمل‪ ،‬الحتمال عدم دقة النتائج واألحكام في تقييم شخصية المترشح‪،‬‬
‫ال سيما عند تولي هذا النظام عملية التشغيل‪.‬‬
‫‪ - 1‬التشغيل غير المباشر للمترشح للعامل‬
‫تستعين بعض المؤسسات في البحث عن عمال جدد الى مكاتب ووكاالت التشغيل‪ ،‬غير أن هذه‬
‫المكاتب قد تتجاهل القوانين المتعلقة بحماية البيانات الشخصية‪ ،‬ففي فرنسا أحصت اللجنة الوطنية‬
‫للمعلوماتية والحريات )‪3(CNIL‬عدة صعوبات يمكن أن تطرأ بمناسبة تدخل مكاتب التشغيل‪.‬‬
‫تتمثل هذه الصعوبات في انعدام وجود أي إحالة إلى القانون عند جمع المعلومات عن المترشح‬
‫للعمل‪ ،‬وتجميع كم هائل من المعلومات المختلفة يتم حفظها لوقت اللزوم تتعلق بماض المترشح‬
‫وقدراته‪ ،‬ونتائج االختبارات الشخصية‪.‬‬
‫كما تستعين بعض المؤسسات الى بعض البرامج التي تتولى ترتيب المترشحين انطالقا من‬
‫معايير شخصية‪ ،‬األمر الذي يشكل خطر واضح في رسم المالمح الشخصية للمترشح‪ ،‬وهذا ما‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪ 2‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 3‬اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات )‪ :(CNIL‬هي سلطة إدارية مستقلة أنشئت بفرنسا مسؤولة عن التأكد من احترام‬
‫تكنواوجيا المعلومات لحقوق االنسان والحياة الخاصة أو الحريات الفردية والعامة لهـ تمارس مهمها وفقا للقانون رقم ‪78/78‬‬
‫المؤرخ في ‪ 6‬يناير ‪ 7787‬المعدل في ‪ 6‬أوت ‪ ،4002‬متاحة على الموقع االلكتروني اآلتي‪:‬‬
‫‪ . https://www.cnil.fr/fr/la-cnil-en-france‬تاريخ االطالع ‪.2193/13/21‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تحظره المادة الثانية من القانون الفرنسي رقم ‪ 91/11‬المؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪ 9111‬المعدل‬


‫بمقتضى القانون رقم ‪ 119-2114‬بتاريخ ‪ 2114/1/9‬المتعلق بالمعلوماتية والملفات والحرية ‪.9‬‬
‫تبنت اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات في فرنسا توصية تقضي بضرورة احترام الحياة‬
‫الخاصة والحريات الفردية للمترشحين للعمل‪ ،‬وهي توصي تحديدا بأال تجمع إال المعلومات‬
‫من المعالجة اآللية للمعلومات‪ ،‬وفضال‬ ‫الضرورية الالزمة للتشغيل‪ ،‬والتي لها صلة وثيقة بالهد‬
‫للمترشح للعمل‪ ،‬دون أن يكون‬ ‫منها إنشاء مل‬ ‫عن ذلك يعتبر اللجوء لإلعالنات التي يكون الهد‬
‫هناك وظيفة شاغرة أمرا غير مشروع‪.2‬‬
‫حاول التشريع الفرنسي تحقيق التوازن في الحقوق وااللتزامات المتبادلة بين العامل وصاحب‬
‫والحريات الفردية‪ ،3‬الذي أدرج‬ ‫العمل من خالل أحكام قانون ‪ 39‬ديسمبر ‪ 9112‬المتعلقة بالتوظي‬
‫بقانون العمل الفرنسي المادة ‪ L120-2‬والتي أصبحت تحمل رقم‪.4 L1121-1‬‬
‫مبدأ عاما لحماية الحقوق والحريات‪ ،‬حيث ألزمت‬ ‫أرست المادة ‪ L1121-1‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫صاحب العمل اتخاذ كافة الوسائل المناسبة الختيار المترشحين للعمل‪ ،‬مع مراعاة ضرورة احترام‬
‫الحقوق األساسية لطالبي العمل‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك‪ ،‬يالحظ أن مدونة الشغل المغربية‪ 3‬نصت على مراعاة احترام الحياة الخاصة‬
‫للمترشحين للعمل من خالل المادة ‪ 411‬منها التي تنص على أنه "يجب أن تتم معالجة البيانات‬
‫الشخصية لطالبي الشغل من قبل وكاالت التشغيل الخصوصية بكيفية تراعي احترام الحياة الخاصة‬
‫للمعيين باألمر مع اقتصارها على المسائل التي ترتبط بمؤهالتهم المهنية"‪ ،‬البارز في هذه المادة‬
‫إلزام وكاالت التشغيل الخصوصية بعدم التدخل في الحياة الخاصة لطالبي العمل‪.‬‬
‫نصا جديدا مماثل لنص المادة ‪411‬‬ ‫تجدر اإلشارة أن مشروع قانون العمل الجزائري أضا‬
‫من مدونة الشغل المغربية‪ ،‬وهو نص المادة ‪ 313‬من المشروع التي حثت على ضرورة أن تتم‬
‫معالجة البيانات الشخصية لطالب العمل من قبل وكاالت التشغيل بكيفية تراعي فيها احترام الحياة‬

‫‪1‬‬
‫‪Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés, Modifié par Loi‬‬
‫‪n°2004-801 du 6 août 2004 - Art. 1 JORF 7 août 2004.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au développement du travail à temps partiel et à‬‬
‫‪l'assurance chômage. Art 25, J.O.N°1 DU 1er Janvier 1993.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art L1121-1 : « Nul ne peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et collectives de‬‬
‫‪restrictions qui ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées au but‬‬
‫تاريخ االطالع ‪recherché » disponible sur le site : https://www.legifrance .2193/14/19‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 93-11‬المتعلق بمدونة الشغل المغربية‪ ،‬المعدل بالقانون رقم ‪ 9-13-914‬الصادر في ‪ 99‬سبتمبر ‪ ،2113‬ج‪.‬ر رقم‬
‫‪ 3991‬المؤرخة في ‪ 1‬ديسمبر ‪.2113‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الخاصة للمعنيين باألمر‪.9‬‬


‫إذا كانت هذه المادة قد نصت على احترام الحياة الخاصة‪ ،‬فإن حمايتها جاءت قاصرة على‬
‫طالبي الشغل الذين يمرون عبر وكاالت التشغيل الخصوصية‪ ،‬أما إذا تعلق األمر بالعامل أو بمن‬
‫يطلب الشغل مباشرة من صاحب العمل فال تنطبق عليه هذه المادة‪.‬‬
‫كما أن التشريع الجزائري فقد تبنى نصا نوعيا يحمي حرمة الحياة الخاصة للمترشح للعمل‬
‫وهو القانون رقم ‪ 91/14‬المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ ،2114‬المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة‬
‫التشغيل‪ ،2‬والذي قام بإسناد مهمة استقبال عروض طلبات العمل كقاعدة عامة إلى الوكالة الوطنية‬
‫للتشغيل‪ ،‬وإلى البلديات في المناطق التي ال تتوفر فيها هذه الوكالة‪ ،‬وذلك بدعم ومساهمة الهيئات‬
‫وزارة التشغيل‪ ،3‬واستثناءا يمكن لصاحب العمل اللجوء إلى التوظي‬ ‫الخاصة المعتمدة من طر‬
‫المباشر في حالة عدم تلبية المؤسسات المذكورة لطلبه‪.‬‬
‫القانون المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل جرَم إفشاء المعلومات الشخصية لطالب‬
‫الشغل‪ ،‬واعتبر أن تشكل مساسا واعتداءا على الحياة الخاصة له‪ ،‬بينما قانون العمل رقم ‪ 99/11‬لم‬
‫وكيفياته الواردة في الفصل الثاني من الباب‬ ‫يتضمن من خالل نصوصه المتعلقة بشروط التوظي‬
‫الثالث منه أي حضر لتدخل المستخدم في الحياة الخاصة للمترشح للعمل‪.‬‬
‫المشرع الجزائري لم يتعرض في قانون العمل إلى كيفية مواجهة تدخل صاحب العمل الحياة‬
‫الخاصة للمترشح في مرحلة الترشيح للعمل‪ ،‬وسكوت المشرع ال يعني عدم إمكانية مواجهة‬
‫التعرض غير المبرر لخصوصية طالب الشغل من قبل صاحب العمل‪ ،‬إذ يمكن اللجوء إلى أحكام‬
‫القانون المدني لما يتضمنه من أحكام عامة‪.‬‬
‫يتضح أن المشرع الجزائري ترك الحرية لصاحب العمل في اختيار المترشح المناسب استنادا‬
‫مبدأ الحرية التعاقدية الذي يعتبر نتيجة حتمية لمبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬وذلك دون اإلخالل بالشروط‬

‫‪9‬‬
‫‪Art 395 P.C.T.A: «Le traitement par les organismes de placement des données personnelles concernant le‬‬
‫‪demandeur d’emploi inscrit, s’effectue dans le strict respect de la vie privée des intéressés. Ils doivent‬‬
‫‪prendre toutes les mesures visant à protéger les données personnelles concernant les demandeurs d’emploi‬‬
‫‪qui s’adressent à eux.‬‬
‫‪Les informations demandées doivent notamment porter sur les questions relatives aux qualifications et à‬‬
‫‪l’expérience professionnelle des demandeurs d’emploi concernés».‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ 91/14‬المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ ، 2114‬المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 13‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 29‬ديسمبر ‪.2114‬‬
‫‪ 3‬تلزم المادة ‪ 91‬من القانون ‪ 11/14‬المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل كل مستخدم أن يبلغ وكالة التشغيل أو البلدية أو‬
‫الهيئة الخاصة المعتمدة من قبل الوزارة بالمناصب الشاغرة لدى مؤسسته ‪ ،‬ويجب على هذه الهيئات تلبية عرض التشغيل في أجل‬
‫أقصاه واح وعشرون (‪ )29‬يوما بعد ت سجيله‪ ،‬وفي حالة عدم تلبية العرض يمكن للمستخدم اللجوء إلى التوظيف المباشر مع إعالم‬
‫الوكالة فورا‪.‬‬

‫‪919‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الخاصة التي يحددها قانون تنظيم عالقات العمل كالمدة القانونية للعمل والحد االدنى لألجر‪ ،‬وبعض‬
‫الحقوق وااللتزامات‪.9‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫االختبارات الطبية الماسة بالحياة الخاصة للمترشح للعمل‬
‫عن مدى سالمة‬ ‫إنَ اإل جراءات الحديثة للتشغيل ترتبط بأساليب واختبارات طبية تكش‬
‫المترشح من الناحية الصحية والنفسية للتأكد من كفاءة طالب الشغل‪ ،‬غير صاحب العمل قد ال‬
‫أدق الخصوصيات والمعلومات الخاصة‬ ‫يكتفي بالفحوصات الطبية العادية‪ ،‬بل قد يبحث عن كش‬
‫للمترشح للعمل وهو ما يشكل اعتداءا على حرمة حياته الخاصة‪ ،‬ومن بين هذه االختبارات ما يمس‬
‫بالكيان المادي للمترشح ومنها ما يمس بالكيان النفسي له‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االختبارات الطبية الماسة بالكيان المادي للمترشح للعمل‬
‫إنَ اإلقبال على ممارسة أي وظيفة أو منصب العمل‪ ،‬يتطلب إجراء فحوصات طبية‪ ،‬وهي‬
‫إلزامية لجميع المترشحين للعمل‪ ،‬سواء قبل العمل أو بعده شريطة أن ال تتجاوز فترة التجربة‪ ،‬أقر‬
‫التشريع الفرنسي مبدأ إلزامية خضوع المترشح للعمل للفحوصات الطبية بموجب المادة ‪R 241-‬‬
‫)‪ )48‬من قانون العمل الفرنسي‪.2‬‬
‫هذا ما أخذ به المشرع الجزائري في القانون رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 29‬جانفي ‪9111‬‬
‫المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،3‬حيث جاء في مادته ‪" 91‬يخضع وجوبا كل عامل أو‬
‫متمهن للفحوص الطبية الخاصة بالتوظي ‪ ،" ...‬كما تم التأكيد على ضرورة الفحص الطبي للتشغيل‬
‫في المرسوم التنفيذي رقم ‪ 921/13‬المؤرخ في ‪ 93‬ماي ‪ 9113‬المتعلق بتنظيم طب العمل‪ 4‬والذي‬
‫إلى ما يأتي‪:‬‬ ‫نص على أن " الفحص الطبي للتشغيل يهد‬
‫‪ -‬البحث عن سالمة العامل من أي داء خطير على بقية العمال‪.‬‬
‫‪ -‬التأكد من أن العامل مستعد صحيا للمنصب المرشح لشغله‪.‬‬
‫‪ -‬اقتراح التعديالت التي يمكن إدخالها عند االقتضاء على منصب العمل المرشح لشغله‪.‬‬
‫‪ -‬بيان ما إذا كانت الحالة تتطلب فحصا جديدا أو استدعاء طبيب مختص في بعض الحاالت‪.‬‬

‫‪ 9‬أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬عالقات العمل الفردية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،9111 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art 241-48 C.T.fr : « Le salariée bénéficie d’un examen médical avant l’embauche ou au plus tard avant‬‬
‫‪l’expiration de la période d’essai par le médecin du travail ».‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 29‬جانفي ‪ 9111‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 21‬جانفي ‪.9111‬‬
‫‪ 4‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 921/13‬المؤرخ في ‪ 93‬ماي ‪ 9113‬المتعلق بتنظيم طب العمل‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،‬عدد ‪ 33‬المؤرخة بتاريخ ‪91‬‬
‫ماي ‪.9113‬‬

‫‪912‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -‬البحث عن المناصب التي ال يمكن من الوجهة الطبية تعيين العامل فيها والمناصب التي تالئمه‬
‫أكثر"‪.‬‬
‫‪ -9‬اإلختبارات الجينية للمترشح للعمل‬
‫يلجأ بعض أصحاب العمل إلى إخضاع المترشحين للعمل إلى بعض اإلختبارات الطبية بمعرفة‬
‫طبيب المؤسسة‪ ،‬قصد تحليل قدراتهم المهنية‪ ،‬ومدى تناسبها مع العمل المكلفين به‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫يشكل اعتداء على الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مثل أخذ عينة من جسم المترشح للعمل والقيام بتحليلها‬
‫باإلختبارات الجينية‪.9‬‬ ‫على صفاته وهذا ما يعر‬ ‫والتعر‬
‫اإلختبار الجيني على أنه‪ " :‬االستعانة باختبار علمي للحصول على معلومات بشأن‬ ‫عر‬
‫بعض الجوانب المتعلقة بالوضع الوراثي لشخص ما‪ ،‬والتي تدل على وجود مشكلة طبية حالية أو‬
‫مستقبلية"‪.2‬‬
‫على أنماط الجينات المختلفة التي‬ ‫تستخدم اإلختبارات الجينية في الوسط المهني للتعر‬
‫تتسبب في حدوث المشكالت الصحية‪ ،‬مما يسمح بالتنبؤ بالحالة الصحية للمترشح للعمل مستقبال‪،‬‬
‫والحكم على مدى كفاءته في شغل منصب العمل‪ ،‬وهي تخدم مصلحة صاحب العمل من خالل‬
‫تحديد االختبار الجيني العمال المصابين بمرض وراثي مما يجعله يحجم عن قبول تشغيلهم‪.‬‬
‫تزايد لجوء أصحاب العمل إلى هذه االختبارات الجنية‪ ،‬وإخضاع عمالهم والمرشحين للعمل‬
‫لديهم إلى هذا النوع من االختبارات‪ ،‬وفي فرنسا تولى قانون أخالقيات علم األحياء المؤرخ في ‪21‬‬
‫جويلية ‪ 9114‬المتعلق "باحترام الجسم البشري"‪ 3‬مهمة تنظيم اللجوء إلى هذه اإلختبارات‪ ،4‬و تحظر‬
‫المادة ‪ 91-99‬من القانون المدني الفرنسي إجراء الدراسات الجينية أو الوراثية لصفات أو‬
‫خصائص تتعلق بأحد األشخاص‪ ،‬إال إذا كانت هذه الدراسات تتعلق بأغراض طبية أو أبحاث‬
‫علمية‪.3‬‬

‫‪9‬‬
‫‪BOSSU (B), La protection des droits fondamentaux du candidat à l’emploi, site Internet :‬‬
‫تاريخ االطالع ‪http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html. .2193/19/12‬‬
‫‪2‬‬
‫– ‪Opinion of the Européen Croup on Ethics in Science and New Technologies to the Européen Commission‬‬
‫‪Ethical aspects of genetic testing in the workplace », 28/07/2003, disponible sur le site :‬‬
‫تاريخ االطالع ‪http://ec.europa.eu/index_fr.htm. .2193/19/13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Loi n° 94-653 du 29 juillet 1994 relative au respect du corps humain, JO du 30juill. 1994, article 5.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Déclaration universelle sur les donnèes gènètiques- www.unesco.org/shs/fr/biothics.‬‬
‫تاريخ االطالع ‪. 2194/19/13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art 16-10 : « L'examen des caractéristiques génétiques d'une personne ne peut être entrepris qu'à des fins‬‬
‫‪médicales ou de recherche scientifique ».‬‬

‫‪913‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أمَا المشرع الجزائري فقد نص في المادة ‪ 91‬من القانون رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 29‬جانفي‬
‫‪ 9111‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل على أنه " يمكن لطبيب العمل أن يأخذ عينات‬
‫أو يطلبها قصد إجراء تحاليل عليها والقيام بكل فحص ألية أغراض مفيدة‪."...‬‬
‫يكون دافع صاحب العمل إلجراء االختبارات الجينية على المترشحين للعمل‪ ،‬أسباب‬
‫مدى استعداد العامل لإلصابة باآلم‬ ‫ومبررات اقتصادية‪ ،‬فمن مصلحته على سبيل المثال أن يعر‬
‫الذاكرة‪ ،‬أو مرض السكري‪ ،‬وهو ما‬ ‫الظهر في العمل‪ ،‬أو استعداده الوراثي لإلصابة بمرض ضع‬
‫الحساسة‪.‬‬ ‫يؤثر على قبول العامل في بعض الوظائ‬
‫قد يحدث تعا رض بين مصلحة صاحب العمل في التأكد من السالمة الصحية للمترشح للعمل‪،‬‬
‫عن صفاته الجينية ومدى استعداده لإلصابة بمرض ما‪ ،‬حيث‬ ‫وبين مصلحة العامل في عدم الكش‬
‫يمكن لصاحب العمل أن يحجم عن استخدام المترشحين للعمل الذين يشير فحصهم الجيني إلى قابلية‬
‫إصابتهم بمرض محدد في المستقبل‪.‬‬
‫يبرر استخدامه وسيلة الفحص الجيني للمترشحين ألسباب تتعلق بالسالمة والصحة ال سيما‬
‫للعمل في أماكن خطيرة‪ ،‬يتم التعامل فيها مع مواد تساعد في اإلصابة بهذا‬ ‫عندما يتعلق التوظي‬
‫المرض مثل اإلشعاعات والمواد الكيماوية‪ ،‬وبالتالي يكونوا أكثر عرضة لإلصابة ال حقا بمخاطر‬
‫وأضرار صحية‪.‬‬
‫األمر الذي يحمل صاحب العمل أعباء اقتصادية أكبر‪ ،‬وزيادة في اشتراكات التأمين الصحي‪،‬‬
‫كما أن استعداد العامل لإلصابة بالمرض يقلل من قدرته على العمل‪ ،‬ويؤثر على حسن سير العمل‬
‫بالمؤسسة‪.9‬‬
‫‪ - 2‬مساس االختبارات الجينية بالحياة الخاصة للمترشح للعمل‬
‫إن اإلختبارات الجينية تتطلب أخذ عينة من جسم االنسان والحصول على هذه العينية يفترض‬
‫بالضرورة اعتداء على سالمة الجسد‪ ،‬والمساس بالحياة الخاصة لطالب العمل‪ ،‬فكل ما يمس‬
‫بالسالمة الجسدية للشخص البد أن يستلزم ضرورة الرضا المسبق للشخص‪.2‬‬

‫‪ 9‬تقرير المدير العام لمكتب العمل الدولي‪" ،‬المساواة في العمل" ‪ ،‬التقرير العالمي لمنظمة العمل الدولية بشأن المبادىء والحقوق‬
‫األساسية في العمل‪ ،‬مؤتمر العمل الدولي ‪ ،‬الدورة ‪ ،2111 ،19‬ص ‪ ،41‬متاح على الموقع‪ . http://www.ilo.org/ :‬تاريخ‬
‫االطالع‪2193/19/91‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art 16-3 du C.civ.fr : « Il ne peut être porté atteinte à l'intégrité du corps humain qu'en cas de nécessité‬‬
‫‪médicale pour la personne ou à titre exceptionnel dans l'intérêt thérapeutique d'autrui. Le consentement de‬‬
‫‪l'intéressé doit être recueilli préalablement hors le cas où son état rend nécessaire une intervention‬‬
‫‪thérapeutique à laquelle il n'est pas à même de consentir ».‬‬

‫‪914‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ي برر أصحاب العمل اللجوء إلى هذه اإلختبارات من أجل فرز المترشحين المتقديمين بطلبات‬
‫التشغيل‪ ،‬حيث يقومون باختيارهم بناءا على المعلومات المحصل عليها بفضل تلك االختبارات‬
‫الجينية‪ ،‬وبالتالي يمكنهم رفض تشغيل المترشحين المصابين بعيوب وراثية أو المعرضين مستقبال‬
‫إلمرا ض معينة‪ ،‬كما أن مثل هذا الفرز قد تلجأ إليه شركات التأمين ومصالح الضمان اإلجتماعي‪،‬‬
‫حيث يمكن أن تستغل هذه الجهات المؤمن ليها نتائج تلك االختبارات لتقرر ما إذا كانت تقبل التعاقد‬
‫مع طالبي التأمين أم ال‪.9‬‬
‫قدمت لجنة الوظيفة العامة الفدرالية في الواليات المتحدة األمريكية تقريرا حول استعمال نتائج‬
‫إدارة شؤون العاملين‪ ،‬الذي يهدد بشكل خطير الحق في احترام الحياة‬ ‫الفحوص الطبية ألهدا‬
‫الخاصة‪ ،‬كما أبدى بعض األخصائيين تأملهم من هذا االنتهاك خالل عالقات العمل بواسطة هذه‬
‫الفحوص‪ ،‬وما ينجر عنه من مساس بحرمة جسم العمال إلى درجة اقتراح الكثير من هؤالء‬
‫بعض من هذه الوسائل الماسة بشكل عميق بالحياة الخاصة‪.2‬‬ ‫اإلخصائيين حذ‬
‫يلزم قانون العمل الفرنسي طبيب العمل بكتمان السر المهني عند إجراء اختبارات على‬
‫المترشح للعمل‪ ،‬فليس له الحق في أن يذكر في استمارة اللياقة الصحية أسباب عدم اللياقة‪ ،3‬كما‬
‫يفرض المشرع الفرنسي في القانون المدني والقانون الجنائي‪ ،‬وقانون الصحة‪ ،‬حظرا على إجراء‬
‫االختبارات الجينية إال في حاالت محددة وألغراض طبية أو للبحث العلمي‪ ،‬أو لدواع قضائية‪.4‬‬
‫عن خصوصيات الحياة الخاصة للمرشح للعمل‬ ‫كما ال يجوز لصاحب العمل بدوره الكش‬
‫التي علم بها بمناسبة التحري عنه خاصة في ظل نظام المعلومات الحديث‪ ،‬الذي يمكنه من اإلطالع‬
‫على أدق التفاصيل الخاصة بالمترشحين‪ ،‬وال ينبغي أن يكون االختبار الجيني للمترشح عائقا أمام‬
‫التحاقه بالعمل‪ ،‬أو أن يكون وسيلة لإلعتداء على الحقوق األساسية ك حقه في احترام حياته الخاصة‬
‫وحقه في حرمة جسده‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلختبارات الطبية الماسة بالكيان النفسي للمترشح للعمل‬
‫يلجأ صاحب العمل بمعرفة األخصائي النفساني إلجراء فحوص على شخصية المترشح‬
‫هذه الفحوص إلى اختراق شخصيته وقياس عواطفه واستعداداته وتوازنه‬ ‫لمنصب العمل لديه‪ ،‬تهد‬

‫‪9‬‬
‫‪MAZEN (N. J), Tests et empreintes génétiques: du flou juridique au pouvoir scientifique, Les Petites‬‬
‫‪Affiches N° 149, 14 décembre 1994, p 70.‬‬
‫‪ 2‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪.33 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫‪GALLOUX (J.C), GAUMONT-PART (H), Droits et libertés corporels, Recueil Dalloz, 2010 p. 604,‬‬
‫‪disponible sur le site :http://actu.dalloz-etudiant.fr/fileadmin/actualites/pdfs/OCTOBRE2010/D2010-‬‬
‫تاريخ االطالع ‪604.pdf2193/11/91‬‬
‫‪3‬‬
‫‪BOSSU (B), Op.cite, site Internet : http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html.‬‬
‫تاريخ االطالع ‪2193/11/91‬‬

‫‪913‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ومقاومة الضغوط النفسية‪ ،‬كل هذه الضغوط تجبر الشخص‬ ‫العقلي‪ ،‬وكذا قدرته على التكي‬
‫آرائه السياسية وأفكاره ومعتقداته‪.9‬‬ ‫الخاضع لها الى كش‬
‫غير أن اعتماد صاحب العمل على االختبارات النفسية لتقييم الشخصية وقياس الذكاء العام‪،‬‬
‫واختبارات الكفاءة المهنية والصدق التي تستخدم في التوجيه المهني للمترشح للعمل‪ ،‬قد ال يتوق‬
‫أسرار المترشح للعمل والتأثير عليه سلبا باستخدام‬ ‫عند هذا الحد‪ ،‬بل قد يحاول صاحب العمل كش‬
‫الكذب‪ ،‬أو العقاقير المخدرة‪.‬‬ ‫عدة وسائل كتنويم المغناطيسي أو جهاز كش‬
‫هذه الوسائل تشكل انتهاكا للحرية الشخصية‪ ،2‬ومساسا بالحق في الحياة الخاصة‪ ،‬ومن بين‬
‫المعلومات والتحري عن الحقيقة هي‬ ‫الوسائل التي يلجأ إليها صاحب العمل والتي تساهم في كش‬
‫الكذب‪.‬‬ ‫اختبار كش‬
‫الكذب الختبار على المترشح للعمل‬ ‫‪ -9‬استخدام جهاز كش‬
‫ساهم التطور التكنولوجي الحديث في ظهور عدة وسائل وآالت تعمل فحص الحالة النفسية‬
‫على أسرار حياته الخاصة‪ ،‬وانعكاساتها على شخصيته‪ ،‬وكش‬ ‫والعقلية لإلنسان‪ ،‬من أجل التعر‬
‫نمط تفكيره ومعتقداته‪ ،‬وهذا يشكل انتهاكا خطيرا لحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬وانحرافا عن مباديء‬
‫الكرامة االنسانية‪.3‬‬
‫الك ذب من بين الوسائل العلمية الحديثة التي قد يلجأ اليها صاحب العمل‬ ‫يعد جهاز كش‬
‫إلختبار المترشح للعمل‪ ،‬وهو جهاز يعمل على تسجيل وتحليل التغيرات التي تطرأ على الشخص‬
‫محل اإلختبار لقياس ردود فعل العضوية ومثل ضغط الدم‪ ،‬التنفس‪ ،‬تقلص واسترخاء العضالت‬
‫وسرعة نبض القلب وخفقانه‪ ،‬وسرعة التنفس وحركات العينين‪ 4‬وغيرها من االنفعاالت المختلفة‬
‫التي تصدر أثناء إجابة الشخص على األسئلة الموجهة إليه‪ ،‬ثم يحلل الجهاز ردود هذه األفعال ليحدد‬
‫مصداقية اإلجابات‪.3‬‬
‫يتضمن هذا اإلختبار مرحلتين؛ المرحلة األولى منه يتم فيها إجراء مقابلة مع الشخص المراد‬
‫اختباره‪ ،‬ويخطر باإلختبار واالسئلة التي ستطرح عليه شريطة حتى ال تكون مفاجئة أثناء االختبار‪،‬‬
‫وفي المرحلة الثانية يتم إجراء االختبار بعد ضبط الجهاز بمعرفة المتخصص‪ ،‬يحدد المتخصص في‬

‫‪ 9‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬


‫‪ 2‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.414‬‬
‫‪ 3‬عاقلي فضيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.993‬‬
‫‪ 4‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪ 3‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪.11 ،‬‬

‫‪919‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كل اختبار نوعية األسئلة المناسبة لحالة المترشح لالختبار‪ ،‬وعند انتهاء االختبار يقوم بتحليل‬
‫اإلجابات لمعرفة ما إذا كان الشخص قد أدلى بالحقيقة أم ال‪.9‬‬
‫مصداقية جهاز الكذب والنتائج الصادرة عنه على عدة أمور أهمها‪ ،‬صفات الشخص‬ ‫تتوق‬
‫الذي يخضع لالختبارات‪ ،‬فالشخص األكثر خبرة في الخداغ والمراوغة لن تظهر عليه إنفعاالت‬
‫واضحة‪ ،‬كما أنه يست حيل تمييز الغش لدى األشخاص الذين تناولو عقاقير مهدئة قبل االختبار‪،‬‬
‫التي يتم فيها إجراء االختبار فمن الصعب أن تضطرب أعصاب شخص يخضع‬ ‫وأيضا الظرو‬
‫لكونه مترشح لعمل أو ترقية‪ ،‬كما أن‬ ‫لتحقيق جنائي‪ ،‬بعكس األمر لو أنه كان يخضع لمقابلة توظي‬
‫على مدى خبرة المتخصص الذي يجري االختبار‪.2‬‬ ‫التوصل إلى نتائج صحيحة يتوق‬
‫الكذب لتكميل بقية االختبارات وهي تتعلق باالختبارات النفسية التي‬ ‫تأتي اختبارات كش‬
‫أدخلتها األجهزة الجنائية في الواليات اللمتحدة األمريكية بعد أن اكتشفت عدم دقة بعض المعلومات‬
‫الكذب ليكمل بقية‬ ‫التي يقدمها المترشحون للتعيين في أجهزة األمن لذلك بدأت تستعين بجهاز كش‬
‫االختبارات وليس بديال عنها‪.‬‬
‫عن تاريخهم‬ ‫قيادية للكش‬ ‫بدأت تستخدم هذه االختبارات الختيار المرشحين لشغل وظائ‬
‫وحوادث يكون لها عالقة بشغل الوظيفة المراد شغلها‪ ،‬وأثبتت هذه‬ ‫الوظيفي وما فيها من مواق‬
‫االختبارات فعاليتها‪ ،‬وصدر تشريعا في عام ‪ 9111‬في الواليات المتحدة األمريكية منع بموجبه‬
‫تطبيق هذا االختبار ألغراض التعيين األول ألن ذلك يعد اختراق للخصوصية الفردية ولحقوقهم‬
‫الشخصية‪.3‬‬
‫الكذب في عالقات العمل‬ ‫‪ - 2‬مدى مشروعية استخدام جهاز كش‬
‫لم يتضمن ا لتشريع الجزائري وال الفرنسي نصا صريحا يحسم مسألة شرعية استخدام صاحب‬
‫العمل لهذا االختبار على المترشحين للعمل‪ ،‬غير أنه بالرجوع إلى قانون العمل الفرنسي نجد المادة‬
‫‪ L120-2‬تحظر وضع قيود على حقوق وحريات األفراد إال لمبررات تستلزمها طبيعة العمل‬
‫المراد تحقيقه‪ ،‬وتبدو آثار هذا النص واضحة كقيد على‬ ‫وشريطة أن تتالئم ه ذه القيود مع الهد‬
‫الكذب إذ يمكن اللجوء إلى وسائل أخرى أقل انتهاكا للحقوق والحريات ولو‬ ‫استخدام جهاز كش‬
‫كانت هذه الوسائل أكثر تكلفة من غيرها‪.‬‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪.11 ،‬‬


‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬نفس المرجع‪.11 ،‬‬
‫‪ 3‬عامر خضر الكبيسي‪ ،‬إدارة الموارد البشرية في الخدمة المدنية ‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية االدارية – القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون سنة‬
‫نشر‪ ،‬ص ‪.991-999‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار أن لجوء صاحب العمل إلى استعمال جهاز الكذب يشوبه عدم‬
‫المشروعية‪ ،9‬نظرا لما ينطوي عليه من أسئلة تقوم على التمييز‪ ،‬إذ ال يمكن للمتخصص أثناء مقابلة‬
‫التشغيل تفادي طرح أسئلة تدخل ضمن الحياة الخاصة للمترشح للعمل‪ ،‬كالحالة اإلجتماعية أو الحالة‬
‫الصحية أو العادات و العقيدة‪ ،‬وهو األمر الذي يحظره القانون‪ ،2‬ويبطل بالتالي ما يترتب عليه من‬
‫الكذب يعد تجربة مهنية للشخص‪ ،‬ويمثل إهانة لكرامته‬ ‫نتائج‪ ،‬كما أن الخضوع الختبار كش‬
‫اإلنسانية‪.3‬‬
‫كما جاء في التقرير الصادر عن مكتب العمل الدولي أثناء مؤتمر العمل الدولي لسنة ‪9112‬‬
‫حول "التقنيات في خدمة الحرية واإلنسان ومحيطه"‪ ،‬أن لجوء صاحب العمل إلى إجراء‬ ‫بجني‬
‫فحوص على شخصية المترشح لمنصب العمل من شأنه اختراق شخصية شخصيته‪ ،‬وقياس‬
‫ومقاومة الضغوط النفسية‪.‬‬ ‫عواطفه واستعداداته وتوازنه العقلي‪ ،‬وكذا قدراته على التكي‬
‫آرائه السياسية وأفكاره ومعتقداته‪ ،‬خاصة وأن صاحب العمل الذي‬ ‫هذا ما يجبره على كش‬
‫يرفض تعيين المترشح للعمل بعد فحص شخصيته‪ ،‬قد يحتفظ بجميع المعلومات الشخصية السرية‬
‫التي تحصل عليها عن هذا المترشح بهذه الوسيلة‪.4‬‬
‫ذهب القضاء الفرنسي إلى أن عدم إفصاح المترشح للعمل عن معلومات يعتقد صاحب‬
‫ضرورة اإلفصاح ع نها عند الترشيح‪ ،‬ال يعطيه حق إبطال العقد لوقوعه في غلط شاب إرادته‬
‫لفصل العامل‪.3‬‬
‫كما أكد أنه ال يجوز لصاحب العمل اقتحام اإلطار المهني بوصفه بأي وسيلة كانت مرشحا‬
‫واالستناد إلى ما يسفر عنه هذا االقتحام لرفض التعاقد معه‪ ،9‬إذ أن مفردات التقييم الذي يخضع له‬
‫المرشح مرتبطة بما يلزم بتقييمه مهنيا‪ ،‬وأن ما يخرج عن هذا اإلطار كتفاصيل حياته االجتماعية‬
‫أو المالية أو الصحية يمكن أن تكون محال لمراجعة قضائية في حالة االستناد إليها لرفض التعاقد‪.1‬‬

‫‪ 9‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪.332 ،‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Voir à ce sujet : WRIGHT (T), La protection de la vie privée en milieu du travail, juin 1992, p 42, site‬‬
‫‪internet : https://www.ipc.on.ca/images/Resources/up-wpp_f.pdf.‬‬
‫تاريخ االطالع ‪.2193/11/21‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪.919 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Conférence international du travail. Cinquième session : les techniques au service de la liberté, l’homme et‬‬
‫‪son milieu, Rôle de l’O.I.T, Rapport du Directeur général, partie I, (Bureau international du travail, Genève,‬‬
‫‪1972 ), p 34-36.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.Sos.25 Avril 1990, Bull, N°186 - Cass.Sos.25 Avril 1990, Bull, N°186, 3 Juillet 1990, Bull, N°349.‬‬
‫‪ 9‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 1‬زهير حرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفرع الثالث‬
‫استخدام وسائل التصوير والتنصت لمراقبة المترشح للعمل‬
‫مكنّ ت الوسائل التكنولوجية الحديثة صاحب العمل من التحري والتجسس على أوضاع‬
‫األماكن التي يترددون عليها‬ ‫المترشحين للعمل‪ ،‬وتتبع نشاطاتهم وسلوكاتهم اليومية في مختل‬
‫وحتى في قاعات االنتظار خالل فترة إجراء االختبارات المهنية‪ ،‬عن طريق أجهزة الرقابة‬
‫اإللكترونية التي تسمح بنقل الصورة وتسجيل الصوت‪ ،‬أو التنصت والتسجيل اإللكتروني لمحدثاته‬
‫الخاصة وهذا ما يعرض حياته الخاصة لالنتهاك‪.9‬‬
‫أوال‪ :‬تصوير المترشح للعمل‬
‫قد يلجأ صاحب العمل من أجل تقييم المترشحين للعمل لديه‪ ،‬واستكمال جمع المعلومات عنهم‪،‬‬
‫وإصدار قراره باإلقبال على التعاقد أو اإلحجام عنه‪ ،‬إلى التجسس على المترشحين للعمل عن‬
‫رصد تحركاتهم‬ ‫طريق مراقبتهم بتركيب أآلت تصوير في األماكن التي يترددون عليها‪ ،‬بهد‬
‫ومراقبة سلوكاتهم بالتقاط صورهم‪ ،‬وهذا يشكل تهديدا لحريتهم‪ ،‬وانتهاكا لحقهم في الحياة الخاصة‪.2‬‬
‫تقتضي الضرورة التمييز بين تصوير الشخص في مكان خاص‪ ،‬وتصويره في مكان عام‪،‬‬
‫فليس ثمة من ينازع أن التصوير أو المراقبة خفية لما يدور في مكان خاص يعد أمر محظورا‬
‫وغير جائز متى تم ذلك دون موافقة صاحب الشأن محل المراقبة‪ ،3‬والقانون يحميه سواء على‬
‫مستوى قواعد القانون المدني إذ يجوز له االعتراض على النشر فضال عن حقه في التعويض‬
‫األضرار التي تصيبه إذا تم النشر‪ ،‬أو على مستوى النصوص الجزائية إذ يمثل ذلك اعتداءا ومساسا‬
‫بالحياة الخاصة‪.‬‬
‫في المادة ‪ L1-226‬والمادة ‪ 313‬مكرر من قانون‬ ‫أخذ المشرع الفرنسي بهذا التكيي‬
‫العقوبات‪ ،‬طالما أن التصوير تم بآلة أو جهاز‪ ،‬ويتحقق االعتداء سواء كان المساس متعلقا بالتقاط‬
‫صورة ورقية‪ ،‬أو تصويره فيلميا بكاميرا فيديو مثال‪ ،‬أو تعلق بنقل هذه الصورة‪ ،‬أو التصوير من‬
‫خالل أجهزة تمكن المصور من رؤية ما يدور في المكان الخاص كالدوائر التلفزيونية المغلقة‪.4‬‬
‫أما حصول المراقبة في األماكن العامة فال ينطوي على أي مساس بالحق في الحياة الخاصة‪،2‬‬
‫ما لم تكن هناك لوائح خاصة تحظر ذلك في بعض األماكن كالمطاعم والمحالت العامة ودور‬

‫‪ 9‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪ 2‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ 3‬حسام كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،911‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪، 241‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع‬
‫السابق‪ ،332 ،‬جعفر محمود المغربي‪ ،‬حسي شاكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.923‬‬
‫‪4‬‬
‫‪WRIGHT )T(, Op. cit, p 1.‬‬
‫‪ 2‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.991‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫السينما والحدائق العامة‪ ،9‬وعلى هذا األساس ال يحق للشخص االعتراض على التقاط صورته في‬
‫المكان العام‪ ،‬وله فقط حق االعتراض على نشرها إذا ما لحق به ضرر جراء النشر‪.2‬‬
‫تدخل القضاء لحماية الحق في الصورة ضد أي فعل من أفعال االلتقاط أو النشر الذي يتم‬
‫دون رضا صاحبها‪ ،‬تطبيقا ألحكام المادة ‪ 2-313‬من ق‪.‬ع‪.‬ج التي تعاقب كل من تعمد المساس‬
‫بالحياة الخاصة لألشخاص بأي تقنية كانت وذلك بالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكان‬
‫خاص‪ ،‬وبغير إذن صاحبها بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة من ‪31.111‬دج إلى‬
‫‪ 311.111‬دج‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أنا قيام صاحب العمل بالمراقبة والتصوير أثناء فترة اختبارات الترشيح‬
‫للعمل دون موافقة أصحابها‪ ،‬فهو بذلك إنما يرتكب جريمة االعتداء على الحياة الخاصة للمترشحين‬
‫للعمل تقوده للمسائلة الجنائية‪ ،‬ثم إن احتفاظ صاحب العمل بالصور‪ ،‬قد يمس بسمعة المترشح للعمل‬
‫وشخصيته‪ ،‬ويتسبب له في أضرار‪ ،‬لذلك يجوز للمترشح للعمل االعتراض على االحتفاظ بصورته‬
‫أو نشرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التنصت على محادثات المترشح للعمل‬
‫يعد التنصت على المحادثات الشخصية أو تتسجيلها أو نقلها‪ 3‬من قبيل األمور الماسةبالحياة‬
‫السرية عن خصوصياتهم‪ ،4‬السيما في ظـل لجوء‬ ‫الخاصة لمترشحي العمل‪ ،‬باعتبارها انها تكش‬
‫الكثير من أصحاب األعمال استعمال أجهزة المراقبة االلكترونية للتحقق من أوضاع طالبي العمل‪.‬‬
‫لكن الرغبة في اختيار المرشح األنسب قد ينجر عنه اعتداء على الحقوق االساسية لمترشحي‬
‫العمل‪ ،5‬فقد يعمد صاحب العمل إلى التحري ورصد المعلومات الخاصة بالمترشحين للعمل‬
‫بالتجسس على محدثاتهم بوسائل تقنية لتسجيل المحادثات ونقلها‪ ،‬سواء قام بهذه العمليات بنفسه أو‬
‫عن طريق استعمال مخبرين‪ ،‬يشكل نوع من أنواع االعتداء على الحرية الشخصية ومساسا‬
‫بالكرامة اإلنسانية‪.‬‬
‫يحظر المشرع العقابي الفرنسي في المادة ‪ L1-226‬كل اعتداء على ألفة الحياة الخاصة‬
‫بالتنصت أو التسجيل أو النقل بدون موافقة صاحب الشأن‪ ،‬وهو ما يقره المشرع المصري المادة‬

‫‪ 9‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪ 2‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪.334 ،‬‬
‫‪ 3‬يقصد بالتنصت على المحدثات االستماع إليها خلسة‪ ،‬بينما تسجيل المحادثات فهو الحصول على المحادثات بجهاز تسجيل‬
‫الصوت واالحتفاظ به على أشرطة خاصة‪ ،‬أما نقل المحادثات فهو تسجيل الصوت عن طريق أجهزة التسجيل إلرساله من مكان‬
‫إلى مكان آخر‪.‬‬
‫‪ 4‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪3‬‬
‫‪WRIGHT )T(, Op. cit, p 1.‬‬

‫‪991‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ 903‬مكرر‪ 1‬من ق‪.‬ع حيث يحرم المساس بحرمة الحياة الخاصة في حالة التنصت أو تسجيل‬
‫محادثة تدور في مكان خاص‪.‬‬
‫من الناحية المدنية يرى أن تتبع الشخص ومراقبته من قبيل االعتداء على حقه في‬
‫الخصوصية‪ ،‬فحماية الحياة الخاصة ليست إال امتدادا للحرية الشخصية التي يجب أن يتمتع بها‬
‫الفرد‪ ، 1‬وكذلك األمر بالنسبة للمشرع الجزائري الذي يضفي حماية على المحدثات من خالل تجريم‬
‫إعالن أو استعمال التسجيل أو الوثائق المتحصل عليها من اإللتقاط أو التسجيل أو النقل‪.2‬‬
‫قد يكون المساس ب الحياة الخاصة للمترشحين للعمل عبر وسائل اإلتصال من خالل التجسس‬
‫على المكالمات الهاتفية‪ ،‬بغض النظر عن طبيعة المكان‪ ،‬ويأخذ حكم المحادثات الهاتفية تلك‬
‫المحادثات التي تتم عبر شبكة االنترنت‪ ،‬أما رسائل البريد االلكتروني فيسري عليها ما يسري على‬
‫سرية المراسالت الخاصة‪.9‬‬
‫إذا كان صاحب العمل له الحق في جمع المعلومات المتعلقة بكفاءة المترشح لشغل منصب‬
‫العمل‪ ،‬فإن عليه واجب آخر وهو احترام حق هذا المترشح في احترام حياته الخاصة‪ ،‬ال سيما وأن‬
‫اإلجراءات الحديثة للتشغيل ترتبط بأساليب تقنية حديثة تشكل تهديدا للحياة الخاصة لطالب العمل‪.‬‬
‫مما يجعل تقييم صاحب العمل تقييم غير مهني يسفر عنه عدم قبول تشغيلهم‪ ،‬وممارسة‬
‫في استعماله‪،‬‬ ‫صاحب العمل لهذا الرفض يخضع لضوابط ممارسة الحقوق عموما عدم التعس‬
‫صاحب العمل من رفضه التعاقد و تحديد أهم الضمانات الكفيلة بحماية‬ ‫وهنا ال بد من تقييم موق‬
‫المترشح للعمل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫ضمانات حماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل‬
‫إن لشخصية العامل اعتبار خاص أثناء إبرام عقد العمل‪ ،‬هذا االعتبار الشخصي من جانب‬
‫العامل قد يطلق يد صاحب العمل في االختيار من العناصر العمالية المرشحة للعمل لديه‪ ،4‬فيقوم‬
‫بعمليات مف اضلة بينهم‪ ،‬التي قد ال تستند إلى اعتبارات موضوعية‪ ،‬بل إلى اعتبارات شخصية وقد‬
‫يتدخل من خالل المعلومات التي يجمعها عن المترشح للعمل في جوانب الحياة الخاصة لهذا‬
‫األخير‪.3‬‬

‫‪ 9‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.921‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 9-313‬من ق‪.‬ع‪،‬ق‪.‬ج " يعاقب بالحبس من ستة أشهر ألى ثالثة سنوات وبغرامة من ‪ 31.111‬دج إلى ‪ 311.111‬دج كل من تعمد‬
‫المساس بحرمة الحياة الخاصة لألشخاص بأية تقنية كانت وذلك‪ :‬بالتقاط أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أوسرية بغير إذن صاحبها ورضاه‪".‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 4‬زهير حرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪999‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫هذا األمر يقتضي بنا تبيان حدود جمع المعلومات عن المترشح للعمل (الفرع األول)‪ ،‬وضمان‬
‫سرية المعلومات والبيانات الشخصية المتحصل عليها من االختبارات الشخصية و الطبية (الفرع‬
‫الثاني)‪ ،‬وكذا حظر التمييز بين المترشحين للعمل (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع االول‬
‫حدود سلطة المستخدم في اختيار المترشحين العمل‬
‫على الرغم من السلطة التي يتمتع بها المستخدم في اختيار عماله‪ ،‬باعتباره المسؤل عن حسن‬
‫سير مؤسسته‪ ،‬إال أن سلطته في االختيار مقيدة ببعض الضوابط كالتزامه عند التحري عن المترشح‬
‫للعمل بالجانب المهني الالزم لشغل المنصب العمل والكفاءة المطلوبة لشغل المنصب الشاغر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حدود جمع المعلومات عن المترشح للعمل‬
‫قد تقتحم الحياة الخاصة للمترشح للعمل بأبعادها وممارستها المختلفة‪ ،‬فتكون موضوعا للتقييم‬
‫غير المبرر من جانب صاحب العمل والذي غالبا ما يعكس نظرة شخصية لألمور ال تحترم الخط‬
‫مهنية‪ ،‬وهذا ما نتطرق‬ ‫الفاصل بين ما يعد داخل في االطار المهني‪ ،9‬واالستناد إليه بشأن مواق‬
‫إلى تحديد طبيعة المعلومات المتحرى عنها خالل مرحلة الترشيح للعمل‪ ،‬والشروط الواجب اتباعها‬
‫أثناء التحري عنها‪.‬‬
‫طبيعة المعلومات المطلوب التحري عنها‬ ‫‪-1‬‬
‫إن تقييم المرشح للعمل يجب أن يكون مهنيا‪ ،‬وهو تقييم يسعى إلى إظهار أبعاد الشخصية‬
‫النهائي من العقد بقبوله عامال أو رفض ترشيحه‪ ،2‬ويجب أن‬ ‫المهنية للمرشح لتحديد ال موق‬
‫تنحصر المعلومات المطلوبة فقط في تلك التي تسمح بمعرفة خصائص الشخصية بالنظر إلى‬
‫المنصب المطلوب شغله‪.‬‬
‫من أهم المعلومات التي يسمح لصاحب العمل معرفتها‪ :‬الحالة المدنية للمترشح للعمل (كاالسم‬
‫واللقب‪ ،‬وتاريخ ومكان الميالد‪ ،‬وعنوانه وجنسيته)‪ ،‬وكذا حالته العائلية إذا كان ذلك ال يشكل مساسا‬
‫بحياته الخاصة‪ ،‬وكذا الشهادات والمؤهالت المتحصل عليها وسوابقه المهنية‪ ،‬وكذا الشهادات المهنية‬
‫الصادرة من قبل أصحاب العمل بالمؤسسات التي سبق له العمل بها‪.‬‬
‫أصدر المشرع الفرنسي سنة ‪ 9112‬القانون رقم ‪ 3 9449/12‬ليضع قيود على سلطة المستخدم‬
‫في التحري عن طالبي العمل‪ ،‬إذ أكد على أن تكون الغاية من المعلومات المطلوبة من المرشح هي‬

‫‪ 9‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au développement du travail à temps partiel et à‬‬
‫‪l'assurance chômage. Art 25, J.O,N°1 du 1er Janvier 1993.‬‬

‫‪992‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تقدير كفاءته وقدراته المهنية وأن تكون هذه المعلومات ذات صلة مباشرة وضروية للعمل‬
‫المطلوب‪.9‬‬
‫كما قام المشرع بإدخال بعض التعديالت على قانون ‪ 9449/12‬بموجب المنشور الوزاري‬
‫ليحدد بأن تقدير الكفاءة المهنية للمتقدم يمتد إلى‬ ‫‪2‬‬
‫رقم ‪ 91/13‬المؤرخ في ‪ 93‬مارس ‪9113‬‬
‫العمل واالنخراط في فريق العمل‬ ‫مع ظرو‬ ‫صالحيته ومعلوماته الفنية وقدراته على التكي‬
‫أخرى في المؤسسة‪ ،‬مما يجعل األمر منصبا على‬ ‫وقدراته على الترقي أو االنتقال إلى وظائ‬
‫عناصر الشخصية وصفات تتوافر في شخص المرشح‪ ،‬وينبغي أن تنحصر المعلومات المطلوبة فقط‬
‫في تلك التي تسمح بمعرفة خصائص الشخصية بالنظر للوظيفة المطلوب شغلها‪.3‬‬
‫هذا ما ذهب إليه المشرع الجزائري في المادة ‪ 21‬من القانون رقم ‪ 91/14‬المؤرخ في ‪23‬‬
‫ديسمبر ‪ 2114‬المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل‪ ،‬التي تنص على أنه» يجب أن تنصب‬
‫المعلومات المطلوبة على المؤهالت والخبرة المهنية لطالبي التشغيل المعنيين « ‪ ،‬بدوره مشروع‬
‫قانون العمل الجزائري الجديد اشترط في المادة ‪ 313‬منه على أن تتعلق المعومات المطلوبة‬
‫بالمؤهالت واإلعتبارات المهنية لطالبي العمل‪.4‬‬
‫‪ - 2‬أثر المعلومات المتحرى عنها على الحياة الخاصة للمترشح للعمل‬
‫بالرغم أن المترشح للعمل يلتزم بالرد على األسئلة الموجهة إليه أثناء المقابالت المهنية‪،‬‬
‫ويفصح بشكل أو بآخر عن شخصيته لصاحب العمل‪ ،‬إال يرغب في ذات الوقت االبقاء على بقعة‬
‫معينة من حياته الخاصة‪ ،‬وال يسمح لصاحب العمل باقتحامها سواء ألنه يرى أن الوقائع المتصلة‬
‫بها ال صلة لها بالكفاءة في شغل منصب العمل المعروظ عليه‪ ،‬أو ألنه يعتقد أن اخفاء هذه الوقائع‬
‫يساعد في الحصول على العمل‪.3‬‬
‫يرى الفقهاء أن إخضاع المترشحين للعمل لتحريات حول صفاتهم الشخصية‪ ،‬أو نمط‬
‫تفكيرهم‪ ،‬أو توجيه أسئلة تتعلق بمشروعاتهم على الصعيد العائلي أو معتقداتهم الدينية ‪...‬الخ‪ ،‬يمثل‬

‫‪9‬‬
‫‪Art L121-6 - Loi n°92-1446 : « Les informations demandées, sous quelque forme que ce soit, au candidat à‬‬
‫‪un emploi ou à un salarié ne peuvent avoir comme finalité que d'apprécier sa capacité à occuper l'emploi‬‬
‫‪proposé ou ses aptitudes professionnelles.‬‬
‫‪Ces informations doivent présenter un lien direct et nécessaire avec l'emploi proposé ou avec l'évaluation des‬‬
‫‪aptitudes professionnelles. Le candidat à un emploi ou le salarié est tenu d'y répondre de bonne foi ».‬‬
‫‪2‬‬
‫‪La circulaire d’application est la circulaire D.R.T n° 93/10 du 15 mars 1993 intitulée : « application des‬‬
‫‪dispositions‬‬ ‫‪relatives‬‬ ‫‪au‬‬ ‫‪recrutement‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪aux‬‬ ‫‪libertés‬‬ ‫‪individuelles »,‬‬ ‫‪site‬‬ ‫‪internet :‬‬
‫تاريخ االطالع ‪http://www.laloupiote.net/Cours/social2/Rapports/circulaire_15_mars_1993.pdf.‬‬
‫‪2193/92/91‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art 395 P.C.T.A :«… Les informations demandées doivent notamment porter sur les questions relatives aux‬‬
‫‪qualifications et à l’expérience professionnelle des demandeurs d’emploi concernés».‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49‬‬

‫‪993‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫انتهاكا خطيرا على الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،9‬فقد تقتحم الحياة الخاصة للمترشح للعمل‬
‫بأبعادها وممارستها المختلفة‪ ،‬فتكون موضوعا للتقييم غير المبرر من جانب صاحب العمل والذي‬
‫غالبا ما يعكس نظرة شخصية لألمور ال تحترم الخط الفاصل بين ما يعد داخال في اإلطار غير‬
‫المهني‪ ،‬فال يجوز االقتراب منه‪.2‬‬
‫إن التقييم الذي يكون العامل محال له في مرحلة الترشيح ال يجب أن يكون مستندا إلى‬
‫معلومات غير ذات صلة بالعمل المطلوب أدائه‪ ،‬فاالعتماد على مفردات ذات طابع غير مهني‬
‫مستمدة من الحياة الخاصة للمرشح يعد تجاوزا من جانب صاحب العمل‪ ،‬وهو تجاوز غير مقبول‬
‫قضائيا حيث يعكس تعسفا من جانب صاحب العمل متى رفض التعاقد مع المرشح للعمل استنادا‬
‫إليها‪.3‬‬
‫هذا ما أقره االجتهاد القضائي الفرنسي للغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية منذ قرارها‬
‫"‪ "Fives lille cail‬الصادر في ‪ 91‬أكتوبر‪ ،9113‬وتتمثل وقائع هذه القضية في تسريح عامل‬
‫كاهن بسبب إخفائه معلومات عن صاحب العمل تتعلق بوظيفته في الكنيسة‪ ،‬وقال إنه لم يذكر هذه‬
‫المعلومة في استبيان المترشح للعمل‪ ،‬فقررت لمحكمة النقض عدم مشروعية التسريح‪ ،‬ومما جاء‬
‫من المعلومة المطلوبة خالل عملية الترشيح للعمل هو المساعدة في تقييم‬ ‫في قرارها أن «الهد‬
‫إال مجاالت‬ ‫مدى مالئمة مؤهالت المترشح للعمل للمنصب المطلوب شغله‪ ،‬وال يمكن أن ينصر‬
‫ال ترتبط مباشرة بهذه الوظيفة المهنية»‪.4‬‬
‫أمام تقييد سلطة صاحب العمل في الحصول على المعلومات الضرورية فقط لتقييم قدرة‬
‫المترشح الذي‬ ‫المترشح للعمل لتنفيذ واجب العمل ومهاراته المهنية‪ ،‬إال أن له الحرية في توظي‬
‫يبدو له األنسب واالستغناء عن اآلخرين ومعاملة المترشحين بطريقة مختلفة‪.‬‬
‫يجوز لصاحب العمل جمع بعض المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للمترشح للعمل وعلى‬
‫وجه الخصوص‪ ،‬بعض الصفات النفسية أو األخالقية أو االجتماعية‪ ،‬في الحاالت التي تعد فيها مثل‬
‫هذه المعرفة ضرورية بالنظر إلى طبيعة المنصب‪ ،‬أو الغرض المنشود لهذه المؤسسة‪ ،‬كما هو‬

‫‪9‬‬
‫"‪Gérard Lyon-Caen, Rapport pour le ministre du Travail, de l'Emploi et de la Formation professionnelle,‬‬
‫‪Les libertés publiques et l'emploi", Paris, Ministère du Travail, de l'Emploi et de la Formation‬‬
‫‪professionnelle, 1991, p 162.‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LENOIR )C(,WALLON )B(, op.cit, p 213.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.Soc.17 Octobre 1973, N. 484 P. 444.‬‬
‫يمكن االطالع على هذا القرار على الموقع االتي‪ https://www.legifrance.gouv.fr/.:‬تاريخ االطالع ‪2193/92/22‬‬

‫‪994‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الحال بالنسبة للعمل في بعض األنشطة التي تتطلب ضمانات معنوية‪ ،‬مثل أنشطة الحراسة والخدمة‬
‫المصريفية‪ ،‬إذ يمكن لصاحب العمل أن يطلب من المترشح للعمل صحيفة السوابق القضائية‪.9‬‬
‫من تم فإنَ قدراً من التوازن يجب مراعاته عند تقييم المترشح مهنياً بين المؤسسة ومصلحتها‬
‫ومصلحة المترشح للعمل وحقه في احترام حياته الخاصة ومفرداتها المختلفة وحرية ممارستها على‬
‫النحو الذي يراه مناسبا وبما يحقق تكامله النفسي والمعنوي‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط الالزمة لتحري المعلومات الخاصة بالمترشح للعمل‬
‫على صاحب العمل التحري على المعلومات ذات الصلة بالوظيفة المعروضة فيكون محال‬
‫للتقييم خبرة المترشح وقدرته على أداء العمل المطلوب ومؤهالته بهذا الشأن‪ ،3‬ولهذا اشترط قانون‬
‫العمل الفرنسي على صاحب العمل ضرورة التقيد بعض الشروط أثناء التحري وجمع المعلومات‬
‫الخاصة بالمترشح للعمل تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬تقدير صالحية المترشح لشغل منصب العمل‬
‫إن أغلب األعمال المطلوبة في الوقت الحالي تحتاج لدرجة عالية من االحترا ‪ ،‬فالعبرة‬
‫بالكفاءة المهنية‪ ،‬أو بمعنى أدق الشخصية المهنية فال يلتفت لألبعاد األخرى للشخصية في غير‬
‫اإلطار المهني‪.4‬‬
‫يجب االستناد إلى معيار موضوعي للتقييم‪ ،‬يعتمد أساسا على التركيز على كيفية أداء العمل‬
‫مطلوب تنفيذه‪ ،‬درجة اإلتقان الفني‪ ،‬التزامه بما هو ضرورة لهذا التنفيذ‪ ،‬مدى تقبله لتوجيهات‬
‫صاحب العمل المتعلقة بالعمل‪ ،‬وتقيده بمب دأ التبعية‪ ،‬النظر في النتائج المطلوب تحقيقها ومدى فعالية‬
‫العامل بشأنها أو دوره فيها‪.3‬‬
‫إلى تقدير مدى صالحية المترشح‬ ‫المعلومات المطلوبة خالل مرحلة الترشيح للعمل ته‬
‫لشغل منصب العمل‪ ،9‬وهذا ما جاء في نص المادة ‪ L121-6‬الفقرة األولى من قانون ‪ 39‬ديسمبر‬

‫‪9‬‬
‫‪Duhaime (L), Dumoulin (F), Protection des renseignements personnels en milieu de travail, Novembre‬‬
‫‪2006, p 8-9, disponible sur internet : http://www.fasken.com/files/Publication/7db9d066-fa63-4f9‬‬
‫‪ .‬تاريخ االطالع ‪2193/92/22‬‬
‫‪2‬‬
‫‪"Équilibre entre le respect des prérogatives nécessaires au bon fonctionnement de l'entreprise d'une part et‬‬
‫‪celui des libertés individuelles des candidats à un emploi", Voir BOSSU (B), Op.cite, site Internet :‬‬
‫‪http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html‬‬
‫تاريخ االطالع ‪.2193/92/23‬‬
‫‪ 3‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ 4‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ 3‬زهير حرح‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪9‬‬
‫‪« un employeur n’est autorisé à obtenir que les renseignements personnels qui lui permettent d’évaluer si un‬‬
‫‪candidat possède les aptitudes et les qualifications requises pour l’emploi visé », Voir : Gérard Lyon-Caen,‬‬
‫‪Op, cit, p 92.‬‬

‫‪993‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ 9112‬بأن " المعلومات المطلوبة تحت أي شكل من األشكال‪ ،‬من المترشح للعمل أو العامل ال يمكن‬
‫أن يكون غرضها إال تقييم قدرته على شغل المنصب المقترح أو المهارات المهنية"‪.9‬‬
‫‪ - 2‬الصلة المباشرة بين المعلومات المطلوبة و منصب العمل‬
‫يقصد بعبارة الصلة المباشرة أو الحتمية وجود درجة معينة من الموضوعية والشرعية العلمية‪،‬‬
‫التي بدونها تفقد طريقة التقييم كل مصداقية وكل قيمة مرجحة لها‪ ،2‬ولقد حددت اللجنة الوطنية‬
‫للمعلوماتية والحريات في فرنسا )‪ (CNIL‬في تقريرها الثامن عشر‪ ،‬بعض المعلومات التي تعتبرها‬
‫غير ذات صلة بالوظيفة‪ ،‬كتفاصيل الوضعية العسكرية‪ ،3‬أو الحالة الصحية كالقامة والوزن والرأي‪.‬‬
‫بصورة مباشرة أو غير مباشرة‬ ‫كما يحظر جمع أو تخزين المعلومات الشخصية التي تكش‬
‫عن األصل العرقي أو اآلراء السياسية أو الدينية‪ ،‬أو االنتماء النقابي‪ ،‬فال يسمح بجمع مثل هذه‬
‫المعلومات إال في بعض الحاالت عندما تبرره خصوصية المنصب‪.4‬‬
‫أعطى المنشور الخاص بتطبيق هذه النصوص‪ 3‬أمثلة على عدم الصلة المباشرة والضرورية‬
‫بين المعلومة المطلوبة وبين المنصب المعروض‪ ،‬بالحالة الصحية للعامل‪ ،‬الحياة الجنسية‪ ،‬المسكن‪،‬‬
‫مهنة الوالدين‪ ،‬أو الزوج‪ ،‬وأوقات الفراغ‪ ،‬ومع ذلك هناك أمور خارج هذه األمثلة لم يتحدد ما إذا‬
‫كانت ذات صلة مباشرة وضرورية بمنصب العمل أم ال وذلك كاألنشطة الرياضية أو ممارسة‬
‫األلعاب أو اآلراء الفلسفية أو الميول األدبية للمرشح‪.‬‬
‫كما قيدت المادة ‪ 411‬ممدونة الشغل المغربية في في الكتاب الرابع المتعلق بالوساطة في‬
‫االستخدام وتشغيل األجراء‪ 9‬حرية المستخدم في إبرام عقود العمل مع من يحتاج إليهم من العمال‬
‫بمنعه من مراعاة أي عنصر آخر غير ما يـتوفر عليه طالبو الشغل من مـؤهالت‪ ،‬وما لديهم من‬
‫خبرات‪ ،‬وتركيبات مهنية‪.1‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Art 121-6 «Les informations demandées, sous quelque forme que ce soit, au candidat à un emploi ou à un‬‬
‫‪salarié ne peuvent avoir comme finalité que d'apprécier sa capacité à occuper l'emploi proposé ou ses‬‬
‫‪aptitudes professionnelles ».‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Gérard Lyon-Caen, Op, cit, p 92.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. soc. 30 mars 1999, n° 1499 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Isabelle BENALCAZAR, Droit du travail et nouvelles technologies : collecte de données, Internet,‬‬
‫‪cybersurveillance, télétravail, Gualino et Montchrestien (B business), 2003, Paris, France, p 42.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Circulaire DRT, N° 93/10, op.cit, p15.‬‬
‫‪ 9‬ألكثر تفاصيل الرجوع إلى‪ :‬عبد الكريم غالي‪ ،‬مدونة الشغل تأمالت منهجية‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪ ،2114 ، 9‬ص ‪19‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 1‬جاءت صيغة هذه المادة كما يلي‪ " :‬يشغل كل مشغل من يحتاج إليهم من األجراء‪ ،‬وفق الشروط المنصوص عليها في الكتاب‪،‬‬
‫مراعيا في ذلك فقط ما يتوفر عليه طالبو الشغل من مؤهالت‪ ،‬وما لديهم من خبرات وتركيبات مهنية"‪.‬‬

‫‪999‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ إخطار المترشح للعمل مسبقا بالتقنيات المستخدمة في عملية االختيار‬- 3


‫ من قانون العمل الفرنسي صاحب العمل بوجوب إخطار المرشح للعمل‬L121-7 ‫ألزمت المادة‬
‫ باالضافة‬،‫صراحة ومقدما بالطرق والتقنيات التي سيتم استخدامها في مواجهته أثناء عملية االختيار‬
.9‫إلى إخطار لجنة المؤسسة‬
‫ كما تحظر المادة‬،2‫النشود‬ ‫كما ينبغي أن تكون هذه الوسائل والتقنيات وثيقة الصلة بالهد‬
‫ من‬،‫ من قانون العمل الفرنسي جمع معلومات تتعلق شخصيا بأحد المترشحين للعمل‬L121-8
.3‫خالل وسيلة لم يكن المترشح على علم مسبق بها‬
‫المالحظ أن المشرع الفرنسي لم يقر بمبدأ الصالحية العلمية للوسيلة المستخدمة في عملية‬
‫ وعلى هذا فإن اللجوء إلى‬،‫اخ تيار المترشح للعمل مما يتطلب درجة من المصداقية لهذه الوسيلة‬
‫تقنيات فيها هامش من الخطأ ال يتفق مع االلتزام بالصلة الوثيقة الذي يتطلبه القانون ويبقى األمر‬
.‫متروكا للسلطة التقديرية للقاضي‬
‫ سرية المعلومات المتحصل عليها خالل مرحلة الترشيح للعمل‬-4
‫ينبغي على صاحب العمل اتخاذ كافة التدابير الالزمة للمحافظة على سرية المعلومات والنتائج‬
،‫ فال ينبغي أن يفضي بها أو ببعضها إلى أي شخص‬،4‫المتحصل عليها خالل مرحلة الترشيح للعمل‬
‫ وقد جاءت هذه الحماية‬،‫خاصة أصحاب العمل األخرين المحتمل ترشيحهم ليه في إحدى المناصب‬

9
MARIE José: « En outre, le comité d'entreprise est également informé, préalablement à leur utilisation, sur
les méthodes ou techniques d'aide au recrutement des candidats à un emploi ainsi que sur toute modification
de celles-ci (Art L 432-2-1 du code du travail). En cas de recours à un cabinet de recrutement, l'information
fournie devrait aussi indiquer, les méthodes et techniques utilisées par ce dernier. A noter que le comité est
uniquement informé et non pas consulté à ce sujet », MARIE José , Protection des droits fondamentaux du
candidat d’emploi , disponible sur site internet: www.chaumont-avocat.org.2194/13/11 ‫تاريخ االطالع‬

2
Art L121-7 C.T.fr : « Le candidat à un emploi est expressément informé, préalablement à leur mise en
oeuvre, des méthodes et techniques d'aide au recrutement utilisées à son égard…..Les méthodes et techniques
d'aide au recrutement ou d'évaluation des salariés et des candidats à un emploi doivent être pertinentes au
regard de la finalité poursuivie ».
3
L'article L121-8 du Code du travail dispose qu'aucune information ne peut-être collectée par un dispositif
qui n'a pas été porté à la connaissance du salarié.
4
Art L121-7 C.T.fr : «….Les résultats obtenus doivent rester confidentiels ».
: MARIE José ‫في هذا المعنى كتبت‬
"Les résultats obtenus en l’issue de la procédure de recrutement doivent rester confidentiels (Art L.121-7 al.
1er). Cette confidentialité s’applique uniquement aux tiers et non aux candidats, qui ont la possibilité de
prendre connaissance des résultats qui les concernent, ni à l’entreprise qui peut, le cas échéant, les demander
au cabinet de recrutement", MARIE José, Protection des droits fondamentaux du candidat d’emploi,
disponible sur site internet : http://www.chaumont-avocat.org/aout2004.php. .2194/13/94 ‫تاريخ االطالع‬

991
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫عقب محاوالت القضاء والفقه إلرساء مبدأ الصلة المباشرة للمعلومات بالكفاءة الالزمة لشغل‬
‫منصب العمل‪.9‬‬
‫ألزم المشرع الفرنسي صاحب العمل إبالغ المترشح للعمل بنتيجة التقييم‪ ،‬وهو ما يتيح للعامل‬
‫إمكانية المنازعات في أسباب رفض التعاقد وإثبات استناده إلى أسباب غير مهنية‪ ،2‬ألن مفردات‬
‫التقييم الذي يخضع له المترشح للعمل يجب ان ترتبط فقط بما يلزم لتقييمه مهنيا‪ ،3‬وأن ما يخرج‬
‫عن هذا اإلطار يمكن أن يكون محال لمراجعة قضائية في حالة االستناد إليها لرفض التعاقد‪.4‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫حماية البيانات الشخصية للمترشح للعمل من مخاطر المعلوماتية‬
‫‪3‬‬
‫إن استخدام الوسائل التقنية العلمية من قبل المؤسسات لجمع المعلومات والبيانات الشخصية‬
‫ومعالجتها أضحى يهدد الحياة الخاصة للعمال ومترشحي العمل‪ ،‬هذه المخاطر أثارت مسألة الحماية‬
‫القانونية إلى جانب الحماية التقنية للبيانات الشخصية‪ ،‬األمر الذي دفع بالكثير من الدول إلى سن‬
‫والرقابة‬ ‫تشريعات لضمان حماية هذه المعلومات من خالل إقرار عدم مبادىء أهمها مبدأ االشرا‬
‫على أنظمة المعالجة اآللية للبيانات الشخصية‪ ،‬ومبدأ مشروعية االعتماد على هذه األنظمة ومبدأ‬
‫الحماية واألمن وسرية البيانات‬ ‫الطمأنينة عند استعمالها‪ ،‬وتوفير وسائل تعمل عل ى تأمين وظائ‬
‫الشخصية كالتشفير المعلوماتي وتقنية الغفلية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الحماية القانونية للبيانات الشخصية للمترشح للعمل‬
‫إن العالقة بين المعلوماتية والعمل أصبحت واقعا موجوا وضرورة حتمية‪ ،‬وهذه العالقة وإن‬
‫كانت تتضمن جوانب إيجا بية كثيرة‪ ،‬فإنها تنطوي في المقابل على جوانب سلبية تشكل خطرا على‬
‫الحياة الخاصة والممارسة الفعلية للحرية‪ ،‬وقد أقر المشرع الفرنسي من خالل القانون رقم ‪91/11‬‬
‫المؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪ 9111‬المعدل‪ ،6‬المتعلق بالمعلوماتية والملفات والحريات في المادة األولى‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪ 2‬انظر التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات بفرنسا ‪ CNIL‬لسنة ‪ 9113‬وموقفها من نتائ التقييم وحق‬
‫المترشح في معرفة نتائ التقييم الذي تم بمعرفة صاحب العمل‪14ème rapport d’activité 1993 de la CNIL .‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ 4‬زهير حرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 3‬عرف المشرع الفرنسي البيانات الشخصية بموجب المادة الثانية من قانون المعلوماتية رقم ‪ 91/11‬الصادر سنة ‪ 9111‬المعدل‬
‫بأنها " مل المعلومات المتعلقة بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده مباشرة بواسطة رقم معين‪ ،‬أو بواسطة عنصر أو أكثر خاص‬
‫به"‪.‬‬
‫‪ 9‬تم تعديل هذا القانون عدة مرات‪ ،‬حيث تعديله بموجب القانون المذكور أدناه ‪:‬‬
‫‪Loi n° 2014-344 du 17 mars 2014, JORF du 18 mars 2014.‬‬

‫‪991‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫منه على أن "ال معلوماتية يجب أن تكون في خدمة المواطنين وال يجب أن تحمل أي اعتداء على‬
‫شخصية أو حقوق االنسان أو الحياة الخاصة أو الحريات الفردية أو العامة"‪.‬‬
‫المعلوماتية وسيلة تخدم الجانب القوي في عالقة أال وهو المستخدم الذي يملك السلطة في‬
‫المتمثل في العامل‪ ،‬تعبر عن احتمال المساس بمبادىء الحرية والعدالة‬ ‫الضعي‬ ‫عالقته بالطر‬
‫مما يتعين معه اتخاذ تدابير حمائية مالئمة لضمان حرمة الحياة الخاصة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫هذ ما سعت إليه االتفاقيات الدولية وتشريعات الدول االجنبية من خالل إقرارها لعدة مبادي‬
‫أساسية تعمل على تحقيق التوازن بين حق العامل في احترام حياته الخاصة من جهة و بين‬
‫متطلبات المؤسسة المستخدمة في اللجوء الى استخدام المعلوماتية من جهة ثانية‪ ،2‬أهم هذه‬
‫والمراقبة‪ ،‬ومبدأ الطمأنينة‪.‬‬ ‫المباديء؛ مبدأ المشروعية‪ ،‬مبدأ اإلشرا‬
‫‪ -1‬مبدأ المشروعية‬
‫إن التعرض لجوانب الحياة الخاصة‪ ،‬أي غير ذات صلة مباشرة بطبيعة العمل (انتماء حزبي‪،‬‬
‫المترشح للعمل الذي قد‬ ‫عقائدي‪ ،‬ديني) مقيد بالحصول على موافقة صريحة ومكتوبة من طر‬
‫يرفض مثل هذا االقتحام لحياته الخاصة وإن زعم صاحب العمل ارتباطها غير المباشر باالطار‬
‫المهني‪ ،3‬فمبدأ المشروعية يتطلب أن تتم عملية جمع وتسجيل المعلومات الشخصية بناءا على‬
‫الموافقة الصريحة للمترشح للعمل قبل المباشرة بجمعها باستثناء بعض الحاالت التي نص عليها‬
‫القانون والتي ال تتطلب موافقة الشخص‪.4‬‬

‫‪ 9‬في إطار منظمة األمم المتحدة القرار رقم ‪ 43/13‬الصادر عن الجمعية العامة بعنوان "المبادئ التوجيهية" لتنظيم استخدام ملفات‬
‫البيانات الشخصية المجهزة الكترونيا وضع عشر مبادئ أساسية بشأن حماية البيانات الشخصية ‪ ،‬تنطبق على الملفات المجهزة‬
‫ال كترونيا لدى المعنيين في القطاع العام والخاص لمزيد من التفاصيل الرجوع إلى‪ :‬مندل‪،‬توبي ؛واجنر ‪،‬بن؛هوتن‪،‬ديكسي‪ :‬دراسة‬
‫استقصائية عالمية حول خصوصية االنترنت وحرية التعبير ‪ :‬فرنسا‪،‬منظمة األمم المتحدة لتربية والتعليم اليونسكو ‪2192 ،‬‬
‫ص‪ .91-93‬وفي إطار االتحاد االوروبي أصدر االمر التوجيهي رقم ‪ EC 49/13‬المؤرخ في ‪ 9‬مارس ‪ 9119‬على المبادىء‬
‫االساسية لحماية البيانات في المادة السادسة منه وتشترط هذه المبادىء مراعاة التاعامل مع البيانات الشخصية للشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬المعالجة النزيهة والقانونية‬
‫‪ -‬جمعها ألغراض واضحة ومحددة ومشروعة‪.‬‬
‫‪ -‬أن تك ون البيانات كافية متصلة بالغرض الذي جمعت أو تعال من أجله وعدم زيادتها عنه‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون دقيقة وأن يتم تحديثها عند الضرورة‪.‬‬
‫الرجوع إلى الموقع اآلتي ‪ . http://www.wipo.int/wipolex/fr/details.jsp?id =13580 :‬تاريخ االطالع‪.2194/13/23‬‬
‫‪2‬‬
‫‪« de trouver un équilibre entre le droit des salariés au respect de la vie privée et le besoin d’informations de‬‬
‫‪l’employeur en vue d’assurer son rôle de management«, Hartman, 2001; Nolan, 2003 ; Miller et Wells, 2007‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Jacques ROBERT et Jean DUFFAR, Droits de l’homme et libertés fondamentales, 1er éd, montcherstion,‬‬
‫‪France, 1999, p 50.‬‬

‫‪991‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يقتضي مبدأ المشروعية أن تكون االستفسارات المطلوب من المترشح تداولها واضحة‬


‫ومكتوبة مما يمكن من بحث قانونيتها عند النظر فيها فيما إذا كان رفض التعاقد يرجع ألسباب‬
‫مهنية أم أنها تمس االطار غير المهني الذي ال ينبغي أن تكون مفرداته داخلة في التقييم المهني‪،1‬‬
‫فإذا تضمنت إستمارة التشغيل أسئلة ال تتناسب مع ما يجب أن يدلي به المترشح من بيانات لهذا‬
‫الغرض‪ ،‬بل تتع دى ذلك بكثير فاضطر إلى إعطاء البيانات المتعلقة بحياته الخاصة‪ ،‬فإن األمر يثير‬
‫شكوك حول ما إذا كان هذا القبول من جانبه يعكس إرادة حرة‪ ،‬أم أن مكره على تداول معلومات‬
‫مصدرها حياته الخاصة‪.2‬‬
‫تتجسد الالمشروعية إما من خالل استعمال األساليب غير المشروعة في الحصول على‬
‫البيانات أو المعلومات‪ ،‬فقد يتم االعتماد على وسائل تشكل انتهاكا للقانون‪ ،‬كالتدليس واالحتيال أو‬
‫التنصت‪ ، 3‬ويدخل في هذا النطاق أيضا جمع البيانات الشخصية ودون علم المعني‪ ،‬فال يمكن‬
‫للمؤسسة أن تجمع معلومات إال من خالل وسائل موثوق بها ومشروعة وليست مظللة‪ ،‬حيث أن‬
‫جمع وتسجيل البيانات الشخصية دون موافقة المترشح يعد عمال غير مشروع تقوم بموجبه‬
‫‪4‬‬
‫المسؤولية القانونية مثل البيانات التي يتم توصل عليها عن طريق التنصت والتسجيل خلسة‬
‫باستعمال أجهزة المراقبة اإللكترونية‪.‬‬
‫أما من خالل الحصول على معلومات وبيانات محظور جمعها‪ ،‬فهناك بعض البيانات التي قد‬
‫يحظر القانون جمعها أو يضع لها ضوابط سواء كانت قانونية أم فنية تضبط عملية الجمع والتخزين‬
‫واالحتفاظ‪ ،‬هذا وعلى الرغم أن الفقه والقضاء لم يجتمعا على اسباغ ما هي البيانات التي تدخل في‬
‫بعدم المشروعية‪ ،‬وقد جعل الحد األدنى في البيانات المتعلقة بالفحوصات‬ ‫الحظر وبالتالي تتص‬
‫الجينية والبيانات الخاصة بالمعتقدات الدينية أو االتجاهات السياسية أو األصول العرقية أو الفلسفية‬
‫أو االنتماء النقابي أو البيانات الصحية أو القضائية‪ ،5‬هذا ما أكدت عليه اللجنة الوطنية للمعلوماتية‬
‫والحريات بفرنسا بالنسبة للبيانات ذات الصفة الشخصية‪ ،‬بأن تكون متناسبة ومرتبطة بالغايات التي‬
‫جمعت ألجلها وأن ال تتجاوز هذه الغايات‪.6‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Convention pour la protection des personnes à l’égard du traitement automatisé des données à caractère‬‬
‫‪personnel, Convention du Conseil de l’Europe, n° 108, 28-01-1981, Strasbourg, site internet :‬‬
‫تاريخ االطالع ‪https://rm.coe.int/CoERMPubltId.2194/13/21‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ 3‬نهال عبد القادر المومني‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2111 ،‬ص ‪.913‬‬
‫‪4‬‬
‫‪KAYSER (p), Protection du secret de la vie privée, op.cit , p256.‬‬
‫‪ 3‬نهال عبد القادر المومني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪9‬‬
‫‪14ème rapport d’activité 1993 de la CNIL. p 62.‬‬

‫‪921‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫من بين الحاالت الواقعية لهذه الصورة تخزين شركة "‪ "SKF‬الفرنسية في حواسيبها معلومات‬
‫تتعلق باالتجاهات السياسية وعضوية االتحادات والنقابات العمالية لعمالها استمدتها من طلبات‬
‫التي قدمت لها دون موافقة مسبقة من لجنة المعلوماتية و الحريات‪ ،‬وهذا الفعل يدخل في‬ ‫التوظي‬
‫نطاق المادة ‪ 42‬من قانون االتصاالت الفرنسي المتعلقة بجريمة التسجيل والحفظ غير المشروع‪.1‬‬
‫والمراقبة‬ ‫‪ -2‬مبدأ اإلشرا‬
‫إن السماح للمؤسسات بجمع البيانات أو المعلومات خالل مرحلة الترشيح للعمل لديها يحتاج‬
‫إلى ضوابط وضمانات وقائية لتفادي مساس االنظمة المعلوماتية بالحياة الخاصة للمترشحين‬
‫للعمل‪ ،‬لعل أهمها يكمن في الرقابة غير المباشرة التي تمارسها الدولة على هذه األنظمة‪ ،‬من‬
‫خالل أجهزتها المتخصصة‪ ،‬التي تضم التقنيين المتخصصين في المعلوماتية‪ ،‬والمختصين في‬
‫القانون‪ ،‬تعمل على التوفيق بين ضرورة وجود هذه االنظمة وتطورها‪ ،‬وضمان الحياة الخاصة‬
‫لهؤالء المترشحين‪.2‬‬
‫حرص المشرع الفرنسي على تأسيس اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات وأسند لها مهمة‬
‫الرقابة الدقيقة للتطبيق الصحيح لقانون المعلوماتية‪ ،‬وبالتالي فإن إنشاء أي نظام للمعلومات من قبل‬
‫من إنشاء النظام‪ ،‬وحقوق االستعمال واالطالع‬ ‫أصحاب العمل ينبغي أن يتضمن الهد‬
‫منها‪ ،‬ومصادر جمع هذه البيانات‬ ‫والتصحيح‪ ،‬ونوعية البيانات االسمية المزمع جمعها والهد‬
‫ومدة االحتفاظ ب ها‪ ،‬والجهات المستفيدة منها وطرق تحليل ومعالجة البيانات والضمانات الكفيلة‬
‫بسالمة البيانات الشخصية ومعالجتها وسريتها‪.3‬‬
‫ال يجوز لصاحب العمل إجراء المعالجة اآللية للمعلومات المتعلقة بالمترشحين بالعمل إال بعد‬
‫استشارة لجنة المؤسسة‪ ،‬وإخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات للحصول على ترخيص‬
‫إلجراء هذه المعالجة‪ ،‬كما ال يجوز لصاحب العمل االحتفاظ بمعلومات تم جمعها إال للفترة التي‬
‫تحددها اللجتة الوطنية للمعلوماتية عند إبالغها وأن تكون هذه المعلومات وثيقة الصلة بتحقيق الغاية‬
‫المعلن عنها‪.4‬‬

‫‪ 9‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.941‬‬


‫‪ 2‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 3‬بولين أنطونيوس أيوب‪ ،‬مرجع سابق‪.431 ،‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪929‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -3‬مبدأ الطمأنينية‬
‫أظهر التعامل مع المعلومات آليا بعد معالجتها‪ 9‬مخاطر عديدة بشأن الحياة الخاصة واحترامها‪،‬‬
‫لذا عمدت االنظمة القانونية إلى وضع قواعد قانونية تكفل للمترشح قدرا من اإلطمئنان على صحة‬
‫ما يتم تخزينه ومعالجته آليا من بيانات شخصية تتعلق به‪ ،‬وعدم إفشاء ما يخصه من معلومات ال‬
‫يرغب في إطالع الغير عليها‪ ،‬تخزين المعلومات ال يعني أن هذه المعلومات انتقلت من الخصوصية‬
‫إلى العالنية‪ ،‬كما أن الرضا بالتخزين والمعالجة ال يعني حرية تداول ونقل المعلومات إلى الغير‪.2‬‬
‫يكفل مبدأ الطمأنينة حق المترشح للعمل في االطالع على ما يتم تسجيله من بيانات‪ ،‬ونتائج‬
‫المعالجة اآللية لهذه البيانات‪ ،‬للتأكد من صحتها وتصحيح ما يشوبها من خطأ ومحو البيانات التي تم‬
‫تخزينها بطريقة غير مشروعة‪ ، 3‬فاألخطاء التقنية أو الفنية من الممكن أن تقع عند تخزين‬
‫المعلومات في النظام المعلوماتي ومعالجتها إلكترونيا مما قد يكون له أسوء األثر في استخالص‬
‫نتائج معينة عن الحياة الخاصة للمترشح‪ ،‬األمر الذي يترك آثار سلبية علة سيرته ويلحق ضرارا‬
‫بمستقبله المهني‪ ، 4‬فحقه في تصحيح المعلومات المتعلقة به يعني قدرته على إعادة تأكيد شخصيته‬
‫وذاتيته الحقيقية‪. 3‬‬
‫يقتضي مبدأ الطمأنينة أيضا إلزام الجهة القائمة على نظام المعلومات بسرية البيانات‬
‫والمعلومات المعالجة المختزنة في النظام‪ ،‬بمنع نقلها أو تداول هذه المعلومات‪ ،‬واتخاذ وسائل األمن‬
‫الفعالة التي تحول دون إمكانية وصول الغير إليها‪ ،9‬ونجد أن المشرع الجزائري ألزم الوكاالت‬
‫التشغيل المؤهلة والبلديات والهيئات الخاصة المعتمدة باتخاذ كافة التدابير الالزمة لحماية المعلومات‬
‫الشخصية المتعلقة بطالبي الشغل‪ ،1‬وتوقيع الجزاء على كل من يقوم بإفشاء المعلومات الشخصية‬
‫التي تمس الحياة الخاصة لطالبي الشغل‪.1‬‬

‫‪ 9‬المقصود بالمعالجة اآللية للمعلومت‪ " :‬مجموعة العمليات التي تتم آليا باستخدام الحاسوب وتتعلق بالتجميع والتسجيل واإلعداد‬
‫والتعديل واالسترجاع واالحتفاظ ومحو المعلومات االسمية‪ ،‬وكذلك مجموعة العمليات التي تتم آليا بهدف استغالل المعلومات‬
‫وعلى األخص عمليات الربط والتقريب وانتقال المعلومات االسمية و دمجها مع بيانات أخرى أو تحليلها للحصول على معلومة‬
‫ذات داللة خاصة" ‪ ،‬هذا الترعيف للمعالجة اآللية للمعلومات نصت عليه المادة الخامسة من القانون الفرنسي الصادر في ‪ 9‬جانفي‬
‫‪ 9111‬والمتعلق بالمعالجة االلكترونية والحريات‪.‬‬
‫‪ 2‬عمرو احمد حسبو‪ ،‬حماية الحريات في مواجهة نظ م المعلومات‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2111 ،‬ص‬
‫‪.933‬‬
‫‪ 3‬بيو خالف‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 4‬حمزة بن عقون‪ ،‬السلوك االجرامي للمجرم المعلوماتي‪ ،‬رسالة ماجيستر تخصص علم االجرام والعقاب‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر بانتة‪ ،2192-2199 ،‬ص ‪.914‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Kayser )P(, op.cit, p 316.‬‬
‫‪ 9‬بولين أنطونيوس أيوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.411‬‬
‫‪ 1‬نص المادة ‪ 21‬من قانون ‪ 91/14‬المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ 1‬المادة ‪ 21‬من قانون ‪ 91/14‬السالف الذكر‪.‬‬

‫‪922‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ثانيا‪ :‬الحماية التقـنية للبيانات الشخصية للمترشح للعمل‬


‫إن التزايد المستمر في استخدام وسائل التقنية العالية في ميدان جمع ومعالجة البيانات‬
‫الشخصية من قبل المؤسسات االقتصادية أفرز حتمية توفير وسائل حماية وأمن المعلومات من‬
‫خالل ايجاد تقنيات متطورة تكفل حماية الحياة الخاصة من االعتداءات على المعلومات والبيانات‬
‫الشخصية‪ ،‬ولعل أهم هذه التقنيات الوقائية في مجال األنظمة المعلوماتية تقنية التشفير المعلوماتي‪،‬‬
‫وتقنية الغفلة‪.‬‬
‫‪ - 1‬تقنية التشفير المعلوماتي‬
‫تستخدم تقنية التشفير المعلوماتي لغرض حماية المعلومات التي يمكن أن يتم عليها وصول‬
‫التشفير على أنه "اآللية‬ ‫غير شرعي والتي تكون حالة المقاييس األخرى للحماية غير كافية‪ ،‬ويعر‬
‫التي تحمي ال معلومات مثل المستندات أو الصور أو المعامالت اإللكترونية من األشخاص غير‬
‫المرغوب فيهم للحيلولة دون الوصول إليها أو تغييرها"‪ ،9‬كما يتم تعريفه على أنها "آلية يتم‬
‫بمقتضاها ترجمة معلومة مفهومة إلى معلومة غير مفهومة عبر تطبيق بروتوكالت سرية قابلة‬
‫لالنعكاس‪ ،‬أي يمكن إرجاعها إلى حالتها األصلية"‪.2‬‬
‫المشرع الفرنسي تقنية التشفير في القانون رقم ‪ 9911-11‬الصادر بتاريخ ‪21‬ديسمبر‬ ‫عر‬
‫‪ 9111‬المتعلق بتنظيم االتصاالت عن بعد‪ ،‬بأنها تشمل جميع التقديمات التي ترمي بفضل‬
‫برتوكوالت سرية‪ ،‬إلى تحويل معلومات مفهومة إلى معلومات وإشارات غير مفهومة أو القيام‬
‫بالعملية المعاكسة وذلك بفضل استخدام معدات وبرامج مصممة لهذه الغاية"‪.3‬‬
‫تعتبر تقنية التشفير من أهم الوسائل الوقائية في مجال أمن وسالمة وسرية المعلومات‬
‫الشخص ية‪ ،‬وتوفر الحماية من خالل وسيلتين أوالهما تقليدية تسمى تقنية التشفير المماثل باستخدام‬
‫المفتاح الخصوصي (‪ 4)cryptographie à un clé privée‬الذي يعمل عن طريق الرمز السري‬
‫في فتح الرسائل وتشفيرها والذي يمتلكه كل من مرسل الرسالة أو متلقيها‪ ،‬وثانيهما اعتماد تقنية‬
‫التشفير غير المتماثل باستعمال المفتاح العمومي (‪.)cryptographie à un clé publique‬‬

‫‪ 9‬رجب عبد الحميد‪ ،‬أمن شبكات المعلومات االلكترونية‪ ،‬المخاطر والحلول‪ ،Cybrarians Journal ،‬العدد ‪ ،31‬ل ديسمبر‬
‫‪ ،2191‬متاح على الموقع االلكتوني للمجلة‪ ، http://www.journal.cybrarians.org/ :‬تاريخ االطالع‪2194/13/21 :‬‬
‫‪ 2‬مذكور في بولين أنطونيوس أيوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪3‬‬
‫‪«On entend par prestation de cryptologie toutes prestations visant à transformer à l'aide de conventions‬‬
‫‪secrètes des informations ou signaux clairs en signaux inintelligibles pour des tiers, ou à réaliser l'opération‬‬
‫‪inverse, grâce à des moyens, matériels ou logiciels conçus à cet effet », Article 28 de la loi sur la‬‬
‫‪réglementation des télécommunications 90-1170 du 29 /12/ 90, modifiée par la loi 91-648 du 11 juillet 1991,‬‬
‫‪modifiée par la loi 96-659 du 26 juillet 1996.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Diffie (W) and Hellman (M.E), New directions in cryptography, transactions on information theory, VOL.‬‬
‫‪IT-22, N° 6, NOVEMBER 1976, p 644-654.‬‬

‫‪923‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بالرغم من إيجابيات هذه التقنية تبقى مسألة ضمان رسمية المفتاح العمومي كونه صادر من‬
‫المستخدم‪ ،‬وقد جرت محاوالت معالجة هذه المسألة عبر تدخل شخص ثالث محايد يسمى ( ‪tiers‬‬
‫‪ ، )certificateur‬يتولى إدارة المفاتيح العمومية‪ ،‬ويتحقق من من هوية الحائزين عليها ويصدر‬
‫شهادات إلكترونية (‪ )certificat électronique‬لحساب الحائزين على المفاتيح الخصوصة تصادق‬
‫على عمليات التشفير‪.9‬‬
‫عمل القانون الفرنسي الجديد المتعلق بتنظيم االتصاالت عن بعد ‪ 931/19‬المؤرخ في ‪ 21‬جويلية‬
‫‪ 2 9119‬على إيجاد الهيئات المعتمدة التي تتولى مهمة حفظ المفاتيح الخصوصية‪ ،‬مع تسليم السلطات‬
‫القضائية واألمنية نسخة عنها فور طلبها‪ ،‬غير أن هذا النظام تعرض لعدة انتقادات حول درجة الثقة‬
‫التي يمكن منحها لهذه الهيئات لضمان عدم تسربها أو استغاللها من قبل الغير‪.‬‬
‫‪ - 2‬تقنية الغفلة‬
‫قوانين المعلوماتية تعتمد في حمايته للبيانات الشخصية على تقنية الغفلة أو التجاهل‬
‫(‪ ،)ANONYMAT‬أو ما يسمى بـ "أجهزة معاودة االرسال بشكل مغفل"( ‪Réexpéditeur‬‬
‫‪ ،)anonyme‬حيث تعتبر االن ترنت مصدر لتهديد الدائم على أمن واستخدام المستخدمين‪ ،‬خاصة‬
‫في مجال لحق في احترام سرية المراسالت والمعامالت التي تجري بواسطة هذه الشبكة‪ ،‬ولهذا‬
‫السبب ابتكرت تقنيات تعمل على إبقاء الفرد مستتر ألسباب تتصل بالمفهوم العام للحياة الخاصة‪،‬‬
‫وهي وسائل ذات أهمية بالغة في بيئة األعمال االلكترونية والتعاقد على الخط‪.3‬‬
‫هذه الوسيلة تمنح حماية للحياة الخاصة للمترشحين للعمل‪ ،‬ال سيما الحريصين على أن تكون‬
‫اتصاالتهم تتمتع بقدر من السرية‪ ،‬كما تستعمل هذه التقنية بكثرة في مجاالت المناقشات التي تخص‬
‫المواضيع الطبية والنفسية التي يرغب االشخاص في التستر عنها ألسباب شخصية‪ ،‬وهو بالتالي ال‬
‫يسمح للغير بأن يجمع أو يحلل أو يستغل المعلومات المتعلقة بشخصه أو حتى المعلومات التي‬
‫عليه دون رضاه أو موافقته الصريحة لذا يعتبر الكثيرون بأنها األداة الفعالة لحماية‬ ‫تسمح بالتعر‬
‫الحياة الخاصة‪.4‬‬
‫بدعوى وجوب احترام الحياة الخاصة فقد نادى البعض على عدم التشديد على االطار‬
‫التنظيمي والقانوني لألجهزة المعيدة لإلرسال المغفل التي تؤمن غفلية نسبية وقابلة للتتبع‪ ،‬وظلك‬

‫‪9‬‬
‫‪CAMPANA (M), La cryptographie, La protection de la vie privée dans la société d'information, Cahiers des‬‬
‫‪Sciences morales et politiques, Universitaires de France, 2000, p 51 à 59.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪La loi 96-659 du 26 juillet 1996, de réglementation des télécommunications, JORF n° 11384, du 27 juillet‬‬
‫‪1996.‬‬
‫‪ 3‬طوني عيسى‪ ، ،‬التنظيم القانوني لشبكة االنترنت‪ ،‬دار المنشورات الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2001 ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪ 4‬بولين أنطونيوس أيوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬

‫‪924‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لتفادي البوح عن المعلومات الشخصية التي تتعتبر تعرضا لمفهوم حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬ال سيما‬
‫فيما يتعلق بحق الفرد في ستر اسمه والح ق في سرية عنوانه أو مكان سكنه وهي حقوق كرّستها‬
‫العديد من القوانين واإلتفاقيات‪.9‬‬
‫الفرع الثالث‬
‫عدم التمييز بين المترشحين في العمل‬
‫يعتبر مبدأ عدم التمييز في العمل أحد التطبيقات الجوهرية لمبدأ المساواة‪ ،‬ويمثل جزءا من‬
‫حقوق االنسان التي حرصت عليه المواثيق والمعاهدات واالتفاقيات الدولية‪ ،‬واتجهت نحوه كافة‬
‫دول العالم‪.‬‬ ‫أنظمة التشغيل والعمل المعاصرة في مختل‬
‫يعني هذا المبدأ توفير المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين عن التقدم للعمل وااللتحاق‬
‫به‪ ،‬أو أثناء مباشرته‪ ،‬وبناءا عليه ال يجوز لصاحب العمل استبعاد المترشح من التقدم للعمل بناءا‬
‫على سبب من األسباب التميزية (أوال) ‪ ،‬إال أن هذا المبدأ ترد عليه بعض القيود تمس بعض‬
‫المناصب التي تتطلب فيها بعض العناصر التمييزية (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مبدأ حظر التمييز بين المترشحين للعمل‬
‫إنَ حظر التمييز ينطبق على أوضاع مختلفة من المعاملة القائمة أو المستندة على عدد غير‬
‫والعمل على أنه أي تفريق‬ ‫التمييز في التوظي‬ ‫محدود من الدوافع واألسس التميزية‪ ،‬ويعر‬
‫أو االقالة‪ ،‬أو أوضاع العمل‪ ،‬أو شروط‬ ‫أو استبعاد‪ ،‬أو تفضيل في عمليات التعيين‪ ،‬أو التوظي‬
‫التوظي ‪ ،‬يكون مبنيا على أساس سمات شخصية غير مرتبطة بالمتطلبات االساسية للمنصب‬
‫تكافؤ الفرص أو المعاملة في االستخدام أو التشغيل إلى‬ ‫أو الوظيفة‪ ،‬بما من شأنه إبطال أو إضعا‬
‫المؤهالت المهنية الحقيقية والضرورية إلداء العمل قيد البحث‪.2‬‬
‫‪ - 1‬اإلقرار الدولي لمبدأ حظر التمييز بين المترشحين للعمل‬
‫تحظر القوانين في عدد كبير من الدول التمييز المبني على مجموعة من العوامل‪ ،‬وتعكس هذه‬
‫بالحقوق الراسخة لعدم التمييز في‬ ‫القوانين عادة ما ورد في نصوص االتفاقيات الدولية‪ 3‬التي تعتر‬
‫االلتحاق بالعم‪ ،‬استنادا إلى ما أشار إليه اإلعالن العالمي لحقوق االنسان فأن لكل شخص الحق في‬

‫‪ 9‬صبرين سعيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.292‬‬


‫‪ 2‬المذكرة التوجيهية الثانية العمالة وظروف العمل الصادرة بتاريخ ‪1‬يناير ‪ 2192‬عن مؤسسة التمويل الدولية‪ ،‬مجموعة البنك‬
‫الدولي ص ‪ ،1‬متاحة على الموقع االلكتروني‪ ، http://www.ifc.org/:‬تاريخ االطالع‪.2194/14/12 :‬‬
‫‪ 3‬تستند قوانين كثيرة إلى االتفاقيات الدولية التي ت م التصديق عليها على نطاق واسع‪ ،‬بما في ذلك اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم‬
‫‪ 911‬بشأن المساواة في األجور؛ واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ‪ 999‬بشأن التمييز في االستخدام والمهنة؛ واالتفاقية الدولية‬
‫لألمم المتحدة بشأن القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري‪CERD‬؛ واتفاقية األمم المتحدة الخاصة بالقضاء على كافة أشكال‬
‫التمييز العنصري ضد المرأة‪.CEDAW‬‬

‫‪923‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العمل وفي حرية اختيار عمله وشروط عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة وأنه لجميع االفراد‬
‫دون تمييز الحق في أجر متساوي وعلى العمل المتساوي‪.9‬‬
‫فيما نص الميثاق العربي لحقوق االنسان أن العمل حق طبيعي لكل مواطن وتعمل الدول على‬
‫توفير فرص العمل ق در االمكان ألكبر عدد ممكن من المقبلين عليه مع ضمان االنتاج وحرية العمل‬
‫وتكافؤ الفرص دون أي نوع من أنواع تمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو اللغة أو الرأي‬
‫السياسي أو االنتماء النقابي‪ ،‬أو األصل الوطني أو االجتماعي‪ ،‬أو االعاقة أو أي وضع آخر‪ ،2‬كما‬
‫حظر المشرع البريطاني على أصحاب العمل كل تمييز مباشر أو غير بمباشر فيما يخص‬
‫المترشحين للعمل وذلك بموجب القانون الصادر عام ‪ 9113‬الذي خضع لعدة تعديالت فيما بعد ‪.3‬‬
‫فيما نص المشرع الفرنسي في المادة ‪ L122-45‬من قانون العمل على أنه " ال يجوز استبعاد‬
‫‪...‬بسبب أصله أو جنسه أو عاداته أوحالته االجتماعية‬ ‫أي شخص من التقدم لشغل إحدى الوظائ‬
‫أو انتمائه إلى عرق أو أمة أو جنس ما أو بسبب آرائه السياسية أوأنشطته النقابية أو التعاونية‬
‫أو معتقداته الدينية أو بسبب حالته الصحية أو عجزه‪ ،‬فيما عدا عدم اللياقة الطبية الثابتة بشهادة‬
‫طبيب عمل‪ ، "...‬وقد تطور هذا المبدأ في التشريع الفرنسي من مبدأ عدم التمييز إلى حق عدم‬
‫التمييز حيث أصبح له أهمية خاصة اتجاه النساء والعمال األجانب‪.‬‬
‫المشرع الفرنسي بحظر التمييز بين المترشحين على أساس االعتبارات السابقة‪ ،‬بل‬ ‫لم يكت‬
‫حظر مجرد التحري حول الحياة الخاصة للمترشح حتى ولم يتم التمييز بناء على هذه التحريات‪ ،‬فال‬
‫عن سرية الحياة الخاصة للمترشح للعمل عند استخدام سلطته في‬ ‫يجوز لصاحب العمل الكش‬
‫البحث والتحري‪ ،‬كتوجيه أسئلة تنطوي على مساس بتفاصيل الحالة االجتماعية (أعزب متزوج‪،‬‬
‫مطلق‪ )...‬ومبرراتها‪ ،‬أو ال حالة المالية أو الصحية والتي تعد بطبيعتها خارجة عن االطار المهني‬
‫بحسب األصل‪ ،‬ويمكن أن تكون محل متابعة قضائية في حالة االستناد إليها لرفض التعاقد‪.4‬‬
‫بل قد يكون هناك مجال لمواجهة صاحب العمل بالمادة ‪ 499‬فقرة ‪ 3‬من قانون العقوبات‬
‫الفرنسي التي تحظر على صاحب العمل االلتفات إلى الجنس‪ ،‬النوع‪ ،‬الوضع العائلي‪ ،‬عند توجيه‬
‫إيجاب للعمل‪ ،‬أو عند التعاقد‪ ،3‬وقد أدانت محكمة النقض الفرنسية أحد أصحاب األعمال الذي رفض‬

‫‪ 9‬االعالن ن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر في ‪ 91‬ديسمبر ‪ 9141‬المادة ‪.23‬‬


‫‪ 2‬الميثاق العربي لحقوق االنسان المادتين‪.34، 24:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Pour plus d’information voir , Lester )A(, La législation anglaise contre la discrimination, Droit social,‬‬
‫‪France, 1987, p 791.‬‬
‫‪ 4‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬توصيات وزير العمل الفرنسي في تقرير بشأن كيفية احترام الحياة الخاصة للمترشح للعمل ‪15/10/1995 15,p 448- AN./ R.M , JO :‬‬
‫تاريخ االطالع‪Site : http://archives.assemblee-nationale.fr/9/qst/9-qst-1990-10-15.pdf. 2194/14/91 :‬‬

‫‪929‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫استخدام إحدى المترشحات للعمل لكونها قريبة ألحد العمل في المؤسسة‪.9‬‬


‫بأشكاله وأسسه على أنه "كل تفرقة بين األشخاص على‬ ‫المادة ‪ 2-223‬من ق‪.‬ع‪.‬‬ ‫تعر‬
‫أساس منشئهم‪ ،‬جنسهم‪ ،‬وضعهم العائلي‪ ،‬كونهم في حالة حمل‪ ،‬مظهرهم الخارجي‪ ،‬لقبهم‪ ،‬حالتهم‬
‫الصحية‪ ،‬إعاقتهم خصائصهم العامة‪ ،‬آدابهم‪ ،‬ميولهم الجنسي‪ ،‬سنهم آرائهم السياسية‪ ،‬نشاطتهم‬
‫النقابية‪ ،‬انتمائهم أو عدم انتمائهم ‪ -‬الحقيقي أو المفترض‪ -‬ألقلية إثنية أو أمة أو عرق أو ديانة‬
‫محددة"‪.2‬‬
‫يحظر قانون العمل الفرنسي على صاحب العمل أخذ حالة المرأة الحامل بعين اإلعتبار لرفض‬
‫توظيفها‪ ،3‬كما أقر عدم شرعية شرط العزوبة المفروض على المساعدات االجتماعية ومضيفات‬
‫الطائرة باعتباره ينافي حرية الزواج‪ ،4‬هذا ما أقره أيضا المشرع المغربي حيث تضمن مدونة‬
‫الشغل والقانون الجنائي نصوصا تمنع التمييز في االستخدام بسبب الحالة الزوجية أو العائلية‪ ،‬فطبقا‬
‫لنص المادة ‪ 1‬من مدونة الشغل‪" 3‬يمنع كل تمييز بين األجراء بسبب الحالة الزوجية ال سيما فيما‬
‫يتعلق باالستخدام وإدارة الشغل وتوزيعه‪."...‬‬
‫حفاظا على الحقوق والحريات األساسية أقر المشرع الجزائري حظر التمييز في العمل‪ ،‬إذ‬
‫نص الدستور الجزائري لسنة ‪ 9119‬المعدل في مادته ‪ 21‬على أن" كل المواطنين سواسية أمام‬
‫القانون‪ ،‬وال يمكن ان يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد‪ ،‬أو العرق أو الجنس أو الرأي‪ ،‬أو أي‬
‫آخر شخصي كان أو اجتماعي"‪.‬‬ ‫شرط أو ظر‬
‫وجدت هذه المادة تطبيقا لها في قانون عالقات العمل رقم ‪ ،99/11‬حيث نصت المادة ‪2-9‬‬
‫على أنه " يحق للعمال أيضا‪ ،‬في إطار عالقة العمل الحماية من أي تمييز لشغل منصب عمل غير‬
‫المنصب القائم على أهليتهم واستحقاقهم"‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 91‬من نفس القانون على أنه "تعد باطلة‬
‫وعديمة األثر كل األحكام المنصوص عليها في االتفاقيات واالتفاقات الجماعية أو عقد العمل التي‬
‫من شأنها أن تؤدي إلى التمييز بين العمال وكيفما كان نوعه في مجال التشغيل واألجرة أو ظرو‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass. Crim, 23 oct 1990, pourvoi n°88-82005, Bull, Cim, N° 353, p 891.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art L225-2 du C.T.fr : «Constitue une discrimination toute distinction opérée entre les personnes physiques‬‬
‫‪à raison de leur origine, de leur sexe, de leur situation de famille, de leur grossesse, de leur apparence‬‬
‫‪physique, de leur patronyme, de leur état de santé, de leur handicap, de leurs caractéristiques génétiques, de‬‬
‫‪leurs mœurs, de leur orientation sexuelle, de leur âge, de leurs opinions politiques, de leurs activités‬‬
‫‪syndicales, de leur appartenance ou de leur non-appartenance, vraie ou supposée, à une ethnie, une nation,‬‬
‫‪une race ou une religion déterminée ».‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art L122-25 du C.T.fr : « L'employeur ne doit pas prendre en considération l'état de grossesse d'une femme‬‬
‫‪pour refuser de l'embaucher, résilier son contrat de travail au cours d'une période d'essai… ».‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.Soc, du 7 février 1968, N° 65-40.622, bull, N° 86.‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 93/11‬المتعلق بمدونة الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 9.13914‬بتاريخ ‪ 99‬سبتمبر ‪ ،2113‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 3991‬بتاريخ ‪ 1‬ديسمبر ‪ ،2113‬ص ‪.3191‬‬

‫‪921‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العمل‪ ،‬على أساس السن والجنس أو الوضعية االجتماعية أو النسبية‪ ،‬والقرابة العائلية والقناعات‬
‫السياسية واالنتماء إلى نقابة أو عدم االنتماء إليها "‪.‬‬
‫هذا وقد ورد في نص القانون المتعلق بممارسة الحق النقابي على أنه " ال يجوز ألي أحد أن‬
‫واألداء وتوزيع العمل‪،‬‬ ‫يمارس أي تمييز ضد العمال بسسب نشاطاتهم النقابية‪ ،‬إبان التوظي‬
‫والتدرج وترقية خالل الحياة المهنية‪ ،‬وعند تحديد الراتب‪ ،‬وكذلك في مجال التكوين المهني والمنافع‬
‫االجتماعية"‪.9‬‬
‫‪ -2‬حظر التمييز بين المترشحين للعمل على أساس الحياة الخاصة‬
‫ال يجوز التمييز بين المترشحين على أساس مفرد من مفردات الحياة الخاصة‪ ،‬كرفض تشغيل‬
‫النساء الحوامل‪ ،‬إذ أن من بين الممارسات التي قد تلجأ إليها بعض المؤسسات المتعلقة باختبارات‬
‫النساء الحوامل‪ ،‬يحظر أيضا من حيث المبدأ‬ ‫إلى عدم توظي‬ ‫منتظمة للمترشحات للعمل تهد‬
‫التمييز بين المترشحين للعمال وفقا لوضعهم االجتماعي من زواج أو طالق أو انفصال أو وجود‬
‫أوالد أو عدمه أو غير ذلك من المسائل األسرية‪.‬‬
‫المشرع الفرنسي بحظر التمييز بين المترشحين على أساس االعتبارت السابقة‪ ،‬وإنما‬ ‫لم يكت‬
‫تحقيقا للحماية فإنه دفع بها إلى مجال أوسع مدى‪ ،‬فحظر مجرد التحري حول الحياة الخاصة‬
‫للمرشح وحتى لو لم يتم التمييز بناء على هذه التحريات الحياة الخاصة للمترشح ال يجوز مجرد‬
‫عنها أو تعريتها عند استخدام صاحب العمل سلطاته في البحث والتحري‪ 2‬ال يجوز توجيه‬ ‫الكش‬
‫أسئلة مثال حول مهنة األقارب أو الزوج‪ ،‬فمثل تلك األسئلة تنطوي على مساس بالوضع العائلي‬
‫للمترشح‪ ،‬وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن عدم إعالن المترشح عن زواجه الذي قصد‬
‫إلى إتمامه‪ ،‬اليعد سلوكا محل مؤاخذة‪.3‬‬
‫كما أن مفردات التقييم الذي يخضع له المترشح مرتبطة بما يلزم لتقييمه مهنيا وأن ما يخرج‬
‫عن هذا اإلطار كتفاصيل الحالة االجتماعية ( أعزب‪ -‬متزوج‪ -‬مطلق) ومبرراتها والتي تعد‬
‫بطبيعتها خارجة عن اإلطار المهني‪ ،4‬وبحسب األصل يمكن أن تكون محال لمراجعة قضائية في‬
‫حالة االستناد إليها لرفض التعاقد‪ ،‬فرضه في هذه الحالة يستند ال إلى مبررات مشروعة للتدخل غير‬
‫المبرر في الحياة الخاصة للمترشح للعمل‪.‬‬

‫‪ 9‬المادة ‪ 31‬من قانون ‪ 94/11‬المؤرخ في ‪ 2‬جوان ‪ ،9111‬المتعلق بممارسة الحق النقابي‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 23‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 9111/19/19‬المعدل والمتمم بالقانون‪ 31/19‬المؤرخ في ‪ ، 9119/92/29‬واألمر رقم ‪ 92/19‬المؤرخ في ‪ ،9119/19/91‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 39‬الصادرة بتاريخ ‪.9119/19/92‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 11 mars 1971, bull.civ, n° 210.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪SAVATIER (J), La protection de la vie privée des salariés, op, cit, p 331 .‬‬

‫‪921‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫فضال عن ذلك تضمنت االتفاقية رقم ‪ 999‬والتوصية رقم ‪ 999‬لسنة ‪ 9131‬المكملة لها‬
‫واالستخدام‪ ،9‬ألفاظ واضحة وصريحة على أن الحماية التمييزية‬ ‫والمتعلقة بالتمييز في التوظي‬
‫والمعاملة االستثنائية التي تخصص لبعض الفئات ومن بينها فئات األحداث والشبان ال تشكل بأي‬
‫حال من األحوال إجراء من إجراءات التفرقة والتمييز‪.2‬‬
‫تم االقرار في العديد من الدول بوجود أسباب أخرى للتمييز فاتسعت القائمة لتشمل التمييز‬
‫على أساس عناصر تمس الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬كالحالة الصحية‪ ،‬الحياة الشخصية‬
‫بها‪ ،‬و لم ترد بشكل صريح في االتفاقية رقم‬ ‫والعائلية‪...‬الخ‪ ،‬فهناك عدة أشكال من التميي ز المعتر‬
‫بها في الكثير من الدول‪.‬‬ ‫‪ ،999‬إال أن القانون يعتر‬
‫‪ - 3‬رفض التعاقد بناءا على التمييز بين المترشحين للعمل‬
‫حرية صاحب العمل في إبرام عقد العمل مع من يحتاج إليهم من العمال تمنعه من مراعاة أي‬
‫عنصر آخر غير ما يتوفر عليه طالبو العمل من مؤهالت‪ ،3‬وما لديهم من خبرات‪ ،‬وإن كان‬
‫للمشغل الحق في رفض إبرام عقد الشغل مع المترشح للعمل‪ ،‬إال أن قراره في رفض التعاقد ال بد‬
‫أن يكون مبنيا على سبب مشروع‪ ،‬وإال اعتبر تعسفا في استعمال الحق‪.‬‬
‫لعلّ صعوبة تحديد مفهوم الرفض المشروع هي التي دفعت بعض المشرعين ومنهم المشرع‬
‫الفرنسي والمشرع المغربي إلى اختيار أسلوب تحديد الحاالت التي ال يمكن فيها اعتبار رفض‬
‫التشغيل مشروعا‪.4‬‬
‫حيث أن قانون العمل الفرنسي نص صراحة في المادة ‪ L122-45‬على منع "كل تمييز بين‬
‫العمال من حيث السالسلة‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو االعاقة‪ ،‬أو الحالة الزوجية‪ ،‬أو العقيدة‪ ،‬أوالرأي‬
‫السياسي‪ ،‬أو االنتماء النقابي‪ ،‬أو األصل الوطني‪ ،‬أو األصل االجتماعي‪ ،‬يكون من شأنه خرق‬
‫مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل‪...‬فيما يتعلق باالستخدام"‪.‬‬ ‫أو تحري‬

‫‪ 9‬اتفاقية التمييز في مجال الخدمة واالستخدام رقم ‪ ، 999‬اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في جوان ‪ 9131‬في دورته‬
‫الثانية واألربعين‪،‬تاريخ سريان النفاذ ‪ 93‬جوان ‪. 9191‬‬
‫‪ 2‬نصت المادة الخامسة من االتفاقية رقم ‪ 999‬لسنة ‪ 9131‬في فقرتها األولى والثانية على التوالي‪ -9" :‬ال تعتبر اإلجراءات‬
‫الخاصة بالحماية أو بالمساعدة الواردة في االتفاقيات والتوصيات التي أقرها مؤتمر العمل الدولي من قبيل التفرقة‪ -2.‬يحق ألي‬
‫عضو بعد التشاور مع منظمات أرباب العمل والعمال إن وجدت أن يضع إجراءات خاصة أخرى يقصد بها مقابلة متطلبات األفراد‬
‫الذين يعتبرون في حاجة إلى مساعدة أو حماية خاصة بسبب النوع أو السن أو العجز أو المسؤوليات العائلية أو الحالة االجتماعية‬
‫أو الثقافية‪ ،‬وال تعد هذه اإلجراءات من قبيل التفرقة‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 411‬من مدونة الشغل المغربية‪.‬‬
‫‪ 4‬عادل العشابي‪ ،‬سلطة المؤجر في تسيير مقاولته بين حاجيات المقاولة وحماية حقوق األجراء‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المجلة االلكترونية‬
‫لندوات محاكم فاس‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،2119 ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪921‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إلى االستبعاد المطلق لكل عنصر شخصي في تعليل رفض التشغيل‬ ‫المشرع ا لفرنسي لم يهد‬
‫إلى استبعاد‬ ‫كهيأة المرشح غير المرتبطة بانتمائه لعرق معين او كلباسه وهندامه‪ ،‬وإنما هد‬
‫التمييز المبني على انتماء المرشح لفئة ذات خصائص اجتماعية محددة وجديرة تبعا لذلك بالحماية‪.9‬‬
‫إ ن هذا التحديد التشريعي لحاالت الرفض الغير مشروع للتعاقد انطالقا من كونه مبنيا على‬
‫التمييز قد وجد له تطبيقا في القضاء الفرنسي الذي اعتبر رفض المشغل التعاقد مع مرشحه بعِلّة‬
‫أنها ربة أسرة تمييزا بمقتضى المادة ‪ L 122-45‬المشار إليها‪ ،‬كما اعتبر المستخدم الذي يصرح‬
‫في مقترح التشغيل الصادر عنه بأنه يفضل تجنب األجراء غير البيض مرتكبا لتمييز ممنوع ‪.2‬‬
‫مدونة العمل‬ ‫غير أننا لم نجد مثل هذا التحديد في نصوص قانون العمل الجزائري على خال‬
‫المغربية التي قيدت حرية المستخدم في إبرام عقود العمل على ضرورة توفر طالبو الشغل على‬
‫المؤهالت والخبرات المهنية‪ ،3‬بل وقيدت حرية وكاالت التشغيل الخصوصية أيضا بمقتضى المادة‬
‫‪ 411‬منها التي نصت على أنه " يمنع على وكاالت التشغيل الخصوصية كل تمييز يقو على أساس‬
‫العرق‪ ،‬أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي‪."...‬‬
‫لكن األشكال المطروح يرتبط أساسا باإلثبات من جهة وبالجزاء المترتب عن خرق هذه‬
‫المقتضيات من جهة ثانية‪ ،‬فالمشرع الجزائري لم يتعرض إلى هذه مسألة شأنه شأن التشريع‬
‫المغربي‪ ،‬في حين نجد أن قانون العمل الفرنسي نص في الفقرة الرابعة من نفس المادة ‪L 122-45‬‬
‫على أنه يتعين أوال على المرشح لتعيين أو تدريب أو فترة تكوين بالمؤسسة في حالة حدوث نزاع‬
‫أن يقدم العناصر الواقعية التي تسمح بافتراض وجود تمييز مباشر أو غير مباشر‪ ،4‬ويكون بعد ذلك‬
‫المدعى عليه على ضوء هذه العناصر أن يثبت أن قراره مبرر بعناصر موضوعية‬ ‫على الطر‬
‫خالية من كل تمييز‪ ،‬ويٌكوِن القاضي اعتقاده بعد األمر عند الحاجة بكل إجراءات التحقيق التي‬
‫يراها ذات جدوى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القيود الواردة على مبدأ عدم التمييز بين المترشحين للعمل‬
‫إن مبدأ عدم التمييز عن طريق الحظر الذي يمليه‪ ،‬يرد عليه مجموعة من القيود التي تخول‬
‫لصاحب العمل حرية في اختيار المترشحين في إطار سلطته اإلدارية‪ ،‬ال سيما في تقلد بعض‬
‫المؤسسة‪.‬‬ ‫القيادية أو طبيعة الوظيفة وهد‬ ‫الوظائ‬

‫‪9‬‬
‫‪PELANO (M-A), L’intuitu personale dans le contrat de travail, Dr. Social, France,1995, p 129.‬‬
‫‪ 2‬عادل العشابي‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 311‬من مدونة الشغل المغربية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art L122-45-4 du C.T.Fr : « Les différences de traitement fondées sur l'inaptitude constatée par le médecin‬‬
‫‪du travail dans le cadre du titre IV du livre II en raison de l'état de santé ou du handicap ne constituent pas‬‬
‫» ‪une discrimination lorsqu'elles sont objectives, nécessaires et appropriées‬‬

‫‪931‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫القيادية‬ ‫‪ - 1‬ارتباط التمييز بمتطلبات الوظائ‬


‫إذا كان يتعلق باختيار المترشح لوظيفة قيادية‪ ،‬فإن صاحب العمل لن يتمكن من التقييم السليم‬
‫لكفاءة المترشح‪ ،‬إال إذا توافرت لديه معلومات معينة حول الصفات الشخصية له‪ ،9‬ذلك أن أغلب‬
‫فالتخصصات ال ينـظر إليها‬ ‫األعمال المطلوبة في عالمنا اليوم تتطلب درجة عـالية من االحترا‬
‫اآلن في إطارها العام بقدر ما يعتد بتقسيماتها المختلفة‪.‬‬
‫العبرة إذن بالكفاءة المهنية أو بمعنى أدق بالشخصية المهنية‪ ،‬فال يلتفت بحسب األصل لألبعاد‬
‫األخرى للشخصية في غير االطار المهني الذي يبقى مجاال مفتوحا للعامل محظورا على غيره‬
‫وتحديدا صاحب العمل االقتراب منه‪ ،2‬بالرغم من أن الشخصية المهنية عنصر مهم في التقييم إال‬
‫أنه ال ينبغي الخلط بين شخصية المترشح للعمل وبين حياته الخاصة التي ال يمكن اختراقها تحت‬
‫هذا الهد ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ارتباط المنصب بالكفاءة المهنية للمترشح للعمل‬
‫إن التدابير الخاصة المتخذة لتوفير الحماية في معالجة حاالت تمييز سابقة أو اختيار لوظيفة‬
‫ًاستنادا إلى المتطلبات التي يقتضيها شغل الوظيفة‪ ،‬ال تعتبر من قبيل التمييز عندما تكون متناسقة مع‬
‫القانون‪ ، 3‬فتتسع سلطات صاحب العمل إلى أبعد مدى حول البحث عن المترشح للعمل إذا كنت‬
‫المؤسسة‪.‬‬ ‫كانت طبيعة العمل المعروض تتطلب مواصفات معينة فيه حتى يتحقق هد‬
‫يعتبر تمييزا أي ميزة أو استثناء أو تفضيل بصدد عمل معين إذا كان مبنيا علي أساس‬
‫المؤهالت التي تقتضيها طبيعة هذا العمل‪ ،‬فحينما تتطلب مثال أمانة ال تقبل الطعن عليها‪ ،‬سيكون‬
‫بمقدور صاحب العمل سؤال المترشح للعمل عن ماضيه الجنائي‪ ،‬خاصة إذا كانت الوظيفة‬
‫المعروضة تتعلق مثال بأمين المالية‪.‬‬
‫كما ال يعتبر تمييزا من صاحب العمل استخدم الرجال في العمل المعروض إذا كان يستلزم‬
‫حمل أشياء ثقيلة جدا أو تتضمن أشغال خطيرة‪ ،‬وهو عمل شاق محظور على النساء والقصر‬
‫والمعاقين‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه المادة ‪ 99‬من قانون ‪ 11/11‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب‬
‫العمل بنصها « يتعين على الؤسسات أن تتحقق من أن األعمال الموكلة إلى النساء والعمال القصر‬
‫والعمال المعوقين ال يقضي مجهودا يفوق طاقتهم‪.»...‬‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 3‬المذكرة التوجيهية الثانية العمالة وظروف العمل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪939‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المؤسسة‬ ‫‪ - 3‬ارتباط التمييز بأهدا‬


‫قد تدفع سلطة صاحب العمل في البحث والتحري عن المترشحين في بعض المؤسسات ذات‬
‫الخاصة‪ ،‬إلى تمييز أحد المترشحين عن غيره العتبار ديني أو ثقافي أو أدبي أو إجتماعي‬ ‫األهدا‬
‫أو غير ذلك‪.‬‬
‫في حالة المؤسسات العاملة في مجال الدفاع الوطني مثال يمكن لصاحب العمل أن يتحرى‬
‫ويسأل المترشح عن مهن أقاربه أو أفراد أسرته‪ ،‬كذلك في المؤسسات التي هدفها الترويج لمذهب‬
‫أو أفكار حزبية سياسية أو نقابية أو دينية‪ ،‬فإ ذا كان المترشح للعمل ال يؤمن وال يعتنق الفكار التي‬
‫أنشئت المؤسسة أصال للدفاع عنها فال محل للتمسك بمبدأ عدم التمييز‪ ،9‬إذ يكون لصاحب العمل‬
‫حق استبعاده وعدم قـبوله في هذا العمل ونكون بصدد استثناء على مبدأ عدم التمييز‪.2‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل بعد التعاقد‬
‫إن الخضوع االداري لسلطة صاحب العمل ال يعني تنازل العامل عما يعتبر من المزايا‬
‫األساسية لشخصيته‪ ،‬فتبعية العامل ال تتعدى إلى حياته الخاصة‪ ،‬ألن حرمة الحياة الخاصة مصونة‬
‫سواء داخل المؤسسة أو خارجها‪ ،‬هي تبعية مهنية ال تمس ما يدخل في مجال الحياة الخاصة‪،3‬‬
‫وأنها محددة بزمان ومكان العمل وبمقتضيات عقد العمل‪ ،‬وما يعنينا في مجال هذا البحث هو‬
‫ضمان عدم تأثر الحياة المهنية بما يتـم خارج إطارهـا‪ ،‬سواء في النطاق العام أو الخاص‪ ،‬بعيدا‬
‫عن عالقة العمل ونطاقها نكون أمام حياة خاصة تستحق الحماية في مواجهة سلطة صاحب العمل‪.‬‬
‫إذا كان صاحب العمل يلعب دورا بارزا في إطار عالقة العمل بصفته المسؤول عن المؤسسة‬
‫وسير العمل بها‪ ،‬وإلزام العامل بالخضوع إلى مقتضيات العقد الذي قبل بالدخول فيه‪ ،‬فهل يمكن أن‬
‫تمتد سلطة صاحب العمل للتدخل في الحياة الخاصة للعامل خارج إطار عالقة العمل؟ هذا ما‬
‫سنحاول بحثه من خالل تناول مدى تأثر الحياة الخاصة للعامل بالحياة المهنية خارج إطار المهني‬
‫في (المطلب األول)‪ ،‬وحماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد في (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Soc, 12 juillet 2005, pourvoi n° 03-43.354, Bull. 2005, V, n° 243 p. 212, La chambre sociale a fait‬‬
‫‪application de cette jurisprudence dans un arrêt du 12 juillet 2005 où, reprenant une formule d’un précédent‬‬
‫‪arrêt du 20 novembre 1986 , Cass. soc 20 nov 1986, N° 84-43243, Bull, N° 555, 1986, p 420.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬مصطفى عبد الحميد عدوي‪ ،‬الخصوصية في مكان العمل‪ ،‬دراسة مقارنة بين القانونين المصري واألمريكي‪ ،‬دون ناشر‪،‬‬
‫‪ ،9111‬ص ‪.9‬‬

‫‪932‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المطلب االول‬
‫صور حماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫األصل أن حياة العامل خارج إطار عالقات العمل غير مؤثرة على نشاطه وحياته المهنية‪،‬‬
‫فاإلطار المهني للعامل مستقل تماما زمانيا ومكانيا عن نشاطاته المختلفة وممارساته المتعددة‬
‫والمتنوعة طالما أن ما يقوم به العامل ال يمس وال يتصادم مع تعهداته العقدية‪ ،9‬هذه التعهدات‬
‫تعكس قبوله بإرادة حرة لمبدأ الخضوع لسطات صاحب العمل‪.‬‬
‫غير أن القبول بهذا الحد من الحرية مقيد بإطار محدد زمانيا ومكانيا وحسب نوع العمل‪،‬‬
‫يمثل فاصال بين تعهداته المقيدة في ظل عالقة عقدية قائمة وبين ما يخرج عن هذا االطار حيث‬
‫يسترد حريتة كاملة‪ ،2‬هنا يظهر مفهوم الحياة الخاصة وحرية ممارستها بعيدا عن أداءه المهني‬
‫ورغم ارتباطات العامل بعقد عمل‪ ،‬فالحد من الحرية المهنية مقبول في ظل سريان العقد وكذلك بع‬
‫انتهائه ولكن بحدود‪ ،‬غير أن الحرية خارج إطار عالقات العمل سواء كان العقد قائما أو انتهى‬
‫تعيدنا إلى المفهوم الوسع لها ولكيفية ممارستها‪.‬‬
‫الفرع االول‬
‫مدى تأثر الحياة الخاصة للعامل بالحياة المهنية‬
‫خارج إطار عالقة العمل ينتهي التزام العامل بمفرداتها المختلفة زمانيا ومكانيا‪ ،‬ومن حيث‬
‫حيالها بما‬ ‫األداء المطلوب منه‪ ،‬فإنه يسترد حرية التعامل مع مفردات حياته المختلفة‪ ،‬فيتصر‬
‫يتفق مع رؤيته لأل مور‪ ،‬توجهاته‪ ،‬معتقداته‪ ،‬سلوكياته‪ ،‬فهذه الممارسات أي كانت طبيعتها تعني‬
‫ممارسة العامل لحريات غير محددة كفلها له الدستور والقانون‪ ،‬وكذلك المواثيق الدولية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حماية الحقوق والحريات المتربطة بالحياة الخاصة للعامل‬
‫تتسم عالقة العمل بفقدان العامل لقدر محدد من حريته يتمثل في خضوعه المهني لصاحب‬
‫العمل‪ ،‬ففي ظل اإل طار المهني يلزم هذا األخير بجبر العامل على تقبل القيود التي يفرضها العقد‪،‬‬
‫أما في غير اإلطار المهني ورغم وجود عالقة عقدية قائمة فإن العامل يسترجع حريته بالكامل‬
‫يمارسها كيفما شاء‪ ،‬ذلك أن تعاقده يقيد حريته في ممارسة حياته الخاصة بقدر محدد موضوعيا أي‬
‫أداء العمل المتفق عليه زمانيا في الوقت المتفق عليه‪ ،‬ومكانيا في المكان المتفق عليه‪.3‬‬

‫‪ 9‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪ 2‬مصطفى عبد الحميد عدوي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪933‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حماية الحياة الشخصية والعائلية للعامل‬ ‫‪-1‬‬


‫إن العامل خارج مجال العمل ال يخضع إلى تبعية المستخدم‪ ،‬وهو حر في حياته الشخصية‪،‬‬
‫و إن كان من النادر أن نعثر على حكم أو قرار صادر عن القضاء الجزائري يشير إلى مثل هذه‬
‫المسألة‪ ،‬فإنه بالمقابل نجد العديد من أحكام القضاء الفرنسي تناولتها‪ ،‬فقد اعتبر القضاء الفرنسي أن‬
‫للعامل كامل الحرية في حياته العاطفية‪ ،9‬وأن فصل العاملة بسبب زواجها من منافس لمشغلها يعد‬
‫بمثابة فصل تعسفي‪.2‬‬
‫كما أكد القضاء أن للعامل كامل الحرية في شراء المواد والسلع التي يشاء معتبرا أن شراء‬
‫سيارة من غير الذي يبيعه صاحب العمل ال يعتبر سببا مبررا للفصل‪ ،3‬كما ال يمكن لصاحب العمل‬
‫تحت طائلة البطالن أن يصرح بأي فصل لسبب له عالقة بآراء العامل السياسية أو الدينية‪ ،‬أو لها‬
‫في أمواله‪ ،‬فقد‬ ‫صلة بحياته الخاصة‪ ،4‬وأنه حر في اختيار مسكنه أو مكان إقامته‪ ،3‬أو التصر‬
‫صدر حكم بعدم صحة تسريح عامل بنك بعدما أعطى شيكا من ماله الخاص لإلذاعة المحلية‪ ،9‬وفي‬
‫حكم آخر قضت أن الفعل الذي أقدم عليه العامل ال يعتبر خطئا مهنيا‪ ،‬وهو إيواء أجنبي من دون‬
‫تسريح ألسلطات رغم أنه يعتبر خطئا من وجهة القانون العام إال أنه متعلق بحياة العامل الخاصة‪.1‬‬
‫في القضاء الجزائري أقرت المحكمة العليا في قضية إصدار العامل شيد بدون رصيد أن‬
‫العامل ارتكب الفعل خارج إطار عالقة العمل‪ ،‬حيث جاء في حيثياته "‪...‬حيث أن قاضي الدرجة‬
‫وبرّر حكمه على كون إصدار‬ ‫األولى حلل بما فيه الكفاية حكمه‪،‬إذ أنه رد على دفوع الطرا‬
‫المدعي عليه كان خارج عالقة العمل التي تربطه بالمستخدم وأشار‬ ‫الشيك بدون رصيد من طر‬
‫الى المادة ‪ 13‬من القانون ‪ 21/19‬المؤرخ في ‪ 9119/19/29‬المتمم والمعدل للقانون ‪ 99/11‬التي‬
‫تشترط أن تكون األفعال المنسوبة للعامل تكون حتما مرتكبة أثناء العمل حتى تشكل خطأ‬
‫مهنيا‪.1"...‬‬
‫غير أن حرية العامل خارج إطار العمل تبقى مقيدة بحدود أي شريطة أن ال يلحق تصر‬
‫العامل خارج مكان وتوقيت العمل ضررا بالمؤسسة المستخدمة أو يعرقل نشاطها‪ ،‬وينطبق هذا‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass.soc, 17 Avril 1991, Dr. Soc.1991, p 489.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 5 Nov 1991, R.J.S, N°4411.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc 22 janv 1992, Dr.soc 1992 n° 334, R.T.D; Janv.2004, p 28.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Bernard GAURIAU, La nullité du licenciement et la personne du salarié, Dr.soc.n° 9/10 Septembre-Octobre‬‬
‫‪1993, p 740.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 12 Janv.1999, bull.civ.V, N° 07 ; R.T.D; Janv.2004, p 28‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Cass.soc, 12 Juin.1999, bull.civ.V, N° 30 ; R.T.D; Janv.2004, p 28‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Cass.soc, 14 Jmai.1997, bull.civ.V, N° 175 ; 16 dec.1997, n° 441.‬‬
‫‪ 1‬قرار المحكمة العليا بالجزائر رقم ‪ 911111‬الصادر في ‪93‬فيفري ‪ ،2111‬المجلة القضائية للمحكمة العليا الجزائرية العدد ‪9‬‬
‫لسنة ‪.2112‬‬

‫‪934‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الشرط على الحاالت التي نص عليها القانون كاألخطاء التي تقع خارج أوقات العمل ويمتد أثرها‬
‫إلى العمل نفسه مثل إفشاء سر المهنة أو المنافسة غير المشروعة‪ ،‬أو تعاطي المخدرات والكحول‪.‬‬
‫قضت الغرفة االجتماعية بفرنسا أيضا بإمكانية المستخدم في معاقبة العامل على أساس الخطأ‬
‫الشرطة وهو في حالة سكر أثناء القيادة‪،‬‬ ‫في قضية تسريح سائق شاحنة بعد توقيفه من طر‬
‫كان خارج توقيت العمل إال أنه انعكس بالسلب على المؤسسة التي تضع‬ ‫بالرغم من أن التوقي‬
‫تحت قيادته مسؤولية نقل بضائع تكلفها الكثير‪. 9‬‬
‫يتجسد أيضا هذا الشرط في حالة ما إذا ظل العامل حتى خارج أوقات العمل يمثل المؤسسة‪،‬‬
‫أو أن المؤسسة ذات مبادىء لصيقة بشخص العامل وتتعدى مكان العمل إلى الحياة الشخصية‬
‫االجتهاد القضائي الفرنسي لصاحب العمل بعقاب العامل الذي‬ ‫للعامل‪ ،‬في هذا الصدد اعتر‬
‫ار تكب خطأ خالل حياته الشخصية خارج عالقة العمل إذا كانت المؤسسة ذات نزعة أو توجه‪،2‬‬
‫وهو ما جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية أقرت فيه عقوبة التسريح لمعلمة تعمل في مؤسسة‬
‫تعليمية ذات توجه ديني كاتوليكي إثر تزوجها بعد أن قامت بالطالق وهو الشيء الممنوع في الديانة‬
‫المسيحية‪ ، 3‬ونفس الحكم صدر عن محكمة القاهرة في قضية جمع العامل المسيحي باليطريكية‬
‫لزوجتين‪ ،‬والذي كان يعمل بمؤسسة إنتاج تابعة لها‪.4‬‬
‫في مثل هذا النوع من المؤسسات التابعة لألحزاب السياسية أو الجمعيات‪ ،‬أو المؤسسات ذات‬
‫الطابع الديني أو التعليم الديني‪ ،‬يمكن للمستخدم أن يفرض على العامل أن ال يرتكب أخطاء حتى‬
‫أثناء حياته الشخصية نظرا ألن هذه المبادىء لصيقة بالعمل‪ ،‬ويجب إلتمام العمل على الوجه الحسن‬
‫أن يحترم هذه المبادىء ولو اثناء حياته خارج المؤسسة‪.3‬‬

‫‪9‬‬
‫‪A Cour de cassation a admis que « le fait pour un salarié affecté en exécution de son contrat de travail à la‬‬
‫‪conduite de véhicules automobiles, de se voir retirer son permis de conduire pour des faits de conduite sous‬‬
‫‪l’emprise d’un état alcoolique, même commis en dehors de son temps de travail, se rattache à sa vie‬‬
‫‪professionnelle» et justifie un licenciement pour faute. (Cass. soc., 2 déc. 2003, no 01-43.227. De même pour‬‬
‫‪des propos à caractère sexuel tenus en dehors du temps de travail avec des personnes avec lesquelles le‬‬
‫‪salarié est en relation de travail : Cass. soc, 19 oct. 2011, no 09-72.672. Ou encore s’agissant de la‬‬
‫‪consommation de drogue pendant les escales pour un personnel navigant commercial : Cass. soc., 27 mars‬‬
‫‪2012, no 10-19.915).‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Dans le cadre particlier des entrprises dites de tendance dans ces entreprises « une idéologie, une morale,‬‬
‫‪une philosophie ou une politique est extrêmement prônée. Autrement dit, l’objet essentiel de l’activité de ces‬‬
‫‪entreprises est la défense et la promotion d’une doctrine ou d’une éthique » .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Ass. Plén., 19 mai 1978, pourvoi n°76-41211, Bull. civ. des arrêts Cour de Cassation Assemblée‬‬
‫‪plénière N. 1 P 1.‬‬
‫‪ 4‬حكم صادر عن محكمة القاهرة بتاريخ ‪ ،9193/13/13‬مذكور في‪:‬همام محمود زهران‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪ 3‬بن بدرة عفيف‪ ،‬النظام التأديبي في المؤسسة‪ ،‬رسالة ماجيستر تخصص قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫وهران‪ ،2191 ،‬ص ‪.942‬‬

‫‪933‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 2‬حماية الحريات العامة للعامل‬


‫عديدة اتجاه ذاته واتجاه الغير‪،‬‬ ‫الحياة التي يمارسها العا مل خارج االطار المهني تتسع لمواق‬
‫فردية أو اتجاه المجتمع تعكس تفاعله مع من حوله‪ ،‬فتظهر حريات عديدة‪ ،‬مثل حرية الرأي‬ ‫مواق‬
‫والتعبير‪ ،‬وحرية المعتقد‪ ،‬عالقات إنسانية مختلفة‪...‬الخ‪.9‬‬
‫حاولت التشريعات المقارنة أن تؤمن حد أدنى من الحماية للعمال في العديد من المؤسسات‬
‫االقتصادية حيث سلطة التبعية‪ ،‬فيستمد المستخدم سلطته على العامل ليصل إلى حد التدخل في‬
‫الحياة الخاصة له ومنعه من الحريات العامة التي يضمنها له الدستور‪.2‬‬
‫أقر الدستور الجزائري لسنة ‪ 9119‬في مادته ‪ 21‬أن كل المواطنين سواسية وال يمكن أن‬
‫يتذرع بأي تمييز عرقي أو حسن الرأي أو أي شرط شخصي أو اجتماعي‪ ،‬أما المادة ‪ 34‬منه‬
‫فنصت على أنه يعاقب على المخالفات المرتكبة ضد حقوق وحريات المواطنين‪ ،‬وجاء في المادة ‪1‬‬
‫منه أن ال يجوز للمؤسسات أن تقوم بالممارسات االقطاعية والجهورية والمحسوبية‪ ،‬إقامة عالقة‬
‫استغالل وتبعية‪...‬الخ‪ ،‬كما أن الحريات العامة للعامل تحضى بحماية في تشريع العمل الجزائري إذ‬
‫ورد في نص المادة ‪ 11‬من قانون عالقات العمل رقم ‪ " 99/11‬تعد الشروط الواردة في النظام‬
‫الداخلي التي تلغي حقوق العمال أو تحد منها ال غية وعديمة المفعول"‪.3‬‬
‫القضاء الفرنسي وفي هذا الصدد أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكما‬ ‫أما عن موق‬
‫قضائيا اعتبر شهادة العامل أمام المحكمة ال يعتبر سببا جديا وحقيقيا للتسريح ضمن حرية التعبير‬
‫في استعمال الحق‪.4‬‬ ‫خارج المؤسسة إال في حالة التعس‬
‫في مجرى مغاير أقرت محكمة النقض الفرنسية بمناسبة تسريح قام به البنك‪ ،‬أن األحداث‬
‫منها‬ ‫الصادرة من العامل ال تعتبر متعلقة بحياته الخاصة‪ ،‬وإنما بحياته المهنية عندما كان الهد‬
‫مغالطة مصالح الهيئة المستخدمة‪ ،‬وهذا االجتهاد كرس أبقى على مبدأ التوفيق بين عالقة التبعية‬
‫للمستخدم والحريات العامة للعمل‪.3‬‬
‫يكون إنهاء عقد العمل لحاالت تمس بحرية العمل كحرية العقيدة أو النقابية أو التعبير أو تلك‬
‫اللصيقة بالعامل إنهاء غير مشروع إذا لم يتعدى العامل حقوقه‪ ،‬كما ال يجوز للمستخدم التدخل في‬

‫‪ 9‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪ 2‬دنيا مبارك‪ ،‬الوجيز في القانون االجتماعي‪ ،‬مطبعة دار النشر الجسور‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬المغرب‪ ،9111 ،‬ص ‪.921‬‬
‫‪ 3‬تقابلها في قانون العمل الفرنسي المواد ‪L122-45, L122-135, 120-35 :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.soc 11 Déc.1991, R.J.S, 2/92, N°199, p 94.‬‬
‫‪ 3‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.944‬‬

‫‪939‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الحياة الشخصية للعامل وبالتالي فاإلنهاء غير مشروع إذا كان سببه لصيق بحياة العامل لكن يجوز‬
‫استثناء االعتداد باألمور الشخصية للعامل إذا كان من شأنها التأثير على العمل والمؤسسة‪.9‬‬
‫إذا األصل أن ممارسة الحرية في مجاالتها المختلفة ال تؤثر بشكل جاد وحقيقي على صاحب‬
‫العمل أو على الهيئة المستخدمة‪ ،‬فليس له أن يعتمد أو يستند ألي من األفعال المختلفة التي تعكس‬
‫ممارسة العامل لحرياته سعيا إلنهاء عالقته باألخير‪ ،‬وعدم تأثر الحياة المهنية لعامل بما يحدث‬
‫خارج نطاقها‪ ،‬وأن مثل هذا التدخل من صاحب العمل ما كان ليسمح به لو أن ممارسة العامل‬
‫المهني في االطار غير المهني كانت أبعد من أن تؤثر على اإلطار المهني للمؤسسة‪.4‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء الغياب المشروع عن العمل‬
‫الغياب المشروع هو الغياب الذي يخصص فيه القانون للعامل مواعيد مدفوعة األجر‪ ،‬ينقطع‬
‫فيها عن العمل تحت مسمى أيام الراحة والعطل‪ ،‬حيث أعطى المشرع الجزائري للراحة وأيام‬
‫الراحة القانونية‪ ،3‬إذ نص في المادة ‪ 33‬من القانون رقم‪ 99/11‬ما‬ ‫األعياد والعطلة السنوية وص‬
‫يلي «يعتبر يوم الراحة األسبوعية وأيام األعياد والعطل أيام راحة قانونية»‪ ،‬إلى جانب الغياب‬
‫المدفوع األجر‪ ،‬هناك الغياب الخاص بدون أجر‪ ،‬وقد عبر المشرع الجزائري عن سبب الغياب‬
‫الخاص بالحاجة الماسة للغياب‪ ،‬بينما عبر عنها المشرع الفرنسي بالغياب ألسباب شخصية‪.‬‬
‫‪ - 1‬حماية الحياة الخاصة أثناء فترات الراحة والعطل‬
‫إذا كان العامل يخضع لتبعية صاحب العمل بمناسبة ممارسته لنشاطه المهني أثناء تواجده في‬
‫مقر العمل وأثناء الوقت العادي الذي يفرض عليه القيام بمثل هذا النشاط‪ ،‬فإنه يستفاد من ذلك‬
‫ضمنيا أن العامل يسترد كامل حريته بعد مغادرته للمؤسسة على إثر انتهاء الوقت المحدد للعمل‪.4‬‬
‫‪ -9-9‬حماية الحياة الخاصة أثناء فترات الراحة‬
‫قضاء أوقات الراحة أو الفراغ مظهر من مظاهر الحياة الخاصة سواء كان في مكان خاص‬
‫أو عام‪ ،3‬حيث يندرج في إطار ترك العامل يمارس حياته دون تدخل وإزعاج‪ ،9‬وتسمي التشريعات‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واالخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.291 ، 291‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪.31 ،‬‬
‫‪ 3‬رحوي فؤاد‪ ،‬وضعية العامل المتغيب داخل المؤسسة‪ ،‬تخصص القانون االجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم الساسية‪ ،‬جامعة وهران‪،4102 ،‬‬
‫ص ‪.9‬‬
‫‪ 4‬محمد كشبورا ‪ ،‬عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،9113‬ص ‪.991‬‬
‫‪ 3‬االطالع على هذا الموضوع في الفصل االول‪ ،‬المبحث األول‪ ،‬المطلب الثاني‪ ،‬الفرع الثاني بمناسبة دراسة عناصر الحياة الخاصة المتفق‬
‫عليها‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Guy Lautier, Durée du travail, congés payés, repos, absences, temps partiel: vous êtes employeur ou salarié,‬‬
‫‪quels sont vos droits et vos devoirs?, Maxima Laurent du Mesnil 2000, p 253.‬‬

‫‪931‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العمالية بما فيها التشريع الجزائري الغياب القانوني بالراحة والعطلة السنوية‪ ،9‬فهو ال يستند إلى‬
‫تبرير كما هو الشأن في الغيابات المبررة‪.2‬‬
‫إنَ ترك الحرية المطلقة للمستخدم في تنظيم وقت العمل‪ ،‬قد يجعله يشغل العامل أطول وقت‬
‫ممكن‪ ،‬ويستغله استغالال سيئا وتفاديا لذلك وتحقيقا لمصلحة العامل االجتماعية والصحية باعتباره‬
‫في عالقة العمل‪ ،‬قام المشرع بتحديد وقت العمل اليومي واألسبوعي‪ ،‬وألزم‬ ‫الضعي‬ ‫الطر‬
‫المستخدم بتخصيص فترات لراحة العمال على مدار اليوم أو األسبوع‪. 3‬‬
‫نصت المادة ‪ 11‬من األمر رقم ‪ 13/11‬المتعلق بالمدة القانونية للعمل على أن ال تتجاوز مدة‬
‫العمل اليومي الفعلي في أي حال من األحوال أثنتا عشرة ‪ 92‬ساعة‪ ،4‬في حين يرى الفقه الفرنسي‬
‫صاحب العمل مع التزامه بأوامره‬ ‫أن العمل الفعلي هو الفترة التي يقضيها العامل تحت تصر‬
‫التوجيهية‪ ،‬دون أن يتمكن من ممارسة الشؤون الشخصية له‪.3‬‬
‫عرفت منظمة العمل الدولية أوقات العمل بأنها ذلك الوقت الذي يكون فيه العامل تحت تصر‬
‫المستخدم‪ ،‬ويلتزم بتنفيذ العمل وفق توجيهات المستخدم دون أن تكون له سلطة التفرغ لالهتمامات‬
‫اعتمده المشرع الفرنسي في المادة ‪ L292-4‬من قانون العمل إذ عر‬ ‫الشخصية‪ ،9‬ونفس التعري‬
‫أوقات العمل بأنها تلك األوقات التي يكون من خاللها العامل رهن إشارة المستخدم‪.1‬‬
‫فيها عن العمل‬ ‫أقر المشرع الجزائري أحقية العامل لساعة واحدة في اليوم للراحة‪ ،‬يتوق‬
‫وتسمى باإلستراحة من خالل نص المادة ‪ 19‬من األمر ‪ 13/11‬المتعلق بالمدة القانونية للعمل‪،‬‬
‫وحدد وقت استحقاقها في المرسوم التنفيذي ‪ ،244/11‬حيث نصت المادة ‪ 13‬منه على أن "تخصص‬
‫ساعة واحدة لإلستراحة بين الثانية عشر والساعة الواحدة بعد الزوال"‪ ،1‬مع العلم أنه اعتبر نص‬
‫ساعة من فترة اإلستراحة فترة مأجورة‪ ،‬تدخل في حساب المدة الفعلية للعمل‪.‬‬
‫تعتبر فترة اإلستراحة من النظام العام‪ ،‬ال يجوز التنازل عنها‪ ،‬أو االتفاق على ما يخالفها‪،‬‬
‫الذكر لم يبين الهد‬ ‫ويتضح أن المشرع الجزائري من خالل المادة ‪ 19‬من القانون ‪ 13/11‬السال‬

‫‪ 9‬رحوي فؤاد‪ ،‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪.1‬‬


‫‪ 2‬مهدي بخدة‪ ،‬التنظيم القانوني ألوقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬اإلسكندرية مصر‪ ،2193‬ص‪.11‬‬
‫‪ 3‬أحمد شوقي محمد عبد الرحمان‪ ،‬شرح قانون العمل الجديد والتأمينات االجتماعية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬باالسنكدرية‪،2111 ،‬‬
‫ص‪.931‬‬
‫‪ 4‬األمر رقم ‪ 13/11‬المؤرخ في ‪ 9111/19/99‬المتعلق بالمدة القانونية للعمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 13‬لسنة ‪ ، 9111‬ص ‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Genre et Soc Travail , L'emploi est-il un droit, ISSN,Ed L'Harmattan,Paris France 1999, p95.‬‬
‫‪ 9‬المادة ‪ 9‬من اتفاقية منظمة العمل الدولية لسنة ‪ 9131‬بشأن ساعات العمل (التجارة والمكاتب)‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Art L 212-4 C.T.fr : «temps pendant lequel le personnel est à le disposition de l’employeur ».‬‬
‫‪ 1‬المرسوم التنفيذي ‪ 244/11‬المؤرخ في ‪ ،2111/11/ 22‬المعدل للمرسوم ‪ 31/11‬المؤرخ في ‪ ،9111/13/11‬المحدد لساعات‬
‫وتوزيعها خالل األسبوع في قطاع المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 44‬لسنة ‪.2111‬‬

‫‪931‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫منها‪ ،‬والمتمثل في‬ ‫التشريعات المقارنة التي بينت معظمها الهد‬ ‫من فترة اإلستراحة‪ ،‬على خال‬
‫المشرع اليمني إلى جانب هذين الهدفين هدفا‬ ‫تناول الغذاء وأخذ قسط من الراحة المعتبرة‪ ،‬ويضي‬
‫ثالثا يتمثل في تأدية الصالة‪ ،9‬من أجل عدم حرمان العامل المسلم من واجبه الديني والمتمثل في‬
‫أداء فرضة الصالة‪.2‬‬
‫كما أن الراحة األسبوعية حق يستفيد منه كافة العمال مهما كانت طبيعة عملهم‪ ،‬ومهما كانت‬
‫مدة عقد عملهم‪ ،‬ألهميتها الصحية واالجتماعية للعامل‪ ،‬فال يمكن لصاحب العمل أثناء أوقات الراحة‬
‫التدخل لمنع العامل من المشاركة في الدورات الرياضية أو المباريات‪ ،‬أو فرق موسيقية‪ ،3‬يتضح‬
‫إذن أنَ أوقات العمل تنتهي عندما تنتهي عالقة التبعية‪ ،‬وبالتالي تبدأ األوقات ذات الطابع الشخصي‪،‬‬
‫إال أنَ ه مع ذلك تطرح اشكاالت عديدة على المستوى العملي‪ ،‬حيث يبرز التداخل بين أوقات العمل‬
‫واألوقات الشخصية‪.‬‬
‫من بين القضايا المطروحة على القضاء االجتماعي الفرنسي في هذا الجانب نجد قضية السيد‬
‫بالبيعات داخل المؤسسة‪ ،‬الذي تم فصله من قبل‬ ‫" ‪ "Denis.G‬البالغ من العمر‪ 41‬سنة‪ ،‬مكل‬
‫للنظام الداخلي خاصة البند المتعلق‬ ‫والمخال‬ ‫المستخدم في يناير ‪ ،2111‬بسبب استعماله المنحر‬
‫بالولوج الى االنترنت‪ ،‬وذلك بقيامه بالدخول الى مواقع إباحية‪ ،‬واعتبرت هذه المخالفة خطأ جسيما‬
‫من شأنه أي يلحق ضرراً فادحاً بصورة وسمعة المؤسسة على اعتبار أنه العامل مسير وله تجربة‬
‫كبيرة ومن المفروض فيه أ ن يكون نموذجا يحتدى به في االنضباط واالستقامة داخل العمل‪ ،‬كما‬
‫كيفت تصرفاته هذه بأنها خرقا ومخالفة لقواعد التسيير ومبادئ االستقامة‪.‬‬
‫(‪،)1:31‬‬ ‫تبين أنَ أوقات وُلوجِه إلى هذه المواقع تمت في ‪ 9111/91/11‬بعد الثامنة والنص‬
‫(‪ ،)99:21‬وقد‬ ‫وأيضا في التاسع من أكتوبر ‪ 9111‬من الساعة الحادية عشر إلى الرابعة والنص‬
‫رفض مجلس الخبراء لـ ‪ Nantene‬اعتبار أن الفصل كان تعسفيا‪ ،‬ولو كان الخطأ المرتكب جدي‬
‫وواقعي‪ ،‬إال أنَ قضاة فرساي ‪ Versailles‬رجعوا إلى أجندة ‪ 9111‬وتأكد لهم أنَ الثامن والتاسع‬
‫من أكتوبر موافق ليومي الراحة األسبوعية‪ ،‬كما أن استعمال األنترنت تم بمنزل العامل خارج‬
‫أو قات العمل‪ ،‬وأنه تم خالل األوقات المخصصة للحياة الخاصة والعائلية‪ ،‬كما تبين لهم أن المؤسسة‬
‫لهم باالستعمال‬ ‫المعنية ترخص لمدرائها العاملين بأخذ الحاسوب المتنقل إلى منازلهم‪ ،‬وتعتر‬

‫‪ 9‬المادة ‪ 19‬من قانون العمل اليمني‪.‬‬


‫‪ 2‬رحوي فؤاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 3‬انظر المرسوم التنفيذي رقم ‪ 419/19‬المؤرخ في ‪ 14‬ديسمبر ‪ 9119‬الذي يحدد كيفيات ضبط التوقيت اليومي للعمل والترخيص‬
‫بالغيابات الخاصة مدفوعة األجر لرياضيي الطليعة والنخبة ولمستخدمي التأطير الذين يعملون حسب التوقيت الجزئي داخل هياكل‬
‫تنظيم المنظومة الوطنية للتربية البدنية والرياضية وتنشيطها‪.‬‬

‫‪931‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الشخصي باستثناء أثناء أوقات تنفيذ العمل‪ ،‬أما أوقات الراحة فال مانع في ذلك دون حاجة إلى طلب‬
‫العامل لرخصة االستعمال‪.9‬‬
‫كما أن القانون أعطى الحق للعامل في الغياب المبرر شريطة إعالم صاحب العمل لممارسة‬
‫حياته الشخصية في حالة حدث من األحداث العائلية؛ زواج العامل ووالدة مولود له‪ ،‬زواج أحد‬
‫فروعه‪ ،‬وفاة أحد أصوله أو فروعه أو زوجه‪ ،‬أو أحد أصول أو فروع زوجه‪ ،‬وفاة زوج العامل‪،‬‬
‫ختان ابن العامل والعطلة محدّدة بثالثة أيام في كل هذه الحاالت‪ ،‬كما يستفيد العامل من عطلة لتأدية‬
‫فريضة الحج إلى البقاع المقدسة‪ ،‬مرة واحدة خالل الحياة المهنية للعامل‪ ،‬غير أننا نجد أن بعض‬
‫االتفاقيات الجماعية تشترط موافقة صاحب العمل على هذا الغياب الخاص‪.2‬‬
‫‪ - 2- 1‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء العطل‬
‫إن الحق في العطلة السنوية متعلق بالنظام العام‪ ،‬سواء فيما يتعلق باستحقاقها أو بمدتها‪ ،‬ومن‬
‫ثم ال يجوز التنازل عنها صراحة أو ضمنا‪ ،‬سواء كان التناول كليا أو جزئيا‪ ،‬اعتبر المشرع‬
‫الجزائري العطلة السنوية ضرورة تطلبها المصلحة العامة وليست مجرد مصلحة العامل الشخصية‪،‬‬
‫وأي اتفاق مسبق يقضي بحرمان العامل منها يعد باطال وعديم األثر‪ ،‬ولو كان بمقابل‪.3‬‬
‫في هذا اإلطار نصت المادة ‪ 31‬من القانون ‪ 99/11‬على أنَ لكل عامل الحق في عطلته‬
‫السنوية مدفوعة األ جر يمنحها إياه المستخدم‪ ،‬وكل تنازل من العامل عن كل عطلته أو عن بعضها‬
‫يعد باطال وعديم األثر ‪ ،‬فالمصلحة التي رعاها المشرع عندما قرر العطل هي مصلحة نفسية بدنية‬
‫قصد استرداد العامل لقواه والمحافظة عليها‪.4‬‬
‫صاحب العمل عن موطن العامل بدون موافقة‬ ‫قررت محكمة النقض الفرنسية بأن كش‬
‫األخير يعتبر اعتداء على حياته الخاصة‪ ، 3‬ولكنه إذا كان من حق العامل مثل أي شخص آخر‪ ،‬أن‬
‫تحقيق غرض غير‬ ‫يخفي موطنه أو مكان إقامته عن الغير‪ ،‬فإن ذلك ال يجب أن يكون بهد‬
‫مشروع وهو التخلص من تنفيذ التزاماته ومنع دائنيه من تحصيل حقوقهم‪ ،‬ولهذا قضت محكمة‬
‫النقض بأن قاضي األمور المستعجلة يمكنه أن يأمر صاحب العمل بتمكين الدائنين من هذا البيان‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Jean-Emnaruel RAY, Temps professionnel et Temps personnels ,Revue droit social , France, N° 1,‬‬
‫‪Janvier 2114 ,p 59.‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 919‬من االتفاقية الجماعية لمؤسسة سونلغاز‪.‬‬
‫‪ 3‬غالب علي الداودي‪ ،‬شرح قانون العمل (دراسة مقارنة)‪،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬عمان األردن‪ ،2199‬ص‪.933‬‬
‫‪ 4‬ناهد العجوز‪ ،‬الحماية الجنائية للحقوق العمالية في قانون العمل في مصر والدول العربي‪ ،‬منشأة المعرف‪ ،‬االسكندرية‪،9119 ، ،‬‬
‫ص ‪.219‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Civ. Nov 1990, D 1991, Jur. p 353, note prévault.‬‬

‫‪941‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بل يستطيع أن يجبره على دفع غرامة عند التأخير في تنفيذ أمره‪ ،‬وال يقبل ادعاء العامل عندئذ‬
‫باالعتداء على حياته الخاصة‪.9‬‬
‫كما ساير القضاء الفرنسي هذا اإلتجاه فذهبت محكمة باريس‪ 2‬أن يعد اعتداء على الحياة‬
‫عن المكان الذي يقضي فيه إجازته‪ ،‬في حين رفضت محكمة النقض‬ ‫الخاصة لإلنسان الكش‬
‫الفرنسية تمسك مهندس معلومات بوجوب إعادته للعمل‪ ،‬حيث تم فصله ألنه رفض العودة للعمل‬
‫وتمسك بحقه في قضاء أوقات الفراغ إعماال لنص المادة التاسعة من القانون المدني الفرنسي‪.3‬‬
‫إلى جانب العطلة السنوية يتمتع العامل أيضا بحقه في االجازات العارضة التي تتحدد بستة‬
‫يأم خالل السنة تحسب من العطل السنوية والمقررة للعامل‪ ،4‬وترجع حكمة تقرير هذه اإلجازة‬
‫خارجية تقتضي أو تؤدي إلى عدم تمكنه من‬ ‫لتمكن العامل من مواجهة ما قد يطرأ عليه من ظرو‬
‫تخص العامل وحده‪ ،3‬ومن ثم يقرر الفقه عدم مراقبة صاحب‬ ‫الذهاب إلى العمل وهذه الظرو‬
‫العمل لسبب غياب العامل أو تقدير مالئمته‪.9‬‬
‫يمثل التزام العامل بعدم منافسة العامل قيدا على حرية العامل‪ 1‬في ممارسة أي نشاط مهني‬
‫آخر خارج اطار عالقة العمل أثناء أوقات الفراغ‪ ،‬فالمبدأ أن العامل له حرية العمل في أوقات‬
‫الفراغ لكن شريطة أن تكون حريته مقيدة بأال يكون عمله الجديد منافسا لعمل مستخدمه‪ ،‬أو كان من‬
‫شأنه أن يحول زبناء المستخدم عن التعامل مع هذا األخير‪ ،‬كما أنه يقتضي تنفيذ عقد العمل بحسن‬
‫نية التزام العامل بالمحافظة على أسرار المؤسسة وعدم منافسة العامل لمستخدمه من خالل العمل‬
‫لدى مستخدم منافس أثناء وقت الفراغ‪.‬‬
‫ال يعني االلتزام الضمني بعدم المنافسة تسخير العامل أو استعباده لمصلحة صاحب العمل‪،‬‬
‫والدساتير‪ ،‬إذ‬ ‫األعرا‬ ‫أواحتكار نشاطه‪ ،‬أو إلغاء حياته الخاصة و حريته في العمل بما يخال‬
‫يكون للعامل الحق في االستفادة من أوقات فراغه على النحو الذي يرضيه سواء بالعمل لحسابه‬

‫‪9‬‬
‫‪Civ 19 mars 1991, D .1991, p. 568, note Velardocchio, Dans le même sens JCP 1988, II, n°20957, obs. P.‬‬
‫‪Auvret ; 8 avr. 1988, TGI. Paris, D. 1988, p 135.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Voir cass. ch.soc 27 Nov 1991, Droit social- Janvier 1992, p 79.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art 9 du C.civ.fr : « Chacun a droit au respect de sa vie privée ».‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 31‬من قانون العمل المصري‪ « :‬للعامل أن ينقطع عن العمل لسبب عارض لمدة ال تتجاوز ستة أيام خالل السنة‬
‫أيام‪...‬وتحسب من االجازة السنوية المقررة للعامل »‪.‬‬
‫‪ 3‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬العمل عن بعد‪ ،‬ذاتيته‪ ،‬تنفيذه‪ ،‬دراسة تأصيلية تحليلية في ضوء القواعد العامة لقانون العمل‪ ،‬دار الكتب‬
‫القانوية‪ ،‬مصر‪ ،2191 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 9‬محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬دار الوفاء القانونية‪ ،‬ط‪ ،9‬االسكندرية‪ ،.2191 ،‬ص ‪.913‬‬
‫‪ 1‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.499‬‬

‫‪949‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ذلك‪ ،‬أو يكون في العمل اآلخر‬ ‫أو بالعمل لحساب الغير ما لم يتفق صاحب العمل معه على خال‬
‫منافسة لصاحب العمل األول‪.9‬‬
‫في القانون الفرنسي‪ ،‬للعامل – دون أن يتجاوز الحد األقصى المسموح به لساعات العمل‬
‫المأجور‪ -2‬أن يجمع بين عدة أعمال أو وظائ ‪ ،‬فالمشرع الفرنسي يحظر القيام بأعمال تتجاوز‬
‫الحد األقصى لفترة تشغيل العامل المسموح بها وليس بإبرام أكثر من عقد عمل‪.‬‬
‫أما في ما يخص حماية الحياة الخاصة للمرأة العاملة‪ ،‬فإنه ال يمكن أن يشكل الحمل أو الغياب‬
‫أثناء عطلة األمومة سببا مقبوال لوضع حد لعالقة عمل العاملة‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه منظمة العمل‬
‫الدولية في اتفاقيتها المتعلقة بالتسريح قم ‪ 931‬لسنة ‪ ،9112‬وأيضا االتفاقيتين رقم ‪ 919‬و ‪913‬‬
‫المتعلقتان على التوالي بالعمل الليلي وحماية األمومة‪ ،‬إذ ال يصح فصل أو توجيه االخطار بالفصل‬
‫للمرأة العاملة أثناء مدد الحماية المقررة لصالح األمومة‪.‬‬
‫أكدت التشريعات على حق المرأة في إجازة الوضع وإجازة تربية طفل وتحديد ساعات‬
‫الرضاعة وإنشاء دور للحضانة‪ ،3‬ومشروع قانون العمل الجزائري الجديد تضمن هو اآلخر نصا‬
‫يحمي مارسة المرأة العاملة لحياتها الخاصة داخل أماكن العمل من خالل نصه في المادة ‪ 19‬منه‬
‫على حقها في االستفادة من مرافق الرضاعة الطبيعية داخل أماكن العمل‪.4‬‬
‫ورد في نص المادة ‪ 9‬من اإلتفاقية الدولية رقم ‪ 913‬لسنة ‪ 9132‬على أنه ال يجوز قانونا أن‬
‫ينذر صاحب العمل بفصل امرأة متغيبة عن عملها في إجازة األمومة الممنوحة لها‪ ،‬كما نصت‬
‫اتفاقية العمل العربية رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 9199‬في مادتها ‪ 99‬على أن يعتبر فصل العاملة خالل مدة‬
‫تغيبها في إجازة األمومة فصال تعسفيا ما لم يثبت إشتغالها في مؤسسة أخرى خالل هذه االجازة‪،‬‬
‫وأكدت االتفاقية العربية رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 9119‬في مادتها ‪ 92‬على حظر فصل العاملة أثناء حملها‬
‫أو قيامها بإجازة الوضع أو أثناء إجازتها المرضية بسبب الحمل أو الوضع‪.‬‬
‫على إثر انتهاء تدابير الحماية المقررة لصالح المرأة العاملة بسبب األمومة تخولها القواعد‬
‫الدولية والوطنية الحق في االلتحاق من جديد بمنصب عملها األصلي أو منصب مماثل مع تقاضي‬

‫‪9‬‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.991‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art L324-2 du C.civ.fr :» Aucun salarié des professions industrielles, commerciales, artisanales ou‬‬
‫‪agricoles ne peut effectuer des travaux rémunérés relevant de ces professions au-delà de la durée maximale‬‬
‫‪du travail, telle qu'elle ressort des lois et règlements en vigueur dans sa profession «.‬‬
‫‪ 3‬ناهد العجوز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art 86 - P.C.T.A : «Durant les périodes pré et postnatales, les femmes travailleuses bénéficient du congé de‬‬
‫‪maternité conformément à la législation en vigueur.Elles peuvent bénéficier également de facilités liées à la‬‬
‫»…‪période d’allaitement‬‬
‫انظر النص الكامل للمادة ‪ 19‬من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد‪ ،‬الملحق رقم ‪.12‬‬

‫‪942‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫األجر نفسه‪ ، 9‬وتعتبر األحكام الخاصة بحماية األممومة من النظام العام وتعرض صاحب العمل‬
‫الذي يخالفها للعقوبة وتعويض من وقعت المخالفة بشأنها‪.2‬‬
‫في سياق حماية الحياة الخاصة للمرأة العاملة أصدرت الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض‬
‫الفرنسية سنة ‪ 2111‬قرارا تقضي فيه أنه يمكن لألم العاملة أن ترفض تنفيذ شرط التنقل من مكان‬
‫بها كإحدى الحريات األساسية‪.‬‬ ‫العمل الذي ينتهك حقها في الحياة األسرية العادية المعتر‬
‫أل نَ مثل هذا الرفض من جانب العامل على أساس المادة ‪ L1121-1‬من قانون العمل ال‬
‫يمكن أن يعاقب عليه تحت طائلة البطالن‪ ،3‬هذا وقد أصدرت محكمة النقض العديد من األحكام غير‬
‫قابلة لتنفيذ التنقل‪ ،‬ومع ذلك تبقى الحق في الحياة الشخصية واألسرية العادية كمظهر من مظاهر‬
‫الحي اة الخاصة هي اإلستثناء‪ ،‬والمبدأ هو قدرة صاحب العمل على تنفيذ مثل هذا الشرط عندما يتم‬
‫تضمينه في عقد العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء تعليق عالقة العمل‬
‫إن الرابطة القانونية العامل بالمؤسسة من حيث المبدأ تستمر بين الطرفين بالرغم من تعليق‬
‫عالقة العمل‪ ،‬وال تأثير لذلك على العامل باعتباره لم يعد متواجدا بالمؤسسة‪ ،‬كما أن السلطة‬
‫التأديبية للمستخدم هي األخرى تعلق خالل هذه مدة التعليق إال إذا ارتكب العامل خطأ له عالقة‬
‫بالعمل‪ ،‬إذ تبقى الحياة الخاصة محل اهتمام واعتبار في التشريعات وال يحق لصاحب العمل التدخل‬
‫فيها وإنهاء عالقة عمله لسبب راجع لممارسة حقه في الحياة الخاصة‪.‬‬
‫‪ -9-2‬تعليق عالقة العمل ألسباب صحية‬
‫إن العامل باعتباره إنسان معرض كغيره لشتى أنواع األمراض‪ ،‬والحوادث سواء كانت مهنية‬
‫أو عادية‪ ،‬للعامل الذي يثبت مرضه بشهادة طبية الحق في إجازة مرضية يستحق من خاللها‬
‫تعويض عن األجر وفقا لما يحدده الضمان االجتماعي‪ ،4‬ويلتزم العامل خالل عطلته المرضية بعدم‬
‫مراقبته للعامل‪ ،‬وال إنهاء عقد عمله‪ ،‬وضمان حقه في الرجوع إلى منصب عمله أو منصب مماثل‬
‫بعد انتهاء فترة التعليق‪.‬‬
‫إذا قام صاحب العمل بانهاء عقد العمل خالل مدة المرض فيعتبر الفصل تعسفيا‪ ،‬ويرى قانون‬
‫العمل االردني في نص المادة ‪ 3/21‬على أنه ال يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العمل أو توجيه‬

‫‪ 9‬خادم حمزة‪ ،‬اآلثار المترتبة على حق المرأة في العمل في ضوء القانون الدولي‪ ،‬مجلة البحوث القانونية والساياسية‪ ،‬العدد الثاني‪،‬‬
‫‪ ،2194‬ص‪.291‬‬
‫‪ 2‬ناهذ العجوز‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass, soc, 14 octobre 2008, n° 07-40.523, bull 2008, V, n° 192.‬‬
‫‪ 4‬حافر فاطمة‪ ،‬حاالت تعليق عالة العمل في عقود العمل غير المحددة المدة في تشريع العمل الجزائري‪ ،‬رسالة ماجيستر تخصص‬
‫قانون اجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111-2111‬ص ‪.93‬‬

‫‪943‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إشعار إليه النهاء خدمته أثناء إجازته المرضية‪ ،‬وإال يعتبر فصال تعسفيا‪ ،‬إال إذا ارتكب العامل‬
‫خطأ مهني جسيم أو إذا عمل العامل خالل إجازته لدى صاحب عمل آخر‪ ،‬وجاء في قرار تمييز‬
‫يعتبر فصل العامل من العمل بسبب مرضه أثناء إجازته المرضية فصال تعسفيا‪ ،‬ويستحق تبعا لذلك‬
‫بدل اإلشعار وبدل االجازات السنوية وبدل الفصل التعسفي‪.9‬‬
‫‪ - 2- 2‬تعليق عالقة العمل ألسباب عائلية وشخصية‬
‫إن حق العامل في الحياة الخاصة كان محل اعتبار التشريعات العمالية التي كرست حقه في‬
‫تعليق عالقة العمل ألسباب عائلية وشخصية من خالل تمكينه من اإلحالة على االستيداع لإلستفادة‬
‫من عطلة لممارسة حياته الخاصة وفقا لحاالت محددة ترجع إلى اتفاق طرفي عالقة العمل بشأنها ‪.‬‬
‫نص المشرع الجزائري على اإلحالة على اإلستيداع من خالل األمر ‪ 933/99‬المتعلق‬
‫العمومي‪ ،2‬وأيضا بموجب القانون ‪ 19/12‬المتعلق بعالقات العمل الفردية‪ ،3‬أما القانون‬ ‫بالوظي‬
‫عالقة العمل‬ ‫‪ 99/11‬فلم يتطرق صراحة إلى اإلحالة على اإلستيداع‪ ،‬تاركا المجال التفاق أطرا‬
‫عن طريق اإلتفاقيات الجماعية‪.4‬‬
‫أمام عدم تعرض قانون ‪ 99/11‬لحاالت اإلحالة االستيداع‪ ،‬نعرض الحاالت المذكورة في‬
‫العمومي وهي نفسها الحاالت التي كان ينص عليها القانون ‪19/12‬‬ ‫األمر ‪ 13/19‬المتعلق بالوظي‬
‫المتعلق بعالقات في مادته ‪ ،32‬غير األمر ‪ 13/19‬يميز بين حالتين لإلحالة على االستيداع‪ ،‬تتمثل‬
‫والتي يمكن أن يستفيد منها الموظ‬ ‫األولى منها في اإلحالة على اإلستيداع بطلب من الموظ‬
‫بطلب منه وبعد سنتين من الخدمة الفعلية لممارسة أغراض شخصية‪ ،‬في حين تتمثل الحالة الثانية‬
‫في اإلحالة على اإلستيداع بقوة وتكون في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫أو زوجه أو أحد األبناء المتكفل بهم‪.‬‬ ‫في حالة تعرض أحد األصول الموظ‬ ‫‪-‬‬
‫للسماح للزوجة الموظفة بتربية طفل يقل عمره عن خمس سنوات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بااللتحاق بزوجه إذا اضطر إلى تغيير مكان إقامته بحكم مهنته‪.‬‬ ‫للسماح للموظ‬ ‫‪-‬‬
‫من ممارسة مهام عضو مسير لحزب سياسي‪.‬‬ ‫لتمكين الموظ‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 9‬تمييز حقوق رقم ‪ 9431/11‬العددين الثالث والرابع‪ ،2111 ،‬ص ‪ ،131‬مذكور في‪ :‬نور فرحات نعيم غيث‪ ،‬الفصل التعسفي في‬
‫قانون العمل االردني دراسة مقارنة‪ ،‬متاح على الموقع االلكتروني بعنوان الدليل االلكتروني للقانون العربي‪:‬‬
‫‪ www.arablaw.info.com‬تاريخ االطالع‪2194./11/93 :‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 41‬من األمر ‪ 933-99‬المؤرخ في ‪ 12‬جوان ‪ 9199‬والمتضمن القانون األساسي للوظيفة العامة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 42‬لسنة‬
‫‪.9199‬‬
‫‪ 3‬عرفت المادة ‪ 39‬من قانون ‪ 19/12‬اإلحالة على االستيداع على أنها‪" :‬وقف مؤقت لعالقة العمل لعامل مرسم في منصبه ورتبت‬
‫عنها الكف عن أجره وتوقف عن اسنفادته من الحقوق المتعلقة بألقدمية‪ ،"..‬وهو التعريف نفسه الذي تبنته بعض االتفاقيات‬
‫الجماعية مثل المادة ‪ 991‬من االتفاقية الجماعية لمؤسسة سونلغاز بمستغانم‪ ،‬المسجلة بمفتشية العمل بسيدي امحمد‪ ،‬الجزائر‬
‫العاصمة بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر ‪.9111‬‬
‫‪ 4‬هذا ما أكدته المادة ‪ 921‬الفقرة ‪ 91‬من قانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل‪.‬‬

‫‪944‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في ممثلية جزائرية في الخارج أو مؤسسة أو هيئة دولية‪.‬‬ ‫إذا عين زوج الموظ‬ ‫‪-‬‬
‫بالرجوع إلى بعض االتفاقيات الجماعية‪ ،‬نجد أنها تناولت اإلحالة على االستيداع في مجموعة‬
‫واحدة ولم تميز بين حاالت اإلستيداع مثلما فعل المشرع في األمر ‪ ،13/19‬ومن بين الحاالت التي‬
‫عمدت بعض المؤسسات على إدراجها ضمن اإلتفاقيات الجماعية للعمل‪9‬؛ حالة المرض الخطير‪،‬‬
‫ووقوع حادث للزوج أو ألحد األبناء‪ ،‬أيضا التفرغ لتربية األطفال‪ ،‬وحالة متابعة الزوج‪.‬‬
‫التشريع الفرنسي بدوره أعطى لكل من العامل أو العاملة الحق في الغياب عن العمل لمدة‬
‫محددة في حالة ما إذا طرأ حدث في عائلته سواء تعل ق األمر بمرض زوجه أو أحد أبنائه‪ ،‬أو وقوع‬
‫بجانبه‪ ،‬كما خول له الحق في عطلة من أجل‬ ‫حادث لهما يستلزم اإلعتناء بذلك المريض والوقو‬
‫تربية طفل‪ ،‬وذلك إما أن يعمل بالعمل الجزئي على أن ال تقل مدة العمل عن خمس المدة القانونية‬
‫المعمول بها في المؤسسة‪ ،‬أو ينقطع تماما عن العمل لمدة سنة كاملة‪ ،‬وفي حالة وفاة الطفل‬
‫أو حاجة العامل إلى الدخل الشهري‪ ،‬فيمكنه العودة إلى العمل بالتوقيت الكامل أو تعديل التوقيت‬
‫الجزئي بعد موافقة المستخدم‪.2‬‬
‫كما تشير المادة ‪ L225-15-9‬من قانون العمل الفرنسي إلى إمكانية االستفادة من عطلة‬
‫خا صة من أجل مالزمة أحد أصول‪ ،‬فروع أو أي شخص يقيم مع العامل في بيته ويحتاج إلى‬
‫رعاية مستمرة‪ ،‬لمدة ثالثة أشهر على األكثر تنتهي بانتهاء هذه المدة أو بعد ثالثة أيام من وفاة هذا‬
‫الشخص‪.‬‬
‫مقارنة مع التشريع األردني أيضا‪ ،‬يتبين من قانون العمل األردني أعطى الحق لكل من‬
‫الزوجين في الحصول على إجازة لمرة واحدة لمدة ال تزيد على سنتين لمرافقة زوجه إذا انتقل إلى‬
‫عمل آخر يقع خارج المحافظة التي يعمل فيها داخل المملكة أو إلى عمل يقع خارجها‪.3‬‬
‫ال يمكن بأي حال من األحوال أن تؤثر ممارسة العامل لحقه في الحياة الخاصة أثناء فترة‬
‫التعليق على عالقته المهنية‪ ،‬إذ يحتفظ العامل بحقه إثر نهاية مرحلة اإلحالة على االستيداع من‬
‫اإلدماج في منصب عمله أو في منصب عمل آخر مماثل‪ ،‬كما يحتفظ أيضا بالحقوق المكتسبة في‬
‫منصب عمله قبل إحالته على االستيداع‪.‬‬

‫‪ 9‬المواد من ‪ 92‬إلى ‪ 93‬من االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة ميناء مستغانم‪ ،‬المسجلة لدى مفتشية العمل المختصة إقليميا بتاريخ‬
‫‪ 9111/12/22‬بمستغانم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art 122-28-2 - C.T.fr.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 91‬من قانون العمل األردني‪.‬‬

‫‪943‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفرع الثاني‬
‫أثر مراقبة العامل خارج العمل على حياته الخاصة‬
‫سمحت الثورة المعلوماتية بظهور العمل عبر المسافات بصفة عامة‪ ،‬حيث يمارس العمل‬
‫خارج مكان العمل بمفهومه التقليدي‪ ،‬وقد استتبع ذلك أن تأخذ التبعية وهي المعيار المميز لعقد‬
‫العمل شكال جديدا لتصبح في مثل هذه الحاالت تبعية عن بعد‪.9‬‬
‫لم يقتصر تأثير التكنولوجيا الحديثة على تطوير وسائل مراقبة أداء العامل داخل مكان العمل‪،‬‬
‫بما استتبعه من إشكاليات بشأن حماية حياته الخاصة ‪ ،‬بل امتد هذا التأثير إلى حد التغيير في طرق‬
‫أداء العمل والمساس بالحياة الخاصة للعامل خارج مكان العمل‪ ،‬وهذا ما أدى إلى طرح عدة‬
‫إشكاليات بخصوص العمل عن بعد «‪(»télétravail‬أوال) وكذلك في ما يتعلق بالعمل عبر المسافات‬
‫أال وهو الجهوزية عن بعد« ‪(» télédisponibilité‬ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد‬
‫فيما يرى بعض الفقهاء أنَ العمل عن بعد يعد وسيلة للتوفيق بين المسؤوليات العائلية للعامل‬
‫والحياة المهنية يرى البعض اآلخر أنه مصدر لإلعتداء على الحياة الخاصة للعمل‪ ،‬إال أن عدد من‬
‫الدراسات تركز على إيجابيات وسلبيات العمل عن بعد‪ ،2‬إذ قامت بعض الدول منها ايرلندا بوضع‬
‫باسم "قانون الممارسة في العمل االلكتروني"‪،3‬‬ ‫قانون واتفاقية نموذجية للعمل عن بعد‪ ،‬الذي عر‬
‫ودول شمال أوروبا استثمرت أكثر من غيرها في مجال العمل عن بعد‪ ،‬في عام ‪ 2191‬تم احتساب‬
‫العاملين عن بعد فنلندا بنسبة (‪ ٪32.1‬من إجمالي العمال)‪ ،‬و في بلجيكا ‪ ٪21‬والسويد ‪. 4 ٪21.2‬‬
‫شامل وموحد للعمل عن بعد هو من الصعوبة بمكان نظرا لعدم وجود‬ ‫إن إعطاء تعري‬
‫مصطلح متفق عليه باإلضافة إلى استعمال مصطلحات أخرى لإلشارة إلى نفس المعنى‪ ،‬مثل النقل‬
‫اإل لكتروني‪ ،‬العمل من مسافة بعيدة‪ ،‬العمل في المنزل‪ ،‬العمل من خالل الشبكات‪ ،‬العمل‬
‫المرن‪...‬الخ‪.3‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Radé )C(, Nouvelles technologies de l’information et de la communication et nouvelles formes de‬‬
‫‪subordination, Dr.soc, France,2002, p 26.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Tremblay)D-G(,Chevrier )C( et Loreto )M(, Le télétravail à domicile: Meilleure conciliation emploi-‬‬
‫‪famille ou source d’envahissement de la vie privée, revue intervention économique, France, 34/ 2006, p 689.‬‬
‫‪ 3‬حذت بعض الدول حذو ايرلندا في هذا القانون كالنروي والسويد وايطاليا وكوب‪ ،‬كما قامت النقابة العمالية بالتوصل إلى بعض المباديء‬
‫التوجيهية مع بعض أصحاب األعمال في أوروبا حول العمل عن بعد سمي يوني –أوروبا‪ ،‬راجع في ذلك‪ :‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪.942‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Ludovic Clerima , Le télétravail peut-il réconcilier vie privée et vie personnele, Paris, Article‬‬
‫‪initialement publié le 25/09/13 et mis à jour le 17/06/14, site :‬‬
‫تاريخ االطالع‪http://fr.myeurop.info/2014/06/17/teletravail-reconcilier-vie-pro-vie-perso-14025 .2194/91/13 :‬‬
‫‪ 3‬لمين علوطي‪ ،‬المنظمة االلكترونية لللعمل عن بعد‪ ،‬مجلة ابحاث اقتصادية وادارية‪ ،‬معهد العلوم االقتصادية‪ ،‬المركز الجامعي‬
‫يحي فارس المدية‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬جوان ‪ ،2111‬ص ‪.219‬‬

‫‪949‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الشائعة لهذا المصطلح "العمل عن بعد هو طريقة مرنة‬ ‫غير أننا سنورد بعض التعاري‬
‫للعمل وتغطي مجاال واسعا من أنشطة العمل‪ ،‬جميعها تتضمن العمل بعيدا عن صاحب العمل‬
‫أو بعيدا عن مكان العمل التقليدي المعتاد‪ ،‬ولجزء كبير من وقت العمل‪ ،‬ويمكن أن يكون بدوام كلي‬
‫أو جزئي‪ ،‬كون العامل يرتبط بوسائل االتصال الحديثة لإلبقاء على اتصال مستمر مع صاحب‬
‫العمل أو الرؤساء في العمل‪.9‬‬
‫عرّ فت منظمة العمل الدولية العمل عن بعد على أنه نظام عمل قائم في مكان بعيد عن‬
‫المكتب الرئيسي أو مواقع االنتاج‪ ،‬حيث ينفصل العامل عن االتصال الشخصي بالعمال اآلخرين‪،‬‬
‫وتسهل التكنولوجيا الحديثة انفصال العامل عن المقر الرئيسي للعمل‪ ،2"....‬أما قاموس التسيير‬
‫الفرنسي فعرفه على أنه " العمل عن بعد بالنسبة للعامل هو شكل من أشكال العمل البعيد عن مكان‬
‫العمل‪ ،‬وذلك باستخدام أدوات االتصال االلكتروني‪.3‬‬
‫الفقه العمل عن بعد على أنه "أحد أشكال تنظيم العمل والذي بموجبه يتم العمل خارج‬ ‫يعر‬
‫المقر الرئيسي أو اإلدارة الرئيسية باستخدام أجهزة الحاسوب ووسائل اإلتصاالت"‪ ،4‬ويقترب هذا‬
‫من العمل الذي ينفذ في إطار عقد العمل في المنزل‪ 3‬الذي يعتبر إحدى صور العمل عن‬ ‫التعري‬
‫بعد‪ ،‬وقبل التطرق إلى مدى تأثير الحياة الخاصة للعاملين عن بعد‪ ،‬ال بد أن نعرج أوال إلى التحدث‬
‫عن صور العمل عن بعد‪.‬‬
‫‪ - 1‬صور العمل عن بعد‬
‫لم يشر المشرع الجزائري من خالل قانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل إلى مفهوم العمل‬
‫عن بعد‪ ،‬كما ال يوجد أي نص تنظيمي أو قانوني يشير الى أسلوب العمل عن بعد‪ ،‬مما يستدعي‬
‫معه البحث في رحاب التشريعات المقارنة‪.‬‬
‫بأن يتم تنفيذه خارج األماكن التقليدية للعمل حيث‬ ‫العمل عن بعد طريقة لتنظيم العمل تتص‬
‫قد يتم تنفيذه إما في المنزل أو في الطريق أو في المكاتب التابعة للمكتب األصلي أو بين مكاتب‬
‫مشتركة أماكن متفرقة‪ ،‬وتتميز هذه الطريقة بأن العالقات بين صاحب العمل تتم بالطرق‬

‫‪ 9‬عمر بن عبد الرحمن العيسى‪ ،‬دليل العمل عن بعد‪ ،‬ترجمة لمايك جرى وآخرين‪ ،‬مركز البحوث‪ ،‬الرياض‪ ،2119 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 2‬طارق نوير‪ ،‬العمل عن بعد ومتطلبات ااتطبيق في مصر‪ ،‬مجلة مصر المعاصرة‪ ،‬العددان ‪ 414/913‬يناير‪/‬ابريل ‪ ،2114‬ص‬
‫‪.331‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Henri MAHE, Dictionnaire de gestion, Economico édition, Paris, 1998, p 442.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪« Le télétravail sera compris ici comme une forme d’organisation du travail, dans laquelle le travail est‬‬
‫‪accompli à l’extérieure d’organisation central, ou du bureau central, en utilisant les ordinateur et le‬‬
‫‪télécommunication », Article initialement publié le site : http://www.cefrio.qc.ca/media/uploader/CEFRIO-‬‬
‫تاريخ االطالع‪cahier-charges.pdf .2194/91/19 :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jean CONIE, Le télétravail en France, Les principaux points de la recommandation du forum des droits sur‬‬
‫‪l’internet, Droit social, N° 3, mars 2005, p274.‬‬

‫‪941‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫صاحب العمل‬ ‫االلكترونية‪ ، 9‬ويتخذ العمل عن بعد عدة صور بحسب طبيعة العمل‪ ،‬وظرو‬
‫والعامل لعل أهمها يتمثل في الصور اآلتية‪:‬‬
‫‪ - 1- 1‬العمل في المنزل‬
‫يعتبر العمل في المنزل إحدى الصور التي يمكن أن يتم فيها العمل عن بعد‪ ،‬حيث يستطيع‬
‫أحد العمال طلب تأدية عمله في منزله متى كان ذلك ممكنا ليتجنب صعوبات ونفقات االنتقال من‬
‫المنزل إلى مقر العمل‪ ،‬بل وقد يقدم العمل في المنزل العديد من الفرص أمام االشخاص الذين قد ال‬
‫يناسبهم التردد بكثرة من منازلهم لمقر العمل لظروفهم الصحية واالجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،2‬وفقا‬
‫للقانون البريطاني يحق ألباء األطفال المعوقين أو األطفال الذين لم يتجاوزوا السادسة من العمر‬
‫طلب ساعات مرنة في العمل بما في ذلك العمل عن بعد‪.3‬‬
‫كما قد يلجأ المستخدم إلى تنويع طرق التشغيل فيتولى انجاز بعض األعمال التي ال تتطلب‬
‫حضورا مستمرا با لمؤسسة بواسطة عمال يعهد أليهم بالقيام ببعض األعمال في منزلهم دون تردد‬
‫وحضور بمقرات المؤسسة‪ ، 4‬وليس كل عمل في المنزل من قبيل العمل عن بعد‪ ،‬بل قد ال يدخل‬
‫العمل في المنزل في إطار قانون العمل من األصل متى كان العامل في منزله يعمل لحساب نفسه‪،‬‬
‫ورقابة وتوجيه أحد‪ ،‬ويدخل نشاطه حينئذ ضمن عقد المؤسسة‪.3‬‬ ‫وال يخضع إلشرا‬
‫إحداث عقد عمل عن بعد بالمنزل يجب أن يبنى على اتفاق وإرادة حرة بين كل من المستخدم‬
‫والعامل‪ ،‬وتصب تلك الموافقة في قالب تعاقدي يعكس إرادة الطرفين‪ ،‬بالنسبة للعامل يعد العمل عن‬
‫بعد مسألة اختيارية وغير مف روضة من المستخدم وهو ما أكدت عليه الغرفة اإلجتماعية لمحكمة‬
‫النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ ‪2‬أكتوبر‪ ،9 2119‬حيث اعتبرت أن العامل غير مجبر‬
‫على الموافقة على العمل خارج المؤسسة‪ ،‬وأن أي تعديل لعقد العمل يسمح للعامل اعتباره فسخا‬
‫للعقد‪ ،‬ومن جهة أخرى أكد اإلتفاق األوروبي المتعلق بالعمل عن بعد الصادر في ‪ 99‬جويلية‬

‫‪9‬‬
‫‪Télétravail est une forme d’organisation de travail que se caractérise par le Fait que le travail est exécute en‬‬
‫‪dehors des lieux traditionnels de travail : à domicile, sur la route, dans des bureaux satellites, des bureaux‬‬
‫‪principal dans ses communs partages ça différents endroit, cette façon de travailler est caractérisée également‬‬
‫‪par le fait que les relations gestionnaire/ employé seront essentiellement par liens électronique. Site :‬‬
‫تاريخ االطالع‪http://www.onlinestrat.fr/usages/travail/teletravail.php 2194 /91/93 :‬‬
‫‪ 2‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 3‬سلسلة دراسات يصدرها مركز االنتاج االعالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬جدة اإلصدار الثاني عشر‪ ،‬تحت عنوان "العمل عن‬
‫بعد"‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 4‬عصام األحمر‪ ،‬الدعوى الشغلية من خالل مجلة الشغل وفقه القضاء‪ ،‬مركز الدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬المغرب‪ ،‬طبعة ثانية‪،‬‬
‫‪ ،2111‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Voir: BENALCAZAR (I), op cit, p 64.‬‬

‫‪941‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ 2002‬أن رفض العامل اإلنخراط في مجال العمل عن بعد ليس بسبب يبرر إنهاء عقد العمل‬
‫عمل هذا األخير‪.9‬‬ ‫أو تغيير ظرو‬
‫بالرجوع إلى بعض القوانين المقارنة‪ ،‬نجد أن القانون المدني الفرنسي من خالل المادة‬
‫التاسعة اعتبر المنزل عنصرا مهما في حياة العامل الخاصة‪ ،‬ويحظى بحماية مطلقة‪ ،‬وهو فعال ما‬
‫ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في قرارصادر عن غرفتها اإلجتماعية بتاريخ ‪ 92‬يناير‪9111‬‬
‫‪ ،2‬العمل عن بعد يفرض إيجاد توازن بين الحياة الشخصية والعملية خاصة أن المنزل يصبح بدوره‬
‫مكانا للعمل‪.‬‬
‫أقر المشرع الجزائري نظاما خاصا للعامل بالمنزل بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪414/11‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1‬ديسمبر ‪ 9111‬الذي جاء في مادته الثانية أنه « يعتبر عامال في المنزل كل عامل‬
‫يمارس في منزله نشاطات إنتاج أو سلع أو خدمات أو أشغال لصالح مستخدم واحد أو أكثر مقابل‬
‫أجرة ‪.».....‬‬
‫ورقابة وتوجيه‬ ‫يعتبر العمل في المنزل عمال عن بعد في حالة خضوع العامل إلشرا‬
‫بصفة مباشرة عن طريق تردد صاحب‬ ‫صاحب العمل الذي يعمل لحسابه‪ ،‬سواء تم هذه االشر‬
‫العمل على المنزل أو بطريقة غير مباشرة‪ 3‬أي بواسطة وسائل التكنولوجيا الحديثة سواء تمثلت في‬
‫األجهزة المعلوماتية أو وسائل االتصال عن بعد‪.4‬‬
‫‪ - 2- 1‬العمل في مكتب تابع لمقر العمل األصلي‬
‫إن التطور التكنولوجي لوسائل اإلعالم و االتصال مكن من إنشاء مكاتب عمل في أي مكان‪،‬‬
‫يتميز عن العمل بالمنزل التقليدي الذي ال يتطلب النجازه وسائل االتصال واإلعالم‪ ،‬وإن إنجاز‬
‫العمل خارج مقرات المؤسسة ال ينفي بصفة آلية عالقة التبعية وبالتالي الصبغة الشغلية للعالقة بين‬
‫الطرفين‪.‬‬
‫تأسيسا على ذلك فإنه بمجرد توافر عالقة التبعية بين العامل وصاحب العمل وخضوع العامل‬
‫أثناء مباشرة عمله إلدراة ومراقبة مستخ دمه سواء كانت هذه المراقبة مباشرة أو غير مباشرة‬
‫تكتسي العالقة بين الطرفين صبغة شغلية دون اعتبار لمكان تنفيذ العمل‪.3‬‬

‫‪9‬‬
‫‪« Le refus d’un travailleur d’opter pour le télétravail n’est pas en soi un motif de résiliation de la relation‬‬
‫‪d’emploi ni de modification des conditions d’emploi de ce travailleur », BENALCAZAR (I), op cit, p 64.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc 12 Janv 1999, n° 96-40-755, Bulletin 1999, N° 7 p 4.‬‬
‫‪ 3‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 4‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.991‬‬
‫‪ 3‬عصام األحمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11 ،11‬‬

‫‪941‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫قد يتم العمل عن بعد عن طريق إحداث مكاتب فرعية تابعة لمقر العمل الرئيسي‪ ،‬وبعيدة عنه‬
‫جغرافيا‪ ،‬ويتم االتصال بينهما عن طريق وسائل االتصال الحديثة واالجهزة االلكترونية‪ ،‬وتكون هذه‬
‫المكاتب قريبة من مقر إقامة العامل غالبا‪ ،‬تتمتع إدارتها بسلطات واسعة‪ ،‬ويلعب العمل عن بعد‬
‫بهذه الصورة دورا بارزا في نجاح الشركات والمؤسسات ذات النشاط الدولي‪ ،‬أين يكون لألقمار‬
‫الصناعية دورفي فعالية االتصال بين المقر الرئيس للشركة وفروعها‪.9‬‬
‫‪ - 3- 1‬العمل عن بعد من خالل اإلتصاالت الهاتفية‬
‫يتجسد العمل عن بعد من خالل القيام باألعمال وتقديم الخدمات بواسطة االتصاالت الهاتفية‬
‫االرضية من خالل تشييد مراكز للعمل مجهزة بوسائل االتصال الحديثة بعيدة عن المؤسسة‪،‬‬
‫المحمولة والتي يستطيع العامل من خاللها انجاز إعماله ومتابعتها بواسطتها أيا‬ ‫أو بواسطة الهوات‬
‫كان مكامه‪ ،‬كما أدى التطور التكنولوجي إلى توسيع هذه الخدمات عبر االنترنت‪ ،‬حيث يتم دفع‬
‫الفواتير والتسوق ومعرفة أخبار البورصة وإنجاز المعامالت البنكية من خالل المواقع االلكترونية‪.2‬‬
‫‪ - 4- 1‬العمل عن بعد المتنقل‬
‫يظهر العمل عن بعد المتنقل في أداء العامل للعمل في أي مكان‪ ،‬وذلك باستعمال الوسائل‬
‫اإل كترونية الحديثة‪ ،‬التي تخول للعامل التواصل المباشر والدائم مع صاحب العمل والعمالء‪ ،‬وأداء‬
‫الكثير من العمال‪ ،‬وسرعة في إنجاز المهام‪ ،‬والتنقل المتواصل في أماكن متفرقة‪.‬‬
‫مدى التدخل في الحياة الخاصة للعامل عن بعد‬ ‫‪-2‬‬
‫تتعدد مجاالت التدخل في الحياة الخاصة للعامل عن بعد ال سيما في ظل التطور التكنولوجي‬
‫الحديث‪ ،‬مما يفرض تخصيص حماية قانونية لتأمين الحياة الخاصة إزاء نظام المعالجة االلية‬
‫للمعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬وأيضا الرقابة التي أضحت افتراضية لصاحب العمل عن طريق‬
‫تقنيات حديثة‪ ،‬إلى جانب السلطة الرقابية لهيئات تفتيش العمل التي تهدد الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫‪ - 1- 2‬مدى التدخل في الحياة الخاصة من قبل صاحب العمل‬
‫إن كان العمل عن بعد يتيح مزايا عديدة للعامل لما يتضمنه من مرونة في تنظيم وقت العمل‪،‬‬
‫واستقالل العامل في أداء العمل المنوط به‪ ،‬وتجنب مشقة االنتقال من مكان العمل‪ ،‬إال أنه يثير في‬
‫الوقت ذاته تساؤالت هامة حول ما يمكن أن يلحقه هذا الشكل في أداء العمل من مخاطر بالنسبة‬
‫للحياة الخاصة للعامل الذي يمارس عمله خارج مكان العمل‪ ،‬وبصفة خاصة إذا كان أداء العمل في‬

‫‪ 9‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪29‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Olivier HANCE et Susan DIONNE-BALX, Bisness et droit droit d’internet, France,1997, p 33.‬‬

‫‪931‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫منزل العامل أو محل إقامته‪ ،‬وأيضا السؤال حول الحدود الفاصلة بين ممارسة صاحب العمل‬
‫لسلطته في الرقابة واإلشرا ‪ ،‬واحترام الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫من الناحية القانونية يبقى العامل عن بعد خاضعا لسلطة صاحب العمل في المراقبة والمتابعة‪،‬‬
‫هذه المراقبة تصبح بال شك أكثر دقة وحساسية ال سيما حين يكون تنفيذ العمل بمسكن العامل‪ ،‬ليس‬
‫فقط ألنها تمارس في هذا المكان الذي يحميه القانون‪ ،9‬بل وتعد حمايته من قبيل القيم الدستورية‪،2‬‬
‫ولكن أيضا ألنها تحمل مخاطر التعرض لحياة العامل العائلية والتي تعتبر مظهر من مظاهر الحياة‬
‫الخاصة‪ ، 3‬وهنا يظهر التزام صاحب العمل الذي يسمح أداء العمل في مسكنه بأن يؤمن لهذا األخير‬
‫عدم التعرض لحياته العائلية لما له من مساس بحياته الخاصة‪.4‬‬
‫كما أن المرونة في تنظيم وقت العمل عن بعد تستتبع التقييد في سلطة صاحب العمل في‬
‫مراقبة الوقت الذي يقضيه العامل في تنفيذ العمل المنوط به‪ ،‬فالعامل عن بعد يمكنه مثال أداء العمل‬
‫ليال إذا ما قدر له ذلك‪.‬‬
‫في المقابل فإن صاحب العمل الذي يرغب دائما في التأكد من قيامه بعمله‪ ،‬ال يمكنه تعكير‬
‫صفو حياة عامله‪ ،‬إذ أن المراقبة المستمرة للنشاط الفردي للعامل عن بعد تعتبر بالنسبة له اعتداء‬
‫على حريته في ممارسة مظاهر حياته الخاصة‪ ،‬وتجاوز لحدود تبعية صاحب العمل التي وإن‬
‫ارتضاها فإنها يجب أال تمتد إلى غير االطار المهني‪.3‬‬
‫لعل من أبرز الصعوبات التي يطرحها مفهوم الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬تلك الصعوبة المتمثلة‬
‫في مسألة تمييز األوقات المهنية واألوقات الشخصية‪ ،‬ال سيما في إطار العمل عن بعد الذي يتمتع‬
‫فيه العامل بهامش من الحرية واالستقاللية في تحديد زمان ومكان العمل‪ ،‬وأيضا صعوبة المراقبة‬
‫المستمرة من صاحب العمل على العمل للتأكد من التزامه بأداء العمل في الوقت المحدد له‪.9‬‬
‫إن استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة في عالم الشغل واكبه ظهور مجموعة من التهديدات‬
‫تطال العاملين عن بعد‪ ،‬بل إن بعد ال ينطوي فقط على مخاطر المساس بحياة العامل الخاصة‪ ،‬وإنما‬
‫يتضمن أيضا إمكانية المساس بالحياة الخاصة للغير‪ ،‬سواء كان هذا الغيرمن عمال المؤسسة‬
‫اآلخرين‪ ،‬أو زبائن المؤسسة‪ ،‬سيما فيما يتعلق بالمعلومات الشخصية التي تخص هؤالء والتي يتم‬

‫‪ 9‬راجع هذا الموضوع في الفصل األول‪ ،‬المبحث األول المطلب الثاني‪ ،‬الفرع الثاني بمناسبة دراسة عناصر الحياة الخاصة المتفق‬
‫عليها‪ ،‬فيما يتعلق بعنصر حرمة المسكن‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 41‬فقرة ‪ 9‬من الدستور الجزائري لسنة ‪.9119‬‬
‫‪ 3‬عصام البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،244‬محمود عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪ 4‬محمد حسن قاسم ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.923‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 9‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪939‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التعامل معها بمعرفة العامل عن بعد‪ ،‬فصاحب العمل عليه التزام بحماية المعلومات الشخصية‬
‫لزبائنه وأيضا لعماله‪.9‬‬
‫عموما يبقى مجال تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعمال متعددان رغم أن جمع‬
‫ومعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي محاط بتتظيم تشريعي‪ ،‬إذ أن االستعمال التعسفي لهذه‬
‫مستخدمه في إطار‬ ‫المعطيات يبقى وارداً في ظل استحالة مراقبة العامل بشكل مباشر من طر‬
‫العمل عن بعد‪ ،‬مما زاد من هامش تدخل المستخدم في الحياة الخاصة عن طريق وسائل تكنولوجية‬
‫متطورة أضحت تزعج وتضايق العمال لما تقوم به من مراقبة مستمرة لجميع تصرفاتهم‪.‬‬
‫‪ - 2- 2‬مدى التدخل في الحياة الخاصة للعامل من قبل مفتش العمل‬
‫تتمتع الجهة اإل دارية المختصة بشؤون العمال‪ ،‬وبصفة خاصة تفتيش العمل في القانون‬
‫الفرنسي بسلطات واسعة‪ ،‬إذ تعتبر من المهام الرئيسية لمفتشي العمل هي متابعة احترام تشريع‬
‫العمل‪ ،‬ومالحظة ما يقع من مخالفات له‪ ،‬باإلضافة إلى التوفيق وتسوية منازعات العمل‪.‬‬
‫لجهة‬ ‫‪2‬‬
‫بمقتضى الحق في الزيارة ألماكن العمل الذي تخوله المادة ‪ L611-8‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫تفتيش العمل‪ ،‬يكون لمفتش العمل الحق في دخول كافة المؤسسات الخاضعة لمراقبته لمباشرة مهام‬
‫وظيفته‪ ،‬ممارسة مفتش العمل لمهامه ال يلزمه شروط خاصة‪ ،‬وله الحق في القيام بدون إخطار‬
‫مسبق لصاحب العمل‪.‬‬
‫يثار اإل شكال حول ما إذا كان قيام مفتش العمل بمهمته في المراقبة يمثل مساسا بالحق في‬
‫الحياة الخاصة للعامل عن بعد في الفرض الخاص بقيامه بالعمل في مسكنه‪ ،‬يالحظ في هذا الصدد‬
‫أنه وفقا لنص المادة ‪ L611-8‬من قانون العمل الفرنسي‪ ،‬في حالة ما إذا كان العمل يتم من خالل‬
‫مكان مختلط أي مكان هو في ذات الوقت مكان سكن للعامل وموطنا له‪ ،‬ال يجوز لمفتش العمل‬
‫دخول هذا المكان إال بترخيص من شاغله‪.‬‬
‫وفقا للفقه الفرنسي فإن المسكن بهذا المعنى ال يقتصر على ما يعد موطنا رئيسيا للعامل‪ ،‬وإنما‬
‫يشكل موطنه الثانوي وكذلك كل ما يسكنه‪ ،3‬على هذا النحو فإن حماية الحياة الخاصة للعامل عن‬
‫بعد تمتد في مواجهة مفت ش العمل لتشمل كل مكان يقيم فيه العامل ويؤدي من خالله العمل المنوط‬

‫‪9‬‬
‫محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.923‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art L611-8 du C.civ.fr : "Toutefois, lorsque les travaux sont exécutés dans des locaux habités, les‬‬
‫‪inspecteurs ne peuvent y pénétrer qu'après avoir reçu l'autorisation des personnes qui les occupent".‬‬
‫‪3‬‬
‫‪KAYSER (p), La protection de la vie privée par le droit. Protection du secret de la vie privée, op.cit, p 218.‬‬

‫‪932‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫به‪ ،‬باعتباره من عناصر حياته الخاصة‪ ،‬وفي ذلك بال شك إعالء لقيمة الحياة الخاصة على ما‬
‫عداها من قيم أو مصالح أخرى متعارضة‪.‬‬
‫أما على مستوى التشريع الجزائري نالحظ أن نصوص قانون العمل التي تناولت مسألة‬
‫إلى مكان العمل‬ ‫تفتيش أماكن العمل لم تلحظ الفرضية التي نحن بصدد بحثها‪ ،‬وإنما تنصر‬
‫بمفهومه التقليدي‪ ،‬حيث نجد نص المادة ‪ 3‬من قانون ‪ 13/11‬المتعلق بمفتشية العمل على أنه‬
‫يمارس تفتيش العمل في أي مكان عمل يشتغل فيه عمال أجراء أو متمهنون من الجنسين"‪.9‬‬
‫في هذا اإلطار يمكن لمفتش العمل دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها للتحقق من تطبيق‬
‫أحكام قانون العمل والقرارات المنفذة له‪ ،2‬على الرغم من ذلك فإن الحل الذي كرسه المشرع‬
‫الفرنسي بنص المادة‪ L611-8‬من قانون العمل يصلح تماما للقول في ظل القانون الجزائري‪ ،‬وذلك‬
‫القيم الدستورية‪ ،‬وعليه في الحالة التي يكون‬ ‫لم ا للمسكن من حرمة ارتقى بها المشرع إلى مصا‬
‫فيها مكان سكن العامل هو في ذات الوقت مكان أداء العمل المنوط به ال يجوز لمفتش العمل دخوله‬
‫بغير إذن شاغله‪.3‬‬
‫‪ - 3‬حماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد‬
‫إن تنظيم استعمال وسائل االتصال الحديثة بالنسبة للمؤسسة يبقى أمرا ضروريا ويجب األخذ‬
‫تطور نتيجة التأثير‬ ‫بعين االعتبار احترام الحياة الخاصة للعامل عن بعد‪ ،‬هذا المفهوم الذي عر‬
‫الكبير الذي أحدثته الثورة المعلوماتية على حقوق وحريات األفراد‪ ،‬إذ سهلت هذه التكنولوجيا‬
‫اختراق الحق في الحياة الخاصة‪.4‬‬
‫إن امتداد قواعد الحماية الموضوعة أصال من شأن حماية العمال أثناء أدائهم لعملهم داخل‬
‫أماكن العمل ومواقعها المختلفة إلى العامل عن بعد وبخاصة فرض أداء العامل من خالل منزل‬
‫العامل يؤدي إلى إثارة بعض إشكاليات العملية‪ ،‬نظرا للتداخل مابين األوقات الشخصية و المهنية‬
‫في إطار العمل عن بعد‪.3‬‬

‫‪ 9‬القانون رقم ‪ 13/11‬المؤرخ في ‪ 9111/12/19‬المتعلق بمفتسية العمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 9‬لتاريخ ‪ ،9111/12/11‬ص ‪.231‬‬
‫‪ 2‬تنص المادة ‪ 233‬من قانون العمل المصري على أنه‪ ":‬يحمل العامل الذي له صفة الضبطية القضائية بطاقة تثبت هذه الصفة وله‬
‫الحق في دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها للتحقق من تطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له‪ ،‬وفحص الدفاتر واألوراق‬
‫المتعلقة بذلك‪ ،‬وطلب المستندات والبيانات الالزمة من أصحاب العمال أو من ينوب عنهم‪ ، ،‬وطلب المستندات والبيانات الالزمة‬
‫من لصحاب األعمال أو من ينوب عنهم‪ ،‬ويحدد الوزير ال مختص بقرار منه قواعد التكليف بتفتيش أماكن العمل ليال وفي غير‬
‫أو قات العمل الرسمية للقائمين به والمكافآت التي تستحق لهم"‪.‬‬
‫‪ 3‬محمد حسن قاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.923‬‬
‫‪ 4‬يونس تلمساني‪ ،‬الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي في القانون المغربي والمقارن‪ ،‬رسالة ماستر تخصصص علوم‬
‫جنائية‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111-2111‬ص ‪.39‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Voir : - "Etat des lieux des pratiques de négociation sur le télétravail dans les entreprises en France‬‬
‫‪"Document très intéressant de l'ORSE (Observatoire sur la Responsabilité Sociétale des entreprises) – 2011.‬‬
‫تاريخ االطالع‪(Disponible sur le site : http://www.orse.org/).2194/92/99 :‬‬

‫‪933‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إن صاحب العمل الذي يرغب في مراقبة العمل الفعلي‪ ،‬الذي يقضيه العامل في أداء مهامه‬
‫وفق ما تم االتفاق عليه من صاحب العمل يبدو ذلك غير واقعي‪ ،‬فعلى سبيل المثال فإنه فيما يتعلق‬
‫بمراقبة ساعات العمل التي يقطعها العامل عن بعد في أداء مهامه من خالل اإلتصاالت التيليفونية‬
‫أوإرساالت الفاكس خالل اليوم للتأكد من مواظبة العامل على أداء عمله‪ ،‬أو من خالل االتفاق على‬
‫ساعات عمل يجب على العامل خاللها االستجابة الفورية والمباشرة التصاالت صاحب العمل‪ ،‬ال‬
‫شك أن صاحب العمل في كل تلك الممارسات إنما يمس بالحياة الخاصة للعامل عن بعد‪ ،‬وذلك‬
‫بالنظر إلى المكان الذي يباشر فيه العامل عمله‪ ،‬أال وهو منزله المكان المخصص بحسب األصل‬
‫للراحة والهدوء‪.‬‬
‫إن حماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد في ظل تداخل األوقات المهنية والشخصية وصعوبة‬
‫التمييز بينهما‪ ،‬يس تدعي وضع تنظيم خاص لمراقبة الوقت الذي يؤديه العامل عن بعد في تنفيذ‬
‫به‪ ،‬تنظيم يعتمد أساس على مراعاة خصوصية العمل عن بعد‪ ،‬على أن يترك للعامل‬ ‫العمل المكل‬
‫الحد األقصى من الحرية في تنظيم ساعات العمل‪ ،‬لتفادي االتصاالت المتكررة التي تعكر صفو‬
‫الحياة الشخصية والعائلية للعامل بمحل إقامته أو سكنه‪.9‬‬
‫ووتوجيه ومراقبة صاحب العمل ال يعني تفرغ‬ ‫كما أن خضوع العامل عن بعد إلشرا‬
‫العامل لخدمة صاحب العمل وإنجاز أعماله‪ ،‬أو استئثار صاحب العمل بكل جهود العامل ونشاطاته‪،‬‬
‫فليس ثمة ما يمنع قيام العامل بعمله لدى صاحب عمل لبعض الوقت‪ ،‬وتمنعه من القيام بما يشاء من‬
‫أعمال في الوقات األخرى دون أن يؤثر ذلك على قيام عقد العمل بينه وبين صاحب العمل مادام‬
‫يخضع لصاحب العمل وينفذ أومره وتوجيهاته‪.2‬‬
‫غير أن التقدم التكنولوجي في مجال المعلوماتية وما أفرزه من برامج وتجهيزات معلوماتية‬
‫تزود بها المؤسسات المستخدمة‪ ، 3‬أصبح من الممكن أن تكون مراقبة أداء العامل عن بعد على نحو‬
‫دائم‪ ،‬حيث تمكن من خالل هذه البرامج معرفة مدة العمل الحقيقية‪ ،‬وكذلك أوقات الراحة من خالل‬
‫انقطاع االتصال االلكتروني المركزي‪.‬‬

‫‪- Rapport rédigé par Telecom ParisTech qui a assuré la direction scientifique de l'étude – Résultats‬‬
‫‪préliminaires de l'étude WITE 2.0 qualitative réalisée par entretiens semi-directifs-2011- (disponible sur le‬‬
‫‪site :‬‬
‫‪http://www.telecentres.fr/wpcontent/uploads/2011/10/Rapport-etude-qualitative-WITE20-oct-2011.pdf) .‬‬
‫تاريخ االطالع‪2194/92/99 :‬‬
‫‪- "Les conditions de réussite du télétravail " -Yves Lasfargue et Sylvie Fauconnier– Greenworking – 2012,‬‬
‫‪Ce rapport présente les résultats de l'enquête OBERGO 2011/2012 sur les conditions de vie au travail et hors‬‬
‫‪travail des télétravailleuses et télétravailleurs.‬‬
‫‪ 9‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.923‬‬
‫‪ 2‬محمد لبيب شنب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،33‬حسام الدين كامل االهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.929‬‬
‫‪ 3‬يونس تلمساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪934‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مع ذلك يمكن أن تشكل هذه الرقابة اعتداء على الحياة الخاصة للعامل‪ ،9‬وذلك ألن الرقابة عن‬
‫بعد من خالل االجهزة المعلوماتية المركزية للمؤسسة تجعل أداء العامل بكامل مراحله خاضعا‬
‫لرقابة دائمة وتامة من قبل صاحب العمل مما يؤدي إلى المساس بحرية الفردية للعامل في ممارسة‬
‫حياته الخاصة‪.2‬‬
‫وتوجيه على العامل‪ ،‬تقتصر‬ ‫ممارسة صاحب العمل لسلطته في التبعية من مراقبة وإشرا‬
‫فقط على األمور المتعلقة بالعمل من حيث كيفية إتمامه ومكان القيام به وزمانه‪ ،3‬من تم ال يجوز أن‬
‫تمتد هذه السلطة للحد من حرية العامل الشخصية‪ ،‬أو التأثير على حياته الخاصة والعائلية‪ ،‬وخاصة‬
‫في ظل استعمال وسائل االتصال في ممارسة هذه السلطة التي تطورت كثيرا تطور كبيرا مما قد‬
‫يساعد صاحب العمل في المبالغة في استعمالها‪.‬‬
‫إذن العمل عن بعد ال يعني منع صاحب العمل من مراقبة أداء العامل لديه وإن كان يؤدي‬
‫عمله في مكان إقامته‪ ،‬كالعمل في منزله أو مكتبه أو المقر الخاص به‪ ،‬فلصاحب العمل المشروع‬
‫في مراقبة العامل وتوجيهه والـتأكد من حسن تنفيذه لعمله وفق ما يصدر له من تعليمات وال يكفي‬
‫على إنتاج العامل والتحقق من مطابقته للمواصفات المطلوبة بعد إتمامه‪ ،‬وبل ال‬ ‫مجرد االشرا‬
‫يجب أن يتعدى ذلك التدخل في األمور الشخصية للعامل‪.4‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في إطار الجهوزية عن بعد‬
‫بين الوقت الذي يقضيه العامل داخل مكان العمل وذلك المخصص لحياته الخاصة الشخصية‬
‫والعائلية توجد مساحة زمنية يكون فيها وقت العامل من وقت ثالث (‪ ،3)tiers temps‬حيث يكون‬
‫صاحب العمل انتظار لطلب تدخله من قبل هذا األخير‪ ،‬دون أن يكون‬ ‫العامل أحيانا تحت تصر‬
‫مطلوب منه خالل هذا الوقت القيام بمهمة محددة ‪ ،9‬هذه إذن وقت انتظار وجهوزية للتدخل‪.‬‬
‫الجهوزية عن بعد على أنها‬ ‫اتفق كل من التشريع‪ 1‬والقضاء‪ 1‬والفقه الفرنسي‪ 1‬على تعري‬
‫الدائم والفوري لصاحب العمل‪ ،‬مضطرا للمكوث‬ ‫تلك الفترة التي يكون فيها العامل تحت التصر‬

‫‪ 9‬حسام الدين كامل االهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.929‬‬


‫‪ 2‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 4‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Expression de J-E.RAY, les astreintes, un temps du troisième type, Dr. Soc, France,1999, n°3, p 250.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Barthélémy (J), Temps de travail et de repos : l’apport du droit communautaire, Dr. soc, France, 2001, p7.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Le code du travail (Art L3121-5) définit l'astreinte comme «une période pendant laquelle le salarié, sans‬‬
‫‪être à la disposition permanente et immédiate de l'employeur , a l'obligation de demeurer à son domicile ou à‬‬
‫‪proximité afin d'être en mesure d'intervenir pour effectuer un travail au service de l'entreprise« .‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Cass. soc., 24 oct. 2009, no 08-40.350 ; Cass. soc., 30 juin 2010, no 09-40.082 ; Cass. soc, 5 avr. 2012, no‬‬
‫‪ 2011, V, n° 91, Cour d'appel de Paris, du 2 février 2010.‬د‪11-11.283, Bull‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Astreinte - Définition et droit du travail, Site : file:///C:/Users/007/Downloads/astreinte-definition-et-droit-‬‬
‫تاريخ االطالع‪du-travail-15545-nvftdc.pdf2194/92/29 :‬‬

‫‪933‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في المنزل أو مكان قريب‪ ،‬من أجل أن يكون قادرا على التدخل ألداء العمل في خدمة المؤسسة‪،‬‬
‫ويدخل قانون العمل الفرنسي فترة الجهوزية عن بعد ضمن وقت العمل الفعلي‪.9‬‬
‫اعتبر القضاء الفرنسي أن االستعداد المحلي بالقرب من مكان العمل يستخدم من قبل العاملين‬
‫تحديد أحكام فترة الجهوزية عن بعد‪ ،3‬فيما حدد‬ ‫الدائمين‪ ،2‬وقد تولت المادة ‪ L3121-6‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫االجتهاد القضائي قائمة األعمال التي تتطلب فترة الجهوزية عن بعد‪ ،4‬واالشكال المطروح هل‬
‫صاحب العمل‪ ،‬أم أنها وقت راحة يعود للعامل‬ ‫يخضع العامل خالل هذه الفترة إلى مراقبة واشرا‬
‫فيه‪.3‬‬ ‫حرية التصر‬
‫صور التدخل في الحياة الخاصة للعامل أثناء فترة الجهوزية للعمل‬ ‫‪-1‬‬
‫إن فترة الجهوزية عن بعد هي بحسب األصل فترة انتظار‪ ،‬أو جهوزية للتدخل‪ ،‬يقضيها‬
‫العامل سواء في مسكنه‪ ،‬أو في مكان العمل‪ ،‬ويكون من خاللها ورغم أنه ال يمارس أداءا مهنيا‬
‫معينا‪ ،‬مستعدا للتدخل بناءا على طلب صاحب العمل للقيام بأداء عمل لصالح المؤسسة التي يعمل‬
‫به‪ ،9‬وذهب الى اعتبارها على أنها فترة مداومة على العمل‪ ،1‬ألن فترة الحضور أو االحتياط تكون‬
‫خارج مكان العمل في حين أن المداومة في الع مل تتطلب بقاء العامل داخل مكان العمل لتلبية‬
‫االحتياجات المحتملة للمؤسسة‪.1‬‬
‫يعتبر وقت االنتظار والترقب من قبل العامل ممارسة دائمة في عالقات العمل‪ ،‬اذ يعتبر وقت‬
‫عمل فعلي‪ ،‬وأنها ملزم للعامل سواء تم النص عليها في عقد العمل أو االتفاقية الجماعية للعمل‪،1‬‬
‫ح يث يمكن مثال أن يطلب صاحب العمل من العامل البقاء على اتصال عن طريق البريد االلكتروني‬

‫‪9‬‬
‫‪Art L3121-5: «….La durée de cette intervention est considérée comme un temps de travail effecti«.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cour de cassation, civile, Chambre sociale, 2 avril 2014, N°12-27.482, Inédit‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Arti L3121-6 C.civ.fr : « Exception faite de la durée d'intervention, la période d'astreinte est prise en‬‬
‫‪compte pour le calcul de la durée minimale de repos quotidien prévue à l'article L. 3131-1 et des durées de‬‬
‫; ‪repos hebdomadaire prévues aux articles L. 3132-2 et L. 3164-23 » (Cass. soc., 24 oct. 2009, no 08-40.350‬‬
‫‪Cass. soc., 30 juin 2010, no 09-40.082 ; Cass. soc., 5 avr. 2012, no 11-11.283).Les juges doivent donc‬‬
‫‪vérifier si les salariés peuvent réellement vaquer à leurs occupations personnelles.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Un arrêt de la cour de cassation du 9/11/2010 pourvoi N°08-40535.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪J-E.RAY, op.cit, p 251 et s, Acar (B) et Bélier (G), Astreintes et temps de travail, Dr.Soc,‬‬
‫‪France,1995, p 502.‬‬
‫‪ 9‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫‪1‬‬
‫; ‪Waquet (P), En marge de la loi Aubry : travail effectif et vie personnelle du salarié, Dr. soc. 1998, p.969‬‬
‫‪Acar (B) et Bélier (G), loc.cit, p.504.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Chauvy (Y), Astreintes et temps de travail, RJS 1998, p.5.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Cass. Soc., 16 décembre 1998, cela concerne le salarié ayant été embauché après la signature de l’accord‬‬
‫‪collectif et dont il a pris connaissance à l’embauche.‬‬

‫‪939‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫خالل عطلة نهاية األسبوع‪ ،9‬مع مالحظة أن مع مظاهر التكنولوجيا الحديثة وانتشار استخدامها‬
‫تزايد خضوع العامل للمقتضيات المهنية خارج ساعات العمل المعتادة‪.2‬‬
‫الشك أن التطور التكنولوجي وما أفرزه من وسائل االتصال عن بعد أدى إلى تدعيم هذا‬
‫الترقب من قبل العمل‪ ،‬أو جهوزيته للتدخل بناءا على أمر يتلقاه من صاحب العمل‪ ،‬فالعامل‬
‫الخاضع لفترة االنتظار أو الترقب يبقى على اتصال دائم بالمؤسسة التي يعمل بها‪ ،‬ويمكن اللحاق‬
‫به على وجه السرعة في أي مكان كان‪ ،‬عندما يتطلب األمر استدعائه من قبل صاحب العمل لتلبية‬
‫حاجات العمل‪ ،‬سواء كان ذلك جهاو إرسال إشارات مكتوبة أو مسموعة‪.3‬‬
‫تعتبر هذة الفترة تعدي على حق العامل في الراحة التي تشكل عنصرا هاما من عناصر الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬وتأثير على صحته مما تسببه من له من ضغوط نفسية‪ ،‬ذلك أن العامل حين يسعى إلى‬
‫قضاء أوقات راحته إنما يريد البحث عن الخلوة والهدوء ليزيل عنه أعباء العمل ويريح أعصابه‬
‫ويستعيد حيويته‪ ،4‬وليجدد نشاطه لمواجهة أعباء العمل من جديد‪ ،3‬خاصة أن وقت الراحة ضروري‬
‫للمارسة الحياة الخاصة والعائلية‪ ،‬مما يترتب عليه تدخل الحياة المهنية في الحياة الخاصة‪ ،‬ال سيما‬
‫وأن قوانين تتطلب الحد االدنى من فترة الراحة‪.‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء فترة الجهوزية للعمل‬ ‫‪-2‬‬
‫لم ينظم المشرع الفرنسي شأنه شأن المشرع الجزائري قواعد خاصة لحماية العامل أثناء فترة‬
‫الجهوزية للعمل‪ ،‬سيما أن فترة اإلنتظار والتقرب من قبل العامل قد تكون عرضة لنتهاك حرمة‬
‫الحياة الخاصة له‪ ،‬فإذا كانت استجابة العامل لطلب صاحب العمل تنفيذا إللتزام الجهوزية الواقع‬
‫على عاتقه يعد تدخال في حياته الخاصة فماهي الحماية المقرر الحترام حياته الخاصة‪.‬‬
‫الواقع أن القضاء الفرنسي تعرض لهذه المسألة في عدة قضايا‪ ،‬من بينها حكم لمحكمة النقض‬
‫الفرنسية صادر عن غرفتها االجتماعية بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر ‪ 9 9119‬بشأن قيام صاحب العمل بفصل‬
‫مهندس أنظمة معلوماتية يعمل لديه بسبب رفضه التوجه إلى مكان العمل يوم السبت بتشغيل نظام‬
‫معلوماتي من خالل تركيب مجموع معلوماتي استخدمه حديثا صاحب العمل‪ ،‬وذلك على الرغم من‬
‫إخطار المهندس بهذه المهمة قبل عدة أشهر من تاريخ استدعائه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪AMEGEE(M), Le contrat de travail à l’épreuve des NTIC : Le temps effectif du travail et le lien de‬‬
‫‪subordination sont-ils remis en cause, Doctorant en droit des Nouvelles Technologies à l’Université Paris X,‬‬
‫‪2002, p 21.‬‬
‫‪ 2‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫‪3‬‬
‫‪J- E.RAY, Nouvelles technologies et nouvelles formes de subordinations, Dr. Soc, 1992, p 529.‬‬
‫‪ 4‬كريم مزعل شبي الساعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 3‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.241‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Cass.Soc, 27/11/1991, D.1992, J.P, 1996, Note Y.Picod, bulletin d’information de la cour de cassayion, 1‬‬
‫‪février 1992,p 33, obs, Y.Chauvy.‬‬

‫‪931‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في هذه القضية وأمام محكمة الموضوع تمسك العامل للقول بعدم مشروعية قرار فصله ألنه‬
‫في وقته‪ ،‬وأن ذلك يعود‬ ‫خارج ساعات العمل المتفق عليها تكون له الحرية الكاملة في التصر‬
‫إلى حياته الخاصة التي ال يجوز لصاحب العمل المساس بها‪ ،‬ولتبرير رفضه االستجابة لطلب‬
‫صاحب العمل في هذا اليوم استند العامل أيضا إلى أنه كان يتعين عليه البقاء بمنزله لرعاية طفلته‬
‫والتي كانت تعاني بشدة من المرض‪ ،‬رفضت محكمة النقض الطعن المقدم من العامل‪ ،‬وأيدت قرار‬
‫الفصل قائلة أن « طلب صاحب العمل والذي يدخل ضمن التزامات العامل المهنية‪ ،‬ال يشكل اعتداء‬
‫على الحياة الخاصة للعامل»‪.9‬‬
‫اعتبرت المحكمة أن استدعاء العامل إلى مكان العامل خارج ساعات العمل المعتادة‪ ،‬بينما قد‬
‫أخب ر بإمكانية ذلك قبل مدة كافية‪ ،‬يرتبط بالضرورة بالتزاماته المهنية‪ ،‬وكذلك بواجب اإلخالص‬
‫والتعاون الذي يلتزم به تجاه صاحب العمل‪ ،‬ومع ذلك فإن المحكمة أثارت في ذات الوقت التساؤل‬
‫عن كيفية التوفيق بين هذا التزام وحق العامل في احترام حياته العائلية باعتبراها مظهر من مظاهر‬
‫حياته الخاصة‪.‬‬
‫الفقه الفرنسي‪ 2‬فإنه ذهب إلى اعتبار أن رفض الغرفة االجتماعية لمحكمة‬ ‫أما عن موق‬
‫النقض للطعن أمر مثر للجدل في ظل اتجاه تشريعي وقضائي يكرس حماية الحياة الخاصة للعامل‪،‬‬
‫وأن قضاء المحكمة كرس التزاما للجهوزية المرتبط بالتزام حسن النية في تنفيذ العمل‪ ،‬على حساب‬
‫الحياة العائلية المتمثل في المشاكل الصحية لطفلة العامل‪.‬‬
‫في حين رفض القضاء الفرنسي في بعض القضايا النظر الى فترة الجهوزية عن بعد على‬
‫أساس أنها وقت عمل فعلي في حالة ما منعته من ممارسة شؤونه الشخصية‪ 3‬في قرار آخر للقضاء‬
‫الفرنسي بشأن رفض سائق الحافلة القيام بعمل إضافي بعد ظهر يوم السبت أي يوم عطلته ال يعتبر‬
‫خطأ جسيما من جانبه‪ ،‬وال يشكل شببا حقيقيا وجديا يبرر قرار فصله‪ ،‬أو يجعله مشروعا سيما وان‬
‫استدعاء العامل للقيام بهذا العمل كان قد تم في ذات اليوم‪.4‬‬
‫القضاء الفرنسي حاول التوصل إلى تحقيق التوازن بين حق العامل في احترام حياته الخاصة‬
‫من ناحية‪ ،‬ومتطلبات العمل ومصالح صاحب العمل من ناحية أخرى‪ ،‬حيث حرص القضاء على‬
‫التأكيد على تحديد ساعات االنتظاروالترقب‪ ،‬أو جهوزية العامل للتدخل بناءا على طلب صاحب‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass.Soc, 27/11/1991, D.1992 :« Que la demande de l’employeur, qui entrait dans le cadre des obligation‬‬
‫‪professionnelles de ce salarié, ne portrait pas atteinte à la vie privée de celuici ».‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Y.Picod, Le devoir de loyauté dans l’exécution du contrat, LGDJ, 1989, p 98.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Barthélemy J, « Temps de travail et temps de repos, l’apport du droit communautaire », Droit Social,‬‬
‫‪janvier 2001, P.634‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Paris, 24/06/1983, Droit ouvrir, 1983, p 423, Note M.B.‬‬

‫‪931‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العمل بمقتضى عقد العمل المبرم بين الطرفين مع تحديد األجر الذي يستحقه العامل خالل فترة‬
‫تدخله لتنفيذ االلتزام بالجهوزية‪ ،‬مع ضرورة مراعاة الشروط القانونية والتعاقدية المنظمة لساعات‬
‫العمل الفعلي‪.9‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫إن إبرام عقد العمل بين طرفي عقد العمل ينشىء االطار المهني للعامل‪ ،‬وفيه يسمح لصاحب‬
‫العمل بصفته مسؤوال عن سير العمل في المؤسسة والعاملين فيها أداء دور محدد إعماال لمقتضيات‬
‫التبعية‪ ،2‬أما خارج االطار المهني حيث ينتهي التزام العامل بمفرداته زمانيا ومكانيا ومن حيث‬
‫األداء المطلوب منه‪ ،‬فإنه يسترد كامل حريته في ممارسة مفردات حياته المختلفة‪ ،‬وأي تجاوز من‬
‫جانب صاحب العمل يعتبر تدخال في الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫تسوجب حماية الحياة الخاصة للعامل وضع حدود للتداخل بين اإلطار المهني القائم كنتيجة‬
‫إلبرام عقد العمل وبين اإلطار غير المهني‪ ،‬والذي يعد بمثابة حياة خاصة تحظى بالحماية ضد كل‬
‫اقتراب أو مساس بها من جانب صاحب العمل‪.3‬‬
‫لعل من أهم الضمانات التي تؤكد حق العامل في حياته الخاصة هو مبدأ استقالل الحياة‬
‫الخاصة عن الحياة المهنية ( الفرع األول)‪ ،‬إال أن هذا المبدأ ترد عليه بعض االستثناءات التي تشكل‬
‫قيد على ممارسة العامل لحياته الخاصة خارج مكان العمل (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫استقالل الحياة الخاصة للعامل عن حياته المهنية‬
‫إن الفصل الكامل بين االطار المهني للعامل واالطار غير المهني مرتبط إالتباطا وثيقا بعقد‬
‫العمل المبرم بينه وبين العامل‪ ،‬حيث تستقل الحياة الخاصة للعامل تماما عن التعهدات التي التزم بها‬
‫والمراقبة والتوجيه المترتبة‬ ‫العامل بموجب العقد‪ ،‬إذ تختفي التبعية وداللتها من سلطة اإلشرا‬
‫عليها ويتحرر العامل من االلتزام بالخضوع لمقتضياتها النتفاء علتها‪. 4‬‬

‫‪9‬‬
‫‪L’arrêt SIMAP rendu le 3 octobre 2000 par la CJCE a clarifié la distinction et le régime juridique de‬‬
‫‪l’astreinte et de l’équivalence, En savoir plus sur http://www.village-justice.com/articles/Reflexions-autour-‬‬
‫‪ .‬تاريخ االطالع‪notion-temps2194/92/29 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪DESPAX, La vie extra-professsionnelle du salarié et son incidence sur le contrat du travail, J.C.P, 1963,‬‬
‫‪Doc,France, p767.‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫‪SAVATIER )J(, La protection de la vie privée des salariés, op, cit, p 329.‬‬

‫‪931‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أثناء تنفيد عقد العمل يكون مقبوال تدخل صاحب ال عمل في حياة العامل المهنية‪ ،‬وهو تدخل‬
‫ارتضاه بقبوله التعاقد وإعماال الثاره من االلتزام بتعهدات محددة تؤدي إلى إحداث أثر قانوني‪ ،‬أما‬
‫وأنشطة وسلوكيات عديدة ومتنوعة‬ ‫خارج االطار غير المهني‪ ،‬فإن الدائرة تتسع لتحتمل مواق‬
‫يصعب حصرها‪ ،9‬بشأنها يسترجع العامل كامل حريته في التعامل معها على النحو الذي يعكس‬
‫شخصيته هو ال شخصية صاحب العمل‪ ،‬وبالتالي ينحصر دور األخير تماما عن هذه المنطقة‪،2‬‬
‫وتأكيدا لهذا الحق ظهر مبدأ عدم تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل في أحكام القضاء‬
‫الفرنسي للتبناه فيما بعد النصوص التشريعة‪.‬‬
‫القضاء بمبدأ عدم تدخل صاحب العمل فى الحياة الخاصة للعامل‬ ‫أوال‪ :‬اعترا‬
‫في البداية من خالل أحكام القضاء التي ظلت لوقت طويل تنسج خيوط‬ ‫جاء هذا االعترا‬
‫آخر‬ ‫هذا المبدأ‪ ،‬حيث ظهر نوع من الرفض لوصاية صاحب العمل على عماله‪ ،‬وظهر موق‬
‫بمناسبة فرض شرط العزوبية ضمن عالقات العمل‪ ،‬ليقر أن قدرة صاحب العمل تنحصر تماما‬
‫بحسب األصل إعماال لمبدأ الفصل الكامل بين الحياة المهنية والحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫‪ - 1‬مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة بسبب الوضع العائلي‬
‫رفض القضاء الفرنسي التدخل في حياة العامل غير المهنية من جانب صاحب العمل الذي‬
‫يسعى إلى مد مظلة التبعية إلى غير مجالها األساسي والحيوي‪ ،3‬فقد اختلطت سلطة صاحب العمل‬
‫لوقت طويل بسلطة العامل تجاه عائلته‪ 4‬بسبب األخذ بفكرة مفادها أن الشكل العائلي يمثل نموذج‬
‫تنظيم عالقات العمل بين صاحب العمل وعماله‪ ،3‬فقد تضمنت بعض اللوائح القديمة المنظمة للعمل‬
‫امتداد سلطات صاحب العمل إلى الحياة الخاصة لعماله‪.‬‬
‫يرجع مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة للعامل من خالل رفض وصاية صاحب العمل‬
‫على عماله خارج الحياة المهنية سيما في حياتهم الخاصة إلى حكم محكمة النقض الفرنسية في ‪11‬‬
‫جويلية‪ ،9 9191‬عندما أكدت على الطابع التعسفي للتسريح الذي قام به صاحب العمل ضد أحد‬
‫عماله‪ ،‬عقب حدوث مشاكل عائلية بينهما‪ ،‬حيث كان العامل (‪ ) Rene TISSOT‬يعمل سائقا ألحدى‬
‫السيارات وتم تسريحه بسبب عدم اللياقة‪ ،‬وكان صاحب العمل (‪ )Cyprien TISSOT‬هو والد‬
‫العامل‪ ،‬إذ طلب من ابنه أن ينفصل عن زوجته وبكنه رفض‪ ،‬ولم ينسب إلى العامل أي خطأ آخر‬

‫‪ 9‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪2‬‬
‫‪DESPAX )M( , op.cit, p177.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪SAVATIER )J(, La protection de la vie privée des salariés, op, cit, p 51.‬‬
‫‪ 4‬كانت األنشطة المهنية خالل الفترة السابقة على الثورة في القرن التسع عشر في فرنسا تمارس من خالل النشاط العائلي حيث لم‬
‫تكن الحياة المهنية منفصلة عن الحياة العائلية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪SAVATIER )J(, La liberté dans le travail, Dr.Soc.1990, p 51.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Cass. Soc., 08 juillet 1960, pourvoi n°06954270, Bull. civ.N° 756.‬‬

‫‪991‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مهني‪ ،‬حيث جاء في حكم المحكمة أن التسريح أن اإلجراء محل النزاع "لم يكن مبررا ال من‬
‫الناحية المهنية وال من الناحية العائلية"‪ ،9‬وخلصت أخيرا إلى إدانة سلوك صاحب العمل الذي أحل‬
‫السلطة األبوية محل سلطته المهنية‪ ،‬وقيامه بالضغط على العامل للتدخل في شؤونه الخاصة‪.‬‬
‫تجدر االشارة أن الربط بين سلطة المستخدم وسلطة رب العائلة خالل تلك الحقبة الزمنية كان‬
‫يؤدي إلى حال من التبعية المستمرة‪ ،‬ألن المستخدم كان يتخذ صفة رب أسرة ويهتم بتقديم كل ما‬
‫هو ضروري لعماله‪ ،‬هذا ما دفع بالقضاء إلى التركيز على وجوب الفصل بين الحياة المهنية التي‬
‫يكون للمستخدم حق التدخل فيها دون غيرها وبين الحياة العائلية الخاصة بالعامل‪.2‬‬
‫‪ -2‬مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة بسبب شرط العزوبية‬
‫القضاء المنشيء لمبدأ عدم تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل مرة‬ ‫تأكد موق‬
‫أخرة بمناسبة فرض شرط العزوبية على المضيفات الجوية في النظام الداخلي‪ ،‬حيث قامت شركة‬
‫الطيران الخطوط الجوية الفرنسية ‪ AIR France‬بفسخ عقد عمل إحدى العامالت لديها تدعى‬
‫(‪ )Anne-Marie DOMERGUE‬التي كانت تعمل كمضيفة عقب زواجها خرقا للنظام الداخلي لهذه‬
‫المؤسسة التي تشغل المضيفات الجويات من بين العازبات واألرامل والمطلقا‪ ،‬وتقرر فسخ عقد‬
‫العمل عند كل زواج تبرمه تلك المضيفات أثناء ارتباطهن معها بعقد عمل‪.‬‬
‫حيث أنه في تلك الفترة لم يكن هناك تحديد قانوني لمضمون النظام الداخلي‪ ،‬إذ كان يخضع‬
‫لتقدير صاحب العم ل دون أن يخضع هذا األخير إلى أية رقابة من الناحية العملية‪ ،‬فرفعت هذه‬
‫العاملة دعواها إلى القضاء للمطالبة بالتعويض عن اإلنهاء التعسفي لعقد العمل‪ ،‬في حين دفعت‬
‫شركة الطيران بأن عمل المضيفة يتعارض مع زواجها والحياة العائلية العادية‪ ،‬وأصدرت بشأنها‬
‫محكمة الدرجة األلى بالسين "‪ "La seine‬حكما بتاريخ ‪ 93‬جوان ‪ 9199‬رفض طلب المضيفة‬
‫باريس في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 31‬أبريل‬ ‫المفصولة من العمل‪ ،‬غير أن محكمة استئنا‬
‫‪9193‬ألغت حكم أول درجة على أساس أن الحق في الزواج إنما هو حق شخصي ال يمكن الحد منه‬
‫أو التنازل عنه‪.3‬‬
‫وعليه تم اعتبار الحق في الزواج حقا شخصيا من النظام العام ال يمكن تقييده أو الحد منه‪،‬‬
‫حيث أن في مجال العالقات التعاقدية يجب أن تكون حرية الزواج محمية من حيث المبدأ‪ ،‬وأنه في‬

‫‪9‬‬
‫» ‪Cass. Soc., 08 juillet 1960 :« N’était justifiée ni du point de vue professionnel, ni du point de vue familial‬‬
‫‪2‬‬
‫‪DESPAX )M( , op.cit, p178.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Le droit au mariage des hôtesses de l’air, Arrêt de la cour de paris du 30 avril 1963, 1ere chambre, note par‬‬
‫‪Jean MOROLLET, Dr.Soc, N°8, Septembre 1963, p 484‬‬

‫‪999‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫غير األسباب الضرورية فإن شرط عدم الزواج يجب اعتباره باطال لمساسه بحق أساسي من حقوق‬
‫الشخصية‪ 9‬وانتهاكه لحرمة الحياة الخاصة لعامل‪ ،‬وبهذا ظهر مبدأ استقالل الحياة الخاصة عن‬
‫الحياة المهنية في أحكام القضاء تبعه بعد ذلك تأكيد المشرع على هذا المبدأ‪.‬‬
‫التشريع مبدأ عدم تدخل صاحب العمل فى الحياة الخاصة للعامل‬ ‫ثانيا‪ :‬اعترا‬
‫تعد ممارسة الحقوق والحريات خارج العمل محل تنظيم في القانون المدني والقانون العام‬
‫هذا األخير بتلك الحقوق داخل المؤسسة‪ ،‬ويعمل على عدم‬ ‫وليس في قانون العمل‪ ،‬ومع هذا يعتر‬
‫امتداد سلطة صاحب العمل نحو الحياة الخاصة للعامل بعدم التدخل في الحياة الخاصة من خالل‬
‫مبدأ عدم تدخل المستخدم فيها‪ ،‬وهذا المبدأ يقتضي ضرورة أن يوجد حاجز منيع بين الحياة المهنية‬
‫وبين الحياة غير المهنية للعامل‪ ،2‬وهو مبدأ أقره القضاء وتأكد بنصوص التشريع في فرنسا‪.3‬‬
‫‪ - 1‬مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب التمييز بين العمال‬
‫ظهر مبدأ الفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية في أحكام القضاء‪ ،‬ليأتي التشريع فيما بعد‬
‫ويقر هذا الفصل بنصوص تشريعية‪ ،‬بل وأكد على عدم شرعية الجزاءات التي يوقعها صاحب‬
‫العمل على العامل في مثل هذه األحوال‪ ،‬وذلك من خالل المادة ‪ 11‬من القانون المدني الفرنسي‬
‫التي نصت على أنه "لكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة"‪ ،‬وتشير هذه المادة إلى ضمان‬
‫سرية الحياة الخاصة‪ ،‬وكذا ضمان حرية الحياة الخاصة‪.‬‬
‫اتخذت الحماية التشريعية للحياة الخاصة للعامل أساسها على مبدأ عدم التمييز وهو مبدأ‬
‫يحظر على صاحب العمل أن يتبنى سلوكا سلبيا في مواجهة العامل بسبب يرجع لوضعه العائلي‪،4‬‬
‫كما قضت محكمة النقض الفرنسية طبقا للمادة ‪ 11‬من القانون المدني الفرنسي أن "لكل شخص‬
‫الحق في احترام حياته الخاصة وبالتلي ال يمكن تسريح العامل لسبب يتعلق بحياته الخاصة‪.3‬‬
‫الفرنسية شامبيري في حكمها الصادر في ‪ 29‬ماي ‪ 9119‬اعتبرت‬ ‫كما أن محكمة االستئنا‬
‫أن تسريح العامل على أساس النسب تسريح تعسفي‪ 9‬مستندة في ذلك على نص المادة ‪ 11‬من‬
‫القانون المدني الفرنسي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Le droit au mariage des hôtesses de l’air, Op. cit, p 482.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪DESPAX )M( , op.cit, p178, «Qu’il doit exister une cloison etanche etre la vie professionnelle et la vie‬‬
‫‪extra profissionnelle du salarié ».‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.994‬‬
‫‪4‬‬
‫‪SAVATIER )J(, La liberté dans le travail, op.cit, p 51.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪« Selon l'article 9 du Code civil, chacun a droit au respect de sa vie privée ; il en résulte qu'il ne peut être‬‬
‫‪procédé à un licenciement pour une cause tirée de la vie privée d'un salarié», Cass.Soc, 22 janv 1992, n° 90-‬‬
‫‪42517, Bull 1992 V N° 30 du 14 mars 1990, p18.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪CA Chambéry 21 mai 1996, Dr. ouvrier 1996, p. 415, obs. P. DARVES BORNOZ.‬‬

‫‪992‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يحظر قانون العمل الفرنسي بموجب المادة ‪ L122-35‬منه صراحة على صاحب العمل أن‬
‫يدرج في النظام الداخلي للمؤسسة نصوصا تضر بالعمال في عملهم بسبب جنسهم أو عاداتهم‬
‫أوحالتهم االجتماعية‪...‬الخ‪.‬‬
‫تطبيقا لنص هذه المادة قضت محكة النقض الفرنسية في الحم الصادر في ‪ 91‬أبريل ‪9119‬‬
‫بعدم شرعية تسريح عامل لسبب يرجع إلى عاداته‪ ،9‬وقد طبق هذا المبدأ أيضا بمناسبة فصل أحد‬
‫مبادىء الكنيسة الكاتوليكية‪ ،‬فقضت محكمة‬ ‫العمال في جمعية كاتوليكية بحجة أن عاداته تخال‬
‫باريس بأن العامل ليس له صلة مباشرة برواد الجمعية ولم يمارس علهم تأثيرا يذكر بمناسبة أداء‬
‫عمله‪ ،‬وعلى هذا األساس يصبح الفصل خاليا من السبب الحقيقي والجدي ويحق للعامل الحصول‬
‫على تعويضات نتيجة هذا الفصل التعسفي‪.2‬‬
‫كما تنص المادة ‪ L122-45‬على أنه « ال يمكن فصل العامل أو عقابه بسبب أصله أو جنسه‬
‫أو عاداته أو حالته االجتماعية‪...‬وكل إجراء يتم بناءا على ذلك يعد باطال»‪ ،‬تطبيقا لهذه المادة‬
‫توسعت محكمة النقض في تحديد المفهوم العائلي فجعلته يشمل كل مظاهر الحياة العائلية سواء تعلق‬
‫بأسرة شرعية أو طبيعية أو بعالقة غير مشروعة أو بعالقة زواج عموما‪ 3‬أو عالقة أسرية‪.4‬‬
‫هذا ما أخذ به المشرع الجزائري أيضا في المادة ‪ 11‬من قانون ‪ 99/11‬التي نصت على أنه‬
‫" تعد الشروط الواردة في النظام الداخلي‪ ،‬التي قد تلغي حقوق العمال أو تحد منها كما تنص عليها‬
‫القوانين واالتفاقيات الجماعية المعمول بها الغية وعديمة المفعول"‪.‬‬
‫‪ - 2‬مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب التسريح ألسباب غير مهنية‬
‫تراجع حاليا لجوء صاحب العمل إلى تسريح العمال ألسباب تجد مصدرها في حياتهم الخاصة‬
‫الفتقاده لما يمكن اعتباره سببا حقيقيا وجديا‪ ،‬مما دفعه لإلعتماد على انطبعات العامل وقـناعته‬
‫الشخصة ومشاعره الخاصة في فصل العامل على أساس أن صاحب العمل ليس له ثقة في العامل‪.‬‬
‫حيث أن غياب الثقة يستند ألسباب غير مهنية‪ ،‬من خالل تقييم العامل تقييما شخصيا‪ ،‬بل قد ال‬
‫ألشخاص آخرين لهم بصلة‬ ‫تقييم العامل عند هذا الحد بل قد يتم اللجوءالى تقييم مواق‬ ‫يق‬
‫العقد‪.3‬‬ ‫بالعامل قد تحدث خلال في الثقة القائمة بين أطرا‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass. Soc,17-04-1991-n° 90-42636, Bulletin 1991, V, n° 201, du 30 mars 1991, p122.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪C.A Paris, 29 Janv 1992, Dr.Soc, 1992, p 335, obs J.SAVATIER.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Soc,10 fév 1999, Dr.Soc , 1999, p 410, obs, M.C. BONNECHERE.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Soc,1er juin 1999, Dr.Soc , 1999, p 838, obs, C.ROY-LOUSTAUNAU.‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪993‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كانت أحكام القضاء الفرنسي إلى وقت قريب تقر بفصل العامل على أساس اهتزاز ثقة‬
‫صاحب العمل‪ ،‬حيث كانت تعتبر أن عدم ارتياح صاحب العمل للعامل يعدد مبررا لتسريحه من‬
‫العمل‪ ،‬حيث قضت في إحدى القضايا بأن المشاكل التي بين زوج إحدى العامالت والمؤسسة تشكل‬
‫سبب حقيقي وجدي لقرار التسريح الذي اتخذه صاحب العمل على أساس فقدان الثقة في العامل‪.‬‬
‫غير أن محكمة النقض الفرنسية غيرت موقفها في مطلع التسعينات وأقرت أن فقدان الثقة‬
‫الذي يدعيه صاحب العمل ال يشكل في حد ذاته سببا للتسريح‪ ،9‬ذلك أن عدم ثقة صاحب العمل في‬
‫العامل ال يكفي بحد ذاته للتسريح‪ ،‬فهذه الحالة النفسية المجردة يصعب تقييمها وذلك العتمادها على‬
‫مفردات ذاتية لديه ومن ثم ال تعد سببا جدا أو حقيقيا‪ ،‬وال تعكس مبررا مشروعا للتسريح‪ ،2‬وقد‬
‫الجديد للمحكمة على أنه رغبة في التضييق من دائرة فقدان الثقة الذي يستند عليه‬ ‫فسر الموق‬
‫لتبرير تسريح العامل‪.‬‬
‫تأكد هذا الحق في عدة قضايا في الوقت الحالي‪ ،‬فقد تمسك العامل باحترام حياته الخاصة في‬
‫كثير من المنازعات القضائية وطالب باحترامها بمناسبة وقائع ال تمثل اعتداءا حقيقيا على حياته‬
‫الخاصة‪ ،‬إذ أن في إحدى القضايا تتلخص وقائعها بأن إحدى العامالت في شركة (‪)Renault‬‬
‫‪3‬‬

‫اشترت سيارة ذات عالمة تجارية منافسة (‪ ،)Peugeot‬فقامت الشركة إثر ذلك بتسريحها‪ ،‬حيث‬
‫العاملة فيه انتقد لبضاعة الشركة المستخدمة‪ ،‬كما رأى قضاة الدرجة األولى أن‬ ‫رأت أن تصر‬
‫تجاهل العاملة للمصالح المالية لصاحب العمل بشرائها سيارة من شركة منافسة يمثل تشكيكا في‬
‫منتوج صاحب العمل وجودته‪ ،‬وبناءا عليه يعتبر تصرفها سببا جديا للتسريح‪.‬‬
‫غير أن محكمة النقض نقضت هذا الحكم على أساس مخالفته للمادة ‪ 11‬من القانون المدني‬
‫الفرنسي‪ ،‬حيث أكدت أن للعاملة كاملة الحرية في شراء المواد والسلع والمنتجات التي تشاء‪ ،‬وأن‬
‫شراء سيارة من نوع غير الذي يبيعه صاحب العمل ال يعتبر سببا مبررا للتسريح‪ ،‬ورأت المحكمة‬
‫أن السبب المستند إلى الحياة الخاصة والذي أدى إلى الفصل كان من حيث المبدأ سببا محظورا‪.‬‬
‫المحكمة وقد انتهت إلى أن سبب التسريح مستمد من الحياة الخاصة للعامل يفترض‬ ‫إن موق‬
‫بحسب األصل عدم تأثيرها على حياته المهنية‪ ،‬يعكس مفهوما واسعا للحياة الخاصة في مواجهة‬

‫‪9‬‬
‫‪« La perte de confiance alléguée par l’employeur ne constitue pas en soi un motif de licenciement »,‬‬
‫‪Cass.Soc, 29 Nov 1990, Dr. 1991, p 190, Note J.PELISSIER.‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.999‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.Soc, 22 janv 1992, n° 90-42517, Bull 1992 V N° 30 du 14 mars 1990, p 18.‬‬

‫‪994‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أصحاب العمل‪ ،‬وهذا ما جعل البعض‪ 9‬يرى أن المحكمة أرادت حماية الحياة الشخصية وليس فقط‬
‫الحياة الخاصة‪.‬‬
‫المفهوم الواسع للحياة الخاصة من منظور محكمة النقض يدخل فيه كل ما هو خارج عن‬
‫نطاق الحياة المهنية‪ ،2‬ويجعل هناك حظرا على صاحب العمل في أن يلتمس أسباب التسريح ليس‬
‫في الحياة الخاصة للعامل فحسب وإنما أيضا في حياتهم العامة غير المهنية‪ ،‬فال يمكن أن يستند إلى‬
‫تصرفاتهم في هذا النطاق كأسباب للتسريح‪.3‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫نطاق تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل‬
‫القاعدة العامة أن الحياة الخاصة للعامل مستقلة عن حياته المهنية‪ ،‬فال يجوز لصاحب العمل‬
‫التدخل في ال حياة الخاصة لعماله‪ ،‬ورغم ذلك فإن عالقات العمل تتسم بخصوصية معينة‪ ،‬تتجلى في‬
‫عالقة التبعية التي بمقتضاها يتخلى العامل عن جزء من حريته‪ ،‬بالقدر الذي من خالله ينفذ ما تعهد‬
‫بتنفيذه‪.4‬‬
‫كما أن مبدأ عدم تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل ليس على إطالقه‪،‬إذ أن‬
‫العامل حينما يترك مكان العمل ال يتخلى عن صفته كعامل‪ ،‬فحتى في الفترات التي ال يكون فيها‬
‫تحت إمرة صاحب العمل فإن ارتبطاه بالمؤسسة بعقد عمل ال يمكن تجاهله‪ ،‬ويمكن عندئذ أن نرسم‬
‫حدودا لحياة العامل الخاصة‪ ،‬وتظهر استثناءات على مبدأ االستقالل‪.3‬‬
‫إبرام ع قد العمل بين الطرفين ينشىء اإلطار المهني للعامل وفيه يسمح لصاحب العمل بصفته‬
‫مسؤوال عن عمل المؤسسة أداء دور محدد إعماال لمقتضيات التبعية التي يخضع لها العامل‪ ،9‬أما‬
‫في غير اإلطار المهني فال يحق لصاحب العمل التدخل في حياة العامل غير المهنية ألنها محمية‬
‫من تدخل صاحب العمل‪ ، 1‬ألن تنفيذ عقد العمل ال يرتبطا بمفردات خارج إطاره‪ ،‬إال أن الفصل‬
‫الكامل بين اإلطاريين أو التداخل بينهما يعتمد على مدى االقتراب أو االبتعاد عن المؤسسة التي‬
‫تجمع بين العامل وصاحب العمل‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪VERDIER( J – M) , Interaction entre vie personnelle et vie professionnelle à l’intérieur et à l’extérieur de‬‬
‫‪l’entreprise, Gas.pal, 1996, p 420.‬‬
‫‪ 2‬يرى هذا االتجاه الفقهي أنه إذا كانت الحياة الخاصة بالمعنى الدقيق تعني ذلك الجانب من الخصوصية والسرية‪ ،‬فإن الحياة‬
‫الشخصية تشمل الحياة الخاصة وكذلك الجوانب األخرى غير السرية والمرتبطة بحقوق الشخص وحرياته والتي قد ال تكون سرية‬
‫ويكون مجالها هو النطاق غير المهني أو الحياة غير المهنية بشكل عام‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪SAVATIER (J), op.cit, p 33, L.LEVENEUR, op, cit, p 43.‬‬
‫‪ 4‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد أيوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.994‬‬
‫‪ 9‬خالد حمدي عبد رحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪1‬‬
‫‪DESPAX (M) op.cit, p776.‬‬

‫‪993‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫عدم المساس بالمؤسسة يفرض احترام مبدأ الفصل الكامل بين اإلطار المهني واإلطار غير‬
‫المهني إذ يعد االقتراب من االخير مساسا بالحياة الخاصة للعامل يستوجب المسؤولية‪ ،9‬في حين أن‬
‫االقتراب من المؤسسة يفيد تداخال بين اإلطارين قد حدث وأن الفصل الكامل بينهما غير حقيقي‪.2‬‬
‫معيار بحث مدى التداخل بين اإلطار المهني وغير المهني هو معيار تأثر المؤسسة‪ ،‬ومن هذا‬
‫المنطلق يكون نطاق تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة في عدة حاالت أهمها تأثير الحياة‬
‫الخاصة للعامل على سير العمل بالمؤسسة (أوال)‪ ،‬أو في حالة تأثيرهاعلى مصالح المؤسسة (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تأثير الحياة الخاصة للعامل على سير العمل بالمؤسسة‬
‫إن سلطة صاحب العمل تنحصر تماما بحسب األصل إعماال لمبدأ الفصل الكامل مابين‬
‫اإلطارين المهني وغير المهني‪ ،‬هذا الفصل الذي يعتمد على عدم المساس بالمؤسسة‪ ،‬حيث أن‬
‫األمر ال يتعلق ببالتدخل في الحياة الخاصة للعامل وحرية ممارستها بقدر ما يعد ممارسة من جانب‬
‫صاحب العمل لمسؤولياته‪ ،‬وتقييم مدى التخل في الحياة الخاصة للعامل من قبل صاحب العمل‬
‫‪3‬‬
‫على مدى تأثر المؤسسة باعتبارها أساس اإلطار المهني‬ ‫وكونه تدخال مبررا أو غير مبرر يتوق‬
‫بما يحدث بعيدا عنها أو خارج المؤسسة‪.‬‬
‫شهد القضاء الفرنسي تطورا في هذا المجال‪ ،‬حيث أوجد من خالل أحكامه معايير إستثنائية‬
‫مكنت صاحب العمل من خاللها مد سلطته في التبيعة إلى مجاالت خارج اإلطار المهني‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل وضع الحياة الخاصة للعامل محل اعتبار بوجود أسباب حقيقية وجدية للفصل‪ ،‬متى تبين أن‬
‫ممارسات العامل أحدثت اضطرابا في سير العمل بالمؤسسة‪ ،‬أو أنها تتعارض مع طبيعة المهام‬
‫المؤسسة‪.‬‬ ‫الموكلة إليه‪ ،‬أو مع أهدا‬
‫‪ - 1‬اضطراب العمل بالمؤسسة بسبب الحياة الخاصة للعامل‬
‫إن التدخل في حياة العامل غير المهنية من جانب صاحب العمل الذي يسعى إلى مد مظلة‬
‫التبيعة إلى غير مجالها األساسي يكون مقبوال متى بدا أن ممارسات العامل تحدث إضطرابا ملحوظا‬
‫في المؤسسة مما يبرر تسريحه‪ ،4‬ولقد أثار مفهوم اإلضطراب عدة تساؤالت‪ ،‬فهل يعني‬
‫أو الخشية من حدوثه؟‬ ‫اإلضطراب الحقيقي الحال‪ ،‬أم يكفي مجرد الخو‬
‫ركز القضاء الفرنسي على اإلضطراب الواضح (‪ )trouble caractrésé‬الذي يسببه سلوك‬
‫العامل في نطاق الحياة غير المهنية‪ ،‬وفي مرحلة الحقة تبنى معيار الضرر الفعلي ‪)un préjudice‬‬

‫‪ 9‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪2‬‬
‫‪SAVATIER (J), La liberté dans le travail, op.cit, p 49.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪RIVERO (J), Les Libertés Publiques dans l’entreprise, op.cit, p 423.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪SAVATIER )J(, La liberté dans le travail, op.cit, p 39.‬‬

‫‪999‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫(‪ réel‬من خالل عبارة اإلضطراب الملحوظ (‪ ، )trouble caractrésé‬أواإلضطراب الموضوعي‬


‫الفعلي ( ‪ )trouble objectif‬وهي مصطلحات ال تتفق مع اإلضطراب المحتمل‪.9‬‬
‫التي من شأنها احداث اضطراب ملحوظ في المؤسسة‪ ،‬ذلك‬ ‫يصعب حصر األفعال أو المواق‬
‫أطر‬ ‫الحياتية وتختل‬ ‫األنشطة أو المواق‬ ‫أن حياة العامل خارج المؤسسة تتسع لمختل‬
‫العامل السياسية أو االجتماعية أو العقائـدية أو السلوكية‪ ،‬ومخـتل‬ ‫ومرجعيات تقييمها كمواقـ‬
‫التي تدخل في إطار ممارسة العامل لحريته أيا كان مجالها‪.‬‬ ‫المواق‬
‫القانونية‬ ‫اإلضطراب الملحوظ يعكس حالة يترتب على توافرها من عدمه‪ ،‬تحديد المواق‬
‫عالقة العمل بشأن تحديد المناطق المتداخلة بينهم‪ ،2‬ويتعين التوفيق‬ ‫الممكن اتخاذها من قبل أطرا‬
‫عقد العمل إلى تأكيد أهميتها من زاويته‬ ‫من أطرا‬ ‫بين االعتبارات المختلفة التي ي سعى كل طر‬
‫فيما يزعم صاحب العمل بأن عمل المؤسسة مهدد بسبب ممارسات العامل خارج اإلطار المهني‬
‫وبين زعم العامل بأن حياته الخاصة قد انتهكت من دون مبرر‪.3‬‬
‫إن حدوث اضطراب ملحوظ في المؤسسة يعد مبررا مشروعا يمكن لصاحب العمل االستناد‬
‫تسريح‬ ‫عليه النهاء عقد العمل‪ ،‬رغم أن مصدره مستمد من الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬وال يوص‬
‫العامل في هذه الحالة بالتعس ‪ ،‬ومن تم فإن اإلدعاء بحدوث إضطراب ملحوظ في المؤسسة مما‬
‫يعد مبررا مشروعا للتسريح يخضع للرقابة القضائية التي تلعب دورا حساما لضبط التوازن بين‬
‫أصحاب العمل والعاملين لديهم‪.4‬‬
‫في قضية تتلخص وقائعها في أن إحدى المؤسسات قامت بتسريح أحد عمالها ألنه اعتدى‬
‫بالضرب على إحدى العامالت معه خارج المؤسسة‪ ،‬على مرأى ومسمع من العمال اآلخرين الذين‬
‫وجودهم هناك عند حدوث واقعة الضرب‪ ،‬فترتب على ذلك صدور ردود وتعليقات عديدة‬ ‫تصاد‬
‫بين العمال في اليوم التالي داخل المؤسسة‪ ،‬فاعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن هذا التسريح لم‬
‫يكن على هذا النحو مجردا من السبب الحقيقي والجدي‪.3‬‬
‫على هذا األساس فإن واقعة الضرب وإن كانت خارج نطاق المؤسسة من الناحية الزمنية‬
‫وا لمكانية‪ ،‬وال صلة لها بالعمل‪ ،‬إال أن وقوعها بين عامل وزميلته في العمل‪ ،‬يعمالن في نفس‬
‫المؤسسة ومشاهدة الزمالء لهما‪ ،‬كان لهذا األمر المتعلق بالحياة غير المهنية تأثيرا على حسن سير‬
‫العمل بالمؤسسة مما جعل المحكمة تأخذ بعين االعتبار هذا األمر‪ ،‬وتعتبره سبب حقيقي وجدي‬

‫‪ 9‬محمد صالح أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬


‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪TEYSSIE (B), Personnes, entreprise et relation de travail, Droit social, France,1988, p 384‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Gérard Lyon-Caen, Droit du travail, Dalloz, 17 éd, France, 1994, p 286.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, Janv.1992, Gaz.pal, 1992, p 135.‬‬

‫‪991‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لتسريح العامل رغم خروجه عن النطاق المهني وتعلقة بالحياة الخاصة‪ ،9‬في قضية أخرى تم‬
‫خارج المؤسسة‬ ‫المحكمة بفعل التحرش الجنسي المصحوب بالعن‬ ‫تسريح العامل إلدانته من طر‬
‫استنادا لعـدم الثقة فيـه‪ ،‬حيث تضـم المؤسسة عدد كبير من العامالت‪ ،‬واعتبرت بأن هذا المبرر‬
‫مشروع ويكعس سببا حقيقيا وجديا‪.2‬‬
‫كما اعتبرت محكمة النقض الفرنسية في قضية أخرى التسريح مبررا بشأن قضية عامل أدين‬
‫بجريمة اغتصاب ابنة واحد من زمالء العمل‪ ،3‬فالبرغم من أن العامل لم تصدر عنه أية أفعال‬
‫مزعجة داخل المؤسسة إال أن ما حدث خارجها أدى إلى فقدان الثقة به مما يشير إلى أن تسريحه ال‬
‫يعتمد على معيار شخصي بل يستند إلى معيار موضوعي يعكس احتماالت تأثر المؤسسة سلبا‬
‫ألسباب خاصة بالعامل‪.4‬‬
‫صدر بإدانة العامل جنائيا‬ ‫في قضية مماثلة اعتبر القضاء الفرنسي أن نشر حكم في الصح‬
‫كان من شأنه اإلخالل بحسن سير العمل‪ ،‬وبالتالي فهو يشكل عنصرا هاما كسبب للفصل حتى ولو‬
‫أو كانت الوقائع المجرمة منقطعة الصلة بعقد العمل‪.3‬‬ ‫أفرج عن العامل في اإلستئنا‬
‫كما أقرت محكمة النقض في واقعة آخرى بوجود السبب الحقيقي والجدي في قيام العامل‬
‫بارتكاب واقعة سرقة من أحد العمالء دون أن يكون لعالقة العمل أي صلة بواقعة السرقة‪ ،9‬حيث‬
‫جاء في الحكم أنه " إذا كان بحسب األصل ال يمكن تسريح العامل لسبب يرجع لحياته الخاصة‪ ،‬إال‬
‫ذلك حينما يؤدي سلوك العامل إلى اضطراب ملحوظ داخل المؤسسة‬ ‫أن األمر يكون على خال‬
‫بها والغاية التي يستهدفها المؤسسة"‪.1‬‬ ‫بالنظر للوظيفة المكل‬
‫‪ - 2‬تعارض الحياة الخاصة مع طبيعة المهام الموكولة للعامل‬
‫إن البحث في وجود تعارض بين ممارسة العامل لحياته الخاصة وبين العمل المطلوب منه‬
‫تنفيذه في االطار المهني يعد مسألة موضوعية تخضع لتقدير القضاة‪ ،‬حيث أن هذا التعارض يجيز‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬


‫‪ 2‬مذكور في‪ :‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪993‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Est justifié le licenciement d'un salarié condamné pour viol de la fille d'une de ses collègues de travail,‬‬
‫‪situation qui a créé au sein du service financier d'AREVA où ils travaillaient tous deux un trouble caractérisé‬‬
‫‪: cass soc 26 septembre 2012, N° 11-11247.‬‬
‫‪ 4‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.999‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 92 Mars 1991, R.J.S, 5919, N°569.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Cass.soc, 20 novembre 1991, N° 89-44.605, Bulletin 1991 V N° 512 p. 318.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Licenciement justifié : N° de pourvoi : 89-44605, audience du 20 novembre 1991 :"Si, en principe, il ne‬‬
‫‪peut être procédé au licenciement d'un salarié pour une cause tirée de sa vie privée, il en est autrement‬‬
‫‪lorsque le comportement de l'intéressé, compte tenu de ses fonctions et de la finalité propre de l'entreprise, a‬‬
‫‪créé un trouble caractérisé au sein de cette dernière".‬‬

‫‪991‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لصاحب العمل أن يستند للحياة الخاصة كسبب لتسريح العامل طالما ظهر تأثيرها على حياته‬
.‫المهنية‬
‫ فالعامل يدعي بأن تسريحه‬،‫عالقة العمل يتمسكون بموقفين متعارضين بشأن خالفهم‬ ‫أطرا‬
‫كان غير مشروع النتفاء السبب المشروع للتسريح كونه مستمدا من حياته الخاصة التي له‬
‫ في حين يدعي‬،‫ممارستها كيفما يشاء دون أن يترتب على هذه الممارسة مساس بحياته المهنية‬
‫في تسريحه للعامل إذ يستند إلى أن ممارسات العامل في اإلطار‬ ‫صاحب العمل أنه غير متعس‬
.9‫غير المهني سببت إضطرابا في عمل المؤسسة لتعارضها مع المهام الموكولة له‬
‫ فال بد من التقي دبها ولو كانت تمس جانبا من جوانب‬،‫حينما تتطلب طبيعة العمل صفة خاصة‬
‫ وبناءا على ذلك يجد العامل نفسه مضطرا لتقييد بعض حرياته‬،‫ وذلك تنفيذا للعقد‬،‫الحياة الخاصة‬
‫ وغيرها من القيود التي يبغي أن‬، ‫ سواء فيما يتعلق بطريقة الملبس أو الكالم أو التصر‬،‫الفردية‬
.2‫ترتبط بطبيعة العمل الذي يؤديه العامل‬
‫بإمكانية تسريح‬3 9119 ‫ نوفمبر‬21 ‫أيضا أقرت محمة النقض الفرنسية في حكم لها بتاريخ‬
‫ وأيدت ما انتهى إليه قضاء‬، ‫بالتعس‬ ‫ دون أن يوص‬،‫العامل لسبب مستمد من حياته الخاصة‬
‫ حيث تم تكليفه بالحراسة في إحدى‬،‫الموضوع بشأن عامل لدى شركة متخصصة في الحراسة‬
،‫ وقام خارج أوقات العمل بارتكاب جريمة السرقة‬،‫المراكز التجارية التي تتولى الشركة حراستها‬
.4‫وكان المجني عليه عميال لدى صاحب العمل‬
‫أي خارج مكان العمل وفي غير‬،‫رغم أن واقعة السرقة تمت في غير اإلطار المهني للعامل‬
‫ ويؤدي إلى إضطراب‬،‫أوقات العمل إال أن المحكمة قررت أن ما أتاه العامل يتعارض مع مهامه‬

.11 ‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ زهير حرح‬9


.911 ‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ صالح محمد أحمد دياب‬2
3
Cass.soc, 20 Nov 1991, Dr.Soc, 1992, p 79, Dans la décision du 20 novembre 1991.
La Cour de cassation a affirmé que "si en principe il ne peut être procédé au licenciement du salarié pour une
cause tirée de sa vie privée, il en est autrement lorsque le comportement de l'intéressé, compte tenu de ses
fonctions et de la finalité propre de l'entreprise, a crée un trouble au sein de cette dernière ".
4
La Chambre sociale donne les éléments qui vont permettre de déterminer l'existence de ce trouble. Ainsi,
pour le vérifier, il importe de s'intéresser non seulement aux fonctions du salarié mais aussi à la finalité
propre de l'entreprise. Dans l'affaire objet de la décision du 20 novembre 1991, un agent de surveillance qui
travaillait dans une entreprise de gardiennage avait été licencié pour faute. Le motif invoqué par l'employeur
fut le vol commis dans un centre commercial par son salarié en dehors de ses heures de travail. La Chambre
sociale en avait déduit que le licenciement était justifié notamment par le fait que l'entreprise de gardiennage
a "l'obligation d'avoir un personnel dont la probité ne peut être mise en doute".
La finalité de l'entreprise impliquait un personnel irréprochable sur le plan pénal. Les deux éléments
caractérisant le trouble étaient réunis. La décision de l'employeur était justifiée, Stéphane BOUCHE, Droit et
libertés du salarié comme limites au pouvoir disciplinaire de l’employeur en droit Français et en droit Italien,
site internet : http://www.juripole.fr/memoires/compare/Stephane_Bouche/nbp1.html.
2193/19/12 :‫تاريخ االطالع‬

991
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ملحوظ داخل المؤسسة‪ ،‬لذلك انتهت إلى أن سبب التسريح مستمد من الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬والتي‬
‫يفترض بحسب األصل عدم تأثيرها على حياته المهنية‪.‬‬
‫العامل‪،‬‬ ‫غير أن ما حدث من تداخل بين اإلطارين أثر سلبا على المؤسسة من جراء تصر‬
‫وعلى إثر ذلك أثرت واقعة السرقة التي ارتكبها العامل على حياته المهنية‪ ،‬ألن طبيعة عمله تقتضي‬
‫أن يتحلى بالنزاهة واألمانة وبالتالي تصرفه على هذا النحو يؤثر على سمعة المؤسسة ويؤدي إلى‬
‫اضطراب عملها‪.9‬‬
‫المؤسسة‬ ‫‪ - 3‬تعارض الحياة الخاصة مع أهدا‬
‫المؤسسة‬ ‫إن احترام الحياة الخاصة للعامل وحرية ممارستها يجب أن ال يتعارض مع أهدا‬
‫ونشاطها‪ ،‬كما أنه يجب أن ال يكون وسيلة للتخلص من مهام اإلطار المهني‪ ،‬إذ تفترض أن تنفذ‬
‫االلتزامات العقدية بحسن نية‪ ،‬وينبغي أن ال يتمسك بحقه في أال تقتحم حياته الخاصة بشكل متعس‬
‫في ممارسة الحق‪.2‬‬
‫المؤسسة كأحد العوامل التي تساهم في تبرير التسريح بسبب‬ ‫لجأ القضاء الفرنسي إلى أهدا‬
‫سلوك العامل‪ ،‬فه ناك بعض المؤسسات التي تتطلب قبل التعاقد مع عمالها توفرهم على بعض‬
‫هذه المؤسسات غالبا الدفاع عن مذاهب‬ ‫الصفات التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة‪ ،‬وتستهد‬
‫عقدائ دية أو سياسية أو نقابية‪ ،‬وبالتالي يفترض انضمام العامل غلى مثل هذه المؤسسات االلتزام‬
‫والقيم التي تسعى إلى تحقيقها‪.‬‬ ‫بالدفاع عن األهدا‬
‫خاصة فإن ذلك يبرر تطلبها‬ ‫هذه المؤسسات لكون نشاطها يقوم على أساس خدمة أهدا‬
‫صفات خاصة في عمالها‪ ،‬فمثال المؤسسة التربوية أو التعليمية تتطلب صفات خلقية معينة في‬
‫القائمين على أمر التدريس أو التربية بها‪ ،‬كذلك المؤسسات الرياضية يمكن أن تفرض على العاملين‬
‫فيها قيودا كاالمتناع عن تناول الكحول أو الخمور أو السهر ليال قبل انعقاد المباريات‪.3‬‬
‫العامل هذه القيود جاز لصاحب العمل تسريحه‪ ،‬وهو ما حدث في قضية تسريح‬ ‫إذا خال‬
‫ع امل لدى شركة تأمين ضد حوادث السيارات‪ ،‬حينما تسبب في حادث طريق بعد تناوله لكميات‬
‫كحول كبيرة أظهرتها تحاليل الدم‪ ،‬فقامت مؤسسة التأمين إثر ذلك بتسريحه على أساس ارتكابه‬
‫خطأً جسيماً‪.4‬‬

‫‪9‬‬
‫‪SAVATIE (J), le licenciement pour des faits susceptible d’incrimination pénal, Dr.Soc, France,1991, p262.‬‬
‫‪ 2‬زهير حرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.999‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass, soc, 21 Janv 1992, R.J.S, 3/92, N°262.‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ال يكتفي االستناد إلى حدوث تعارض بين ممارسة العامل لحياته الخاصة بعيدا عن إطاره‬
‫المهني وبين مهامه المهنية للقول بحدوث إضطراب في عمل المؤسسة سببه ممارسة العامل لحياته‬
‫المؤسسة ونشاطها‪ ،9‬ويترتب على ذلك‬ ‫الخاصة‪ ،‬بل يجب كذلك أن يمتد التعارض إلى إلى أهدا‬
‫المؤسسة يحصن اإلطار المهني للعامل ضد أي تدخل من جانب صاحب‬ ‫أن عدم االصطدام بأهدا‬
‫العمل تنتهي به إلى تسريح العامل‪.‬‬
‫أكد على هذا المعنى حكم لمحكمة النقض الفرنسية في ‪ 91‬أبريل ‪ ،9119‬أوضحت فيه أن‬
‫تسريح العامل ألسباب مستمدة من اإلطار غير المهني للعامل أي حياته الخاصة هو اإلطار الذي‬
‫يخرج عن سيطرة وتقييم صاحب العمل‪ ،‬هذا التسريح يستمد مشروعيته من كون هذه األسباب كانت‬
‫جدية وحقيقية بالنظر إلى ما خلفته من إضطراب في المؤسسة ‪.2‬‬
‫تجدر المالحظة أن القضاء الفرنسي يميز بين السبب الذي يرجع إلى الحياة الخاصة للعامل‪،‬‬
‫الخاصة بالمؤسسة لتبرير تسريح العامل‪ ،‬فإذا تعلق األمر بسبب يرجع إلى الحياة‬ ‫وبين األهدا‬
‫الخاصة للعامل‪ ،‬فإنه ال يكتفي بوجود السبب للقول بمشروعية التسريح‪ ،‬وإنما يستلزم ضرورة‬
‫وجود إضطراب في سير العمل بالمؤسسة‪.‬‬
‫هذا ما حدث في إحدى القضايا‪ ،‬حينما قام صاحب العمل باستصدار قرار تسريح عامل‬
‫بموا فقة مفتشية العمل‪ ،‬بعد إدانته بعقوبة الحبس بسبب اإلتجار بالمخدرات‪ ،‬فطعن العامل ضد هذا‬
‫القرار أمام القضاء الذي قضى بعدم مشروعية التسريح على أساس أن حكم الحبس يتعلق بالحياة‬
‫غير المهنية‪ ،‬ولم يؤد إلى اضطراب سير العمل في المؤسسة‪.3‬‬
‫الخاصة بالمؤسسة‪ ،‬فإن القضاء يكتفي بوجودها إلضفاء‬ ‫أما إذا تعلق األمر باأل هدا‬
‫المشروعية على تسريح العمل الذي يجد تبريره في سلوك العامل‪ ،‬أو تصرفاته المتصلة بالحياة‬
‫المهنية له‪ ،‬وهو ما يثير صعوبة في التمييز بين السلوك المهني والسلوك غير المهني‪ ،4‬فيختلط‬
‫التقييم المهني بالتقييم الشخصي غير المهني غير المبرر الذي تحيط به ظالل عدم المشروعية في‬
‫ذاته وآثاره‪.3‬‬
‫في ظل السلوك المهني يبدو األمر أكثر حماية لمصالح المؤسسة على حساب العمال‪ ،‬ألن‬
‫في هذه الحالة عند السلوك الخارجي‪ ،‬بل يمتد حتى إلى األفكار العقائدية‪،‬‬ ‫السلوك المهني ال يتوق‬

‫‪9‬‬
‫‪G.LYON-CAEN, op.cit, p 286.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass, soc, 17 avril 1991, N°90-42.636, Bull 1991 V N° 201 p. 122.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Conseil d’état, 11 juin 1999, Reccueil, Dalloz, 2000, p 869.‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.913‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪919‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫وقد يتم تسريح العامل بسبب معتقداته الدينية أو الفلسفية التي ال تتفق مع معتقدات صاحب العمل‪،‬‬
‫وهو ما يجعل مصلحة المؤسسة تسمو على الحريات الفردية للعامل‪.‬‬
‫مثال ذلك قرار محكمة النقض الفرنيسية في سنة ‪ ،9111‬حين أقرت عقوبة تسريح معلمة من‬
‫مؤسسة تعليمية ذات توجه ديني كاتوليكي إثر زواجها للمرة الثانية بعد الطالق‪ ،‬وهو الشيء‬
‫الممنوع في الديانة المسيحية الكاتوليكية‪ ،9‬حيث جاء في قرارها "أن صاحب العمل لم يرتكب أي‬
‫خطأ‪ ،‬فالمؤسسة هنا تقوم على مبدأ عدم انحالل الزواج بالطالق وأنها تصرفت بما يحافظ على‬
‫انتهجه القضاء المصري في قضية‬ ‫حسن سير عملها و غرضها ومبادئها وسمعتها"‪ ،‬ونفس الموق‬
‫جمع العامل المسيحي بالبطريكية لزوجتين‪ ،‬والذي كان يعمل بمؤسسة إنتاج تابعة لها‪.2‬‬
‫أنه ال يمكن للعامل أن يبرر رفض تنفيذ التزماته التعاقدية على‬ ‫كما أقر القضاء في عدة مواق‬
‫أساس الحرية الدينية‪ ،‬فالعامل الذ ي وافق على القيود المهنية والواردة في عقد العمل عند تشغيله ال‬
‫يمكن أن يرفض في وقت الحق تنفيذ مهامه بحجة مخالفتها لمعتقداته الدينية‪ ،3‬القضاء من خالل هذه‬
‫األحكام القضائية وضع المعتقدات الدينية موضع االعتبار من قبل طرفي العقد‪ ،‬بما ال يمكن‬
‫التغاضي عنه فيما بعد بشكل إرادي من قبل أحدهما منفردا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تأثير الحياة الخاصة للعامل على مصالح المؤسسة‬
‫إن السير الحسن للعمل في المؤسسة يستلزم نوعا من التوفيق بين الحماية المطلوبة للحياة‬
‫الخاصة للعامل وبين حق صاحب العمل في عدم تضرر مؤسسته‪ ،‬فرغم أن ظالل الحياة الخاصة‬
‫والحياة الشخصية تبقى مالزمة للعامل حتى في وقت ومكان العمل‪ ،‬إال أن صاحب العمل يمكن‬
‫العتبارات معينة أن يتدخل فيضع قيودا على حياة العامل الخاصة حتى خارج وقت ومكان العمل‬
‫انطالقا من مبدأ األمانة الذي يملي على العامل أال يفشي أسرار العمل‪ ،‬وأالَ ينافس صاحب العمل‪،‬‬
‫أو انطالقا من مضمون العقد ذاته أو نصه الصريح بمراعاة اعتبارات معينة أو صفة خاصة في‬
‫العامل أو انطالقا من مصالح المؤسسة والمحافظة على حسن سير العمل‪.4‬‬
‫‪ - 1‬إخالل العامل بالسر المهني للمؤسسة‬
‫إن ممارسة العامل لحريته ولحياته الخاصة مقيد بأال يصطدم بحقوق صاحب العمل التي يمكن‬
‫النظر إليها من خالل مسؤولياته المتعلقة بالمؤسسة كااللتزام بالسر المهني‪ ،‬وبالمحافظة عليها ككيان‬
‫يفترض بقائه بعيدا عن أي تأثيرات سلبية غير متصلة بمفرداتها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass. Ass. plén. 19 mai 1978 ; Bull. civ. V ,n°1 , R.T.D ; janv. 2114, p21‬‬
‫‪ 2‬حكم صادر عن محكمة القاهرة في ‪ ، 9192\3\3‬مذمور في‪ :‬همام محمود زهران ‪,‬قانون العمل عقد فردي ‪,‬ص ‪. 313‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.Soc. 20 nov. 1986, Bull. civ. V, no 549 ; RTD civ. 1987. 571, obs. Rémy; JCP. 1987. II. 20798, note‬‬
‫‪Revet.‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬

‫‪912‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في المقابل فإن صاحب العمل يسعى إلى إيجاد مستوى مقبول من التناغم داخل المؤسسة‪ ،‬وهو‬
‫ما ال يتحقق متى أدى أو سبب العامل بتصرفاته التي يتخذها بالفعل خارج المؤسسة بإفشائه‬
‫ألسرارها إلى إحداث اضطراب في مجاله المهني أو في إطار المؤسسة ذاتها‪ ،‬ويكون في إفشائها‬
‫زعزعة ثقة صاحب العمل ومؤسسته وإضرار بمصالحه‪.‬‬
‫من أهم ما يتفرع عن مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود هو التزام العامل بالمحافظة على أسرار‬
‫العمل‪ ،‬فال يجوز أن ينقل أسرار عمله إلى الغير‪ ،‬ونظرا لخصوصية ذلك االلتزام لتعلقه بعدة‬
‫مصالح فإنه ال يستفاد هذا االلتزام فقط مما يمليه تنفيذ العقد مراعاة لمبدأحسن النية‪ ،‬وإنما يستفاد‬
‫أيضا مما ورد من نصوص في قانون العمل والقانون المدني‪.‬‬
‫التشريعات العمالية ومن بينها قانون العمل الجزائري‪،9‬على إلزام العمال‬ ‫حرصت مختل‬
‫بالمحافظة على األسرار المهنية وعدم كشفها للغير لتفادي اإلضرار بالمصالح المادية والمعنوية‬
‫لصاحب العمل‪.‬‬
‫اإللتزام بعدم إفشاء أسرار ال عمل يتقرر سواء نص عليه في عقد العمل صراحة أم لم ينص‪،‬‬
‫ذلك أن مضمون العقد ال يقتصر فقط على ما ورد فيه‪ ،‬بل يشمل أيضا كل مستلزماته وفقا للعر‬
‫والعدالة وطبيعة االلتزام تطبيقا لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود‪ ،2‬غير أن التشريعات لم تكت‬
‫بنظرية العقد كأساس للتزام العامل بالسر المهني‪ ،‬وإنما وضعت أساسا آخر يستند إلى نصوص‬
‫قانونية‪ ،‬كاالتفاقيات الجماعية للعمل التي تنص على امتناع العامل عن اإلضرار بصاحب العمل عن‬
‫طريق إفشاء األسرار‪.3‬‬
‫اتفقت التشريعات العمالية المقارنة على ضرورة إلتزام العامل بحفظ أسرار العمل‪،4‬‬
‫أوالمعلومات والوثائق التي يطلع عليها أثناء تنفيذ العمل وعدم اإلطالع عليها أو حيازتها‪ ،3‬وعلى‬

‫‪ 9‬المادة السابعة من القانون ‪ " 99/11‬أن ال يفشو المعلومات المهنية المتعلقة بالتقنيات والتكنولوجيا وأساليب الصنع وطرق التنظيم‬
‫وبصفة عامة أال يكشفوا مضمون الوثائق الدتخلية الخاصة بالهيئة المستخدمة إال إذا فرضها القانون أو طلبتها سلطتهم السلمية"‬
‫‪ 2‬سعد السعيد الصبري‪ ،‬المسؤولية المدنية الناشئة عن اإلخالل بااللتزمات المترتبة على عقد العمل دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2191،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 3‬نصت المادة ‪ 94‬من االتفاقية الجماعية لمؤسسة سونطراك على مايلي‪" :‬يلتزم العامل بالتحفظ والسر المهني‪ ،‬وكل تحويل‬
‫أو إخفاء أو اتالف لوثائق المؤسسة‪ ،‬أو اتصال مع الغير بشأن وثائق المؤسسة أو معلومات مالية أو تجارية أو تقنية وغير ذلك‬
‫يعتبر أخطاء خطيرة وجسيمة يعاقب عليها دون التخلي عن المتابعة الجزائية"‪.‬‬
‫‪ 4‬يعتبر سر مهني " كل ما توصل إليه العامل من خالل عمله أو بمناسبته ويتكتم عليه حفاظا على مصلحة المؤسسة‪ ،‬وحسن سيرها‬
‫كما هو الحال بالنسبة لظروف االنتاج وطريقة العامل والمواد المستخدمة ومقاديرها ومصادر المواد الخام ومعامالت المحل‬
‫والعمالء واتصاالته سواء كانت سرية بطبيعتها أو وفقا لتعليمات صاحب العمل" ‪ ،‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬قانون العمل ‪ ،‬عقد‬
‫العمل الفردي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،9111 ،‬ص ‪.433‬‬
‫‪ 3‬بشير هدفي‪ ،‬الوجيز في عالقات العمل الفردية والجماعية‪ ،‬دار ريحانة للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،2119 ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪913‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المنافس استغالال تترتب عنه الخسارة لصاحب العمل‪،9‬‬ ‫كل معلومة من شأنها أن تستغل من طر‬
‫نظرا للعالقة التي ينشئها عقد العمل والتي تقوم في الغالب على ثقة المستخدم في عامله‪.‬‬
‫هذه الثقة التي توجب عليه االلتزام بالمحافظة على أسرار المؤسسة التي يعمل بهاوالتي أمكن‬
‫له اإلطالع عليها بسبب العمل‪ ،2‬ومن أمثلة إفشاء العامل لألسرار الخاصة بمؤسسة التي يعمل بها‬
‫تقدم كاتب الحسابات ببالغ إلى مصالح الضرائب يسجل فيه أرباح صاحب العمل‪ ،‬ثم أخذ دفاتر‬
‫المحل دون إذن وتوجهه إلى تلك المصالح لتأييد شكواه‪ ،3‬وقيام العامل بتركيب وصنع ماكينات‬
‫يختص بها المصنع الذي يعمل فيه لمحالت تنافسية‪.4‬‬
‫اعتبر المشرع الجزائري المحافظة على األسرار المهنية وعدم افشائه من االلتزامات‬
‫الجوهرية التي تقع على العامل‪ ،‬وهذا االلتزام ال يعدو أن يكون تطبيقا لمبدأ حسن النية في تنفيذ‬
‫العقود‪ ،‬حيث جاء في نص المادة السابعة الفقرة ‪ 1‬على أنه" ال يفشوا المعلومات المهنية المتعلقة‬
‫بالتقنيات التكنولوجية أو أساليب الصنع وطرق التنظيم‪ ،‬وبصفة عامة مضمون الوثائق الداخلية‬
‫الخاصة بالهيئة المستخدمة‪ ،‬إال إذا فرضها القانون أو طلبتها السلطة السلمية"‪.‬‬
‫أغلب تشريعات العمل المقارنة على إلزام العامل بعدم إفشاء أسرار المهنة‪ ،‬بل أقرت‬ ‫لم تكت‬
‫الجزاء المترتب على ذلك‪ ،‬بحيث تقضي صراحة بأنه يجوز لصاحب العمل أن يفسخ عقد العمل‬
‫بإرادته المنفردة إذا أخل العامل بهذا االلتزام‪ ،‬ومن تلك التشريعات قانون العمل المصري في مادته‬
‫‪ 99‬الفقرة السادسة‪ ،‬وقانون العمل األردني في المادة ‪ 91‬منه‪ ،‬ومدونة الشغل المغربية في مادتها‬
‫‪ ،31‬وغيرها من التشريعات‪ ،3‬ولقد حذا قانون العمل الجزائري حذو هذه التشريعات واعتبر إخالل‬
‫العامل بالتزام المحافظة على األسرار المهنية خطَأ مهنيا يستوجب التسريح‪.9‬‬
‫استهدفت هذه التشريعات من خالل فرض هذا الشرط لمنع التحايل من جانب العامل الذي قد‬
‫يتخذ صورة اإلسراع في إنهاء عقد العمل ليتمكن من بيع األسرار لصاحب عمل منافس‪ ،1‬ألن‬

‫‪ 9‬عبد السالم ديب‪ ،‬قانون العمل والتحوالت االقتصادية‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2113 ،‬ص ‪.999‬‬
‫‪ 2‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،2111 ،‬ص ‪499.‬‬
‫‪ 3‬محكمة شؤون العمال الجزئية بالقاهرة ‪ 29‬أكتوبر ‪ 9131‬موسوعة الهوارى ‪ ،212-239-2‬مذكور في‪ :‬ناهد العجوز‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ 4‬محكمة القاهرة اإلبتدائية ‪ 23‬يناير ‪ ،9191‬موسوعة الهوارى ‪ ،213-231-2‬مذكور في‪ :‬ناهد العجوز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.311‬‬
‫‪ 3‬أمثال التشريعات التي نصت على هذا التزام‪ :‬قانون العمل في البحرين في المادة ‪ ، 993‬قانون العمل السواداني في المادة ‪،31‬‬
‫وقانون العمل القطري في المادة ‪ ،21‬وفي الكويت ‪ ،‬المادة ‪ 33‬من قانون العمل في القطاع األهلي‪ ،‬وقانون العمل الليبي في المادة‬
‫‪ ،39‬وفي قانون العمل العماني في المادة ‪ ،21‬وقانون العمل العراقي في المادة ‪.921‬‬
‫‪ 9‬المادة ‪ 13‬فقرة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل‪ " :‬يتم التسريح التأديبي في حالة ارتكاب العامل أخطاء جسيمة‬
‫– إذا أفضى معلومات مهنية تتعلق بالتقنيات والتكنولوجيا وطرق الصنع والتنظيم أو وثائق داخلية للهيئة المستخدمة‪ ،‬إال إذا أذنت‬
‫السلطة بها أو أجازها القانون"‪.‬‬
‫‪ 1‬علي يحي آل زمانان ‪ ،‬التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل ‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون المصري واللسعودي‪ ،‬رسالة‬
‫ماجيستر‪ ،‬كلية الحقوق جامعة القاهرة‪ ،2114 ،‬ص ‪92.‬‬

‫‪914‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫االلتزام باالحتفاظ باألسرار المهنية ال يقتصر على مدة العمل فقط‪ ،‬وإنما يظل سارياَ حتى بعد‬
‫انقضاء العقد‪.‬‬
‫العامل ملزم بعدم إفشاء األسرار المهنية للغير سواء كان شخصا أو مؤسسة بمقابل أو بغير‬
‫مقابل لما لتسرب أسرار العمل من أضرار بمصلحة المؤسسة من اطالع المنافسين على أسرارها‬
‫أو ما من شأنه زعزعة الثقة فيها‪.9‬‬
‫تقرر أغلب التشريعات السابقة أن إفشاء العامل للمعلومات السرية التي يطلع عليها بمناسبة‬
‫عمله سيلحق أضرارا مادية ومعنوية بمؤسسة العمل التي يعمل فيها العامل‪ ،‬خصوصا وأن طبيعة‬
‫عمل المؤسسة تقوم على أساس المنافسة وما يترتب على ذلك من خسارة لبعضها وربح ألخرى‪.2‬‬
‫هذا ما تضمنته عليه المادة ‪ 91‬فقرة ‪ 9‬من قانون العمل المصري التي جاء نصها «ال يجوز‬
‫فصل العامل إال إذا ارتكب خطأَ جسيما ويعتبر من قبيل األخطاء الجسيمة إذا ثبت أن العامل أفشى‬
‫أسرار المنشأة التي يعمل بها أدت إلى إحداث أضرار جسيمة بالمنشأة"‪ ،‬وهو ما نجده واردا أيضا‬
‫في قانون العمل السعودي الذي نص في المادة ‪ 11‬فقرة ‪ 4‬منه على أنه "ال يجوز لصاحب العمل‬
‫فسخ العقد إال إذا‪ ...‬وقع من العامل عمدا أي فعل أوتقصير يقصد به إلحاق خسارة مادية بصاحب‬
‫العمل»‪.3‬‬
‫إال أن االلتزام باالحتفاظ بأسرار العمل ال يوفر حماية فعالة لصاحب العمل حيث يقوم العامل‬
‫باستغالل السر المهني في عمل يتواله لحسابه الخاص‪ 4‬بعد انقضاء العقد وبما أن استعمال العامل‬
‫لهذه األسرار يشكل منافسة خطيرة لصاحب العمل‪ ،‬لذلك يأتي الشرط الذي يدرج في عقد العمل‬
‫ليمنع العامل من منافسة صاحب العمل بعد انت هاء العقد‪ ،‬حتى ال يستغل العامل أسرار العمل التي‬
‫سبق وأن اطلع عليها بحكم عمله ومركزه‪ ،‬خاصة وأن االلتزام القانوني بالمحافظة على أسرار‬
‫العمل بعد انقضاء مدة العقد ال يمنعه من استخدام هذه األسرار بنفسه ولحسابه الخاص‪ ،‬ذلك أن‬
‫الحظر القانوني اقتصر على منع العامل من إفشاء األسرار للغير فحسب دون أن يمنعه من‬
‫استخدامها بنفسه ولحسابه الخاص‪.3‬‬

‫‪ 9‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.433‬‬


‫‪ 2‬ناهد العجوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪ 3‬نظام العمل والعمال السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي م‪ ،39/‬في سبتمبر ‪ ،2113‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4191‬الصادرة بتاريخ‪،‬‬
‫‪ 21‬أكتوبر ‪.2113‬‬
‫‪ 4‬سيد محمود رمضان‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العمل وفقا آلخر التعديالت لسنة ‪ 2112‬وقانون الضمان االجتماعيرقم ‪ 91‬لسنة‬
‫‪ ،2119‬دراس ة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪ ،219‬ص ‪.291‬‬
‫‪ 3‬أيت إفنان نادية‪ ،‬شرط عدم المنافسة بين حماية المصالح المشروعة للمؤسسة وحرية العمل‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪913‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ال يكفي أن يقوم العامل بأداء العمل المتفق عليه‪ ،‬بل يجب أن يلتزم في ذلك بما يقتضيه مبدأ‬
‫حسن النية‪ ،‬ذلك أن عالقة العمل القائمة بين العامل وصاحب العمل تتميز بنوع من الخصوصية عن‬
‫غيرها من العالقات القانونية والتعاقدية األخرى‪ ،‬حيث تقوم على االعتبار الشخصي خصوصا في‬
‫جانب العامل‪ ،‬األمر الذي يستدعي توافر الثقة المتبادلة والنية الحسنة والمخلصة في عدم إساءة‬
‫أحدهما إلى اآلخر‪.9‬‬
‫نظرا ألن صاحب العمل قد راعى اعتبارات معينة في شخص العامل عندما تعاقد مه‪ ،‬ككفاءته‬
‫وأمانته وإخالصه وقدراته على أداء العمل ألن الثقة والخبرة محل اعتبار مهم‪ ،2‬فسلطة صاحب‬
‫والتوجيه تستوجب أن يكون هناك تعاون من أجل مصلحة المؤسسة‪.‬‬ ‫العمل في االشرا‬
‫إن كان يبدو أن هناك تعارضا بين مصالح العامل وصاحب العمل فيما يخص المطالب‬
‫والحقوق‪ ،‬إال أن المصلحة بينهما مشتركة‪ ،‬فنجاح المؤسسة وتطورها ال بد أن يعود بالنفع والفائدة‬
‫على العامل‪ ،‬كما أن تدهور أوضاع المؤسسة بإفشاء أسرارها للمنافسين يعود بالضرر أصال على‬
‫العامل‪.‬‬
‫لهذا فتنفيذ االلتزمات طبقا للشروط الواردة في العقد يجب أن يكون بحسن نية وبالتعاون بين‬
‫الطرفين‪ ،‬هذا ما دعا بعض الفقهاء إلى القول بأن هناك واجب اإلخالص والوالء الذي يتعين على‬
‫العامل بمقتضاه أن يمتنع عن كل ما يضر بمصالح صاحب العمل‪ ،3‬كون أن صاحب العمل قد‬
‫العامل‪.‬‬ ‫وضع ممتلكاته أسراره في تصر‬
‫األمر الذي يجعل هذا األخير على علم بوسائل وأساليب االنتاج والصنع وطرق تسيير‬
‫المؤسسة‪ ،‬وتسرب هذه األسرار إلى المنافسين من شأنه اإلضرار بمصالح المؤسسة‪ ،‬وهنا يمكن‬
‫القول بأن العامل قد أخل بااللتزام الواقع عليه بالمحافظة على األسرار المهنية وبالتالي اإلضرار‬
‫هذا‬ ‫بمصالح المؤسسة بما يعد خطأً في جانبه يبرر تسريحه وإنهاء العالقة معه دون أن يوص‬
‫التسريح بالتعس ‪.‬‬
‫‪ - 2‬إخالل العامل بااللتزام بعدم المنافسة‬
‫مما ال شك فيه أن استخدام العامل لألسرار المهنية يشكل منافسة لصاحب العمل قـد تلحق به‬
‫أضرارا كبيـرة سواء كانت المنافسة عن طريق القـيام بنشاط مماثل لنشاطصاحب العمل لحسابه‬
‫الخاص‪ ،‬أو عن طريق العمل لدى صاحب عمل آخر يباشر نفس المهنة أو الصناعة‪.4‬‬

‫‪ 9‬أيت إفنان نادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬


‫‪ 2‬راشد راشد‪ ،‬شرح عالقات العمل الفردية والجماعية في ضوء التشريع الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،9119 ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ 3‬يسي محمد يحي‪ ،‬قانون العمل المصري والسوداني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬القاهرة‪ ،9113 ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ 4‬أيت إفنان نادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪919‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إن حرية العامل في المنافسة تتقيد بما تفرضه بعض القواعد الخاصة بحماية األسرار‬
‫الصناعية والتجارية ألن اطالع العامل على أسرار المؤسسة قد يؤدي إلى استغاللها لمصلحته‬
‫الخاصة أو مصلحة مؤسسة منافسة‪ ،‬لذا يلتجأ أغلب المستخدمين وخاصة إلى إدراج شرط عدم‬
‫المنافسة في عقود العمل‪.‬‬
‫كان لدى القضاء اتجاه واضح في اعتبار أن سلوك العامل الخاطىء الذي يضر بالمؤسسة يمثل‬
‫سببا جديا وحقيقا للتسريح‪ ،‬يمكن للمستخدم أن يقوم بتسريح العامل طالما أن سلوكه يؤدي إلى‬
‫اإلضرار بمصالح المؤسسسة‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق بالسلوك غير الخاطىء طالما أنه يضر بالمؤسسة‬
‫ولو تعلق األمر بالحياة الخاصة ألحد العمال‪ ،‬أو فقدان الثقة في عامل لم يؤدي إلتزامه على نحو‬
‫مرض‪.‬‬
‫اعتبر القضاء أن قيام أحد أفراد أسرة العاملة بانشاء شركة منافسة يشكل سببا حقيقيا لتسريح‬
‫العاملة‪ ، 9‬وقد كانت بعض أحكام القضاء الفرنسي تؤسس مشروعية التسريح على أسباب ترجع إلى‬
‫شريك العامل أو زوجه وما يمارسه من نشاط‪ ،‬بسبب فقدان الثقة في إحدى العامالت في المؤسسة‬
‫بالنظر إلى أن زوجها يعمل في شركة منافسة‪ ،‬و في حالة البرود والتوتر السائد بين صاحب العمل‪،‬‬
‫وبين أحد العمال بسبب توقيع عقوبة تأديبية على عامل آخر يمت لألخير بصلة قرابة‪.‬‬
‫في مرحلة الحقة تبنت الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية معيارا آخر وهو ضرورة‬
‫إحداث ضرر بالمؤسسة ومصالحها‪ ،‬ففي واقعة تتلخص في أن إحدى العامالت وهي سكريتيرة في‬
‫توكيل المؤسسة(‪ )Renault‬قامت بشراء سيارة لها من نوع(‪ )Peugeot‬وهي مؤسسة منافسة‬
‫للمؤسسة التي تعمل فيها العاملة‪ ،‬فقام صاحب العمل بتسريحها‪.‬‬
‫أيد قضاة الموضوع صاحب العمل في قراراه على أساس أن قيام العاملة بشراء سيارة ذات‬
‫عالمة تجارية منافسة من مؤسسة منافسة يعد بالضرورة تشكيكا في مستوى المنتج الذي ينتجه‬
‫صاحب العمل وجودته‪ ،‬كما يعد دعاية سلبية له‪ ،‬ونقد غير مباشر للسلعة المطلوب تسويقها لكن‬
‫محكمة النقض رات أنه ال يوجد سبب حقيقي وجدي للتسريح ألن الواقعة المنسوبة للعاملة لم تؤد‬
‫إلى أي قدر من اإلضطراب الواضح للمؤسسة‪ ،‬وبناءا عليه قضت المحكمة بنقض الحكم على‬
‫أساس مخالفته للمادة التاسعة من القانون المدني‪.2‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass.soc, 26 Juin 1980, n° 79-40.859, Bull, civ, v, n° 573, une salariée avait été licencié en réson "d'une‬‬
‫‪absence de confiance réciproque mettant obstacle en l'espéce au maintien des relations de travail".‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.Soc, 22 janv 1992, n° 90-42517, Bulletin 1992 V N° 30 du 14 mars 1990, p 18 .‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تدخل المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات العمالية المقارنة‪ ،‬وألزم العامل بعدم‬
‫منافسة صاحب العمل في مجال نشاطه إال إ ذا كانت هناك اتفاق مبرم يجيز ذلك‪ ،9‬فنص المادة ‪1‬‬
‫من قانون عالقات العمل جاء عاما يقضي بعدم شرعية المنافسة أثناء قيام عالقة العمل‪ ،‬وليس بعد‬
‫ذلك منح المشرع المصري للطرفين‬ ‫انتهائها‪ ،‬وهو نص ال يتعارض مع حرية العمل‪ ،2‬على خال‬
‫اإلتفاق على عدم المنافسة حتى بعد انتهاء عالقة العمل‪.3‬‬
‫قانون العمل الجزائري قام باقتصار شرط عدم المنافسة أثناء قيام عالقة العمل فحسب‪ ،‬دون‬
‫امتداد أثره إلى ما بعد انتهاء عالقة العمل‪ ، 4‬وطبقا المادة للسابعة منه تعد منافسة غير مشروعة‬
‫لصاحب العمل قيام العامل بمزاولة عمل ماثل لنشاط المؤسسة‪ ،‬أو نشاط آخر إلى جانب نشاطه‬
‫األصلي في أوقات الفراغ دون إعالم صاحب العمل‪ ،‬وضمان موافقته‪ ،‬لتأثير ذلك على مردودية‬
‫أسرار العمل‪.‬‬ ‫العامل‪ ،‬وكذا إمكانية كش‬
‫في حين أن قانون العمل العمل المصري وبموجب النص الصريح للمادة ‪ 39‬منه يحضر على‬
‫العامل ممارسة نشاط مماثل للنشاط الذي يمارسه صاحب العمل أثناء مدة سريان عقده أو باالشتراك‬
‫في نشاط من هذا القبيل سواء بصفته شريكا أو عامال‪ ،‬غير االشكال المطروح هو ما مدى‬
‫مشروعية اشتغال العامل عند مستخدم آخر أو لحسابه الخاص أثناء أوقات الفراغ؟‬
‫المبدأ العام أن العامل له حرية العمل في أوقات الفراغ لكن شريطة أ ن تكون حريته مقيدة بأال‬
‫يكون عمله الجديد منافسا لعمل مستخدمه‪ ،‬أو كان من شأنه أن يحول زبناء المستخدم عن التعامل‬
‫مع هذا األخير‪ ،‬كما أنه يقتضي تنفيذ عقد العمل بحسن نية التزام العامل بالمحافظة على أسرار‬
‫المؤسسة وعدم منافسة العامل لمستخدمه من خالل العمل لدى مستخدم منافس أثناء وقت الفراغ‪.‬‬
‫تجدر االشارة أن القضاء الفرنسي قد وسع من نطاق شرط عدم المنافسة‪ ،‬بحيث يفرض على‬
‫العامل أن ال ينافس صاحب العمل أثناء مرحلة تنفيذ العقد حتى ولو لم ينص على الشرط في العقد‬
‫بتلوز الصادر بتاريخ ‪ 11‬ماي ‪ 9111‬ما يلي‪" :‬أن‬ ‫وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة االستئنا‬

‫‪ 9‬المادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 99-11‬المتعلق بعالقات العمل تنص‪ " :‬يخضع العمال في إطار عالقات العمل للواجبات األساسية‬
‫التالية‪ - :‬أال تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في مؤسسة أو شركة منافسة أو زبونة أو مقاولة من الباطن‪ ،‬إال إذا كان‬
‫هناك اتفاق مع المستخدم‪."...‬‬
‫‪ 2‬بن عزوز بن صاب ر‪ ،‬نشأة عالقة العمل الفردية في التشريع الجزائري والمقارن‪ ،‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪-‬‬
‫األردن‪.931 ،2191 ،‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 919‬من قانون العمل المصري‪ ": ،‬إذا كان العمل الموكل ألى العامل يسمح له بمعرفة عمالء رب العمل‪ ،‬أو االطالع‬
‫على سر أعماله‪ ،‬كان للطرفين أن يتفقا على أال يجوز للعامل بعد انتهاء عقد العمل أن ينافس رب العمل‪ ،‬وال يشترك في أي‬
‫مشروع يقوم بمنافسته"‪.‬‬
‫‪ 4‬هدفي‪ ،‬الوجيز في عالقات العمل الفردية والجماعية‪ ،‬دار ريحانة للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،2119 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العامل ملزم أثناء مرحلة تنفيذ عقد العمل بواجب االخالص تجاه صاحب العمل وال يمكن له أن‬
‫يمارس نشاطا منافسا ولو في غياب شرط صريح خاص في العقد"‪.9‬‬
‫تقر المحاكم عموما بشرعية االلتزام بعدم المنافسة رغم أن بعض الفقهاء يرى فيها مساسا‬
‫بحرية العمل‪ ،‬وال يمكن من ناحية أخرى القبول بإلحاق الضرر بصاحب العمل من خالل النشاط‬
‫المماثل للعامل‪ ، 2‬اللهم إال إذا كان صاحب العمل عند تعاقده مع العامل‪ ،‬قد علم بوجود نشاط خاص‬
‫للعامل منافس لنشاطه ورضي به‪.‬‬
‫غير أن قيام صاحب العمل بالسماح للعامل بممارسة نشاط منافس ال يعني إعفاء هذا األخير‬
‫من التزامه باألمانة واإلخالص للمؤسسة‪ ،‬بأن العامل يتحمل المسؤولية عند تجاوز حدود هذا اإلذن‬
‫ونطاقه‪ ،‬ذلك أن التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل نابع من وجوب التزام العامل باإلخالص‬
‫والوالء لصاحب العمل‪.3‬‬
‫ال يعني االلتزام الضمني بعدم المنافسة تسخير العامل أو استعباده لمصلحة صاحب العمل‪،‬‬
‫والدساتير‪ ،‬إذ يكون للعامل الحق‬ ‫األعرا‬ ‫أواحتكار نشاطه‪ ،‬أو إلغاء حريته في العمل بما يخال‬
‫في االستفادة من أوقات فراغه على النحو الذي يرضيه سواء بالعمل لحسابه أو بالعمل لحساب‬
‫ذلك‪ ،‬أو يكون في العمل اآلخر منافسة لصاحب‬ ‫الغير ما لم يتفق صاحب العمل معه على خال‬
‫العمل األول‪ ،4‬وفي القانون الفرنسي للعامل – دون أن يتجاوز الحد األقصى المسموح به لساعات‬
‫العمل المأجور‪ -3‬أن يجمع بين عدة أعمال أو وظائ ‪ ،‬فالمشرع الفرنسي يحظر القيام بأعمال‬
‫تتجاوز الحد األقصى لفترة تشغيل العامل المسموح بها وليس بإبرام أكثر من عقد عمل‪.‬‬
‫على غرار باقي التشريعات المقارنة‪ ،9‬اعتبر المشرع الجزائري إخالل العامل بالتزام المحافظة‬
‫على األسرار المهنية خطأ مهنيا يستوجب التسريح‪ ،1‬وإذا كان العامل مسؤوال من الناحية المدنية‬
‫عن إفشاء أسرار المؤسسة المستخدمة إذ نجم عن ذلك ضرر للمؤسسة‪ ،‬وإذا تعلق األمر بمؤسسة‬

‫‪ 9‬مذكور في‪ :‬علي يحي آل زمانان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.92‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Cass. Soc, 19 Nov, 1996, cah, Soc, B, 1997, N° 87.‬‬
‫‪ 3‬علي يحي آل زمانان ‪ ،‬لمرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل بألمانة واالخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 991‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art L324-2 du C.civ.fr :» Aucun salarié des professions industrielles, commerciales, artisanales ou‬‬
‫‪agricoles ne peut effectuer des travaux rémunérés relevant de ces professions au-delà de la durée maximale‬‬
‫‪du travail, telle qu'elle ressort des lois et règlements en vigueur dans sa profession « .‬‬
‫‪ 9‬المدة ‪ 19‬فقرة ‪ 9‬من قانون العمل المصري‪ ،‬المادة ‪ 99‬فقرة ‪ 9‬من قانون العمل االردني‪ ،‬المادة ‪ 31‬فقرة ‪ 3‬من مدونة الشغل‬
‫المغربية‪.‬‬
‫‪ 1‬المادة ‪ 13‬فقرة ‪ 2‬من قانون ‪ 99/11‬المتعلق عالقات العمل ‪ " :‬يتم التسريح التأديبي في حالة ارتكاب العامل أخطاء‬
‫جسيمة‪....‬وتعتبر على الخصوص أخطاء جسيمة – إذا أفض ى معلومات مهنية تتعلق بالتقنيات والتكنولوجيا وطرق الصنع والتنظيم‬
‫أو وثائق داخلية للهيئة المستخدمة‪ ،‬إال إذا أذنت السلطة السلمية بها أو أجازها القانون"‪.‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ذات طابع صناعي‪ 9‬فإن عدم احترامه لهذا االلتزام ال يثير فقط مسؤوليته المدنية‪ ،‬وأنما أيضا‬
‫مسؤوليته الجنائية‪.2‬‬
‫غير أن االلتزام بعدم المنافسة يعتبر قيدا خطيرا على مصير العامل اإلجتماعي والمهني‪ ،‬إذ‬
‫يهدد العامل في مورد رزقه إذا كان ال يتقن إال العمل الذي مارسه لدى صاحب العمل ووسيلة‬
‫ضغط عليه للبقاء في خدمة المؤسسة المستخدمة‪ ،‬حيث يمنع عليه االستقالل بنشاط خاص به‬
‫أوالعمل في ذات المهنة لدى صاحب عمل آخر‪.‬‬
‫هنا يثار اإلشكال حول كيفية التوازن بين مصلحة المستخدم في عدم منافسة العامل له بعد‬
‫انتهاء العقد حتى يحمي عمالء المؤسسة واالستثمار الذي أنجزته األخيرة في مجال تكوين العمال‪،‬‬
‫وبين مصلحة العامل في استرجاع حريته في العمل كمظهر من مظاهر الحرية الفردية وحق في‬
‫ممارسة حياته الخاصة المكفولة قانونا سواء بممارسة نشاط لحسابه الخاص أو بالعمل لدى الغير‪،‬‬
‫حيث أن عدم التوفيق بين المصلحتين سيؤدي حتما إلى المساس بنطاق الحرية التعاقدية في قانون‬
‫العمل‪.3‬‬
‫‪ - 3‬إدانة العامل إلرتكابه جرائم خارج العمل‬
‫النظر عن‬ ‫يجوز لصاحب العمل تسريح العامل في حالة إدانته إلرتكابه جرائم بصر‬
‫موضوعها‪ ،‬أو مكان ارتكابها‪ ،‬سواء ارتكبت داخل أو خارج دائرة العمل‪ ،4‬وسواء أدين العامل‬
‫لجريمة من جرائم الجنايات بصفة عامة مثل جناية القتل ضد صاحب العمل أو زمالئه أو غيرهم‪،‬‬
‫أو جناية الحريق عمدا في المؤسسة المستخدمة‪ ،‬أو جناية اختالس أموال المؤسسة التي يعمل فيها‪،‬‬
‫أو اآلداب العامة داخل أو خارج مكان العمل‪.‬‬ ‫أو ارتكابه لجرائم مخلة بالشر‬
‫دائما عن خطورة فاعلها‪ ،3‬فكل إنسان مسؤول عن‬ ‫الحكمة من ذلك أن هذه الجرائم تكش‬
‫أفعاله ومواقفه التي يتخذها مسؤولية أخالقية واجتماعية وقانونية إذا اصطدمت هذه األفعال باألحكام‬
‫القانونية السائدة في المجتمع‪ ،‬حيث يفترض أن ممارسة اإلنسان لحريته أيا كان مجالها تطبيقها ال‬
‫تصطدم و ال تثير القواعد القانونية المعمول بها‪.9‬‬

‫‪ 9‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.491‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 312‬من قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬
‫‪ 3‬أيت إفنان نادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 39‬من النظام الداخلي لمؤسسة نفطال‪ ،‬تمت المصادقة عليه من طرف مفتشية العمل بتاريخ ‪ 9112/92/94‬تحت رقم‬
‫‪ 12/31‬و أودع لدى كتابة ضبط لمحكمة الشراقة بتاريخ ‪ 9112/92/94‬و سجل تحت رقم ‪.12/99‬‬
‫‪ 3‬ناهد العجوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.393‬‬
‫‪9‬‬
‫‪GAUDU )F(, Le licenciement pour périe de confiance, Droit social, France,1992, p 33.‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إذا كان المبدأ التقليدي في عالقات العمل أنه يوجد فصل بين الحياة المهنية للعامل وحياته‬
‫الخاصة‪ ،‬وأنه ال يمكن لصاحب العمل أن يمارس سلطاته إال أثناء وجود العامل في وقت ومكان‬
‫العمل‪ ،‬فال يمكن لصاحب العمل أن يتدخل في حياة العامل الخاصة طالما أنها ال صلة لها بالعمل‬
‫وظلت خارج العالقة المهنية‪.9‬‬
‫إال أنه ورغم هذا ال يمكن الفصل المطلق من سائر الوجوه بين الحياة الخاصة للعامل وبين‬
‫حياته المهنية‪ ،‬وذلك نظرا للصفة المستمرة لعقد العمل التي تجعل تأثير حياة العامل الخاصة خارج‬
‫المهنة على عالقات العمل أمرا ال يمكن تجنبه‪.2‬‬
‫اعتبر القضاء الفرنسي أن صدور حكم قضائي بإدانة العامل جنائيا كان من شأنه اإلخالل‬
‫بحسن سير العمل في المؤسسة‪ ،‬وبالتالي يشكل عنصرا هاما كسبب للتسريح حتى ولـو أفرج عن‬
‫أو كانت الوقائع المجرمة منقطعة الصلة بالعمل‪.3‬‬ ‫العامل في االستئنا‬
‫المحكمة بفعل التحرش الجنسي‬ ‫في قضية أخرى تم تسريح العامل إلدانته من طر‬
‫خارج المؤسسة ا ستنادا لعدم الثقة فيه‪ ،‬حيث تضم المؤسسة عدد كبير من‬ ‫المصحوب بالعن‬
‫العامالت‪ ،‬واعتبرت بأن هذا المبرر مشروع ويكعس سببا حقيقيا وجديا ‪.4‬‬
‫تميل محكمة النقض الفرنسية إلى الروابط األكثر أهمية مع المجال المهني للسماح لصاحب‬
‫العمل بفرض عقوبات على األحداث خارج توقيت ومكان العمل‪ ،‬حيث أنه بموجب الحكم الصادر‬
‫في‪ 29‬جوان ‪ 2193‬أقرت أنه وحتى في حالة اإلدانة الجنائية خارج إطار عالقة العمل‪ ،‬البد من أن‬
‫يستند صاحب العمل في تسريحه للعامل على أسباب حقيقية وجدية‪ ،‬وبالتالي فإن مجرد إرتداء‬
‫العامل للزي الرسمي في نهاية يوم عمل له أثناء ارتكابه للسرقة في مركز تسوق غير كافية إلقامة‬
‫صلة مع المجال المهني وأن الحياة الشخصية للعامل ال يمكن أن تبرر التسريح التأديبي‪.3‬‬
‫لكن مع ذلك ظلت محكمة النقض متأرجحة في أحكامها‪ ،‬إذ أنه بمقتضى الحكم الصادر في ‪91‬‬
‫بنك القرض الفالحي إلرتكابها خطأ‬ ‫جويلية ‪ 2112‬الصادر بشأن قضية تسريح عاملة من طر‬
‫سيارة مسروقة في مرآبها وأوراق هوية‬ ‫في حقها الكتشا‬ ‫جسيما بعد صدور مذكرة توقي‬
‫مزورة وأسلحة نارية‪.‬‬

‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ 2‬محمد جمال الدين زكي‪ ،‬عقد العمل في قانون العمل المصري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،9112 ،‬ص‬
‫‪.191‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 92 Mars 1991, R.J.S, 5919, N°569.‬‬
‫‪ 4‬مذكور في‪ :‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪993‬‬
‫‪3‬‬
‫‪"QU'un fait de la vie personnelle du salarié ne peut justifier un licenciement disciplinaire sauf s'il constitue‬‬
‫‪un manquement de celui-ci à une obligation découlant de son contrat de travail ", Cass soc 26 juin 2013 N°‬‬
‫الملحق رقم ‪de pourvoi: 12-16564.15‬‬

‫‪919‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫اعتبر المستخدم أن األحداث التي أدينت ألجلها العاملة بصفة قطعية تمس باإلستقامة والنزاهة‬
‫لدرجة من الجسامة ما يلحق بالمؤسسة المالية نفسها‪ ،‬ألن هذه األخيرة تتضرر كثيرا إذا تزعزعت‬
‫ثقة الزبائن بها لذلك يفترض بالعاملين فيها أن يتحلوا بالنزاهة في مجال العمل وحتى خارج العمل‬
‫ألنه يظل دائما ممثال للبنك ومنه صار تسريحه أمرا البد منه‪ ،‬لكن محكمة النقض سلكت اتجاها‬
‫مغايرا‪ ،‬فاعتبرت أنه لم يلحق مشاكل بالمؤسسة ولم يعرقل نشاط البنك‪ ،‬وأن التسريح هو ذو طابع‬
‫تأديبي بينما األحداث تتعلق بحياة العامل الشخصية وال يمكن أن تعتبر خطأ مهنيا‪.9‬‬
‫بالمقابل‪ ،‬وفي قضية مماثلة فإن الغرفة اإلجتماعية للمحكمة العليا حكمت بإمكانية معاقبة‬
‫العامل على أساس الخطأ‪ ،‬في قضية عامل بائع في مؤسسة قام في محل بيع مؤسسة أخرى بإخفاء‬
‫مواد من دون دفع ثمنها بعدما عطل جهاز اإلنذار‪ ،‬وكانت المؤسسة الضحية تابعة لمجمع‪ ،‬هذا‬
‫األخير رفض التعامل مع المستخدم في جميع مؤسساته‪.2‬‬
‫اعتبر قضاة الموضوع أن هذه األحداث أضرت كثيرا بسمعة المستخدم‪ ،‬ما أجاز عملية تحويل‬
‫العامل من البيع واالستقبال إلى العمل في المخزن‪ ،‬فرغم أن األحداث تتصل بالحياة الخاصة للعامل‬
‫إال أنها أثارت عرقلة في المؤسسة نفسها وسببت أضرارا لها‪.‬‬
‫األصل أن الحكم النهائي على العامل في جناية أو جنحة ال يمثل إخالال باإللتزامات الجوهرية‬
‫ل لعامل‪ ،‬ولكن التشريعات راعت في تقرير ذلك اآلثار السلبية لإلجرام على الحياة المهنية في نطاق‬
‫قانون العمل‪ ،‬التي تتمثل في اختالل الثقة في العامل وحسن سير العمل داخل المؤسسة‪.3‬‬
‫إذا كانت الجريمة ال صلة لها بالعمل المنوط‬ ‫غير أن هناك اتجاه فقهي انتقد هذا الموق‬
‫بالعامل وال مرتكبه في اثنائه وفي مكانه‪ ،4‬واعتبر أنه ال بد من الفصل مابين الجناية الوقعة داخل‬
‫أو خارج دائرة العمل‪ ،‬وبين الجنحة الواقعة داخل أو خارج دائرة العمل‪.3‬‬
‫تعتبر أغلبية تشريعات العمل المقارنة أن الحكم على العامل بجنحة أو جناية من قبيل الخطأ‬
‫في‬ ‫ال جسيم الذي يجيز لصاحب العمل أن يفسخ عقد العمل ويقوم بتسريح العامل‪ ،‬مع وجود اختال‬
‫شأن جسامة الجريمة ومكان وزمان وقوعها‪.‬‬
‫بعض التشريعات تشترط في الجريمة التي تصلح لفسخ عقد العمل وتسريحه أن تكون جناية‬
‫أو جنحة‪ ،‬حيث نجدها تجيز الفسخ في الجنايات في حين تقيده بالنسبة لتلك الجنح الماسة بالشر‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass.soc, 18 Juin 2002, N°00-44111, R.T.D, Janv 2004, p 29.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass soc, 2 Déc 2002, Bull.civ,V,n° 361, 20 Nov 1991, ibid, V, N° 515.‬‬
‫‪ 3‬محمد جمال الدين زكي‪ ،‬مرجعبق سا‪ ،‬ص ‪.999‬‬
‫‪ 4‬حسن كيرة‪ ،‬أصول قانون العمل‪ ،‬عقد العمل‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص ‪ ،191‬أحمد شوقي عبد الرحمن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،49‬ناهد العجوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ 3‬أحمد شوقي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪49‬‬

‫‪912‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أواألمانة أو اآلداب‪ ، 9‬وهذا ما نص عليه القانون العمل المصري في المادة ‪ 99‬فقرة ‪ 1‬منه‪ ،‬وقانون‬
‫العمل األردني في المادة ‪ 91‬منه‪.‬‬
‫إن استحالة تنفيذ التزامات أحد الطرفين في عالقة العمل تمنح لصاحب العمل حق فسخ عقد‬
‫العمل ‪ ،‬ومن هذه الحاالت حالة فقد العامل لحريته بسبب حكم قضائي‪ ،‬أو الحكم على العامل بعقوبة‬
‫سالبة للحرية‪ ،‬وبالرغم من اشتراط ضرورة صدور حكم اإلدانة لتوقيع صاحب العمل الجزاء‬
‫التأديبي بتسريح العمل من العمل‪.‬‬
‫إال أن اإلشكال الذي يقوم في هذه الحالة‪ ،‬سيما إذا كان التسريح بسبب التهمة خارج نطاق‬
‫العمل‪ ،‬هو مدى حق العامل الذي أثبت براءته بمقتضى حكم نهائي في العودة إلى منصب عمله‬
‫خاصة أن المادة ‪ 923‬من قانون العقوبات لم تحدد ذلك‪ ،‬والمرجع أنه ليس لصاحب العمل أي سبب‬
‫إذا كان صاحب العمل هو الخصم‬ ‫يلزمه بإعادة العامل إلى عمله من الناحية القانونية‪ ،‬على خال‬
‫كأن يتهم أحد عماله باالختالس‪ ،‬ثم يتبين براءته فإنه ملزم بإعادته للعمل‪ ،‬وفي الواقع العملي نجد‬
‫مؤسسة اتصاالت الجزائر تنص في نظامها الداخلي في الفقرة الثانية من المادة ‪ 22‬على أنه «في‬
‫حالة اإلعفاء من التهمة يعاد إدماج العامل إلى منصب عمله أو منصب عمل مماثل »‪.‬‬
‫مقارنة أيضا مع النظام الداخلي للمؤسسة العمومية االقتصادية إلتصاالت الجزائري‪ ،‬يتضح‬
‫أنه يقرر في المادة ‪ 22‬منه فقرة األولى بأنَ لجنة التأديب تبدي رأيها حول إعادة إدماج العامل في‬
‫حالة االستفادة من اإلفراج المؤقت‪ ،‬حالة الحكم بعقوبات من غير الحرمان من الحرية‪ ،‬أما الفقرة‬
‫الثالثة من هذه المادة فتنص على أنه «في حالة الحكم النهائي بعقوبات السجن يمكن فسخ العقد بقوة‬
‫القانون‪ ،‬وهذا بعد الحكم النهائي»‪.2‬‬
‫‪ - 4‬فقدان الثقة في العامل‬
‫التي يتخذها العامل في حياته الخاصة قد تؤدي إلى اختالل مبدأ الثقة الواجب‬ ‫إن المواق‬
‫توفرها بين طرفي العالقة القانونية و قد تنعدم تماما في جانب صاحب العمل‪ ،‬بل تتجاوز مرحلة‬
‫التأثير الشخصي على صاحب العمل إلى التأثير موضوعيا على المؤسسة‪.‬‬
‫اختالل الثقة حالة نفسية تعبر عن انطبعات شخصية لدى صاحب العمل تولد شكوكا قوية بعدم‬
‫التعامل مع هذا العامل‪ ،‬فشكوك صاحب العمل حول العامل قد تجد مصدرها في أفعال للعامل‬

‫‪ 9‬ناهد العجوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 22‬من النظام الدا خلي للمؤسسة العمومية االقتصادية اتصاالت الجزائر‪ ،‬المودعة لدى مفتشية العمل بالشراقة‪ ،‬الجزائر‬
‫العاصمة‪ ،‬بتاريخ ‪ 13‬جويلية ‪ 2114‬تحت رقم ‪ ،2114/244‬ولدى كتابة ضبط محكمة الحراش بتاريخ ‪ 11‬ماي ‪ .2194‬ملحق رقم‬
‫‪.11‬‬

‫‪913‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مشروعة في ذاتها وتدخل ضمن حياته غير العقدية ومقتضاياتها وإن كانت مهنية‪ ،‬كانتماء نقابي‬
‫مثال ومن ثم يستحيل ضبطها من زاوية الرقابة القضائية‪.9‬‬
‫صاحب العمل تقييما موضوعيا يعتمد أساسا على مدى تأثر المؤسسة سلبا‬ ‫تقييم موق‬
‫باألسباب التي أدت الختالل ثقة صاحب العمل في العامل‪ ،2‬وإن كانت هذه األسباب تدخل في دائرة‬
‫الحياة الخاصة وكيفية ممارستها‪ ،3‬وهذا ما يعني أن عنصرا موضوعيا وليس شخصيا أدخل في‬
‫االعتبار عند مراجعة صاحب العمل فيما انتهى إليه‪.‬‬
‫هناك أكثر من احتمال قد يسفر عن حالة اختالل الثقة أو فقدانها والتي يستند إليها صاحب‬
‫العمل لتسريح العامل‪ ،‬فإما أن تكون أفعال صدرت عنه هو شخصيا أو بسبب أفعال منسوبة‬
‫ألشخاص على صلة وثيقة به‪.4‬‬
‫االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة سونطراك أكدت على التزام العامل بالتحفظ‪ ،‬ونصت على أن‬
‫كل اتصال يقوم به العامل مع الغير بشأن وثائق المؤسسة أو معلومات مالية أو تجارية أو تقنية‪،‬‬
‫وغير ذلك يشكل خطأ خطيرا وجسيما يعاقب عليه دون التخلي عن المتابعة الجزائية‪.3‬‬
‫أقر القضاء الفرنسي في عدة أحكام له بأن اهتزاز ثقة صاحب العمل في العامل بسبب وجود‬
‫اتصاالت أو تبادل معلومات أو وجود عالقات عائلية أو ماشابهها قد يعد مبررا لتسريحه من‬
‫العمل‪ ،9‬حيث قضت في إحدى القضايا بأن المشاكل التي بين زوج إحدى العامالت والمؤسسة تشكل‬
‫سبب حقيقي وجدي لقرار التسريح الذي اتخذه صاحب العمل‪ ،‬على أساس أن فقدان الثقة المتبادلة‬
‫عقبة أمام عالقة العمل‪ ،1‬في هذه القضية نسب إلى العاملة ولكن‬ ‫بين العامل والمؤسسة يق‬
‫بطريقة غير مبررة عدم التوافق بين عملها كسكريتيرة وأمينة على أسرار المؤسسة وبين وضعها‬
‫كزوجة لعامل رفع دعاوى قضائية ضد المؤسسة بعد أن‬
‫سبق له العمل فيها‪.‬‬
‫غير أن محكمة النقض الفرنسية غيرت موقـفها في مطلع التسعينات وأعادت النظر والتقييم‬
‫عالقة العمل وتسفر عن إنهاء عـقد العمل‪ ،1‬وأقـرت بأن‬ ‫لحالة فقدان الثقة التي تظهر بين أطرا‬

‫‪ 9‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.991‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 30 Mars 1982, J.C.P, 1983, II, N° 14029, Note J-F.MONTREDON.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CHIREZ‬‬ ‫‪)A(,‬‬ ‫‪La perte de confiance par l'employeur‬‬ ‫‪constitue-t-elle une cause‬‬ ‫‪réelle et‬‬
‫‪sérieuse de licenciement ?», D, 1981, chron, p 193.‬‬
‫‪ 4‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.991‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 94‬من االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة سونطراك‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Cass.soc, 4 Avril 1979, Bull, civ, N°315, C.A, Paris, 4 Juin 1987, D 1987, p 610, Note J.MOULY.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Cass.soc, 26 Juin 1980, n° 79-40.859, Bull, civ, v, n° 573‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Cass.Soc, 29 Nov 1990, Dr. 1991, p 190, Note J.PELISSIER.‬‬

‫‪914‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫فقدان الثقة الذي يدعيه صاحب العمل ال يشكل في حد ذاته سببا للتسريح‪.9‬‬
‫ذلك أن عدم ثقة صاحب العمل في العامل ال يكفي بحد ذاته للتسريح‪ ،‬فهذه الحالة النفسية‬
‫المجردة يصعب تقييمها وذلك العتمادها على مفردات ذاتية لديه‪ ،‬ومن ثم ال تعد سببا جدا أوحقيقيا‪،‬‬
‫الجديد للمحكمة على أنه رغبة في التضييق‬ ‫وال تعكس مبررا مشروعا للتسريح‪ ،2‬وقد فسر الموق‬
‫من دائرة فقدان الثقة الذي يستند عليه لتبرير تسريح العامل‪.‬‬
‫اعتبرت أن االعتماد فقط على المشاعر الشخصية لصاحب العمل سببا للتسريح يعد انتهاكا‬
‫للقانون الذي يستلزم سببا حقيقيا وجديا‪ ،‬ذلك أن معيارا شخصيا يتحكم في مصير اإلطار المهني‬
‫للعامل غير ذي صلة بأية وقائع محددة يمكنها تبرير حالة صاحب العمل النفسية‪.‬‬
‫المؤسسة ومدى تأثرها للقول بأن التسريح في هذه الحالة‬ ‫بل يجب دائما النظر إلى ظرو‬
‫من جانب صاحب العمل أم ال‪ ،‬حيث ال‬ ‫مبررا من عدمه‪ ،‬وبالتالي تقييم ما إذا كان هناك تعس‬
‫بالتقييم الشخ صي المجرد لصاحب العمل غير ذي صلة بالمؤسسة التي يعد كل ما قد يمسها‬ ‫يعتر‬
‫سببا جديا وحيقيا يبرر انهاء العالقة العقدية‪.‬‬
‫إن كانت مسؤوليات صاحب العمل تفرض عليه عدم االهمال والتجاوز عما قد يسبب اضطرابا‬
‫المهنية المرتبطة بحالة نفسية اتجاه العامل أن‬ ‫في المؤسسة‪ ،‬فإنه ال بد عليه في حالة المخاو‬
‫يوضح ويثبت السبب الجدي والحقيقي المبرر إلنهاء العالقة بينه وبين العامل‪ ،‬حيث أن تسريح‬
‫خارج المؤسسة استنادا لعدم الثقة فيه‬ ‫العامل الذي أدين بالفعل لتحرشه الجنسي المصحوب بالعن‬
‫يعد مبرر مشروع‪ ،‬ويعكس سببا جادا وحقيقيا للتسريح إذ تضم المؤسسة عدد كبير من العامالت‪.3‬‬
‫نستنتج مما سبق أن العامل خارج مجال العمل ال يخضع إلى سلطة المستخدم‪ ،‬وهو حر في‬
‫حياته الخاصة‪ ،‬غير هذا المبدأ مقيد بشرط أن ال يلحق تصرفه خارج اإلطار المهني ضررا‬
‫بمصالح المؤسسة‪ ،‬ويمكن أن يتجسد هذا الشرط في الحاالت التي ينص عليها القانون‪ ،‬كاألخطاء‬
‫التي تقع خارج أوقات العمل ويمتد أثرها إلى العمل نفسه مثل إفشاء سر المهنة أو المنافسة الغير‬
‫مشروعة‪ ،4‬أو فقدان الثقة في العامل‪.3‬‬
‫في هذا الصدد ينص النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر في المادة ‪ 49‬منه على‬
‫ضرورة اإللتزام بالت حفظ‪ ،‬وأن يتخذ العامل دوما وحتى خارج المؤسسة موقفا الئقا بسمعة‬

‫‪9‬‬
‫‪« La perte de confiance alléguée par l’employeur ne constitue pas en soi un motif de licenciement »,‬‬
‫‪Cass.Soc, 29 Nov 1990, Dr. 1991, p 190, Note J.PELISSIER.‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.999‬‬
‫‪ 3‬مذكور في‪ :‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.993‬‬
‫‪ 4‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.942‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪913‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المؤسسة‪ ،‬حيث يمنع من القيام بأي عمل أو سلوك أو تعليقا يعتبر مخالفا لوظائفه‪ ،‬وااللتزام باحترام‬
‫الكرامة المرتبطة بالوظيفة أو منصب العمل مهما كان طبيعته ‪.9‬‬
‫إذن كان البد من التطرق من خالل دراسة حماية الحياة الخاصة للعامل خارج إطار عالقات‬
‫العمل إلى مبدأ احترام الحياة الخاصة من حيث مبادئه وخصوصياته لتحديد مفاهيمه‪ ،‬إذ ليس من‬
‫اليسير تحديد ما يدخل في دائرة الحياة الخاصة وما ال يعد منتميا إليها‪ ،‬ذلك أن النظر في المفاهيم‬
‫السائدة بشأن الحق في احترام الحياة الخاصة باعتبارها من الحقوق المالزمة للشخصية يظهر قدرا‬
‫بحسب التوجهات القانونية والقضائية للدول‪.‬‬ ‫كبيرا من التنوع‪ ،‬فهي تختل‬
‫الحياة الخاصة التي تمارس خارج اإلطار المهني تعد مظهرا من مظاهر الحرية الفردية‪،‬‬
‫وكيفية ممارستها تحظى بالحماية القانونية ف ي مواجهة اإلطار المهني أقرتها االتفاقيات وتوصيات‬
‫المؤتمرات الدولية العالمية واٌإلقليمية‪ ،‬وكرستها التشريعات الوطنية من خالل الحماية الدستورية‬
‫وحماية التشرع العادي ‪.‬‬
‫انطالقا من الطبيعة الخاصة لعقد العمل الذي يبرز فيه االعتبار الشخصي في مرحلة السعي‬
‫إلى إبرام عقد العمل إلتمامه‪ ،‬فإن الحياة الخاصة للمترشح للعمل تكون عرضة للمساس بها خاصة‬
‫في ظل انتشار وسائل المراقبة والتحري‪ ،‬أو االختبارات الطبية أو وسائل المراقبة الحديثة التي قد‬
‫يلجأ إليها صاحب العمل بحجة االختيار األمثل للمترشحين المراد التعاقد معهم‪.‬‬
‫من أجل حماية هؤالء عرضنا عدة ضمانات تكفل منع االعتداء على حياتهم الخاصة لعل أهمها‬
‫حظر التمييز بينهم‪ ،‬فمن حيث المبدأ ال يجوز رفض المترشح للعمل بناء على أصله أو جنسه‬
‫أو انتمائه العرقي أو بسبب آرائه السياسية أو معتقداته الدينية أو الفكرية أو الحزبية‪ ،‬أو لممارسته‬
‫لهويات معينة أثناء أوقات الفراغ‪ ،‬أو القيام ممارسة أي حق أو حرية من الحريات األساسية‪.‬‬
‫التشريعات بحظر التمييز بين المترشحين على أساس اإلعتبارات السابقة‪ ،‬وإنما تحقيقا‬ ‫لم تكت‬
‫للحماية ذهبت إلى أبعد من ذلك‪ ،‬حيث حظرت مجرد التحري حول الحياة الخاصة للمترشح‪ ،‬فمنعت‬
‫عن سرية حياته الخاصة‪ ،‬كتوجيه أسئلة أو استفسارات عن أمور خارجة عن اإلطار‬ ‫الكش‬
‫المهني‪ ،‬وهو ما نظمه مؤخرا مشروع قانون العمل الجديد‪ ،‬غير وجه هذا الحظر فقط إلى وكاالت‬
‫التشغيل دون إلزام صاحب العمل بذلك‪.‬‬
‫أما بعد إبرام عالقة العمل‪ ،‬وخارج اإلطار المهني لها‪ ،‬فإنه ينتهي التزام العامل بمفرداتها‬
‫المختلفة زمانيا ومكانيا‪ ،‬ومن حيث األداء المطلوب منه‪ ،‬فإنه يسترد حرية التعامل مع مفردات‬

‫‪ 9‬المادة ‪ 49‬من النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر‪ ،‬الملحق رقم ‪ ،11‬أيضا المادة ‪ 34‬من النظام الداخلي لمؤسسة نفطال‪.‬‬

‫‪919‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حيالها بما يتفق مع رؤيته لألمور‪ ،‬توجهاته‪ ،‬معتقداته‪ ،‬سلوكياته‪ ،‬فهذه‬ ‫حياته المختلفة‪ ،‬فيتصر‬
‫الممارسات أي كانت طبيعتها تعني ممارسة العامل لحريات غير محددة كفلها له الدستور والقانون‪.‬‬
‫إنَ تنظيم استعمال وسائل االتصال الحديثة بالنسبة للمؤسسة يبقى أمرا ضروريا ويجب األخذ‬
‫تطور نتيجة التأثير‬ ‫بعين االعتبار احترام الحياة الخاصة للعامل عن بعد‪ ،‬هذا المفهوم الذي عر‬
‫الكبير الذي أحدثته الثورة المعلوماتية على حقوق وحريات األفراد‪ ،‬إذ سهلت هذه التكنولوجيا‬
‫اختراق الحق في الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫تسوجب حماية الحياة الخاصة للعامل وضع حدود للتداخل بين اإلطار المهني القائم كنتيجة‬
‫إلبرام عقد العمل وبين اإلطار غير المهني‪ ،‬والذي يعد بمثابة حياة خاصة تحظى بالحماية ضد كل‬
‫اقتراب أو مساس بها من جانب صاحب العمل‪ ،‬لعل من أهم الضمانات التي تؤكد حق العامل في‬
‫حياته الخاصة هو مبدأ استقالل الحياة الخاصة عن الحياة المهنية‪ ،‬إال أن هذا المبدأ ترد عليه بعض‬
‫اإلستثناءات والتي تشكل قيد على ممارسة العامل لحياته الخاصة خارج اإلطار المكان والزماني‬
‫للعمل حيث أن حرية العامل خارج إطار العمل وأثناء سريان عقد العمل تبقى مقيدة بحدود‪ ،‬أي‬
‫العامل خارج مكان وتوقيت العمل ضررا بالمؤسسة المستخدمة‬ ‫شريطة أن ال يلحق تصر‬
‫أو يعرقل نشاطها‪.‬‬
‫إذا كانت حرية العامل في ممارسة حياته الخاصة خارج اإلطار المهني مقيدة بعدم اإلضرار‬
‫بالمؤسسة‪ ،‬فإن ممارسة صاحب العمل لسلطاته في نطاق اإلطار المهني أصبحت هي بدورها مقيدة‬
‫بقواعد وحدود‪ ،‬تتزايد بتزايد حقوق اإلنسان داخل المؤسسة في الوقت الراهن‪ ،‬خاصة بعد إقرار‬
‫مبدأ استقالل الحياة الخاصة للعامل عن حياته المهنية داخل مكان وزمان العمل‪ ،‬وهذا ما سنحاول‬
‫التطرق إليه في الباب الثاني الموسوم بحماية الحياة الخاصة للعامل في العمل‪.‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الباب الثاني‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل داخل االطار المهني‬
‫إنَ قانون العمل يفترض التواجد المادي للعامل داخل المؤسسة‪ ،‬باعتبارها المكان الطبيعي‬
‫للعمل الذي يؤدي العامل داخله العمل المنوط به طيلة الحد األقصى لتوقيت العمل‪ ،‬وفي إطاره‬
‫والتوجيه‪ ،‬فهذا‬ ‫يمارس صاحب العمل إزاء العامل ما يخوله القانون من سلطات الرقابة واإلشرا‬
‫النطاق المكاني والزماني هو اإلطار الطبيعي لعالقة العمل الذي تمارس فيه مظاهر تبعية العامل‬
‫لصاحب العمل‪.‬‬
‫يخضع العامل لتبعية صاحب العمل أثناء ممارسته لنشاطه المهني؛ أي فقط أثناء قيامه بالعمل‬
‫الذي طلب منه داخل مكان العمل‪ ،‬من هذا المنطلق فإن التبعية تمارس في مكان معين (مقر العمل)‬
‫وهي تمارس في زمن معين (وقت العمل) إلضفاء شرعية على نفوذ هذا األخير داخل المؤسسة‬
‫باعتبار ما يتمتع به من صالحيات قانونية واسعة تدعم سلطته على العاملين التابعين له‪.‬‬
‫كثيراً ما يحدث تنازع بين حق صاحب العمل في تسيير مؤسسته وفق ما تحققه من ربح‪،‬‬
‫وبين حق العامل في احترام حياته الخاصة‪ ،‬ذلك أن صاحب العمل يتمتع بسلطة التوجيه واإلشرا‬
‫على عماله نتيجة عقد العمل الرابط بينهما‪ ،‬وما ينشأ عنه من عالقة تبعية التي تعتبر جوهر عقد‬
‫العمل ومعياره المميز‪.‬‬
‫لعلَ أهم التساؤالت تدور حول إمكانية الحديث عن حماية الحياة الخاصة للعامل في إطار‬
‫حياته المهنية في ا لمكان الذي هو ملك صاحب العمل‪ ،‬وفيه يخضع العامل لإللتزام بأوامره وبأداء‬
‫العمل المنوط به تحت إدارته وإشرافه وتوجيهه‪ ،‬وإذا كانت اإلجابة باإليجاب هي التي تُقرها‬
‫القوانين‪ ،‬فهل يمكن الحديث في إطار عالقة العمل عن نقطة التوازن بين حق العامل في الحياة‬
‫الخاصة من جهة والمقتضيات التي تتطلبها مصالح المؤسسة ونجاحها من جهة ثانية؟‬
‫إجابةً على هذه التساؤالت تنصب دارستنا من خالل الباب الثاني إلى بحث صور حماية الحياة‬
‫الخاصة للعامل في (الفصل األول)‪ ،‬لنعرض فيما بعد أهم الضمانات الكفيلة بحماية الحياة الخاصة‬
‫للعامل في إطار عالقة العمل في (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفصل األول‬
‫صور حماية الحياة الخاصة للعامل في العمل‬
‫يعكس احترام الحياة الخاصة للعامل تقدير الحرية الفردية واحترامها‪ ،‬غير أنه ليس من اليسير‬
‫تحديد ما يدخل في دائرة الحياة الخاصة وما ال يعد منتميا إليها سعيا إلى تحديد حدوث اعتداء عليها‬
‫من عدمه‪ ،‬ذلك أنَ النظر في المفاهيم السائدة بشأن الحق في احترام الحياة الخاصة باعتبارها من‬
‫الحقوق المالزمة الشخصية يظهر قدرا كبيرا من التنوع‪.‬‬
‫إنَ المساس بالحياة الخاصة للعامل في إطار عالقة العمل يحدث بصورة أو بأخرى سواء عند‬
‫التع اقد أو بعده‪ ،‬فحينما يتقدم العامل إلى صاحب العمل بغية التعاقد معه والعمل لديه‪ ،‬قد يشترط هذا‬
‫األخير بعض الشروط التي تعد انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬كما قد يجد صاحب العمل‬
‫حجة أخرى أثناء تنفيذ العقد وهي مراقبة تنفيذ العامل للعمل وحسن إدارة المؤسسة لكي يستبيح من‬
‫ناحية أخرى مراقبة العامل بشتى الوسائل ويتطفل بذلك على جوانب خاصة من حياته ال صلة لها‬
‫بتنفيذ العمل‪.‬‬
‫على جوانبه المختلفة بغية دراسة حماية‬ ‫هذه المسائل دفعتنا إلى تناول هذا الموضوع والتعر‬
‫الحياة الخاصة للعامل أثناء إبرام عقد العمل في (المبحث األول) وبحث حماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫أثناء تنفيذ عقد العمل في (المبحث الثاني)‪.‬‬
‫المبحث األول‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء إبرام عقد العمل‬
‫إنَ للعامل حياته المهنية وهي تلك التي تبدأ عند تعاقده على القيام بعمل محدد‪ ،‬أو لدى سعيه‬
‫لهذا التعاقد‪ ،‬والحياة المهنية أساسها العقد ونطاقها يحدده مضمون العقد‪ ،‬وينبغي بالتالي تحديد ما‬
‫يدخل في هذا النطاق وما يخرج عنه‪ ،‬لضمان عدم تأثر الحياة المهنية بما يتم خارج إطارها‪ ،‬سواء‬
‫في النطاق العام أو الخاص وكالهما بمفهومه غير المهني‪.‬‬
‫بعيداً عن عالقة العمل ونطاقها نكون أمام حياة خاصة تستحق الحماية في مواجهة صاحب‬
‫العمل وإن مارسها في مكان العمل‪ ،‬وبعبارة أخرى أكثر تحديداً فإنَ ما يخرج عن اإلطار المهني‬
‫يعد حياة خاصة في مواجهة صاحب العمل وفي استحقاق الحماية لمواجهة تدخله غير المبرر‪ ،1‬غير‬
‫أنه أثناء اإلستعداد والتفاوض على إبرام عقد العمل بين المستخدم والراغبين في العمل بعد قبول‬
‫عليها‬ ‫ترشحهم للمنصب‪ ،‬قد يشترط صاحب العمل جملة من الشروط تتصل بحياته الخاصة يتوق‬
‫اشتغال العامل لديه‪.‬‬

‫‪ 1‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاص ة للعامل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2119-2113 ،‬ص ‪. 22‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ال شكَ أن شروطا من هذا القبيل تتعارض مع حقوق العامل الشخصية‪ ،9‬ومما ال شك فيه‬
‫تجعله تحت تأثير الحاجة يرضخ‬ ‫أيضا أنَ رغبة العام ل في العمل لضمان أجر يعيش به‪ ،‬سو‬
‫لشروط المستخدم‪ ،‬األمر الذي يتطلب توافر حماية قانونية للعمال من مثل هذه الشروط الماسة‬
‫بحياتهم الخاصة وحقوقهم الشخصية‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫مدى تأثر الحياة الخاصة للعامل بخصائص عقد العمل‬
‫يعد عقد العمل الوسيلة الوحيدة التي تنشأ بها عالقة العمل‪ ،2‬وهو االتفاق الذي يتعهد فيه أحد‬
‫المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد اآلخر وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد‬
‫اآلخر‪ ، 3‬فالعامل بحكم العقد الذي يربطه بصاحب العمل يخضع في أدائه المنوط به الى رقابة‬
‫وتوجيه صاحب العمل‪ ،‬وهذا ما يعبر عنه بعالقة التبعية وهي معيار العقد المميز‪ 4‬مقارنة‬ ‫وإ شرا‬
‫بعناصر العمل األخرى كالعمل واألجر‪.‬‬
‫إذا كان على العامل أداء العمل المنوط به وفقا توجيهات وتعليمات صاحب العمل اإلستجابة‬
‫لمقتضيات التبعية‪ ،‬إال أنه قد يتخلى بموجبها عن حريته المطلقة بالقدر الالزم لتنفيذ التزاماته‬
‫عند تأثير هذه الحياة‬ ‫التعاقدية‪ ،‬وتقتضي دراسة الحياة الخاصة للعامل في إطار عقد العمل الوقو‬
‫على خصائص عقد العمل سواء في طابعه المهني أو طابعه الشخصي أومن خالل رابطة التبعية‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫الطـابع المهني لعقـد العمـل‬
‫في ظل اإلطار المهني فقط يمكن إجبار العامل على تقبل القيود التي يفرضها العقد‪ ،‬وأمَا في‬
‫اإلطار غير المهني ورغم وجود عالقة عقدية قائمة فإنَ العامل يسترجع حريته بالكامل لممارسة‬
‫حياته الخاصة‪ ،‬ذلك أن تعاقده يقيد من حريته في إطار حدود مكان وزمان العمل وأداء العمل‬
‫المتفق عليه‪ ،‬بل إنَ تأثر حياته المهنية بما يحدث خارج إطارها يعد مساسا بشخصيته وحياته‬
‫الخاصة‪.‬‬

‫‪ 9‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2119 ،‬ص ‪92.‬‬
‫‪ 2‬بن عزوز بن صابر‪ ،‬نشأة عالقة العمل الفردية في التشريع الجزائري والمقارن‪ ،‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪-‬‬
‫األردن‪ ،2191 ،‬ص ‪31.‬‬
‫‪ 3‬أحمد حسن البرعي‪ ،‬شرح عقد العمل الفردي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،9113 ،‬مصر‪ ،‬ص ‪91.‬‬
‫‪VANNES (V), Concept de l’autorité dans les relations de travail in le lien de subordination dans le contrat 4‬‬
‫‪de travail, Faculté de droit, Université libre de Bruxelles, 2005, p 16.‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أوال‪ :‬حدود االلتزام المهني للعامل‬


‫يتعين على العامل الخضوع لإلطار المهني ومقتضيات عقد العمل قبل الدخول فيه‪ ،1‬وممارسة‬
‫صاحب العمل ور قابته‪ ،‬وهذا يلزم العامل بتنفيذ أوامر وتعليمات صاحب العمل‬ ‫عمله تحت إشرا‬
‫العقد‬ ‫التي تدخل في نطاق العمل المنوط به‪ ،‬إذا لم يكن في هذه األوامر والتعليمات ما يخال‬
‫أو القانون‪ ،‬أو النظام العام‪ ،‬وسلطة صاحب العمل في إصدار األوامر والتعليمات للعامل ليست‬
‫مطلقة‪ ،‬بل هي مقيدة بتوافر ثالث شروط هي‪:‬‬
‫به‬ ‫‪ -9‬أن يكون األمر الصادر من صاحب العمل متعلقا بالعمل المكل‬
‫ال يجوز لصاحب العمل ممارسة سلطته إال في حدود التزام العامل بأداء العمل المتفق عليه‪،‬‬
‫حيث يلتزم العامل بالتنفيذ الشخصي للعمل بحسب األصل باذال عناية الرجل المعتاد في هذا التنفيذ‪،2‬‬
‫أما خارج هذا العمل فليس لصاحب العمل تقويمه‪ ،‬إالَ إذا كان لسلوك العامل خارج دائرة العمل‬
‫تأثير على عمله وحياته المهنية‪.3‬‬
‫تبرير ذلك أنَ تبعية العامل تنحصر فقط في حدود العمل المتفق عليه وال يجوز لصاحب‬
‫العمل التدخل بأوامره فيما يمس الحياة الخاصة للعامل بجميع جوانبها (عائلته‪ ،‬سلوكياته الخاصة؛‬
‫ال ما كان منها يتـعارض مـع‬
‫دينية‪ ،‬سياسية‪ ،‬نقابية‪ ،‬حريته الشخصية في مظهره وملبسه‪...‬الخ) إ َ‬
‫مقتضيات حسن العمل أو يضُر بسمعة المؤسسة بالنظر إلى مصلحتها وهدفها‪.4‬‬
‫عقد العمل من العقود الملزمة لجانبين‪ ،‬وتخضع لمبدأ القوة الملزمة للعقد‪ ،‬إذ يلتزم أطرا‬
‫العقد بتنفيذ بنوده حسب ما تم اإلتفاق عليه على أساس العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬ومن تم ال يجوز‬
‫نقضه أو تعديله إال باتفاق الطرفين‪ ،3‬فال يجوز لصاحب العمل أن يخرج عن نصوص العقد أو أن‬
‫العامل بعمل غير المتفق عليه إالَ إذا دعت الضرورة إلى ذلك وبصفة مؤقتة‪.‬‬ ‫يكل‬
‫العامل بعمل غير المتفق عليه إذا كان ذلك العمل ال يختل‬ ‫استثناءاً على ذلك يجوز أن يكل‬
‫عن العمل األصلي اختالفا جوهريا‪ ، 9‬شريطة عدم المساس بحقوقه المالية‪ ،‬وأن يكون الغرض من‬
‫التغيير تحقيق المصلحة االقتصادية للمؤسسة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪DESPAX (M), La vie extra-professionnelle du salarié et son incidence sur le contrat du travail, J.C.P, 1963,‬‬
‫‪p170.‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪21.‬‬
‫‪ 3‬زهير حرح‪ ،‬تأثير الحياة الخاصة للعامل في حياته ال مهنية‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،31‬العدد‬
‫األول‪ ،2194 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 4‬زوبة عز الدين‪ ،‬سلطة المستخدم التأديبية في إطار المادة ‪ 13‬من قانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل‪ ،‬رسالة ماجيستر‪،‬‬
‫تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬جامعة أحمد بوقرة‪ ،‬بومرداس‪ ،2199 ،‬ص ‪13.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 919‬من األمر رقم ‪ 31-13‬المؤرخ في ‪ 29‬سبتمبر ‪ ،9113‬المعدل والمتمم‪ ،‬المتضمن القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫‪ 9‬المادة ‪ 23‬من قانون العمل العماني المعدل والمتمم‪ ،‬الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم ‪ 33،/2113‬بتاريخ ‪29‬‬
‫أبريل‪.2113‬‬

‫‪919‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أ مَا إذا ثبت أنَ التغيير تم بقصد اإلساءة للعامل أو تحقيق مصلحة غير مشروعة فال يلتزم هذا‬
‫األخير بطاعة أوامر صاحب العمل وال يكون مخالً بأي التزام إذا امتنع عن تنفيذ هذا األمر‪،9‬‬
‫أن يتنصل مما التزم به‪.‬‬ ‫ورغم ذلك ال يمكن ألي طر‬
‫األمر الصادر عن صاحب العمل العقد أو القانون أوالنظام العام‬ ‫‪ - 2‬أن أال يخال‬
‫يلزم العامل بتنفيذ أوامر وتعليمات صاحب العمل التي تدخل في نطاق العمل المنوط به‬
‫األمر الصادر عن صاحب العمل العقد أو القانون أو النظام العام‪ ،2‬ويجب‬ ‫شريطة أن أال يخال‬
‫على العامل أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة وذلك في حدود القوانين واللوائح والنظم‬
‫المعمول بها‪ ،‬مع ضرورة أن يتم التراضي على العمل المطلوب وإذا كان العمل غير مشروع كان‬
‫العقد باطال‪.3‬‬
‫يخضع محل وسبب عقد العمل للشروط التي تحكم العقود األخرى‪ ،‬فيشترط في محل عقد‬
‫العمل الذي هو بالنسبة للعامل ما يؤديه من عمل حسب المواصفات التي يفرضها العقد أن يكون‬
‫عمال مشروعا‪ ،‬إذ أن المادة ‪ 13‬ق‪.‬م‪.‬ج تشرط أال يكون العقد مخالفا للنظام العام ولآلداب العامة‬
‫وإال كان محل االلتزام باطال مطلقا‪ ،‬كأن يبرم عقد عمل حول الدعارة أو حول نقل المخدرات‪.4‬‬
‫بذلك يثبت العامل حق دائم في اإلمتناع عن تنفيذ أوامر صاحب العمل أو من له سلطة النيابة‬
‫عنه‪ ،‬عندما تكون هذه األوامر مخالفة للقانون والنظام العام واألخالق‪ ،3‬كمثال عن ذلك إذا أمر‬
‫صاحب صيدلية العامل الذي يشتغل تحت إمرته تركيب دواء بطريقة تحتوي على غش‪ ،‬أو بيعها‬
‫بعد انتهاء مدة صالحيتها‪ ،‬كان لهذا العامل أن يمتنع عن ذلك‪.‬‬
‫كل إجراء يتخذه صاحب العمل ضد العامل في مثل هذه الحالة يعتبر في حقيقته إجراءًا غير‬
‫مشروع وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى المغربي بأن «‪...‬الطاعة أي‬
‫تبعية العامل لرب العمل يجب أن تبقى في حدود القانون‪.9»...‬‬

‫‪ 9‬بن عزوز بن صابر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪11.‬‬


‫‪ 2‬الفقه والتشريع المقارن يجمعان على ضرورة تقيد العامل باألوامر والتوجيهات الموجهة إليه من طرف صاحب العمل ما لم يكن‬
‫فيها تعريض للخطر أو مخالفة للنظام العام‪ ،‬إذ يعفى في هذه الحالة من المسؤولية عن النتائ المترتبة على هذا التنفيذ غير‬
‫المشروع تجاه صاحب العمل وتجاه الغير‪ ،‬بشير هدفي‪ ،‬الوجيز في عالقات العمل الفردية والجماعية‪ ،‬دار ريحانة للكتاب‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2119 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ 3‬محمد جمال مطلق الذيبات‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة القانون واالقتصاد للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،2192 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 4‬عبد السالم ديب‪ ،‬قانون العمل والتحوالت االقتصادية‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2113 ،‬ص‪. 39‬‬
‫‪ 3‬يذهب بشير هدفي في هذا الشأن إلى وجوب الطاعة في تنفيذ العمل‪ ،‬حتى ولو كانت األوامر الصادرة إلى العامل مخالفة للقانون‪،‬‬
‫بشرط أن يصدر هذا األمر غير المش روع كتابيا ويتم التنبيه اليه كتابيا‪ ،‬بشير هدفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪13.‬‬
‫‪ 9‬هذا القرار أورده محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار النشر المغربية‪،‬‬
‫‪ ،9113‬ص ‪.993‬‬

‫‪912‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 3‬أن ال تشكل طاعة أوامر صاحب العمل خطرا على العامل‬


‫يجب أن ال يكون من شأن إطاعة األوامر الصادر عن صاحب العمل تعريض العامل أوغيره‬
‫للخطر‪ ،‬إذ يلتزم العامل بنظام العمل المجسد من خالل اإلتفاقيات الجماعية للعمل والنظام الداخلي‬
‫للمؤسسة‪ ،‬هذا النظا م يوجب عليه التقيد بمواعيد العمل‪ ،‬وأن يتبع االجراءات في حالة التغيب عن‬
‫العمل‪ ،‬أو مخالفة مواعيده‪ ،‬ما لم يكن في تنفيذها ما يعرضه للخطر‪.‬‬
‫مناسبة ال تعرض سالمته أو‬ ‫كما يلتزم صاحب العمل بأن يوفر للعامل أداء العمل في ظرو‬
‫صحته أو حياته للخطر‪ ،9‬وقد تضمنت الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 49‬من قانون العمل العماني أن للعامل‬
‫ترك العمل قبل نهاية مدة العقد مع اإلحتفاظ بكامل حقوقه بعد إخطار صاحب العمل بذلك‪ ،‬إذا كان‬
‫هناك خطر يهدد سالمة العامل أو صحته بشرط أن يكون صاحب العمل قد علم بوجود هذا الخطر‬
‫ولم يقم بتنفيذ التدابير المقررة‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدى حرية العامل المهنية والشخصية‬
‫للعامل حياته الخاصة التي تتضمن أسرار يحق له اإلحتفاظ بها‪ ،‬بحيث يكون له فقط اتخاذ‬
‫اإلجراءات التي من شأنها منع تدخل اآلخرين فيها‪ ،3‬وله حرية شخصية في ممارساتها كيفما يشاء‪،‬‬
‫ن للعامل أيضا حياته المهنية التي تبدأ عند تعاقده على القيام بعمل محدد‪ ،‬أو لدى سعيه للتعاقد‪،‬‬
‫كما أ َ‬
‫والحياة المهنية أساسها العقد ونطاقها يحدده مضمون العقد‪ ،4‬الذي قد يحد من حرية العامل المهنية‬
‫العتبارات تتعلق بصاحب العمل ومراعاة لمصالح الهيئة المستخدمة‪.‬‬
‫‪ - 1‬حرية العامل المهنية‬
‫يعتبر اإلطار الم هني للعامل محدداً من حيث مكان وزمان العمل ومن حيث نوع العمل‬
‫به الفاصل بين تعهداته المقيدة له في ظل عالقة عقدية قائمة‪ ،‬وتبقى مقتضيات مبدأ حسن‬ ‫المكل‬
‫النية بالنسبة للعامل التي تتطلب أن يكون تنفيذه اللتزاماته العقدية متفقا مع هذا المبدأ تفرز أبعاداً‬
‫متميزة ف ي مواجهته‪ ،‬كالتزامه بالمحافظة على أسرار صاحب العمل خالل عالقة العمل كما يبقى‬

‫‪ 9‬توفيق حسن فرج‪ ،‬قانون العمل في القانون اللبناني والقانون المصري الجديد‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،9119 ،‬ص ‪291.‬‬
‫‪ 2‬جاء نص المادة ‪ 49‬قانون العمل العماني المعدل والمتمم كاآلتي‪ " :‬للعامل ترك العمل قبل نهاية مدة العقد مع االحتفاظ بكامل‬
‫حقوقه بعد إخطار صاحب العمل بذلك في أي من الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -9‬إذا كان صاحب العمل أو من يمثله ق د أدخل عليه الغش وقت التعاقد فيما يتعلق بشروط العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا لم يقم صاحب العمل تجاه العامل بالتزاماته الجوهرية طبقا ألحكام هذا القانون وعقد العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا ارتكب صاحب العمل أو من يمثله أمرا مخال باآلداب نحو العامل أو أحد أفراد أسرته‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا وقع عليه اعتداء من صاحب العمل أو من يمثله‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان هناك خطر جسيم يهدد سالمة العامل أو صحته بشرط أن يكون صاحب العمل قد علم بوجود هذا الخطر ولم يقم‬
‫بتنفيذ التدابير والتي تفرضها الجهات المختصة في الموعد المحدد لها"‪.‬‬
‫‪ 3‬زهير حرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪19.‬‬
‫‪ 4‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪913‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫قائما كذلك بعد انقضائها‪ ،9‬غير أنَ قدرة العامل على التمسك بحريته في أسلوب ممارستها خارج‬
‫اإلطار المهني ال ينبغي أن يصطدم بمبدأ حسن النية الذي يطبع التزاماته المهنية‪.2‬‬
‫قد تثار مسألة حرية العامل بعد انقضاء عالقته العقدية التي تربط بينه وبين صاحب العمل‬
‫متى اتفق طرفان على شرط يقضي بعدم المنافسة‪ ،‬وهو اتفاق يحد من حرية العامل المهنية وهو قيد‬
‫تبرره اعتبارات متعلقة بصاحب العمل‪ ،‬يخضع لضوابط تشريعية ورقابة قضائية‪.3‬‬
‫الحد من الحرية المهنية مقبول في ظل سريان عقد العمل وكذلك بعد انتهائه ولكن بحدود‪ ،‬ألن‬
‫اإلطار المهني الذي يحد من حرية العامل وهو ذلك الذي يعكس إطاراً آخر قائم وهو عالقة العمل‪،‬‬
‫وفي إطار هذه العالقة فقط يقبل العامل هذه القيود التي يفرضها عليه العقد‪ ،‬أمَا في غير اإلطار‬
‫المهني فإنَ حرية العامل تتسع لممارسة حياته الخاصة سواء كان العقد قائما أو انتهى‪.4‬‬
‫إذن فإن إطاراً محدداً يربط بين العامل و صاحب العمل ويحكم عالقة كل منهما اتجاه اآلخر‬
‫أال وهو اإلطار المهني بناءا على عقد العمل الذي يفصل بين هذا اإلطار واإلطار غير المهني حيث‬
‫ال قيود على حرية العامل في ممارسة حياته الخاصة‪.‬‬
‫‪ - 2‬حرية العامل الشخصية‬
‫تتسم عالقة العمل بفقدان لقدر محدد من حريته الشخصية يتمثل في ضرورة خضوعه المهني‬
‫ورقابة وتوجيه‪،‬‬ ‫لصاحب العمل‪ ،‬فإذا كان عليه اإلستجابة لمقتضيات التبعية القانونية من إشرا‬
‫فإنَه في إطار هذ ه التبعية يلتزم بالتخلي عن حريته المطلقة بالقدر الالزم لتنفيذ التزاماته العقدية‪.‬‬
‫أمَا في غير اإلطار المهني ينتهي التزام العامل بمفرداته زمانياً ومكانياً ومن حيث العمل‬
‫حيالها بما يتفق مع‬ ‫المنوط به‪ ،‬فيسترد حريته في التعامل مع مفردات حياته المختلفة‪ ،‬فيتصر‬
‫توجهاته ومعتقداته وسلوكياته‪ ،‬وتظهر في هذا اإلطار قدرته على ممارسة حياته الخاصة كيفما‬
‫يشاء‪ ،‬وأي تدخل من جانب صاحب العمل يعد تعطيال لحريته وحياته الخاصة وكيفية ممارستها‪.3‬‬
‫هذه الممارسات أيا كانت طبيعتها أو اإلطار الذي يمكن نسبتها إليه لتقييمها سلبا أو إيجابا‬
‫تعني ممارسة العامل لحريات غير محددة كفلها الدستور والقانون وكذلك المواثيق الدولية‪ ،‬وبالتالي‬
‫يحق له أن يحظى باحترام الغير لها وأن يفرض احترام حريته وكيفية ممارستها في حالة محاولة‬
‫للمساس بها‪.‬‬

‫‪ 9‬محمد علي عمران‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العمل الجديد‪ ،‬دار نصر للطباعة والنشر‪ ،2113 ،‬ص ‪949.‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪Louis VOGEL, Les clauses de confidentialité et de non-concurrence dans les contrats français et 3‬‬
‫‪américains, Mémoire de Master, Droit Européen Comparé, Institut de Droit Comparé, Université Paris II‬‬
‫‪.19Panthéon-Assas, 2014-2015, p‬‬
‫‪ 4‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪32.‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪21.‬‬

‫‪914‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫غير أنَ الفصل بين الحياة المهنية والحياة غير المهنية للعامل وحرية ممارستهما ليس دائما‬
‫ل أهما أن مثل هذا الفصل ليس واضح ًا وصارماً على المستوى الفكري‬
‫باألمر اليسير لعدة أسباب لع َ‬
‫الجماعي لألفراد وتعاملهم مع مسألة الحياة الخاصة والحرية‬ ‫والثقافي‪ ،‬فيصعب الزعم بأنَ الموق‬
‫الفردية يتسم بالتوحد‪ ،‬كما أنَ مبدأ احترام الحياة الخاصة وحرية ممارستها ووضوح الخطوط‬
‫الحمراء التي ال يجوز تخطيها تعكس درجة من الوعي قد ال تتوافر لدى الجميع بذات الدرجة‪.‬‬
‫احترام الحياة الخاصة للعامل وحرية ممارستها له أثر مهم في تدعيم الشخصية اإلنسانية‬
‫وتنيمة مفرداتها المختلفة‪ ،9‬وتقييد حرية ممارسة العامل لحياته الخاصة يعد أمراً غير مقبول مادامت‬
‫ومصالح المؤسسة‪.‬‬ ‫ال تتعارض مع التزاماته العقدية وال مع أهدا‬
‫الفرع الثاني‬
‫الطـابع الشخـصي لعـقد العمـل‬
‫عقد العمل من العقود التي ترد على عمل اإلنسان‪ ،‬فلشخصية العامل عند إبرام العقد مع‬
‫صاحب العمل اعتبار خاص‪ ، 2‬إذ يقوم عقد العمل على اإلعتبار الشخصي وهو يظهر عند التعاقد‬
‫فيكون مرجحاً إلتمامه كما يكون سببا الستمراره أو إلنهائه إذا اختفى أو اختل عنصر من العناصر‬
‫الشخصية التي أخذت في الحسبان عند التعاقد‪.3‬‬
‫إنَ تقييم العامل يستند إلى مواصفات ذاتية بعيدة عن اإلطار المهني كارتياح صاحب للعامل‪،‬‬
‫وأمانته ومظهره أو معرفة سابقة وتوصية بالتعاقد معه‪ ،‬وهي مفردات تتفاوت في أهميتها بحسب‬
‫طبيعة العمل المطلوب أداؤه‪.4‬‬
‫أوال‪ :‬شخصية العامل محل اعتبار عند إبرام عقد العمل‬
‫إنَ احترام الشخصية بكل أبعادهها‪ ،‬السلوكية‪ ،‬الدينية‪ ،‬السياسية‪ ،‬يجب أن يكون توجهاً جماعياً‬
‫أو تمييز فردي‪ ،‬وهذا اإلحترام الكامل للشخصية وحريتها يسري على الجميع‬ ‫يستوعب كل اختال‬
‫بما فيهم أصحاب العمل الذين يجب قصر دورهم بالنسبة للعمال في مجال محدد هو اإلطار المهني‪.‬‬
‫إن امتداد دور أصحاب العمل بحيث يتجاوز اإلطار المهني ليس باألمر المقبول وال ينبغي‬
‫االعتداء بما يترتب عليه من مساس بحريات العامل األساسية والتي له أن يمارسها في حياته غير‬
‫المهنية كيفما يشاء‪.3‬‬

‫‪ 9‬زهير حرح‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.913‬‬


‫‪ 2‬زهير حرح‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CAILLE (A), La rupture du contrat de travail, Journal des Notaires, Paris, 1988, p 16.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.soc, 29 mai 1973, Bull, Civ, N° 346.‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪913‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تقييم الشخصية في أبعادها المختلفة يؤدي إلى تقييم للحياة غير المهنية للعامل‪ ،‬مما يؤثر في‬
‫اإل طار المهني محتمال كانا أو قائما بالفعل‪ ،‬وهو تأثير مرفوض لحتمية الفصل بين الشخصية‬
‫المهنية وغير المهنية في أبعادها األخرى‪ ،5‬إذ أنَ أغلب األعمال المطلوبة في عالمنا اليوم تتطلب‬
‫درجة عالية من اإلحترا ‪.‬‬
‫العبرة للشخصية المهنية ال لألبعاد األخرى للشخصية في غير إطارها المهني‪ ،‬ويحظر على‬
‫صاحب العمل التعرض لها‪ ،‬ولعله من األفضل اإلستناد إلى معيار موضوعي لتقييم العامل‪ ،9‬وكيفية‬
‫آدائه للعمل ودرجة اإلتقان الفني ومدى تقبله لتوجيهات صاحب العمل المتعلقة بالعمل‪.‬‬
‫شخصية العامل أصبحت من المعايير األساسية في التشغيل وخير دليل على ذلك ما يجرى‬
‫على المترشح من فحوص نفسانية‪ ،‬فعقد العمل أصبح وباألخص في بعض المناصب عقدا شخصيا‬
‫يطغى فيه الجانب النفسي على المؤهالت الفردية‪ ،‬إذ أنَ المطلوب من العامل ليس تأدية العمل‬
‫بإتقان فحسب‪ ،‬ولكن اإلندماج في مشروع مستقبلي‪ ،2‬ويرى بعض الفقه في فرنسا أنه ال يمكن في‬
‫زمننا هذا أن تكتفي المؤسسة بالتشغيل من أجل استغالل قوة العمل‪ ،‬ولكنها تشغل شخصية معقدة‬
‫ومتجذرة في عمق عائلي واجتماعي‪.3‬‬
‫‪ -9‬أسئلة صاحب العامل غير المشروعة‬
‫إنَ تشغيل العمال واستخدامهم لدى أصحاب العمل يحتاج إلى معالجة اجتماعية وقانونية‪،‬‬
‫صاحب‬ ‫خاصة وأنَ التعهد بالعمل ليس كباقي التعهدات‪ ،‬في ظله يضع العامل شخصه تحت تصر‬
‫العمل بما يحتمله ذلك من تنازل عن حريته‪.4‬‬
‫هذا فضال عن تطور تقنيات المراقبة والتحري بما يعنيه ذلك من تزايد مخاطر اإلعتداء على‬
‫الحقوق الشخصية للمرشح للعمل‪ ،3‬وإنَ تفاقم أزمة البطالة تدفع بعض أصحاب العمل إلى التعس‬
‫والمغاالة في موقفهم لتجبر المترشحين للعمل على التقاعس عن التمسك بحقوقهم األساسية‪.9‬‬
‫لهذا ينبغي تنظيم عملية التشغيل بشكل يضمن للمرشحين كرامتهم وحماية لحياتهم الخاصة‪،‬‬
‫ويضمن لصاحب العمل في ذات الوقت حقه في اإلختيار‪ ،‬إذ سيكون من غير المقبول تجاهل‬

‫‪ 9‬زهير حرح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪11.‬‬


‫‪ 2‬عبد السالم ديب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪Aujourd’hui l’entreprise n’achète plus une force de travail, mais une personnalité dans toute sa complexité " 3‬‬
‫‪et ses ramification sociales et familiales » Adam (G), « Critique d’une étude critique de J-E. Ray », Droit‬‬
‫‪.Social. 1993, p133‬‬
‫‪SUPIOT (A), Critique du droit du travail, PUF, 1991, p 51. 4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪FRASSINET (J), Nouvelles technologies et droit du travail, « les droits fondamentaux des salariés face aux‬‬
‫‪intérêts de l’entreprise », P.U.A.M, 1994, p 29.‬‬
‫‪CREVEL (S), La loyauté du candidat au recrutement, la revue des Huissiers de justice, n°11, 1998, p 716. 9‬‬

‫‪919‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫اإلعتبار الشخصي الذي يقوم عليه عقد العمل‪ ،‬وإنما بمنع صاحب الحق في اختيار العناصر‬
‫البشرية لمؤسسته نكون قد سلبناه هذا الحق‪.9‬‬
‫أكدَ المجلس الدستوري الفرنسي على أنَ "حرية المستخدم في مباشرة أعماله تفترض أن تكون‬
‫لهذا األخير القدرة على اختيار مساعديه‪ ،2‬واعتبر ذلك من المبادئ الدستورية‪ ،‬على هذا األساس‬
‫فإنَ الحماية القانونية للمترشح للعمل يجب إعمالها في نفس الوقت الذي يجب إعمال حق المستخدم‬
‫في عملية اإلختيار‪ ،‬وعلى المشرع أن يأخذ بعين اإلعتبار هذين المصلحتين ويوفق بينهما‪.‬‬
‫غير أنه وفي سبيل بحث صاحب العمل عن المترشح األمثل لمنصب العمل قد يلجأ إلى طرح‬
‫أسئلة مشروعة قد تطال بؤرة الحياة الخاصة للمترشح وفي هذا الصدد نجد أن المشرع الفرنسي‬
‫يلزم المترشح للعمل وكذلك العامل بأن يجيب وبحسن نية‬ ‫إنطالقا من المادة ‪ L121-6‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫عن المعلومات التي تطلب منه‪ ،‬كما يلزم في ذات الوقت صاحب العمل بأن يكون لهذه المعلومات‬
‫صلة وثيقة ومباشرة بالوظيفة المعروضة أو تقييم الكفاءة المهنية للمرشح‪.3‬‬
‫قد يلجأ المستخدم في إطار التنقيب والبحث والتحري عن الماضي المهني للمترشح للعمل عند‬
‫اختياره وقبل تعيينه أو التعاقد معه إلى التدخل في الحياة الخاصة له‪ ،‬وتوجيه أسئلة غير مشروعة‬
‫أن تكون‬ ‫ال تمت بأي صلة لمنصب العمل المعروض‪ ،‬تشترط المادة ‪ L121-6‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫المعلومات التي يطلبها صاحب العمل أو القائم بعملية اإلختيار ذات صلة مباشرة وحتمية بمنصب‬
‫العمل المعروض‪ ،‬وبناءا على ذلك ال يمكن لوم العامل على أنه لم يجب على األسئلة التي ال صلة‬
‫ن األسئلة كانت تمس حياته الخاصة‪.‬‬
‫لها بالوظيفة أو أنه أجاب عليها بشكل مضلل أوكاذب‪ ،‬نظرا أل َ‬
‫قام القضاء بإعمال هذا األمر قبل أن يُقره المشرع في قانون ‪ 39‬ديسمبر ‪ 9112‬في فرنسا‪،‬‬
‫حين سئل العامل أثناء تقدمه للعمل عن معتقداته وممارسة شعائرها‬ ‫‪4‬‬
‫ففي إحدى القضايا سنة‪9113‬‬
‫سكت ولم يجب رغم كونه قسيسا بالكنيسة‪ ،‬لم ترى محكمة النقض الفرنسية في سكوت القسيس عن‬
‫اإلجابة إخالل بااللتزام باألمانة واإلخالص‪ ،‬ورأت خالفا لذلك أن السؤال ذاته غير مشروع ألنه‬
‫يمس الحياة الخاصة للمرشح للعمل ‪.3‬‬

‫‪9‬‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2111 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cité par : CREVEL(S), op.cit, p 716.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪L121-6 C.T.Fr: "Ces informations doivent présenter un lien direct et nécessaire avec l'emploi proposé ou‬‬
‫‪avec l'évaluation des aptitudes professionnelles. Le candidat à un emploi ou le salarié est tenu d'y répondre de‬‬
‫"‪bonne foi.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.soc, 17 Oct 1973, J.C.P, 1974,II , n°17969.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪« Le mensonge du salarié ou la rétention d'informations concernant des faits attenants à sa vie privée ne‬‬
‫‪sauraient justifier son licenciement. Cette affirmation peut être faite à la lecture de la décision du 17 octobre‬‬
‫‪1973, La Chambre sociale dans cette affaire un salarié fut licencié parce qu'il avait caché sa qualité de prêtre‬‬
‫‪au moment de l'embauche .La Cour de cassation avait décidé que les renseignements et pièces demandées‬‬
‫‪lors de l'embauche ont pour objet d'apprécier les qualités du salarié pour l'emploi sollicité et ne saurait‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 2‬عدم مسؤولية العامل عن معلومات غير مطلوبة منه‬


‫في بعض األحيان قد يقع من المترشح للعمل مخالفة في صورة كذب بشأن بعض المعلومات‪،‬‬
‫ورغم أهمية هذه ال معلومات لصاحب العمل وكونها سببا باعثا على التعاقد إالَ أنه ال يمكن مؤاخذة‬
‫العامل عليها لكونها نتيجة عن خطأ ارتكبه صاحب العمل أو القائم بعملية اإلختيار عن عدم السعي‬
‫لطلبها‪ ،‬والقضاء الفرنسي من خالل األحكام الصادرة عنه متسامح بشأن كذب المرشح للعمل إذا‬
‫الخاطئ للقائم على عملية اإلختيار‪ ،‬وفي حالة سكوت صاحب العمل عن‬ ‫كانت نتيجة التصر‬
‫طلب المعلومة‪.9‬‬
‫المحاكم الفرنسية قبلت بأن يحتفظ العامل لنفسه عن سوء قصد بمعلومات هامة غفل صاحب‬
‫ن‬
‫العمل أو القائم على عملية االختيار عن طلبها‪ ،‬ومن ذلك أنَ محكمة النقض الفرنسية قضت بأ َ‬
‫سكوت العامل ليس له صفة تدليسية فيما يتعلق بإخفاء سبق إدانته جنائيا ألنَ صاحب العمل لم يسأل‬
‫مطلقا في هذا الصدد عنها‪ ،2‬وهو ما قضت به أيضا في قضية إخفاء عاملة حملها عن صاحب‬
‫العمل أثناء التعاقد‪.3‬‬
‫عن المعلومات بشكل تلقائي‪ ،‬وعلى صاحب العمل أن يكون‬ ‫العامل ليس ملزما بالكش‬
‫الجوانب التي تفيد في معرفة كفاءة العامل ومهارته وأمانته‪ ،‬وعلى هذا فعدم طرح‬ ‫فضوليا لكش‬
‫صاحب العمل أسئلة على المترشح للعمل وعدم اتخاذ المساعي التي تكفل أفضل استعالم عن وضع‬
‫المترشح يمثل خطأ من صاحب العمل ال يتحمل مسؤوليته العامل‪.4‬‬
‫لهذا رفضت محكمة النقض الفرنسية دعوى صاحب العمل قاضى أحد عماله ممن استخدمهم‬
‫إلصالح وتقويم بعض األوضاع في مؤسسته بحجة أنَ هذا العامل قد أخفى على صاحب العمل أنه‬
‫سبق أن تسبب في إفالس المؤسسة الخاصة به‪ ،‬فرأت المحكمة عدم إجابة صاحب العمل على طلبه‬
‫على أساس أن هذا األخير ارتكب خطأ بعدم استعالمه عن ماضي العامل من خالل وسائله‬
‫الخاصة‪.3‬‬

‫‪concerner des domaines sans lien direct et nécessaire avec cette activité professionnelle ». Voir : Stéphane‬‬
‫‪BOUCHE, Droit et libertés du salarié comme limites au pouvoir disciolinaire de l’employeur en droit Frncais‬‬
‫‪ .‬تاريخ اإلطالع‪et en droit Italien, site internet : http://www.juripole.fr/memoires/ .2193/13/93 :‬‬
‫‪9‬‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪Cass.soc, 25 Avril 1990, D.1991, Jur.Soc, p 507, Note MOULY. 2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc. 23 février 1972 Bull. civ, n°152.‬‬
‫‪4‬‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 3 Juillet 1990, n° 87-40.349, Bull. Civ, n° 329‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ثانيا‪ :‬حدود احترام شخصية العامل عند ابرام عقد العمل‬


‫يتبلور التزام المترشح للعمل خالل مرحلة إبرام العقد في الصدق وعدم الكذب بشأن‬
‫المعلومات المطلوبة منه طواعية أو اختياراً‪ ،‬وأنه في حالة ما إذا كذب أو ضلّل بشأن هذه‬
‫االلتزام باألمانة واإلخالص‪ ،‬واألصل أنَ الكذب يكون مؤاخذا عليه‬ ‫المعلومات فإنه يكون قد خال‬
‫إال أنه جرى التسامح بشأنه في بعض األحوال‪.9‬‬
‫‪ -9‬مدى صحة وصدق المعلومات الشخصية للعامل‬
‫ن محكمة‬
‫إذا كان القانون يفرض على المترشح للعمل أن يتحلى باألمانة تجاه صاحب العمل‪ ،‬فإ َ‬
‫النقض الفرنسية عالجت هذا الموضوع معالجة مدنية‪ ،‬وقد ساهم في ذلك نص المادة ‪ L1116‬من‬
‫الذي جعل النسيان أو عدم الصدق الذي يقع من المترشح عند استخدامه ال جزاء عليه إالّ‬ ‫ق‪.‬م‪.‬‬
‫إذا تبيَن أنه يتعلق بعناصر حاسمة دفعت المتعاقد اآلخر إلبرام العقد‪.2‬‬
‫لمعرفة مدى أثر كذب العامل على عالقات العمل ال سيَما فيما يتعلق بالمعلومات الشخصية له‬
‫أثناء إبرام العقد‪ ،‬يمكن القول أنَ القضاء في فرنسا كان إلى جانب العامل في الفترة السابقة لصدور‬
‫قانون ‪ 39‬ديسمبر ‪ ،9112‬حيث قضى في حكم له بأنَ عقد العمل يظل قائما وصحيحا رغم قيام‬
‫العامل بتضليل صاحب العمل من خالل أوراق مزورة عند تعيينه على أساس أنَ صاحب العمل علم‬
‫بالحقيقة ومع ذلك أبرم العقد‪ ،3‬في حين قضى في حكم آخر له بإبطال عقد العمل بسبب إخفاء‬
‫العامل عمره عن صاحب العمل حيث اعتبر أن هذا اإلخفاء عنصر حاسم في رضا صاحب العمل‬
‫بإبرام عقد العمل‪ ،4‬ورتب على هذا اإلخفاء إبطال عقد العمل‪.‬‬
‫ن المبدأ الذي أقرته محكمة النقض الفرنسية بهذا‬
‫أك َد فقهاء القانون اإلجتماعي في فرنسا‪ 3‬على أ َ‬
‫الخصوص ما هو إال وجه لمبدأ الصلة الوثيقة بين منصب العمل واألسئلة المطروحة على المترشح‬
‫للعمل‪ ، 9‬غير أن هذا المبدأ يصطدم بصعوبات في الميدان العملي‪ ،‬إذ يصعب البحث عن الصفات‬
‫الحاسمة عند اختيار المترشح‪ ،‬و عمال بالقواعد العامة للقانون المدني فإنَ كل صفة حتى ولو كانت‬
‫غير جوهرية يمكن أن تدخل في نطاق التعاقدي طالما كانت تلعب دورا في إبرام عقد العمل‪ ،‬أما‬
‫في ظل قانون العمل فلم يعمل بهذا المنطلق‪.1‬‬

‫‪9‬‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass. soc, Oct.1994, D.1995, p 282, Note MOZAS.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 17 Mars.1971, Bull.Civ, 1971, n°216.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.civ, 13 Mai 1902, D, 1902, p 403.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪)Jean CARBONNIER , Pierre KAYSER , Roger NERSON Robert BADINTER(.‬‬
‫‪ 9‬من بين هؤالء الفقهاء نذكر‪ ،(PELISSIER (J) SUPIOT (A) et JEAMMAUD(A)) :‬ألكثر تفاصيل أنظر‪:‬‬
‫‪. (s), op.cit, p 3 V: BOUCHE‬‬
‫‪ 1‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬ص ‪33‬‬

‫‪911‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في إحدى القضايا التي طرحت أمام القضاء الفرنسي تبيَن أنَ العامل كان قد أخفى عند تعيينه‬
‫صاحب العمل ذلك فيما بعد‪ ،‬رأت محكمة النقض‬ ‫صفة زوج المستقبل الذي سيقترن به‪ ،‬واكتش‬
‫ن هذا اإلخفاء ليس له أثر على عالقة العمل باعتبار أنه ال صلة له بتنفيذ عقد العمل‪.9‬‬
‫أَ‬
‫بالتالي عدم إفصاح المترشح للعمل عن بعض المعلومات وكذبه بشأنها ال يؤدي بالضرورة‬
‫إلى بطالن العقد إال إذا انصب على صفات موضوعية باعثة على رضا صاحب العمل‪ ،‬ذات صفة‬
‫مباشرة وحتمية مع منصب العمل المعروض وهو األمر الذي يحد وبشكل واضح من حاالت الكذب‬
‫المؤاخذ عليها‪.2‬‬
‫‪ - 2‬آثار عدم صدق وصحة المعلومات الشخصية للعامل‬
‫يترتب على كذب العامل في ما يخص الصفات الباعثة على التعاقد إبطال عقد العمل وذلك‬
‫تطبيقا للقواعد العامة‪ ،‬فقواعد القانون المدني تقرر بأنَ التدليس يعيب الرضا وجعل من حق الطر‬
‫اآلخر وهو صاحب العمل طلب إبطال عقد العمل‪.‬‬
‫عمال بالمادة ‪ 19‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي تنص على أنه " يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل‬
‫الثاني العقد"‪،‬‬ ‫التي لجأ إليها المتعاقدين أو النائب عنه من الجسامة بحيث لوالها لما أبرم الطر‬
‫الفقرة الثانية من نفس المادة "يعتبر تدليسا السكوت عمداً عن واقعة أو مالبسة إذا ثبت أن‬ ‫وتضي‬
‫المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو المالبسة"‪.‬‬
‫يخضع عقد العمل إلى القواعد‬ ‫القانون الفرنسي بدوره بموجب المادة ‪ L121-1‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫العامة للقانون المدني‪ ،‬وهذا األخير ينص في المادة ‪ L1116‬منه على البطالن كجزاء في حالة‬
‫العامل أثناء إبرام عقد‬ ‫على أنها تدليس من طر‬ ‫وقوع التدليس‪ ،3‬ومن بين الحاالت التي تكي‬
‫العمل تستوجب إبطاله الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ - 1- 2‬انتحال العامل شخصية غير شخصيته‬
‫يترتب على قيام العامل بانتحال شخصية غير صحيحة أو تقديمه شهادات أو توصيات مزورة‬
‫تنبئ خالفا للحقيقة عن كفاءة العامل أو صفة فنية علمية له أو عن بلوغه سنا معينا حتى يتمكن من‬
‫االلتحاق بالعمل‪ ،‬أن يقوم صاحب العمل بتسريح العامل وإنهاء العقد بشرط أن يكون العامل قد أتى‬
‫حيال ينتحل بها شخصية غير شخصيته أو أن يكون قد تعمد تقديم شهادات أو توصيات مزورة قصد‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass.soc, 17 Mars.1971, Bull.Civ, 1971, n°216.‬‬
‫‪2‬‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪34.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art 1116 du C.civ.fr : »Le dol est une cause de nullité de la convention lorsque les manœuvres pratiquées‬‬
‫‪par l'une des parties sont telles, qu'il est évident que, sans ces manœuvres, l'autre partie n'aurait pas‬‬
‫‪contracté«.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إيهام المستخدم بشأن شخصية العامل أو صفاته‪ ،‬وأنه الشخص الذي تتوفر فيه الصفات والشروط‬
‫التي يتطلبها العمل أو أنَ لديه خبرة ومؤهالت ممّا يؤثر على رضا المستخدم فيدفعه للتعاقد معه‪.1‬‬
‫رغم أنَ اإلبطال هو الجزاء الذي رتبه المشرع الجزائري على التدليس والكذب طبقا لنص‬
‫المادة ‪ 19‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬إال أننا نجد أن المشرع المصري إنطالقا من قانون العمل رأى أن يمنح‬
‫لصاحب العمل حق إنهاء العقد بإرادته المنفردة‪ ،‬إذا كان العامل قد انتحل شخصية‪ ،‬أو قدم شهادات‬
‫‪ 9‬من ق‪.‬ع‪.‬م‪ ،‬على أساس أنَ التدليس الواقع في‬ ‫أو توصيات مزورة استنادا إلى نص المادة ‪91‬‬
‫هاتين الحالتين من الجسامة بحيث لواله لما أبرم صاحب العمل العقد‪ ،‬وباعتبار أن ذلك يؤدي لغلط‬
‫جوهري في شخص العامل أو في صفة ممن صفاته الدافعة إلى التعاقد‪.‬‬
‫في حين نلحظ غياب مثل هذا النص في قانون عالقات العمل رقم ‪ 99/11‬الذي لم يتناول‬
‫حاالت التدليس‪ ،2‬وعليه أمام صراحة نص المادة ‪ 91‬من ق‪.‬ع‪.‬م‪ ،‬فإنها ال تشترط أن تكون شخصية‬
‫العامل أو صفته الواردة بالشهادات أو التوصيات المقدمة المستخدم هي السبب أو الدافع إلى التعاقد‬
‫إذ أن هذا الشرط ورد في القواعد العامة في حالة طلب إبطاله العقد للتدليس‪ ،3‬لكنه لم يرد في حالة‬
‫التسريح كجزاء على قيام بانتحال صفة أو شخصية غير صحيحة أو تقديمه أوراق مزورة‪.‬‬
‫كما قضى القضاء المصري بمشروعية تسريح أحد العمال ألنه انتحل شخصية مهندس‪،4‬‬
‫ومشروعية تسريح العامل الذي صور أشعة مزورة‪ ،5‬هذا وال يشترط أن يكون فعل العامل معاقبا‬
‫عليه جنائيا لتوقيع جزاء التسريح على العامل‪.6‬‬
‫‪ - 2- 2‬سكوت العامل عن معلومات تتعلق بشخصه‬
‫ن العامل يلتزم بإعطاء المعلومات الشخصية قبل إتمام العقد‪ ،‬فإذا سكت وكتم هذه المعلومات‬
‫إَ‬
‫‪1‬‬
‫عنـد إبـرام العـقد فإنَ كتمانه يحقـق الـركن المادي للـطرق اإلحتيالية‪ ،‬ويعتـبر تدليسا‬
‫مؤديا إلبطال العقد‪ ،2‬طالما توفرت لديه نية التضليل ممثلة للركن المعنوي الذي إذا انتفى انتفت معه‬

‫‪ 1‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتز ام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪31.‬‬
‫‪ 2‬إذا كان قانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل لم ينص على حاالت التدليس فإن القانون األساسي للعامل رقم ‪ 92/11‬كان قد نص‬
‫في مادته ‪ 213‬على أن حالة التدليس تجبر إبطال عقد العمل بنصها‪...":‬كل كتم ان أو تصريح كاذب أو الجمع بين الوظائف يؤدي‬
‫إلى فسخ عقد العمل دون تعويض أو إخبار مسبق"‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 923‬من القانون المدني المصري‪.‬‬
‫‪ 4‬القرار الصادر عن محكمة عمال جزئي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬في القضية رقم ‪ ،1914‬جلسة ‪ ،9113/14/99‬قضاء النقض لعصمت‬
‫الهواري‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪313.‬‬
‫‪ 5‬القرار الصادر عن محكمة االسكندرية االبتدائية‪ ،‬في القضية رقم ‪ ،9224‬جلسة ‪ ،9113/12/91‬قضاء النقض لعصمت‬
‫الهواري‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.421‬‬
‫‪ 6‬محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬دار الوفاء القانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2191 ،‬ص ‪319.‬‬
‫‪ 1‬تعرض المشرع الجزائري في المادتين ‪ 19‬و‪ 11‬من ق‪ .‬م كعيب من عيوب الرضا‪ ،‬وحسب هاتين المادتين فإن التدليس يتكون من‬
‫عنصرين‪:‬‬
‫‪ )9‬عنصر مادي‪ :‬هي تلك الوسائل المستعملة لتضليل المتعاقد‪،‬ودفعه إلبرام العقد سواء كانت في صورة إيجابية أو في‬
‫صورة سلبية وهي السكوت أو الكتمان‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حالة التدليس‪ ، 9‬فقيام العاقد بتقديم معلومات غير دقيقة أو غير صحيحة إهماال منه ولو ترتب عليها‬
‫إيقاع التعاقد اآلخر في غلط عاب رضاه ال يعتبر تدليسا‪.2‬‬
‫ليس كل كتمان يعتبر تدليسا‪ ،‬إذا أنَ الكتمان ال يعد تدليسا إال إذا كان المتعاقد ملتزما‬
‫باإلفصاح عن بيانات معينة للمتعاقد آخر تتعلق بواقعة جوهرية قبل إبرام عقد العمل انطالقا من‬
‫نص القانون أو بند في العقد أو تطبيقا لمبدأ األمانة واإلخالص الذي يجب أن يسود المعامالت‪.3‬‬
‫تجدر اإلشارة أنَ المشرع الجزائري أخذ بالمعيار الشخصي في تحقيق واقعة التدليس‪ ،‬حيث‬
‫أنها تؤثر في المدَلس عليه بطريقة تدفعه إلى التعاقد‪ ،‬فالعبرة هنا بشخصية المدلس عليه في تقدير‬
‫مدى تأثير الحيّل أو السكوت العمدي (الكتمان) لدفعه على التعاقد‪ ،‬وهذا من خالل ما ورد في نص‬
‫الثاني العقد‪ ،»...‬حيث أن المدَلس عليه ما كان‬ ‫المادة ‪ 19‬من ق‪.‬م‪.‬ج «‪...‬لوالها لما أبرم الطر‬
‫ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو المالبسة‪.4‬‬
‫يعتبر سكوت العامل عن إعالم صاحب العمل عن معلومات تهمه في مجال عقد العمل أمراً‬
‫غير أخالقي‪ ،‬انطالقا من مبدأ األمانة واإلخالص الذي يقتضي اعتبارات قانونية وأخالقية‪ ،‬وبناءا‬
‫عليه يحق لصاحب العمل الذي وقع في تدليس دفعه للتعاقد حق إبطال عقد العمل الذي أبرمه‬
‫إعتدادا بالجانب الشخصي للعامل‪.‬‬
‫‪ - 3- 2‬كذب العامل حول معلومات تتعلق بشخصه‬
‫في محاولة من المترشح للعمل لكسب منصب العمل قد يعمد إلى إخفاء بعض الحقائق التي ال‬
‫تكون في صالحه‪ ،‬وقد يلجأ إلى الكذب بشأن معلومات تطلب منه‪ ،‬ولهذا نجد المادة ‪ L121-6‬من‬
‫تلزم المترشح للعمل وكذلك العامل بأن يجيب وبحسن نية عن المعلومات التي تطلب منه‪،‬‬ ‫ق‪.‬ع‪.‬‬
‫كما تلزم في ذات الوقت صاحب العمل عند التحري بأن يكون لهذه المعلومات صلة وثيقة ومباشرة‬
‫بالوظيفة المعروضة أو تقييم الكفاءة المهنية للمرشح‪.3‬‬

‫‪ )2‬عنصر معنوي‪ :‬وتتمثل في نية التضليل والخداع عند المدلس إليقاع المدلس عليه في غلط يدفعه إلبرام العقد‪.‬‬
‫انظر في هذا المجال‪ :‬عزوز عبد الحميد‪ ،‬مدى تأث ر المشرع الجزائري بالمذهبين الشخصي والموضوعي في مجال االلتزامات‪،‬‬
‫رسالة ماجيستر في القانون‪ ،‬تخصص العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2113-2112 ،‬ص ‪33.‬‬
‫‪ 2‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،324‬حيث يرى أن الكتمان يكون تدليسا عند توافر الشروط اآلتية‬
‫في األمر المكتوم‪:‬‬
‫‪ -9‬أن يكون هذا األمر خطيرا بحيث يؤثر في إرادة المتعاقد الذي يجهله تأثيرا جوهريا‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يعرفه المتعاقد اآلخر ويعرف خطره‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتعمد كتمه عن المتعاقد األول‪.‬‬
‫‪ -4‬أال يعرفه المتعاقد األول أو يستطيع أن يعرفه عن طرق آخر‪.‬‬
‫‪ 9‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪323.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪41.‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬نفس المرجع ‪49.‬‬
‫‪ 4‬عزوز عبد الحميد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪33.‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬ط ‪ ،9119‬مطبعة أبناء وهبة حسان‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.991‬‬

‫‪212‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التعاقد ونصوص‬ ‫ال شك أنَ الكذب يعتبر من قبيل اإلخالل بالتزام جوهري تفرضه ظرو‬
‫القانون‪ ،9‬ويدخل في هذا النطا ق إدالء العامل ببيانات غير صحيحة عند إبرام عقد العمل متى كانت‬
‫يعتبر من قبيل التدليس إذا انصب على بيانات يعلم‬ ‫هذه البيانات دافعا إلى التعاقد‪ ،‬فالكذب والتحري‬
‫المُدلِس أن المدلس عليه يعلق عليها أهمية خاصة‪.‬‬
‫يعتبر القانون الفرنسي كذب العامل بشأن شخصيته أو صفاته تدليسا مما يخضعه للقواعد‬
‫العامة في اإلبطال‪ ،‬ويطبق بشأنه نص المادة ‪ L 1116‬من ق‪.‬م‪ ، .‬وقد رتبت محكمة النقض في‬
‫بعض القضايا كجزاء على الكذب تسريح العامل‪ ،2‬فيما يرى جانب من الفقه‪ 3‬أن محكمة النقض ال‬
‫تقرر تسريح العامل بسبب الكذب إالَ إذا كان نقص كفاءة العامل لمنصب العمل المرشح له واضحا‬
‫بشكل يعرقل أداء العمل‪.‬‬
‫الفرع الثالث‬
‫عنصر التبعية في عقد العمل‬
‫على‬ ‫تعتبر التبعية من العناصر األساسية والجوهرية في عقد العمل‪ ،‬وهي تتمثل في اإلشرا‬
‫في عقد العمل‪ ،‬فإنما‬ ‫العامل وتوجيهه ومراقبته أثناء تأديته لعمله‪ ،‬والعامل عندما يدخل كطر‬
‫صاحب العمل مقابل حصوله‬ ‫يلتزم بأن يتنازل عن جانب من حريته‪ ،‬بوضع نفسه تحت إشرا‬
‫المؤسسة‪.4‬‬ ‫على أجر ما دام العقد قائما‪ ،‬وبغض النظر عن ظرو‬
‫التبعية القانونية‪ 3‬تعد معيارا لتمييز العمل التابع عن العمل المستقل‪ ،‬حيث يؤدي العامل عمله‬
‫تحت سلطة وإدارة صاحب العمل‪ ،‬الذي يتمتع بسلطة توجيهه وإصدار أوامر إليه ومراقبة تنفيذه‪،‬‬
‫وفرض الجزاء عليه في حالة المخالفة‪ ،9‬وال شك أن التبعية بهذا المعنى تفرض تنازال جزئيا من‬
‫قبل العامل عن حريته وتقييدا لها‪ ،‬وهنا في الواقع يبرز التساؤل عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه‬
‫األثر الذي ترتبه التبعية التي قبِلها العامل بمجرد دخوله في عالقة العمل‪.1‬‬

‫انظر أيضا الحكم الصادر عن محكم القاهرة‪ ،‬عمال جزئي في القضية رقم ‪ 329‬جلسة ‪ ، 9131/92/9‬حيث قضت المحكمة بجواز‬
‫تسريح العامل ألنه أخ فى واقعة طرده من الخدمة العسكرية الرتكابه جرائم معينة‪ ،‬قضاء النقض الهواري‪ ،‬ص ‪ ،291‬وارد في‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 9‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cass.soc, 17 Mars 1971, N° 70-40.149 , Bull. Civ, N°216‬‬
‫‪- Cass.soc, 23 Fév.1972, Bull, Civ, n°152.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CREVEL (S), op.cit, p 711.‬‬
‫‪ 4‬محمد كشبور‪ ،‬عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البضاء‪ ،‬المملكة المغربية‪،‬‬
‫طبعة ‪ ،9113‬ص ‪994.‬‬
‫‪ 3‬تعرف التبعية القانونية على أنها‪ " :‬الرابطة القانونية الناشئة عن عقد العمل التي تربط شخص العمل‪...‬بأوامر وتعليمات وإشراف‬
‫لرب العمل‪ ،‬وهي التي تخول لهذا األخير سلطة تأديبه‪ ،‬واعتمادا عليها تبرر مختلف االجراءات التنظيمية التي يخضع لها العامل‬
‫بالمؤسسة"‪ ،‬علي حسن عوض‪ ،‬الفصل التأديبي في قانون العمل‪ ،‬دار الثقافة العربية‪،‬مصر ‪ ،9113 ،‬ص ‪21.-91‬‬
‫‪ 9‬زهير حرح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪1‬‬
‫‪LENOIR (CH) et WALLON )B(, Informatique, travail libertés, Dr. soc 1988, p 213.‬‬

‫‪213‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أوال‪ :‬نطاق التبعية للفصل بين الحياة الخاصة للعامل والحياة المهنية‬
‫يخضع العامل لتبعية صاحب العمل أثناء ممارسته لنشاطه المهني‪ ،‬أي فقط أثناء قيامه بالعمل‬
‫الذي طلب منه داخل مكان الع مل‪ ،‬من هذا المنطلق فإنَ التبعية تمارس في مكان معين (مقر العمل)‬
‫وهي تمارس في زمن معين (وقت العمل)‪ ،‬فهو ال يقبل بتعاقده السماح لصاحب العمل بالتدخل في‬
‫المختلفة بعيدا عن اإلطار المهني‪.9‬‬ ‫حياته بأبعادها المختلفة التي تعكس شخصيته في المواق‬
‫‪ - 1‬مكـان العـمل‬
‫مك ان العمل هو المكان الذي يمارس فيه العامل عمله الفعلي‪ ،‬فمن الناحية القانونية مبدأ حماية‬
‫الحياة الخاصة للعامل في مكان العمل ليست جديدة‪ ،‬وقد تم التأكيد على ذلك في عدة مناسبات‪ ،‬من‬
‫بينها تطبيق المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان للمادة ‪ 1‬من اإلتفاقية األوروبية لحماية حقوق‬
‫اإلنسان والحريات األساسية على العامل داخل نطاق الحياة المهنية‪ ،2‬حيث جاء في هذه المادة أن‬
‫«لكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة‪.».....‬‬
‫هو ما تقرر أيضا في فرنسا‪ ،‬حيث أكدَت الغرفة اإلجتماعية للمحكمة العليا في قضية ‪Nikon‬‬
‫في ‪ 12‬أكتوبر ‪ ،2119‬جاء فيه أن «يحق للعامل حتى في وقت ومكان العمل احترام حياته‬
‫الخاصة»‪ ،3‬ومن جانبها تقر مبدأ أن حياة الشخص يجب أن تكون محل اعتبار أثناء تنفيذ العمل‬
‫المنجز‪ ،‬فال يمكن تجاهل شخصية العامل‪ ،‬أوالسمات المتعلقة ببعض جوانب حياته الخاصة‪.4‬‬
‫مبدأ الحرية التنافسية بين المؤسسات يجعلها تعتمد في عملها على أجهزة رصد ومراقبة‬
‫مختلفة للتجسس على ممارسة العمال‪ ،‬إلى جانب لجوء بعض المؤسسات إلى التحريات الخاصة‬
‫للتحقق من مدى أداء عمالها لنشاطهم وعملهم‪.3‬‬
‫‪ - 2‬وقـت العمل‬
‫إذا كان العامل يخضع لتبعية العمل بمناسبة ممارسته لنشاطه المهني أثناء تواجده في مقر‬
‫العمل وأثناء الوقت العادي الذي يفرض عليه في القيام بمثل هذا النشاط‪ ،‬فإنه يستفاد من ذلك ضمنيا‬
‫أن العامل يسترد كامل حريته بعد مغادرته للمؤسسة على إثر انتهاء الوقت المحدد للعمل‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪KAYSER (p), La protection de la vie privée par le droit, Protection du secret de la vie privée , 3emeed,‬‬
‫‪ECINOMICA, 1995, p61.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Selon l’article 8 de la Convention européenne des droits de l'homme , « toute personne a droit au respect de‬‬
‫تاريخ اإلطالع‪sa vie privée et familiale, de son domicile et de sa correspondance »2193/13/21 :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. soc, 2 oct. 2001, Nikon, Droit social, 2001, p. 920, obs. Ray J.-E.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪« À propos de la vie privée », Action juridique, Revue de la CFDT, Chroniques, n° 6,1994, p. 8 (auteur‬‬
‫‪anonyme).‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Arnaud Stéphanie, Analyse économique du droit au respect de la vie personnelle : application à la relation‬‬
‫‪de travail en France , Revue internationale de droit économique, (t. XXI, 2), 2/2007, p. 129-156.‬‬

‫‪214‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫غير أن هذا االستنتاج إذا كان مستساغا عقال فهو ليس منطقيا دائما وفي كافة الحاالت‪ ،‬إذ‬
‫يحدث أن يمارس العامل نشاطه المهني أو أي نشاط آخر خارج المؤسسة بأمر من صاحب العمل‬
‫نفسه‪ ،‬وقد يحدث أن يطلب األخير من العامل بالرغم من انتهاء الوقت المعتاد للمخصص للعمل‬
‫البقاء داخل المؤسسة للقيام بعمل إضافي‪.‬‬
‫حدد المشرع الجزائري وقت العمل من خالل نص المادة ‪ 11‬من األمر ‪ 13/11‬المتعلق‬
‫بالمدة القانونية للعمل‪ ،‬على أن "ال تتجاوز مدة العمل الفعلي في أي حال من األحوال اثنتا عشر ‪92‬‬
‫ساعة"‪ ،9‬في حين لم يتطرق إلى كيفية تنظيم هذه المادة تاركا المجال لإلتفاقيات الجماعية للعمل‪.‬‬
‫بالرجوع إلى بعض اإلتفاقيات الجماعية‪ ،‬نجدها حدد موعد بدأ العمل بين الساعة السابعة‬
‫مساء‪،‬‬ ‫صباحا‪ ،‬أما نهاية العمل تكون بين الساعة الرابعة والخامسة والنص‬ ‫والثامنة والنص‬
‫وطوال هذه الفترة يكون من الضروري تواجد العامل في مكان العمل‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة أن بعض الفقهاء يرون أنه ال يدخل ضمن العمل الفعلي فترات اإلستراحة‬
‫القانونية‪ ،2‬وال مسافة الطريق بين مسكن العامل ومقر عمله‪ ،3‬وال المدة التي يقضيها العامل في‬
‫ما أقره المشرع الجزائري الذي‬ ‫ارتداء مالبس العمل أو نزعها عند بدأ ونهاية العمل‪ ،4‬على خال‬
‫ساعة من اإلستراحة تدخل ضمن مدة العمل الفعلي‪ ،‬حسب نص المادة ‪ 19‬من‬ ‫اعتبر أن نص‬
‫القانون ‪ 13/11‬المتعاق بالمدة القانونية للعمل‪.‬‬
‫إن العامل بتعاقده أو عند سعيه لذلك يدرك أن حريته لم تعد مطلقة كما كانت فيما لو أنه لم‬
‫بعد إبرامه‪ ،‬فهـو‬ ‫عن الموق‬ ‫قبل إبرام عقد العمل يختل‬ ‫ُيقدِ م على هذه العالقة العقدية‪ ،‬فالموق‬
‫فيه‪.‬‬ ‫تنازل وبإرادته عن قدر من حريته إعماال وتنفيذا للعقد الذي هو طر‬
‫إنَ العامل يقبل تدخل صاحب العمل في حياته في جانب محدد منها وهو الجانب المهني‪ ،‬أي‬
‫الجانب المرتبط بالعقد وااللتزامات المترتبة عليه‪ ،‬ألنَ التبعية القانونية ومعناها الضيق الواجب‬
‫تنحصر عند تطبيقها في تنفيذ االلتزام العقدي المفروض على العامل‪.3‬‬ ‫احترامه من جانب األطرا‬
‫مراقبة العامل في أدائه المنوط به تتم بحسب األصل داخل المؤسسة التي يعمل بها‪ ،‬فذلك‬
‫المكان المخصص ألداء العمل وفي إطاره تمارس سلطات صاحب العمل في مواجهة العامل‪ ،9‬غير‬

‫‪ 9‬المادة ‪ 39‬من االتفاقية الجماعية لمؤسسة سونطراك‪.‬‬


‫‪ 2‬شواخ محمد الحمد‪ ،‬التشريعات االجتماعية قانون العمل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫‪ ،2111‬ص ‪331‬‬
‫‪ 3‬اسماعيل غانم‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،9191 ،‬ص‪.293‬‬
‫‪ 4‬محمد لبيب شتنب‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬دار الوفاء القانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2191 ،‬ص ‪.293‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49-41‬‬
‫‪ 9‬محمد حسن قاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪213‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أنه وفي ظل مظاهر التكنولوجيا الحديثة التي باتت أمرا ضروريا الغنى عنها في المؤسسات‪،‬‬
‫ظهرت عدة إشكاليات لعلّ أبرزها الخلط بين اإلطار المهني أي الوقت المخصص ألداء العمل من‬
‫فيه باعتباره عائدا إلى‬ ‫ناحية وهو الوقت الشخصي‪ 9‬الذي يملكه العامل وحده ويملك حرية التصر‬
‫حياته الخاصة وحرية ممارسته لها من ناحية أخرى‪.‬‬
‫إن التبعية في نطاقها وعناصرها تتأثر حاليا بالتطور التكنولوجي الذي غزا بعض المؤسسات‬
‫الصناعية والتجارية‪ ،‬فالعامل مثال قد يشتغل في منزله ويرتبط بمستخدمه بعقد عن طريق الوسائل‬
‫التكنولوجية الحديثة‪ ،‬التبعية القانونية تعكس تبعية مهنية فقط وال يمكن القبول بتفسيرات غير مهنية‬
‫تمس ما يدخل في مجال الحياة الخاصة للعامل بمعناها الواسع‪ ،‬وبالتالي فإنّ إعمال التبعية يجب أن‬
‫يعكس توجها ومفهوما مهنيا لشخصية العامل وموقعها في اإلطار المهني‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬حدود التبعية للفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية‬
‫حاولت التشريعات أن تؤمن حد أدنى من الحماية للعمال في العديد من المؤسسات‪ ،‬حيث‬
‫رابطة التبعية‪ ،‬ويستمد المستخدم سلطته ليصل إلى حد التدخل في الحياة الخاصة له ومنعه من‬
‫الحريات العامة التي يضمنها الدستور والتشريعات‪ ،‬حيث تمثل التبعية القانونية قيدا على حرية‬
‫منه والنتائج المترتبة على احترامه في سير‬ ‫العامل‪ ،‬وهذا القيد مبرر ومقبول بالنظر إلى الهد‬
‫العمل في المؤسسة‪ ،‬فالحد من حريات العامل تحكمه مبررات عقد العمل‪.3‬‬
‫‪ - 1‬اإلطار المهني للعامل‬
‫ن العامل ال يدخل في نطاق سلطة صاحب العمل إالَ عن طريق إبـرام عقد العمل‪ ،‬ومن ثم‬
‫إَ‬
‫فإن االلتزام بالخضوع لهذه السلطة ينبع من العقد‪ ،‬فال يمكن لصاحب العمل ممارسة سلطاته على‬
‫عماله ويضعها موضع التنفيذ إال عن طريق عقد العمل‪.4‬‬
‫ال شك أنَ سلطة صاحب العمل في التبعية تفترض تنازل العامل عن جزء من حريته بالقدر‬
‫ن هذه التبعية وما يقابلها من التزام العامل بالطاعة ليست مطلقة‪ ،‬بل تتحدد‬
‫الالزم لتنفيذ عمله‪ ،‬غير أ َ‬
‫بضوابط معينة‪ ،‬من بينها عدم المساس بالحياة الخاصة للعامل‪ ،‬حيث تثبت سلطة صاحب العمل‬
‫والرقابة خارج‬ ‫هذه السلطة في اإلشرا‬ ‫على العامل في إطار العمل الذي يقوم به لحسابه‪ ،‬وتق‬
‫هذا اإلطار‪ ،‬فليس لصاحب العمل إصدار أوامر أو توجيهات تتعلق بالحياة الشخصية أو الخاصة‬

‫‪9‬‬
‫‪FRAYSSINET )J(, Nouvelles technologies et droit fondamentaux des salariés, in les droit fondamentaux‬‬
‫‪des salarié face aux intérêts des l’entreprise, PUA, 1994, P 33.‬‬
‫‪2‬‬
‫خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪3‬‬
‫‪RIVERO )J(, op.cit, p 423.‬‬
‫‪4‬‬
‫محمد حسي منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪293.‬‬

‫‪219‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫للعامل أو سلوكه الخارجي‪ ،1‬طالما كان قائما بتنفيذ عمله على النحو المطلوب‪ ،‬وال يخضع العامل‬
‫إلدارة صاحب العمل إال إبان وجوده في مكان وزمان العمل‪.‬‬
‫على العامل في نطاق‬ ‫تُ حدد سلطة التبعية في نطاق الحياة المهنية للعامل‪ ،‬ويقتصر اإلشرا‬
‫العمل وزمانه ومكانه‪ ،‬وليس لصاحب العمل التدخل في الحياة الخاصة لعماله أو نشاطهم الديني‬
‫أوالسايسي‪ ،‬وال يجوز لصاحب العمل اقتحام خلوة العامل وتفتيش أوراقه الخاصة أو مراقبة‬
‫أ حاديثه‪ ،‬ويجب الفصل بين الحياة المهنية للعامل وحياته العائلية‪ ،‬فليس لصاحب العمل أي رقابة‬
‫عليها‪ ،‬وال يمكن مؤاخذة العامل بسببب زواجه أو طالقة‪.2‬‬
‫يستثنى من ذلك األشخاص الذين يقومون بأعمال تستوجب اعتبارات شخصية وقيم أخالقية‬
‫معينة كالمربي ومديري مدارس البنا ت‪ ،‬ال شك أن سلوك هؤالء العمال خارج العمل يكون له تأثيره‬
‫المباشر عليه‪ ،‬ومن ثم يجوز لصاحب العمل توجيه سلوك العامل الخاص خارج نطاق العمل‪ ،‬حيث‬
‫يحق لصاحب العمل االعتداد بالحياة الخاصة للعامل إذا كان من شأنها التأثير على حسن سير العمل‬
‫الحياة الخاصة اإلضرار بسمعة المؤسسة بصفة عامة‪.3‬‬ ‫أو سمعته‪ ،‬كما لو كان من شأن ظرو‬
‫‪ - 2‬اإلطار غير المهني للعامل‬
‫والرقابة والتوجيه وما تعكسه من قيد على حرية العمل ترتبط‬ ‫سلطة صاحب العمل باإلشرا‬
‫فقط باإلطار المهني‪ ،‬وال يحق لصاحب العمل مد نطاقها إلى اإلطار غير المهني‪ ،‬فللعامل حياته‬
‫غير المهنية يمارسها دون السماح لصاحب لصاحب العمل مد نطاقها إلى االطار غير المهني‪ ،‬فإذا‬
‫استند إلى سبب غير مهني إلنهاء عقد العمل‪ ،‬فإنه يكون متعسفا في إنهائه‪ ،‬وانتهاك الحياة الخاصة‬
‫للعامل الذي يحق له ممارستها على النحو الذي يراه مناسبا التي يفترض عدم تأثيرها سلبا على‬
‫حياته المهنية‪.‬‬
‫إنَ الخضوع اإلداري لسلطة صاحب العمل ال يعني تنازال من العامل عما يعتبره من المزايا‬
‫األساسية للشخصية‪ ،4‬فتبعية العامل ال تتعدى إلى حياته الخاصة‪ ،‬ألنَ حـرمة هـذه الحياة مصونة‬
‫سواء داخل المؤسسة أو خارجها‪ ،‬واألصل أنَ حياة العامل مصونة وال تطالها أوامر صاحب‬
‫العمل‪ ،3‬هي إذن تبعية مهنية ال تمس ما يدخل في مجال الحياة الخاصة‪.9‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass.Plen, 19 Mai 1978, D.1978, p 541.‬‬
‫‪ 2‬محمد حسي منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪211.‬‬
‫‪ 3‬محمد حسي منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪4‬‬
‫‪SAVATIER )J(, La liberté dans le travail, Dr.Soc. France,1990, p 49.‬‬
‫‪ 3‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬قانون العمل ‪ ،‬عقد العمل الفردي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،9111 ،‬ص ‪.394‬‬
‫‪ 9‬مصطفى عبد الحميد العدوي‪ ،‬الخصوصية في مكان العمل‪ ،‬دراسة مقارنة بين القانونين المصري واألمريكي‪ ،9111 ،‬دون‬
‫ناشر‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ترتبط التبعية فقط باإلطار المهني‪ ،‬فليس للمستخدم أن يسعى إلى مد نطاقها إلى غير هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬و يحق للعامل أن يقاوم أي امتداد للتبعية حين تقترب من أبعاد أخرى لشخصيته‪ ،‬فتتجاوز‬
‫اإلطار المهني إلى اإلطار غير المهني أي حياته الخاصة بأبعادها المختلفة‪ ،‬فإذا ما تجاوز المستخدم‬
‫هذا اإلطار واستند إلى سبب ال يجد مصدره في الحياة المهنية للعامل‪ ،‬سعيا إلنهاء عقد العمل‪ ،‬فإنه‬
‫في هذا اإلنهاء‪ ،‬ويكون قد انتهك بذلك التزامه باحترام الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬ ‫يكون قد تعس‬
‫نصوص القانون التي تفرض حرمة الحياة الخاصة نصوص عامة‪ ،‬تنطبق بالتالي على‬
‫عالقات العمل‪ ،‬في إطار هذه العالقات يوجد أيضا الحق في الحياة الخاصة وتبقى ضرورة‬
‫المحافظة على سريتها وال يمكن التنازل عنها بمجرد الرضاء بعالقة التبعية‪ ،‬بمقتضى عقد العمل إذ‬
‫صاحب العمل قوة عمله ال شخصه‪.9‬‬ ‫يضع العامل بتصر‬
‫أكد قانون العمل الفرنسي على حق العامل في الحياة الخاصة من خالل نص المادة ‪L120-2‬‬
‫منه التي أضحت تحت رقم ‪ L1121‬على أنه "ال يجوز ألحد فرض قيود على حقوق األشخاص‬
‫والحريات الفردية والجماع ية‪ ،‬ما لم يكن لذلك ما يبرره وفقا لطبيعة المهمة المراد انجازها‪ ،‬وبشرط‬
‫المنشود"‪.2‬‬ ‫أن تكون تلك القيود متناسبة مع الهد‬
‫المشرع الفرنسي من خالل نص المادة ‪ L1121-1‬أدرك أن تبعية العامل وما تقتضيه من‬
‫على أداء عماله تجعله أكثر‬ ‫خضوع لسلطة صاحب العمل وحق األخير في الرقابة واإلشرا‬
‫عرضة ألن تنتهك حياته الخاصة داخل إطار حياته المهنية‪ ،‬لذلك أكد من خالل هذا النص على عدم‬
‫جواز تقييد صاحب العمل لحقوق العامل الشخصية وحقه في حياته الخاصة إال في حدود معينة‪،3‬‬
‫في حين نجد غياب مثل هذا النص في قانون عالقات العمل ‪ ،99/11‬بالرغم من تنظيمها من قبل‬
‫الدستور الجزائري‪ ،‬كما غابت مثل هذه النصوص في مشروع قانون العمل الجديد‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫حماية حقوق العامل الشخصية أثناء إبرام عقد العمل‬
‫حقوق الشخصية المتعلقة بعالقات العمل هي تلك الحقوق المتعلقة بشخص العامل الطر‬
‫في هذه ال عالقة‪ ،‬ذلك أن مناقشة كيفية تأدية العمل ال تتم في أغلب الحاالت على قدم‬ ‫الضعي‬

‫‪9‬‬
‫‪RIVERO )J(, op.cit, p 421.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪« Nul ne peut apporter aux droit des personnes et aux libertés individuelles et collectives des restrictions qui‬‬
‫‪ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées au but recherché », Art L‬‬
‫‪120-2 du loi n° 92-1336, 31/12/1992, relative à l’emploi, au développement du travail à temps et à‬‬
‫‪l’assurance chômage, Art 251, J.O , N°1 Du 1er Janvier 1993.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪PELISSIER (J),SUPIOT (A) et JEAMMAUD (A), Droit du travail, Dalloz, 2 e éd, 2119, p368.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المساواة بين طرفي العالقة‪ ،‬وبين عامل ال حول له سوى مجهوده البدني أو الفكري يقدمه لقاء أجر‬
‫يعيش به هو وأفراد أسرته‪ ،‬األمر الذي يستلزم حماية هذه الحقوق من كل أساس أو اعتداء عليها‪.1‬‬
‫قبل البحث عن مدى الحماية الموفرة لحقوق الشخصية في قانون العمل‪ ،‬ال بد من الوقو‬
‫بدقة على المقصود منها‪ ،‬حيث يرى بعض الفقهاء أن هذه الحقوق «تعبر عن ما للشخص من‬
‫سلطات مختلفة ترد على مقومات الشخصية توجب حمايتها من اعتداء غيره من األشخاص»‪ ،2‬فيما‬
‫عرفها آخرون على أنها «الحقوق التي تستمد أصلها من الشخصية‪ ،‬وتضمن للشخص االنتفاع‬
‫بنفسه»‪ 3‬في حين عرفها البعض على أنها «مجموعة القيم التي تثبت لإلنسان باعتبارها مقومات‬
‫شخصية‪ ،‬األمر التي تضمن للشخص حماية شخصية في مظاهرها المختلفة»‪.4‬‬
‫نستخلص أن الحقوق الشخصية‪ 5‬هي تلك التي ترد على القيم اللصيقة بشخص االنسان في‬
‫مظاهر نشاطه المختلفة‪ ،‬سواء تعلقت بحياته المادية أو المعنوية‪ ،6‬يمكن ردها إلى حقوق شخصية‬
‫معنوية ترتبط ارتباطا مباشرا بكرامة االنسان‪ ،‬وشرفه‪ ،‬وحقه في الزواج‪ ،‬والحق في االسم الذي‬
‫يميز به االنسان نفسه ويمنعه من االختالط بغيره‪ ،‬والحق في الصورة‪ ،‬وحقوق شخصية مادية تُكوِن‬
‫الكيان الذاتي الذي يظهر به االنسان في المجال الخارجي مثل الحق في الحياة والحق في السالمة‬
‫الجسدية‪.‬‬
‫إذا كان االعتداء على هذه الحقوق يكمن في أن موضوعه شخصية كل إنسان‪ ،‬فإنه في مجال‬
‫العمل تكثر فرص هذا االعتداء نظرا النعدام التوازن بين طرفي عالقة العمل‪ ،‬حيث يوجد المستخدم‬
‫في هذه العالقة‪ ،1‬أذ أنَ الواقع العملي‬ ‫ضعي‬ ‫في مركز قوي‪ ،‬مقابل العامل أو طالب العمل كطر‬
‫يؤكد بأنَ عقد العمل كثيرا ما يكون من صنع إرادة المستخدم المنفردة‪ ،‬وال يملك العامل سوى‬
‫اإلقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫القبول بالشروط التي وضعها المستخدم بسب ضغط الظرو‬

‫‪ 1‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪9.‬‬
‫‪ 2‬حسين كيرة‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،9119،‬ص ‪441.‬‬
‫‪ 3‬رمضان أبو السعود‪ ،‬الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني‪ ،‬المدخل إلى القانون وبخاصة القانون المصري واللبناني‪ ،‬النظرية‬
‫العامة للحق‪،‬الدار الجامعية للطباعة والنشــر‪ ،‬بيـروت‪،‬لبــنان‪ ،9113 ،‬ص ‪ ،311‬ادريس العلوي العدالوي‪ ،‬أصــول القـانون‪،‬‬
‫نظرية الحق‪ ،‬ج‪ ،2‬ط السادسة‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،9112 ،‬ص ‪ ، 9‬شمس الدين الوكيل‪ ،‬مبادىء القانون الخاص‪ ،‬ط ‪ ،9‬االسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪ ،9193 ،‬ص ‪221.‬‬
‫‪ 4‬عبد المنعم فرج الصده‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،9111 ،‬ص ‪391.‬‬
‫‪ 5‬يجب تفادي الخلط بين حقوق الشخصية والحقوق على الشخ صية‪ ،‬حيث تنصرف األولى للشخص نفسه وهي ترد على مقومات‬
‫الشخص صاحب الحق‪ ،‬أما الثانية فيكون فيها صاحب الحق شخص له حقوق على شخص آخر كالسلطة األسرية أو األبوية‪،‬‬
‫لتفاصيل أكثر أنظر‪:‬‬
‫‪CARBONNIER (J) : Droit civil, introduction, les personnes, la famille, l’enfant, le couple, P.U.F , coll.‬‬
‫‪« Quadrige » , France, 2004, p943.‬‬
‫‪ 6‬محمد واصل‪ ،‬الحقوق المالزمة للشخصية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دمشق ‪،‬سوريا‪ ،9113 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 1‬محمد بنحساين‪ ،‬أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪ ،‬المغرب‪ ،‬العدد ‪ ،21‬ماي‬
‫‪ ،2193‬ص ‪.39‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفرع األول‬
‫حماية حقوق العامل الشخصية ذات الطابع االجتماعي‬
‫بما أنَ حقوق الشخصية هي حقوق شديدة الصِلة باالنسان‪ ،‬وكون هذا األخير اجتماعي‬
‫الطبع‪ ،‬فإنه ال بد أن يدخل في عالقات اجتماعية بقصد تلبية احتياجاته ويعد عقد العمل من بينها‪،‬‬
‫مما يتيح السؤال عن مصير تلك الحقوق في ظل عالقة العمل تتسم بعدم التكافؤ االقتصادي‪،‬يسعى‬
‫القوي وهو المستخدم إلى فرض مجموعة من الشروط تحد أو تمنع من التمتع‬ ‫من خاللها الطر‬
‫بالحقوق الشخصية‪ ،‬كفرض شرط عدم زواج العامل كبند في عقد العمل أو منع العامل من اتخاذ‬
‫المظهر الذي يريد بشكل تعسفي إلى غير ذلك من القيود التي قد ترد على هكذا حقوق‪.9‬‬
‫أثناء االستعداد والتفاوض على إبرام عقد العمل بين المستخدم والراغبين في العمل‪ ،‬قد‬
‫على الموافقة عليها اشتغال العامل لديه‪ ،‬كاشتراط‬ ‫يشترط صاحب العمل جملة من الشروط يتوق‬
‫المستخدم على العاملة عدم الزواج‪ ،‬أو أن يشترط على عامله أو عاملته تغيير اسمه أو اسمها‪،2‬‬
‫أوشروطا تمس عقيدته ودينه‪ ،‬وحيث أنَ حقوق الشخصية التي يقع المساس بها بمناسبة إبرام عقد‬
‫العمل ال تقع تحت الحصر‪ ،‬فإننا سنركز على بحث الحاالت الثالث المذكورة أعاله باعتباراها‬
‫األكثر إثارة في الواقع لتبيان السند الممكن اعتماده لحماية حقوق الشخصية عند إبرام عقد العمل‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حق العامل في الزواج‬
‫أصبح من المالحظ في الواقع العملي أنَ بعض عقود العمل أضحت تتضمن شروطاً تمس‬
‫بحقوق الشخصية والحياة الخاصة للعامل‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لشرط عدم الزواج أو العزوبية‬
‫كأمر ضروري لولوج ميدان العمل‪ ،‬وال شك أنَ شروطاً من هذا القبيل تتعارض مع حقوق العامل‬
‫الشخصية وحياته الخاصة‪ ،‬إذا ما أدخل الحالة العائلية للعامل واسمه في مجال العمل‪.‬‬
‫‪ - 1‬الحماية التشريعية للحق في الزواج ضمن شروط عقد العمل‬
‫يحظى الزواج بأهمية واضحة من الناحية الدينية واالجتماعية‪ ،‬أهمية دفعت المشرع الجزائري‬
‫إلى تنظيم أحكامه في قانون األسرة‪ ،3‬وإلى اعتبار أمرا ضروريا لتكوين األسرة حث عليه الكتاب‬

‫‪ 9‬عبد المجيد صادقين‪ ،‬حماية حقوق العامل الشخصية بين اإل طار التشريعي والواقع العملي‪ ،‬ماستر قانون العقود والعقار‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ -‬المغرب‪ ،2193-2192 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ 2‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 3‬تنص المادة ‪ 4‬من قانون األسرة على أن‪ " :‬الزواج عقد رضائي يتم بين رجل و امرأة على الوجه الشرعي‪ ،‬من أهدافه تكوين‬
‫أسرة أساسها المودة والرحمة والتعاون وإحصان الزوجين والمحافظة على األنساب"‪ ،‬انظر قانون األسرة الصادر تحت رقم‬
‫‪ 99/14‬بتاريخ ‪ ،9114/19/11‬المعدل بالقانون رقم ‪ /12/13‬بتاريخ ‪ ،2113/12/21‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،93‬ص‪.1‬‬

‫‪291‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الحني ‪9‬والسنوة النبوية الشريفة‪ ،2‬هذه األهمية التي يكتسيها الزواج هي التي دفعت معظم االتفاقيات‬
‫الدولية التي تعنى بحقوق االنسان إلى التأكيد على حماية هذا الحق‪ ،‬فجاء في نص المادة ‪ 99‬من‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق االنسان على أن "للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج‪ ،‬حق التزوج وتأسيس‬
‫أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنس أو الدين‪ ،‬وهما يتساوان في الحقوق لدى التزوج وخالل‬
‫قيام الزواج ولدى انحالله"‪.3‬‬
‫إنَ حق الزواج كحق من حقوق الشخصية يتعارض في مثل هذه الحالة مع الشروط التعاقدية‬
‫التي قد يتفق عليها طرفا عقد العمل بمناسبة إبرامه‪ ،‬ممَا يدفع إلى التساؤل عن أي الحقين يجب‬
‫ترجيحه في هذه الحالة‪ ،‬هل حق العامل أو العاملة في الزواج‪ ،‬أم حق المستخدم في احترام الشروط‬
‫التي تم االتفاق عليها قبل بداية العمل؟‬
‫‪ - 1- 1‬حماية الحق في الزواج ضمن قانون العمل‬
‫رغم الدور الذي يلعبه القضاء في حماية الحقوق الشخصية‪ ،‬إال أنَ تكريس تلك الحماية‬
‫حماية حق‬ ‫تشريعية من خالل قانون عال قات العمل جاء مشوبا ببعض النقائص تتجلى في ضع‬
‫الزواج‪ ،‬حيث نجد أنَ قانون العمل منع التمييز في العمل بسبب الحالة الزوجية أو المسؤوليات‬
‫العائلية‪ ،‬فإن هذه الحماية جاءت قاصرة بسبب الصعوبة التي ستعترض العامل أو طالب العمل في‬
‫إثبات أن تمييز المستخدم بين العمال في االستخدام أو األجر أو االمتيازات االجتماعية‪ ،‬أو التدابير‬
‫التأديبية‪ ،‬أو التسريح من العمل تعود إلى الحالة الزوجية‪.‬‬
‫بالرغم من أن المشرع الجزائري كرَس حماية دستورية للحقوق والحريات األساسية في‬
‫ميدان العمل بحظر التمييز في العمل طبقا المعدل للمادة ‪ 21‬من دستور ‪ ،9119‬التي نصت على‬
‫أن" كل المواطنين سواسية أمام القانون‪ ،‬وال يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد‪،‬‬
‫آخر‪ ،‬شخصي كان أو اجتماعي"‪.‬‬ ‫أو العرق أو الجنس أو الرأي‪ ،‬أو أي شرط أو ظر‬
‫هذه المادة التي وجدت تطبيقا لها في قانون عالقات العمل رقم ‪ ،99/11‬حيث نصت المادة ‪9‬‬
‫على أنه"‪ ..‬يحق للعمال أيضا‪ ،‬في إطار عالقة العمل الحماية من أي تمييز لشغل منصب عمل غير‬
‫المنصب القائم على أهليتهم واستحقاقهم"‪ ،‬إال أنَ تكريس تلك الحماية تشريعيا من خالل هذا قانون‬

‫‪ 9‬قالى هللا تعالى‪ " :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها‪ ،‬وجعل بينهم مودة ورحمة‪ ،‬إن في ذلك آيات لقوم‬
‫يتفكرون" سورة الروم‪ ،‬اآلية ‪ ،29‬وقوله عزوجل‪ :‬هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليكن إليها" سورة األعراف‪،‬‬
‫اآلية ‪.911‬‬
‫‪ 2‬في السنة النبوية الشريفة نجد الرسول صلى هللا عليه وسلم يحث على الزواج‪ ،‬حيث جاء فيها "النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي‬
‫فليس مني"‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 99‬في فقرتها المادة ‪ 99‬من االعالن العالمي لحقوق االنسان الصادر بتاريخ ‪ 91‬ديسمبر‪.9141‬‬

‫‪299‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حماية الحق في الزواج وغياب نص عام يحمي سائر‬ ‫جاء مشوبا ببعض النقائص تتجلى في ضع‬
‫الحقوق الشخصية بشكل يضمن التوازن بين هذه الحقوق وسلطات المستخدم‪ ،‬كما أن قانون العمل‬
‫جاء خاليا من أي إشارة لكيفية إثبات حالة التمييز التي يتعرض لها العامل أو طالب العمل‪.‬‬
‫مع العلم أن المشرع الجزائري نص على مراعاة احترام الحياة الخاصة بموجب قانون رقم‬
‫‪ 91/14‬المؤرخ في ‪ 2114/92/93‬المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل‪ ،1‬غير أن هذا المادة‬
‫جاءت قاصرة على طالبي الشغل فكان األولى بالمشرع أن يدرج نصا عاما في قانون العمل يحمي‬
‫سائر حقوق الشخصية في عالقة العمل‪ ،‬خاصة مع ما أضحى يعرفه العصر الحالي من مساس‬
‫بحقوق شخصية أخرى كالحق في األسم‪ ،‬والحق في المظهر‪.2‬‬
‫األمر نجد أن قانون العمل الفرنسي نص في المادة ‪ L1232-1‬منه ال يمكن إقصاء‬ ‫على خال‬
‫أو أن‬ ‫أو التدريب‪ ،‬أو فترة التكوين بالمؤسسة أو معاقبته‪ ،‬أو تسريحه‪،‬‬ ‫أي شخص من التوظي‬
‫أو‬ ‫يكون موضوع إجراء تميزي مباشر أو غير مباشر خاصة فيما يتعلق باألجر أو التكوين‬
‫إعادة التدريب أو التعيين أو التأهيل أو الترتيب أو الترقية المهنية‪ ،‬أو النقل أو تجديد العقد بسبب‬
‫أصله أو جنسه أو سلوكه أو توجهاته الجنسية أو السن أو وضعيته العائلية أو حالة الحمل أو صفاته‬
‫ال وراثية أو االنتماء أو عدم االنتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو اسرة أو بسبب آرائه السياسية‪،‬‬
‫أو أنشطته النقابية أو التعضدية‪ ،‬أو بسبب اعتقاداته الدينية أو مظهره الخارجي‪ ،‬أو اسم األسرة‬
‫أو مكان اإلقامة أو بسبب الحالة الصحية أو اإلعاقة‬
‫بل وأقر المشرع الفرنسي بموجب المادة ‪ L1132-3‬من ق‪.‬ع أن العامل ال يمكن معاقبته أو‬
‫تسريحه أو أن يكون موضوع أي إجراء تمييزي إذا قدم شهادته بخصوص إحدى األوضاع الواردة‬
‫في المادة ‪ L1134-1‬من نفس القانون على أنه في حالة النزاع بخصوص تطبيق‬ ‫أعاله‪ ،‬وأضا‬
‫المقتضيات أعاله‪ ،‬فإن العامل ال معني أو المترشح للعمل أو للتدريب أو لفترة تكوين بالمؤسسة يقدم‬
‫العناصر الواقعية التي تمكن من افتراض وجود تمييز مباشر أو غير مباشر‪ ،‬والتي على ضوئها‬
‫يتعين على المستخدم أن يثبت أن قراره كان مبررا بمقتضى عناصر موضوعية بعيدة عن أي‬
‫تمييز‪ ،‬ويُكون القاضي إثر ذلك اعتقاده بعد أن يأمر بجميع إجراءات التحقيق التي يراها مفيدة‪.‬‬
‫يتضح من خالل هذه النصوص أن المشرع الفرنسي كان واعيا بصعوبة االثبات التي قد‬
‫تعترض العامل أو طالب العمل الذي يكون ضحية تمييز بسبب حالته الزوجية‪ ،‬حيث يكفيه تقديم‬

‫‪ 1‬القانون رقم ‪ 91/14‬المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ ، 2114‬المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 13‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 29‬ديسمبر ‪.2114‬‬
‫‪ 2‬محمد بنحساين‪ ،‬أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪292‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العناصر الواقعية التي تمكن من افتراض وجود تمييز بسبب هذه الحالة أو غيرها من الحاالت‬
‫الواردة في المادة ‪ L1132-1‬ليصبح المستخدم ملزما بإثبات أن قراره كان مبررا بعناصر ال‬
‫تضمن غير أي تمييز‪.1‬‬
‫في حين أن نصوص قانون العمل الجزائري وحتى مشروع قانون العمل الجديد جاءت خالية‬
‫من أي إشارة ل كيفية إثبات حالة التمييز التي قد يتعرض لها العامل أو طالب العمل‪ ،‬عكس ما عليه‬
‫بنص المادة ‪ L1132-1‬لتقرير‬ ‫األمر في تشريعات أخرى كقانون العمل الفرنسي الذي لم يكت‬
‫عدم التمييز في العمل بسبب الحالة العائلية أو ألسباب أخرى بل وضع إلى جانبها نصا عاما يحمي‬
‫سائر الحقوق الشخصية‪ ،‬حيث جاء التأكيد عليها من خالل نص المادة ‪ L120-2‬منه والتي أضحت‬
‫بإرساء مبدأ عام لحماية الحقوق والحريات‪ ،‬حيث نصت على عدم جواز‬ ‫‪2‬‬
‫تحت رقم‪L1121-1‬‬
‫تقييد حقوق الشخصية والحريات الفردية والجماعية دون أن تكون هذه القيود مبررة بطبيعة العمل‬
‫المراد تحقيقه‪.‬‬ ‫المطلوب إنجازه أو مناسبة الهد‬
‫إذا كان يصعب حماية الحق في الزواج وفق قواعد قانون عالقات العمل ‪ 99/11‬بسبب‬
‫صعوبة إثبات التمييز على أساس الحالة الزوجية‪ ،‬فإن حقوقا شخصية أخرى قد يقع المساس بها في‬
‫عالقة العمل تظل بدون حماية بسبب غياب نص عام يحمي كافة الحقوق الشخصية‪.‬‬
‫‪ - 2 - 1‬حماية حق العامل في الزواج ضمن القانون المدني‬
‫إن مبدأ الفصل ما بين اإلطار المهني وغير المهني أثناء سريان العقد‪ ،‬بحيث ال يتأثر األول‬
‫بما يحدث أو حدث في ظل الثاني مما يعني عدم جواز تسريح العامل بسبب مستمد من الحياة‬
‫الخاصة التي تعني كل ما ال يتعلق بحياته المهنية‪.3‬‬
‫حاول التشريع تأمين حماية للعامل في مواجهة صاحب العمل الذي قد يستغل سلطته في‬
‫التبعية إلى حد التدخل في الحياة الخاصة له ومنعه من الحقوق والحريات األساسية التي كفلها له‬
‫الدستور‪ ،‬مثل شرط عدم الزواج‪ ،‬حيث أصبحنا نجد شرط العزوبة في عقود العمل أو ضمن‬
‫األنظمة الداخلية للمؤسسة تمنع العامالت من الزواج أثناء فترة العمل‪ ،‬واإلخالل بهذا الشرط‬
‫يتسبب في إنهاء عقودهن‪.4‬‬
‫اعتمد القضاء الفرنسي في حمايته لحق العامالت في الزواج في قضية تسريح المضيفة‬
‫الجوية على المادة ‪ 1‬القانون المدني الفرنسي منه التي تنص على حق كل فرد في أن تحترم حياته‬

‫‪ 1‬محمد بنحساين‪ ،‬أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art 1121-1 du loi n° 92-1336, 31/12/1992, relative à l’emploi, au développement du travail à temps et à‬‬
‫‪l’assurance chômage, Art 251, J.O , N°1 Du 1er Janvier 1993.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪SAVATIER )J(, La protection de la vie privée des salariés, op.cit, p 329.‬‬
‫‪ 4‬دنيا مبارك‪ ،‬الوجيز في القانون االجتماعي‪ ،‬مطبعة دار النشر الجسور‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط ‪ ،3‬ص ‪ 921‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الخاصة‪ ، 1‬مقراً بذلك حماية لحقوق الشخصية في عالقات العمل لغياب نص يقرر الحماية لهذه‬
‫الحقوق في المقتضيات التي تنظم عالقة العمل‪.‬‬
‫تعكس األحكام القضائية الصادرة عن محكمة النقض الفرنسية تطبيقا لهذه المادة مفهوما واسعا‬
‫للحياة الخاصة في مواجهة أصحاب العمل‪ ،‬حيث يمتنع عليهم تسريح العمال بسبب مستمد من‬
‫السلوك الشخصي أي الحياة الخاصة في غير إطارها المهني إال بضوابط محددة لعل أهمها هو تأثر‬
‫العامل لديها‪.2‬‬ ‫المؤسسة سلبا بموق‬
‫الواقع أن حق الزواج كحق شخصي يتعارض مع ال شروط التعاقدية التي قد يتفق عليها طرفا‬
‫عقد العملة بمناسبة إبرامه‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه القضاء المغربي في قراره المبدئي الصادر عن‬
‫المجلس األعلى في ‪ 21‬جويلية ‪ 9113‬معتمدا في تقرير الحماية لحقوق الشخصية على مقتضيات‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،3‬بمقتضى المادة ‪ 911‬منه الذي اعتبرت أن "كل شرط من شأنه أن يمنع‬
‫أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحق االنسان في أن يتزوج‪ ،‬وحقه في أن‬
‫يباشر حقوقه المدنية يكون باطال ويؤدي إلى بطالن االلتزام الذي علق عليه"‪.4‬‬
‫غير أنه إذا كانت الفقرة األولى من هذه المادة تحمي حق العامالت في الزواج باعتبار شرط‬
‫العزوبة باطال‪ ،‬فإن الفقرة الثانية على النقيض من ذلك من شأن اعتمادها في ميدان العمل أن يلحق‬
‫الضرر بالعامالت اعتبارا لكون الشرط باطل حسب هذه المادة يؤدي إلى بطالن االلتزام المعلق‬
‫عليه‪ ،‬وبالتالي بقاء العامالت المطرودات نتيجة زواجهن دون تعويض‪.‬‬
‫على هذا األساس فإن تضمين شرط العزوبة في عقد العمل طرح التساؤل عما إذا كان يؤدي‬
‫إلى بطالن عقد العمل برمته‪ ،‬أم أن المادة ‪ 911‬يجب تأويلها بشكل ينسجم مع خاصية قانون العمل‬
‫المتمثلة في حماية العامل وبالتالي حماية حقه الشخصي في الزواج‪.5‬‬
‫المالحظ أن المجلس األعلى السابق ذكره‪ ،‬وإن كان قد أشار في قراره إلى المادة ‪ 911‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فهو لم يعتمد عليه منفردا لتقرير صحة عقد العمل خالفا لما اعتقده‬
‫البعض الذي اعتبر بأن اعتماد قرار المجلس األعلى على المادة ‪ 911‬بالصياغة التي ورد بها من‬
‫شأنه أن يحرم العاملة من أي تعويض اعتبارا لكونه يجعل الشرط باطال يؤدي تلقائيا إلى بطالن‬
‫االلتزام المعلق عليه‪ ،9‬وإنما عمد المجلس إلى تفسير نص المادة ‪ 911‬بما يتناسب مع مفهوم النظام‬

‫‪1‬‬
‫‪Art 9 du C.civ.fr : « Chacun a droit au respect de sa vie privée ».‬‬
‫‪2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 3‬محمد بنحساين‪ ،‬أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية‪ ،‬ص ‪32.‬‬
‫‪ 4‬ظهير شريف رقم ‪ 9.99.941‬الصادر في ‪ 91‬أوت ‪ 2199‬المتضمن قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ، 3111‬بتاريخ‬
‫‪2199./11/22‬‬
‫‪ 5‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ص ‪22.‬‬
‫‪ 9‬سعيد عز‪ ،‬العمل القضائي في مجال منازعات الشغل الفردية‪ ،‬دار النجاح الجديدة‪ ،‬ط‪ ،9‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،9114 ،‬ص ‪11.‬‬

‫‪294‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العام اإلجتماعي وذلك حينما أشار إلى بطالن الشرط ال يؤدي إلى بطالن اإللتزام الذي يعلق عليه‬
‫إذا كان من شأنه االنتقاص من حقوق العامل‪.9‬‬
‫بهذا فإن المجلس األعلى المغربي بتأويله للمادة المذكورة كرس مبدأً قانونيا استطاع من خالله‬
‫القانون العادي مع غاية قانون العمل المتمثلة في حماية العمال‪ ،‬وبالتالي إدماج حق العمال‬ ‫تكيي‬
‫الشخصي في الزواج داخل مجال عالقة العمل‪.‬‬
‫في حين لم نجد أي قضايا مماثلة على مستوى القضاء الجزائري‪ ،‬كما لم يتطرق قانون‬
‫‪ 99/11‬من خالل نصوصه إلى حماية حقوق الشخصية في مجال عالقات العمل‪ ،‬األمر الذي قد‬
‫يدفع بعض المستخدمين إلى تفضيل عامالت عازبات بدل من المتزوجات‪ ،‬بالرغم من أنه نص على‬
‫حق طالبي العمل في احترام حياتهم الخاصة ضمن قانون تنصيب العمال ومراقبة التشغيل‪.‬‬
‫من خالل المقارنة التشريع الوطني مع التشريع المغربي نجد أن هذا األخير قد نص على حق‬
‫العامل في الزواج بموجب المادة ‪ 11‬من مدونة الشغل التي جاء نصها‪ « :‬يمنع كل مس بالحريات‬
‫والحقوق‪...‬داخل المقاولة وفق القوانين واأل نظمة الجاري بها العملكما يمنع كل تمييز بين األجراء‬
‫من حيث الساللة‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو اإلعاقة‪ ،‬أو الحالة الزوجية‪ ،‬أو العقيدة‪ ،‬أو الرأي‬
‫السياسي‪ ،‬أو اإلنتماء النقابي‪ ،‬أو األصل الوطني‪ ،‬أو األصل االجتماعي‪ ،‬يكون من شأنه خرق أو‬
‫مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة‪ ،‬سيما فيما‬ ‫تحري‬
‫يتعلق باالستخدام‪ ،‬وإدارة الشغل وتوزيعه‪ ،‬والتكوين المهني‪ ،‬واألجر‪ ،‬والترقية‪ ،‬واإلستفادة من‬
‫اإلمتيازات االجتماعية‪ ،‬والتدابير التأديبية‪ ،‬والفصل من الشغل »‪.‬‬
‫‪ - 2‬الحماية القضائية للحق في الزواج ضمن شروط عقد العمل‬
‫بالنظر إلى النقص التشريعي سواء على المستوى العام أو الخاص‪ ،‬فإن على القضاء تقديم‬
‫البديل لمواجهة هذا الفراغ‪ ،‬من خالل تفسير النصوص القانونية تفسيرا يستوعب التطور الحاصل‬
‫في المجتمع ويتفق مع ما يمكن اعتباره ترسيخ الحقوق المدنية قضائيا‪ ،‬وبما يؤدي إلى استيعاب‬
‫المفاهيم المختلفة واألكثر اتساعا للحق في الحياة الخاصة‪.2‬‬
‫‪ - 1- 2‬التطبيقات القضائية للحق في الزواج ضمن شروط عقد العمل‬
‫استقر القضاء الفرنسي على وجوب الفصل التام بين الحياة المهنية والحياة الشخصية والعائلية‬
‫للعامل‪ ،‬وقد رتب على ذلك أن كل طرد أو تسريح له اتصال بهذه األخيرة يعد تعسفيا‪ ،3‬فال يجوز‬

‫‪ 9‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ص‪. 31‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.929‬‬
‫‪ 3‬بلخيضر عبد الحفيظ‪ ،‬اإلنهاء التعسفي لعقد العمل‪ ،‬دار الحداثة للطباعة والنشر‪ ،‬لبنان‪ ،9119 ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪293‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لصاحب العمل تطبيقا لسلطته التنظيمية بناءا على رابطة التبعية التدخل في الحياة الخاصة للعامل‬
‫وإال عد ذلك منه اعتداءا صارخا على تلك الحياة‪ ،‬ومن بين التطبيقات القضائية في هذا الشأن ما‬
‫جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية بعدم مشروعية تسريح العامل بسبب رفض التخلي عن‬
‫زوجته ألن حقوق األبوة ال يمكن لها أن تنعكس على الميدان المهني‪ ،1‬كما قررت بأن طرد عاملة‬
‫لكون زوجها عضوا نشيطا في إحدى النقـابات المهنية طـردا تعسفيا‪ ،2‬كما اعتبرت أن تسريح‬
‫عامل بسبب تطليقه لحفيدة المدير العام للمؤسسة التي يشتغل بها بدوره تعسفيا غير مشروع‪.3‬‬
‫لعلَ من أهم المشاكل التي طرحت بحدة أمام القضاء الفرنسي والتي لها اتصال مباشر بالحياة‬
‫العائلية للعامل تلك المتعلقة بالحق في الزواج أو ما يسمى بشرط العزوبية الذي قد يرد في بعض‬
‫عقود العمل‪ ،‬أو يضمن في بعض األنظمة الداخلية للمؤسسات‪ ،4‬وإن مثل هذا الشرط قد يفرض‬
‫على العاملة إما أن تخفي زواجها‪ ،‬وهذا أمر يصعب تحقيقه في الواقع العملي‪ ،‬و إما أن تظل عازبة‬
‫في وجه طبيعتها البشرية‪.5‬‬ ‫على الدوام وفي هذه الحالة يستحيل عليها أن تق‬
‫ألجل ما سبق‪ ،‬نجد أن القضاء في فرنسا قد اعتبر أن فرض شرط عدم الزواج أو شرط‬
‫العزوبية على العمال بمثابة اعتداء على حق من حقوق الشخصية االنسانية‪ ،‬ومن تم يعتبر باطال‬
‫بطالنا مطلقا‪ ،‬وأكد بقوة على حق العامالت في الزواج التصال ذلك بالنظام العام‪ ،‬واعتبر أن كل‬
‫بباريس بقرار‬ ‫إنهاء لعقد العمل بسبب زواج العاملة إنهاء تعسفيا‪ ،‬هذا ما أوضحته محكمة االستئنا‬
‫شهير لها صادر بتاريخ ‪ 31‬أبريل ‪ 69193‬المتعلق بقضية فصل أحد العامالت لدى الخطوط الجوية‬
‫الفرنسية تشتغل كمضيفة طائرة بسبب زواجها‪ ،‬حيث أن النظام الداخلي للهيئة المستخدمة يقضي‬
‫باريس في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 31‬أبريل‬ ‫بإنهاء العقد في هذه الحالة غير أن محكمة استئنا‬
‫‪ 9193‬أ لغت حكم أول درجة على أساس أن الحق في الزواج إنما هو حق شخصي ال يمكن الحد‬
‫منه أو التنازل عنه‪.7‬‬
‫تنويها كبيرا من قبل الفقه الفرنسي‪ ،8‬وهذا يدل على الدور التشريعي‬ ‫لقي القرار السال‬
‫والقضائي في إدخال مفردات مختلفة لحيـاة االنسان الخـاصة في مجتمع معاصر وتحـديدا الدور‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass.soc, Cass. Soc., 08 juillet 1960, pourvoi n°06954270, Bull. civ.N° 756.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 20 Nov 1960 , Droit oivrier.1960, p 390.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 5 Avril 1965, Bull, Civ, N° 241.‬‬
‫‪ 4‬بلخيضر عبد الحفيظ‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ 5‬محمد كشبور‪ ،‬عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬ص ‪.934‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Voir également : Le droit au mariage des hôtesses de l’air, Arrêt de la cour de paris du 30 avril 1963, 1ere‬‬
‫‪chambre, note par Jean MOROLLET, Dr.Soc, N°8, Septembre 1963, p 484.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Arrêt de la cour de Paris du 30 avril 1963, 1ere chambre, note par Jean MOROLLET, Dr.Soc, N°8,‬‬
‫‪Septembre 1963, p 484.‬‬
‫‪, op.cit, p 12, 13, HUET(A), Les atteintes à la liberté nuptiale dans les actes juridiques, (M)8 DESPAX‬‬
‫‪R.T.D, 1967, P 45, BENABET, La liberté individuelle et mariage, R.T.D, 1973, p 442.‬‬

‫‪299‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تعكس مفهوما مرنا وواسعا للحياة الخاصة في فرنسا‪.1‬‬ ‫القضائي الذي يسعى إلى اتخاذ مواق‬
‫كما أن نزاعا مماثال طرح أمام القضاء المغربي في قضية شهيرة تعلق بقضية مضيفة جوية‬
‫فصلت من عملها بسبب إبرامها عقد زواج مخالفة لمقتضيات القرار العام الصادر عن الهيئة‬
‫المستخدمة الذي يمنع الزواج على من تعمل كمضيفة جوية‪ ،‬غير أن المجلس األعلى عند نظره في‬
‫القضية أقر بموجب القرار الصادر في ‪ 21‬جويلية ‪ 9113‬بطالن شرط عدم الزواج دون بطالن‬
‫االلتزام المعلق عليه‪.2‬‬
‫‪ - 2- 2‬النظام العام االجتماعي كأساس لحماية حق العامل في الزواج‬
‫يعتبر النظام العام مبدأ من المبادئ العامة للقانون الذي لم يقتصر على اكتساحه للروابط‬
‫القانونية على القانون العام فقط‪ ،‬بل تعداه ليشمل سائر فروع القانون الخاص‪ ،3‬وقد فرق الفقهاء بين‬
‫النظام العام المطلق السياسي الذي يسوده القانون المدني والنظام العام االقتصادي الذي ينقسم بدوره‬
‫إلى توجيهي ويعبر عن تدخل الدولة في الجانب االقتصادي‪ ،‬والحمائي الذي يعمل على حماية بعض‬
‫الفئات كالعمال‪.4‬‬
‫النظام العام فاتحة المجال أما الفقه الذي تعددت اتجاهاته بهذا‬ ‫تجنبت القوانين تعري‬
‫الخصوص‪ ،‬فالبعض يرى بأن النظام العام يعبر عن النواة الصلبة للمجتمع وعن إرادة الحياة‬
‫للمجتمع مهددة ببعض المبادرات الفردية من خالل العقود‪.5‬‬
‫فيما عرفه آخرون بأنه "القواعد القانونية التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية‬
‫أواجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع األعلى وتعلو على مصلحة األفراد‪ ،‬فيجب على‬
‫األفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها وال يجوز لهم أ يناهضوها باتفاقيات فيما بينهم‪ ،‬حتى ولو‬
‫حققت هذه االتفاقات لهم مصالح فردية‪ ،‬فإن المصالح الفردية ال تقوم أمام المصلحة العامة‪.6‬‬
‫العالقات القانونية والغايات االجتماعية‪ ،7‬ولعل أهم مظاهر هذا‬ ‫هذا النظام باختال‬ ‫يختل‬
‫تتجلى في تباين جزاء مخالفته‪ ،‬فإذا كان جزاء هذه المخالفة في القانون المدني باعتباره‬ ‫االختال‬

‫‪1‬‬
‫‪Voir notamment, KAYSER(P), La protection de la vie privée par le droit, Protection du secret de la vie‬‬
‫‪privée,op.cit, p 118.‬‬
‫‪ 2‬قرار رقم ‪ 9311‬الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 21‬جويلية ‪ ، 9113‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬المغرب‪ ،‬عدد ‪ ،21‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 21‬فبراير ‪ ،9111‬ص ‪ ، 212‬وتجدر اإلشارة أنه تم تغيير تسمية المجلس األعلى بمقتضى القانون رقم ‪ 31-99‬الذي قضى‬
‫بإحالل عبارة محكمة النقض‪ .‬محلها‪.‬‬
‫‪ 3‬محمد ماسي‪ ،‬مفهوم النظام العام في قانون الشغل‪ ،‬مذكرة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪-‬المغرب‪ ،9113 ،‬ص ‪4.‬‬
‫‪ 4‬عبد السالم شعيب‪ ،‬النظام العام وقانون العمل في ضوء العولمة‪ ،‬مجلة نقابة المحامين ببيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬العدد ‪ ،2111 ،3‬ص ‪923.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Voir ainsi CARBONNIER)J(, Exorde, in L’ordre public à la fin du XXème siècle, coordination Th. Revêt,‬‬
‫‪coll. Thèmes et commentaires, Dalloz, 1996, p2.‬‬
‫‪ 6‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.433‬‬
‫‪ 7‬محمد ماسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.991‬‬

‫‪291‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الشريعة العامة للقانون المدني هو البطالن‪ ،‬فإن قانون العمل يتسم هو اآلخر بطابع النظام العام‬
‫الذي يقتبس من عبارات إنسانية ضرورية لحماية طبقة عريضة المتمثلة في طبقة العمال‪.1‬‬
‫يمكن االستفادة من مفهوم النظام العام في عالقة العمل لحماية الحق في الزواج عند‬ ‫كي‬
‫تعارضه مع شرط تعاقدي يمن ع العمال من ممارسة حقهم المذكور؟ ذلك ما حاول كل من القضاء‬
‫الفرنسي والمغربي تحقيقه من خالل األحكام القضائية السابقة‪.2‬‬
‫أكد القضاء الفرنسي على عدم شرعية شرط العزوبة المفروض على المساعدات االجتماعية‬
‫ومضيفات الطائرة باعتباره ينافي الحق في الزواج في قراره الصادر بتاريخ ‪ 31‬أبريل ‪،9193‬‬
‫اعتبر الحق في الزواج حقا شخصيا ال يمكن تقييده أو الحد منه‪ ،‬كونه من النظام العام ال يمكن‬
‫تقييده أو الحد منه‪ ،‬حيث أن في مجال العالقات التعاقدية يجب أن تكون حرية الزواج محمية من‬
‫حيث المبدأ‪ ،‬وأنه في غير األسباب الضرورية فإنَ شرط عدم الزواج يجب اعتباره باطال لمساسه‬
‫بحق أساسي من حقوق الشخصية‪ 3‬وانتهاكه لحرمة الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫كما ذهب القضاء المغربي بدوره في القرار الصادر عنه بتاريخ ‪ 21‬جويلية ‪ 9113‬المتعلق‬
‫تسريح شركة الخطوط الملكية المغربية لمضيفة تعمل لديها بعد علمها بزواجها بحجة مخالفتها‬
‫لقرار الشركة الذي يفرض على جميع المضيفات البقاء في حالة عزوبة وأن الزواج يعد بمثابة‬
‫استقالة منهن‪.4‬‬
‫أقرَ المجلس األعلى المغربي في تعليله لبطالن شرط عدم الزواج دون بطالن االلتزام المعلق‬
‫عليه إلى أنه "لئن كان الفصل ‪ 911‬من قانون االلتزامات والعقود ينص على بطالن االلتزام المقترن‬
‫بشرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحقه أن يتزوج‪،‬‬
‫وفي حقه أن يباشر حقوقه المدنية‪ ،‬فإن هذا الشرط يكون باطال وال يؤدي إلى بطالن االلتزام الذي‬
‫يعلق عليه إذا كان من شأنه االنتقاص من حقوق العامل‪ ،‬لذلك فإن المحكمة كانت على صواب‬
‫عندما اعتبرت شرط عدم الزواج الذي التزمت به المطلوبة في النقض يعتبر باطال في النقض‬
‫ويبقى العقد صحيحا ورتب على ذلك آثار الفسخ التعسفي لعقد العمل الصادر بإرادة منفردة من‬
‫جانب الطاعنة فكان بذلك قرارها معلال تعليال كافيا وصحيحا ولم تخـرق الفصول المحتج بها مما‬
‫تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساس"‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ROZES )L(, Remarques sur l’ordre public en droit du travail, Dr.soc, n° 9-10, 1977, p 311.‬‬
‫‪ 2‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬ص ‪29.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Le droit au mariage des hôtesses de l’air, Op. cit, p 482.‬‬
‫‪ 4‬محمد كشبور‪ ،‬عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 943‬وما يليها‪.‬‬

‫‪ 5‬قرار رقم ‪ 9311‬الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 21‬جويلية ‪ ، 9113‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬المغرب عدد ‪ ،21‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 21‬فبراير ‪ ،9111‬ص ‪214.‬‬

‫‪291‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يالحظ أن القضاء يميز بين مخالفة القواعد المتعلقة بالنظام العام المطلق ومخالفة اآلداب من‬
‫جهة‪ ،‬ومخالفة القواعد المتعلقة بالنظام العام االجتماعي من جهة أخرى‪ ،‬فإذا كان يرتب البطالن‬
‫على مخالفة الطائفة األولى‪ ،‬فإنه يقرر جواز مخالفة القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام‬
‫االجتماعي إذا كان لمصلحة العامل‪.1‬‬
‫القضاء المغربي عمد إلى تفسير نص الفصل ‪ 911‬من قانون االلتزامات والعقود بما يتناسب‬
‫مع مفهوم النظام العام االجتماعي وذلك حينما أشار إلى بطالن الشرط ال يؤدي إلى بطالن االلتزام‬
‫الذي يعلق عليه إذا كان من شأنه االنتقاص من حقوق العامل‪.2‬‬
‫في هذا اإلطار ذهبت محكمة النقض الفرنسية في إحدى قراراتها أنه «وحيث أن مخالفة‬
‫القواعد القانونية المقررة لمصلحة العمال ال يرتب عليها البطالن إذا مست بمصالح هؤالء‪...‬فإنه ال‬
‫يقبل من المستخدم أن يثير بطالنا لم يتقرر إال لحماية العامل‪ ،‬وبقدر ما يمس حقوق هذا األخير»‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق العامل في اختيار مظهره‬
‫أضحى دخول عالم الشغل في وقتنا الحاضر محاطا بمجموعة من الشروط ال يمكن تفسيرها‬
‫إال بكثرة طالبي العمل وندرة فرص العمل‪ ،‬األمر الذي يدفع بالمستخدمين إلى اإلفراط في شروط‬
‫تشغيل العامل ما دام هذا األخير مكرها على القبول رغم ما تحمله هذه الشروط في كثير من‬
‫األحيان من مساس بشخصيته‪ ،4‬سيَ ما وأن عقد العمل هو من عقود اإلذعان‪ ،‬إذ من المعتاد لدى‬
‫المؤسسات أن تعد عق دا نمطيا تطلب إلى جميع العاملين فيها التوقيع عليه وال يكون لطالب العمل‬
‫فرصة المناقشة يرد فيه من شروط وأحكام‪ ،‬كما يحكم العمل لوائح عامة تسري على جميع العمال‬
‫دون أن يكون لهم حق االعتراض على أي منها‪.‬‬
‫على الموافقة عليها اشتغال العامل‪ ،‬تتعارض مع‬ ‫قد يشترط المستخدم جملة من شروط يتوق‬
‫حقوقه الشخصية‪ ،‬وصلت إلى حد التخل في المظهر‪ 5‬الذي يجب أن يكون عليه العامل في عمله‪،‬‬
‫كاشتراط بعض أصحاب العمل على الالتي ترغبن في دخول ميدان العمل أن ال يرتدين الحجاب‪،6‬‬
‫أو يفرضوا عليهن ارتداء ألبسة فاضحة خاصة في المحالت التي يتوافد عليها الزبناء‪.‬‬
‫بل أكثر من ذلك نجد بعض المؤسسات على المستوى العالمي‪ ،‬كمؤسسة «أوروديساني»‬
‫تشترط للعمل لديها أن يحافظ العامل على تـوازن بينه وبـين طوله‪ ،‬وعلى العمـال الذكور أن ال‬

‫‪ 1‬محمد كشبور‪ ،‬عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬ص ‪991.‬‬
‫‪ 2‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬ص ‪31.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 12 Février 1975, Pourvoi n°74-40062, Bull, civ N° 68, p 65.‬‬
‫محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.43‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 5‬عبارة مظ هر للداللة عن هذا الحق بدل من كلمة هندام‪ ،‬ألن عبارة مظهر تقابل في اللغة الفرنسية كلمة "‪ "aspect‬أعم وأشمل‪ ،‬إذ‬
‫يقصد بها كل شيء مرئي خارجي من هندام ولحية وطريقة تزيين وغيرها من األمور الخارجية‪.‬‬
‫‪ 6‬مذكور في‪ :‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪291‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يحملو شاربا أو لحية فضال عن عدم تجاوز أظافرهم حدود أصابعهم‪ ،‬وبالنسبة للعامالت تشترط‬
‫عليهن حمل خاتم واحد في أيديهن‪ ،‬وحلقة واحدة في أذنيهن‪ ،1‬األمر الذي يتطلب حماية طالبي‬
‫العمل من مثل هذه الشروط الماسة بحقوقهم الشخصية‪.‬‬
‫غير أنه إذا كان من المفترض أن للعامل حرية في اختيار مظهره‪ ،‬فإنه بالمقابل نجده يعمل‬
‫في محل ليس ملكه‪ ،‬ويخدم مصالح غيره‪ ،‬األمر الذي يلزمه أن يحترم الشروط العامة لتنظيم‬
‫المؤسسة‪ ،‬التي قد تفرض على عمالها مظهرا معينا تروم من خالله تحقيق غرضها‪ ،‬مما يدعو‬
‫للتساؤل عن الكيفية التي يمكن للقانون من خاللها تحقيق التوازن بين الحماية الواجبة من الشروط‬
‫الماسة بحقهم الشخصي في اختيار مظهرهم‪ ،‬وبين حق العامل في فرض حدود على هذا الحق نظرا‬
‫لمتطلبات العمل التي قد تفرض اتخاذ مظهرا معينا‪.2‬‬
‫‪ - 1‬حرية العامل في اختيار المظهر‬
‫يعتبر اختيار العامل لمظهره من الحقوق الثابتة له‪ ،‬وهو بشكل مبدئي حر في اتخاذ المظهر‬
‫الخارجي الذي يناسبه‪ ،‬وله الحق في رفض تغييره إذا طلب صاحب العمل ذلك‪ ،‬وإن الممارسة‬
‫الملية تثير مجموعة من اإلشكاالت تتعلق بإدراج أصحاب العمل لشروط تعاقدية تتدخل حتى في‬
‫صاحب العمل‪.‬‬ ‫المظهر الذي يجب أن يكون عليه العامل في عمله إن أراد أن يقبل من طر‬
‫إذا كانت الشروط التعاقدية الماسة بحقوق الشخصية عامة‪ ،‬وبحق العامل في اختيار مظهر قد‬
‫انتشرت بكيفية تهدد هذه الحقوق بشكل مفرط‪ ،‬فإن مثل هذا الوضع يفرض علينا البحث عن مدى‬
‫الحماية التي يمكن توفيرها لطالبي العمل أثناء إبرام عقد العمل عند فرض صاحب العمل لشروط‬
‫تمس بالحق في اختيار المظهر‪.‬‬
‫نج د لهذه الحق تطبيقات في القانون المقارن‪ ،‬كالقانون الدنماركي الذي التعرض لحرية العامل‬
‫في اختيار مظهره بمناسبة قضية شركة الطيران الدنماركية «ماركس أير» والمضيفات الجوية‬
‫بهذه الشركة بسبب فرضها عليهن استعمال المكياج أثناء العمل‪ ،‬اعتبر مجلس المساواة بين الجنسين‬
‫في كوبنهاغن الذي استشير في هذه القضية‪ ،‬أن فرض المكياج أمر غير قانوني بموجب البند الرابع‬
‫من قانون المساواة الذي يفرض على أصحاب العمل معاملة النساء والرجال بشكل متساو‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LEBAUSE (A), Pour avoir imposer « un code des apparences » à ses salarié Euro Disney est poursuivi en‬‬
‫‪justice par l’inspection du travail, le monde du 4 Décembre 1991, cité par Chantal et Vincent DEMARE,‬‬
‫‪Droit Social, 2éme Année, DUT, Formation continue, 3éme édition, p 191.‬‬
‫‪ 2‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪49.‬‬
‫‪ 3‬جريدة القدس العربي‪ ،‬األربعاء ‪ 3‬جوان ‪ ،9111‬الصفحة األخيرة‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫نفس الحماية يقرها المشرع الفرنسي الذي أدرج بقانون العمل المادة ‪ L1121-1‬التي أرست‬
‫مبدأ عاما لحماية الحقوق والحـريات‪ ،9‬حيث نصت على عـدم جـواز تقيـيد حقـوق الشخصية‬
‫والحريات الفردية والجماعية دون أن تكون هذه القيود مبررة بطبيعة العمل المطلوب إنجازه‪ ،‬كما‬
‫كانت لها تطبيقات في القضاء الفرنسي‪ ،‬حيث قررت محكمة النقض الفرنسية أن صاحب العمل ال‬
‫ي مكنه أن يفرض على العامل لباسا غير الزم لطبيعة المهام الموكولة إليه إنجازها وغير مناسب‬
‫للنتيجة المرجو تحقيقها‪.2‬‬
‫أما المشرع الجزائري فلم يتعرض إلى حماية هذا الحق ضمن أحكام قانون عالقات العمل‬
‫شأنه شأن باقي التشريعات العربية‪ ،‬غير أنه وباالستناد إلى مفهوم النظام العام االجتماعي الذي‬
‫يفرض اعتبار أن أي شرط يضع قيود على حق العامل في مظهره باطال بطالنا دون أي يؤدي إلى‬
‫بطالن االلتزام المعلق عليه‪ ،‬حيث ال بد من موائمة هذه القاعدة العامة مع الغاية من وضع قانون‬
‫في عالقة العمل‪ ،‬وبذلك سيكون إدماج حق العامل الشخصي‬ ‫الضعي‬ ‫العمل‪ ،‬وهي حماية الطر‬
‫في اختيار مظهره داخل عالقة العمل قد أخضعه لخصائص قانون العمل المتمثلة في حماية العامل‪.‬‬
‫هذا ما أخذ به التشريع المغربي الذي وإن لم يتعرض إلى مثل هذه الحالة في مدونة الشغل إال‬
‫أنه يرتكز على حماية كافة الحقوق الشخصية على المادة ‪ 911‬من قانون االلتزامات والعقود التي‬
‫تعتبر باطال كل شرط يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق الثابتة لكل انسان دون تطبيق الفقرة الثانية‬
‫من المادة التي تقضي ببطالن االلتزام المقترن بهذا الشرط‪ ،‬والذي كان له سابقة قضائية في تطبيق‬
‫هذا النص على حق العامل في الزواج باعتباره حق من حقوق العامل الشخصية‪.‬‬
‫‪ - 2‬حدود حق العامل في اختيار مظهره‬
‫إذا كان من حق العامل في اختيار مظهر يعتبر حقا من حقوق الثابتة لكل انسان‪ ،‬فإنه سينجم‬
‫عنه عند اشتراط المستخدم على من يرغب في العمل قيودا على مظهره أن يعتبر الشرط باطال‪،‬‬
‫المستخدم في استعمال حقه الشخصي في اختيار مظهره‪ ،‬بل‬ ‫غير أنه في المقابل ال يجب أن يتعس‬
‫البد أن يكون لهذا األخير حدود بشكل ال يلحق الضرر بصاحب العمل‪.3‬‬
‫إن حق العامل في حماية حياته الخاصة ال ينبغي أن يفهم منه أن هذه الحماية يجب أن تكون‬
‫مطلقة‪ ،‬حيث أن السير الحسن للعمل داخل المؤسسة يفرض نوعا من التوفيق بين الحماية المطلوبة‬
‫لحقوق الشخصية للعمال‪ ،‬وبين حق صاحب العمل في عدم تضرر مؤسسته‪ ،‬لعل من أبرز األمثلة‬

‫‪9‬‬
‫‪Olivier TISSOT, Droit Fondamentaux du salarié et nécessité de son Emploi, Collègue C.I.J. Libre justice,‬‬
‫‪travail, libertés et vie professionnelle du salarié, Gaz Pal, 2 émeSem, 116émeAnnée, n°6, 1996, p 1423.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass. Soc, 28 Mai 2003, Pourvoi n° 02-40273, Bull 2003 , N° 178 p. 174.‬‬
‫‪ 3‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪229‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التي يمكن االستشهاد بها في القضاء الفرنسي في مجال الحدود المفروضة على العامل في اختيار‬
‫مظهره‪ ،‬القرار القاضي "أن لباسا محترما ضروريا والزما بالنسبة للعمال ذوي صلة بالزبناء"‪،9‬‬
‫كذلك استـلزام حد أدنـى من النظافة يعـتبر ضروريا بالنسبة لبعـض المهـن التي تتطلب زيـاً‬
‫نظيفا‪ ،2‬حيث تم تقرير تسريح أحد العمال المكلفين بيع اللحم نظرا لعدم نظافة لباسه‪.3‬‬
‫إن احترام الحقوق الشخصية للعامل ال ينبغي أن يؤثر على الهيئة المستخدمة‪ ،‬فإذا كان للعاملة‬
‫أن تختار شكل لباسها وذلك بارتداء الحجاب أو قلعه‪ ،‬فإنها بالمقابل مجبرة على أن يكون لباسها‬
‫بنانسي في‬ ‫بشكل ال يخلق نوعا من الفوضى في العمل‪ ،‬وهذا ما سارت عليه محكمة االستئنا‬
‫أمرا‬ ‫قراراها الصادر بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر ‪ 9112‬حينما اعتبرت أن ارتداء العاملة لقميص شفا‬
‫مخالفا لآلداب واألخالق الحميدة‪.4‬‬
‫كان للقضاء دور بارز في هذا المجال حيث قررت محكمة النقض الفرنسية أن الشخص‬
‫باألمن الذي يرفض ارتداء الزي الرسمي للعمل‪ ،‬يعتبر مرتكبا لخطأ جسيم يبرر تسريحه‪،3‬‬ ‫المكل‬
‫كما قررت في قضية أخرى أن صاحب العمل يمكن أن يفرض على المستخدم لباسا معينا إذا كانت‬
‫طبيعة العمل المراد انجازه والنتيجة المرجو من تحقيقها تستلزم ذلك‪ ،9‬أيضا في حالة المندوب‬
‫بيع السيرات والذي يتردد على الزبناء بسيارة شخصية من نوع غير نوع السيارة‬ ‫التجاري المكل‬
‫التي يعرض بيعها‪ ،‬حيث تطغى مهمة العامل المهنية على حريته في ممارسة حقوقه الشخصية‪.1‬‬
‫في مثل هذه الحاالت يظهر بجالء مدى الضرر الذي ينعكس على صاحب العمل في حالة‬
‫منح العامل حرية مطلقة في حياته الخاصة‪ ،‬ذلك أنه مما ال شك فيه أن اللباس الوسخ يؤدي إلى‬
‫نفور الزبناء‪ ،‬وعدم لبس الزي الرسمي بالنسبة لبعض المهن يؤدي إلى عدم معرفتهم من طر‬
‫رواد المحل الستفسارهم عند الضرورة كما هو الشأن بالنسبة للمكلفين باألمن‪ ،‬كما أن استعمال‬
‫العامل لسيارة من غير النوع الذي يبيعه من شأنه أن يشكك في الراغب في الشراء في جودة‬
‫السيارة المراد بيعها‪.1‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass. Soc, 29 Janvier 1984, cité par Bernard BOSSU, op.cit, p 752.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Bernard BOSSU, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise, vers un nouvel équilibre, Dr. Soc, n°‬‬
‫‪9/10, Septembre, Octobre 1994, p 752.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Soc, 29 Janvier 1984, cité par Bernard BOSSU, op.cit, p 752.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Soc. 22 juillet 1986 : n° de pourvoi 82- 43824‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Soc, 17 Avril 1986, cité par Bernard BOSSU, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise, vers‬‬
‫‪un nouvel équilibre, op.cit, p 752.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Cass. Soc, 28 Mai 2003, Pourvoi n° 02-40273, Bull 2003 V N° 178 p. 174.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Bernard BOSSU, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise, vers un nouvel équilibre, op.cit, p 752.‬‬
‫‪ 1‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪91.‬‬

‫‪222‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ليس غريبا أن يتقيد العمال داخل المطعم الذي يعملون فيه بارتداء زين معين‪ ،9‬وأيضا في‬
‫حاالت أخرى بتقييد مظهر شعر العمل‪ ،‬فإذا كان طول الشعر أو قصره مسألة شخصية تماما ال‬
‫تؤثر بحسب األصل على اإلطار المهني إال أن تأثيرا سلبيا قد يظهر متى كنا بصدد معمل تحاليل‬
‫أو مؤسسة طبية‪ ،2‬وهذه القيود ينبغي أن ترتبط بطبيعة العمل الذي يؤديه العامل‪ ،‬كما أنـه يمكن أن‬
‫تتغير داخل المؤسسة الواحدة فيما بين العمال أنفسهم بحسب طبيعة عمل كل منهم‪.3‬‬
‫من أجل تحقيق توازن بين حق العامل في اختيار مظهره وبين الحدود المفروضة على هذا‬
‫الحق‪ ،‬يتعين أن تكون لدينا صورة واضحة عن هذا الحق الواجب حمايته‪ ،‬حتى نستطيع من الناحية‬
‫العملية أن نميز بين سلطة المستخدم في تسيير مؤسسته وحق العامل في احترام حقوقه الشخصية‪،‬‬
‫فطالما كان المظهر الذي اختاره العامل ال يؤثر على عمله وجب حماية الحق في اختيار المظهر‪.‬‬
‫أما إذا كان للمظهر المختار ضرر على صاحب العمل وعلى مؤسسته فإنه يجوز في هذا‬
‫الحالة فرض حدود على هذا الحق‪ ،‬وهو ما أحاطت به المادة ‪ L1121-1‬من قانون العمل الفرنسي‬
‫في فقرتها الثانية حينما نصت على عدم جواز تقييد حقوق الشخصية دون أن يكون هذه القيود‬
‫مبررة بطيعة العمل المطلوب إنجازه‪ ،‬وهذا ما اعتمدته بعض االنظمة الداخلية للمؤسسة في‬
‫الجزائري شأن النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر الذي الذي يعتبر الزي المهمل بأماكن‬
‫العمل خطأً تأديبيا من الدرجة األولى‪ ،4‬وتجدر اإلشارة أن قانون العمل الفرنسي كان له سابقة في‬
‫صاحب العمل في فرض سلطته‬ ‫تقرير حق العامل في احترام حقوقه الشخصية وحمايتها من تعس‬
‫أثناء إبرام العقد أو تنفيذه‪ ،‬حتى ال يضطر طالبي العمل إلى التنازل عن حقوقهم الشخصية تحت‬
‫ضغط الحاجة للعمل‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫حماية حقوق العامل الشخصية ذات الطابع المعنوي‬
‫إن النظر إلى الحياة الخاصة وارتباطها بالحقوق الشخصية‪ ،‬يتطلب التركيز على الجانب‬
‫المعنوي للحقوق الشخصية وهو جانب ما زال يحظى باالهتمام األكبر في عدة اتجاهات قانونية‬
‫في الشريعة اإلسالمية إذ ال‬ ‫وقضائية‪ ،3‬إلن اإلكراه الذي قد يقع فيه العامل ليس بالمعنى المعرو‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass. Soc, 20 Nov 1991, Dr.Soc, 1992, p 79.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪GAUDU (F), Le licenciement pour périe de confiance, Droit social, 1992, p 33.‬‬
‫‪ 3‬مثال في مؤسسة تقدم عروضا مسرحية‪ ،‬في الوقت الذي يتقيد فيه الممثل الكوميدي بحلق لحيته تلبية لمتطلبات األدوار التي‬
‫يضطلع بتمثيلها‪ ،‬ال يكون هذا القيد مفروضا على غيره من العمال ممن يعملون على األجهزة في المسرح‪ ،‬مذكور في صالح‬
‫محمد أحمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ‪ ،...‬المرجع السابق‪،‬ص ‪911.‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 911‬من النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر‪ ،‬الملحق رقم ‪.11‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل االهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،9111 ،‬ص ‪31.‬‬

‫‪223‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يتصور أن يضغط عليه من قبل الغير إلبرام عقد العمل‪ ،‬لكن اإلكراه قد يكون من طبيعة اقتصادية‬
‫قد تحمل العامل على قبول شروط مجحفة للحاجة الملحة للعمل واألجر‪.9‬‬
‫لكل فرد التمسك بحقوق شخصيته كسالمة كيانه المادي واألدبي تجاه الكافة وليس فقط اتجاه‬
‫شخص معين‪ ،2‬مقتضى هذا االلتزام من قبل الكافة باحترام هـذه الحقوق وعدم المسـاس بها‪ ،3‬إن‬
‫تكامل الشخصية قد يفسر على أنه التناغم بين األبعاد المختلفة لها‪ ،‬أي التكامل الجسدي والمعنوي‪.‬‬
‫تبعا لذلك في إن هناك حقا شخصيا في أن تحترم الحياة الخاصة يحمي أبعادها المختلفة‪،‬‬
‫فيكون للعامل حقا شخصيا في أن ينمي حريته الشخصية طالما ال يعتدي على حقوق اآلخرين‪ ،‬وبما‬
‫ال يتعارض مع النظام الدستوري أو األخالقي السائد‪.4‬‬
‫إن تقييم أفعال العامل في حياته غير المهنية يفتح الباب على مصرعيه ألهواء صاحب العمل‬
‫وتوجهاته الذاتية أ يا كان االطار الذي ينتمي إليه‪ ،‬فيتدخل في المفردات الداخلة في إطار الحياة‬
‫الخاصة سواء تعلقت بجانبها الجسدي أو المعنوي‪ ،3‬قد يختلط التقييم المهني بالتقييم الشخصي غير‬
‫المهني غير المبرر الذي تحيط به عدم المشروعية في ذاته وآثاره‪ ،‬حيث يتأثر العقد القائم بمواق‬
‫انطباعية لصاحب العمل‪ ،9‬والمالحظ في الواقع العملي أن بعض عقود العمل أصبحت تتضمن‬
‫شروطا تمس بحقوق الشخصية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حق العامل في االسم الشخصي‬
‫يندرج تحت حق الشخص في تمييزه عن ذاته حقوقا هامة من حقوق الشخصية هي الحق في‬
‫االسم واللقب والتي أحيانا ما يتضمنها الكي ان المعنوي أو االدبي لإلنسان وذلك وفقا للتقسيمات‬
‫المختلفة لحقوق الشخصية‪ ،‬ونظرا لكون االسم واللقب يهدفان إلى تمييز الشخص عن غيره وتفريده‬
‫عما سواه‪ ،1‬فاالسم يعتبر وسيلة يتم تعيين الفرد وتفريده عن غيره من األشخاص‪ ،1‬فهو ما يتعين به‬
‫الفرد تعينا خاصا‪ ،1‬حيث يرتبط االسم ارتباطا وثيقا بحالة الشخص وشخصيته‪.91‬‬

‫‪ 9‬عبد السالم ديب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪31.‬‬


‫‪ 2‬رمضان أبو السعود‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪331.‬‬
‫‪ 3‬محمد حسن قاسم‪ ،‬الحقوق وغيرها من المراكز القانونية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،9119 ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪4‬‬
‫‪FERRAND )F(, Droit privé Allemand, percés, Dalloz, France, 1997, p 77.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Xavier AGOSTINELLI, Le droit à l'information face à la protection civile de la vie privée, Thèse de‬‬
‫‪doctorat en Droit, Aix-en-Provence : Librairie de l’université, 1994, p 96.‬‬
‫‪ 9‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 1‬بيرك فارس حسين الجبوري ‪ ،‬حقوق الشخصية وحمايتها المدنية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2199 ،‬ص ‪99.‬‬
‫‪ 1‬عبد المنعم فرج الصده‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪422.‬‬
‫‪ 1‬محمودي فريدة‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬نظرية الحق‪ ،2112 ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), Leçons de droit civil les personnes, T.I , 2eme Vol, 8eme ed, 91‬‬
‫‪Montchrestien, 1997 , p117, Voir également le même avis dans : KAYSER (P), La défense du nom de la‬‬
‫‪famille d’après la jurisprudence civile et la jurisprudence administrative, R.T.D, civ, 1976, N° 256, p 10 et s.‬‬

‫‪224‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لمَا كان الحق في الحياة الخاصة قوامه حق الشخص في أن يعيش حياته كما يشاء دون تدخل‬
‫في حياته الخاصة إال في أضيق الحدود فإنه يكون من المنطقي أن يكون اسم الشخص داخال في‬
‫حق احترام الحياة الخاصة للمرء‪.9‬‬
‫إذا كان االسم باعتباره مميزا للشخصية يقصد به االسم الشخصية واالسم العائلي لكل فرد‪،‬‬
‫فإنه ال يهمنا في موضوعنا هذا سوى االسم الشخصي باعتباره هو الذي يثور بشأنه النزاع في‬
‫عليه من وقائع فكان ال بد من إثارة هذا الموضوع‬ ‫عالقات العمل‪ ،‬من خالل ما أمكن لنا التعر‬
‫صاحب العمل في اسمه‬ ‫للبحث عن مدى الحماية المخولة للعامل في حالة منازعته من طر‬
‫الشخصي‪ ، 2‬وطلبه تغييره كشرط من شروط إبرام عقد العمل‪ ،‬فهل تنسجم خاصية قانون العمل‬
‫المتمثلة في حماية العامل من حماية حق العامل في اسمه الشخصي ؟‬
‫لكن قبل ذلك التساؤل عن عالقة االسم الشخصي للعامل بموضوع الحياة الخاصة‪ ،‬واتباطه‬
‫حول طبيعته القانونية إذ ذهب البعض إلى‬ ‫بالحقوق الشخصية‪ ،‬خاصة إذا علمنا من الفقه اختال‬
‫اعتباره واجبا وحق ملكية‪ ،‬األمر الذي يستدعينا لتحديد الطبيعة القانونية لالسم الشخصي قبل‬
‫التطرق إلى الحماية المقررة له في حالة النزاع في مجل عالقة العمل‪.‬‬
‫القانوني لالسم الشخصي‬ ‫‪ -9‬التكيي‬
‫القانوني السليم الذي ينبغي‬ ‫الفقه حول تحديد الطبيعة القانونية لالسم من أجل التكيي‬ ‫اختل‬
‫أن يسبغ به‪ ،‬إذ تضاربت اآلراء بين من اعتبره واجبا وبين من رأى فيه حقا‪ ،‬االتجاه الفقهي الذي‬
‫اعتبره واجب استند في رأيه على غرض االسم في ضمان األمن المدني واستقرار المعامالت في‬
‫المجتمع‪ ،‬لإللزامية استعماله وجوبا في التصرفات القانونية‪.3‬‬
‫يعاب على هذا االتجاه أنه أغفل مسألة جوهرية وهي مصلحة الفرد في تمييز شخصه عن‬
‫الغير‪ ،‬كما تقتضي هذه المصلحة حماية القانون‪ ،‬باالضافة إلى أنه يستطيع أن يتخلص من التزامه‬
‫بالتقيد باالسم تجاه غيره وذلك باستعمال ألسماء غير حقيقية‪ ،‬استثناءا على القاعدة العامة في‬
‫الحاالت التي ال تسبب ضرر للغير‪ ،‬كأن يستعمل العامل في المجال الفني اسما مستعارا بالنسبة‬
‫ألعماله الفنية أو األدبية ويخفي اسمه الحقيقين وله أيضا أن يخفي اسمه في بعض المعامالت طالما‬
‫أنها ال تضر بالغير‪. 4‬‬

‫‪ 9‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي دراسة مقارنة‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،9119 ،‬ص ‪234.‬‬
‫‪ 2‬مح مد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.39‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Gilles GOUBEAUX, Traité de droit civil, les personnes, librairie Général de droit et de jurisprudence,‬‬
‫‪Paris,1990, p 116.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪CARBONNIER (J) : Droit civil, , introduction, les personnes, la famille, l’enfant, le couple, o.p, cit, p 200.‬‬

‫‪223‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بعض الفقه االسم على أنه حق بحجة أن استعمال االسم هو استعمال خاص قاصر‬ ‫فيما يكي‬
‫على صاحبه‪ ،‬وهو مزود بحماية قانونية‪ ،‬إذ يحق لصاحب االسم أن يطالب بوضع حد لكل اعتداء‪،‬‬
‫مجاالت الحياة من معامالت تجارية‬ ‫ومن حق الش خص استعمال اسمه في أعماله على اختال‬
‫بأعماله ومنتجاته وإبداعاته الفنية‪ ،‬وإمضاء العقود‪ ،‬غير أنه‬ ‫ومدنية وعمليات االشهار للتعري‬
‫في استعمال اسمه إذا نتج عنه ضرر للغير كأن يستعمله بقصد‬ ‫يسأل عن اسمه في حالة التعس‬
‫المنافسة غير المشروعة لشخص آخر يحمل اسما متجانسا‪.9‬‬
‫هناك من يرى في هذا الشأن أن االسم بمثابة حق ملكية‪ ،‬وهو اتجاه القضاء الفرنسي أساسا‪،2‬‬
‫من‬ ‫غير أن حق الملكية ال يرد إال على األشياء المادية من جهة‪ ،‬وأنه يخول المالك حق التصر‬
‫جهة ثانية‪ ،‬في حين أن الحق في االسم يرد على شيء معين وهو غير قابل للتداول‪.‬‬
‫في ضوء االنتقادات يرى الفقه الحديث أن االسم هو حق من حقوق الشخصية‪ ،‬مالزم‬
‫للشخصية ولصيقا بها‪ ،‬وهي حقوق ترد على اشياء معنوية وغير قابلة للتداول‪ ،‬ال يستعمل إال من‬
‫قبل صاحبه تحقيقا لمصلحته‪ ،‬يلزمه كل الحماية واالحترام‪ ،‬و عليه متى اعتبرنا الحق في االسم‬
‫بمثابة حق شخصي‪ ،‬هل من حماية له في القانون الجزائري حينما يقع المساس عليه بموجب شرط‬
‫تعاقدي يفرض على العال تغييره حين يرغب في الحصول على العمل‪.‬‬
‫‪ - 2‬مدى حماية حق العامل في اسمه الشخصي‬
‫عنه‪،‬‬ ‫تتخذ صورة المساس باالسم الشخصي أشكال متعددة سواء بانتحاله أو بالكش‬
‫أو باستعماله على أي وجه كان أو المنازعة فيه‪ ،‬ويعد المساس متحققا سواء كان مقترنا بحسن نية‬
‫أو بسوئها‪ ،‬وير ى غالبية الفقه‪ 3‬أن االسم من حقوق الشخصية التي تدخل في الحياة الخاصة‪.‬‬
‫على هذا األساس يحظى بالحماية القانونية من كل اعتداء‪ ،‬وذلك بغض النظر عن الضرر الذي‬
‫يمكن أن ينجر عن هذا االعتداء أو المنازعة حوله‪ ،4‬ويبدوا أن االعتداء بهذه الطريقة يعد أكثر‬
‫خطورة في حالة المنازعة في االسم شخصي‪ 3‬لما قد يترتب عليه من ضرر يشكل مساسا بحقه في‬
‫احترم حياته الخاصة‪.‬‬

‫‪ 9‬علي فياللي‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2199 ،‬ص ‪244.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪V:notamment : Trib Civ le Harve 03 Fevrier 1924 Gaz.Pal, n° 1924-1-643, Trib.Gr,Inst, Seine 13 Avril‬‬
‫‪1967, D. n°1968-437 ; R.T.D.C, n° 1968-541, Obs NERESON, cité par G. GOUBEAUX,op.cit, p 153-154.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p 124-125, NERSON (R), Jurisprudence Française en matière‬‬
‫‪de droit civil, Rev. Trim. dr. Civ. N° 1 et 2, 1987, p 377.‬‬
‫‪ 4‬انظر المادة ‪ 41‬من القانون المدني الجزائري‪ ،‬والمادة ‪ 39‬من القانون المدني المصري‪ ،‬و كذا المادتين ‪ 9312‬و ‪ 9113‬من‬
‫القانون المدني الفرنسي والمادتين ‪ 91-433‬و ‪ 23-434‬من قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬وانظر أيضا حول موضوع االسم الفرع‬
‫الثاني من المطلب الثاني من المبحث األول من الفصل األول من الباب األول‪.‬‬
‫‪ 3‬علي فاللي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪913.‬‬

‫‪229‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تقتصر دراستنا على الحالة األخيرة من حاالت االعتداء على الحق في اسم‬ ‫بناءا عليه سو‬
‫العمل وهي المنازعة ففي استعمال االسم بدون مبرر‪ ،‬باعتبارها الحالة المثارة في ميدان العمل‪،‬‬
‫لتبين من خالل ذلك مدى الحماية الممكن توفيرها لحق العامل الشخصي المتمثل في الحق في‬
‫المنازعة في االسم على أنها االعتراض على التسمي باسم معين‪ ،‬مما يعني‬ ‫االسم‪ ،‬وتعر‬
‫اعتراض الغير من دون مبرر على حق الشخص في التسمي باالسم الذي حمله وفي استعماله‪.9‬‬
‫أثرت هذه المسالة بكثرة بخصوص العمال المهاجرين بدول المهجر‪ ،‬التي يطالب فيها العمال‬
‫بالدرجة األولى العمال المقي مين بخارج البالد بتغيير أسمائهم العربية أو ذات الداللة الدينية‪ ،‬حيث‬
‫أن العديد من المهاجرين العرب يجدون صعوبة في الحصول على عمل نتيجة أسمائهم العربية مما‬
‫يضطرهم في كثير من األحيان إلى تغيير أسمائهم من أجل الحصول على العمل‪.2‬‬
‫كان للقضاء للقضاء الفرنسي سابقة في هذا الموضوع‪ ،‬حيث سبق لمحكمة « ‪»Montluçon‬‬
‫في حكمها الصادر في ‪ 92‬أبريل ‪ 9114‬أن قبلت طلب المدعي الرامي إلى تغيير اسمه لرغبته في‬
‫إخفاء طابعه األجنب وذلك حتى يتمكن من ممارسة تجارة الكتب‪.3‬‬
‫ال يقتصر األمر على الدول األوروبية التي قد يبرر ذلك فيها بالنزعة العنصرية التي تطغى‬
‫على أصحاب العمل‪ ،‬بل يتعدى األمر كذلك حتى إلى الدول العربية وبحجج أقل ما يقال عنها أنها‬
‫حجج واهية‪ ،‬حيث تشترط شركات االتصال والخدمات المعلوماتية الموجهة للسوق الفرنسية التي‬
‫تنشأ في بعض الدول العربية كالمغرب ألهمية االمتيازات الضريبية واالجتماعية التي تستفيد منها‪،‬‬
‫أن تتقمص‬ ‫بعض الشروط تفرض من خاللها على العامالت الالتي يشتغلن لديها كمراسالت هات‬
‫اسما فرنسيا إليهام الزبون بأن المكالمة تجري من داخل فرنسا‪.4‬‬
‫يمكن حماية العمال في مثل هذه الحالة من الشرط التعاقدي الماس بحقهم في االسم؟ هل‬ ‫كي‬
‫يجب اعتبار الحق في االسم أسمى من الشرط الذي يفرضه العقد والمتمثل في تغيير االسم كشرط‬
‫لقبول العمل؟ كما ال بد من التساؤل عما إذا كانت المنازعة في اسم العامل في مجال عالقة العمل‪،‬‬
‫ت جعله يستفيد من خصائص قانون العمل المتمثلة في حماية العامل وبالتلي تمسكه باسمه وعدم‬
‫التنازل عنه مرضاة لرغبة المستخدم‪.3‬‬

‫‪ 9‬بيرك فارس حسين الجبوري ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.912‬‬


‫‪ 2‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.41‬‬
‫‪3‬‬
‫‪NERSON(R) , Jurisprudence Française en matière de droit civil, op.cit, p 689.‬‬
‫‪ 4‬حيث سبق إلحدى الصحف المغربية أن أوردت خبرا عاملة بمركز تكنوبارك بالدار البيضاء ألزمت بتققديم نفسها للزبناء باسم‬
‫"كاترين لوبان" عوض اسمها الحقيقي "مريم االدريسي"‪ ،‬جريدة األحداث المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،2119/19/12 ،2911‬ص ‪ ،93‬وارد‬
‫في‪ :‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ص ‪49.‬‬
‫‪ 3‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪221‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الحق في االسم باعتباره حقا من حقوق الشخصية يجب أن يحظى بنفس الحماية التي يحظى‬
‫بها غيره من الحقوق الشخصية‪ ،‬فالمشرع الفرنسي بالرغم من أنه لم يحدد صور المساس بالحق في‬
‫االسم إال أنه يشترط إثبات حصول لبس يترتب عليه ضرر يلحق صاحب االسم إلمكانية حماية حقه‬
‫في اسمه‪ ،9‬أما القانون المصري والعراقي فإن موقفيهما متشابهان في حماية الحق في االسم‪.2‬‬
‫إذا كان اعتبار االسم حقا شخصيا يحظى بالحماية القانونية‪ ،‬فإن هذا سوق يترتب عليه أن‬
‫اشتراط صاحب العمل على العامل تغيير اسمه لالشتغال لديه‪ ،‬يعتبر شرطا باطال‪ ،‬وهذا ما أكد‬
‫عليه المشع المغربي في المادة ‪ 911‬من قانون االلتزامات والعقود ببطالن االلتزام المقترن بشرط‬
‫مانع من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل انسان‪.‬‬
‫كما يقر المشرع الفرنسي من خالل نص المادة (‪ )L122-2‬من قانون العمل الفرنسي على أنه‬
‫"ال أحد يمكنه أن يمس أو ينـ ال من الحقوق الشخصية والحريات الفردية والجماعية أو تقيـيدها‪،‬‬
‫المرجو"‪.3‬‬ ‫عندما ال يبرر ذلك بطبيعة العمل المتمم و ال يتصل بالهد‬
‫تجدر اإلشارة إلى أنه إذا كان مفهوم النظام العام االجتماعي الذي توصل إليه القضاء ساهم‬
‫في حماية حق العاملة في الزواج‪ ،‬فهل يمكن اعتماد هذا المفهوم أيضا لحماية حق العامل في‬
‫االسم؟ ومنه حماية حقوق الشخصية عامة مند ابرام عقد العمل‪ ،‬هذا ما سنحاول بحثه من خالل‬
‫حقوق الشخصية التي يتم المساس بها في عقد العمل‪ ،‬سيما وأن عقد العمل يعتبر األرض الخصبة‬
‫للنظام العام‪ ،‬بحيث يخضع في نفس الوقت لنظام عام مطلق‪ ،‬يحمي القيم الجماعية األساسية بالنظام‬
‫االجتماعي‪ ،‬ولنظام عام نسبي خاص بقانون العمل يجسد الحد األدنى الذي ال يمكن النزول عنه‪.4‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق العامل في حرية الدين والمعتقد‬
‫الحريات العامة إلى حر يات فردية وحريات جماعية‪ ،‬وتتمثل األخيرة في الحريات‬ ‫تصن‬
‫الممارسة جماعيا كحركية تكوين الجمعيات والحرية نقابية وحرية االجتماعات مثال‪ ،‬أما األولى أي‬
‫الحريات الفردية فتندرج ضمن اإلطار العام المصطلح عليه بحقوق االنسان‪ ،‬المعرفة من البعض‬
‫بأنها "مجموع الحقوق والقدرات التي تضمن الحرية والكرامة للذات البشرية وتتمتع بحماية‬
‫مؤسساتية"‪ ، 3‬والتي كرسها اإلعالن العالمي لحقوق االنسان وجل الدساتير والتشريعات المحلية‬

‫‪9‬‬
‫‪Droit civil, Art 57.‬‬
‫‪ 2‬المادة المادة ‪ 39‬من القانون المدني المصري‪ ،‬والمادة ‪ 49‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art L122-2 du C.T.fr : « Nul ne peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et‬‬
‫‪collectives de restrictions qui ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées‬‬
‫‪au but recherché ».‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ROZES (L), Remarque sur l’ordre public en droit du travail, op.cit, p 320.‬‬
‫‪ 3‬عبد المجيد بوريقة‪ ،‬حماية الحياة الخاصة في القانون التونسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬تونس‪ ،‬العدد ‪،2112 ،1‬‬
‫ص ‪291.‬‬

‫‪221‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫واالتفاقات والعهود الدولية‪ ، 9‬فهي تلك التي يمارسها الفرد دون مشاركة من الغير في ذلك ومن‬
‫مظاهرها حرية الفكر والتعبير وحرية اإلقامة والتنقل وحرية المعتقد‪.2‬‬
‫‪ - 1‬مدى حماية حق العامل في حرية الدين والمعتقد‬
‫من حق الفرد اعتناق دين معين أو عقيدة محددة‪ ،‬فاالعتقاد هو حق سامي في حياة االنسان‬
‫على اعتبار أنه متعلق بشعور االنسان وإحساسه‪ ،‬وحرية الدين واالعتقاد أن يؤمن الشخص بشيء‬
‫مقتنع ا به ال مكرها أو مجبرا أو إغراءا‪ ،‬وحرية االعتقاد تشمل حرية ممارسة الشعائر الدينية وهذا‬
‫ما كرسه االعالن العالمي لحقوق االنسان في المادة ‪ 91‬منه "لكل شخص الحق في حرية الفكر‬
‫والوجدان والدين ويشمل هذا الحق حريته في دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده‬
‫بتعبد وإقامة الشعائر‪ ،‬وأقرته المادة ‪ 39‬من الدستور جاء فيها "ال مساس بحرمة حرية المعتقد"‪.‬‬
‫مشروع قانون العمل الجديد بدوره أوردا نصا يحمي العمال ضمن عقد العمل أو اتفاق جماعي‬
‫من أي التمييز سواء من حيث القرابة أو العالقات العائلية‪ ،‬أو الوضع اإلجتماعي‪ ،‬وغيرها من‬
‫االعتبارات األخرى ضمن المادة ‪ 39‬منه‪ ،3‬والجديد هو إضافة اعتبارات التمييز على أساس الدين‬
‫أو ديانة العامل‪ ،‬هذا االعتبار الذي لم يكن متواجدا ضمن نص المادة ‪ 91‬من قانون ‪.99/11‬‬
‫قد يحدث تداخل بين نطاق الحياة المهنية والحياة الخاصة‪ ،‬فالعامل رغم وجوده في مكان‬
‫ووقت العمل إال أنه يحتفظ بذاته كإنسان وبقدر من الخصوصية التي تالزمه في مكان العمل‪ ،‬ولعل‬
‫أهم ما يالزم العامل حتى في حياته المهنية اعتقاده وضميره وفكره‪ ،‬فليس مطلوبا من العامل أن‬
‫يؤمن بنفس المعتقدات التي يؤمن بها مستخدمه‪ ،‬أو بنفس التوجهات‪ ،‬وليس ملزما بأن يتقاسم مع‬
‫المستخدم أفكاره ومعتقداته وله أن يتبنى آراءا أو أفكارا مختلفة ما لم تكن تلك اآلراء والمعتقدات‬
‫محل اعتبار عند التعاقد‪.4‬‬
‫بحرية العقيدة وفي نفس الوقت السماح بهدم مظاهر هذه الحرية من‬ ‫يمكن االعترا‬ ‫لكن كي‬
‫خالل مصلحة المؤسسة؟ تلك المصلحة التي جعلت محكمة النقض الفرنسية تلغي حكم االستئنا‬
‫الذي أعطى عامال مسلما تعويضا عن إنهاء عقد عمله بمعرفة صاحب العمل‪ ،‬ألن العامل كان يعمل‬
‫في متجر بقسم اللحوم‪ ،‬فطلب نقله إلى قسم آخر بذات المتجر على أساس أن ديانته االسالمية ال‬

‫‪ 9‬المواد ‪ 9‬و ‪ 93‬و ‪ 33‬تتضمن االشارة إلى احترام حقوق االنسان والحريات االساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطالقا بال‬
‫تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق بين الرجال والنساء‪ ،‬كما جاء في نص المادة ‪ 3‬من االتفاقية الدولية على جميع‬
‫اشكال العنصري ‪ " 9193‬تتناول تعهد الدول األطراف في االتفاقية بحظر التمييز والوفاء بعدد من االلتزامات وكفالة عدد من‬
‫الحقوق من بينها الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد المجيد بوريقة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪ 3‬انظر النص الكامل للمادة ‪ 39‬من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد في الملحق رقم ‪12‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ‪ ،.....‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪221‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تسمح له بالتعامل مع لحم الخنزير‪ ،‬فرفض صاحب العمل نقله وعندها امتنع العامل عن العمل فقام‬
‫أن التسريح ال‬ ‫صاحب العمل بتسريحه‪ ،‬عند الطعن في القضية أمام القضاء رأت محكمة االستئنا‬
‫يستند إلى سبب حقيقي وجدي وأنه كان ينبغي على صاحب العمل نقل العامل إلى منصب عمل آخر‬
‫احتراما لحرية العقيدة وتعاليم الديانة‪ ،‬لكن محكمة النقض رأت أن احترام الحرية الدينية يكون من‬
‫خالل عدم فرض شروط على العامل تحد من حريته خارج العمل‪ ،‬أما داخل مكان العمل فال يمكن‬
‫للحرية الدينية أن تقيد صاحب العمل في تنفيذ عقد العمل‪ ،‬إال إذا اشترط العامل صراحة بعض‬
‫القيود على صاحب العمل سواء في عقد العمل المتفق عليه أو في اتفـاق خاص‪ ،‬وبالتالي ألـغت‬
‫حكم االستئنا ‪ ،9‬فالمسائل الدينية ما لـم يوجد بشأنها نص خاص في العقد أو االتفاق فال مكان لها‬
‫في عالقات العمل‪.2‬‬
‫في قضية مماثلة أقرت محكمة محكمة النقض الفرنسية رأنه بالرغم من أن المادة ‪L122-45‬‬
‫تقضي بأنه ال يمكن عقاب العامل أو تسريحه بسبب عقائده الدينية إال أن األمر يغدو‬ ‫من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫ذلك حينما يتعهد العامل بأداء عمل يستلزم أن يكـون العامل متفـقا في األفكـار وفي‬ ‫على خال‬
‫المعتقدات مع صاحب العمل ثم يتنكر العامل اللتزاماته الناشئة عن هذا التعهد فيما بعد‪.3‬‬
‫من وجهة الشرع فإنه ال يعذر المسلم في إبرام عقود مخالفة ألحكام الشريعة اإلسالمية كونها‬
‫مجرد عقود إذعان‪،‬مثل عقد العمل التي قد يتضمن شروط ال يملك العامل مناقشتها بل له أن يقبلها‬
‫أو يرفضها كما هي‪ ،‬والتي قد تتضمن شروط مخالفة ألحكام الشريعة االسالمية السيما إذا تعلق‬
‫األمر بالعمال المهاجرين و العمال األجانب‪.‬‬
‫الشرع أن العقد الذي يتضمن شروطا مخالفة ألحكام الشريعة يؤدي إلى فساد العقد فال‬ ‫موق‬
‫يجوز للمسلم الدخول فيه‪ ،‬فإن قيل لعله يكون مضطرا لكونها من عقود االذعان فالجواب عن ذلك‬
‫أن االضطرار الذي يبيح المحظور هو ما فصل الفقهاء في وصفه وال يقع مثل ذلك في العقود‪ ،‬وفي‬
‫مثل ذلك قوله تعالى "وقد فصل لكم ما حرم عليكم إال ما اضطررتم إليه"‪ 4‬فعلق االباحة بوجود‬
‫الضرر‪ ،‬وكل ذلك ال نراه يقع في إبرام عقود العمل‪.‬‬ ‫الضرورة والضرورة في خو‬
‫‪ - 2‬حدود حماية حق العامل في حرية دينه ومعتقداته‬
‫القضاء صراحة بأنه لصاحب العمل في بعض المؤسسات ذات التوجهات المذهبية‬ ‫يعتر‬
‫الحق في أن يشترط على عماله المنوط بهم مهام روحية أن يتحلوا بأسلوب حياة معينة وبمعتقدات‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass. Soc, 24 Mars 1998, R.J.S, 6/98 n°701.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪RICHARD )J,( la vie personnelle du salarié, étude sur la jurisprudence récente de la chambre de la cour de‬‬
‫‪cassation, Rapport de la cour de cassation, la documentation française, 1999, p 201 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CA Paris, 19 Janv 1992, Dr, soc 1992, p 335.‬‬
‫‪4‬‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬اآلية ‪ 991‬من سورة األنعام‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫دينية متوافقة مع غايات هذه المهام‪ ،9‬فيتعهد العامل أثناء إبرام عقد العمل بأداء عمل يكون متفقا مع‬
‫أفكار ومعتقدات صاحب العمل وال يمكنه أن يتنكر إللتزاماته الناشئة عن هذا التعهد فيما بعد‪.2‬‬
‫في بعض األحيان قد تبرر طبيعة العمل الحد من بعض الحريات كالحد من الحرية الدينية‪،‬‬
‫حيث تلجأ بعض المؤسسات ذات النزعة أو التوجه وهي عبارة عن مؤسسات ذات طابع ديني‬
‫أو التعليم الديني إلى فرض بعض الشروط على العمل تحد من حريته الدينية‪ ،‬يترتب على مخالفتها‬
‫تسريح العامل‪.‬‬
‫مثال ذلك قرار محكمة النقض الفرنسية القاضي بتسريح معلمة من مؤسسة تعليمية ذات توجه‬
‫ديني كاتوليكي إثر تزوجها للمرة الثانية بعد طالق وهو الشيء الممنوع في الديانة المسيحية‬
‫الكاتوليكية‪ ،‬قرر القضاء بأن المؤسسة لم ترتكب أي خطأ ألنها تقوم على مبدأ عدم انحالل الزواج‬
‫طالق‪ ،‬وأنها تصرفت بما يحافظ حسير عملها وغرضها ومبادئها وسمعتها‪ ،‬وعليه فقد وضع‬
‫القضاء المعتقدات الدينية للمعلمة موضع االعتبار من قبل طرفي العقد بما ال يمكن التغاضي عنه‬
‫فيما بعد بشكل إرادي من قبل أحدهما منفردا‪.3‬‬
‫كما أنه ال يمكن عدم تنفيذ العمل الذي يفرض االعتقاد بما يعتقد المستخدم في المؤسسات ذات‬
‫النزعة االديولوجية‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية قرارها بأنه ال تطبق المادة ‪L122-45‬‬
‫بإتمام عمل يجهل كيفية تنفيذه ألسباب دينية أو اعتقاداته‪.4‬‬ ‫في حالة ما إذا كل‬ ‫من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫في نفس السياق قرر القضاء الفرنسي أنه ال يمكن للعامل أن يرفض القيام بالعمل لقناعاته‬
‫الدينية ما لم يكن العمل معارضا للنظام العام الفرنسي‪ ،‬كالعامل الذي رفض أن يكون على اتصال‬
‫بلحم الخنزير ألنه متدين بالدين االسالمي‪.3‬‬
‫قد تتعارض مصلحة المؤسسة مع حريات العامل سيما الحرية الدينة‪ ،‬فمصلحة المؤسسة قد‬
‫تستبعد تمسك العامل ببعض مبادئ ديانته وتحد منها في مثل هذه الحاالت‪ ،‬وفي حاالت أخرى قد‬
‫تفرض مصلحة المؤسسة أن يتمسك العامل بمبادئ الديانة والعقيدة إذا كانت المؤسسة التي يعمل بها‬
‫يقوم على الدفاع عن هذه المبادئ وهذا بالنسبة للمؤسسات ذات الغايات والتوجهات الخاصة‪ ،9‬غير‬
‫أن احترم الحياة الخاصة يمثل ركنا أساسيا في تكامل الشخصية‪ ،‬وهذا االحترام يعكس تقدير الحرية‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass. Soc , 20 Nov 1986, J.C.P, 1987, éd G 11, 20798, Note th. Rvert.‬‬
‫‪2‬‬
‫صالح محمد احمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 31‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Ass. Plén., 19 mai 1978, pourvoi n°76-41211, Bull. civ. des arrêts Cour de Cassation Assemblée‬‬
‫‪plénière N. 1p 1.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Soc, 20 Nov 1986, Dr.soc, 1987/379, Obs. J.SAVATIER, J.B.C, 1987, II. 20798, note T.revet,‬‬
‫‪R.T.D ; Juillet 1999, p 9.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Soc. 24 mars. 1998 ; bull. civ. V ;n°171 ; Dr. soc .1988 .614, obc. J. SAVATIER, RJS, 6\1998, n°701.‬‬
‫‪R.T.D ; juillet 1999, p 9.‬‬
‫‪ 9‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬

‫‪239‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفردية واحترمها ومن بينها حرية الدين والمعتقد‪ ،‬بحيث ال يقيدها سوى االصطدام بأهدا‬
‫المؤسسة ومصالحها‪ ،‬فقد تقتضي مصلحة المؤسسة االلتزام بعدم ممارسة الحرية الدينية في بعض‬
‫الحاالت‪ ،‬ووجوب ممارستها في حاالت أخرى‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫حماية الحيـاة الخاصة أثنـاء تنفيذ عـقد العمـل‬
‫على مرحلة إبرام عقد العمل من خالل فرض‬ ‫إن التدخل في الحياة الخاصة للعامل ال يتوق‬
‫شروط تعاقدية فحسب‪ ،‬بل قد يتعداها إلى مرحلة تنفيذ العقد ومزاولة العمل‪ ،‬إذ أن المساس بالحياة‬
‫المستخدم أثناء تأدية العامل لعمله‪ ،‬ذلك أن المستخدم قد يستغل سلطاته في‬ ‫الخاصة يأتي من طر‬
‫تسيير مؤسسته‪ ،‬وواجب العامل في تنفيذ تعليماته‪ ،‬ليفرض عليه أوامر قد تمس بحياته الخاصة ‪.9‬‬
‫تخول رابطة التبعية القانونية المتأصلة عن عقد العمل لصاحب العمل سلطات واسعة قصد‬
‫الحفاظ على حسن سير مؤسسته وتحقيق أهدافها‪ ،‬ويرتضي العامل بتقييد معين لحريته‪ ،‬لكن هذا‬
‫التقييد لحرية العامل ال يعني تنازال كامال عنها‪ ،2‬أو أن يتخلى عند أبواب المؤسسة عن حقوقه‬
‫وحرياته المرتبطة بمركزه كإنسان‪.‬‬
‫ال يمكن لسلطات صاحب العمل أن تتعارض مع الحقوق التي تتطابق مع هذه الحالة‪ ،3‬فليس‬
‫لصاحب العمل سلطات مطلقة في نطاق الحياة المهنية نفسها إذ يوجد لها حدود تتزايد بتزايد حقوق‬
‫االنسان داخل المؤسسة‪ 4‬التي يبغي عليه مراعاته سواء أثناء ممارسة سلطته في تنفيذ العقد أو أثناء‬
‫على مدى فرض المراقبة‬ ‫تعديله‪ ،‬وعلى الرغم من إنَ ازدهار المؤسسة وتطورها يتوق‬
‫العمال‪ ،‬إالَ أن هذه المراقبة قد تتجاوز مداها فتصيب بؤرة الحياة الخاصة‬ ‫واالنضباط في صفو‬
‫للعامل‪ ،‬سواء أثناء ممارسة صاحب العمل لسلطته التنظيمية أو التأديبية‪.‬‬
‫المطلب االول‬
‫أثر السلطة التنظيمية للمستخدم على الحياة الخاصة للعامل‬
‫استقر القضاء على أن صاحب العمل يملك سلطة تنظيم مؤسسته على الوجه الذي يراه كفيال‬
‫بتحقيق مصلحة المؤسسة‪ ،‬وال وجه للحد من سلطته في هذا الخصوص طالما ممارستها مجردة عن‬
‫هذه السلطة خارج اإلطار المهني ذلك أن االلتزام بالخضوع لهذه‬ ‫أي قصد في اإلساءة لعماله‪ ،3‬تق‬

‫‪9‬‬
‫محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ 2‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪3‬‬
‫‪RIVERO )J(, Les libertés publiques dans l’entreprise, Droit social, France,1982, p 422.‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 3‬محمد حسي منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.294‬‬

‫‪232‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫السلطة ينبع من عقد العمل‪ ،‬فليس لصاحب العمل إصدار أوامر أو تعليمات تتعلق بالحياة الخاصة‬
‫للعامل أو تضمين بنود النظام الداخلي للمؤسسة ما يحد من ممارستها‪.‬‬
‫غير أنه و بمقتضى التبعية يكون لصاحب العمل سلطة تنظيم العمل داخل المؤسسة المستخدمة‬
‫باعتباره مالكا لها‪ ،‬وبمقتضاها أيضا يكون لصاحب العمل الحق في التحقق من التزام عماله بأداء‬
‫العمل المنوط بهم وفقا لتعليماته واحترامهم القواعد التنظيمية المعمول بها في مؤسسته‪ ،9‬وال شك أن‬
‫التبعية بهذا المعنى تفترض تنازل العامل عن جزء من حريته بالقدر الالزم لتنفيذ عمله‪ ،‬فما مدى‬
‫تأثير سلطة صاحب العمل في إدارة وتنظيم مؤسسته على الحياة الخاصة للعامل؟‬
‫الفرع األول‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل في قوانين الهيئة المستخدمة‬
‫بها أغلبية التشريعات العمالية لصاحب العمل‪ ،‬اختصاصه بتنظيم‬ ‫من الصالحيات التي تعتر‬
‫العمل في مؤسسته‪ ،‬عن طريق اتخاذ كافة االجراءات الضرورية تحقيقا للسير الحسن للمؤسسة‪،‬‬
‫واالنضباط داخل مكان العمل‪.‬‬
‫التعليمات والتوجيهات الداخلية‬ ‫ال تتجلى هذه السلطة إالَ من خالل النظام الداخلي ومختل‬
‫الالحقة له والتي يصدرها صاحب العمل لتنظيم بعض تفاصيل سير العمل‪ ،‬أو لبيان إعمال بعض‬
‫األحكام الواردة في النظام الداخلي‪ ،2‬والتي ال يمكن بأي حال من األحوال أن تنقص أو تحد من‬
‫حقوق العامل الناتجة عن القانون واالتفاقيات الجماعية‪ ،‬لكن سلطة صاحب العمل في اإلدارة‬
‫والتنظيم ليست مطلقة بل تتحدد بضوابط معينة‪ ،‬من بينها عدم المساس بالحياة الخاصة للعامل‪،‬‬
‫فليس لصاحب العمل إصدار أوامر أو توجيهات تتعلق بالحياة الشخصية أو الخاصة للعامل‬
‫أو سلوكه الخارجي‪.3‬‬
‫أوال‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في االتفاقيات الجماعية للعمل والنظام الداخلي‬
‫ساهم كل من التشريع والقضاء في تقييد سلطات المستخدم‪ ،‬لما يتمتع به من سلطات واسعة‬
‫داخل المؤسسة باعتباره مالكا لها أو مسؤوال عن إدارتها ومن حقه أن يتخذ ما يراه مناسبا لضبط‬
‫السير الحسن داخل المؤسسة‪ ،‬وفي سبيل ذلك قد يصطدم بالتدخل في الحياة الخاصة للعامل‪.4‬‬

‫‪ 9‬محمد حسن قاسم‪ ،‬محمد حسن قاسم‪ ،‬الحماية القانونية لحياة العامل الخاصة في مواجهة بعض مظاهر التكنولوجية الحديثة‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،2199 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ 2‬نادية أيت أفتان‪ ،‬تبعية العامل في عالقة العمل‪ ،‬رسالة ماجيستر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬وجامعة مولود معمري تيزي وزو ‪،9111-9119‬‬
‫ص‪. 93‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.Plen, 19 Mai 1978, D.1978, p 541.‬‬
‫‪ 4‬حكيمة برقوقي‪ ،‬حقوق االنسان وسلطات المشغل بين االتفاقيات الدولية ومدونة الشغل المغربية‪ ،‬ماستر في قانون العقود والعقار‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬المغرب‪ ،2199-2191 ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪233‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1‬حماية الحياة الخاصة للعامل في االتفاقيات واالتفاقات الجماعية للعمل‬


‫من خالل اإلطالع على االتفاقيات الجماعية للعمل لبعض المؤسسات شأن مؤسسة سونطراك‪،‬‬
‫وسونلغاز‪ ،‬وأيضا مؤسسة ميناء مستغانم‪ ،‬لم نعثر على أي نص يتعرض لحماية حق العامل في‬
‫احترام وحماية حياته الخاصة بصفة مباشرة‪ ،‬لكن من المعلوم أن االتفاقيات الجماعية للعمل تتضمن‬
‫تشريعا اتفاقيا بمعنى الكلمة يتمم القانون لسد فراغاته أو يسبقه في وضع قواعد جديدة‪ ،‬ويفترض في‬
‫االتفاقية الجماعية للعمل أن تكون مقتضياتها أفيد للعامل‪.‬‬
‫تتولى االتفاقيات الجماعية للعامل العمل بحث عدة محاور وفقا نص ‪ 921‬من قانون ‪،99/11‬‬
‫من بينها معالجة شروط التشغيل والعمل‪ ،‬فال يمكنها بأي حال من األحوال أن تتضمن شروطا تمس‬
‫بحرمة الحياة الخاصة للعمال‪ ،‬أو تقيد الحقوق والحريات الفردية المضمونة لهم قانونا‪.‬‬
‫من ناحية أخرة فإن القانون يطبق حتما كونه يمنح حدا أدنى من الحقوق غير أن تطبيقه يزول‬
‫أمام قاعدة اتفاقية أفيد للعامل‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 991‬من القانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل‬
‫االتفاقيات الجماعية للعمل التي اكتتبت بها المؤسسة‬ ‫على أن األحكام األكثر نفعا الواردة في مختل‬
‫المستخدمة أو انضمت إليها تفرض عليها وتطبق على عمالها إال إذا كانت هناك أحكام أنفع مضمنة‬
‫في عقود العمل المبرمة مع المستخدم‪.‬‬
‫تطبق مقتضيات اإلتفاقية الجماعية على عقود العمل المبرمة في ظلها وكذلك على عقود‬
‫العمل السارية المفعول عند إبرامها وهو ما يسمى باألثر الفوري‪ ،‬وتطبق االتفاقية على عقود العمل‬
‫الفردية شأنها شأن القانون‪ ،‬تنشئ التزامات وحقوقا لطرفي عالقة العمل‪.‬‬
‫كما أنَ المشرع الجزائري على غرار التشريعات المختلفة جسد مبدأ حرية اإلرادة وحرية‬
‫التعاقد مع تكريسه للحماية القانونية لكل ما يتعلق بالعمال من حقوق وواجبات‪ ،‬حيث نصت المادة ‪9‬‬
‫فقرة ‪ 1‬من القانون ‪ 99/11‬على أنه يحق للعمال االحتفاظ بكل المنافع المرتبطة بعقد العمل ارتباطا‬
‫االتفاقيات الجماعية في هذا اإلطار‪ ،‬ومن ذلك ما نصت عليه‬ ‫نوعيا وهو ما نجده تأكيده في مختل‬
‫المادة ‪ 4‬فقرة ‪ 1‬من االتفاقية الجماعية لمؤسسة سونطراك على أنه يحق لألجراء االستفادة من كل‬
‫االمتيازات الموجودة في عقد العمل‪.1‬‬
‫إذا كانت االتفاقية تمنح العامل حقوقا زائدة على ما احتوى عليه القانون كأن تمنحه مدة عطلة‬
‫إضافية عن األقدمية‪ ،‬وجب على صاحب العمل تمكين العامل منها‪ ،‬وإذا كانت بنود عقد العمل‬
‫متضاربة مع محتوى االتفاقية األفيد للعامل حلت هذه األخيرة بقوة القانون محل بنود عقد العمل‪.‬‬

‫‪ 1‬االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة سوناطراك ل ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،9114‬المسجلة بمفتشية العمل ببئر مراد رايس بتاريخ ‪ 92‬ديسمبر‬
‫‪ ،9114‬تحت رقم ‪ ،1993‬غير منشورة‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫االتفاقية الجماعية متى كانت أفيد للعامل فإنها تطبق بدال من القانون أو عقد العمل فإنها أعلى‬
‫بنوده االتفاقية الجماعية‪ ،‬وإنما يجب أن تكون‬ ‫مرتبة من النظام الداخلي الذي يجب أن ال تخال‬
‫منسجمة معها‪ ،‬ومنبثقة عنها وإال اعتبرت الغية وعديمة األثر‪.‬‬
‫ن مشروع قانون العمل الجزائري الجديد قد تضمن نصوصا تحمي حقوق‬
‫في هذا الصدد نرى أ َ‬
‫العمال‪ ،‬من بينها نص المادة ‪ 291‬الذي يعتبر الغيا وباطال أي بند من بنود اتفاقية جماعي أو اتفاق‬
‫الحقوق الممنوحة للعمال‬ ‫جماعي أو عقد عمل خالفا ألحكام هذا القانون‪ ،‬وأي بند في العقد يخال‬
‫من خالل التشريعات واالتفاقيات أو اتفاقات العمل الجماعية‪.‬‬
‫القاعدة العامة المطبقة في االتفاقيات الجماعية‪ ،‬هي خضوع عقد العمل الفردي لكل األحكام‬
‫الواردة فيها‪ ،‬على اعتبارها أحكام آمرة ال يجوز مخالفتها‪ ،‬لذلك يترتب بطالن الشروط الواردة في‬
‫عقد العمل الفردي إذا كانت مخالفة لتلك الواردة في االتفاقية الجماعية للعمل‪ ،9‬إال أن االستثناء من‬
‫هذا البطالن وارد ومشروع متى كان يحمل امتيازات أكثر نفعا للعامل األجير‪.2‬‬
‫أما بالنسبة للنظام الداخلي للمؤسسة‪ ،‬فيمكن لصاحب العمل أن يدرج إلى جانب المحاور‬
‫بها‬ ‫أو تلغي الحقوق واالمتيازات المعتر‬ ‫االجبارية له بعض المحاور األخرى‪ ،‬شريطة أال تخال‬
‫قانونا للعمال‪ ،‬س واء بمقتضى نصوص قانونية أو تنظيمية أو اتفاقية جماعية‪ ،‬فطبقا لنص المادة ‪11‬‬
‫من قانون ‪ 99/11‬التي تعتبر الشروط الواردة في النظام الداخلي التي تلغي حقوق العمال وتحد منها‬
‫كما تنص عليها القوانين‪ ،‬واالتفاقيات الجماعية المعمول بها ال غية وعديمة المفعول‪.‬‬
‫إن القاضي ال يأخذ بعين االعتبار سوى األحكام الصريحة والمحددة‪ ،‬والتي تتماشى مع الحدود‬
‫الموضوعية والقانونية والتنظيمية لصاحب العمل‪ ،‬وله كامل السلطة التقديرية في إلغاء ما يتجاوز‬
‫‪3‬‬
‫هذه الحدود ال سيما فيما يتعلق باألحكام المقيدة لحريات العامل أو الماسة بحقوقه أو المقيدة له ‪.‬‬
‫الحريات الخاصة المتعلقة بشخص العامل واسعة ال يمكن حصرها وعلى سبيل االستدالل‬
‫‪4‬‬
‫وبالرجوع إلى القانون الفرنسي‪ ،‬نجد أن هذا األخير حاول حصر جل الحريات بموجب تعليمة ‪،‬‬
‫صاحب العمل ويحد من‬ ‫ومن المستحسن للتشريع الجزائري أن يأخذ بهذه المبادرة لكي ال يتعس‬
‫الحقوق والحريات الشخصية للعامل‪.‬‬

‫‪ 9‬انظر في هذا الشأن المادة ‪ 933 ،931 ،939‬من القانون ‪99./11‬‬


‫‪ 2‬عبد هللا قادية‪ ،‬االتفاقيات الجماعية في التشريع الجزائري‪ ،‬رسالة ماجيستر تخصص قانون اجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬جامعة‬
‫وهران‪ ،2114-2113 ،‬ص ‪211.‬‬
‫‪ 3‬أحماية سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪913.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪La circulaire D.R.T n° 83 -5 du 15 mars 1983 et la circulaire D.R.N n° 90- 17 du 10/09/1991 – lamy social‬‬
‫تاريخ االطالع ‪(1997) p 425 , Site internet : http://circulaire.legifrance.gouv.fr 2193/11/29‬‬

‫‪233‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1‬حماية الحياة الخاصة للعامل في النظام الداخلي والتعليمات الالحقة له‬


‫تخول السلطة التنظيمية لصاحب العمل وضع القواعد التنظيمية التي يلزم العمل باالمتثال لها‪،‬‬
‫على المؤسسة‪ ،‬من خالل األوامر والتعليمات واللوائح الداخلية التي يصدرها إلى‬ ‫أثناء اإلشرا‬
‫العمال والتي قد تطال الحياة الخاصة للعامل‪.9‬‬
‫‪ - 1- 1‬الحياة الخاصة للعامل في النظام الداخلي‬
‫يشكل النظام الداخلي مصدرا مهنيا لقانون العمل‪ ،‬يتولى بموجبه صاحب العمل تحديد كيفيات‬
‫تنفيذ العمل من جوانبه التقنية واألمنية وتوقيع الجزاء في حالة اإلخالل بها‪ ،‬إال أن المشرع وضمانا‬
‫صاحب العمل في معاملة العامل فرض عليه قيودا قصد الحد من سلطته التقديرية‪.‬‬ ‫منه لعدم تعس‬
‫المستخدم ملزما قانونا بإدراج كافة المحاور اإلجبارية في النظام الداخلي وهذا فيما يتعلق‬
‫بالتنظيم التقني للعمل والوقاية الصحية وا ألمن واالنظباط‪ ،‬وفي المجال التأديبي تحديد طبيعة‬
‫األ خطاء المهنية ودرجات العقوبة‪ ،‬غير أن هذه المحاور ال تمثل سوى الحد األدنى االجباري الذي‬
‫يجب أن يتضمنه النظام الداخلي ‪ ،‬وليس هناك ما يمنع المستخدم استنادا إلى هذه السلطة أن يدرج‬
‫بها‬ ‫أو تلغي الحقوق واالمتيازات المعتر‬ ‫في النظام الداخلي مواضيع أخرى شريطة أالَ تخال‬
‫قانونا للعمال‪.2‬‬
‫النص في النظام الداخلي أو في التعليمات والتوجيهات الداخلية على تفتيش العمال‬
‫أواخضاعهم لتفتيش شخصي يشكل أمرا غير مشروع‪ ،‬ما لم تقتضيه حالة الضرورة كما هو الحال‬
‫عقب فقدان أشياء أو م نقوالت‪ ،‬أو أن تتم إجراءات التفتيش برضا العامل وبحضور أحد الشهود مع‬
‫إخطاره بحقه في االعتراض‪ ،‬كما ينبغي أن يتم التفتيش بما ال يهدر الكرامة االنسانية‪.‬‬
‫قررت محكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 91‬ماي‪ ،21133‬بجواز مراقبة صاحب العمل لوثائق‬
‫العمل الموجود بحوزة العامل بشرط حضور هذا األخير‪ ،‬وبحضور مفوض قضائي‪ ،‬كما اشترط‬
‫حالة الضرورة كشرط لإلطالع عليها‪،‬وهذا تطبيقا ألحكام المادة ‪ 943‬من القانون المدني الفرنسي‪.‬‬
‫إذا قام صاحب العمل بإدراج نص في النظام الداخلي يجيز فتح الخزائن الخاصة بمالبس‬
‫العمال داخل المؤسسة دون إخطار مسبق لهم بذلك‪ ،‬وفي غيبتهم فإنه يتجاوز بذلك سلطاته ويضع‬
‫قيودا دون مبرر على الحقوق والحريات الفردية لعماله‪ ،4‬ونفس الحكم يسري على الرسائل‬
‫الشخصية للعامل المرسلة من طرفه أو الواردة إليه‪.‬‬

‫‪ 9‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪2‬‬
‫‪La circulaire DRT N° 90-17 du 11-09-1991, http://circulaire.legifrance.gouv.fr‬‬
‫تاريخ اإلطالع‪ ، 2193/11/92 :‬الملحق رقم ‪12‬‬
‫‪3‬‬
‫الملحق رقم ‪Cass Soc 17 Mai 2005, N° de pourvoi : 03-40.017, Dr. Soc. 2005, p 489.14‬‬
‫‪4‬‬
‫مذكور في ‪ :‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪239‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫سبق لنفس المحكمة أن قضت في قرار لها بتاريخ ‪ ،21199/91/12‬أن للعامل الحق في‬
‫احترام حياته الخاصة؛ التي تشمل سرية المراسالت في مكان العمل وأثنائه‪ ،‬وأنه ليس من حق‬
‫صاحب العمل اإل طالع على الرسائل الشخصية للعامل حتى وإن كانت مرسلة أو مستقبلة عن‬
‫طريق جهاز حاسوب المؤسسة‪ ،‬واستندت في ذلك إلى المادة ‪1‬من اإلتفاقية األوروبية لحقوق‬
‫االنسان‪ ،‬والمادة ‪ 1‬من قانون المرافعات‪ ،‬والمادة ‪ 1‬من ق‪.‬م‪ ،‬والمادة ‪ 921‬من ق‪.‬ع‪.2‬‬
‫يحرص المشرع الفرنسي على التأكيد على عدم جواز احتواء النظام الداخلي على نصوص‬
‫تقيد من حقوق وحريات العمال‪ ،‬بال مبرر يرجع إلى مقتضيات العمل المراد إنجازه‪ ،‬حيث نصت‬
‫على أنه " ال أحد يمكنه أن يمس أو ينال من الحقوق الشخصية‬ ‫المادة ‪ L122-2‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫والحريات الفردية والجماعية أو تقييدها‪ ،‬عندما ال يبرر ذلك بطبيعة العمل المتمم و ال يتصل‬
‫المرجو"‪.3‬‬ ‫بالهد‬
‫القضاء الفرنسي ال يسمح بتقييد كل حقوق وحريات العمال داخل مكان العمل‪ ،‬بل يخضع‬
‫المشروع‬ ‫المساس بالحق في احترام الحياة الخاصة لمبدأ المالئمة ومدى تناسب هذا الحق مع الهد‬
‫لسلطة صاحب العمل وكذا مصلحة المؤسسة‪.‬‬
‫تجدر المالحظة أن المشرع الفرنسي اعتمد على مبدأ المالئمة كأساس للمحافظة على الحقوق‬
‫والحريات الفردية والجماعية داخل مكان العمل‪ ،‬ب ما فيها المحافظة على الحق في احترام الحياة‬
‫الخاصة للعمال في مواجهة القيود التي تفرضها الحياة المهنية‪.‬‬
‫حاول التشريع الفرنسي‪4‬تحديد بعض الحقوق والحريات المتصلة بالحياة الشخصية للعامل التي‬
‫ال يمكن لصاحب العمل المساس بها عند إعداده للنظام الداخلي للمؤسسة ومن بينها‪:‬‬
‫يحظر على صاحب العمل وضع بنود في النظام الداخلي من شأنها المساس بحرية الرأي‬ ‫‪-‬‬
‫والمعتقد الديني والفكري أو االنتماء أو القناعات السياسية أو النقابية للعامل‪.‬‬
‫يمنع وضع بنود في النظام الداخلي تسمح بتفتيش العمال عند الدخول أو الخروج من العمل إال‬ ‫‪-‬‬
‫استثناءا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Cass.soc, 02/10/2001, N° de pourvoi: 99-42942, Bull 2001, N° 291 p 233.‬‬
‫‪ 2‬نشوى رأفت إبراهيم‪ ،‬الحماية القانونية لخصوصية مراسالت البريد اإللكتروني‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬بدون سنة‬
‫النشر‪ ،‬ص ‪ ، 33‬ومذكور في مقال منشور على الموقع االلكتروني‪ ،www.unpeudedroit.fr/droit -du-travail :‬تاريخ اإلطالع‪:‬‬
‫‪2193/11/92‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art L122-2 du C.T.fr : « Nul ne peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et‬‬
‫‪collectives de restrictions qui ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées‬‬
‫‪au but recherché ».‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au développement du travail à temps partiel et à‬‬
‫‪l'assurance chômage .‬‬

‫‪231‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يمنع أن يتضمن النظام الداخلي بنود تميز العمال على أساس الجنس‪ ،‬اللون‪ ،‬اللغة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدين‪...‬الخ‪.‬‬
‫بناءا عليه هناك عدة بنود ممنوع إدراجها في النظام الداخلي وهي تلك البنود التي تنقص‬
‫أو تحد من حقوق العامل المقررة بموجب القانون واإلتفاقيات الجماعية‪ ،‬وقد أوضح القانون‬
‫الفرنسي والتنظيم واالجتهاد أن كل ما من شأنه الحد من الحقوق الفردية يكون ممنوعا‪ ،‬ومن ذلك‬
‫فتح المراسالت الشخصية يعتبر مخالفة لسرية المراسالت‪ ،‬منع الزواج بين العمال‪ ،‬منع الطالق‪،‬‬
‫منع الكالم والغناء‪ ،‬منع حمل األوسمة‪ ،‬منع المناقشات السياسة أو كل ما ال يمت بصلة بالعمل‪ ،‬كما‬
‫ال يمكن لصاحب العمل اللجوء إلى استعمال ألى لتحديد استهالك الخمر أو التفتيش في جميع‬
‫الحاالت أو إدخال أية قاعدة من شأنها التمييز بين العمال‪.9‬‬
‫أما فيما يخص التشريع الجزائري‪ ،‬نصت المادة ‪ 11‬من القانون ‪ 99/11‬بصراحة على ما‬
‫يلي‪" :‬تعد الش روط الواردة في النظام الداخلي التي تلغي حقوق العمال وتحد منها كما تنص عليها‬
‫القوانين‪ ،‬واالتفاقيات الجماعية المعمول بها ال غية وعديمة المفعول"‪.‬‬
‫اعتمد القضاء الجزائري ذلك في قرار حمل رقم ‪ 949932‬الصادر في ‪ 11‬يناير سنة ‪9111‬‬
‫الصادر إثر الطعن بالنقض في الحكم القاضي برجوع العامل إلى منصب عمله‪ ،‬الذي أقر أن النظام‬
‫الداخلي الذي يقرر بندا ينقص من حقوق العمال التي أقرها التشريع يعد باطال‪ ،‬حيث أكد هذا القرار‬
‫أن مانص عليه القانون هو بطالن مقتضيات النظام الداخلي التي تحد أو تنقص من حقوق العمال‬
‫حسب ما تقرره القوانين واألنظم السارية المفعول‪.2‬‬
‫استخدام صاحب العمل لسلطاته ال يمكنه من أن يضع على حقوق العمال إال القيود التي تكون‬
‫المنشود من وراء استخدامه لهذه السلطات‪ ،‬كتحقيق السالمة والصحة المهنية‬ ‫ضرورية لبلوغ الهد‬
‫في أماكن العمل مثال‪ ،‬كأن يتم النص في النظام الداخلي للمؤسسة على حظر التدخين داخل مكان‬
‫العمل طالما كان دافعه المحافظة على السالمة والصحة المهنية‪ ،3‬كما أن فرض صاحب العمل على‬
‫العمال لباس محترم يعتبر ضروريا والزما بالنسبة للعمال ذوي الصلة بالزبناء‪ ،‬كذلك استلزام حد‬
‫أدنى من النظافة بالنسبة لبعض المهن‪. 4‬‬

‫‪ 9‬عبد السالم ذيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211-219‬‬


‫‪ 2‬عبد السالم ذيب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪213.‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫‪BOSSU (B), Droit de l’homme et pouvoirs du chef d’entreprise, vers un nouvel équilibre, Dr. Soc N°9/10‬‬
‫‪Septembre 1994, France, p 752.‬‬

‫‪231‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 2 - 2‬الحياة الخاصة للعامل في التعليمات والتوجيهات الداخلية‬


‫به‬ ‫يلتزم العامل بإطاعة أوامر صاحب العمل وأن يأتمر بأوامره الخاصة بتنفيذ العمل المكل‬
‫أو الذي يدخل في وظيفته‪ ،‬ال يقتصر االلتزام بإطاعة األوامر والتعليمات الصادرة من صاحب‬
‫العمل شخصيا‪ ،‬بل يمتد ليشمل كل ما يصدر عن نوابه ووكالئه وممثليه المفوظين في إداؤة العمل‬
‫عليه‪ ،‬كل منهم في حدود االختصاص الموكل إليه‪.9‬‬ ‫واإلشرا‬
‫على غرار االتجاه السائد في التشريعات المقارنة لتنظيم التعليمات والتوجيهات الداخلية‬
‫المكملة للنظام الداخلي وجعلها مظهرا من مظاهر السلطة التنظيمية‪ ،‬بل وإخضاعها لنفس إجراءات‬
‫رقابة مشروعية النظام الداخلي‪ ،2‬لم يتعرض المشرع الجزائري إلى تنظيم سلطة صاحب العمل في‬
‫إصدار هذه التعليمات والتوجيهات التي عادة ما تتضمن مواضيع كتلك التي يحتويها النظام الداخلي‪.‬‬
‫أمام غياب أي نص قانوني أو تنظيمي ينظم سلطة صاحب العمل في إصدار التعليمات‬
‫والتوجيهات الداخلية‪ ،‬فإن هذا االخير ال يخضع في وضعها إلى أي إجراء شكلي كاستشارة ممثلي‬
‫العمل‪،‬و ال يخضع ألية رقابة على هذه األعمال‪ ،‬وعليه فإن ما لم يستطيع إدراجه في النظام الداخلي‬
‫خشية الرقابة يمكن أن يتخذه ويصدره في شكل تعليمات وتوجيهات‪ ،3‬األمر الذي قد يشكل خطورة‬
‫على الحياة الخاصة للعمال لما قد تحتويه هذا التوجيهات من نصوص تقيد فيها حريات العمال‪.‬‬
‫التشريعات العمالية الحديثة بقدر ما اعترفت لصاحب العمل بصالحيات واسعة في مجال‬
‫الحياة المهنية بقدر ما منحت حقوق معتبرة وثابتة للعمال‪ ،‬فالتشريع الفرنسي أقر بأنه ال يمكن‬
‫للمستخدم أثناء ممارسته لسلطاته أن يقوم بإصدار أمر يمس الحقوق والحريات العامة لألجراء داخل‬
‫المؤسسة بمخالفة النصوص الدستورية والتشريعية وكل ما تضمنته العقود واالتفاقيات الجماعية‪.‬‬
‫السابقة الذكر‪ ،‬فحين نجد أن المشرع‬ ‫تم تكريس ذلك بموجب المادة (‪ )L122-2‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫الجزائري اكتفى بإلزام العامل بالخضوع ألوامر وتعليمات صاحب العمل وهذا ما أشارت إليه المادة‬
‫‪ 11‬من ق‪.‬ع‪.‬ج بقولها «‪...‬أن ينفـذو التعليمات التي تصدرها السلطة السلمية التي يعينها المستخدم‬
‫أثناء ممارسته لسلطاته في اإلدارة»‪.‬‬
‫العامل ملزم بمقتضى عالقة التبعية التي أنشأها عقد العمل بالخضوع لهذه التعليمات‬
‫واألوامر‪ ،‬كما يلزم بالخضوع للنظام المتعلق باإلجازات‪ ،‬واحترام الصلة الموجودة بين العامل‬

‫‪ 9‬محمد حسين منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪291.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪PELISSIER (J), SUPIOT (A) et JEAMMAUD (A), op. cit, p 870.‬‬
‫‪ 3‬ماموني فاطمة الزهراء‪ ،‬العامل والمؤسسة االقتصادية‪ ،‬محاولة لتحديد عنصر التبعية‪ ،‬رسالة ماجيستر في القانون االجتماعي‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2114-2113‬ص ‪.991‬‬

‫‪231‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ورؤسائه‪ ،‬وما يجب عليه اتخاذه من احتياطات توقيا لمخاطر العمل‪ ،‬وغيرها من األحكام التي‬
‫تسري أثناء أدائه العمل‪ ،‬وأية مخالفة لهذه األحكام تشكل خطأ مهنيا يستوجب قيام مسؤولية العامل‪.1‬‬
‫كما يشكل رفض العامل تنفيذ التعليمات المرتبطة بالتزاماته المهنية خطأ مهنيا جسيما‪،‬‬
‫وخضوع العامل لتعليمات صاحب العمل ال يكون إال لتنفيذ عقد العمل وخارج هذا المجال يحتفظ‬
‫العامل بحريته‪ ،2‬فال يحق لصاحب العمل مد نطاقها الى االطار غير المهني‪.‬‬
‫لذلك فالتزام العامل بتنفيذ تعليمات المستخدم محدد بشروط‪ ،3‬حيث البد أالَ تكون مخالفة للنظام‬
‫العام واآلداب العامة‪ ،‬وأالَ يكون في تنفيذ تلك األوامر والتعليمات تعريض العامل أو غيره للخطر‪،‬‬
‫وهذا ما يوجبه مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد بصفة عامة‪ ،‬وأن تتعلق أوامر وتوجيهات صاحب‬
‫به‪ ،‬وعليه فإن صاحب العمل حتى ولو كانت له سلطة تجاه عماله‪،‬‬ ‫العمل بتنفيذ العمل الذي كل‬
‫فإن هذه السلطة ال يمكن ممارستها إال في الحدود المعقولة‪ ،‬فال يمنع العامل من ممارسة حرياته‬
‫والتمتع بحقوقه بدعوى التأديب‪.4‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في عقد العمل والتعديالت الالحقة له‬
‫ال غنى إلبرام عقد العمل عن تحديد نوع العمل المتفق عليه‪ ،‬ولطرفا العقد استنادا لحريتهما‬
‫التعاقدية تحديد العمل من حيث نوعه وزمان ومكان تنفيذه‪ ،‬غير أنه يثور التساؤل عن إمكانية تعديل‬
‫هذا العقد باإلرادة المنفردة ألي من طرفيه ومدى تأثير هذا التعديل على الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬
‫‪ - 1‬أثر تعديل عقد العمل على الحياة الخاصة للعامل‬
‫إذا كانت القاعدة العامة في تعديل العقود بصفة عامة تقضي بعدم إمكانية تعديل العقد إال‬
‫باتفاق الطرفين‪ ،‬وفقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين‪ ،5‬وهي القاعدة المطبقة في عقود العمل‪ ،‬حيث‬
‫تنص المادة ‪ 93‬من ق‪.‬ع‪.‬ج على أنه "يمكن تعديل شروط عقد العمل وطبيعته بناءا على االرادة‬
‫المشتركة للعامل والمستخدم مع مراعاة هذا القانون‪ ،‬فإن الواقع العملي كثيرا ما يفرض على‬
‫عالقة العمل تعديلها جزئيا أو كليا‪ ،‬دون أن تكون لهم رغبة أحيانا في التعديل إذا كانت‬ ‫أطرا‬
‫مصلحة الطرفين تفرض ذلك أو حتم القانون أو اتفاقية جماعية هذا التعديل‪.‬‬

‫‪ 1‬نادية أيت أفتان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬


‫‪2‬‬
‫‪SAVATIER (J), La liberté dans le travail, op.cit, p 51 .‬‬
‫‪ 3‬نادية أيت أفتان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.914‬‬
‫‪ 4‬محمد بن حساين‪ ،‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 5‬المادة ‪ 9‬من ق‪.‬م‪.‬ج " العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فال يجوز نقضه أو تعديله إال باتفاق الطرفين أو األسباب التي يقرها القانون"‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يشترط في سلطة المستخدم لتعديل عقد العمل أن ال تنطوي على قصد اإلساءة للعامل‬
‫العامل بأعمال تجاوز الحد األقصى لساعات العمل‪،‬أو تكلي‬ ‫أو مخالفة القانون‪،‬إذ ال يجوز تكلي‬
‫المرأة بالعمل خارج أوقات العمل القانونية‪ ،‬وأن ال يؤدي التغيير من المساس بحقوقهم المكتسبة‪.1‬‬
‫‪ - 1- 1‬أثر تعديل مكان العمل أو نقل العامل على حياته الخاصة‬
‫يشك ل مكان العمل أهمية بالغة لدى العمل رغبة منه في االستقرار بمكان معين استجابة‬
‫لمعطيات اقتصادية أو اجتماعية خاصة به‪ ،‬قد يكون في كثير من األحيان العنصر األساسي المحدد‬
‫لتوقيع العامل على العقد أو العدول عنه‪ ،‬ولو تضمن هذا العقد مزايا تفضيلية أو تشجيعية أخرى‪،‬‬
‫غير أن وبالرغم من هذه األهمية لمكان العمل إال أن قانون عالقات العمل ‪ 99/11‬لم يتطرق إلى‬
‫الحل عند تغيير مكان العمل باإلرادة المنفردة لصاحب العمل وذلك أسوة بالقانون الفرنسي‪ ،‬وترك‬
‫بذلك شرعية أو عدم شرعية تغيير مكان العمل بيد القضاء‪.‬‬
‫القضاء تطبيقات مختلفة لبطالن البنود التي من شأنها أن تحد من حريات العامل وحقوقه‬ ‫عر‬
‫األساسية أو من سلطة القاضي في تقدير مشروعية التسريح‪ ،‬أو تلك التي تخول للمستخدم سلطة‬
‫تعديل عقد العمل بإرادته المنفردة‪ ،‬حيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية في هذا اإلطار إلى بطالن‬
‫شرط النقل )‪ (clause de mobilité‬لمساسه بحياته الخاصة و بحريته في اختيار محل إقامته‪،‬‬
‫وبحقه في حياة أسرية عادية‪.2‬‬
‫في قضية أخرى أقر القضاء بطالن شرط االحتكار أو الحصر لمساسه بحرية العمل مالم يكن‬
‫بها العامل ومالئما‬ ‫ضروريا لحماية مصالح المؤسسة المشروعة أو مبررا بطبيعة المهام المكل‬
‫المتوخى‪ ،3‬كما ذهبت الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية في قرارها‪ 4‬الصادر‬ ‫للهد‬
‫بتاريخ ‪ 21‬فيفري ‪ 2001‬إلى أن "الشرط الذي يحتفظ بمقتضاه المستخدم لنفسه بحق تعديل عقد‬
‫العمل كليا أو جزئيا يعتبر باطال لمخالفته لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة ‪ 9934‬من ق‪.‬م‪.‬‬
‫مادام ال يجوز للعامل أن يتنازل بصفة صحيحة عن الحقوق التي اكتسبها من القانون‪.5‬‬

‫‪ 1‬محمد حسي منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.241‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 12 Janv 1999, Dr.Social, 1999, p 287.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 11 Juil.2000, Dr.Social, 2000, p 1141, Obs J.mouly.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.soc, 27 Fève 2001, Dr.Social, 2001, p 541.‬‬
‫‪ 5‬ومن بين التعليقات الواردة على هذا القرار القضائي تعليق االستاذ "كريستوف رادي" الذي رأى أنه "يمكن تفسير هذا القرار‬
‫تفسيرا ضيقا يجعله مانعا فقط تضمين العقد بندا يسمح للمستخدم بتعديل عباراته وذلك من دون أن يمنع وجود بند يسمح لهذا‬
‫المستخدم بأن يعدل في إطلر احترام نفس العقد تعديل العناصر الجوهرية للعالقة العمل‪....‬وبعبارة أخرى فإن البنود غير المشروعة‬
‫هي تلك التي تخول المستخدم سلطة تغيير العقد‪ ،‬في حين أن البنود التي تخوله سلطة تغيير عناصر عقد العمل تبقى صحيحة"‪.‬‬
‫‪V : Christophe RADE, La figure du contrat dans le rapport de travail, Dr.Social, France, 2001, p 85.‬‬

‫‪249‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إن لتعديل عقد العمل بنقل العامل من مكان إلى مكان آخر أثر كبير على ممارسة حياته‬
‫الخاصة‪ ،‬حيث يعتبر تعديال جوهري أو غير جوهري في مكان العمل بالنظر لما له من أهمية على‬
‫استقرا ر العامل االجتماعي‪ ،‬ولما يمثله االنتقال من وقت مبذول ومعاناة في المواصالت وأعباء‬
‫مالية أو ما قد يستدعيه من تغيير لسكنه مع ما لذلك من تأثير على استقراره العائلي‪.1‬‬
‫األمر الذي حدا بمحكمة النقض الفرنسية في بعض أحكامها إلى اعتبار مكان العمل من‬
‫العناصر الجوهرية للتعاقد الذي يمتنع على صاحب العمل تعديلها‪ ،2‬ويذهب اتجاه آخر يأخذ‬
‫باالعتبارات الشخصية للعامل محل اعتبار عند تعديل عقد العمل إلى االعتماد في تحديد طبيعة‬
‫التغيير في مكان العمل بتقدير أثره على أعباء العامل المأخوذة في اعتبار المتعاقدين عند التعاقد‪،‬‬
‫بحي ث يكون التغيير جوهريا إذا كان من شأنه زيادة أعباء العامل التي أخذتها نيتهما في االعتبار‬
‫لدى تحديد مكان العمل عند إبرام العقد‪.3‬‬
‫يرى الفقه أن البنود التي تحد من حريات العامل وحقوقه األساسية‪ ،‬وتلك التي تخول المستخدم‬
‫سلطة تعديل عقد العمل بإرادته المنفردة يعتبر حرامانا للطرفين من إمكانية إدخال المرونة على‬
‫ضرورية‪ ،‬مما يحتم ضرورة‬ ‫عالقتهما القانونية‪ ،‬ويحرم بالتالي المؤسسة والعمال من إمكانية تكيي‬
‫تدخل تشريعي لصالح المرونة‪ ،4‬أو وعيا قضائيا بأهميتها‪ ،‬هو نفسه الذي رحب بالبنود التعاقدية‬
‫الرامية إلى توفير ضمانات إضافية للعامل‪ ،5‬والذي يمكنه عن طريق التعاقد كسب امتيازات تخص‬
‫األجر وزمان العمل ومكانه تقليصا لسلطة المشغل في هذا المجال‪.6‬‬
‫الوحيد المستفيد من إضفاء الصبغة التعاقدية على‬ ‫مع ذلك فإن العامل ال يكون دائما الطر‬
‫عالقات العمل الفردية‪ ،‬إذ يمكن للمستخدم من خالل بنود محددة في مضمونها وفي طريقة تنفيذها‬
‫أن يضع استراتيجية لتسيير المؤسسة‪ ،7‬فيصبح عقد العمل هو أداة مرونة ألن الحدود الفاصلة بينه‬
‫وبين سلطات المستخدم تعتبر منطقة استراتيجية في تنظيم وترتيب عالقات العمل‪.8‬‬
‫من خالل القرارات المذكورة يمكن استخالص من مفهوم مخالفتها أن القضاء الفرنسي يخضع‬
‫البنود المشار إليها لفحص مالئمة ويقبلها متى كانت مقيدة من حيث مداها وطرق تنفيذها بحيث يقبل‬

‫‪ 1‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪.314 ،‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 25 Mars 1982, lamy.soc, 84, n°350, p 149.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc,22 Mai 1979, lamy.soc, éd 1984, p 151.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪RADE )C(, op.cit, p 806.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪RADE )C(, op.cit, p 808.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Moustapha MEKKI, L’intérêt général et le contrat- contribution à une étude de la hiérarchie des intérêts en‬‬
‫‪droit privée, Bibliothèque de droit privée, Tome 411, L.G.D.J- DELTA, Liban, 2004, p 510,‬‬
‫‪7‬‬
‫‪MEKKI)M (, op.cit, p 682.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪JEMMAUD)A(,Le FRIANT )M(et LYON-CEAN )A(, L’ordonnancement des relations du travail, n° 15,‬‬
‫‪D.France, 1998, p 363.‬‬

‫‪242‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫شرط النقل إذا كان محترما للحياة األسرية والخاصة للعامل ومنفذا بحسن نية‪.‬‬
‫بها العامل ومالئمة‬ ‫يقبل شرط الحصر واالحتكار متى كان مبررا بطبيعة المهام المكل‬
‫المتوخى من العقد أو ضروريا لحماية مصالح مشروعة للمؤسسة‪ ،‬كما يقبل الشرط متى‬ ‫للهد‬
‫كانت الغاية المتطلبة ممكنة وكان عدم تحقيقها راجع إلى العامل‪ ،‬ويقبل بند تخويل سلطة المستخدم‬
‫تعديل عناصر عالقة العمل متى كان ذلك في نطاق احترام اإلرادة المعبر عنها صراحة في نفس‬
‫العقد‪.1‬‬
‫‪ - 2- 1‬أثر تعديل وقت العمل على الحياة الخاصة للعامل‬
‫العامل الشخصية بمقتضى‬ ‫إذا كان للمستخدم سلطة تعديل عقد العمل دون مراعاة ظرو‬
‫بعين االعتبار‬ ‫سلطة اإلدارة والتنظيم‪ ،‬فإن هناك جانب من الفقه يرى بضرورة أخذ هذه الظرو‬
‫وقت التعديل‪ ،‬واتخاذها كمعيار للتعديل الجوهري وغير الجوهري‪ ،‬حتى وإن وجد اتفاق صريح‬
‫يقضي بشرط المرونة وعدم ثبات العامل على وضع معين‪ ،‬إال أن ذلك ال يمنع من االعتداد بأثر‬
‫هذا التعديل على حياة العامل الخاصة وقت التعديل‪.2‬‬
‫الشخصية كل تعديل ال يتماشى مع‬ ‫يعد تعديال جوهريا لزمن العمل استنادا لمعيار الظرو‬
‫العامل الشخصية‪ ،‬كتعديل ساعات عاملة متزوجة من الصباح إلى ما بعد الظهر أو الليل‪،‬‬ ‫ظرو‬
‫حيث أن هذا التعديل يتنافى مع واجبات العاملة تجاه زوجها وأبنائها‪ ،‬يتحرى القضاء ما إذا كان‬
‫زمن العمل يعتبر في النية المشتركة للمتعاقدين وقت إبرام العقد عنصرا جوهريا للتعاقد من عدمه‬
‫التعاقد التي قد تعتمد على االعتبار الشخصي‪ 3‬الذي يرجع أثر تعديل‬ ‫إستدالال من عبارات وظرو‬
‫العقد إلى الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬األصل أن زمن العمل ال يعتبر عنصرا جوهريا للتعاقد ما لم تتجه‬
‫النية المشتركة للمتعاقدين صراحة أو ضمنا إلى غير ذلك من خالل أخذها في االعتبار للظرو‬
‫الخاصة والشخصية للعامل لدى تحديد زمن العمل‪.4‬‬

‫‪ 1‬عادل العشابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11.‬‬


‫‪ 2‬عبد العزيز المرسي حمود‪ ،‬تحديد نطاق سلطة رب العمل‪ ،‬في اإلنفراد بتعديل عناصر عقد العمل غير محدد المدة دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،9111 ،‬ص ‪92.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Voir: - Cass. soc, 21 mars 1985, nµ° 82-43.833, Bull. civ. V, no 201.‬‬
‫‪- Cass. soc., 30 nov. 1983, nµ° 81-41.995, Cah. prud'h. 1984, p. 50‬‬
‫‪- Cass. soc, 10 juill. 1986, n° 85-41.491, Dr. soc. 1986, p. 852, note Teyssié.‬‬
‫‪- Cass. soc, 23 janv. 2001, n° 98-44.843, Bull. civ. V, no 19‬‬
‫‪- Cass. soc, 9 mars 2005, n° 03-41.715‬‬
‫‪- Cass. soc., 5 mai 2009, no 07-43.252.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.soc, 21 Mars 1985, Bull civ, V, p 201, « En l’espèce l’horaire de travail pratiqué depuis de‬‬
‫‪nombreuses années, horaires qui avaient été déterminant de l’engagement des salariée et tenait compte de‬‬
‫‪leur situation personnelle ; était pour elles un élément substantiel de leur contrat ».‬‬

‫‪243‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 2‬أثر الحياة الخاصة للعامل على تعديل عقد العمل‬


‫إذا كان مقتضى القوة الملزمة للعقد التزام العامل بأداء العمل المتفق عليه في عقد العمل‪ ،‬وأن‬
‫أداء العمل استجابة لمقتضيات‬ ‫يستجيب لما يدخله صاحب العمل من تعديالت على شروط وظرو‬
‫مصلحة العمل‪ ،‬فإنه يثور التساؤل حول عما إذا كان للعامل في المقابل أن يطلب إدخال مثل هذه‬
‫التغييرات على شروط أداء العمل لمواجهة المتطلبات التي تفرضها المتغيرات المعتادة أو الطارئة‬
‫على الحي اة الخاصة للعامل ونطاق السلطة التقديرية لصاحب العمل في تقدير هذا الطلب‪.‬‬
‫‪ - 1- 2‬تعديل عقد العمل لمواجهة المستجدات العادية في الحياة العامل الخاصة‬
‫ال يمكن النظر إلى عقد العمل على أن مجرد التزامات وحقوق موضوعية منفصلة عن الحياة‬
‫الخاصة للعامل أي الحياة اإلنسانية للعامل سواء على المستوى الشخصي أو االجتماعي‪ ،‬ذلك أن‬
‫عقد العمل له بعد إنساني في ارتباطه بالعامل كإنسان له حياته الخاصة والشخصية واالجتماعية‪،‬‬
‫بكل ما يرد عليها من متغييرات بعضها طبيعي ومتوقع كازواج والحمل واالنجاب‪ ،‬وما يقترن به‬
‫من رعاية المولود وبعضها غير م نظور لكونه وارد‪ ،‬شأن العجز الذي قد يطرأ على العامل ويلم‬
‫به‪ ،‬ال يعتبر تجاوزا أو مبالغة أن االرادة المشتركة للمتعاقدين لدى تحديدها محل التزام عقد العمل‬
‫لم يغب عنها ارتباط هذه االلتزامات بالجانب اإلنساني للعامل وما يرد عليه من متغيرات‪.1‬‬
‫‪- 1- 1- 2‬شروط تعديل العقد لمواجهة المستجدات العادية في حياة العامل الخاصة‬
‫في غير ما تعرض له القانون الخاص بنص مباشر سمح فيه بمثل هذه التغييرات استجابة‬
‫العامل‪ ،‬فإن المقتضى العام لتنفيذ العقد بما يتفق مع ما يوجبه حسن النية يوجب االستجابة‬ ‫لظرو‬
‫أداء العمل استجابة لمستجدات‬ ‫لطلب العامل في ادخال تعديالت غير جوهري ة على شروط وظرو‬
‫حياته الخاصة فيما ال تضر إجابته بمصلحة العمل‪.‬‬
‫أداء‬ ‫ذلك أن نطاق التغيير ال بد أن ينحصر في حدود التغيير غير الجوهري لشروط وظرو‬
‫العمل التي تعتبر عنصرا جوهريا للتعاقد في تقدير اإلرادة المشتركة للمتعاقدين‪ ،‬وإن االستجابة‬
‫لطلب العامل مقترنة بتحقق الشروط اآلتية‪:2‬‬
‫‪ -‬أن تكون دواعي التغيير جديدة لم تكن موجودة عند إبرام العقد وإنشاء عالقة العمل‪ ،‬ألنها‬
‫إن كانت قديمة كان القصد من طلب التغيير التحلل من اإللتزامات التعاقدية‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون هذه الدواعي ذات ارتباط مباشر بالعامل شخصيا سواء على المستوى الشخصي‬
‫االنساني‪ ،‬أو سواء على مستوى أسرته بما فيهم الزوج أو زوجة وأصوله وفروعه‪.‬‬

‫‪ 1‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪439.‬‬


‫‪ 2‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬ص ‪.434-433‬‬

‫‪244‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -‬أن تمس دواعي التغيير حاجة أو ضرورة من ضرورات الحياة وليس مجرد مسألة ترفيهية‬
‫أو تكميلية‪.‬‬
‫العمل المطلوب تغييرها‪،‬‬ ‫‪ -‬أن تكون هذه المستجدات ذات صلة مباشرة بشروط وظرو‬
‫بحيث يكون تنفيذ العقد وفقا لشروطه األصلية مرهقا للعامل عن الوفاء بضروريات‬
‫وحاجات حياته الخاصة‪.‬‬
‫أداء العمل الوسيلة الوحيدة المتاحة للعامل في مواجهة‬ ‫‪ -‬أن يمثل التغيير في شروط وظرو‬
‫أداء العمل إال كوسيلة احتياطية‪.‬‬ ‫المستجدات بحيث ال يترخص في تعديل شروط وظرو‬
‫ال بد من إخطار صاحب العمل بطلب التغيير وما فرضه من حاجة ووجه تعارضه مع‬ ‫‪-‬‬
‫الشروط األصلية مع إعطاء صاحب العمل مهلة مناسبة لالستجابة إلى الرد‪.‬‬
‫‪ -‬أال يترتب على التغيير إضرارا بمصلحة العمل‪.‬‬
‫إن االستجابة لطلب التغيير يكون في الحدود الالزمة لتحقيق حاجة العامل في ضوء ما طرأ‬
‫من مستجدات‪ ،‬فإذا تحققت كل هذه الشروط تعين على المستخدم االستجابة لطلب التغيير دون‬
‫المساس بالحقوق المادية واألدبية للعامل‪ ،‬بحيث يعتبر رفضه لهذا الطلب رفضا تعسفيا‪.‬‬
‫يكون رفض صاحب العمل اإلستجابة لهذه التغييرات فيما ال تضر إجابته بمصلحة العامل‬
‫في استعمال الحق بما يوجب مسؤوليته‪ ،‬كما أن مصلحة العمل في المؤسسة طالما‬ ‫معيبا بالتعس‬
‫أداء العمل‬ ‫تتطلب من العامل أن يقبل ما يفرضه صاحب العمل من تغييرات في شروط وظرو‬
‫بدوره االيجابي في بناء‬ ‫اقتضتها مصلحة العمل‪ ،‬فإن فكرة انتماء العامل للمؤسسة واالعترا‬
‫الم ؤسسة توجب مساندة هذا األخير له‪ ،‬بحيث يستجاب لطلباته في التغيير في شروط وظرو‬
‫العمل بما يتالئم مع مستجدات حياته الخاصة فيما ال يتعارض مع مصلحة العمل‪.1‬‬
‫‪ - 2- 1- 2‬تطبيقات تعديل العقد لمواجهة المستجدات العادية في الحياة العامل الخاصة‬
‫لعلَ أهم التطبيقات القضائ ية للتعديل عقد العمل لمواجهة المستجدات في حياة العامل الخاصة‬
‫الحكم الهام للقضاء الفرنسي في اعتبار رفض صاحب العمل لطلب العامل تغيير ساعات العمل‬
‫للتمكن من توصيل ابنته للمدرسة‪ ،‬رفضا غير مشروعا طالما لم يكن يترتب على االستجابة لطلب‬
‫العامل أضرار بمصلحة العمل في المشروع‪.2‬‬

‫‪ 1‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪434.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 10 Fév.1993, cah. Soc 1993," L'horaire collectif de travail et à pratiquer des horaires‬‬
‫‪individualisés sous réserve que le comité d'entreprise ou, s'il n'en existe pas, les délégués du personnel n'y‬‬
‫‪soient pas opposés et que l'inspecteur du travail et de la main-d'oeuvre compétent ou, le cas échéant, le‬‬
‫‪fonctionnaire de contrôle assimilé soit préalablement informé".‬‬

‫‪243‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫والتي تجيز‬ ‫‪9‬‬


‫أهم التطبيقات التشريعية لهذا المبدأ ما ورد في المادة‪ L212-4-1‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫ألصحاب العمل في المؤسسات أيا كانت طبيعتها استجابة طلب بعض العمال الخروج عن القواعد‬
‫العامل الشخصية بناءا على‬ ‫العامة للساعات النظامية الموحدة وتبني نظام التفريد‪ ،‬استجابة لظرو‬
‫طلبه بشروط محددة‪ ،2‬من التطبيقات أيضا ما عرفه التشريع الفرنسي من االنتقال من نظام العمل‬
‫ليوم كامل إلى العمل لبعض الوقت بناءا على طلب العامل وهذا ما جاء تنظيمه في المادة ‪L212-‬‬
‫بعد أخذ رأي مفتش العمل‪ ،‬أيضا ما أورده المشرع الفرنسي من تطبيقات‬ ‫‪ 2-4‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫لمواجهة المتطلبات الصحية للمرأة العاملة بموجب المادة ‪ L122-25-1‬من ق‪.‬ع‪ ، .‬التي أجازت‬
‫نقل العاملة الحامل لوظيفة أخرى تتفق وحالتها الصحية الناجمة عن الحمل سواء بناءا على طلبها‬
‫أو بمبادرة من صاحب العمل‪.‬‬
‫إذا كان النص المباشر في القانون الفرنسي يتصل بتغيير نوع العمل استجابة لمتطلبات‬
‫الحمل‪ ،‬فإن هذا المعيار يصح االستناد ليه لطلب تغيير في مكان أو زمان العمل‪ ،‬وهو ما أخذ به‬
‫المشرع الجزائري في تغيير ساعات العمل للعاملة المرضعة‪ ،‬فعلى سبيل المثال نجد أن االتفاقية‬
‫الجماعية للعمل لمؤسسة اتصاالت الجزائر مكنت العامالت من االستفادة من ساعتين خالل الست‬
‫أشهر األولى التي تلي الوالدة‪ ،‬وساعة واحدة خالل الست أشهر الموالية لها‪.3‬‬
‫من تطبيقات ذلك أيضا ما أورده تشريع العمل الفرنسي في المادة ‪ L122-68-1‬في الفترة‬
‫التالية إلجازة رعاية المولود المقررة في المادة ‪ L122-26‬أو في عقد عمل مشترك للعامل سواء‬
‫كان األب أو األم الذي استوفى األقدمية الحق في تغيير توقيت عمله لرعاية ابنه‪.4‬‬
‫تعديل عقد العمل لمواجهة المستجدات الطارئة في حياة العامل الخاصة‬ ‫‪- 2- 2‬‬
‫إذا كانت القاعدة العامة في تعديل العقود بصفة عامة تقضي بعدم إمكانية تعديل العقد إال‬
‫باتفاق الطرفين وفقا لمبد "العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فال يجوز نقضه أو تعديله أال باتفاق الطرفين أو‬
‫لألسباب التي يقرها القانون‪ ، 3‬وهي القاعدة المطبقة كذلك في عقود العمل حيث تنص المادة ‪ 93‬من‬

‫‪9‬‬
‫‪L212-4-1 du C.T.fr :" Dans les entreprises industrielles, commerciales et agricoles, dans les offices publics‬‬
‫‪et ministériels, dans les professions libérales, dans les sociétés civiles, dans les syndicats professionnels et‬‬
‫"‪associations de quelque nature que ce soit, et pour répondre aux demandes de certains travailleurs.‬‬
‫‪ 2‬من أهم الشروط‪ :‬شرط االعالن المسبق لمفتش العل التابع له الهيئة المستخدمة‪ ،‬وأيضا عدم معارضة ممثلي العمال على مستوى‬
‫المؤسسة‪ ،‬وفي المؤسسات التي ال يوجد بها تمثيل عمالي فغن نظام تفريد ساعات العمل ال بد من الموافقة عليه من طرف مفتش‬
‫العمل المختص إقليميا بعد أن يتحرى موافقة العمال في المؤسسة‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 91‬من االتفاقية الجما عية لمؤسسة اتصاالت الجزائر‪ ،‬المسجلة لدى مفتشية العمل المختصة إقليما بتاريخ ‪2113/11/99‬‬
‫بالجزائر‪.‬‬
‫‪ 4‬هذا ما يسمح بمواجهة تغيرات الحياة شأ ن وفاة األم أو انفصالها عن الزوج وعدم رغبتها في رعاية ابنائها أو عدم صالحياتها‬
‫لذلك أو هجرها لألسرة أو غير ذلك من الظروف الشخصية‪ ،‬انظر همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.431‬‬
‫‪ 3‬انظر المادة ‪ 919‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ق‪.‬ع‪.‬ج على أنه يمكنك "يمكن تعديل شروط عقد العمل وطبيعته بنارا على اإلرادة المشتركة للعامل‬
‫عالقة‬ ‫والمستخدم‪ ،‬مع مراعاة هذا القانون"‪ ،‬فإن الواقع العملي كثيرا ما يفرض ويحتم على أطرا‬
‫العمل تعديلها جزئيا أو كليا‪ ،‬دون أن تكون لهم رغبة في التعديل‪ ،‬حيث يصبح اتفاق الطرفين على‬
‫التعديل مجرد قبول أو رضوخ ألمر مفروض مسبقا‪.9‬‬
‫‪ 1-2-2‬تعديل عقد العمل للعجز الناتج عن اإلعاقة‬
‫تعتبر الحالة الصحية من أهم عناصر الحياة الخاصة‪،‬إذ تشكل إصابة العامل بإعاقة أثراً على‬
‫ممارسة عمله‪ ،‬في حالة عجز العامل عجزا جزئيا مستديما عن أداء العمل المتفق عليه يلزم صاحب‬
‫العمل بإسناد عمل آخر اليه من األعمال المتوفرة في المؤسسة والمالئمة لحالة العجز التي ألمت‬
‫به‪ ،2‬ال تنتهي عالقة العمل بالنسبة للعامل المصاب بإعاقة إال في حالة العجز الكامل عن العمل‪.3‬‬
‫اتخذ المشرع الجزائري عدة تدابير لحل إشكالية انقطاع العامل عن ممارسة نشاطه المهني‬
‫بسبب وقوع سبب طارئ في حياته الصحية‪ ،‬وهي موضوعة لتسهيل عودته إلى العمل‪ ،4‬وتتمثل‬
‫في كل الخدمات العينية والنقدية التي تزود العامل بها ما ينقصه من مكيفات ترجع له قدرته على‬
‫ممارسة العمل سواء باستعمال أجهزة أو أعضاء اصطناعية ومعالجات طويلة ومتخصصة‪ ،3‬كما‬
‫تولت المادة ‪ 29‬من القانون رقم ‪ 11/12‬المتعلق بحماية المعوقين وترقيتهم النص على أنه "يتعين‬
‫أصيب بإعاقة مهما كان سببها‪ ،‬بعد فترة إعادة‬ ‫أي عامل أو موظ‬ ‫على المستخدم إعادة تصني‬
‫التدريب‪ ،‬من أجل تولي منصب عمل آخر لديه"‪.9‬‬
‫المشرع الجزائري لم يحدد سبب اإلعاقة‪ ،‬وعليه سواء كان سببها مهني أو غير مهني فإنه‬
‫يجب على المستخدم إعادة إدماج العامل لديه في منصب عمل آخر لديه‪ ،‬لم يتعرض المشرع إلى‬
‫إمكانية رجوع العامل إلى نفس منصب عمله‪ ،‬في حالة ما إذا كانت إعاقته ال تشكل عائق أمام‬
‫ممارسته له من خالل القانون ‪ ،12/11‬في حين كان القانون السابق رقم ‪ 911/12‬يوجب على‬
‫الهيئة المستخدمة في حالة حدوث عائق خارج إطار المهنة بأن تكفل للعامل المصاب به إعادة‬
‫عمله السابق‪ ،‬أو لمباشرة عمل يليق بقدراته ومؤهالته ‪.1‬‬ ‫تأهيله مهنيا قصد إعداده الستئنا‬

‫‪ 9‬احمية سليمان ‪،‬مرجع سابق ص ‪ 39‬و ‪32.‬‬


‫‪ 2‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.431‬‬
‫‪ 3‬بنور سعاد‪ ،‬تشغيل المعوقين في التشريع الجزائري‪ ،‬رسالة ماجيستر تخصص قانون اجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة عبد الحميد بن باديس‪ -‬مستغانم‪ ،2192-2199 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 4‬بنور سعاد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪11.‬‬
‫‪ 3‬الرجوع للمرسوم رقم ‪ 21/14‬المؤرخ في ‪ 9114-12-99‬الذي يحدد كيفيات تطبيق العنوان الثاني من القانون ‪ 99/13‬المتعلق‬
‫بالتأمينات االجتماعية‪ ،‬الذي جاء لتوضيح مسألة التعويض عن المرض‪.‬‬
‫‪ 9‬القانون رقم ‪ 11/12‬المؤرخ في ‪ ،2112/13/11‬المتعلق بحماية المعوقين وترقيتهم‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،34‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪2112./13/99‬‬
‫‪ 1‬المادة ‪ 93‬من القانون ‪ 911-12‬المؤرخ في ‪ 9112-13-93‬المتعلق بتشغيل المتعلق بتشغيل المعوقين وإعادة تأهيلهم المهني‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪- 2- 2- 2‬تعديل عقد العمل للعجز الناتج عن المرض‬


‫كثيرا ما تعترض حياة العامل الخاصة بعض العوامل واألسباب التي تفرض عليه طلب تعديل‬
‫عقد العمل‪ ،‬فمثلما يحق للعامل تعديل عقد العمل في حالة حصوله على مؤهل أو شهادة مهنية تمكنه‬
‫من االرتقاء في السلم الوظيفي‪ ،‬فإنه يمكن أن يطلب تعديل عقد عمله كذلك كأثر لعدم تأقلم العامل‬
‫مع المهام المسندة إليه لحالته الصحية بسبب مرض أو مرض مهني‪.‬‬
‫كل عامل أصيب بعجز نتيجة مرض منعه من ممارسة نشاطه بشكل عادي وهو مؤمن له‪،‬‬
‫تتكفل هيئة الضمان االجتماعي بتقديم الخدمات الالزمة له ليستعيد صحته ويعيد تكيفه مع الوسائل‬
‫المكونة لممارسة نشاطه المهني أو نشاط آخر مناسب لحالته الصحية الجديدة‪ ،‬فالمرض أو العجز ال‬
‫ينهي عقد العمل‪،‬وهذا ما استقر عليه استقر عليه اجتهاد المحكمة العليا في عدة قرارات لها ‪.1‬‬
‫تتشابه أعراض األمراض المهنية مع األمراض العادية التي تصيب االنسان في حياته اليومية‬
‫من حيث األسباب وطرق اإلصابة بها‪ ،2‬إذ ال تتصل بالعمل أو ظروفه‪ ،‬وإنما‬ ‫إال أنها تختل‬
‫بالتكوين الفسيولوجي لإلنسان ‪ ،‬أما المرض المهني هو المرض المتصل بممارسة النشاط المهني‪،3‬‬
‫قد تتسبب األمراض سواء كانت عادية أو مهنية عجزا جزئيا مستديما عن العمل ينقص قدرة العامل‬
‫نقصا مؤثرا على أداء عمله األصلي على وجه المرض سواء كان بسبب اإلصابة عمل أو حادث‬
‫خارجي أو مرض‪ ،‬طالما أن عدم الصالحية ألداء العمل األصلي ال ترجع لتقصير العامل‪ ،4‬ال شك‬
‫أنه وفي مثل هذه الحالة قد يضطر العامل إلى طلب تعديل عقد عمله بسبب هذا المرض الذي‬
‫أعجزه عن ممارسة نشاطه المهني األصلي‪ ،‬عجزا جزئيا يسمح بمزاولة نشاط مهني ‪. 5‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل من المراقبة التكنولوجية‬
‫حقيقة أن تبعية العامل لصاحب العمل أخذت وجها جديدا يتناسب واألشكال الحديثة للمؤسسة‪،‬‬
‫تنصب على ضرورة مراقبة النشاط في حد ذاته وليس العامل‪ ،‬إالَ أننا من ناحية أخرى نجد أن‬
‫‪6‬‬
‫التكنولوجيا وتقنيات التنظيم الحديثة تفرض استعمال وسائل تقنية خفية ال يكون العمال على علم بها‬

‫‪ 1‬ملف رقم ‪ 919199‬قرار صادر في ‪ 9113/91/29‬عن الغـرفة االجتماعية بالمحكمة العليا‪ ،‬غير منشور‪ ،‬وملف رقم ‪ 913219‬قرار صادر‬
‫في ‪ 2111/14/99‬عن الغرفة االجتماعية بالمحكـمة العليا‪ ،‬غيـر منشور‪.‬‬
‫‪ 2‬يوسف فلوح أحمد‪ ،‬حوادث العمل واألمراض المهنية في التشريع الجزائري‪ ،‬رسالة ماجيستر‪ ،‬تخصص قانون إجتماعي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلدارية ‪ ،‬جامعة وهران‪ ،2199-2191 ،‬ص ‪22.‬‬
‫‪ 3‬بن عزوز بن صابر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.213-214‬‬
‫‪ 4‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪431.‬‬
‫‪ 5‬المادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 93/13‬المتعلق بحوادث العمل واألمراض المهنية‪ ":‬للعامل الذي يصبح إثر حادث غير قادر على ممارسة مهنة أو‬
‫ال تتأتى له إال بعد إعادة التكييف‪ ،‬الحق في تكييفه مهنيا داخل المؤسسة أو لدى صاحب العمل لتمكينه من تعلم ممارسة مهنة من اختياره"‪ ،‬غير‬
‫أن المالحظ من خالل نص هذه المادة أن المشرع نص على عبارة حادث دون التطرق إلى المرض المهني‪ ،‬وال شك أن العامل الذي يصبح بعد‬
‫االصابة بالمرض المهني غير قادر على ممارسة مهنته يحق له تغيير هذه المهنة لتالئم وضعه الصحي بعد المرض‪.‬‬
‫‪ 6‬ماموني فاطمة الزهراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪993.‬‬

‫‪241‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫من أجل مراقبة تحركاتهم واتصاالتهم داخل المؤسسة‪ ،‬مما ينجر عنه مساس بحياتهم الخاصة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬مراقبة تحركات العامل داخل المؤسسة‬
‫أساليب المراقبة الحديثة عن تلك التقليدية‪ ،‬والتي كانت‬ ‫أدت التكنولوجية الحديثة إلى اختال‬
‫تعتمد أساسا على العنصر البشري من مراقبة ومتابعة أداء العامل للعمل المنوط به‪ ،‬وأضحت‬
‫الرقابة الحديثة تتميز باالستمرارية والشمول لكل تحركات العامل حفاظا على السالمة واألمن داخل‬
‫المؤسسة‪ ،‬ولتأمين ممتلكاتها من السرقات والحفاظ على سرية المعلومات‪،1‬لكن يمكن لهذه الوسائل‬
‫أن تشكل خطرا على الحياة الخاصة للعامل إذا ما تم استعمالها لغير ما أعدت له‪ ،‬وهذه التقنيات‬
‫تتمثل في‪ :‬البطاقات االلكترونية‪ ،‬وكاميرات المراقبة‪ ،‬والبرماجيات المعلوماتية‪.‬‬
‫‪ - 1‬البطاقات االلكترونية‬
‫مراقبة الدخول والخروج والتنقل داخل المؤسسة يتم حاليا عن طريق البطاقة االلكترونية‬
‫الممغنطة‪ ،‬التي يتم تزويد العمال بها قصد رصد تحركاتهم‪ ،‬والتي تحتوي على معلومات ضرورية‬
‫تسمح بتحديد هوية العامل‪ ،2‬تعمل أغلبية المؤسسات األجنبية بهذا النظام‪ ،‬حيث تقوم بتوصيل جهاز‬
‫مراقبة العمال بمصلحة الموارد البشرية‪ ،‬إذ يحتوي على برنامج آلي يشتغل بمجرد وضع العامل‬
‫فيها العامل من‬ ‫البطاقة االلكترونية داخل هذا الجهاز‪ ،‬فيحدد البرنامج الساعة التي دخل وانصر‬
‫مكان العمل‪،‬غير أن معظم المؤسسة الجزائرية تعتمد على توقيع العامل إلثبات حضوره‪.3‬‬
‫العامل بمجرد إبرامه لعقد العمل يكون قد وافق على الخضوع لما يضعه صاحب العمل من‬
‫ضوابط في الدخول إلى مكان العمل والتنقل بداخله‪ ،‬وإذا كان ذلك يعد ممارسة لسلطة صاحب‬
‫العمل في تنظيم العمل داخل المؤسسة‪ ،‬إال أنه يخشى في ظل التوسع في استخدام التكنولوجيا‬
‫الحديثة أن يتجاوز هذه السلطة لما ال يجوز المساس به من خصوصيات العامل‪ ،‬تتبع العامل‬
‫ومراقبته قد يشكل اعتداءاً على حقه في الخصوصية‪ ،‬فحماية الحياة الخاصة ليست إال امتداد للحرية‬
‫الشخصية التي يجب أن يتمتع بها الفرد‪ ،4‬فرغم الدور الكبير الذي تؤديه البطاقات الممغنطة في‬
‫تسهيل فرض المراقبة من جانب صاحب العمل على عمَاله‪ ،‬إالَ أنها قد تشكل خطرا على حقوقهم‬
‫وحرياتهم‪ ،‬في حالة انحرافها عن الغاية التي أنشئت ألجلها‪.‬‬
‫ن صاحب العمل هو مصدر البطاقة؛ فإن البيانات والمعلومات االلكترونية المسجلة بها قد‬
‫بما أ َ‬

‫‪ 1‬محمد أنس قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ARIANE (M) , Travail et libertés individuelles, l’évolution du droit, Gaz, pal, N°117,1994, p 8.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 34‬من النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائري‪ ،‬الملحق رقم ‪.11‬‬
‫‪ 4‬حسام الدين كامل الهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة " الحق في الخصوصية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،9111 ،‬ص ‪.991‬‬

‫‪241‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تشكَل ملفا الكترونيا للعامل‪ ،‬ممَا يسمح لصاحب العمل بالدَخول مباشرة إلى كلَ المعلومات الموجودة‬
‫بالبطاقة دون حاجة لحصوله على الموافقة‪ ،5‬وتثير مسألة استعمـال البطاقـات االلكترونية كوسيلة‬
‫لمراقبة تحركات العمال نوعين من المشاكل وهما ‪:‬‬
‫‪ -1-1‬مدى حرية تنقل العامل داخل المؤسسة‬
‫من أهم اإلشكاليات التي يثيرها استعمال البطاقة االلكترونية في ميدان العمل ما يتعلق بحرية‬
‫العامل في التنقل داخل المؤسسة‪ ،‬وما تسببه هذه البطاقات من اعتداء على هذه الحرية األساسية‪،‬‬
‫فك مبدأ عام ينبغي أن تظل الحريات الفردية داخل المؤسسة أمرا استثنائيا وأن تجد مبرراتها في‬
‫المراد تحقيقه‪.1‬‬ ‫رقابة األمن واإلنتاج وأن تكون سلطة صاحب العمل في استخدامها مالئمة للهد‬
‫الواضح أن هذه المبررات غير متوفرة في أغلب المؤسسات التي تلجأ لنظم البطاقات‬
‫االلكترونية‪ ،‬حيث تثار المشكالت المرتبطة بحرية التنقل عموما في مجال الحقوق الخاصة التي‬
‫يتمتع بها الممثل العمالي أو النقابي‪ ،2‬إذ أن حرية التنقل داخل المؤسسة تعد من االمور التي ال‬
‫يعارضها صاحب العمل‪ ،‬ويستلزم األمر فقط التوفيق بين صاحب العمل في منع السرقة وتأمين‬
‫بعض المواقع ذات األهمية الخاصة وبين حقوق الممثل العمالي بما يكفل له أداء أعماله‪.3‬‬
‫‪ -2-1‬مدى حماية المعلومات الشخصية للعامل في البطاقة االلكترونية‬
‫قد يترتب على استعمال المستخدم البطاقة االلكترونية كوسيلة لمراقبة العمال مشاكل تتعلق‬
‫تتعلق بالمعلومات التي ي مكن أن تحتويها البطاقات اإللكترونية‪ ،‬فهذه البطاقة تعتبر بمثابة نظام‬
‫للمعلومات الشخصية تسمح بتحديد هوية صاحبها وبالتوقيع االلكتروني وبتخزين المعلومات‬
‫وبسريتها‪ ،‬ولها قدرات تمكن من تخزين تنقالت العامل وتحركاته‪ ،‬كما تسمح بتسجيل سلوك العامل‬
‫وتصرفاته مع تحديد زمانها ومكانها‪.4‬‬
‫تمكن هذه البطاقات صاحب العمل من معرفة كل تحركات العامل من حضور وتأخر وغياب‪،‬‬
‫المؤسسة‪ ،‬واستعمال هذه الرقابة يعتبر مشروعا في‬ ‫واعتماد هذه الرقابة البد أن يتناسب وهد‬
‫المؤسسات الفرنسية‪ ،‬طالما أن المعالجة اآللية للمعطيات قد تم االعالن عنها مسبقا‪ ،‬وتمت وفقا‬
‫للشروط التي يتطلبها القانون‪ ،‬والتي من بينها الحصول على موافقة العامل‪ ،‬كما يجب على صاحب‬

‫‪ 5‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪1‬‬
‫‪LEFEBVRE (S), Nouvelles technologies et protection de la vie privée en milieu de travail en France et ou‬‬
‫‪Québec, presses universitaires d’Aix – Marseille, France, 1998, p 131.‬‬
‫‪ 2‬يمكن لصاحب العمل أن يحدد مستويات متدرجة في الدخول إلى أماكن العمل‪ ،‬فهناك بعض األماكن ال يسمح بالدخول إليها إالَ‬
‫لكبار العاملين‪ ،‬أو ممثلي العمال‪ ،‬الذين سبق اختيارهم والموافقة عليهم‪ ،‬وعادة ما يتم اللجوء إلى هذا النوع من الرقابة في‬
‫المؤسسات التي تتطلب درجة معينة من السرية واألمن‪.‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.991‬‬
‫‪4‬‬
‫‪LYON-CAEN (G), Les libertés publiques et l’emploi, la documentation française, 1992, p144.‬‬

‫‪231‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العمل أن يستشير لجنة ممثلي العمال بالمؤسسة ويخطرها سلفا‪ ،‬قبل الشروع في استخدام هذا‬
‫البطاقات في المؤسسة‪.5‬‬
‫‪ - 2‬كاميرا المراقبة‬
‫إن عالقة العمل وإن كانت تضع العامل تحت رقابة صاحب العمل إعماال لمبدأ التبعية‬
‫صاحب العمل‪ ،‬فإن ذلك ال يعني تنازال من‬ ‫القانونية الذي يخضع بمقتضاه العامل لسلطة وإشرا‬
‫قبل العامل عن حقه في حياته الخاصة‪ ،‬ال سيما في ظل لجوء الكثير من أصحاب األعمال وبشكل‬
‫متزايد إلى استعمال كاميرات مراقب ة‪ ،‬لرقابة نشاط العامل من ناحية ولمنع السرقات أو المخالفات‬
‫من ناحية أخرى‪.‬‬
‫لعل أبسط أشكال مراقبة العمال وضع كاميرا أو عدة كاميرات في أماكن العمل‪ ،‬مع توصيلها‬
‫بشاشة عرض لحجرة المراقبة‪ ،‬يتم من خاللها نقل صورة وصوت العمال‪ ،‬وتخزينها بشكل آلي مع‬
‫إمكانية التحكم اليدوي في المراقبة‪.‬‬
‫شهدت أنظمة مراقبة العمال انتشارا كبيرا وتطورا واسعا بتطور تقنيات التصوير بالكاميرات‪،‬‬
‫من المراقبة التناظرية (‪ )Vidéosurveillance analogique‬إلى المراقبة التلفيزيونية الرَقمي‬
‫)‪(Vidéosurveillance numérique‬بما يعني القدرة على تخزين معلومات الصورة والصوت‬
‫ومعالجتها بواسطة الحاسب اآللي‪ ،‬األمر الذي يشكل خطر على الحياة الخاصة للعامل‪.1‬‬
‫تجدر اإلشارة أن المشرع الجزائري أقر مبدأ اعتماد نظام المراقبة بالفيديو في المؤسسات‬
‫االقتصادية الكبرى بموجب المادة الرابعة من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 221/93‬المؤرخ في ‪22‬‬
‫أوت ‪ 2193‬المتعلق بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو‪ ،‬وأجَل تحديد شروطها بموجب‬
‫الذكر والتي جاء فيها "تحدد شروط‬ ‫نص قانوني الحق طبقا لنص المادة ‪ 99‬من المرسوم السال‬
‫وضع وتسيير أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو الخاصة‪...‬بالمؤسسات االقتصادية الكبرى بموجب‬
‫نصوص خاصة‪.2‬‬

‫‪5‬‬
‫‪L’article L 432-2-1 du code du travail prescrit que le comité d’entreprise doit être « informé et consulté‬‬
‫‪préalablement à la décision de mise en œuvre dans l’entreprise, sur les moyens ou les techniques permettant‬‬
‫‪un contrôle de l’activité des salariés ».‬‬
‫‪ 1‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 2‬المرسوم الرئاسي‪ 221/ 93‬المؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪ 2193‬المتعلق بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو وسيره‪ ،‬ج ‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 43‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬أوت ‪ ، 2193‬تطرق هذا المرسوم إلى تحديد األماكن المعنية بالمراقبة عن طريق كاميرا الفيديو والتي‬
‫كان من بينها الطرق المؤدية إلى المؤسسات االقتصادية الكبرى‪ ،‬أما بخصوص تنفيذ هذه المراقبة فقد نص هذا المرسوم على أن‬
‫المراقبة بواسطة الفيديو تتم بواسطة وسائل المؤسسة االقتصادية‪ ،‬وبشأن شروط إعمال هذه الكاميرات أكدت المادة السابعة من‬
‫نفس المرسوم على أن تنصيب كاميرات المراقبة لتصوير الطريق العام من أجل حماية ضواحي موقع المؤسسة االقتصادية‪ ،‬األمر‬
‫الذي يتطلب رخصة إدارية يسلمها والي الوالية‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -1-2‬معارضة مراقبة العامل من خالل كاميرا المراقبة‬


‫في عصرنا الحاضر أصبحت كاميرا المراقبة شكال جديدا من أشكال التفتيش والتنقيب‪ ،‬ألن‬
‫استعمال صاحب العمل الكاميرات لرصد العامل يشكل نوع من التدخل الذي يسمح بالتقاط صورته‪،‬‬
‫وتسجيل محادثاته‪ ،‬ونقل كل تحركاته داخل أماكن العمل‪.‬‬
‫تضاربت اآلراء الفقهية حول مشروعية مراقبة صاحب العمل للعمال عبر كاميرا المراقبة‪،‬‬
‫فذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار أن مراقبة العمال من خالل الكاميرا غير مشروع ألن الكاميرا‬
‫الذي يبتغيه المستخدم‪ ،‬فيما يرى بعض الفقهاء‬ ‫بطبيعتها تشكل وسيلة مراقبة غير متناسبة مع الهد‬
‫أن مجرد التقاط صورة العامل بغير علمه يشكل اعتداءا على حياته الخاصة‪ ،‬كون هذا النوع من‬
‫الرقابة يسمح برصد ومالحقة تحركات العامل مما يشكل ضغط نفسي عليه‪ ،1‬كما أن المراقبة عبر‬
‫كاميرا الفيديو تسمح بإظهار عناصر تخرج عن نشاط العامل المهني‪ ،‬لتطال دائرة حياته الخاصة‪.2‬‬
‫أفرزت التكنولوجيا الحديثة من األجهزة ما يمكن من خاللها مراقبة العمال في كافة تحركاتهم‪،‬‬
‫من ذلك كاميرات المراقبة التي يمكنها متابعة العمال ليس فقط عند أدائهم العمل المنوط بهم بل حتى‬
‫أثناء تواجدهم في أكثر األماكن خصوصية‪ ،3‬وإنَ لجوء صاحب العمل إلى رصد تحركات العامل‬
‫داخل مكان العمل باالعتماد على تقنية كاميرا المراقبة من شأنه أن يشكل نوع من التدخل الذي‬
‫يسمح بالتقاط صورته‪ ،‬فحق العامل في الصورة‪ ،‬يجعل إلتقاطها دون علمه أو رضاه بمثابة اعتداء‬
‫على حياته الخاصة‪ ،‬فالصورة تعتبر انعكاسا لروح اإلنسان وشخصيته العميقة‪ ،4‬والمراقبة بالكاميرا‬
‫تمكن من متابعة وتسجيل أقل حركة للعامل سواء كان في صورة حزن أو فرح أو تعب‪ ،‬مما يشكل‬
‫مساسا بحياته الخاصة‪ ،‬يؤكد البعض من الفقه من أن استعمال الكاميرا لمراقبة األداء الفردي‬
‫للعامل هو اعتداء على الحق الذي يكفله له القانون على صورته أي كانت النظرة إلى هذا الحق‪،‬‬
‫أي سواء اعتبرت حمايته حماية للحياة الخاصة‪ ،‬أم اعتبرت من قبيل احترام الحق في الشر ‪.‬‬
‫فيما يعارض البعض على مبدأ المراقبة ذاته‪ ،‬باعتباره يمثل اعتداء على ذاتية الشخص نفسه‪،‬‬
‫الذي يسعى صاحب العمل‬ ‫وما يمكن أن تلعبه كاميرات المراقبة كوسيلة غير مالئمة تتجاوز الهد‬
‫إلى تحقيقه‪ ،‬لتظهر مسائل ال تتصل بالنطاق المهني ولكن باألحرى تطال شخصية الفرد وذاتيته‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪CADOUX (L), Vidéosurveillance et protection de la vie privée et des libertés fondamentales, Rapport‬‬
‫‪présenté devant la CNIL, le 30/11/1993, p 12.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪GREVY (M), Vidéosurveillance dans l’entreprise, Un mode normal de contrôle des salaries, Dr.Soc.1995,‬‬
‫‪p330.‬‬
‫‪ 3‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ACQUARONE (D), L’ambigüité du droit à l’image, D, 1985, p129.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪GREVY (M) , Vidéo surveillance dans l’entreprise, un mode normal de contrôle des salariés, Dr.soc, No 4,‬‬
‫‪1990, p 330.‬‬

‫‪232‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -2-2‬تأييد مراقبة العمل من خالل كاميرا المراقبة‬


‫يرى اتجاه فقهي آخر أن الرقابة من خالل كاميرا الفيديو هي أكثر فعالية مقارنة بوسائل‬
‫الرقابة البشرية التقليدية التي يتوالها ممثل صاحب العمل‪ ،‬فالكاميرا تسجل وتخزن كل ما تتلقاه من‬
‫معلومات بشأن تحركات العامل على مدى الزمان والمكان‪ ،1‬حيث قضت محكمة النقض الفرنسية‬
‫عن معلومات عن السرقة‪ ،‬أو خيانة األمانة‪ ،‬ال‬ ‫الكش‬ ‫بأن تسجيل تصرفات العمال الذي يستهد‬
‫يمكن أن يتشابه مع تسجيل الصور المتعلقة بألفة الحياة الخاصة لألفراد‪ ،‬وعليه فإن التسجيل ال‬
‫يشكل اعتداء غير مشروع على الحياة الخاصة للعمال الذين تم تصويرهم‪.2‬‬
‫ال مبدأ عام ال يجوز لصاحب العمل إجراء هذه المراقبة‪ ،‬ما عدا في حاالت محددة ووفقا‬
‫بها قانونا‬ ‫لشروط معينة‪ ،‬ألن األمر يتجاوز عالقات العمل‪ ،‬ويمتد إلى انتهاك الحقوق المعتر‬
‫بحق صاحب العمل في‬ ‫للعامل ومنها الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬يتضح أن القضاء الفرنسي يعتر‬
‫مر اقبة عماله من خالل كاميرا المراقبة‪ ،‬حال وجود أسباب موضوعية تدعو لذلك‪ ،‬مع التأكد من‬
‫ضرورة توفر هذه الوسيلة على المعايير األساسية‪ ،‬من حيث مراعاتها مبدأ المالئمة‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في تأمين سالمة المؤسسة ومنع السرقات‪ ،‬ومراعاة النظام داخل المؤسسة أو تحسين أداء العمال‪،‬‬
‫مع وجوب إعالم العمال بوجود هذه الرقابة مسبقا‪ ،3‬من خالل حكم للغرفة اإلجتماعية لمحكمة‬
‫النقض الفرنسية الصادر بتاريخ ‪ ،9113/13/22‬قررت المحكمة أنه » إذا كان لصاحب العمل الحق‬
‫في مراقبة عماله خالل وقت العمل‪ ،‬فإنه ال يجوز له إنفاذ آلية المراقبة دون إعالمهم المسبق‬
‫بذلك» ‪. 4‬‬
‫ثانيا‪ :‬مراقبة نشاط العامل داخل المؤسسة‬
‫تتيح الكثير من نظم المعلوماتية لصاحب العمل بمتابعة أداء العامل لعمله‪ ،‬من خالل أنظمة‬
‫تكنولوجية حديثة وبرمجيات متقدمة تراقب النشاط الفعلي للعامل‪ ،‬وترصد متابعته لعمله‪ ،‬وبالتالي‬
‫تراقب المعلوماتية هنا عالقة العمل نفسها‪ ،5‬وتضع نظام مراقبة معلوماتي إلى جانب إلى المراقبة‬
‫البشرية أو يحل محلها‪.6‬‬
‫أضحت العالقة بين المعلوماتية والعمل واقعا موجودا وضرورة حتمية تفرض نفسها على‬
‫الحياة المهنية‪ ،‬هذه العالقة وإن كانت تتضمن جوانب إيجابية كثيرة‪ ،‬فإنها تنطوي في المقابل على‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.949‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Cass. Crim , 23 Juillet 19 92, Bull, crim. N° 274.‬‬
‫‪ 3‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Soc 22/05/1995, JCP 1996 , Doctrine 3899, N° 9. Note F RAIBAULT.‬‬
‫‪ 5‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.993‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪éme‬‬
‫‪16 Rapport d’activité de la CNIL, la Documentation française, 1995, p 114.‬‬

‫‪233‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫جوانب سلبية تشكل خطرا على الحياة الخاصة والممارسة الفعلية للحرية الشخصية للعامل‪.‬‬
‫‪ - 1‬األنظمة المعلوماتية لمراقبة النشاط المهني للعامل‬
‫أوجدت التكنولوجيا الحديثة من األنظمة المعلوماتية ما يسمح بمراقبة نشاط العامل المهني‪،‬‬
‫وقياس أداءه الفرد ي للعمل المنوط به‪ ،‬ال شك أن ذلك يمثل ميزة أساسية بالنسبة للمستخدم الذي‬
‫يسعى دائما إلى تقدير فعالية أداء عماله وتقدير مدى العائد االنتاجي الذي يمثلونه بالنسبة للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ - 1- 1‬نظام التجميع عن بعد للبيانات المرتبطة بأداء العمل‬
‫من الوسائل التي تلجأ إليها ال مؤسسات لمراقبة نشاط العامل‪ ،‬نظام جمع المعلومات عن بعد‬
‫بـ ‪ ،Télémétrie‬أي المتابعة عن بعد للبيانات المتعلقة بأداء‬ ‫بواسطة إجراءات آلية أو ما يعر‬
‫العمل من خالل الوسائل واألجهزة اآللية‪ ،‬التي تلعب دورا هاما في مراقبة أداء العامل الذي يقتضي‬
‫نشاطه المهني تعامال مباشرا على الكومبيوتر‪ ،‬كما في حالة العامل الذي تكون مهمته تلقي‬
‫المعلومات وتخزينها‪ ،‬أو إجراء االتصاالت وتلقيها أو الكتابة على الكومبيوتر‪.1‬‬
‫يستتبع هذا النظام اتصاال مباشرا بين عمل العامل على أحد أجهزة الحاسب اآللي وبين الوحدة‬
‫المركزية‪ ،‬فيقوم هذا النظام بتسجيل إحصائي آلي لكل عمل أو خطوة يتخذها العامل كعدد المرات‬
‫التي تم الضغط فيها على لوحة التحكم وعدد األخطاء التي وقعت والدقائق التي تم العمل خاللها‬
‫الذي حدث أثناء أداء العامل لعمله‪...‬الخ‪ ،2‬يتميز نظام المتابعة عن بعد بأن تسجيل يتم عن‬ ‫والتوق‬
‫بعد‪ ،‬ويكون تسجيال أليا وتلقائيا لبيانات إحصائية دقيقة عن أداء العمل‪ ،‬والوقت الفعلي الذي يقوم‬
‫من خالله عن العمل الفعلي‪.3‬‬ ‫فيه العامل بأداء العمل المنوط به‪ ،‬والوقت الذي توق‬
‫‪ - 2- 1‬نظام الرمز السري‬
‫ظهرت برماجيات متقدمة لمراقبة نشاط العمال ي مكنها أن تسجل كل مرحلة من مراحل العمل‬
‫ومدى اإلنجاز الذي تم تحقيقه‪ ،‬وكذلك مدة العمل وحسابة انتاجية كل عامل من خالل أجهزة‬
‫الحاسب اآللي المنتشرة في المؤسسة والمرتبطة بالوحدة المركزية‪ ،‬وبالتالي يمكن للحاسب اآللي أن‬
‫يحصي معدل انتاج كل عامل في المؤسسة‪ ،‬و للمستخدم اتخاذ االجراءات الالزمة حيال العمال‬
‫ذوي االنتاجية الضعيفة‪ ،‬بعد أن صار انتاج العمال في صورة مرئية ومكشوفةلصاحب العمل‪.4‬‬
‫لعل أهم هذه الطرق التي تعمل على قياس أداء العامل طريقة الرمز السري التي تتمثل فيا‬
‫ب ‪ Code à barre‬حيث ي كون بمقتضاها لكل مهمة يقوم بها العامل بطاقة أو أمر عمل‬ ‫يعر‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.992‬‬


‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.993‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LYON-CAEN (G), op.cit, p 141.‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.994‬‬

‫‪234‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يحمل رمزا أو رقما سريا‪ ،‬يتعين على العامل استخدامه أو تمريره عبر األجهزة المخصصة لذلك‬
‫في بداية قيامه بهذه المهمة وفي نهايتها‪ ،‬وذلك بغرض تحديد ساعات العمل التي قضاها في انجاز‬
‫هذه المهمة‪ ،‬وفقا لهذه اآللية يتحمل العامل جراء نسيان استخدام بطاقة الرقم السري المخصصة له‬
‫في بداية عمله أو عند الفراغ منه‪ ،‬يعني اقتطاع من األجر بقدر النسيان‪.1‬‬
‫‪ - 3- 1‬طريقة قياس االنتهاء من االنتاج‬
‫باإلضافة إلى ما تقدم هناك العديد من بالبرامج المعلوماتية ما يسمح بتسجيل كل مرحلة من‬
‫مراح ل أداء العمل‪ ،‬مثال االنتهاء من إنتاج قطعة معينة والوقت الذي استغرقه انتاجها‪ ،‬مما يسمح‬
‫بالتالي ومن خالل الطرفيات ‪ Les terminaux‬المرتبطة بالحاسب اآللي المركزي الموجود في‬
‫موقع من مواقع االنتاج بالمؤسسة من الحساب اآللي والتلقائي لإلنتاجية الفردية‪.2‬‬
‫تم ت طبيق هذا النظام في بعض المؤسسات الصناعية للمنسوجات في فرنسا‪ ،‬حيث لجأت إلى‬
‫استخدام أنظمة معلوماتية قادرة من خالل كل جهاز على إحصاء عدد القطع التي يتم انتاجها‪ ،‬الوقت‬
‫الذي يستغرق في انتاج كل قطعة‪ ،‬وكذا أوقات الراحة‪ ،‬حيث يمكن جهاز الكمبيوتر من حساب‬
‫العائد االن تاجي لكل عامل‪ ،‬على نحو يستطيع من خالله صاحب العمل مراقبة فعالية أداء عماله‬
‫واتخاذ االجراءات الالزمة لمواجهة من أوضحت هذه المراقبة عدم كفاية انتاجيتهم‪.3‬‬
‫‪ - 2‬أثر األنظمة المعلوماتية على الحياة الخاصة للعامل‬
‫بين المتطلبات االقتصادية لصاحب العمل في اللجوء إلى المعلوماتية‪ ،‬وما بين المتطلبات‬
‫اإلجتماعية للعمال‪ ،‬أصبحت المعلوماتية وسيلة في خدمة الجانب القوي الذي يملك السلطة في‬
‫وهو العامل‪ ،‬تعبر بذاتها عن احتمال المساس بالحياة الخاصة‬ ‫المؤسسة في عالقته بالجانب الضعي‬
‫له‪ ،‬وهنا تثار إشكالية تتمثل في مدى التوفيق بين ضرورة استعمال المعلوماتية في المؤسسة‬
‫المستخدمة من جهة‪ ،‬وضرورة حماية العامل من مخاطرها من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -9-2‬مراقبة األنظمة المعلوماتية للحياة الخاصة للعامل‬
‫إن أنظمة المعلوماتية السابق ذكرها والتي تستخدم في متابعة مدى فعالية أداء العامل تتميز‬
‫بأن ما تقوم به يتم عن بعد‪ ،‬حيث يجهل العامل أن هناك معلومات يتم تجميعها لتقدير انتاجيته‪،‬‬
‫أو العائد الذي يدره على المؤسسة التي يعمل بها‪ ،‬وفي هذا الصدد يرى بعض الفقه "أن األداء عن‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.993‬‬


‫‪2‬‬
‫‪LYON-CAEN(G), op.cit, p 149, N.CHAUVET, Les nouveaux mode de contrôle de l’activité des salariés, in‬‬
‫‪Informatique et relation de travail, Economica, 1986, p 19.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CHAUVET (N), op.cit, p 18.‬‬

‫‪233‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بعد‪ ،‬وبتطبيقه على عملية اإلنتاج‪ ،‬إنما يغير في عقد العمل من الداخل‪ ،‬وذلك بجعله القائم بالعمل‬
‫شفافا على نحو تام"‪.1‬‬
‫فيما يرى اتجاه فقهي آخر أن قيام صاحب العمل بمراقبة عملية االنتاج كما وكيفا على النحو‬
‫السابق ذكره ليس فيه ما يمس بالحياة الخاصة للعامل‪ ،‬فالرقابة ال تنصب على العامل ذاته وغنما‬
‫على انتاجه وتصرفاته‪ ،2‬ترى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات في فرنسا أن ظهور التكنولوجيا‬
‫واستخدامها في مجال العمل أدى إلى طمس المعالم الفاصلة بين الحياة المهنية والحياة الخاصة‬
‫للعامل‪ ،‬خاصة عن التخلي المتزايد عن العمل داخل المؤسسة واللجوء المتزايد للعمل في المسكن‬
‫على جهاز الحاسب اآللي‪.‬‬
‫بعد تدخل األنظمة المعلوماتية في الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬دعت اللجنة الوطنية للمعلوماتية‬
‫والحريات إلى الزام صاحب األعمال الذي يستخدمون مثل هذه النظم لتحديد مدى فعالية أداء العمال‬
‫وقياس انتاجهم بضرورة إخطار اللجنة مسبقا بهذه النظم وتلك االجراءات قبل وضعها موضع‬
‫القضاء الفرنسي بمسؤولية صاحبالعمل في حالة عدم إعالم اللجنة باستخدام هذه‬ ‫التنفيذ‪ ،‬وقد اعتر‬
‫األنظمة لمتابعة وقياس انتاجية العمال‪.3‬‬
‫‪ -2-2‬أثر المعلوماتية على المعلومات الشخصية للعامل‬
‫ال شك أن صاحب العمل الحق في مراقبة أداء العامل للعمل المنوط به‪ ،‬وله في هذا االطار‬
‫في ذلك القانون‬ ‫اتخاذ ك افة الوسائل التي يرها ضرورية في تحقيق أهدافه‪ ،‬طالما لم يخال‬
‫واالتفاقيات الجماعية للعمل‪.‬‬
‫غير أن ما يتم تحصيله من معلومات من خالل استعمال أنظمة المعلوماتية لرقابة فعالية أداء‬
‫العامل يستدعي عما إذا كان ما يتم تحصيله وتسجيله من معلومات وبيانات عن كفاءة العامل‬
‫وانتاجيته هو مما يدخل في نطاق إعمال القوانين الهادفة إلى حماية البيانات ذات الطابع الشخصي‪.‬‬
‫حرص القانون الفرنسي الصادر في سنة ‪ 9111‬المعدل في سنة ‪ 2114‬بشأن المعلوماتية‬
‫والحريات‪ ،‬إلى حماية األشخاص في مواجهة معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬ال سيما وأن‬
‫تجميع البيانات الشخصية من خالل أنظمة المعلوماتية قد يؤدي إلى المساس بخصوصية العامل‪.‬‬
‫ال شك في أن جمع هذه المعلومات الشخصية ومعالجتها ينطوي على خطورة كبيرة على‬
‫سرية الحياة الخاصة‪ ،‬لهذا أخضع المشرع الفرنسي رقابة هذه المعلومات للجنة الوطني للمعلوماتية‬

‫‪1‬‬
‫‪LYON-CAEN(G), op.cit, p 149.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.994‬‬
‫‪3‬‬
‫‪T.G.I, 5 Fév. 1990, cité par A.MOLE, Au-delà de la loi informatique et liberté, Dr.soc, N° 6, 1992, p 207.‬‬

‫‪239‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫والحريات‪ ،‬إذ تلزم هذه األخيرة أصحاب اإلعمال باتباع قواعد محددة عند طلب المعلومات من‬
‫العامل أو المعالجة اآللية لبياناته ومعلوماته منها‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون جمع المعلومات الشخصية بصفة مشروعة‪ ،‬وبعد الحصول على ترخيص‬
‫مسبق من اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ االحتياطات الالزمة للمحافظة على سالمة هذه المعلومات‪ ،‬ومنع الغير من تعديلها‬
‫أو االضرار بها‪ ،‬أو اإلطالع عليها دون إذن من صاحبها‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد الغاية من عملية المعالجة بكل دقة ووضوح‪ ،‬بحيث يمنع الخروج عن الغرض الذي‬
‫جمعت ألجله هذه المعلومات‪ ،‬وعد م تجاوز المدة الضرورية لتحقيق الغرض الذي جمعت‬
‫من أجله‪.‬‬
‫‪ -‬ينبغي أن تخضع المعلومات ومعالجتها آليا‪ ،‬والتي تتعلق بشكل استثنائي ببيانات حساسة إلى‬
‫الموافقة المسبقة للجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات‪.‬‬
‫بالرغم من الحماية القانونية المكرسة للبيانات الشخصية في التشريعات المقارنة من بينها‬
‫بعض التشريعات العربية التي أصدرت قوانين خاصة لحماية البيانات ذات طابع الشخصي شأن‬
‫التشريع الجزائري الذي لم يصدر حتى االن أي قانون‬ ‫التشريع التونسي‪ 1‬والمغربي‪ ،2‬على خال‬
‫لحمايته مكتفيا بالنصوص القانونية الواردة في قانون العقوبات‪ 3‬التي بالرغم ومن تأخرها إلى أن لها‬
‫فعالية في مراقبة التعامل في البيانات والمعلومات الخاصة لكل فرد من أفراد المجتمع‪.4‬‬
‫ثالثا‪ :‬مراقبة اتصاالت العامل داخل المؤسسة‬
‫مراقبة االتصاالت السلكية والالسلكية من قبيل األمور الماسة بالحياة الخاصة‪ 5‬باعتبار أنها‬
‫السرية عما يتم اإلدالء به من خصوصيات‪ ،6‬ومما ال شك فيه أن االتصاالت التي يجريها‬ ‫تكش‬

‫‪ 1‬القانون األساسي رقم ‪ 93‬المؤرخ في ‪ 21‬جانفي ‪ ،2114‬المتعلق بحماية المعطيات الشخصية‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد ‪ ،21‬الصادر‬
‫في ‪2114.‬‬
‫‪ 2‬ظهير شريف رقم ‪ 9.11.13‬الصادر في ‪ 91‬فبراير ‪ 2111‬لتنفيذ القانون رقم ‪ 11.11‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه‬
‫معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪.‬‬
‫‪ 3‬تعرض المشرع الجزائري إلى حماية المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات الشخصية في القسم السابع مكرر من الفصل‬
‫الثالث من الباب الثاني الخاص بالجنايات والجنح ضد الفراد تحت عنوان " المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات"‪ ،‬من خالل‬
‫المواد من ‪ 314‬مكرر إلى ‪ 314‬مكرر ‪1‬‬
‫‪ 4‬تدخل المشرع في مجال حماية البيانات الشخصية بموجب قانون العقوبات مرتين‪:‬‬
‫المرة األولى‪ :‬في سنة ‪ 2114‬بموجب القانون ‪ ،93/14‬المؤرخ في ‪ ،2114/99/91‬وذلك بالنسب للمواد ‪ 314‬مكرر‪ ،3‬إلى ‪314‬‬
‫مكرر‪1‬‬
‫المرة الثانية‪ :‬بموجب القانون رقم ‪ 23/19‬المؤرخ في ‪ ، 2119/92/21‬وذلك بلنسبة للمواد ‪ 314‬مكرر‪ 314 ،‬مكرر ‪314 ،9‬‬
‫مكرر‪2.‬‬
‫‪ 5‬تدخل االتصا الت التليفونية ضمن نطاق الحياة الخاصة‪ ،‬وهو ما ذهبت إليه المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان والمواطن وفقا‬
‫للمادة ‪ 1‬من االتفاقية األوروبية لحقوق االنسان و يشكل التنصت على االتصاالت تدخال في الحياة الخاصة وجريمة بمقتضى الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 1‬السابقة الذكر‪.‬‬
‫‪ 6‬محمود خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪231‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العامل في مكان العمل يمكن أن تتصل بالحياة الخاصة‪ ،‬مما يستوجب حمايتها من كل تطفل‬
‫وفضول‪ ،‬ال سيما في ظل اعتماد أغلب المؤسسات على التكنولوجيات الحديثة لالتصال لتسهيل أداء‬
‫العمل وزيا دة انتاج المؤسسة‪ ،‬وهذا ما قد ينجر عنه انتهاك للحياة الخاصة للعامل بالتنصت على‬
‫اتصاالته الهاتفية التي يجريها أثناء العمل‪ ،‬ومراقبة بريديه اإللكتروني داخل مكان العمل‪.‬‬
‫‪ -1‬مراقبة االتصاالت الهاتفية للعامل‬
‫في سبيل مواجهة المنافسة في سوق العمل تلجأ أغلب المؤسسات الى االعتماد على الوسائل‬
‫التكنولوجية الحديثة المتاحة لحماية مصالحها وزيادة انتاجها‪ ،‬مما يتيح لصاحب العمل التنصت على‬
‫مكالمات واتصاالت العمال للتأكد من أن العمل يتم طبقا لتعليماته وتوجيهاته‪ ،‬وكذلك لمواجهة عدم‬
‫أمانة بعض العمال في حالة إفشاء أسرار العمل للغير من المنافسين‪ ،‬وللتَصدي للتجاوزات التي قد‬
‫ترتكب من قبل العمال عند استخدامهم ألجهزة اإلتصال الخاصة بالمؤسسة إلجراء اتصاالت‬
‫شخصية وإضاعة الوقت في غير أداء العمل‪.‬‬
‫تتم مراقبة صاحب العمل إلتصاالت العامل بوسيلتين إما بالتنصت عليها أو عن طريق‬
‫تسجيلها‪ ،‬وت عتبر مراقبة اإلتصاالت على هذا النحو من أخطر الوسائل التي تقررت استثناءا على‬
‫الحق في الحياة الخاصة‪.‬‬
‫لعلَ أهم الوسائل الحديثة التي ساهمت في تدعيم مراقبة صاحب العمل لعماله ما يسمى بالعداد‬
‫اآللي لالتصاالت الذي يقوم بتحويل االتصاالت الداخلية والخارجية للعمال‪ ،‬ويتولى تسجيل وتخزين‬
‫كافة البيانات المتعلقة بها كتحديد اليوم والساعة ومدة المكالمة وتكلفتها‪ ،‬يسمح هذا الجهاز لصاحب‬
‫العمل التنصت الهاتفي ومراقبة مضمون اإلتصاالت التي أجراها العامل أثناء العمل‪ ،‬وهذا من شأنه‬
‫االعتداء على الحرية الفردية للعمال ويطال الحياة الخاصة للعامل وللمتحدث معه‪.‬‬
‫‪ - 1- 1‬تسجيل اإلتصاالت الهاتفية المتصل بها وإفشاء سريتها‬
‫أدى التطور التكنولوجي الحديث إلى تغيير جدري في وسائل مراقبة االتصاالت التي يجريها‬
‫العامل داخل أماكن العمل‪ ،‬وكذلك في مضمون الرقابة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى مجموعة من العوامل‬
‫أبرزها ؛ دقة هذه الوسائل وقلة تكلفتها والفورية في أداء مهامها‪ ،‬ومركزية الرقابة وشموليتها إلى‬
‫جانب قدرة هذه الوسائل على تسجيل االتصاالت واالحتفاظ ببياناتها‪.1‬‬
‫تلجأ المؤسسات من أجل حماية مصالحها وزيادة انتاجها في ظل المنافسة التي يمكن أن‬
‫تتعرض لها إلى استعمال مثل هذه الوسائل التي قد تساعدها في التنصت على المكالمات وتسجيل‬

‫‪1‬‬
‫‪ANTONMATTEI(P-H), NTIC et vie personnelle au travail, Dr. Soc, 2002, p 37 et s.‬‬

‫‪231‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫االتصاالت التليفونية لتقييم سلوك العامل وأدبه في التعامل مع العمالء‪ ،‬وللتأكد من أن العمل يتم‬
‫طبقا لتعليمات صاحب العمل وتوجيهاته‪.‬‬
‫لعل أبز هذه الوسائل العداد االلي للمكالمات أو ما يسمى بجهاز تحويل االتصاالت‪ ،1‬وهو‬
‫جهاز يوضع في بعض المؤسسات‪ ،‬يستخدم لتسجيل االرقام الهاتفية التي يتم االتصال بها داخل‬
‫مراقبة وحساب تكلفة‬ ‫المخصصة لعمال المؤسسة‪ ،‬وذاك بهد‬ ‫وخارج المؤسسة عبر أجهزة الهات‬
‫االتصالالت التي يجريها العمال‪.2‬‬
‫إن كان يحق لصاحب العمل تسجيل كافة االتصاالت الهاتفية التي تتم داخل مكان العمل بهد‬
‫حساب فاتورة المكالمة ومعرفة تكلفتها‪ ،‬فإن تسجيل هذه اإلتصاالت من شأنه أن ينطوي على كش‬
‫الغير الذين تم اإلتصال بهم‪ ،‬ولمواجهة هذا اإلشكال وضعت اللجنة الوطنية‬ ‫سرية أرقام هوات‬
‫للمعلوماتية والحريات‪ (CNIL) 3‬في فرنسا مبدأ يقتضي ضرورة إخفاء األربع أرقام األخيرة في كل‬
‫مكالمة تظهر في فاتورة الحساب للحيلولة دون االعتداء على الحياة الخاصة‪.‬‬
‫أدق أسرار العامل دون علمه‪ ،‬وال‬ ‫تكمن خطورة مراقبة هذه اإلتصاالت الهاتفية أنها تكش‬
‫تفرق بين االتصاالت المهنية واالتصاالت الشخصية‪ ،‬فضال عن امتدادها ألسرار أشخاص آخرين‬
‫لمجرد تواصلهم بالعامل‪ ، 4‬على هذا النحو لم تعد فقط حياة العامل الخاصة هي التي يتهددها خطر‬
‫التنصت على محادثاته الخاصة‪ ،‬بل أيضا الحياة الخاصة للغير الذي تم اإلتصال به أو الحديث معه‪.‬‬
‫التقدم بها‬ ‫تصدت لجنة المعلوماتية والحريات في فرنسا لهذه المسألة من خالل شكوى تم‬
‫بشأن التنصت اإللكتروني الذي يسمح به العداد اآللي للمكالمات التليفونية‪ ،‬فأوضحت اللجنة بأنه من‬
‫الجائز لصاحب العمل متابعة تسجيل المكالمات من خالل العداد اآللي‪ ،‬حيث رأت أن هذه‬
‫من‬ ‫التسجيالت ال تشكل في ذاتها انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة وحرية ممارستها‪ ،‬متى كان الهد‬
‫إجرائها هو مراقبة أداء العمال وتأهيلهم‪ ،‬ومتى كان العمال على علم بها مسبقا‪.5‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعمال من المخاطر التي قد تهددها جراء اإلعتماد على نظام‬ ‫بهد‬
‫التنصت وتسجيل المحادثات الهاتفية‪ ،‬وضعت لجنة المعلوماتية والحريات عدة توصيات يجب‬
‫مراعاتها عند اللجوء إلى مثل هذا النظام وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ 1‬إلى جانب التنصت التليفوني التقليدي‪ ،‬استخدمت نماذج جديدة للتنصت على المحادثات‪ ،‬واالتصاالت بصفة عامة‪ ،‬فأصبح يعرف ما يسمى‬
‫بالعداد اآلي للمكالمات ‪Autocommutateur téléphonique‬‬
‫‪ 2‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪41.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪eme‬‬
‫‪Délibération du 11 septembre 1984, 5‬‬ ‫‪rapport d’activité, la documentation française, Paris 1984, p 39.‬‬
‫‪ 4‬سجل بعض القضاة في الواليات المتحدة األمريكية منذ زمن بعيد هذه الحالة عند نظرهم بعض القضايا‪ ،‬ففي قضية "‪ "Olmostead‬سنة‬
‫‪ 9191‬وصف القاضي "‪ "Brandies‬خطورة مراقبة المحادثات الهاتفية بقوله‪" :‬عندما يتم التنصت على خط تليفوني تتعرض خصوصية‬
‫األفراد على طرفي الخط لالقتحام‪ ،‬فضال عن مراقبة اتصال شخص معين تؤدي إلى التنصت على محادثات جميع األشخاص الذين يتصلون‬
‫بهذا الشخص أو يتصل هو بهم"‪ .‬محمد أبو العال عقيدة‪ ،‬مراقبة المحادثات التليفونية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهظة العربية‪ ،2111 ،‬ص ‪99.‬‬
‫‪ 5‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪31.‬‬

‫‪231‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -‬ضرورة إخبار العمال مسبقا بوضع هذا النظام‪ ،‬مع بيان النتائج الفردية التي يمكن ان تعود‬
‫عليهم جراء استخدامه‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان مباشرة العمال حق اإلطالع على محاضر محادثتهم التي يتم تسجيلها وإمكانية إبداء‬
‫مالحظاتهم بشأنها‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة وضع آلية إلبالغ العمالء المتصلين بالمؤسسة المستخدمة بنظام التنصت وتسجيل‬
‫محادثات العمال في حالة استخدامه‪.1‬‬
‫‪ - 2- 1‬التمييز بين اإلتصاالت الشخصية واإلتصاالت المهنية‬
‫إن مراقبة االتصاالت الهاتفية إذا كانت سائدة في أماكن العمل‪ ،‬فإنها قد تقتنضي التأكيد على‬
‫حرية الحديث‪ ،‬ألن بدون خصوصية الحديث يصبح العمال مترددين في ممارسة حقوقهم في‬
‫الحديث‪ ،2‬ويكون بمقدور المستخدم مراقبة مكالمات عماله بواسطة جهاز المحول اآللي لالتصاالت‬
‫الذي يتولى تحويل المكالمات الداخلية والخارجية‪ ،3‬ال شك أن وضع نظام للعد اآللي لالتصاالت‬
‫التليفونية داخل المؤسسة يتضمن إقرارا ضمنيا على األقل من المستخدم بإمكانية إجراء عماله بعض‬
‫المكالمات التليفونية ذات الطابع الشخصي‪ ،‬أي غير مرتبطة بأداء العمل‪.4‬‬
‫المكالمات في نهاية كل شهر‪ ،‬مشتملة على تفاصيل األرقام‬ ‫استخراج صاحب العمل لكش‬
‫العمال‪ ،‬يثير مشكلة التمييز بين‬ ‫داخلي بالمؤسسة من طر‬ ‫التي تم االتصال بها‪ ،‬من كل هات‬
‫االتصاالت المهنية واالتصاالت الشخصية‪ ،‬الواقع أنه في كثير من الحاالت يكون من المتعذر إجراء‬
‫مث ل هذا التمييز ووضع حدود فاصلة بين النوعين من المكالمات التي يجريها العامل‪ ،‬أي بين تلك‬
‫التي تعد شخصية‪ ،‬أجراها العامل لشؤون تتعلق بحياته الشخصية‪ ،‬وتلك التي تعد مهنية أي تتعلق‬
‫أدائه للعمل المنوط به‪ ،‬على سبيل المثال اتصال أحد العمال بزوجته إلبالغها‬ ‫بأغراض وظرو‬
‫بأنه سيتأخر في العمل‪ ،‬هل يعد اتصاال مهنيا أم شخصيا‪ ،‬كذلك فإن اتصال عامل بأحد العمالء يبدو‬
‫اتصاال مهنيا‪ ،‬لكن ليس هناك ما يمنع أن يتطرق للحديث خالل االتصال إلى أمور شخصية أو‬
‫خاصة ال عالقة لها بالمؤسسة‪ ،‬وبالتالي يتحول االتصال المهني إلى شخصي والعكس صحيح‪ ،‬وهو‬
‫ما يطرح إشكالية صعوبة التمييز بينهما‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪BOUCHET ( H), La cyber surveillance des salariés dans l’entreprise Rapport présenté devant la CNIL,‬‬
‫‪Mars 2001, op.cit.22 et s.‬‬
‫‪ 2‬مبدر لويس ‪ ،‬أثر التطور التكنولوجي على الحريات العامة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،9111،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ 3‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 4‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ 5‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.921‬‬

‫‪291‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ينطوي استعمال العداد اآللي للمكالمات التليفونية على مخاطر االعتداء على حرية الحياة‬
‫الخاصة للعامل‪ ،‬وذلك بالنظر إلى إمكانية نفاذه إلى سرية محادثاتهم‪ ،‬والتي وإن جرت داخل مكان‬
‫العمل وأثناء سعات العمل‪ ،‬إال أنها تحمل دائما إمكانية احتوائها لمفردات مما يدخل في صميم الحياة‬
‫الخاصة للعامل‪.1‬‬
‫‪ - 3- 1‬مدى شرعية التنصت التليفوني داخل أماكن العمل‬
‫القاعدة عامة تتمثل فإن مراقبة المحادثات الهاتفية‪ ،‬سواء عن طريق التنصت أو التسجيل‪،‬‬
‫يسجل اعتداء على الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وال تجيزه القوانين إال في نطاق محدود وعلى سبيل‬
‫االستثناء‪ ،‬وبناءا على ذلك ذهب الفقه الفرنسي إلى أن وضع أجهزة التنصت والتسجيل من قبل‬
‫أصحاب العمل في المؤسسات سراً وبدون علم العمال‪ ،‬لتسجيل كافة المحادثات التي تدور أثناء‬
‫العمل عن طريق الهات ‪ ،‬تعتبر غير مشروعة وتقع تحت طائلة قانون العقوبات‪.2‬‬
‫فرنك " كل‬ ‫تعاقب المادة ‪ 9/229‬من ق‪.‬ع الفرنسي بالحبس لمدة سنة وغرامة ثالث مائة أل‬
‫من اعتدى عمداً بوسيلة أياً كانت على ألفة الحياة الخاصة لآلخرين‪ ،‬بالتنصت أو بالتسجيل أو بالنقل‬
‫بدون موافقة صاحب الشأن كالم صادر له صفة الخصوصية أو سري"‪ ،‬وبناءا على هذا األساس‬
‫أدان القضاء الفرنسي صاحب العمل الذي سجل أحاديث عماله التي دارت في مطعم المؤسسة‬
‫أو في مكاتبهم‪.‬‬
‫أما في التشريع الجزائري فقد حظر قانون اإلجراءات الجزائية رقم ‪ 22/19‬المؤرخ في‬
‫‪ ،2119/92/21‬اعتراض المراسالت التي تتم عن طريق وسائل اإلتصال السلكية والالسلكية‪ ،‬إالَ‬
‫في إطار التحقيق القضائي وبعد الحصول على إذن من النيابة العامة أو قاضي التحقيق‪ ،‬وفي جرائم‬
‫محددة‪.‬‬
‫أما قانون العقوبات فيحضر إفشاء سرية المكالمات الهاتفية والمراسالت‪ ،‬إال برضا مسبق من‬
‫المعنية‪ ،‬كما تشكل جريمة معاقب عليها طبقا للمادة ‪ 313‬ق‪.‬ع كل مساس بالحياة الخاصة‬ ‫األطرا‬
‫للغير عن طريق التقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية‪ ،‬بغير إذن صاحبها‬
‫أو رضاه بأية تقنية كانت‪.‬‬
‫في حين ال يوجد في قانون العمل أي نص خاص يحكم هذه المسألة‪ ،‬سوى المبادىء العامة؛‬
‫ومنها مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود‪ ،‬ومبدأ األمانة واإلخالص الذي ينبغي أن يتحلى بهما أطرا‬
‫العقد‪ ،‬التي تمنع صاحب العمل من اللجوء إلى مثل هذه المراقبة كقاعدة عامة‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪ 2‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬

‫‪299‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫استثناءا عليها يجوز له مراقبة المحادثات الهاتفية ألغراض مهنية‪ ،‬أو حماية لمصالح‬
‫المؤسسة ولحسن سير العمل‪ ،‬مع ضرورة تبرير لجوئه إلى هذه المراقبة‪ ،‬كوضع حد للمخالفات‬
‫أو حماية مصلحة المؤسسة المستخدمة‪ ،‬أو حماية سرية المعلومات وتقنيات اإلنتاجمن المنافسين في‬
‫سوق العمل‪ ،‬أو لغرض تقييم سيرة العامل وسلوكه‪ ،‬أو بغية رصد االستعمال غير المشروع من‬
‫المؤسسة‪.‬‬ ‫العمال لهات‬
‫‪ - 2‬مراقبة البريد االلكتروني للعامل‬
‫جانب‬ ‫يمثل البريد االلكتروني أهم وسائل التكنولوجيا الحديثة في مجال األعمال‪ ،‬وقد عر‬
‫من الفقه البريد االلكتروني على أنه "طريقة تسمح بتبادل الرسائل المكتوبة بين األجهزة المتصلة‬
‫بشبكة المعلومات"‪ ،1‬بينما عرفه البعض اآلخر على أنه "تلك المستندات التي يتم ارسالها أو استالمها‬
‫بواسطة نظام اتصاالت بريد الكتروني وقد تتضمن مرفقات به"‪.2‬‬
‫كما يستخدم البريد االلكتروني أيضا في التفاوض على عقود العمل وابرامها‪ ،‬وذلك لقلة‬
‫التكلفة وسرية المراسالت‪ ،‬حيث أن الوسائل األخرى مثل الفاكس والتلكس ال تتمتع بنفس األمان‬
‫والسرية التي يتسم بها البريد االلكتروني‪ ،‬وقد جرى ربط البريد االلكتروني بمواقع الشركات‬
‫ومؤسسات العمل عبر االنترنت لتسهيل عمليات اإلرسال واالستقبال أثناء الوجود على موقع‬
‫االنترنت‪.3‬‬
‫يقصد بالتراسل االلكتروني داخل الهيئة المستخدمة إمكانية تبادل الرسائل الكترونيا بين‬
‫مجموعة من عمال المؤسسة‪ ،‬وذلك من خالل جهاز الكومبيوتر المخصص لكل منهم‪ ،4‬وقد أضحى‬
‫يشكل استخدام البريد االلكتروني داخل أماكن العمل مشاكل عديدة لصاحب العمل‪ ،‬مما جعله مبررا‬
‫لمراقبته‪ ،‬حيث أن تكنولوجيا االتصال الحديثة جعلت اإلتصاالت أكثر عرضة لإلنتهاك في مجال‬
‫عالقات العمل‪.‬‬
‫هنا يثار التساؤل حول مدى حق صاحب العمل في االطالع على البريد االلكتروني للعامل‪،‬‬
‫انطالقا من مما تخوله له سلطة التبعية من حق في المراقبة‪ ،‬فهل يشكل هذا انتهاكا لمبدأ سرية‬
‫المراسالت السيما إذا اطلع على رسائل شخصية ال تمت بصلة بعالقة العمل؟‬

‫خالد ممدوح إبراهيم‪ ،‬أمن مراسالت البريد االلكتروني‪ ،‬الدار الجامعية مصر ‪ ،2002‬ص ‪.55‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪KAREN (M), E-mail, and the Attorny – Client Privilège Richmond Journal of law Technology, 2001 .‬‬
‫‪ -‬مشار إليه في الموقع االلكتروني‪ ،www.Richmond.edu :‬تاريخ اإلطالع ‪.2194/13/29‬‬
‫‪ 3‬تنوير احمد بن محمد نذير‪ ،‬حق الخصوصية‪ ،‬دراسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون االنجليزي أطروحة دكتوراه في الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪ ،‬الجامعة االسالمية باسالم آباد‪ ،‬الباكستان‪ ،2002 ،‬ص ‪.251‬‬
‫محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪292‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1- 2‬مدى جواز مراقبة البريد االلكتروني للعامل‬


‫إن نظام التراسل االلكتروني يمثل بالنسبة للكثير من المؤسسات أهمية كبرى‪ ،‬ال يبدو فيها إال‬
‫الوجه االيجابي لهذه التكنولوجيا الحيدثة‪ ،‬فمن خالل هذا النظام تتحقق سرعة إرسال وتلقي‬
‫المراسالت على نحو يؤدي إلى إتمام مراحلها فورا‪ ،‬إلى جانب إمكانية التراسل االلكتروني عبر‬
‫الحدود‪ ،‬عن طريق االتصال االلكتروني أو الرسالة االلكترونية فيما بين العمال أو بين اإلدارات‬
‫المسؤولة عنهم‪ ،1‬غير أن استخدام البريد االلكتروني في أماكن العمل قد يترتب عليه مشاكل عديدة‬
‫لصاحب العمل‪ ، 2‬وهذا يثر التساؤل حول ما إذا كانت هذه المشاكل مبررا لصاحب العمل لمراقبة‬
‫البريد االلكتروني للعمال‪.‬‬
‫التشريعية والقضائية المقارنة فيما يتعلق بمدى جواز مراقبة البريد‬ ‫اختلفت المواق‬
‫االلكتروني للعمال‪ ،‬في فرنسا ألزم قانون العمل صاحب العمل االلتزام بعدة مبادئ قانونية أوردها‬
‫القانون ذاته عند استخدامه لوسائل المراقبة من بينها مبدأ الشفافية واألمانة التناسب أو المالئمة‪ ،3‬مع‬
‫ضرورة إعالم المسبق للجنة المؤسسة وكذا للجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات‪ ،‬إلى جانب العامل‬
‫بوجود وسيلة لمراقبة اتصاالته ورسائله‪.‬‬
‫حيث يلتزم صاحب العمل بأن تنصب المراقبة على العناصر الضرورية الالزمة لتحقيق‬
‫من المراقبة‪ ،‬فله أن يراقب مدة زيارة المواقع االلكترونية ومعرفة أكثر المواقع زيارة من‬ ‫الهد‬
‫قبل العاملين لديه‪ ،‬ولكن ليس من سلطته االطالع على مضمون المعلومات التي تسلتزمها المراقبة‪.4‬‬
‫كانت بداية االهتمام برسائل البريد االلكتروني في فرنسا من قبل مجالس فض منازعات‬
‫العمل التي أظهرت بعض الشدة في مواجهة استخدام العمال للبريد االلكتروني أثناء العمل في‬
‫إرسال رسائل خاصة‪ ،‬إذ أقرت المجلس قيام صاحب العمل بتسريح عاملة لدية الستخدامها البريد‬
‫االلكتروني للعمل ألغراض شخصية أثناء العمل‪ ،‬وكانت الالئحة الداخلية للعمل تقضي بقصر‬
‫استخدام البريد االلكتروني على أغراض العمل فقط‪ ،‬وأقرت مشوعية االلتجاء صاحـب العمل الى‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬


‫‪2‬‬
‫‪CLOUTIER (S), L’utilisation de l’Internet et du courrier électronique en milieu de travail, Colloque‬‬
‫‪Émergence de nouvelles réalités: Violence psychologique, devoir de représentation et utilisation de l’Internet‬‬
‫‪au travail, Grondin, Poudrier, Bernier, Montréal, 13 avril 2000. Cité par : Rachel Cox, Jacques Desmarais,‬‬
‫‪Katherine Lippel, LES ENJEUX JURIDIQUES DU TÉLÉTRAVAIL AU QUÉBEC, Rapport de recherche‬‬
‫‪soumis au Centre francophone d’informatisation des organisations (CEFRIO) dans le cadre du projet de‬‬
‫‪recherche « Télétravail : concilier performance et qualité de vie », p57. Disponible sur le site :‬‬
‫‪http://www.cefrio.qc.ca/media/uploader/enjeux_juridiques.pdf.‬تاريخ االطالع ‪2193/11/92‬‬
‫‪ 3‬نشوى رأفت ابراهيم‪ ،‬الحماية القانونية لخصوصية البريد االلكتروني االلكتروني‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬دون سنة‪،‬‬
‫ص ‪.33‬‬
‫‪4‬‬
‫تاريخ االطالع‬ ‫‪Rapport CNIL de Mars 2001, Nouvelles technologies et survenance du salarié, www.cnil.fr.‬‬
‫‪2193/11/92‬‬

‫‪293‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التنصت والتحقق من المراسالت االلكترونية‪.1‬‬


‫غير أن محكمة النقض وبموجب قرارها الصادر بتاريخ ‪ 2‬أكتوبر ‪ 2119‬أقرت حق العامل‬
‫في مكان العمل وأثناءه في احترام حياته الخاصة والتي تشمل سرية المراسالت‪ ،‬وأنه ليس من حق‬
‫صاحب العمل االطالع على الراسئل الشخصية للعامل حتى وإن كانت مرسلة أو مستقبلة عن‬
‫طريق أدوات العمل‪ ،‬حتى وإن كان صاحب العمل يحظر االستعمال الشخصي وغير المهني لتلك‬
‫األدوات‪.2‬‬
‫غير أن اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات اعتبرت فيما بعد أن البريد االلكتروني للعامل‬
‫أثناء العامل كأصل عام بريد مهني‪ ،‬ويكون من حق صاحب العمل االطالع عليه‪ ،3‬ولكن ذلك ال‬
‫يعني جواز قيام صاحب العمل باإلطالع على المراسالت الشخصية للعامل‪ ،‬أو ان يقوم بحضر‬
‫استالم العامل لمرسالته الخاصة في مكان العمل‪.4‬‬
‫إلى جانب صاحب العمل في قضايا تسريح‬ ‫في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬كان القضاء يق‬
‫العمال نتيجة استعمالهم للبريد االلكتروني ألغراض شخصية أثناء العمل‪ ،5‬بل وأكدت دراسات‬
‫عديدة أن ثلث المؤسسات الكبرى في أمريكا وبريطانيا تقوم بتعيين عمال يعملون خصيصا على‬
‫قراءة وتحليل رسائل البريد االلكتروني للعمال‪ ،‬خوفا من تسرب المعلومات الهامة التي تخص‬
‫المؤسسة‪ ،‬أو نقل فيروسات للنظام االلكتروني للمؤسسة‪ ،‬أو انعقاد مسؤوليتها القانونية نتيجة رسائل‬
‫البريد االلكتروني للعمال‪.6‬‬
‫ذلك راجع إلى أن قانون االتصاالت االلكترونية في هذه الدول أعطى أصحاب العمل الحق‬
‫في حماية مؤسساتهم من خالل مراقبة جميع رسائل البريد االلكتروني وأنشطة النت التي تجرى‬
‫عبر أنظمتهم االلكترونية‪.7‬‬
‫سن المشرع االنجليزي في ‪ 24‬أكتوبر ‪ 2111‬قانون يجيز ألصحاب العمل اعتراض‬
‫اتصاالت عمالهم عبر االنترنت‪ ،‬ولم يشترط علم العمال أو رضاهم‪ ،‬ولكن اشترط أن تكون الغاية‬
‫من االعتراض تحقيق أغراض مشروعة‪ ،‬ونص على هذه األغراض والتي منها منع أو كش‬

‫‪1‬‬
‫‪Cons. Prud’hommes, Montbéliard, 19 Sept.2000, Gaz.pal, 14 Dec.2000, p 39.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 20 Oct.2001, N° de pourvoi: 99-42942, Bull 2001,N° 291 p 233.‬‬
‫‪3‬‬
‫تاريخ االطالع ‪PATIN )J-C(, La surveillance des courriers électronique par l’employeur, www.juriscom.net.‬‬
‫‪2193/19/13‬‬
‫‪4‬‬
‫‪WAQUET (P), Le pouvoir de direction et libertés des salariés, Dr.soc, France, 2000, p 156.‬‬
‫‪ 5‬من خالل المقارنة مع التشريع الجزائري يتضح أن المشروع الجديد لقانون العمل ألزم العمال في المادة ‪ 93‬منه‪ ،‬الفقرة األخيرة‬
‫بعدم استخدام وسائل أو أجهزة المؤسسة ألغراض الشخصية‪ .‬الملحق رقم ‪.12‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Peter SCHNAITMAIN, Building a community through work place E-mail : the new privacy Frontier.‬‬
‫تاريخ االطالع ‪www.mttlr.org, www.Atelier.fr .2193/19/13‬‬
‫‪7‬‬
‫تاريخ ‪René Pepin, Le statut juridique du courriel au Canada et aux Etats-Unis, www.lex-electronica.org‬‬
‫االطالع ‪2193/19/11‬‬

‫‪294‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫عن االستعمال غير المسموح به للوسائل المهنية‪ ،‬التأكد من حسن سرة‬ ‫الجرائم والتح قق والكش‬
‫إدارة النظام المعلوماتي للمؤسسة ‪.1‬‬
‫أما عن الوضع في الجزائر فإن التشريع الجزائري يفتقر إلى تنظيم استخدام البريد االلكتروني‬
‫في مجال العمل‪ ،‬وعدم وجود أي أحكام قضائية بهذا الخصوص‪ ،‬بالرغم من أن المشرع الدستوري‬
‫يكفل للجميع حتى العامل في مكان عمله الحق في حرمة مراسالته‪.‬‬
‫‪ - 2- 2‬مبدأ حرمة مراسالت البريد اإللكتروني للعامل‬
‫بشأن اعتبار المراسالت الخاصة عنصرا من عناصر الحياة الخاصة لإلنسان‪ ،2‬فهي‬ ‫ال خال‬
‫في الغالب مستودع أسراره وخصوصياته‪ ،‬فال يجوز المساس بها إال بموافقة من تتعلق المراسلة‬
‫بحياته الخاصة‪ ،3‬فال يجوز االطالع على مضمونها وإال عد هذا انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة‪.‬‬
‫تم توسيع مفهوم المراسالت لتشمل إلى جانب الرسالة في صورتها التقليدية لتشمل الرسالة‬
‫االلكترونية ‪ ،4 Courrier électronique‬التي شملتها الحماية القانونية باعتبارها عنصرا من‬
‫عناصر الحياة الخاصة‪ ،‬ولم تقتصر هذه الحماية على حرمة المراسالت الشخصية المرسلة الى‬
‫المنزل وإنما امتدت حتى إلى مكان العمل وأثناء مزاولته‪. 5‬‬
‫تلعب الوسائل العلمية الحديثة دورا كبيراً في فض الرسائل السرية‪ ،‬وهذا ما يشكل خطر على‬
‫حرمة االتصاالت عبر رسائل البريد اإللكتروني التي قد يتلقاها العامل حتى في أوقات عمله‪،‬‬
‫القانون واضح وصارم في مد الحماية للحياة الخاصة في أوقات العمل‪ ،‬إذ ال يحق لصاحب العمل‬
‫وال لباقي الزمالء اآلخرين في العمل‪ ،‬اإلطالع على سرية الرسائل متى تلقاها العامل لنفسه‬
‫أو أرسلها لغيره طالما أنها ال تدخل في إطار العمل الذي يقوم به في تلك المؤسسة‪.6‬‬
‫ال شك أن مضمون الرسالة المتداولة عبر نظام التراسل االلكتروني يجب بحسب األصل أن‬
‫يبقى سريا‪ ،‬وفي هذا الشأن يكون لمصدر الرسالة حرية نقلها إلى عنوان الكتروني واحد أو لكل‬
‫العناوين االلكترونية التي يرغب في نقل الرسالة إليها‪ ،7‬ويكمن الخطر الحقيقي لهذا النظام في‬
‫إمكانية الولوج إلى صندوق البريد االلكتروني "‪ "E-mail‬وهو ما يطلق عليه بعض الفقهاء بمصطلح‬

‫‪ 1‬نشوى رأفت ابراهيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬


‫‪ 2‬محمود عبد الرحمن محمد‪ ،‬نطاق الحق في الحياة الخاص ة‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،9119 ،‬ص ‪ ،291‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل االهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪ 4‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪5‬‬
‫‪MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F) : op.cit, p 397,399.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Voir cass. Soc du 17 Mai 2007. L’arrêt fut prononcé en faveur de l’employeur, déclarant que «L’ouverture‬‬
‫‪des fichiers personnels, effectuée hors présence de l’intéresse n’était justifiée par aucun ou événement‬‬
‫‪particulier ».‬‬
‫‪ 7‬محمد حسن قاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪293‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التنصت االلكتروني‪ ،‬أو التنصت عن بعد » ‪.1« écoute télématique‬‬


‫لضمان سرية المرسالت االلكترونية أصدر المشرع الفرنسي القانون رقم ‪ 949/19‬بتاريخ‬
‫المعدل بموجب القانون رقم ‪ 2113‬الصادر بتاريخ ‪ 1‬جويلية ‪ 2114‬المتعلق‬ ‫‪2‬‬
‫‪ 91‬جويلية ‪9119‬‬
‫بالمراسالت الصادرة بطرق االتصاالت االلكترونية‪ ،3‬كما أضفى المشرع الجزائري حماية قانونية‬
‫على وسائل االتصال االلكترونية بموجب القانون رقم ‪ 14/11‬المؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪2111‬‬
‫المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكونولوجيا االعالم واالتصال‪.4‬‬
‫إذا كان القانون يكفل سرية المرسالت ويحميها‪ ،‬ال يجوز اإلطالع عليها إال في األحوال‬
‫المبينة قانونا‪ ،‬فان ذلك ينطبق على رسائل البريد اإللكتروني‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه احدى محاكم‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث أشارت المحكمة الى أن خصوصية رسائل البريد االلكتروني‬
‫تعتمد بشكل كبير على طبيعة الرسائل‪ ،‬وطبيعة مرسلها‪.5‬‬
‫كما أن مبدأ سرية المرسالت ال يستثني العامل وهذا ما نلمسه من خالل حكم صادر عن‬
‫الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 2119/91/2‬والذي تتلخص وقائعه أن صدر‬
‫قرار بفصل العامل ‪ ONEF‬أحد عمال شركة ‪ 6NIKON‬استنادا إلى ادعاءات الشركة بارتكابه‬
‫خطأ جسيما باستخدامه المتكرر وألغراض شخصية ألجهزة العمل المعلوماتية المخصصة له من‬
‫قبل الشركة‪.7‬‬
‫قررت المحكمة أن "للعامل في أوقات العمل وفي‬ ‫لكن بعد نقض العامل لحكم االستئنا‬
‫مكان العمل الحق في أن تحترم حياته الخاصة "مستندة في ذلك على نص المادة ‪ 1‬من اإلتفاقية‬
‫األوروبية بشأن صيانة حقوق االنسان والحريات األساسية‪ ،‬والتي تقضي بأن لكل انسان الحق في‬
‫احترام حياته الخاصة‪ ،‬والعائلية وموطنه‪ ،‬ومراسالته‪.8‬‬

‫‪1‬‬
‫‪L.WALLON, op.cit, p 230.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Loi n° 91-646 du 10 juillet 1991 relative au secret des correspondances émises par la voie des‬‬
‫‪communications électroniques.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Loi n°2004-669 du 9 juillet 2004 - art. 125 JORF 10 juillet 2004.‬‬
‫‪ 4‬القانون رقم ‪ 14/11‬المؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪ 2111‬المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكونولوجيا االعالم‬
‫واإلتصال‪ ،‬ج ‪.‬ر عدد ‪ 41‬بتاريخ ‪ 99‬أو ‪ ، 2111‬والذي عرف في مادته الثانية االتصاالت االلكترونية بأنها " أي تراسل أو‬
‫إرسال أو است قبال عالمات أو إشارات أو كتابات أو صور أو أصوات أو معلومات مختلفة بواسطة أي وسيلة إلكترونية"‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪USA, v , Charbonneau, 979 F, sup, 1127 ( S.D.Ohio.1997).‬‬
‫مشار إليه في ‪ :‬عمر محمد بن يونس‪ ،‬أشهر المبادئ المتعلقة باالنترنت في القضاء األمركي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2114‬ص ‪.312‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Cass.soc, 02/10/2001, N° de pourvoi: 99-42942, Bull 2001, N° 291 p 233.‬‬
‫‪7‬‬
‫? ‪Vincent Varlet, «Quand l’employeur devient Big Brother, le salarié a-t-il encore une vie privée‬‬
‫تاريخ اإلطالع‪http://www.unpeudedroit.fr/droit-du-travail/2193/19/93 :‬‬

‫‪8‬‬
‫‪A.MOLE, Mails personnels et responsabilités, quelles frontières ? Dr.soc, 2002, p 84 et s.‬‬

‫‪299‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كما جاء أيضا في قرارها أن حماية الحياة الخاصة للعامل تقتضي كفالة حرمة مراسالته‬
‫وسريتها‪ ،‬وأنه ال يمكن لصاحب العمل اإلطالع على رسائله الخاصة الصادرة عنه والمرسلة إليه‬
‫ولو كان ذلك عبر جهاز معلوماتي موضوع تحت تصرفه من أجل العمل" مستندة في ذلك على نص‬
‫والتي تقتضي عدم جواز تقييد حقوق العمال وحرياتهم الفردية‬ ‫المادة ‪ L120-2‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫والجماعية إال بما تقتضيه طبيعة المهام المسندة اليهم‪.1‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫أثر السلطة التأديبية للمستخدم على الحياة الخاصة للعامل‬
‫إن السلطة التأديبية (‪ )Pouvoir disciplinaire‬لصاحب العمل هي تكميلية لسلطة اإلدارة‬
‫(‪ ) Pouvoir de direction‬إذ أن هذه األخيرة تسمح له باتخاذ القرارات فيما يخص تسيير‬
‫المؤسسة‪ ،‬وهي أيضا المرجع لسلطة التنظيم (‪ )Pouvoir de réglementaire‬المتمثلة في إعداد‬
‫نظام داخلي للمؤسسة (‪ )règlement intérieure‬لذلك يرى الفقه‪ " 2‬أن السلطة التأديبية هي النتيجة‬
‫الطبيعية للسلطة اإلدارية والتنظيمية"‪.‬‬
‫إذا كان قانون العمل يميل تقليديا إلى حماية العامل بحكم ما يميز وضعيته من تبعية وخضوع‬
‫اتجاه صاحب العمل‪ ،‬فإنه في نفس الوقت يضفي شرعية على نفوذ هذا األخير داخل المؤسسة‬
‫باعتبار ما يتمتع به من صالحيات قانونية واسعة تدعم سلطته على العاملين التابعين له‪ ،‬هل يمكن‬
‫أ ن تمتد السلطة التأديبية لصاحب العمل للمساس الحياة الخاصة للعامل؟ أم أن لهذه السلطة حدود‬
‫تسمح للعامل بحماية حياته الخاصة؟‬
‫الفرع األول‬
‫مدى ارتباط التسريح التأديبي بالحياة الخاصة للعامل‬
‫إن التسريح التأديبي هو العقوبة األقصى بين العقوبات التأديبية‪ ،‬خصه المشرع الجزائري‬
‫باألهمية ألنه يثير إقصاء العامل من المؤسسة‪ ،‬ولما يشكله من تأثير على عقد العمل من خالل‬
‫ممارسة المستخدم لحقه بفسخ العقد الفردي‪ ،‬هذا و ذهب رأي إلى أن التسريح هو الفصل من العمل‬
‫المستند إلى ذنب معاقب عليه طبقا لل نظام الداخلي واُنتقد هذا القول بأنه يفترض وجود نظام داخلي‬
‫بالمؤسسة مع أن كثيرا من المؤسسات تفتقد للنظام الداخلي‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Article L120-2 -Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 art. 25 I Journal Officiel du 1er janvier 1993 " Nul ne‬‬
‫‪peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et collectives de restrictions qui ne‬‬
‫"‪seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées au but recherché‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Luck (J), Coehl (p), Droit d'entreprise -droit du travail et social- edition ellipses, Paris, 2005, p 40, "le‬‬
‫‪corollaire de ce pouvoir de direction est le pouvoir disciplinaire".‬‬
‫‪ 3‬بن صاري ياسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪43‬‬

‫‪291‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أوال‪ :‬مدى مشروعية التسريح التأديبي المرتبط بالحياة الخاصة للعامل‬


‫يعتبر الخطأ شرط أساسي البد منه لقيام مسؤولية العامل‪ ،‬لكن مثلما لم يقم المشرع الجزائري‬
‫الخطأ فإنه لم يذكر الشروط التي يجب أن تتوفر فيه‪ ،‬ذلك ألنه اعتمد على قائمة أنواع‬ ‫بتعري‬
‫مجرد للخطأ وذكر أسبابه‪ ،‬إذ لم ينص سوى على األخطاء‬ ‫األخطاء ول م يتطرق إلى تعري‬
‫المستخدم‪ ،‬الذي له الحرية‬ ‫الجسيمة‪ ،‬فلم يشترط فيها المشرع شروطا كحد يمنع من خالله تعس‬
‫أفعال العامل على أنها أخطاء تستحق العقاب‪ ،‬والتي قد تطال أفعاال تدخل في‬ ‫المطلقة في تكيي‬
‫إطار الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬دون االستناد إلى سبب مشروع‪.1‬‬
‫رغم أن االجتهاد القضائي أقدم على ذكر شرطة الجدية‪ 2‬وشرط الواقعية‪ ،3‬إلى أنه ال يوجد‬
‫للشروط التي يجب أن تتوفر في الخطأ الذي يستوجب التسريح التأديبي‪ ،‬ونظرا لهذا صار‬ ‫تعري‬
‫لزاما التوجه إلى دراسة مقارنة في القانون ا لفرنسي الذي لم يذكر األخطار‪ ،‬وإنما أورد شروطا‬
‫يجب توفرها في الخطأ الجسيم الذي يترتب عليه التسريح‪.‬‬
‫‪ - 1‬شروط التسريح التأديبي‬
‫لم يحدد المشرع الفرنسي قائمة لألخطاء التأديبية‪ ،‬لكن بالمقابل اشترط شروط موضوعية‬
‫المستخدم من جهة وإحكام قبضة العدالة في مراقبته‪ ،‬خاصة إذا تعلق‬ ‫صارمة من أجل عدم تعس‬
‫األمر بالخطأ المؤدي إلى التسريح‪ ،‬حيث قد يجد المستخدم في ممارسة العامل لحقه في الحياة‬
‫الخاصة مجاال خصبا لممارسة سلطته التأديبية وتسريحه استنادا لألسباب شخصية‪ ،‬وضمانا لحق‬
‫صاحب العمل في ممارسة سلطته‬ ‫في عالقة العمل من جهة وعدم تعس‬ ‫الضعي‬ ‫العامل الطر‬
‫التأديبية من جهة أخرى‪ ،‬أقر المشرع الفرنسي شروط للتسريح التأديبي‪ ،‬تتمثل هذه الشروط في‬
‫السبب الجدي والسبب الحقيقي‪ ،4‬كما أصدر نصوصا تشريعية تحتوي على عقوبات في حالة ما إذا‬
‫لم يحترم المستخدم هذه الشروط‪.5‬‬

‫‪ 1‬القرار رقم ‪ 931421‬المؤرخ في ‪ ، 9111\19\11‬الذي ورد فيه‪ " :‬حيث مثل هذا السبب هو اقتناع شخصي للقاضي وال يعد‬
‫تسبيبا قانونيا مقبوال إذ كان عليه مراقبة شرعية العقوبة المسلطة على العامل وال يكتف بالقول إن السبب الفصل ليس له أهمية ألن‬
‫هذا التعبير ليس تعبير قانوني وهو بمجرد رأي شخص "‪ ،‬عبد السالم ذيب المرجع السابق‪ ،‬ص ‪433‬‬
‫‪ 2‬قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ ،2113\13\99‬ملف رقم ‪ .211913‬م‪ .‬ق لسنة ‪ 2113‬عدد ‪ ،9‬ص‪ ،929‬والذي جاء فيه ‪:‬‬
‫«‪...‬حيث يتبي ن من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الخطأ الجزائي المرتكب من طرف العامل سببا جديا لتسريحه‪ ، »...‬أيضا ورد‬
‫السبب الجدي في القرار الصادر عنها بتاريخ ‪ 2111\91\91‬تحت رقم ‪ ، 214923‬أورده عبد السالم ذيب في كتابه قانون العمل‬
‫والتحوالت االقتصادية‪ ,‬ص‪.413‬‬
‫‪ 3‬حيث رفضت المحكمة العليا عقوبة التسريح المبنية على سوابق تأديبية للعامل من دون مناقشة الخطأ المنسوب للطاعن‪،‬‬
‫و بالتالي عدم موضوعية السبب الذي يدخل ضمن شرط سبب الواقعي للخطأ‪ ،‬ذلك في قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،2119\19\91‬ملف رقم ‪ .291449‬م‪ .‬ق لسنة ‪ 2119‬عدد ‪. 9‬ص‪393‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art. L. 122-14-3 C.T.fr.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Sanctions du défaut de cause réelle et sérieuse Art. L.122-14-4 C.T.fr, En réalité il apparait que l’article‬‬
‫‪L.122-44-4 ne prévoit que deux sanction véritable, les dispositions relatives a la réintégration étant‬‬
‫‪dépourvues de touts caractère contraignant.‬‬

‫‪291‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1- 1‬السبب الحقيقي أو الواقعي‬


‫قبل ‪ 93‬جويلية ‪ 9113‬تاريخ فرض الشرط الجدي والحقيقي ‪،‬كان المستخدم يمارس تسريح‬
‫المستخدم أو عدم شرعية‬ ‫العمال بكل حرية‪ ،‬ولم يكن للعامل سوى القضاء بعد أن يثبت تعس‬
‫تسريحه‪ ،‬وبحلول التاريخ المذكور وضع التشريع الفرنسي حد لنظرية المستخدم هو القاضي الوحيد‬
‫"‪ "théorie de l’employeur seul juge‬مؤطرا لنظام تأديبي جديد مبني على التبرير " ‪un droit‬‬
‫‪ "causé‬متفاديا بذلك تقنين األخطاء ومن دون السماح للمستخدم بالتعس ‪.1‬‬
‫رغم األهمية التي أعطيت للسبب الواقعي والجدي للتسريح‪ ،‬فإن قانون ‪ 93‬جويلية ‪ 9113‬لم‬
‫لكليهم ا ومحكمة النقض الفرنسية بدورها لم تبادر إلى تغطية هذا الفراغ في‬ ‫يعطي أي تعري‬
‫التشريع الفرنسي‪ ،‬غير أن وزير العمل الفرنسي وأثناء المناقشة البرلمانية لهذا القانون كان قد أورد‬
‫تعريفا للسبب الواقعي على أن "السبب يكون واقعيا إذا كان يمثل طابعا موضوعيا الشيء الذي‬
‫يقصي االستبا ق في الحكم والمنازعات الشخصية‪ ،‬والسبب الواقعي يمكن أن يكون مثال خطأ‪ ،‬عجزا‬
‫القضاء الفرنسي شروطا أخرى تتمثل في أن يكون السبب‬ ‫مهنيا أو إعادة هيكلة المؤسسة"‪ ،2‬أضا‬
‫في نفس الوقت سببا موجودا وسببا صحيحا‪ ،‬إذ أن السبب الذي يعتد به المستخدم ال يعتبر واقعيا إال‬
‫إذا كانت األحداث موجودة وصحيحة‪ ،‬هذا ما أكده تقرير أعده مجلس األعمال الثقافية للجنة الشؤون‬
‫الثقافية والعائلية واإلجتماعية ‪.3‬‬
‫‪ -1-1-1‬الطابع الموضوعي للسبب الحقيقي‬
‫يقصد بالطابع الموضوعي للسبب الحقيقي أن ال يكون السبب صادرا عن أهواء العامل كأن‬
‫يدعي بأن العامل ذو سلوك سيء دون أن يقدم الدليل على التصرفات السيئة المنسوبة إلى العامل‪،‬‬
‫وبالمقابل يعتبر سبب تسريح العامل موضوعيا إذا كانت تصرفات هذا األخير مع غيره من العمال‬
‫غير الئقة‪ ،‬وأثر على سير العمل بالمؤسسة‪.‬‬
‫ذلك أن اختالل ثقة صاحب العمل في العامل ألسباب شخصية غير مهنية أو مبررات تجد‬
‫مصدرها في حياة العامل غير المهنية ومفردات ممارستها ال يكفي بذاته للتسريح‪ ،‬فيجب دائما‬
‫المؤسسة ومدى تأثـرها للقـول بأن التسريح في هذه الحالة مـبررا من عدمه‪،‬‬ ‫النظر في ظرو‬

‫‪ 1‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪2‬‬
‫‪J.O.23mai1973, p1445, col.2 « la cause est réelle si elle présente un caractère d’objectivité, ce qui exclut les‬‬
‫‪préjuge et les convenances personnelles la cause réelle peut être par exemple, une faute, une inaptitude‬‬
‫‪professionnelle ou une réorganisation de l’entreprise » R.T.D : janvier 2004 .p16‬‬
‫‪- J.O. 30mai 1973, p.1619, col.2 « La cause réelle apparaît ainsi en premier lien comme une cause objectif‬‬
‫‪indépendante des états d’âme de l’employeur, sa bonne ou sa mauvaise humeur » R.T.D : janvier 2004 .p16‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Rapport, ASS, NAT ; n° 352, p46 « a la fois cause existante et une cause exacte » V : J- pelissier et A-‬‬
‫‪supiot et A- jeaummaud, op.cit, p 457.‬‬

‫‪291‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫من جانب صاحب العمل أم ال‪.1‬‬ ‫وبالتالي تقييم ما إذا كان هناك تعس‬
‫من ناحية أخرى فإنَ شكوك صاحب العمل تجاه العامل قد تجد مصدرها في واقعة محددة‬
‫يصعب وصفها بالخطأ المهني الذي يبرر التسريح‪ ،‬بمعنى أن فقدان الثقة في العامل بسبب ارتكابه‬
‫خطأ يسيرا ال يكفي لإلدعاء بوجود سبب جدي وحقيقي يبرر التخلص من العامل‪.‬‬
‫غير أن محكمة النقض الفرنسية وضعت استثناءاً يتعلق بحالة فقدان الثقة ولو لم يقم على أية‬
‫واقعة محددة‪ ،‬فإنه يعتبر سببا واقعيا وجديا بدون النظر إذا كان السبب موضوعيا‪ ،‬حيث أصدرت‬
‫حكمها المتعلق بقضية عاملة تم تسريحها بسبب فقدان الثقة المبني على أساس أن زوج هذه األخيرة‬
‫والذي تم تسريحه ظلت بينه وبين المستخدم مشاحنات‪ ،‬لذلك توقع المستخدم أن الزوجة ستثأر‬
‫لزوجها مما جعله يقوم بتسريحها لفقدان الثقة فيها‪ ،‬وبعد أن قدم الدليل على مشاعر الغضب من‬
‫العاملة‪ ،‬اعتبرت المحكمة أن التسريح كان لسبب واقعي وجدي مع أنه ليس موضوعيا‬ ‫طر‬
‫ومرتكز على تخمين المستخدم فقط‪.2‬‬
‫يتضح من خالل هذه القضية أن مفردا من مفردات الحياة الخاصة للعامل وعالقاته قد ساهم‬
‫في تدعيم شكوك صاحب العمل منه‪ ،‬أمام أسباب شخصية ولدت انطباعا شخصيا لدية‪ ،‬وتقييم غير‬
‫مهني نتيجة أسباب غير مهنية أدى إلى نتائج مهنية‪ ،‬ورغم االنتقادات التي وجهت إلى هذا االجتهاد‬
‫القضائي ظل القضاة على مرور عدة سنوات يأخذون باالنطباعات الشخصية للمستخدم والتي ال‬
‫تحتاج إلى أن أن تكون موضوعية كي يحكم بأنها ذلت سبب جدي وحقيقي‪.3‬‬
‫إنَ متابعة أحكام النقض الفرنسية منذ بداية التسعينات تظهر تحوالً واضحاً في موقفها من هذه‬
‫المسألة‪ ،‬بعدما كانت تعتبر أن عدم ارتياح صاحب العمل للعامل يعد مبررا مقبوال لتسريحه‪ ،‬أي أن‬
‫صاحب العمل يستند في تخلصه من العقد الذي يجمعه بالعامل لسبب جاد وحقيقي ينفى عنه وص‬
‫التعس ‪ ،‬بل أن محكمة النقض كانت تنقض أحكاما تشددت في موقفها من رب العمل النتفاء‬
‫العناصر الموضوعية وليس الشخصية كالحالة النفسية لصاحب العمل للتسريح‪ ،‬وبسبب غياب‬
‫للمحكمة على أنه رغبة من جانبها في التوسع في‬ ‫السبب الجاد والحقيقي‪ ،‬وقد فسر هذا الموق‬
‫مجال فقدان الثقة ومبرراته وآثاره‪.4‬‬
‫إالَ أنَ محكمة النقض الفرنسية واعتباراً من نوفمبر ‪ 59111‬اتخذت موقفا مغايرا اعتبرت من‬

‫‪ 1‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.992‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Soc 26 juin1980. Bull V, p 431, n°573, V : J- pelissier et A-supiot et A- jeaummaud, op. cit, p 458.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.Soc 6 juill. 1983. Bull V, p281 ; soc 1981, bull V, p607 n°817; V : J- pelissier et A- supiot et A-‬‬
‫‪jeaummaud, op. cit, p458.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Table ronde sur « le contrôle par la chambre sociale de la cour de cassation du caractère réel et sérieux de la‬‬
‫‪cause du licenciement », Droit social, 1986, p 181.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Cass.soc 29 Nov.1990, R.J.S, 91.15; V. J- pelissier et A- supiot et A- jeaummaud, op. cit, p190.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫خالله أن االعتماد فقط على المشاعر الشخصية لصاحب العمل والتي تعكس موقفا شخصيا منه‬
‫واعتبارها سببا جائزا أو مبررا مشروعاً للتسريح يعد انتهاكا للقانون الذي يستلزم للتسريح سببا‬
‫التعس ‪ ،‬وان إنهاء العقد إرضاءا للمشاعر الشخصية المجردة لصاحب‬ ‫حقيقيا ينفي عنه وص‬
‫العمل يجعل هذا األخير مسؤوال عن التسريح غير المبرر لكونه ال يستند لسبب جدي وحقيقي‪.1‬‬
‫في عام ‪ 9113‬أكدت محكمة النقض الفرنسية تغيير موقفها بصدور حكم قضائي يتعلق بقضية‬
‫(السيدة فيتري)‪ ،2‬حيث أقرت أنَ "التسريح المالزم لشخص العامل عليه أن يؤسس على معايير‬
‫موضوعية وأن سبب فقدان الثقة الذي ادعي بها المستخدم ال يشكل سببا للتسريح" ومنه تقرر أن‬
‫بالسبب الجدي والواقعي اتجاه الخالفات‬ ‫المعيار الموضوعي ال يثير عرقلة على اإلعترا‬
‫الشخصية بين العمال أو بينهم وبين المستخدم‪ ،‬فرأي المستخدم إذا لم يكوم موضوعيا ال يؤخذ به‪.3‬‬
‫وعليه فإنَ تسريح العامل يجب أن يستند دائما إلى سبب يمكن تقييمه موضوعيا‪ ،‬فإذا كان‬
‫هناك مجال للتسريح فيجب أن يستند صاحب العمل إلتيانه إلى مفردات موضوعية‪ ،‬غير شخصية‪.‬‬
‫‪ -2-1-1‬وجود السبب الحقيقي‬
‫ال يكون السبب الذي يدعي به المستخدم حقيقيا أوواقعياا لتسريح العامل إال إذا كانت األحداث‬
‫التي عرضت على أنها سبب وراء إنهاء عالقة العمل موجودة واقعيا‪ ،"existent" réellement‬فإذا‬
‫كان التسريح يخلو من أي سبب فإنه يكون تعسفيا‪ ،‬فال يمكن للمستخدم أن يعلن تسريح العامل بسبب‬
‫عدم الكفاءة المهنية "‪ "insuffisance professionnelle‬من دون أن يقدم مفهوما دقيقا لعدم الكفاءة‪،‬‬
‫أو قدم مفهوم ناقصا بحيث إذا لم يقنع به قاضي الموضوع اعتبر تسريحا تعسفيا‪ ،‬كأن يعطي‬
‫تفسيرات وأدلة غير كافية لتبرير عدم كفاية الكفاءة المهنية للعامل‪ ،‬مستندا في األصل على أسباب‬
‫تجد مصدرها في حياة العامل الخاصة‪.‬‬
‫مراقبة وجود هذا السبب‪ 4‬وتقدير الدليل على وجوده ترجع إلى القضاة‪ ،5‬فإذا ما تم تسريح‬
‫العامل لنتائجه السيئة في العمل‪ ،‬ال بد أن يتحقق القاضي من سوء النتائج‪ ،‬فإذا وجدها في الواقع‬
‫ليست بالسوء الذي ادعى به المستخدم حكم بأن التسريح هو خال من السبب الجدي والواقعي‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪GAUDU (F), op.cit, p 9.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(Arrêt Mm fertray : dans le même sens. Soc 12 janv. 1993, p 187 – le comportement du fils ne peut justifier‬‬
‫‪le licenciement du père) V : J- pelissier et A- supiot et A- jeaummaud, op. cit, p 489.‬‬
‫‪ 3‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.931‬‬
‫‪ 4‬قرار المحكمة العليا رقم ‪ 941134‬المؤرخ ‪, 9111\2\91‬عن الوجه الثاني ‪" :‬إن سرقة آلة من العامل ال يمكن اعتبارها إتالف‬
‫لها و األكيد أنها لم تتلف بل سرقت من العامل أثناء المهمة التي قام بها خارج ميدان عمله ‪،".....‬عبد السالم ذيب ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪431‬‬
‫‪ 5‬قرار المحكمة العليا رقم ‪ 931313‬المؤرخ ‪,9111\2\91‬الصادر على اثر الطعن بالنقض ‪...":‬ذلك مادامت واقعة السرقة لم تكن‬
‫ثابتة بما يمكن االعتماد عليه بما حرر من طرف مديرية العمل فان يعتبر قرار الفصل غير مؤسس ومخالف للقانون هو ما‬
‫يستوجب إلغائه"‪ ،‬عبد السالم ذيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪439‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Cass. Soc 29 janv 1981, Dr. 1982, p158, V : J- pelissier et A- supiot et A- jeaummaud, op. cit, p451.‬‬

‫‪219‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -3-1-1‬صحة السبب الحقيقي‬


‫يكون السبب صحيحا عندما يخلو من أي نية سيئة‪ ،‬وهو ما ذهب إليه االجتهاد القضائي‬
‫الفرنسي في قضية تسريح عاملة بفندق ألخذها ما بقي في صحن الزبائن‪ ،‬غير أن قضاة الموضوع‬
‫ال يشكل سوى سرقة بسيطة‪ ،‬وبالتالي ال يعد سببا استند اليه صاحب‬ ‫اعتبروا أن مثل هذا التصر‬
‫العمل لتسريح هذه العاملة بينما السبب الحقيقي لهذا التسريح إلى الشهادة التي أدلتها العاملة ضد‬
‫صاحب العمل في قضية طالقه لزوجته‪ ،‬ولذلك اعتبر قضاة الموضوع أن تسريح هذه العاملة يعتبر‬
‫تعسفيا يستوجب التعويض‪.‬‬
‫عدم صحة السبب يلعب دورا مهما في الميدان التطبيقي‪ ،‬إذا ما علمنا أن العامل ال يناقش‬
‫ثبوت الوقائع التي شكلت سببا لتسريحه و إنما يناقش هل أن هذه الوقائع هي فعال سبب تسريحه‪،‬‬
‫بمعنى ال ينفي وجودها و إنما ينفي عالقتها بتسريحه وأن هناك سبب آخر خفي في نفس المستخدم‬
‫وأن التصرفات التي صدرت من العامل هي ما كان ينتظره المستخدم ليجد لنفسه سببا للتسريح‪.1‬‬
‫غير أنه ال يمكن القول بأن السبب الذي اِدعى به المستخدم غير صحيح عندما ال يمكن إثبات‬
‫وجود هذا السبب أمام العدالة‪ ،‬مثال ذلك اجتهاد المحكمة العليا في الجزائر في قرارها رقم ‪12111‬‬
‫المؤرخ في ‪ 9119\11\11‬الذي ورد فيه "ولكن حيث أن النصوص التي ذكرتها الطاعنة ال عالقة‬
‫لها بالخطأ التي أسست عليه قرار الطرد‪ ،‬ذلك أن تقديم شهادة طبية ال يعد اختالس أو إخفاء وثائق‬
‫المصلحة أو المعلومات ذات الطابع المهني أو التصريح الكاذب في مجال تنافي أو جمع‬
‫الوظائ ‪.2"...‬‬
‫السبب الجدي‬ ‫‪- 2- 1‬‬
‫وزير العمل الفرنسي السبب الجدي أثناء المناقشة البرلمانية وقبل التصويت على قانون‬ ‫عر‬
‫جويلية ‪ 9113‬بأن" السبب الذي يكتسي نوعا من الخطورة يستحيل معه عدم اإلضرار بالمؤسسة‬
‫وبالتالي ال يمكن االستمرار في العمل‪ ،‬الشيء الذي يجعل من الضروري القيام بالتسريح"‪. 3‬‬
‫لم يعد بمقدور صاحب العمل أن يفسخ عقد العمل ألي سبب كان إال إذا كان سبب حقيقيا‬
‫في استعمال الحق‪ ،‬حيث صارت حتمية‬ ‫وجديا‪ ،‬وفي غياب هذا األخير ال يمكن التكلم عن تعس‬
‫وجود السبب الواقعي و الجدي هو نفسه شرط وجود حق التسريح‪.‬‬

‫‪ 1‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪931‬‬


‫‪ 2‬عبد السالم ذيب‪ ،‬مرجع سابق ‪,‬ص ‪. 424‬‬
‫‪3‬‬
‫;‪J.O. débat A.N. 30mai 1973, p 1699, col.2« une cause sérieuse est une cause revêtant une certaine gravite‬‬
‫‪qui rend impossible sans dommages pour l’entreprise, la continuation du travail et qui rend nécessaire le‬‬
‫‪licenciement » V : J- pelissier et A- supiot et A- jeaummaud, op. cit, p491.‬‬

‫‪212‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫قبل ‪ 9113‬كان القاضي الفرنسي يقر بالتسريح ولو كان بسبب خطأ بسيط‪ ،‬أما اآلن فصار‬
‫ليس سببا جديا‬ ‫القاضي يعتبر أن الخطأ البسيط ليس بسبب جدي للتسريح‪ ،‬فإذا كان الخطأ الطفي‬
‫للتسريح فهل يجب أن يكون خطأ العامل جسيما كي يمكن للمستخدم أن يعاقب بالتسريح؟‬
‫القضاء من جهته أعطى جوابا سلبيا‪ ،‬فإذا تم التسليم بوجود فئة من األخطاء وسط بين الخطأ‬
‫الجسيم والبسيط ذات طبيعة تبرر التسريح فإن هذا التفريق بين الخطأ الجسيم والخطأ الجدي يعطي‬
‫للقاضي سلطات واسعة للتقدير في ظل الوضعية المطروحة أي عندما يمكن أن تكون أخطاء العامل‬
‫تحمل مواصفات تبرر عقوبة التسريح دون أن يكون الخطأ جسيم‪ ،‬وبالتالي ينظر إلى النظام الداخلي‬
‫الذي يمكن أن يورد عقوبة التسريح لخطأ غير جسيم‪ ،‬ومع ذلك يكون سببا جدي للتسريح‪.‬‬
‫‪ - 2‬مدى ارتباط الخطأ الجسيم بالحياة الخاصة للعامل‬
‫لعلَ من بين حاالت األخطاء الجسيمة المذكورة في المادة ‪ 13‬من قانون ‪ 99/11‬ما قد ترتبط‬
‫في بعض األحيان بالحياة الخاصة للعامل مثل رفض تنفيذ االلتزامات المهنية للعامل والتحجج‬
‫بممارسة الحياة الخاصة للعامل في حالة استدعائه لضرورة المؤسسة في غير األوقات المهنية‪،‬‬
‫أو في حالة عقا ب العامل بالتسريح على ارتكابه خطا جسيما لتناوله الكحول أو ارتكابه ألعمال‬
‫داخل أو جرائم خارج مكان العمل‪.‬‬ ‫عن‬
‫تنصب دراستنا هذه حول محاولة بحث الحاالت التي قد ترتبط فيها األخطاء الجسيمة التي‬
‫ينجر عنها التسريح التأديبي بالحياة الخاصة للعامل باالعتماد على أخطاء ورد ذكرها في نص‬
‫المادة ‪ 13‬من القانون ‪ 99/11‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 21/19‬تتعلق بعالقات العمل‪ ،‬بالمقارنة مع‬
‫التشريعات واالجتهادات القضائية المقارنة‪ ،‬مع اإلشارة إلى مشروع قانون العمل الجديد وما أتى به‬
‫من إضافات تمس هذا الموضوع من خالل المواد من ‪ 19‬إلى ‪ 912‬من هذا المشروع التي وردت‬
‫في الفرع الرابع منه تحت عنوان التسريح التأديبي‪. 1‬‬
‫‪ - 1- 2‬حالة رفض العامل تنفيذ التعليمات المرتبطة بااللتزاماته المهنية‬
‫قد يدخل تحت ستار العذر غير المقبول الذي يدعيه العامل لتبرير عدم امتثاله ألوامر‬
‫وتعليمات صاحب العمل عذرا ي رتبط بممارسته لحياته الخاصة ال سيما إذا تعلقت تلك األوامر‬
‫بممارسته للعمل في غير أوقات العمل لضرورة المصلحة‪.‬‬
‫رقم‬ ‫في هذا الصدد ذهبت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 9113/92/91‬مل‬
‫‪ ،921131‬في قضية (س‪،‬م) ضد (مدير المؤسسة الوطنية للكتاب) الذي ورد فيه أن "من المقرر‬
‫قانونا أنه يعد خطأ من الدرجة الثالثة‪ ،‬وتصل عقوبتها إلى التسريح دون مهلة مسبقة ودون‬

‫‪ 1‬انظر المواد من ‪ 19‬الى ‪ 912‬من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد‪ ،‬الملحق رقم ‪.12‬‬

‫‪213‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تعويضات‪ ،‬رفض العامل تنفيذ التعليمات التي يتلقاها من السلطة المشرفة عليه‪ ،‬إلنجاز أشغال‬
‫ترتبط بمنصب عمله دون تقديم عذر مقبول"‪.1‬‬
‫هذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في قضية رفض مهندس المعلومات تنفيذ أوامر‬
‫وتعليمات صاحب العمل مما أدى إلى تسريحه من العمل‪ ،‬حيث تمسك العامل بأن تسريحه غير‬
‫مبرر وال يستند إلى سبب حقيقي وجدي وأن رفضه القيام بالعمل في غير أوقات العمل يعد مساسا‬
‫لممارسة حياته الخاصة‪ ،‬غير أن محكمة الن قض اعتبرت أن طلب صاحب العمل ال يمثل انتهاكا‬
‫للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬وأن رفض األخير اإلمتثال لتعليمات المؤسسة والتمسك بحياته الخاصة‬
‫يتعارض ويصطدم مع نشاط المؤسسة ومسؤوليتها اتجاه عمالئها‪.2‬‬
‫حالة ارتكاب العامل أعمال عن‬ ‫‪- 2- 2‬‬
‫المرتكب من العامل ضد‬ ‫إنَ المشرع الجزائري من خالل قانون ‪ 99/11‬لم يفرق بين العن‬
‫زميله في العمل أو ضد المستخدم مثل ما فعل كل من التشريع الفرنسي والمصري‪ ،‬كما لم يشترط‬
‫أعمال العن‬ ‫أن يكون االعتداء داخل أماكن العمل أم خارجه‪ ،‬وإنما ترك المجال مفتوحا في تكيي‬
‫التي قام بها العامل ما إذا كانت جسيمة ومن ثم تستوجب التسريح التأديبي‪ ،‬وإن كانت أعمال العن‬
‫معاقب عليها في التشريع الجزائي‪.‬‬
‫غير أن مشروع قانون العمل الجديد تدارك األمر في المادة ‪ 19‬منه التي حددت األخطاء‬
‫الجسيمة‪ ،‬حيث أدرجت ضمن الفقرة الرابعة التي اعتبرت خطأ تأديبيا ارتكاب العامل ألعمال العن‬
‫آخر أو أي شخص آخر‪.3‬‬ ‫أو االعتداء الجسدي تجاه صاحب العمل أو ممثله أو موظ‬
‫تجدر المالحظة أن المادة ‪ 19‬من المشروع المذكور أعاله وإن وردت أكثر دقة من المادة ‪13‬‬
‫فقط كخطأ جسيم‪ ،‬غير أنها لم‬ ‫من قانون ‪ 99/11‬التي تقتصر على عبارة قيام العامل بأعمال عن‬
‫بارتكاب العامل‬ ‫تشتر ط أن يكون االعتداء داخل أماكن العمل أم خارجه‪ ،‬ومن ناحية أخرى لم تكت‬
‫فقط بل أضافت عبارة االعتداء الجسدي‪ ،‬كما أنها لم تقتصر على ارتكاب هذه‬ ‫ألعمال العن‬
‫عالقة العمل أي صاحب العمل أو ممثله وكذا الزمالء في العمل بل أضافت‬ ‫األفعال ضمن أطرا‬
‫في آخر الفقرة عبارة أي شخص آخر‪.‬‬

‫‪ 1‬القرار الصادر عن محكمة المحكمة العليا – الغرفة االجتماعية بتاريخ ‪ 9113/92/91‬ملف رقم ‪ ،921131‬م‪.‬ق ‪ ،‬ع ‪ ،9113 ،2‬ص ‪.921‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 27 Novombre1991, Dr.soc, Janv.1992, p 79.‬‬
‫‪ 3‬نص الفقرة الرابعة من المادة ‪ 19‬من مشروع قانون العمل الجزائري باللغة الفرنسية كاالتي‪:‬‬
‫‪Art 96- P.C.T.A: «Le licenciement à caractère disciplinaire intervient dans les cas de fautes graves‬‬
‫‪commises par le travailleur. .. - commet des actes de violence ou agression corporelle à l’égard de‬‬
‫‪l’employeur, de son représentant ou d’un autre travailleur ou de toute autre personne».‬‬

‫‪214‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫االعتداء الصادر عن عمد وإدراك من المعتدي‪ ،‬والذي يمكن أن يشكل خطأ‬ ‫يقصد بالعن‬
‫جزائيا كما يمكن أن يشكل فقط خطأ تأديبيا‪ ،1‬سواء اتخذ هذا المساس صورة مادية كالضرب‬
‫المعنوي‪ 2،‬الذي‬ ‫أو صورة معنوية كالسب والقذ ‪ ،‬ويرى الفقه بأن المشرع الجزائري استبعد العن‬
‫قد يندرج تحته حالة التحرش الجنسي داخل أماكن العمل والذي سرعان ما تداركه المشرع‬
‫الجزائري من خالل إدراجه في مشروع قانون العمل الجديد في المادة ‪ 39‬منه‪.‬‬
‫المذكورة في المادة‬ ‫أما النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر وسع من نطاق حالة العن‬
‫‪ 13‬من ق‪.‬ع لتشمل حماية السالمة البدنية والمعنوية للعمال بنصه في المادة ‪ 41‬منه على «كل‬
‫عون مؤسسة‪ ،‬مهما كان منصب عمله ورتبته في السلم اإلداري‪ ،‬يفرط بواسطة تهديدات‪ ،‬أوامر‪،‬‬
‫عراقيل‪ ،‬أو ضغوط‪ ،‬في السلطة المرتبطة بوظيفته للحصول لفائدته أو لفائدة الغير‪ ،‬على مزايا مهما‬
‫بمعنى المادة ‪ 13‬من‬ ‫بالمضايقة‪ ،‬يعتبر كعمل عن‬ ‫كان طبيعتها‪ ،‬ويتركب عمال معاقب عليه يكي‬
‫قانون ‪ 99/11‬ضد السالمة البدنية والمعنوية للعامل بالحاق مساس خطير بكرامته‪....‬يعتبر العامل‬
‫الذي رفض الخضوع ألعمال مضايقة وكذلك العامل الذي شهد على مثل هذه األعمال محميان‬
‫بواسطة النظام الداخلي »‪.3‬‬
‫يتضح أن المادة ‪ 41‬من النظام الداخلي لمؤسسة اتصال الجزائر تدرج ضمن حالة العن‬
‫عناصر التحرش الجنسي وإن لم تقره بصريح العبارة‪ ،‬بل وتحمل هذه المادة نفس العبارات الواردة‬
‫التحرش الجنسي الوارد ذكرها في المواد ‪ 39‬إلى ‪ 13‬من مشروع ق‪.‬ع ‪4‬مثل عبارات‬ ‫في تعري‬
‫التهديد والضغوط‪ ،‬رفض الخضوع إلى المضايقة‪ ،‬وحماية العامل الشاهد على مثل هذه التصرفات‪.‬‬
‫داخل أماكن العمل‪ ،5‬واعتبر‬ ‫االجتهاد القضائي من جانبه أقرَ فقط حالة ارتكاب أعمال العن‬
‫الخطا الجسيم سواء داخل داخل‬ ‫الفقه المصري أنه ال عبرة بمكان وقوع االعتداء إلضفاء وص‬
‫المؤسسة أو خارجها‪ ،6‬وهذا ما يعتد به أيضا االجتهاد القضائي الفرنسي‪ ،‬حيث قضى بمشروعية‬
‫تسريح عامل قام بضرب زميلته في العمل أمام مدخل المؤسسة على مرأى ومسمع من العمال‬
‫وجودهم‪.‬‬ ‫الذين صاد‬

‫‪ 1‬مهدي بن خدة‪ ،‬دراسة تحليلية لمضمون المادة ‪ 13‬من قانون العمل الجزائري‪ ،‬مقال منشور بالمجلة األكاديمية للدراسات‬
‫االجتماعية واالنسانية‪ ،‬قسم العلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬عدد ‪ ،99‬جوان ‪ ،2199‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 2‬بن صاري ياسين‪ ، ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪43.‬‬
‫‪ 3‬النص الكامل للمادة ‪ 41‬من النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر متاح في الملحق رقم ‪11‬‬
‫‪ 4‬أنظر المواد من ‪ 39‬إلى ‪ 31‬من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد‪ ،‬الملحق رقم ‪.12‬‬
‫‪ 5‬قرار الغرفة االجتماعية للمحكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ ،9111/12/91‬رقم ‪ ،931934‬غير منشور‪ ،‬حيث قضت فيه أن العنف‬
‫المرتكب في أماكن العمل يشكل في حد ذاته خطأ جسيما ال يحتاج إثباته بحكم قضائي‪ ،‬وأيضا القرار الصادر عنها بتاريخ‬
‫‪ ،2119/19/11‬تحت رقم ‪ ،331191‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬العدد األول‪ ،‬الجزائر‪ ،2119 ،‬ص ‪ ،211‬قرار رقم ‪ ،919941‬مؤرخ‬
‫في ‪ ،9113/91/29‬قانون العمل الجزائري والتحوالت االقتصادية‪,‬عبد السالم ذيب ‪,‬ص‪.423‬‬
‫‪ 6‬على عوض حسن ‪ ،‬مرجع سابق ص‪.932‬‬

‫‪213‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫اعتبر القضاء أن واقعة الضرب وإن وقعت خارج نطاق المؤسسة من الناحية الزمانية‬
‫والمكانية وال صلة لها بالعمل‪ ،‬إال أن وقوعها بين عامل وزميلة له في نفس المؤسسة‪ ،‬ومشاهدة‬
‫الزمالء لهما‪ ،‬جعل لألمر المتعلق بالحياة الخاصة تأثيرا على حسن سير العمل بالمؤسسة‪ ،‬حيث‬
‫اعتبرته المحكمة بمثابة سبب جدي للتسريح رغم تعلقه بالحياة الخاصة‪.1‬‬
‫‪ - 3- 2‬حالة تناول العامل الكحول داخل أماكن العمل‬
‫إنَ إقدام العامل على تناول الكحول وتواجده في حالة سكر من شأنه أن يؤثر على درجة أدائه‬
‫للعمل فضال عن تأثيره على سمعة و حسن سير العمل في المؤسسة‪ ،2‬وقد اعتبره المشرع‬
‫الجزائري خطأ جسيما يستوجب التسريح شأنه في ذلك شأن باقي التشريعات المقارنة‪.‬‬
‫حالة‬ ‫تجدر اإلشارة أن المشرع المصري اشترط أن يكون العامل في حالة سكر بيِّن‪ ،‬أضا‬
‫تعاطي العامل للمخدرات‪ ،3‬ويقصد بالسكر البين حالة سكر الشديد والواضح‪ ،‬بحيث يفقد توازنه‬
‫تماما‪ ،‬أما في حالة المخدرات فيكفي أن يظهر تأثير المخدر على مسلك العامل حتى ولو ظل‬
‫متماسكا‪ ،‬ذلك أنَ تعاطي المخدرات أكثر جسامة باعتباره معاقب عليه في القانون الجزائي‪ ،‬ونظرا‬
‫ألن مفعول الكحول والمخدرات يدوم لفترة طويلة في اإلنسان الذي بإمكانه تعاطي الممنوعات‬
‫خارج مكان العمل طرح السؤال بشأن ارتكاب الخطأ خارج مكان العمل‪ ،‬بينما يكون تحت تأثير‬
‫إبان العمل‪.‬‬
‫أقرت أغلب االجتهادات القضائية المقارنة أنه يستوي في ذلك أن يحصل تناول الكحول‬
‫أو تعاطي المخدرات خارج مكان العمل ويمتد تأثيره داخل مكان العمل وأثناء ساعات العمل‪،4‬‬
‫استقر قضاء المحكمة العليا في الجزائر على أنه يعتبر تعاطي الكحول المخدرات خطأ جسيما وإن‬
‫تم الفعل المادي خارج المؤسسة‪ ،5‬فالعلة هي السكر تدور مع جسامة الخطأ وجودا وعدما‪.6‬‬
‫في المادة ‪ 19‬المحددة لألخطاء الجسيمة حالة ما إذا‬ ‫مشروع قانون العمل الجديد أيضا أضا‬
‫كان العامل يبدو في حالة سكر‪ ،‬حيث كانت تقتصر المادة ‪ 13‬من قانون ‪ 99/11‬على حالة تناول‬
‫الكحول أو المخدرات داخل أماكن العمل‪ ،‬في حين تطرق النص الجديد إلى امتداد أثار الكحول‬
‫المشروع إلى جانب مادة الكحول المؤثرات العقلية‪.7‬‬ ‫داخل أماكن العمل وأثنائه‪ ،‬وأضا‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass.soc, Janv.1992, Gaz.pal, 1992, p 135.‬‬
‫‪ 2‬ناهد العجوز‪ ،‬الحماية الجنائية للحقوق العمالية في قانون العمل في مصر والدول العربي‪ ،‬منشأة المعرف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،9119‬ص ‪312.‬‬
‫‪ 3‬نص المادة ‪ 99‬فقرة ‪ 1‬من ق‪.‬ع المصري‪ ...." :‬ال يجوز فصل العامل إال إذا ارتكب خطأ جسيما‪ ،‬ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحاالت‬
‫اآلتية‪ -1 ...:‬إذا وجد أثناء العمل في حالة سكر بين أو متأثرا بما تعطاه من مادة مخدرة"‪.‬‬
‫‪ 4‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬عقدالعمل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.343‬‬
‫‪ 5‬القرار الصادر عن المحكمة العليا‪ ،‬الغرفة االجتماعية‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2111/14/99‬ملف رقم ‪ ،919219‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪ 6‬مهدي بن خدة‪ ،‬دراسة تحليلية لمضمون المادة ‪ 13‬من قانون العمل الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪7‬‬
‫الملحق رقم ‪Art 96 P.C.T.A 12‬‬

‫‪219‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫محكمة النقض ال فرنسية ضمن هذا السياق أقرت تسريح عامل شاحنة أثناء أدائه لعمله بعد‬
‫الشرطة‪ ،‬وهو في حالة سكر خالل القيادة‪ ،‬حيث رأت في حكمها أنه أن هذا األمر‬ ‫توقيفه من طر‬
‫ينعكس بالسلب على المؤسسة التي تضع تحت قيادته مسؤولية بضائع تكلفها الكثير‪ ،‬ورأت بأنه‬
‫رغم أن األحداث تنتزع من الحياة الشخصية للعامل إال أنها أثارت عرقلة في المؤسسة‪ ،1‬هذا أيضا‬
‫ما أقرته في قضية تسريح لعامل في شركة التأمين ضد حوادث السيارات حينما تسبب في حادث‬
‫طريق بعد تناوله للكحول أثناء قيامه بالعمل ‪ ،‬فقام صاحب العمل إثر ذلك بتسريحه من عمله على‬
‫أساس ارتكابه خطأ جسيما‪ ،2‬المالحظ أنه في كلتا القضيتين تم تسريح العاملين لضبطهما وهما في‬
‫حالة سكر أثناء أداء العمل أي أثناء التوقيت الفعلي للعمل حتى ولو تم ذلك خارج مكان العمل‪.‬‬
‫‪ - 4- 2‬حالة ارتكاب العامل ألفعال يعاقب عليها القانون الجزائي‬
‫تشترط بعض تشريعات العمل لجواز تسريح العامل وفسخ عقد عمله أن يكون قد ارتكب‬
‫الجريمة في مكان العمل‪ ،‬من تلك التشريعات قانون العمل اللبناني‪ ،‬والقطري‪ ،‬والكويتي والعماني‪،9‬‬
‫في حين أن أغلب التشريعات العمالية المقارنة تورد نصا عاما دون اإلشارة إلى مكان وزمان وقوع‬
‫الجريمة‪ ،‬وهذا ما أخذ به على سبيل المثال قانون العمل المصري واألردني والسوري‪ ،‬والليبي‪،‬‬
‫والسعودي‪.2‬‬
‫يُشكل ارتكاب العامل ألفعال يعاقب عليها التشريع الجزائي‪ ،‬أخطاء جسيمة تستوجب التسريح‪،‬‬
‫غير المشرع الجزائري يقيد المستخدم بضرورة توفر شرطان‪ ،‬يتمثل الشرط األول في أن يشكل‬
‫الخطأ من صالحيات الجهات‬ ‫جريمة بمفهوم قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬ويكون تكيي‬ ‫التصر‬
‫القضائية‪ ،‬وبالتالي ال يجوز لصاحب العمل معاقبة العاملة بحجة ارتكابه جريمة طالما لم يصدر‬
‫حكم قضائي يدينه‪ ،‬هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرار لها بتاريخ ‪ 91‬جانفي ‪ ،2119‬حيث‬
‫اعتبرت الخطأ المهن ي المؤدي إلى إنهاء عالقة العمل والذي يشكل جريمة في القانون الجزائي ال‬
‫يمكن اعتماده كسبب للتسريح ما لم يثبت وقوعه بحكم قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه‬
‫قبل التسريح من العمل‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass. Soc. 2 Déc 2003; N° de pourvoi: 01-43227, RJS, 2 ⁄ 2004 , n° 181, R.T.D ; janv. 2114, p21.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass. Soc, 29 Janv.1992, RJS, 3/93, n° 262.‬‬
‫‪ 9‬قانون العمل اللبناني في المادة ‪ ،14‬والقطري في المادة ‪ ،9/21‬والكويتي في المادة‪ 33‬والعماني في المادة ‪ 42‬منه‪.‬‬
‫‪ 2‬ناهد العجوز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ 3‬قرار الغرفة االجتماعية للمحكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 91‬جانفي ‪ ،2119‬تحت رقم ‪ ،299921‬م‪.‬ق‪ ،‬ع ‪ ،9‬سنة ‪ ،2112‬ص ‪ ،913‬والذي‬
‫جاء في حيثياته ‪ " :‬حيث أنه بالرجوع إلى الحكم المنتقد تبين منه أن قاضي الدرجة األولى أسس قضاءه بأن تهمة السرقة المنسوبة إلى العامل‬
‫تعد من األخطاء التي يعاقب عليها القانون الجزائي والتي ال يمكن اثباتها في حق العامل إال بموجب حكم قضائي نهائي بإدانته‪ ،‬وفي قضية‬
‫الحال فإن التهمة تبقى مجرد اتهام غير ثابت في حق العامل بانعدام الحكم القضائي‪ ،‬وحيث من الثابت من أن اجتهاد المحكمة العليا أن الخطأ‬
‫المهني المؤدي إلى انهاء عالقة العمل والذي يكون جرمة في القانون الجزائي ال يمكن اعتماده كسبب للتسريح ما لم يثبت وقوعه‬
‫بحكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه قبل االعالن على التسريح"‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المجرم قانونا في اإلطار المكاني للعمل‪،‬‬ ‫أما الشرط الثاني يقتضي أن يرتكب العامل التصر‬
‫عمال مجرما خارج مكان العمل‪ ،‬وهذا ما أقرته‬ ‫لذلك ال يمكن للمستخدم معاقبة العامل الذي اقتر‬
‫المحكمة العليا بالجزائر في القرار رقم ‪ 911111‬الصادر في ‪ ،2111/12/93‬والذي جاء في‬
‫حيثياته؛" ‪....‬حيث بالرجوع إلى الحكم المنتقد يتبين منه أن قاضي الدرجة األولى حلل بما فيه‬
‫وبرر حكمه على كون إصدار الشيك بدون رصيد‬ ‫الكفاية حكمه إذ أنه قد رد على دفوع األطرا‬
‫المدعي عليه كان خارج عالقة العمل التي تربطه بالمستخدم وأشار إلى المادة ‪ 13‬من‬ ‫من طر‬
‫القانون‪ 21/19‬المؤرخ في ‪ 9119/92/29‬المتمم والمعدل بالقانون ‪ 99/11‬الذي يشترط أن تكون‬
‫األفعال المنسوبة للعامل حتما مرتكبة أثناء العمل حتى تشكل خطأ مهنيا‪."...‬‬
‫هذا ما أخذ به القضاء الفرنسي حينما قضى بعدم مشروعية فصل العامل في أحد البنوك‬
‫بسبب عدم توفر سبب جدي وحقيقي للفصل في قيام العامل باالقتراض أكثر من مرة‪ ،‬أو في قيامه‬
‫بتحرير شيكات على نفسه بدون رصيد‪ ،1‬وقد عمل القضاء الفرنسي بعدم إمكانية عقاب العامل على‬
‫أخطائه المتعلقة بحياته الخاصة لمدة طويلة بمواد القانون المدني الفرنسي‪.2‬‬
‫غير أنه تم تكريس اجتهادات أخرى مبينة على مبدأ التوفيق بين عالقة التبعية للمستخدم‬
‫والحياة الخاصة للعامل‪ ،‬حيث غيرت موقفها وأقرت بأن العامل يحاسب في اإلطار التأديبي بغض‬
‫النظر إلى عالقة العمل وبغض النظر عن مكان وزمان العمل‪ ،‬نظرا للمساس بمصالح المؤسسة‪.3‬‬
‫اتخذت محكمة النقض موقفا في قرارها الصادر في ‪ 13‬ماي ‪ 2199‬بشأن قضية تسريح عامل‬
‫بسبب سحب رخصة قيادته‪ ،‬حيث أقرت بأنه ال بد من التمييز بين الجرائم التي يرتكبها العامل أثناء‬
‫عمله‪ ،‬وتلك التي ترتكب خارجه‪ ،‬وأقرت أن العامل الذي يرتكب جريمة في حياته الخاصة ال يمكن‬
‫للمستخدم تسريحه بدعوى سوء السلوك ما دام أنه لم ينتهك أي التزام مهني مترتب على عقد العمل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مبررات التسريح التأديبي المرتبطة بالحياة الخاصة للعامل‬
‫السبب الجدي والحقيقي للتسريح الذي أورده وزير العمل‬ ‫من خالل الرجوع إلى تعري‬
‫الفرنسي والمذكور سابقا‪ ،‬نجد أنه ربط التسريح المبرر بمدى تأثير خطأ العامل على حسن سير‬
‫العمل بالمؤسسة من جهة‪ ،‬والخطورة التي تؤدي إلى االضرار بمصالح المؤسسة من جهة ثانية‪،‬‬
‫اضطراب سير العمل في المؤسسة وتهديد مصالحها يعد مبررًا مشروعاً يمكن صاحب العمل من‬
‫االستناد إليه لتسريح العامل وإنهاء عقد عمله‪ ،‬رغم أن مصدره مستمد من الحياة الخاصة للعامل‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass. Soc. 27 Nov. 1990, R.J.S, 1/91.N°6.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art.9 du c.civ « chacun a droit au respect de sa vie privée ».‬‬
‫‪ 3‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.949‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.soc, 17 Avril.1991, Dr.soc.1991, p 485, Note J.SAVATIER.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1‬التسريح التأديبي لتأثير الحياة الخاصة للعامل على سير العمل بالمؤسسة‬
‫إن تسريح العامل بسبب مستمد من حياته الخاصة مرتبط باألثر الذي يصيب المؤسسة نتيجة‬
‫هذا السبب‪ ،‬وهو االضطراب الملحوظ فيها بالنظر إلى التعارض بين ما قام به في حياته الخاصة‬
‫وبين مهامه أو طبيعة نشاط المؤسسة‪.‬‬
‫أكد هذا المعنى حكم لمحكمة النقض الفرنسية في ‪ 91‬أبريل ‪ ،9119‬إذ أوضحت من خالله أن‬
‫التسريح ألسباب مستمدة من الحياة الخاصة للعامل يستمد مشروعيته من كون هذه األسباب تعد سببا‬
‫جادا وحقيقيا النهاء عالقة العمل بالنظر إلى ما سببه من اضطراب في سير عمل المؤسسة‪.1‬‬
‫إن البحث ف ي وجود التعارض بين ممارسة العامل لحياته الخاصة‪ ،‬وبين العمل المطلوب منه‬
‫عالقة العمل يتمسكون‬ ‫تنفيذه في اإلطار المهني يعد مسألة موضوعية يقدرها القاضي‪ ،‬فأطرا‬
‫بموقفين متعارضين بشأن خالفهم‪ ،‬فالعامل يدعي أن تسريحه كان غير مشروع ال نتفاء السبب‬
‫المشروع للتسريح كونه مستمد من حياته الخاصة‪ ،‬في حين يدعي صاحب العمل أنه غير متعس‬
‫في تسريحه للعامل إذ يستند إلى أن ممارسات العامل في إطار حياته الخاصة سببت اضطرابا في‬
‫سير عمل المؤسسة‪.‬‬
‫حالة انتفاء اضطراب سير العمل بالمؤسسة‪ ،‬فإنه يصعب على العامل مد سلطانه إلى االطار‬
‫غير ال مهني‪ ،‬ويعتبر انهائه لعالقته المهنية مع العامل في هذه الحالة مستندا إلى مبرر غير مشروع‪،‬‬
‫بل إن الرقابة القضائية وبالنظر إلى غياب اضطراب العمل بالمؤسسة ستنتهي إلى انتفاء المبرر‬
‫المشروع للتسريح مما يعد تسريحا تعسفيا‪.2‬‬
‫غير أنَ افتقاد صاحب العمل لما يمكن اعتباره سببا جادا وحقيقيا كمبرر مشروع إلنهاء عالقته‬
‫األخير قد يدفعه إلى االعتماد على انطباعاته وقناعاته‬ ‫بالعامل حيث لم تتأثر المؤسسة بمواق‬
‫الشخصية‪ ،‬مشاعره الخاصة غير المرتبطة بخطأ محدد أو ملموس ارتكبه العامل في إطاره‬
‫المهني‪ ،3‬نحن أمام عامل لم يرتكب خطا محددا بالمعنى المهني أثناء تنفيذه للعقد فليس هناك ما‬
‫يمكن اعتباره سببا جادا وحقيقيا لتسريحه‪ ،‬إال أن صاحب العمل ببساطة ال يثق فيه‪.4‬‬
‫اختالل الثقة حالة نفسية تتولد نتيجة انطباعات شخصية لدى صاحب العمل فتولد لديه قناعة‬
‫بعدم إمكانية التعامل مع هذا العامل أو ذاك‪ ،‬ويتعين أن يعتمد تقييم صاحب العمل للعامل على مدى‬
‫تأثر المؤسسة باألسباب التي أدت إلى اختالل ثقته في العامل‪ ،‬خاصة إذا كانت هذه األسباب تدخل‬

‫‪1‬‬
‫‪LYON-CAEN )G(, op.cit, p 286.‬‬
‫‪ 2‬زهير حرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 919‬‬
‫‪4‬‬
‫‪CAKILLE )A(, La rupture du contrat de travail, Journal des Notaires et Avocats, 1988, p 173.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في إطار الحياة الخاصة وكيفية ممارستها‪ ،1‬والقبول باألثر الذي يسعى صاحب العمل إلى ترتيبه‬
‫عليها‪ ،‬إذ يتعين استنادها إلى أسباب يمكن تقييمها موضوعيا لالبتعاد عن التقييم الشخصي المجرد‬
‫عن أي وقائع محددة‪.2‬‬
‫يجب أن يكون هناك اضطراب فعلي لسير العمل في المؤسسة سببه العامل بسلوكه هو وليس‬
‫أحد أصدقائه أو أفراد عائلته‪ ،‬فقد كانت بعض األحكام القضائية في فرنسا تؤسس مشروعية‬
‫التسريح على أسباب ترجع لشريك العامل أو زوجه وما يمارسه من نشاط‪ ،3‬ثم تحول البحث إلى‬
‫في سلوك العامل ذاته وليس أحد أقاربه‪.‬‬
‫أقرَت محكمة النقض الفرنسية بوجود السبب الحقيقي والجدي في قيام العامل بارتكاب واقعة‬
‫السرقة من أحد العمالء دون أن يكون لعالقة العمل أي صلة بواقعة السرقة‪ ،‬جاء في الحكم أنه "إذا‬
‫كان بحسب األصل ال يمكن تسريح العامل لسبب يرجع لحياته الخاصة‪ ،‬إال أن األمر يكون على‬
‫ذلك حينما يؤدي سلوك العامل إلى اضطراب ملحوظ داخل المؤسسة بالنظر إلى الوظيفة‬ ‫خال‬
‫بها والغاية التي تستهدفها المؤسسة"‪.4‬‬ ‫المكل‬
‫‪ - 2‬التسريح التأديبي لتأثير الحياة الخاصة للعامل على مصالح المؤسسة‬
‫إلى تحقيق مصلحة المؤسسة‪ ،‬وفي سبيل تحقيق ذلك قد‬ ‫إنَ حسن تسيير نظام التأديب يهد‬
‫يستند صاحب العمل في تسريحه للعامل إلى حدوث تعارض بين ممارسة العامل لحياته الخاصة‬
‫وبين مصالح المؤسسة وأهدافها‪ ،‬ولقد ظهر جليا المعيار أو الذي يجب أخذه في االعتبار عند تقييم‬
‫أثر ممارسات العامل لحياته الخاصة على حياته المهنية في قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 22‬جانفي‪.5 1992‬‬
‫حيث أكدَت ما انتهى إليه قضاء الموضوع من أن المؤسسة‪ ،‬وهي الصلة التي تفصل‬
‫أو تربط بين االطارين بالنظر إلى تأثرها من عدمه‪ ،‬قد أصابها ما ال يمكن تجاهله وااللتفات عنه‪،‬‬
‫فاإلطار غير المهني وما حدث فيه أثر بوضوح في الثقة واالعتبار التي تتمتع بهما المؤسسة والتي‬
‫عملت على توفيرها لكسب ولالحتفاظ بعمالئها‪ ،‬وأن الحياة الخاصة يمكن النظر إليه كسبب جاد‬
‫وحقيقي للتسريح‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪CHIREZ )A(, La perte de confiance de l’employeur constitue-t-elle une cause réelle et sérieuse de‬‬
‫‪licenciement, Ch, D.9181, p 193.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc 30Mars 1982, J.C.P, 1983,ΙΙ, 14029, Note J-E.MONTREDON; C.RADE, op. cit, p 450.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc 26 Juin.1990, R.J.S, 3/93, p 408.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪« Si en principe il peut être procédé au licenciement d’un salarié pour une cause tiré de sa vié privée, il en‬‬
‫‪est autrement lorsque le comportement de l’intéressé, compte-tenu de ses fonctions et de la finalité propre de‬‬
‫‪l’entreprise a crée un trouble caractérisé au sein de cette dernière ». Voir : Cass.soc 20 Nov.1991, N° de‬‬
‫الملحق رقم ‪pourvoi N° 89-44605, Dr.soc, 1992, p 79. 10‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Cass.soc 22 Janv.1992, Dr.soc.Avril 1992, p 334.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إنَ عدم اإلصطدام بمصالح المؤسسة وأهدافها يحصن اإلطار المهني للعامل ضد أي تدخل‬
‫من جانب صاحب العمل ينتهي به إلى تسريح العامل‪ ،‬ففي حكم آخر لمحكمة النقض أقرت أن‬
‫استدعاء العامل ألداء مهمة متعلقة بإطاره المهني في غير أوقات العمل ال يعد انتهاكا لحرمة الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬ذلك أن رفضه أدائها اصطدم بمصالح المؤسسة التي تقوم بتزويد أجهزة آلية ويفترض‬
‫متابعتها للجهاز إلى حين تمام تنفيذه لمهامه‪.‬‬
‫في هذه الدعوى ترتب على رفض مهندس المعلومات تنفيذ أوامر صاحب العمل أن تم‬
‫تسريحه‪ ،‬تمسك العامل بأن تسريحه غير مبرر وال يستند إلى سبب جاد وحقيقي ألن رفضه‬
‫الحضور والقيام بالعمل في غير أوقات العمل المتفق عليها يعد ممارسة لحياته الخاصة‪ ،‬وأن‬
‫تسريحه بسبب تمسكه بقضاء أوقات فراغه مع عائلته يعد انتهاكا للمادة ‪ 11‬من القانون المدني‬
‫الفرنسي التي تمنع المساس بالحياة الخاصة‪.‬‬
‫إالَ أنَ محكمة النقض أيدت ما انتهى إليه قضاة الموضوع من أن طلب صاحب العمل ال يمثل‬
‫انتهاك للحياة الخاصة للعامل بل أن طلبه يتفق مع اإلطار المهني للعامل‪ ،‬وأنَ رفض األخير‬
‫اإلمتثال لتعليمات صاحب العمل والتمسك بحياته الخاصة يتعارض ويصطدم مع مصالح المؤسسة‬
‫ومسؤوليتها اتجاه عمالئها‪ ،1‬احترام الحياة الخاصة للعامل وحرية ممارستها ال يجب أن يكون سيفا‬
‫موجها لصاحب العمل بحيث تتأثر مصالحه سلبا بهذا المبدأ‪ ،‬حيث يفترض أن يتم تنفيذ االلتزامات‬
‫العقدية بحسن نية‪ ،‬وال ينبغي للعامل بالتالي أن يتمسك بحقه في أال تقتحم حياته الخاصة على نحو‬
‫يعكس تعسفه بشأن ممارسة هذا الحق‪.2‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫التسريح التعسفي والمساس بالحياة الخاصة للعامل‬
‫في استعمال الحق‪ ،‬ولكن حتى وإن كان‬ ‫يعتبرالتسريح التعسفي أحد تطبيقات نظرية التعس‬
‫به لصاحب العمل قانونا‪ ،‬إال أنه مقيد في استعمالها بضوابط إجرائية‬ ‫التأديب سلطة وحق معتر‬
‫وموضوعية‪ ،‬وكل تجاوز من صاحب العمل لهذه القيود فإنه يعتبر تجاوزا من جانبه‪ ،‬وهي بمثابة‬
‫صاحب العمل‪.3‬‬ ‫ضمانات ضد تعس‬
‫إن المستخدم ال يمكنه تسريح العامل لسبب يرتبط بالحياة الخاصة للعامل إال إذا توفر لديه‬
‫سبب جدي وحقيقي‪ ،‬فالتسريح المعتبر تعسفيا هو الذي يتخذ خرقا للقانون الموضوعي‪ ،‬هذا ما يعبر‬
‫الذي خلصت إليه المادة ‪13‬‬ ‫عنه القانون الفرنسي بانعدام السبب الحقيقي أو الجدي‪ ،‬وهو التعري‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass.soc 27 Nov. 1991, Droit Social, Janv. 1992, p 79.‬‬
‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ 3‬مقني بن عمار‪ ،‬قواعد اإلثبات في المواد العمالية في القانون الجزائري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2191 ،‬ص ‪.211‬‬

‫‪219‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫فقرة ‪ 4‬من القانون ‪ 99/11‬التي تنص على أن التسريح الذي يقع خرقا لنص المادة ‪ 13‬يعتبر‬
‫تعسفيا‪ ،‬فمهم ا كانت القاعدة التي تم خرقها جوهرية كانت أو إجرائية فإن التسريح الذي تشير إليه‬
‫يعتبر في كل الحاالت تعسفيا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬امتداد السلطة التأديبية للحقوق الشخصية للعامل‬
‫والرقابة والتوجيه وما تعكسه من قيد على الحقوق الشخصية‬ ‫سلطة صاحب العامل باإلشرا‬
‫للعامل ترتبط فقط باإلطار المهني‪ ،1‬وال يحق لصاحب العمل مد نطاقها إلى اإلطار غير المهني‪ ،‬إذ‬
‫للعامل حياته الخاصة يمارسها دون السماح لصاحب العمل باالقتراب منها‪ ،‬فإذا استند إلى سبب‬
‫غير مهني إلنهاء عقد العمل‪ ،‬فإنه يكون متعسفا في إنهائه‪ ،‬ومنتهكا للحياة الخاصة له التي يفترض‬
‫عدم تأثيرها سلبا على حياته المهنية‪.2‬‬
‫‪ - 1‬التسريح التعسفي للعامل والمساس بالحقوق الشخصية‬
‫كرَست محكمة النقض الفرنسية من خالل اجتهاداتها المتتالية مفهوما واسعا للحياة الخاصة في‬
‫مواجهة صاحب العمل حيث يمنع عليهم تسريح العمال بسبب مستمد من الحياة الخاصة إال بضوابط‬
‫العامل لديها‪ ،3‬من أهم المشاكل التي طرحت أمام القضاء الفرنسي‬ ‫أهمها تأثر المؤسسة سلبا بموق‬
‫والتي لها صلة مباشرة بالحقوق الشخصية للعامل تلك المتعلقة بشرط عدم الزواج أو شرط العزوبة‬
‫أو يضمن في بعض األنظمة الداخلية للمؤسسات‪ ،‬اعتبر‬ ‫الذي قد يرد في بعض عقود العمل‪،‬‬
‫القضاء الفرنسي أن شرط العزوبة بمثابة اعتداء على حق من حقوق الشخصية للعامل‪ ،‬ومن ثم‬
‫يعتبر باطال بطالنا مطلقا‪ ،‬وأكد بقوة حق العامالت في الزواج التصال ذلك الحق بالنظام العام‪،‬‬
‫واعتبر أن كل إنهاء لعقد العمل بسبب زواج العامل إنهاءا تعسفيا‪ ،‬وهذا ما أوضحته محكمة‬
‫باريس بقرارها الشهير الصادر في ‪ 31‬أبريل ‪.49193‬‬ ‫استئنا‬
‫استقرَ القضاء الفرنسي على وجوب الفصل التام بين الحياة المهنية والحياة الشخصية والعائلية‬
‫للعامل‪ ،‬وقد رتب أن كل طرد أو تسريح للعامل له اتصال بحياته الخاصة يعد تعسفيا‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية من أنه يعد غير مشروع تسريح العامل البنه بسب رفضه‬
‫التخلي عن زوجته ألن حقوق األبوة ال يمكن لها أن تنعكس على الميدان المهني‪ ،‬كما قررت أن‬
‫طرد عاملة لكون زوجها عضوا نشيطا في إحدى النقابات المهنية طردا تعسفيا‪ ،‬كما اعتبرت أن‬
‫فصل عامل بسبب تطليقه لحفيدة المدير العام للشركة التي يشتغل بها بدوره تعسفيا وغير مشروع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪KAYSER (P), Le secret de la vie privée et la jurisprudence civile, Mélanges Savetier, 1965, p 61 .‬‬
‫‪ 2‬زهير حرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 3‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cité par : DESPAX )M( , op.cit, p 12, 13‬‬

‫‪212‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يجب أن يرتبط الخطأ التأديبي بمهنة العامل من حيث زمان ومكان العمل‪ ،‬إذ البد من فصل‬
‫الحياة المهنية للعامل عن حياته الخاصة‪ ،1‬فال يمكن للسلطة التأديبية للمستخدم أن تمتد إلى الحياة‬
‫الخاصة للعامل‪ ،‬بل يجب أن تكون في حدود تبعية العامل للمستخدم‪.2‬‬
‫على العامل أن يحصن حياته الخاصة لمواجهة أي تدخل من صاحب العمل وذلك بعدم‬
‫احداث أي اضطراب بالمؤسسة وعدم معارضة أهدافها‪ ،‬وهذا ما أخذ به القضاء الفرنسي حينما‬
‫قضى بعدم مشروعية فصل العامل في أحد البنوك بسبب عدم توفر سبب جدي وحقيقي للفصل في‬
‫قيام العامل باالقتراض أكثر من مرة‪ ،‬أو في قيامه بتحرير شيكات على نفسه بدون رصيد‪.3‬‬
‫نفس الحكم أقرته المحكمة العليا بالجزائر في القرار رقم ‪ 911111‬الصادر في‬
‫‪ ،2111/12/93‬والذي جاء في حيثياته؛ «‪....‬حيث بالرجوع إلى الحكم المنتقد يتبين منه أن قاضي‬
‫وبرر حكمه على كون‬ ‫الدرجة األولى حلل بما فيه الكفاية حكمه إذ أنه قد رد على دفوع األطرا‬
‫المدعي عليه كان خارج عالقة العمل التي تربطه بالمستخدم‬ ‫إصدار الشيك بدون رصيد من طر‬
‫وأشار إلى المادة ‪ 13‬من قانون‪ 21/19‬المؤرخ في ‪ 9119/92/29‬المتمم والمعدل بالقانون ‪99/11‬‬
‫الذي يشترط أن تكون األفعال المنسوبة للعامل حتما مرتكبة أثناء العمل حتى تشكل خطأ مهنيا‪.»...‬‬
‫‪ -2‬اإلستثناءات المتعلقة بالمؤسسات ذات التوجهات الخاصة‬
‫أقرَ االجتهاد القضائي الفرنسي مبدأ التوفيق بين عالقة التبعية للمستخدم والحقوق الشخصية‬
‫بحق المستخدم في السلطة التأديبية تارة وحق‬ ‫للعامل‪ ،4‬ولقد جاءت أحكامه متضاربة بين اإلعترا‬
‫العامل في احترام حياته الخاصة تارة أخرى‪ ،‬كما عمل القضاء الفرنسي على التمييز بين السبب‬
‫الخاصة بالمؤسسة لتبرير تسريح العامل‪،5‬‬ ‫الذي يرجع إلى الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬وبين األهدا‬
‫حيث نجد أن محكمة النقض الفرنسية في قرار لها أقرت عقوبة تسريح معلمة من مؤسسة تعليمية‬
‫كاتوليكية بعد طالقها من زوجها‪ ،‬إذ كانت المعتقدات الدينية للمعلمة موضوع االعتبار أثناء ابرام‬
‫عقد العمل‪ ،6‬وفي قرار آخر لها أقرت أن تسريح سائق شاحنة بعد توقيفه وهو في حالة سكر أثناء‬
‫كان خارج أوقات العمل لما له من تأثير سلبي على‬ ‫القيادة‪ ،‬بالرغم من أن التوقي‬

‫‪ 1‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص من ‪.931‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Le salarie mettant à la disposition de son employeur sa force de travail mais non sa personne (j. RIVERO,‬‬
‫‪les libertés publiques dans l’entreprise, Dr. soc. 1982. p241) R.T.D ; janv. 2114, p28.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Soc. 27 Nov. 1990, R.J.S, 1/91.N°6.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Soc. 22 Janv 1992. Dr. Soc. 1992. N°334, il ne peut être procède a un licenciement pour une cause‬‬
‫‪tirée de la vie privée du salarié que si le comportement de celui-ci compte tenu de la nature de ses fonction et‬‬
‫‪de la finalité propre de l’entreprise, a créé un trouble caractérise au sein de cette dernière. R.T.D; 1999. p 7.‬‬
‫‪ 5‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.913‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Cass. Ass. Plén. 19 mai 1978, Bull . civ, N° 1 . R.T.D ; Janv.2004, p 29.‬‬

‫‪213‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المؤسسة‪.7‬‬ ‫مصالح وأهدا‬


‫هناك بعض المؤسسات تتطلب قبل التعاقد مع عمالها توفرهم على بعض الصفات التي تدخل‬
‫هذه المؤسسات غالبا الدفاع عن مذاهب عقائدية أو سياسية‬ ‫في نطاق الحياة الخاصة‪ ،‬وتستهد‬
‫أو نقابية‪ ،‬بالتالي يفترض انضمام العامل إلى مثل هذه المؤسسات‪ ،‬االلتزام بالدفاع عن القيم‬
‫التي تريد تحقيقها‪ ،‬فمثال المؤسسة التربوية والتعليمية تتطلب صفات خلقية معينة في‬ ‫واألهدا‬
‫القائمين على أمر التدريس أو التربية بها‪ ،‬كذلك األمر بالنسبة للمنشآت الرياضية التي قد تفرض‬
‫على العاملين فيها قيودا‪ ،‬كاالمتناع عن تناول الكحول أو الخمور أو السهر ليال قبل انعقاد‬
‫العامل هذه القيود ولم ينفذ ما يطلب منه أو فقد ما كان يتحلى به من صفات‪،‬‬ ‫المباريات‪ ،‬فإذا خال‬
‫جاز لصاحب العمل تسريحه‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬امتداد السلطة التأديبية للحريات الشخصية للعامل‬
‫إنَ متابعة العامل تأديبيا تتم بالنظر إلى عالقة العمل وبغض النظر عن مكان وزمان العمل‪،‬‬
‫فقد يحدث تداخل بين الحياة المهنية والحياة الخاصة‪ ،‬فالعامل رغم وجوده في مكان ووقت العمل‪،‬‬
‫إال أنه يحتفظ بذاته كإنسان وبقدر من الخصوصية التي تالزمه في مكان العمل‪.‬‬
‫لعل أهم ما يالزم العامل حتى في حياته المهنية اعتقاده وضميره وأفكاره‪ ،‬فليس مطلوبا من‬
‫العامل أن يؤمن بنفس المعتقدات التي يؤمن صاحب عمله‪ ،‬أو بنفس التوجهات‪ ،‬وليس ملزما بأن‬
‫يتقاسم معه أفكاره ومعتقداته وله أن يتبنى آراء أو أفكار مختلفة ما لم تكن تلك اآلراء والمعتقدات‬
‫محل اعتبار عند التعاقد‪.‬‬
‫الحق في احترام الحياة الخاصة هو أيضا عنصرا أساسيا من الحرية الفردية التي يحميها‬
‫الدستور‪ ،2‬حيث تنص المادة‪ 39‬من الدستور الجزائري "ال مساس بحرية الرأي"‪ ،‬وهو حق معتر‬
‫به دوليا من خالل نص المادة ‪ 91‬من اإلعالن العامل لحقوق االنسان التي نصت على أن "لكل‬
‫شخص الحق في حرية التعبير" ‪ ،‬فالمستخدم حتى ولو كانت له سلطة تجاه عماله‪ ،‬فإن هذه السلطة ال‬
‫يمكن ممارستها إال في الحدود المعقولة‪ ،‬فال يمنع العامل من ممارسة حرياته والتمتع بحقوقه‬
‫بدعوى التأديب‪.3‬‬

‫‪7‬‬
‫‪Cass. Soc. 2 Dec. 2003, R.J.S. 2/2004, N° 181, R.T.D ; Janv. 2004, p 29.‬‬
‫‪ 1‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.912‬‬
‫‪2‬‬
‫‪AGOSTINELLI (X), op.cit, p491 .‬‬
‫‪ 3‬محمد بن حساين‪ ،‬أي توزازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية‪ -‬محمد بوعزيز‪ ،‬السلطة التأديبية لرئيس‬
‫المؤ سسة في قطاع الشغل الخاص بالمغرب‪ ،‬رسالة لنسل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬الرباط‪ ،9114-9113 ،‬ص ‪293.‬‬

‫‪214‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1‬تسريح العامل بسبب الحرية الدنية‬


‫من بين المسائل التي تجلى فيها التعارض واضحا بين مصلحة المؤسسة وبين حريات العامل‬
‫موضوع الحرية الدينية واعتناق العامل لديانة معينة أو ممارسة لشعائر هذه الديانة‪ ،‬أو لحريته في‬
‫الظهور بمظهر يعكس معالم دياناته أثناء ممارسة عمله‪ ،‬كما هو الحال في ارتداء مالبس معينة أو‬
‫امتناعه عن أداء عمل يتعارض مع تعاليم ديانته‪ ،‬مما قد يؤثر على مصلحة المؤسسة‪.1‬‬
‫‪ - 1- 1‬تسريح العامل بسبب ممارسة الشعائر الدينية أثناء العمل‬
‫قد يرى صاحب ال عمل أنَ الحرية الدينية للعامل تؤثر على مصلحة المؤسسة بالسلب‪ ،‬ويتمسك‬
‫بهذه المصلحة كمبرر التخاذ قرارات في مواجهة العامل سيما في حالة التسريح ألسباب شخصية‪،‬‬
‫كما قد يتمسك بمصلحة المؤسسة في حالة المؤسسات المذهبية أو الدينية لتعطيل حرية أخرى من‬
‫الحريات الفردية‪ ،‬ك اإلدعاء بأنَ العامل لم يتمسك بالشعائر أو التعاليم الدينية أو المذهبية التي تقوم‬
‫المؤسسة بالدفاع عنها ما يضر بمصلحة المؤسسة وتصبح مصلحة هذه األخيرة هي التي توجب‬
‫وتفرض عدم ممارسة الحرية الدينية في بعض الحاالت‪ ،‬ووجوب ممارستها في حاالت أخرى‪.2‬‬
‫ثار الجدل حول مدى تعارض أوقات العمل مع أوقات الصالة الخمس المفروضة‪ ،‬حيث يقع‬
‫على عاتق العامل المسلم التزامين‪ ،‬أحدهما يتعلق باحترام وقت العمل والثاني يتعلق باحترام أداء‬
‫فريضة الصالة‪ ،‬فإذا كان كل من الشريعة االسالمية وقانون العمل بأحكامه التشريعية والمهنية‬
‫يقرران االلت زام بأوقات العمل‪ ،‬وإال اعتبر ذلك خطأ مهنيا يعرض مرتكبه للعقوبة التأديبية‪ ،‬ال سيما‬
‫إذا علمنا أنَ هذا االلتزام يتقرر في النظام الداخلي الذي يضعه صاحب العمل‪ ،‬وبالتالي فإن أي‬
‫إخالل يفسر ذلك الخروج عن طاعة أوامر صاحب العمل‪ ،‬مما يرفع الخطأ المهني إلى درجة من‬
‫الجسامة تستوجب الطرد وفقدان العمل‪.3‬‬
‫غير أنه إذا كان العامل ملزم بعدم تعطيل العمل عن أداء الفرائض والواجبات الدينية‪ ،‬فإنه‬
‫بالمقابل ملزم بعدم تأجيل الصالة من اجل العمل لقوله عزوجل‪« :‬إن الصالة كانت على المؤمنين‬
‫كتابا موقوتا»‪ ،4‬وقوله تعالى أيضا‪ «:‬حافظو على الصلوات والصالة الوسطى وقوموا هلل قانتين»‪،5‬‬
‫وقوله صلى اهلل عليه وسلم «أفضل األعمال الصالة على وقتها»‪.6‬‬

‫‪ 1‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪919.‬‬


‫‪ 2‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 3‬مزغراني بومدين‪ ،‬التالزم بين أحكام الصالة والعمل في قانون العمل الجزائري‪ ،‬مقال منشور بمجلة نظرة على القانون االجتماعي‪ ،‬القطب‬
‫الجامعي بلقايد وهران‪ ،‬ع ‪ ،2111 ، 3‬ص ‪.914‬‬
‫‪ 4‬القرآن الكريم‪ ،‬اآلية ‪ 913‬من سورة النساء‪.‬‬
‫‪ 5‬القرآن الكريم‪ ،‬اآلية ‪ 231‬من سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ 6‬عن عبد هللا بن مسعود –رضي هللا عنه‪ -‬قال‪ :‬سألت النبي –صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أي العمل أحب إلى هللا قال‪« :‬الصالة في وقتها‪ ،‬ثم قال أي‬
‫بر الوالدين‪ ،‬ثم قال أي الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬قال حدثني بهن ولو استزدته لزادني»‪ ،‬رواه البخاري ‪ ،321‬ومسلم ‪.13‬‬

‫‪213‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫من هنا يتضح بأنه ال جواز في تأخير الصالة بعذر العمل‪ ،‬وبالتالي فعلى العامل أخذ جميع‬
‫االحتياطات حتى يصلي الصالة في وقتها وفي مكان العمل وجماعة‪ ،‬وضمن هذه المباديء الشرعية‬
‫يحق للعامل المطالبة كغيرها من الحقوق المقررة بتشريع العمل بحق تأدية الصالة في موقتها على‬
‫أن يدخل ذلك في فترات الراحة وليس في فترات العمل‪ ،1‬وعن ابن األثير أن الرسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم كان اشتغاله بالصالة راحة له‪ ،‬ألنه كان يعد غيرها من األعمال الدنياوية تعبا فكان‬
‫يستريح بالصالة‪.2‬‬
‫من بين األحكام القضائية التي قضت بالتسريح التعسفي ألداء العامل الصالة أثناء العمل ما‬
‫بالدار البيضاء بالمملكة المغربية في قرارها الصادر‬ ‫قضت به الغرفة االجتماعية لمحكمة االستئنا‬
‫بتاريخ ‪ 14‬جوان ‪ ،9113‬حيث رأت أن غياب العامل ألداء صالة الجمعة ال يمكن أن يعتبر خطأ‪،‬‬
‫فضال على أن يكون جسيما‪ ،‬ال سيما بعد ثبوت أن إقامة الصالة كان أثناء فترة االستراحة‪.‬‬
‫الحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية "الحي الحسني" القاضي باعتبار‬ ‫أيَدت محكمة االستئنا‬
‫التسريح تعسفي‪ ،‬حيث جاء في حيثيات القرار ما يلي‪" :‬حيث لم يرتكب األجير أي عمل من شأنه‬
‫عليه تسهيل الصالة يوم الجمعة‬ ‫بأنه خطأ فضال عن القول بأنه جسيم‪ ،‬إذ أن المتعار‬ ‫أن يوص‬
‫معلل‬ ‫يغني عنه‪ ،‬وحيث أن الحكم المستأن‬ ‫في بلد مسلم‪ ،‬واالحتجاج بعدم اإلذن مردود‪ ،‬فالعر‬
‫بما فيه الكفاية من حيث تصريحه بعدم مشروعية التسريح"‪.3‬‬
‫ن‬
‫حتى وإن لم نعهد تسريحات بسبب أداء العامل للصالة أثناء العمل في البلدان اإلسالمية‪ ،‬فإ َ‬
‫األمر ليس على هذا النحو بالنسبة للدول التي ال تدين باإلسالم‪ ،‬والتي قد يلجأ أصحاب العمل فيها‬
‫إلى تسريح العمال نتيجة ممارستهم لشعائرهم الدينية‪ ،‬وهذا ما يواجهه العمال المسلمين العاملين في‬
‫الدول غير إسالمية‪ ،‬من بين القضايا الشائعة في هذا المجال طرد مؤسسة صناعية أمريكية‬
‫"كارغيل" لتعبة اللحوم ‪ 211‬عامل مسلم‪ ،‬بسبب حرصهم على أداء الصالة في وقتها أثناء العمل‪،‬‬
‫وذلك حسبما أورته صحيفة "التلغرا " البريطانية بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ ،2199‬وقد قام العمال وأغلبهم‬
‫صوماليون بتنظيم إضراب عبّروا فيه عن عدم كفاية وقت إقامة الصالة‪ ،‬وكان مؤسسة "كارغيل" قد‬
‫وفرت عام ‪ 2111‬غرفة للعمال المسلمين ألداء الصلوات‪ ،‬غير الشركة غيرت سياستها بهذا الشأن‪،‬‬
‫وقد رأى مجلس العال قات االمريكية بأن هؤىء العمال أكفاء‪ ،‬وأن فقدانهم ألداء الصالة أسوء من‬
‫فقدانهم لوظائفهم‪.4‬‬

‫‪ 1‬مزغراني بومدين‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪919.‬‬


‫‪ 2‬مهدي بخدة‪ ،‬التنظيم القانوني ألوقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬اإلسكندرية مصر‪ ،2193‬ص‪.11‬‬
‫‪ 3‬محكمة االستئناف بالدار البيضاء – الغرفة االجتماعية‪ ،‬القرار عدد ‪ ،2492‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬جوان ‪ ،9113‬مجلة المحاكم‬
‫المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،13‬ص ‪ .19‬الملحق رقم ‪.10‬‬
‫‪ 4‬االطالع على الموقع اآلتي‪ http://mubasher.aljazeera.net/ :‬تاريخ االطالع‪.2193/11/93 :‬‬

‫‪219‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 2- 1‬تسريح العاملة بسبب ارتداء اللباس الديني أثناء العمل‬


‫إن السلوك الديني للعامل أو العاملة داخل المؤسسة يشكل مظهرا خارجيا لحريتها الدينية‪،‬‬
‫والحرية الدينية تجعلنا نت ساءل عن حرية العاملة في الملبس واختيار ما يرتبط من هذه المالبس‬
‫بحريتها الدينية‪ ،‬فإذا كان لصاحب العمل سلطة على ذلك‪ ،‬فإنَ األمر يستلزم أن تكون مصلحة‬
‫المؤسسة معرضة للخطر‪.‬‬
‫قد تقتضي مصلحة المؤسسة اإللتزام بعدم ممارسة الحرية الدينية في بعض الحاالت‪ ،‬ووجوب‬
‫(‪)Sain Denis‬في أحد أحكامها‬ ‫ممارستها في حاالت أخرى‪ ،‬ولعل ما صدر عن محكمة استئنا‬
‫يشير إلى ذلك‪ ،‬فقد غلبت مصلحة المؤسسة على الحرية الدينية إلحدى العامالت وحقها في التمسك‬
‫بواجباتها الدينية ومنها واجب ارتداء الزي اإلسالمي بالنسبة للمرأة المسلمة‪ ،‬في قضية تتلخص‬
‫وقائعها في قيام العاملة بارتداء الزي اإلسالمي الذي كان يغطيها من رأسها وحتى قدميها أثناء‬
‫عملها داخل محل بيع مالبس ذات موديالت أوروبية للسيدات‪ ،‬وكانت طبيعة العمل الذي تؤديه‬
‫العاملة تقتضي اتصالها بالعمالء المتعاملين مع المؤسسة وما يبيعه من مالبس أوروبية‪ ،‬رفضت‬
‫العاملة اإلمتثال إلى طلب صاحب العمل‪ ،‬فقام على إثر ذلك بتسريحها‪ ،‬رفعت العاملة دعواها أمام‬
‫اعتبرت أن التسريح على هذا‬ ‫المحكمة العمالية التي قضت بإلغاء التسريح‪ ،‬لكن محكمة اإلستئنا‬
‫النحو يستند إلى سبب حقيقي وجدي ينبثق من مصلحة المؤسسة‪.1‬‬
‫فيما أيد البعض هذا الحكم على أساس أن مصلحة المؤسسة هي األساس الذي يرتكز عليه‬
‫الحكم في مشروعية تسريح العاملة وتغليب مصلحة المؤسسة على المصالح الفردية للعمال‪ ،2‬انتقد‬
‫البعض هذا الحكم حيث يرو أن العاملة قد ظلت تعمل في المؤسسة منذ ‪ 9111‬ولم يؤثر ملبسها‬
‫على سمعة أو وضع المؤسسة ولم يؤدي إلى إضطرابها‪.‬‬
‫على نوعية‬ ‫القول بعدم اإلقبال على المؤسسة قول بعيد عن الحقيقة ألن االقبال يتوق‬
‫المنتجات وجودتها وسعرها وليس على ملبس من يقدمها‪ ،‬ويعكس هذا الحكم بعدا عنصريا وتحيزا‬
‫ضد المسلمين ممن يتمسكون بتعاليم دينهم‪ ،3‬وبالمخالفة لو أن عاملة في موضع مماثل تحللت من‬
‫بعض مالبسها وارتدت المالبس الشفافة أو القصيرة ألصبح األمر يتعلق بحياتها الخاصة وليس‬
‫بمصلحة المؤسسة‪ ، 4‬فمصلحة المؤسسة ال تظهر إال إذا تعلق األمر بعاملة مسلمة انعكس أمر دينها‬
‫على مظهرها الخارج‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Serge FARNOCCHIA, Liberté religieuse du salarié et intérêt de l’entreprise, D.1988, p 546.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪FARNOCCHIA )S(, op.cit, p 547.‬‬
‫‪ 3‬حول الحجاب الذي تردتديه المسلمات انظر األحكام القضائية اآلتية‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Soc. 22 juillet 1986, n° de pourvoi 82- 43824.‬‬
‫‪ 5‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911-911‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫من أهم القضايا الشهيرة حول إشكالية تسريح العامالت بالبلدان األجنبية بسبب ارتداء الزي‬
‫الديني أثناء العمل‪ ،‬والتي أثارات الكثير من الجدل واالنتقادات‪ ،1‬قضية العاملة (فاطمة عفي ) التي‬
‫رفضت نزع حجابها أثناء العمل‪ ،‬حيث قررت محكمة النقض الفرنسية أخير بموجب الحكم الصادر‬
‫الطاعنة على أساس أن المؤسسة المستخدمة قد سبق لها وأن‬ ‫في ‪ 23‬جوان ‪ 2194‬برفض استئنا‬
‫ضمنت النظام الداخلي للمؤسسة شروطا عامة تحد من حرية العاملين في التعبير عن معتقداتهم‬
‫الدينية في أماكن عملهم‪.‬‬
‫أنَ‬ ‫حيث جاء في هذا الحكم القضائي «أنه وفقا للمادة‪ L1121-1‬و ‪ L9329-3‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫القيود ا لمفروضة على حرية العامل في إظهار المعتقدات الدينية يجب أن تبررها طبيعة المهمة‬
‫وتناسب الغرض‪ ،‬وحيث أن اللوائح الداخلية للمؤسسة يمكن أن تضع قيودا عامة على الحريات‬
‫األساسية‪ ،‬وحيث أن المؤسسة المستخدمة قد أدرجت في نظامها الداخلي بندا جاء فيه "أن مبدأ حرية‬
‫الضمير والدين من كل عامل من العاملين يمكن أن تعيق احترام العلمانية وحياد المبادىء التي‬
‫تطبق في ممارسة جميع األنشطة المقدمة سواء في مقر الحضانة أو مرفقاتها"‪ ،‬وأقرت المحكم أن‬
‫قرار تسريح العاملة جاء مبررا لمخافتها هذا البند من النظام الداخلي»‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة أن محكمة النقض الفرنسية كانت قد ألغت قرار سابقا بتسريح (فاطمة عفي )‪،2‬‬
‫أن العاملة فقدت عملها بطريقة تعسفية بسبب ارتدائها للحجاب‬ ‫حيث صرحت في قراراها‬
‫االسالمي خالل عملها في دار الحضانة‪ ،‬واعتبرت فيه أن هذه الدار هي مؤسسة خاصة وأن‬
‫العاملين فيها ليسو مطالبين باحترام مبادىء العلمانية والحياد المعتمد فقط في المؤسسات الحكومية‪،‬‬
‫كما نصت على أنَ النظام الداخلي ال ينص بوضوح تام على منع ارتداء الزي الديني‪ ،‬غير أن‬
‫في اإلحالة بعد النقض أيدت قرارها السابق‪ 3‬القاضي بتسريح العاملة بموجب‬ ‫محكمة االستئنا‬
‫حكمها الصادر في ‪.4 2194‬‬
‫كانت قد أيدت قرار صاحب العمل بتسريح العامل منذ بداية قضية‬ ‫حيث أن محكمة االستئنا‬
‫العاملة التي رفضت خلع حجابها خالل عملها بعد عودتها من إجازة األمومة التي تعود لسنة‬
‫‪ ،2111‬حيث بلغت هذه القضية أمام المحاكم الفرنسة قرابة األربع سنوات‪.‬‬

‫‪ 1‬يمكن اإلطالع على مجريات هذه القضية والجدل المثار حولها عبر الموقع اآلتي‪:‬‬
‫تاريخ االطالع ‪https://www.jdbavocats.com/actualie-droit-sociall2193 /11/91‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Soc.soc, 19 mars 2013, n° 11 28.645, Bull. 2013, V, n° 75‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CA .Paris, 27 novembre 2013, n°11-28.845, Bull 2013, V, n° 75‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Arrêt du 25 juin 2014 n° 612 Assemblée plénière n° de pourvoi1328369 .‬‬
‫تم إدراج هذا القرار في آخر الرسالة في الملحق رقم ‪11‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لعلَ الدليل أيضا على شيوع المساس بحياة الخاصة للعامل عند مزاولة العمل في المملكة‬
‫المغربية بين الفينة واألخرى من أخبار‪ ،‬كحالة المضيفة‪ 1‬بالخطوط‬ ‫المغربية ما تناقله الصح‬
‫مديرها المباشر بعد أن ارتدت الحجاب أن صعودها‬ ‫الجوية للمملكة المغربية التي أخبرت من طر‬
‫إلى الطائرة بهذا الزي لن تطاله لكونه سيفتح الباب أمام مضيفات أخريات يحدون حدوها‪.‬‬
‫أثير موضوع التدخل في الحياة الخاصة للعامالت بمنع ارتداء الحجاب في ميدان العمل في‬
‫فترة لقت ضجة إعالمية واكبت منع ثالث فتيات مقيمات بفرنسا من دخول المدرسة بدعوى أن‬
‫ارتداء الحجاب مساس بعلمانية المكان‪ ،‬هذا األمر أثار جدال كبيرا أكد على إثره مجلس الدولة‬
‫الفرنسي بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر ‪ 9111‬أن حمل سترة على الرأس ال يتناقض ومبدأ العلمانية مادام‬
‫يشكل ممارسة لحرية التعبير وإبراز لإليمان الديني‪ ،2‬غير أن القانون الفرنسي رقم ‪221-2004‬‬
‫منع فيما بعد حمل الرموز أو المالبس التي يتم التعبير من خاللها عن االنتماء الديني داخل‬
‫المؤسسات التعليمية‪.3‬‬
‫‪ - 2‬التسريح التعسفي بسبب حرية الرأي والتعبير‬
‫عديدة فردية كانت أو جماعية يتخذها الشخص تجاه‬ ‫إنَ الحياة الخاصة للعامل تتسع لمواق‬
‫‪4‬‬
‫ذاته أو تجاه الغير‪،‬تعكس تفاعله مع من حوله‪ ،‬فتظهر في حريات عديدة كحرية الرأي والتعبير‬
‫التي يمكنه ممارستها سواء داخل المؤسسة أو خارجها‪.‬‬
‫ال يكمن لصاحب العمل أن يتدخل في حياة العامل الخاصة طالما أنها ال تؤثر على السير‬
‫الحسن للمؤسسة أو تعارض مصالحها‪ ،‬وهذا األمر يمثل ضمانة للحرية الفردية إال أنه ورغم هذا ال‬
‫يمكن الفصل المطلق من سائر الوجوه بين الحياة الخاصة للعامل وبين حياته المهنية‪ ،‬وذلك نظرا‬
‫للصفة المستمرة لعقد العمل التي تجعل تأثير حياة العامل الخاصة خارج المهنة على عالقات العمل‬
‫أمرا ال يمكن تجنبه‪.5‬‬

‫‪ 1‬لم تتم اإلشارة إلى هذه الحالة في النقطة المتعلقة بحق ال عامل في اختيار مظهره الواردة في الفرع األول من المطلب الثاني من‬
‫المبحث األول من الفصل األول المعنون بحماية الحياة الخاصة للعامل في إطار إبرام عقد العمل نظرا لكون منع العاملة في هذه‬
‫الحالة من ارتداء الحجاب لم ينص عليه عقد العمل بل طرأ هذا المنع عند مزاولة العمل وأثناء تنفيذ عقد العمل‪.‬‬
‫‪ 2‬محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪ -93‬علي كساح‪ ،‬المهاجرون‬
‫المغاربيون في فرنسا وإشكالية االدماج‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،9114 -9113 ،‬ص ‪911.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Loi 2004-228 du 15 Mars 2004, Encadrant, en application du principe de laïcité, le port de signes ou de‬‬
‫‪tenues manifestant une appartenance religieuse dans les écoles, collèges et lycées public, J.O n° 65 du 17‬‬
‫‪Mars 2004, p 5190.‬‬
‫‪ 4‬خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 5‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة وضماناتها في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 1- 2‬ممارسة العامل لحرية الرأي و التعبير‬


‫لحرية الرأي والتعبير حظها داخل أماكن العمل مثل غيرها من األماكن األخرى‪ ،‬فهي واحدة‬
‫من الحريات العامة األساسية التي تنص عليها االعالنات العالمية كإعالن حقوق االنسان والمواطن‬
‫في فرنسا‪ ، 1‬وللعامل أن يعبر أن آرائه السياسية في المحادثات الخاصة ولو في مكان العمل‪ ،2‬وال‬
‫يمكن للنظام الداخلي أن يحظر عليه ذلك‪ ،‬أو يعاقبه عليه‪ ،‬لكن في المقابل ال يجوز له أن يسعى إلى‬
‫تحويل أماكن العمل إلى منتديات حزبية أو سياسية‪ ،3‬أو أن يساهم في نشر معلومات من شأنها أن‬
‫تضر بوضع أو سمعة المؤسسة‪.‬‬
‫اهتم المشرع الفرنسي بهذه الحرية‪ ،‬وأقرَ حق العامل فيها ولم يسمح بأن يضع صاحب العمل‬
‫في األنظمة الداخلية للمؤسسة قيودا على حقوق العمال وحرياتهم الفردية أو الجماعية ال تبررها‬
‫المراد تحقيقه‪ ،4‬ال يجوز كقاعدة عامة أن يضع‬ ‫طبيعة العمل المراد انجازه وال تتالءم مع الهد‬
‫صاحب العمل ضمن النظام الداخلي قيودا على حقوق العمال وحرياتهم إال ما تقتضيه طبيعة العمل‬
‫المراد تحقيقه‪.5‬‬ ‫المراد إنجازه وبشرط يتالءم مع الهد‬
‫يميز الفقه الفرنسي‪ 6‬بين الحق في التعبير )‪ (Droit d’expression‬وبين حرية التعبير‬
‫العمال ويتم ممارسته بطريقة‬ ‫)‪ ،(Liberté d’expression‬فالحق في التعبير يخص جميع طوائ‬
‫جماعية رغم كونه حقا فرديا وقد نظم المشرع طريقة ممارسته داخل المؤسسة‪ ،‬ونص في المادة‬
‫‪ L461‬الفقرة ‪ 9‬و‪ 2‬على أن يمارس في االجتماعات المشتركة المنظمة في مكان وزمان العمل‪،‬‬
‫كما حددت الفقرة األولى بأن يمارس العمال هذا الحق مباشرة في شكل جماعي لمناقشة أوضاع‬
‫هذا الحق إلى اتخاذ الوسائل لتحسين أوضاع العمل‪،‬‬ ‫العمل وظروفه وشروط تنظيمه‪ ،‬ويهد‬
‫وتنظيم سيره وتحسين نوعية االنتاج في خلية العمل التي ينتمون إليها داخل المؤسسة‪.7‬‬
‫أما حرية التعبير فهي أبعد مدى وأوسع نطاقا إذ تمثل رخصة يعبر من خاللها العامل في كل‬
‫عن آرائه بشكل مقبول دون أن يهاجم العمال وال يضر بالمؤسسة‪ ،‬وهي واحدة من‬ ‫الظرو‬
‫بها المشرع الدستوري لكل مواطن‪ ،‬وله أن يمارسها داخل المؤسسة‬ ‫الحريات األساسية التي اعتر‬
‫وخارجها‪ ،‬والعامل باعتباره مواطنا يتمتع رغم وجود عالقة التبعية بهذه الحرية‪ ،‬وال يقيده في ذلك‬

‫‪ 1‬حيث تنص المادة ‪ 99‬منه على أن " كل انسان حر في الحديث والكتابة وفي الطباعة والنشر‪ ،‬ويمكن أن يتحقق ذلك بطريق‬
‫الصحف أو أي وسيلة أخرى‪ ،‬وله أن يعبر أو ينشر رأيه في اإلطار الذي ال يتعسف فيه في استخدام هذا الحق"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪TISSOT)O(, La liberté d’expression des opinions politique d’un salarié, Dr.soc, 1994, p353.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪SAVATIER )J(, La liberté dans le travail, op.cit, p 49.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art L 122-35 du C.T.fr .‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Art L 120-2 du C.T.fr .‬‬
‫‪6‬‬
‫‪WAQUET )P(, Libertés dans l’entreprise, R.J.S, 5/2000, p 342; Jaques DUPLAT, Droit d’expression et‬‬
‫‪liberté d’expression des salarié dans l’entreprise, Dr. Soc, 2000, p 163.‬‬
‫‪ 7‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬التزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.912‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حرية التعبير بمعايير‪ ،‬والتي بناءا عليها‬ ‫في استعمالها‪ ،1‬وقيد القضاء هذا التعس‬ ‫سوى التعس‬
‫متى توفرت في العامل كان متعسفا‪. 2‬‬
‫تتمثل هذه الحاالت في أن تكون االنتقادات التي وجهها للمؤسسة قد انصبت على أمور‬
‫في وجهات النظر تلقائيا بين‬ ‫جوهرية أو على السياسات العامة للمؤسسة‪ ،3‬وأن يكون الخال‬
‫العامل وصاحب العمل‪ ،‬وأن تتكرر االنتقادات التي أثارها العامل حول نفس الموضوع في مناسبات‬
‫مختلفة‪ ،‬وأن تكون أقوال العامل حادة وعنيفة أو عدائية أو من طبيعتها أن تضر بالمؤسسة‪.4‬‬
‫‪ -2-2‬التسريح التعسفي بسبب ممارسة العامل لحرية التعبير‬
‫يفرض التشريع الجزائري حماية قانونية للحريات العامة بموجب المادة ‪ 34‬من دستور ‪9119‬‬
‫التي تعاقب على المخالفات المرتكبة ضد حريات وحقوق المواطنين‪ ،‬وإلى جانب هذه الحريات‬
‫العامة‪ ،‬تلقى حريات العمل المقررة في تشريع العمل حماية قانونية‪ ،‬حيث يشترط من أجل شرعية‬
‫العقوبة أن ال تمس بالحريات العامة وحقوق العمال‪.5‬‬
‫ركزت القوانين التي تلت المرحلة االشتراكية على تعميق الديمقراطية في المؤسسة وحرية‬
‫الرأي والتعبير‪ ، 6‬خاصة وأن تلك الفترة كانت بمثابة العصر الذهبي للتنظيم النقابي وقوة التعبير‬
‫منها ردع‬ ‫بصفة عامة‪ ،7‬فال يمكن للمستخدم معاقبة العامل على رأيه أو أن يتخذ ضده عقوبة الهد‬
‫العامل عم إبداء رأيه‪.8‬‬
‫كما أن المشرع الفرنسي بموجب المادة ‪ al 2 ،L461-1‬من ق‪.‬ع‪ 9‬أقر صراحة حماية حرية‬
‫العامل في التعبير من أي عقوبة تصدر من قبل صاحب العمل‪ ،‬فال يمكن له تسريح العامل بسبب‬
‫ممارسته لحرية الرأي والتعبير داخل المؤسسة‪ ،‬غير أن األحكام القضائية الصادرة بهذا الشأن وإن‬
‫كانت قليلة إال أنها في مجملها تؤكد على هذه الحرية‪ ،‬وال تسمح بوضع قيود عليها اللهم إال ما‬
‫تقتضيه مصلحة العمل‪ ،10‬حيث قضى بأن مجرد قيام العامل بالمنازعة في الجزاء الموقع عليه‬
‫واستخدامه أللفاظ وعبارات حادة في هذه المنازعة ال يعد تعسفا في استعمال حريته في التعبير‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪TISSOT (O), Pour une meilleure définition du régime juridique de la liberté d’expression individuelle du‬‬
‫‪salarié, Dr.soc, 1992, p 951.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬التزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 16Nov. 1992, Dr.soc, 2000, p 164.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass.soc, 20 Janv.1993, R.J.S, 3/93, N°293.‬‬
‫‪ 5‬المادة ‪ 11‬من قانون رقم ‪ ، 99/11‬تقابلها المواد في ق‪.‬ع‪.‬ف ‪ L120-35‬و‪ L122-35‬و‪. L122-45‬‬
‫‪ 6‬المواد ‪ 21 ،29 ،1‬من األمر التوجيهي رقم ‪ 19-11‬المؤرخ في ‪ 9111 / 11/92‬المتضمن تسيير المؤسسات العمومية االقتصادية‬
‫وخوصصتها‪.‬‬
‫‪ 7‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬تشريع العمل في الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مطبعة والية قالمة‪ ،9112 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 8‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.943‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Art L461-1 al 2, C.T.fr. « les opinions que le salarie, quelle que soit leur place dans la hiérarchie‬‬
‫‪professionnelle, émettent dans l’exercice ne peuvent motiver une sanction ou un licenciement».‬‬
‫‪ 10‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬التزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬

‫‪219‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫وبالتالي يغدو تسريحه تعسفيا وغير مشروع‪ ،1‬والقيود التي ترجع إلى العمل البد أن تبررها طبيعة‬
‫المراد تحقيقه‪ ،‬وهو األمر الذي فرضه المشرع‬ ‫العمل المراد انجازه وال بد أن تتالءم مع الهد‬
‫الفرنسي في صلب قانون العمل من خالل نص المادة ‪ ،L120-2‬هذا ما أكدته محكمة النقض‬
‫الفرنسية في حكمها الصادر في ‪ 94‬ديسمبر ‪ 9111‬الذي جاء في إحدى حيثياته "أن محكمة‬
‫بها للعمال‬ ‫إذا كانت على حق في أن العامل يمكنه التمسك بحرية التعبير المعتر‬ ‫االستئنا‬
‫المنصوص عليها في المادة (‪ )L461-1‬من قانون العمل والذي يمارس فقط في إطار االجتماعات‬
‫تجاهلت فيما عدا حالة التعس‬ ‫المشتركة المنظمة في مكان وزمان العمل‪ ،‬إال أن محكمة االستئنا‬
‫فإن العامل يتمتع بحريته في التعبير داخل المؤسسة وخارجها وال يمكن أن يقيده في ذلك إال قيود‬
‫تبررها طبيعة العمل المراد انجازه‪.2"...‬‬
‫إذا كانت حقوق االنسان وحرياته األساسية للعامل مالزمة لصفته‪ ،‬وال يجوز التنازل عنها‪،3‬‬
‫فإن ولوج المؤسسة التي يتمتع المستخدم داخلها بسلطة تنظيمية وتأديبية‪ ،‬يطرح إشكالية إمكانية‬
‫التنازع بين هذه السلطة والحقوق والحريات األساسية‪ ،4‬في هذا اإلطار نصت المادة ‪ 11‬من مدونة‬
‫الشغل المغربية على منع كل مس بالحريات والحقوق المتعلقة بالممارسة النقابية داخل المؤسسة‬
‫وفق القوانين األنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬وكل مساس بباقي الحقوق كحرية الرأي السياسي‬
‫مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬أو عدم المعاملة بالمثل فيما‬ ‫واالنتماء النقابي الذي من شأنه خرق أو تحري‬
‫يتعلق بالتسريح‪ ،‬غير أن ممارسة العامل لحقوقه وحرياته واألساسية ال ينبغي أن يتجوز الحدود‬
‫الناجمة عن طبيعة الحق أو الحرية الممارسين‪.5‬‬
‫في نفس الوقت تخضع فيه سلطة المستخدم في مواجهة تجاوز العامل للحدود المذكورة لرقابة‬
‫مدى وجود سبب موضوعي وحقيقي وجدي للتسريح‪ ،6‬من خالل مراقبة مدى استعماله الموضوعي‬
‫والمبرر والمالئم والمحايد لسلطته في تسيير المؤسسة‪ ،7‬اتجه القضاء المصري الى اعتبار أن‬
‫اآلراء السياسية للعامل ال تبرر تسريحه إال إذا كان لها أثرها على عقد عمله‪ ،‬وكان من‬
‫شأنهااإلضرار بمصلحة العمل‪.8‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass. Soc, 8 Juin 1991, RJS, 5/2000, p 343.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass. Soc, 14 Déc.1999, RJS, 2/2000, N°192.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪RIVERO )J(, les libertés publiques dans l’entreprise, op.cit, p 421.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪BOSSU )B(, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise, vers un nouvel équilibre, op.cit, p 748 et s.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪VERDIER )J-M(, Libertés et travail-Problématique des droits de l’homme et rôle du juge, Chr, N°17,‬‬
‫‪D.1988, p 63.‬‬
‫‪ 6‬عادل العشابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪7‬‬
‫‪BOSSU )B(, op.cit, p 751.‬‬
‫‪ 8‬محكمة استئناف القاهرة‪ ،‬قضية رقم ‪ ،9134‬لسنة ‪ ،9111‬في ‪ 99‬جوان ‪ ،9119‬مجموعة عصمت الهواري‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ ،394‬مذكور في‪:‬‬
‫صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬التزام العامل باألمانة واالخالص في عالقات العمل الفرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪219.‬‬

‫‪212‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفصل الثاني‬
‫ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل في العمل‬
‫تظهر الحياة الخاصة إلى جانب الحياة المهنية في وقت ومكان العمل في ظل عالقة التبعية‬
‫التي تضع العامل تحت سلطة صاحب العمل وتخضعه ألوامره وتوجيهاته‪ ،‬وتتقلص حرية العامل‬
‫في فعل ما يريد‪ ،‬بينما ال يكون لصاحب العمل أن يتدخل في الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬ذلك أن العامل‬
‫رغم وجو ده في مكان وزمان العمل إال أنه يزل يحتفظ بذاته كانسان وبقدر من الخصوصية تالزمه‬
‫حتى في مكان العمل‪.‬‬
‫أصبح مفهوم الحياة الخاصة للعامل في قانون العمل سيما في فرنسا مفهوما معروفا‪ ،‬فرغم‬
‫وجود عالقة التبعية التي تربط العامل بصاحب العمل إال أن األول يظل يحتفظ بقدر من اإلستقالل‬
‫المؤسسة التي يعمل فيها وطبيعة العمل الذي يؤديه‪ ،‬وقد اتجه‬ ‫ضيقا واتساعا بحسب ظرو‬ ‫يختل‬
‫القضاء الفرنسي لحماية الحياة الخاصة وحاول التوفيق بين مقتضيات العمل ومتطلبات المؤسسة من‬
‫ناحية وحرية العامل في ممارسة حياته الخاصة من ناحية ثانية‪.‬‬
‫قطع التشريع والقضاء الفرنسيين شوطا كبيرا في حماية الحياة الخاصة للعامل من خالل‬
‫إقراره لعدة ضمانات قانونية وقضائية لمواجهة اإلعتداءات التي قد تطال حرمة الحياة الخاصة‬
‫للعامل سواء كانت اعتداءات بسيطة أو جسيمة‪ ،‬من خالل مراقبة العامل لعماله سواء بوسائل‬
‫تقليدية أو وسائل تكنولوجيه حديثة التي باتت تشكل خطرا على الحياة الخاصة للعامل في أماكن‬
‫العمل‪.‬‬
‫نلقي الضوء على أهم هذه الضمانات على النحو التالي؛ المبحث‬ ‫بناء على ما تقدم سو‬
‫األول نتناول فيه الضمانات القانونية لحماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬أما المبحث الثاني فنخصصه‬
‫لدراسة الضمانات القضائية لحماية الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المبحث األول‬
‫الضمانات القانونية لحماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫إنَ مراقبة العامل في أدائه العمل المنوط به تتم بحسب األصل داخل المؤسسة التي يعمل بها‪،‬‬
‫فذلك هو المكان المخصص ألداء العمل وفي إطاره تمارس سلطات صاحب العمل في مواجهة‬
‫به‪ ،‬سواء كانت مراقبة عادية‬ ‫العامل‪ ،‬ومنها سلطته في مراقبة أداء العامل في تنفيذ العمل المكل‬
‫أو مراقبة الكترونية‪.‬‬
‫كما أنَ الوسائل التقنية الحديثة المستخدمة لهذا الغرض قد تكون في كثير من األحيان مصدرا‬
‫لإلعتداء عل ى الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مما يقتضي البحث في مدى الحماية القانونية التي يكفلها‬
‫القانون للعامل في مثل هذه الحاالت‪ 1‬ومقارنتها مع التطبيقات القضائية‪ ،‬من خالل التطرق إلى‬
‫الضمانات الكفيلة بحماية الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطة صاحب العمل (المطلب األول)‬
‫الضمان ات التي تكفل حماية الحياة الخاصة للعامل في مواجهة الوسائل التكنولوجيا الحديثة (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطة صاحب العمل‬
‫إنَ عالقة العمل وإن كانت تضع العامل تحت رقابة صاحب العمل إعماال لمبدأ التبعية القانونية‬
‫الذي يخضع بمقتضاه العامل لسلطة صاحب العمل وإشرافه‪ ،‬فإن ذلك ال يعني تنازال كليا من العامل‬
‫عما يدخل في دائرة حياته الخاصة‪.2‬‬
‫العامل بمجرد التزامه بتنفيذ ما اتفق عليه‪ ،‬فإنه يتحمل عناصر ال مفر منها في حياته الخاصة‬
‫في مكان عمله‪ ،‬ومع ذلك ال بد أن توفر الحماية والحد من نطاق التبعية‪ ،‬من خالل ضمانات قانونية‬
‫تكفل حماية حرمة الكيان المادي والمعنوي للعامل داخل أماكن العمل‪ ،‬ووضع قيود على سلطة‬
‫صاحب العمل بما يضمن احترام الحياة الخاصة داخل اإلطار المهني‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫ضمانات حماية السالمة البدنية للعامل‬
‫إ ن التأكيد على وجود ألفة الحياة الخاصة للعامل في زمان ومكان العمل‪ ،‬يقتضي المحافظة‬
‫على حرمة جسمه أوال‪ ،‬التي تعني منع أي تدخل فعلي يمس سالمته البدنية‪ ،‬وينبغي تأمين سـرية‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪41‬‬


‫‪ 2‬محمد حسن قاسم‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.931‬‬

‫‪214‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حالته الصحية‪ ،‬فحق العامل في السالمة البدينة يحتل الصدارة في عالقة العمل‪.1‬‬
‫هذا ما أكد عليه المشرع الجزائري في المادة ‪ 9‬من القانون ‪ 99/11‬التي نصت على أنه‬
‫"يحق للعمال أيضا في إطار عالقة العمل‪....‬احترام السالمة البدينة والمعنوية وكرامتهم"‪ ،‬وهو حق‬
‫شخصي يسمح للعامل بحمايته ضد سلطة صاحب العمل‪ ،‬وأهمية هذا الحق تدعونا لبحث حماية‬
‫العامل ضد التفتيش الجسدي (أوال)‪ ،‬وحماية سرية الحالته الصحية (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حماية العامل ضد أي تفتيش جسدي‬
‫يعتبر الحق في حرمة الكيان الجسدي مظهر من مظاهر الحياة الخاصة‪ ،2‬يحظى بحماية‬
‫القانون الذي يعاقب على أي مساس به‪ ،3‬حيث يضفي على الجسم حرمة معينة تجعله في مأمن من‬
‫االنتهاك‪ ،4‬ويتجه الفقه إلى اعتبار أن األلفة الجسدية تشملها أيضا الحماية القانونية‪.5‬‬
‫هكذا فإن التبيعة التي تميز العالقة بين صاحب العمل والعامل‪ ،‬غالبا ما تقيد هذا األخير‬
‫من قبل صاحب العمل‪ ،‬ومع هذا كانت حماية جسم‬ ‫جسديا وتجعل جسم العامل موضع تصر‬
‫العامل أث ناء العمل محل اهتمام قوانين العمل والعديد من االتفاقيات الدولية واألوروبية‪ ،‬التي تمثل‬
‫تحديا في ضمان حماية الحقوق والحريات في مجملها دون تحديد لإلطار الزماني والمكاني للعامل‪.6‬‬
‫‪ -1‬حاالت التفتيش الجسدي للعامل‬
‫اعتمدت التشريعات عدة قوانين لحماية التفتيش الجسدي من خالل تبنيها لالجتهادات القضائية‬
‫في هذا المجال سواء أمـام القضاء العـادي أو اإلداري الذي فرض قيـود قـواعد محددة ضـد‬

‫‪ 1‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ، 232‬الرجوع إلى الباب األول من األطروحة‪ ،‬المبحث األول المطلب األول‪ ،‬الفرع‬
‫الثاني فيما يخص نقطة الحق في حرمة جسم االنسان‪.‬‬
‫‪ 3‬ينص الدستور الجزائري في المادتين ‪34‬و‪ 33‬منه لسنة ‪9119‬على مبدأ عام يقضي بعدم المساس بالسالمة البدنية والمعنوية‬
‫لإلنسان‪ ،‬وفي قانون العقوبات خص المشرع الجزائري عقوبات على المساس المتنوع بالجسم في الباب الثاني تحت عنوان‬
‫الجنايات والجنح ضد األفراد‪.‬وكرس القانون المدني هذه الحماية في المادة ‪ 14‬منه تقابلها المادة ‪ 31‬من القانون المدني المصري‪،‬‬
‫وتم تأكي د هذه الحماية في قانون عالقات العمل ‪ 99/11‬الذي ورد في نص المادة السادسة منه على أنه "يحق للعمال أيضا في إطار‬
‫عالقة العمل‪....‬احترام السالمة البدينة والمعنوية وكرامتهم"‪ .‬أما التشريع الفرنسي الذي كرس مبدأ حرمة الكيان الجسمي للشخص‬
‫في المواد من ‪ 99‬إلى ‪ 1-99‬من القانون المدني الفرنسي حيث جاء نص المادة ‪ 99‬الفقرة األولى من القانون المدني الفرنسي‬
‫كاآلتي ‪:‬‬
‫‪Art 16-1 du C.civ.fr : « Chacun a droit au respect de son corps, Le corps humain est inviolable. Le corps‬‬
‫‪humain, ses éléments et ses produits ne peuvent faire l’objet d’un droit patrimonial» Ainsi le code pénal qui‬‬
‫‪prévoit différentes peines an cas d’atteinte au corps humain classées au titre ΙΙ, section Ι à VII du C.pén.fr .‬‬
‫‪4‬‬
‫محمود عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.241‬‬
‫‪, op.cit, p 96 et s. (X)5 AGOSTINELLI‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Emmanuelle Mazuyer, Le corps et le droit du travail : au cœur d’un paradoxe, La revue des Droit de‬‬
‫‪l’Homme, http://revdh.revues.org. Consulté le 12 /12/ 2015.‬‬

‫‪213‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التفتيش الجسدي‪.1‬‬
‫تعتبر اشكالية التفتيش الجسدي من أهم قضايا حقوق وحريات االنسان‪ ،‬ولذا فإن لجوء‬
‫استثنائية‪ ،‬ال سيما‬ ‫صاحب العمل إلى التفتيش الجسدي للعامل ال يمكن تبريره‪ ،‬إالَ إذا حلّت ظرو‬
‫مخاطر وقوع هجمات‪ ،‬أو مخاطر تتعلق بالسرقة مثلما هو وموجود في المؤسسات التي تصنع‬
‫أو تستعمل مواد ثمينة‪ ،‬وفيما يلي دراسة ألهم الحاالت التي قد يتم فيها مراقبة جسم العامل داخل‬
‫أماكن العمل‪.‬‬
‫‪ - 1- 1‬مراقبة جسم العامل عن طريق أجهزة المراقبة‬
‫إنَ التفتيش اإلداري هو أحد صور التفتيش الوقائي الذي يتم باالتفاق بين من يقع عليه التفتيش‬
‫وبين القائم به أو من ينوب عنه‪ ،‬والحقيقة أن مثل هذا التفتيش يستمد صحته من رضا صاحب‬
‫الشأن‪ ،2‬كما هو الحال في تفتيش عمال المصانع ونحوها عند مغادرتهم أماكن عملهم‪.3‬‬
‫قد يضطر العمَال إلى الخضوع إلى الفحص األمني والجسدي السيما في المؤسسات التي‬
‫تتعامل مع األموال أو المواد الثمينة والمهددة بالسرقات‪ ،‬فقد عمدت بعض المؤسسات بدعوى تكرار‬
‫السرقات إلى اعتماد بعض األنظمة في المراقبة تعمل على التفتيش الجسدي للعمال أثناء الدخول‬
‫والخروج من أماكن العمل‪.‬‬
‫أكدَت أغلب التشريعات أن أي إجراء يمس حرمة جسم االنسان كأحد عناصر الحياة الخاصة‬
‫وال تبرره المصلحة العامة يكون باطال بطالنا مطلقا بكل ما يترتب على ذلك من أثار أهمها منح‬
‫المعتدي الحق في المطالبة بالتعويض النتهاك خصوصياته‪ 4‬على أساس المسؤولية التقصيرية التي‬
‫ساهمت في تطور حماية الحق في حرمة الجسم ليس في محل إقامته فقط وإنما كذلك في مكان‬
‫عمله‪.5‬‬
‫كان للقضاء الفرنسي دور في حماية جسم العامل من مثل هذه األجهزة في المراقبة بمناسبة‬
‫دعوى أقام ها أحد العمال في مواجهة صاحب العمل الذي قام بوضع أجهزة إلكترونية حديثة ظاهر‬

‫‪ 1‬يتدخل القاضي اإلداري عند النظر في إساءة استعمال السلطة من طرف مفتش العمل‪ ،‬فيما يتصل بطلبه المتضمن إلغاء أحد‬
‫الشروط في النظام الداخلي للمؤسسة طبقا للمادة (‪ )L122-37‬من قانون العمل‪ ،‬بينما يتدخل القاضي العادي عند وجود نزاع حول‬
‫التدابير التأديبية المتخذة حيال العامل طبقا للنظام الداخلي أو حول أي قرار تنظيمي آخر متنازع على شرعية‪ ،‬انظر‪ :‬بيو خالف‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 2‬سامي الحسني‪ ،‬النظرية العامة للتفتيش في القانون المصري والمقارن‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،9119 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 3‬أكرم نشأت ابراهيم‪ ،‬سلطة التفتيش الجنائي في القانون العراقي‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬بغداد‪ ،9191 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 4‬محمود عبد الرحمن محمد‪ ،‬نطاق الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 5‬سعيد السيد قنديل‪ ،‬التأثير المتكامل للمسؤولية التقصيرية على الحقوق الشخصية دراسة مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،2194 ،‬ص ‪. 34‬‬

‫‪219‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كل‬ ‫العمال ولكنها في الوقت ذاته تمكن من كش‬ ‫الغرض منها مراقبة أوقات حضور وانصرا‬
‫جسم االنسان من خالل أشعة خاصة غير ضارة‪.1‬‬
‫جاء الحكم ليقرر أن قيام صاحب العمل بمثل هذا اإلجراء دون الحصول على إذن سابق من‬
‫العامل وموافقته على ذلك يشكل خطأ في جانب صاحب العمل‪ ،‬ومساسا بحق العامل في احترام‬
‫جسمه خاصة وأن لدى األول الوسائل غير الماسة بالجسم ما يمكنه من رقابة الحضور‬
‫واالنصرا ‪.2‬‬
‫ساهم هذا القضاء ودوره في التدخل من جانب المشرع الفرنسي ليؤكد على ضرورة الموافقة‬
‫المسبقة واإلذن من الشخص‪ ،‬لتدخل مثل هذه األجهزة المعلوماتية التي تمس حقه في احترام جسمه‬
‫وذلك من خالل القانون رقم ‪ 119‬الصادر بتاريخ ‪ 2114/11/19‬المعدل لقانون المعلوماتية‬
‫والحرية‪.3‬‬
‫التشريع الجزائري في ما يخص تفتيش العمال جسديا يظهر أنه لم يتعرض‬ ‫أما عن موق‬
‫لهذه المسألة‪ ،‬أما في الواقع العملي نجد العديد من المؤسسات تمنع تفتيش العمال جسديا‪ ،‬وتكتفي‬
‫بتفتيش لوازمهم إذا اقتضى األمر‪.‬‬
‫في هذا المجال ينص النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر في المادة ‪ 33‬منه على أنه‬
‫«تحتفتظ هيئة السلم اإلداري بحق القيام بفحص األشياء التي يأخذها العمال معهم‪ ،‬وذلك ألسباب‬
‫أمنية ملحة أو في حالة السرقة الثابتة في بناية من بنايات المؤسسة‪ ،‬وعليه يتم الفحص بأبواب‬
‫الهيئة‬ ‫عمال المراقبة المؤهلين قانونا في هذا السياق من طر‬ ‫الخروج من مكان العمل من طر‬
‫السلمية‪ ،‬التي تدعو المعنيين إلى تقديم مضمون لوازمهم و‪ /‬أو فتح سياراتهم‪ ،‬ال يتم اللجوء إلى‬
‫عمليات الفحص الجسمانية االلزامية»‪.4‬‬
‫يتضح من خالل نص المادة ‪ 33‬من النظام الداخلي لهذه المؤسسة أنها تشمل على تناقض من‬
‫جهة تحظر التفتيش الجسدي للعمال‪ ،‬ومن جهة ثانية تقر بإلزاميته‪ ،‬ومن خالل تفحص مواد النظام‬
‫الداخلي األخرى لم نعثر على أي نص يتناول الفحوص الجسدية اإللزامية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Agathe LEPAGE, Lautre MARINO et Christoph BIGOT, Droit de la personnalité, panorama, 2004-2005, p‬‬
‫‪2643.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 19 Avril 2005, , RJS, 5/2005, p 200.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Loi n°2004-801 du 6 août 2004, JORF 7 août 2004, relative à la protection des personnes physiques à‬‬
‫‪l'égard des traitements de données à caractère personnel et modifiant la loi n° 78-17 du 6 janvier 1978‬‬
‫‪relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés.‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 33‬من النظام الداخلي للمؤسسة العمومية االقتصادية اتصاالت الجزائر‪ ،‬المودعة لدى مفتشية العمل بالشـراقة‪ ،‬الجزائر‬
‫العاصمة‪ ،‬بتاريخ ‪ 13‬جويلية ‪ 2114‬تحت رقم ‪ ،2114/244‬ولـدى كـتابة ضبط محكمة الحراش بتـاريخ ‪ 11‬ماي ‪.2194‬‬
‫مـلحق رقم ‪.11‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 2- 1‬مراقبة نسبة الكحول في جسم العامل‬


‫على نسبة الكحول في‬ ‫ال يجوز كقاعدة عامة التدخل في جسم العامل وإجراء مراقبة للكش‬
‫العامل في هذا‬ ‫الدم إال في حاالت الضرورة الملحة‪ ،‬وأق د أقر التشريع حماية قانونية لجسم‬
‫الخصوص بتحديده للحاالت التي يمكن أن يلجأ فيها صاحب العمل إلى مثل هذا اإلجراء‪.‬‬
‫حيث قام المشرع الفرنسي في هذا الصدد بإصدار منشور بتاريخ ‪ 93‬مارس ‪ 19113‬حدد فيه‬
‫الحاالت التي تبرر التدخل في جسم العامل إلجراء اختبار نسبة الكحول في الدم‪ ،‬وهي في حالة‬
‫العامل الذي يتعامل مع مواد خطيرة‪ ،‬أو يعمل بآالت خطيرة والعمال الذي يتولون قيادة بعض‬
‫المركبات خاصة عندما تستخدم في نقل األشخاص‪.‬‬
‫صدرت هذه التعليمة عقب القرار القضائي الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪19‬‬
‫فيفري ‪ 29111‬الذي أقر بأن أية مراقبة تنظيمية لحالة نسبة الكحول في جسم العامل يعتبر كاستثناء‬
‫عن القاعدة العامة وفي حاالت معينة‪ ،3‬ثم جاءت المناسبة للقاضي اإلداري لتوضيح اجتهاده بدقة‬
‫وضع خطير‪ ،‬وليس للقيام بإثبات أي‬ ‫إلى منع أو وق‬ ‫عندما قرر أنه يجب أن يكون التدبير يهد‬
‫خطأ تأديبي محتمل‪.4‬‬
‫أمَا قانون العمل الفرنسي فقد نص في المادة ‪ L230-3‬منه على أنه «يجب على العامل أن‬
‫يعتني بحكم تكوينه ووفقا إلمكانياته بسالمة صحته‪ ،‬وسالمة األشخاص اآلخرين المعنيين بأفعاله‬
‫وإهماله في العمل»‪ ،‬هذا النص الذي اعتمدت عليه محكمة النقض الفرنسية في عدة قرارتها من‬
‫بينها القرار الصادر بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪ 2112‬الذي ورد فيه أنه يمكن لجهاز رصد نسبة الكحول في‬
‫الدم‪ ،‬أن يساعد في إثبات الخطأ الجسيم الذي ارتكبه العامل بسبب حالة السكر‪ ،‬وبالتالي يعتمد‬
‫كأساس لتسريحه‪.5‬‬
‫العامل ملزم بمقتضى المادة ‪ ، L230-3‬وأي إخالل بواجبه هذا يعتبر خطأ جسيما نظرا‬
‫لطبيعة العمل المسند إليه‪ ،‬وعليه فأية حالة سكر من شأنها أن تعرض األشخاص أو الممتلكات‬
‫للخطر تشكل خطأ جسيما يستوجب التسريح‪ ،‬حيث أقرت محكمة النقض تسريح سائق شاحنة تم‬

‫‪1‬‬
‫‪Circulaire DRT n°5-83 du 15 mars 1983 relative à l'application des articles 1 à 5 de la loi du 4 août 1982‬‬
‫‪concernant les libertés des travailleurs dans l'entreprise.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Arrêt n°06361 du Conseil d'Etat du 1er février 1980 - Peinture Corona, Publié au recueil Lebon.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Alain BAQUET, Règlement intérieur et libertés publique, Conseil d’état, 1 Février 1980, conclusion du‬‬
‫‪commissaire du gouvernement, Dr.soc, 1980, p 310.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Circulaire n° 96721 du 12 Nov.1990, Cie des signaux électrique liaisons sociales, 1991, l’Igis, n° 6516, p5.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Cass. Soc, 22 Mai 2002, Dr.soc, Juillet 2002, p 781.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫توقيفه أثناء قيادته خارج توقيت العمل في حالة سكر ‪ ،‬لما يشكله هذا الفعل من خطر على ممتلكات‬
‫المؤسسة‪.1‬‬
‫يقع على عاتق صاحب العمل االلتزام بمنع دخول أو إقامة أشخاص في حالة سكر في‬
‫المؤسسة وفقا اللتزامه بتوفير األمن داخل أماكن العمل‪ ،2‬ويعتبر التشريع الجزائري في القانون رقم‬
‫‪ 21/19‬المؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر‪ 9119‬أن تناول الكحول داخل أماكن العمل خطأ جسيما يترتب‬
‫عليه التسريح التأديبي‪.3‬‬
‫إذا كان احترام السالمة البدنية للعامل محمياً ضد سلطة المستخدم ومقتضيات العمل من خالل‬
‫الضمانات القانونية التي يوفرها قانون العمل‪ ،‬عمال وتطبيقا للمبادئ الدستورية التى تضمن أي‬
‫مساس بالسالمة البدنية والمعنوية لإلنسان‪ ،4‬فهل تحظى سرية الحياة الصحية للعامل بنفس حماية‬
‫حرمة الجسم؟‬
‫‪ - 2‬شروط التفتيش الجسدي للعامل‬
‫يجب على صاحب العمل توفير ضمانات صارمة لصالح العمال في حالة اللجوء إلى التفتيش‬
‫الجسدي سواء من خالل أجهزة مراقبة أو من خالل رصد نسبة الكحول في الدم‪ ،‬من خالل تقييده‬
‫عند الجوء إلى هذه الممارسات ببعض الشروط القانونية التي تكون مخالفتها من قبل صاحب العمل‬
‫في صالح العامل‪ ،‬وتتمثل هذه الشروط في ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يجب على صاحب العمل إعالم العمال مسبقا‪ ،‬بإمكانية اللجوء إلى عمليات التفتيش التي يجب أن‬
‫تدرج في نصوص النظام الداخلي للمؤسسة‪ ،‬وفي إطار المحافظة على قواعد الصحة وأمن‬
‫والذي يضبط قواعد المراقبة‪.‬‬
‫‪ -‬يشترط عند اللجوء إلى إجراء اختبار الكحول في الدم وكذا التفتيش الجسدي بضرورة حضور‬
‫شاهد وبموافقة العامل‪ ،‬وهذا األخير يجب انذاره من إمكانية تهرب من المراقبة‪ ،‬وعليه تحمل‬
‫نتائج قراره‪.‬‬
‫تسمح بالمحافظة على كرامة وحيـاء العامل‪،‬‬ ‫‪ -‬يجب أن تجرى عمليات التفتيش في ظل ظرو‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass. Soc. 2 Déc. 2003; N° de pourvoi: 01-43227, Bulletin 2003, N° 304, p 307.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art L 232-2 du C.T.fr.‬‬
‫‪ 3‬نص المادة ‪ 13‬المعدلة بموجب القانون ‪ 21/19‬المؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر ‪ ،9119‬المعدل والمتمم للقانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات‬
‫العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،91‬بتاريخ ‪ 23‬ديسمبر ‪.9119‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 33‬من الدستور الجزائري لسنة ‪ 9119‬التي تنص تعاق ب على كل المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات وعلى كل ما‬
‫يمس السالمة البدنية والمعنوية‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫وعليه فالتفتيش الجسدي الذي يقم به رجل على امرأة يعتبر مفرطا في حقوق األشخاص وانتهاكا‬
‫لحرمة الحياة الخاصة‪.1‬‬
‫العامل المشتبه فيه في ارتكابه للسرقة أن‬ ‫يشترط فيما يخص التفتيش الذي يجرى الكتشا‬ ‫‪-‬‬
‫ضابط الشرطة القضائية‪.2‬‬ ‫يتم من حيث المبدأ من طر‬
‫في حالة عدم توفر هذه الشروط مجتمعة‪ ،‬فإن للعامل الحق في أن يعترض على التفتيش‬
‫الجسدي لما يشكله من خطورة على حرمة جسمه‪ ،‬ومساس بحقه في حرمة الحياة الخاصة‪.‬‬
‫أقرت محكمة النقض الفرنسية في القرار السابق ذكره الصادر بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪ ،2112‬أن‬
‫مثل هذه المراقبة يمكن أن تستخدم لتبرير اتخاذ عقوبة تأديبية‪ ،‬بشرط أن تسمح للعامل بمعارضة‬
‫إجراءات هذه المراقبة‪ ،‬حيث يمكن تعيين أشخاص مخول لهم إجراء التفتيش أو حضور شخص‬
‫ثالث‪ ،‬كما يمكن أيضا طلب إجراء خبرة مضادة‪ ،‬كما أن األدلة التي يتم االعتماد عليها من خالل‬
‫هذه اإلجرءات من المرجح أن تكون مقبولة كدليل لتوقيع عقوبة تأديبية‪ ،‬غير أن التسريح التأديبي‬
‫المؤسس على مثل هذه األدلة يعتبر تسريحا بدون سبب جدي وحقيقي‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحالة الصحية للعامل‬
‫إن جسم العامل هو النقطة األساسية ألداء عمله‪ ،‬وأي نقص يصيبه يؤثر بشكل مباشر على‬
‫أداء المؤسسة‪ ،‬وهذا ما يشكل عبء عليها ال يمكنها تحمله في سياق المنافسة العالمية الصعبة فقد‬
‫يتعرض العامل في أي وقت لخطر انتهاك سرية حالته الصحية التي هي صميم حياته الخاصة‬
‫بحجة المحافظة على صحته نفسها‪.4‬‬
‫‪ - 1‬حماية سرية الحياة الصحية للعامل أثناء الفحوص الطبية‬
‫في المجال الطبي أصبح المساس بحرمة الجسم في تزايد فاضح بسبب تطور أساليب البحث‬
‫العلمي وتقنياته الدقيقة والمعقدة خاصة الدول المتقدمة‪ ،‬هذا ما دفع الفقه إلى استنكار اللجوء إلى مثل‬
‫هذه الوسائل لمساسها بحرمة جسم االنسان وانتهاكها لحرمة الحياة الخاصة له‪.5‬‬
‫بطبيعة الحال ارتفعت أصوات الرأي العام مستنكرة اللجوء إلى هذه الوسائل الماسة بجسم‬
‫االنسان المادي والنفسي وبحرمته‪ ،‬وصل دويها إلى حد الهيئات الدولية المتكفلة بعالم الشغل منذ أمد‬
‫بعيد يعود إلى السبعينات‪.1‬‬

‫‪ 1‬لقد جرى العرف في مجال الجزائي إذا كان الشخص المراد تفت يشه امرأة أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى تنتدب لذلك احتراما‬
‫للحياة الخاصة للمرأة‪ ،‬واتجه الفقه الى اعتبار هذا األمر من النظام العام‪ ،‬انظر‪ :‬وهاب حمزة‪ ،‬الحماية الدستورية للحرية‬
‫الشخصية‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،2119 ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ 2‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass. Soc, 22 Mai 2002, Dr.soc, Juillet 2002, p 781.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪JOSEPH)D(, L’état de santé, élément de la vié privée du salarié, Dr, 1990,France, p380.‬‬
‫‪ 5‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪212.‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬إذ قدمت لجنة الوظيفة العامة الفدرالية‬ ‫تأكد هذا التخو‬
‫تقريرا عن نتائج الفحوص إلدارة شؤون العاملين‪ ،‬الذي يهدد بشكل خطير الحق في احترام الحياة‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫كما أبدى بعض األخصائيين تألمهم من هذا االنتهاك خالل عالقات العمل بواسطة هذه‬
‫الفحوص‪ ،‬وما ينجر عنها من مساس بحرمة جسم العامل‪ ،‬إلى درجة اقتراح الكثير من هؤالء‬
‫بعض هذه الوسائل الماسة بشكل عميق بالحياة الخاصة جراء إجراء هذه‬ ‫األخصائيين حذ‬
‫الفحوص‪ ،‬وكذا إخضاع العمال بإرادتهم الحرة وبرضاهم التام والصريح للبحوث والفحوص التي‬
‫تجرى حول بعض بعض العمل في محيط العمل‪.2‬‬
‫مع ذلك ال يمكن أن يتعارض الحق في حرمة الحياة الخاصة للعامل مع قيام طبيب بإجراء‬
‫فحص العامل للتأكد من قدراته على أداء عمله‪ ،‬حيث نجد أن التشريع الفرنسي أقر من خالل نص‬
‫الفحوصات الالزمة للكش‬ ‫المادة (‪ )R241-52‬من ق‪.‬ع على أنه «يمكن لطبيب العمل أن يص‬
‫عن هذه األمراض دون موافقة‬ ‫عن األمراض التي تتعارض مع منصب العمل»‪ ،3‬وقد يتم الكش‬
‫العامل‪.‬‬
‫تم طرح إشكالية حول ما مدى إمكانية فرض فحص روتيني على العامل المريض‪ ،‬وعما أذا‬
‫عن سرية حياته الخاصة‪ ،‬ولقد بزت هذه‬ ‫كان بإمكان العامل م عارضة طبيب العمل في الكش‬
‫اإلشكالية مع انتشار مرض نقص المناعة البشرية المكتسب (اإليدز)‪.‬‬
‫بها للطبيب تخول له سلطة إجراء اختبار طبي روتيني على‬ ‫الظاهر أن الشرعية المعتر‬
‫جميع العمال‪ ،‬ما عدا ذلك الذي يمس بالحق في الحياة الخاصة للعامل بطريقة غير مالئمة‪ ،‬حيث‬
‫أن تكون خطورة المرض ثابتة‪ ،4‬وبالتالي تحديده‬ ‫يشترط في مثل هذه الحالة إلجراء اختبار الكش‬
‫انطالقا من منصب العمل المشغول ومن خالل طبيعة نشاط المؤسسة أيضا‪.5‬‬
‫‪ - 3‬حماية صحة العامل من الممارسات المهنية الخطرة‬
‫أصبح من المستق ر عليه طبيا ومهنيا أن هناك أعمال وأشغال وصناعات عديدة من يشكل‬
‫العمل بها أو ممارستها تعريض القائمين بها لعدة أخطار جسمانية وأضرار صحية وأمراض مهنية‪.‬‬

‫‪ 1‬تقرير المدير العام لمكتب العمل الدولي في تقريره المقدم إلى مؤتمر العمل الدولي الخاص ب" التقنيات في خدمة الحرية‬
‫واالنسان ومحيطه" في دورته الخامسة‪ ،‬في جنيف‪ ،‬عام ‪ ،9112‬ص من ‪ 34‬إلى ص‪.39‬‬
‫‪2‬‬
‫‪RAVANAS (J), La protection de personnes contre la réalisation et la publication de leur image, Thèse,‬‬
‫‪AIX-en Provence, France, 1994 p 49.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪L'article 241 52 du C.T .fr.‬‬
‫‪ 4‬في حالة األمراض الخطيرة والمعدية‪ ،‬وفي هذا المجال نصت المادة ‪ 34‬من قانون حماية الصحة وترقيتها رقم ‪ 13/13‬المؤرخ‬
‫في ‪ 9113/14/99‬المعدل بالقانون رقم ‪ 91/11‬التي تنص على أنه « يجب على أي طبيب أن يعلم فورا المصالح الصحية المعنية‬
‫بأي مرض معد شخصه»‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪JOSEPH (D), op.cit, p384.‬‬

‫‪319‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لذا حرصت أغلب التشريعات على منح وتقرير ميزات تأمينية خاصة للعاملين في هذه‬
‫األعمال الخطرة والضارة‪ ،‬بعد أن ثبت علميا أن إجرءات الصحة والسالمة المهنية قد أصبحت‬
‫عاجزة عن توفير الحماية الصحية الكاملة لمن يمارسون هذه األعمال‪ ،‬ومن هنا كان حرص الدول‬
‫على اختالفها وخاصة المتقدمة منها على ضرورة توفير ميزات خاصة للعاملين في هذه األعمال‪.1‬‬
‫تهتم التنظيمات القانون ية المختلفة بالنظر إلى الجوانب المختلفة لإلنسان‪ ،‬ويعتبر العنصر‬
‫المادي له وهو الجسم الذي يكون محل معاملة محل اهتمام خاص‪ ،‬ال سيما عندما يكون موضوع‬
‫اتفاق خاص مثل عقد العمل‪ ،‬حيث يلتزم العامل في أغلب األعمال ببذل الجهد البدني‪.‬‬
‫أمَا قانون العمل فقد نشأ أل سباب إنسانية‪ ،‬بعدما أصبح العامل بوصفه إنساناً مضطراً للعمل‬
‫عند أصحاب رؤوس األموال‪ ،‬ولما كانت تلك العالقة غير متكافئة فقد أدى ذلك إلى استغالل‬
‫أصحاب األعمال للعمال من أجل زيادة اإلنتاج دون اإلكتراث لما قد يصيب العامل من أضرار‬
‫طالما أن ذلك سيؤدي إلى تنمية رأسماله وتحقيق الربح‪.‬‬
‫إلن عالقة العمل تلك ال تسعفها القواعد العامة التي تحكم العقد‪ ،‬والتي وضعت للمعامالت‬
‫المالية‪ ،‬فهي تقوم علي اإلستفادة من جهد اإلنسان وقوته وتمس جسمه وصحته وحالته النفسية‪ ،‬ومن‬
‫ال للتدخل في حياته الخاصة‪.2‬‬
‫ثم تعد مدخ ً‬
‫يحظى جسم العامل بالحماية القانونية‪ ،‬التي تضمن حيث تنص المادة الرابعة من االعالن‬
‫العالمي لحقوق االنسان على أنه ال يجوز إخضاع أحد للرق أو العبودية‪ ،‬حيث سعت منظمات‬
‫الدولية التي تحمي حقوق العامل إلى ضمان سالمة وكرامة العامل من خطر العمل القسري‬
‫أو الجبري‪.3‬‬
‫في هذا الصدد أشار تقرير عن هيئة األمم المتحدة بأن العمل القسري أو االستعبادي هو‬
‫مشكلة عالمية تمس اليوم جميع بلدان العامل‪ ،1‬وأكد على حرية الفرد في كرمة بدنه وتحرره من‬
‫القسر والقهر‪.2‬‬

‫‪ 1‬محمود سالم‪ ،‬األعمال الشاقة أو الضارة أو الخطرة والميزات التأمينية‪ ،‬مجلة العامل‪ ،‬عمان‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫‪ 2‬صالح العتيبي‪ ،‬الحق في الخصوصية في مواجهة التشريعات الوطنية‪-‬حماية حياة العامل الخاصة في قانون العمل الكويتي‪،‬‬
‫مداخلة أثناء المؤتمر العلمي القانوني الثاني لكلية القانون الكويتية العالمية حول "التحديات المستجدة للحق في الخصوصية"‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 99/93‬فبراير‪ ،2193‬متاح على الموقع اآلتي‪ ، http://kilaw.edu.kw/ :‬تاريخ االطالع‪.2193/11/12 :‬‬
‫‪ 3‬اإلتفاقية رقم ‪ 21‬و‪ 913‬لسنة ‪ 9131‬الخاصة بالسخرة أو العمل القسري الصادرة عن منظمة العمل الدولية‪ ،‬حيث تعرف‬
‫االتفاقية رقم ‪ 21‬في مادتها الثانية العمل القسري على أنه‪ " :‬كل عمل أو خدمات تغتصب من أي شخص تحت التهديد بأية عقوبة‬
‫ولم يتطوع الشخص بأدائها من محض إرادته"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Patrick Belser, Michaelle de Cock and Farhad Mehran, ILO minimum estimate of forced, labour in the‬‬
‫‪world, International Labour Organisation, 2005, p 8.‬‬
‫‪2‬‬
‫تاريخ االطالع‪DOUGLAS , The privacy opinion of Justice, cite internet: www.jstor.org2193/11/12 :‬‬

‫‪312‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التشريع الجزائري لم يعالج موضوع العمل القسري ضمن نصوص قانون عالقات العمل رقم‬
‫‪ ، 99/11‬أما مشروع قانون العمل الجديد فقد بادر بتنظيم هذا النوع من العمل في الفصل العاشر‬
‫منه في المواد م ‪ 931‬إلى ‪ ،3991‬حيث عرفت المادة ‪ 931‬منه العمل القسري على أنه «أي عمل‬
‫أو خدمة تغتصب من من أي شخص تحت التهديد بأي عقوبة‪ ،‬وأنها لم تنفذ طوعا»‪ ،‬فيما أكدت‬
‫المادة ‪ 991‬على حظر العمل القسري والمعاقبة عليه وفقا ألحكام هذا المشروع ودون االخالل‬
‫بأحكام قانون العقوبات‪.‬‬
‫يتجه الفقه إلى اعتبار أن كل ما يخص الجسم يدخل ضمن الحياة الخاصة‪ ،‬خاصة ما يتعلق‬
‫بمسألة الحياء والحساسية‪ ،4‬وأن الحق في حرمة الجسد يشمل عدم المساس بسالمة وأمن الجسم‪،5‬‬
‫وتدخل هؤالء الفقهاء‪ 6‬يؤكدوا على ضرورة الحماية القانونية لجسم االنسان وحالته الصحية‪ ،‬العقلية‬
‫والجسدية‪.‬‬
‫أوجد االجتهاد القضائي بعض التوازن بين الحق األساسي للعامل في احترام حياته الخاصة‪،‬‬
‫ومتطلبات المؤسسة فيما يتعلق بالمحافظة على العامل ضد أي تدخل في حرمة جسمه في عالقات‬
‫العمل‪ ،‬ومع ذلك فإن من الصعوبات التي يواجهها سوق العمل واألزمة االقتصادية تبرر هذا‬
‫بالمخاطر‪.‬‬ ‫التوازن المحفو‬
‫المشرع الجزائري بدوره ألزم أصحاب العمل باتخاذ كافة التدابير المناسبة لضمان الوسط‬
‫الذي يعمل فيه العامل‪ ،7‬غا ية المشرع من إقرار هذه الحماية هو مراعاة صحة العامل التي كان لها‬
‫نصيب من الحماية الدولية‪.8‬‬
‫الفرع األول‬
‫ضمانات حماية حرمة السالمة المعنوية للعامل‬
‫باعتبار عنصري التبعية وأداء العمل من أهم العناصر المكونة لعقد العمل‪ ،‬فإنه ينتج عن ذلك‬
‫آثار ذات أهمية بالغة‪ ،‬أهمها مسؤولية المستخدم عمّا يصيب عماله من أخطار أياً كان نوعها‪ ،‬ألنه‬

‫‪ 3‬نصوص هذه المواد متاحة في الملحق رقم ‪.12‬‬


‫‪4‬‬
‫‪KAYSER )P(, La protection de la vie privée par le droit, Protection du secret de la vie privée , op.cit, p 144.‬‬
‫‪ 5‬آدم بديع آدم‪ ،‬الحق في حرمة الحياة الخاصة ومدى الحماية التي يكفلها القانون الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،2111 ،‬‬
‫ص ‪.331‬‬
‫‪ 6‬محمود عبد الرحمن محمد المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،912‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪ ،92،93‬محمد الشهاوي‪،‬‬
‫الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في مواجهة الصحافة‪ ،‬ط‪ ،2119 ،9‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 7‬المرسوم التنفيذي ‪ 13-19‬المؤرخ في ‪ 9119/19/91‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على حفظ الصحة واألمن في‬
‫أماكن العمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4‬لسنة ‪.9119‬‬
‫‪ 8‬االتفاقية الدولية رقم ‪ 933‬بشأن السالمة والصحة المهنيين وبيئة العمل‪ ،‬قانون العمل في ضوء الممارسات القضائية‪ ،‬ط ‪،3‬‬
‫منشورات بيرتي‪ ،‬الجزائر‪ ،2111-2119 ،‬ص ‪.429‬‬

‫‪313‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ملزم بتوفير كل سبل السالمة البدنية والمعنوية بل وحتى األخالقية‪ ،‬والتي هي من أهم حقوق‬
‫العمل‪.‬‬
‫لعلَ هذا ما لخصته المادة ‪ 9‬من القانون ‪ 99/11‬في قولها‪" :‬يحق للعمال في إطار عالقة‬
‫العمل‪...‬احترام السالمة البدنية والمعنوية وكرامتهم"‪ ،‬وأيضا ما تضمنه نص المادة ‪ 399‬من‬
‫مشروع قانون العمل الجديد بأنه «‪...‬يحق للعامل حماية صحته وسالمته الجسدية والنفسية ضد‬
‫جميع المخاطر المهنية التي قد يتعرضون لها في عمله»‪.‬‬
‫من أبرز األخالق التي ينبغي على صاح ب العمل الحرص عليها وااللتزام بها احترام العامل‬
‫يتسبب في مهانة‬ ‫وتقدير كرامته اإلنسانية‪ ،‬ومعاملته بالرفق واللين واجتناب كل سلوك أو تصر‬
‫أو مذلة له‪ ،‬أو يمس بسالمته المعنوية‪.‬‬
‫لصاحب العمل في رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أسوة األسوة والقدوة الحسنة في معاملة‬
‫العمال‪ ،‬فعن أنس بن مالك رضي اهلل عنه أنه قال " خدمت النبي صلى اهلل عليه وسلم عشرين سنة‪،‬‬
‫فما قال لي‪ :‬أ ‪ ،‬وال‪ :‬لم صنعت؟ وال‪ :‬أال صنعت؟"‪.1‬‬
‫تحظى السالمة المعنوية بالحماية في كل التشريعين اإلسالمي والوضعي‪ ،‬باعتبارهما قاسما‬
‫مشتركا وضرورة حتمية لحماية السالمة البدنية‪ ،‬ويضاهي القصد إلى حفظ هذا النوع من السالمة‬
‫القصد لحفظ البدن‪ ،‬ولها دور في تقييد الحريات ومساهمة فعالة في درأ االعتداء على الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬وتتعد جوانب السالمة المعنوية للعامل التي ال يمكن حصرها‪ ،‬وحاولنا من خالل هذا‬
‫الفرع جمع بعض النقاط في نماذج تمس بحرمة السالمة المعنوية للعامل لما تشكله من انتهاك‬
‫لحرمة حياته الخاصة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حماية خصوصية شخصية العامل‬
‫ن القاسم المشترك بين الحق في الحياة الخاصة وقانون العمل أن لكالهما موضوع واحد وهو‬
‫إَ‬
‫االهتمام باالنسان ذانه‪ ،‬وما يتطلبه القانون من التدخل لحمايته من أي اعتداء يقع عليه شخصيا‪ ،‬وإن‬
‫الحق في احترام الحياة الخاصة للعامل داخل المؤسسة يخول له حق شخصي أساسي يسمح له‬
‫بحماية خصوصياته التي يضعها فوق كل اعتبار‪.‬‬
‫في ظل احترام هذا الحق البد من ضمانات للعامل داخل المؤسسة لمواجهة سلطات صاحب‬
‫العمل ومتط لبات عالقة العمل‪ ،‬حيث ينبغي ضمان سرية حياته الخاصة‪ ،‬وضمان حريته داخل‬

‫‪ 1‬نقال عن عبد المحسن الجار هللا الخرافي‪ ،‬احترام العامل وتقدير كرامته اإلنسانية‪ ،‬متاح على الموقع اآلتي‪:‬‬
‫‪ ،/http://alqabas.com/2570‬تاريخ االطالع‪2193./92/91 :‬‬

‫‪314‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المؤسسة‪ ،‬ذلك أنَ العامل في إطار التبعية لصاحب العمل يحتفظ بجزء من الحرية داخل المؤسسة‬
‫كضمانة لالستقالليته‪.‬‬
‫‪ - 1‬حماية سرية الحياة الخاصة للعامل‬
‫تنصب الحماية القانونية للحق في الحياة الخاصة على ذات الشخص‪ ،‬وللسرية اتصال وثيقا‬
‫بالحياة الخاصة إذ تمثل جانب من جوانب الحرية الشخصية ولكل فرد الحق في المحافظة على‬
‫أسراره‪ ،‬وعدم تطفل الغير عليه‪. 1‬‬
‫يتحدد النطاق الشخصي لحماية سرية الحياة الخاصة وفقا للقوانين والقيم االجتماعية‪ ،‬فيستفيد‬
‫من هذه الحماية من خالل منع االعتداء على حرمة شخصيته وذاتيه‪ ،2‬فال يجوز لصاحب العمل‬
‫خصوصيات العامل وال إجباره على اإلدالء بأسراره طالما ليس لها عالقة بعالقة العمل‪ ،‬كما‬ ‫كش‬
‫تشمل الحماية القانونية المعلومات ذات الطابع الشخصي للعامل‪.‬‬
‫‪ - 1- 1‬حماية سرية المعلومات االسمية للعامل‬
‫ال شك أن الحق في الحياة الخاصة كما يشمل عدم التجسس عليه‪ ،‬يشمل أيضا عدم النشر‬
‫أو اإلعالن لمعلومات تتعلق بالحياة الخاصة‪ ،‬بل إن الحماية ضد اإلعالن والنشر كانت أسبق في‬
‫الظهور من حماية الحق في الحياة الخاصة ذاته‪ ،‬في هذا الصدد يلزم القانون الفرنسي كل من‬
‫يجري المعالجة اآللية لمعلومات االسمية أو يحتفظ بها بأن يحافظ على سرية هذه المعلومات ويتخذ‬
‫كل االحتياطات الالزمة لضمان هذه السرية‪.‬‬
‫كان المشرع الفرنسي سباقا في إضفاء الحماية القانونية على المعلومات االسمية ومعالجتها‬
‫من خالل إصداره لقانون المعلوماتية والحريات الذي نص على ضمانات معينة عند جمع المعلومات‬
‫االسمية واستخدماها واإلطالع عليها ونقلها و معالجتها آليا وإنشائه للجنة الوطنية للمعلوماتية‬
‫والحريات كسند للحماية‪.‬‬
‫يقصد بالمعلومات االسمية التي تشملها هذه الحماية تلك المعلومات التي تسمح بشكل مباشر‬
‫عليه أيا كان شكلها وخصائصها سواء كانت‬ ‫أو غير مباشر بتحديد الشخص الطبيعي والتعر‬
‫رقمية أو حرفية‪ ،‬وسواء كانت في شكل صورة ثابتة أو متحركة‪.1‬‬

‫‪ 1‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪911.‬‬


‫‪ 2‬صالح العتيبي‪ ،‬الحق في الخصوصية في مواجهة التشريعات الوطنية‪-‬حماية حياة العامل الخاصة في قانون العمل الكويتي‪،‬‬
‫مداخلة أثناء المؤتمر العلمي القانوني الثاني لكلية القانون الكويتية العالمية حول "التحديات المستجدة للحق في الخصوصية"‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 99/93‬فبراير‪ ،2193‬متاح على الموقع اآلتي‪http://kilaw.edu.kw/Conference/index.php/ar/ct -menu- :‬‬
‫‪،item‬‬
‫‪ 1‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.919‬‬

‫‪313‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يرى الفقيه (‪ 2 )KAYSER‬بأنه ليس من الضرورة أن تتعلق المعلومة بسرية الحياة الخاصة‪،‬‬
‫فعناصر األنشطة العامة يمكن أن تدخل في إطار الحماية القانونية وفقا لمفهوم المعلومات االسمية‬
‫في قانون ‪ 19‬يناير ‪ ، 9111‬ومفهوم البيانات الشخصية طبقا التوجيهة األوروبية الصادر في ‪23‬‬
‫أكتوبر‪ ، 9113‬هذه النصوص القانونية التي تلزم بعدم المساس بالكرامة اإلنسانية أو بالحرية‬
‫الشخصية أو العامة‪.3‬‬
‫يتحقق اإلعتداء على الحياة الخاصة بإعالن المعلومات الشخصية إلى الغير‪ ،‬واإلعالن يتم بأية‬
‫‪4‬‬
‫وسيلة لنقل المعلومة سواء يدوية أو آلية‪ ،‬شفهية أو تحريرية‪ ،‬ويذهب كل من الفقه الفرنسي‬
‫عن الحياة الخاصة يتحقق عن طريق إطالع الغير حتى ولو كان شخصا‬ ‫والمصري‪ 5‬إلى أن الكش‬
‫واحدا‪.‬‬
‫‪ - 2- 1‬حماية سرية المعلومات الصحية للعامل‬
‫تشكل الحياة الصحية مظهرا من مظاهر الحياة الخاصة لإلنسان‪ ،‬وتحرص الشريعة اإلسالمية‬
‫على ستر خصوصيات المريض ومنع الغير من اإلطالع عليها‪ ،6‬واألصل وجوب الستر على‬
‫المسلم صحيحا كان أو مريضا‪ ،7‬وهكذا تتفق الشريعة االسالمية مع القوانين الوضعية‪.‬‬
‫يتجه كل من التشريع والقضاء‪ 8‬والفقه المصري إلى اعتبار أن الحالة الصحية للشخص وما‬
‫يعتريه من أمراض من األمور التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة بال منازعة‪ ،9‬ومن المسلم به في‬
‫فرنسا إعتبار أن مشكلة اإلفشاء عن األحوال الصحية تمثل مصدرا خطيرا لإلعتداء على الحياة‬
‫الخاصة‪.10‬‬
‫من المؤكد أن الحالة الصحية للعامل تؤثر تأثيراً مباشراً على قدرته في تنفيذ وأداء العمل‬
‫به بمقتضى عقد العمل‪ ،‬وبالتالي لصاحب العمل مصلحة مشروعة في أن يحاط بالحالة‬ ‫المكل‬
‫الصحية لعماله‪.‬‬
‫حرص ا لقانون على توفير الحماية القانونية للمحافظة على صحة العامل ال سيما العامل‬
‫المريض‪ ،‬حيث سعى إلى وضع نظاما قانونيا للحفاظ على سرية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬الذي‬

‫‪.219protection de la vie privée par le droit, Protection du secret de la vie privée , op.cit, p La ,(P)2 KAYSER‬‬
‫‪, op.cit, p 183. (S)3 LEFEBVRE‬‬
‫‪, op.cit, p 8.(B)4 BOSSU‬‬
‫‪ 5‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.939‬‬
‫‪ 6‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية المدنية‪ ،‬ص ‪911.‬‬
‫‪ 7‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن سيدانا محمد صلى هللا عليه وسلم قال‪ " :‬ال يستر عبد عبدا في الدنيا إال ستره هللا يوم القيامة "‬
‫‪ 8‬قضية الدكتور يوسف بلبراده‪ ،‬منشورة المحاماة‪ ،‬سنة ‪ ،9191‬العدد‪ 991 ،‬في ‪ ،9141/13/94‬مشار إليها في‪ :‬عبد الرزاق‬
‫السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.929‬‬
‫‪ 9‬محمود عبد الرح من‪ ،‬نطاق الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬دار النهضة‪ ،9119 ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪, Le droit à l’information face à la protection civil de la vie privée , Op.cit, p98.(X)10 AGOSTINELLI‬‬

‫‪319‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يضمن في نفس الوقت للعامل المريض تطبيق القواعد الوقائية‪ ،‬وأفضل حماية تكمن في المحافظة‬
‫األطباء المتدخلين في الحالة الصحية للعامل‪.1‬‬ ‫على السر المهني المطلوب لدى مختل‬
‫في مجال طب العمل وإن كان يجب على طبيب العمل اإلخبار عن بعض األمراض لهيئة‬
‫الضمان االجتماعي وكذا مفتشية العمل المختصة إقليما‪ ،‬إال أنه ال يباح له إفشاء تلك األسرار لغير‬
‫تلك الهيئات‪ ،‬وإال اعتبر مخال بالتزامه بالسر المهني‪.2‬‬
‫عن بعض الحقائق لصاحب العمل‪،‬‬ ‫من أجل حماية العامل فإن طبيب العمل يقوم بالكش‬
‫ويفرض بعض التدابير الوقائية في تنفيذ العمل‪ ،‬ولكنه في جميع األحوال غير ملزم بأن يقدم تقريرا‬
‫مفصال عن مالحظاته‪.3‬‬
‫مع ذلك فإن صاحب العمل يكون على علم بالحالة الصحية لعماله في أكثر من األحيان‪ ،‬وذلك‬
‫نتيجة للشهادات الطبية أو الوثائق التي تسلم له لتبرير غيابات العامل‪ ،‬التي تخول له ممارسة بعض‬
‫الحقوق المتصلة بصحته‪ ،‬غير أن المعلومات التي تتوفر لصاحب العمل عن صحة العامل يجب أن‬
‫تحضى بالسرية‪ ،‬حيث يلتزم بالمحافظة على سرية الحالة الصحية لعماله‪ ،‬وإن مخالفة ذلك يترتب‬
‫عليها مسؤوليته‪.4‬‬
‫‪ - 3- 1‬سرية العنوان الشخصي للعامل‬
‫يعتبر محل إقامة العامل وعنوانه الشخصي وحتى رقم هاتفه من قبيل العناصر المشكلة للحياة‬
‫الخاصة له‪ ،‬يحضى بالحماية القانونية في مواجهة أي انتهاك من قبل صاحب العمل أو الغير‪ ،‬ساهم‬
‫القضاء الفرنسي في إضفاء الحماية على حق العامل في احترام سرية عنوانه الشخصي‪ ،‬ومن بين‬
‫التطبيقات القضائية لذلك ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ ‪19‬‬
‫صاحب العمل عن موطن العامل بدون موافقة األخير‬ ‫نوفمبر ‪ 9111‬الذي قضت فيه بأن « كش‬
‫يعتبر اعتداء على حياته الخاصة»‪.1‬‬
‫ثارت إشكالية حول اآلثار المترتبة على اعتبار عنوان السكن عنصرا من عناصر الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬وعن الضوابط المنظمة لهذا الحق سواء من حيث موضوعه أو أشخاصه‪ ،‬ويرجع السبب‬
‫‪2‬‬
‫في إثارة تلك اإلشكالية إلى الحكم الصا درعن الدائرة المدنية األولى لمحكمة النقض الفرنسية‬
‫بمناسبة رفض دار الضيافة المدنية بمينة ليون إعطاء أحد األشخاص عنوان سكن أحد العاملين بها‬

‫‪ 1‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬


‫‪ 2‬بومدان عبد القادر‪ ،‬المسؤولية الجزائية للطبيب عن إفشاء السر الطبي‪ ،‬رسالة ماجيستر‪ ،‬تخصص قانون المسؤولية المهنية‪،‬‬
‫بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2199-2191‬ص ‪31.‬‬
‫‪, Secret médical et oblication de discretion de l’employeur, Dr.Soc, France, 1986, p 419.(J)3 SAVATIER‬‬
‫‪4‬‬
‫‪SAVATIER)J(, op.cit, p 419.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Cass. Civ, 06 Nov 1990, D 1990, p 353, note prévault.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass. 1 er civ, 19 Mars 1991, D.1991, p 568 et.‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المسجل على أجهزة الحاسوب اآللي للمؤسسة‪ ،‬على الرغم من إدعاء الطالب أنه دائن للعامل لدى‬
‫الدار‪.‬‬
‫أسست الدار رفضها إ عطاء عنوان العامل على حكم المادة التسعة الفقرة األولى من ق‪.‬م‪.‬‬
‫باعتبار أن سرية عنوان المسكن تدخل من وجهة نظرهم في نطاق الحق في احترام الحياة الخاصة‪،‬‬
‫وفي ضوء ذلك الرفض فقد قام الدائن برفع دعوى استعجالية يطالب فيها بإلزام الدار بإعطائه‬
‫عنوان المدين العامل لديها حتى يتمكن من اتخاذ اإلجراءات الالزمة الستيفاء دينه‪.3‬‬
‫قضت محكمة ليون لألمور اإلستعجالية بعدم اختصاصها بنظر هذا الطلب‪ ،‬إال أنَ محكمة‬
‫النقض الفرنسية كان لها رأي آخر حيث أكدت على أمرين؛ األول أن سرية المسكن يندرج ضمن‬
‫عناصر الحياة الخاصة التي يتعين اح ترامها وعدم المساس بها‪ ،‬أما األمر الثاني كان أن هذا الحق‬
‫ليس حق مطلقا وإنما تقيده ضوابط مراعاة حقوق أصحاب الشأن المشروعة كحق الدائن الثابت دينه‬
‫على سبيل المثال في تتبع مدينه التخاذ الوسائل القانونية الستيفاء دينه‪.‬‬
‫‪ - 2‬حماية حرية الحياة الخاصة للعامل‬
‫يت جه بعض الفقه إلى اعتبار أن الحرية هي جوهر وأساس الحياة الخاصة‪ ،‬ويذهب البعض‬
‫إلى القول بأن الحياة الخاصة هي قلب الحرية في الدول الحديثة‪ ،4‬ويتفق الفقه على أن كال من‬
‫السرية والحرية تعتبر من مميزات الحق في الحياة الخاصة‪.5‬‬
‫يقصد بحرية الحياة الخاصة للعامل خصوصية شخصيته وما يرتبط بها من حريات التي تُكوِن‬
‫هُوية الشخص وتُ عرب عن نموه الحر‪ ،‬كحرية التنقل داخل األماكن ذات الخصوصية في المؤسسة‪،‬‬
‫وحرية الملبس والحرية الدينية‪ ،‬وغيرها من العناصر التي تنتمي إلى الكيان المعنوي للعامل‪.‬‬
‫‪ - 1- 2‬حماية حرية العامل في التنقل داخل األماكن الخاصة للمؤسسة‬
‫مثلما تحضى السالمة البنية للعامل بالحماية ويحظر أي مساس بها‪ ،‬فإنه يجب أن بالمثل ضمان‬
‫حماية حرية العامل داخل أماكن العمل‪ ،‬ألنها تتعلق بالكيان الداخلي والمعنوي للعامل‪ ،‬وإن مثل هذه‬
‫الحرية تحافظ على الهوية العميقة لإلنسان‪ ،‬والتي ال تتجلى إال في توضيح كل األماكن التي تزيح‬
‫كل غموض عن العامل‪ ،‬فهل يحق للعامل معرفة حقوقه وحرياته في هذه األماكن في زمان ومكان‬
‫العمل؟‬

‫‪3‬‬
‫‪Dominique VALARDOCHIO : On ne peut dissimuler son domicile que pour des raisons legtimes et non‬‬
‫‪pour se soustraire que poursuites de ses creaniers. Ne constitue pas une atteinte à la vié privée la‬‬
‫‪communication à l’employeur de l’adresse d’un salarié à un créancier, note sous cass 1 er civ, 19 Mars 1991,‬‬
‫‪D.1991, p 568 et s.‬‬
‫‪ 4‬عصام احمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.991‬‬
‫‪ 5‬أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬الحماية الجنائية الخاصة وبنو ك المعلومات‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،9114 ،‬ص‪.91‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تجدر اإلشارة على أنه توجد داخل كل مؤسسة بعض األماكن الخاصة‪ ،‬تبين أن الحدود بين‬
‫سلطة صاحب العمل والحياة الخاصة للعمال غير واضحة المعالم‪ ،‬ويقصد بها األماكن التي ال‬
‫تغيير المالبس‪ ،‬ودورات المياه‪...‬الخ‪ ،‬في ظل هذه‬ ‫يشملها تنفيذ العمل‪ ،‬كقاعات اإلطعام‪ ،‬وغر‬
‫األماكن الخاصة‪ ،‬فإنَ العامل لم يعد في تبعية لتنفيذ عمله‪ ،‬وهو يتمتع بكامل حريته‪ ،‬ويمارس‬
‫المستخدم سلطته عليه أثناء تواجده في هذه األماكن في إطار ضيق قصد المحافظة عليها‪.‬‬
‫العامل للقيام باستمرار ببعض‬ ‫إنَ هذه األماكن الخاصة في المؤسسة توضع تحت تصر‬
‫لها بهذه الصفة بموجب أحكام قانون العمل التي تؤكد على أنه‬ ‫شؤونه الشخصية‪ ،‬وقد تم اإلعترا‬
‫ضمان احترام خصوصيات العامل‪ ،2‬ويؤكد الفقه على أنه يوجد‬ ‫يجب أن تكون مزودة بقفل‪ 1‬بهد‬
‫داخل الحياة المهنية أو الوظيفية جانب خاص يساهم في حماية الحياة الخاصة للعامل‪.3‬‬
‫لذلك فإن مراقبة صاحب العمل لهذه األماكن الخاصة في المؤسسة ومحتوياتها يجب أن تحدد‬
‫بدقة‪ ،‬ألن هذه المراقبة تشكل انتهاكا لحرية الحياة الخاصة وسريتها‪ ،‬وال يمكن تبرير أية عملية‬
‫تفتيش إال في حالة الضرورة القصوى‪ ،‬وحسب االجتهاد القضائي الذي يراقب النظام الداخلي‪ ،‬فإن‬
‫الدوري لها‪،‬‬ ‫هذه المراقبة تكون فقط في حالة المحافظة على الصحة واألمن أو إلجراء التنظي‬
‫أو في حالة وجود خطر خاص‪.4‬‬
‫استثناءا قد تخضع هذه األماكن الخاصة في المؤسسة للرقابة في حالة انتهاك أوامر صاحب‬
‫العمل مثال كالتدخين داخل هذه األماكن‪ ،‬وفي هذا الصدد تضمن مشروع قانون العمل الجزائري‬
‫نص المادة ‪ 313‬الذي يقضي بحظر التدخين في جميع األماكن المغلقة والمغطاة التي تشكل بما في‬
‫ذلك أماكن العمل المخصصة الستقبال‪ ،‬والمطاعم‪ ،‬وقاعات االجتماعات والتدريب‪ ،‬االستراحات‬
‫والمرافق الصحية والطبية والصحية‪.‬‬
‫‪ - 2- 2‬حماية حرية العامل في مظهره‬
‫من الصعب في عالم الشغل وداخل مكان وزمان العمل طلق العنان للعامل دون تقييد حريته‬
‫في الحياة الخاصة التي تتدخل في تنفيذ مهمة الع مل‪ ،‬فالتعبير عن هذه الحرية قد يتصادم مع بعض‬
‫المصالح الخاصة كما هو الشأن بالنسبة لحرية الملبس‪ ،‬إذ أن هذه الحرية تنبثق مباشرة من‬
‫الشخصية الداخلية للفرد‪ ،‬ومبدئيا يمارس العامل هذه الحرية بصفة كاملة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Art 232-2-2 Alenia 4 du C.T.Fr.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.1 G.LYON-CAEN, Rapport, op.cit, p 14‬‬
‫‪3‬‬
‫‪G.CORNU, Droit civil, introduction- les personnes, les biens, DOMAT Montchrestien, 8ème édition, 1997,‬‬
‫‪p478 et s. Le doyen CORNU soutient qu’il existe dans la vié professionnelle elle-même « Un aspect privée‬‬
‫‪qui participe à la protection de la vie privée ».‬‬
‫‪ 4‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.912‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كل ما يتعلق بمظهر العامل الشخصي ال يعتبر من قبيل األخطاء التأديبية كإطالة العامل‬
‫لشعر رأسه أو تقصيره أو كون تسريحة المرأة العاملة أو مكياجها مبالغ فيه أو ملفت للنظر‪ ،‬فتلك‬
‫ال صلة لها إطالقا بسير العمل بالمؤسسة‪ ،‬وال تؤثر في انتظامه بها‪.1‬‬
‫استثناءاً يجوز لصاحب العمل أن يفرض في نظامه الداخلي زي موحد ألسباب صحية‬
‫في استعمال السلطة بفرض قيود‬ ‫أو أمنية‪ ،‬غير أن تقييد هذه الحرية مقيد بضرورة عدم التعس‬
‫على حرية الملبس أو المظهر دون مبررات‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية حينما أدرجت‬
‫البيضاء‪ ،‬فحكمت‬ ‫إحدى المؤسسات في نظامها الداخلي نوصا تفرض على العمال ارتداء المعاط‬
‫بعدم مشروعيته‪ ،‬ألنه ليس له ما يبرره من جانب اعتبارات الصحة العامة أو األمن‪.2‬‬
‫العامل حر فيما يرتديه من لباس لكن هذه الحرية محدودة في إطار المؤسسة والعمل‪ ،‬ويمكن‬
‫للنظام الداخلي أن يفرض نوع معين من األلبسة النظامية ناهيك عن اآللبسة الوقائية‪ ،‬وقد صدر في‬
‫فرنسا عدة قرارات قضائية أقرت فيه لصالح المستخدم تسريح عامل ألنه امتنع عن لبس مِئْزر في‬
‫العمل‪. 3‬‬
‫كما أقرت أيضا تسريح عامل كان يأتي إلى العمل مرتديا (تبان ‪ )bermuda‬ألنه لم يحترم‬
‫النظام الداخلي‪ ،‬لكن السيد )‪ (M.monribo‬كان يعمل لدى شركة االتصاالت (‪ (Sagem‬بصفته عامل‬
‫تقني لألنظمة( ‪ )agent technique de méthode‬فرأى المجلس القضائي العمالي( ‪conseil‬‬
‫‪ )prud’homme‬بعد أن قام المعني بنقض حكم محكمة (‪ )rouen‬في ‪ ،2119/99/93‬بإعتبار أنَ‬
‫اللباس من الحريات العامة على شرط عدم اعتراض المالبس ونوع العمل من أجل الحد من هذه‬
‫الحرية‪ ،‬وفي هذه القضية ال يتعارض نوع العمل وحرية اللباس ‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬حماية الكرامة اإلنسانية للعامل‬
‫ترتبط الحياة الخاصة للعامل بكرامة اإلنسان وآدميته ارتباطا وثيقا يجعل اإلعتداء على‬
‫الخصوصية يشكل وبشكل مباشر وفعال تعديا‪ 2‬على كرامة اإلنسان‪ ،‬ذلك أن عدم تمتع العامل‬
‫بالكرمة يحوله إلى آلة صماء عاجزة عن اإلبداع واإلبتكار‪.‬‬
‫يعتبر الحق في الكرامة اإلنسانية أحد الحقوق المكرسة بمقتضى اإلعالن العالي لحقوق‬
‫بالكرامة المتأصلة في جميع‬ ‫اإلنسان‪ ،‬حيث ورد في ديباجة هذا اإلعالن أنه «لما كان االعترا‬

‫‪ 1‬صالح على علي حسن‪ ،‬ضمانات السلطة التأديبية لصاحب العمل دراسة مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،2192 ،‬ص‬
‫‪.41‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass. Soc. 18 février 1998, Dr. soc. 1998, p. 506.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪T.G.I Paris, Ch.soc, 16 Jan.2001, Jugement qui déclare le licenciement justifié d’un salarié ayant refusé‬‬
‫‪d’appliquer une consigne générale sur le port d’une blouse de travail.‬‬
‫‪ 1‬بن بدرة عفيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.944‬‬
‫‪ 2‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪391‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أعضاء األسرة ال بشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسالم في العالم»‪،‬‬
‫وأضافت المادة األولى من نفس اإلعالن «يولد الناس أحرار متساوين في الكرامة»‪.‬‬
‫يحق للعامل التمتع ببعض الحقوق اإلنسانية التي قد تمليها عليه القواعد العامة وينظمها قانون‬
‫العمل‪ ،‬ويلت زم صاحب العمل بالمقابل بأن يعامل العامل معاملة إنسانية بما يتوجب عليه توفير العمل‬
‫المالئمة التي تحمي حياته وسالمته من الخطر البدني أو المعنوي‪.‬‬ ‫في الظرو‬
‫ذلك أن المساس بحق اإلنسان في الكرامة يعتبر أكثر شيوعا في عالقات العمل‪ ،‬حيث أن‬
‫سلطات صاحب العمل وحاجة األجراء إلى أجر تجعل مكان أداء العمل بمثابة المجال الخصب للنيل‬
‫من كرامتهم‪.3‬‬
‫‪ - 1‬االلتزام بالمعاملة اإلنسانية للعامل‬
‫يلتزم صاحب العمل بمعاملة العامل معاملة إنسانية‪ ،‬أي بحسن معاملته والمحافظة على‬
‫كرامته‪ ،‬فليس له أن يسب العامل أو يضربه أو يوجه إلي ه أفعاال تخل بحيائه أو عرضه‪ ،‬وال يجوز‬
‫العامل بأعمال غير انسانية أو تفوق طاقته‪.4‬‬ ‫تكلي‬
‫معاملة صاحب العمل لعماله يجب أن تكون معاملة الئقة‪ ،‬فال يحق له أو من ينوب عنه أن‬
‫أو سلوك مخل باآلداب نحو العامل أو أحد أفراد أسرته‪ ،‬وكذلك ال يجوز‬ ‫يتخذ سلوكا يتسم بالعن‬
‫أن تتسم معاملة العامل بمظاهر القسوة والجور واإلهانة‪.‬‬
‫التشريعات العمالية صاحب العمل من المعاملة الجائرة للعمال؛ والتي يقصد‬ ‫تمنع مختل‬
‫من صاحب العمل يكون غير عادل لمخالفته القانون أو شروط التعاقد بينه وبين‬ ‫بها كل تصر‬
‫في استعمال الحق‪ ،‬أو أي تعدي من قبل صاحب العمل على كرامة‬ ‫العامل لما يشوبه من تعس‬
‫العامل‪ ،‬وفي هذا الصدد نصت المادة ‪ 122‬من ق‪.‬م األردني في الفقرة الثالثة على ضرورة مراعاة‬
‫اآلداب واللياقة في عالقة صاحب العمل بالعامل‪.‬‬
‫يسيء للعامل سواء كان بألفاظ مثل السب أو التحقير‬ ‫إذا صدر من صاحب العمل تصر‬
‫أو بالمعاملة مثل االعتداء بالضرب أو التحرش الجنسي وكل ما إلى ذلك من المعاملة المحطة‬
‫بالكرامة‪ ،‬فإن هذه المعاملة تكون مخالفة للقانون قد تعرض صاحب العمل إلى المعاقبة وفقا ألحكام‬
‫قانون العقوبات‪.‬‬
‫العامل بأعمال ت تجاوز جهده وطاقته‪ ،‬كما ال يجوز له أن‬ ‫يمنع على صاحب العمل تكلي‬
‫العامل بالعمل في أوقات غير مناسبة‪ ،‬وغالبا ما تظهر أهمية هذا االلتزام في شأن األعمال‬ ‫يكل‬

‫‪ 3‬محمد بن حساين‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 4‬محمد حسين منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪399‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المستبعدة من نطاق قانون العمل كالعمل في المنزل‪ ،‬كما يلتزم صاحب العمل بعدم إساءة المعاملة‬
‫سواء كانت إساءة بدنية أو معنوية بما يجرح كرامته أو يسيء لمشاعره‪ ،‬أو تتضمن تحرشا به‪.1‬‬
‫كما تعد مخالفة شروط العقد معاملة جائرة موجبة للتعويض‪ ،‬ألن األصل أن العقد شريعة‬
‫المتعاقدين‪ ،‬وفي هذا الصدد نصت المادة ‪ 919‬الفقرة الثانية ق‪.‬م المصري أن «نقل العامل إلى‬
‫مركز أقل من المركز الذي كان يشغله لغير ما ذنب جناه ال يعد تعسفا إذا ما اقتضته مصلحة العمل‬
‫ولكنه يعد تعسفا إذا كان الغرض منه إساءة للعامل»‪.‬‬
‫تتجه بعض التشريعات المقارنة الى جعل المعاملة المخالفة لألخالق أو لقواعد حسن النية‬
‫الواجبة سببا لفسخ عقد العمل‪ ،‬كالمشرع المصري الذي تطرق إلى اإلنهاء المباشرة لعالقة العمل‬
‫من قبل العامل بسبب المعاملة الجائرة‪ ،‬فقد نص في المادة ‪ 919‬من ق‪.‬م على أنه «يجوز الحكم‬
‫بالتعويض عن الفصل ولو لم يصدر الفصل عن رب العمل إذا كان هذا األخير قد دفع العامل‬
‫بتصرفاته وعلى األخص بمعاملته الجائرة إلى أن يكون هو في الظاهر الذي أنهى العقد»‪.‬‬
‫التشريع الفرنسي بدوره أفرد نص المادة ‪ 49/922‬من القانون الصادر بتاريخ ‪ 12‬نوفمبر‬
‫‪ 9112‬لمنع اإلضرار بالعامل‪ ،‬وبالمعاقبة على أي إساءة للعمال تمس كرامتهم أو سالمتهم األخالقية‬
‫أثناء العمل‪.‬‬
‫‪ - 2‬مبدأ المساواة بين العمال‬
‫تبنى المشرع الجزائري هذا المبدأ في عدة مواد‪ ،‬ال سيما منها المادة ‪ 91‬من قانون عالقات‬
‫العمل‪ ،‬ورتب على مخالفته البطالن‪ ،‬سواء ورد في عقد العمل أو في اتفاقية جماعية‪ ،‬ويسري حكم‬
‫العمل‬ ‫النص على كل تمييز بين العمال كيفما كان نوعه في مجال الشغل أو األجرة‪ ،‬أو ظرو‬
‫على أساس السن أو الجنس أو الوضعية االجتماعية أو القرابة العائلية‪ ،‬أو اآلراء السياسية‬
‫أو المعتقدات الدينية‪ ،‬أو االنتماء النقابي أو عدم االنتماء إليه‪.‬‬
‫كما أوكل المشرع الجزائري إلى مفتشية العمل مهمة رقابة هذه األحكام‪ ،‬إلى جانب الرقابة‬
‫التي يمارسها القضاء‪ ،‬إذ رتب المشرع عقوبات جزائية عند مخالفة نص المادة ‪ 91‬من قانون العمل‬
‫السابق ذكرها‪.‬‬
‫استقر القضاء على اعتبار المساواة بين العمال قاعدة أساسية تفرضها العدالة‪ ،‬حيث قضى‬
‫القضاء المصري في قضية تتعلق بحرمان العامل من مكافأة االنتاج بالرغم من توافر شروطها في‬
‫جانبه فورد في الحكم بأن «المساواة بين عمال صاحب العمل قاعدة أساسية ولو لم يجر بها نص‬

‫‪ 1‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.311‬‬

‫‪392‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في القانون‪ ،‬تفرض قواعد العدالة إعمالها إذا ما جنح صاحب العمل للتفرقة بين عماله في شأن أي‬
‫حق من حقوقهم »‪.1‬‬
‫يشترط إلعمال مبدأ المساواة في الحقوق بين العمال أن تتماثل ظروفهم بأن يتم العمل في‬
‫منطقة واحدة‪ ،‬وأن تتساوى أعمالهم في مشقتها وخطورتها‪ ،‬وكذا تساويهم في المؤهالت والكفاءة‬
‫والخبرة‪.‬‬
‫يظهر أن عمل األطفال يتسبب الحقا في انعدام المساواة في سوق العمل‪ ،‬ألنه يمنع الذين‬
‫تعرضوا له من اكتساب التعليم والمهارات المهنية‪ ،‬ويساعد بالتالي القضاء على أوجه انعدام‬
‫المساواة هذه في سوق العمل في تقليص انعدام المساواة عموماً‪.‬‬
‫مشروع قانون العمل الجديد بدوره ضمن المادة ‪ 39‬منه‪ 2‬اعتبارات التمييز‪ ،‬على أساس منع التمييز‬
‫بين العمال على أساس الجنسية ضمن عقد العمل أو اتفاق جماعي‪ ،‬هذا االعتبار أيضا لم يرد سابقا‬
‫ضمن نص المادة ‪ 91‬من قانون ‪.99/11‬‬
‫العمل‬ ‫يواجه المهاجرون اليوم‪ ،‬رجاالً ونساءً على حد سواء‪ ،‬تحديات شديدة تشمل ظرو‬
‫السيئة والتحيز الجنسي والعنصرية والتمييز في سوق العمل‪ ،‬ورغم المعايير الدولية المتعلقة بحماية‬
‫المهاجرين فإن حقوقهم كعمال غالباً جداً ما تنتهك‪ ،‬السيما إذا قصدوا الخارج بحثاً عن عمل‪ ،‬دون‬
‫الحصول على مستندات السفر الالزمة‪.‬‬
‫كما أن االنتقاص من عمل النساء والقيود المفروضة على حقوقهن في العمل‪ ،‬عناصر تعني‬
‫أن نسبة النساء المهاجرات المحرومات من العمل أعلى نسبة‪ ،‬ونجد أعداد كبيرة من النساء القادمات‬
‫كزوجات لعمال مؤقتين أنفسهن مستبعدات من التشغيل‪.1‬‬
‫‪ - 3‬ضمان العمل الالئق للعمال‬
‫تلتزم الدول والحكومات بضرورة توفير عمل الئق ألكبر عدد ممكن من العمالة الوطنية‬
‫أو األجنبية على حد السواء‪ ،‬ذلك أن منظمة العمل الدولية ترفض الكيل بمكيالين بخصوص العمل‬
‫ال الئق‪ ،‬كما يقع على عاتق المؤسسات االقتصادية العمومية والخاصة توفير ضمان الحد األدنى من‬
‫شروط العمل الالئق في أماكن العمل‪.2‬‬

‫‪ 1‬طعن ‪ 199‬س ‪ 33‬ق جلسة ‪ 93‬مارس ‪ 9119‬الوارد ذكره لدى‪ :‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ 2‬انظر النص الكامل المادة ‪ 39‬من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد في الملحق رقم ‪12‬‬
‫‪1‬‬
‫‪PIPER (N), Gender and migration, Paper prepared for the Global Commission on International Migration,‬‬
‫‪2005, p 4.‬‬
‫‪ 2‬صغير بي رم عبد المجيد‪ ،‬دور فرقاء اإلنتاج في تحقيق العمل الالئق‪ ،‬مداخلة ملقاة أثناء الملتقى الوطني حول العمل الالئق بين واقع التشغيل‬
‫واألفاق نحو عدالة اجتماعية‪ ،‬المنعقد في ‪ 21‬و‪ 21‬أفريل ‪ 2194‬على مستوى كلية الحقوق بجامعة مستغانم‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪393‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تنقص من كرامة العامل‪ ،‬وتلزم‬ ‫تقر أغلبية التشريعات عدم جواز ممارسة العمل في ظرو‬
‫المؤسسات المستخدمة باحترام كرامة الذي يشتغلون بها‪ ،‬وبضرورة اتخاذ صاحب العمل كافة‬
‫التدابير الالزمة لحماية كرامة العمال والسهر على حسن السلوك واألخالق الحميدة واستتباب اآلداب‬
‫العامة داخل المؤسسة‪.‬‬
‫ضمانا لكرامة العامل باعتباره انسانا ال يمكن أن يستغل بأي شكل كان‪ ،‬وهكذا صار العمل‬
‫الالئق من مقتضيات ومس تلزمات التنمية المعاصرة ألي دولة‪ ،‬فالحق في العمل لم يعد في الوقت‬
‫الراهن مكتمال إال بتوافر شروط ترافقه في ظل تنامي الحريات واتساع مجال الحقوق الفردية‬
‫والجماعية‪.‬‬
‫لم يخرج كال من القضاء المصري والجزائري عن هذا الخط‪ ،‬وبالرجوع إلى القضاء‬
‫المصري ومن خالل أح كامه وقراراته نجده يعنتق في البعض منها فكرة الهدوء والسكينة كأساس‬
‫لحماية الحياة الخاصة أهمها قرار محكمة النقض المصرية رقم ‪ 3111‬الصادر بتاريخ‬
‫دون وجـه حق‪ ،‬قضـت المحكمة‬ ‫‪ 2111/13/11‬عن قضية التشهير والحط من الكرامة لموظ‬
‫الذي زعزع سكينة الحياته الخاصة والحكم له بالتعويض المدني‪.1‬‬ ‫عن هذا التصر‬ ‫بالك‬
‫يقتضي مضمون االلتزام بمراعاة األخالق الحميدة واآلداب العامة داخل المؤسسة منع إدخال‬
‫المشروبات الكحولية إلى أماكن العمل وكذلك تناولها‪ ،‬كما يمنع دخول أو إقامة أي شخص في حالة‬
‫سكر إلى هذه األماكن‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة لتعاطي أي مادة مخدرة‪.‬‬
‫في حالة تشغيل عمال ذكور وإناث في نفس المؤسسة أو مقرات العمل‪ ،‬فإنه يجب على‬
‫المستخدم العمل على تجهيز هذه المحالت بكيفية تضمن فصل مستودع المالبس والمراحيض‪،‬‬
‫وغيرها من المرافق الخاصة لكل من الجنسين‪.‬‬
‫بصفة عامة يقع على عاتق المستخدمين االلتزام بالمحافظة على األخالق واآلداب‪ ،‬فسلطتهم‬
‫من هذه الناحية تمتد لتشمل جميع أنواع السلوك الخارجي للعنصر البشري الذي يتحرك داخل‬
‫المؤسسة‪ ،‬سواء من حيث اللباس‪ ،‬أو من حيث أسلوب التعامل بين العمال الذكور واإلناث‪ ،‬وهذا‬
‫سواء اثناء أوقات العمل‪ ،‬أو خالل فترات الراحة أو األكل داخل المؤسسة‪.2‬‬

‫‪ 1‬صدر عن القضاء المصري عدة أحكام وقرارات نذكر عينة منها‪:‬‬


‫‪ -‬قرار محكمة النقض المصرية رقم ‪ 9111‬بتاريخ ‪ 2111/19/94‬حول التقاط صورة للمدعي في منزله خفية عنه‪ ،‬حكمت له‬
‫بالتعويض المدني‪.‬‬
‫‪ -‬حكم محكمة جنايات القاهرة رقم ‪ 9194‬بتاريخ ‪ ،9119/99/93‬حول قضية التنصت والتسجيل ألحاديث خاصة بمجموعة من‬
‫البنات سبب لهن إزعاج وضرر لحياتهن الخاصة وعكر صفوها‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬المغرب‪ ،2111 ،‬ص ‪.931‬‬

‫‪394‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫العمل الالئق ما هو إالَ تلخيص لتطلعات الناس في العمل‪ ،‬تطلعاتهم في الحصول على فرص‬
‫العمل واألجور العادلة والتمتع بكل الحقوق واالمتيازات‪ ،‬وحرية التعبير‪ ،‬والتمتع باالستقرار‬
‫األسري والتنمية الشخصية والعدالة والمساواة بين الجنسين‪. 3‬‬
‫في مجال عالقات العمل‪ ،‬يعتبر التزام صاحب العمل بالسهر على مراعاة حسن السلوك‬
‫واألخالق الحميدة‪ ،‬وبالعمل على استتباب اآلداب العامة داخل المؤسسة‪ ،‬من التدابير التشريعية‬
‫الوقائية في نطاق قانون العمل‪.4‬‬
‫فضال عن تقييد التشريع الجزائري لتشغيل القصر ببلوغهم السن القانوني ‪ 99‬سنة مع اشتراط‬
‫حصولهم على رخصة من وليه الشرعي عدا في حالة التمهين أين تخفض إلى ‪ 93‬سنة‪ ،‬فإنه يمنع‬
‫تشغيل القصر في األشغال الخطيرة والماسة باألخالق التي تضر بصحتهم‪ ،‬وكذا العمل الليلي بداعي‬
‫النمو الطبيعي والفيزيولوجي للطفل‪.‬‬ ‫أنها تخال‬
‫يشكل اعتماد حد أدنى لسن تشغيل القصر أهمية بالغة من حيث حماية حياتهم الخاصة‪ ،‬سواء‬
‫تعلق األمر بإكمال تعليمه أو تكوينه‪ ،‬أو من حيث حماية الحالة الصحية لهم‪ ،‬لضمان نموهم الجسمي‬
‫والنفسي السريع التأثر المشاكل اآلثار السلبية المرتبطة بذلك‪.‬‬
‫أقرت أغلبية التشريعات حضر تشغيل األطفال في األعمال الخطيرة‪ ،‬التي من شأنها تعريض‬
‫الجسدي أو النفسي أو الجنسي‪ ،‬كالعمل تحت األرض أو في‬ ‫أو العن‬ ‫األطفال إلى التعس‬
‫المرتفعات الخطرة‪ ،‬أو في المساحات المغلقة‪ ،‬أو العمل في باستخدام األآلت أو األدوات الخطيرة‪،‬‬
‫أو تلك التي تشتمل على أحمال ثقيلة‪ ،‬أو العمل في بيئات غير صحية يمكن أن تعرض األطفال إلى‬
‫الم واد الخطرة ودرجات الحرارة غير المناسبة والضجيج أو االهتزازات‪ ،‬والعمل تحت ظرو‬
‫بالغة الصعوبة‪ ،‬أو العمل الليلي‪ ،‬كضمانة لحماية السالمة الجسدية والمعنوية للعمال القصر‪.‬‬
‫كما أولت التشريعات المقارنة أهمية ألخالق العامل القاصر‪ ،‬إذ منعت تشغيلهم في أعمال‬
‫تشكل خطر على أخالقهم‪ ،‬وألزمت المستخدمين على مراعاة حسن السلوك واألخالق الحميدة‬
‫واستتباب اآلداب العامة داخل المؤسسة‪ ،‬وقد كان لحماية القاصر من أي عمل يضر سالمتهم‬
‫األخالقية الحظ الوافر ضمن مشروع قانون العمل الجزائري الجديد‪.1‬‬
‫بصفة عامة‪ ،‬العامل سواء كان قاصر أو بالغ وإن كان ملزما باالنصياع لتوجيهات صاحب‬
‫العمل‪ ،‬فإن على هذا األخير أن يوجه تلك التوجيهات والتعليمات بكيفية ال تؤذي شعورهم وال‬

‫‪ 3‬العمل الالئق تحديات استراتيجية ماثلة في األفق‪ ،‬مؤتمر العمل الدولي‪ ،‬الدورة ‪ ،11‬لسنة ‪ ،2111‬ص ‪ ،91‬متاح على الموقع‬
‫اآلتي‪ ، /http://www.ilo.org :‬تاريخ اإلطالع‪2199/19/19 :‬‬
‫‪ 4‬عبد اللطيف خالفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫‪ 1‬المادة ‪ ،41‬والمادة‪ 41‬من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تستفزهم‪ ،‬إذ عليه أن يلتزم وهو يخاطب عماله بتجنب استعمال عبارات السب والشتم‪ ،‬أو بعبارات‬
‫مخالفة لألخالق الحسنة‪ ،‬أو أي كالم غير الئق‪ ،‬بل و أقرت التشريعات العمالية على اعتبار السب‬
‫والتحرش الجنسي التحريض على الفساد أخطاء جسيمة‪.‬‬
‫في مجال ضمان العمل الالئق واحترام الحياة الخاصة للعامل المهاجر أوضحت اإلتفاقية‬
‫الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم مفهوم العامل المهاجر من حيث كونه يزاول‬
‫نشاطا مقابل أجر في دولة ليس من رعاياها‪ ،‬وأشارت أيضا إلى مفهوم العمال الذين يعدون في حكم‬
‫العامل المهاجر من حيث الحقوق والحريات لدى وجودهم في دولة العمل‪ ،‬حيث عرفت عامل‬
‫الحدود والعامل الموسمي والعامل المالح والعامل على منشأة بحرية والعامل المتجول إلى العامل‬
‫المرتبط بالمشروع إلى عامل االستخدام المحدد إلى العامل لحسابه الخاص‪.2‬‬
‫أكدت االتفاقية على حق هؤالء العمال المهاجرين في حرية الفكر والضمير والدين والحق في‬
‫اعتناق اآلراء والحق في حرية التعبير والمساواة والحرية والسالمة والشخصية والحق في المساواة‬
‫مع رعايا الدولة المعنية في الحقوق العمالية كلها من حيث شروط االستخدام كالسن الدنيا للتشغيل‪،‬‬
‫والمساواة في شروط التشغيل والعمل ال سيما األجر العادي واألجر اإلضافي والسالمة والصحة‪،‬‬
‫وإنهاء عالقة العمل‪ ،‬وغير ذلك من شروط العمل والحقوق العمالية‪.1‬‬
‫يتعرض العمال المهاجرين لتجاوزات واستغالل قد يحدث إما في مرحلة مبكرة من عملية‬
‫الهجرة أو في أوضاع أقل ظهوراً في سوق العمل تقترن بخدمات تفتيش مهني ضعيفة مثل العمل‬
‫المنزلي‪ ،‬وقد تشمل تلك التجاوزات عدم دفع األجور أو االحتفاظ بها‪ ،‬والتحكم في حرية التنقل أو‬
‫انعدامها‪ ،‬وسحب جوازات السفر وغيرها من وثائق الهوية‪ ،‬ناهيك عن ساعات العمل الطويلة‬
‫والعقوبة الجسدية والنفسية‪.2‬‬ ‫وأسابيع العمل الممتدة على سبعة أيام والتخوي‬
‫أما في سبيل توفير العمل الالئق للمرأة العاملة يضمن احترام حياتها الخاصة‪ ،‬حرصت أغلب‬
‫التشريعات على توفير مزيد من الحماية القانونية للمرأة العاملة‪ ،‬وذلك من خالل تهيئة بيئة العمل‬
‫الصالحة لها‪ ،‬وذلك بحظر تشغيلها في األعمال الخطرة أو الشاقة التي من شأنها أن تمثل خطراً‬
‫على صحتها أو صحة جنينها أو تخدش حياءها‪.‬‬

‫‪ 2‬االتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال ا لمهاجرين وأفراد أسرهم المعتمدة بقرار من جمعية العامة رقم ‪ 931/43‬المؤرخ في ‪91‬‬
‫ديسمبر ‪.911‬‬
‫‪ 1‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪ILO: Preventing discrimination, exploitation and abuse of women migrant workers: An information guide, 2‬‬
‫‪Booklet 4 “Working and living abroad” (Geneva, ILO, 2004), p 11.‬‬

‫‪399‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كما كرست االتفاقيات الدولية‪ 3‬وغالبية التشريعات العمالية‪ 4‬مبدأ حظر فصل العاملة بسبب‬
‫نطاقه من تشريع آلخر ولكنها جميعا ترمي إلى حماية‬ ‫الزواج أو الحل أو الوضع‪ ،‬وإن اختل‬
‫المرأة العاملة‪ ،‬وتوفير االستقرار النفسي لها‪.‬‬
‫الحياة الخاصة للمرأة العاملة لها انعكاس على حياتها المهنية‪ ،‬إذ تتأثر إلى حد كبير بدورها‬
‫كأم‪ ،‬ويشكل الحمل واألمومة وتربية األطفال منظورا آخر للحياة الخاصة للمرأة العاملة‪ ،‬ولتسجيل‬
‫تقدم نحو المساواة في الحياة اإلجتماعية يجب تعويض المرأة عن العبء الذي يجب أن تتحمله‪.‬‬
‫من بين التدابير الكفيلة بإقامة هذه المساواة العناية الصحية بالمرأة العاملة والحامل‪ ،‬تقديم‬
‫تعويضات نقدية وعطلة األمومة‪ ،‬وكذا توفير فترات استراحة الرضاعة‪ ،‬وأنظمة رعاية الطفل‪،‬‬
‫باإلضافة إلى اتخاذ ترتيبات التوفيق بين مسؤوليات العمل والعائلة بشكل أفضل للنساء العامالت‪.‬‬
‫باتت حماية األمومة ضرورية لتحقيق تكافؤ الفرص والعاملة بين الرجل والمرأة في العمل‪،‬‬
‫وهذه التدابير من شأنها ضمان عدم تقييد المرأة في ممارسة حقها في العمل‪ ،‬كما ال يمكن أن تشكل‬
‫أساسا للتمييز ضدها‪ ،‬فبقدر ما يضع الحمل واألمومة المرأة العاملة في وضع تكون فيه عاجزة‬
‫مؤقتا عن أداء العمل بشكل طبيعي‪ ،‬فإنها تكون بحاجة إلى حماية قانونية واجتماعية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حماية السالمة األخالقية للعامل‬
‫يعتبر الحق في الكرامة أحد أهم الحقوق بمقتضى اإلعالن العالمي لحقوق االنسان الصادر في‬
‫بالكرامة‬ ‫‪ 91‬ديسمبر ‪ ،9114‬حيث جاء في ديباجة اإلعالن المذكور أن " لما كان اإلعترا‬
‫المتأصلة في جميع أعضاء األسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل‬
‫والسالم في العالم"‪ ،‬وأضافت المادة األولى من نفس اإلعالن "يولد الناس أحرارا متساوين في‬
‫الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقال وضميرا"‪.‬‬
‫بهذا الحق في االتفاقية الدولية بشأن الحقوق االقتصادية واالجتماعية‬ ‫كما تم االعترا‬
‫والثقافية‪ ،‬واالتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬حيث استهال كلهما بنفس الجملة "حيث‬
‫بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء األسرة الدولية وبحقوقهم المتساوية التي ال يمكن‬ ‫أن االعترا‬
‫بها"‪.‬‬ ‫التصر‬

‫‪3‬‬
‫االتفاقيتان العربيتان ‪ 3‬لسنة ‪ 9119‬بشأن المرأة العاملة‪ ،‬و‪ 9‬لسنة ‪ 9119‬بشأن مستويات العمل‪ ،‬المادة ‪ 1‬من االتفاقية الدولية رقم ‪ 913‬لسنة‬
‫‪ 2112‬بشأن حماية األمومة‪ ،‬المعدلتين‪.‬‬
‫‪ 4‬ورد هذا الحظر في القانون المصري (المادة ‪ 12‬من قانون العمل الموحد) ‪ ،‬القانون اليمني (المادة ‪ 4/43‬من قانون العمل)‪،‬‬
‫القانون المغربي (المادة ‪ 931‬من مدونة الشغل)‪ ،‬القانون السوداني (المادة ‪ 4/231‬من قانون العمل)‪ ،‬القانون البحريني (المادة‬
‫‪ 914‬من قانون العمل في القطاع األهلي)‪ ،‬القانون الكويتي (المادة ‪ 24‬من قانون العمل)‪ ،‬القانون السعودي (المادة ‪ 939‬من نظام‬
‫العمل ) ‪ ،‬القانون القطري (المادة ‪ 11‬من قانون العمل )‪ ،‬القانوني العماني (المادة ‪ 14‬من قانون العمل )‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫إن المساس بحق االنسان في الكرامة يعتبر أكثر شيوعا في عالقات العمل‪ ،‬حيث أن سلطة‬
‫صاحب العمل وحاجة العمال إلى العمل واألجر تجعل مكان العمل بمثابة المجال الخصب للنيل من‬
‫كرامتهم‪ ،‬ولعل أهم ما يمس الكرامة كحق من حقوق الشحصية‪ ،‬التحرشات الجنسية الشائعة في‬
‫ميدان الشغل‪ ،‬فهل من حماية لكرامة وشخصية العاملة من هذه التصرفات؟‬
‫من خالل هذه النقطة إلى التحرش الجنسي كنموذج واضح لإلعتداء على‬ ‫سنحاول التعر‬
‫الحق في الكرامة والسالمة األخالقية للعاملة في مجال العمل‪ ،‬من خالل التطرق إلى ضمانات‬
‫حماية المرأة العامل من التحرش الجنسي المرتبط بالعمل من خالل نصوص قانون العمل و‬
‫نصوص القانون الجزائي‪.‬‬
‫‪ -9‬الحماية من التحرش الجنسي في قانون العمل‬
‫من أهدافها األساسية من خالل النص‬ ‫وضعت أغلب تشريعات العمل كرامة العامل كهد‬
‫تنقص من كرامة العامل‪ ،1‬غير أن ورغم‬ ‫على قواعد تضمن ع دم جواز ممارسة العمل في ظرو‬
‫هذه القواعد تظل كرامة العمال معرضة للمساس بها خاصة من خالل ظاهرة التحرش الجنسي في‬
‫زمالء‬ ‫المستخدم أو من طر‬ ‫العامالت الالتي يعتبرن ضحية سهلة له سواء من طر‬ ‫صفو‬
‫الزبناء‪.‬‬ ‫العمل‪ ،‬أو حتى من طر‬
‫التحرش الجنسي المرتبط بالعمل‬ ‫‪ - 1- 1‬تعري‬
‫للمرأة بحقوقها يعني ضرورة التعايش‬ ‫إذا كان خروج المرأة إلى العمل بما يحمله من اعترا‬
‫سليمة‪ ،‬وذلك‬ ‫بين الرجال والنساء في أماكن إنجاز العمل‪ ،‬فإن هذا التعايش نادرا ما يتم في ظرو‬
‫بسبب انتشار ظاهرة مشينة باألخالق وماسة بحقوق المرأة وكرامتها في ميدان العمل‪ ،‬أال وهي‬
‫ظاهرة التحرش الجنسي‪.1‬‬
‫المؤشرات الدالة عليه لتعدد‬ ‫يطرح مفهوم التحرش الجنسي صعوبة كبيرة نظرا إلختال‬
‫األفعال التي يمكن إدراجها ضمن هذا التعبير‪ ،‬ولقد وردت في هذا الشأن عدة تعريفات فقهية‪ ،‬فهناك‬
‫التحرش الجنسي على أنه كل سلوك ذي مضمون جنسي يصدر من الرجل أو المرأة‬ ‫من يعر‬
‫تجاه الجنس اآلخر بدون رضاه أو رضاها‪ ،‬سواء كان ذلك فعال أو حركة أو إظهار لصور‬
‫أو كالم‪.2‬‬

‫‪ 1‬محمد بن حساين‪ ،‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫‪ 1‬سميرة كميلي‪ ،‬القانون الجنائي للشغل‪ -‬جرائم الشغل‪ -‬ج‪ ،9‬دار النشر ‪، Editions Emaliv‬المملكة المغربية‪ ،2193 ،‬ص‬
‫‪231.‬‬
‫‪ 2‬محمد بن حساين‪ ،‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪391‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫هناك من اختصر تعريفه في كونه عبارة عن ضغوط ذات غاية جنسية‪ ،3‬وهناك من يربط‬
‫التحرش الجنسي بمكان العمل وميدان العمل حيث يفترض أن في أن يكون الشخص المتحرش هو‬
‫صاحب العمل أو كل من له سلطة تولي المسؤولية سواء في مؤسسة عامة أو خاصة‪.‬‬
‫التحرش بأنه‪:‬‬ ‫القانوني فنجد أن قانون العقوبات الفرنسي وص‬ ‫أما من حيث التعري‬
‫في استعمال السلطة باستخدام األوامر والتهديدات أو اإلكراه‬ ‫"الفعل الذي يقع من خالل التعس‬
‫عن‬ ‫بغرض الحصول على منفعة أو امتيازات أو مزايا ذات طبيعة جنسية"‪ ،4‬وهذا النص ال يختل‬
‫المشرع الجزائري التحرش الجنسي في المادة ‪ 349‬مكرر‬ ‫مضمون النص الجزائري‪ ،‬حيث يعر‬
‫من قانون العقوبات الجزائري بأنه " استغالل السلطة أو الوظيفة أو المهنة بإصدار أوامر للغير‬
‫أو بالتهديد أو اإلكراه وممارسة الضغوط عليه قصد إجباره على اإلستجابة لرغباته الجنسية"‪.‬‬
‫وعليه يتضح من خالل هذه المادة أنه يشترط في التحرش الجنسي المرتبط بالعمل أن يتم في‬
‫مكان العمل‪ ،‬وأن يصدر عن الفاعلين في حقل العمل من أصحاب السلطة‪ ،‬أي المستخدم أو الرئيس‬
‫في العمل‪ ،‬أو من يقوم مقامهم‪ ،‬هو ما يفيد استثناء الفاعلين في حقل العمل ممن ال سلطة لهم‪ ،‬مثل‬
‫الزميل في العمل أو الزبون الذي تتعامل معه المؤسسة‪ ،‬ذلك أن هاته السلوكات غالبا ما تصدر من‬
‫رؤساء العمل أو المدريرن‪ ،‬مما يفيد أن التحرش مرتبط بشكل كبير بالعالقة بالسلطة من جهة‪،‬‬
‫والوضعية التابعة للمرأة في العمل من جهة أخرى‪.‬‬
‫أما المشرع الفرنسي فقد استحدث بموجب المادة ‪ L222-33-2‬من قانون العقوبات فعل‬
‫التحرش المعنوي التي وصفته بتلك الضغوطات المتكررة التي يكون هدفها إحباط مستوى الحماية‬
‫العمل‪ ،‬وذلك بالمساس بحقوق وكرامة العامل المتحرش به الذي غالبا ما تكون‬ ‫الذي تقرره ظرو‬
‫امرأة عاملة عرضة له‪ ،‬والتي قد تؤدي إلى اإلضرار بصحتها الذهنية والجسدية وتعريض مستقبلها‬
‫المهني للخطر‪.1‬‬
‫نظرا لآلثار السلبية لظاهرة التحرش الجنسي‪ ،‬والمتمثلة أساسا في تحويل مكان العمل إلى‬
‫مكان غير سليم أو خطير بالنسبة للمرأة العاملة‪ ،‬واالنعكاسات األكثر سلبية على الجانب الصحي‬
‫للمرأة‪ ،‬وما يشكله هذا الفعل من خرق بحق المرأة في العمل بسالم وأمان وكرامة مصونة‪ ،‬هذه‬

‫‪3‬‬
‫‪Claude ROY-LOUSTAUNAU, Le droit du harcèlement sexuel : un puzzle législatif et des choix novateurs,‬‬
‫‪Dr. Soc, n° 6, Juin 1995, p 545.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art L 222-33 C.P.Fr.‬‬
‫‪ 1‬بوسحبة جياللي‪ ،‬التحرش المعنوي بالمرأة في وسط العمل‪ ،‬مقال منشور بمجلة نظرة على القانون االجتماعي‪ ،‬ع ‪ ،14‬لسنة‬
‫‪ ،2193‬ص ‪.949‬‬

‫‪391‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫اآلثار دفعت بالتشريعات إلى التفكير جديا في محاربة هاته الظاهرة التي تنشط كثيرا بارتباط مع‬
‫عامل السلطة في مكان العمل‪.2‬‬
‫مشروع قانون العمل الجديد بدروه خصص المواد من ‪ 39‬إلى ‪ 31‬منه لتنظيم أحكام التحرش‬
‫التحرش الجنسي في المادة ‪ 39‬منه‪ ،‬واشترط أن يتم التحرش‬ ‫الجنسي في مكان العمل‪ ،‬فعر‬
‫الجنسي من قبل صاحب ال عمل أو من ينوب عنه من خالل إساءة استعمال السلطة‪ ،‬ومن خالل‬
‫ثالث‪،‬‬ ‫الضغط على الجنس اآلخر وتهديده من أجل الحصول على خدمات جنسية لنفسه أو لطر‬
‫وأكد في المادة ‪ 31‬منه على منع اتخاذ صاحب العمل أي عمل تمييزي سواء كان إقالة أو نقل‬
‫أو أي عقوبة تأديبية ضد أي عامل من كال الجنسين رفض الخضوع للتحرش الجنسي‪.3‬‬
‫‪ - 2- 1‬مدى حماية العاملة من التحرش الجنسي في قانون العمل‬
‫حظيت ظاهرة التحرش الجنسي المرتبط بالعمل أهمية كبيرة من قبل التشريعات العمالية‬
‫المقارنة سيما التشريع الفرنسي‪ ،‬نظرا ألبعادها الخطيرة على المستوى اإلقتصادي من جهة‪،‬‬
‫بها قانونا‪.‬‬ ‫ولكونها ظاهرة تمس كيان المرأة كإنسان‪ ،‬قبل أن تمس كرامتها وحقوقها المعتر‬
‫غير أنه ومن خالل االطالع على القانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل لم نجد أي نص‬
‫يتضمن التحرش الجنسي في إطار العمل‪ ،‬حيث يركز المشرع الجزائري من خالل نص المادة ‪19‬‬
‫من ق‪ .‬ع على احترام السالمة البدينة والمعنوية وكرامة العامل دون التطرق لتفاصيل وتحديد ما‬
‫يدخل تحت إطار السالمة المعنوية أو كرامة العامل‪.‬‬
‫في حين أنه ومن خالل الرجوع إلى النص الملغى رقم ‪ 92/11‬المتعلق بالقانون األساسي‬
‫للعامل يتضح أن المادة الثامنة منه كانت تنص على ما يلي‪" :‬يضمن القانون حماية العامل أثناء‬
‫أو التهديد أو الضغط أو محاولة‬ ‫ممارسة عمله او القيام بمهامه‪ ،‬من كل أشكال اإلهانة أو القذ‬
‫حمله على التشييع والتبعية"‪.‬‬
‫الظاهر أن النص الملغى أقرب لإلفصاح عن التحرش من النص الساري المفعول من حيث‬
‫كونه يضم مجموعة من المفاهيم يمكن توظيفها بشكل أو بآخر لصالح التحرش‪ ،1‬سيما اإلهانة‬
‫والتهديد والضغط وهي الصور التي تناولها التشريع العقابي الجزائري في تعريفه لجريمة التحرش‬
‫الجنسي‪.‬‬

‫‪ 2‬سميرة كميلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.239‬‬


‫‪ 3‬انظر المواد من ‪ 39‬إلى ‪ 31‬من مشروع قانون العمل الجزائري‪ ،‬الملحق رقم ‪.12‬‬
‫‪ 1‬باسم شهاب‪ ،‬العالقة الالزمة لتحقق التحرش في ميدان العمل‪ ،‬مقال منشور بمجلة نظرة على القانون االجتماعي‪ ،‬ع ‪ ،14‬لسنة‬
‫‪ ،2193‬ص ‪934.‬‬

‫‪321‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫غير أنه من خالل اإلطالع على مشروع قانون العمل الجديد يتضح أن المشرع الجزائري‬
‫أولى أهمية لموضوح التحرش الجنسي‪ ،‬إذ أقر للعمال الحق في الحماية من التحرش الجنسي ضمن‬
‫المادة ‪ 92‬من هذا المشروع‪ ،‬الفقرة الرابعة التي ورد فيها « في إطار عالقة العمل‪ ،‬يحق للعمال‪..‬‬
‫‪...‬الحماية من التحرش الجنسي كما هو محدد في هذا القانون»‪.2‬‬
‫بالنص على تجريم التحرش الجنسي ضمن القانون‬ ‫أما المشرع الفرنسي فإنه لم يكت‬
‫الجزائي‪ ،‬بل أدرج هذه الجريمة ضمن قانون العمل الذي خصص نصوصا تتعلق بحماية ضحايا‬
‫التحرش الجنسي في ميدان العمل‪ ،‬حيث ورد في المادة ‪ L1153-2‬منه على أنه ال يمكن معاقبة أي‬
‫عامل أو تسريحه أو اتخاذ أي إجراء تمييزي في مواجهته مباشرا كان أو غير مباشر لكونه خضع‬
‫أو رفض الخضوع لتحرشات أي شخص من أجل الحصول لصالحه أو لصالح أحد من الغير على‬
‫مزايا ذات طبيعة جنسية‪.‬‬
‫كما تنص المادة ‪ L1153-3‬من نفس القانون على أنه ال يمكن معاقبة أي عامل أو تسريحه‬
‫أو اتخاذ أي إجرا ء تمييزي في مواجهته مباشرا كان أو غير مباشر بسبب إدالئه بشهادته في‬
‫موضوع السلوكات المذكورة في الفقرة السابقة أو كشفها‪ ،‬على أنه يعود لصاحب العمل طبقا للمادة‬
‫‪ L1153-5‬من ذات القانون اتخاذ االجراءات الالزمة للتنبيه لوقائع التحرش الجنسي ووضع حد لها‬
‫وعاقبتها‪.‬‬
‫ال شك أن مقتضيات من هذا القبيل من شأنها حماية كرامة العامالت حينما يتعرضن‬
‫أي شخص‪ ،‬مع سريان هذه الحماية‬ ‫صاحب العمل‪ ،‬بل من طر‬ ‫للتحرشات ليس فقط من طر‬
‫على العمال الذين يدلون بشهادتهم في الموضوع‪ ،‬حيث يمكنهم تقديمها دون الخشية على مستقبلهم‬
‫المهني في المؤسسة‪ ، 1‬والواقع أن مقتضيات مثل هذه تعتبر في محلها‪ ،‬خاصة في مجتمع تنتشر فيه‬
‫بكثرة ظاهرة التحرش الجنسي في عالقة العمل‪.2‬‬
‫لقد برزت هذه الظاهرة وانتشرت بكثرة في اآلونة األخيرة في الدول العربية‪ ،‬وأخذت العديد‬
‫من األشكال بين النظرات ذات اإليحاء الجنسي إلى االبتزاز‪ ،‬فالتهديد واإلهانة‪ ،‬هذا ما جعل بعض‬
‫التشريعات العربية تتفطن إلى خطورة العمل في ميدان العمل‪.‬‬

‫‪ 2‬نص الكامل للمادة ‪ 92‬من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد باللغة الفرنسية‪:‬‬
‫‪Art 12 P.C.T.A : « Dans le cadre de la relation de travail, les travailleurs ont également le droit:... à la‬‬
‫الملحق رقم ‪protection contre le harcèlement sexuel tel que défini par la présente loi;... ». 12‬‬
‫‪ 1‬محمد بن حساين‪ ،‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Marie- Ange MOREAU, A propos de l’abus d’autorité en matière sexuelle, Dr.Soc, n°2, Février 1993, p‬‬
‫‪115.‬‬

‫‪329‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لعل من بين هذه الدول المملكة المغربية التي وإن تأخرت في النص صراحة على التحرش‬
‫الجنسي في ميدان العمل والمعاقبة عليه ضمن قانون العمل‪ ،‬إال أنها أدركت ذلك واعتبرت أن‬
‫المستخدم أو رئيس‬ ‫التحرش الجنسي من األخطاء الجسيمة المتركبة ضد العامل من طر‬
‫المؤسسة‪ ،‬واعتبر أن مغادرة العاملة لعملها بسبب التحرش الجنسي في حالة ثبوت ارتكاب رب‬
‫العمل له بمثابة تسريح تعسفي وفق مقتضيات المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل‪ ،3‬ويتوجب بذلك تعويض‬
‫المتضررة بناءا على مقتضيات المادة ‪ 49‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫غير أنه وبالرغم من الخطوة التي خطاها المشرع لمغربي بالنص صراحة ضمن قانون العمل‬
‫على حماية العمال من التحرش الجنسي‪ ،‬واعتباره من األخطاء الجسيمة‪ ،‬التي تؤدي إلى الحق في‬
‫التعويض عن التسريح التعسفي‪.‬‬
‫إلى أن هذه الخطوة التشريعية لم تسلم من النقد‪ ،‬حيث اعتبر بعض الفقهاء أن الشكل الذي تم‬
‫النص به على التحرش طرح عدة إشكاليات قد تتحول إلى منحدرات خطيرة إذا لم يتداركها والقيام‬
‫بالتعديالت الالزمة‪.‬‬
‫التحرش الجنسي ولم يتم النص على كيفية إثباته‪ ،‬كما لم تنص مدونة‬ ‫حيث يغيب تعري‬
‫الشغل على عقوبات رادعة للتحرش الجنسي‪ ،‬كما أنها ألقت عبء إثبات واقعة التحرش الجنسي‬
‫على من يدعيه األمر الذي يمكن اعتباره شبه مستحيل بالنسبة للمتضرر خاصة بالنسبة لألطفال‬
‫العاملين‪.1‬‬
‫‪ - 2‬الحماية من التحرش الجنسي في القانون الجزائي‬
‫إذا كان ال تحرش يعتبر بداية لتحقيق رغبات ذات طبيعة جنسية‪ ،‬فإن هذا التحرش قد ينجم عنه‬
‫في بعض األحيان أن يبلغ حدًا يوجب إخضاعه لعقوبات جزائية‪ ،‬حيث يمكن للعاملة ضحية التحرش‬
‫الجنسي متابعة صاحب العمل عن الجريمة المرتكبة ضدها حماية لحقها في الكرامة‪.2‬‬
‫‪ - 1- 2‬المسؤولية المترتبة عن جريمة التحرش الجنسي المرتبط بالعمل‬
‫في استعمال السلطة‬ ‫أغلب التشريعات المقارنة ومن بينها التشريع الجزائري تعتمد التعس‬
‫كأساس لتحقق جريمة التحرش الجنسي‪ ،‬فال بد أن يكون القصد حظر المس بكرامة اإلنسان على‬

‫‪ 3‬النص الحرفي للمادة ‪ 41‬من مدونة الشغل المغربية جاء كاآلتي‪ " :‬يعد من بين األخطاء الجسيمة المرتكبة ضد األجير من طرف‬
‫المشغل أو رئيس المقاولة أو المؤسسة مايلي‪ .‬السب الفادح‪ ،‬استعمال أي نوع من أنواع العنف واالعتداء الموجه ضد األجير‪،‬‬
‫التحرش الجنسي‪ ،‬التحريض على الفساد‪ ،‬وتعتبر مغادرة األجير لشغله بسبب أحد األخطاء الواردة في هذه المادة في حالة ثبوت‬
‫ارتكاب المشغل إلحداها بمثابة فصل تعسفي"‪.‬‬
‫‪ 1‬احمد أجوييد‪ ،‬الموجز في شرح القانون الجنائي الخاص المغربي‪ ،‬جرائم االعتداء على األشخاص‪ ،‬ج‪ ،2‬مكتبة المعارف‬
‫الجامعية‪ ،9113-9112 ،‬ص ‪33.‬‬
‫‪ 2‬محمد بن حساين‪ ،‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11.‬‬

‫‪322‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫اعتبار أن األمر يتعلق بحق أساسي من حقوق االنسان‪ ،‬كما يتعلق األمر بحماية الحياة الخاصة‪،‬‬
‫ويتعلق بصحة العامل وسالمته المعنوية واألخالقية‪ ،‬ذلك أن األمر ال يرتبط إال بتجاوز المستخدم‬
‫أو كل شخص تخول له المهام الموكولة له نوع من السلطة لحدود سلطته داخل مكان العمل‪.3‬‬
‫هذه الجريمة إال في عالقة سلطة‪ ،‬فجريمة التحرش الجنسي ال‬ ‫ال يمكن تصور إمكانية اقترا‬
‫في استعمال السلطة أثناء ممارسة العمل‪ ،‬وفي هذا‬ ‫يمكن أن تتحقق إال وهي مرتبطة بالتعس‬
‫اإلطار يتفق القانون الجزائي الجزائري مع نظيره المغربي‪.‬‬
‫حيث نجد أن المشرع الجزائري ومن خالل المادة ‪ 349‬من ق‪.‬ع‪.‬ق يربط التحرش الجنسي‬
‫باستغالل السلطة أو المهنة ويعاقب عليه بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من ‪ 31111‬د‪.‬ج‬
‫إلى ‪911111‬د‪.‬ج‪ ،‬وهو ما تقره المادة ‪ 49-313‬من القانون الجنائي المغربي التي حددت السلوك‬
‫المعاقب عليه في جريمة التحرش الجنسي في قيام شخص مستغال السلطة التي تكسبها إياه مهامه‬
‫بمضايقة الغير قصد الحصول على خطوة ذات طبيعة جنسية عن طريق األوامر واإلكراهات‬
‫درهم والتي تعاقب عى هذه الجريمة بالحبس من سنة إلى سنتين‬ ‫والتهديدات إلى خمسين أل‬
‫درهم‪.‬‬ ‫وبالغرامة من خمسة اآلال‬
‫الواضح من هذه النصوص القانونية المذكورة أنها ال تفترض حالة التحرش الواقع من زميل‬
‫العمل أو أحد زبائن المؤسسة‪ ،‬وتجدر اإلشارة أن المشرع الفرنسي ومنذ تعديله لقانون العقوبات‬
‫بموجب قانون ‪ 2112/19/91‬لم يعد يشترط عالقة الرئيس بمرؤوس في حالة جريمة التحرش‬
‫الجنسي‪ ،‬حيث لم يلزم النص أن يكون الفاعل شخصا يستغل سلطة وظيفته‪ ،‬وتبعا لذلك يثبت الفعل‬
‫ولو صدر التحرش عن زميل في العمل‪ ،‬ومن أحد زبائن المؤسسة‪ ،‬أو المستخدم‪.1‬‬
‫ذهبت دول أخرى منها الواليات المتحدة األمريكية إلى حد اعتبار أن صاحب العمل مسؤوال‬
‫عماله ضد آخرين أو أخريات يعملن أيضا‬ ‫حتى عن التحرشات الجنسية التي تصدر من طر‬
‫ل حسابه‪ ،‬إذ قرر بعض قضاتها الدستوريين أن صاحب العمل يمكن أن يسأل مدنيا حينما يمارس أحد‬
‫أطره ضغوطات ذات طابع جنسي ضد إحدى العامالت سواء كان رب العمل على علم أم ال‬
‫تابعه دونما حاجة لتعرض العاملة لضرر ‪ -‬كرفض الترقية أو النقل‪ -‬إلثبات الوقائع التي‬ ‫بتصر‬
‫تعرضت لها‪ ،2‬كما أقر الفقه والقضاء الفرنسيين بأن صاحب العمل يعد مسؤوال عن التحرش‬

‫‪ 3‬سميرة كميلي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.233‬‬


‫‪ 4‬القانون رقم ‪ 24-13‬المتعلق بتغيير القانون الجنائي الصادرة بتنفيذ الظهيرالشريف رقم ‪ 9.13.211‬بتاريخ ‪ 99‬نوفمبر ‪،2113‬‬
‫ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 3913‬بتاريخ ‪ 13‬يناير ‪ ،2114‬ص ‪923.‬‬
‫‪ 1‬عادل عامر‪ ،‬مفهوم التحرش الجنسي في التشريعات المقارنة‪ ،‬بحث منشور على الموقع اآلتي‪،/http://almesryoon.com :‬‬
‫تاريخ االطالع‪2199/01/23 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Laurent ZECCHINI, Le harcèlement sexuel risque d’obséder un peu plus les entreprises Américaines, le‬‬
‫‪monde, Mardi 30 Juin 1998, n° 16616, cinquante-quatrième année, p1.‬‬

‫‪323‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الجنسي بالعامالت داخل المؤسسة‪ ،‬بحكم التزامه بضمان السالمة البدنية والمعنوية لعماله أثناء‬
‫العمل‪.3‬‬
‫‪ - 2- 2‬الحماية من تبعات التحرش الجنسي المرتبط بالعمل‬
‫يقصد بتبعات التحرش المرتبط بالعمل تل ك اآلثار المترتبة عن رفض الخضوع‪ ،‬أو رفض‬
‫من ورائها الفاعل الحصول على خطوة ذات طبيعة جنسية‪ ،‬ولم‬ ‫االستجابة للتصرفات التي يستهد‬
‫يتعرض المشرع الجزائري شأنه شأن باقي التشريعات العربية إلى هذه المسألة‪.‬‬
‫في حين أن المشرع الفرنسي كان األسبق في فرض حماية خاصة للعامالت قد يتعرضن‬
‫للتحرش الجنسي داخل أماكن العمل‪ ،4‬وامتداد هذه الحماية لكل شاهد وكل شخص له عالقة مع‬
‫األفعال‪ ،5‬وهو ما أخذ به مشروع قانون العمل الجزائري‪.‬‬
‫هذه التبعات كما أورها المشرع الفرنسي قد تكون لقرارات المستخدم أو غيره من ذوي‬
‫السلطة داخل المؤسسة تبعات على التشغيل أو األجر أو التكوين أو التعيين أو التأهيل أو الترقية‬
‫عقد العمل أو عقوبات تأديبية فرض‪ ،‬وهذا السرد الذي أورده‬ ‫المهنية أو النقل من العمل أو ووق‬
‫المشرع الفرنسي ليس سردا حصريا بدليل أن المشرع استعمل مصطلح "خاصة" حيث يمكن أن‬
‫تبعات أخرى قابلة للمس بحياة الضحية المهنية أو الشاهد‪.1‬‬
‫المشرع الفرنسي قد أقر لصالح األجير الضحية حماية خاصة تتمثل في عدم شرعية كل‬
‫تسريح عن العمل بارتباط مع أفعال التحرش الجنسي‪ ،‬مما يفيد بطالن كل تسرح لعاملة قبلت‬
‫أو رفضت قبول التحرش الجنسي بقوة القانون‪ ،‬وإرجاع األخيرة إلى عملها هي النتيجة الطبيعية‬
‫لهذا البطالن‪ ،‬وهو ما يميز حالة التسريح هاته عن غيرها من الحاالت التي تتم بدون سبب معقول‬
‫وحقيقي‪ ،‬كما أن العقوبات التأديبية المثارة بعالقة التحرش الجنسي في مواجهة العامل الضحية‬
‫أو الشهود يمكن أن يتم إبطالها كتغيير العمل أو التكوين‪.2‬‬
‫التشريع الفرنسي بإقراره لحالة استثنائية لبطالن التسريح يكون قد أعطى للضحية الحق في‬
‫طلب إرجاعه إلى عمله إلى القضاء‪ ،3‬و األمر في الواقع يبقى مجرد خيار للمستخدم‪ ،‬غير أن‬

‫‪ 3‬ألكثر تفاصيل حول هذه النقطة يمكن االطالع على الموقع التالي‪https://blog.osezvosdroits.com/wp- :‬‬
‫‪content/uploads/2015/07/Cass.-soc.-11-mars-2015-n%C2%B0-13-18603.pdf‬‬
‫تاريخ االطالع‪.2199/19/29 :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art L 1153-1, C.T.Fr.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Art L 1153-3, C.T.Fr.‬‬
‫‪ 1‬سميرة كميلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪231.‬‬
‫‪ 2‬سميرة كميلي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪3‬‬
‫‪COUTURIER )G(, Droit du travail, les relations individuelles de travail, P.U.F, 1994, p 252.‬‬

‫‪324‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الخطر الحقيقي الذي يمكن أن يهدد العاملة في مثل هذه الحالة هو لجوء المستخدم إلى إثارة أسباب‬
‫أخرى للتسريح وإخفاء السبب الحقيقي الذي هو التحرش‪.‬‬
‫ما يرجح قبول هذا الطرح أمام القضاء هو صعوبة اإلثبات الذي تواجهه العاملة الضحية‪ ،‬إال‬
‫أنه في قانون العمل تبقى قاعدة لها إمكانية توفير الحماية األخيرة‪ ،‬وهي قاعدة أن الشك يفسر‬
‫لصالح العاملة‪.4‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫ضمانات حماية الخاصة في مواجهة التكنولوجيا الحديثة‬
‫إذا كان من حق صاحب العمل أن يراقب نشاط عماله وتنفيذهم للعمل‪ ،‬فإن سلطته في ذلك‬
‫تأخذ أحيانا شكال غير مرئي مع ظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة وقدرتها على التقاط الصورة‬
‫والصوت‪ ،5‬مما يزيد من احتماالت تهديد الحياة الخاصة للعمال‪.‬‬
‫أمام هذا التنوع في التكونولوجيا الحديثة وما أفرزته من وسائل متعددة في المراقبة‪ ،‬يزداد‬
‫تهديد الحياة الخاصة للعامل مما دعا بالمشرعين الى التدخل بفرض نصوص قانونية آمرة لحظر‬
‫استخدام هذه الممارس ات في بعض األحوال‪ ،‬وتنظيم استخدامها في البعض اآلخر‪ ،‬بما يكفل حماية‬
‫هذا الحق وذلك من خالل تكريس العديد من الضمانات القانونية الكفيلة بمواجهة سلبيات ومخاطر‬
‫هذه الوسائل التي شاع استعمالها في أغلب المؤسسات‪.1‬‬
‫الفرع األول‬
‫ضمانات حماية الخاصة في مواجهة تكنولوجيا المراقبة‬
‫في سبيل مواجهة التهديدات التي يشكلها اعتماد تكنولوجيا المراقبة في ميدان العمل على الحياة‬
‫الخاصة للعامل‪ ،‬تم وضع بعض القيود و الشروط التي يجب على صاحب العمل احترامها عند‬
‫استخدام هذه الوسائل لرقابة عماله أثناء العمل لتوفير حماية وإضفاء ضمانات على حرمة الحياة‬
‫الخاصة للعامل‪.‬‬
‫على صاحب العمل احترام بمبدأ االمانة في عالقات العمل في إعالم العمال قبل الشروع في‬
‫استعمال أنظمة المراقبة التكولوجية‪ ،‬باإلضافة الى احترام النصوص القانونية وعدم اعتراضها على‬
‫هذه الرقابة‪ ،‬ومدى مشروعية ومصداقية الدليل المتحصل عليه من وسائل هذه المراقبة التكنولوجية‪.‬‬

‫‪, Le harcèlement sexuel en droit français, discrimination ou atteinte à liberté, J.C.P, Ed.G.(D)DEFOSSEW 4‬‬
‫‪1993,Ι. 3662.‬‬
‫‪ 5‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.911‬‬
‫‪ 1‬مرنيز فاطمة‪ ،‬حرمة الحق في الخصوصية للعامل في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة‪ ،‬مقال منشور بمجلة نظرة على القانون‬
‫االجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬العدد ‪ 13‬لسنة ‪ ،2193‬ص ‪.911‬‬

‫‪323‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أوال‪ :‬اإلعالم المسبق للعمال بوسائل المراقبة االلكترونية‬


‫من الضروري وضع إجراءات لتعزيز حماية الحياة الخاصة للعامل ضد التهديدات الناشئة عن‬
‫الوسائل التكنولوجية الحديثة‪ ،‬فلقد أصبحت المراقبة االلكترونية سواء باالعتماد على كاميرا الفيديو‬
‫أو بالتسجيل أو استخدام الميكروفونات وغيرها من النكنولوجيا من الممارسات المنظمة للكثير من‬
‫السهر على المراقبة الفعالة للعمال‪ ،‬وقياس مدى كفاءتهم في أداء العمل‪.‬‬ ‫الشركات‪ ،‬بهد‬
‫غير أنه إعماال لمبدأ األمانة في قانون العمل يلتزم صاحب العمل بإعالم عماله بالوسائل‬
‫التكنولوجية المستخدمة لمراقبتهم أثناء العمل قبل إعتماد نظام المراقبة االلكترونية داخل أماكن‬
‫العمل‪ ،2‬ويتحقق هذا األعالم بطرقتين مختلفتين أحدهما طريق غير مباشر والثاني طريق مباشر‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلعالم المباشر‬
‫المتعاقدين بصدق اتجاه بعضهم البعض‬ ‫يقضي مبدأ األمانة في عالقة العم ل أن يتصر‬
‫وبروح من التعاون‪ ،3‬وهذا يفرض على صاحب العمل بضرورة إعالم عماله مسبقا بالوسائل‬
‫التكنولوجية للمراقبة التي سيضعها في المؤسسة‪ ،‬وهذا ما تبناه المشرع الفرنسي في القانون رقم‬
‫‪ 9339-12‬الصادر في ‪ 91‬ديسمبر‪ 1332‬السابق الذكر‪.‬‬
‫كان للقضاء الفرنسي الفضل في تكريس هذه الضمانة القانونية‪ ،‬حيث أقر حق صاحب العمل‬
‫في استعمال الوسائل التكنولوجية في المراقبة في أماكن العمل شريطة إعالم العمال بذلك منذ قرار‬
‫‪1‬‬
‫)‪ (Neocell‬الذي أصدرته الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر‪9119‬‬
‫الذي قضى بعدم مشروعية أي هذه الوسائل كدليل إثبات في حالة عدم علم العمال بها‪.‬‬
‫رفض المحكمة الستخدام نظم المراقبة دون علم العمال في حكم آخر لها‪،‬‬ ‫كما تأكد موق‬
‫حينما قضت بأنه " إذا كان لصاحب العمل الحق في أن يراقب نشاط عماله أثناء وقت العمل‪ ،‬فإنه ال‬
‫يمكن له أن يضع وسيلة مراقبة لم يكن العمال على علم مسبق بها"‪.2‬‬
‫أكد المشرع الفرنسي من خالل قانون ‪ 9112‬على أن أي معلومة تتعلق بشخص العامل‬
‫أو المرشح للعمل ال يجوز جمعها بوسيلة لم يكن العامل أو المرشح للعمل على علم مسبق بها‪،3‬‬
‫كذلك األمر فيما يتعلق باستخدام لجهاز التحويل اآللي للمكالمات داخل المؤسسة‪.‬‬

‫‪ 2‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪105.‬‬


‫‪ 3‬بيو خالف‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪1‬‬
‫الملحق رقم ‪Cass.soc, 20 Nov.1991, N° de pourvoi: 88-43120, Bull,1991, R.J.S, 1/92, n°1. 13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 22 Mai.1995, R.J.S, 7/95, n° 757, p 501.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Art L 429-1 du C.T.fr .‬‬

‫‪329‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫نظرا ألن استخدام هذا الجهاز يسمح لصاحب العمل بتسجيل األرقام التي سبق طلبها‬
‫استرداد قيمة المكالمات‬ ‫وتاريخها وساعتها وتكلفة مكالمات كل جهاز تليفوني داخل المؤسسة بهد‬
‫الشخصية عند االقتضاء‪ ،‬فإن المسألة تغدو مختلفة إذ يتطلب األمر ضرورة إعالم العمال مسبقا‬
‫بوجود هذا الجهاز‪ ،‬وإال أصبح ما يسفر عنه من دليل في مواجهة العمال دليال غير مشروع‪.4‬‬
‫من وراء استخدام هذه‬ ‫ال بد على صاحب العمل إعالم عماله بوسيلة المراقبة وأيضا الهد‬
‫من‬ ‫الوسائل داخل المؤسسة‪ ،‬فال يتحقق شرط اإلعالم بالوسائل دون شرط اإلعالم بالغاية والهد‬
‫عن هذا الهد‬ ‫المعلن من استخدامها‪ ،‬وأي انحرا‬ ‫استعمالها‪ ،‬ذلك أن صاحب العمل مقيد بالهد‬
‫األخرى يجعل استخدامه لهذه الوسائل غير مشروع‪ ،‬وإخالالً لمبدأ األمانة في عالقات‬ ‫إلى أهدا‬
‫العمل‪.‬‬
‫المعلن عنها للعمال يفرغ نص المادة ‪2-921‬‬ ‫أخرى غير األهدا‬ ‫حيث أن القبول بأهدا‬
‫من مضومنها‪ ،‬ذلك أن المبدأ الوارد في النص يقتضي ضرورة تناسب الوسيلة مع‬ ‫من ق‪.‬ع‪.‬ق‪.‬‬
‫عن عدم أمانته‪ ،‬وهو ما‬ ‫لصاحب العمل في سلطته ويكش‬ ‫المعلن‪ ،5‬وأن ذلك يعتبر انحرا‬ ‫الهد‬
‫ورد في العديد من األحكام القضائية التي قضت بأن تسجيل المحادثات لكونه يتدخل في الحياة‬
‫الخاصة للعامل يشكل انحرافا من صاحب العمل في استعمال سلطته‪.1‬‬
‫‪ -2‬اإلعالم غير المباشر‬
‫إذا كان لصاحب العمل الحق في مراقبة نشاط عماله أثناء وقت العمل‪ ،‬فإنه ال يمكنه اإلعتماد‬
‫على وسائل رقابة لم يكن العمال على علم بها‪ ،‬ودون إخطار لجنة المؤسسة‪ ،‬واستشارتها وهو‬
‫األمر الذي يحقق بطريقة غير مباشرة إعالم العمال بقيام صاحب العمل باستخدام وسائل مراقبة‬
‫تكنولوجية‪.‬‬
‫كما قام التشريع الفرنسي بتحديد اختصاص لجنة المؤسسة في المسألة بداية مع قانون ‪22‬‬
‫أكتوبر‪ ،21322‬ثم تمَ توسيع اإلختصاص في ظل قانون ‪ 91‬ديسمبر ‪ ،31332‬حيث حرص القانون‬

‫‪ 4‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪213.‬‬


‫‪5‬‬
‫‪BOSSU (B), Nouvelles technologies…, op.cit, p 666.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪CA.Paris, 02 Nov.1995, R.J.S, 1/96, n°4.‬‬
‫‪ 2‬حيث تنص المادة ‪ Art L432-2‬من ق‪.‬ع‪.‬ف التي وردت بالقانون رقم ‪ 193/12‬في ‪ 9112/91/21‬على أن يتم إخطار لجنة‬
‫المؤسسة واستشارتها مسبقا بكل إجراء ينطوي على استخدام تكنولوجيا حديثة من شأنها أن تؤثر على الوظيفة أو الكفاءة المهنية‬
‫أو األجر أو شروط العمل‪ ،‬والنص الحرفي لهذه المادة كاآلتي‪:‬‬
‫‪Art L432-2 du C.T.fr : « Le comité d'entreprise est informé et consulté, préalablement à tout projet important‬‬
‫‪d'introduction de nouvelles technologies, lorsque celles-ci sont susceptibles d'avoir des conséquences sur‬‬
‫‪l'emploi, la qualification, la rémunération, la formation ou les conditions de travail du personnel. Les‬‬
‫‪membres du comité reçoivent, un mois avant la réunion, des éléments d'information sur ces projets et leurs‬‬
‫‪conséquences quant aux points mentionnés ci-dessus ».‬‬

‫‪321‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫األخير على تحقيق الوازن و التوفيق بين حقوق العمال وبين حق صاحب العمل في مراقبة تنفيذهم‬
‫للعمل‪.4‬‬
‫يعكس إخطار واستشارة لجنة المؤسسة مبدأ العالنية والوضوح في مجال استخدام التكنولوجيا‬
‫الحد يثة للمراقبة في المؤسسة‪ ،‬حيث يمكن لها التأكد من أن احتماالت االعتداء على الحقوق‬
‫المبتغى من استخدام هذه الوسائل‪.5‬‬ ‫األساسية للعمال له مبرراته ويتاسب مع الهد‬
‫غير أنه إذا لم يكن هناك عمال في المكان الذي سيتم تركيب أجهزة المراقبة به فالحاجة‬
‫إلستشارة لجنة المؤسسة‪ ،‬إذ ليس هناك اعتداء على حقوق العمال النعدام المراقبة المباشرة أو غير‬
‫المباشرة لنشاط العمال‪.‬‬
‫هذا ما تم اعتماده في قرار الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ ‪91‬‬
‫يناير ‪ ،2001‬حيث قضت بشرعية تسريح أحد السائقين العاملين في المؤسسة‪ ،‬بناءا على خطئه‬
‫الجسيم الذي ثبت من خالل تسجيل كاميرا المراقبة‪ ،‬أثناء سرقته لمخزن المؤسسة‪ ،‬رغم أن صاحب‬
‫المؤسسة لم يخطر لجنة العمال قبل استخدم نظام المراقبة‪ ،‬بحكم أن المخزن ال يتواجد به عمال‪.1‬‬
‫لعل أهم الضمانات التي منحها التشريع الفرنسي لمنع االعتداء على الحياة الخاصة للعامل‬
‫عند استعمال الوسائل التكنولوجية في المراقبة‪ ،‬إعطاء الممثل العمالي دورا في منع االعتداء ويبقى‬
‫إلى منع االعتداء قبل وقوعه‪.‬‬ ‫دور الممثل العمالي دور وقائي فقط يستهد‬
‫الوسائل التكنولوجية الحديثة تظهر في المؤسسة بصدد مراقبة العمال بدون علمهم‪ ،‬وتدخل‬
‫من خالل اقناع صاحب‬ ‫الممثل العمالي يسمح بانهاء هذا االعتداء‪ ،‬واتخاذ ما يلزم لعالج الموق‬
‫العمل بضرورة سحب الوسيلة المستخدة في المراقبة‪ ،‬أو سحب أدلة االثبات التي تحصل عليها من‬
‫خالل وسائل غير مشروعة في المراقبة‪.2‬‬

‫‪ 3‬هذا ما نصت عليه المادة‪ Art L 432-2-1‬من ق‪.‬ع‪.‬ف الواردة بالقانون رقم ‪ 9339-12‬الصادر في ‪ 9112/92/39‬التي رأت‬
‫ضرورة أن يتم إخطار لجنة المؤسسة استشارتها مسبقا عند اتخاذ قرار باستخدام وسائل أو تكنولوجيات تسمح بمراقبة العمال‪.‬‬
‫والنص الحرفي لهذه المادةة ورد كاآلتي‪:‬‬
‫‪Art L 432-2-1 du C.T.fr : «… Le comité d'entreprise est informé et consulté, préalablement à la décision de‬‬
‫‪mise en oeuvre dans l'entreprise, sur les moyens ou les techniques permettant un contrôle de l'activité des‬‬
‫‪salariés ».‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪911.‬‬
‫‪ 5‬صالح احمد دياب‪ ،‬نفس المرجع ا‪،‬ص ‪911.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Cass. Soc, 39 Janv2001, R.J.S, 4/10, N°405.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art L 422-1 du C.T.fr .‬‬

‫‪321‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫غير أنه ليس للمثل النق ابي دور في حماية العامل من االعتداء في حالة وقوع فليس له سلطة‬
‫بالغاء التسريح اذا اتخذه العامل بناءا على اعتداء مس الحقوق والحريات األساسية للعمال‪ ،3‬وهذا‬
‫كان رأي القضاء الفرنسي الذي أثار الكثير من الجدل الفقهي‪.4‬‬
‫ثانيا‪ :‬عدم تعارض وسائل المراقبة اإللكترونية مع النصوص القانونية‬
‫تتعدد وتتنوع المخاطر المهددة للحياة الخاصة للعامل وحرياته في إطار عالقة العمل بتعدد‬
‫وتنوع وسائل المراقبة المستخدمة من قبل صاحب العمل لمراقبة نشاط عماله‪ ،‬ولهذا كان للتشريع‬
‫الفرنسي دور بارز في مجال حماية حقوق وحريات العمال في ظل عالقة التبعية ورقابة صاحب‬
‫العمل‪ ،‬باصداره لعدة نصوص قانونية تنظم المراقبة االلكترونية في ميدان العمل‪.‬‬
‫ساهم التشريع الفرنسي في إضفاء الحماية على الحياة الخاصة للعامل في مواجهة مخاطر‬
‫التكنولوجية الحديثة‪ ،‬سواء من خالل نصوص قانون العمل أو نصوص القانون الجنائي‪ ،‬كما كان‬
‫للمشرع الفرنسي بادرة بأن قام بتحديد الحريات الشخصية للعامل التي يتوجب على صاحب العمل‬
‫أخذها في الحسبان عند وضعه النظام الداخلي للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ - 1‬الحماية المقررة بموجب نصوص قانون العمل‬
‫إن تركيب الوسائل التكنولوجية في المراقبة في أماكن العمل سواء كانت كاميرات مراقبة‬
‫أو أجهزة تنصت أو أجهزة تحويل المكالمات وغيرها‪ ،‬يعتبر إجراء جائز رغم مساسه بحريات‬
‫العمال‪ ،‬شرط احترام صاحب العمل لبعض الضوابط وإال اعتبر معتدِ على حريات وحقوق العمال‬
‫لديه‪ ،‬ومن أهم هذه الضوابط‪:‬‬
‫‪ - 1- 1‬مـبدأ الشفافـية‬
‫خطى المشرع الفرنسي خطوة هامة في مجال حماية حقوق وحريات العامل‪ ،‬في ظل عالقة‬
‫التبعية ورقابة صاحب العمل‪ ،‬محاوال التوفيق بين حق هذا األخير في رقابة حسن سير العمل‬
‫بمؤسسته‪ ،‬وبين حق العمال في المحافظة على حقوقهم واحترام حياتهم الخاصة‪.‬‬
‫مبدأ الشفافية‪ 1‬بشأن الطرق المستخدمة للتقييم المهني‬ ‫تضمنت المادة‪ L1121-1‬من ق‪.‬ع‪.‬‬
‫للعمال‪ ،2‬ويقتضي هذا المبدأ ضرورة إخطار صاحب العمل العمال عزمه استخدام وسائل تكنولوجية‬

‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 10 Déc.1997, Dr.soc, 1998, p 130.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪FFROUIN )J-Y(, La protection des droits de la personne et des libertés du salarié, cach.soc, B.P, France,‬‬
‫‪1998, n°99, p 131.‬‬
‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ارجع سابق‪ ،‬ص ‪.933‬‬
‫‪2‬‬
‫‪L121-1 du C.T.fr: « Le candidat à un emploi est expressément informé, préalablement à leur mise en‬‬
‫‪œuvre, des méthodes et technique d’aide au recrutement utilisés à son égard. Le salarié est informé de la‬‬
‫‪même manière des méthodes et techniques d’évaluation professionnelles mises en œuvre à son égard… ».‬‬

‫‪321‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫للمراقبة في أماكن العمل التي يتواجد بها العمال عادة ألداء عملهم‪ ،‬والتزامه بإعالم واستشارة لجنة‬
‫المؤسسة قبل استخدام هذه األجهزة في أماكن العمل‪.3‬‬
‫األمر الذي يتيح لممثل العمال إخطار صاحب العمل في حالة اإلستخدام غير المشروع للهذه‬
‫النظم‪ ،‬إضافة إلى إخطار صاحب العمل لجنة المعلوماتية والحريات ‪ CNIL‬بأنظمة المعالجة‬
‫المعلوماتية للبيانات ذات الطابع الشخصي‪.4‬‬
‫وعليه فإن فقيام العامل بأداء ال عمل‪ ،‬ال يعني تنازله عن حقه في حياته الخاصة‪ ،‬بل يحتفظ‬
‫ببعض الجوانب منها‪ ،‬التي تبقى مالزمة له حتى داخل المؤسسة‪ ،‬وأثناء وقت العمل‪ ،‬فيحتفظ بحريته‬
‫في الكالم وقد يفضي إلى اآلخرين ممن معه ببعض الخصوصيات المتعلقة بحياته الخاصة‪ ،‬فال‬
‫يجوز تسجيله أو مراقبتها دون علمه‪.5‬‬
‫أما في مجال سلطة صاحب العمل في مراقبة اتصاالت ومراسالت العامل‪ ،‬أو استعماله لشبكة‬
‫األنترنت‪ ،‬أوالبريد االلكتروني له‪ ،‬أو غير ذلك من األشكال التي استحدثتها التكنولوجيا‪ ،6‬فإنه يجب‬
‫على صاحب العمل إخطار العامل بوجود وسيلة لمراقبة اتصاالته ورسائله‪ ،‬كما أنه ال ينبغي أن‬
‫تنصب الرقابة إال على العناصر الضرورية الالزمة إلجراء الراقبة‪ ،‬كمدة زيارة المواقع‪ ،‬وأكثر‬
‫المواقع التي زارها العامل وليس على مضمون الرسائل أو المواقع‪.1‬‬
‫يلجأ بعض أصحاب األعمال قصد وضع حد الستخدام العمال لشبكة األنترنت في العمل‬
‫ألغراض شخصي ة إلى إدراج بعض الشروط وإصدار الئحة داخلية؛ تتضمن قواعد تنظيم أو حظر‬
‫استخدام شبكة األنترنت‪ ،‬ويشترط في تلك الالئحة أن يكون هدفها حماية األمن والنظام داخل‬
‫المؤسسة طبقا للمادة ‪ L122-39‬من ق‪.‬ع‪. .‬‬
‫فضال عن ذلك يلتزم صاحب العامل قبل إصدار هذه الالئحة باستشارة لجنة المؤسسة‪،‬‬
‫وعرضها على مفتش العمل لمراجعتها والتأكد من عدم مساسها بحقوق العمال وحرياتهم طبقا للمادة‬
‫‪ L122-35‬من ق‪.‬ع‪ ، .‬وفي حالة وجود نزاع فإنها تخضع لرقابة القضاء‪.‬‬
‫أصدرت اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات‪ ،‬مجموعة من التوصيات للتوفيق بين سلطة‬
‫صاحب العمل في وضع هذه القواعد وبين رغبة صاحب العمل في تصفح مواقع الشبكة أو اإلطالع‬

‫‪ 3‬انظر المادة ‪ 9-2-432‬من قانون العمل الفرنسي‪.‬‬


‫‪ 4‬قانون ‪ 9111/19/19‬المعدل بالقانون الصادر في ‪ 2114/11/19‬المتعلق بالمعلوماتية والحريات‪.‬‬
‫‪ 5‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪911.‬‬
‫‪ 6‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬الحق في الخصوصية ومسؤولية الصحفي‪ ،‬الطب عة األولى‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،2111 ،‬ص‬
‫‪.991‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Rapport CNIL, « La cybersurveillanse sur les lieux de travaille », Mars 2004, disponible sur‬‬
‫تاريخ ‪site:http://www.cnil.fr/fileadmin/documents/approfondir/rapports/Rcybersurveillance-2004-VD.pdf‬‬
‫اإلطالع ‪: 2194/13/91‬‬

‫‪331‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫على رسائلهم اإللكترونية‪ ،‬حيث أوصت أصحاب العمل بالسماح للعمال بالدخول إلى مواقع الشبكة‬
‫تحت إشرافه‪ ،‬شريطة أن ال يؤدي ذلك إلى التأثير على اإلنتاجية أو زيادة نفقات اإلنتاج‪.2‬‬
‫يفتقد التشريع الجزائري لمثل هذا النصوص ضمن قانون عالقات العمل‪ ،‬ولكن النظام الداخلي‬
‫للمؤسسة باعتباره مصدرا من المصادر المهنية لقانون العمل‪ ،‬قد يتضمن من مثل هذه النظم شريطة‬
‫بها قانونا للعمال‪ ،‬سواء بمقتضى نصوص قانونية‬ ‫أو يلغي الحقوق واالمتيازات المعتر‬ ‫أال يخال‬
‫أو تنظيمية أو اتفاقية جماعية وفقا لما تنص عليه المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪.99/11‬‬
‫إن الحريات الخاصة المتعلقة بشخص العامل واسعة ال يمكن حصرها‪ ،‬وعلى سبيل االستدالل‬
‫حاول المشرع الفرنسي تحديد بعض هذه الحريات بموجب تعليمة‪ ،3‬ومن المستحسن للتشريع‬
‫‪4‬‬
‫صاحب العمل في الحد من الحريات الشخصية‬ ‫الجزائري أ ن يأخذ بهذه المبادرة لكي ال يتعس‬
‫عند اعتماده على الوسائل التكنولوجية في المراقبة داخل أماكن العمل‪.‬‬
‫‪ - 2- 1‬مـبدأ المالئمـة‬
‫المنشود‪ ،‬فال بد من مراعاة‬ ‫يقصد بهذا المبدأ التناسب بين الوسيلة المستعملة وبين الهد‬
‫المراد تحقيقه من خاللها‪،‬‬ ‫صاحب العمل لمبدأ المالئمة بين وضع هذه الوسيلة في المراقبة والهد‬
‫و كذا طبيعة المهام الموكل للعمال تحت الرقابة وطبيعة قطاع العمل‪.‬‬
‫هذا ما أقره التشريع الفرنسي بموجب المادة ‪ 2-921‬من قانون العمل التي تقضي بضرورة‬
‫المعلن‪ ،‬كما ينص قانون العمل الفرنسي في المادة ‪ L1-1120‬على أنه‬ ‫تناسب الوسيلة مع الهد‬
‫ال يجوز تقليص الحقوق والحريات الفردية أو الجماعية إال إذا كانت مبررة بطبيعة المهام الموكلة‬
‫المراد تحقيقه‪.1‬‬ ‫إليهم ومتالئمة مع الهد‬
‫بحق صاحب العمل في مراقبة عماله من خالل كاميرات‬ ‫القضاء الفرنسي بدوره يعتر‬
‫المراقبة‪ ،‬حال وجود أسباب موضوعية تدعو لذلك‪ ،‬مع التأكد من ضرورة أن تتوافر لهذه الوسيلة‬

‫‪ 2‬بيو خالف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬


‫‪3‬‬
‫‪La circulaire d’application est la circulaire DRT n° 93/10 du 15 mars 1993 intitulée : « application des‬‬
‫‪dispositions‬‬ ‫‪relatives‬‬ ‫‪au‬‬ ‫‪recrutement‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪aux‬‬ ‫‪libertés‬‬ ‫‪individuelles ».‬‬ ‫‪site‬‬ ‫‪internet :‬‬
‫‪http://www.laloupiote.net/Cours/social2/Rapports/circulaire_15_mars_1993.pdf.‬‬
‫‪.‬تاريخ اإلطالع ‪2194/13/91‬‬
‫‪4‬‬
‫مرنيز فاطة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Art L 1121-1 du Code du travail - Libertés individuelles dans l’entreprise : « Nul ne peut apporter aux droits‬‬
‫‪des personnes et aux libertés individuelles et collectives de restrictions qui ne seraient pas justifiées par la‬‬
‫‪nature de la tâche à accomplir ni proportionnées au but recherché ». Entré en vigueur le 1er mai 2008 en‬‬
‫‪application de la loi n° 2008-67 du 21 janvier 2008 ratifiant l'ordonnance n° 2007-329 du 12 mars 2007‬‬
‫‪relative au Code du travail.‬‬

‫‪339‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المعايير األساسية‪ ،‬من حيث مراعاتها لمبدأ المالئمة‪ ،2‬كما هو الحال في تأمين سالمة المؤسسة‬
‫ومنع السرقات‪ ،‬مع وجوب إعالم العمال بوجود هذه المراقبة مسبقا‪.3‬‬
‫يتم التحقق من توفر مبدأ المالئمة من خالل إستشارة لجنة المؤسسة‪ ،‬قبل إعمال نظام‬
‫المراقبة‪ ،‬وترى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات بهذا الصدد أن المناقشة الجماعية بين صاحب‬
‫العمل وأعضاء لجنة المؤسسة يشكل جوهر هذا المبدأ‪ ،‬فالعالقة غير متكافئة بين صاحب العمل‬
‫وعماله؛ وفقا لطبيعة عقد العمل ورابطة التبعية‪ ،‬ال تحقق مبدأ المالئمة والتناسب ولو تم إعفاء‬
‫صاحب العمل من شرط إخطار ممثلي العمال‪ ،‬لتمكن من تجال قواعد قانون العمل‪.4‬‬
‫وتطوير العمل‬ ‫تجدر اإلشارة في هذا الصدد ذكر قانون ‪ 9112/92/39‬المتعلق بالتوظي‬
‫لبعض الوق ت وتأمين البطالة‪ ،‬الذي يعود له الفضل في إقرار المباديء الحامية للعمال في مواجهة‬
‫استخدام التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬والتي أدخلت إلى صلب قانون العمل الفرنسي‪ ،5‬فال شك أن المبادىء‬
‫التي أتى بها قانون ‪ 9112‬تشكل ضمانة أساسية للعمال في مواجهة المراقبة من خالل الوسائل‬
‫التكنولوجية الحديثة‪.‬‬
‫ذكرت التعليمة الوزاري الصادر في ‪ 93‬مارس ‪ 9113‬أنه وبموجب المادة ‪ 2-921‬من‬
‫خاصة تبرر ذلك‪،‬‬ ‫قانون العمل الفرنسي‪ ،‬ال يمكن اللجوء لوسائل المراقبة إال حينما توجد ظرو‬
‫وعلى ذلك فإن الحياة الخاصة للعامل وحقوقه الشخصية ال يمكن المساس بها أو وضع قيود عليها‬
‫به العامل وبالقدر المناسب لتحقيق الهد ‪.1‬‬ ‫إال إذا اقتضت طبيعة العمل المكل‬
‫أما عن التشريع الجزائري‪ ،‬فالمالحظ أن قانون العمل حتى ولو لم يتضمن من النصوص ما‬
‫يعد مواجهة مباشرة لمخاطر مراقبة العمال عن طريق كاميرات المراقبة والتي يكمن أن تنال من‬
‫خصوصية العامل‪ ،‬فإن النصوص التي تتضمن حماية الحياة الخاصة للعامل بصفة عامة يمكن من‬
‫خاللها مواجهة مثل هذه المخاطر‪.‬‬
‫القانون المدني الجزائري أيضا في المادة ‪ 41‬يحمي الحقوق اللصيقة بالشخصية‪ ،‬التي تعتبر‬
‫الحياة الخاصة أحد أهم عناصرها‪ ،‬إلى جانب القواعد العامة لتنفيذ العقد كمبدأ حسن النية والذي‬
‫يمكن اإلستناد اليه لاللتزام صاحب العمل الشفافية واإلعالم المسبق للعمال عند اللجوء لتقنية‬

‫‪ 2‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.941‬‬


‫‪3‬‬
‫‪LEFEBVRE (S), Nouvelles technologies et protection de la vie privée en milieu de travail en‬‬
‫‪France et ou Québec, presses universitaires d’Aix-Marseille,France, 1998, p 94 ets.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Rapport CNIL, Mars 2004, p 17-18.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au développement du travail à temps partiel‬‬
‫‪et à l'assurance chômage, J.O, 01/01/1993.‬‬
‫‪ 1‬صالح محمد احمد دياب ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪332‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المراقبة بالكاميرا‪ 2‬داخل مكان العمل كما نص عليه التشريع الفرنسي‪ ،‬إضافة إلى القواعد العامة في‬
‫في استعمال الحق التي يمكن أن تكون أساسا لمبدأ المالئمة الذي قرره قانون العمل‬ ‫مجال التعس‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -2‬الحماية المقررة بموجب النصوص الجزائية‬
‫كان من األنسب أن نستعرض في إيجاز النصوص القانونية المعمول بها وذات الصلة‬
‫بموضوعنا لنحدد منها ما يتضمن حماية للعامل في خصوص المراقبة عبر هذه الوسائل التكنولوجية‬
‫الحديثة على مستوى القانون الجزائي‪ ،‬حيث أصبحت تشكل تهديدا النتهاك الحياة الخاصة للعامل‪،‬‬
‫وذلك باعتبار أن هذه التكنولوجيا قد تمس بصورة العامل أو بسرية اتصاالته أو بحرمة مراسالته‪.‬‬
‫‪ - 1- 2‬حماية صورة العامل في مواجهة تكنولوجيا المراقبة‬
‫قد يشكل اعتماد نظام المراقبة التكنولوجية في مكان العمل اعتداءا على الحياة الخاصة للعامل‬
‫من خالل اإلعتداء على صورته وهيئته‪ ،‬باعتبار أن الصورة تعد مظهرا من مظاهر الحق في‬
‫الحياة الخاصة‪.3‬‬
‫في صدد الحماية الجنائية للحق في الصورة نجد التشريع الفرنسي نص في قانون العقوبات‬
‫على جنحتي تسجيل األشخاص بواسطة الكاميرات بدون رخصة وتحويل الصور الملتقطة عن‬
‫أهدافها‪ ،‬وقد جاء النص على هاتين الجنحتين في المادة ‪ IV-10‬من القانون الفرنسي الصادر في‬
‫‪ 9113/19/29‬المتضمن التوجيه والبرمجة في الميدان األمني‪.‬‬
‫فيما يتعلق بجنحة التسجيل عن طريق كاميرا المراقبة‪ ،‬يعاقب القانون فيها على عدم الحصول‬
‫على رخصة إدارية مسبقة قبل اإلقدام على كل تسجيل بواسطة هذه الوسيلة‪ ،‬وتتطلب هذه الرخصة‬
‫اتخاذ إحتياطات معينة يجب احترامها‪.‬‬
‫كان‪ ،‬وفي أي مكان‬ ‫أياً كان‪ ،‬وفي أي ظر‬ ‫حيث يمنع إجراء عمليات المراقبة من طر‬
‫كان‪ ،‬كما يجب اتخاذ تدابير االعالم المسبق بوجود تقنية التسجيل بواسطة كاميرا المراقبة‪ ،‬حيث‬
‫يجوز للشخص المعني اإلطالع على هذه الصور التي تخصه وإمكانية اإلحتجاج عليها أمام المحاكم‬
‫للدفاع عن حياته الخاصة‪.1‬‬

‫‪ 2‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.933‬‬


‫‪ 3‬جعفر محمود المغربي‪ ،‬حسين شاكر عساف‪ ،‬المسؤولية المدنية عن االعتداء على الحق في الصورة بواسطة الهاتف المحمول‪.‬‬
‫دار الثقافة‪ ،‬المملكة األردنية‪ ،2191 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 1‬نويري عبد العزيز‪ ،‬الحماية الجزائية للحياة الخاصة‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫جامعة باتنة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2199-2191‬ص ‪.219-211‬‬

‫‪333‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫فيما تتولى الجنحة الثانية الواردة في المادة ‪ IV-10‬من نفس القانون من ردع واقعة تحويل‬
‫المخصصة لها‪ ،‬إذ يمكن أن يقع استعمال تعسفي لتلك الصور المسجلة بواسطة‬ ‫الصور عن األهدا‬
‫كاميرات المراقبة‪.‬‬
‫سار الفقه نحو نفس االتجاه واعتبر أن مجرد التقاط صورة العامل بغير علمه يشكل اعتداء‬
‫على حميمية حياة الخاصة‪ ،‬ذلك أن المراقبة من خالل كاميرا الفيديو بطريقة غير ملحوظة تسمح‬
‫برصد أقل تحرك من قبل العامل‪ ،‬أقل تغيير لوجهه‪ ،‬على نحو تلغي معه أي مساحة من‬
‫الخصوصية‪ ،2‬أكثر من ذلك فإن المراقبة من خالل كاميرا الفيديو والمالحقة المستمرة من خاللها‬
‫لتصرفات العامل وتحركاته يثير لديه مشاعر انعدام الثقة والحقوق‪ ،‬واإلحساس بالضغط النفسي‬
‫المستمر عليه‪.3‬‬
‫التشريع الجزائري جرَم أيضا التقاط أو نقل صورة الغير في مكان خاص وذلك باستخدام‬
‫جهاز أيا كان نوعه في المادة ‪ 311‬مكرر‪ ،‬حيث نصت على أنه "يعاقب بالحبس مدة ال تزيد عن‬
‫سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن‪ ...‬التقط أو نقل بجهاز من األجهزة أيا كان‬
‫نوعه صورة الشخص في مكان خاص"‪ ،‬وبهذا يكون المشرع قد بسط حماية أكبر وأوسع للحياة‬
‫الخاصة لألفراد تشمل حتى العمال‪.‬‬
‫في القانون المصري‪ ،‬استلهم المشرع نص المادة ‪ 391‬من قانون العقوبات الفرنسي القديم‬
‫إلى قانون العقوبات نصا جديدا هو نص المادة ‪ 311‬مكرر بمقتضاها جرم المشرع‬ ‫وأضا‬
‫المصري االعتداء على حرمة الحياة الخاصة من خالل االلتقاط والنقل بجهاز أيا كان نوعه لصورة‬
‫شخص في مكان خاص‪ ،‬وذلك في غير األحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضا المجني عليه‪.‬‬
‫يالحظ أنه إذا كانت الجريمة وفقا للنصوص السابقة ال تقوم إال إذا التقطت الصورة لشخص‬
‫في مكان خاص‪ ،‬فقد سبق لنا وأن رأينا بأن كل من القضاء والفقه الفرنسي يعتبر مكان العمل مكانا‬
‫خاصا حيث ال يمكن الدخول إليه بدون إذن صاحب العمل‪.1‬‬
‫يستثنى من ذلك بعض أم اكن العمل المفتوحة للجمهور‪ ،‬حيث في هذا المجال يجب التفرقة بين‬
‫المكان المخصص للبيع للجمهو كالمحالت فهو ال يعتبر مكان خاص‪ ،‬وبين غيره مما ال يسمح‬
‫للجمهور بدخوله دون إذن مثل المكاتب والمخازن‪ ،‬فهي أماكن خاصة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪CHIREZ (A) et BOUGHANNI-PAPI (P), Vidéosurveillence, droit à l’image et vie des salariés, Bulletin‬‬
‫‪social Français, Lefebvre 1994, n°14, p 569 et s.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CADOUX (L), Vidéosurveillence et protection de la vie privée et libertés fondamentales, Rapport présenté‬‬
‫‪devant la CNIL, le 30/11/1993, p 12.‬‬
‫‪ 1‬ألكثر تفاصيل الرجوع إلى الباب األول‪ ،‬الفصل األول‪ ،‬المبحث األول‪ ،‬المطلب الثاني‪ ،‬الفرع األول المعنون بعناصر الحياة‬
‫الخاصة المتفق عليها‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪334‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫نفس االتجاه سار عليه الفقه العربي الذي اعتبر أن معيار الحماية هو ضرورة وجود المجني‬
‫عليه في مكان خاص ال يسمح بــدخوله إال بإذن‪ ،2‬وهـذا المفـهوم هـو الذي يعـطي صفة‬
‫حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬هذه الصفة ال نجدها في المكان العام المفتوح للكافة‪. 3‬‬
‫تجدر االشارة أن كال التشريعين الجنائيين الجزائري والمصري سايرا التشريع الجنائي‬
‫الفرنسي القديم في اشتراطه التقاط الصورة في المكان الخاص كمبرر النتهاك الحياة الخاصة من‬
‫خالل المادة ‪ ، L391‬لكن الغريب في األمر أن هذه التشريعات لم تواكب التعديالت التي أدخلها‬
‫المشرع الفرنسي من خالل تعديليه لهذه المادة وإحالل مكانها المادة ‪ L226-1‬التي استغنت عن‬
‫شرط المكان الخاص‪.‬‬
‫‪ - 2- 2‬حماية سرية اتصاالت العامل في مواجهة تكنولوجيا المراقبة‬
‫التنصت التلفوني بشكل عام تحضره القوانين وال تجيزه إال في نطاق محدود وألسباب قوية‬
‫وبإذن من القاضي المختص وما ينطبق على االتصال التليفوني يمكن أن ينسحب على االتصاالت‬
‫عموما‪ ،‬وما يطبق على سرية المراسالت ينطبق على الرسائل االلكترونية‪.4‬‬
‫من أهم الضمانات التي جاء بها التشريع الفرنسي لحماية سرية االتصاالت‪ ،‬إصداره للقانون‬
‫الذي يحضر االتصاالت والتجسس عليها‪ ،‬حيث تحظر‬ ‫‪1‬‬
‫رقم ‪ 949-19‬بتاريخ ‪ 91‬جويلية ‪9119‬‬
‫المادة ‪ 23‬منه على أي شخص كان تركيب أجهزة أو معدات بغرض التنصت أو اعتراض‬
‫أو تحويل أو استعمال أو إذاعة االتصاالت التليفونية‪.‬‬
‫يعتبر المشرع الفرنسي المحضورات الواردة في المادة ‪ 23‬من القانون المذكور أعاله‬
‫بمثابة جرائم طالما توافر لها القصد‪ ،‬كما أن المادة ‪ L186-1‬من قانون العقوبات الفرنسي تجرم‬
‫التجسس على االتصاالت التليفونية على النحو الوارد في المادة ‪ 23‬من القانون السابق الذكر‪.‬‬
‫تم التأكيد على حرمة سرية االتصاالت في قانون العقوبات الفرنسي أيضا بموجب نص‬
‫المادة ‪ L226-1‬التي تعتبر قيام صاحب العمل بتسجيل أقوال العامل مساسا بحياته الخاصة‪ ،‬والتي‬
‫تشترط في األقوال التي يتم تسجيلها أن تتصل بألفة الحياة الخالصة‪ ،2‬كما اشترط ضرورة توفر‬
‫القصد الجنائي‪.‬‬

‫‪ 2‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات الخاص‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،9114،‬ص ‪ ،114‬أيضا ممدوح خليل بحر‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،41‬وعصام أحمد البهجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪911.‬‬
‫‪ 3‬انظر صافية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.921‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Loi n° 91-686 du 10 Juillet 1991, J.O.13 Juillet 1991, p 9167.‬‬
‫‪ 2‬القضاء الفرنسي وسع مفهوم ألفة الحياة الخاصة فجعلها تمتد الى الحياة العاطفية والزوجية والعائلية‪ ،‬والحالة الصحية‪ ،‬وأيضا‬
‫األراء والمعتقدات‪..‬الخ‪ ،‬انظر‪ :‬ابراهيم عيد نايل‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،2000 ،‬ص‪.60‬‬

‫‪333‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫هذا ما أخذ به القضاء الفرنسي حين قضى بأن صاحب العمل الذي يضع وسيلة خفية اللتقاط‬
‫المحادثات التليفونية لعمال ي كون بالضرورة قد قصد تسمع أحاديث تتصل بألفة الحياة الخاصة‪،3‬‬
‫منذ صدور قانون ‪ 91‬جويلية ‪ 9111‬المتعلق بالحياة الخاصة أصبح القضاء الفرنسي يعطي أولوية‬
‫لحماية الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬فقد أدان في معظم الحاالت كل التسجيالت السرية ألقوال العامل‬
‫التي صدرت عنه أثناء وقت العمل أو في مكانه استنادًا إلى النصوص الجزائية‪ 4‬والمدنية‪ 5‬التي‬
‫تكفل هذه الحماية‪.‬‬
‫أكثر النصوص اعتمادا كان المادة ‪ L226-1‬من قانون العقوبات الفرنسي التي تعاقب على‬
‫كل اعتداء على حرمة الحياة الخاصة بأي تنصت كان أو تسجيل أو نقل أقوال أو أحاديث صدرت‬
‫عن شخص في مكان خاص بأي جهاز كان ودون رضاه‪.‬‬
‫كانت تشترط أن تتم‬ ‫سبق الذكر عند دراسة الحق في الصورة أن المادة ‪ L391‬ق‪.‬ع‪.‬ق‪.‬‬
‫كال من جريمة التقاط الصورة أو التنصت في المكان الخاص‪ ،‬وكان القضاء الفرنسي يعتبر المكان‬
‫الخاص الذي تقصده المادة السابقة هو المكان الذي ال يمكن ألحد دخوله إال بإذن شاغله‪.1‬‬
‫لكن الوضع تغير بعد تعديل المادة ‪ L391‬من ق‪.‬ع‪.‬ق‪ ، .‬إذ حلت محلها المادة الجديدة وهي‬
‫المادة ‪ L226-1‬التي لم تعد تشترط المكان الخاص كشرط لتحقق الجريمة‪ ،‬وبناءا عليها‬
‫تعتبراالتصاالت سرية رغم إجرائها في مكان عام وتحضى بحماية القانون‪.‬‬
‫بدوره التشريع العقابي الجزائري يحظر التجسس على الغير بأية وسيلة كانت‪ ،‬وذلك بنص‬
‫المادة ‪ 313‬مكرر الفقرة األولى على أنه‪" :‬يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة‬
‫من ‪31.111‬د‪.‬ج إلى ‪ 311.111‬د‪.‬ج كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة لألشخاص بأية‬
‫تقنية كانت وذلك بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية‪ ،‬بغير إذن صاحبها‬
‫أو رضاه"‪ ،‬ويشترط لقيام هذه الجنحة توافر شروط معينة لعل أهمها هو نية المساس بالحياة الخاصة‬
‫للضحية‪.2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪BADINTER (R), Le droit et l’écoute électronique en droit français, publication, Faculté de droit et sciences‬‬
‫تاريخ االطالع‪politique et économiques d’Amiens, 1971-1972, p 21, https://www.u-picardie.fr.2199/12/91 :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art l226- 1 du C.pén.fr.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Art 9 du C.civ.fr.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪C.A, Besanson, 05 Juin 1978, j, 457, Note R.LINDON.‬‬
‫هذا ما ذهب إليه الفقه المصري اعتبر مكان العمل مكان الخاص‪ ،‬وعرف المكان الخاص على أنه "المكان المغلق الذي ال يمكن أن‬
‫تنفذ إليه نظرات الماس من الخارج أو أن يلجأ إلليه الغير إال بإذن من صاحبه"‪ ،‬تعريف محمود عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪911.‬‬
‫انظر أيضا مصطفي عبد الحميد العدوي‪ ،‬الخصوصية في مكان العمل‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪ ،991-991‬حيث يرى أن "المكان‬
‫الخاص هو الذي ال يجوز لغير شخص أو أشخاص معينين دخوله أو اإلطالع على ما يجري بداخله إال بإذن من له الحق في‬
‫استعماله أو االنتفاع به"‪.‬‬
‫‪ 2‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬

‫‪339‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 3- 2‬حماية مراسالت العامل في مواجهة تكنولوجيا المراقبة‬


‫التشريعات المقارنة بالحماية المدنية لحرمة المراسالت وسريتها‪ ،‬باعتبارها عنصرا‬ ‫لم تكت‬
‫من عناصر الحياة الخاصة‪ ،‬وإنما عمدت إلى جانب ذلك بالتوسع في نطاق تجريم انتهاك سرية‬
‫المراسالت وحرمتها آخذا في االعتبار المستجدات التكونولوجية‪.‬‬
‫الواقع بمقارنة النصوص الفرنسية في مجال كفالة سرية المراسالت وصون حرمتها بما ورد‬
‫في التشريع الجزائري في هذا الصدد‪ ،‬يظهر بجالء اتساع نطاق الحماية الجزائية المقررة بمقتضى‬
‫القانون الفرنسي‪ ،‬الذي يجرم األفعال التي تتعلق بفتح الرسائل أو محوها أو تأخيرها‪ ،‬أو اإلطالع‬
‫عليها‪ ،‬متى تم ذل ك عن قصد‪ ،‬ويقرر عقوبات رادعة لمرتكيبيها تشمل السجن والغرامة معا‪ ،3‬وقد‬
‫أراد المشرع الفرنسي بذلك حرمة الرسائل التي يتم إرسالها أو تلقيها عبر وسائل التكنولوجيا‬
‫الحديثة بما يشمل بطبيعة الحال الرسائل اإللكترونية‪.1‬‬
‫أخذ المشرع الفرنسي في االعتبار الوسائل التكنولوجية الحديثة المتمثلة في وسائل االتصال‬
‫عن بعد ومنها االتصال أو التراسل االلكتروني‪ ،‬فالرسائل المرسلة أو المتلقاة بهذه الوسائل يكفل‬
‫المشرع سريتها‪ ،‬ويعاقب جنائيا كل من يرتكب عن قصد فعل التقاط لها‪ ،‬أو تحويرها أو إفشاء‬
‫محتواها‪ ،‬أو استخدامها‪ ،‬وذلك في غير الحاالت المصرح بها قانونا‪.2‬‬
‫الواقع أنه إذا كان من مقتضى سرية المراسالت في مجال عالقة العمل عدم جواز انتهاك‬
‫صاحب العمل لسرية المراسالت الخاصة بالعامل‪ ،‬فال شك أن إعمال هذا المبدأ في مجال‬
‫المراسالت في شكلها التقليدي ال يثير إشكال وذلك إلمكان التحقق من طابعها بسهولة‪ ،‬فإن‬
‫الصعوبات الحقيقية بشأن مبدأ سرية المراسالت الخاصة بالعامل تبدو بوضوح بالنسبة للرسائل‬
‫االلكترونية‪ ،‬أي تلك الرسائل المتلقاة عبر أجهزة الكومبيوتر‪ ،‬ومن خالل البريد االلكتروني‪ ،‬والتي‬
‫أصبحت الوسيلة األساسية لإلتصال داخل المؤسسات‪ ،‬فاإلشكالية األساسية التي تحيط بإعمال مبدأ‬
‫سرية المراسالت االلكترونية من قبل العامل عبر البريد االلكتروني لما يوضع تحت تصرفه من‬
‫أجهزة تكنولوجيا حديثة‪.‬‬
‫القضاء الفرنسي كان سباقا في فرض حماية مراسالت العامل داخل أماكن العمل‪ ،‬وهذا ما‬
‫تجسد في العديد من القرارات القضائية‪ ،‬من بينها القرار الصادر عن محكمة النقض الفرنسية‬

‫‪ 3‬انظر المواد ‪ 226-15 ،226-1‬من قانون العقوبات الفرنسي الجديد‪ ،‬وكذلك المادة األولى من قانون سرية المراسالت التي تتم‬
‫من خالل وسائل االتصاالت االلكترونية الصادر في ‪ 9119/11/91‬والمعدل والمتمم بالقانون الصادر في ‪.2114/11/11‬‬

‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬


‫‪2‬‬
‫‪FORTIS (E), Vie personnelle, vie professionnelle et responsabilités pénales, Dr. Soc, 2004, p 41.‬‬

‫‪331‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بتاريخ ‪ 92‬أكتوبر‪ ،3 2114‬حيث قضت فيه حق العامل في احترام حياته الخاصة حتى في وقت‬
‫ومكان العمل‪ ،‬وأنه ينبغي على وجه الخصوص احترام سرية مراسالته‪ ،‬وأن صاحب العمل ال‬
‫يمكن بالتالي انتهاك هذه الحرية األساسية بقراءة الرسائل الشخصية التي بعث بها العامل أو استقبلها‬
‫من خالل جهاز الكمبيوتر المتاحة له في عمله‪ ،‬وهذا حتى وإن كان صاحب العمل قد حظر‬
‫االستخدام غير مهني ألجهزة العمل‪.‬‬
‫من خالل المقارنة مع التشريع الفرنسي‪ ،‬نالحظ أنَ المشرع الجزائري لم يأخذ باالعتبار‬
‫ال وسائل التكنولوجيا الحديثة عن تجريمه لألفعال المشكلة للجرائم الماسة بحرمة سرية المراسالت‪،‬‬
‫وبالرغم من أن قانون العقوبات نص على حماية حرمة المراسالت باعتبارها عنصر من عناصر‬
‫الحياة الخاصة‪.‬‬
‫إال أنه لم يتطرق إلى الوسائل االلكترونية للمراسالت‪ ،‬وهذا ما يتضح من خالل نص في‬
‫المادة ‪ 909‬المستحدثة بالقانون رقم ‪ 29-00‬بتاريخ ‪ 20‬ديسمبر ‪ ،2000‬إذ تقضي بأن " كل من‬
‫رسائل أو مراسالت موجهة إلى الغير وذلك بسوء نية وفي غير الحاالت المنصوص‬ ‫يفض أو يتل‬
‫عليها في المادة ‪ 192‬يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وبغرامة من ‪ 25.000‬دج إلى‬
‫‪100.000‬دج أو بإحدى هاتين العقوبتين"‪.‬‬
‫في حين نجد أن الفقرة الثانية من المادة ‪ L226-15‬من قانون العقوبات الفرنسي تنص على‬
‫أنه‪... " :‬يعاقب بالعقوبة نفسها عملية اعتراض ‪-‬بسوء نية‪ -‬أو اختالس أو إفشاء سر االتصاالت‬
‫المسلة أو المسلمة أو التي تصل عن طريق وضع أجهزة مخصصة لمثل هذا االعتراضات"‪.1‬‬
‫هذه الفقرة تتعلق بالمراسالت الالسلكية طبقا للما ورد في المادة ‪ 92‬من قانون البريد‬
‫الفرنسي‪ ،‬التي تعدد كل المراسالت المعروفة حاليا سواء بالفاكس أو بالمينتال أو عن طريق شبكة‬
‫االنترنت‪ ،‬إلى غاية أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال‪.2‬‬
‫‪ - 3‬الحماية المقررة بموجب نصوص خاصة‬
‫إن االتجاه متزايد لدى أصحاب األعمال نحو تزويد مؤسساتهم بالتقنيات التكنولوجية الحديثة‬
‫مراقبة األداء الفردي المهني للعامل‪ ،‬وإما بقصد الوقاية من السرقات‬ ‫للمراقبة‪ ،‬وذلك إما بهد‬

‫‪3‬‬
‫‪ .12 octobre 2004, N° de pourvoi : 02-40392, Bull 2004 V N° 245 p. 226‬الملحق رقم ‪12‬‬ ‫‪Cass.soc,‬‬
‫‪ 1‬النص الكامل للمادة ‪ 93-229‬من قانون العمل الفرنسي‪:‬‬
‫‪Art 226-15 : « Le fait, commis de mauvaise foi, d'ouvrir, de supprimer, de retarder ou de détourner des‬‬
‫‪correspondances arrivées ou non à destination et adressées à des tiers, ou d'en prendre frauduleusement‬‬
‫‪connaissance, est puni d'un an d'emprisonnement et de 45000 euros d'amende. Est puni des mêmes peines le‬‬
‫‪fait, commis de mauvaise foi, d'intercepter, de détourner, d'utiliser ou de divulguer des correspondances‬‬
‫‪émises, transmises ou reçues par la voie des télécommunications ou de procéder à l'installation d'appareils‬‬
‫‪conçus pour réaliser de telles interceptions ».‬‬
‫‪ 2‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪319.‬‬

‫‪331‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫والمخالفات األخرى التي ترتكب تجاه أدوات العمل‪ ،‬وإما لتحقيق اعتبارات األمن والسالمة بصفة‬
‫عامة‪ ،‬وهذا ما دعانا إلى التطرق إلى النصوص القانونية الخاصة بالمعلوماتية من جهة والمنظمة‬
‫عند أهم الضمانات الكفيلة بحماية حق العامل في حياته‬ ‫ألجهزة المراقبة من جهة ثانية للوقو‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫‪ - 1- 3‬الحماية المقررة بموجب قانون المعلوماتية‬
‫تطرق المشرع الجزائري من خالل قانون الوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال ومكافحته‪ 3‬إلى حماية الحياة الخاصة في المادة الرابعة منه المتعلقة بالحاالت التي يتم‬
‫اللجوء فيها إلى المراقبة اإللكترونية‪ ،‬في الفصل الخاص باإلتصاالت اإللكترونية‪ ،‬غير أنه لم يدرج‬
‫ضمن هذه الحاالت إمكانية لجوء صاحب العمل إلى مثل هذه الوسائل‪ ،‬كما لم يتطرق إلى شروط‬
‫اإلتصاالت اإللكترونية‬ ‫استعمال هذه األجهزة‪ ،‬كما لم يأتي على ذكر كاميرات المراقبة‪ ،‬حيث عر‬
‫موضوع الوقاية في المادة األولى على أنها أي تراسل أو استقبال عالمات أو اشارات أو كتابات‬
‫أو صور أو أصوات أو معلومات مختلفة بواسطة أي وسيلة إلكترونية‪.‬‬
‫من خالل المقارنة مع التشريع الفرنسي‪ ،‬نرى أنه لم يتولنى عن حماية الحق في الحياة‬
‫الخاصة عبر وضع العديد من القوانين المختلفة‪ ،‬لعل أهمها قانون ‪ 19‬جانفي ‪ 9111‬المتعلق‬
‫بالمعلوماتية والحريات‪ ،5‬حيث تطرق إلى إلى نظم الكاميرات‪ ،‬والتي تشمل ثالث تقنيات‪ ،‬األولى‬
‫هي تقنية المراقبة التلفيزيونية التناظرية‪ ،‬أما الثانية فتتمثل في تقنية المراقبة التلفيزيونية التناظرية‬
‫مع إجراء تسجيل للصور والمشاهد‪ ،‬بينما تتمثل الثالثة في تقنية المراقبة التلفيزيونية الرقمية‪.2‬‬
‫نظام عملها‪ ،‬فإذا تم اللجوء إلى الطريقة األولى‬ ‫الحماية القانونية هنا باختال‬ ‫وبهذا تختل‬
‫التي تعتمد على الموجات التناظرية‪ ،‬دون اللجوء إلى المعالجة المعلوماتية للصورة؛ بمعنى التصوير‬
‫اآلني فقط دون تسجيل أو حفظ‪ ،‬فإنه هذه الحالة ال تنطوي على أية تسجيالت للصورة‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫تشكل أي مساس يهدد الحياة الخاصة‪ ،‬ومن ثم ال تتوفر أي حماية قانونية لهذا النوع من التصوير‪.3‬‬
‫أما إذا تم اللجوء إلى نظام المراقبة التلفيزيونة التناظرية مع تسجيل وتخزين الصور والمشاهد‬
‫دون التعديل فيها‪ ،‬حيث أن هذا النظام يقتصر فقط على التسجيل والتخزين‪ ،‬فإن اللجنة الوطنية‬
‫للمعلوماتية والحريات تعتبر أن الصورة المسجلة يمكن أن تتشابه مع الملفات غير اآلنية للبيانات‬

‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 14-11‬المؤرخ في ‪ 13‬أوت ‪ 2111‬المتعلق بالوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحته‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 41‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬أوت ‪.2111‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés, Modifié par Loi‬‬
‫‪n°2004-801 du 6 août 2004 - Art. 1 JORF 7 août 2004.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪939.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ gabriel BENESTY, Le clair-obscur du contrôle de la vidéosurveillance, https://blogavocat.fr.‬تاريخ اإلطالع‪:‬‬
‫‪.2199./12/91‬‬

‫‪331‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫اإلسمية ال تطبق عليها القوانين الموضوعية لقانون المعلوماتية والحريات‪ ،‬وإنما تطبق عليها قواعد‬
‫الحماية القانونية التي ينص عليها قانون العقوبات‪.4‬‬
‫أما عند استخدام نظام المراقبة الرقمية‪ ،‬وباعتبار أن هذا النظام يسمح باستدعاء معلومات عن‬
‫الصورة ومعالجتها آليا‪ ،‬ويمكن من خالل المعالجة التركيب أو التعديل أو اإلضافة‪ ،‬وهذا ما يقتضيه‬
‫نظام التقننية الرقمية للمراقبة‪ ،‬ولهذا يرى الفقه الفرنسي أن نصوص القانون الخاص بالنظام‬
‫المعلوماتي تنطبق أحكامه تمام بشأنه‪ ،‬باعتبار أن الصور أصبحت كأنها بيانات إسمية في نظام آلي‪،‬‬
‫وبالتالي ينبغي عند إعمال هذا النظام اتباع اإلجراءات المتعلقة بالبيانات اإلسمية‪ ،‬ذلك أن النظام‬
‫الرقمي يملك القدرة على تخزين الصوت والصورة معا ومعالجتها بواسطة الحاسب اآللي‪. 5‬‬

‫‪ - 2- 3‬الحماية المقررة بموجب قانون المراقبة‬


‫تتعلق باألمن‬ ‫استخدامات الكاميرات التلفيزيونية بغية إما المراقبة أو الحماية ألهدا‬
‫وفق القانون بين أهدافها من‬ ‫والسالمة‪ ،‬وكثر معها الحد يث عن حماية حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬فكي‬
‫جهة وبين حماية الحياة الخاصة من جهة ثانية؟‬
‫اختلفت حماية الحياة الخاصة في مواجهة تكنولوجية المراقبة من دولة إلى أخرى‪ ،‬في الجزائر‬
‫تم سنة ‪ 2015‬إصدار نص قانوني خاص باستعمال هذه التكنولوجيا‪ ،‬وهو للمرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ 221-93‬المؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪ 2193‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة‬
‫بواسطة الفيديو‪ ،1‬حيث تطرق عند تحديد األماكن المعنية بالمراقبة عن طريق كاميرا الفيديو إلى‬
‫إمكانية تركيب كاميرات فيديو في الطرق المؤدية إلى المؤسسات االقتصادية الكبرى دون غيرها‪،‬‬
‫ولم يتطرق إلى إعمال هذه المراقبة داخل المؤسسات ذاتها‪.‬‬
‫أما بخصوص تنفيذ هذه المراقبة فقد نص هذا المرسوم على أن المراقبة بواسطة الفيديو تتم‬
‫بواسطة وسائل المؤسسة االقتصادية‪ ،‬وبشأن شروط إعمال هذه الكاميرات أكدت المادة السابعة من‬
‫نفس المرسوم على أن تنصيب كاميرات المراقبة لتصوير الطريق العام من أجل حماية ضواحي‬
‫موقع المؤسسة االقتصادية‪ ،‬األمر الذي يتطلب رخصة إدارية يسلمها والي الوالية‪.‬‬
‫أما التشريع الفرنسي فقد فرق بين كاميرات المراقبة وكاميرات الحماية من خالل القانون‬
‫الصادر في ‪ 19‬جانفي ‪ 9111‬المتعلق بالمعلوماتية والحريات المعدل سنة ‪ ،2114‬ويقصد بكاميرات‬
‫الحماية تللك الموجودة على الطرق العامة واألماكن المفتوحة للجمهور‪ ،‬في حين أن المشرع‬

‫‪4‬‬
‫‪Art 226.C.pén.fr .‬‬
‫‪du Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 94 5 Art‬‬
‫‪ 1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 221-93‬المؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪ 2193‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة‬
‫بواسطة الفيديو‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،43‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬أوت ‪.2193‬‬

‫‪341‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الجزائري لم يوضح من خالل المرسوم الجديد رقم ‪ 221-93‬أيَ من النوعين اعتمد‪ ،‬حيث أنه من‬
‫خالل النظ ر إلى عنوان المرسوم نجده يتضمن مصطلح المراقبة‪ ،‬بينما إذا اطلعنا على مواده ذات‬
‫الصلة بالموضوع يتضح أنها قصدت تركيب هذه الكاميرات في الطرق المؤدية إلى المؤسسات‬
‫اإلقتصادية الكبرى‪ ،‬والمعنى األقرب إلى الفهم أن المشرع الجزائري قصد كاميرات الحماية ال‬
‫المراقبة‪.‬‬
‫المشرع الفرنسي كانا سباثا في معالجة هذا الموضوع ‪ ،‬حيث أصدر قانونا خاص بالمراقبة‬
‫التلفيزيونية منذ سنة ‪ ،9113‬بموجب القانون رقم ‪ 13-13‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬جانفي ‪9113‬‬
‫والمعدل سنة ‪ ،62199‬حيث فرق هذا القانون بين تركيب هذه األجهزة في األماكن العامة واألماكن‬
‫الخا صة‪ ،‬كما ميز بين كاميرات الحماية وكاميرات المراقبة‪ ،‬وبذلك قلص مهام اللجنة الوطنية‬
‫للمعلوماتية والحريات‪ ،‬حيث أصبحت ال تتعدى التسجيالت البصرية لكاميرات المراقبة المزودة‬
‫بالخدمة الرقمية والتي يمكن من خاللها معرفة الشخص بطرقة مباشرة أو غير مباشرة‪،‬‬
‫من هنا ي تضح أن حماية الحياة الخاصة والحريات العامة أصبحت بالتناوب بين اللجنة الوطنية‬
‫للمعلوماتية ووزارة الداخلية‪ ،‬ممثلة في اللجنة الوالئية‪ ،‬فإذا كان طلب المعني يستوجب معه وجود‬
‫كاميرات رقمية لحماية األماكن الخاصة وكذا للمراقبة شأن المؤسسات اإلقتصادية‪ ،‬هنا يحال الطلب‬
‫إلى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات هذه األخيرة تمارس الرقابة على هذا النظام‪.‬‬
‫إلى حفظ النظام‬ ‫أما دور اللجنة الوالئية فإنها تتولى إعمال نظم كاميرات الحماية والتي تهد‬
‫العام وأألمن الوطني‪ ،‬والتي تكون في األماكن العامة والمفتوحة للجمهور‪ ،‬حيث أن تركيب هذا‬
‫النوع من الكاميرات يجب أن يكون برخصة من قبل رئيس المحافظة‪ ،‬وهي سلطة حصرية له مع‬
‫تجديدها كل خمس سنوات‪ ،‬والرخصة هي التي تحدد نوع التقنية الواجب استعمالها‪.‬‬
‫من أجل إعمال هذه الكاميرات بغض النظر عن هدفها‪ ،‬أقر التشريع الفرنسي من خالل قانون‬
‫حماية الحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬من‬ ‫الذكر مجموعة من الضمانات بهد‬ ‫‪ 13-13‬الس ال‬
‫بين هذه الضمانات‪:‬‬
‫‪ -‬يجب على اللجنة الوطنية إصدار دليل في متناول المعنيين بالمراقبة‪ ،‬يعلق في األماكن‬
‫المرجوة من تركيب هذا النوع من الكاميرات‪،‬‬ ‫المخصصة لهم‪ ،‬ويتضمن األهدا‬
‫واألماكن الخاضعة لها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪Loi n° 95-73 du 21 janvier 1995 d'orientation et de programmation relative à la sécurité, JORF n°0020‬‬
‫‪du 24 janvier 1995.‬‬

‫‪349‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -‬تحديد وسيلة اتصال‪ ،‬وذلك عن طريق تحديد هيئة يلجأ إليها كل شخص يهمه الحصول‬
‫على معلومات تخص تقنيات المراقبة‪.‬‬
‫‪ -‬حق كل شخص تم تصويره أن يطلب من المسؤول عن نظام المراقبة محو صورته‬
‫أو طمسها وعدم اإلحتفاظ بها لمدة تزيد عن شهر‪.‬‬
‫‪ -‬لكل ذي مصلحة أن يخطر اللجنة اإلقليمية بالمعوقات والصعوبات الناشئة عن إعمال‬
‫نظام المراقبة‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة أن هذا القانون ال يعتبر التصوير بكاميرات الحماية معلومة إسمية‪ ،‬إال إذا كان‬
‫يشكل ملفا أو سجال إسميا‪ ،‬ويرى الفقه أنه ال ينطبق عليه قانون المعلوماتية والحريات‪ ،‬ومن ثمة‬
‫فال يشترط عند تثبيت هذه الكاميرات القيام بإخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫ضمانات حماية الخاصة في مواجهة تكنولوجيا المعلوماتية‬
‫قطع المشرع الفرنسي شوطا كبيرا في مجال حماية الحياة الخاصة لألفراد عموما‪ ،‬والعمال‬
‫على وجه الخصوص‪ ،‬فمع ظهور الحاسب اآللي وما يتمتع به من قدرة فائقة في تخزين وتسجيل‬
‫وعرض المعلومات والعتعامل معها ومعالجتها آليا قام المشرع الفرنسي بإصدار قانون العلوماتية‬
‫والحريات‪ ،‬وإنشاء اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات )‪ (CNIL‬كسند للحماية واستلزام ضرورة‬
‫الحصول على موافقتها عند لجوء المؤسسة إلى الملفات اآللية ومعالجتها بمعرفة الحاسب اآللي‪.1‬‬
‫هذا وحيث تكاد تنعدم أحكام خاصة في التشريع الجزائري بشأن حماية المعلومات االسمية‬
‫نتناول في هذا الموضع من‬ ‫باستثناء النصوص المستحدثة مؤخرا في قانون العقوبات‪ ،‬فإننا سو‬
‫البحث إ لى دراسة في التشريع الفرنسي ومقارنته ببعض التشريعات العربية المقارنة‪ ،‬حيث أن‬
‫المشرع الفرنسي جاء بعدة ضمانات عند جمع المعلومات السمية واستخدامها أو االطالع عليها‬
‫أو نقلها‪ ،‬إلى جانب ضمانات أخرى متعلقة بالمعالجة اآللية لها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ضمانات جمع المعلومات االسمية باستخدام تكنولوجيا المعلوماتية‬
‫إن التوسع في استخدام األنظمة التكنولوجية الحديثة في ميدان العمل كان مصدر تساؤالت‬
‫عدة في فرنسا بشان انعكاساتها على المعلومات اإلسمية والتي يطلق عليها اآلن البيانات ذات الطابع‬
‫الشخصي )‪.(donnés à carectére personnel‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LEFEBVRE (S), op.cit,p 103.‬‬
‫‪ 1‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.919‬‬

‫‪342‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حيث يقع على عاتق صاحب العمل التزام بحماية المعلومات الشخصية لعماله باعتبارها امتداد‬
‫لحياتهم الخاصة‪ ،‬من خالل تأمين سريتها‪ ،‬وإضفاء شفافية على التعامل بها من خالل عدة ضمانات‬
‫قانونية تشمل االلتزام بجمع المعلومات الضرورة عن العامل‪ ،‬وحظر تجميع المعلومات ذات الطابع‬
‫العرقي أو الديني‪.‬‬
‫‪ - 1‬االلتزام بجمع المعلومات الضرورية عن العامل‬
‫المعلومات أو البيانات ذات الطابع الشخصي بكونها البيانات التي يمكن عن طريقها‬ ‫تعر‬
‫االستدالل على هوية شخص ما سواء كانت صرحت تلك البيانات بهوية ذلك الشخص‪ ،‬أو احتوت‬
‫في مجموعها على بيانات يمكن عن طريق معالجتها تحديد هوية الشخص‪.‬‬
‫يتجه بعض الفقه إلى تعريفها على أنها المعلومات التي تسمح بشكل مباشر أو غير مباشر‬
‫عليه أيا كان شكلها أو خصائصها وسواء كانت رقمية أم حرفية‪،‬‬ ‫بتحديد الشخص الطبيعي والتعر‬
‫يمكن قراءتها أو رؤيتها أم كانت شفرة‪ ،‬و سواء كانت في شكل صورة ثابتة أم متحركة أو في شكل‬
‫نبرة صوت‪.1‬‬
‫أولت التشريعات الدولية المختلفة اهتماما كبيرا بحماية حق األفراد بصفة عامة والعمال بصفة‬
‫خاصة في الحياة الخاصة نظرا إلعتماد أنماط الحياة المعاصرة بإطراد على البنى التكنولوجية في‬
‫أوجه اإلدارة واإلتصال‪ ،‬ما نتج عنه تعاظما كبيرا في كمية البيانات التي تحوذها المؤسسات‬ ‫مختل‬
‫العامة والخاصة‪.‬‬
‫ما استدعى أن ينظر المشرع بوجه العناية إلى الكيفية التي يتم بها جمع وحفظ ومعالجة‬
‫البيانات التي يمكن أن تحتوي على معلومات خاصة بالعمال‪ ،‬وما قد ينتج عن اساءة استخدامها من‬
‫انتهالك لخصوصيتهم‪ ،‬وذلك في ظل فراغ تشريعي جزائري يضمن الحياة الخاصة في مواجهة‬
‫تكنولوجيا المعلوماتية‪.‬‬
‫في سبيل ضمان حرمة الحياة الخاصة من جمع البيانات الشخصية للعمال أصدر التشريع‬
‫الفرنسي عدة نصوص قانونية مكرسة لهذه الحماية‪ ،‬أبرزها القانون رقم ‪ 91/11‬المؤرخ في ‪19‬‬
‫جانفي‪9111‬المعدل‪ ، 2‬المتعلق بالمعلوماتية والملفات والحريات في المادة األولى منه على أن‬
‫"المعلوماتية يجب أن تكون في خدمة المواطنين وال يجب أن تحمل أي اعتداء على شخصية‬

‫‪1‬‬
‫‪LEFEBVRE (S(, op.cit, p 176.‬‬
‫‪ 2‬تم تعديل هذا القانون عدة مرات‪ ،‬أهم تعديل له كان بموجب القانون المذكور أدناه ‪:‬‬
‫‪Loi n° 2014-344 du 17 mars 2014, Journal officiel du 18 mars 2014.‬‬
‫المتاح على الموقع االتي‪ https://www.cnil.fr/fr/loi-78-17-du-6-janvier-1978-modifiee :‬تاريخ اإلطالع‪.2199./12/91 :‬‬

‫‪343‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أو حقوق االنسان أو الحياة الخاصة أو الحريات الفردية أو العامة"‪ ،‬والتوجيهة األوروبية رقم‬
‫‪ 49/13‬الصادر في ‪ 9113‬المتعلق بحماية البيانات الشخصية‪.3‬‬
‫ليس من الضروري أن تتعلق المعلومة بسرية اليحاة الخاصة‪ ،‬فعناصر األنشطة العامة يمكن‬
‫أن تدخل في إطار الحماية القانونية وفقا لمفهوم المعلومات االسمية الوارد في قانون ‪ ،49111‬وال‬
‫ينبغي أن تمس المعلومات بالكرامة االنسانية أوبحقوق االنسان أوبالحياة الخاصة‪ ،‬ويكون للشخص‬
‫بالتالي الحق في الدخول إلى هذه المعلومات‪ ،‬والحق في اإلطالع عليها‪ ،‬وتصحيحها إذا كانت غير‬
‫صحيحة أو ناقصة ومحوها إذا كانت محظورة‪.5‬‬
‫يشترط التشريع الفرنسي أن يتم جمع المعلومات الضرورية عن العامل والالزمة لتحقيق‬
‫والغاية المعلن عنها في اإلخطار المقدم إلى لجنة المعلوماتية والحريات (‪ ،)CNIL‬كما‬ ‫الهد‬
‫تشترط التوجيهة األوروبية بالنسبة للبيانات الشخصية أن تكون متناسبة ومرتبطة بالغايات التي‬
‫جمعت من أجلها وإال تكون متجاوزة للغايات‪.‬‬
‫كما يشترط أيضا إخطار الشخص وإعالمه بوجود هذه المعلومات ‪ ،‬وإخطاره بحقه في‬
‫الدخول إلى المعلومات وحقه في تصحيح ما هو ناقص أو غامض أو غير صحيح منها‪ ،‬مع‬
‫ضرورة إعالم الشخص المعني بمدى حقه في الرد على األسئلة إجباري أواختياري‪ ،‬والنتيجة‬
‫المترتبة على عدم الرد على أحد األسئلة‪.1‬‬
‫من بين الضمانات الواردة في مجال المعلوماتية مبدأ الشفافية والوضوح فيما يتعلق بمضمون‬
‫بالغاية‬ ‫ونوعية المعلومات التي يتضمنها‪ ،‬ومجموع العمليات التي تتعلق به‪ ،‬وحظر اإلنحرا‬ ‫المل‬
‫المعلنة من جمع أو معالجة هذه المعلومات‪.2‬‬
‫كان لبعض الدول العربية تجارب في حماية البيانات الشخصية‪ ،‬من بينها تونس التي أصدرت‬
‫قانون رقم ‪ 93‬لسنة ‪ 2114‬الخاص بحماية المعطيات الشخصية‪ ،3‬وبموجبه تحظر جمع البيانات‬
‫الشخصية إال ألغراض مشروعة ومحددة وواضحة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Directive 95/46/CE du Parlement européen et du Conseil, du 24 octobre 1995, relative à la protection des‬‬
‫‪personnes physiques à l'égard du traitement des données à caractère personnel et à la libre circulation de ces‬‬
‫‪données.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art 3 de la loi 6 Janvier 1987.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Art 6 de la Directive 90/46 CE.‬‬
‫‪ 1‬ترى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات بفرنسا أن الشخص المسؤول عن الملفات ملزم بإخطار الشخص المعني في حالة جمع‬
‫معلومات اسمية تتعلق بالشخص المعني ولو تم عن طريق الغير حتى يتمكن هذا األخير من ممارسة حقه في االعتراض على‬
‫المعلومات المتعلقة به‪ ،‬انظر صالح محمد احمد دياب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪913.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Art L 226-21 du C.pén.fr .‬‬
‫‪ 3‬القانون األساسي رقم ‪ 93‬المؤرخ في ‪ 21‬جانفي ‪ ، 2114‬المتعلق بحماية المعطيات الشخصية‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد ‪ ،21‬الصادر‬
‫في ‪2114.‬‬

‫‪344‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫اشترط هذا القانون وجوب أخذ موافة الشخص المعني باألمر‪ ،‬وأناط القانون إلى الهيئة‬
‫الوطنية لحماية المعطيات الشخصية منح تصاريح الحصول على البيانات‪ ،‬كما اشترط هذا القانون‬
‫أن تكون البينات المجمعة لتحقيق مصلحة حيوية للشخص المعني باألمر أو ألغراض علمية ثابتة‪.‬‬
‫من جهتها المغرب أصدرت قانون حماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات‬
‫الطابع الشخصي سنة ‪ ،2111‬وضع هذا القانون إجراءات للحفاظ على سرية المعطيات الشخصة‪،‬‬
‫وأوجب القيام باجراءات تقنية وتنظيمية مالئمة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من االتال‬
‫أو اإلذاعة‪.4‬‬

‫‪ - 2‬حظر جمع المعلومات ذات الطابع الخاص‬


‫يحظر التشريع الفرنسي من خالل نص المادة ‪ 1‬من قانون ‪ 9111‬المتعلق بالمعلوماتية‬
‫والملفات والحريات المعدل سنة ‪ 2114‬جمع أو معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي تظهر‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬األصل العرقي‪ ،‬أو اآلراء السياسية أو الفلسفية أو الدينية‪ ،‬أو االنتماء‬
‫النقابي للشخص أو تتعلق بحالته الصحية أو حياته الجنسية‪.‬‬
‫هذا الحظر ترد عليه عدة استثناءات أوردتها المادة ‪ 1‬المشارة إليها‪ ،‬والتي تبررها بالغاية من‬
‫المعالجة بعض البيانات التي يرد عليها الحظر كقاعدة عامة‪ ،‬هذا االستثناءات تشمل حالة الرضا‬
‫الصريح من قبل صاحب الش أن بتجميع البيانات أو معالجة البيانات المتعلقة به‪ ،‬المعالجات التي تقوم‬
‫إلى تحقيق ربح وذات الطابع الديني والفلسفي والسياسي‬ ‫بها الجمعيات أو الجهات التي ال تهد‬
‫والنقابي‪.‬‬
‫كما تشمل المعالجات الواردة على بيانات ذات طابع شخصي أصبحت عامة بمعرفة الشخص‬
‫المتعلقة به ذاته‪ ،‬المعالجة الضرورية العتبارات طبية‪ ،‬المعالجات اإلحصائية‪ ،‬المعالجات‬
‫الضرورية ألغراض األبحاث التي تتم في المجال الصحي‪ ،‬وأخيرا فإنه ال يخضع لحظر تجميع‬
‫ومعالجة البيانات ذات الطابع الشخصي التي أوردتها المادة ‪ 1‬المشار إليها‪ ،‬التي تقتضي فيها‬
‫ضرورات المصلحة العامة القيام بمثل هذا التجميع والمعالجة لهذه البيانات‪.1‬‬

‫‪ 4‬ظهير شريف رقم ‪ 9.11.13‬الصادر في ‪ 91‬فبراير ‪ 2111‬لتنفيذ القانون رقم ‪ 11.11‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه‬
‫معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪.‬‬
‫‪ 1‬تجدر اإلشارة أن المادة ‪ 91-229‬من قانون العقوبات الفرنسي الجديد تعاقب في غير األحوال المصرح بها قانونا‪ ،‬بالسجن ‪3‬‬
‫سنوات وغرامة ‪ 311‬ألف يورو‪ ،‬على القيام بالوضع بالوضع أو الحفظ في ذاكرة معلوماتية دون رضا صريح من الشخص‬
‫المعني بيانات ذات طابع شخصي‪ ،‬تظهر مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬أصوله العرقية‪ ،‬أو اآلرائه السياسية أو الفلسفية أو الدينية‪،‬‬
‫أوانتمائه النقابي أو تتعلق بحالته الصحية أو توجهاته الجنسية‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫من خالل اإلطالع على ما ورد في نص المادة ‪ 1‬السابقة الذكر‪ ،‬يتبين أنه ليس من ضمن‬
‫االستثناءات ما يخص عالقة العمل في ذاتها‪ ،‬ولذلك يتعين على صاحب العمل عند إجراء المراقبة‬
‫على عماله باستعماله للوسائل التكنولوجية الحديثة التقيد بمبدأ الحظر‪.2‬‬
‫ذلك أنه وإذا كانت المادة ‪ 1‬قد استثنت من الحظر الذي أوردته حالة وجود اعتبارات تتعلق‬
‫بالمصلحة العامة تبرر إجراء تجميع البيانات ذات الطابع الشخصي ومعالجتها آليا دون الحصول‬
‫على الرضاء الصريح من قبل الشخص ال معني‪ ،‬فمن الصعب اإلدعاء بأن مراقبة العامل يشكل‬
‫اعتبارا تبرره المصلحة العامة‪.‬‬
‫يتضح إذا كان المشرع الفرنسي قد تدخل لوضع نظام يكفل حماية البيانات التي تتعلق‬
‫بالشخص‪ ،‬مما يعني حماية الحياة الخاصة له‪ ،‬متى كانت هذه البيانات تناولت مفردات حياته هذه‪،3‬‬
‫فإن ال تكنولوجيا الحديثة في مظاهرها المختلفة وحين استخدامها كأداة لمراقبة العامل وتقييم أدائه‬
‫تبدوا عصية ألن تخضع لبعض أحكام هذه الحماية‪ ،‬حيث أظهرت هذه التكنولوجيا الحديثة وبالنظر‬
‫إلى تقنياتها عدم مالئمة بعض أحكام الحماية التي كفلها المشرع‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضمانات حماية المعلومات االسمية في مواجهة المعالجة اآللية لها‬
‫ال تستغني المؤسسات عند مراقبة العمال عن إجراءا المعالجات اآللية للمعلومات المتعلقة‬
‫بنشاطها وعمالها‪ ،‬ويقصد بهذه المعالجة اآللية للمعلومات جميع العمليات التي تتم بوسائل آلية‬
‫وتتعلق بجمع أو تسجيل أو استنباط أو تعديل أو حفظ أو محو معلومات اسمية‪ ،‬وكذلك جميع‬
‫العمليات التي لها نفس الطبيعة والتي تتعلق باستعمال أو استغالل الملفات أو القواعد البيانية‬
‫وخاصة االطالع على المعلومات االسمية‪.2‬‬
‫‪ - 1‬ضمانات مشروعية المعالجة اآللية للمعلومات الشخصية للعامل‬
‫التشريعات بحمابة الحياة الخاصة من أي اعتداء عليها بواسطة جهاز الحاسب‬ ‫اهتمت مختل‬
‫اآللي‪ ،‬الذي عتبر من أخطر الوسائل التكنولوجية اعتداء على أسرار الحياة الخاصة‪ ،‬ومع التقدم‬
‫والتطور غي نظم المعلومات والحاسب اآللي‪.‬‬
‫أصبحت المؤسسات تستخدم في اإلدارة والتعامل تنظيما آليا لتسهيل العمل والمساهمة في‬
‫سرعة الوفاء بالتزاماتها كدفع األجور‪ ،‬واالشتراكات في التأمين االجتماعي وغيرها‪ ،‬وأصبحت‬
‫المعلوماتية بذلك جزءا هاما وأداة أساسية من أدوات المؤسسة‪ ،3‬غير أن اللجوء إلى المعلوماتية‬

‫‪ 2‬محمد أنس قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪291.‬‬


‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 3‬و‪9.‬‬
‫‪ 1‬محمد أنس قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪de la loi 6 Janvier 1987.132 Art‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد احمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11.‬‬

‫‪349‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يتضمن خطرا على حقوق العمال وحرياتهم لذلك فإن المعالجة اآللية للمعلومات تخضع لرقابة‬
‫وضوابط قانونية‪ ،‬أهمها هو إخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية‪ ،‬التي لها دور مراقبة ما يطلب من‬
‫معلومات وطرق معالجتها‪ ،‬من خالل وضعها لقواعد ينبغي على أصحاب األعمال اتباعها أثناء‬
‫المعالجة اآللية للمعلومات‪.‬‬
‫‪ - 1- 1‬إخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية‬
‫أصبحت المعالجة اآللية للمعلومات في مجال العمل أمراً حتمياً‪ ،‬وينبغي على المستخدم قبل‬
‫إعمالها إخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات‪ ،‬وينبغي أن يتضمن اإلخطار التعهد بأن تخضع‬
‫المعالجة لمتطلبات القانون‪ ،‬وكل معالجة ال يتم االخطار مسبقا عنها تعتبر غير قانونية‪ ،‬ويتعرض‬
‫المسؤول عن الملفات للجزاءات الواردة بالقانون‪.4‬‬
‫فيما يتعلق بالمعالجة اآللية للمعلومات الطبية للعامل‪ ،‬فإن المشرع الفرنسي دفع بالحماية لمدى‬
‫أبعد عام ‪ ،9114‬فعمل على التوفيق بين احترام الحياة الخاصة للعامل وبين حماية البحث الطبي‪،‬‬
‫ونص على س رية وتأمين المعلومات االسمية‪ ،‬مع تحديده لحقوق وااللتزامات العمال المعنيين‬
‫بالبيانات ذات الطابع الطبية‪ ،‬واستلزم ضرورة إخطار لجنة المؤسسة ثم إخطار اللجنة الوطنية‬
‫للمعلوماتية والحريات للحصول على ترخيص قبل إجراء المعالجة ‪.1‬‬
‫دعم التشريع الفرنسي المعالجة اآللية للبيانات الشخصية للعمال بالحماية الجنائية‪ ،‬حيث تضمن‬
‫قانون العقوبات النص على جنحة المعالجة االلكترونية للبيانات الشخصية بدون ترخيص في المادة‬
‫يورو غرامة‬ ‫‪ L226-16‬منه‪ ،‬حيث قرر لها عقوبة الحبس من خمس سنوات و ثالث مئة أل‬
‫كعقوبة أصلية‪ ،‬أما العقوبة التكميلية‪ 2‬تتمثل في األمر بنشر الحكم باإلضافة إلى مسائلة األشخاص‬
‫المعنوية جنائيا عن ارتكابها هذه الجنحة‪ ،‬وتطبيق عليها عقوبة الغرامة والحرمان من ممارسة‬
‫النشاط الذي تم من خالله ارتكاب الجريمة‪.3‬‬
‫من خالل التطرق إلى الحماية الواردة في التشريعات العربية‪ ،‬حيث نجد أن التشريع التونسي‬
‫وبموجب قانون حماية المعطيات الشخصية الصادر سنة ‪ 2114‬السابق ذكره‪ ،‬اشترط إلجراء عملية‬

‫‪4‬‬
‫‪Art 49 de la loi 6 Janvier 1987.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Loi n° 94-548 du 1 juillet 1994 , JORF n°152 du 2 juillet 1994, relative au traitement de données‬‬
‫‪nominatives ayant pour fin la recherche dans le domaine de la santé et modifiant la loi n° 78-17 du 6 janvier‬‬
‫‪1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés.‬‬
‫‪ 2‬نصت المادة ‪ L226-24‬من قانون العقوبات الفرنسي على عقوبات تكميلية موحد‪ ،‬وردت أيضا في الفقة الثانية نقطة رقم ‪ 2‬منها‬
‫والتي تحيل على المادة ‪ L 313-39‬من نفس القانون التي تعدد هذه العقوبات التكميلية في مضمونها‪.‬‬
‫‪ 3‬انظر المادة ‪ L 313-39‬من قانون العقوبات الفرنسي للتعرف على العقوبات التكميلية التي يتعرض لها المعتدي على حرمة‬
‫الحياة الخاصة للغير عن طريق المعالجة اآللية للبيانات االسمية وذلك في النقاط من ‪ 2‬إلى ‪ 1‬منها‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫معالجة البيانات الشخصية ضرورة استخراج تصريح مسبق يودع بمقر الهيئة الوطنية التونسية‬
‫لحماية المعطيات الشخصية‪.4‬‬
‫التشريع المغربي بدوره ومن خالل القانون الصادر سنة ‪ 2111‬والمتعلق بحماية األشخاص‬
‫الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي وضع عدة إجراءات قانونية للحفاظ على‬
‫سرية المعطيات وحماية من أي شكل من أشكال المعالجة غير المشروعة‪ ،‬ويشترط القانون‬
‫الحصول على إذن مسبق من اللجنة الوطنية المغربية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع‬
‫الشخصي لمعالجة المعطيات‪ ،5‬ويمنح هذا اإلذن بناءا على موافقة الشخص المعني‪.‬‬
‫تعد هذه اللجنة الهيئة المغربية الرسمية التي أنيط بها حماية المعطيات الشخصية‪ ،‬هذه الصفة‬
‫تسمح لها بالعمل على إضفاء المزيد من الشفافية في مجال استعمال المعطيات الشخصية من طر‬
‫المؤسسات العمومية والخاصة‪ ،‬وكذا ضمان توازن بين الحياة الخاصة ألفراد وحاجة المؤسسات‬
‫إلى استعمال المعطيات الشخصية في أنشطتها‪.‬‬
‫‪ - 2- 1‬مطابقة المعالجة اآللية للمعلومات للقانون‬
‫من أهم الضمانات القانونية التي أقرها التشريع الفرنسي بخصوص المعالجة اآللية للمعلومات‬
‫الشخصية للعامل ضرورة تضمين اإلخطار المقدم إلى اللجنة الوطنية للمعلوماتية تعهدا بخضوع‬
‫المعالجة لمتطلبات القانون‪.‬‬
‫هذه االجراءات إلى مراقبة مدى احترام المؤسسة المستخدمة للقانون عند قيامها‬ ‫تهد‬
‫بإجراءات المعالجة اآللية للمعلومات الش خصية لعمالها‪ ،‬وبغية تسيير عملية المراقبة الفردية‬
‫والجماعية لعمليات المعالجة لضمان الحياة الخاصة للعمال من جراء عمليات المعالجة اآللية سيما‬
‫أنها ستتضمن معلومات تتخذ بناءا عليها قرارات تمس مصالح العمال داخل المؤسسة‪.1‬‬
‫تدخل المشرع الفرنسي لتنظيم ومراقبة ومعاقبة كل من يتعامل بالمعلومات والبيانات الخاصة‬
‫للعمال‪ ،‬ذلك أن التالعب في المعالجة األكترونية للبيانات الشخصية يعرض حياة هؤالء الخاصة‬

‫‪ 4‬تم إنشاء هذه الهيئة بموجب قالقانون رقم ‪ 93‬الصادر سنة ‪ 2114‬المتعلق بحماية المعطيات الشخصية‪ ،‬وتتمتع هذه الهيئة الوطنية‬
‫لحماية المعطيات الشخصية بالشخصية المعنوية واالستقالل المادي‪ ،‬وتتكون من قضاة وممثلين لوزراء الداخلية‪ ،‬والدفاع‪ ،‬والتعليم‬
‫العالي‪ ،‬وخبراء في مجال االتصال‪ ،‬هذا إلى جانب أعضاء يتم اختيارهم من مجلس النواب والشخصيات المتصلة بالمجال‪.‬‬
‫‪ 5‬أحدثت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب بمقتضى القانون رقم ‪ 11-11‬الصادر في ‪91‬‬
‫فبراير ‪ 2111‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬والمتاح على الموقع التالي‪:‬‬
‫‪ .http://www.cndp-maroc.org/images/lois/Loi-09-08-Ar.pdf‬تاريخ االطالع‪. 2199./12/21 :‬‬
‫تم إصدار المرسوم رقم ‪ 2.11.993‬بتاريخ ‪ 29‬ماي ‪ 2111‬لتطبيق القانون رقم رقم ‪ 11-11‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين‬
‫تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬والخاص باللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب‪،‬‬
‫الذي يحدد شروط وطرق تعيين أعضائها ‪ ،‬وقواعدها عمله‪...‬الخ‪ ،‬والمتاح على الموقع التالي‪:‬‬
‫‪ .http://www.cndp-maroc.org/images/lois/Decret-2-09-165-Ar.pdf‬تاريخ االطالع‪. 2199./12/21 :‬‬

‫صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬المرجع الساق‪،‬ص ‪912.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪341‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫للخطر‪ ،‬خاصة مع التطور العلمي والتكنولوجي الذي مس هذا المجال باستخدام الحاسبات اآللية‪،‬‬
‫مما يزيد في تهديد الحريات العامة للعمال‪ ،‬وحقهم في الحياة الخاصة‪.‬‬
‫إن انتشار نظام المعالجة اآللية للمعلومات والبينات قد غير الكثير من القواعد‪ ،‬وقد دعت إليه‬
‫الحاجة‪ ،‬لذلك اعترفت معظم الدول بهذا النظام وتبنته‪ ،‬إال أن أخطار النظام اآللي لمعالجة‬
‫المعلومات على الحياة الخاصة كثيرة‪ ،‬وال يسع المجال لذكرها‪ ،‬حيث أنه يتمبالدخول إلى ذاكرة‬
‫الحاسب اآللي وطبع صورة من المستندات لتستعمل ألغراض غير مشروعة‪ ،‬وهنا يكمن الخطر‬
‫الحقيقي على الحق في الحياة الخاصة‪.‬‬
‫جاء القانون ‪ 91/11‬بتاريخ ‪ 19‬جانفي ‪ 9111‬سابق التعرض إليه‪ ،‬المعدل بمقتضى القانون‬
‫رقم ‪ 119-2114‬بتاريخ ‪2114/1/9‬المتعلق بالمعلوماتية والملفات والحرية‪ 1‬لتنظيم هذا المجال‬
‫بصفة دقيقة وواضحة‪ ،‬إذ تضمن نصوصا ترمي إلى حماية هوية االنسان والحياة الخاصة‪ ،2‬وكذا‬
‫الحريات الشخصية‪.3‬‬
‫كما دعم قانون العقوبات الفرنسي‪ 4‬هذه الحماية تصديا للجرائم المقترفة بواسطة المعالجة اآللية‬
‫عن الغرض من المعالجة االلكترونية للبيانات االسمية‬ ‫للبيانات الشخصية‪ ،‬وأهمها جنحة اإلنحرا‬
‫الذي نصت عليه المادة ‪ L226-21‬من قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬أو جنحة اإلفشاء غير المشروع‬
‫للبيانات االسمية الوارد ذكرها في المادة‪ L226-22‬من نفس القانون‪.‬‬
‫في التشريع الجزائري‪ ،‬وحرصا على إعطاء حماية لحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬استحدث المشرع‬
‫الجزائري في قانون العقوبات قسما سابعا مكرر‪ ،5‬عالج فيه مضوع المساس بالمعالجة اآللية‬
‫للمعطيات التي تخص الحياة الخاصة في المود من ‪ 314‬مكرر إلى المادة ‪ 314‬مكرر‪ ،1‬إن كان‬
‫تدخل المشرع في ه ذا المجال الحساس والخطير في آن واحد متأخرا ولكنه فعال‪ ،6‬حيث جرم‬
‫األفعال المقترفة بواسطة الحاسب اآللي بغية انتهاك حرمة الحياة الخاصة‪.7‬‬ ‫مختل‬

‫‪1‬‬
‫‪Loi‬‬ ‫‪Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés, Modifié par‬‬
‫‪n°2004-801 du 6 août 2004 - Art. 1 JORF 7 août 2004.‬‬
‫‪ 2‬وردت هذه الحماية في الفصل الرابع من هذا القانون في المواد ‪ 23‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪protection de la vie MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p 399, KAYSER, « La:3 Voir notamment‬‬
‫‪privée par le droit, Protection du secret de la vie privée », op.cit, p 249.‬‬
‫‪ 4‬دعمت الحماية الجنائية للحق في حياة الخاصة عن طريق المعالجة اآللية للبيانات الشخصية بموجب القانون الصادر بتاريخ ‪19‬‬
‫أوت ‪ ،2114‬في المادة ‪ 94‬منه‪.‬‬
‫‪ 5‬تم إدراج القسم السابع مكرر في الفصل الثالث من الباب الثاني الخاص بالجنايات والجنح ضد األفراد تحت عنوان‪" :‬المساس‬
‫بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات"‪.‬‬
‫‪ 6‬تدخل المشرع الجزائري في هذا الموضع مرتين‪:‬األولى في سنة ‪ 2114‬بموجب القانون رقم ‪ ،93/14‬المؤرخ في‬
‫‪ ،2114/99/91‬وذلك بالنسبة للمواد ‪ 314‬مكرر ‪ 3‬إلى ‪ 314‬مكرر ‪ ،1‬والثانية بموجب القانون رقم ‪ 23/19‬المؤرخ في‬
‫‪ ،2119/92/21‬بالنسبة للمواد ‪ 314‬مكرر‪ 314 ،‬مكرر‪ 314 ،9‬مكر‪2.‬‬
‫‪ 7‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬حماية الحياة الخاصة في مواجهة الحاسب اآللي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 41‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كما قرَر المشرع الجزائري أيضا مسؤولية الشخص المعنوي إذا ارتكب تلك األفعال‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،8‬بأن ق رر عقوبة الغرامة تعادل خمس مرات الحد األقصى‬
‫للغرامة المقررة للشخص الطبيعي كعقوبة أصلية‪ ،‬دون اإلخالل بإمكانية تقرير عقوبات تكميلية‬
‫مناسبة وفقا للمادة ‪ 91‬مكرر‪.‬‬
‫أما فيما يخص بعض التشريعات العربية التي أولت الموضوع عناية خاصة بإصدارها لقوانين‬
‫تهتم بحما ية المعالجة اآللية للبيانات الشخصية‪ ،‬ال سيما التشريعين التونسي والمغربي‪ ،‬فإن كالهما‬
‫عهدا للجنة الوطنية الخاصة لمراقبة حماية البيانات ذات الطابع الشخصي بمهمة التحقق من أن‬
‫عمليات المعالجة تتم بشكل قانوني‪ ،‬وأنها ال تمس بالحياة الخاصة أو بحقوق االنسان األساسية‬
‫أو الحريات‪.‬‬
‫‪ - 2‬ضمانات حماية العامل أثناء المعالجة اآللية للمعلومات الشخصية‬
‫يتم استخدام المعلوماتية في المؤسسة في ثالث مجاالت‪ ،‬األول هو التنظيم اإلداري والمالي‬
‫للعمال والتعامل مع البيانات المحاسبية واالحصائية وعالقة ذلك بالجهات الحكومية وهيئات التأمين‬
‫االجتماعي‪ ،‬أما المجال الثاني يتمثل في دورها في تخطيط وتنظيم القوى البشرية في المؤسسة‬
‫وتحديد االحتياجات المتوقعة في حالة إعادة الهيكلة‪.‬‬
‫إلى التقدير‬ ‫في حين أن المجال الثالث يشمل المعالجة اآللية للبيانات الشخصية التي تهد‬
‫النوعي لسلوك وكفاءة العمال عند تعيينهم أو ترقيتهم أو تدرجهم الوظيفي‪ ،‬وهنا المعلوماتية لها دور‬
‫مساعد في اتخاذ القرار المتعلق بإدارة المؤسسة‪.1‬‬
‫‪ - 1- 2‬الحق في االعتراض‬
‫للعامل الحق في االعتراض على المعلومات التي تتعلق به وتكون محال لمعالجة آلية‪ ،‬وهو‬
‫حق شخصي يفترض سلفا اخطار العامل به‪ ،‬وكان محال إلحدى توصيات اللجنة الوطنية‬
‫للمعلوماتية والحريات‪.‬‬
‫أكد التشريع الفرنسي هذه الحماية في المادة ‪ 31‬من قانون ‪ 19‬جانفي ‪ 9111‬المعدل السابق‬
‫الذكر‪ ،‬والتي اعتمدت تقريبا ذات الصياغة التي كانت تتضمنها المادة ‪ 23‬من هذا القانون قبل تعديله‬
‫سنة ‪.2114‬‬
‫ورد نص المادة ‪ 31‬من القانون المذكور في الفقرة األولى والثالثة منها على أنه "يجوز لكل‬
‫شخص طبيعي أن يعترض‪ ،‬ألسباب مشروعة على أن تكون بعض البيانات ذات الطابع الشخصي‬

‫‪ 8‬منصوص عليها في المواد ‪ 314‬مكرر و ‪ 314‬مكرر ‪ 9‬و ‪ 314‬مكرر ‪ 2‬من قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬
‫‪ 1‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع ساق‪،‬ص ‪11.‬‬

‫‪331‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المتعلقة به محال للمعالجة‪ ....‬وذلك فيما عدا الحاالت التي تكون فيها المعالجة لهذه البيانات إعماال‬
‫اللتزام قانوني‪ ،‬أو حين يكون الحق في االعتراض قد تم استبعاده بنص صريح بمقتضى اإلجراء‬
‫الذي صرح بالمعالجة"‪.2‬‬
‫يشمل حق االعتراض حق العامل في السؤال عن وجود ملفات له في المؤسسة‪ ،‬كما أن‬
‫للعامل الحق في اإلعتراض على المعالجة اآللية التي تفضي إلى نتائج في غير مصلحته كما لو‬
‫تعلق األمر برفض ترقيته أو نقله إلى منصب عمل آخر‪ ،1‬والبد أن يتضمن الحق في االعتراض‬
‫على األسباب والمبررات المفضية إلى النتيجة‪ ،‬إلى جانب اإلعتراض على البرمجيات المستخدمة‬
‫التي أعطت هذه النتائج‪.‬‬
‫الحق في االعتراض‪ ،‬حق العامل في التأكد بأن المعلومات المعالجة ال يمكن أن‬ ‫من أهدا‬
‫تطول حياته الخاصة‪ ،‬فضال عن سرية هذه المعلومات في تخزينها وحق العامل في اإلطالع عليها‬
‫وتعديلها بما علة نحو سابق بما ال يمس حياته الخاصة‪.‬‬
‫‪ - 2- 2‬الحق في اإلطالع وطلب التصحيح‬
‫يقصد به حق العامل في االطالع على كل ما يتعلق به من معلومات بناءا على طلب كتابي‬
‫يقدمه إلدارة المؤسسة‪ ،‬وحقه في تعديل البيانات أو بعضها المتعلقة به على أن يتـم التعديل بمعرفة‬
‫إدارة الملفات أو الجهة التي لديها هذه الملفات‪.2‬‬
‫الفقه أيضا الحق في االطالع على أنه حق الشخص في معرفة مضمون البيانات‬ ‫يعر‬
‫المتعلقة به والتي كانت محال للمعالجة‪ ،3‬هذا الحق يمهد لحق العامل المعني بهذه البيانات في طلب‬
‫تصحيحها إذا ما كان لذلك من مقتضى‪.4‬‬
‫أما الحق في تصحيح المعلومات يعني قدرة الشخص المعني على إعادة تأكيد شخصيته وذاتيته‬
‫الحقيقية حينما تهتز هذه الشخصية في أعين اآلخرين من خالل معلومات غير صحيحة عنه‪،5‬‬
‫وينبغي إخطار العامل بحقه في الدخول إلى المعلومات وحقه في تصحيح ما هو ناقص وغامض‬
‫أو غير صحيح منها‪.6‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Art 38 : « Toute personne physique a le droit de s’opposer, pour des motifs légitimes, à ce que des données‬‬
‫‪à caractère personnel la concernant fassent l’objet d’un traitement....Les dispositions du premier alinéa ne‬‬
‫‪s’appliquent pas lorsque le traitement répond à une obligation légale ou lorsque l’application de ces‬‬
‫‪dispositions a été écartée par une disposition expresse de l’acte autorisant le traitement ».‬‬
‫‪1‬‬
‫‪LYON-CAEN (G) : Les libertés publiques et l’emploi, op.cit, p 122.‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ 4‬محمد حسن قاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Art 26 de la loi 39 Janvier 1987, et l’article 26 de la loi 40 Janvier 1987.‬‬
‫‪ 6‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.913‬‬

‫‪339‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يعطي القانون الفرنسي الحق للعامل في اإلعتراض على المعلومات االسمية التي تخصه‬
‫والتي تكون محال للمعالجة‪ ،7‬حيث تنص المادة ‪ 31‬من قانون ‪ 9111‬المعدل الخاص بالمعلوماتية‬
‫أن لكل عامل الحق في مراجعة المسؤول عن معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬بقصد التأكد‬
‫من معالجة بيانات ذات طابع شخصي تتعلق به‪ ،‬أو عدم إجراء مثل هذه المعالجة‪.‬‬
‫هذه المعالجة‪ ،‬والجهات التي‬ ‫في حالة المعالجة يكون له الحق في طلب معلومات عن أهدا‬
‫تبلغ لها هذه البيانات‪ ،‬والحصول على بيان مضمون البيانات ذات الطابع الشخصي المتعلقة به‪،‬‬
‫وكذلك المعلومات المتعلقة بطرق وأسس المعالجة اآللية لهذه البيانات‪.1‬‬
‫بعد النفاذ إلى البيانات ذات الطابع الشخصي التي كانت محال للمعالجة واإلطالع عليها للعامل‬
‫المعني طبقا للمادة ‪ 41‬من قانون ‪ 9111‬المعدل أن يطلب من المسؤول عن هذه المعالجة‪ ،‬وبحسب‬
‫األحول تصحيح هذه البيانات أو تكملتها‪ ،‬أو تحديثها أو محوها إذا كانت هذه البيانات غير صحيحة‬
‫أو غامضة أو تغيرت‪ ،‬أو كانت بيانات غير مصرح بها قانونا بتجميعها‪.2‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫الضمانات القضائية لحماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫له بها القانون‪،‬‬ ‫يمثل المساس بالحياة الخاصة للعامل اعتداء على حق من حقوقه التي اعتر‬
‫وقد يترتب على هذا المساس أضرار مادية أو أدبية تصيب العامل أو المتقدم للعمل جراء اعتداء‬
‫صاحب العمل على حرمة حياته الخاصة‪.‬‬
‫إذا كان اعتداء صاحب العمل على الحياة الخاصة هو اعتداء على حق‪ ،‬فما هي الوسيلة‬
‫القضائية التي يلجأ إليها العامل لدفع هذا االعتداء أو منعه من باب أولى‪ ،‬فإن لم يكن فعلى األقل‬
‫حصوله على تعويض جبرا لألضرار التي أصابته من المساس بحياته الخاصة‪.3‬‬
‫في ضوء ما تقدم نعالج فيما يلي‪ ،‬وفي هدى ما توفر لدينا من أحكام القضاء لمسألتين‪ ،‬األولى‬
‫نحاول من خاللها التطرق إلى الدعوى القضائية كضمانة لحماية الحق في الحياة الخاصة للعامل‪،‬‬
‫والثانية نتناول فيها الضمانات التي يشترطها القضاء في الدليل التكنولوجي كوسيلة لإلثبات ومدى‬
‫الحماية التي يوفرها للحياة الخاصة للعامل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪Art 26, la loi 6 Janvier 1987.‬‬
‫‪ 1‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪292.‬‬
‫‪ 2‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 33‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.293‬‬

‫‪332‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المطلب األول‬
‫الدعوى القضائية كضمانة لحماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫يستفاد من النصوص القانونية المنظمة لحماية الحق في احترام الحياة الخاصة بأن صاحب‬
‫الحق الشخصي له الحق في رفع دعو ى قضائية كضمانة لحماية حقه ضد أي اعتداء على حياته‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫يرجع اتجاه فقهي أهمية ذلك إلى الدور التكميلي لقيام المسؤولية التقصيرية بتوفير حماية‬
‫لبعض الحقوق الشخصية‪ ،‬أو على األقل تقدير ألي من عناصرها‪ ،‬في ظل عدم وجود تشريع‬
‫صريح ينص على حماية الحق في الحي اة الخاصة‪ ،‬وقد يكون بسبب التطور التكنولوجي‬
‫والمعلوماتي أو التقني في المجاالت التي يتسع نطاقها الكتساب الحق الشخصي وممارسته‪.1‬‬
‫غير أن وجود بعض الدعاوى القضائية آثارت إشكالية المساس بالحياة الخاصة التي تكون قد‬
‫ناشئة عن عالقة عقدية‪ 2‬جعل اتجاه فقهي آخر يرى أن أساس الدعوى القضائية يقوم على‬
‫المسؤولية التقصيرية و المسؤولية العقدية‪.3‬‬
‫ألن اإلعتداء على حرمة الحياة الخاصة قد يقع نتيجة خطأ تقصيري في عدم احترام الحياة‬
‫الخاصة للغير‪ ،‬وقد يقع نتيجة إخالل بالتزام عقدي كان يقضي بعدم التعرض المدين المتعاقد لحرمة‬
‫الحياة الخاصة للمتعاقد معة‪.4‬‬
‫تمخضت بعض أحكام القضاء المستندة لقواعد المسؤولية التقصيرية عن تدخل تشريعي من‬
‫جانب المشرع الفرنسي بموجب القانون الصادر في ‪ 91‬جويلية ‪ ،59111‬والذي بموجبه تم النص‬
‫على حق كل انسان في احترام حياته الخاصة‪.6‬‬
‫أما التشريع الجزائري شأنه شأن غالبية التشريعات العربية المقارنة‪ ،‬لم ينص على هذا الحق‬
‫بشكل مصريح ومستقل‪ ،‬وإنما نص بوجه عام على حماية الحقوق المالزمة للشخصية وذلك من‬
‫خالل المادة ‪ 41‬من القانون المدني والتي تنص على أنه " لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع‬
‫هذا االعتداء مع التعويض عما يكون قد‬ ‫في حق من حقوق المالزم ة لشخصيته‪ ،‬أن يطلب وق‬
‫لحقه من ضرر"‪.7‬‬

‫‪ 1‬سعيد السيد قنديل‪ ،‬التأثير المتكامل للمسؤولية التقصيرية على الحقوق الشخصية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪914.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass. 3 em civ, 25 Février 2004, D 2004, p 630.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cristophe CARON, De la violation de la vie privée dans le contrat de bail, D.2004, p 1631.‬‬
‫‪ 4‬صفية بشاتن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.423‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Loi n° 70-643 du 17 juillet 1970 tendant à renforcer la garantie des droits individuels des citoyens.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪T. Civ. Paris, 27 Février 1967, D.1967, p 451, Note B.BARDOT.‬‬
‫‪ 7‬تقابلها المادة ‪ 31‬من القانون المدني المصري‪ ،‬والمادة ‪ 41‬من القانون المدني ااألردني‪ ،‬والمادة ‪ 49‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬

‫‪333‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫انطالقا من فحوى هذه المادة‪ ،‬تتبع الحماية الفعالة للحق في احترام الحياة الخاصة في السماح‬
‫أوال لصاحب الحق في اتخاذ اإلجراءات الوقائية الكفيلة بمنع االعتداء أو وقفه إن كان قد بدأ‪ ،‬فإن‬
‫وقع واستحال بالتالي دفعه أو منعه كان للعامل أن يطلب تعويض الضرر الذي أصابه من جراء‬
‫االعتداء‪.8‬‬

‫الفرع األول‬
‫اإلجراءات الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫تعد اإلجراءات الوقائية السبيل األمثل لحماية الحق في الحياة الخاصة لوصفه حقا من حقوق‬
‫الشخص ية‪ ،‬ألن من المعلوم أن الوقاية خير من العالج‪ ،‬باإلضافة إلى أن هذه اإلجراءات تمثل‬
‫الحماية الحقيقية للحق في الحياة الخاصة والتي بمجرد المساس بها ينحصر أثر الحماية في محاولة‬
‫جبر الضرر الذي تحقق وإصالحه‪.‬‬
‫هذا األمر تكون جدواه محدودة في نطاق حقوق الشخصية التي يفضل حمايتها من اإلعتداء‬
‫قبل وقوعه‪ ،‬إذ من الصعوبة بمكان محو آثار هذا االعتداء مهما بلغ مقدار التعويض وذلك بخال‬
‫ما عليه الحال مع باقي الحقوق األخرى‪.1‬‬
‫أوال‪ :‬شروط اللجوء إلى االجراءات الوقائية‬
‫حدد المشرع الفرنسي في المادة التاسعة من القانون المدني الشروط التي يمكن بمقتضاها أن‬
‫يتخذ القاضي اإلجراءات الوقائية‪ ،‬حيث ورد في الفقرة الثانية منها على أن "للقضاة أن يتخذو كافة‬
‫أي مساس بألفة الحياة‬ ‫الوسائل مثل الحراسة والحجز وغيرها من اإلجراءات‪ ،‬لمنع أولوق‬
‫الخاصة‪ ،‬ويمكن أن يلجأ قاضي األمور المستعجلة إلى هذه اإلجراءات متى توفرت شروط‬
‫االستعجال‪ ،‬وذلك دون المساس بحق الشخص في التعويض عما يصيبه من ضرر"‪.2‬‬
‫الدعوى االستعجالية هي وسيلة التخاذ االجراءات الوقائية ويترتب‪ ،‬ويترتب عن ذلك‬
‫االستقالل والتميز في الشروط الموضوعية عن شروط الدعوى العادية‪ ،‬خاصة وأن الدعوى‬

‫‪ 8‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪229.‬‬
‫‪ 1‬بيرك فارس‪ ،‬حسين الجبوري ‪ ،‬حقوق الشخصية وحمايتها المدنية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2199 ،‬ص‬
‫‪.393‬‬
‫‪2‬‬
‫‪C.civ.fr , Art 9 : « Chacun à droit au respect de sa vie privée».‬‬
‫‪« Les juges peuvent, sans préjudice de la réparation du dommage subi, prescrire toutes mesures, telles que‬‬
‫‪séquestre, saisie et autres, propres à empêcher ou faire cesser une atteinte à l'intimité de la vie privée : ces‬‬
‫‪mesures peuvent, s'il y a urgence, être ordonnées en référé ».‬‬

‫‪334‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫االتسع جالية تقوم على عنصر االحتمال‪ ،‬كما أنها ال تتطلب تقديم وسائل االثبات ألنه يكفي فيها‬
‫‪3‬‬
‫حماية الحالة الظاهرة‬
‫‪ - 1‬شرط االستعجال‬
‫الفقهاء في تعريفه‪ ،‬فيرى البعض أن االستعجال هو الضرورة التي ال تتحمل التأخير‬ ‫يختل‬
‫أو الخطر المباشر الذي ال يكفي التقائه رفع دعوى عن طريق االجراءات العادية‪ ،‬فيما يرى‬
‫أخرون أنه الضرورة الداعية إلى اتخاذ اإلجراء المؤقت المطلوب وهي حالة الخطر العاجل الذي ال‬
‫تجدي في اتقائه االلتجاء إلى القضاء العادي‪.‬‬
‫على هذا األساس يقر المشرع الفرنسي في المادة التاسعة من القانون المدني إجراءات وقائية‪،‬‬
‫حيث يجيز للقاضي متى توافر شرط االستعجال أن يأمر بهذه اإلجراءات دون إخالل بحق المعتدى‬
‫عليه في طلب التعويض‪ ،‬فله أن يأمر برفع أجهزة التنصت أو التجسس أو برفع كاميرات المراقبة‬
‫من المؤسسة أو أي أجهزة أخرى من شأنها المساس يالحياة الخاصة للعامل إبان العمل‪ ،‬وفي‬
‫المؤسسة أو خارجها‪.‬‬
‫أما في التشريع الجزائري‪ ،‬فإن قانون اإلجراءات المدنية واالدارية يعطى الحق للقاضي‬
‫العادية أو في حالة االستعجال‬ ‫اإلختصاص متى توفرت أحوال االستعجال سواء في الظرو‬
‫القصوى‪ ،‬وتتحقق حالة االستعجال عندما ينصب الطلب القضائي المطالبة بالحماية القانونية على‬
‫خطر حال ومدق يخشى في حالة المماطلة خلق أوضاع يصعب تداركها‪ ،‬وحاالت االستعجال قد‬
‫تكون ظاهرة وحالة‪ ،‬كما قد تكون متوقعة‪.1‬‬
‫االعتداء على‬ ‫يتضح إذن عدم وجود مانع يحول دون اللجوء إلى القضاء المستعجل لوق‬
‫الحياة الخاصة للعامل كحق من حقوق الشخصية‪ ،‬ألن أهمية هذه الحقوق والتي تأتي من كونها‬
‫متعلقة بالذات اإلنسانية تجعلها في مقدمة الحقوق التي يلزم صيانتها‪ ،‬بإلضافة إلى أن األضرار‬
‫الناتجة عن المساس بالحياة الخاصة غالبا ما تتسم بصعوبة إصالحها وتداركها‪.2‬‬
‫‪ - 2‬عدم المساس بأصل الحق‬

‫‪ 3‬فيما يخص اإلثبات إذا لجأ المدعي إلى طلب وقف االعتداء فإنه ال يكلف إال بإثبات وجود اعتداء غير مشروع دون أن يضطر‬
‫إلثبات وجود فعل ضار وتحقق الضرر جراء هذا الفعل‪ ،‬فمطالبته هي لتدارك وقوع الضرر‪ ،‬أما إذا لجأ إلى طلب التعويض فإن‬
‫طلبه يلزمه بإثبات تحقق الضرر‪ ،‬مع مالحظة أن مجرد إثبات وجود اعتداء على الحقوق اللصيقة بالشخصية فإنه يفترض معه أن‬
‫الضرر قد وقع بالفعل‪ ،‬ألكثر تفاصيل انظر‪ :‬جعفر محمود المغربي‪ ،‬حسين شاكر عساف‪ ،‬المسؤولية المدنية عن االعتداء على‬
‫الحق في الصورة بواسطة الهاتف المحمول‪ .‬دار الثقافة‪ ،‬المملكة األردنية‪ ،2191 ،‬ص ‪ ،934‬وأيضا مصطفى أحمد عبد الجواد‬
‫الحجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪243.‬‬
‫‪ 1‬يوسف دالندة‪ ،‬الوجيز في شرح األحكام المشتركة لجميع الجهات القضائية وفق قانون االجراءات المدنيو واالدارية الجديد‪ ،‬دار‬
‫هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2111 ،‬ص ‪941.‬‬
‫‪ 2‬بيرك فارس حسين الجبوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.391‬‬

‫‪333‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أومنع االعتداء على الحياة الخاصة‬ ‫يتمثل الشرط الثاني للجوء إلى االجراءات الوقائية لوق‬
‫للعامل في عدم المساس بأصل الحق‪ ،3‬وقد تباينت اآلراء بشأن المقصود بهذا الشرط‪ ،‬ويذهب الرأي‬
‫الراجح منها إلى أن معنى هذا الشرط هو عدم جواز التعرض لكل ما يتعلق بالحق وجودا أو عدما‬
‫أو تغيير اآلثار التي رتبها القانون أو قصدها الطرفان‪ ،‬ويسير قانون االجراءات المدنية واالدارية‬
‫على نفس االتجاه حيث تنص المادة ‪ 313‬منه على أن ال يمس األمر االستعجالي بأصل الحق‪.‬‬
‫العامل‬ ‫يترتب على شرط عدم المساس بأصل الحق وجوب أن يكون الطلب المقدم من طر‬
‫إلى القضاء المستع جل طلبا مؤقتا‪ ،‬ويراد بالطلب المؤقت ترتيب وضع معين حتى يفصل في أصل‬
‫الحق‪.1‬‬
‫أما بالنسبة ألثر هذا الشرط على الحق في الحياة الخاصة للعامل فيتمثل في عدم تعرض‬
‫القاضي االستعجال لهذا لمسألة وجود هذا الحق الشخصي أو عدم وجوده‪ ،‬كما ال يتدخل في تقرير‬
‫أن هناك مساسا بالحق أم ال أو العامل المدعي يستحق تعويضا أم ال يستحق‪.‬‬
‫كما أنه ليس من اختصاص القاضي التأكد من صحة وجود الرضا الذي أجيز بموجبه المساس‬
‫بالحق في الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬ويترتب على ذلك أن القرار المستعجل يجب أن يكون مؤقتا جدواه‬
‫ترتيب الوضع واإلبقاء عليه لحين البت في النزاع من قبل المحكمة المختصة‪.‬‬
‫في حين أقر البعض اآلخر من الفقه أنه يجوز لقاضي االستعجال أن يبحث في أصل‬
‫الموضوع سطحيا‪ ،‬وذلك بالقدر الالزم للفصل في الطلب المعروض عليه‪ ،2‬خاصة متى كان‬
‫المساس بالحياة الخاصة خطير ال يحتمل‪ ،‬ومع ذلك يتقيد قاضي االستعجال بهذا الشرط‬
‫الموضوعي‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫إن الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة باعتبارها حق من حقوق الشخصية هي تلك‬
‫اإلجراءات التي يتم اللجوء إليها للحيلولة دون أن يتحقق المساس بالحق في الحياة الخاصة‪ 4‬كوسيلة‬
‫لدرأ االعتداء أو االنتهاك قبل وقوعه‪.‬‬
‫تكمن الحماية الحقيقية في منع العالنية واإلبقاء على سرية الحياة الخاصة‪ ،‬وإن كانت موجودة‬
‫بكثير‪ ،5‬بل إن السعي وراء الحماية بعد وقوع االعتداء قد يساعد‬ ‫إال أن فعاليتها ستكون أضع‬

‫‪3‬‬
‫‪RAVANAS (J), op.cit, p 6, KAYSER (P), op.cit, p 12.‬‬
‫‪ 1‬عباس العبودي‪ ،‬شرح قانون المرافعات المدنية‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬الموصل‪،‬العراق‪ ،2111 ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪2‬‬
‫‪BADINTER (R), « Le droit au respect de la vie privée », J.C.P, 1968, p 33,Voir egalement : R.LINDON,‬‬
‫‪Le juge des référés et la presse, D.1985, chron, p 61 et 62 .‬‬
‫‪ 3‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪331.‬‬
‫‪ 4‬بيرك فارس حسين الجبوري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪393.‬‬
‫‪ 5‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ، ،‬ص ‪229.‬‬

‫‪339‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الخصوصية‪ ،‬فالمطالبة القضائية بالتعويض تؤدي أحيانا إلى تأصل الداء بدال من‬ ‫ويؤكد على كش‬
‫أن تستأصله‪.6‬‬
‫على أن للقضاة أن يتخذوا كافة الوسائل مثل‬ ‫تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 1‬من ق‪.‬م‪.‬‬
‫أي مساس بألفة الحياة الخاصة‪ ،‬هذا يدل‬ ‫الحراسة والحجز وغيرها من اإلجراءات‪ ،‬لمنع أو لوق‬
‫االعتداء على هذا الحق بصفة‬ ‫على أن المشرع الف رنسي قصد بوضوح بواسطة هذه المادة وق‬
‫الضرر‪.‬‬ ‫وقائية‪ ،‬ولم يقصد وق‬
‫هو بذلك يكون قد أخذ بمجرد االعتداء وليس بالضرر‪ ،‬مما يزيد في تأكيد اعترافه بخطورة‬
‫النظر عن‬ ‫المساس بالحق في الحياة الخاصة‪ ،‬الذي تجب حمايته بمجرد اإلعتداء عليه‪ ،1‬بصر‬
‫عن مدى خطورة الضرر‪ ، 2‬هذا وإن الوسائل الوقائية التي أوردها المشرع الفرنسي في المادة‬
‫التاسعة مذكورة على سبيل المثال وليس الحصر‪.‬‬
‫حرص كل من التشريع والقضاء المقارن على كفالة الحماية المناسبة للحق في الحياة الخاصة‪،‬‬
‫وفي سبيل تحقيق هذه الحماية بشكل فعال‪ ،‬أوجبت اتخاذ إجراءات وقائية لمنع وقوع اإلعتداء‬
‫أو لوقفه‪.‬‬
‫بالرغم من عدم النص على هذه اإلجراءات الوقائية صراحة في المادتين ‪ 41‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬والمادة‬
‫‪ 31‬ق‪.‬م‪ .‬م على خالق القانون المدني الفرنسي الذي نص عليها في الفقرة الثانية من المادة التاسعة‬
‫كما سبق ذك ره‪ ،‬فإن هذا ال يمنع من اللجوء إلى هذه اإلجراءات الوقائية استنادا إلى النصوص‬
‫المدنية األخرى التي تعرضت لها‪ ،‬وكذلك استنادا إلى قوانين االجراءات المدنية والجزائية‪.‬‬
‫متى توفرت الشروط المذكورة سابقا أمكن للعامل المعتدى على حقه في الحياة الخاصة‬
‫اللجوء إلى القضاء لحماية حقه هذا‪ ،‬وللقاضي السلطة التقديرية في اتخاذ ما يراه مناسبا وكافيا من‬
‫االعتداء‪.‬‬ ‫إجراءات لحماية حقه في الحياة الخاصة سواء عن طريق منع أو ق‬
‫على سبيل المثال في القانون المدني الفرنسي يمكن للقضاة أن يتخذو اإلجراءات الواردة في‬
‫المادة ‪ 2/1‬وهي الحراسة والحجز‪ ،‬وكذلك غيرها من اإلجراءات األخرى‪ ،3‬حيث يترك للقاضي‬

‫‪ 6‬حسام الدين كمال األهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪1‬‬
‫‪MALAURIE (PH), AYNES (L), Droit civil, les personnes, les incapacités, édition juridique associées, 3 éme‬‬
‫‪éd, France, 2007, p328.‬‬
‫أما في الفقه العربي‪ :‬مصطفى أحمد عبد الجواد الحجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ، 292‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.313‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Voir notamment: MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p 398, RAVANAS (J), op.cit, n° 73.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪C.civ.fr, Art 9 : « Les juges peuvent...prescrire toutes mesures, telles que séquestre, saisie et autres... ».‬‬

‫‪331‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫السلطة التقديرية في تقرير إجراءات أخرى تحقق الحماية المطلوبة‪ ،4‬وكذلك الحال بالنسبة للقانونين‬
‫المدنيين الجزائري والمصري‪.‬‬
‫كما أن القاضي المعروضة عليه الدعوى اإلستعجالية غير ملزم بالتقيد باإلجراء الذي يطلبه‬
‫المعتدى عليه‪ ،‬بل إنه يجتهد من أجل أن يتناسب اإلجراء الذي يأمر به مع خطورة اإلعتداء وبما‬
‫القضية‪ ،1‬و فيما يلي بعض اإلجراءات الوقائية التي يمكن أن تتخذ لحماية الحق ي‬ ‫تقتضيه ظرو‬
‫الحياة الخاصة للعامل أمام المؤسسة قبل اللجوء إلى القضاء‪.‬‬
‫‪- 2‬الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل أمام المؤسسة‬
‫اقتصر المشرع الفرنسي الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة داخل أماكن العمل‪ ،‬والتي‬
‫يمكن القيام بها قبل وصول األمر إلى القضاء في دور الممثل العمالي الذي يجوز له أن يثبت‬
‫وجود مساس بحقوق وحريات العمال الفردية أو الجماعية داخل المؤسسة ال تبرره طبيعة العمل‪.‬‬
‫يتمثل دور للممثل العمالي في هذه الحالة في إخطار صاحب العمل فورا بذلك المساس بحقوق‬
‫االعتداء‬ ‫العمال وحرياتهم‪ ،‬وينبغي إجراء تحقيق في هذا الشأن ألخذ كل االحتياطات الالزمة لوق‬
‫وتدارك الموق ‪.2‬‬
‫يعتبر تحذير الممثل العمالي الخطوة األولى كإجراء أولي لتفادي اللجوء إلى القضاء‪ ،‬فإن‬
‫في وجهات النظر حول حقيقة‬ ‫تراخى صاحب العمل عن إجراء التحقيق أو كان هناك خال‬
‫اإلعتداءات على حقوق وحريات العمال داخل المؤسسة‪ ،‬كان اتخاذ الخطوة التالية لها وهي رفع‬
‫دعوى أمام المحكمة االستعجالية‪.3‬‬
‫أما بالنسبة للتشريع الجزائري فإننا نجد أن المادة ‪ 41‬من القنون المدني تواجه حالة المساس‬
‫أو منع‬ ‫بالحياة الخاصة من حيث إقرار حق المعتدى عليه أو الذي سيعتدى عليه في طلب وق‬
‫الوقوع‪ ،‬فهي تقرر لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة لشخصيته‬
‫إلى حق الشخص في منع االعتداء‬ ‫االعتداء ينصر‬ ‫هذا االعتداء‪ ،‬ومفهوم وق‬ ‫أن يطلب وق‬
‫أيضا إلى حقه في وقفه إن كان قد بدأ وال‬ ‫بداءة قبل وقوعه‪ ،‬فالوقاية خير من العالج‪ ،‬كما ينصر‬
‫زال مستمرا‪.4‬‬

‫‪4‬‬
‫‪KAYSER (P), Les pouvoirs du juge des référés civil à légard de la liberté de communication d’expression,‬‬
‫‪chron.2, Dalloz.1989, p .339-357.‬‬
‫‪ 1‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.223‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Joelle BRENGUER-GUILLON et Alxandre GALLIER, Informatique et droit du travail, Gaz.pal, 16 Avril‬‬
‫‪2000, p 677.‬‬
‫‪ 4‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪،493‬حر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ممدوح خليل بحر‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪449.‬‬

‫‪331‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يشمل هذا الحق على سبيل المثال استخدام كاميرا الفيديو لمراقبة العمال‪ ،‬فإعماال للقانون‬
‫الفرنسي الصادر في ‪ 39‬ديسمبر ‪ 9112‬بشأن التشغيل وتطوير العمل لبعض الوقت وتأمين‬
‫البطالة‪ ، 5‬أصبح لممثلي العمال الحق في التدخل لدى صاحب العمل إلخطاره بما يتم مالحظته من‬
‫قيود على حقوق العمال وحرياتهم الفردية غير المبررة مع طبيعة األعمال المطلوب القيام بها من‬
‫المنشود‪.‬‬ ‫قبل العمال‪ ،‬أو غير متناسبة مع الهد‬
‫من هذا االخطار في اتخاذ صاحب العمل إلجراء التحقيق الالزم بقصد التوصل‬ ‫يكن الهد‬
‫إلى الحل الذي يوافق أحكام القانون‪ ،1‬بما يعني إمكانية قيام ممثل العمل بإخطار صاحب العمل في‬
‫حالة االستخدام غير المشروع لنظام المراقبة بكاميرا الفيديو‪.2‬‬
‫‪ -3‬الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل أمام القضاء‬
‫هذا‬ ‫يجوز اتخاذ إجراءات وقائية سريعة لمنع االعتداء على الحياة الخاصة للعامل أو وق‬
‫اإلعتداء‪ ،‬حيث يجوز للعامل االذي وقع عليه االعتداء مساسا بحياته الخاصة أن يلجأ إلى القضاء‬
‫هذا اإلعتداء أو منعه‪ ،‬وللقضاة أن يتخذو كافة الوسائل مثل الحجز والحراسة وغيرها‬ ‫لطلب وق‬
‫أي مساس بحياته الخاصة‪.3‬‬ ‫من اإلجراءات لمنع أو لوق‬
‫‪ - 1‬الحجز )‪(La saisie‬‬
‫تم النص على هذا اإلجراء في قوانين اإلجراءات المدنية‪ ،4‬والجنائية المقارنة‪ ،‬وذلك في حالة‬
‫منع المساس‬ ‫اإلعتداء على حرمة الحياة الخاصة مهما كانت وسيلة اإلعتداء‪ ،‬كما أنها تستهد‬
‫بالحق في الحياة الخاصة أيا كانت صورة المساس‪ ،‬الذي قد يتخذ شكل التجسس أو التحري عن‬
‫حياة العامل الخاصة بوسائل مختلفة‪.‬‬
‫ذلك أن القانون يعاقب كل ما يمس بالحياة الخاصة للعامل بأية وسيلة كانت من خالل التقاط‬
‫الصور أو تسجيلها أو نقلها أثناء وجوده في مكان العمل دون اتخاذ االجراءات القانونية االزمة لذلك‬
‫كالحصول على موافقته واستشارة لجنة المؤسسة وإخطار لجنة المعلوماتية‪.‬‬
‫يجوز للقاضي المعروضة عليه الدعوى االستعجالية أن يأمر بالحجز على أجهزة التنصت‬
‫أو التجسس أو برفع كاميرات المراقبة في المؤسسة ‪ ،‬كما له السلطة التقديرية بمنع صاحب العمل‬
‫من نشر أو إذاعة معلومات وصلت إليه عن طريق التحريات التي أجرها حول العامل والتي تتعلق‬

‫‪5‬‬
‫‪Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au développement du travail à temps partiel et à‬‬
‫‪l'assurance chômage. Art 25, J.O.N°1 DU 1er Janvier 1993.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Art L 422-1-1 C.T.Fr.‬‬
‫‪ 2‬محمد حسن قاسم ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪934.‬‬
‫‪ 3‬جعفر محمود المغربي‪ ،‬حسين شاكر عساف‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.939‬‬
‫‪ 4‬المواد من ‪ 939‬إلى ‪ 111‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‬

‫‪331‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بالحياة الخاصة لهذا األخير‪ ،‬والمنع هنا يقصد به وفقا للمادة التاسعة منع االعتداء أو وقفه وليس‬
‫منع الضرر أو وقفه‪ ،‬وهو ما يعكس رغبة المشرع في حماية الحياة الخاصة من االعتداء بغض‬
‫النظر عن الضرر‪.5‬‬
‫القاضي سيد في تقدير درجة اإلعتداء وخطورته لألمر باتخاذ إجراء الحجز من عدمه‪ ،‬ويبقى‬
‫أمر الحجز إجراء استثنائي في التشريعات الحديثة ال ينظر فيه قاضي االستعجال أو قاضي‬
‫الموضوع إذا كان هو الذي ينظر في قضية االعتداء‪.‬‬
‫كما ال يمكنه الفصل في هذا اإلجراء إلى بتوفر شروط االستعجال المذكورة سالفا‪ ،1‬ويعتبر‬
‫أيضا الحجز على وسيلة اإلعتداء بصفة كلية أمر استثنائي كالحجز على أجهزة المراقبة‪ ،‬أو الحجز‬
‫على الصور أو رسائل أو تسجيالت لصوت العامل‪ ،‬إلى غير ذلك من وسائل االعتداء على الحياة‬
‫الخاصة للعامل‪.‬‬
‫‪ - 2‬الحراسة (‪) Le séquestre‬‬
‫شخص أو عدة‬ ‫الحراسة إجراء تحفظي نموذجي يقصد به إيداع شيء متنازع فيه من طر‬
‫أشخاص بين أيدي شخص آخر‪ ،‬يلتزم بإعادته بعد فض المنازعة إلى الشخص الذي يثبت له الحق‬
‫في النزاع بتحضير عناصر اإلثبات تحسبا لدعوى‬ ‫فيه‪ ،‬وهذا اإلجراء يسمح أساسا لألطرا‬
‫التعويض يمكن أن ترفع في الموضوع‪ ،‬ويرى بعض الفقه بأن الحراسة من هذا المنظور ال تشكل‬
‫حماية ضد االعتداء على الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬بل عنصر إثبات في دعوى التعويض عن هذا‬
‫االعتداء‪.‬‬
‫قد تكون الحراسة وسيلة حماية حقيقية في الحالة التي يأمر بها القاضي إلى غاية قيام المعتدي‬
‫بإلغاء أو محو الفقرات محل النزاع من التسجيالت أو الصور أو غيرها‪ ،‬واللجوء إلى الحراسة في‬
‫االعتداء‪ ،‬كما يتسم هذا اإلجـراء بأنه مـؤقت بإمكان محكمة‬ ‫مثل هذه الحالة يكون بغرض وقـ‬
‫الموضوع إلغاءه إذا تبين لها ما يدعو إلى هذا اإللغاء‪.2‬‬
‫قد يؤمر بهذا اإلجراء بوصفه إجراءا تحفضيا على بعض األوراق الصادرة عن المدعى عليه‬
‫في د عوى مسؤولية مدنية لم ترفع بعد‪ ،‬شأن أوراق تخص تحريات يجريها صاحب العمل عن‬
‫الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬ولقاضي األمور المستعجلة في فرنسا أن يضع تحت الحراسة شرائط‬

‫‪ 5‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪222.‬‬
‫‪ 1‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ 2‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪331.‬‬

‫‪391‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫تسجيالت تليفيزيونية‪ ،3‬شأن تسجيالت كاميرا المراقبة الموضوعة في األمكان األكثر خصوصية في‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫‪ - 3‬بعض الوسائل الوقائية األخرى‬
‫فضال عن الحماية التي تقرر ها المادة ‪ 2/1‬من القانون المدني الفرنسي فإن المادة ‪ 111‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي تقرر حماية مشابهة تستغرق الحماية التي قررتها المادة ‪ 2/1‬فيما‬
‫يتعلق باالجراءات الوقائية‪ ،‬إذ تقرر أنه يجوز لقاضي اإلستعجال أن يأمر باتخاذ اإلجراءات‬
‫التحفظية أو بإعادة الحالة إلى ما كانت عليها سواء كان ذلك ألجل تفادي حدوث ضرر وشيك‬
‫متاعب يبدو عدم مشروعيتها واضحا‪.1‬‬ ‫أو لوق‬
‫االعتداء على أي حق من حقوق الشخصية يندرج فيه حق االنسان في حماية حياته الخاصة‪،‬‬
‫يجيز‬ ‫فاعتداء على الحقوق المالزمة لصفة االنسان يمثل اعتداء على ذاتية االنسان وهو مبرر كا‬
‫للقضاء أن يتدخل لتوفير ما يلزم من الحماية‪ ،‬لمجرد االعتداء دون اشتراط تحقق الضرر ودون‬
‫اشتراط تعلق الفعل بجريمة جنائية أوال‪ ،‬فإذا قام صاحب العمل بأفعال أو تصرفات من شأنها‬
‫المسا س بحياة العامل الخاصة كان العامل وفقا للمادة ‪ 41‬من القانون المدني أن يطلب وق‬
‫االعتداء كإجراء وقائي‪.‬‬
‫صور االعتداء على الحياة الخاصة وتعددها‪،‬‬ ‫صور عديدة باختال‬ ‫تشمل صور المنع والوق‬
‫والتعديل في اإلجراء الذي يمس الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬بالقدر الذي يمنع‬ ‫فقد تشمل التدخل بالحذ‬
‫االعتداء‪ ،‬كذلك يشمل حق العامل في الرد والتوضيح والتصحيح للوقاع المتعلقة بحياته‬ ‫أو يوق‬
‫الخاصة‪ ،‬كما لوتعلق األمر بالمعالجة اآللية للبيانات الشخصية للعامل‪ ،‬كما يشمل كل إجراء يفيد في‬
‫االعتداء أو منعه قبل وقوعه‪.‬‬ ‫وق‬
‫الفرع الثاني‬
‫إجراءات الحماية القضائية للحياة الخاصة للعامل‬
‫إذا كان المساس بالحياة الخاصة للعامل أو االعتداء عليها قد بدأ بالفعل أو وقع‪ ،‬فهنا ينشأ‬
‫للعامل الحق في التعويض عن المساس بحياته الخاص إلى جانب حقه في اإلجراءات الوقائية‪ ،‬أما‬
‫إذا تم تسريحه تعسفيا للمساس بحق في الحياة الخاصة‪ ،‬فهنا له الحق في المطالبة بإرجاعه للعمل‪.‬‬

‫‪ 3‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪431.‬‬


‫‪ 1‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪399‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫أوال‪ :‬التعويض عن ضرر االعتداء على الحياة الخاصة للعامل‬


‫إن التعويض يلعب دورا هاما في جبر الضرر‪ ،‬حيث أقر القضاء الفرنسي على أن مجرد‬
‫المساس بالحياة الخاصة بمنح صاحب الحق الشخصي الحق في التعويض‪ ،2‬غير أن هذا الدور وإن‬

‫كان يبدو جليا بالنسبة لألضرار المادية‪ ،‬إال أنه ليس كذلك بالنسبة لألضرار المعنوية‪.1‬‬
‫من األلم الناشيء عن االعتداء‬ ‫بالرغم من ذلك فإن التعويض يساهم بقدر كبير في التخفي‬
‫على الحياة الخاصة‪ ،‬خاصة في الحاالت التي ال تفلح فيها اإلجراءات الوقائية في منع االعتداء‬
‫أصال‪ ،‬أو أفلحت في وقفه بعد أن يكون قد بدأ فعال‪ ،‬وكذلك الحاالت التي ال يرى فيها القاضي سببا‬
‫للجوء إلى هذه اإلجراءات الوقائية‪.2‬‬
‫المشرع الفرنسي غير موقفه من حيث أساس التعويض‪ ،‬فبعدما كان يؤسس أحكامه على قواعد‬
‫المسؤولية المدنية الواردة في المادة ‪ 9312‬من القانون المدني‪ ،‬أصبح يستند في تعويض االعتداء‬
‫على الحياة الخاصة إلى نص المادة ‪ 1‬مباشرة‪.‬‬
‫أما في التشريع الجزائري فإن التعويض في حالة االعتداء على حرمة الحياة الخاصة يجد‬
‫أساسه في المادة ‪ 41‬من القانون المدني‪ ،‬التي تجيز الحصول على التعويض عما يكون قد لحق‬
‫المضرور من ضرر جراء االعتداء على حقه هذا‪ ،‬ويستند التعويض أيضا على أساس المادة ‪924‬‬
‫من القانون المدني‪ ،‬وكذلك فعل المشرع المصري في المادة ‪ 31‬من القانون المدني‪.‬‬
‫‪ - 1‬التعويض عن الضرر المعنوي‬
‫في حالة وقوع االعتداء على الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬فإنه يحق لهذا األخير الحق في طلب‬
‫التعويض‪ ،‬إلى جانب حقه في طلب اتخاذ اإلجراءات الوقائية‪ ،‬ويؤسس القضاء الفرنسي الحق في‬
‫التعويض عن المساس بالحياة الخاصة على نص المادة التاسعة من ق‪.‬م‪ ،‬أما في الجزائر فيتأسس‬
‫هذا الحق على نص المادة ‪ 14‬من ق‪.‬م‪.‬‬
‫لمَا كان الضرر الذي يصيب العامل نتيجة المساس بحياته الخاصة هو ضرر معنوي في‬
‫المقام األول‪ ،‬فإن الضرر مفترض‪ ،‬إذ أن االعتداء على الحق يعني توافر الضرر المعنوي الموجب‬
‫الستحقاق التعويض‪.3‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Cass. 3 em civ, 25 Février 2004, D 2004, p 1630.‬‬
‫‪ 1‬ثار جدل حول مدى جواز التعويض عن الضرر المعنوي إلى أن استقر القضاء والفقه على مبدأ جوازه‪ ،‬انظر‪ :‬سعيد مقدم‪،‬‬
‫التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بيروت‪ ،9113 ،‬ص ‪ ،99‬وانظر كذلك في الفقه الفرنسي‪:‬‬
‫‪, La réparation du préjudice dans la responsabilité civile, Dalloz, Paris, 1983, p 503 et 504. (Y)CHARTIE‬‬
‫‪ 2‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪422.‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪223.‬‬

‫‪392‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫يتمثل الضرر المعنوي في االعتداء على الشعور بالحياء لدى العامل تجاه حياته الخاصة‬
‫وا لسرية‪ ،‬أو شرفه أو سمعته أو معتقداته‪ ،‬والمعاناة التي يتحملهل من جراء االعتداء واألذى‬
‫المعنوي الناشيء عن المساس بحياته الخاصة‪ ،1‬أو الضرر الذي يصيب مصالحه غير المالية في‬
‫غالب األحوال‪.2‬‬
‫أثار التعويض عن الضرر المعنوي أو األدبي خالفا كبيرا في الفقه والقضاء‪ ،‬فذهب القضاء‬
‫الفرنسي في بداية األمر إلى عدم تعويض الضرر المعنوي لعدم إمكانية تقويمه بالنقود‪ ،3‬غير أنه‬
‫أستقر في الفقه و القضاء المعاصرين بجواز التعويض عن الضرر األدبي‪ ،4‬أما على مستوى‬
‫التشريع الجزائري‪ ،‬فإن القانون ‪ 99/11‬المتعلق بعالقات العمل لم يأتي على ذكر الضرر المعنوي‬
‫بصفة صريحة ضمن نصوصه سيما المادة ‪ 13‬منه‪.‬‬
‫بالرجوع إلى التشريعات المقارنة‪ ،‬وبعد جدل طويل أصبح من المقرر إمكانية التعويض على‬
‫الضرر المعنوي‪ ،5‬ولم تكن القوانين المدنية تشير صراحة إلى هذا الضرر‪ ،‬إال أنه بالرجوع إلى‬
‫القضاء فإنه كان يعوض عنه بالرغم من غياب النصوص القانونية الصريحة التي تسمح بذلك‪،‬‬
‫ويظهر هذا من خالل العديد من التطبيقات القضائية‪ ،6‬شأن القضاء الجزائري وكان ذلك قبل صدور‬
‫المادة ‪ 912‬مكرر من القانون المدني التي نصت صراحة على التعويض عن الضرر المعنوي‪،7‬‬
‫تقابلها المادة ‪ 222‬من القانون المدني المصري‪ ،‬والمادة التاسعة من القانون المدني الفرنسي‪.‬‬
‫التشريع الجزائري تدارك األمر بشكل متأخر‪ ،‬وكان ذلك بموجب القانون رقم ‪ 91-13‬الصادر‬
‫المادة ‪ 912‬مكرر سالفة الذكر‪ ،‬والتي كرس بواسطتها مبدأ‬ ‫بتاريخ ‪ 21‬جوان ‪ ،2113‬الذي أضا‬

‫‪, Les pouvoirs du juge des référés civil à légard de la liberté de communication d’expression, (P)1 KAYSER‬‬
‫‪op.cit, p 365.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p 403.‬‬
‫‪ 3‬محكمة باريس ‪ 21‬مارس ‪ 9113‬سيري‪ ،‬رقم ‪ ،9.9113‬نقض جنائي فرنسي ‪ 21‬مارس ‪ ،9141‬دالوز ‪ ،‬رقم ‪،223.9.9141‬‬
‫العربي بالحاج‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪219.‬‬
‫‪ 4‬م ‪ 912‬مكرر ق‪.‬م‪.‬ج‪ ,‬قانون ‪ 91\13‬مؤرخ ‪ 21‬جانفي ‪ 2113‬بواسطة‪ ,‬التي ذكرت التعويض عن الضرر المعنوي ‪,‬وأضافت‬
‫تعريفا له ‪ :‬كل مساس بالحرية أو السمعة أو الشرف‪ ،‬بينما يرى األستاذ العربي بالحاج أن الضرر األدبي جاء أيضا ضمنيا في‬
‫المواد ‪924‬و‪ 919‬من القانون المدني المتعلقتين بالمسؤولية التقصيرية والعقدية على شكل عام وبصفة مطلقة وكلية تفيد أن‬
‫التعويض يشمل الضرر األدبي وقد استقر القضاء الجزائري على تعويض الضرر األدبي وفقا للسلطة التقديرية للقاضي‬
‫الموضوع‪ ،‬المحكمة العليا ‪21‬ديسمبر ‪ 9119‬ملف رقم ‪ 24311‬مجلس قضاء الجزائر ‪ 29‬سبتمبر ‪ 9113‬رقم ‪ 9311\491‬غير‬
‫منشور ‪ ،‬المحكمة العليا ‪،‬غ‪.‬أ ‪ 9111\92\23 ،‬م‪.‬ق‪ ،9119.4.‬ص ‪.912‬‬
‫‪ 5‬سعيد مقدم‪ ،‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بيروت‪ ،9113 ،‬ص ‪999.‬‬
‫‪ 6‬أمثلة عن األحكام القضائية الفرنسية المقرة للتعويض عن الضرر المعنوي قبل وبعد صدور المادة ‪ 11‬من ق‪.‬م‪.‬ف‪ ،‬والوارد‬
‫ذكرها في صفية بشاتن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪:433‬‬
‫‪-T.G.I, Paris, 1er ch, Civ, du 16/03/1955, (aff Marléne DIETRICH).‬‬
‫‪-T.G.I, Paris, 1er ch, Civ, du 13/07/1982, Diffusion personnels attentatoires à la vie privée du concerné.‬‬
‫‪- T.G.I, Nice, 3èmech, Civ, du 19/02/2002, L.P.196, Nov.2002, Appartenance erronée à la franc-maconnerie.‬‬

‫‪ 7‬تنص المادة ‪ 912‬مكرر من القانون المدني الجزائري‪ ،‬المعدل بالقانون رقم ‪ 91-13‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬جوان‪ 2113‬على أنه ‪:‬‬
‫"يشمل التعويض عن الضرر المعنوي كل مساس بالحرية أو الشرف أو السمعة"‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫استحقاق التعويض عن الضرر المعنوي‪ ،‬إال أن الفقه كان مياال وشبه مجمعا على تعويض مختل‬
‫أنواع الضرر بما فيها الضرر المعنوي وذلك حتى قبل استحداث هذه المادة‪.1‬‬
‫بالرغم من أن تشريع العمل الجزائري لم ينص على ذلك‪ ،‬إال أنه يتضح من خالل نص المادة‬
‫‪ 9‬منه أنها توجب "احترام السالمة البدنية والمعنوية وكرامة العامل"‪ ،‬وبالرجوع إلى نص المادة ‪1‬‬
‫من القانون األساسي العام للعامل الملغى يظهر بأنها تضمن حماية العامل أثناء ممارسة عمله‬
‫والتهديد والضغط‪.‬‬ ‫أو القيام بمهامه من كل أشكال اإلهانة والقذ‬
‫إذن فإن أي اعتداء على حرمة الحياة الخاصة للعامل في مكان العمل‪ ،‬كاإلطالع على‬
‫مراسالته الخاصة على سبيل المثال وما يترتب له ذلك من ضرر معنوي يستحق التعويض‪ ،‬حيث‬
‫تحضى المراسالت واالتصاالت عبر الرسائل االلكترونية التي يقوم بها العامل أو يتلقها في مكان‬
‫العمل وأثناء وقت العمل بالحماية القانونية‪.‬‬
‫ال يحق لصاحب ال عمل وال لباقي الزمالء اآلخرين في العمل اإلطالع على سرية الرسائل‬
‫متى تلقاها العامل لنفسه أو أرسلها لغيره طالما أنها ال تدخل في إطار العمل الذي يقوم به في تلك‬
‫المؤسسة‪ ،2‬وأن أي انتهاك لهذا الحق يترتب عنه ضرر معنوي للعامل يحق بناءا عليه المطالبة‬
‫بالتعويض لمساس ه بالحياة الخاصة للعامل‪ ،‬ذلك أن الفقه يرى أن األساس القانوني إلحترام سرية‬
‫المراسالت هو اعتبارها من المسائل المرتبطة بشخصية المتراسلين وكيانهم األدبي‪.3‬‬
‫‪ - 2‬التعويض عن الضرر المادي‬
‫إلى جانب الضرر المعنوي‪ ،‬يمكن أن ينشأ عن اإلعتداء على الحياة الخاصة ضرر مادي‪،‬‬
‫يتمثل في الخسارة التي تلحق المضرور أو الكسب الذي يفوته بسبب هذا االعتداء‪ ،4‬غير أن‬
‫الحاالت الضرر المادي قليلة مقارنة بحاالت الضرر المعنوي في هذا المجال‪ ،‬حيث تقتصر على‬
‫العاملين في المجال الفني أو الرياضي‪.‬‬
‫حيث يرى بعض الفقه أن الحق المالي الذي ينشئه الحق في الحياة الخاصة ال يكون سوى‬
‫للعاملين في المجال الفني‪ ،‬والتي يتمتعون بإمكانية اشتراط في عقود عملهم مقابل ماتلي نظير إفشاء‬

‫‪ 1‬محمد صبري السعدي‪ ،‬شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2111 ،‬ص ‪ ،11‬علي‬
‫علي سليمان‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ ،9111 ،‬ص ‪.999‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Voir cass. Soc du 17 Mai 2007, L’arrêt fut prononcé en faveur de l’employé, déclarant que « L’ouverture‬‬
‫‪des fichiers personnels effectuée hors présence de l’intéressé n’était justifiée par aucun risque ou événement‬‬
‫‪parriculier ».‬‬
‫‪ 3‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪343.‬‬
‫‪ 4‬صفية بشاتن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.431‬‬

‫‪394‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫عن‬ ‫حماية الحياة الخاصة لهؤالء لضمان مقابل مالي نظير الكش‬ ‫حياتهم الخاصة‪ ،‬وتوظ‬
‫عناصر هذه الحياة الخاصة‪.1‬‬
‫هذا اإل فتراض ال يتعلق بانتهاك حق شخصي في الحياة الخاصة‪ ،‬وإنما يتعلق األمر أكثر‬
‫عن الحياة الخاصة أو التقاط صور والتدخل في‬ ‫باإلخالل بالتزامات عقدية تسمح بمساومة الكش‬
‫خصوصياتهم‪.2‬‬
‫هنا يظهر الضرر المادي بصفة أساسية في مجال االعتداء على الحياة الخاصة بواسطة‬
‫ا لصورة‪ ،‬فإذا قبل أحد العاملين في هذا المجال نشر صورته مجانا من أجل الدعاية‪ ،‬فال يجوز‬
‫أخرى تحقق مصلحة تجارية‪ ،‬وإذا‬ ‫استعمال هذه الصورة ألغراض أخرى وتحويلها إلى أهدا‬
‫حدث ذلك فعال‪ ،‬فإنه ينشأ للمعتدى عليه الحق في التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر مادي‬
‫يتمثل في الخسارة الالحقة به‪.3‬‬
‫غير أنه يصعب في الحاالت السابقة الفصل بين الضرر المادي والضرر المعنوي‪ ،‬إذ نتج‬
‫عن االعتداء أيضا بالنشر أو بأية وسيلة أخرى ضرر معنوي‪ ،‬لذلك نجد القضاء يقوم بتقدير مبلغ‬
‫التعويض يغطي الضرر المادي ويزيد عنه ما يجبر هذا الضرر المعنوي‪.4‬‬
‫‪ - 3‬إثبات ضرر المساس بالحياة الخاصة‬
‫بإثبات الضرر‪ ،‬ألن المساس بالحياة‬ ‫إذا كان التعويض يرتبط بالضرر إال أن المدعي ال يكل‬
‫الخاصة كحق من الحقوق المالزمة للشخصية يعني وجود ضرر‪ ،‬فاالعتداء على الحق يعني توافر‬
‫الضرر‪ ،‬ومن ثم يجب تعويضه ويكفي في حد ذاته إلستحقاق التعويض‪ ،‬ألن الحياة الخاصة قيمة‬
‫يحميها القانون‪.‬‬
‫الحق في التعويض يثبت دون حاجة لبحث ما إذا كان السلوك معاقبا عليه أم ال‪ ،‬ودون أهمية‬
‫من وراء وضعه اآلت المراقبة الخفية إلى منع قيام‬ ‫أو ال يهد‬ ‫لما إذا كان صاحب العمل يهد‬
‫العامل بالسرقة‪ ،‬فاإلعتداء أو المساس بالحياة الخاصة ينبغي أن يعطي العامل حقا في الحصول على‬
‫تعويض‪ ،‬كما أن خطأ العامل ال يعد مبررا الستعمال وسائل مراقبة غير مشروعة أو اللجوء إلى‬
‫المساس بالحياة الخاصة للعامل‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪RAVANAS )J(, op.cit, p 7.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Bernard BEIGNIER, Thèse sur "L'honneur et le droit, Université de Panthéon-Assas, Paris, 1991, p 72.‬‬
‫‪disponible sur: http://www.gbv.de/dms/spk/sbb/recht/toc/272109096.pdf‬‬
‫تاريخ االطالع‪.2199/14/12 :‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كمال األهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪444.‬‬
‫‪ 4‬في القضاء الجزائري‪ :‬قضية رقم ‪ 1/441‬أمام محكمة سيدي محمد بالعاصمة‪ ،‬قضية العائلة العاصمية ضد شركة سونلغاز التي‬
‫نشرت صورتها دون إذن وال علم منها‪ ،‬مذكور في صفية بن شتاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.441‬‬
‫‪5‬‬
‫‪BOSSU )B(, Nouvelles technologies…, op.cit, p 668.‬‬

‫‪393‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لمَا كان الضرر الناتج عن المساس بالحياة الخاصة ضرر معنوي في المقام األول‪ ،‬فإن‬
‫الضرر مفترض‪ ،‬وعلى ذلك في المشرع سواء في فرنسا أو مصر يقر بالحق في الخصوصية كحق‬
‫عن‬ ‫من خالله بالقيم الضرورية لإلنسان‪ ،‬ويتحقق االعتداء من مجرد الكش‬ ‫مستقل بذاته‪ ،‬يعتر‬
‫عمديا أو غير عمدي‪ ،‬وبالتالي يعفى المدعي من إثبات الخطأ‪،‬‬ ‫الحياة الخاصة سواء كان هذا الكش‬
‫ألن مجرد اإلعتداء على الحياة الخاصة يعني إثبات الخطأ‪.1‬‬
‫هذا ما أكدت عليه محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر في ‪ 13‬نوفمبر ‪ ،9199‬الذي‬
‫جاء فيه " أن مجرد إثبات اإلعتداء أو المساس بالحياة الخاصة يعطي وفقا للمادة ‪ 11‬من القانون‬
‫المدني الحق في التعويض‪ ، 2‬وبهذا ال يحتاج العامل إلى إثبات الضرر الناتج عن المساس بحقه في‬
‫الحياة الخاصة أو أحد مظاهرها كالحق في الصورة على سبيل المثال‪.‬‬
‫حيث ذهب بعض الفقه إلى القول أن الممارسات القضائية قد اعترفت بوجود حق ذاتي لفائدة‬
‫بهذا الحق يضمن لإلنسان‬ ‫الشخص الذي تم االعتداء على صورته بأي وسيلة كانت‪ ،‬وأن االعترا‬
‫حماية أكثر‪ ،‬حيث أن أي اعتداء على الحق في الصورة يجيز للمعتدى عليه إقامة دعوى أمام‬
‫القضاء لوضع حد لهذا االعتداء دون أن يكون ملزما بإثبات خطأ االعتداء‪ ،‬وأن هذا الخطأ هو سبب‬
‫حصول الضرر‪.3‬‬
‫هذا ما ذهبت إليه محكمة الدرجة األولى بباريس في حكمها الصادر في ‪ 24‬سبتمبر ‪،9119‬‬
‫حين اعتبرت أن أي اعتداء على الحق في الصورة يجب معاقبته والتعويض عليه ولو لم يثبت‬
‫المعتدى عليه الضرر الالحق به‪.4‬‬
‫غير أنه من خالل المقارنة مع التشريع المغربي‪ ،‬نالحظ أنه ينص في المادة ‪ 11‬على أنه‬
‫« كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه‪ ،‬ال بفعله فقط ولكن بخطاه أيضا‪،‬‬
‫وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في الضرر‪.5»..‬‬
‫الفقه الفرنسي أنه بإمكان العامل متى أثبت خطأ صاحب‬ ‫يرى الفقه المغربي على خال‬
‫العمل والضرر الالحق به والععالقة السبيية بينهما أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق حقا‬

‫‪ 1‬صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪223.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 1 ch, Civ, 05 NOV.1996, Les grands arrêts de la jurisprudence, par H.CAPITAN, T.I, 11 éme éd,‬‬
‫‪ere‬‬

‫‪2000, n° 17.‬‬
‫‪ 3‬محمد بن حساين‪ ،‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Tribunal de grande instance de Paris, 24 Septembre 1976, J.C.P, 1977, IV, 257, cité par : LINDON )R(,‬‬
‫‪op.cit, p 119.‬‬
‫‪ 5‬أيضا نص المادة ‪ 11‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي الذي ينص على أن " كل فعل ارتكبه االنسان عن بينة واختيار ومن‬
‫غير أن يسمح به القانون‪ ،‬فأحدث ضررا ماديا أو معن ويا للغير‪ ،‬الزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر‪ ،‬إذا ثبت أن ذلك الفعل هو‬
‫السبب المباشر في حصول الضرر"‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫من حقوقه الشخصية‪.1‬‬


‫ثانيا‪ :‬حماية عالقة العمل من أثر االعتداء على الحياة الخاصة للعامل‬
‫إن الخصومة التي تطرأ بين العامل وصاحب العمل ترتب أثاراً على كال من الحياة المهنية‬
‫فيه‬ ‫والحياة الخاصة للعامل‪ ،‬إذ تؤدي إلى انعكاسات سلبية تزج بالعامل في الشارع في زمن يعر‬
‫سوق الشغل في كافة أرحاء العالم أزمة خانقة‪ ،‬فيجد نفسه محروما من الشغل الذي يقتات منه هو‬
‫وعائلته‪.‬‬
‫عوض أن يشتكي العامل عدم كفاية األجر‪ ،‬فإنه سيشتكي من فقدانه العمل مما يترت عليه من‬
‫ديون والتزامات‪ ،‬وبفقدان مورد عيشه وممول حياته الخاصة سيلجأ إلى القضاء وكله أمل في‬
‫الحصول على حقه على وجه السرعة‪ ،‬وثبت أن أغلب العمال المسرحين حين يتقاضون تعويضاهتم‬
‫عن الطرد التعسفي يدفعون أغلبها لسد الديون المتراكمة‪.‬‬
‫اتجه التشريع إلى تقييد حرية صاح ب العمل في تسريح العامل‪ ،‬وعدم اإلبقاء على الحرية‬
‫المطلق ة له في تسريح العامل تعسفيا متى يشاء ألي سبب كان‪ ،‬حماية لحقوق العامل وليتفق مع مبدأ‬
‫صفة مفترضة في جانب صاحب العمل‪ ،‬إذ يكتفي العامل بأن يرفع‬ ‫الحق في العمل‪ ،‬يعتبر التعس‬
‫أو يثبته‬ ‫دعوى للمطالبة بإرجاعه لعمله أو يطلب تعويض تسريحه دون أن يدعي صراحة التعس‬
‫صاحب العمل في إنهاء عالقة العمل ألسباب مستمدة من الحياة الخاصة‬ ‫منذ البداية‪ ، 2‬فقد يتعس‬
‫للعامل سواء أثناء تربصه أو بعد تثبيته في منصب العمل‪ ،‬مما يضطر العامل إلى اللجوء إلى‬
‫القضاء للمطالبة بالحماية‪.‬‬
‫‪ - 1‬الحماية من أثر اإلعتداء على الحياة الخاصة للعامل أثناء التربص‬
‫يمثل تعيين العامل تحت االختبار أو التجربة مرحلة متقدمة من مراحل إبرام عقد العمل‪ ،‬تتيح‬
‫لصاحب العمل أن يقيَم بشكل عملي القدرات المهنية وكفاءته لشغل منصب العمل‪ ،‬والتحقق من‬
‫خبراته وتوافقه مع الوسط المهني داخل المؤسسة‪ ،‬كما تتيح للعامل من ناحية أخرى التحقق من‬
‫العمل بالنسبة له‪.3‬‬ ‫مالئمة ظرو‬
‫تكمن أهمية فترة التجربة أو االختبار في أنها تتيح لمن تقرر لطرفي عالقة العمل أن يتحلل‬
‫من العالقة العقدية في أي وقت دون مسؤولية‪ ،‬طالما كان ذلك بسبب عدم رضائه عن نتيجة‬

‫‪ 1‬محمد بن حساين‪ ،‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 2‬مقني بن عمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪3‬‬
‫‪PELISSIER (J), SUPIOT(A) et JEAMMAUD (A), op.cit, p 188.‬‬

‫‪391‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في هذه العالقة أن يتخلص وبشكل انفرادي عن عالقة العمل دون‬ ‫التجربة وبالتالي يكون لكل طر‬
‫التطبيق في مواجهته القواعد الخاصة باإلنهاء‪.1‬‬
‫رغم الفائدة التي ينطوي عليها عقد العمل تحت التجربة في حق اإلنهاء دون مسؤولية‪ ،‬إال‬
‫في‬ ‫أن ذلك قد يتم قصد اإلضرار بالعامل‪ ،‬ولذلك يحرص القضاء على تطبيق في كرة التعس‬
‫استعمال الحق على اإلنهاء غير المبرر لعقد العمل تحت التجربة‪ ،‬ويراقب القضاء في فرنسا عدم‬
‫الذي من أجله شرعت فترة التجربة‪ ،‬وهو تقدير مدى تناسب الكفاءة‬ ‫صاحب العمل بالهد‬ ‫انحرا‬
‫المهنية للعامل مع منصب العمل والحكم بشكل عملي عرى قدرات هذا األخير‪.2‬‬
‫يرى القضاء في فرنسا أن فترة التجربة ينبغي أن تقتصر وتنحصر في القدر الضروري‬
‫الالزم لتقدير كفاءة العامل للعمل الذي سيشغله بعد نجاحه في التجربة‪ ،‬فعلى العامل أن يبرهن‬
‫قدراته في االضطالع بمهام عمله‪ ،‬وفي المقابل له أن يمارس حياته الخاصة وال سلطة لصاحب‬
‫العمل في ذلك‪ ،‬فال يمكن لصاحب العمل أن ينهي فترة التجربة بحجة إقدام العامل المتربص على‬
‫الزواج‪ ،3‬كما ال يمكنه إنهاء عقد العمل بحجة وجود عالقة تربط العامل بصاحب العمل السابق‪.4‬‬
‫إذا أنهى صاحب العمل العقد خالل فترة التجربة يفترض أن اإلنهاء يرجع إلى فشل العامل‬
‫ذلك‪ ،‬ويكون اإلنهاء تعسفيا إذا لم يكن سببه راجعا إلى‬ ‫في التجربة ما لم يثبت العامل خال‬
‫هنا على كاهل العامل‪ ،‬ويراقب قاضي الموضوع ما إذا كان‬ ‫العامل‪ ، 5‬ويقع عبء إثبات التعس‬
‫صاحب العمل قد منح الفرصة للعامل إظهار مهاراته وقدراته خالل فترة التجربة أم أنه كان متعسفا‬
‫حيال ذلك‪.6‬‬
‫‪ - 2‬الحماية من أثر االعتداء على الحياة الخاصة للعامل بعد التثبيت‬
‫في استعمال‬ ‫من المسائل التي يأخذها القضاء الفرنسي في حسبانه مبدأ المالئمة وعدم التعس‬
‫الحق‪ ،‬في هذا الصدد تطور القضاء وتطلب المساس بالحريات الفردية والجماعية للعمل في العمل‬
‫كاستثناء قيودا موضوعية ترتبط باإلضرار بمصالح المؤسسة‪.‬‬
‫البحث عن الموضوعية أدى في فرنسا إلى عدم تقرير مصير العامل إال من خالل وقائع‬
‫موضوعية حقيقية‪ ،‬إذ من الطبيعي أن تظل أفكاره ومعتقداته خارج نطاق العقد‪ ،‬حيث أن مسائل‬
‫الحياة الخاصة ال يمكن أن تشكل بذاتها سببا للتسريح‪ ،‬إال إذا كان سلوك العامل بالنظر إلى طبيعة‬

‫‪ 1‬انظر المادة ‪ 4-922‬من قانون العمل الفرنسي التي تستثني عقد العمل تحت التجربة من هذه القواعد‪ ،‬انظر محمود جمال الين‬
‫زكي‪ ،‬عقد العمل الفردي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،911‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪ 2‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 17 Mars 1971, Bull.civ, n° 216.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪CA. Paris, 23 Avril, 1992, R.J.S, 6/92, n°181, p 445.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Versailles, 15 Nov. 1993, R.J.S, 3/94, n°338, p 51.‬‬
‫‪ 6‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪391‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المؤسسة يؤدي إلى اضطراب ملحوظ في المؤسسة‪ ،‬وهذا ما تؤكد عليه األحكام‬ ‫عمله وهد‬
‫القضائية في فرنسا وما تقره من موضوعية‪.1‬‬
‫القضاء المصري‪ 2‬بدوره قضى بأن ز واج العاملة ال يبرر تسريحها طالما أن المدعية تقوم‬
‫بعملها على الوجه األكمل‪ ،3‬كما قضى بأن القانون تكفل بمراعاة حقوق العاملة المتزوجة‪ ،‬فليس‬
‫لصاحب تسريحها بسبب تضرر المؤسسة من حملها‪ ،4‬كما قضى بأن الميول السياسية للعامل ال‬
‫تبرر التسريح إال إذا كان لها أثرها على عقد عمله وكان من شأنها اإلضرار بمصلحة العمل‪.5‬‬
‫أما القضاء الجزائري فقد قضى في قرار حمل رقم ‪ 949932‬الصادر في ‪ 11‬يناير سنة‬
‫‪ 9111‬الصادر عن الغرفة االجتماعية للمحكمة العليا إثر الطعن بالنقض في الحكم القاضي برجوع‬
‫العامل إلى منصب عمله‪ ،‬الذي أقر أنَ النظام الداخلي الذي يقرر بندا ينقص من حقوق العمال التي‬
‫أقرها التشريع يعد باطال‪.‬‬
‫أكد هذا القرار أن ما نص عليه القانون هو بطالن مقتضيات النظام الداخلي التي تحد‬
‫أو تنقص من حقوق العمال حسب ما تقرره القوانين واألنظم السارية المفعول‪ ،‬وليس هو الحال‬
‫بالنسبة لمقتضيات النظام الداخلي التي تكون أرحم بالعامل في المجال التأديبي مما جاء في القانون‬
‫وفي نفس المجال‪.6‬‬
‫قد نصت المادة ‪ 4-13‬فقرة ‪ 2‬من قانون ‪ 99/11‬المعدلة بالمادة ‪ 1‬من قانون رقم ‪29/19‬‬
‫على أنه « وإذا حدث تسريح العامل خرقا ألحكام المادة ‪ 13‬أعاله يعتبر تعسفيا‪ ،‬تفصل المحكمة‬
‫المختصة ابتدائيا ونهائيا إما بإعادة إدماج العامل في المؤسسة مع اإلحتفاظ باإلمتيازات المكتسبة‪،‬‬
‫أو في حالة رفض أحد الطرفين يمنح العامل تعويضا ماليا ال يقل عن األجر الذي يتقاضاه العامل‬
‫عن مدة ستة أشهر من العمل دون اإلخالل بالتعويضات المحتملة‪ ،‬ويكون الحكم الصادر في هذا‬
‫المجال قابال للطعن بالنقض»‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass.soc, 20Nov.1991, Bull, Civ, n°512, Dr.soc, 1992, p 79, Cass.soc, 17 Avril 1991, Dr.soc, p 485, Note‬‬
‫‪SAVATIER (J), Cass.soc, 22 Jan 1992, Dr, soc, 1992, p 329, Note SAVATIER (J).‬‬
‫‪ 2‬وردت مجموع ة األحكام القضائية المتعلقة بهذا الموضوع لدى‪ :‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في‬
‫عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 219‬‬
‫‪ 3‬محكمة الشؤون العمالية الجزئية بالقاهرة‪ ،‬قضية رقم ‪ 3913‬لسنة ‪ ،9199‬بتاريخ ‪ ،9192/19/23‬مجموعة عصمت الهواري‪،‬ج‬
‫‪ ،2‬ص ‪.393‬‬
‫‪ 4‬محكمة القاهرة االبتدائية‪ ،‬قضية رقم ‪ 9419‬لسنة ‪ ،9191‬بتاريخ في ‪ ،9199/13/99‬مجموعة عصمت الهواري‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‬
‫‪.393‬‬
‫‪ 5‬محكمة استئناف القاهرة‪ ،‬قضية رقم ‪ 9134‬لسنة ‪ ،9111‬بتاريخ ‪ ،9119/19/99‬مجموعة عصمت الهواري‪ ،‬ح ‪ ،2‬ص ‪394.‬‬
‫‪ 6‬ذلك أن التشريع الجزائري ينص في المادة ‪ 11‬من القانون ‪ 99/11‬بصراحة على ما يلي‪« :‬تعد الشروط الواردة في النظام الداخلي التي تلغي‬
‫حقوق العمال وتحد منها كما تنص عليها القوانين‪ ،‬واالتفاقيات الجماعية المعمول بها ال غية وعديمة المفعول»‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫كما هو معلوم أنه حتى تقبل دعوى العامل الذي تعرض إلى التسريح التعسفي أمام الجهات‬
‫القضائية المختصة فإنه يجب أن يكون قد استنفذ جميع مراحل التسوية الودية للنزاع القائم بينه وبين‬
‫رب العمل‪.‬‬
‫لعلَ أهم مراحل التسوية الودية‪ ،‬مرحلة عرض النزاع أما مكتب المصالحة‪ ،‬حيث يتولى‬
‫مفتش العمل استدعاء طرفي النزاع ‪ -‬العامل والمستخدم ‪ -‬لمحاولة إيجاد حل وسطي يرضي جميع‬
‫بالحل الودي حرر محضر المصالحة‪ ،‬وفي حالة استمرار الخال‬ ‫األطرا ‪ ،‬فإذا قبل كل طر‬
‫فيحرر عندئذ محضر عدم مصالحة طبقا للمواد ‪ 31 ،39 ،91‬من قانون ‪ 14/11‬المتعلق بتسوية‬
‫النزاعات الفردية في العمل‪.‬‬
‫يمنح محضر عدم الصلح للعامل الذي له أن يلجأ إلى القضاء لرفع دعوى أما المحكمة‬
‫الفاصلة في المسائل االجتماعية ملتمسا منها جملة من المطالب والتي لم تتم بشأنها المصالحة‪ ،‬وهي‬
‫تتمثل أساسا في إلغاء قرار التسريح‪ ،‬إعادة إدماج العامل في منصب عمله‪ ،‬التعويض‪ ،‬ويتضح من‬
‫خالل المادة ‪ 4-13‬فقرة ‪ 2‬أن المشرع تبنى اجتهاد المحكمة العليا حول حتمية إرجاع العامل إلى‬
‫منصب عمله عند إلغاء قرار التسريح‪ ،‬غير أنه وفي حالة رفض أحد الطرفين يمنح العامل تعويضا‬
‫ماليا‪.‬‬
‫يجب على صاحب العمل أن يفصح عن رفض إعادة اإلدماج أثناء سريان الدعوى بكيفية ال‬
‫لبس فيها‪ ،‬وليس من الضروري أن يصرح عن الرفض بموجب دعوى مقابلة بل يكفي أن يعلن عنه‬
‫في مذكرة الرد‪ ،‬ولكن ال يقبل في أي حال من األحوال أن يعلن عن الرفض عند تنفيذ الحكم‬
‫بالرجوع أي بإعادة اإلدماج‪ ،‬وإال تعرض صاحب العمل إلى الغرامة التهديدية المنصوص عليها‬
‫بموجب المادة ‪ 31‬من قانون ‪ 14/11‬التي تنص على أنه‪« :‬في حالة اكتساب الحكم الصيغة التنفيذية‬
‫يحدد القاضي الغرامة التهديدية اليومية المنصوص عليها في المادتين ‪ 34‬و‪ 33‬من هذا القانون»‪.‬‬
‫هذا المبدأ كرسته المحكمة العليا في عدة قرارات لها‪ ،‬قرار رقم ‪ 931991‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 9111/14/94‬وقرار رقم ‪ 931291‬الصادر بتاريخ ‪ ،9111/1/94‬ومفادها هو أن اللجوء إلى‬
‫الغرامة التهديدية كحق يكون عندما يرفض صاحب العمل القيام بااللتزامات المحكوم بها ضده‬
‫بموجب حكم قضائي ممهور بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المطلب الثاني‬
‫ضمانات اإلثبات لحماية الحياة الخاصة للعامل‬
‫اإلثبات في معناه العام هو تأكيد وجود أو صحة أمر معين بأي دليل أو برهان‪ ،‬أما اإلثبات‬
‫بمعناه القانوني هو ما يطلق عليه اإلثبات القضائي‪ ،‬فيقصد به إقامة الدليل أمام القضاء‪ ،‬بطريق من‬
‫الطرق التي يحددها القانون‪ ،‬على وجه أو صحة واقعة متنازع فيها‪.1‬‬
‫في عالقات العمل‪ ،‬حيث يلجأ صاحب العمل إلى المراقبة التكنولوجية أو االلكترونية مثل‬
‫كاميرا الفيديو واالستعانة بالتسجيالت التي يحصل عليها من خاللها كأداة إثبات‪ ،‬فإنما يكون ذلك‬
‫بصفة أساسية إلثبات السبب الذي من أجله أقدم على إنهاء عالقة العمل التي تربطه بالعامل‪ ،‬سواء‬
‫كان هذا السبب عدم الكفاءة المهنية أو خطأ جسيم أو غيرها من األسباب التي تبرر قانونا مثل هذا‬
‫اإلنهاء‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫مدى مشروعية الدليل التكنولوجي المستمد من المراقبة‬
‫أدى تطور العلم إلى تعدد الوسائل التكنولوجية والتقنية الحديثة‪ ،‬التي يلجأ إليها طرفي عالقة‬
‫األساسي من لجوء صاحب العمل إلى المراقبة باالعتماد‬ ‫العمل في اإلثبات‪ ،‬فيرى الفقه أن الهد‬
‫على الوسائل التكنولوجية الحديثة‪ ،‬هو اعتماد األفعال واألقوال التي تم تسجيلها أو تصويرها بحسب‬
‫أن نظام اإلثبات في قانون العمل يحيلنا إلى‬ ‫األحوال كدليل إثبات إلنهاء عقد العمل‪ ،‬ومن المعرو‬
‫القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني‪.‬‬
‫إدراكا لمخاطر التكنولوجية الحديثة المستخدمة في المراقبة داخل أماكن العمل وأثناء توقيت‬
‫األنظمة القانونية المقارنة إلى وضع ضوابط اللجوء إلى هذه التقنيات الحديثة‬ ‫العمل‪ ،‬عمدت مختل‬
‫واستخدامها كوسيلة إثبات في مجال عالقة العمل‪ ،‬التي وجدت تطبيقا لها في الممارسات القضائية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ضوابط مشروعية الدليل التكنولوجي‬
‫يرى بعض الفقه أنه يتعين التعامل بخصوص مسألة اإلثبات في عالقات العمل بمزيد من‬
‫الحذر بل والتشدد مقارنة بالمجاالت األخرى‪ ،‬وذلك بالنظر إلى خصوصية هذه العالقة ومقتضيات‬
‫قانون العمل وقواعده اآلمرة والحامية باألساس لمصالح العمال والتي تعد ترجمة لفكرة النظام العام‬
‫اإلجتماعي‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬المبادىء العامة في نظرية اإلثبات في القانون الخاص المصري‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،2119 ،‬ص‬
‫‪.91‬‬

‫‪319‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫لعلَ من أهم ضوابط التي أوردها الفقه عند اللجوء إلى التقنيات التكنولوجية الحديثة‬
‫واستخدامها كوسيلة إثبات في مجال عالقة العمل‪ ،‬مبدأ أخالقيات اإلثبات من جهة‪ ،‬ومبدأ حسن النية‬
‫الذي يجب أن يسود تنفيذ عالقة العمل كعالقة عقدية من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ - 1‬مبدأ أخالقيات االثبات‬
‫يتجه القضاء االجتماعي الفرنسي إلى اعتبار أنه ال يمكن البحث عن الحقيقة بأي وسيلة‬
‫كانت‪ ،‬ويعتبر بعض الفقه الفرنسي‪ 1‬أن الغاية ال تبرر الوسيلة في مجال عالقات العمل‪ ،‬إذ أن‬
‫إظهار الحقيقة في هذا المجال يتطلب اعتبارات أخرى تتمثل في النزاهة أو االستقامة في تحصيل‬
‫الدليل أو البحث عنه‪ ،2‬والتي يؤدي الخروج عنها إلى جعل الدليل غير مشروع‪ ،‬فالدليل يكون غير‬
‫نصا قانونيا‪ ،‬بل وكذلك بقعل ال يتفق مع‬ ‫مشروع ليس فقط إذا ما تم التحصل عليه بفعل يخال‬
‫المبادىء العامة‪.3‬‬
‫تجد النزاهة حسب رأي الفقه أساسها في ما يسمى ب "أخالقيات اإلثبات"‪ ،4‬والذي يقتضي‬
‫والمالبسات التي أحاطت الدليل واستحضاره‪ ،‬باعتبارها أولوية‬ ‫ضرورة البحث في الظرو‬
‫ضرورية يتعين إجراؤها قبل تقدير محل اإلثبات‪.5‬‬
‫مؤدى أخالقيات اإلثبات؛ أنه وإن كان األمر يتعلق باستبعاد الدليل الذي ال يتوافق وكرامة‬
‫الع دالة‪ ،‬وعدم السماح باستخدام الدليل‪ ،‬أو االستناد إلية كعنصر من عناصر اإلثبات‪ ،‬إالَ أن تحصيله‬
‫يكون مستندا إلى وسائل يحوطها الغش‪ ،6‬ويرى جانب من الفقه المصري‪ 7‬أن أخالقيات اإلثبات تجد‬
‫مصدرها في بعض النصوص القانونية التي تحرص على عدم االعتداد بالشهادة التي تتضمن إفشاء‬
‫سر مهني أو وظيفي‪.8‬‬
‫عبَرت محكمة النقض الفرنسية عن أخالقيات اإلثبات بقضائها بأن « النزاهة التي يجب أن‬
‫تسود عالقات العمل‪ ،‬تمنع صاحب العمل اللجوء إلى الحيّل والشراك لوضع العامل في حالة يمكن‬

‫‪1‬‬
‫‪FRAY-SSINET )J(, Nouvelles technologies et droit fondamentaux des salariés..., op.cit, p 537.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪BOSSU )B(, L’action du délégué du personnel pour la défense des droits fondamentaux des salariés, Dr.soc,‬‬
‫‪1998, p 129.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, n° 3712.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪DENIS )J-B(, Quelques aspects de l’évolution récente des systèmes des preuves en droit civil, R.T.D, Civ,‬‬
‫‪1977, p 683.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Chauvy )C(, op.cit, p 73.‬‬
‫‪ 6‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪919.‬‬
‫‪ 7‬حسام الدين كامل االهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪332.‬‬
‫‪ 8‬المواد من ‪ 93‬و ‪ 91 ،99‬من قانون اإلثبات المصري‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫االستناد إليها الحقا إلثبات خطأه»‪ ،1‬كما جسد القضاء أيضا مبدأ أخالقيات في العديد من القضايا‬
‫من خالل رفضه االستناد على األدلة التكنولوجية كوسائل إثبات لم يكن العامل على علم بها‪.2‬‬
‫لعلَ هذا يدل على أن مبدأ اخالقيات اإلثبات يجد سنده القانوني في نصوص التشريع‬
‫الفرنسي‪ ،‬حيث تلوم المادة ‪ 1-929‬من قانون العمل الفرنسي إعالم العمال بوسائل وأليات مراقبتهم‬
‫التي قد تعتمدها فيما بعد كوسيلة إثبات إلنهاء عالقة العمل‪ ،‬كما توجب المادة ‪ 432‬من نفس القانون‬
‫إعالم وإستشارة لجنة المؤسسة قبل قرار إنفاذ هذه الوسائل‪.‬‬
‫مبدأ حسن النية في تحصيل الدليل‬ ‫‪-2‬‬
‫رغبة من القضاء في الحد من اختالل التوازن بين طرفي عقد العمل‪ ،‬فإنه يجتهد في أن تقوم‬
‫عالقات هذين الطرفين على االحترام والتعاون المتبادل فيما بينهم‪ ،‬ويترجم ذلك في صورة إعالء‬
‫الثقة الالزمة لحسن سير العمل بما يحفظ استقرار عالقة العمل بين العامل وصاحب العمل‪ ،3‬من‬
‫خالل تكريسه لمبدأ حس ن النية في تنفيذ عقد العمل‪ ،‬الذي يقتضي إعالم صاحب العمل للعمال‬
‫بوجود وسائل المراقبة داخل مكان العمل‪.4‬‬
‫استلزمت معظم التشريعات العمالية المقارنة حسن النية في تنفيذ العقود‪ ،5‬ذلك أن عالقة العمل‬
‫القائمة بين العامل وصاحب العمل تتميز بنوع من الخصوصية عن غيرها من العالقات القانونية‬
‫والتعاقدية األخرى‪ ،‬األمر الذي يستدعي توافر الثقة المتبادلة والنية الحسنة والمخلصة في عدم‬
‫إساءة أحدهما إلى اآلخر‪ ،6‬ومع هذا ال يجب على صاحب العمل أن يفرض على العامل قيودا ال‬
‫تتناسب مع العمل الذي يضطلع به تحت ستار حسن النية في تنفيذ العقد‪.7‬‬
‫مبدأ حسن النية في تحصيل الدليل يجد أساسه في المادة ‪ 9/911‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي تلزم تنفيذ‬
‫العقد بحسن نية‪ ،‬وعقد العمل كأي عقد يخضع لهذه القاعدة‪ ،‬تقابلها المادة ‪ 9/941‬ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬و المادة‬
‫‪ 9934‬من ق‪.‬م‪. .‬‬
‫إضافة إلى ما تتطلبه المادة ‪ 4-921‬من قانون العمل الفرنسي بمقتضى القانون الصادر في‬
‫‪ 2112/19/91‬من ضرورة تنفيذ عقد العمل بحسن نية‪ ،‬وبناءا على ذلك يلتزم صاحب العمل‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass.soc, 16 Janv. 1991, B. civ, 1991, V, n° 16.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Voir par exemple : Cass.soc, 10/12/1997, Dr.soc, 1998, p 127,Note B.BOSSU.‬‬
‫‪ 3‬صالح مح مد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪22.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ROUMIER )W(, Bonne foi et Loyauté dans le contrat de travail, Travail et protection social, Dr.soc, 2003,‬‬
‫‪p 9.‬‬
‫‪ 5‬المادة ‪ 9934‬من القانون المدني الفرنسي‪ ،‬المادة ‪ 941‬من القانون المدني المصري‪،‬‬
‫‪ 6‬أيت إفنان نادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪7‬‬
‫‪CORRIGNAN-CARSIN )D(, Loyauté et droit de travail, op.cit, p 125.‬‬

‫‪313‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫مقتضى هذا اإلحترام‪ ،1‬فأدلة اإلثبات التي‬ ‫باحترام كرامة عماله‪ ،‬وعدم اإلستناد إلى أدلة تخال‬
‫تتضمن مفاجئة للعامل عند اعتماد صاحب العمل علىيها دون علم علم علمه تعتبر غير‬
‫مشروعة ‪. 2‬‬
‫ذهب الفقه إلى اعتبار أن الدليل المتحصل عليه دون احترام كرامة العامل يعتبر مخالفة لمبدأ‬
‫حسن النية في تنفيذ عقد العمل من قبل صاحب العمل لما يؤدي إليه من هدم الثقة التي يجب أن‬
‫تسود عالقة العمل‪.3‬‬
‫أكدَ القضاء الفرنسي في شأن األدلة المتحصل عليها خفية باستعمال األجهزة اإللكترونية‬
‫الدقيقة‪ ،‬حيث أقر في عدة قرارات له أن اعتماد صاحب العمل على تسجيالت خفية لكالم العامل في‬
‫مكان العمل باستعمال هذه األجهزة كدليل إثبات تؤدي إلى سيطرة أجواء الشك وانعدام الثقة داخل‬
‫المؤسسة وأنها غير مقبولة في عالقة العمل‪.4‬‬
‫أقرَ الفقه الفرنسي أن ضوابط استخدام وسائل المراقبة التكنولوجية كأدلة إثبات تجد أساسها‬
‫قبل اي تدخل تشريعي في مبدأ حسن النية الذي يجب أن يسود العقد باعتباره المكمل الضروري‬
‫للعدالة العقدية‪ ،‬ذلك أن حسن النية يوجب إعالم المسبق للعامل بالوسائل الموضوعة لمراقبته‪.5‬‬
‫إنَ مبدأ حسن النية في تنفيذ عقد العمل يمنع صاحب العمل من االعتماد على األجهزة‬
‫التكنولوجية المستخدمة في المراقبة داخل المؤسسة‪ ،‬كدليل إثبات ضد العامل إذا لم يكن هذا األخير‬
‫على علم بها‪ ،‬إذ أن مبدأ حسن النية يقتضى تعامل صاحب العمل مع عماله بشفافية تامة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التطبيقات القضائية حول مشروعية الدليل التكنولوجي‬
‫إنَ ارتكاب خطأ جسيم للعامل إنما يتطلب االثبات بالنص القانوني الذي يجعل من الفعل‬
‫المرتكب خطأ جسيم‪ ،6‬وللقاضي في حالة إخطاره أن يتحقق من سالمة التسريح المنصوص عليه‬
‫الخطأ وتقدير مدى تبريره‪ ،7‬كما عليه التأكد من مصداقية ومشروعية وسائل االثبات‬ ‫وتكيي‬
‫المستندة إلى االدلة التكنولوجية لوسائل المراقبة التي اعتمد عليها صاحب العمل في التسريح ومدة‬
‫تأثيرها على الحياة الخاصة للعامل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪CAMERLYNCK )CH(, Répertoire de droit du travail, Contrat de travail , exécution,‬‬ ‫‪Dalloz,‬‬
‫‪France,2111, n° 6 et 7.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪J.DENIS, op.cit, p 683, P.WAQUET, Le pouvoir de direction et libertés des salarié, op.cit, p 156.‬‬
‫‪ 3‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪914.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪C.A, Paris, 09/11/1966, D. 1967, IP, p 237, C.A, Lyon, 21/12/1967, D.1969, IP, p 25, Note G.LYON-‬‬
‫‪CAEN.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪RAY-SSINET (J-F), Nouvelles technologies et droit fondamentaux des salariés..., op.cit, p 536.‬‬
‫‪ 6‬بن صاري ياسين‪ ،‬التسريح التأديبي في تشريع العمل الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 7‬سالمي أمال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.911‬‬

‫‪314‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫حاالت استبعاد الدليل التكنولوجي كوسيلة إثبات‬ ‫‪-1‬‬


‫كان للقضاء الفرنسي عدة تطبيقات قضائية أقر فيها استبعاد الدليل التكنولوجي كوسيلة إثبات‬
‫لتسريح العامل‪ ،‬حيث قضى فيها بعدم مشروعية الدليل التكنولوجي الذي تحصل صاحب العمل‬
‫خفية ودون علم العامل‪ ،‬ولعل من بين التطبيقات القضائية ما قضى به بأنه ال يقبل من صاحب‬
‫العمل إثباتا لخطأ العامل الجسيـم‪ ،‬التمسك بتسجيالت تمت خـفية لكالم تفـوه به العامل في مكان‬
‫العمل‪ ،‬ذلك أن هذه التسجيالت غير مشروعة وال تحوي أي ضمانة لحيادها أو أمانتها‪.1‬‬
‫أهم اجتهاد قضائي صدر عن القضاء الفرنسي في هذا الشأن هو قرار )‪ (Neocell‬الذي‬
‫أصدرته الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر‪ ،9119‬والذي جاء فيه أنه‬
‫"إذا كان لصاحب العمل الحق في مراقبة ورصد عماله خالل أوقات العمل‪ ،‬فإن أي تسجيل أيا كانت‬
‫أسبابه لصور أو ألقوال العمال دون علمهم يمثل طريقة إثبات غير مشروعة"‪.2‬‬
‫ت أكد استبعاد الدليل التكنولوجي من االثبات في قرار آخر أيضا قضى بعدم مشروعية تسريح‬
‫عامل باالستناد إلى وسيلة المراقبة تم االعتماد عليها من قبل صاحب العمل دون إخطار لجنة‬
‫المؤسسة بها‪. 3‬‬
‫كما أن استبعاد القضاء الفرنسي لتسجيالت كاميرا المراقبة كدليل يستند عليه صاحب العمل‬
‫إلثبات خطأ عامله في حالة عدم علم العامل باستخدام هذه الوسيلة في المراقبة يجد سنده القانوني‬
‫في اعتبارات النزاهة‪ ،‬التي توجب مخالفتها اعتبار الدليل غير مشروع‪ ،4‬وهذا االعتبارات تعود إلى‬
‫مبدأ األخلقيات الذي يحكم اإلثبات من ناحية‪ ،‬ومبدأ حسن النية في تنفيذ عقد العمل من ناحية‬
‫أخرى‪.5‬‬
‫ترفض المحاكم المدنية الفرنسية في العديد من القضايا قبول التسجيالت السرية ألقوال‬
‫للغرفة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية التي‬ ‫صدرت في مكان العمل كدليل إثبات‪ ،6‬على خال‬
‫تتمسك بمبدأ أن تحصيل الدليل بطريق غير قانوني ال يشكل سببا الستبعاده دوما‪ ،‬حيث يرجع‬
‫للقاضي الجنائي تقدير القيمة القانونية له‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪C.A, Lyon, 21/12/1967, D.1969, IP, p 25, Note G.LYON-CAEN.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass.soc, 20/11/1991, R.J.S, 1/92, n° 1.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 31/01/2001, R.J.S, 04/01, n° 405, Voir aussi : Cass.soc, 09/07/1997, R.J.S, 11/97, n° 1252.‬‬
‫‪4‬‬
‫الملحق رقم ‪Cass.soc, 26 juin 2013, N° de pourvoi: 12-16564. 15‬‬
‫‪ 5‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.919‬‬
‫‪6‬‬
‫‪C.A, P aris, 02 Nov.1995, R.J.S, 1/1996, N° 4, p 10.‬‬

‫‪313‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 2‬حاالت قبول الدليل التكنولوجي كوسيلة إثبات‬


‫حاول القضاء الفرنسي في مسألة قبول الدليل التكنولوجي المستمد من وسائل المراقبة كوسيلة‬
‫إثبات‪ ،‬إقامة بعض التوازن بين عالقة صاحب العمل بالعامل عند إعماله هذه الوسائل‪ ،‬حيث أقر‬
‫قبولها كدليل شريطة توفر شرطين‪ ،‬األول يتمثل في اإلعالم المسبق للعامل بوجود هذه الوسائل في‬
‫استثنائية موضوعية تبرر اللجوء إلى مثل هذه اآلليات في المراقبة‪.‬‬ ‫المراقبة‪ ،‬والثاني توافر ظرو‬
‫قبِل القضاء الفرنسي في بعض الحاالت الدليل التكنولوجي كوسيلة إثبات‪ ،‬نلمس هذا الموق‬
‫القضائي من خالل قرار أصدرته الغرفة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 23‬جويلية‬
‫‪ ، 1 1992‬أقرت بمقتضاه أنَ التقاط صورة للعامل وإن كان بغير علمه ال يمكن اعتباره مساسا بحقه‬
‫في الحياة الخاصة‪ ،‬وأ نَ تسجيل أفعال وتحركات العامل بقصد التوصل إلى معلومات بشأن السرقات‬
‫التي ترتكب إضرارا بصاحب العمل‪ ،‬ال يمكن تشبيهه بالتسجيل لصور تنتهك حميمية الحياة الخاصة‬
‫للعامل‪ ،‬ومن هنا فإن التسجيالت محل اإلعتراض ال تعتبر إعتداء غير مشروع على حرمة الحياة‬
‫الخاصة للعمال الذين تم تصويرهم‪.2‬‬
‫متناقضة بشأن‬ ‫المحكمة النقض الفرنسية‪ ،‬اإلجتماعية‪ ،‬والمدنية‪ ،‬والجنائية مواق‬ ‫تبنت غر‬
‫حجية أدلة اإلثبات المستمدة من الوسائل التكنولوجية لمراقبة العمال داخل أماكن العمل وأثناء توقيت‬
‫العمل‪ ،‬وفقا للغرفة الجنائية لهذه المحكمة ال يوجد نص قانوني يسمح للقاضي باستبعاد أدلة اإلثبات‬
‫استناداً إلى التحصل عليها بطريقة غير مشروعة أو غير نزيهة‪ ،‬وإنما يعود‬ ‫المقدمة من األطرا‬
‫إليه تقدير حجية هذه األدلة في اإلثبات‪.‬‬
‫قضاء الغرفة الجنائية على هذا النحو كان في دعوى حاول فيها العامل استبعاد الدليل المستمد‬
‫من تسجيالت كاميرا المراقبة‪ ،‬تم استخدامها من قبل صاحب العمل دون علمه‪ ،‬استنادا إلى أن ذلك‬
‫يمثل اعتداء على حياته الخاصة وفقا لنصوص االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان بشأن حماية الحق‬
‫في مجال عالقات العمل يتضح من أحكام قضاة الغرفة‬ ‫في الحياة الخاصة‪ ، 3‬بينما الموق‬
‫االجتماعية لمحكمة النقض القاضي باستبعاد مثل هذه األدلة في اإلثبات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Cass.Crim, 23/07/1996, D.1993, J.P, p 206, R.T.D, Civ.1993, p 101.‬‬
‫‪ 2‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.931‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.Crim, 06/04/1994, Bull crim, n°136, p302.‬‬

‫‪319‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الفرع الثاني‬
‫حجية الدليل المتحصل عليه من المراقبة التكنولوجية‬

‫به لصاحب العمل قانونا‪ ،‬إال أنه مقيد في استعماله‬ ‫إن كان التأديب سلطة وحق معتر‬
‫بضوابط إجرائية وموضوعية‪ ،‬وكل تجاوز من صاحب العمل لهذه القيود فإنه يعتبر تجاوزا من‬
‫صاحب العمل‪.1‬‬ ‫جانبه‪ ،‬وهي بمثابة ضمانات ضد تعس‬
‫أوال‪ :‬شروط مشروعية الدليل التكنولوجي أمام القضاء‬
‫إعماال لمبدأ حسن النية في تنفيذ عقد العمل فإنه ال يمكن لصاحب العمل االعتماد على وسائل‬
‫المراقبة في تحصيل دليل يح تج به في مواجهة العامل‪ ،‬إال بتوفر مجموعة من الشروط‪ ،‬حيث‬
‫يخضع الدليل المتحصل عليه من عملية المراقبة سواء كان تسجيل ألقوال‪ ،‬أو التقاط صور‪،‬‬
‫وأفعال‪ ،‬لرقابة القاضي في تقدير حجيته في اإلثبات‪ ،‬ويشترط القضاء في الدليل التكنولوجي عموما‬
‫أوصافا خاصة تتجاوز تلك المطلوبة في الدليل العادي‪ ،‬ومن بين هذه الشروط‪:‬‬
‫‪ - 1‬مبدأ النزاهة واألمانة في تحصيل الدليل بواسطة الوسائل التكنولوجية‬
‫يجد هذا المبدأ سنده القانوني في اإلخطار المسبق بالوسائل التكنولوجية المستخدمة لمراقبة‬
‫العمال داخل أماكن العمل وأثناء توقيت العمل‪ ،‬وهو ما أقره التشريع الفرنسي في المادة ‪L121-8‬‬
‫التي تلزم صاحب العمل بإخطار العمال بوجود مثل هذه الوسائل مسبقا‪.‬‬
‫يعتبر القضاء أي دليل يتضمن تسجيل ألقوال أو مشاهد أو التقاط صور دون علم العمال دليال‬
‫غير مشروعا‪ ،‬ودون هذا األجراء ال يمكن االعتداد بالدليل المستند على هذه الوسائل لإلحتجاج به‬
‫في مواجهة العامل‪.‬‬
‫ساهم القضاء اإلجتماعي الفرنسي في تكريس هذا المبدأ في عدة قضايا‪ ،‬تتخلص وقائع إحدى‬
‫القضايا في قيام صاحب العمل باتهام إحدى العامالت لديه بسرقة أوراق مالية من خزينة المؤسسة‪،‬‬
‫وكان دليل السرقة عبارة عن تسجيالت بكاميرا المراقبة‪ ،‬كانت موضوعة بطريقة خفية دون علم‬
‫العاملة‪ ،‬وقد تبين منه قيام العاملة بالسرقة‪ ،‬فقام صاحب العمل بتسريحها‪.‬‬
‫قامت العاملة إثر ذلك برفع دعوى أمام المحكمة العمالية على أساس التسريح التعسفي غير أن‬
‫دعاواها قوبلت بالرفض‪ ،‬كما تأكد هذا الرفض على مستوى اإلستئنا ‪ ،‬فطعنت بالنقض ضد حكم‬
‫مؤسسة دعواها على أن دليل السرقة تم الحصول عليه بطريقة غير مشروعة‪ ،‬مستندة‬ ‫اإلستئنا‬

‫‪ 1‬مقني بن عمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫في ذلك إلى المادة ‪ 11‬من قانون اإلجراءات المدنية المتعلقة بتحصيل الدليل بشكل مشروع وطبقا‬
‫للقانون‪.‬‬
‫قضت محكمة النقض بإجابة طلب الطاعنة وبإلغاء الحكم‪ ،1‬وجاء في قرارها أنه "إذا كان‬
‫لصاحب العمل الحق في مراقبة نشاط عماله خالل وقت العمل‪ ،‬فإن أي تسجيل لصور أو ألقوال‬
‫العمال مهما كانت دوافعه يعد وسيلة إثبات غير مشروعة طالما تمت دون علمهم"‪.2‬‬
‫في حكم آخر لمحكمة النقض الفرنسية قضت فيه بأنه "إذا كان لصاحب العمل الحق في أن‬
‫يراقب نشاط عماله أثناء وقت العمل‪ ،‬فإنه ال يمكن له أن يضع وسيلة مراقبة لم يكن العمال على‬
‫علم مسبق بها"‪.3‬‬
‫بشرعية أدلة اإلثبات التي يعتمد عليها‬ ‫بناءا عليه فإن محكمة النقض الفرنسية ال تعتر‬
‫صاحب العمل في مواجهة العامل باستخدامه وسيلة تكنولوجية‪ ،‬إال إذاكانت هذه الوسيلة معلومة سلفا‬
‫للعامل‪ ،‬وليست خفية‪ ،‬حيث أن القضاء اإلجتماعي الفرنسي يعطي أولوية لمبدأ األمانة والنزاهمة‬
‫والثقة التي تسود عالقات العمل‪ ،‬عن البحث عن الحقيقة‪ ،‬كما أنه يضفي حماية واسعة على الحياة‬
‫الخاصة للعامل داخل أماكن العمل‪.‬‬
‫‪ - 2‬مبدأ التناسب بين الوسيلة الكنولوجية والغاية من استخدامها‬
‫حتى يستفيد صاحب العمل من وسائل المراقبة الكنولوجية كدليل ضد العامل البد أن يكون قد‬
‫قام باالستشارة المسبقة للجنة المؤسسة قبل وضع هذه الوسائل‪ ،‬ذلك أن القضاءا يعمل على التحقق‬
‫من مبدأ التناسب ال ذي يتوافر باستشارة صاحب العمل للجنة المؤسسة قبل إعمال هذه الوسائل داخل‬
‫أماكن العمل ومدى حاجى المؤسسة إليها‪.‬‬
‫كما أكد التشريع الفرنسي على عدم إمكانية استفادة صاحب العمل من وسائل التكنولوجية غير‬
‫المشروعة المستخدمة في الرقابة كوسيلة إثبات إثبات ضد العامل‪ ،4‬وعليه ال يمكن لصاحب العمل‬
‫أن يستفيد من وسيلة اإل ثبات المستخدمة في المراقبة إذا لم يقم بإعالم العمال و لجنة المشاركة قبل‬
‫استخدامه واعتبارها غير مشروعة‪.‬‬
‫هذا ما ذهبت إليه الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ ‪22‬‬

‫‪ 1‬صالح محمد أحم دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.912‬‬
‫‪2‬‬
‫الملحق رقم ‪Cass.soc, 20 Nov.1991, Dr.soc, 1992, p 28, Rapp. WAQUET.12‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.soc, 22/05/1995, R.J.S, 7/95, n757, p 501.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Art 422-1 du C.T.fr : « Si un délégué du personnel constate, notamment par l’intermédiaire d’un salarié,‬‬
‫‪qu’il existe une atteinte aux droits des personnes ou aux libertés individuelles dans l’entreprise qui ne serait‬‬
‫‪pas justifiée par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnée au but recherché, il en saisit‬‬
‫‪immédiatement l’employeur».‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ماي ‪ ،11335‬كما اعتمدته أيضا في قرار آخر لها قضت فيه بعدم مشروعية التسريح استنادا إلى‬
‫نص المادة ‪ L 432-2-1‬من‬ ‫أن وسيلة المراقبة لم يتم اخطار لجنة المؤسسة بها‪ ،‬هذا ما يخال‬
‫قانون العمل‪ ،‬مما يجعل الدليل غير مشروع‪ ،‬والتسريح بدون سبب حقيقي وجدي يبرره‪.2‬‬
‫غير أنَ القض اء الفرنسي غض البصر عن شرط إخطار لجنة المؤسسة إذا كانت وسيلة‬
‫المراقبة موضوعة في مكان ال يعمل به العامل كما لو كان مخزنا‪ ، 3‬وأقر اعتبار الدليل المستمد‬
‫السرقة دليال مشروعا في‬ ‫من هذه الوسائل في مثل هذه األحوال كتسجيالت كاميرا المراقبة لكش‬
‫مواجة العمال‪.4‬‬
‫بعد تدخل األنظمة المعلوماتية في الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬دعت اللجنة الوطنية للمعلوماتية‬
‫والحريات في فرنسا إلى الزام أصحاب األعمال الذين يستخدمون مثل هذه النظم لتحديد مدى فعالية‬
‫أداء العمال وقياس انتاجهم بضرورة إخطار اللجنة مسبقا بهذه النظم وتلك االجراءات قبل وضعها‬
‫القضاء الفرنسي بمسؤولية صاحب العمل في حالة عـدم إعالم اللجنة‬ ‫موضع التنفيذ‪ ،‬وقد اعتـر‬
‫باستخدام هذه األنظمة لمتابعة وقياس انتاجية العمال‪.5‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط مصداقية الدليل التكنولوجي أمام القضاء‬
‫إنَ نظام إلثبات يقوم على التوفيق بين العديد من اإلعتبارات والمصالح التي يحوم حولها دون‬
‫لتغليب أي منها على اآلخر دون مساغ قانوني‪ ،‬إذ مكنت التقنيات التكنولوجية الحديثة من‬ ‫التعس‬
‫التفنن في انتهاك الحياة الخاصة والتطفل عليها‪.‬‬
‫غير أن استخدام هذه الوسائل في أماكن العمل أثار جدال كبير في مدى مشروعية اللجوء إلى‬
‫هذه الوسائل‪ ،‬ومن ثم مدى مشروعية الدليل المستمد منها الذي يستند عليه في اإلثبات ويتمثل في‬
‫جملة من اإلعتبارات الفنية واألخالقية فضال عن القانونية‪ ،6‬ولذلك يشترط القضاء مجموعة من‬
‫الشروط التي تتعلق بسالمة وصحة الدليل التكنولوجي حتى يكون مقبوال وتتمثل في‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪« Si l'employeur a le droit de surveiller et de contrôler l'activité de ses salariés durant le temps de travail, il‬‬
‫‪ne peut pas mettre en œuvre un dispositif de contrôle qui n'a pas été préalablement porté à la connaissance‬‬
‫‪des salariés et du Comité d'Entreprise ». Cass Soc 22 mai 1995, Bull Civ V n° 164 D 1995 IR 150 RJS 1995‬‬
‫‪501, n° 757 Cond Chauvy / dans le même sens TAPau8fév 1996, Dr Soc 1996 492, Cond Rey )62) Art L‬‬
‫تاريخ االطالع‪432-2-1 CT, http://www.droit-technologie.org/.2199/13/12 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Cass. Soc, 15 Mai.2001, R.J.S, 7/01, n° 830.‬‬
‫‪ 3‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.941‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Soc, 31 Janv.2001, sem.soc.Lamy.Ibid.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪T.G.I, 5 Fév. 1990, cité par MOLE )A(, Au-delà de la loi informatique et liberté, Dr.soc, 1992, N° 6, p 207.‬‬
‫‪ 6‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬حق الخصوصية في القانون الجنائي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الموسوعة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،2119 ،‬ص‬
‫‪.334‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -9‬صحة الوقائع الواردة في الدليل التكنولوجي‬


‫يعتبر استخدام الوسائل التكنولوجية من الناحية الفنية غير مضمون تماما‪ ،‬ألنها قد ال تعكس‬
‫أو نقل ما تم تسجيله أو تصويره بحسب‬ ‫ما جرى في الواقع‪ ،‬نظرا إلمكانية تغيير أو حذ‬
‫األحوال‪ ،‬أما من الناحية األخالقية ف إن استخدام هذه الوسائل يتعارض مع قواعد األخالق لما يشكله‬
‫من اعتداء على مظاهر الحياة الخاصة للعامل داخل أماكن العمل‪.1‬‬
‫أما من الناحية القانونية فإن هذه الوسائل قد تباشر خفية‪ ،‬واستخدامها خلسة مبني على الحيلة‬
‫التي تنطوي على الغش‪ ،2‬ذلك أن القضاء يعمل على التأكد من مدى صحة الوقائع الواردة بالدليل‬
‫المستمد من الوسائل التكنولوجية‪ ،‬ومدى صحة نسبها إلى العامل المعني‪.‬‬
‫يعمل القاضي قبل قبول الدليل وتقدير قيمته القانونية وحجيته في اإلثبات على التحقق من‬
‫نسبة المعلومات الواردة في الدليل إلى الشخص المتعلق به‪ ،‬وأن يكون هو فعال من صدر عنه‬
‫الصوت أو الفعل أو السلوك أو الذي التقطت صورته‪ ،‬وأن ال يثور شك حوله‪ ،‬ولذلك أن يثبت مقدم‬
‫الدليل أنه تحصل على الدليل بطريقة مشروعة ال إكراه فيها‪.‬‬
‫في هذا المجال يرفض القضاء الفرنسي التسجيالت السرية للعمال داخل أماكن العمل على‬
‫أساس أنها ال تنطوي على أية ضمان لسالمتها أو أمانتها‪ ،‬باعتبارها تجسسا على حياته الخاصة‪،‬‬
‫ستوجد حال قبولها مناخا مفعما بعدم الثقة داخل المؤسسة‪.3‬‬
‫‪ - 2‬سالمة الدليل التكنولوجي من التالعب‬
‫يعتبر هذا الشرط من أهم الشروط‪ ،‬ألن االشكاليات التي تثيرها مسألة االثبات بواسطة‬
‫الوسائل التكنولوجية تنحصر أساسا في قابلية هذه الوسائل للتالعب فيها بالمحو واإلضافة أو التغيير‬
‫ذلك‪ ،4‬وقد رفض القضاء الفرنسي األخذ بشريط فيديو كدليل إدانة‬ ‫مع صعوبة اكتشا‬ ‫أو الحذ‬
‫إهمال العامل للقسم الذي يعمل فيه‪ ،‬حيث قام صاحب العمل بتصوير حالة اإلهمال في قرار‬
‫تسريحه أمام القضاء‪.‬‬
‫لكن المحكمة رأت هذا الدليل ليس فيه ما يؤكد على أن اإلهمال وقع من العامل أو في زمان‬
‫قيام العامل بعمله وقضت بعدم مشروعية التسريح على أساس انعدام السبب الحقيقي والجدي‬
‫للتسريح‪ ،‬وقضت بأنه انطالقا من أمكانيات المونتاج أو التركيب والتالعب والغش الذي أفرزه التقدم‬

‫‪ 1‬ممدوح خليل بحر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪342.-349‬‬


‫‪ 2‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪333.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Cass.Crim, 11 Fév.1996, Bull. crim, n° 66, p 166.‬‬
‫‪ 4‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪941.‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫التكنولوجي‪ ،‬فإن هذا الفيلم المصور للعامل ال يمثل أية ضمانة كافية للوثوق فيه وفي تاريخه‬
‫ومضمونه‪ ،‬وال يعتبر حجة على األخطاء التي ادعاها صاحب العمل كسبب للتسريح‪.1‬‬
‫قد صدر في فرنسا قانون يتعلق بالمراقبة التلفيزيونة بتاريخ ‪ 29‬جانفي‪ ،29113‬حيث أقر‬
‫مجموعة من الضمانات لحماية حقوق األفراد‪ ،‬ومنها حق كل أو شخص تم تصويره في مؤسسسة‬
‫مفتوحة للجمهور‪ ،‬في أن ي بطلب على نظام المراقبة محو صورته‪ ،‬أو عدم االحتفاظ بها لمدة ال‬
‫تزيد عن شهر‪ ،‬إال إذا تعلق األمر بجريمة في حالة التلبس أو تحقيق قضائي‪.‬‬
‫سار المشرع الجزائري على هذا النحو بإصداره للمرسوم الرئاسي رقم ‪ 221-93‬المؤرخ في‬
‫‪ 22‬أوت ‪ 2193‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو‪ ،3‬إال‬
‫أنه لم يتضمن مثل الضمانات التي جاء بها التشريع الفرنسي في قانون ‪ 9113‬المذكور‪ ،‬وفي إطار‬
‫تحديد األماكن المعنية بالمراقبة عن طريق كاميرا الفيديو ذكر الطرق المؤدية إلى المؤسسات‬
‫االقتصادية الكبرى دون غيرها‪ ،‬ولم يتطرق إلى إعمال هذه المراقبة داخل المؤسسات ذاتها‪.‬‬
‫أما بخصوص تنفيذ هذه المراقبة فقد نص هذا المرسوم على أن المراقبة بواسطة الفيديو تتم‬
‫بواسطة وسائل المؤسسة االقتصادية‪ ،‬وبشأن شروط إعمال هذه الكاميرات أكدت المادة السابعة من‬
‫نفس المرسوم على أن تنصيب كاميرات المراقبة لتصوير الطريق العام من أجل حماية ضواحي‬
‫موقع المؤسسة االقتصادية‪ ،‬األمر الذي يتطلب رخصة إدارية يسلمها والي الوالية‪.‬‬
‫لقد فرق التشريع الفرنسي بين كاميرات المراقبة وكاميرات الحماية من خالل القانون الصادر‬
‫في ‪ 19‬جانفي ‪ 9111‬المتعلق بالمعلوماتية والحريات المعدل سنة ‪ ،2114‬ويقصد بكاميرات الحماية‬
‫تللك الموجودة على الطرق العامة واألماكن المفتوحة للجمهور‪ ،‬أما المشرع الجزائري فلم يوضح‬
‫من خالل المرسوم الجديد رقم ‪ 221-93‬أيَ من النوعين اعتمد‪ ،‬من خالل النظر إلى عنوان‬
‫المرسوم نجده يتضمن مصطلح المراقبة‪ ،‬بينما إذا اطلعنا على مواده ذات الصلة بالموضوع يتضح‬
‫أنها قصدت تركيب هذه الكاميرات في الطرق المؤدية إلى المؤسسات اإلقتصادية الكبرى‪ ،‬والمعنى‬
‫األقرب إلى الفهم أن المشرع الجزائري قصد كاميرات الحماية ال المراقبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪C.A, Aix-en-provense, 4 Janv. 1994, 18 Ch, Dr.soc, N° 4, obs, M. grevy.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Loi n° 95-73 du 21 janvier 1995 d'orientation et de programmation relative à la sécurité, JORF n°0020‬‬
‫‪du 24 janvier 1995, p 249.‬‬
‫‪ 3‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 221-93‬المؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪ 2193‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،43‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬أوت ‪.2193‬‬

‫‪319‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫الخـاتـــمـــة‬
‫تبين لنا من خالل دراستنا لموضوع حماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬أن الحق في الحياة‬
‫ضرورة إنسانية ذات طابع إجتماعي‪ ،‬كما أنه مظهر حقيقي لحرية اإلنسان التي هي قوام حياته‬
‫ووجوده لما لها من أثر في تدعيم وتنمية شخصيته بمفرداتها المختلفة‪.‬‬
‫من أولى المسائل األساسية التي كانت محور بحثنا‪ ،‬هي بيان ماهية الحق في الحياة الخاصة‪،‬‬
‫جامع مانع لهذا الحق‪ ،‬وحصر عناصره‪،‬‬ ‫الفقهي والقضائي حول صعوبة وضع تعري‬ ‫والخال‬
‫للحق في الحياة الخاصة يجب أن‬ ‫الفقهي والقضائي‪ ،‬انتهينا إلى أن اي تعري‬ ‫وأمام هذا الخال‬
‫يستند إلى أساسين هما حق الفرد في اختيار أسلوب حياته دون أي تدخل من الغير‪ ،‬وحقه في سرية‬
‫ما ينتج عن ممارسة حياته الخاصة من بيانات أو وقائع‪ ،‬ثم يترك ما يعد من قبيل الحياة الخاصة‬
‫للقضاء لبحث كل حالة على حده‪.‬‬
‫تطرقنا للطبيعة القانونية للحق في الحياة الخاصة‪ ،‬حيث تبين أن هذا األخير يعد حرية من‬
‫الحريات العامة وحق من حقوق الشخصية‪ ،‬وهذا ما أكده كل من التشريعين الفرنسي والجزائري‪،‬‬
‫ووجدنا أن الحق في الحياة الخاصة قد حظي بالحماية القانونية على الصعيد الدولي من خالل‬
‫نصوص االتفاقيات وتوصيات المؤتمرات الدولية والعالمية واإلقليمية‪ ،‬إلى جانب الحماية القانونية‬
‫في التشريعات المقارنة سواء الغربية أو العربية‪ ،‬باإلضافة إلى لحماية الوطنية لهذا الحق‪ ،‬والتي‬
‫تباينت بين الحماية الدستورية والحماية المدنية والجزائية‪.‬‬
‫إنطالقا من الطبيعة الخاصة لعقد العمل والتي يبرز فيها اإلعتبار الشخصي في مرحلة‬
‫السعي إلى إبرام عقد العمل كعنصر أساسي إلتمامه‪ ،‬والتي تتطلب دائما حماية العامل من تعس‬
‫صاحب العمل‪ ،‬فإن الحياة الخاصة للمترشح للعمل تكون عرضة للمساس بها في ظل انتشار واسع‬
‫لوسائل المراقبة والتحري؛ التي قد يلجأ إليها صاحب العمل فيقوم بالبحث والتحري عن المترشح‬
‫للعمل‪ ،‬عن طريق استخدام المعلوماتية في جمع البيانات والمعلومات المتعلقة به‪ ،‬بحجة التدقيق في‬
‫اختيار المترشحين المراد التعاقد معهم‪ ،‬ويخضعهم لتحريات حول صفاتهم الشخصية أو طريقة‬
‫مركز‬ ‫تفكيرهم‪ ،‬أو طرح أسئلة لها صلة بالحياة الشخصية والعائلية‪ ،‬مستغال في ذلك ضع‬
‫المترشح واحتياجه للعمل‪.‬‬
‫كما قد يخضع المترشح للعمل إلى االختبارات الحديثة في مجال الطب للتأكد من سالمة حالته‬
‫عن سرية الحالة البدينة للمترشح‪ ،‬وعن طريق جهاز‬ ‫الصحية عن طريق االختبارات الجنية للكش‬
‫عن أسراره‪ ،‬وكذلك التنصت والمراقبة‬ ‫الكذب لفحص الحالة النفسية للعامل والكش‬ ‫كش‬

‫‪312‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫والتسجيل لجمع المعلومات حول أوضاع المترشحين للعمل‪ ،‬عن طريق األجهزة الحديثة التي‬
‫أفرزها التقدم التكنولوجي الحديث‪.‬‬
‫لحماية هؤالء المترشحين للعمل عرضنا عدة ضمانات من أجل كفالة عدم اإلعتداء على‬
‫من جمع المعلومات تقدير كفاءة‬ ‫حياتهم الخاصة‪ ،‬وذلك من خالل التأكيد على أن يكون الهد‬
‫المترشح وقدراته المهنية‪ ،‬وأن توجد صلة مباشرة وحتمية بين المعلومات المطلوبة والكفاءة المهنية‬
‫الالزمة لشغل المنصب‪ ،‬وضرورة إخطار المترشح سلفا بالتقنيات المستعملة في إختبارات الترشيح‬
‫للعمل‪ ،‬وأن تظل نتائج هذه االختبارات سرية‪.‬‬
‫حتى تكون تدابير حماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل فعالة البد أن تتم المعالجة اآللية‬
‫ورقابة جهة مستقلة تضمن حق المترشح في العمل في اإلطالع‬ ‫للبيانات الشخصية تحت إشرا‬
‫على المعلومات المتعلقة به‪ ،‬وحقه في تعديلها أو تصحيحها أو حذفها‪ ،‬كما ينبغي على صاحب‬
‫العمل اتخاذ التدابير المالئمة لتأمين سرية البيانات الشخصية ضد مخاطر المعلوماتية عند تداولها‬
‫على شبكة االنترنت عن طريق التشفير المعلوماتي أو تقنية الغفلية‪.‬‬
‫من بين الضمانات أيضا إقرار القانون حظر التمييز بين المترشحين للعمل على أساس األصل‬
‫أو الجنس أو الدين أو اآلراء السياسية أو االنتماء النقابي‪ ،‬أو الحالة االجتماعية أو الصحية أو الحياة‬
‫المؤسسة‪،‬‬ ‫القيادية داخل المؤسسة‪ ،‬أو بمقتضيات العمل وهد‬ ‫العائلية‪ ،‬إال ما يتعلق منها بالوظائ‬
‫إذ يجوز التمييز فيها العتبارات خاصة يراها صاحب العمل ربما تتصل بالحياة الخاصة للمترشح‬
‫للعمل‪.‬‬
‫وانتهينا إلى ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل خارج اإلطار المهني‪ ،‬تتمثل في ضرورة‬
‫الفصل التام بين الحياة الخاصة للعامل وحياته المهنية‪ ،‬وأن اإلستقالل بينهما هو القاعدة‪ ،‬إال أنه قد‬
‫يحدث تداخل بينهما؛ فيجوز لصاحب العمل في حاالت محددة التدخل في الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬إذا‬
‫تسببت ممارسات هذا األخير لحياته الخاصة في اضطراب ملحوظ في سير العمل بالمؤسسة‪ ،‬أو‬
‫اصطدمت الحياة الخاصة مع طبيعة المهام الموكولة للعامل‪ ،‬أما إذا تعلق بمفهوم الغاية والهد‬
‫الخاص بالمؤسسة‪ ،‬فإنه يكتفي بوجود هذه الغاية للقول بمشروعية التسريح الذي يجد سببه في سلوك‬
‫العامل‪ ،‬دون اشتراط االضطراب الملحوظ في سير العمل بالمؤسسة‪ ،‬وبالتالي قد يسرح العامل‬
‫العامل ألسباب مرتبطة بمعتقدات دينية أو مذهبية لم تعد تتطابق مع معتقدات صاحب العمل‪.‬‬
‫على الرغم من أن ممارسة الحياة الخاصة تتم أساسا خارج مكان وزمان العمل‪ ،‬إال أنها ال‬
‫مفر منها في الحياة المهنية‪ ،‬مما يجعل الحياة الخاصة للعامل أثناء مراحل عقد العمل وخاصة أثناء‬
‫اإلعتداءات من قبل صاحب العمل التي تتخذ عدم مظاهر‪،‬‬ ‫سريان عقد العمل عرضة لمختل‬

‫‪313‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ابتداءا من ممارسة صاحب العمل للسلطة التنظيمية داخل المؤسسة‪ ،‬من خالل إصدار للوائح‬
‫والت عليمات الداخلية‪ ،‬وكذا التحري عن العامل وجمع المعلومات من خالل األسئلة واالستفسارات‬
‫الموجهة إليه‪ ،‬أو من خالل المعلوماتية بمناسبة ترقية العامل أو تقدير كفاءته أو تغيير عمله‪.‬‬
‫من مظاهر اإل عتداء على الحياة الخاصة للعامل مراقبة اتصاالته عن طريق التنصت إلة‬
‫محادثاته الهاتفية وتسجيلها‪ ،‬واإلطالع على المواقع التي يزورها عبر شبكة االنترنت وكذا رسائل‬
‫البريد االلكتروني دون علم العا مل‪ ،‬حيث يين القضاء الفرنسي التسجيالت السرية ألقوال العامل‬
‫التي تصدر في زمان ومكان العمل‪ ،‬استنادا إلى النصوص الجزائية في هذا الشأن‪ ،‬وال يعتد بما‬
‫تسفر عنه هذه التسجيالت من أدلة إال بشروط خاصة وفي أوضاع معينة‪.‬‬
‫أهم مظاهر اإلعتداء أي أيضا مراقبة تحركات العامل من خالل استعمال البطاقات‬
‫اإل لكترونية لضبط حركة دخول وخروج العمال‪ ،‬أو الدخول إلى أماكن معينة داخل المؤسسة‪ ،‬بحجة‬
‫حماية أمن وسالمة العمال أو المؤسسة‪ ،‬وكذا استعمال برامج تنظم معلوماتية للمراقبة عن بعد‪،‬‬
‫بإمكانها بإمكانها مراقبة أدق التفاصيل عن تحركات العامل داخل المؤسسة‪ ،‬مما يجعله يشعر بالتقييد‬
‫لخصوصياته‪ ،‬كما قد يجأ صاحب العمل إلى مراقبة تحركات العمال عن طريق كاميرا الفيديو‪ ،‬وقد‬
‫الفقهية بين مؤيد‬ ‫بحثنا مد ى مشروعية استعمال هذه الوسائل داخل المؤسسة‪ ،‬وتعرضنا للمواق‬
‫ومعارض‪.‬‬
‫المشرع الجزائري من ذلك‪ ،‬يتضح أن المرسوم الرئاسي‪ 221/ 93‬المؤرخ في‬ ‫أما عن موق‬
‫‪ 22‬أوت ‪ 2193‬المتعلق بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو‪ ،‬تطرق هذا المرسوم إلى‬
‫تحديد األماكن المعنية بالمراقبة عن طريق كاميرا الفيديو والتي كان من بينها الطرق المؤدية إلى‬
‫المؤسسات االقتصادية الكبرى‪ ،‬أما بخصوص تنفيذ هذه المراقبة فقد نص هذا المرسوم على أن‬
‫المراقبة بواسطة الفيديو تتم بواسطة وسائل المؤسسة االقتصادية‪ ،‬وبشأن شروط إعمال هذه‬
‫الكاميرات أكدت المادة السابعة من نفس المرسوم على أن تنصيب كاميرات المراقبة لتصوير‬
‫الطريق العام من أجل حماية ضواحي موقع المؤسسة االقتصادية‪ ،‬األمر الذي يتطلب رخصة إدارية‬
‫يسلمها والي الوالية‪.‬‬
‫تأكيدا لحماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬تعرضنا للضمانات القانونية والقضائية لحماية الحياة‬
‫الخاصة للعامل‪ ،‬تطرقنا في األولى إلى الضمانات المتعلقة بسلطة صاحب العمل في المراقبة‬
‫وتقييدها‪ ،‬من خالل التأكيد على حق العامل في احترام السالمة البدينة والمعنوية وكرامته‪.‬‬
‫من بين الضمانات القانونية أيضا تلك المتعلقة بمواجهة الوسائل التكنولوجية في المراقبة‪،‬‬
‫والتي تتمثل في ضرورة إخطار العمال وكذا لجنة المؤسسة بوجود أنظمة المراقبة اإللكترونية‪،‬‬

‫‪314‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫وضرورة استخدامها طبقا للقانون‪ ،‬كما تشترط مراعاة مبدأ التناسب بين الوسيلة المستعملة في‬
‫المنشود الذي تسعى لتحقيقه‪.‬‬ ‫المراقبة والهد‬
‫أيضا تحديد دور القضاء في تكريس الضمانات القضائية لحماية حرمة الحياة الخاصة في‬
‫إطار عالقة العمل من خالل تمكين العامل من كافة الوسائل القضائية الوقائية والدفاعية عن حقه في‬
‫احترام حياته الخاصة وعدم تأثيرها على حياته المهنية‪ ،‬وكذا توفير الضمانات الخاصة بالدليل‬
‫التكنولوجي في مجال عالقات العمل والذي قد يمس حياتهم الخاصة‪ ،‬وضمان مشروعية هذه األدلة‬
‫عليها تحديد مصير‬ ‫ومصداقيتها في ظل القدرة على الغش والتالعب بهذه األدلة التي قد يتوق‬
‫العالقة المهنية للعامل‪.‬‬
‫من خالل هذا البحث يمكننا القول أن التنظيم القانوني لحق العامل في احترام حياته الخاصة‬
‫في ظل االنتشار الواسع للوسائل التكنولوجية الحديثة التي قد يلجأ اليها صاحب العمل‪ ،‬وفي ظل‬
‫عال قة التبعية التي تربطه بصاحب العمل تحتاج إلى تدخل من المشرع من خالل نص في قانون‬
‫العمل الجزائري ينظم هذا الموضوع‪ ،‬وفي نهاية بحثنا ندعم الخاتمة ببعض التوصيات على النحو‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫مظاهر حماية‬ ‫أوال‪ :‬نأمل من المشرع الجزائري أن يتدخل من خالل نص قانوني ينظم فيه مختل‬
‫الحياة الخاصة للعامل في إطار عالقة العمل‪ ،‬والتدخل بحماية هذا الحق بنص تشريعي عام يحمي‬
‫حق االنسان في احترام حياته الخاصة مثلما فعل التشريع الفرنسي الذي كان سابقا لتنظيم هذا الحق‬
‫سواء في شقه العام أو في شقه الخاص بالعمال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظرا ألن الحياة الخاصة للمرشح للعامل أو العامل تكون عرضة للمساس بها من قبل صاحب‬
‫أمام صاحب العمل‪ ،‬ويستمر هذا‬ ‫العمل فهو حاجة إلى منصب العمل مما يجعله في مركز الضعي‬
‫في ظل عالقة التبعية أثناء إبرام عقد العمل‪ ،‬لذا فإننا نهيب بالمشرع الجزائري أن يضمن‬ ‫الضع‬
‫قانون العمل نصوص قانونية تتضمن إلزام صاحب العمل باحترام وحماية الحياة الخاصة لعماله‬
‫وكذا المترشحين للعمل‪ ،‬وجعل المفاضلة بين المترشحين تقوم على أسباب تتصل بكفائتهم المهنية‬
‫لشغل المنصب‪ ،‬وليس على أسباب مستمدة من حياتهم الخاصة لهم‪ ،‬وكذا حظر المفاضلة بين العمال‬
‫عند ترقيتهم أو نقلهم أو فصلهم أو اتخاذ إجراءات في مواجهتهم على أسباب تتعلق بحياتهم الخاصة‬
‫ثالثا‪ :‬ضرورة إنشاء لجنة وطنية تختص بالمعلوماتية والحريات العامة تتولى بحث ودراسة المسائل‬
‫التي تمس الحياة الخاصة لألفراد والعمال خصوصا‪ ،‬كما فعلت التشريعات المقارنة شأن التشريع‬
‫الفرنسي والتونسي والمغربي‪ ،‬أو توسيع مجال اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم تكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال‪ ،‬التي يقتصر دورها على مكافحة الجرائم االرهابية والتخريبية ال غير‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫رابعا‪ :‬تقييد سلطات أصحاب األعمال في اللجوء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة في مراقبة عمالهم‬
‫داخل المؤسسة سواء بأج هزة تسجيل صوتية للمحادثات العادية أو التليفونية أو مراقبة رسائلهم‬
‫االلكترونية عبر الحاسوب اآللي الذي يستخدمه العامل داخل المؤسسة‪ ،‬من خالل وضع ضوابط‬
‫عند استعمالها‪.‬‬ ‫محددة لها‪ ،‬وتفعيل الرقابة عليها كضمان لعدم التعس‬
‫خامسا‪ :‬تنظيم شروط وقواعد لجوء صاحب العمل إلى الوسائل التكنولوجية الخاصة بالمراقبة‪،‬‬
‫كضمان إلحترام حياتهم الخاصة‪ ،‬والتي تتمثل في ضرورة إخطار العمال‪ ،‬وكذا لجنة المؤسسة‬
‫بوجود أنظمة المراقبة االلكترونية‪ ،‬وضرورة استخدامها طبقا للقانون‪ ،‬ومراعاة مبدأ التناسب بين‬
‫المبتغى منها‪.‬‬ ‫الوسيلة المستعملة والهد‬
‫سادسا‪ :‬التنظيم القانوني لسلطات صاحب العمل في مراقبة العمال عبر كاميرا الفيديو أو أي أجهزة‬
‫لنقل الصورة والصوت داخل أماكن العمل أو خارجها سيما أثناء مزاولة العمال للعمل عن بعد‪،‬‬
‫وتحديد شروط استخدامها والجزاء المترتب على الخروج عن هذه الحاالت أو الضوابط‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬في ظل اعتماد أغلب المؤسسات االقتصادية على نظام المعلوماتية في التحري سواء على‬
‫المترشحين للعمل أو العمال‪ ،‬البد من إصدار نص قانوني يتعلق بحماية البيانات أو المعلومات‬
‫الشخصية‪ ،‬مع إعطاء الحق في اإلطالع على هذه المعلومات والحق في االعتراض عليها أو تعديلها‬
‫وتصحيحها إذا كانت غير صحيحة وطلب إلغائها إذا كان جمعها أو اإلبقاء عليها مخالفا للقانون‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬ال بد من إخضاع الدليل االلكتروني المعتمد عليه في اإلثبات في مجال عالقات العمل إلى‬
‫ضوابط خاصة تمنع صاحب العمل من المساس بالحياة الخاصة للعامل‪ ،‬وتكريس ضمانت قانونية‬
‫تمكن العامل من اإلثبات‪ ،‬وتضمن حقه في التعويض و بقائه في منصب عمله‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬نهيب بالقضاء أن يقدم البديل لمواجهة الفراغ التشريعي لهذا الموضوع‪ ،‬من خالل تفسير‬
‫النصوص المتواجدة بالقواعد العامة تفسيرا يستوعب التطور الحاصل في المجتمع للمفاهيم المختلفة‬
‫األكثر اتساعا في احترام الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬أمام لجوء المؤسسات للوسائل التكنولوجية‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫القاضي اإلجتماعي في ميدان عالقات العمل‬ ‫عاشرا‪ :‬أمام صعوبة تطبيق القواعد العامة من طر‬
‫قصد حماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬فإننا نأمل أن يهتم التشريع الجزائري من خالل مشروع قانون‬
‫العم ل الجديد بحماية الحياة الخاصة للعامل كحق مستقل‪ ،‬إذ ال حظنا إقرار المشرع من خالل هذا‬
‫المشروع حق المترشح في العمل في احترام حياته الخاصة‪ ،‬فكان من باب أولى ضمان احترام‬
‫الحياة الخاصة للعامل أيضا‪ ،‬والعمل على تحقيق قدرا كبيرا من التوازن بين الحق في الحياة‬
‫الخاصة بأبعاده المختلفة والواسعة‪ ،‬وبين مقتضيات عقد العمل من منظور صاحب العمل‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫قــائـمـة المــراجـــع‬

‫‪ .I‬مراجع باللغة العربية‬


‫أوال‪ :‬المؤلفات‬
‫‪ )1‬المؤلفات العامة‬
‫‪ -9‬ابراهيم عيد نايل‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.2111 ،‬‬
‫‪ -2‬ابن منظر‪ ،‬قاموس العرب‪ ،‬مطبعة بيروت‪.9191 ،‬‬
‫‪ -3‬احمد أجوييد‪ ،‬الموجز في شرح القانون الجنائي الخاص المغربي‪ ،‬جرائم االعتداء على‬
‫الجامعية‪ ،‬المغرب‪.9113-9112 ،‬‬ ‫األشخاص‪ ،‬ج‪ ،2‬مكتبة المعار‬
‫‪ -4‬أحمد البهجي‪ ،‬حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية المدنية‪،‬‬
‫دار الجامعة للنشر اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2113 ،‬‬
‫‪ -3‬أحمد حسن البرعي‪ ،‬شرح عقد العمل الفردي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.9113 ،‬‬
‫‪ -9‬أحمد شوقي محمد عبد الرحمان‪ ،‬شرح قانون العمل الجديد والتأمينات االجتماعية‪ ،‬منشأة‬
‫‪ ،‬باالسنكدرية‪ ،‬مصر‪.2111،‬‬ ‫المعار‬
‫‪ -1‬أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬عالقات العمل‬
‫الفردية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.9111 ،‬‬
‫‪ -1‬ادريس العلوي العدالوي‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬ج‪ ،2‬ط السادسة‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬المغرب‪9112 ،‬‬
‫‪ -1‬آدم حسن بديع آدم‪ ،‬الحق في حرمة الحياة الخاصة ومدى الحماية التي يكفلها القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2111 ،‬‬
‫‪ -91‬أسامة عبد اهلل قايد‪ ،‬الحماية الجنائية الخاصة وبنوك المعلومات‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬مصر‪.9114 ،‬‬
‫‪ -99‬اسماعيل غانم‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.9191 ،‬‬
‫توفيق شمس الدين‪ ،‬الصحافة والحماية الجنائية للحياة الخاصة – دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫‪ -92‬أشر‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة االولى ‪.2111‬‬
‫‪ -93‬أكرم نشأت ابراهيم‪ ،‬سلطة التفتيش الجنائي في القانون العراقي‪ ،‬بدون دار نشر‪،‬‬
‫بغداد‪،‬العرق‪.9191 ،‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -94‬بشير هد في‪ ،‬الوجيز في عالقات العمل الفردية والجماعية‪ ،‬دار ريحانة للكتاب‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2119‬‬
‫‪ -93‬بلخيضر عبد الحفيظ‪ ،‬اإلنهاء التعسفي لعقد العمل‪ ،‬دار الحداثة للطباعة والنشر‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.9119‬‬
‫‪ -99‬بن صاري ياسين‪ ،‬عقد العمل محدد المدة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2114 ،‬‬
‫‪ -91‬بن عزوز بن صابر‪ ،‬نشأة عالقة العمل الفردية في التشريع الجزائري والمقارن‪ ،‬دار‬
‫ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪-‬األردن‪.2191 ،‬‬
‫‪ -91‬بيرك فارس حسين الجبوري ‪ ،‬حقوق الشخصية وحمايتها المدنية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪.2199 ،‬‬
‫‪ -91‬توفيق حسن فرج‪ ،‬قانون العمل في القانون اللبناني والقانون المصري الجديد‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،‬القاهرة‪.9119 ،‬‬
‫‪ -21‬جعفر محمود المغربي‪ ،‬حسين شاكر عسا ‪ ،‬المسؤولية المدنية عن االعتداء على الحق‬
‫المحمول‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬المملكة األردنية‪.2191 ،‬‬ ‫في الصورة بواسطة الهات‬
‫‪ -29‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.9111 ،‬‬
‫‪ -22‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬مطبعة أبناء وهبة حسان‪ ،‬مصر‪.9119 ،‬‬
‫‪ -23‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.9111،‬‬
‫‪ -24‬حسن حسين البراوي‪ ،‬مدى حماية الحق في الحياة الخاصة في القانون المدني القطري‪،‬‬
‫المجلة القانونية والقضائية‪ ،‬ط‪ ،9‬قطر ‪.2111‬‬
‫‪ -23‬حسن كيرة‪ ،‬أصول قانون العمل‪ ،‬عقد العمل‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار المعار ‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -29‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬منشأة المعار ‪ ،‬اإلسكندرية‪.9119 ،‬‬
‫‪ -21‬حسني الجندي‪ ،‬ضمانات حرمة الحياة الخاصة في اإلسالم‪ ،‬ط‪ ،9‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪.9113 ،‬‬
‫‪ -21‬حمدي أحمد سعد‪ ،‬العمل عن بعد‪ ،‬ذاتيته‪ ،‬تنفيذه‪ ،‬دراسة تأصيلية تحليلية في ضوء القواعد‬
‫العامة لقانون العمل‪ ،‬دار الكتب القانوية‪ ،‬مصر‪.2191 ،‬‬
‫‪ -21‬خالد ممدوح إبراهيم‪ ،‬أمن مراسالت البريد االلكتروني‪ ،‬الدار الجامعية مصر ‪.2111‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -31‬دنيا مبارك‪ ،‬الوجيز في القانون االجتماعي‪ ،‬مطبعة دار النشر الجسور‪ ،‬ط ‪ ،3‬المغرب‪،‬‬
‫المغرب‪.9111‬‬
‫‪ -39‬راشد راشد‪ ،‬شرح عالقات العمل الفردية والجماعية في ضوء التشريع الجزائري‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.9119 ،‬‬
‫‪ -32‬رمضان أبو السعود‪ ،‬الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني‪ ،‬المدخل إلى القانون وخاصة‬
‫قانون االمصري واللبناني‪ ،‬النظرية العامة للحق‪،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.9113 ،‬‬
‫‪ -33‬سامي الحسني‪ ،‬النظرية العامة للتفتيش في القانون المصري والمقارن‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬مصر‪.9119 ،‬‬
‫‪Editions‬‬ ‫‪ -34‬سميرة كميلي‪ ،‬القانون الجنائي للشغل‪ -‬جرائم الشغل‪ -‬ج‪ ،9‬دار النشر‬
‫‪ ، Emaliv‬المغرب‪.2193،‬‬
‫‪ -33‬سعد السعيد الصبري‪ ،‬المسؤولية المدنية الناشئة عن اإلخالل االلتزمات المترتبة على عقد‬
‫العمل دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2191 ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -39‬سعيد السيد قنديل‪ ،‬التأثير المتكامل للمسؤولية التقصيرية على الحقوق الشخصية دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪.2194 ،‬‬
‫‪ -31‬سعيد عز‪ ،‬العمل القضائي في مجال منازعات الشغل الفردية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫ط‪ ،9‬الدار البيضاء‪ -‬المغرب‪.9114 ،‬‬
‫‪ -31‬سعيد مقدم‪ ،‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.9113 ،‬‬
‫‪ -31‬سيد محمود رمضان‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العمل وفقا آلخر التعديالت لسنة ‪2112‬‬
‫وقانون الضمان االجتماعي رقم ‪ 91‬لسنة ‪ ،2119‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2119 ،‬‬
‫‪ -41‬شمس الدين الوكيل‪ ،‬مبادىء القانون الخاص‪ ،‬ط ‪ ،9‬اإلسكندرية‪،‬مصر‪.9193 ،‬‬
‫‪ -49‬ش واخ محمد الحمد‪ ،‬التشريعات االجتماعية قانون العمل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مديرية الكتب‬
‫والمطبوعات الجامعية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪.2111،‬‬
‫‪ -42‬صالح محمد أحمد دياب‪ ،‬إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2119،‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -43‬طوني عيسى‪ ، ،‬التنظيم القانوني لشبكة االنترنت‪ ،‬دار المنشورات الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬لبنان‬
‫‪.2001‬‬
‫القوني‪ ،‬حسن النية وأثره في التصرفات في الفقه االسالمي‬ ‫‪ -44‬عبد الحليم عبد اللطي‬
‫والقانون المدني‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪،‬مصر‪.2114 ،‬‬
‫‪ -43‬عامر خضر الكبيسي‪ ،‬إدارة الموارد البشرية في الخدمة المدنية ‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية‬
‫اإلدارية – القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -49‬عباس العبودي‪ ،‬شرح قانون المرافعات المدنية‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الموصل‪،‬العراق‪.2111 ،‬‬
‫‪ -41‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.9119‬‬
‫‪ -41‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬ج‪ ،1‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫مصر‪.9119،‬‬
‫‪ -41‬عبد السالم ديب‪ ،‬قانون العمل والتحوالت االقتصادية‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2113‬‬
‫‪ -31‬عبد العزيز المرسي حمود‪ ،‬تحديد نطاق سلطة رب العمل‪ ،‬في اإلنفراد بتعديل عناصر‬
‫عقد العمل غير محدد المدة دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.9111 ،‬‬
‫خالفي‪ ،‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬المطبعة‬ ‫‪ -39‬عبد اللطي‬
‫والوراقة الوطنية‪ ،‬المغرب‪.2111 ،‬‬
‫‪ -32‬عبد المنعم فرج الصده‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.9111 ،‬‬
‫‪ -33‬علي أحمد عبد الزغبي‪ ،‬حق الخصوصية في القانون الجنائي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط ‪،9‬‬
‫الموسوعة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪.2119 ،‬‬
‫‪ -34‬علي علي سليمان‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬الجزائر‪.9111 ،‬‬
‫‪ -33‬علي فياللي‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪.2199 ،‬‬
‫‪ -39‬عماد حمدي حجازي‪ ،‬الحق في الخصوصية ومسؤولية الصحفي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪.2111 ،‬‬
‫‪ -31‬عمر محمد بن يونس‪ ،‬أشهر المبادئ المتعلقة باالنترنت في القضاء األمركي‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2114،‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -31‬عمرو احمد حسبو‪ ،‬حماية الحريات في مواجهة نظم المعلومات‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬مصر‪.2111 ،‬‬
‫‪ -31‬عصام أحمد البهجي‪ ،‬حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية‬
‫المدنية‪ ،‬دار الجامعة للنشر اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2113،‬‬
‫‪ -91‬غالب علي الداودي‪ ،‬شرح قانون العمل (دراسة مقارنة)‪،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬عمان‬
‫األردن‪.2199‬‬
‫‪ -99‬كشبور محمد‪ ،‬عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬طبعة ‪.9113‬‬
‫‪ -92‬مبدر لويس‪ ،‬أثر التطور التكنولوجي على الحريات العامة‪ ،‬منشأة المعار ‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪. 9111،‬‬
‫‪ -93‬محمد أبو العال عقيدة‪ ،‬مراقبة المحادثات التليفونية‪ ،‬درا سة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪.2111 ،‬‬
‫‪ -94‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬تشريع العمل في الجزائر‪ ،‬مطبعة والية قالمة‪ ،‬الجزائر‪.9112 ،‬‬
‫‪ -93‬محمد حسي منصور‪ ،‬شرح قانون العمل العماني‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪.2199 ،‬‬
‫‪ -99‬محمد جمال الدين زكي‪ ،‬عقد العمل في قانون العمل المصري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الهيئة‬
‫المصرية العامة للكتاب‪ ،‬مصر‪.911 ،‬‬
‫‪ -91‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬المبادىء العامة في نظرية اإلثبات في القانون الخاص‬
‫المصري‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،‬مصر‪.2119،‬‬
‫‪ -91‬محمد جمال مطلق الذيبات‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة القانون واالقتصاد‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.2192 ،‬‬
‫‪ -91‬محمد صبري السعدي‪ ،‬شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬دار الهدى للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2111 ،‬‬
‫‪ -11‬محمد زكي أبو عامر‪ ،‬الحماية الجنائية للحرية الشخصية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫اإلسكندرية‪2199 ،‬مصر‪.،‬‬
‫‪ -19‬محمد سعيد بناني‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب‪ ،‬عالقات الشغل الجماعية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار‬
‫النشر المغربية‪ ،‬المغرب ‪.9113‬‬

‫‪319‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -12‬محمد عبد العظيم محمد‪ ،‬حرمة الحياة الخاصة في ظل التطور العلمي الحديث‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪.9111 ،‬‬
‫‪ -13‬محمد عبد الغفار البسيوني‪ ،‬سلطة رب العمل في االنفراد بتعديل عقد العمل‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة مصر‪.9111 ،‬‬
‫‪ -14‬محمد علي عمران‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العمل الجديد‪ ،‬دار نصر للطباعة والنشر‪،‬‬
‫مصر‪.2113 ،‬‬
‫شرح قانون العمل‪ ،‬دار الوفاء القانونية‪ ،‬ط‪ ،9‬االسكندرية‪.2191 ،‬‬ ‫محمد لبيب شنب‪،‬‬ ‫‪-13‬‬

‫‪ -19‬محمد محمد الشهاوي‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في مواجهة الصحافة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2119 ،‬‬
‫‪ -11‬محمد نجيب حسني‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪.9119،‬‬
‫‪ -11‬محمد واصل‪ ،‬الحقوق المالزمة للشخصية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪.9113،‬‬
‫‪ -11‬محمود خليل بحر‪ ،‬حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي ‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مكتبة دار‬
‫الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.9112 ،‬‬
‫‪ -11‬محمود عبد الرحمن محمد‪ ،‬نطاق الحق في الحياة الخاصة‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون‬
‫الوضعي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.9119 ،‬‬
‫‪ -19‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات الخاص‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪.9114،‬‬
‫‪ -12‬مقني بن عمار‪ ،‬قواعد االثبات في المواد العمالية في القانون الجزائري‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪،‬مصر‪.2191 ،‬‬
‫‪ -13‬مهدي بخدة‪ ،‬التنظيم القانوني ألوقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪،‬اإلسكندرية مصر‪.2193 ،‬‬
‫‪ -14‬ناهد العجوز‪ ،‬الحماية الجنائية للحقوق العمالية في قانون العمل في مصر والدول‬
‫العربي‪ ،‬منشأة المعر ‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪.9119 ،9‬‬
‫‪ -13‬نبيل سعد‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬نظرية الحق‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،‬مصر‪.2111،‬‬
‫‪ -19‬نهال عبد القادر المومني‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2111،‬‬

‫‪312‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -11‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬قانون العمل ‪ ،‬عقد العمل الفردي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫مصر‪.9111،‬‬
‫‪ -11‬وهاب حمزة‪ ،‬الحماية الدستورية للحرية الشخصية خالل مرحلة االستدالل والتحقيق في‬
‫التشريع الجزائري‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2199 ،‬‬
‫أحمد علي السيد علي‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬ ‫‪ -11‬يوس‬
‫النهضة المصرية‪.9113 ،‬‬
‫إلياس‪ ،‬أزمة قانون العمل المعاصر بين نهج تدخل الدولة ومذهب اقتصاد السوق‪،‬‬ ‫‪ -11‬يوس‬
‫دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪،‬االردن‪.2119 ،‬‬
‫دالندة‪ ،‬الوجيز في شرح األحكام المشتركة لجميع الجهات القضائية وفق قانون‬ ‫‪ -19‬يوس‬
‫االجراءات المدنيو واالدارية الجديد‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2111 ،‬‬
‫‪ -12‬يسي محمد يحي‪ ،‬قانون العمل المصري والسوداني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.9113،‬‬

‫‪ )2‬المؤلفات الخاصة‬
‫خالد حمدي عبد الرحمن‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫القاهرة‪.2119-2113 ،‬‬
‫صالح محمد دياب‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة وضماناتها في ظل الوسائل‬ ‫‪-2‬‬
‫التكنولوجية الحديثة‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪.2191 ،‬‬
‫محمد بنحساين‪ ،‬حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‬ ‫‪-3‬‬
‫ط‪.2119 ،9‬‬
‫محمد حسن قاسم‪ ،‬الحماية القانونية لحياة العامل الخاصة في مواجهة بعض مظاهر‬ ‫‪-4‬‬
‫التكنولوجية الحديثة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪2199 ،‬‬
‫مصطفى عبد الحميد عدوي‪ ،‬الخصوصية في مكان العمل‪ ،‬دراسة مقارنة بين القانونين‬ ‫‪-3‬‬
‫المصري واألمريكي‪ ،‬دون ناشر‪.9111 ،‬‬
‫ثانيا‪ :‬أطروحات الدكتوراه‬
‫‪ -9‬بن سعيد صبرينة‪ ،‬حماية الحق في الحياة الخاصة في عهد التكنولوجيا‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫في العلوم القانونية‪ ،‬تخصص قانون دستوري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الحاج‬
‫لخضر ‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2193/2194‬‬

‫‪313‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -2‬بشاتن صفية‪ ،‬الحماية القانونية للحياة الخاصة‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص القانون‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.2192 ،‬‬
‫‪ -3‬تنوير أحمد بن محمد نذير‪ ،‬حق الخصوصية – دراسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون‬
‫اإلنجليزي‪ -‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪ ،‬الجامعية االسالمية باسالم آباد‪،‬‬
‫باكستان‪.2111،‬‬
‫‪ -4‬ثوابتي إيمان ريما سرور‪ ،‬القواعد الدولية للعمل المكرسة لمبدأ المساواة وعدم التمييز في‬
‫واالستخدام‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون عام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬ ‫التوظي‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪.2193-2194 ،‬‬
‫‪ -3‬رحوي فؤاد‪ ،‬وضعية العامل المتغيب داخل المؤسسة‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص القانون‬
‫االجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم الساسية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪.2194 ،‬‬
‫‪ -9‬عاقلي فضيلة‪ ،‬الحماية القانونية للحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬أطروحة دكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2192-2199‬‬
‫‪ -1‬مفتاح محمد رشاد ابراهيم‪ ،‬الحماية الجنائية للحق في حرمة االتصاالت الشخصية‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه تخصص قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪.2111‬‬
‫‪ -1‬نويري عبد العزيز‪ ،‬الحماية الجزائية للحياة الخاصة‪ ،‬أطروحة دكتوراه تخصص قانون‬
‫جنائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪،‬السنة الجامعية ‪2199-2191‬‬
‫ثالثا‪ :‬مذكرات الماجيستر‬
‫‪ -9‬الحاسي مريم‪ ،‬التزام البنك بالمحافظة على السر المهني‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجيستر‪،‬‬
‫تخصص مسؤولية المهنيين‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2192-2199‬‬
‫بن بدرة عفي ‪ ،‬النظام التأديبي في المؤسسة‪ ،‬مذكرة ماجيستر تخصص قانون األعمال‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر ‪.2191‬‬
‫‪ -3‬بن ذياب عبد المالك‪ ،‬حق ال خصوصية في التشريع العقابي الجزائري‪ ،‬رسالة ماجيستر‬
‫تخصص علوم جنائية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر ‪-2192‬‬
‫‪.2193‬‬
‫بنور سعاد‪ ،‬تشغيل المعوقين في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجيستر تخصص قانون‬ ‫‪-4‬‬
‫اجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مستغانم‪ ،‬الجزائر‪.2192 ،‬‬

‫‪314‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫بن يوب هدى‪ ،‬مبدأ حسن النية في العقود‪ ،‬رسالة ماجيستر في العقود المدنية‪ ،‬كلية‬ ‫‪-3‬‬
‫الحقوق والعلوم السياسية جامعة وهران‪ ،‬الجزائر ‪.2193-2192 ،‬‬
‫بومدان عبد القادر‪ ،‬المسؤولية الجزائية للطبيب عن إفشاء السر الطبي‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪-9‬‬
‫ماجيستر‪ ،‬تخصص قانون المسؤولية المهنية‪ ،‬بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪،‬‬
‫الجزائر‪.2199-2191 ،‬‬
‫بيو خال ‪ ،‬تطور حماية الحياة الخاصة للعامل‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجيستر تخصص‬ ‫‪-1‬‬
‫تحوالت الدولة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2199-2191‬‬
‫حافر فاطمة‪ ،‬حاالت تعليق عالة العمل في عقود العمل غير المحددة المدة في تشريع‬ ‫‪-1‬‬
‫العمل الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجيستر تخصص قانون اجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق جامعة‬
‫وهران‪ ،‬الجزائر‪.2111-2111 ،‬‬
‫حكيمة برقوقي‪ ،‬حقوق االنسان وسلطات المشغل بين االتفاقيات الدولية ومدونة الشغل‬ ‫‪-1‬‬
‫المغربية‪ ،‬مذكرة ماستر في قانون العقود والعقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬المغرب‪.2199-2191 ،‬‬
‫‪ -91‬زوبة عز الدين‪ ،‬سلطة المستخدم التأديبية في إطار المادة ‪ 13‬من قانون ‪99/11‬‬
‫المتعلق بعالقات العمل‪ ،‬مذكرة ماجيستر‪ ،‬تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪-‬‬
‫جامعة أحمد بوقرة‪ ،‬بومرداس‪ ،‬الجزائر ‪.2199‬‬
‫‪ -99‬سالمي أمال‪ ،‬عقد العمل محدد المدة في ظل االصالحات االقتصادية في الجزائر‪،‬‬
‫مذكرة ماجيستر في القانون العام‪ ،‬فرع التنظيم االقتصادي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫قسنطينة ‪ ،9‬الجزائر ‪.2193/2192‬‬
‫‪ -92‬سالمي فضيلة‪ ،‬حماية حرمة المسكن في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماستر‬
‫تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة البويرة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2193‬‬
‫‪ -93‬سليمان بن عبد اهلل بن سليمان العجالن‪ ،‬حق االنسان في حرمة مراسالته واتصاالته‬
‫الهاتفية الخاصة في النظام الجنائي السعودي‪ ،‬مذكرة ماجيستر تخصص سياسة جنائية‪،‬‬
‫العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية‬ ‫كليات الدراسات العليا‪ ،‬جامعة ناي‬
‫السعودية‪.2113 ،‬‬

‫‪313‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -94‬عبد اهلل قادية‪ ،‬االتفاقيات الجماعية في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجيستر تخصص‬
‫قانون اجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪.2114-2113 ،‬‬
‫‪ -93‬عبد المجيد صادقين‪ ،‬حماية حقوق العامل الشخصية بين اإلطار التشريعي والواقع‬
‫العملي‪ ،‬مذكرة ماستر قانون العقود والعقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية وجدة‪ -‬المغرب‪.2193-2192 ،‬‬
‫علي يحي آل زمانان ‪ ،‬التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل ‪ ،‬دراسة مقارنة في‬ ‫‪-99‬‬
‫القانون المصري والسعودي‪ ،‬مذكرة ماجيستر‪ ،‬كلية الحقوق جامعة القاهرة‪،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2114‬‬
‫فريحة كمال‪ ،‬المسؤولية المدنية للطبيب‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجيستر في القانون‬ ‫‪-91‬‬
‫الخاص‪ ،‬تخصص قانون المسؤولية المهنية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسة ‪ ،‬جامعة‬
‫تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.2192‬‬
‫محمد ماسي‪ ،‬مفهوم النظام العام في قانون الشغل‪ ،‬مذكرة لنيل دبلوم الدراسات العليا في‬ ‫‪-91‬‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪-‬المغرب‪،‬‬
‫‪.9113‬‬
‫‪ -91‬ماموني فاطمة الزهراء‪ ،‬العامل والمؤسسة االقتصادية‪ ،‬محاولة لتحديد عنصر التبعية‪،‬‬
‫مذكرة ماجيستر في القانون االجتماعي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2114-2113‬‬
‫‪ -21‬نادية أيت أفتان‪ ،‬تبعية العامل في عالقة العمل‪ ،‬مذكرة ماجيستر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬وجامعة‬
‫مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.9111-9119 ،‬‬
‫فلوح أحمد‪ ،‬حوادث العمل واألمراض المهنية في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪ -29‬يوس‬
‫ماجيستر‪ ،‬تخصص قانون إجتماعي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإدارية ‪ ،‬جامعة وهران‪،‬‬
‫الجزائر‪.2199-2191 ،‬‬
‫‪ -22‬يونس تلمساني‪ ،‬الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي في القانون المغربي‬
‫والمقارن‪ ،‬مذكرة ماستر تخصصص علوم جنائية‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬المغرب‪.2111-2111 ،‬‬
‫رابعا‪ :‬الـمقـاالت‬

‫‪319‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -9‬ابراهيم علي حمادي‪ ،‬انتهاك حرمة الحياة الخاصة "الخطأ الصحفي نموذجا" دراسة مقارنة‪،‬‬
‫مجلة جامعة األنبار للعلوم القانونية والسياسية العدد الثاني‪ ،‬كلية القانون الفلوجة‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -2‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪،34‬‬
‫‪.9114‬‬
‫‪ -3‬أكرم محمود حسين البدو‪ ،‬بيرك فارس حسين‪ ،‬الحق في سالمة الجسم‪ ،‬دراسة تحليلية‬
‫مقارنة‪ ،‬مجلة الرافدين للحقوق‪،‬مجلد ‪ ،1‬العدد ‪ ،33‬سنة ‪.2111‬‬
‫‪ -4‬باسم شهاب‪ ،‬العالقة الالزمة لتحقق التحرش في ميدان العمل‪ ،‬مقال منشور بمجلة نظرة‬
‫على القانون االجتماعي‪ ،‬العدد ‪ ،14‬لسنة ‪.2193‬‬
‫‪ -3‬بن حساين محمد‪ ،‬أي توازن بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية‪ ،‬مجلة‬
‫القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪ 21‬الصادرة في ماي ‪.2193‬‬
‫‪ -9‬بوسحبة جياللي‪ ،‬التحرش المعنوي بالمرأة في وسط العمل‪ ،‬مقال منشور بمجلة نظرة على‬
‫القانون االجتماعي‪ ،‬العدد ‪ ،14‬لسنة ‪.2193‬‬
‫االستثنائية وظوابطها في القانون الدستوري الجزائي‪،‬‬ ‫‪ -1‬جابوربي اسماعيل‪ ،‬نظرية الظرو‬
‫مجلة دفاتر السياسة والقانوون‪ ،‬ورقلة‪ ،‬العدد ‪ ،94‬جانفي ‪.2199‬‬
‫‪ -1‬جعفر محمود المغربي‪ ،‬حسين شاكر عسا ‪ ،‬المسؤولية المدنية عن االعتداء على الحق في‬
‫المحمول‪ .‬دار الثقافة‪ ،‬المملكة األردنية‪.2191 ،‬‬ ‫الصورة بواسطة الهات‬
‫‪ -1‬خادم حمزة‪ ،‬اآلثار المترتبة على حق المرأة في العمل في ضوء القانون الدولي‪ ،‬مجلة‬
‫البحوث القانونية والساياسية‪ ،‬العدد الثاني‪.2194 ،‬‬
‫‪ -91‬رجب عبد الحميد‪ ،‬أمن شبكات المعلومات االلكترونية‪ ،‬المخاطر والحلول‪Cybrarians ،‬‬
‫االلكتوني‬ ‫الموقع‬ ‫على‬ ‫متاح‬ ‫‪،2191‬‬ ‫ديسمبر‬ ‫‪31‬‬ ‫العدد‬ ‫‪،Journal‬‬
‫للمجلة‪http://www.journal.cybrarians.org‬‬
‫‪ -99‬زهير حرح‪ ،‬تأ ثير الحياة الخاصة للعامل في حياته المهنية‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم‬
‫االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،31‬العدد األول‪ ،2194 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -92‬طارق نوير‪ ،‬العمل عن بعد ومتطلبات ااتطبيق في مصر‪ ،‬مجلة مصر المعاصرة‪،‬‬
‫العددان ‪ 414/913‬يناير‪/‬ابريل ‪.2114‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -93‬عادل العشابي‪ ،‬سلطة المؤجر في تسيير مقاولته بين حاجيات المقاولة وحماية حقوق‬
‫األجراء‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المجلة االلكترونية لندوات محاكم فاس‪ ،‬المملكة المغربية‪ ،‬العدد‬
‫الرابع‪.2119 ،‬‬
‫‪ -94‬عبد السالم شعيب‪ ،‬النظام العام وقانون العمل في ضوء العولمة‪ ،‬مجلة نقابة المحامين‬
‫ببيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬العدد ‪.2111 ،3‬‬
‫‪ -93‬عبد الكريم غالي‪ ،‬مدونة الشغل تأمالت منهجية‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪.2114 ،9‬‬
‫‪ -99‬عبد اهلل أوهايبية‪ ،‬تفتيش المنازل في القانون الجزائري‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫والسياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزء ‪ ،39‬رقم ‪.2/11‬‬
‫‪ -91‬عبد المجيد بوريقة‪ ،‬حماية الحياة الخاصة في القانون التونسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬مجلة القضاء‬
‫والتشريع‪ ،‬تونس‪ ،‬العدد ‪.2112 ،1‬‬
‫‪ -91‬عطاء اهلل بوحميدة‪ ،‬تطورات المادة ‪ 13‬من قانون ‪ 99/11‬المتعلق بقانون عالقات العمل‬
‫وبعض إشكاليات تطبيقها‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،2‬الجزائر‪.2111 ،‬‬
‫‪ -91‬عص ام األحمر‪ ،‬الدعوى الشغلية من خالل مجلة الشغل وفقه القضاء‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬طبعة ثانية‪.2111 ،‬‬
‫‪ -21‬عمارة نعرورة‪ ،‬الجديدي في عالقات العمل الفردية‪ ،‬المجلة القضائية‪،‬العدد ‪ ،2‬الجزائر‪،‬‬
‫‪. 9113‬‬
‫‪ -29‬فهيد محسن الديحاني‪ ،‬الطبيعة القانونية للحق في الصورة وحمايته المدنية في القانون‬
‫الكويتي‪ ،‬المجلة العربية للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬المجلد ‪ ،21‬العدد ‪ ،39‬بدون سنة‬
‫نشر‪.‬‬
‫‪ -22‬كريم مزعل شبي الساعدي‪ -‬حسن محمد كاظم‪ ،‬الحق في الخصوصية دراسة مقارنة‪،‬‬
‫مجلة كربالء‪ ،‬المجلد الثاني العدد العاشر‪ ،‬سنة ‪.2113‬‬
‫‪ -23‬لمين علوطي‪ ،‬المنظمة االلكترونية لللعمل عن بعد‪ ،‬مجلة ابحاث اقتصادية وادارية‪ ،‬معهد‬
‫العلوم االقتصادية‪ ،‬المركز الجامعي يحي فارس المدية‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬جوان ‪.2111‬‬
‫‪ -24‬محمد أمين فالح الخرشة‪ ،‬جرائم االعتداء على الحق في الحياة الخاصة في القانون‬
‫االردني‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬قسم القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق جامعة مؤتة‪،‬‬
‫االردن‪ ،‬بدون سنة النشر‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -23‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‬
‫للعلوم االقتصادية والقانونية – المجلد ‪ 23‬العدد الثاني‪ ،‬سنة ‪.2111‬‬
‫‪ -29‬مرنيز فاطمة‪ ،‬حرمة الحق في الخصوصية للعامل في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة‪،‬‬
‫مقال منشور بمجلة نظرة على القانون االجتماعي‪ ،‬مخبر القانون االجتماعي‪ ،‬القطب‬
‫الجامعي‪ ،‬بلقايد‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬العدد رقم ‪ 13‬لسنة ‪.2199‬‬
‫‪ -21‬مروك نصر الدين‪ ،‬الحق في الخصوصية‪ ،‬موسوعة الفكر القانوني‪ ،‬العدد الثاني‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬بدون سنة‪.‬‬
‫‪ -21‬مزغراني بومدي‪ ،‬التالزم بين أحكام الصالة والعمل في قانون العمل الجزائري‪ ،‬مقال‬
‫منشور بمجلة نظرة على القانون االجتماعي‪ ،‬القطب الجامعي بلقايد وهران‪ ،‬ع ‪.2111 ،3‬‬
‫‪ -21‬مهدي بن خدة‪ ،‬دراسة تحليلية لمضمون المادة ‪ 13‬من قانون العمل الجزائري‪ ،‬مقال‬
‫منشور بالمجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية واالنسانية‪ ،‬قسم العلوم االقتصادية‬
‫والقانونية‪ ،‬عدد ‪ ،99‬جوان ‪.2199‬‬
‫‪ -31‬نادية حسان‪ ،‬النظام الداخلي في قانون عالقات العمل‪ ،‬المجلة النقدية للقانون والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬العدد األول‪.2111 ،‬‬
‫‪ -39‬نشوى رأفت إبراهيم‪ ،‬الحماية القانونية لخصوصية مراسالت البريد اإللكتروني‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق ‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬بدون سنة النشر‪ ،‬ص ‪ ،33‬ومذكور في مقال منشور على‬
‫الموقع االلكتروني‪www.unpeudedroit.fr/droit-du-travail :‬‬
‫‪ -32‬نور الدين الناصري‪ ،‬النظام القانوني للحق في الحياة الخاصة – دراسة في ضوء‬
‫التشريعي المغربي والمقارن – مجلة الفقه والقانون‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬جويلية ‪.2193‬‬
‫‪ -33‬نور فرحات نعيم غيث‪ ،‬الفصل التعسفي في قانون العمل االردني دراسة مقارنة‪ ،‬متاح‬
‫العربي‪:‬‬ ‫للقانون‬ ‫االلكتروني‬ ‫الدليل‬ ‫بعنوان‬ ‫الموقع االلكتروني‬ ‫على‬
‫‪www.arablaw.info.com‬‬
‫خامسا‪ :‬الملتقيات والمؤتمرات‬
‫‪ -9‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الحق في الحياة الخاصة"‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر حرمة الحياة الخاصة‪،‬‬
‫المنعقد بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،‬من ‪ 4‬إلى ‪ 9‬جوان ‪.9111‬‬
‫‪ -2‬أكرم عبد الرزاق المشهداني‪ ،‬اساءة استخدام تقنيات المعلومات وانتهاك الحق في‬
‫الخصوصية‪ ،‬بحث مقدم خالل المؤتمر السادس لجمعية المكتبات والمعلومات السعودية‬
‫حول البييئة المعلوماتية ا آلمنة‪ ،‬المفاهيم والتشريعات والتطبيقات‪ ،‬المنعقد بمدينة الرياض‬
‫خالل الفترة ‪ 1-9‬أفريل ‪.2191‬‬

‫‪311‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -3‬حسام الدين االهواني‪" ،‬الحق في الخصوصية في القانون الفرنسي"‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر الحق‬
‫في الحياة الخاصة‪ ،‬باألسكندرية من ‪ 4‬إلى ‪ 9‬جانفي ‪.9111‬‬
‫‪ -4‬رمسيس ينهام‪ ،‬نطاق الحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬بحث مقدم لمؤتمر الحق في الحياة‬
‫الخاصة المنعقد في كلية الحقوق جامعة االسكندرية من ‪ 4‬إلى ‪ 9‬جانفي ‪.9111‬‬
‫‪ -3‬صالح العتيبي‪ ،‬الحق في الخصوصية في مواجهة التشريعات الوطنية‪-‬حماية حياة العامل‬
‫مداخلة أثناء المؤتمر العلمي القانوني الثاني لكلية‬ ‫الخاصة في قانون العمل الكويتي‪،‬‬
‫القانون الكويتية العالمية حول "التحديات المستجدة للحق في الخصوصية"‪ ،‬بتاريخ ‪99/93‬‬
‫اآلتي‪:‬‬ ‫الموقع‬ ‫على‬ ‫متاح‬ ‫فبراير‪،2193‬‬
‫‪http://kilaw.edu.kw/Conference/index.php/ar/ct-menu-item‬‬
‫‪ -9‬عادل عامر‪ ،‬مفهوم التحرش الجنسي في التشريعات المقارنة‪ ،‬بحث منشور على الموقع‬
‫اآلتي‪/http://almesryoon.com :‬‬
‫‪ -1‬عبد المحسن الجار اهلل الخرافي‪ ،‬احترام العامل وتقدير كرامته اإلنسانية‪ ،‬متاح على الموقع‬
‫اآلتي‪/http://alqabas.com/2570 :‬‬
‫‪ -1‬عمر بن عبد الرحمن العيسى‪ ،‬دليل العمل عن بعد‪ ،‬ترجمة لمايك جرى وآخرين‪ ،‬مركز‬
‫البحوث‪ ،‬الرياض‪.2119 ،‬‬
‫‪ -1‬محمد رايس‪ ،‬مسؤولية األطباء المدنية عن إفشاء السر المهني‪ ،‬بحث مقدم بمناسبة الملتقى‬
‫الوطني حول المسؤولية الطبية المنعقد بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬من ‪ 11‬إلى ‪91‬‬
‫أفريل ‪.2111‬‬
‫‪ -91‬نورة بوطاهر‪ ،‬أنس االعرج‪ ،‬رشيد االشهب‪ ،‬حسن االبراهيمي‪ ،‬آثار المعلوميات على‬
‫الشغل‪ ،‬منطلقات لتوجيه القضاء في تطبيق مدونة الشغل‪ ،‬ص ‪ ،1‬بحث منشور على الموقع‬
‫اآلتي‪http://www.startimes.com/?t=15307871 :‬‬
‫سادسا‪ :‬اإلجتهاد القضائي‬
‫‪ - 1‬سعيد أحمد شعلة‪ ،‬موسوعة قضاء النقض العمالي‪ ،‬منشأة المعار ‪ ،‬االسكندرية‪.9111 ،‬‬
‫‪ - 2‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬العدد ‪ 21‬الصادرة بتاريخ ‪ 21‬فبراير ‪ ،9111‬المعهد العالي‬
‫للقضاء‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط ‪ -‬المملكة المغربية‪ ،‬الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪/http://www.ism.ma‬‬
‫‪ - 3‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ 11‬لسنة ‪ ،9114‬مجلس هيئة المحامين‪ ،‬مؤسسة الملك عبد‬
‫االلكتروني‪:‬‬ ‫الموقع‬ ‫المغربية‪،‬‬ ‫المملكة‬ ‫البيضاء‪-‬‬ ‫الدار‬ ‫العزيز‪،‬‬
‫‪/http://act.fondation.org.ma‬‬

‫‪411‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ - 4‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ 13‬لسنة ‪ ،9113‬مجلس هيئة المحامين‪ ،‬مؤسسة الملك عبد‬
‫العزيز‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ - 5‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد المزدوج ‪ ،91/31‬السنة ‪ ،24‬يناير – جويلية‪،2112 ،‬‬
‫االلكتروني‪:‬‬ ‫الموقع‬ ‫المغربية‪،‬‬ ‫المملكة‬
‫‪http://www.cpdj.courdecassation.ma/CPDJ-Ar/PDF/sommaire/R-59-‬‬
‫‪60-TOT.pdf‬‬
‫‪ - 2‬المجلة القضائية للمحكمة العليا الجزائرية العدد ‪ 2‬لسنة ‪.9113‬‬
‫‪ - 2‬المجلة القضائية للمحكمة العليا الجزائرية العدد ‪ 1‬لسنة ‪.2006‬‬
‫‪ - 0‬المجلة القضائية للمحكمة العليا الجزائرية العدد ‪ 9‬لسنة ‪.2112‬‬
‫سابعا‪ :‬التقـاريـر‬
‫‪ -9‬تقرير المدير العام لمكتب العمل الدولي‪" ،‬المساواة في العمل"‪ ،‬التقرير العالمي لمنظمة‬
‫العمل الدولية بشأن المبادىء والحقوق األساسية في العمل‪ ،‬مؤتمر العمل الدولي ‪،‬‬
‫الموقع‪:‬‬ ‫على‬ ‫متاح‬ ‫‪،41‬‬ ‫ص‬ ‫‪،2111‬‬ ‫‪،19‬‬ ‫الدورة‬
‫‪http://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/@ed_norm/@relconf/doc‬‬
‫‪uments/meetingdocument/wcms_154781.pdf‬‬
‫‪ -2‬التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات بفرنسا ‪ CNIL‬لسنة ‪9113‬‬
‫وموقفها من نت ائج التقييم وحق المترشح في معرفة نتائج التقييم الذي تم بمعرفة صاحب‬
‫العمل‪14ème rapport d’activité 1993 de la CNIL.‬‬
‫‪ -3‬هوتن ديكسي‪ ،‬دراسة استقصائية عالمية حول خصوصية االنترنت وحرية التعبير‬
‫‪،‬فرنسا‪،‬منظمة األمم المتحدة لتربية والتعليم اليونسكو‪.2192 ،‬‬
‫العمل الصادرة بتاريخ ‪1‬يناير ‪ 2192‬عن‬ ‫‪ -4‬المذكرة التوجيهية الثانية العمالة وظرو‬
‫مؤسسة التمويل الدولية‪ ،‬مجموعة البنك الدولي ص ‪ 1‬متاحة على الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.ifc.org/wps/wcm/connect/6ceaa4004f486b78872ccf032‬‬
‫‪.730e94e/GN2_Arabic.pdf?MOD=AJPERES‬‬
‫‪ -3‬التقرير الخامس (ب‪)2‬الصادر عن مؤتمر العمل الدولي في دورته ‪ 11‬لسنة ‪2191‬‬
‫المتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية وعالم العمل‪ ،‬ص ‪3‬و‪ ،9‬المتاح على الموقع‬
‫االتي‪:‬‬ ‫االلكتروني‬
‫‪http://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/@ed_norm/@relconf/doc‬‬
‫‪uments/meetingdocument/wcms_123855.pdf‬‬
‫‪ -9‬سلسلة دراسات يصدرها مركز االنتاج االعالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪،‬‬

‫‪419‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫جدة اإلصدار الثاني عشر‪ ،‬تحت عنوان "العمل عن بعد"‪.‬‬


‫ثامنا‪ :‬النصوص القانونية‬
‫أ‪ -‬النصوص القانونية الدولية‬
‫‪ )1‬االتفاقيات واإلعالنات الدولية‬
‫‪ -9‬اإلعالن العالمي لحقوق االنسان لسنة ‪ 9141‬الصادر بموجب قرار الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة رقم ‪ 192‬بتاريخ ‪ 91‬ديسمبر ‪.9114‬‬
‫‪ -2‬العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫رقم ‪ 2211‬في ديسمبر ‪.9199‬‬
‫‪ -3‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق االنسان في العاصمة اإليطالية الموقعة في روما في ‪14‬‬
‫نوفمبر ‪.9131‬‬
‫‪ -4‬اإلتفاقية األمريكية لحقوق االنسان الموقعة بمدينة سان خوسيه بكوستريكا بتاريخ‬
‫‪ 22‬جانفي ‪9191‬‬
‫‪ -3‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق األفراد من المعالجة اإللكترونية للمعلومات الشخصية‬
‫الموقعة في ستراسبورغ بتاريخ ‪ 21‬جانفي ‪.9119‬‬
‫‪ -9‬اتفاقية بودابست الموقعة في بتاريخ ‪ 23‬نوفمبر ‪ 2119‬من قبل الدول األعضاء في‬
‫مجلس أوروبا‪.‬‬
‫‪ -1‬الميثاق العربي لحقوق االنسان الصادر بقرار مجلس جامعة الدول العربية رقم‬
‫(‪ )3421‬المؤرخ في ‪ 91‬سبتمبر ‪9111‬‬
‫‪ -1‬اإلتفاقية رقم ‪ 999‬الخاصة بحظر التمييز في مجال االستخدام والمهنة لسنة ‪.9131‬‬
‫‪ -1‬اإلتفاقية رقم ‪ 21‬و ‪ 913‬الخاصة بالسخرة أو العمل القسري لسنة ‪ 9131‬الصادرة‬
‫عن منظمة العمل الدولية‪.‬‬
‫‪ )2‬التشريعات المقارنة‬
‫رقم‬ ‫‪ -9‬القانون رقم ‪ 93/11‬المتعلق بمدونة الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشري‬
‫‪ 9.13914‬بتاريخ ‪ 99‬سبتمبر ‪ ،2113‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3991‬بتاريخ ‪ 1‬ديسمبر ‪.2113‬‬
‫‪ -2‬القانون رقم ‪ 24-13‬المتعلق بتغيير القانون الجنائي الصادرة بتنفيذ الظهير الشري‬
‫رقم ‪ 9.09.202‬بتاريخ ‪ 99‬نوفمبر ‪ ،2113‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 3913‬بتاريخ ‪ 13‬يناير‬
‫‪.2114‬‬
‫‪ -3‬القانون األساسي رقم ‪ 93‬المؤرخ في ‪ 21‬جانفي ‪ ،2114‬المتعلق بحماية المعطيات‬
‫الشخصية‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد ‪ ،21‬الصادر في ‪.2114‬‬

‫‪412‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -4‬القانون رقم ‪ 11-11‬الصادر في ‪ 91‬فبراير ‪ 2111‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين‬


‫تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪.‬‬
‫‪ -3‬المرسوم رقم ‪ 2.11.993‬بتاريخ ‪ 29‬ماي ‪ 2111‬لتطبيق القانون رقم ‪ 11-11‬المتعلق‬
‫بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‬
‫‪ -9‬نظام العمل والعمال السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي م‪ ،39/‬في سبتمبر‬
‫‪ ،2113‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4191‬الصادرة بتاريخ‪ 21 ،‬أكتوبر ‪.2113‬‬
‫رقم ‪ 9.11.13‬الصادر في ‪ 91‬فبراير ‪ 2111‬لتنفيذ القانون رقم ‪11.11‬‬ ‫‪ -1‬ظهير شري‬
‫المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪.‬‬
‫‪ -1‬قانون الشغل التونسي رقم ‪ 92‬المؤرخ في ‪ 93‬جويلية ‪.9119‬‬
‫‪ -1‬القانون التونسي رقم ‪ 93‬الصادر سنة ‪ 2114/ 11/21‬المتعلق بحماية المعطيات‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫‪ -91‬القانون رقم ‪ 92‬لسنة ‪ 2113‬المتضمن قانون العمل المصري‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪94‬‬
‫المؤرخة في ‪ 11‬أفريل ‪.2113‬‬
‫‪ -99‬قانون العمل األردني رقم ‪ 11‬لسنة ‪ ،9119‬المؤرخ في ‪ 99‬أفريل ‪ ،9119‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪.4993‬‬
‫‪ -92‬قانون العمل العماني المعدل والمتمم‪ ،‬الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم ‪33‬‬
‫بتاريخ ‪ 29‬أبريل‪.2113‬‬
‫ب‪ -‬النصـوص القـانونية الوطنـية‬
‫‪ )1‬الدسـاتيـر‬
‫‪ -9‬الدستور الجزائري ل ‪ ،9193‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬سبتمبر ‪.9193‬‬
‫‪ -2‬األمر ‪ 11/19‬الصادر في ‪ 22‬نوفمبر ‪ 9119‬المتضمن إصدار الدستور الجزائري‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 14‬لسنة ‪.9119‬‬
‫‪ -3‬الدستور الجزائري الصادر في ‪ 21‬نوفمبر ‪ 9119‬المعدل والمتمم لدستور ‪ 23‬فبراير‬
‫‪ ،9111‬ج‪.‬ر عدد ‪ 19‬لسنة ‪.9119‬‬
‫‪ )2‬األوامـر‬
‫‪ -9‬األمر ‪ 933/99‬المؤرخ في ‪ 11‬يونيو‪ 9199‬المتضمن القانون اإلجراءات الجزائية‬
‫المعدل و المتمم‬
‫‪ -2‬األمر ‪939/99‬المؤرخ في ‪ 11‬يونيو ‪ 9199‬المتضمن القانون العقوبات المعدل والمتمم‬

‫‪413‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -3‬األمر رقم ‪ 933/99‬المؤرخ ‪ 9199/19/12‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة‬


‫العمومية ‪ ،‬ج ر سنة ‪ 9199‬رقم ‪.42‬‬
‫‪ -4‬األمر رقم ‪ 31/13‬المؤرخ في ‪ 29‬سبتمبر ‪ 9131‬المتضمن القانون المدني المعدل‬
‫والمتمم بالقانون رقم ‪ 13/11‬المؤرخ في ‪ 93‬ماي ‪ ،2111‬ج‪.‬ر عدد ‪ 39‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 93‬ماي ‪.2111‬‬
‫األمر رقم ‪ 13/11‬المؤرخ في ‪ 9111/19/99‬المتعلق بالمدة القانونية للعمل‪ ،‬ج‪.‬ر‬ ‫‪-3‬‬
‫عدد ‪ 13‬لسنة ‪.9111‬‬
‫األمر ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 23‬فبراير ‪ 2111‬المتضمن القانون اإلجراءات المدنية‬ ‫‪-9‬‬
‫واإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 29‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪.2111‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 14-11‬المؤرخ في ‪ 13‬أوت ‪ 2111‬المتعلق بالوقاية من الجرائم المتصلة‬


‫بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحته‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 41‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬أوت‬
‫‪.2111‬‬
‫‪)3‬القـوانـين‬
‫رقم ‪ 334‬لسنة ‪ 9134‬المعدل بالقانون رقم ‪ 31‬لسنة ‪،9112‬‬ ‫‪ -93‬قانون حماية المؤل‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 23‬الصادرة بتاريخ ‪.9112/19/14‬‬
‫‪ -94‬قانون األسرة الصادر تحت رقم ‪ 99/14‬بتاريخ ‪ ،9114/19/11‬المعدل بالقانون‬
‫رقم ‪ /12/13‬بتاريخ ‪ ،2113/12/21‬ج‪.‬ر عدد ‪.93‬‬
‫‪ -93‬القانون رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 29‬جانفي ‪ 9111‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن‬
‫وطب العمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4‬الصادرة بتاريخ ‪ 21‬جانفي ‪.9111‬‬
‫‪ -99‬القانون رقم ‪ 13/11‬المؤرخ في ‪ 9111/12/19‬المتعلق بمفتشية العمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 9‬لتاريخ ‪.9111/12/11‬‬
‫‪ -91‬القانون رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 13‬أفريل ‪ ،9111‬المتضمن قانون اإلعالم‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 94‬الصادرة بتاريخ ‪ 14‬أفريل ‪.9111‬‬
‫‪ -91‬القانون ‪ 94/11‬المؤرخ في ‪ 2‬جوان ‪ ،9111‬المتعلق بممارسة الحق النقابي‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 23‬الصادرة بتاريخ ‪ 9111/19/19‬المعدل والمتمم بالقانون‪ 31/19‬المؤرخ في‬
‫‪ ، 9119/92/29‬وأمر رقم ‪ 92/19‬المؤرخ في ‪ ،9119/19/91‬ج‪.‬ر عدد ‪39‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.9119/19/92‬‬

‫‪414‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -91‬القانون رقم ‪ 91/11‬مؤرخ في ‪ 39‬جويلية ‪ ،9111‬ج‪.‬ر عدد ‪ 33‬مؤرخة في ‪93‬‬


‫أوت ‪ ،9111‬المعدل والمتمم للقانون ‪ 13/31‬المتعلق بحماية الصحة وترقيتها‪.‬‬
‫‪ -21‬القانون رقم ‪ 99/13‬المؤرخ في ‪ 2113/11/29‬المتعلق بالنقد والقرض المعدل‬
‫والمتمم باألمر رقم ‪ 14/91‬الصادر ‪. 2191/11/29‬‬
‫‪ -29‬القانون رقم ‪ 91-14‬المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ ،2114‬المتعلق بتنصيب العمَال‬
‫ومراقبة التشغَيل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،13‬الصادرة في تاريخ ‪.2114/92/29‬‬
‫‪ -22‬القانون رقم ‪ 19/13‬المؤرخ في ‪ 2113/14/19‬المتعلق بالوقاية من تبييض‬
‫األموال‪ ،‬والقانون رقم ‪ 19/19‬المؤرخ في ‪ 2119/12/21‬المتعلق بالوقاية من الفساد‪.‬‬
‫‪ )4‬المراسـيم‬
‫‪ -9‬المرسوم التنفيذي ‪ 13-19‬المؤرخ في ‪ 9119/19/91‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية‬
‫التي تطبق على حفظ الصحة واألمن في أماكن العمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4‬لسنة ‪.9119‬‬
‫‪ )3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 921/13‬المؤرخ في ‪ 93‬ماي ‪ 9113‬المتعلق بتنظيم طب‬
‫العمل‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،‬عدد ‪ 33‬المؤرخة بتاريخ ‪ 91‬ماي ‪.9113‬‬
‫‪ )4‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 231/11‬المؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪ 9111‬المعدل والمتمم‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ ،93‬الصادرة بتاريخ ‪ 29‬أوت ‪.9111‬‬
‫‪ )3‬المرسوم التنفيذي ‪ 244/11‬المؤرخ في ‪ ،2111/11/ 22‬المعدل للمرسوم ‪31/11‬‬
‫المؤرخ في ‪ ، 9111/13/11‬المحدد لساعات وتوزيعها خالل األسبوع في قطاع المؤسسات‬
‫واإلدارات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 44‬لسنة‪.2111‬‬
‫‪ )9‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 92/19‬بتاريخ ‪ 99‬فبراير ‪ ،2119‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،1‬بتاريخ ‪93‬‬
‫فبراير ‪ ،2119‬المتضمن المصادقة على الميثاق العربي لحقوق االنسان‪.‬‬
‫‪ )2‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 221-93‬المؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪ 2193‬المحدد للقواعد العامة‬
‫المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو‪،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ ،43‬الصادرة بتاريخ ‪23‬‬
‫أوت ‪.2193‬‬
‫تاسعا‪ :‬االتفاقيات الجماعية للعمل‬
‫‪ -9‬االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة سوناطراك ل ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،9114‬المسجلة بمفتشية العمل‬
‫ببئر مراد رايس بتاريخ ‪ 92‬ديسمبر ‪ ،9114‬تحت رقم ‪ ،1993‬غير منشورة‪.‬‬
‫‪ -2‬االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة سونلغاز‪ ،‬المسجلة بمفتشية العمل بسيدي امحمد‪ ،‬الجزائر‬
‫العاصمة بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر ‪.9111‬‬

‫‪413‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -3‬االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة ميناء مستغانم‪ ،‬المسجلة لدى مفتشية العمل المختصة‬
‫إقليميا بتاريخ ‪ 9111/12/22‬بمستغانم‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬األنظمة الداخلية‬


‫مفتشية العمل‬ ‫‪ - 1‬النظام الداخلي لشركة اتصاالت الجزائر‪ ،‬تمت المصادقة عليه من طر‬
‫الدار البيضاء ‪ 2114/13/13‬تحت رقم ‪ 12/31‬و تم إيداعه لدى كتابة ضبط محكمة‬
‫الحراش بتاريخ ‪ 2114/13/11‬تحت رقم ‪.14/249‬‬
‫مفتشية العمل بتاريخ‬ ‫‪ -2‬النظام الداخلي لمؤسسة نفطال‪ ،‬تمت المصادقة عليه من طر‬
‫‪ 9112/92/94‬تحت رقم ‪ 12/31‬و أودع لدى كتابة ضبط لمحكمة الشراقة بتاريخ‬
‫‪ 9112/92/94‬و سجل تحت رقم ‪. 12/99‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬المواقع االلكترونية الرسمية‬
‫‪ -9‬الجريدة الرسمية الجزائرية‪/http://www.joradp.dz :‬‬
‫األمة‪:‬‬ ‫مجلس‬ ‫وموقع‬ ‫‪،www.apn.dz‬‬ ‫الوطني‪:‬‬ ‫الشعبي‬ ‫المجلس‬ ‫‪ -2‬موقع‬
‫‪.www.majlisseloumma.dz‬‬
‫‪ -3‬محكمة النقض المغربية‪http://www.jurisprudencemaroc.com/ :‬‬
‫‪ -4‬اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب‪:‬‬
‫‪http://www.cndp.ma‬‬
‫‪ -3‬منظمة العمل الدولية‪www.ilo.org :‬‬
‫‪ -9‬منظمة العمل العربية‪/http://alolabor.org :‬‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‬ ‫‪.II‬‬


‫‪A- OUVRAGES GÉNÉRAUX :‬‬
‫‪1- ACQUARONE (D), L’ambigüité du droit à l’image, Droit Social,‬‬
‫‪France, 1985.‬‬
‫‪2- ACAR (B) et BELIER (G), Astreintes et temps de travail, Dr. Soc,‬‬
‫‪France, 1995‬‬
‫‪3- Adam (G), « Critique d’une étude critique de Jean-Emmanuel. Ray »,‬‬
‫‪Droit Social. France, 1993.‬‬

‫‪419‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

4- ANTONMATTEI (P-H.), NTIC et vie personnelle au travail, Dr. Soc,


France, 2002.
5- BADINTER (R), « Le droit au respect de la vie privée », J.C.P, 1968
6- BADINTER (R), « La protection de la vie privée contre l’écoute
électronique clandestine », J.C.P , France, 1971.
7- BAQUET Alain, Règlement intérieur et libertés publique, Conseil
d’état, 1 Février 1980, conclusion du commissaire du gouvernement,
Dr.soc, France, 1980.
8- Barthélemy (J), « Temps de travail et temps de repos, l’apport du droit
communautaire », Droit Social, janvier 2001.
9- BENABET (A), La liberté individuelle et mariage, R.T.D,
France, 1973.
10- BENALCAZAR Isabelle, Droit du travail et nouvelles technologies :
collecte de données, Internet, cyber surveillance, télétravail. Paris :
Gualino et Montchrestien (B business), 2003.
11- BOSSU (B), L’action du délégué du personnel pour la défense des
droits fondamentaux des salariés, Dr.soc, France, 1998.
12- BUY Michel, Libertés individuelles des salariés et intérêts de
l’entreprise : Un conflit de logiques, in les droits fondamentaux des
salaries face aux intérêts de l’entreprise, P.U. d’Aix Marseille, 1994.
13- BOSSU Bernard, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise,
vers un nouvel équilibre, Dr. Soc, n° 9/10, Septembre, Octobre 1994.
14- BARTHELEMY (J), Temps de travail et de repos : l’apport du droit
communautaire, Dr. soc, France, 2001.
15- BELLOULA Tayeb et Djamel, Rupture de la relation de travail,
Editions Dahleb, Alger, 1999.
16- CAPIANT (H), TERRE (F) et LEQUETTE (Y) : Les grands arrêts la
jurisprudence civile, T.1, introduction – personnes – famille, 12éme éd,
Dalloz, France, 2007.
17- CARBONNIER (J), Droit civil, Introduction. Les personnes. La
famille, l'enfant, le couple, Volume I, Collection Quadrige, Paris,
Presses universitaires de France, 2004.
18- CARON Cristophe, De la violation de la vie privée dans le contrat de
bail, D.2004.
19- Claude ROY-LOUSTAUNAU, Le droit du harcèlement sexuel : un
puzzle législatif et des choix novateurs, Dr. Soc, France, n° 6, France,
Juin 1995.

411
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

20- GAUDU (F), Le licenciement pour périe de confiance, Droit social,


France, Janvier 1992.
21- CONIE Jean, Le télétravail en France, Les principaux points de la
recommandation du forum des droits sur l’internet, N° 3, Droit social,
France, mars, France, 2005.
22- CORRIGNAN-CARSAN Danielle, Loyauté et droit du travail, in
Mélanges en l’honneur de Henry BLAISE, Economica, France, 1995.
23- COEHL (p), LUCK (J), Droit d'entreprise -droit du travail et social-
édition ellipses, Paris, 2005.
24- CORNU (G), Droit civil, introduction- les personnes, les biens,
DOMAT Montchrestien, 8ème édition, France, 1997.
25- CHARTIE (Y), La réparation du préjudice dans la responsabilité
civile, Dalloz, Paris, 1983.
26- CHAUVY (Y), Astreintes et temps de travail, RJS, France, 1998.
27- CHAUVET, Les nouveaux modes de contrôle de l’activité des
salariés, in Informatique et relation de travail, Economica, France,
1986.
28- CHIREZ (A), La perte de confiance par l'employeur constitue-t-
elle une cause réelle et sérieuse de licenciement ?, France, D, 1981.
29- CHIREZ (A), La perte de confiance de l’employeur constitue-t-elle
une cause réelle et sérieuse de licenciement, Ch, D. France, 9181.
30- DUPLAT Jaques, Droit d’expression et liberté d’expression des
salariés dans l’entreprise, Dr. Soc, France, 2000.
31- FRYSSINET (J), Nouvelles technologie et protection de libertés dans
l’entreprise, Dr. Soc, France, 1992.
32- FRASSINET (J), Nouvelles technologies et droit du travail, « les
droits fondamentaux des salariés face aux intérêts de l’entreprise »,
P.U.A.M, 1994.
33- FORTIS (E), Vie personnelle, vie professionnelle et responsabilités
pénales, Dr. Soc, France, 2004.
34- JEMMAUD (A), FRIANT (M) et LYON-CEAN (A),
L’ordonnancement des relations du travail, n° 15, D. France, 1998.
35- FFROUIN (J.-Y), La protection des droits de la personne et des
libertés du salarié, cach.soc, B.P, France, 1998
36- HAFNAOUI Nasri, La formation et la cessation de la relation de
travail en droit positif algérien, Editions ZAKARIA, Alger, 1992.

411
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

37- GAUDU (F), Le licenciement pour périe de confiance, Droit social,


1992.
38- GAURIAU Bernard, La nullité du licenciement et la personne du
salarié, Dr.soc.n° 9/10 Septembre-Octobre, France, 1993.
39- GERARD Lyon-Caen, Droit du travail, Dalloz, 17 éd, France, 1994.
40- GOUBEAUX (G), Traité de droit civil, les personnes, librairie
Général de droit et de jurisprudence, Paris France,1990.
41- GREVY (M), Vidéosurveillance dans l’entreprise, Un mode normal
de contrôle des salaries, Dr. Soc. France, 1995.
42- GREVY (M) , Vidéo surveillance dans l’entreprise, un mode normal
de contrôle des salariés, Dr.soc, No 4, 1990.
43- COUTURIER (G), Droit du travail, les relations individuelles de
travail, P.U.F, France, 1994.
44- KAYSER Pierre , « Le conseil constitutionnel protecteur du secret de
la vie privée à l’égard des lois », Mélanges P. Raynaud, Dalloz, France,
1985.
45- KAYSER Pierre, Les pouvoirs du juge des référés civil à l’égard de la
liberté de communication d’expression, chron.2, Dalloz. France, 1989
46- KAYSER (P), Le secret de la vie privée et la jurisprudence civile,
Mélanges Savetier, France, 1965.
47- KAYSER (P), « La protection de la vie privée par le droit, Protection
du secret de la vie privée », 3emeed, ECINOMICA, France, 1995.
48- LINDON(R), Le juge des référés et la presse, France, D.1985.
49- LEPAGE Agathe, L’autre MARINO et Christoph BIGOT, Droit de la
personnalité, panorama, France, 2004-2005.
50- LENOIR (CH) et WALLON (B), Informatique, travail libertés, Dr. Soc,
France, 1988.
51- MALAURIE (PH), AYNES (L), Droit civil, les personnes, les
incapacités, édition juridique associées, 3éme éd, France, 2007
52- MARTIN (L), « Le secret de la vie privée. », R.T.D.C , 1995..
53- MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F) : « Leçons de droit civil les
personnes, T.I , 2eme Vol, 8eme ed , Montchrestien , 1997 .
54- MALHERBE (J), « La vie privée et le droit moderne », journal des
notaires et des avocats, Paris, France, 1976.
55- MEZGHANI Nébila, La protection civile de la vie privée, Thèse de
Doctorat d’état Université de droit, Paris, France, 1976.

411
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

56- MEKKI Moustapha, L’intérêt général et le contrat- contribution à une


étude de la hiérarchie des intérêts en droit privée, Bibliothèque de droit
privée, Tome 411, L.G.D.J- DELTA, 2004.
57- MOLE Ariane, Travail et libertés individuelles, l’évolution du droit,
Gaz, pal, N°117, France, 1994.
58- MOLE Ariane , ARIANE, Au-delà de la loi informatique et liberté,
Dr.soc, N° 6, France, 1992.
59- MOLE Araine, Mails personnels et responsabilités, quelles
frontières ? Dr.soc, France, 2002.
60- LINDON (R), « la création prétorienne en matière de droit de la
personnalité et incidence sur la notion de famille » Dalloz, Paris, 1974.
61- LENOIR (C) , WALLON (B), Informatique, travail et libertés, Droit
Social, France, Mars 1988.
62- LEFEBVRE (S), Nouvelles technologies et protection de la vie privée
en milieu de travail en France et ou Québec, presses universitaires
d’Aix – Marseille, France, 1998.
63- -LYON-CAEN (G), Les libertés publiques et l’emploi, la
documentation française, 1992.
64- PICOD (Y), Le devoir de loyauté dans l’exécution du contrat, LGDJ,
Paris, France, 1989.
65- PELISSIER ASUPIOT (J) et JEAMMAUD (A), Droit du travail,
Dalloz, 2e éd, 2119.
66- RADE Christophe, La figure du contrat dans le rapport de travail, Dr.
Social, n° 9/10, France, Sept-Oct, 2001.
67- RADE (C), Nouvelles technologies de l’information et de la
communication et nouvelles formes de subordination, Dr. Soc, 2002.
68- RAVANAS (J) : La protection des personnes contre la réalisation et la
publication de leur image, LGDJ, Paris, 1918.
69- RAY (J- E), Nouvelles technologies et nouvelles formes de
subordinations, Dr. Soc, France, 1992.
70- RAY (J-E), les astreintes, un temps du troisième type, Dr. Soc.1999.
71- RIGAUX (F), La protection de la vie privée et les autres biens de la
personnalité, Bibliothèque de la faculté de l’Université catholique de
louvain. Rev. Int, France, 1990.
72- RIVERO (J), Les Libertés Publiques dans l’entreprise, Droit social,
Paris, 1982.

491
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

73- ROBERT Jacques et DUFFAR Jean, Droits de l’homme et libertés


fondamentales, 1er éd, Montchrestien, 1999.
74- ROUMIER (W), Bonne foi et Loyauté dans le contrat de travail,
Travail et protection social, Dr.soc, France, 2003.
75- ROZES (L), Remarques sur l’ordre public en droit du travail, Dr.soc,
n° 9-10, Septembre, Octobre, France, 1977.
76- SAVATIER (J), Secret médical et oblication de discretion de
l’employeur, Dr.Soc, France, 1986.
77- SAVATIER (J), La liberté dans le travail, Dr.Soc.1990.
78- SAVATIER (J), le licenciement pour des faits susceptible
d’incrimination pénal, Dr. Soc, France, 1991.
79- TISSOT Olivier, La liberté d’expression des opinions politique d’un
salarié, Dr.soc, France, 1994.
80- TISSOT Olivier, Pour une meilleure définition du régime juridique de
la liberté d’expression individuelle du salarié, Dr.soc, 1992..
81- TEYSSIE (B), Personnes, entreprise et relation de travail, Droit social,
France, 1988.
82- TEYSSIE (V.B), Remarques sur le droit de travail, in Mélanges
offerts a Andre Colomer-Litec, 1993.
83- TISSOT Olivier, Droit Fondamentaux du salarié et nécessité de son
Emploi, Collègue C.I.J. Libre justice, travail, libertés et vie
professionnelle du salarié, Gaz Pal, 2émeSem, 116émeAnnée, n°6, France,
1996.
84- WAQUET (P), Libertés dans l’entreprise, R.J.S, 5/2000 .
85- WAQUET (P), Le pouvoir de direction et libertés des salariés, Dr.soc,
France, 2000.

B- OUVRAGES SPÉCIALISÉS :
1- CHIREZ(A) et BOUGHANNI-PAPI(P), Vidéosurveillance, droit à
l’image et vie des salariés, Bulletin social Français, Lefebvre 1994.
2- Daniel. JOSEPH, L’état de santé, élément de la vié privée du salarié,
Dr, France, 1990
3- DESPAX)M(, La vie extra-professionnelle du salarié et son incidence
sur le contrat du travail, J.C.P, France, 1963.

499
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

4- LEFEBVRE Sylvain, Nouvelles technologies et protection de la vie


privée en milieu de travail en France et au Québec, Aix-en-Provence,
Éditions des Presses Universitaires d’Aix-Marseille, 1998.
5- SAVATIER (J), La protection de la vie privée des salariés, Droit
sociale, France, 1992.
6- TISSOT )O(, La protection de la vie privée du salarié, Dr, Soc, 1990.
7- Vogel Louis, Les clauses de confidentialité et de non-concurrence dans
les contrats français et américains, Mémoire de Master, Droit Européen
Comparé, Institut de Droit Comparé, Université Paris II Panthéon-
Assas, 2014-2015.
8- WAQUET (P), En marge de la loi Aubry : travail effectif et vie
personnelle du salarié, Dr. soc. France, 1998.

C- TEXTES LEGSLATIFS ET REGLEMENTAIRES


1- Code du Travail Français.
2- Code civil Français.
3- Code pénal Français.
4- Loi n° 70-643 du 17 juillet 1970 tendant à renforcer la garantie
des droits individuels des citoyens.
5- Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 relative à l'informatique, aux fichiers
et aux libertés, Modifié par Loi n°2004-801 du 6 août 2004 - Art. 1 JORF
7 août 2004.
6- Circulaire DRT n°5-83 du 15 mars 1983 relative à l'application des
articles 1 à 5 de la loi du 4 août 1982 concernant les libertés des
travailleurs dans l'entreprise.
7- La circulaire DRT N° 90-17 du 15-09-1991– lamy social (1997),
http://circulaire.legifrance.gouv.fr.
8- Circulaire n° 96721 du 12 Nov.1990, Cie des signaux électrique
liaisons sociales, 1991, l’Igis, n° 6516,
9- Loi n° 91-646 du 10 juillet 1991 relative au secret des
correspondances émises par la voie des communications
électroniques.
10- le code de la propriété intellectuelle et de la propriété industrielle
(droit d’auteur et droit voisins) : loi N°92-597 du 1ere Juillet 1992.
11- Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au
développement du travail à temps partiel et à l'assurance chômage.
Art 25, J.O.N°1 DU 1er Janvier 1993.

492
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

12- La circulaire d’application est la circulaire D.R.T n° 93/10 du 15


mars 1993 intitulée : « application des dispositions relatives au
recrutement et aux libertés individuelles ». site internet :
http://www.laloupiote.net/Cours/social2/Rapports/circulaire_15_mars_19
93.pdf
13- Loi n° 94-548 du 1 juillet 1994 relative au traitement de données
nominatives ayant pour fin la recherche dans le domaine de la
santé, JORF n°152 du 2 juillet 1994.
14- Loi n° 94-653 du 29 juillet 1994 relative au respect du corps humain,
JO du 30juill. 1994.
15- Loi n° 95-73 du 21 janvier 1995 d'orientation et de
programmation relative à la sécurité, JORF n°0020 du 24 janvier
1995.
16- Directive 95/46/CE du Parlement européen et du Conseil, du 24
octobre 1995, relative à la protection des personnes physiques à
l'égard du traitement des données à caractère personnel et à la
libre circulation de ces données.
17- loi 96-659 du 26 juillet 1996, de réglementation des
télécommunications JORF n° 11384, du 27 juillet 1996.
18- Loi n°2001-1066 du 16 novembre 2001 - art. 1 JORF 17 novembre
2001 relative à la lutte contre les discriminations.
19- Loi n°2004-669 du 9 juillet 2004 - art. 125 JORF 10 juillet 2004
relative aux communications électroniques et aux services de
communication audiovisuelle.
20- Loi 2004-228 du 15 Mars 2004, Encadrant, en application du
principe de laïcité, le port de signes ou de tenues manifestant une
appartenance religieuse dans les écoles, collèges et lycées public,
J.O n° 65 du 17 Mars 2004
21- Loi n°2004-801 du 6 août 2004, JORF 7 août 2004, relative à la
protection des personnes physiques à l'égard des traitements de
données à caractère personnel et modifiant la loi n° 78-17 du 6
janvier 1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux
libertés.
22- Loi n° 2008-67 du 21 janvier 2008 ratifiant l'ordonnance n° 2007-
329 du 12 mars 2007 relative au Code du travail.
23- Loi n° 2014-344 du 17 mars 2014, J.O du 18 mars 2014, censuré
sur la création du registre national des crédits aux particuliers
jugeant qu’il porte une atteinte au droit au respect de la vie privée.
D- Thèses et Mémoires
1- BADINTER (R), Le droit et l’écoute électronique en droit français,
publication, Thèse de Doctorat en droit, Faculté de droit et sciences

493
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

politique et économiques d’Amiens, 1971-1972, https://www.u-


picardie.fr.
2- Bernard BEIGNIER, Thèse sur "L'honneur et le droit, Université de
Panthéon-Assas, Paris, 1991, disponible sur:
http://www.gbv.de/dms/spk/sbb/recht/toc/272109096.pdf.
3- DIDIER Ferrier, La protection de la vie privée, Thèse de Doctorat en
droit, université des sciences social, Toulouse, 1973.
4- Maximilien AMEGEE, Le contrat de travail à l’épreuve des NTIC :
Le temps effectif du travail et le lien de subordination sont-ils remis
en cause, Doctorant en droit des Nouvelles Technologies à
l’Université Paris X, 2002.
5- Louis Vogel, Les clauses de confidentialité et de non-concurrence
dans les contrats français et américains, Mémoire de Master, Droit
Européen Comparé, Institut de Droit Comparé, Université Paris II
Panthéon-Assas, 2014-2015.
6- Xavier AGOSTINELLI, Le droit à l'information face à la protection
civile de la vie privée, Thèse de doctorat en Droit, Université de Aix-
en-Provence, France, 1994.
E- ARTICLES
1- AMAUD Stéphanie, « Analyse économique du droit au respect de la
vie personnelle : application à la relation de travail en France », Revue
internationale de droit économique, (T. XXI, 2) , 2/2007.
2- BOUCHE. Stéphane, Droit et libertés du salarié comme limites au
pouvoir disciplinaire de l’employeur en droit Français et en droit
Italien, site internet :
http://www.juripole.fr/memoires/compare/Stephane_Bouche/nbp1.html
3- BOSSU (B), La protection des droits fondamentaux du candidat à
l’emploi, site Internet :
http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html.
4- CAILLé (A), La rupture du contrat de travail, Journal des Notaires,
Paris, 1988.
5- CAMPANA Mireille, La cryptographie, La protection de la vie privée
dans la société d'information, Cahiers des Sciences morales et
politiques, Universitaires de France, 2000, p 51 à 59, site internet :
http://www.asmp.fr/travaux/gpw/internetvieprivee/rapport2/chapitr10.p
df
6- DUHAIME (L), Dumoulin (F), Protection des renseignements
personnels en milieu de travail, Novembre 2006, disponible sur
internet : http://www.fasken.com/files/Publication/7db9d066-fa63-4f9.

494
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

7- Ludovic Clerima , Le télétravail peut-il réconcilier vie privée et vie


personnele, Paris, site internet:
http://fr.myeurop.info/2014/06/17/teletravail-reconcilier-vie-pro-vie-
perso-14025.
8- MARIE (J), Protection des droits fondamentaux du candidat d’emploi,
disponible sur site internet : http://www.chaumont-
avocat.org/aout2004.php.
9- MAZUYER Emmanuelle, Le corps et le droit du travail : au cœur d’un
paradoxe, La revue des Droit de l’Homme, mis en ligne le 19 novembre
2015, consulté le 12 août 2016. URL : http://revdh.revues.org
10- NARSON Roger, « La protection de la vie privée en droit positif
Français », Revue internationale de droit comparé, 1971.
11- NERSON (R), « La protection de l’intimité», Journal des tribunaux,
Bruxelles,1979.
12- PATENAUDE (P) : La zone réductible d’intimité 10 eme congrée
international de droit comparé Budapest, (du 23 au 30 août 1978).
13- PATIN (J-C), La surveillance des courriers électronique par
l’employeur, www.juriscom.net.
14- RAY Jean-Emanuel, Temps professionnel et Temps
personnels, Revue droit social, N° 1, Janvier ,2004.
15- RENE Pepin, Le statut juridique du courriel au Canada et aux Etats-
Unis, www.lex-electronica.org
16- RIGAUX (F) : La protection de la vie priée et les autres biens de la
personnalité, Bibliothèque de la faculté de l’Université catholique de
Louvain. Revu. Int, Dr, comp, 1990.
17- Stoffel-Munck (Ph), Responsabilité et devoir de bonne foi Revue des
Contrats, n° 3, 01 juillet 2004.
18- Tremblay (D-G), Chevrier (C) et Loreto (M.), Le télétravail à
domicile: Meilleure conciliation emploi-famille ou source
d’envahissement de la vie privée, revue intervention économique, 34 |
2006.
19- WRIGHT (T), La protection de la vie privée en milieu du travail, juin
1992, p 42, site internet : https://www.ipc.on.ca/images/Resources/up-
wpp_f.pdf.
20- « À propos de la vie privée », Action juridique, Revue de la CFDT,
Chroniques, n° 6,1994, (auteur anonyme).

F- JURISPRUDENCE

493
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

1- NERSON Roger, jurisprudence Française en matière de droit civil,


Rev. Trim. Dr. Civ. N° 1 et 2, 1987.
2- RICHARD (J), la vie personnelle du salarié, étude sur la jurisprudence
récente de la chambre de la cour de cassation, Rapport de la cour de
cassation, 1999, la documentation française, 1999.
3- Table ronde sur « le contrôle par la chambre sociale de la cour de
cassation du caractère réel et sérieux de la cause du licenciement »,
Droit social, 1986.
4- Étude de M. Jean Richard de la Tour, conseiller référendaire à la Cour
de cassation, Étude sur la jurisprudence récente de la chambre
sociales de la Cour de cassation , site internet :
https://www.courdecassation.fr/jurisprudenc...chard_5796.html.
G- RAPPORT ET DOCUMENT OFFICIELS
1- BOUCHET ( H) : La cyber surveillance des salariés dans l’entreprise
Rapport présenté devant la CNIL, Mars 2001.
2- CADOUX (L): Vidéosurveillance et protection de la vie privée et des
libertés fondamentales, Rapport présenté devant la CNIL, le
30/11/1993.
3- Conférence international du travail. Cinquième session : les techniques
au service de la liberté, l’homme et son milieu, Rôle de l’O.I.T,
Rapport du Directeur général, partie I, (Bureau international du travail,
Genève, 1972 ).
4- Délibération du 11 septembre 1984, 5eme rapport d’activité, la
documentation française, Paris 1984, p 39 et 242.
5- Convention pour la protection des personnes à l’égard du traitement
automatisé des données à caractère personnel, Convention du Conseil
de l’Europe, n° 108, 28-01-1981, Strasbourg, site internet :
https://rm.coe.int/CoERMPublicCommonSearchServices/DisplayDCT
MContent?documentId=0900001680078b39.
6- Déclaration universelle sur les données génétiques-
www.unesco.org/shs/fr/biothics.
7- J.C Galloux, H. Gaumont-Prat, Droits et libertés corporels, Recueil
Dalloz 2010 p. 604, disponible sur le site :http://actu.dalloz-
etudiant.fr/fileadmin/actualites/pdfs/OCTOBRE2010/D2010-604.pdf.
8- Gérard Lyon-Caen, Rapport pour le ministre du Travail, de l'Emploi et
de la Formation professionnelle," Les libertés publiques et l'emploi",
Paris, Ministère du Travail, de l'Emploi et de la Formation
professionnelle, 1991.

499
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

9- 14ème rapport d’activité 1993 de la CNIL, site internet :


https://www.cnil.fr/fr/la-cnil-en-france.
10- Genre et Soc Travail , L'emploi est-il un droit, ISSN, Ed
L'Harmattan, Paris, 1999.
11- "Etat des lieux des pratiques de négociation sur le télétravail dans les
entreprises en France "Document très intéressant de l'ORSE
(Observatoire sur la Responsabilité Sociétale des entreprises) – 2011.
(disponible sur le site : http://www.orse.org/).
12- Rapport rédigé par Telecom Paris Tech qui a assuré la direction
scientifique de l'étude – Résultats préliminaires de l'étude WITE 2.0
qualitative réalisée par entretiens semi-directifs-2011- (disponible sur le
site : http://www.telecentres.fr/wpcontent/uploads/2011/10/Rapport-
etude-qualitative-WITE20-oct-2011.pdf) .
13- 16éme Rapport d’activité de la CNIL, la Documentation française,
1995.
14- Rachel Cox, Jacques Desmarais, Katherine Lippel, LES ENJEUX
JURIDIQUES DU TÉLÉTRAVAIL AU QUÉBEC, Rapport de
recherche soumis au Centre francophone d’informatisation des
organisations (CEFRIO) dans le cadre du projet de recherche «
Télétravail : concilier performance et qualité de vie », Disponible sur le
site : http://www.cefrio.qc.ca/media/uploader/enjeux_juridiques.pdf.
15- Rapport CNIL de Mars 2001, Nouvelles technologies et survenance
du salarié, www.cnil.fr.
16- Rapport CNIL, « La cybersurveillanse sur les lieux de travaille »,
Mars 2004, disponible sur site :
http://www.cnil.fr/fileadmin/documents/approfondir/rapports/Rcybersu
rveillance-2004-VD.pdf .
H- Les principaux sites internet juridiques :
1- Légifrance, le site officiel du droit français :
https://www.legifrance.gouv.fr
2- Jurisprudence de la cour de cassation
française :https://www.courdecassation.fr/jurisprudenc
3- Commission Nationale de l'Informatique et des Libertés en France :
https://www.cnil.fr/fr/la-cnil-en-france.

‫مراجع باللغة االنجليزية‬ .III


A- BOOKS
1- DOUGLAS (W), "The privacy opinions of justice Douglas " Yale Law
journal, Vol.78, N° 8, July 1968.

491
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

2- MISCHEL James, Privacy and human rights, darmouth, États-Unis,


1994.
3- NIZER (l), The right of privacy: a half century’s development,
Michigan law review; New-york, vol.39, 1941.
4- Patrick Belser, Michaelle de Cock and Farhad Mehran, ILO minimum
estimate of forced labour in the world, International Labour
Organisation, 2005.
5- SHATTUCK (J.H.F), “ Privacy and freedom”, Atheneum, New-york,
1967.
B- ARTICLES
7- DIFFE (W)and HELLMAN (M.E), New directions in cryptography,
IEEE transactions on information theory, VOL. IT-22, NO. 6,
NOVEMBER 1976, p 644-654, site internet : https://www-
ee.stanford.edu/~hellman/publications/24.pdf
8- Opinion of the Européen Croup on Ethics in Science and New
Technologies to the Européen Commission – Ethical aspects of
genetic testing in the workplace » , 28/07/2003, disponible sur le
site : http://ec.europa.eu/index_fr.htm.
C - Legislation
Information Privacy Act, 2000 Law 24/05/2000 of
Electronic Communication Privacy Act, 1986.
d- JURISPRUDENCE
1- l’arrêt N° 50. S. E. 68 rendu par la cour suprême de l’Etat de Géorgie
dans l’affaire PAVESICH.V . New England life ins. Co en 1905.
2- DOUGLAS , The privacy opinion of Justice, cite internet:
www.jstor.org
3- Karen. M , Coon, E-mail, and the Attorny – Client Privilège Richmond
Journal of law Technology, 2001, site : www.Richmond.edu.
4- Peter SCHNAITMAIN, Building a community through work place E-
mail : the new privacy Frontier. www.mttlr.org.
5- Patrick Belser, Michaelle de Cock and Farhad Mehran, ILO minimum
estimate of forced .labour in the world, International Labour
Organisation.

‫الفـــهــرس‬
19.................................................................................................................... ‫المقدمة‬
92............................................................... ...‫ حماية الحياة الخاصة للعامل العمل‬:‫الباب االول‬
93....................................................‫ الحماية غير المباشرة للحياة الخاصة للعامل‬:‫الفصل األول‬

491
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية الحياة الخاصة للعامل‪94.......................................................................‬‬


‫المطلب األول‪ :‬تعريف الحياة الخاصة ‪93...............................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريفات الفقهية للحياة الخاصة‪99...................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف السلبي للحياة الخاصة‪99................................................................................‬‬
‫‪ -9‬معيار المكان‪91.......................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬معيار مضمون الحياة العامة‪91.....................................................................................‬‬
‫‪ -9-2‬النشاط المهني‪91..................................................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬أوقات الفراغ‪91...................................................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬التعامل مع السلطات العامة‪21..................................................................................‬‬
‫ثانيا‪:‬التعريف االيجابي للحياة الخاصة‪29...............................................................................‬‬
‫‪ -9‬التعريف الواسع ‪29.....................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬التعريف الضيق‪23....................................................................................................‬‬
‫‪ -9-2‬الســـريــة‪23......................................................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬السكيـــنة‪29..........................................................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬األلــفــة ‪21............................................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التعريفات القضائية للحياة الخاصة ‪21.................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬القضاء األنجلوساكسوني‪21........................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬القضاء الالتيني‪32...................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬اسم الشخص ومحل إقامته‪33........................................................................................‬‬
‫‪ -9‬الحياة الزوجية والعائلية‪33...........................................................................................‬‬
‫‪ -1‬الذمة المالية للشخص‪33..............................................................................................‬‬
‫‪ -1‬الحالة الصحية للشخص‪33...........................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عناصر الحياة الخاصة للعامل‪33.....................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عناصر الحياة الخاصة المتفق عليها ‪33...............................................................‬‬
‫‪ -1‬حرمة المسكن‪39 ......................................................................................................‬‬
‫‪ -1‬حرمة المحادثات الشخصية‪31.......................................................................................‬‬
‫‪ -91‬حرمة المراسالت ‪43..................................................................................................‬‬
‫‪ -99‬حرمة الحياة العائلية ‪44................................................................................................‬‬
‫‪ -92‬الحالة الصحية‪43......................................................................................................‬‬
‫‪ -93‬الذمة المالية‪41.........................................................................................................‬‬
‫‪ -94‬اآلراء السياسية والمعتقدات الدينية‪41.............................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬عناصر الحياة الخاصة المختلف فيها‪41...............................................................‬‬
‫‪ -9‬الحق في االسم ‪41......................................................................................................‬‬
‫‪ -1‬الحق في الصورة‪31...................................................................................................‬‬
‫‪ -1‬الحق في حرمة جسم االنسان ‪33.....................................................................................‬‬
‫‪ -1‬الحق في سرية الحياة المهنية أو الوظيفية ‪34......................................................................‬‬
‫‪ -91‬الحق في قضاء أوقات الفراغ‪39....................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل‪31................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحماية القانونية للحياة الخاصة‪31..................................................................‬‬
‫الفرع االول‪ :‬الحماية الدولية للحياة الخاصة‪31......................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في التشريعات الدولية العامة‪91................................................‬‬
‫‪ -9‬حماية الحياة الخاصة على المستوى العالمي‪91................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬حماية الحياة الخاصة في االتفاقيات الدولية‪91..................................................................‬‬
‫‪ ‬اإلعالن العالمي لحقوق االنسان‪91..............................................................................‬‬

‫‪491‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ ‬العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ‪99......................................................................‬‬


‫‪ ‬اإلعالن الخاص باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لمصلحة السلم والبشرية‪92.......................‬‬
‫‪ -2-9‬حماية الحياة الخاصة في المؤتمرات الدولية‪92...............................................................‬‬
‫‪ ‬مؤتمر طهران الدولي لحقوق االنسان‪93........................................................................‬‬
‫‪ ‬مؤتمر مونتريال لحقوق اإلنسان‪93..............................................................................‬‬
‫‪ ‬المؤتمر الدولي لخبراء اليونسكو ‪94..............................................................................‬‬
‫‪ -2‬حماية الحياة الخاصة على المستوى االقليمي‪93.................................................................‬‬
‫‪ -9-2‬حماية الحياة الخاصة في االتفاقيات االقليمية‪93................................................................‬‬
‫‪ ‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق االنسان‪93............................................................................‬‬
‫‪ ‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق األفراد من المعالجة اإللكترونية للمعلومات الشخصية‪99....................‬‬
‫‪ ‬اتفاقية بودابست‪99..................................................................................................‬‬
‫‪ ‬اإلتفاقية األمريكية لحقوق االنسان ‪91............................................................................‬‬
‫‪ ‬الميثاق العربي لحقوق االنسان‪91................................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬حماية الحياة الخاصة في المؤتمرات االقليمية‪91..............................................................‬‬
‫‪ ‬مؤتمر دول الشمال‪91..............................................................................................‬‬
‫‪ ‬مؤتمر حقوق اإلنسان في الشريعة االسالمية‪91...............................................................‬‬
‫‪ ‬المؤتمر اإلفريقي لحقوق االنسان والشعوب‪91................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في التشريعات الدولية الخاصة‪91..............................................‬‬
‫‪ -1‬حماية الحياة الخاصة في منظمة العمل الدولية‪11...............................................................‬‬
‫‪ -2-9‬اإلتفاقية الخاصة بحظر التمييز في مجال اإلستخدام والمهنة‪11.............................................‬‬
‫‪ -3-9‬اإلتفاقية الخاصة بالسخرة أو العمل القسري‪11................................................................‬‬
‫‪ -2‬حماية الحياة الخاصة في منظمة العمل العربية‪19................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الحماية التشريعية المقارنة والوطنية للحياة الخاصة‪19...........................................‬‬
‫أوال‪ :‬حماية الحياة الخاصة في التشريعات المقارنة ‪12................................................................‬‬
‫‪ -1‬حماية الحياة الخاصة في التشريعات الغربية‪12.................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬التشريعات األنجلوساكسونية‪12............................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬التشريعات الالتينية‪13.......................................................................................‬‬
‫‪ -2‬حماية الحياة الخاصة في التشريعات العربية‪13..................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة في التشريع الجزائري‪11.................................................................‬‬
‫‪ -9‬الحماية الدستورية للحياة الخاصة‪11................................................................................‬‬
‫‪ -2‬الحماية التشريعية للحياة الخاصة‪11................................................................................‬‬
‫‪ -9-2‬حماية الحياة الخاصة في القانون المدني‪11.............................................................‬‬
‫‪ -2-2‬حماية الحياة الخاصة في قانون االجراءات المدنية‪11................................................‬‬
‫‪ -3-2‬حماية الحياة الخاصة في قانون العقوبات‪11...........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للحياة الخاصة‪19..................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التكييف القانوني للحياة الخاصة‪12.....................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الحق في الحياة الخاصة حرية عامة‪12...........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحق في الحياة الخاصة حق ملكية ‪14............................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحق في الحياة الخاصة من الحقوق الشخصية‪13..............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الخصائص القانونية للحياة الخاصة ‪19................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬مدى قابلية الحق في الحياة الخاصة للتصرف فيه ‪19..........................................................‬‬


‫ثانيا‪ :‬مدى قابلية الحق في الحياة الخاصة لالنقضاء بالتقادم‪11......................................................‬‬

‫‪421‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫ثالثا‪ :‬مدى قابلية الحق في الحياة الخاصة لالنتقال عن طريق اإلرث‪11...........................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬القيود الواردة على حماية الحياة الخاصة‪11........................................................‬‬


‫أوال‪ :‬القيود الموضوعية‪11................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬الظروف اإلستثنائية‪11................................................................................................‬‬
‫‪ -4‬الرضا كسبب إلباحة المساس بالحياة الخاصة‪11.................................................................‬‬
‫‪ -3‬ضرورات الحق في اإلعالم إلباحة الكشف عن الحياة الخاصة‪19............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬القيود الشكلية‪13......................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬إباحة المساس بالحياة الخاصة لضرورة التفتيش‪13 ............................................................‬‬
‫‪ -4‬إباحة المساس بالحياة الخاصة لضرورة اإلثبات‪13 ..............................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الحماية المباشرة للحياة الخاصة للعامل‪11..........................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل قبل التعاقد‪11..............................................‬‬
‫المطلب االول‪:‬صور اإلعتداء على الحياة الخاصة للمترشح للعمل‪11............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المعلوماتية لكشف سرية الحياة الخاصة للمرشح للعمل‪11........................................‬‬
‫أوال‪ :‬طرق اختيار المترشح للعمل‪911..................................................................................‬‬
‫‪ -9‬التشغيل المباشر للمترشح للعمل‪911...............................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬طريقة األسئلة المحسبة ‪911.....................................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬طريقة برمجيات التقييم المتخصصة‪912.....................................................................‬‬
‫‪ -2‬التشغيل غير المباشر للمترشح للعمل‪913 .......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االختبارات الطبية الماسة بالحياة الخاصة للمترشح للعمل‪913..................................‬‬

‫أوال‪ :‬االختبارات الطبية الماسة بالكيان المادي للمترشح للعمل‪919................................................‬‬


‫‪ -9‬اإلختبارات الجينية للمترشح للعمل‪911..........................................................................‬‬
‫‪ -2‬مساس االختبارات الجينية بالحياة الخاصة للمترشح للعمل‪911...............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلختبارات الطبية الماسة بالكيان النفسي للمترشح للعمل‪991................................................‬‬
‫‪ -9‬استخدام جهاز كشف الكذب الختبار على المترشح للعمل‪991................................................‬‬
‫‪ -2‬مدى مشروعية استخدام جهاز كشف الكذب في عالقات العمل‪999..........................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬استخدام وسائل التصوير والتنصت لمراقبة المترشح للعمل‪993...............................‬‬
‫أوال‪ :‬تصوير المترشح للعمل‪993........................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التنصت على محادثات المترشح للعمل‪994.....................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضمانات حماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل‪999..............................................‬‬
‫الفرع االول‪ :‬حدود سلطة المستخدم في اختيار المترشحين العمل‪999...........................................‬‬
‫أوال‪ :‬حدود جمع المعلومات عن المترشح للعمل‪999.................................................................‬‬
‫‪ -9‬طبيعة المعلومات المطلوب التحري عنها‪991...................................................................‬‬
‫‪ -2‬أثر المعلومات المتحرى عنها على الحياة الخاصة للمترشح للعمل‪991.....................................‬‬
‫ثانيا الشروط الالزمة لتحري المعلومات الخاصة بالمترشح للعمل‪921...........................................‬‬
‫‪ -9‬تقدير صالحية المترشح لشغل منصب العمل‪921................................................................‬‬
‫‪ -2‬الصلة المباشرة بين المعلومات المطلوبة و منصب العمل……………‪929...….................….‬‬
‫‪ -3‬إخطار المترشح للعمل مسبقا بالتقنيات المستخدمة في عملية االختيار‪922..................................‬‬
‫‪ -4‬سرية المعلومات المتحصل عليها خالل مرحلة الترشيح للعمل‪922..........................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حماية البيانات الشخصية للمترشح للعمل من مخاطر المعلوماتية‪923.........................‬‬
‫أوال‪ :‬الحماية القانونية للبيانات الشخصية للمترشح للعمل‪923......................................................‬‬
‫‪ -4‬مبدأ المشروعية‪924..................................................................................................‬‬
‫‪ -3‬مبدأ اإلشراف والمراقبة‪929.......................................................................................‬‬

‫‪429‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -9‬مبدأ الطمأنينية‪921....................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحماية التقـنية للبيانات الشخصية للمترشح للعمل‪921........................................................‬‬
‫‪ -3‬تقنية التشفير المعلوماتي‪921......................................................................................‬‬
‫‪ -4‬تقنية الغفلة ‪921.......................................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عدم التمييز بين المترشحين في العمل‪931..........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬مبدأ حظر التمييز بين المترشحين للعمل‪939....................................................................‬‬
‫‪ -9‬االقرار الدولي لمبدأ حظر التمييز بين المترشحين للعمل‪939..................................................‬‬
‫‪ -2‬حظر التمييز بين المترشحين للعمل على أساس الحياة الخاصة‪934 ..........................................‬‬
‫‪ -3‬رفض التعاقد بناءا على التمييز بين المترشحين للعمل‪933.....................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬القيود الواردة على مبدأ عدم التمييز بين المترشحين للعمل‪939..............................................‬‬
‫‪ -9‬ارتباط التمييز بمتطلبات الوظائف القيادية ‪939...................................................................‬‬
‫‪ -2‬ارتباط المنصب بالكفاءة المهنية للمترشح للعمل‪931............................................................‬‬
‫‪ -3‬ارتباط التمييز بأهداف المؤسسة ‪931...............................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل بعد التعاقد‪931.......................................................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬صور حماية الحياة الخاصة للعامل ‪931.............................................................‬‬
‫الفرع االول‪ :‬مدى تأثر الحياة الخاصة للعامل بالحياة المهنية…‪931.......…………….................‬‬
‫أوال‪ :‬حماية الحقوق والحريات المتربطة بالحياة الخاصة للعامل‪931..............................................‬‬
‫‪ -9‬حماية الحياة الشخصية والعائلية للعامل‪931.....................................................................‬‬
‫‪ -2‬حماية الحريات العامة للعامل‪942.................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة العامل أثناء الغياب المشروع عن العمل‪943.........................................‬‬
‫‪ -9‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء فترات الراحة والعطل‪943...............................................‬‬
‫‪ -9-9‬حماية الحياة الخاصة أثناء فترات الراحة‪943................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء العطل‪949................................................................‬‬
‫‪ -2‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء تعليق عالقة العمل‪941....................................................‬‬
‫‪ -9-2‬تعليق عالقة العمل ألسباب صحية‪941.........................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬تعليق عالقة العمل ألسباب عائلية وشخصية‪931.............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أثر مراقبة العامل خارج العمل على حياته الخاصة‪932..........................................‬‬
‫أوال‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في إطار العمل عن بعد‪932....................................................‬‬
‫‪ -9‬صور العمل عن بعد‪934............................................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬العمل في المنزل‪934............................................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬العمل في مكتب تابع لمقر العمل األصلي ‪939...............................................................‬‬
‫‪ -3-9‬العمل عن بعد من خالل االتصاالت الهاتفية‪939............................................................‬‬
‫‪ -4-9‬العمل عن بعد المتنقل‪931.......................................................................................‬‬
‫‪ -2‬مدى التدخل في الحياة الخاصة للعامل عن بعد‪931...........................................................‬‬
‫‪ -9-2‬مدى التدخل في الحياة الخاصة من قبل صاحب العمل‪931................................................‬‬
‫‪ -2-2‬مدى التدخل في الحياة الخاصة للعامل من قبل مفتش العمل‪931.........................................‬‬
‫‪ -3‬حماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد‪991.......................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في إطار الجهوزية عن بعد‪992................................................‬‬
‫‪ -9‬صور التدخل في الحياة الخاصة أثناء فترة الجهوزية للعمل‪993.............................................‬‬
‫‪ -2‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء فترة الجهوزية للعمل‪994..................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل‪999.........................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬استقالل الحياة الخاصة للعامل عن حياته المهنية‪991..............................................‬‬
‫أوال‪ :‬اعتراف القضاء بمبدأ عدم تدخل صاحب العمل فى الحياة الخاصة للعامل‪991...........................‬‬
‫‪ -9‬مبدأ عدم تدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب الوضع العائلي‪991..........................................‬‬

‫‪422‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -2‬مبدأ عدم تدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب شرط العزوبية‪991.........................................‬‬


‫ثانيا‪ :‬اعتراف التشريع بمبدأ عدم تدخل صاحب العمل فى الحياة الخاصة للعامل‪991..........................‬‬
‫‪ -9‬مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب التمييز بين العمال‪911...................................‬‬
‫‪ -2‬مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب التسريح ألسباب غير مهنية‪919........................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل‪913..........................................‬‬
‫أوال‪ :‬تأثير الحياة الخاصة للعامل على سير العمل بالمؤسسة‪914..................................................‬‬
‫‪ -9‬اضطراب العمل بالمؤسسة بسبب الحياة الخاصة للعامل‪914.................................................‬‬
‫‪ -2‬تعارض الحياة الخاصة مع طبيعة المهام الموكولة للعامل‪919................................................‬‬
‫‪ -3‬تعارض الحياة الخاصة مع أهداف المؤسسة ‪911................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬تأثير الحياة الخاصة للعامل على مصالح المؤسسة‪911........................................................‬‬
‫‪ -9‬إخالل العامل بالسر المهني للمؤسسة‪919........................................................................‬‬
‫‪ -2‬إخالل العامل بااللتزام بعدم المنافسة‪913........................................................................‬‬
‫‪ -3‬إدانة العامل إلرتكابه جرائم خارج العمل‪911...................................................................‬‬
‫‪ -4‬فقدان الثقة في العامل‪912..........................................................................................‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في العمل‪911...........................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬صور حماية الحياة الخاصة للعامل في العمل ‪911.................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء إبرام عقد العمل‪911..........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مدى تأثر الحياة الخاصة للعامل بخصائص عقد العمل‪911......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الطابع المهني لعقد العمل‪211...........................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬حدود االلتزام المهني للعامل‪211..................................................................................‬‬
‫‪ -4‬أن يكون األمر الصادر من صاحب العمل متعلقا بالعمل المكلف به‪211....................................‬‬
‫‪ -3‬أن أال يخالف األمر الصادر عن صاحب العمل العقد أو القانون أو النظام العام‪219......................‬‬
‫‪ -9‬أن ال يشكل تنفيذ أوامر صاحب العمل خطرا على العامل‪212................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدى حرية العامل المهنية والشخصية‪212.......................................................................‬‬
‫‪ -9‬حرية العامل المهنية‪213............................................................................................‬‬
‫‪ -2‬حرية العامل الشخصية ‪213.........................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الطابع الشخصي لعقد العمل‪214.......................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬شخصية العامل محل اعتبار عند إبرام العقد‪213...............................................................‬‬
‫‪ -9‬أسئلة صاحب العامل غير المشروعة‪213........................................................................‬‬
‫‪ -2‬عدم مسؤولية العامل عن معلومات غير مطلوبة منه‪211......................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حدود احترام شخصية العامل عند ابرام عقد العمل‪211.......................................................‬‬
‫‪ -9‬مدى صحة وصدق معلومات الشخصية للعامل‪211............................................................‬‬
‫‪ -2‬آثار عدم صدق وصحة المعلومات الشخصية للعامل‪211.....................................................‬‬
‫‪ -9-2‬انتحال العامل شخصية غير شخصيته‪291.....................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬سكوت العامل عن معلومات تتعلق بشخصه‪299............................................................‬‬
‫‪ -3-2‬كذب العامل حول معلومات تتعلق بشخصه ‪292.............................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عنصر التبعية في عقد العمل‪293 .....................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬نطاق التبعية للفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية‪293 .................................................‬‬
‫‪ -9‬مكان العمل‪294.......................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬وقت العمل ‪224........................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حدود التبعية للفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية‪293..................................................‬‬
‫‪ -9‬اإلطار المهني للعامل‪293...........................................................................................‬‬
‫‪ -2‬اإلطار غير المهني للعامل‪299.....................................................................................‬‬

‫‪423‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حماية حقوق العامل الشخصية أثناء إبرام عقد العمل‪291......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حماية حقوق العامل الشخصية ذات الطابع االجتماعي‪291........................................‬‬
‫أوال‪ :‬حق العامل في الزواج‪291.........................................................................................‬‬
‫‪ -9‬الحماية التشريعية لحق العامل في الزواج ضمن شرط عقد العمل‪221.......................................‬‬
‫‪ -9-9‬حماية حق العامل في الزواج ضمن قانون العمل‪221.....................................................‬‬
‫‪ -2-9‬حماية حق العامل في الزواج ضمن القانون المدني‪222...................................................‬‬
‫‪ -2‬الحماية القضائية لحق العامل في الزواج ضمن شروط عقد العمل‪224.....................................‬‬
‫‪ -9-2‬التطبيقات القضائية للحق الزواج ضمن شروط عقد العمل‪224..........................................‬‬
‫‪ -2-2‬النظام العام الجتماعي كأساس لحماية لحق العامل في الزواج‪229....................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق العامل في اختيار مظهره‪221................................................................................‬‬
‫‪ -9‬حرية العامل في اختيار مظهره‪221...............................................................................‬‬
‫‪ -2‬حدود حق العامل في اختيار مظهره‪231........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حماية حقوق العامل الشخصية ذات الطابع المعنوي‪232........................................‬‬
‫أوال‪ :‬حق العامل في االسم الشخصي‪233...............................................................................‬‬
‫‪ -9‬التكييف القانوني لالسم الشخصي ‪234.............................................................................‬‬
‫‪ -2‬مدى حماية حق العامل في اسمه الشخصي‪233.................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق العامل في حرية الدين والمعتقد‪231.........................................................................‬‬
‫‪ -9‬مدى حماية حق العامل في حرية الدين والمعتقد‪231...........................................................‬‬
‫‪ -2‬حدود حماية حق العامل في حرية دينه ومعتقداته‪231.........................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء تنفيذ عقد العمل‪241.........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أثر السلطة التنظيمية للمستخدم على الحياة الخاصة للعامل‪249...............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في قوانين الهيئة المستخدمة‪249.................................‬‬
‫أوال‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في االتفاقيات الجماعية للعمل والنظام الداخلي‪242.........................‬‬
‫‪ -9‬حماية الحياة الخاصة للعامل في االتفاقيات واالتفاقات الجماعية للعمل‪242.................................‬‬
‫‪ -2‬حماية الحياة الخاصة للعامل في النظام الداخلي والتعليمات الالحقة له‪244..................................‬‬
‫‪ -9-2‬حماية الحياة الخاصة للعامل في النظام الداخلي‪244........................................................‬‬
‫‪ -2-2‬حماية الحياة الخاصة للعامل في التعليمات والتوجيهات الداخلية‪241....................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل في عقد العمل والتعديالت الالحقة له‪241.....................................‬‬
‫‪ -9‬أثر تعديل عقد العمل على الحياة الخاصة للعامل‪241...........................................................‬‬
‫‪ -9-9‬أثر تعديل مكان العمل أو نقل العامل على حياته الخاصة‪241............................................‬‬
‫‪ -2-9‬أثر تغيير وقت العمل على الحياة الخاصة للعامل‪239......................................................‬‬
‫‪ -2‬أثر الحياة الخاصة للعامل على تعديل عقد العمل‪239..........................................................‬‬
‫‪ -9-2‬تعديل عقد العمل لمواجهة المستجدات العادية في الحياة العامل الخاصة‪232............................‬‬
‫‪ -9-9-2‬شروط تعديل العقد لمواجهة المستجدات العادية الحياة العامل الخاصة‪232...........................‬‬
‫‪ 2-9-2‬تطبيقات تعديل العقد لمواجهة المستجدات العادية في الحياة العامل الخاصة‪233......................‬‬
‫‪ -2-2‬تعديل عقد العمل لمواجهة المستجدات الطارئة في حياة العامل الخاصة‪234............................‬‬
‫‪ -9-2-2‬تعديل عقد العمل للعجز النات عن اإلعاقة‪233...........................................................‬‬
‫‪ -2-2-2‬تعديل عقد العمل للعجز النات عن المرض‪233...........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حماية الحياة الخاصة للعامل من المراقبة التكنولوجية‪239......................................‬‬
‫أوال‪ :‬مراقبة تحركات العامل داخل المؤسسة‪231.....................................................................‬‬
‫‪ -9‬البطاقات االلكترونية‪231.............................................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬مدى حرية تنقل العامل داخل المؤسسة‪231...................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬مدى حماية المعلومات الشخصية للعامل في البطاقة االلكترونية‪231.....................................‬‬
‫‪ -2‬كاميرات المراقبة ‪231................................................................................................‬‬

‫‪424‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -9-2‬معارضة مراقبة العامل من خالل كاميرا المراقبة ‪231......................................................‬‬


‫‪ -2-2‬تأييد مراقبة العمل من خالل كاميرا المراقبة‪291.............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مراقبة نشاط العامل داخل المؤسسة‪299.........................................................................‬‬
‫‪ -9‬األنظمة المعلوماتية لمراقبة النشاط المهني للعامل‪292.........................................................‬‬
‫‪-9-9‬نظام التجميع عن بعد للبيانات المرتبطة بأداء العمل‪292.....................................................‬‬
‫‪ -2-9‬نظام الرمز السري‪292............................................................................................‬‬
‫‪ -3-9‬طريقة قياس االنتهاء من االنتاج‪293.........................................................................‬‬
‫‪ -2‬أثر األنظمة المعلوماتية على الحياة الخاصة للعامل ‪293.......................................................‬‬
‫‪ -9-2‬مراقبة األنظمة المعلوماتية للحياة الخاصة للعامل‪293.....................................................‬‬
‫‪ -2-2‬أثر المعلوماتية على المعلومات الشخصية للعامل‪294.....................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬مراقبة اتصاالت العامل داخل المؤسسة‪293.....................................................................‬‬
‫‪ -9‬مراقبة االتصاالت الهاتفية للعامل‪299............................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬تسجيل االتصاالت الهاتفية المتصل بها وإفشاء سريتها‪299...............................................‬‬
‫‪ -2-9‬التمييز بين االتصاالت الشخصية واالتصاالت المهنية‪291...............................................‬‬
‫‪ -3-9‬مدى شرعية التنصت التليفوني داخل أماكن العمل‪291....................................................‬‬
‫‪ -2‬مراقبة البريد االلكتروني للعامل‪211............................................................................‬‬
‫‪ -9-2‬مدى جواز مراقبة البريد االلكتروني للعامل‪219............................................................‬‬
‫‪ -2-2‬مبدأ حرمة مراسالت البريد االلكتروني للعامل‪213.........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أثر السلطة التأديبية للمستخدم على الحياة الخاصة للعامل‪213................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مدى ارتباط التسريح التأديبي بالحياة الخاصة للعامل‪213.........................................‬‬
‫أوال‪ :‬مدى مشروعية التسريح التأديبي المرتبط بالحياة الخاصة للعامل‪219......................................‬‬
‫‪ -9‬شروط التسريح التأديبي ‪219........................................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬السبب الحقيقي أو الواقعي‪211....................................................................................‬‬
‫‪ -9-9-9‬الطابع الموضوعي للسبب الحقيقي‪211.....................................................................‬‬
‫‪ -2-9-9‬وجود السبب الحقيقي‪211.....................................................................................‬‬
‫‪ – 3-9-9‬صحة السبب الحقيقي‪211....................................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬السبب الجدي‪211...................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬مدى ارتباط الخطأ الجسيم بالحياة الخاصة للعامل‪219.........................................................‬‬
‫‪ -9-2‬حالة رفض العامل تنفيذ التعليمات المرتبطة بالتزاماته المهنية‪219 .......................................‬‬
‫‪ -2-2‬حالة ارتكاب العامل أعمال عنف‪212...........................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬حالة تناول الكحول داخل أماكن العمل‪214.....................................................................‬‬
‫‪ -4-2‬حالة ارتكاب العامل ألفعال يعاقب عليها القانون الجزائي‪213..............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مبررات التسريح التأديبي المرتبطة بالحياة الخاصة للعامل‪219.............................................‬‬
‫‪ -9‬التسريح التأديبي لتأثير الحياة الخاصة للعامل على سير العمل بالمؤسسة‪211.............................‬‬
‫‪ -2‬التسريح التأديبي لتأثير الحياة الخاصة للعامل على مصالح المؤسسة‪211..................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مدى ارتباط التسريح التعسفي بالحياة الخاصة للعامل‪211........................................‬‬
‫أوال‪ :‬امتداد السلطة التأديبية للحقوق الشخصية للعامل‪211..........................................................‬‬
‫‪ -9‬التسريح التعسفي للعامل والمساس بالحقوق الشخصية‪211...................................................‬‬
‫‪ -2‬االستثناءات المتعلقة بالمؤسسات ذات التوجهات الخاصة‪219................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬امتداد السلطة التأديبية للحريات الشخصية للعامل‪212.........................................................‬‬
‫‪ -9‬تسريح العامل بسبب الحرية الدنية‪212.............................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬تسريح العامل بسبب ممارسة الشعائر الدينية أثناء العمل‪213...............................................‬‬
‫‪ -2-9‬تسريح العاملة بسبب ارتداء اللباس الديني أثناء العمل‪214..................................................‬‬
‫‪ -2‬التسريح التعسفي بسبب حرية الرأي والتعبير‪211...............................................................‬‬

‫‪423‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -9-2‬ممارسة العامل لحرية الرأي التعبير ‪211......................................................................‬‬


‫‪ -2-2‬التسريح التعسفي بسبب ممارسة العامل لحرية التعبير‪211.................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل في العمل‪319..............................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الضمانات القانونية لحماية الحياة الخاصة للعامل‪312...........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطة صاحب العمل‪312 ................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ضمانات حماية السالمة البدنية للعامل‪312...........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬حماية العامل ضد أي تفتيش جسدي‪313.........................................................................‬‬
‫‪ -9‬حاالت التفتيش الجسدي للعامل‪313.................................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬مراقبة جسم العامل عن طريق أجهزة المراقبة‪314.........................................................‬‬
‫‪ -2-9‬مراقبة نسبة الكحول في جسم العامل‪319.....................................................................‬‬
‫‪ -2‬شروط التفتيش الجسدي للعامل‪311...............................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الحالة الصحية للعامل‪311..................................................................................‬‬
‫‪ -9‬حماية الحياة الصحية للعامل أثناء الفحوص الطبية‪311........................................................‬‬
‫‪ -2‬حماية صحة العامل من الممارسات المهنية الخطرة‪391......................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضمانات حماية السالمة المعنوية للعامل‪392........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬حماية خصوصية شخصية العامل‪392...........................................................................‬‬
‫‪ -9‬حماية سرية الحياة الخاصة للعامل‪393.............................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬حماية سرية المعلومات االسمية للعامل‪393..................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬حماية سرية المعلومات الصحية للعامل‪314.................................................................‬‬
‫‪ -3-9‬حماية سرية العنوان الشخصي للعامل‪393....................................................................‬‬
‫‪ -2‬حماية حرية الحياة الخاصة للعامل‪399..........................................................................‬‬
‫‪ -9-2‬حماية حرية العامل في التنقل داخل األماكن الخاصة للمؤسسة‪391.......................................‬‬
‫‪ -2-2‬حماية حرية العامل في مظهره‪391.............................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الكرامة اإلنسانية للعامل‪391...............................................................................‬‬
‫‪ -4‬االلتزام بالمعاملة اإلنسانية للعامل‪391..............................................................................‬‬
‫‪ -5‬مبدأ المساواة بين العمال‪329..........................................................................................‬‬
‫‪ -2‬ضمان العمل الالئق للعمال‪322......................................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬حماية السالمة األخالقية للعامل ‪329.............................................................................‬‬
‫‪ -9‬الحماية من التحرش الجنسي في قانون العمل‪329................................................................‬‬
‫‪ -9-9‬تعريف التحرش الجنسي المرتبط بالعمل‪321................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬مدى حماية العاملة من التحرش الجنسي في قانون العمل‪321............................................‬‬
‫‪ -2‬الحماية من التحرش الجنسي في القانون الجزائي‪339...........................................................‬‬
‫‪ -9-2‬المسؤولية المترتبة عن جريمة التحرش الجنسي المرتبط بالعمل‪339...................................‬‬
‫‪ -2-2‬الحماية من تبعات التحرش الجنسي المرتبط بالعمل‪332..................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضمانات حماية الخاصة في مواجهة التكنولوجيا الحديثة‪333.................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ضمانات حماية الخاصة في مواجهة تكنولوجيا المراقبة‪334.....................................‬‬

‫أوال‪ :‬اإلعالم المسبق للعمال بوسائل المراقبة االلكترونية‪334......................................................‬‬


‫‪ -9‬اإلعالم المباشر‪334...................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬اإلعالم غير المباشر‪339.............................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬عدم تعارض وسائل المراقبة االلكترونية مع النصوص القانونية‪331......................................‬‬
‫‪ -9‬الحماية المقررة بموجب نصوص قانون العمل‪331..............................................................‬‬
‫‪ -9-9‬مبدأ الشفافية ‪331...................................................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬مبدأ المالئمة‪341...................................................................................................‬‬

‫‪429‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -2‬الحماية المقررة بموجب النصوص الجزائية‪349..............................................................‬‬


‫‪ -9-2‬حماية صورة العامل في مواجهة تكنولوجيا المراقبة‪349...................................................‬‬
‫‪ -2-2‬حماية سرية اتصاالت العامل في مواجهة تكنولوجيا المراقبة‪343.........................................‬‬
‫‪ -3-2‬حماية مراسالت العامل في مواجهة تكنولوجيا المراقبة‪343................................................‬‬
‫‪ -3‬الحماية المقررة بموجب نصوص خاصة ‪341..................................................................‬‬
‫‪ -9-3‬الحماية المقررة بموجب قانون المعلوماتية‪341.............................................................‬‬
‫‪ -2-3‬الحماية المقررة بموجب قانون المراقبة‪341.................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضمانات حماية الخاصة في مواجهة تكنولوجيا المعلوماتية‪339................................‬‬
‫أوال‪ :‬ضمانات جمع المعلومات االسمية باستخدام تكنولوجيا المعلوماتية‪339....................................‬‬
‫‪ -9‬االلتزام بجمع المعلومات الضرورية عن العامل‪339..........................................................‬‬
‫‪ -2‬حظر جمع المعلومات ذات الطابع الخاص‪334.................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضمانات حماية المعلومات االسمية في مواجهة المعالجة اآللية لها‪333....................................‬‬
‫‪ -9‬ضمانات مشروعية المعالجة اآللية للمعلومات الشخصية للعامل‪333.........................................‬‬
‫‪ -9-9‬إخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية‪333........................................................................‬‬
‫‪ -2-9‬مطابقة المعالجة اآللية للمعلومات للقانون ‪331...............................................................‬‬
‫‪ -2‬ضمانات حماية العامل أثناء المعالجة اآللية للمعلومات الشخصية‪331......................................‬‬
‫‪ -9-2‬الحق في االعتراض‪331........................................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬الحق في اإلطالع وطلب التصحيح‪391......................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الضمانات القضائية لحماية الحياة الخاصة للعامل‪399..........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الدعوى القضائية كضمانة لحماية الحياة الخاصة للعامل‪399...................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإلجراءات الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل‪393..............................................‬‬
‫أوال‪ :‬شروط اللجوء إلى االجراءات الوقائية‪393......................................................................‬‬
‫‪ -9‬شرط االستعجال‪394...................................................................................................‬‬
‫‪ -2‬عدم المساس بأصل الحق‪394........................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل‪393.............................................................‬‬
‫‪ -9‬الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل أمام المؤسسة‪391............................................‬‬
‫‪ -2‬الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل أمام القضاء‪391..............................................‬‬
‫‪ -9-2‬الحجز‪391...........................................................................................................‬‬
‫‪ -2-2‬الحراسة ‪391........................................................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬بعض الوسائل الوقائية األخرى‪370.............................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات الحماية القضائية للحياة الخاصة للعامل‪311.............................................‬‬
‫أوال‪ :‬التعويض عن ضرر االعتداء على الحياة الخاصة للعامل‪311...............................................‬‬
‫‪ -9‬التعويض عن الضرر المعنوي‪319................................................................................‬‬
‫‪ -2‬التعويض عن الضرر المادي‪313..................................................................................‬‬
‫‪ -3‬إثبات ضرر المساس بالحياة الخاصة‪314.........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية عالقة العمل من أثر االعتداء على الحياة الخاصة للعامل‪319.......................................‬‬
‫‪ -3‬الحماية من أثر اإلعتداء على الحياة الخاصة للعامل أثناء التربص‪319......................................‬‬
‫‪ -4‬الحماية من أثر اإلعتداء على الحياة الخاصة للعامل بعد التثبيت‪311.........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضمانات اإلثبات لحماية الحياة الخاصة للعامل‪311...............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مدى مشروعية الدليل التكنولوجي المستمد من المراقبة‪311.....................................‬‬
‫أوال‪ :‬ضوابط مشروعية الدليل التكنولوجي ‪311.......................................................................‬‬
‫‪ -9‬مبدأ أخالقيات اإلثبات‪319.........................................................................................‬‬
‫‪ -2‬مبدأ حسن النية في تحصيل الدليل ‪312............................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التطبيقات القضائية حول مشروعية الدليل التكنولوجي‪313..................................................‬‬

‫‪421‬‬
‫حماية الحياة الخاصة للعامل‬

‫‪ -9‬حاالت استبعاد الدليل التكنولوجي كوسيلة إثبات ‪314...........................................................‬‬


‫‪ -2‬حاالت قبول الدليل التكنولوجي كوسيلة إثبات ‪313..............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حجية الدليل المتحصل عليه من المراقبة‪319.......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬شروط مشروعية الدليل التكنولوجي أمام القضاء‪319.........................................................‬‬
‫‪ -9‬مبدأ النزاهة واألمانة في تحصيل الدليل بواسطة الوسائل التكنولوجية‪319.................................‬‬
‫‪ -2‬مبدأ التناسب بين الوسيلة التكنولوجية والغاية من استخدامها‪311............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط مصداقية الدليل التكنولوجي أمام القضاء‪311.........................................................‬‬
‫‪ -9‬صحة الوقائع الواردة في الدليل التكنولوجي‪311................................................................‬‬
‫‪ -2‬سالمة الدليل التكنولوجي من التالعب‪311.......................................................................‬‬
‫الخاتمة‪319..................................................................................................................‬‬
‫المالحق ‪319.................................................................................................................‬‬
‫المراجع‪423.................................................................................................................‬‬
‫الفهرس ‪433..................................................................................................................‬‬

‫‪421‬‬

You might also like