Professional Documents
Culture Documents
أطـــروحـــة
للحصول على شهـــادة دكتـــوراه في العـــلوم
في القانون الخاص
السنة 2112/2112
حماية الحياة الخاصة للعامل
المـقـــدمـــة
إن الحق في احترام الحياة الخاصة يعد من أهم حقوق اإلنسان في المجتمعات الحديثة ،شغل
هذا الحق الباحثين والفقهاء الذين حاولوا جاهدين وضع الحدود الفاصلة لما يعد ضمن نطاق الحياة
الخاصة وما يخرج عنها ،و مضت عقود ارتبط فيها تصور الحياة الخاصة بمسكن اإلنسان ،إذ ليس
من حق الغير اإلطالع على نشاط الفرد داخل مسكنه ،غير أن التطورات العلمية المتالحقة أضافت
أبعادا جديدة لمفهوم الحياة الخاصة فلم تعد تقتصر على مسكنه فقط.
كان للتقدم العلمي الهائل في مجال الوسائل التكنولوجية للمراقبة والمعلوماتية وما أفرزته من
أجهزة المراقبة والتنصت والتسمع والتسجيل والتقاط الصور أكبر األثر في تهديد الحياة الخاصة،
فأصبح من اليسير غزو خصوصية اإلنسان ،و الجهود التي بذلت للحد من الرقابة على أفكار
األفراد وأحاديثهم واتصالتهم الشخصية واجتماعاتهم وتصرفاتهم الخاصة كانت محور النضال من
أجل إرساء مباديء الحرية في المجتمعات الغربية والعربية على حد السواء ،وشكل انتهاك حرمة
الحياة الخاصة سببا من األسباب التي قادت إلى إرساء المبادئ الدستورية لحماية حقوق اإلنسان في
دساتير الدول.
لكل انسان الحق في أن تحترم حياته الخاصة ،وقد ظهر حديثا اتفاق علني التوجه بشأن حماية
هذا الحق اإلنساني ،فهو من حقوق اإلنسان األساسية ،ذلك أن لكل إنسان الحق في منع تطفل
اآلخرين وفضولهم ،كما له الحق في اتخاذ اإلجراءات التي يراها مناسبة لحماية حياته الخاصة ،إال
بين المفهوم العلمي أن هذا اإلتفاق الجماعي لحماية الحق في الحياة الخاصة ال يمنع من اإلختال
والتطبيقي له ،وكيفية حمايته من اإلعتداءات واالنتهاكات التي قد تطاله وتجعل حياة االنسان
الحماية التي يحظى بها الخاصة عرضة للخطر ،خاصة أمام نسبية حقوق اإلنسان وأمام اختال
من مكان إلى آخر.
تعددت التسميات التي تطلق على هذا الحق بين من يعتمد على مصطلح الحق في الحياة
الخاصة شأن الدول الالتينية ،وبين من يعتمد على مصطلح الحق في الخصوصية شأن الدول
األنجلوساكسونية ،وإن كان المصطلح األول أي التقليدي هو المصطلح المعتمد في أغلب التشريعات
العربية التي أخذت بالتشريع الالتيني و منها التشريع الجزائري ،فإنه غالبا ما يجمع الباحثون بين
المصطلحين بالرغم من وجود بعض الفروق بينهما.
2
حماية الحياة الخاصة للعامل
إن أغلب الدراسات تناولت الموضوع تحت عنوان الحق في احترام الحياة الخاصة أو الحق
في حرمة الحياة الخاصة وهو المصطلح التقليدي الذي ظهر به هذا الحق ،والقانون الفرنسي كان له
بهذا الحق وتبني عبارة الحق في الحياة الخاصة. السبق والفضل في اإلعترا
يذهب الفقه إلى أن المقارنة بين مصطلح الحياة الخاصة ومصطلح الخصوصية توضح أن
لكل منهما جانبه ومجاله الذي يصلح لالستعمال فيه ،حيث أن مصطلح الحياة الخاصة يمثل غالبا
الجانب المادي كحرمة المسكن وحرمة المراسالت ويرتبط بالمكان الذي يتواجد فيه الشخص ،في
حين أن مصطلح الخصوصية يعبر عن المظاهر المعنوية كالمحادثات الشخصية والمكالمات الهاتفية
والتي ترتبط بالشخص أكثر من المكان.
هذا التوجه تعرض لالنتقاد ،وفضًل الجانب الغالب من الفقه استعمال المصطلحين للتعبير
وتعدد أشكال انتهاك الحق في الحياة الخاصة هو الذي كش عن عناصرهما ،واعتبروا أن اختال
معالم هذا الحق بشكل واضح ،وما التعبير والتغير في المصطلحات إالَ تجسيدا لمظاهره المختلفة لذا
فإن إشكالية الحماية تفرض تحديد نطاقه ،هذا ما حولنا التطرق إليه من خالل هذه دراسة هذا الحق.
نعرض من خالل هذه األطروحة مدى حماية الحياة الخاصة للعامل ،ومدى تأثير هذه الحياة
على حياته المهنية ،مما ال شك فيه أن اختالفا واضحا يطرح بشأن ما يدخل في دائرة الحياة
الخاصة للعامل التي يتع ين احترامها وعدم التعرض لها ،وبين ما ال يعد داخال فيها ،فإذا كان يحق
للعامل الدفاع عن حياته الخاصة خارج مكان وزمان العمل التي تمثل اإلطار غير المهني للعامل،
ذلك أن الحياة التي تمارس خارج اإلطار المهني تعد من مظاهر الحرية الفردية ،وتعد حياة خاصة
تستحق الحماية في مواجهة صاحب العمل ،إذ البد من البحث عن مدى الحماية الموفرة له أيضت
داخل اإلطار المهني المحدد زمانا ومكانا وفقا لعقد العمل المبرم بينه وبين المستخدم وااللتزامات
المترتبة عليه.
غير أنه قبل الخوض في الموضوع كان لزاما علينا التطرق لتحديد ماهية الحياة الخاصة التي
لها يدعى بالخصوصية ،والحق في الخصوصية اصطالح حديث نسبيا ،وهو شاع استعمال مراد
الخصوصية في للحق في الحياة الخاصة ذو التداول التقليدي ،ومن الناحية األدبية تعر مراد
اللغة العربية بأنها "حالة الخصوص ،والخصوص نقيض العموم ،فيقال خصَهُ الشيء خصًا
3
حماية الحياة الخاصة للعامل
وخصوصاً وخصوصيةً ،ويقال إختص فالن باألمر" ،1أما اللغة الفرنسية فوردت عبارة الحياة
بأنها " :كل ما يعني الفرد وال يعني الدولة وهي كذلك كل ما ليس مفتوحا الخاصة التي تُعرَ
للجمهور".2
جامع مانع للحياة الخاصة ،نظرا لصعوبة هذا المفهوم أما من الناحية القانونية ال يوجد تعري
في وجهات واتساع نطاقه ،وكذا بسبب تعدد وتنوع عناصر الحياة الخاصة ،وهو ما أحدث اختال
قانوني يحيط بها. النظر حول وضع تعري
كانت محاوالت عديدة إلقرار الحق في الحياة الخاصة ،ورغم ذلك لم تظهر الحاجة لالعترا
جليا به سوى بقدوم الشريعة اإلسالمية الغراء ،وزادت هذه الحاجة بإلحاح في القرن التاسع عشر،
مع التقدم العلمي وتشعب العالقات وتطور وسائل االتصال والتكنولوجيا الذي أدى إلى انتهاك الحياة
المجاالت وبشتى الوسائل التكنولوجية. الخاصة لألفراد في مختل
إن كفالة آدمية وكرامة اإل نسان ينبغي أن تكون هي األساس الذي تسعى إلى حمايته النظم
القانونية ،لذلك كفل الدين اإلسالمي احترام خصوصية اإلنسان وكرامته وآدميته ،وجعل قيمته تسمتد
من كونه من خلق اهلل عز وجل ،ويحفل كال من القرآن الكريم والحديث النبوي بالعديد من
ج َت ِنبُوا َكثِيراً مِنَ الظَّنِّ
التطبيقات لمظاهر الحياة الخاصة من بينها قوله تعالى « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَ َمنُوا ا ْ
َسسُوا وَال يَ ْغتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً َأ ُيحِبُّ َأحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ َلحْمَ َأخِيهِ َميْت ًا
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ ِإثْمٌ وَال َتج َّ
فَكَرِ ْهتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ َرحِيمٌ« ، 3وبهذا يتضح مدى تكريم اهلل سبحانه وتعالى لإلنسان
ومراعاة لخصوصيته وكرامته.
حجْر النبي صلى اهلل عليه وسلم ومع رسول
كما جاء في الحديث النبوي أن رجال إطلًع من ِ
اهلل مدرٌ يحُكُّ به رأسه فلما رآه صلى اهلل عليه وسلم قال « لو أعلم أنه يُبصرني لطعنت به في عينه
إنما جعل اإلستئذان من أجل النظر» ،4وقوله صلى اهلل عليه وسلم أيضا « أياكم والظن ،فإن الظن
أكذب الحديث ،وال تجسسوا وال تحاسدوا ،وال تباغضوا وكونوا عباد اهلل إخوانا» ،في هذه األحاديث
نهي عن االغتياب والتجسس على الغير وتتبع عوراته ،وحث على صيانة أسرار وخصوصية
اإلنسان.
4
حماية الحياة الخاصة للعامل
اإلنسان الذي ال يتمتع بالكرامة اإلنسانية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بحياته الخاصة ال يقدر
على اإلبداع واإلبتكار ،ويتحول إلى آلة صماء عاجزة عن أداء مهمتها ،هذا ما فعلته اإلديولوجية
الماركسية ،حيث جعلت اإلنسان آلة غير مبدعة وحياته الخاصة تكاد تذوب في حياة المجتمع ،حيث
اقتضى المذهب الماركسي إنكار حياة الفرد الخاصة وإذابتها في الحياة العامة.
نظرا ألهمية الحياة الخاصة وارتباطها الوثيق بكرامة اإلنسان ،ومدى تأثيرها على قدرة
اإلنسان على اإلبداع واال بتكار ونظرا لخطورة التعديات عليها وتطورها ،كان لزاما وضروريا
إيجاد وسائل لحماية الحياة الخاصة وتفعيلها.
إذا كانت الحياة الخاصة موضوعا لإلهتمام منذ القدم ،فإن هذا اإلهتمام قد تزايد في
المجتمعات الحديثة ،إذ شغل موضوع الحق في الحياة الخاصة حيزا هاما على الصعيد القانوني،
فانشغل به الفقه والقضاء في الدول الحديثة بغية توفير الحماية الالزمة له ،وتدخل المشرع لتكريس
هذه الحماية سواء على الصعيد الدولي أو المحلي ،حيث كفلت كافة المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان،
واالتفاقيات الدولية ،والدساتير في معظم بلدان العالم الحماية لهذا الحق.
بها لإلنسان منذ القدم ،إذ من حق االنسان الحق في الحياة الخاصة هو من الحقوق المعتر
أن تكون له دائرة من السرية يترك فيها وشأنه دون أي تدخل من الغير ،وفي سبيل ذلك سعى
اإلعالن العالمي الصادر سنة 9141إلى حماية هذا الحق في المادة 92منه بنصها «ال يجوز
تعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة يمس شرفه وسمعته ،ولكل شخص في أن يحميه
القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحمالت».
تكرست حماية الحق في الحياة الخاصة أيضا عبر العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
الصادر سنة ،9199حيث نصت المادة 91منه على أنه «ال يجوز التدخل بشكل تعسفي أو غير
قانوني بخصوصيات أحد أو بعائلته أو بيته أو مراسالته ،كما ال يجوز التعرض بشكل غير قانوني
لشرفه أو سمعته ،ولكل شخص الحق في حماية القانون ضد التدخل أو التعرض ».
صاحب التطور التكنولوجي الحديث تهديدا خطيرا للعديد من عناصر الحياة الخاصة
كالمكالمات الهاتفية والمراسالت والمعلومات والبيانات الشخصية ،مما ساهم في انعقاد العديد من
المؤتمرات الدولية والمحلية لبحث انعكاسات التقدم العلمي والتكنولوجي على الحق في الحياة
الخاصة ،ووضع قيود على هذه اإلستخدامات بشكل يكفل حمايته ،ومن بينها مؤتمر أثينا لحماية
حقوق اإلنسان سنة 9133والذي وجه فيه المؤتمرون انتقاداً شديداً الستعمال الميكروفونات
والتنصت للحصول على األدلة بمسائل اإلثبات ووصفت بأنها معلومات ال تحظى باالحترام.
3
حماية الحياة الخاصة للعامل
كما لفت مؤتمر مونتريال بكندا المنعقد سنة 9191اإلنتباه إلى مخاطر األجهزة التقنية
الحديثة وأثرها السلبي على الحياة الخاصة لألفراد ،وعقدت من جهتها منظمة األمم المتحدة للتربية
والعلوم والثقافة مؤتمرا بالعاصمة الفرنسية باريس سنة 9111حثت فيه على عدم التعرض
لخصوصيات األفراد.
نظمت أيضا مؤخرا كلية القانون الكويتية العالمية مؤتمرا دوليا حول التحديات المستجدة للحق
في الخصوصية في الفترة الممتدة ما بين 93و 99فيفري ،2193أين تم تسليط الضوء على
الحق في الخصوصية في مواجهة التشريعات الوطنية وحماية الحياة الخاصة للعامل في قانون
العمل ،أمام انعدام أي نص قانوني عمالي يحمي الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطات
المستخدم ،كما تم التعرض أيضا إلى مسألة الحوكمة في المؤسسات اإلقتصادية وتأثيرها على الحق
في الخصوصية ،وتم بحث مدى حق العامل في حرمة حياته الخاصة في أماكن العمل.
تم أيضا خالل الفترة الممتدة من 91إلى 21أكتوبر 2199في مراكش بالمملكة المغربية
عقد المؤتمر الدولي لمفوضي حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية الذي تطرق لعدة محاور
كان أهمها حماية الحياة الخاصة والبيانات الشخصية كمحرك للتنمية المستدامة ،وبحث تأثير
اإلبتكار العلمي والتكنولوجي على الحياة الخاصة.
إن التقدم العلمي والتكنولوجي في أجهزة االلكترونية في تزايد مستمر في كل المجاالت التي
تتدخل فيها لتلعب دورا في التوغل في الحياة الخاصة ،وعلى األخص في مجال المراقبة البصرية
والسمعية ،وكذا في مجال تجميع المعلومات وتخزينها بواسطة أحدث وأخطر ما توصل إليه العلم،
وأنواع األجهزة من حيث التقاط الصور فأصبح انتهاك الحياة الخاصة في كل المجاالت بمختل
في المعلومات والصور. ونقلها والتسمع والتسجيل ،بل حتى إلى التحري
اهتمت غالبية النظم القانونية المقارنة بحماية الحياة الخاصة في البداية بواسطة القانون
الم دني ،ويعد القانون الفرنسي أبرز نظام مقارن نظم حماية نوعية مباشرة للحياة الخاصة إلى جانب
الحماية غير المباشرة المنصوص عليها في نصوص القانون المدني والجزائي على حد السواء،
وهو النظام الذي أخذ عنه المشرع المصري ،واقتبس منه المشرع الجزائري حين اعتمدا الحماية
غير المباشرة لهذا الحق من خالل نصوص القانون المدني والجزائي.
كما كانت مساهمة القضاء الفرنسي فعالة في ردع كل مساس بحرمة الحياة الخاصة ،حيث أن
أغلب دعاوى المسؤولية المدنية المتعلقة بحماية الحياة الخاصة في السابق ترتكز على االجتهاد
القضائي إلى غاية صدور قانون 91جويلية 9111المتعلق بتدعيم حقوق المواطينن ،الذي اعتر
9
حماية الحياة الخاصة للعامل
المشرع الفرنسي من خالله بحماية نوعية لها ،حيث أصبحت الفقرة األولى من المادة التاسعة من
القانون المدني الفرنسي تنص على أنه «لكل فرد الحق في احترام حياته الخاصة ».
بدوره التشريع المصري أقر حماية قانونية للحياة الخاصة من خالل إدارجه سنة 9119إلى
جانب المواد التقليدية في قانون العقوبات مواد أخرى تسعى إلى حماية الحقوق اللصيقة بالشخصية،
لعل أهمها المادتين 311مكرر و 311مكرر 9التي تضمنتا حماية الحياة الخاصة عند التقاط
صورة ،أواستراق السمع أو تسجيل أو نقل لمحادثات جرت في مكان خاص ،أو التقاط أو نقل
صورة شخص في مكان خاص عن طريق أي جهاز من األجهزة ،كما شددت على معاقبة كل
في استعمال سلطة وظيفته. عام يرتكب األفعال المذكورة استنادا إلى اإلنحرا موظ
أما التشريع الجزائري فقد أولى الحق في الحياة الخاصة أهمية بالغة ،وأضفى عليه نوعا من
القدسية ،وذلك من خالل النص عليه عبر كافة الدساتير المتعاقبة ،بداية بدستور 9193والذي نص
في المادة 94منه على أنه «ال يجوز اإلعتداء على حرمة المسكن ،ويضمن حفظ سر المراسلة
بذلك صراحة من خالل المادة 41التي جاء لجميع المواطنين» ،ثم جاء دستور 9119ليعتر
نصها « ال يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة وال شرفه ،والقانون يصونها وسرية
المراسالت والمواصالت الخاصة بكل أشكالها مضمونة» ،وهو نفس المعنى والسياق التي داولته
الدساتير الالحقة ،كما ورد تعديل المادة 34من دستور 9119في نفس السياق ،وبعد أن كانت
بدني أو معنوي الدولة تضمن تحت إطار الحياة الخاصة عدم انتهاك حرمة االنسان ضد أي عن
المشرع عبارة أو "أي مساس بالكرامة". أضا
تجسد حرص المشرع الجزائري في إقرار الحق في الحياة الخاصة وتوفير الحماية الفعالة له
من خالل المادة من خالل النصوص القانونية الجديدة ،بداية بقانون العقوبات 23/19الذي اعتر
313مكرر بأهم مظهرين يقوم عليهما وهما الحديث والصورة وحدد اشكال االعتداء عليهما
التعديل الجديد لقانون اإلجراءات الجزائية 22/19الحاالت التي والعقوبات المقررة لذلك ،وأضا
تقتضي المساس بهذا الحق وقيود ممارسته كاعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط
الصور ،وكذا شرعية مراقبة المكالمات واألحاديث الخاصة.
ال يحتوي القانون المدني الجزائري على أي نص صريح وخاص يحمي الحياة الخاصة ،حيث
أورد المشرع الجزائري نصا عاما مطابقا في الصياغة اللفظية للنص المدني المصري المتمثل في
المادة 31من القانون المدني المصري بشأن حماية الحقوق اللصيقة بالشخصية ،إذ نصت المادة 41
من ق.م.ج على أنه «لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة
هذا اإلعتداء والتعويض عما قد يلحقه من ضرر». لشخصيته أن يطلب وق
1
حماية الحياة الخاصة للعامل
لعل أول خطوة خطاها المشرع الجزائري في اتجاه إقراره الحماية للحياة الخاصة في مجال
العمل والتشغيل كانت سنة 2114من خالل تجريمه إفشاء المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة
لطالبي العمل أثناء إصداره للقانون المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل ،حيث نصت المادة
21من هذا القانون على أنه «يعرض إفشاء المعلومات الشخصية التي تمس الحياة الخاصة لطالب
دينار دج ».9 دج إلى 911أل التشغيل مرتكبه لغرامة من 31أل
أمام عدم تعرض قانون 99/11المتعلق بعالقات العمل لحماية الحياة الخاصة لطالبي العمل،
يتضح أن مشروع قانون العمل الجزائري الجديد من خالل نص المادة 313منه قد ألزم وكاالت
التشغيل المعنية بمعالجة المعلومات الشخصية لطالبي العمل بضرورة احترام حياتهم الخاصة،
واتخاذ جميع التدابير الالزمة لحماية بياناتهم الشخصية ،واشترط أن تتعلق المعومات المطلوبة
مبلغ بالمؤهالت واإلعتبا رات المهنية لطالبي العمل ،ونص في المادة 419منه على تضعي
دج لمن يقوم بإفشاء المعلومات الشخصية التي تمس الحياة دج إلى 211أل الغرامة من 911أل
الخاصة لطالب الشغل.
إذا كانت هذه المادة قد نصت على احترام الحياة الخاصة ،فإن حمايتها جاءت قاصرة على
طالبي الشغل الذين يمرون عبر وكاالت التشغيل ،أما إذا تعلق األمر بالعامل أو بمن يطلب الشغل
مباشرة من صاحب العمل فال تنطبق عليه هذه المادة ،كما أقر هذا المشروع أيضا الحماية من
التحرش الجنسي في أماكن العمل في المادة 92والمواد من 39إلى .31
إذا كانت الح ياة الخاصة لإلنسان مهددة على هذا النحو ،فإنَ حياة العامل تصبح أكثر عرضة
لإلنتهاك ،وذلك باعتباره فردا من أفراد المجتمع من جهة ،وباعتباره عامال يرتبط بعقد عمل وعالقة
تبعية تجعله تابعا لصاحب العمل من جهة ثانية ،مما يجعل لهذا األخير الحق في رقابة نشاطه
به ،تلك المراقبة التي قد يبالغ فيها صاحب العمل فينتهك بدلك حرمة الحياة وتنفيذه للعمل المكل
الخاصة للعامل ،سواء داخل المؤسسة أو خارجها ،عبر تقنيات ووسائل متنوعة األشكال والصور،
ومما يزيد األمر خطورة هو دقة هذه المعدات وصغر حجمها ،مما يتيح إمكانية التصوير والتسجيل
بطريقة سريعة وخفية تماما ،ال تخطر على بال الشخص المراقب.
كان للقضاء الفرنسي دور بارز في إقرار الحماية للحياة الخاصة للعامل من خالل قرار
" "Nikonالصادر بتاريخ 2أكتوبر 2119عن محكمة النقض الفرنسية أقرت فيه بأنه يحق للعامل
9قانون رقم 91-14المؤرخ في 23ديسمبر ،2114المتعلق بتنصيب الع َمال ومراقبة التشغَيل ،ج.ر ،عدد ،13الصادرة في
تاريخ .2114/92/29
1
حماية الحياة الخاصة للعامل
حتى في وقت ومكان العمل احت رام حياته الخاصة ،وتوالت بعد ذلك العديد من القضايا المدعمة
لكثير من عناصر الحياة الخاصة للعامل للتي تم انتهاكها من قبل صاحب العمل.
استقرَ القضاء الفرنسي على وجوب الفصل التام بين الحياة المهنية والحياة الخاصة للعامل،
وقد أقر أن كل تسريح للعامل له اتصال بحياته الخاصة يعد تعسفيا ،كما أقر بأنَ العامل رغم
وجوده في مكان ووقت العمل ،إال أنه يحتفظ بذاته كإنسان وبقدر من الخصوصية التي تالزمه في
حتى مكان العمل.
القضاء الفرنسي كان متأرجحا بشأن ممارسة الحرية الدينية للعامل داخل غير أنَ موق
المؤسسة بين المعارضة تارة والتأييد تارة أخرى ،سواء بالنسبة الرتداء الزي الديني كالحجاب
االسالمي داخل أماكن العمل ،أو من خالل تالزم أوقات الصالة مع أوقات العمل ،في حين كان
للقضاء المغربي دور في حماية المعتقدات الدينية باعتبارها أهم عناصر الحق في الحياة الخاصة.
يعد مو ضوع حماية الحياة الخاصة للعامل من أهم الموضوعات التي تستحق الدراسة ،لما له
من ارتباط بمسألتي السرية والحرية ،وتأثير ممارسته على الحياة المهنية للعامل ،واحتماالت تأثرها
الحماية المقرره للعامل سلبا بأمور يفترض بقائها بعيدا عن الجانب المهني للعامل ،ونظرا لضع
في هذا المجال ،حيث يلجأ صاحب العمل إلى مبررات تجدها مصدرها في الحياة الخاصة للعامل
كسبب لتسريحه من العمل وإنهاء عقد عمله.
حيث تتسم عالقة العمل بفقدان لقدر محدد من حريته الشخصية يتمثل في ضرورة خضوعه
ورقابة المهني لصاحب العمل ،فإذا كان عليه االستجابة لمقتضيات التبعية القانونية من إشرا
وتوجيه ،فإنه في إطار هذه التبعية يلتزم بالتخلي عن حريته المطلقة بالقدر الالزم لتنفيذ التزاماته
العقدية ،ومن هنا يتوجب حماية الحياة داخل اإلطار المهني وخارجه.
يعتبر اإلطار المهني للعامل محددا من حيث مكان وزمان العمل ومن حيث نوع العمل
به ،الفاصل بين تعهداته المقيدة له في ظل عالقة عقدية قائمة ،وتبقى مقتضيات مبدأ حسن المكل
النية بالنسبة للعامل التي تتطلب أن يكون تنفيذه اللتزاماته العقدية متفقا مع هذا المبدأ تفرز أبعادا
متميزة في مواجهته كالتزامه بالمحافظة على أسرار صاحب العمل خالل عالقة العمل كما يبقى
قائما كذلك بعد انقضائها ،غير أن قدرة العامل على التمسك بحريته في وأسلوب ممارستها خارج
العمل ال ينبغي أن يصطدم بمبدأ حسن النية الذي يطبع التزاماته المهنية.
في ظل اإلطار المهني فقط المحدد بموجب عقد العمل يمكن إجبار العامل على تقبل القيود
التي يفرضها العقد ،وأما في اإلطار غير المهني ورغم وجود عالقة عقدية قائمة فإن العامل
1
حماية الحياة الخاصة للعامل
يسترجع حريته بالكامل لممارسة حياته الخاصة ،ذلك أن تعاقده يقيد من حريته في إطار حدود مكان
وزمان العمل وأداء العمل المتفق عليه ،بل إن تأثر حياته المهنية بما يحدث خارج إطارها يعد
مساسا بشخصيته وحياته الخاصة ،يتعين على العامل الخضوع لإلطار المهني ومقتضيات عقد
صاحب العمل ورقابته. العمل قبل الدخول فيه ،وممارسة عمله تحت إشرا
أما في غير اإلطار المهني ينتهي التزام العامل بمفرداته زمانيا ومانيا ومن حيث العمل المنوط
حيالها بما يتفق مع توجهاته به ،فيسترد حريته في التعامل مع مفردات حياته المختلفة ،فيتصر
ومعتقداته وسلوكياته ،وتظهر في هذا اإلطار غير المهني قدرته على ممارسة حياته الخاصة كيفما
يشاء ،وأي تدخل من جانب صاحب العمل يعد تعطيال لحريته وكيفية ممارستها.
هذه الممارسات أيا كانت طبيعتها أو اإلطار الذي يمكن نسبتها إليه لتقييمها سلبا أو إيجابا تعني
ممارسة العامل لحريات غير محددة كفلها الدستور والقانون وكذلك المواثيق الدولية ،وبالتالي يحق
له أن يحظى باحترام الغير لها وأن يفرض احترام حريته وكيفية ممارستها في حالة محاولة
للمساس بها.
غير أن الفصل بين الحياة المهنية والحياة غير المهنية للعامل وحرية ممارستهما ليس دائما
باألمر اليسير لعدة أسباب؛ لعل أهمها أن مثل هذا الفصل ليس واضحا وصارما على المستوى
الجماعي لألفراد وتعاملهم مع مسألة الحياة الخاصة و الفكري والثقافي ،فيصعب الزعم بأن الموق
الحرية الفردية يتسم بالتوحد ،كما أن مبدأ احترام الحياة الخاصة وحرية ممارستها ووضوح
الخطوط الحمراء التي ال يجوز تخطيها تعكس درجة من الوعي قد ال تتوافر لدى الجميع بذات
الدرجة.
إذا كنا ال نكاد نعثر بين أحكام القضاء االجتماعي الجزائري لما يشير إلى حماية الحياة
الخاصة للعامل عند تعارضها مع العمل الذي يزاوله ،فإن ذلك ال يعني أن عالقة العمل لدينا ال
مثل هذه النزاعات ،ذلك أن مثل هذا الفراغ ال يمكن تفسيره إال بتردد العمال في طرق باب تعر
القضاء عند المساس بحياتهم الخاصة ،ذلك أن العامل حتى في حالة وعيه بحقوقه قد يتردد في
أي عامل عن الدفاع عنها ،حيث أن خشية فقدان العمل بعد مشقة الحصول عليه كافية لصر
مقاضاة المستخدم والمطالبة بتطبيق القانون.
يرجع سبب اختياري لموضوع حماية الحياة الخاصة للعامل إلى األهمية البالغة التي يكتسيها
هذا الحق سيّما في اآلونة األخيرة في ظل اإلنتشار الواسع والمتطور للوسائل التكنولوجية الحديثة
التي تتسابق المؤسسات االقتصادية في االعتماد عليها في مراقبة العمال ،والمنافسة الشرسة بين
في عالقة العمل في الضعي المؤسسات ،وكذا ألهميته البالغة بالنسبة للعامل باعتباره الطر
91
حماية الحياة الخاصة للعامل
مواجهة صاحب العمل في ظل عصر اجتاحت فيه الوسائل التكنولوجية الحديثة أغلب المؤسسات
االقتصادية سواء العمومية أو الخاصة.
أمام انعدام الحماية القانونية المباشرة لهذا الحق في تشريع العمل الجزائري وال حتى في
النصوص التنظيمية الالحقة له ،وتردد وخشية العمال من رفع أي دعاوى قضائية بخصوص انتهاك
في صفهم في مواجهة سلطات صاحب العمل حرمة حياة الخاصة لهم ،النعدام أي نص قانوني يق
الذي قد يستغل هذه الثغرات القانونية للتمادي في انتهاك هذا الحق ،كان ال بد من إقامة دراسة
مقارنة لهذا الحق ،وما شد انتباهي إلى هذا الموضوع أيضا عدم التعرض له من قبل الفقهاء
معالجته الفقهية والقانونية والقضائية المقارنة ،حيث تركز بعض األنظمة الجزائريين واختال
القانونية في إطار معالجته على تعداد العناصر التي يمكن اعتبارها مشكلة للحياة الخاصة ،بينما
تركز أنظمة قانونية أخرى على صور وحاالت اإلعتداء على هذا الحق.
تمثلت صعوبات البحث في عدم وجود نصوص قانونية في تشريع العمل الجزائري تعنى
بحماية الحياة الخاصة للعامل ،وال حتى في التشريعات االجتماعية العربية ،وكذا انعدام اجتهادات
القضائية في هذا المجال ،وانعدام المراجع الخاصة في التشريع والقضاء والفقه الجزائر سوى
الدراسات والبحوث التي عالجت حماية الحياة الخاصة من الناحية المدنية والجزائية ،كان ال بد من
تسليط الضوء عليه من خالل اإلستعانة بآراء فقهية وتطبيقات قضائية مقارنة ،والتعرض ألهم ما
صدر في القانون والقضاء الفرنسيين في هذا المجال كونهما عالجا الموضوع بالتفصيل ،واإلشارة
إلى الفقه والقضاء االنجلوساكسوني ،وكذا للبحوث العربية في هذا المجال ،وصوال إلى تحديد
المشرع الجزائري لحماية الحق في الحياة الخاصة باالستعانة بنصوص القانون المدني موق
والجزائي.
لموضوع حماية الحياة الخا صة للعامل أهمية بالغة في مجال الدراسات المقارنة ،حيث حظي
الدول األجنبية شأن الدولة بدراسات عديدة من قبل الباحثين والدارسين في القانون في مختل
الفرنسية ،حيث نجد العديد من المؤلفات واألطروحات والمذكرات والبحوث الفرنسية عالجت
بالتفصيل مسألة الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،إلى جانب الفقه المصري الذي سعى إلى
تسليط الضوء على هذا الموضوع ،وإقامة دراسات مقارنة بين التشريع المصري والتشريع الفرنسي
في هذا المجال ،ناهيك عن التشريع والقضاء والفقه المغربي الذي اهتم هو اآلخر ببحث مسالة
حماية حقوق الشخصية في قانون العمل.
يطرح هذا الموضوع بساط البحث على عدة أفكار ،تم اختيار الحلول التي تساعد على توفير
هذه الدارسة أيضا إلى البحث عن حماية شاملة لهذا الحق وتطبيقها على أرض الواقع ،وتهد
99
حماية الحياة الخاصة للعامل
الكيفيات التي يجب أن يتصدى لها القانون الوضعي للدفاع عن الحياة الخاصة بصفة عامة والحياة
الخاصة للعامل بصفة خاصة.
على الجوانب المختلفة للموضوع ،يثير التساؤل حول رسم الحدود ،والبحث عن إن التعر
الضمانات التي تفصل بين حق صاحب العمل في مراقبة تنفيذ العامل للعمل وحسن إدارة مؤسسته
على بعض جوانب الحياة الخاصة من جهة ،وحق العامل الذي يستدعي في بعض األحيان الوقو
في الحفاظ على حياته الخاصة بعيدا عن تدخل صاحب العمل ،وضمان عدم تأثير ذلك على حياته
المهنية من جهة أخرى.
يمكن تحقيق التوازن بين حق العامل إنطالقا مما تقدم فإنَ اإلشكالية الرئيسة تتمثل في :كي
في حماية حياته الخاصة وبين سلطة صاحب العمل في المحافظة على مصالح مؤسسة؟ وهذه
اإلشكالية الرئيسية تتفرع عنها عدة أسئلة جزئية أخرى من بينها؛ إلى أي مدى تتأثر الحياة المهنية
للعامل بحياته الخاصة؟ ما هي مظاهر اإلعتداء على الحياة الخاصة للعامل ،وما هي الضمانات
القانونية الكفيلة بحمايتها؟
عناصر الموضوع ،واإلجابة على اإلشكاليات المطروحة ،فإن محاولة لإللمام بمختل
المنهج دراستنا للموضوع كانت باإلعتماد على المنهج الوصفي ،وكذا المنهج التحليلي ،مع توظي
المقارن ،وذلك من خالل تحليل النصوص القانونية التي عالجت مسألة حماية الحياة الخاصة
األحكام القضائية ذات التشريعات الوضعية ،والتطرق إلى مختل ل لعامل ،بالمقارنة بين مختل
الصلة بالموضوع في التشريعات واإلجتهادات القضائية السباقة إليه ،مع إعطاء قسط من الدراسة
في هذه المقارنة للشريعة اإلسالمية الغراء ،فضال عن دراسة بعض آراء الفقه سواء بالتعليق
على أوجه القصور ،ومدى فعالية النصوص القانونية في تحقيق الحماية المقررة أو النقد ،للوقو
للحق محل الدراسة.
لذلك ارتأينا اعتماد خطة البحث في هذا الموضوع وفقا للتقسيم التالي؛ حيث تم تقسيم
الدراسة إلى بابين تعرضنا في الباب األول لحماية الحياة الخاصة للعامل خارج االطار المهني ،فيما
خصصنا الباب الثاني لحماية الحياة الخاصة للعامل داخل االطار المهني.
يتضمن الباب األول من األطروحة دراسة الحماية غير المباشرة للحياة للعامل في الفصل
األول ،وبحث الحماية المباشرة للحياة الخاصة للعامل في الفصل الثاني منه ،أما الباب الثاني
المعنون بحماية الحياة الخاصة للعامل داخل االطار المهني ،يحتوي هو اآلخر على فصلين ،يتطرق
الفصل األول منه إلى صور حماية الحياة الخاصة للعامل ،أما الفصل الثاني منه فيتعرض إلى
ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل.
92
حماية الحياة الخاصة للعامل
الباب األول
حماية الحياة الخاصة للعامل خارج االطار المهني
ال يقِ ل الحق في الحياة الخاصة أهميةَ عن باقي حقوق اإلنسان األخرى ،إذ يُعتبر هذا الحق
جوهر الحقوق والحريات التي تُشكِل اإلطار الذي يستطيع اإلنسان بداخله أن يمارس حقه في حرمة
حياته الخاصة ،فالبد من توافر هذه الحقوق والحريات الشخصية بصفة عامة حتى يُمكن لإلنسان أن
يتمتع بعد ذلك بخصوصياته وأن يطالب بحماية حقه فيها.
إذا كان الحق في الحياة الخاصة وليد حاجة إنسانية تستوجب اإلحترام ،وتستدعي حماية
القانون التي ينبغي أن تزداد وتتفاعل كلما زادت احتماالت التهديد الذي يتعرض له ،فإنَ العامل
الحماية لحقوقه ،سيَما تلك المتعلقة بحقه في احترام حياته الخاصة، يعاني بصورة خاصة من ضع
في ظل ما يمارس ضِده من تهديدٍ سواء من قبل أفراد المجتمع باعتباره أحد أفراده من جهة،
أوباعتباره عامالً يرتبط بعالقة تبعية تجعله تابعا لصاحب العمل من جهة ثانية ،هذه العالقة التي
به ،مما ينجر عنها المبالغة تفرض رقابة صاحب العامل لنشاط العامل ومدى تنفيذه للعمل المكل
في ممارسة هذه السلطة وانتهاك الحياة الخاصة للعامل.
إن التعارض الواضح بين حق صاحب العمل في ممارسة سلطاته قصد إدارة شؤون
مؤسسته ،وبين حق العامل في احترام حياته الخاصة ،يقتضي بنا بيان حدود حماية الحياة الخاصة
للعامل خارج اإلطار المكاني والزماني للعمل ،على نحو يجعل صاحب العمل مسؤوال عن الحفاظ
على مصالح مؤسسته دون المساس بحرمة الحياة الخاصة للعامل ،وذلك من خالل تحديد مفهوم
الحياة الخاصة للعامل ،وضبط نقاط التقاطع بين الحياة الخاصة والحياة المهنية ،وألجل ذلك سيتم
التطرق الى الحماية غير المباشرة للحياة الخاصة للعامل في (الفصل األول) ،ودراسة الحماية
المباشرة للحياة الخاصة للعامل في (الفصل الثاني).
93
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفصل األول
الحماية غير المباشرة للحياة الخاصة للعامل
العادية على مشاركة ال يُمكن للعامل باعتباره كائناً اجتماعياً أن يبني حياته فى الظرو
الغير التامة فى سائر جوانب حياته في إطار ممارسته لعمله ،فهو بحاجة لالختالء بنفسه ،ويمثل هذا
اإلختِالء حاجة اجتماعية يتم تنظيمها دون تجاهل التركيب النفسي والفسيولوجي للعامل ،ويصبح
بالحق فى الحياة الخاصة ضرورة إنسانية على جانب كبير من األهمية لصالح الحياة اإلعترا
االجتماعية ذاتها.
أمام غياب الحماية الكافية للحياة الخاصة للعامل قد يستغل صاحب العمل ممارسة سلطته في
المتابعة والرَقابة على العامل للتطفل على جوانب خاصة من حياته ال صلة لها بتنفيذ العمل ،مما قد
يكون لها تأثير على عالقة العمل.
تقتضي طبيعة البحث في موضوع حماية الحياة الخاصة للعامل قبل التعرُض ألوجه
االعتداء على الحياة الخاصة للعامل خارج مكان وزمان العمل ،والبحث عن الضمانات القانونية
التي تكفل حق صاحب العمل في مراقبة تنفيذ العامل للعمله ،وحق العامل في الحفاظ على حياته
الخاصة بعيداً عن تدخل صاحب العمل ،التطرق لماهية الحق في الحياة الخاصة وتحديد مضمونه،
هذه الفكرة من صعوبات ،نظراً لما تتسِم به من مرونةٍ ونسبيةٍ وما يشوبها من غموض وما يكتنِ
النظم القانونية والفقه والقضاء حول تحديد مدلول هذا الحق وعدم التحديد ،خاصة أمام اختال
وتبيان عناصره.
هذا ما استدعى البحث عن الحماية غير المباشرة للحياة الخاصة للعامل ،باعتبار أن المشرع
الجزائري لم ينظم حماية الحياة الخاصة للعامل بصفة مستقلة من جهة ،كما أنه لم يتعرض إلى
حماية نوعية لهذا الحق من جهة أخرى بل أورد بعض العناصر المرتبطة به بصفة وثيقة ،وهذا ما
سنحاول التطرق إليه من خالل تحديد ماهية الحياة الخاصة في (المبحث األول) ،ثم التطرق إلى
اإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل في (المبحث الثاني).
المبحث االول
مـاهيـة الحيـاة الخـاصـة للعـامـل
إنَ التقديم للحياة الخاصة وتحديد ماهيتها بين الحقوق والحريات ،يقتضي اإلفصاح عن
عند أهم عناصرها ،وإذا ما أفصحنا عن مفهومها وعناصرها ،فإنَ الطريق مفهومها ،والوقو
على المكانة التي كفلتها لها الوثائق الدستورية والقوانين الوضعية. حينئذ يكون مُمهدًا للتعرُ
94
حماية الحياة الخاصة للعامل
الحق في الحياة الخاصة ،وعدم إيجاد تحديد عام لهذا استقر غالبية الفقه على صعوبة تعري
لفكرة المصطلح يتناسب واإلستعمال القانوني ،ويتجنب القضاء غالبا هو اآلخر عن إعطاء تعري
غامضة الحدود والمعالم ،ومن تم يكتفي بأن يبحث كل حالة على حده ،محاوالً إيجاد العالج
المناسب والحماية الكاملة دون اإللتزام بأحكام وقواعد سابقة.
ترجع صعوبة بيان ماهية هذا الحق إلى أنَ التشريعات التي تضمنت حمايته لم تضع تعريفا
له ،ولم يتفق الفقه على تحديد مدلوله مما زاد صعوبة ذلك ،وقد تتداخل مسألة الحق في الحياة
الخاصة في أمور أخرى تتشابه معها ،مما يعني أنها مرآة عاكسة لنواحي كثيرة من حياة االنسان.9
هذا ينجم عن تحديد مفهوم حق اإلنسان في حرمة حياته الخاصة مواجهة مشكلة تعري
الفقه والقضاء المقارن بصددها حتى أن اإلتجاه الحق ،وهذه المسألة من أدق المسائل التي اختل
العام اآلن ينتهي إلى أن وضع تعريفاً محدداً لها ليس بذي أهمية ،ويفضل أن يترك أمر هذا التحديد
والعادات والتقاليد التي توجد في كل مجتمع ،وما قد يلحق بها من للقضاء يقضي به تبعا للظرو
تطور وتغيير.2
الزمان باختال إنَ الحق في الحياة الخاصة حق نسبي وما يدخل في نطاقه أمور تختل
والمكان والشعوب والمجال القانوني ،على ضوء ما تقدم نقسم دراستنا في هذا المبحث إلى مطلبين
الحق في الحياة الخاصة ،فيما نتعرض في المطلب الثاني إلى نخصص المطلب األول لتعري
عناصر هذا الحق.
المطلب االول
تـعـــريــف الحـيــاة الخــاصــة
رغم أنَ كال من التشريعين الجزائري والفرنسي على غرار باقي التشريعات يتخذان من
الحياة الخاصة مرجعا لحماية حرمتها ،فهما لم يعرفا مفهوم هذه العبارة ولم يحددا طبيعتها القانونية،
ومن خالل اإلطالع على القانون الجزائري الصادر في 23ديسمبر 2114المتعلق بتنصيب العمَال
ومراقبة التشغَيل ،3يتضح أنه قد أدخل في التشريع عبارة "الحياة الخاصة" ،لكنه لم يعط أي تعري
9
RAVANAS (J), La protection des personnes contre la réalisation et la publication de leur image, LGDJ,
Paris, 1918, p 128 et suite.
2
يوسف أحمد علي السيد علي ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة ،دار النهضة المصرية ،القاهرة ،9113 ،ص.4
3قانون رقم 91-14المؤرخ في 23ديسمبر ،2114المتعلق بتنصيب الع َمال ومراقبة التشغَيل ،ج.ر ،عدد ،13الصادرة في
تاريخ .2114/92/29
93
حماية الحياة الخاصة للعامل
على أي مدلول لها في مناقشات أعضاء البرلمان الجزائري بغرفتيه ،ويرجع هذا لها ،كما ال نق
السكوت إلى الطبيعة المعقدة لهذه العبارة.9
لعبارة الحياة الخاصة من خالل يعتبر القانون الفرنسي السبّاق إلى السُكوت عن وضع تعري
النص عليها في المادة 33من قانون 21جويلية 9119المتعلق بحرية الصحافة ،عندما نصّ على
عدم قبول الدليل إلثبات صحة الوقائع التي تعني الحياة الخاصة.2
كما أنه بالرجوع إلى األعمال التحضيرية للصياغة األولى لقانون العقوبات الفرنسي رقم -11
943المؤرخ في 91جولية ،3 9111عندما أورد النص على حماية حرمة الحياة الخاصة في
المادة 391وما يليها ،نرى أنَ النواب قد استعملوا مصطلح" :الحياة الخاصة" دون أن يعطوه تعريفاً
تشريعي لمفهوم الحياة الخاصة. واضحاً ،4بل أنّهم لم يشيروا حتى إلى مسألة غياب تعري
الحياة الخاصة إلى يرجع سبب عدم تركيز أعضاء البرلمان الفرنسي على موضوع تعري
"المكان الخاص"لما أولوه له من أهمية آنذاك ،وأمام هذا انشغالهم بالدرجة األولى بمسألة تعري
الحياة الخاصة ،يكون من الضروري اللجوء إلى كل من الفقه والقضاء الفراغ التشريعي لتعري
لدراسة اإلقتراحات التي وضعاها من أجل تحديد هذه العبارة المعقدة.
الفرع االول
التعريفات الفقهية للحياة الخاصة
الحق 3ذاته، الحق في الحياة الخاصة مثلما اختلفوا في تعري الفقهاء في تعري اختل
وامتنع أغلب المشرعون عن تعريفه مثل المشرع الفرنسي ،وسايره في ذلك كل من المشرع
هذا الحق من أدق األمور التي تثير الجدل في الفقه المصري والجزائري ،9و ال يزال تعري
األقطار باختال والقانون المقارن ،بحكم مرونة وعدم ثبات فكرة الحياة الخاصة ،إذ أنها ال تختل
األفراد أنفسهم بحسب أعمارهم وشخصياتهم. فحسب ،بل باختال
9موقع المجلس الشعبي الوطني ،www.apn.dz :وموقع مجلس األمة ،www.majlisseloumma.dz :تـاريخ اإلطالع:
.2012 /11/ 21
2نويري عبد العزيز ،الحماية الجزائية للحياة الخاصة ،أطروحة دكتوراه تخصص قانون جنائي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية
جامعة باتنة ،السنة الجامعية ،2199-2191ص .32
3
Loi n° 70-643 du 17 juillet 1970 tendant à renforcer la garantie des droits individuels des citoyens, J.O 19
Juillet 1970.
4
Ass, Nat, Française, Session ordinaire 1986-1970, p 11.
3حسام الدين كامل األهواني ،أصول القانون ،دار النهضة العربية ،مصر ،9111،ص ، 31أيضا نبيل سعد ،المدخل إلى
القانون ،نظرية الحق ،الجزء الثاني ،دار المعرفة الجامعية ،االسكندرية ،2111 ،ص .39
9تفاصيل هذا الموضوع في المبحث الثاني من هذا الباب الخاص باإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل.
99
حماية الحياة الخاصة للعامل
محدد للحق في الحياة الخاصة ال تجدر اإلشارة أن الصعوبات التي تحول دون وضع تعري
تمنع من أن نلمس بعض األسس التي يمكن اإلعتماد عليها في تحديد المقصود من هذا الحق من
جهة ،وإيجاد طريق فاصل بين فكرة حرمة الحياة الخاصة واألمور المتشابهة معها من جهة أخرى
للوصول إلى تحديد هذا الحق ،وبدورها التشريعات التي نصت صراحة على الحق في الحياة
له تاركة بذلك المجال أمام الفقه لمحاولة تحديد مدلول هذا الحق، الخاصة ،لم تقم بإعطاء تعري
وظهر بهذا الصدد اتجهان رئيسيان أحدهما يضع تعريفاً سلبياً ،واآلخر يرتكز على التعري
اإليجابي للحياة الخاصة.
السلبي للحياة الخاصة أوال :التعري
الحياة الحياة الخاصة بطريقة سلبية ،وذلك من خالل تعري لجأ فريق من الفقه إلى تعري
العامة وتحديد نطاقها ،من رواده الفقهاء ( BADINTERو ،) MARTINوفقاً لهذا اإلتجاه فإنّ الحياة
الخاصة هي كل ما ال يعدُ من قبيلِ الحياة العامة ،9وبالتالي يكون الحق في الحياة الخاصة هو الحق
في الحياة غير العلنية أو غير العامة.2
السلبي يعطي األولوية للحياة الخاصة ويحرص على حمايتها من التطفل ،فال هذا التعري
يسمح للغير باإلطالع سوى على الجانب العام من حياتـه وبصفـة استثنائية فـقط ،3ممّا يـفيد أنَ
األصل هو حظر المساس بالحياة الخاصة ،وال يسمح إالَ بالتعرض للحياة العامة.4
الدول لبيان ماهية الحياة السلبي ونظراً لعدم تعرُض المشرعين في مختل طبقاً للتعري
الخاصة ،تقتضي الضرورة التطرق لها بطريقة عكسية للوصول للحد الفاصل بين الحياة العامة
االتجاهات الفقهية التي حاولت وضع والحياة الخاصة ،وفي هذا الصدد البد من التعرض لمختل
معايير يتم على ضوئها الفصل بين النوعين من الحياة وأهمها معيار المكان ،و معيار مضمون
الحياة العامة.
9
BADINTER (R), Le droit au respect de la vie privée , J.C.P ,France, 1968, p12, et « La protection de la vie
privée contre l’écoute électronique clandestine », J.C.P, France, 1971, p435.
2علي أحمد عبد الزغبي ،حق الخصوصية في القانون الجنائي ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،الموسوعة الحديثة للكتاب ،لبنان،
،2119ص .932
3
MARTIN (L), Le secret de la vie privée, RTD, Civ,France,9113, p 229.
4سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن ،حق االنسان في حرمة مراسالته واتصاالته الهاتفية الخاصة في النظام الجنائي
السعودي ،رسالة ماجيستر تخصص سياسة جنائية ،كليات الدراسات العليا ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،المملكة العربية
السعودية ،2113 ،ص .39
91
حماية الحياة الخاصة للعامل
-1معيار المكان
حسب هذا اإلتجاه ،تتحدد دائرة الحياة العامة للشخص باتصاله باآلخرين في المجتمع لعدة
المجاالت االقتصادية أسباب ،لعلَ أهمها يتمثل في نشاطه المهني العام تجاه المجتمع في مختل
أو االجتماعية أو السياسية ،وأيضا شهرته أو نشاطه المهني الخاص كأن يكون مطربا مشهورا
أو رساما معروفا أو عالما قديرا ،كما قد يتهم الشخص أو يحكم عليه في قضية جنائية مما يؤدي
عن حياته الخاصة وتعريضها لتطفل اآلخرين. إلى الكش
في هذه الحاالت كلها ،طالما أنَ اإلنسان يتصل بالغير في ممارسة نشاطاته العامة المختلفة في
مكان تكون فيه حياته مكشوفة للغير ،فال يجوز أن يتضرر من نشر هذا الجانب من حياته ،ألنه
يدخل في نطاق حياته العامة وليس الخاصة.9
الحياة العامة حسب هذا اإلتجاه هي تلك الحياة التي يمارسها الفرد وهو خارج منزله ،سواء
كان في حياته مع المجتمع ،أو تلك التي يمارسها في المهنة أو العمل ،وذلك ألن النشاط العام للفرد
أحد رواد هذا المذهب وهو الفقيه ()MARTIN يجري في العادة خارج األماكن الخاصة ،2وعر
الحياة العامة على أنها «الحياة االجتماعية للشخص والتي بمناسبتها يدخل عادة في عالقات مع غيره
من الناس ،فهي حياته الخارجية أي خارج باب منزله» ،3ويدخل ضمن هذا المفهوم النشاط العلني
المهني والحرفي و الوظيفي للشخص.
أثبت الواقع العلمي رغم دقة ووضوح هذا المعيار الى عدم إمكانية األخذ به بصفة مطلقة،
ألنه يبقى مرناً وغير محدَد ،فعلى سبيل المثال لو أخذنا بهذا المعيار فإن حماية القانون ال تمتد الى
األحاديث الخاصة التي يتم إجراؤها في األماكن العامة.
المحكمة الفيدرالية األمريكية قد عدلت عن األخذ بهذا المعيار منذ عام ،9194إذ قضت بأنّ
الحماية الدستورية تنطبق على الحديث الشخصي بغضِ النظر عن المكان الذي جرى فيه الحديث،
أمَا في فرنسا فقد قًضي باعتبار الحديث خاصاً حتى ولو جرى في مكان عام ،4أمام صعوبة األخذ
شامل للحياة العامة استناداً إلى معيار معين ،بل بهذه المعايير ،امتنع البعض عن وضع تعري
ينظر إلى هذه الحياة من خالل ما تحتويه من عناصر أي مضمونها.
9صفية بشاتن ،الحماية القانونية للحياة الخاصة ،أطروحة دكتوراه تخصص القانون ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مولود
معمري ،تيزي وزو ،الجزائر ، 2192 ،ص .14
2سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن ،مرجع سابق ص .39
3
MARTIN (L), op.cit, p 230.
4عصام أحمد البهجي ،حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية المدنية ،دار الجامعة للنشر
اإلسكندرية 2113 ،ص 43و .44
91
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
MARTIN (L), op.cit, p 230.
2
محمود خليل بحر ،حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي ،دراسة مقارنة ،مكتبة دار الثقافة ،القاهرة ،9112 ،ص .919
3
T.G.I. Seine 24 Nov.1965, J.C.P. 1966-2-1452- Paris, 27 Fév.1976. p230.
4
Citer par : MEZGHANI Nébila, La protection civile de la vie privée, Thèse de Doctorat d’état Université de
droit, Paris, 1976, p 47.
91
حماية الحياة الخاصة للعامل
أما المعيار الثاني للحياة العامة فيشمل ما يتمتع به الشَخص من شهرة ونشاط مهني ،ويبدو أنَ
باريس في القضاء الفرنسي كثيراً ما استجاب إلى مثل هذه الحاالت ،حيث ميزت محكمة استئنا
هذه القضية بين الحياة العامة للشَخص العادي والحياة العامة للرَسام المشهور ،واتخذت من الشَهرة
سبباً إلتساع الحياة العامة لصاحبها على حساب حياته الخاصة ،وبالتالي فكل ما يكون من الجائز
نشره للنَاس من نشاط الشَخص أو أحواله إلتصاله بحياتهم أو إلنكشافه أمامهم ،يعتبر من الحياة
العامة وما عدا ذلك فهو من الحياة الخاصة.9
-2-2أوقات الفراغ
قد يقضي الفرد أوقات فراغه في مكان خاص بعيداً عن أعين المتطفلين ،كما قد يقضيها في
أماكن عامة ،عندما يمارس نشاطات علنية مكشوفة لمن يحيطون به ،كالمشاركة في مشاهدة
مسرحية أو مباراة رياضية ،و هنا يثار اإلشكال حول ما إذا كانت هذه النشاطات األخيرة تدخل في
نطاق الحياة الخاصة ،أم أنها تدخل في نطاق الحياة العامة.
في هذا الصدد يذهب اتجاه فقهي من رواده (حسام الدين االهواني ،عصام أحمد البهجي) إلى
القول بأنّه ال ينبغي الربط بين المكان العام والحياة العامة 2بدعوى أنّ الخصوصية تتوافر رغم
التواجد في مكان عام ،3في حين يذهب اتجاه فقهي آخر من أنصاره (مموح خليل بحر،
)BERTRANDإلى القول بأنّ " كل ما يدور في المكان العام هو من صميم الحياة العامة" ،4باعتبار
أنّ األنشطة التي يمارسها الشخص لقضاء أوقات فراغه بصفة علنية ال يمكن اإلدعاء بسريتها.3
9محمود عبد الرحمن مح مد ،نطاق الحق في الحياة الخاصة ،دراسة مقارنة في القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية ،دار النهضة
العربية ،القاهرة ،9119 ،ص .919
2يضيف هذا االتجاه الفقهي أن الشخص إذا قضى وقت فراغه في مكان عام فإنه يبحث مع ذلك عن الهدوء والخلوة إلى نفسه ،فمن
يوجد في وسط ال يعرفه فيه أحد" ،يكون وحيدا مع نفسه" ،على حد تعبير االستاذ حسام الدين االهواني" ،الحق في الخصوصية في
القانون الفرنسي" ،بحث مقدم لمؤتمر الحق في الحياة الخاصة ،باألسكندرية - ،مشار إليه سابقا -ص .3
3عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .49
4ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص .911
3
Voir également : T.G.I, Paris, 1ere ch. Civ, 26 Fév.1993, Gaz. Pal, 1994-2- somme 803; également :
l’excellente analyse faite sur la vie privée et publique par Mr André BERTRAND, OP.cit, p 22 à 46. Enfin, il
est impératif de mentionner l’avis de trois des ténors du droit Français qui comparant les domaines de la vie
privée st publique écrivent que « force est néanmoins de constater qu’il n’est pas toujours facile de tracer la
ligne de partage entre les deux vies, le domaine de ce qui est privé ayant tendance à se restreindre lorsqu’il y
a notoriété de certain fait ou lorsqu’il s’agit de personnages historique »; CAPIANT (H), TERRE (F) et
LEQUETTE (Y), Les grands arrêts la jurisprudence civile, T.1, introduction – personnes – famille, 12éme éd,
Dalloz, 2007, p159.
21
حماية الحياة الخاصة للعامل
يخلص هذا الرأي إلى أن قضاء وقت الفراغ في مكان عام يدخل في نطاق الحياة العامة ،9إالّ
إذا اتخذ الشخص وسائل تثبت رغبته في أن يكون في حالة خاصة وال يُسمح للغير بالتدخل في
خصوصيته ،ولقاضي الموضوع أن يبحث في مدى اعتبار هذه الحالة تدخل ضمن الحياة الخاصة
القرائن. أو العامة على اختال
- 3- 2التعامل مع السلطات العامة
هناك من األعمال من يمارسها الشخص أثناء تعامله مع السلطات العامة أو مشاركته في إدارة
المجتمع الذي ينتمي إليه ،كممارسة العملية االنتخابية ،أو الخدمة العسكرية ،2فإنّها تتمتع بحرمة
الحياة الخاصة بل تعتبر جزءاً من الحياة العامة ألنّها تمارس علناً أمام أنظار وأسماع الجميع.
مما الشك فيه أن المسألة تزداد تعقيداً لو سلمنا بهذه المعايير ،بسبب اتساع نطاق الحياة
العامة وطغيانه على جانب الحياة الخاصة لإلنسان ،وصعوبة وضع حدود للحياة العامة لشدة
اإلرتباط والتداخل بين النمطين من الحياة الخاصة والعامة ،3يتضح مما تقدم أنَ كل هذه التعريفات
في مظهرها السلبي ،لم تفلح في إعطاء مفهوم عام للحق في الحياة الخاصة ،مما دفع جانب من
إيجابي للحياة الخاصة. الفقه إلى البحث عن تعري
اإليجابي للحياة الخاصة ثانيا :التعري
هذا االتجاه من الفقه ،نجد البعض 4منه قد وسّع في مضمون الحياة عند البحث في موق
من الخاصة إلى درجة الخلط بينها وبين فكرة الحرية ،في حين عمل البعض اآلخر 3على التضيي
مفهومها وفضّل ربطها بأفكار معينة تتمثل في السرية ،السكينة واأللفة.9
الواسع للحياة الخاصة - 1التعري
9
BADINTER (R), Le droit au respect de la vie privée, op.cit, p12.
2
Voir NERSON Roger, Jurisprudence Française en matière de droit civil, Rev. Trim. dr. Civ. 1987, N° 1 et
2, p 364, NERSON (R) observe que la vie publique est pour chacun de nous la part de notre vie que se
déroule nécessairement en présence du public, notre participation publique à la vie de la cité.
3
في هذا الصدد يرى االستاذ Lucien MARTINصعوبة وضع حد فاصل بين النوعين من الحياة حيث يصرح أنه:
« Il nous apparaît impossible de savoir quand commence la vie privée et quand finit la vie publique
puisqu’elles sont si solidement liées l’une à l’autre qu’il est pratiquement impossible de les
séparer ».MARTIN (L), op.cit, p 227.
4من بين فقهاء هذا االتجاه في الفقه الفرنسي نذكر Jean CARBONNIER , Pierre KAYSER , Roger NERSON ( :
،) Robert BADINTERوفي الفقه العربي أمثال ( :محمد عبد العظيم محمد ،ممدوح خليل بحر ،وأحمد فتحي سرور).
3من بين مؤيدي هذا االتجاه الفقهي ( :آدم عبد البديع آدم ،ابراهيم عيد نايل)
9ابراهيم عيد نايل ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في قانون العقوبات الفرنسي ،دار النهضة العربية ،2111 ،القاهرة،ص
.49
29
حماية الحياة الخاصة للعامل
إن الصورة ال واسعة التي اختارها بعض الفقه وكذا بعض المنظمات والهيئات الدولية لتعري
الحق في الحياة الخاصة أدت إلى الخلط والدمج بين هذه الحياة والحرية ،ومن أهم التعريفات التي
قيل بها استنادا إلى فكرة الحرية كمعيار لتحديد مدلول الحق في الحياة الخاصة بمعناها الواسع،
معهد القانون األمريكي والذي أخذ به جانب من الفقه األمريكي والذي مفاده أن "كل شخص تعري
ينتهك بصورة جدية ،وبدون وجه حق ،حق شخص آخر في أال تصل أموره وأحواله إلى علم
الغير ،وأالً تكون صورته عرضة ألنظار الجمهور ،يعتبر مسؤوال أمام المعتدى عليه".9
صدى كبير لدى جانب معتبر من الفقه و أخذت به بعض المؤتمرات لقي هذا التعري
مؤتمر دول الشمال (الدول اإلسكندينافية) بأنه "حق الشخص في أن نتركه الدولية ،حيث عر
يعيش وحده ،يعيش الحياة التي يرتضيها مع أدنى حد من التدخل في جانب الغير".2
فريق من الفقه األمريكي الح ق في الحياة الخاصة بأنه "الحق في الخلوة" ويعرفها ُيعر
آخرون بأنها رغبة الفرد في الوحدة واأللفة والتخفي والتحفظ ،3ويعرفها الفقيه األمريكي
" "Shattuckبقوله « الحياة الخاصة تعني أن يعيش المرء كما يحلو له أن يعيش على مرأى من
الناس ح َر في ارتداء ما يراه مناسب ،وح َر في أن يظهر بهيئة تتميز بها شخصيته ».4
الحياة الخاصة تعريفاً واسعاً أما في الفقه الفرنسي نجد عيِنة من الفقهاء ذهبت إلى تعري
بأنها حرمة الحياة العائلية والشخصية والداخلية والروحية لإلنسان عندما يعيش وراء بابه المغلق،
وقال البعض اآلخر بأن هذا الحق يعني الحق في استبعاد اآلخرين من حرمة الحياة الخاصة ،و حق
اإلنسان في احترام طبيعته الشخصية.3
الحق في الحياة الخاصة بأنه "حق الشخص في أن الفقيه الفرنسي ( )Carbonnierيعر
يترك في هدوء وسكينة ،باعتبار أنه يكون لكل انسان نطاقاً من الحياة يجب أن يكون خاصاً به
ومقصوراً عليه ،بحيث ال يجوز للغير أن يدخل إليه دون إذنه ،والخلوة قد تكون بأن يبتعد الفرد عن
المجتمع ويعيش وحده فترة من الوقت ،9فيما يرى فقيه آخر أن الحياة الخاصة هي "مجموع الحاالت
واألعمال واألدوار الصادرة عن الفرد بحرية والتي ال تربطه بأي التزام في مواجهة اآلخرين".1
9حسام الدين كامل االهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،9111 ،القاهرة ،ص.211
2مروك نصر الدين ،الحق في الخصوصية ،موسوعة الفكر القانوني ،العدد الثاني ،الجزائر ،بدون سنة ،ص.99
3
MISCHEL James, Privacy and human rights, darmouth, États-Unis, 1994, P2.
4
SHATTUCK (J.H.F), Privacy and freedom, Atheneum, New-york, 1967, p7.
3أحمد فتحي سرور ،الحق في حرمة الحياة الخاصة ،مجلة القانون واالقتصاد ،العدد ،9114 ،34ص 211.
9
CARBONNIER (J), Droit civil: Introduction, les personnes, la famille, l’enfant, le couple, Vo. 1, P.U.F,
coll. « Quadrige », France, 2004, p 450.
1
DIDIER Ferrier, La protection de la vie privée, Thèse de Doctorat en droit, université des sciences social,
Toulouse,France, 1973, p12.
22
حماية الحياة الخاصة للعامل
كما يُعرفها الفقيه نارسون « أنّ لكل إنسان نطاق من الحياة يجب أن يكون خاصاً به
آخرله أنها في مؤلـ ومقصوراً عليه ،بحيث ال يجوز للغير أن يدخل إليه إال بإذنه » ،9ويضي
« األسرار التي يحتفظ بها صاحبا وتتعلق بصفة أساسية بحقوق شخصية إذ أن الحق في الحياة
الخاصة يقع في دائرة حقوق الشخصية وإن كان ال يشملها كلَها».2
فيما يرى فقيه آخر في نفس السياق بأن الحق في الحياة الخاصة وحقوق الشخصية يمكن أن
يتطابقا لتقريريهما حق الشخص في اسمه وشرفه واعتباره ومراسالته واتصاالته وحياته المهنية
ل ما من شأنه التأثير على حياته الشخصية.3
والعائلية ،وك َ
يرى أغلب الفقهاء الفرنسيين أن حقوق الشخصية هي ركيزة الحياة الخاصة ،هناك من يوسع
في دائراتها إلى حد المغاالة فيها نوعاً ما وهناك من يحددها بصفة معقولة ،وتترك السلطة التقديرية
للقضاء في إيجاد الحلول المناسبة حسب كل حالة.
الفقه المصري فقد مال هو األخير إلى تحديد الحق في الحياة الخاصة وفقاً أما عن موق
لمفهوم الحرية ،فعرّفها أحدهم بأنها «حق الفرد في أن يحدد لنفسه مدى مشاركة اآلخرين له في
أفكاره وسلوكه إلى جانب الوقائع المتعلقة بحياته الشخصية ،وهو حق طبيعي وأساسي في مواجهة
الدولة واألفراد ،لضمان كرامة الفرد وحريته في تحديد مصيره».4
في حين يرى فقيه آخر أن الحياة الخاصة هي « :قيادة اإلنسان لذاته في الكون المادي
حرمتها المحيط به في المجالين الجسدي والنفسي » ،ثم يستطرد بعد تعريفه للحياة الخاصة فيعر
بأنها «السياج الواقي لتلك الحياة من قيود ترد دون مبرر على حرية مباشرتها ومن أضرار تصيب
دون رأي صاحبها من وراء هذه المباشرة».3
كما يؤكد فقيه آخر على ارتباط الحق في الحياة الخاصة بالحرية ،فباسم حرية الفرد يتم
«احترام حياتـه الخاصة وصون كـرامته واحترام آدميته فـال يتطفل عليه متطفل فيما يرغب في
االحتفاظ به لنفسه ».9
9
NARSON (R), La protection de la vie privée en droit positif Français, Revue internationale de droit
comparé, France, 1971, p 739.
2
NERSON (R), La protection de l’intimité, Journal des tribunaux, Bruxelles, Belgique, 1979, p713.
3
MALHERBE (J), La vie privée et le droit moderne , journal des notaires et des avocats, Paris, 1976, p 8.
4محمد عبد العظيم محمد ،حرمة الحياة الخاصة في ظل التطور العلمي الحديث ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة القاهرة،
،9111ص 493.
3رمسيس ينهام ،نطاق الحق في حرمة الحياة الخاصة ،بحث مقدم لمؤتمر الحق في الحياة الخاصة المنعقد في كلية الحقوق جامعة
االسكندرية من 4إلى 9جانفي ،9111ص 9و .2
9ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص 1و 91.
23
حماية الحياة الخاصة للعامل
في هذا الشأن يعتبر األستاذ أحمد فتحي سرور أنّ الحق في الحياة الخاصة له وجهان
متالزمان هما حرية حرمة الحياة الخاصة وسريتها فيرى «أن حرمة الحياة الخاصة هي قطعة
غالية من كيان اإلنسان ال يمكن انتزاعها منه وإال تحول إلى أداة صماء عاجزة عن القدرة على
االبداع اإلنساني ،فاإلنسان بحكم طبيعته له أسراره الشخصية ،ومشاعره الذاتية ،وخصائصه
المتميزة ،وال يمكن لإلنسان أن يتمتع بهذه المالمح إال في مناخ يحفظها ويهيئ لها سبيل البقاء».
الحق في من بين آراء الفقه المصري أيضا رأي االستاذ نعيم عطية حيث يُعر
الخصوصية بأنه « :حق الفرد في عدم مالحقة االخرين له في حرمة حياته الخاصة ،وإذا جاء
الحرية بأنها حق الفرد في آن يترك وشأنه ،فإنَ حق الفرد في أن ينسحب انسحابا اختياريا تعري
ومؤقتا بجسمه أو فكره من الحياة االجتماعية هو حقه في الخصوصية».9
الحياة الخاصة في الفقه المصري تأخذ بعين اإلعتبار إنَ أغلب اآلراء التي قيلت في تعري
واألخالق السائدة في المجتمع العربي ،وأثناء انعقاد مؤتمر "الحق في الحياة التقاليد واألعرا
للحق في الحياة الخاصة الخاصة" بكلية الحقوق ج امعة االسكندرية أقرَ الفقهاء في توصياتهم تعري
بأنه « :حق الشخص بأن يحترم الغير كل ما يعد من خصوصياته ،مادية كانت أو معنوية ،أم
تعلقت بحرياته ،على أن يتحدد ذلك بمعيار الشخص العادي وفقا للعادات والتقاليد والنظام القانوني
القائم في المجتمع ومبادئ الشريعة اإلسالمية».2
أمام غياب آراء فقهية في الجزائر حول موضوع الحق في الحياة الخاصة ،نرى ضرورة
تدخلها لوضع إطار لهذا الحق يترك فيه للفرد الحرية الالزمة ،يظهر من خاللها إرادته في اختيار
نمط عيش خاص خارج النمط اإلجتماعي يراه مناسباً له ،يمكنه من الخلوة تحقيقا لقسط من الراحة
النفسية سواء شاركه في جمع من األفراد كما هو شأن العامل أثناء فترات الراحة ،هذا النمط الذي
يتبناه الفرد سواء بصفة مؤقتة أو بصفة دائمة يمتنع على الكافة أفراداً كانوا أو سلطات التدخل فيه
واختراقه دون إذن منه طالما بقي هو في إطاره محترما للشرع والقانون.
كما أنَ للفرد عموما والعامل خصوصا ضرورة ماسة وحيوية بأن يختلط بالجماعة كممارسة
عمل أو مهنة ما تحقق له انسجام وراحة اجتماعية ،وبالمقابل وللغرض نفسه تظهر الضرورة
الحيوية ألن ينعزل ويبتعد عن الضغوط وال سيما النفسية ،من هذا المنظور وفقط يكون حقه المطلق
في حرمة حياة خاصة تقتضي حماية شرعية وقانونية كاملة وواجبة.
24
حماية الحياة الخاصة للعامل
السابقة أنها توسع دائرة الحق في الحياة الخاصة لدرجة تجعلها يتضح لنا من التعاري
مرادفة للحرية ،وبالرغم من أن التركيز على فكرة الحرية كمعيار لتحديد مدلول الحق في الحياة
الخاصة قد يساهم بدور بارز في تفهم معنى الحياة الخاصة وفقا لطبيعة لطبيعة الحق فيها ،باعتباره
حرية فردية أو عامة ،إذ يتيح للفرد إمكانية المطالبة باإلمتناع عن التدخل ،9ويفترض الحق في
الحياة الخاصة هذه اإلمكانية أيضا لهذا يلتقي مفهوما الحرية والحياة الخاصة إلى حد بعيد ،إال أن
ذلك ال يعني أن أحدهما مرادفا لآلخر ،وال أدل على ذلك من تمتع الفرد بالحق في الحياة الخاصة
التي تنعدم فيها حريته؛ فالسجين مثال ال يتمتع بالحرية أثناء مدة تنفيذ العقوبة، في بعض الظرو
لكنه يظل محتفظا بحقه في حياته الخاصة.
الوا قع أن نطاق الحرية أوسع من الحق في الحياة الخاصة ،وال يلتقي مع هذا األخير إال في
جانب منه بصدد حرية الشخص في ممارسة خصوصياته ،أما الجوانب األخرى من الحق في
الحرية والتي يحتك فيها الشخص باآلخرين ،مثل حرية التعبير عن الرأي ،فال تالزم بين الحقين،
ومن ثم يكون منع الغير من التَعدي تطبيقا لحقه في الحرية وليس لحقه في الحياة الخاصة.2
الضيق للحياة الخاصة -2التعري
(،CARBONNIER ،KAYSER عمل االتجاه الثاني من الفقه المقارن ،من بينه الفقهاء
)MARTINعلى التضييق من فكرة الحياة الخاصة ،مستندا في ذلك على ثالث أفكار رئيسية،
كمعايير لتحديد مدلول هذا الحق وهي السرَية ،السكينة واأللفة ،من هذا المنطلق فإن الحق في الحياة
الخاصة يعني أنه ليس ألحد أن يقتحم عالم أسرار غيره وأن يدعه في سكينته ينعم باأللفة دون
التطفـل عليه ،3وبعيدا عن تدخل الغير في حياته ،وتفـصيل هذه األفكار كالتالي:
-9-2الســـريــة
نادى الفقه الفرنسي بفكرة السرَية ) (l’idée de secretوربطها بحرمة الحياة الخاصة في
بعض نشاطات الفرد ،4فيعرفها "كاربونيه" بأنها «المجال السري للفرد حيث يكون له القدرة على
إبعاد الغير والحق في أن يُترك هادئا».3
9بيو خالف ،تطور حماية الحياة الخاصة للعامل ،رسالة لنيل شهادة الماجيستر تخصص تحوالت الدولة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة
قاصدي مرباح ورقلة ،الجزائر ،السنة الجامعية ، 2199-2191ص .1
2عماد حمدي حجازي ،الحق في الخصوصية ومسؤولية الصحفي ،ط ،9دار الفكر الجامعي ،االسكندرية،2111 ،ص .41
3ابراهيم عيد نايل ،مرجع سابق ،ص .49
4
KAYSER (P), Le conseil constitutionnel protecteur du secret de la vie privée à l’égard des lois , Mélanges,
Raynaud, Dalloz, France, 1985, p329.
3
CARBONNIER (J), Droit civil, Introduction. Les personnes. La famille, l'enfant, le couple, Quadrige,
France, 2004, p 156, Ou il définié cette tranche de vie comme étant « Une sphére secrète de la vie de
l’individu d’ou il aura le pouvoir d’écarter les tiers… Il a le droit de faire respecter le caractère privé de sa
personne, le droit d’être laissé en paix ».
23
حماية الحياة الخاصة للعامل
يذهب "مارتن" في تعريفه للحياة الخاصة استنادا إلى فكرة السرية بأنها «الحياة المنعزلة أو
المجهولة ،والحياة األ سرية والشخصية اللصيقة ،أو الحياة الداخلية والروحية ،وتلك التي يعيشها
بابه الموصد».9 اإلنسان خل
لم يخرج الفقه المصري عن هذا الموق ،إذ أكد على ضرورة إحاطة الحياة الخاصة بسياج
من السرية الالزمة ،التي تسمح للفرد بممارسة حياته غير العلنية بعيدا عن أنظار وأسماع الغير،9
فيما يرى أحد الفقهاء بأن "حرمة الحياة الخاصة تقتضي أن يكون لإلنسان حق إضفاء السرية على
مظاهرها وآثارها ومن هنا كان الحق في السرية وجها الزما للحق في الحياة الخاصة ال ينفصل
الحق في الحياة الخاصة بأنه «الحق في ان ال يطلع أحد على عنه" ، 2واتجه فقيه آخر الى تعري
شق خاص من جوانب حياة غيره».3
الفقه الجزائري فيعتبر السرية أحد أعمدة الحياة الخاصة ،ومن بين المجاالت أما عن موق
الخاصة التي يحرص الفرد على إخفائها ،سر الجانب الصحي ،حيث أن القانون ألـقى االلتزام على
عاتق الطبيب بعدم هتك االستار وال إفشاء أسرار المريض.4
هذا االلتزام يطبق على كافة المهن االخرى التي يتم فيها االطالع على أسرار الغير بحكم هذه
المهن والوظائ ،ففي مجال طب العمل وإن كان يجب على طبيب العمل االخبار عن بعض
االمراض لهيئة الضمان االجتماعي وكذا مفتشية العمل المختصة إقليما ،إال أنه ال يباح له إفشاء تلك
االسرار لغير تلك الهيئات ،وإال اعتبر مخال بالتزامه بالسر المهني.3
- 2- 2السكيـــنة
الحق في الحياة الخاصة استنادا إلى فكرة السكينة أو الهدوء حاول بعض الفقهاء تعري
"رافانا" الذي يرى أن مفهوم «الحياة الخاصة ليس جامدا ( ،)l’idée de tranquillitéومنها تعري
وال يمكن رسم لها حدود صارمة ودقيقة ،فالحد الفاصل فيها نتيجة قوى متعارضة تحركها من جهة
مصلحة كل واحد في العيش في سالم وسكينة ومن جهة أخرى االعالم المشروع للجمهور» ،9وفي
9
MARTIN (L), op.cit, p 222.
9صافية بشاتن ، ،مرجع سابق ،ص .12
2عصام أحمد البهجي ،حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية المدنية ،دار الجامعة للنشر اإلسكندرية،2113، ،
ص. 911
3محمد نجيب حسني ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة ،دار النهضة العربية ،9119 ،ص . 34
4محمد رايس ،مسؤولية األ طباء المدنية عن إفشاء السر المهني ،بحث مقدم بمناسبة الملتقى الوطني حول المسؤولية الطبية المنعقد بكلية
الحقوق ،جامعة تيزي وزو ،من 11إلى 91أفريل ،2111ص. 9
3بومدان عبد القادر ،المسؤولية الجزائية للطبي عن إفشاء السر الطبي ،رسالة ماجيستر ،تخصص قانون المسؤولية المهنية ،بكلية الحقوق،
جامعة تيزي وزو ،السنة الجامعية ،2199-2191ص 31.
9
RAVANAS (J), La protection de personnes contre la réalisation et la publication de leur image, Thèse,
AIX-en Provence, 1994, p 5. RAVANAS déclare que « La vie privée n’est donc pas une notion statique ; son
29
حماية الحياة الخاصة للعامل
"بادنتير" الحياة الخاصة على أن "احترام الصفة الخاصة للشخص ،والحق في المعنى نفسه عر
الهدوء والسكينة دون تعكير لصفو حياته".9
كذلك ركز الفقه المصري على ضرورة أن ينعم الفرد بحياته الخاصة في هدوء وسكينة فقال
أحدهم أن «التركيز عليها يقدم ميزة هامة في تحديد المقصود بالخصوصية ،ألن حماية الحياة
عن أسرار هذه الحياة ،وإنما تمتد لتشمل ضرورة الخاصة ال تقتصر فقط على مجرد عدم الكش
عدم التدخل في الحياة الخاصة باالمتناع عن كل ما من شأنه المساس بهدوء وسكينة الحياة الخاصة
للشخص» ،2واعتبرها آخر «الغاية المرجوة من حماية الحياة الخاصة للشخص».3
- 3- 2األلــفــة
ذهب اتجاه آخر من الفقه المقارن إلى اعتبار األلفة جوهر الحياة الخاصة وأحد مكوناتها ،ففي
الحيـاة الخـاصة في إطار فكرة األلـفة الفقـه الفرنسي نـجد "نرسون" يحـرص على تعـري
( )l’idée d’intimitéبأنها «أقل حيز يكون لكل شخص أن يحتفظ به لتفادي تعدي االخرين».4
فيما يفسر فقيه آخر بأن «األلفة تذكر بمجال مميز للهدوء والسر والسكينة داخل الحياة
الخاصة» ،3ويواصل فقيه آخر بالقول« :إن الحياة الخاصة مهما كانت نسبية فإنها تحتوي في كلَ
األحوال على نواة كاملة ،مجال لأللفة تتطلب حماية مطلقة».9
عرفها الفقيه "كابان" أيضا بأنها «كل ما يتعلق بخصوصية الشخص ،والذي ال يتعلق
بخصوصية غيره من حيث المبدأ» ،1وتجدر االشارة أن مفهوم األلفة قد استعمله المشرع الفرنسي
domaine ne peut être tracé ex abrupto avec précision. La ligne de démarcation est la résultante de forces
opposées que mettent en œuvre l’intérêt de chacun à évoluer dans la paix et la tranquillité d’une part et
d’autre part l’information légitime du public».
9هذا التعريف مذكور لدى :أسامة عبد هللا قايد ،الحماية ا لجنائية الخاصة وبنوك المعلومات ،دراسة مقارنة ،الطبعة الثالثة ،دار
النهضة العربية ،القاهرة ،9114 ،ص .92
2حسام الدين كامل األهواني ،مرجع سابق ،ص .39
3ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص .919
4
NERSON (R), op.cit, p 713, Ou il estime que « Le droit à la vie privée c’est aussi le droit à l’intimité de sa
vie privée ».
3
RAVANAS (J), op.cit, p 6. Monsieur Jacques RAVANAS écrit que « L’intimité évoque une zone
privilégiée de paix, de secret et de tranquillité au sein de la vie privée ».
9
BADINTER (R), Le droit et l’écoute électronique en droit français, publication : Faculté de droit et sciences
politique et économiques d’Amiens, 1971-1972, p 21. Monsieur Robert BADINTER note : « Aussi relative,
s’affirme –t-elle, la vie privée comporte en tout état de cause un moyen irréductible, une zone d’intimité qui
appelle une protection absolue ».
1
Citer par: MEZGHANI Nébila, op.cit, p 69.
21
حماية الحياة الخاصة للعامل
في المادة 1فقرة 2من التقنين المدني ،9ثم أعاد استعماله في سنة 9113من خالل المادة 231
فقرة 2من التقنين المدني ،2كما تم التأكيد عليه أيضا في قانون العقوبات. 3
الفقه المصري نجد جانب من الفقهاء اعتبر األلفة إحدى مكونات أمَا إذا نظرنا إلى موق
الحياة الخاصة ،4وهناك من اعتبرها الحيز الذي ينعم فيه صاحبه بعيدا عن تدخل الغير في حياته،3
أما الجانب اآلخر من الفقه المصري لم يتعرض لهذه الفكرة إطالقا ،9بل هناك من امتنع عن تعري
الحياة الخاصة بصفة مطلقة .1
المضيقة للحق في الحياة الخاصة أنها غامضة وال يمكن االحتكام ما يؤخذ على هذه التعاري
إليها ،برغم من أن فكرة السرية تعد طابعا مميزا للحق في الحياة الخاصة ،وخاصية هامة من
خصائصه ،إذ أن هذه االخيرة تقتضي قدرا من الخفاء وعدم إطالع الغير على كثير من مظاهرها،
لكن ذلك ال يعني أن السرية مرادفة للحياة الخاصة.
قد تتوفر الحياة الخاصة بالرغم من عدم وجود السرية وليس أدل على ذلك ما حكم به القضاء
الفرنسي بمنع نشر معلومات متعلقة بشخصيات مشهورة دون الحصول على موافقة أصحابها ،حتى
ولو كانت هذه المعلومات معروفة سلفا بسبب سبق نشرها.
كما تحتل األلفة أو الحميمية مكانا هاما في نطاق حياة الشخص الخاصة ،فهى أحد العناصر
الجوهرية للحياة الخاصة ،غير أنَ هذا ال يعني أن األلفة تعني الحياة الخاصة ،بل إن األلفة قد تكون
مرادفة إما للسرَية أو للسَكينة.
كذلك األمر بالنسبة لالتجاه الذي يركز على فكرة السكينة أو الهدوء ،وإن كان يقدم مبرراً
التي تفرض ضرورة حماية الحياة الخاصة ،ورغم كون اإلنسان إجتماعي بطبيعته للظرو
وفطرته ،إال أنه ال يستطيع أن يعيش حياته كلها في المجتمع ،بل هو في حاجة إلى االنسحاب منه
9
نص الفقرة 2من المادة 1من ق.م.ف رقم 943-11الصادر في 91جويلية 9111المعدل والمتمم:
« …les juges peuvent sans préjudice de la réparation du dommage…propres à empêcher ou faire cesser une à
atteinte à l’intimité de la vie privée…. ».
2
نص المادة 231فقرة 2من ق.م.ف كاألتي وفقا للقانون رقم 991-13الصادر بتاريخ 99جويلية :9113
Art 259/2 : « Les constats dressés à la demande d’un époux sont écartée des débats s’il y a eu violation de
domicile ou atteinte illicite à l’intimité de la vie privée ».
3نص المادتين 9/229و 2/229من قانون العقوبات الفرنسي وذلك منذ صدور القانون رقم 12-9339الصادر في 99ديسمبر
.9112
4ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص. 911
3مذكور في :صافية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .919
9محمد محمود عبد الرحمان ،مرجع سابق ،ص 929.
1أسامة عبد هللا قايد ،مرجع سابق ،ص 49.
21
حماية الحياة الخاصة للعامل
مؤقتا و التحرر من مراقبة االخرين ،لكن ال يحدد األحوال التي يتم فيها تركه وشأنه دون تدخل من
الغير.
إنَ اإلتج اهات الفقهية السابقة لم تضع تعريفا واحدا لفكرة الحياة الخاصة ،األمر الذي ذهب
محدد للحياة الخاصة ،9وأن يترك ذلك معه جانب من الفقه إلى القول بأنه من الصعب وضع تعري
للقضاء وفقا للتقاليد والثقافة السائدة والنظام السائد في كل مجتمع بما يضمن للفرد احترام ذاتيته
الشخصية ،ويحقق له السكينة واألمان بعيدا عن تدخل اآلخرين.
الفرع الثاني
التعريفات القضائية للحياة الخاصة
إنَ القضاء من جانبه امتنع غالبا عن إعطاء تعريفا للحق في الحياة الخاصة يحدد ماهيته
وحدود ،ومن ثمة يكتفي بأن يبحث كل حالة على حدى حتى يوفر الحماية الكافية دون أن يتقيد
بقواعد مسبقة ،فيصعب القول مسبقا أن تنتهي الحياة الخاصة وأين تبدأ الحياة العامة.2
إذا كان القضاء لم يضع تعريفا عاما للحياة الخاصة ،إال أنه أظهر ذلك فيما يصدر عنه من
أحكام في الحاالت المعروضة عليه في نطاق حرمة الحياة الخاصة ،وهذا ما سنتعرض له على
أحكامه في كل من القضاء األنجلوساكسوني والقضاء الالتيني. اختال
أوال :القضاء األنجلوساكسوني
قام القضاء األنجلو ساكسوني بحصر مجموعة االنتهاكات الرئيسية التي تقع على الحقوق
الفرعية الداخلية للحق في الحياة الخاصة 3مع تركه المجال مفتوحا لما قد يقضي به التطور من
أو إضافة إلى قائمة هذه االنتهاكات 4ومن أهمها مايلي: حذ
-9انتهاك أو اقتحام عزلة الفرد ،أو خلوته ،أو التدخل في حياته الخاصة ،كاالعتداء على حرمة
مسكنه ،أو التنصت على محادثاته التليفونية ،أو تصويره ،أو التأمين على حياته بغير رضاه.
-2اإلفشا ء العلني للوقائع الخاصة التي تمس الشخص العادي كإفشاء واقعة إصابته بمرض مخزي،
أو عجزه عن سداد ديونه ،أو نشر صورة إلبنه المشوه.
9تنوير أحمد بن محمد نذير ،حق الخصوصية – دراسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون اإلنجليزي -أطروحة دكتوراه ،كلية
الشريعة والقانون ،الجامعية االسالمية باسالم آباد ،2111 ،ص .49
2حسام الدين االهواني ،مرجع سابق ،ص .41
3كريم مزعل شبي الساعدي -حسن محمد كاظم ،الحق في الخصوصية دراسة مقارنة ،مجلة كربالء،العراق ،المجلد الثاني ،العدد
العاشر ،سنة ،2113ص .13،19
4سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن ،مرجع سابق ص 33و .34
21
حماية الحياة الخاصة للعامل
-3تشويه سمعة الشخص في نظر الجمهور ،كعرض صورته في معرض صور المتشردين،
والمشتبه فيهم بعد تبرئته من جريمة اتهم فيها ،أو استعمال اسمه أو صورته على نحو يسيء
إليه ،كأن يوضع اسمه بغير علمه على برقية عامة أو مقال ينسب إليه رأياً ال يعتنقه.
-4اإلستيالء على بعض عناصر شخصيته ،كاالسم ،أو الصورة لتحقيق مغنم خاص ،مثل استغالل
اسم الشخص أو صورته في الدعاية لسلعة.
هذا اإلتجاه نفسه الذي سار عليه القاضي األمريكي ( (DOUGLASمستندا على فكرة
الحق في الحياة الخاصة بأنه «حق الفرد في أن يختار سلوكه الشخصي الحرية ،حيث عر
وتصرفاته في الحياة عندما يشارك في الحياة اإلجتماعية مع اآلخرين».9
ثم حدد هذا القاضي ثالث مجموعات رئيسية لهذا الحق وهي؛ تتضمن المجموهة األولى حرية
التعبير عن الفكار واالهتمامات والذوَق والشخصية ،أما الثانية فتتعلق بحرية الفرد في أن يكون له
أوالد يربَيهم وينشئهم ،فيما تتمثل المجموعة الثالثة في حق الفرد في كرامة بدنه وتحرَره من القسر
والقهر.2
الواسع للحياة الخاصة للقاضي ( ،(DOUGLASتعريفا آخر للقاضي األمريكي يقابل التعري
الحياة الخاصة تعريفا ضيقا على أنها «حق الفرد في أن يعيش حياته ( )COOLEYالذي عر
ولو بصفة جزئية بعيدا عن المجتمع مع أدنى حد من التدخل من جانب الغير ،أي حق الفرد في أن
يترك وشأنه».3
9
DOUGLAS (W), The privacy opinions of Justice Douglas, Yale Law journal, Vol.78, N° 8, July 1968, p
582.
كان دوڨ الس عضو في المحكمة العليا للواليات المتحدة األمريكية آنذاك ،ويعد من أهم القضاة الذين ساهموا في توسيع مفهوم الحق
في الحياة الخاصة ،ويظهر من خالل تعريفه لهذا الحق الوارد في المرجع المذكور أعاله الربط الواضح بين الحق في الحياة
الخاصة وفي فكرة الحرية التي قال فيها « :أن الحرية بمعناها الدستوري تذهب إلى أبعد من مجرد التحرر من كل صور التحكم
والقيود المشروعة للحكومة ،حيث يجب أن تتضمن الحياة الخاصة أيضا ،بل إن حق الفرد في أن يترك وشأنه هو بداية كل
الحريات».
2
DOUGLAS (W), op.cit, p 124.
3
NIZER (l), The right of privacy: a half century’s development, Michigan law review; 1941, vol.39, p 527.
31
حماية الحياة الخاصة للعامل
التي ربـطت بين الحيـاة الخاصة وبين الهدوء،9من أشـهر التعريفات يعتبر هذا التعري
وإنما تعني،على األسرار إذ أن الحياة من منظوره ال تقتصر على عدم الكش،والسكينة والخلوة
.اإلمتناع عن االعتداء على هدوء اآلخرين
القضاء األنجلوساكسوني بحق الفرد في حياته الخاصة إلى إصرار يرجع الفضل في اعترا
،2الفقه الذي ناضل بشكل كبير من أجل الوصول إلى انتصار في األول محتشم ولكن تاريخي
كلما،بحق الفرد في هذا الجزء من حياته ويحميه ليواصل شيئا فشيئا استجابته في االعترا
واجهته قضية من القضايا التي تتعلق بتضرر الفرد من جراء االعتداء على خلوة وسكينة حياته
.3الخاصة
تجدر المالحظة أن جانب كبير من شراح القانون األمريكي يميل إلى تفضيل عبارة "حق
وفكرة الهدوء والسكينة لها، على تسمية الحق في الحياة الخاصة،"الشخص في الخلوة والسكينة
أحدهما إيجابي يتمثل في احترام سرية الحياة الخاصة وثانيهما سلبي يكمن في االمتناع عن،وجهان
.4تعكير الحياة الخاصة والخوض فيها
9
En 1890, Samuel WARREN et Louis BRANDEIS (deux magistrats Américain), dans leur article « The
right to privacy », publié dans la Harvard law review, p 193. Année 1890 avaient plaidé pour que soient
sanctionnées les atteintes à la vie privée (invasion of privacy) et que soit reconnu par les tribunaux « Un droit
d’être laissé tranquille » (The right to be let alone).
- Il fallu attendre 15 ans pour que leur article fasse jurisprudence dans l’arrêt rendu à l’unanimité par la cour
suprême de Géorgie dans l’affaire PAVESICH en 1905 contre la compagnie d’assurance : « New England
Life ins.Go ».
- Mais ce n’est qu’en 1960 que William PROSSER, doyen de la faculté de droit de BERKELEY,
systématisa le concept pour le fractionner en 4 éléments distincts comme nous l’expliquerons dans ce qui suit
de l’avis de la doctrine Américaine concernant la vie privée.
- Cependant, il est à rappeler qu’avant 1890, et avant Messieurs WARREN et BRANDEIS, il y eut un certain
Mr COOLEY, auteur et magistrat Américain qui fut le premier à prôner le concept de « tranquillité » dans son
ouvrage « Trots » paru en 1888. 2éme édition, p 29.
2
Voir l’arrêt N° 50. S. E. 68 rendu par la cour suprême de l’Etat de Géorgie dans l’affaire PAVESICH. V.
New England life ins. Co en 1905.
تحرررت عنررروانBRANDEIS وWARRENيعتبرررر هرررذا القررررار أول تتررروي وانتصرررار حققررره القضررراء بعرررد مقرررال القاضررريين
." المشار إليه سابقاThe right of privacy"
3
Voir à titre d’exemple :
- L’arrêt HAELAN Laboratoires V.Topps chewing Gum N°202.dd866.rendu par la cour suprême de
l’Ocklahoma en 1953.
- L’arrêt N° 836, Sdny rendu par la cour suprême de l’Etat de New York dans l’affaire des comédiens
LAUREL et HARDY.V.HAL Roach studio en 1975.
، أطروحة دكتوراه تخصص قانون جنائي، الحماية الجنائية للحق في حرمة االتصاالت الشخصية، مفتاح محمد رشاد ابراهيم4
.913 ص،2111 سنة، جامعة االسكندرية،كلية الحقوق
39
حماية الحياة الخاصة للعامل
32
حماية الحياة الخاصة للعامل
فيما ذهب القاضي ( )MALHERBEإلى القول بأن الحق في الحياة الخاصة والحقوق
الشخصية يشمالن حماية وحرمة الحياة الخاصة للفرد مما تنشره عنه الصحافة وحماية اتصاالته
الخاصة ومراسالته الالسلكية وتسجيالته وشؤونه الصحية ،وكذلك حماية حرمة مسكنه وحماية
حياته العائلية التي تشمل المسؤولية عن نفقة األبناء إلى وقت بلوغهم فضال عن األمور التي لها
تأثيرها على حياته الشخصية.9
من خالل هذه التعريفات يبدو أن القضاء الفرنسي لم يضع تعريفا للحياة الخاصة مكتفيا ببيان
الحاالت التي تدخل في نطاق هذا الحق ،وعليه تكون دراسة أهم تطبيقات القضاء الفرنسي في هذا
الشأن في النقاط اآلتية:2
- 1اسم الشخص ومحل إقامته
يميل القضاء الفرنسي إلى اعتبار اسم الشخص وال سيما االسم المستعار الذي اختاره الشخص
لنفسه ،كما يعتبر من حق االنسان أن يحتفظ بمكان إقامته في طي الكتمان واألمر كذلك بالنسبة
لقضاء أوقات الفراغ ،والحياة المهنية أو الوظيفية أو الحرفية ،والسياسية.
- 2الحياة الزوجية والعائلية
استقر القضاء الفرنسي على أن األمـور العاطـفية من خـطبة ومغامرات عاطفية والحـياة
النظر عن كونها عنها للناس بصر الزوجية وكذا الطالق ،واألمور العائلية ،ال يجوز الكش
حقيقية ،أم خيالية.3
- 3الذمة المالية للشخص
من أهم ما يتصل بالحياة الخاصة في فرنسا هي األمور المتعلقة بالذمة المالية للشخص ،ومن
عن عناصر الذمة المالية سواء ثم يعد من قبيل انتهاك الخصوصية نشر كل ما من شأنه الكش
أثناء حياة الشخص أو بعد وفاته.
- 4الحالة الصحية للشخص
اعتبر القضاء الفرنسي صحة اإلنسان ،وما يصاب به من أمراض من أدق األمور الخاصة،
والتي ال يسمح بنشرها إال بإذنه ،كما ال يصح تصوير المريض وهو في فراش المرض كما ال
9
MALHERPE ( J), op.cit, p 8.
2عاق لي فضيلة ،الحماية القانونية للحق في حرمة الحياة الخاصة ،أطروحة دكتوراه في القانون الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة
اإلخوة منتوري قسنطينة ،السنة الجامعية ،2192-2199ص .11
3
CARBONNIER (J), op.cit, p239.
33
حماية الحياة الخاصة للعامل
يجوز نشر هذه الصور ،و أن ال يعكَر عليه أحد خلوته ،9وهذا ما أخذ به القضاء الفرنسي في قضية
"جيرالد فيليب" ،حين طالب المدعي االحتفاظ بسكينة ابنه المريض ضد اعتداءات رجال الصَحافة،
فاستجابت المحكمة إلى طلبه تأسيسا على فكرة السكينة والخلوة ،وكون الحقَ في الحياة الخاصة
يتضمن هذا المعنى.2
لم يخرج القضاء المصري ،والقضاء الجزائري عن هذا الخط ،و بالرجوع إلى القضاء
المصري ومن خالل أحكامه وقراراته نجده يعنتق في البعض منها فكرة الهدوء والسكينة كأساس
لحماية الحياة الخاصة أهمها قرار محكمة النقض المصرية رقم 3111الصادر بتاريخ
دون وجه حق ،قضت المحكمة 2111/13/11عن قضية التشهير والحط من الكرامة لموظ
الذي زعزع سكينة الحياته الخاصة والحكم له بالتعويض المدني.3 عن هذا التصر بالك
دافع القضاء المصري في البعض من قراراته وأحكامه على سرية الحياة الخاصة وحمايتها،
ففي قضيتين مختلفتين رفعت ضد مجلَتين قامتا بنشر مقالين تضمَنا نقدا ألفعال صدرت عن
المدَعيتين في مكان عام ،صدر الحكم في كل دعوى برفضها على أساس أنَ نشاطات المدَعيتين
علني غير سرَي ،لذلك ال تحظى بالحماية القانونية المقرَرة ألنَ هذه النشاطات خارجة عن حياتهما
الخاصة.4
أمَا القضاء الجزائري فقد اتجه هو أيضا إلى تأكيد هذه الحماية لألفراد في إطار ممارسة
جوانبها ،فكان حريصا على حماية سرية الحياة الخاصة ،فأحيانا اكتفى حياتهم الخاصة في مختل
على بالحماية عن طريق األمر بالك َ عن اإلعتداء ،وأحيانا أخرى باإلضافة إلى الحكم بالتوق
االعتداء ،الحكم بمبالغ من التَعويضات المدنية والعقوبات الجنائية ،ال سيَما فيما يتعلق بالتزام السرية
الواقع على عاتق أصحاب بعض الهمن التي يتم فيها االطالع على أسرار الغير بحكم هذه المهن
العامة والخاصة وكذا بالنسبة والوظائ ،كمهنة المحاماة ،ووظيفة القضاء ،وغيرها من الوظائ
9
كريم مزعل شبي الساعدي -حسن محمد كاظم ،مرجع سابق ،ص .13
2
Paris, 13 mars 1955, n° 11. 24223, Dalloz 1956, some 14, j.c.p, 1955.
3صدر عن القضاء المصري عدة أحكام وقرارات نذكر عينة منها:
-قرار محكمة النقض المصرية رقم 9111بتاريخ 2111/19/94حول التقاط صورة للمدعي في منزله خفية عنه ،حكمت له
بالتعويض المدني.
-حكم محكمة جنايات القاهرة رقم 9194بتاريخ ،9119/99/93حول قضية التنصت والتسجيل ألحاديث خاصة بمجموعة من
البنات سبب لهن إزعاج وضرر لحياتهن الخاصة وعكر صفوها.
- 4تتمثل هاتين القضيتين في:
-القضية األولى رقم 13/399مدني جزائي ،السيدة زينب ،محكمة القاهرة ،الحكم الصادر بتاريخ .9113/12/91
-القضية الثانية رقم 2113/914مدني جزائي ،السيدة زينب محكمة القاهرة ،الحكم الصادر بتاريخ .2113/99/19
34
حماية الحياة الخاصة للعامل
لألفراد ،إذ أن هذا االلتزام عام ،يمتنع على الكافة إفشاء األسرار وعدم محاولة خرقها دون علم وال
رضا صاحبها.
جامع مانع للحق في الحياة الخاصة ،أن تحديد نخلص مما سبق أنه في ظل انعدام تعري
ماهية هذا الحق يرتبط بعدة حقائق البد األخذبها بعين االعتبار أال وهي؛ أنَ هذا الحق يتطلب
للشخص بسلطة االعتراض على التدخل في خصوصياته واالعتداء على حياته الخاصة، االعترا
كما أنَه يرتبط بمنظومة التقاليد والثقافة والقيم الدينية السائدة والنظام السياسي في كل مجتمع ،وأنَ
هذا هذا الحق يتضمن عناصر رئيسية مشتركة ،تلتقي عندها كحد أدنى اآلراء المتباينة بشأن تعري
الحق.
المطلب الثاني
عـنـاصر الحـيـاة الخــاصة
وجهات النظر ،ترتب عنه اتجاه للحق في الحياة الخاصة اختال واجه الفقه أثناء تعري
الفكر القانوني إلى محاولة تعداد العناصر التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة ،ويقصد بهذه
العناصر تلك االشياء واألمور المتصلة بالكيان المادي والمعنوي لإلنسان والتي يحيـطها هذا الحق
بالستار والكتمان.9
لم يتف ق كال من الفقه والقضاء على تحديد عناصر الحق في الحياة الخاصة ،وذلك الختال
السياسية الثقافات والعادات والتقاليد واألنظمة القانونية ،والتي تتغير بتغير وتطور الظرو
واالقتصادية واالجتماعية لكل بلد ،ومن بين هذه العناصر ما هو محل اتفاق الفقه والقضاء (أوال)،
بينهما(ثانيا). ومنها ما هو محل خال
الفرع األول
عنـاصر الحياة الخاصـة المتفـق عليـها
شهد العالم اهتماما متزايدا بحقوق اإلنسان وبتلك تلك الطائفة من الحقوق المالزمة لشخصية
اإلنسان والتي ال يستطيع اإلنسان أن يؤدي دوره في المجتمع إال إذا تمتع بها ،2واتفق الفقهاء على
أن لكل شخص الحق في أن تحترم حياته الخاصة ،وأن هناك جملة من العناصر المكونة للحق في
الحياة الخاصة وقع االتفاق عليها من بينها:
9
محمد محمد الشهاوي ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في مواجهة الصحافة ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،2119 ،ص . 91
2حسن حسين البراوي ،مدى حماية الحق في الحياة الخاصة في القانون المدني القطري ،المجلة القانونية والقضائية ـ العدد األول ،قطر ،2111
ص .11
33
حماية الحياة الخاصة للعامل
- 1حرمة المسكن
يكتسي المسكن أهمية خاصة نظرا لتعلقه بالحريات الشخصية لألفراد ،كونه يمثل مستودع
أسرار اإلنسان وموطن حياته الخاصة ،9وامتداد لحق االنسان في خصوصيته ،2وتعتبر حرمة
المسكن من أهم عناصر الحق في الحياة الخاصة المتفق عليها ،3إذ ال قيمة لحرمة الحياة الخاصة
إن لم تشمل مسكنا يشعر فيه اإلنسان بالسكينة واآلمان.4
نظراً ألهمية المسكن أحاطته المعاهدات الدولية والتشريعات المقارنة بعناية خاصة حماية
لحرمته ومنعا لكل ما من شأنه المساس به ،3ولم تهمل الشريعة االسالمية هذا الحق فكرسته ضمن
مبادئها األساسية في العديد من اآليات القرآنية منها قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا ال تدخلوا بيوتا
غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذَكرون».9
كما تضمنت الدساتير الجزائرية المتعاقبة النص على ضرورة الحفاظ على حرمة المسكن
ص الدستور الجزائري لسنة 9119المعدل ،في مادته 41الفقرة 19على أنه " تضمن الدولة
حيث ن َ
عدم انتهاك حرمة المسكن" ،كما نص القانون المدني في صلب المادة 41على أنه « لِكل من وقع
االعتداء عليه»، عليه إعتداء غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة لشخصيته ،أن يطلب وق
وجاء قانون العقوبات ليجرم االعتداء على حرمة المسكن في المادة .213
9
محمود عبد الرحمان محمد ،مرجع سابق ،ص .211
2علي أحمد عبد الزعبي ،مرجع سابق ص .912
3عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،911حسام الدين كامل االهواني ،مرجع سابق ،ص ،31محمود عبد الرحمان محمد ،مرجع
سابق ،ص ،911ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص ،233علي أحمد عبد الزعبي ،مرجع سابق ،ص .919وفي الفقه
الفرنسي:
KAYSER (p), La protection de la vie privée par le droit. Protection du secret de la vie privée .op.cit , p396 et
s, RAVANAS (J) op.cit, p 17 et s.
4سالمي فضيلة ،حماية حرمة المسكن في التشريع الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة ماستر تخصص عقود ومسؤولية ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة البويرة ،سنة ،2193ص .4
3تضمنه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،9199وأوصت به المواثيق الدولية على غرار االعالن العالمي لحقوق االنسان
لسنة 9141حيث نصت المادة 92منه على " .ال يجوز أن يتعرض أحد لتخل تعسفي في حياته الخاصة أو شؤون أسرته أو مسكنه
أو مراسالته ،أو لحمالت تمس شرفه وسمعته ،ولكل شخص الحق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك المعامالت".
9انظر سورة النور ،اآليتان .21 ،21
39
حماية الحياة الخاصة للعامل
تشريعي للمسكن عرفه الفقه على أنه «كل مكان يتخذه المرء ملجأ لنفسه أمام غياب تعري
يأويه سواء كان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة ،وال يجوز للغير مهما كانت صفته دخوله إالَ بإذنه وفي
الحاالت التي يحددها القانون» ،9ويعتبر مسكنا المكان المخصص للعمل والمكاتب الخاصة.2
توسع القضاء الجزائري في تحديد مدلول المسكن ،فهو يشمل كل مكان يستخدمه اإلنسان مقراً
الفقهاء حول تحديد العالقة بين المكان الخاص 4والمسكن ،فانقسم الفقه الى خاصاً له ،3واختل
اتجاهين ،يرى اإلتجاه األول أن المكان الخاص يقتصر على المسكن فقط ،فيما يحدد االتجاه الثاني
للمسكن مفهوما واسعا ،يمتد ليشمل كل مكان خاص لألقامة أو مكان مزاولة االنشطة المهنية،
الصناعية والتجارية أوالعلمية.3
بناء على اإلتجاه الفقهي الثاني المحدد لمفهوم المسكن ،يتضح أنَ مدلول المسكن يتحدد في
كل مكان يقيم فيه الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة ،9وعليه تمتد فكرة المسكن لتشمل األماكن
المخصصة للعمل والمكاتب الخاصة.1
كما أن أحكام محكمة النقض الفرنسية تتوسع في تحديد مفهوم السكن ،فتجعل المكان مسكونا
بمجرد الوجود المؤقت فيه لقضاء بعض الحاجات أو األعمال أو الواجبات مثل «عيادة طبيب
أو مكتب المحامي أو المعمل إلتصالها بحرمة الحياة الخاصة».
9عبد هللا أوهايبية ،تفتيش المنازل في القانون الجزائري ،مجلة العلوم القانونية واالقتصادية والسياسية ،جامعة الجزائر ،الجزء
،39رقم ،2/11ص .19
2ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص .41
3قرار رقم 94مؤرخ في ، 9111/12/12أشار إليه األستاذ أحسن بوسقيعة ،قانون العقوبات في ضوء الممارسات القضائية،
الطبعة االولى ،الديوان الوطني لألشغال التربوية ،الجزائر ،2111 ،ص ،914ولقد قررت المحكمة العليا في هذا القرار بأنه:
«يتعين تحديد مفهوم المنزل الذي أشارت إليه المادة 213من قانون العقوبات الجزائري بمعناه الواسع ،هو وكل لواحقه التي ليست
في متناول العامة ،وبما أن العارض اعترف بأنه دخل حديقة الضحية بغير إذنها ،فيعتبر تصرفه خلسة وتنطبق عليه المادة 213
سالفة الذكر» وفي قرار آخر أشارت المحكمة العليا أنه « :ال يشترط أن يكون المنزل مسكونا ،بل يكفي أن يكون العقار معدا للسكن
وتحوزه المجني عليها بأي طريقة من طرق الحيازة المشروعة » يمكن الرجوع الى قرار المحكمة العليا قرار رقم ،11399
مؤرخ في ،9119/19/29المجلة القضائية ،العدد 19لسنة ،9119ص .213
4إن مفهوم المكان الخاص أعم من المسكن ،وقد اختلف الفقهاء حول تعريف المكان الخاص و انقسموا الى اتجاهين اتجاه يعتمد
على المعيار الذاتي وآخر يعتمد على المعيار الموضوعي ،فيعتمد االول في تعريفيه للمكان الخاص على رضا الشخص .ومن
أنصاره RAVANAS :الذي جاء في تعريفه ..." :يعتبر مكانا خاصا كل مكان يحتاج من أجل دخوله إلى رضا من يشغله" ،أما
المعيار الثاني فيعتمد في تعريفه للمكان الخاص على تعداد االماكن العام ،بهذا الشأن يمكن النظر إلى.:
RAVANAS (J) op.cit , p19.
3عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .219
9علي أحمد عبد الزعبي ،مرجع سابق ص .919
1ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص .233
31
حماية الحياة الخاصة للعامل
حيث حكمت محكمة "بوردو" في 9133/11/93بأن المستخدم الذي يدخل بدون سبب
مشروع أحد المصانع يزعم التأكد من حسن سير العمل فيه يعتبر متعديا على مسكن الغير.9
ال يجوز اإلفصاح عن عنوان الشخص أو مسكنه ،وكذا رقم هاتفه ،ألنها تعتبر من قبيل
عناصر شخصية اإلنسان ،ومن ث م فهي تدخل ضمن عناصر الحق في الحياة الخاصة ،وهذا ما أقره
صاحب العمل عن موطن القضاء الفرنسي ،حيث اعتبرت محكمة النقض الفرنسية بأنَ كش
العامل 2بدون موافقة األخير يعتبر اعتداء على حياته الخاصة.3
اعتبر الفقه 4والقضاء أنَ مكان العمل مكان خاص ،فنجد في القضاء الفرنسي عدة تطبيقات
مدينة Rouenبتاريخ قضائية نذكر من بينها على سبيل المثال قرارا صدر عن محكمة استئنا
، 9111/13/91تتلخص أحداث القضية في أن عامال كان يشك في تسريحه من منصبه ،فقام
بالتنصت على المكالمات الهاتفية المتبادلة بين صاحب عمله وأحد المحامين ،مستعينا في ذلك
"أن مكتب العامل بأجهزة تنصت وضعت داخل مكتب هذا العامل نفسه ،فرأت محكمة االستئنا
يعتبر عادة مكان غير مفتوح ألي كان إالَ بموجب إذن من شاغله المؤقت أو الدائم "....وبالتالي
فهو يشكل مكانا خاصا.3
سبق أن أصدرت محكمة النقض الفرنسية قرارا بتاريخ 9113/92/11اعتبرت فيه المكتب
الموجود في إحدى المؤسسات مكانا خاصا ،فقضت بأنه "لم يستخلص من وقائع القرار المطعون فيه
أن السيد ( ) عندما قام بالمهاتفة من مكتبه الذي يمكن أن يكون له فيه وحده ارتباط مع مراسليه،
قد تنازل عن الطابع الحميمي للمكالمات ،فالمكتب قد لقي من خالل استعماله طابع المكان
الخاص".9
المالحظ أن القضاء الفرنسي يعتمد على إجراء تحليل لوقائع القضايا المعروضة عليه ،فيحدد
طبيعة المكان انطالقا من تحليل العناصر المادية الواردة في كل قضية على حده ،وهذا ما يستخلص
من حكم صادر عن محكمة Montbéliardبفرنسا ،بتاريخ 9111/92/19بشأن مقاربة أجريت
31
حماية الحياة الخاصة للعامل
بين اإلقامة الجماعية للعمال واألمكنة العامة ،فقضت المحكمة بأن "اإلقامة....التي يمكنها استقبال
ذلك في حكم آخر لها، حوالي 311شخصا تشكل لهذا السبب مكانا عاما" ،9في حين قضت بخال
صدر بتاريخ ،9111/92/93أدانت فيه صاحب العمل بجنحة المساس حرمة الحياة الخاصة للعمال
المقيمين بمؤسسته ،معتبرة اإلقامة التابعة للمؤسسة مكانا خاصا .2
- 2حرمة المحادثات الشخصية
األحاديث الخاصة تشكل أسلوبا من أساليب الحياة الخاصة ،ومن الطبيعي أن تنطوي على أدق
خصوصيات المرء سواء ما تعلق بحياته ا لعائلية أو المهنية أو السَياسية ،ولقد حرمت الشريعة
ما ليس االسالمية التنصت واستراق السمع على األحاديث الخاصة للغير لقوله عزَ وجلَ «وال تق
لك به من علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤوال».3
أمَا عن الحماية القانونية التي تمتد للحديث الخاص ،فقد حرص المشرع الجزائري على
كفالتها في المادة 2/31من دستور 9119بنصها":سرية المراسالت واالتصاالت الخاصة بكل
أشكالها مضمونة" ،كما نص قانون العقوبات في المادة 313مكرر فقرة األولى على معاقبة "كل من
قام أو شرع في التقاط أو تسجيل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرَية ،بغير إذن صاحبها
أو رضاه".4
كما يعتبر المساس باألحاديث والمكالمات الشخصية اعتداء على الحق في سرية الحياة
الخاصة ، 3إذ يشكل قـيداً خطيراً على الحرية ال يجوز اللجوء إليه إال استثناءاً في الحاالت التي
حددها قانون االجراءات الجزائية.9
إن كانت مشكلة التنصت على المحادثات والمكالمات الشخصية مطروحا منذ القدم ،9إلى أنه
في عاد في اآلونة األخيرة ليطرح بشكل أقوى بسبب تطور وسائل التنصت الحديثة التي جعلت من
9
JCP.1979, II. n° 19248. p88.
2
JCP.1980, II. n° 19449, Note Bécourt, p 358.
3اآلية 39من سورة اإلسراء.
4هذا ما نصت عليه المادة 9/229من قانون العقوبات الفرنسي ،وكذلك المادة 311مكرر من قانون العقوبات المصري.
3قد تكون المحادثات الخاصة بين شخصين أو أكثر مباشرة ،وقد تكون غير مباشرة عبر خط الهاتف أو أي وسيلة صناعية أخرى،
ولهذا الحديث داللته إذ أن المتحدث مع الطرف اآلخر يطلق العنان لنفسه ،يبوح له بأسراره وهو في أتم االطمئنان لعدم وجود
شريك أو دخيل ثالث يتنصت دون وجه حق لهذا الحديث الخاص.ألكثر تفصيا انظر :عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص
.291
9جاء قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري بعدة نصوص تبيح االطالع وانتهاك حرمة الحياة الخاصة في جرائم محددة على سبيل
الحصر ال المثال وقيدها بقيود وشروط ،وهو ما يمكن استقراؤه من نص المادة 93مكرر 3إلى المادة مكرر 91من ق.إ.ج .ألكثر
تفاصيل اطلع على :وهاب حمزة ،الحماية الدستورية للحرية الشخصية خالل مرحلة االستدالل والتحقيق في التشريع الجزائري،
دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر ،سنة ،2199ص .922-929
31
حماية الحياة الخاصة للعامل
السهل استراق السمع والنظر إلى خصوصيات الغير ،مما جعل أغلب التشريعات تجرم انتهاك
حرمة المحادثات الخاصة.
غير أنَ هذه التشريعات اختلفت في تحديد معيار معين للتمييز بين ما يعد حديثا خاصاً ،وما
يعد حديثا عاماً ،وبعض التشريعات أخذت بطبيعة المكان الذي يدور فيه الحديث أي التفرقة بين
المكان الخاص والمكان العام ،والبعض االخر اعتمد على طبيعة الحديث ذاته.2
أخذ المشرع الفرنسي بالمعيار الموضوعي لتحديد طبيعة األحاديث في قانون 91جويلية
،9111حين اتخذ من طبيعة المكان الذي يدور فيه الحديث معيارا للتفرقة معتبرا أن المكان الخاص
يصبغ صفة الخصوصية للحديث ،وذلك بموجب نص المادة 319التي تعاقب على تسجيل واستراق
األحاديث شريطة أن تكون هذه االحاديث قد جرت في مكان خاص.3
نظراً لالنتقادات التي وجهت للمعيار الموضوعي في ظل قانون ،9111استجاب المشرع
الفرنسي لذلك ،وعدل عن موقفه في قانون العقوبات الجديد الصادر في 91جويلية 9119بموجب
المادة 9/229واستبدل المعيار الموضوعي بالمعيار الشخصي وعبر عن ذلك " بصفة خاصة
أو سرية".
وسَع التشريع الفرنسي من خالل هذا التعديل من نطاق تطبيق القانون ليشمل كافة صور
الحديث الذي يعبر عنه بصفة خاصة حتى ولو صدر في مكان عام ،وهو ما أخذ به المشرع
الجزائري في المادة 313مكرر من قانون العقوبات سالفة الذكر ،وأيضا المشرع األردني في المادة
341من ق.ع ،حيث اعتنقوا معيار طبيعة الحديث معتبرين أن األحاديث تتسم بالخصوصية أينما
صدرت سواء كان الحديث في مكان خاص أو مكان عام.
القانون األمريكي فقد اعتنق في باديء األمر معيار المكان الخاص ،ليعدل عنه أما عن موق
فيما بعد ويأخذ بمعيار نوعية الحديث خاص ًا أو عاماً ،وهذا ما أكدت عليه القضاء األمركي بقوله
9
Voir en ce sens : la cour d’appel de paris ; 2éme ch. civ. en date du 18 Mars 1955 qui constate la violation de
la vie privée des époux L. plaignants, car l’opération de mise sur écoute de leur récepteur téléphonique par la
police a été exécutée hors des règles de procédure pénale et des garanties de la vie privée et annula donc la
validité de la procédure.
2محمد أمين فالح الخرشة ،جرائم االعتداء على الحق في الحياة الخاصة في القانون االردني ،مجلة الحقوق ،المجلد الثامن ،قسم
القانون الخاص ،كلية الحقوق جامعة مؤتة ،األردن ،بدون سنة النشر ،ص .313
3
Badinter (R), Protection de la vie privée contre l’écoute électronique clandestine, O.p.cit, p 243.
41
حماية الحياة الخاصة للعامل
9مذكور في ،ممدوح خليل بحر مرجع سابق ،ص ،241محمد أمين فالح الخرشة ،مرجع سابق ،ص .314
2الجريدة الرسمية ،العدد 31الصادرة في 21سبتمبر .9112
3في هذا الصدد حكمت محكمة جنايات القاهرة بتاريخ 13نوفمبر 9119بإدانة موظف لكونه استغل عمله الذي يمكنه من معرفة
أرقام المتحدثين تليفونيا ،كون أن المتهم اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للم عتدى عليهم بأن استرق السمع عن طريق أجهزة
االتصاالت التليفونية لمحادثات جرت في أمكنة خاصة وذلك اعتمادا على سلطة وظيفتيه .القضية رقم 9194لسنة .9119
4
RAVANAS (J) op.cit , p19.
3أشرف توفيق شمس الدين ،الصحافة والحماية الجنائية للحياة الخاصة – دراسة مقارنة -دار النهضة العربية ،مصر ،الطبعة
األولى ،2111 ،ص .31
9أشرف توفيق شمس الدين ،مرجع سابق ،ص .21،31
1
T.G.I saint. E Tiennes, 10 avr. 1977. D.S.1978, p 122.
1
T.G.I Paris 7 Nov. 1975, D.1976. p 270.
49
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
KAYSER (p), La protection de la vie privée par le droit. Protection du secret de la vie privée, o.p.cit , p396.
2
ي كان ،سواء تعلق األمر بشخص خاص من بين هؤالء الفقهاء نذكر الفقيه GASSINالذي قال «ليس هناك شك أن يمنع على أ َ
أو برئيس مؤسسة تحت طائلة قانون العقوبات الجزائية ،من القيام بتسجيل أقوال الغير دون علم هذا الغير» وفي هذا الصدد كتب
الفقيه LINDONيقول « :مادام االمر يتعلق بتسجيل مكالمة هاتفية من طرف أحد المتهاتفين دون علم اآلخر ...؛ فإن الجنحة
تكون قد ارتكبت»ألكثر تفاصيل ارجع إلى :نويري عبد العزيز ،مرجع سابق ،ص .912
3
Voir également : RAVANAS (J), o.p.cit, p 20.
4
Voir l’affaire du micro caché : T.G.I.l Paris 19 mars 2006, D2007, 1534. Obs. L. MARINO. Le jugt. en
faveur du salarié ; au motif que : «Constitue une attente à la vie privée au sens de l’art. 226/1 c. pen. Et
l’art.9, c.civ, le fait pour un employeur d’avoir installé, dans des condition de clandestinité, un microphone
dans le bureau d’une attachée de presse ».
3
JCP.1980, II. n° 19294, Note Lindon, p 358.
42
حماية الحياة الخاصة للعامل
-3حرمـة المراسالت
تعد الرسائل من أهم عناصر الحق في الحياة الخاصة في التشريعات المقارنة ،وأيضا التشريع
الجزائري الذي كفل حرمة المراسالت وسريتها في الفقرة الثانية من المادة 31من دستور،9119
ألن الرسائل مهما كان نوعها ما هي إال ترجمة ألفكار شخصية وآراء خاصة ال يجوز لغير
مصدرها ومن توجه إليه اإلطالع عليها.9
تحظى المراسالت بالحماية القانونية 2مهما كان شكلها من رسائل تقليدية عن طريق الرسول
أو التلكس ،إلى أحدثها وهي أو عبر البريد العادي والبرقيات و الفاكس أو عبر جهاز التلغرا
الرسائل االلكترونية أو رسائل البريد االلكتروني ،وسواء
أو مفتوحة أو كانت في بطاقة مكشوفة. مغلق كانت هذه الرسائل داخل ظر
أما عن الرسائل اإللكترونية المذكورة والتي ترسل عن طريق شبكة األنترنت بواسطة
الحاسب اآللي ،فإن القانون 3يحمي سريتها خاصة من اإلنتهاك الذي يحدث عند اإلطالع عليها،
أو نقلها ،وهذه الحماية ال تقتصر على حرمة المراسالت الشخصية المرسلة الى البيت وإنما تتعداها
إلى مكان العمل وأثناء مزاولته.4
تلعب الوسائل العلمية الحديثة دوراً كبيراً في فض الرسائل السرية المغلقة ،دون أن يترك
ذلك أثر يثبت بأن تلك الرسائل قد تم فحصها أو اإلطالع عليها ،وهذا ما يشكل خطر على حرمة
االتصاالت عبر رسائل البريد اإللكتروني التي قد يتلقاها العامل حتى في أوقات عمله.
9
سليمان بن عبد هللا بن سليمان العجالن ،مرجع سابق ،ص .939
2هذه الحماية واردة في مختلف القوانين المقارنة ،على سبيل المثال :المادتين 93- 9،229-229عقوبات فرنسي ،المادتين 311
مكرر 311 ،مكرر (أ) عقوبات مصري ،وفي التشريع الجزائري نجد المادتين 313و ( 931المضافتين بالقانون رقم 23-19
المؤرخ في )2119-92-21عقوبات جزائري ،تتعرض المادة االولى النتهاك حرمة المراسالت من طرف الخواص ،والثانية
لتعسف السلطة العامة في الموضوع ذاته.
3انظر المادة 314مكرر وما بعدها من قانون العقوبات الجزائري ،يقابلها في التشريع الفرنسي القانون رقم 91-11المؤرخ في
19جانفي 9111الذي جاء في المادة ألولى منه تنظيم الوسائل االلكترونية عن طريق وضع أحكام ترمي إلى حماية حياته
الخاصة والحريات الشخصية ،وأيضا التوجيهة االوروبية رقم )Directive 2002/ 58/CE( 2002/58الصادرة عن مجلس
االتحاد االوروبي بتاريخ 92جويلية 2112الخاصة بحماية الحياة الخاصة في قطاع المراسالت االلكترونية.
أما في التش ريع األمريكي نجد قانون خصوصية االتصاالت االلكترونية الصادر في ،9119باللغة اإلنجليزية:
(ECPA: Electronic Communication Privacy Act).
4
MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F) , « Leçons de droit civil les personnes, T.I , 2eme Vol, 8eme ed ,
Montchrestien , 1997 , p397-399.
43
حماية الحياة الخاصة للعامل
القانون واضح وصارم في مد الحماية للحياة الخاصة في أوقات العمل ،إذ ال يحق لصاحب
العمل وال لباقي الزمالء اآلخرين في العمل ،اإلطالع على سرية الرسائل متى تلقاها العامل لنفسه
أو أرسلها لغيره طالما أنها ال تدخل في إطار العمل الذي يقوم به في تلك المؤسسة.9
هذا ما أقرَته محكمة النقض الفرنسية في 2أكتوبر 2119في قضية ،Nikon feancحيث
قضت أن الرسائل اإللكترونية التي يرسلها العامل أو يستقبلها على الحاسب الخاص بصاحب العامل
تدخل في نطاق حياة العامل الخاصة ،وعليه يحظر اإلطالع عليها أو المساس بسريتها ،2وهو ما
أقرته أيضا في قرارات عديدة صدرت بعد سنة 2119مثل القرار الصادر عنها بتاريخ92
أكتوبر ،3 2114الذي يمنع صاحب العامل من فتح الملفات الشخصية للعامل المتواجب بكومبيوتر
المؤسسة لما يشكله من انتهاك لحياته الخاصة.
- 4حرمة الحياة العائلية
جوانبها عاطفية ،زوجية ،أسرية تعد من أدق عناصر الحياة إنَ الحياة العائلية بمختل
الخاصة ،وسواء تعلقت بخطبة أو زواج أو طالق أو أبوة فإنه ال يجوز المساس بها عن طريق
عنها للجمهور سواء كانت حقيقية أم خيالية، أو بأية وسيلة كانت ،وعدم الكش النشر في الصح
كنشر أخبار عن خطبة أحد االشخاص ،أو عالقة الزوج بزوجته ،ومدى نجاح العالقة ،وما يترتب
عليها من نتائج كالطالق أو الزَواج الجديد ، 4وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بعدم جواز نشر
المغامرات العاطفية ألن الحياة العاطفية تعد من أخص أمور الحياة الخاصة.3
اعتبر القضاء الفرنسي أن الحياة العاطفية تشمل الذكريات الشخصية ،فال يجوز نشرها إلى
بعـد موافقة صاحبها ،وذهبت محكمة النقـض الفرنسية على أن إلعتـداء على الحـياة الخـاصة
المرأة متزوجة ينطوي على اعتداء حق الزوج في الحياة الخاصة.9
9
Voir cass. Sociale du 17 Mai 2007.L’arrêt fut prononcé en faveur de l’employeur, déclarant que
« L’ouverture des fichiers personnels, effectuée hors présence de l’intéresse n’était justifiée par aucun ou
événement particulier ».
2
الملحق رقم Arrêt n° 4164 du 2 octobre 2001, Cour de cassation - Chambre sociale, N° de pourvoi: 99-42942.
11
3
الملحق رقم Cass.soc, 12 octobre 2004, N° 02-40392, Bull 2004, N° 245, p 226. 12
4
كريم مزعل شبي الساعدي -حسن محمد كاظم ،مرجع سابق ،ص .12
3
Cass.civ, 11 juin 1991, bull, civ, 1991-1-195.
9االطالع في هذا الصدد عن الحكمين الصادرين عن القضاء الفرنسي اآلتيين:
- Cass.Civ : 25/02/1966, Gaz-pal 1967-1, p 201
- Cass.Civ : 06/01/1971, J.C.P 1971-2, p723.
44
حماية الحياة الخاصة للعامل
أكدَ الفق ه بأن الحق في الحياة الخاصة ال يخص حياة الشخص نفسه ،وإنما يمتد ليشمل أسرته
أيضا سواء حصل االعتداء في حياته أو بعد مماته ،وهو ما قضت به محكمة مارسيليا في حكم لها
يتعلق بالحياة الخاصة للعائلة ،في قضية تتلخص وقائعها في أن أحد الصحفيين كان قد نشر جزء
فصل عن من الحياة الخاصة لزوجة أحد المحاميين ،والتي سبق زواجها من رجل شرطة معرو
عمله لسوء سلوكه وتورطه مع عتاه اإلجرام ليتلقى حتفه على أيديهم ،وقد رأى الزوج الحالي لهذه
السيدة أنَ ما تم نشره من وقائع يعد قذفا في خصوصية األسرة ،مطالبا بالحماية القانونية والحكم له
بالتعويض ،وقد قررت المحكمة أن مثل تلك الوقائع يعد من قبيل االعتداء الصارخ على حق األسرة
في الخصوصية ،ويحق لألسرة أن تدافع عنه حتى في حياة الشخص نفسه.9
تعتبر من قبيل الحياة الخاصة األمور العائلية المتصلة بمسألة النسب ،الكفالة والتبني ،2مسألة
الحمل أو ا ألمومة ،ويشترط لحماية أسرار الحياة الزوجية؛ أن يكون السر متعلق بالحياة الزوجية،
وأنَ ال توجد دعاوى قدر رفعت بين الزوجين بسبب رابطة الزواج.
- 5الحالة الصحية
تعتبر الحالة الصحية وما تتصل بها من رعاية طبية وعالج جزءاً من الحياة الخاصة
للشخص ،والتي يحرص على إخفائها عن الكافة ،و قد تؤدي أحيانا االصابة باألمراض إلى حد
االنسحاب من الحياة العامة.
تدخل في إطار الحالة الصحية للشخص كل ما يتعلق باألمراض التي تصيبه وتلقيه العالج
وأسباب ذلك سواء كانت هذه األسباب جسمانية أم نفسية أم عقلية ،فال يجوز النشر عنها بدون إذنه،
وإال اعتبر ذلك انتهاكا لخصوصية هذا الشخص ،ألن في مثل هذه الحاالت أحوج ما يكون االنسان
إلى الهدوء والسكينة ،بعيدا عن تطفل الغير وازعاجهم.3
في عدة حرصت القوانين المقارنة على حماية الحياة الصحية ،كما ساير القضاء هذا الموق
قضايا طرحت أمامه ،وتشمل هذه الحماية كل أنواع األمراض والعالج وأسبابه و كيفياته سواء تم
ذلك في داخل الوطن أو خارجه.
9
Trip. Marseille, 13 juin 1975, p 643. Voir en ce sens LINDON (R), la création prétorienne en matière de
droit de la personnalité et incidence sur la notion de famille, Dalloz, Paris, 1974, p 107.
2صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .242
3عماد حمدي حجازي ،مرجع سابق ،ص .931
43
حماية الحياة الخاصة للعامل
بواسطة عن الحالة الصحية للشخص بدون إذن محظور قانونا ،سواء كان هذا الكش الكش
أو المجالت أو بواسطة الطبيب ومساعديه أوالصيادلة وحتى أعضاء المؤسسات النشر في الصح
االستشفائية.9
ن المعلومات ذات الطابع الطبي تحاط بحماية قانونية لما لألطباء من التزام قانوني بالمحافظة
إَ
على سر المهنة ،حيث نجد أن المشرع الجزائري نص على وجوب التزام الطبيب بالحفاظ على
السر الطبي ،فجاء نص المادة 9/219من القانون 91/11المعدل والمتمم لقانون حماية الصحة
المريض وحماية شخصيته بكتمان السر المهني الذي يلزم به كافة وترقيتها « :يضمن احترام شر
االطباء وجراحو االسنان والصيادلة ».2
هذا اإللتزام يقع أيضا على عاتق طبيب العمل في مجال طب العمل بالتزامه بعدم إفشاء
أسرار العامل الصحية لغ ير الهيئات المحددة قانونا كهيئة الضمان االجتماعي وكذا مفتشية العمل
المختصة إقليما.
يترتب على انتهاك هذا السر المهني أن يقع هؤالء تحت طائلة أحكام المادة 319من ق.ع.ج
التي تنص «يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 21.111إلى 911.111دج
األطباء والجراحون والصيادلة والقابالت ،وجميع األشخاص المؤتمنين بحكم الواقع أو المهنة
أو الوظيفة الدائمة أو المؤقتة على أسرار أدلي بها إليهم وأفشوها في غير الحاالت التي يوجب
عليهم فيها القانون إفشائها ويصرح لهم بذلك ».
يكتسي هذا الحق أهمية خاصة لدى التشريعات المقارنة ،كما هو عليه الحال في القانون
L991-4من الفرنسي ،إذ نص المشرع الفرنسي على هذا االلتزام وحدد مضمونه في المادة
قانون الصحة العامة الفرنسي على أنه "كل شخص توَلَى العناية به صاحب مهنة صحية أو مؤسسة
أو شبكة صحية أو أي منظمة أخرى تشارك في الوقاية أوالعالجات ،له الحـق في احترام حياتـه
الخاصة وسرية المعلومات المتعلقة به.3
- 2الذمة المالية
من أهم المسائل التي تعتبر من صميم الحياة الخاصة ما يتعلق بالذمة المالية ،وهي ما
للشخص من حقوق وواجبات مالية ،وتعد من أدق أسرار االنسان ،ال يجوز االطالع على كل ما
9فريحة كمال ،المسؤولية المدنية للطبيب ،مذكرة لنيل شهادة ماجيستر في القانون الخاص ،تخصص قانون المسؤولية المهنية،
كلية الحقوق والعلوم السياسة ،جامعة تيزي وزو ،الجزائر ،سنة ، 2192صر.912
2القانون رقم 91/11مؤرخ في 39جويلية ،9111ج.ر عدد 33مؤرخة في 93أوت .9111
3أضيفت هذه المادة بموجب المادة 3من القانون رقم 2112/313الصادر بتاريخ 2112/13/14والمتعلق بحقوق المريض
وجودة نظام الصحة.
49
حماية الحياة الخاصة للعامل
يتعلق بها ، 9وقد أفرز التقدم العلمي من وسائل التعدي على األسرار المالية لإلنسان ما يجعل الذمة
المالية للشخص محل تهديد دائم 2نتيجة تتنوع هذه الوسائل ،وعليه تتعدد النصوص القانونية التي
تفرض الحفاظ على الذمة المالية.3
يندرج ضمن الذمة المالية مرتبات الموظفين العاملين بالقطاع العام والحكومة ،وأجور
العاملين بالقطاع الخاص والعام ،وأتعاب أصحاب المهن الحرة ،ويميز بعض الفقهاء بين مرتبات
الموظفين العاملين بالقطاع العام ،والحكومة التي تحدد بمقتضى القوانين واللوائح وهي بدورها
منشورة في الجرائد الرسمية ومتى أعلنت فقدت خصوصيتها ،وبين أجور العمال العاملين بالقطاع
الخاص التي تعتبر من أهم مظاهر الحق في الحياة الخاصة ،حيث أنها ال تنشر للكافة و تظل لها
خصوصيتها ، 4ويشكل انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة نشر العمليات المالية التي يقوم بها الشخص،
وحجم ثروته ،ونشر رقم الضريبة المفروضة عليه ،وأيضا نشر مقدار الوصية والتركة.3
المشرع الجزائري من الذمة المالية وأسرارها في عدة قوانين ،فهو يحمي يتجلى موق
سريتها من خالل قانون النقد والقرض الصادر بموجب األمر رقم 99/13المؤرخ في 29أوت
2113الذي يلزم العاملين في البنوك مهما كانت دراجاتهم سواء كانوا مسيرين أو مستخدمين
بضرورة الحفاظ على السر المهني وعدم إفشاء ما يتعلق بالذمة المالية لألشخاص ،9ويشمل سر
الوثائق الذمة المالية كل المعلومات المتعلقة بالزبون أو العميل من مراسالت وحسابات ومختل
البنكية المتعلقة بالزبون. 1
أما عن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته رقم 19/19الصادر بتاريخ 21فيفري 2119
السامية التصريح بممتلكاته عند تولي الوظيفة وعند العمومي في الوظائ نجده يلزم الموظ
انتهائها ،ولكن هذا اإلستثناء ال يشكل خطورة على الذمة المالية ألن التصريح بها يكون من
إختصاص جهة معينة ومحددة ،1يلتزم األشخاص المكونين لها بعدم إفشاء هذه التصريحات ،إالَ إذا
تعلق األمر بجريمة.
9كريم مزعل شبي الساعدي -حسن محمد كاظم ،مرجع سابق ،ص .12
2عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .311
3مثال ذلك :القانون رقم 99/13المؤرخ في 2113/11/29المتعلق بالنقد والقرض المعدل والمتمم باألمر رقم 14/91الصادر
،2191 /11/29والقانون رقم 19/13المؤرخ في 2113/14/19المتعلق بالوقاية من تبييض األموال ،والقانون رقم 19/19
المؤرخ في 2119/12/21المتعلق بالوقاية من الفساد.
4عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .311
3محمود عبد الرحمان محمد ،مرجع سابق ،ص .291
9الحاسي مريم ،التزام البنك بالمحافظة على السر المهني ،مذكرة لنيل شهادة الماجيستر ،تخصص مسؤولية المهنيين ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان ،الجزائر ،السنة الجامعية ، 2192-2199ص .13
1صفية بتاشن ،مرجع سابق ،ص .249
1تتمثل هذه الجهة في القانون الجزائري سالف الذكر في الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد وكافحته والمنشئة بموجب المادة 91منه.
41
حماية الحياة الخاصة للعامل
كرَست التشريعات المقارنة حماية الذمة المالية وسريتها في عدة قوانين من بينها القانون
المدني الفرنسي في مادته التاسعة ،والتشريع المصري من خالل القانون 931لسنة 9119
بخصوص الضرائب ،والقانون رقم 213لسنة 9111بشأن سرية البنوك.9
اآلراء السياسية والمعتقدات الدينية -2
تعد اآلراء السياسية مظهراً من مظاهر الحياة الخاصة ،وهي تلك اآلراء غير المعلنة للمواطن
بخصوص األحزاب السياسية القائمة المتنافسة فيما بينها من أجل كسب ثقة الجمهور وتأييد أكبر
عدد ممكن من الجمهور ،كما يعتبر مساسا بالخصوصية نشر صورة شخص وهو يمسك ببطاقة
عمن صوت له ،أو إذا انطوت على تركيب للصورة يغير من التصويت اإلنتخابية بصورة يكش
حقيقة وضعه أثناء اإلنتخابات.2
عنها بدون القانون يحمي هذه اآلراء السياسية عن طريق سرية التصويت ،3فال يجوز الكش
موافقة الشخص ومن تم فإن نشر صورة شخص في إعالنات إحدى االحزاب السياسية بصورة تثير
االعتقاد أنه ينظم إلى هذا الحزب يعتبر من قبيل المساس بالحياة الخاصة.
أما المعتقدات الدينية هي حق الشخص في اعتناق ما يشاء من األديان ،أو عدم اعتناقه ألي
عن ذلك ألي جهة أو فرد ،4ويذهب الفقه الفرنسي إلى أن المعتقدات دين ،وهو غير ملزم بالكش
الدينية للشخص تعتبر من المسائل التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة.
االعتقاد الديني يعتبر من األمور النفسانية التي تقوم بين اإلنسان وربه ،لذك فإن مبدأ حماية
الشخص ضد أي ضغط أو إكراه ديني وحرمة عقيدته يتطلب حمايته ضد الفضولية وتطفل الغير،
ضمانا الحترام حقه في الحياة الخاصة.
الفرع الثاني
عناصـر الحياة الخاصة المختلف فيها
فقهي وقضائي بشأن دخولها كانت وال تزال بعض العناصر المهمة محل جدل وخال
أو عدم دخولها في نطاق الحياة الخاصة للشخص ومن أهمها الحق؛ في االسم والحق في الصورة،
الحق في حرمة جسم االنسان والحق في سرية الحياة المهنية أوالوظيفية ،وكذا الحق في قضاء
أوقات الفراغ.
9القانون رقم 213لسنة 9111بشأن سرية البنوك ،ج.ر عدد 31مؤرخة في .9111/91/12
2عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .244
3كريم مزعل شبي الساعدي-حسن محمد كاظم ،مرجع سابق ،ص .13
4عماد حمدي حجازي ،مرجع سابق ،ص .991
41
حماية الحياة الخاصة للعامل
- 1الحق في االسم
االسم هو الوسيلة أو العالمة التي بها تتحدد ذاتية كل شخص ،9فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بحالة
على أنه « اللفظ الذي يستخدم عادة لتحديد الشخص وتمييزه عن الشخص وبشخصيته ،2وقد عر
غيره من األشخاص ،وقد يستخدم االسم بالمعنى الضيق ،للداللة على اسم صاحبه وحده ،كما قد
يستخدم بالمعنى الواسع لبيان اسم الشخص ولقبه».3
ثار جدل فقهي حول ما إذا كان اسم الشخص عنصرا من عناصر حياته الخاصة أم ال ،فاتجه
جانب من الفقه والقضاء إلى أنه لما كان الحق في الحياة الخاصة يعني حق الشخص في أن يعيش
حياته كما يشاء دون أدنى تدخل من الغير ،فإن هذا الحق يشمل أول ما يشمل حماية الحق في االسم
ضد أي اعتداء ،4ومن تم يعتبر عنصرا من عناصر حياته الخاصة.
باريس في يجد هذا االتجاه بعض التطبيقات القضائية في فرنسا ،حيث أدانت محكمة استئنا
حكم لها في 91ماي 9111إحدى المجالت التي كانت قد كشفت عن االسم الحقيقي ألحد الفنانيين
على النحو الذي تمكن معه الجمهور من التطفل على خصوصياته.
كان المعتدى عليه في القضية يمارس عمله الفني باسم مستعار حرصا منه على الفصل بين
حياته المهنية و حياته الخاصة ،وهو السبب الذي جعل المحكمة ترى أن االعتداء الواقع على اسمه
كان من قبيل االعتداء على الحق في الحياة الخاصة.3
بينما ذهب اتجاه آخر من الفقه -وهو االتجاه الغالب -على العكس من ذلك ،9فاعتبر أن حق
في االسم ال يعد من قبيل الحق في الحياة الخاصة ،بل هو أحد الحقوق اللصيقة بالشخصية ،وذلك
9بيرك فارس حسين الجبوري ،حقوق الشخصية وحمايتها المدنية ،دراسة مقارنة ،دار الكتب القانونية ،مصر ،2199 ،ص .91
2هذا ما ورد في حكم المحكمة االوروبية لحقوق االنسان الصادر في 22فبراير .9114
C.ED.H du 22 fév. 1994 : BURCHARTZ/SUISSE. La cour déclare que : « Le nom, en tant que moyen
d’identification personnelle et de rattachement à une famille, intéresse la vie privée et familiale de
l’individu ».
3ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص .233
4هذا ما أكدت عليه المحكمة االوروبية لحقوق االنسان مرة أخرى في حكمها الصادر بتاريخ 91جوان 2113والذي جاء فيه:
« Le nom de la personne est réellement un élément de la vie privée et familiale ». C.E.D.H, 17 Juin 2003,
PILAR de la CIERVA C/Espagne ; 13-07-2006 JAGGI C/ Suisse.
3
Cour de cassation Paris, 1970.Dalloz, 1970.P 466.
9انظر حسام الدين كامل االهواني ،مرجع سابق ،ص -19محمود عبد الرحمان محمد ،مرجع سابق ،ص -211أحمد فتحي
سرور ،مرجع سابق ،ص 11و ، 11حيث يعتبر هذا االخير أن مجرد استعمال االسم دون موافقة صاحبه ال يعتبر اعتداء على
حرمة حياته الخاصة ما لم يكن مقرونا بذكر أسرار عن حياته الخاصة .أما في الفقه الفرنسي فيمكن الرجوع الى:
LINDON (R), Les droit de la personnalité, op.cit, p 17, N°36, FERRIER (D), OP.cit, p165.
41
حماية الحياة الخاصة للعامل
لفقدانه صفة السرية التي تتسم بها حرمة الحياة الخاصة ،ألن االسم يتميز بأكبر قدر من العالنية،
ومن تم ال يكون االعتداء عيه بكشفه للغير ،وإنما يكون بالخلط في االسماء وانتحالها.9
المشرع الجزائري فقد نص في المادة 21من القانون المدني على «يجب أن أما عن موق
القانون الجزائري يتفق يكون لكل شخص اسم ولقب يلحق أوالده» ،وعليه يمكن القول أن موق
والرأي المنكر العتبار االسم عنصرا من عناصر الحياة الخاصة ،وبالتالي ال يتم اإلعتداء عليه
بكشفه للغير ،وإنما يأخذ االعتداء على االسم صورا أخرى كانتحالته من قبل الغير.2
- 2الحق في الصورة
تعد الصورة انعكاسا لشخصية االنسان ليس في مظهرها المادي فحسب ،بل في مظهرها
المعنوي ، 3ألنها المرآة التي تعكس مشاعره وانفعاالته ،وتعبر عما يخفيه المرء بداخله .فالصورة
عن ذاته وترصد مكنونات نفسه.4 سمة مميزة للشخص وبصمة خارجية له تكش
لعلَ التقدم الذي شهده قطاع التصوير وأدواته بشكل خاص ،خلق نوعا من التحدي أمام
االنسان الذي يرغب في كل األحوال أن تظل حياته الخاصة بعيدة عن أعين االخرين والمتطـفلين،
في الوقت الذي أصبح فيه من السهل التسلل الى خصوصيات الفرد واالعتداء عليها.3
الفقه حول مدى اعتبار الحق في الصورة عنصرا من عناصر الحق في الحياة الخاصة، اختل
إذ اعتبر البعض بأن االعتداء على الصورة في حاالت معينة من قبيل المساس بالحياة الخاصة ،9بل
اعتبروها من أكثر العناصر قدسية ،1وفي حاالت أخرى ينظر إليه على أنه حق مستقل ،يرجع
أنصار اإلتجاه القائل باستقاللية الحق في الصورة عن الحق في الحياة الخاصة أن هذه األخيرة
تحمي الجانب المعنوي من شخصية الفرد ، 1أما الحق في الصورة فيحمي الجانب المادي لجسم
االنسان.1
إن الحق في الصورة يخول لصاحبه حق اإلعتراض على تصويره أثناء ممارسته لحياته
العامة ،وإن كان الحق في الصورة يصاحبه غالبا اعتداء على الحق في الحياة الخاصة فإن ذلك ال
31
حماية الحياة الخاصة للعامل
يعني الخلط بين الحقين ،فلإلنسان اإلعتراض على تصويره حتى لو كان ذلك ال يمثل اعتداء على
حياته الخاصة.
عمد القضاء الفرنسي الى حماية الحق في الصورة بصفة مستقلة عن حماية الحياة الخاصة،
وأقرَ أنه يمكن أن يكون الحق في الصورة محال لالعتداء حتى لو أثناء ممارسة الشخص للحياة
العامة ،9غير أن الرأي الغالب في الفقه يعتبر هذا الحق ذو طبيعة مزدوجة إذ يمكن حمايته باعتباره
عنصر من عناصر الحق في الحياة الخاصة ،2كما يمكن حمايته أيضا بوصفه حقا قائما بذاته
ومستقال ،كونه يدخل في دائرة حقوق الشخصية.3
حماية الحياة الخاصة للعامل ،أقرَ القضاء الفرنسي أنه حتى وإن كان للمستخدم الحق بهد
في التعرض لبعض الجوانب الخاصة ألسباب تتعلق بحسن أداءه لعمله ،أو ألسباب أمنية في مكان
العمل ،كأن يصدر المستخدم تعليمات تقتضي ضرورة لبس هندام معين كالمآزر أو الخـوذة مثال،
أو منع ارتداء اللباس الرياضي في مكان العمل ،4فإن للعامل الحق في احترامه حياته الخاصه ،إذ
يمنع على المستخدم مراقبة تصرافاته بأية وسيلة كانت في أوقات العمل أو خارجها بالتصوير
أو التجسس عليه.3
بالحق في الصورة وحمايته ،من بينها أمام هذه األهمية بادرت بعض التشريعات إلى االعترا
التشريع الجزائري حيث نص قانون العقوبات الجزائري في المادة 313مكرر فقرة 2على تجريم
تصوير شخص في مكان خاص بغير إذنه أو رضاه ،سواء أكان ذلك بااللتقاط أو التسجيل أو النقل
بأية تقنية كانت ،ومن جهة أخرى ساند القضاء الجزائري فكرة ضرورة احترام الحق في الصورة
باعتباره عنصرا من عناصر الحياة الخاصة بتطبيقه للمادة 41من ق م ج.9
39
حماية الحياة الخاصة للعامل
التشريع المصري بالحق في الصورة من خالل نص المادة 39من القانون رقم 334 اعتر
على أنه" ال يجوز نشر صور الشخص بدون رضاه ،فضال عن لسنة 9 9134الخاص بحق المؤل
المادة 31قانون المدني والمادة 311مكرر من قانون العقوبات المصري ،أما في التشريع
الفرنسي 2يعاقب المادة 9-229من قانون العقوبات الفرنسي كل من اعتدى على ألفة الحياة
الخاصة بالتقاط أو التسجيل أو بالنقل دون موافقة صاحب الشأن صورة شخص في مكان خاص
والحقوق المجاورة. إضافة قانون حقوق المؤل
المشرع اللبناني بدوره جرَم االعتداء على في الحق في الصورة في المادة 211من ق.ع،3
ونجد في التشريع المغربي المادة األولى من القانون رقم 11-11المتعلق بمعالجة المعطيات ذات
الطابع الشخصي تحمي الحق في الصورة من أي اعتداء.4
أيض اً نص المشرع الكويتي صراحة في قانون المطبوعات والنشر رقم 3/2119على تحديد
المسائل المحظور نشرها في المطبوعات أو الصحيفة والتي تمثل مساسا بالحياة الخاصة للموظ
بخدمة عامة ،إضافة إلى القانون الكويتي رقم 99لسنة 2111المتعلق باإلعالم السمعي أو المكل
والبصري ،ليحظر أي مساس بكرامة االشخاص أو حياتهم الخاصة ،والمساس بالحياة الخاصة
بخدمة عامة.3 أو المكل للموظ
- 3الحق في حرمة جسم اإلنسان
يعد الحق في حرمة الجسم من أهم الحقوق بعد الحق في الحياة ،ويقصد بهذا الحق عدم
األعضاء فضال عن تحرره من األالم المساس بسالمة وأمن الجسم ،وبالعمل الطبيعي لوظائ
البدنية والنفسية ،9تتضمن حرمة الجسم كل من الحق في التكامل الجسدي والحق في االحتفاظ
9قانون حماية المؤلف رقم 334لسنة 9134المعدل بالقانون رقم 31لسنة ،9112الجريدة الرسمية عدد 23الصادرة بتاريخ
.9112/19/14
2
Voir le code de la propriété intellectuelle et de la propriété industrielle (droit d’auteur et droit voisins) : loi
N°92-597 du 1ere Juillet 1992.
3ابراهيم علي حمادي ،انتهاك حرمة الحياة الخاصة "الخطأ الصحفي نموذجا" دراسة مقارنة ،مجلة جامعة األنبار للعلوم القانونية
والسياسية العدد الثاني ،كلية القانون الفلوجة ،العراق ،بدون سنة نشر ،ص .211
4نور الدين الناصري ،النظام القانوني للحق في الحياة الخاصة – دراسة في ضوء التشريعي المغربي والمقارن – مجلة الفقه
والقانون ،العدد التاسع ،جويلية .2193ص .91
3فهيد محسن الديحاني ،الطبيعة القانونية للحق في الصورة وحمايته الم دنية في القانون الكويتي ،المجلة العربية للدراسات األمنية
والتدريب ،المجلد ،21العدد ،39بدون سنة نشر ،ص .219
9ادم عبد البديع حسين ،الحق في حرمة الحياة الخاصة ومدى الحماية التي يكفلها القانون الجنائي ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
،2111ص .331
32
حماية الحياة الخاصة للعامل
9أكرم محمود حسين البدو ،بيرك فارس حسين ،الحق في سالمة الجسم ،دراسة تحليلية مقارنة ،مجلة الرافدين للحقوق،مجلد ،1
العدد ،33سنة ،2111ص ،93أيضا بيرك فارس حسين الجبوري ،مرجع سابق ،ص .941
2نذكر على سبيل المثال القانون الفرنسي الذي كرس مبدأ حرمة الكيان الجسمي للشخص في المواد من 99إلى 1-99من القانون
المدني الفرنسي ،والمادة 31من القانون المدني المصري ،والمادة 41من القانون المدني الجزائري ونجد مبدأ عام في الدستور
الجزائري يقضي بعدم المساس بالسالمة البدنية والمعنوية لإلنسان في المادتين 33-34من دستور ،.9119كما خصص المواد من
233إلى 219من ق ع لتجريم االعتداء على جسم االنسان.
3ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص .239
4
MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit.p 375, 378, RAVANAS (J), op.cit, p8.
3أخذ بهذا االتجاه قرارات مؤتمر البالد االسكندنافية المنعقد في 91ماي ،9191وقرارات الندوة الدولية لالتفاقية االوروبية
الخاصة بحقوق االنسان المنعقد في بروكسل سنة .9111
9صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .211
1
Conférence international du travail. Cinquième session : les techniques au service de la liberté, l’homme et
son milieu, Rôle de l’O.I.T, Rapport du Directeur général, partie I, (Bureau international du travail, Genève,
1972), p 34-36.
33
حماية الحياة الخاصة للعامل
يرفض تعيين المرشح للعمل بعد فحص شخصيته ،قد يحتفظ بجميع المعلومات الشخصية السرية
التي تحصل عليها من هذا المترشح بهذه الوسيلة.
الحق في سرية الحياة المهنية أوالوظيفية -4
تعد الحياة المهنية والوظيفية من ضمن العناصر التي ثار بشأنها جدل فقهي ،من حيث
اعتبارها عنصرا من عناصر الحياة الخاصة من عدمها ،إذ ذهب الفقهاء الى التفرقة بين الجانب
العلني وغير العلني للمهنة 9أو الوظيفة ومدى اتصاله بالجمهور ،باإلعتماد على طبيعة المهنة
أو الوظيفة ،فإن كانت هذه المهنة أو الوظيفة ال تتصل بالجمهور اعتبرت عنصرا من عناصر
العادي في وظيفته ،والعامل في مقر عمله.2 حياته الخاصة ،ومثال ذلك الموظ
هذا رأي اإلتجاه الغالب في الفقه المقارن 3الذي نادى بضرورة النظر الى طبيعة العمل
أو النشاط الذي يزاوله الشخص؛ فالجانب العلني العام من الوظيفة أو المهنة يعتبر داخال في الحياة
عنه ال يعد خرقا للحياة الخاصة ،مثال ذلك التعرض للعالقات مع العامة 4والتعرض له بالكش
العمالء.
وسيرته داخل أما الجانب السري من ممارسة أية مهنة أو حرفة أو وظيفة كنشاط الموظ
مقر عمله ، 3أو العامل داخل المؤسسة المستخدمة ،فإن ذلك كله وما يأخذ حكمه ،يدخل في نطاق
أو الحرفي.9 الحياة الخاصة للعامل أو الموظ
أحيانا قد تتداخل الحياة المهنية مع الحياة الخاصة فيصعب التمييز بينهما ،وفي هذه الحالة
يمكن أن تكون الحياة الخاصة شرطا من شروط عقد العمل ،ألنه يمكن أن يرغم المستخدم العامل
على الشغل يوما من أيام عطلة نهاية االسبوع كالجمعة أو السبت مثال ،ولو كان للعامل أو الموظ
في هذا اليوم بالذات التزامات عائلية ،في هذه الحالة يمكن المساس بالحياة الخاصة للعامل
لضرورا ت منصوص عليها في العقد ،وهنا تداخل الحياة المهنية مع الحياة الخاصة أوالموظ
يكون على حساب الحياة الخاصة للعامل.1
34
حماية الحياة الخاصة للعامل
يكون التدخل في الحياة الخاصة أثناء تكوين العقد وذلك في إطار ملىء االستمارة الخاصة
أو تفتيشه بطلب الشغل أو المنصب ،أو أثناء تنفيذه في شكل التجسس على العامل أو الموظ
بصفة غير مشروعة ،أوعند انهائه لعالقة العمل لسبب حادث يتعلق بالحياة العائلية مثال.9
للعامل الحق في احترام حياته الخاصة في مكان عمله ،فيمنع على المستخدم مراقبة تصرفاته بأي
وسيلة كانت في أوقات العمل ،بالتصوير أو بالتنصت عليه ،2بمتابعته بواسطة مخبر خاص 3أومن
عامل آخر في الهيئة المستخدمة نفسها ،كما ال يجوز له منعه من اختيار محل اقامته ،4وال طر
إرغامه على مواصلة العمل في المنزل.
الفقه أما القضاء وعلى المستوى األوروبي فقد قررت المحكمة االروبية هذا عن موق
لحقوق االنسان بأن مفاهيم الحياة الخاصة والمسكن والمراسلة تغطي النشاطات المهنية أو التجارية،
وكذلك األماكن التي تمارس فيها هذه النشاطات ،كما أكدت المحكمة بعدم وجود أي سبب يسمح
بإقصاء النشاطات المهنية أو التجارية من مدلول الحياة الخاصة.3
- 5الحق في قضاء أوقات الفراغ
يعد قضاء أوقات الف راغ والراحة لإلنسان من أهم مظاهر حرمة الحياة الخاصة ،فتنقالت
وسلوكه ومكان إقامته أثناء أوقات الفراغ والراحة من خصوصيات صاحبها فقط ،فضغط العمل
يفرض على العامل أن يخلو إلى نفسه ليزيل عنه تعب العمل وليتمتع بالهدوء والسكينة ،ويجدد
نشاطه ليواجه أعباء العمل من جديد.9
قضاء أوقات الفراغ في األماكن الخاصة ال يثير أي إشكال طالما أنه في ظل الحماية القانونية
أثناء قضاء أوقات الفراغ في األماكن العامة ،حيث ثار خال لحياته الخاصة ،ولكن األمر يختل
فقهي بشأن هذه المسألة وانقسم الفقه الى فريقين ،فبينما يرى االتجاه األول أن كل ما يجري في
9
RAVANAS (J), op.cit,p 49.
2
Voir l’arrêt déjà cité Paris, 19 Mars 2002 : aff. Du micro caché, N°1534, D 2003.
3
Voir cass. Soc26 Nov 2005, Bull civ.V, N° 352, 2006-394. Obs A.FABRE : Il résulte de l’art 8 de la CEDH
et l’art.L 120-2 du code de travail qu’ « Une filature organisée par l’employeur pour contrôler et surveiller
l’activité d’un salarié constitue un moyen de preuve illicite….elle implique nécessairement une atteinte à la
vie privée de ce dernier, insusceptible d’être justifiée, eu égard à son caractère disproportionné, par les
intérêts légitimes de l’employeur ».
4كريم مزعل شبي الساعدي ،مرجع سابق ،ص .13
3صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .214
9عصام أحمد البهجي مرجع سابق ،ص .231
33
حماية الحياة الخاصة للعامل
مكان عام ،حتى ولو تعلق النشاط بقضاء أوقات الفراغ يدخل في نطاق الحياة العامة وتنتفي عنه
صفة الخصوصية ،9وال يكون منوطا بالحماية القانونية المقررة للحق في الحياة الخاصة.2
يرى أنصار اإلتجاه الثاني أن أوقات الفراغ تعد جزءا من الحق في الحياة الخاصة ،بغض
النظر عن مكان ممارسة هذه األنشطة ،3ذلك أن المرء حين يسعى إلى قضاء إجازته إنما يريد
البحث عن الخلوة والهدوء ليزيل عنه أعباء العمل ويريح أعصابه ويستعيد حيويته ،ومن ثم ال
عن محل إقامته بدون إذنه ،4وإذا ما يجوز للغير تكدير راحته أو تعكير صفو هدوئه ،وال الكش
حدث ذلك كان بمثابة اعتداء على حياته الخاصة.3
أيَد غالبية الفقه الفرنسي و المصري هذا الرأي على اعتبار أن قضاء أوقات الفراغ عنصر
من عناصر الحياة الخاصة بغض النظر عن مكان حدوثه ،إذ ال مانع من أن تستمد صفة
الخصوصية من حالة األشخاص أنفسهم ال من طبيعة المكان ،9فحالة الخصوصية يمكن أن تتوفر
في المكان العام ،1حيث أن قضاء أوقات الفراغ يندرج تحت إطار ترك الشخص يمارس حياته دون
تدخل أو إزعاج.1
خالصة لهذا المبحث المتضمن ماهية الحياة الخاصة للعامل وتحديد عناصرها ،نالحظ أنه إذا
كان لتحديد نطاق الحياة الخاصة بشكل عام أهمية كبيرة فإن هذه األهمية تزداد إذا تعلق األمر
بأحد العمال ألن حياته الخاصة قد تتعرض بشكل أكبر للتقييد والمساس بها ،فهو كمواطن قد تنتهك
حياته الخاصة من قبل الغير أو من قبل سلطات الدولة ،وبصفته عامل فهو أكثر عـرضة لالعتداء
على حياته الخاصة من قبل صاحب العمل.1
العامل بحكم العقد الذي يربطه بصاحب العمل ،يخضع في أدائه للعمل المنوط به لرقابة
وتوجيه رب العمل ،وهذا ما يعبر عنه بعالقة التبعية التي تعتبر جوهر عقد العمل ،والتي وإشرا
9
BADINTER (R), « Le droit au respect de la vie privée », op.cit, p12 et 13.
2راجع هذا الموضوع في الفصلول من هذا الباب ،المبحث األول المطلب األول الفرع األول بمناسبة تعريف الحياة الخاصة
تعريفا سلبيا انطالقا من معيار مضمون الحياة العامة ،ص .91
3
LINDON (R), « La presse et la vie privée », op.cit, p25.
4
LINDON (R), « Droit de la personnalité», op.cit, p54.
3كريم مزعل شبي الساعدي ،مرجع سابق ،ص .13
9محمود عبد الرحمن محمد ،مرجع سابق ،ص .214
1حسام الدين كامل األهواني ،مرجع سابق ،ص .94
1عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .241
1صالح محمد أحمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل وضماناتها في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة ،مرجع سابق،
ص .21
39
حماية الحياة الخاصة للعامل
بمقتضاها يكون لصاحب العمل سلطة تنظيم العمل ،والتحقق من مدى التزام العامل بأداء عمله وفقا
لتعليماته وتوجيهاته ،عمال بالقواعد التنظيمية للمؤسسة المستخدمة.
ال شك أن التبعية بهذا المعنى تفترض تنازال جزئيا من قبل العامل عن حريته وتقييداً لها ،إذ
يمكن لصاحب العمل وإلعتبارات معينة أن يتدخل فيضع قيودا على حياة العامل الخاصة حتى في
خارج مكان ووقت العمل انطالقا من مبدأ األمانة الذي يملي على العامل أال يفشي أسرار العمل
وأال ينافس صاحب العمل 9أو انطالقا من مضمون العقد أو نصه الصريح بمراعاة اعتبارات معينة
أوصفة خاصة بالعامل ،2أو انطالقا من مصالح المؤسسة المستخدمة والمحافظة على حسن سير
العمل.3
غير أنَ الواقع يؤكد أن خضوع العامل لسلطة صاحب العمل ال يعني تنازل العامل عن
المزايا األساسية لحياته الخاصة ،فحرمة هذه الحياة مصونة وال تطالها أوامر صاحب العمل ،4ألن
التبعية المقصودة هنا هي تبعية مهنية ال تمس مجال الحياة الخاصة للعامل.3
نصوص القانون التي تفرض حرمة الحياة الخاصة نصوص عامة ،تنطبق بالتالي على
عالقات العمل ،وتأكيدا على ذلك حرصت بعض التشريعات على عدم اإلكتفاء بالنصوص العامة
التي تكرس الحق في الحياة الخاصة وضرورة احترامها ،بل لجأت إلى التأكيد على حق العامل في
نتطرق له من الحياة الخاصة من خالل نصوص صريحة في صلب قانون العمل ،وهذا ما سو
خالل المبحث الموالي الخاص باإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل.
المبحث الثاني
اإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة للعامل
هذه الحماية صون تحتل حماية الحياة الخاصة بؤرة اهتما م اإلنسان منذ القدم ،وتستهد
كرامة اإلنسان واحترام آدميته من خالل عدم التطفل عليه وعدم انتهاك أسراره وسائر جوانب
حياته الخاصة ،9و ازداد اإلهتمام بالحق في الحياة الخاصة في المجتمعات الحديثة مع نهاية القرن
التاسع عشر إثر التطور التكنولوجي والعلمي وكذا اإلنتشار السريع لوسائل اإلعالم واإلتصال حيث
9صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
،2119ص 999وما بعدها
2عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .241
3محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .39
4محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص 39
3خالد حمدي عبد الرحمن ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،.2119-2113 ،ص .42
9
صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .3
31
حماية الحياة الخاصة للعامل
31
حماية الحياة الخاصة للعامل
31
حماية الحياة الخاصة للعامل
9الصادر بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 2211في ديسمبر ، 9199وانضمت إليه الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي
رقم 91/11المؤرخ في 99ماي ،9111ج.ر ،عدد 21بتاريخ 91 :ماي ،9111وتم نشر نصوصه في ج.ر عدد 99بتاريخ 29
فيفري .9111
2صادقت على هذا العهد 993دولة ،ووقعته ست دول أخرى ،وتعتبر الجزائر من بين الدول التي صادقت على هذا العهد بتاريخ
99ماي 9111بموجب المرسوم الرئاسي 91/11الصادر في . 9111/13/99
3
الملحق رقم Cass. Soc, 17 mai 2005, Dr. Soc. 2005, p 789, note J.E. RAY. 14
91
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
T. G.I Paris, 1 er ch, soc, 19 avril 2005, cité par Agathe LEPAGE et autres, Droit de la personnalité, art.
Prec, p 264 et s.
99
حماية الحياة الخاصة للعامل
9انظر الوثيقة النهائية للمؤتمر – منشورات األمم المتحدة بنيويورك ،ص 9وما بعدها .
2بن سعيد صبرينة ،حماية الحق في الحياة الخاصة في عهد التكنولوجيا ،أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية ،تخصص قانون
دستوري ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،السنة الجامعية ،2193/2194ص .931
3ممدوح خليل بحر ،المرجع سابق ،ص .12
4
بيو خالف ،المرجع السابق ،ص .13
92
حماية الحياة الخاصة للعامل
دعا المؤتمر كذلك إلى تفعيل دور الهيئات الحكومية والمهن القانونية بواجبها في العمل على
درء الخطر عن طريق عدم قبول أدلة اإلثبات المتحصل عليها بالوسائل التكنولوجية الحديثة،
كاستخدام آالت التصوير الخفية وعالية الدقة.9
على هذا األساس تم في فرنسا إنشاء اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات ) ،)CNILوهي
مختصة في تلقي الشكاوى والطلبات المتعلقة بمخاطر اإلستخدام التعسفي لهذه األجهزة ،ولهذا قضت
الدائرة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية بأن قيام صاحب العمل بتركيب جهاز التحويل اآللي في
مكان العمل ينبغي أن يكون مسبوقا بإخطار إلى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات)،2)CNIL
وإالَ أصبح مرتكبا لجريمة معلوماتية.3
كما قضت الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر بتاريخ
9119/99/21على أنه « إذا كان لصاحب العمل الحق في مراقبة أداء عماله خالل وقت العمل،
فإن كل تسجيل ،أيا كان باعثه ،لصورهم أو كالمهم ،بغير علمهم ،يعتبر أداة إثبات غير
مشروعة.4»...
المؤتمر الدولي لخبراء اليونسكو
اجتمع خبراء اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس في الفترة الممتدة ما بين 91إلى 23
جانفي ،9111لدراسة موضوع حماية الحياة الخاصة ،وقد ورد عن السيد ) 3(A-sedouأن
موضوع الحق في الحياة الخاصة قد تفرعت عنه مشكالت أدت إلى تعارض مصلحة الفرد وحقه
في حرمة حياته الخاصة مع حق المجتمع والمصلحة العامة.9
بُغية الوصول إلى محاولة تحقيق التوازن بين المصلحتين ،تداول المجتمعون في هذا المؤتمر
حماية الحق في الحياة الخاصة في المادة الثانية عشر من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،وأبدو
عدة توصيات كان أهمها التوسع في بسط الحماية الالزمة للحفاظ على الحق في الحياة الخاصة من
تدخل السلطات العامة في الدولة خاصة بعد اتساع نطاقه.
93
حماية الحياة الخاصة للعامل
94
حماية الحياة الخاصة للعامل
هذه األخيرة ال تنفصل دائما عن الحياة العامة .حيث يمكن للحياة العامة أن تقع في الخصوصية
بإرادة الشخص المعني وحده.9
اإلتفاقية األوروبية لحقوق األفراد من المعالجة اإللكترونية للمعلومات الشخصية
جاءت هذه اإلتفاقية والتي تم التوقيع عليها في ستراسبورغ بتاريخ 21جانفي ،2 9119من
أجل ضمان الحياة الخاصة األفراد في مواجهة االستخدام اآللي للمعلومات ذات الطابع الشخصي،
كما تالها إصدار الميثاق األوروبي للحقوق األساسية والذي بدأ العمل به في ديسمبر ،2111ليؤكد
بدوره في المادة السابعة منه على حق كل شخص في احترام حياته الخاصة وحياته العائلية ومسكنه
واتصاالته.3
اتفاقية بودابست
تمَ التوقيع على هذه اإلتفاقية بتاريخ 23نوفمبر 2119من قبل الدول األعضاء في مجلس
أوروبا ،ومن بين المواضيع التي أولتها اهتمام حماية األفراد إزاء المعالجة اآللية للبيانات
الشخصية ،كما نصت على الجرائم المرتكبة ضد سرية وسالمة البيانات وتنظيم المعلومات ،كما تم
إصدار مجموعة من األدلة أهمها الدليل المتعلق بمعالجة البيانات الشخصية وحماية الحياة الخاصة
بقطاع اإلتصاالت.4
اإلتفاقية األمريكية لحقوق االنسان
تمَ إعداد هذه اإلتفاقية أثناء انعقاد مؤتمر حقوق االنسان بمدينة سان خوسيه بكوستريكا بتاريخ
22جانفي ،3 9191وتعرضت للحياة الخاصة وأوجبت حمايتها من خالل عدة نصوص أهمها
المادة 99منها التي تنص على أنه " لكل إنسان الحق في أن يحترم شرفه وتصان كرامته".
9
نويري عبد العزيز ،مرجع سابق ،ص .11
2تم التوقيع على هذه اإلتفاقية في ستراسبورغ بتاريخ 21يناير 9112تحت مظلة المجلس األوروبي المتعلقة بحماية األشخاص
في مواجهة مخاطر المعالجة ا إللكترونية ذات الطبيعة الشخصية ،ووقعت على هذه اإلتفاقية أكثر من خمسة عشر دولة منها فرنسا،
بلجيكا ،النمسا ،الدنمارك ،إيطاليا ،إلخ .ألكثر تفاصيل أنظر في هذا الصدد علي أحمد الزغبي ،مرجع السابق،ص .44
3ميثاق الحقوق األساسية لإلتحاد األوروبي المتاحة على الموقع االلكتروني:
http://www1.umn.edu/humanrts/arab/eu-rights-charter.htmlتاريخ االطالع2194/13/91 :
4الدليل األوروبي الصادر في 92جويلية 2112المتعلق بحماية الحياة الخاصة بقطاع االتصاالت الدولية ،والذي دخل حيز التنفيذ
في 19أوت ، 2112وقد عال هذا الدليل عدة مسائل أهمها :البريد االلكتروني ،وبرام التنصت والهاتف النقال ،واعتبر أن هذه
التقنيات تشكل تهديد وخطر على الحياة الخاصة .ولذلك عمد على اتخاذ كافة التدابير التنظيمية والتقنية للحيلولة دون الوصول الى
المعلومات ،وخرق شبكة االتصاالت ،كما نص الدليل على مبدأ سرية االتصاالت ،وخص عقوبات في حالة خرق األحكام
المنصوص عليها في هذا الدليل.
3دخلت هذه اإلتفاقية حيز التنفيذ بتاريخ 91جويلية ،9111وتتضمن 19مادة تحتوي عما يزيد على أربعة وعشرين حقا من
ح قوق اإلنسان والتي تأثرت نوعا ما باإلعالن األمريكي بحقوق وواجبات اإلنسان الصادر سنة .9141
لإلطالع على االتفاقية انظر الموقع ،http://www1.umn.edu/humanrts/arab/am2.html :تاريخ االطالع:
.2193/13/91
93
حماية الحياة الخاصة للعامل
ثُم جاءت الفقرة الثانية من نفس المادة "ال يجوز أن يتعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته
الخاصة أو شؤون أسرته أو منزله أو مراسالته ،وال أن يتعرض إلعتداءات غير مشروعة على
شرفه أو سمعته ،ولكل إنسان الحق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك اإلعتداءات".
تجدر اإلشارة أن هذه اإلتفاقية ال تستمد حمايتها لحق اإلنسان في خصوصيته من كونه مواطنا
في دولة ،بل أنها تستند في ذلك إلى الصفات المميزة لشخص اإلنسان ،كما تناولت حق الحماية
القضائية بإقرارها حق كل إنسان في اللجوء الى محكمة مختصة لحماية نفسه من هذه األعمال التي
بها في دستور دولته أو قوانينها ،أو المنصوص عليها في اإلتفاقية، تنتهك حقوقه األساسية المعتر
حتى ولو كان مرتكبوها أشخاصا يعملون في أثناء تأديتهم لواجبتهم.9
الميثاق العربي لحقوق االنسان
أكدت الدول العربية الموقعة على هذا الميثاق 2في المادة 99منه على أن للحياة الخاصة
حرمتها ،واعتبرت المساس بها جريمة تستوجب العقاب ،وشملت الحياة الخاصة خصوصيات
األسرة وحرمة المسكن ،وسرية المراسالت ،وغيرها من وسائل االتصاالت الخاصة.
على الرغم من تلك الحماية إال أنه يجوز وضع قيود على هذه الحقوق بنص القانون ،لما تمليه
ضرورة األمن واالقتصاد الوطنيين أو النظام العام أو الصحة العامة أو األخالق أو حقوق اآلخرين
وحرياتهم.3
-2-2حماية الحياة الخاصة في المؤتمرات االقليمية
من أبرز المؤتمرات ذات الطابع المحلي التي دعت إلى حماية الحياة الخاصة فيي واجهة
التطورات الحديثة للعل والتكنولوجيا مؤتمر دول الشمال ،مؤتمر حقوق اإلنسان في الشريعة
االسالمية ،المؤتمر اإلفريقي لحقوق االنسان والشعوب.
مؤتمر دول الشمال
على المستوى األوروبي انعقد في استوكهولم عاصمة السويد في الفترة مابين 22إلى 23
ماي 9191مؤتمر دول الشمال ،ويعد من أهم المؤتمرات التي عنيت بالحق في الحياة الخاصة،
ويظهر هذا جليا من خالل العديد من التوصيات التي توصل إليها هذا اللقاء.
99
حماية الحياة الخاصة للعامل
لعلَ أهم هذه التوصيات ما تعلق منها بضرورة تقوية وسائل حماية الحياة الخاصة التقليدية
التي لم تعد تتالئم مع التطور العلمي الحديث ،9ومنح الشخص الذي تم انتهاك حرمة حياته الخاصة
أسباب التطفل على حياته الحق في إقامة دعوى مدنية للتعويض عن ذلك ،والحق في طلب وق
عن طريق إقامة الدعوى الجنائية.2
مؤتمر حقوق اإلنسان في الشريعة االسالمية
للدفاع عن حقوق االنسان في الشريعة اإلسالمية على ضوء 3
انعقد هذا المؤتمر سنة 9111
التطورات الحديثة وما أدت أليه من اعتداء على الحق في الحياة الخاصة وحرمتها ،خرج هذا
المؤتمر بعدة توصيات لعلَ أهمها كان تكوين لجنة تتولى اإلسهام في رعاية حقوق اإلنسان،
بالتعاون مع لجنة حقوق اإلنسان التابعة لهيئة األمم المتحدة ،إلى جانب وضع وثيقة تتضمن حقوق
اإلنسان وحرياته المستمدة من الشريعة اإلسالمية.4
المؤتمر اإلفريقي لحقوق االنسان والشعوب
نظمت نايروبي عاصمة دولة كينيا الدورة الثامنة عشر لمنظمة الوحدة اإلفريقية في الفترة
مابين 24و 21جوان ،9119أين وافقت الدول المشاركة على إنشاء الميثاق اإلفريقي لحقوق
االنسان والشعوب ،والذي نص صراحة على عدم جواز انتهاك حرمة جسد اإلنسان ،وعلى حقه
في احترام حياته وسالمة شخصه البدنية والمعنوية.3
نخلص مما تقدم إلى أن حرمة الحياة الخاصة قد باتت على جانب كبير من األهمية،
وأ صبحت تحتل مكانة خاصة على مستوى األمم المتحدة ،والمؤتمرات الدولية والمحلية ،باعتبار أن
العامل بصفته انسان هو عصب الحياة والمحرك لعناصرها ومقوماتها ،ومن غير المتصور أن
نطالب العامل باإلنتاج والتطور دون أن يكون هناك مناخ مناسب من الحرية ،والديمقراطية،
إنتاجه. وحماية خصوصياته ،حتى ال يشعر بالمهانة واالضطهاد فيضع
91
حماية الحياة الخاصة للعامل
العامل الخاصة ،وتبقى المحافضة على سريتها ضرورة حتمية ال يمكن التنازل عنها بمجرد خضوع
العامل لعالقة التبعية.
في هذا اإلطار كان البد من التعرض على واقع الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل في
التشريعات الدولية الخاصة به ،إذ تمثل اتفاقيات ومؤتمرات وتوصيات منظمة العمل الدولية مصدرا
أساسيا لحماية العمال في كل أرجاء العالم.
إنَ صاحب العمل بما يتمتع من سلطات واسعة كمركز قوي ،وبناءً على عالقة التبعية التي
تجمعه بالعامل ،قد يقوم بانتهاك رقعة الحقوق األساسية للعمال ،األمر الذي أدى إلى بزوغ منظمتي
هذه اإلنتهاكات والخروقات التي تتعرض لها العمل الدولية والعربية في محاولة إلحتواء مختل
الطبقة العاملة.
في سبيل ذلك رصدت مجموعة من اإلتفاقيات والتوصيات الدولية التي سعت إلى إعادة
التوازن وضبط العالقات داخل المؤسسة المستخدمة ،وبالتالي ضمان اإلستقـرار في العمل وحماية
األمن والسلم اإلجتماعيين.9
2
- 1حماية الحياة الخاصة في منظمة العمل الدولية
المراكز القانونية ألننا نجد صاحب العمل في مركز قوي متميز، يتسم ميدان العمل باختال
وفي المقابل نجد العامل ذي المركز الضعي ،يبقى هذا الميدان مجاال خصبا إلنتهاك حرمة الحياة
الخاصة ،والمس بكرامة العمال في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يضمن لهم القدر الكافي من
اإلستقرار واإلستمرارية وضمان الحقوق األساسية لهم.
مهَدت اإلتفاقيات الدولية وأهمها االعالن العالمي لحقوق االنسان الطريق أمام منظمة العمل
توفر لهم الحرية والكرامة وتكافؤ الفرص ،وتضمن لهم الد ولية لتكرس حقوق العمال ضمن ظرو
األمن االقتصادي والرفاهية المادية والتقدم الروحي ،3األمر الذي دعانا إلى عرض أهم اتفاقيات
العمل الدولية ذات صلة بموضوع حماية الحياة الخاصة للعامل والتي من أهمها:
9حكيمة برقوقي ،حقوق االنسان وسلطات المشغل بين االتفاقيات الدولية ومدونة الشغل المغربية ،رسالة ماستر في قانون العقود
والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،المغرب ،السنة الجامعية ،.2199-2191ص .9
2تعتبر منظمة العمل الدولية من أنشط المنظمات الدولية العاملة في مجال الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافبة ،فحتى سنة
2113اعتمدت منظمة العمل الدولية مابين 913اتفاقية ،و 914توصية تتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية.
3ديباجة الدستور الدولي للعمل لمنظمة العمل الدولية ،منشورات مكتب العمل الدولي ،جنيف 2119ص .3
91
حماية الحياة الخاصة للعامل
91
حماية الحياة الخاصة للعامل
قوامها تكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية، وراء رفاهيتهم المادية والروحية في حرية وفي ظرو
منظمة العمل العربية إلى تنسيق الجهود العربية في ميدان العمل ،وتوحيد التشريعات وتهد
وشروط العمل في الدول العربية".9 العمالية وظرو
الفرع الثاني
الحماية التشريعية المقارنة والوطنية للحياة الخاصة
نما مفهوم الحياة الخاصة وتطور كأثر للتغيرات اإلجتماعية والثقافية والسياسية التي مرت
بحسب الت وجهات القانونية والقضائية السائدة في كل مجتمع ،وفي بها المجتمعات ،وهو بذلك يختل
التشريعات المقارنة سواء الغربية منها ما يلي دراسة للحماية المقررة لهذا الحق في مختل
أو العربية ،نتعرض من خالل التشريعات الغربية إلى حماية الحياة الخاصة في التشريعات
األنجلوساكسونية وأيضا الالتينية ،ثم يليها عرض لحماية هذا الحق في التشريعات العربية المختلفة.
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
بالحق في حرمة الحياة الخاصة كحق مستقل ،وإنما نظمته باعتباره حقا متفرعا عن حقوق أساسية
لصيقة بالشخصية.9
حذا حذو القانون االنجليزي بعض التشريعات األخرى كالتشريع األسترالي ،واألمريكي القديم،
بالحق في والكندي ،ولكن هذا يعني ال البتة عدم توفير حماية للحياة الخاصة ،وإنما عدم االعترا
الخصوصية بوصفه حق مستقل.
من بين الوسائل التي عالج بها القانون االنجليزي موضوع الحياة الخاصة ما يسمى بقانون
العقد ،فعلى الشاكي إبراز الع القة التعاقدية بينه وبين المشكو في حقه ،ورفع الدعوى فحواها خرق
شروط العقد صراحة أو ضمنا.2
هذا ينطبق على العالقة التعاقدية بين طرفي عقد العمل وما تقتضيه من خضوع العامل لسلطة
على أداء عمله تجعله أكثر عرضة ألن تنتهك صاحب العمل وحق األخير في الرقابة واإلشرا
حياته الخاصة داخل إطار حياته المهنية خرقا لشروط عقد العمل المبرم بينهما.
بالرغم من أن التشريعي األمريكي ينتمي إلى مجموعة النظم القانونية األنجلوسكسونية فإنه ال
يحدو حذو القانون اإلنجليزي وإنما يحمي الحق في الحياة الخاصة بوصفه حقا مستقال ،3و لو بصفة
غير مباشرة وتبعا لذلك يكون الدفاع عن الحق في سرية الحياة الخاصة في أمريكا مضمونا من
بهذا الحق تشريعيا خالل حماية الحق في االنعزال والحق في سرية االتصال .وقد تمَ االعترا
بموجب القانون الصادر سنة 9111وتم تعديله سنة .4 2119
- 2- 1التشريعات الالتينية
يعد القانون الفرنسي أبرز نظام مقارن اهتم بحماية الحق في الحياة الخاصة ،3فله قيمة
دستورية باعتباره حق أساسي ال يمكن التنازل عنه ،وفي إطار القانون الخاص نجد القانون المدني
الفرنسي يقر في المادة التاسعة منه "أن لكل فرد الحق في احترام حياته الخاصة".4
19
حماية الحياة الخاصة للعامل
تغ طي الحماية المدنية جانبين من الحق في حرمة الحياة الخاصة وهما أوال حق كل فرد في
عدم إذاعة أو إفشاء جانب من حياته الخاصة دون إذنه أو موافقته ،وثانياعدم البحث أو التنقيب في
حياته الخاصة ، 9كما أن القانون الجنائي الفرنسي بدوره يكفل بنصوصه العقابية حماية للحياة
الخاصة في صورة حظر انتهاك حرمة المساكن والمراسالت واألسرار المهنية والصور
والمحادثات الخاصة.2
تأكيدا على حق العامل في حياته الخاصة لم يكتفي المشرع الفرنسي بالنصوص الواردة في
القانون المدني والجنائي ،بل جاء بنص صريح في قانون العمل وهو نص المادة L120-2التي
جاء محتواها "ال يجوز ألحد فرض قيود على حقوق األشخاص والحريات الفردية والجماعية ،ما لم
يكن لذلك ما يبرره وفقا لطبيعة المهمة المراد إنجازها وبشرط أن تكون تلك القيود متناسبة مع
التشريعات العمالية المقارنة. المنشود" ،والمالحظ غياب مثل هذا النص في مختل الهد
بالحق في الخاصة كحق مستقل وبسط عليه الحقيقة أن المشرع الفرنسي كان قد اعتر
حماية أوسع بموجب القانون رقم 943-11الصادر في 91جويلية 9111الخاص بحماية الحياة
الخاصة ،حيث نصت المادة 22منه على أن لكل شخص حق في احترام حياته الخاصة ،وأمر
االعتداء على حرمة الحياة الخاصة ،هذه القضاء باتخ اذ كافة االجراءات الضرورية لمنع ووق
االجراءات التي يمكن األمر بها قاضي االمور الوقتية في حالة االستعجال.3
القضاء الفرنسي استطاع خالل حقبة طويلة من الزمان وقبل أن يتدخل المشرع بنصوص
خاصة في هذا الصدد ،أن يوفر الحماية للحق في الحياة الخاصة استنادا إلى قواعد المسؤولية
المدنية من خالل تطبيقه ألحكام المادة 9312من القانون المدني الفرنسي التي تنص «كل فعل
يترتب عليه ضرر للغير يلزم من يرتكبه بإصالح هذا الضرر» ،4وقد ظل القضاء يطبق هذه المادة
لمدة طويلة إضفاء الحماية المدنية المالئمة على الحياة الخاصة.3
9
RIGAUX (F), La protection de la vie priée et les autres biens de la personnalité, Bibliothèque de la faculté
de l’Université catholique de louvain. Rev. Int, dr, comp, 1990, p10 et suite.
2
Olivier TISSOT, La protection de la vie privée du salarié, Dr, Soc,France, 1990, p 223.
3
RAVANAS (J), op.cit, N° 73 , MAZEAUD (H.L.J) , op.cit. p 398, N°803, KAYSER (P), Les droit de la
personnalité, op.cit, N° 43.
4
L’article 1382 stipule que «Tout fait quelconque de l’homme, qui cause à autrui un dommage oblige celui
par la faute duquel il est arrivé à le réparer ».
3
RIGAUX (F), La protection de la vie priée et les autres biens de la personnalité. Op.cit. p7.
12
حماية الحياة الخاصة للعامل
مع ذلك ال تشكل الحياة الخاصة في القانون اإليطالي سوى حقا لصيقا بشخصية اإلنسان إلى
جانب حقوق أخرى ،9وبناءا على ذلك ال تستفيد الخصوصية الفردية بتنظيم خاص بها ،وهي تجد
مصدرها في حماية سرية المراسالت ،كما أن حماية المراسالت تجد مرجعها في المحافظة على
المصلحة الخاصة أو المصلحة العامة على حد السواء ،و يسير القانون األلماني نفس نهج القانون
اإليطالي من حيث عدم اكساب الحق في احترام الحياة الخاصة نصا نوعيا مستقال ينظمه ،فهذا
الحق يظل يرتبط بالحقوق األخرى اللصيقة بشخصية اإلنسان.
- 2حماية الحياة الخاصة في التشريعات العربية
ال تزال تشريعات العمل في كثير من الدول العربية بعيدة عن إدراج هذا المفهوم في لألس
قوانينها والنص عليه صراحة ،وحتى التشريعات العمالية الحديثة التي عدلت نصوصها في اآلونة
األخيرة ،تبنت هذا الموضوع في حدوده الدنيا دون التوسع فيه.2
لوحظ غياب نص يحمي الحياة الخاصة للعامل في قانون العمل المصري الجديد ،األمر الذي
أثار تساؤل خبراء منظمة العمل الدولية عند عرض مشروع هذا القانون عليهم ،فقد ورد بالمذكرة
اإليضاحية لمشروع قانون العمل أن خبراء هذه المنظمة قد أثاروا بشأن هذا المشروع ،وعند
عرضه عليهم غياب لبعض المبادئ العامة ومنها حق العامل في الحفاظ على حياته الخاصة
وكرامته ،وكان رد الوفد المصري المخول المناقشة معهم بأن هذه الحقوق منظمة بموجب الدستور
وأن مقدمة المذكرة اإلضاحية ال بد أن تشير إليها مرة ثانية.3
في حين حظيت حرمة الحياة الخاصة بحماية دستورية ،بحيث ال يجوز المساس به سواء من
قبل الدولة وسلطاتها أو األفراد ،وهذا ما جاء في نص الفقرة االولى من المادة 43من الدستور
المصري "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسالت البريدية والبرقية والمحادثات
التليف ونية وغيرها من وسائل االتصال حرمة ،وسريتها مكفولة ،وال يجوز مصادرتها أو االطالع
عليها أو رقابتها إال بأمر قضائي مسبب وفقا ألحكام القانون".
لم يكتفي المشرع المصري بالنص على مبدأ احترام الحق في الحياة الخاصة ،وإنما حرص
على إقراره بموجب القانون المدني وحرَم االعتداء عليه ،واعتبره أحد الحقوق المالزمة لشخصية
اإلنسان ،حيث نصت المادة 31من القانون المدني المصري على أنه "لكل من وقع عليه اعتداء
هذا االعتداء مع التعويض غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة لشخصيته أن يطلب وق
عما يكون قد لحقه من ضرر".
13
حماية الحياة الخاصة للعامل
إلى جانب ذلك اعتبر المشرع المصري االعتداء على الحياة الخاصة جريمة ال تسقط
الدعوى الناشئة عنها بالتقادم ،حيث نصت المادة 31من الدستور على أن «كل اعتداء على الحرية
الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها
الدستور والق انون جريمة ال تسقط الدعوى الجنائية وال المدنية الناشئة عنها بالتقادم ،وتكفل الدولة
تعويضا عادال لمن وقع عليه االعتداء».
وردت الحماية الجنائية لبعض مظاهر الحق في الحياة الخاصة من خالل نص المادتين 311
مكرر و 311مكرر (أ) من قانون العقوبات المصري ،حيث نصت المادة 311على أن "يعاقب
بالحبس مدة ال تزيد عن سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن ،وذلك بأن ارتكب
أحد األفعال اآلتية في غير األحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضا المجني عليه؛ استرق السمع
أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من األجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن
طريق التليفون ،والتقط أو نقل بجهاز من األجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص".
كما نصت المادة 311مكرر (أ) على أن "يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة
أواستعمل ولو في غير عالنية تسجيالت أو مستندات متحصل عليها بإحدى الطرق المبينة بالمادة
العام الذي يرتكب أحد السابقة ،أو كان ذلك بغير رضا صاحب الشأن ،ويعاقب بالسجن الموظ
األفعال المبينة بهذه المادة اعتمادا على سلطة وظيفته.
الدستور األردني شأنه شأن باقي الدساتير العربية بالحق في احترام أما في األردن اعتر
الحياة الخاص ة في المادة السابعة منه على أن الحرية الشخصية مصونة ،وكفل في المادة 91منه
لكل شخص حرمة مراسالته الشخصية وجعل اإلطالع عليها أو رقابتها أو توقيفها محظورا إال في
األحوال المعينة في القانون ،لما يتضمنه ذلك من اعتداء على حق ملكية الرسائل ولما قد تتناوله من
أمو ر تتعلق بمعتقداتهم الدينية أوالسياسية ،ال سيما بعد أن أصبحت وسائل ضبط المراسالت
رصد حركات المواطنين بحجة المصلحة العامة أو المحافظة وتسجيل المحادثات الشخصية تستهد
على النظام العام.
تماشيا مع هذه األهمية أجمعت القوانين األردنية على تنظيم هذا الحق ،ومن بينها التشريع
المدني الذي نص في المادة 41منه «لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق
هذا االعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر». المالزمة لشخصيته أن يطلب وق
جاء هذا النص عاما وشامال ألي اعتداء يقع على أي حق من الحقوق المالزمة للشخصية،
كما سار التشريع الجزائي األ ردني على نفس النهج بفرضه العقاب على كل اعتداء على حرمة
14
حماية الحياة الخاصة للعامل
صورها سواء بإستراق السمع أو اختالس النظر بأي وسيلة كانت بما الحياة الخاصة في مختل
فيها التسجيل الصوتي أو التقاط الصور ،يتضح أن تشريع العمل األردني يفتقر إلى أي نص يتناول
حماية الحياة الخاصة للعامل.
حاول المغرب تكريس حماية الحياة الخاصة من خالل إصداره لقانون حماية البيانات
الشخصية ،وهو القانون 11/11الصادر في 91فبراير ،2111ويملك هيئة مراقبة في هذا المجال
ممثلة في اللجنة الوطنية لمراقبة وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي خاصة في ظل التحديات
والتطور المعلوماتي والتحوالت التكنولوجية التي تطبع كافة مناحي الحياة االقتصادية والمالية.
إن المشرع المغربي لم يضع نصوصا تنظم حماية الحياة الخاصة للعامل باستثناء ما أشير اليه
في المادة 411من مدونة الشغل التي تنص على أنه يج ب أن تتم معالجة البيانات الشخصية لطالبي
الشغل من قبل وكاالت التشغيل الخاصة بكيفية تراعي احترام الحياة الخاصة للمعنيين باألمر ،مع
اقتصارها على المسائل التي ترتبط بمؤهالتهم وخبراتهم المهنية ،9غير أن هذه المادة تلزم وكاالت
التشغيل وليس المستخدمين ،زيادة على أنها لم تتطرق لمسألة مدة تخزين البيانات الشخصية ،وذلك
على عكس ما هو وارد في المادة 9من االتفاقية رقم 919المتعلقة بوكاالت التشغيل الخاصة والتي
صادق عليها المغرب.2
ثانيا :حماية الحياة الخاصة في التشريع الجزائري
لم يتضمن قانون العمل نصا صريحا يحمي الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطات صاحب
العمل ولكنه تضمن بعض التطبيقات المتناثرة في نصوصه يستدل منها أنها تقرر حماية لحياة
العامل الخاصة ،مثل النصوص التي تحمي السالمة البدنية والمعنوية للعمال وتحظر التمييز بينهم.
في حين نجد أن القانون رقم 91/14المؤرخ في 2114/92/93المتعلق بتنصيب العمال
ومراقبة التشغيل قد نص على حرمة الحياة الخاصة لطالبي الشغل في مادته 21التي جاء فيها
" يعرض إفشاء المعلومات الشخصية التي تمس الحياة الخاصة لطالب التشغيل مرتكبه لغرامة من
31.111دج إلى 911.111دج" ،وهذا ما أعتمده أيضا مشروع قانون العمل الجديد مع تغيير في
مبلغ الغرامة المالية ،مضفيا الحماية القانونية على هذا الحق بالنسبة لطالبي العمل دون العمال.
9نورة بوطاهر ،أنس االعرج ،رشيد االشهب ،حسن االبراهيمي ،آثار المعلوميات على الشغل ،منطلقات لتوجيه القضاء في تطبيق
مدونة الشغل ،ص ،1بحث منشور على الموقع اآلتي ، http://www.startimes.com/?t=15307871 :تاريخ االطالع21 :
مارس .2193
2نورة بوطاهر ،أنس االعرج ،رشيد االشهب ،حسن االبراهيمي ،نفس المرجع ،ص.1
13
حماية الحياة الخاصة للعامل
تجدر المالحظة أنه كان باإلمكان حماية الحياة الخاصة للعامل بإدراج مثل هذه المادة في
المشرع الجزائري من هذا المقتضى كان حماية طالبي نصوص مشروع ق.ع ،وذلك بعلة أن هد
الشغل من خطر االعتداء على حرمة حياتهم الخاصة عند تدوين بيانات طالب الشغل ،وهو ما تم
إدراجه في المادة 313من مشروع ق.ع ،والتي وردت مطابقة لنص المادة 411من مدونة الشغل
ذكرها. المغربية السال
كان من باب أولى تمديد هذه الحماية إلى العامل ،وتوفير أكبر قدر ممكن من الضمانات
والحماية للطبقة العاملة ،خاصة مع اتساع رقعة سلطات صاحب العمل التي تتحول إلى جبروت
وتسلط ،يؤدي في أغلب األحيان إلى اإلضرار بالحقوق األساسية للعمال.9
يعتبر التدخل التشريعي المنظم للعالقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل ،في ظل ظرو
تأخذ بعين االعتبار المعطيات المادية واالعتبارية لشخص العامل ،أحد أهم المطالب األساسية التي
تقررها المبادئ الحمائية لحقوق االنسان ،وبالرغم عدم وجود نص قانون خاص ينظم حماية الحياة
الخاصة للعامل في تشريع العمل ،إال أنه مع ذلك يبقى يستفيد من الحماية الدستورية وكذا الحماية
نصوص القانون. التشريعية الواردة في مختل
- 1الحماية الدستورية للحياة الخاصة
أدَى االهتمام الدولي بالحق في الحياة الخاصة إلى قيام المؤسس الدستوري بتكريس الحماية
الالزمة وبسطها لهذا الحق نظرا للمكانة البارزة على المستويات الدولية واإلقليمية والداخلية ،وتعد
الطبيعة الدستورية للحق في الحياة الخاصة من أهم وأقوى الضمانات الخاصة به.2
الحق في حرمة الحياة الخاصة يتمتع بمكانة بارزة في الدستور الجزائري ،3بحيث حرص
المشرع الدستوري على كفالة هذا الحق من خالل دستور ،9119حيث أقر في الفصل الرابع منه
تحت عنوان الحقوق والحريات صراحة ،بموجب نص الفقرة االولى من المادة 31منه على أنه "ال
9
حكيمة برقوقي ،حقوق االنسان وسلطات المشغل بين االتفاقيات الدولية ومدونة الشغل المغربية ،مرجع سابق ،ص .2
2صافية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .324
3اعتنى المشرع الجزائري كغيره من المشرعين عبر دساتيره المتعاقبة بموضع حرمة الحياة الخاصة ،ففي دستور 9193لم يكن
االهتمام منصبا على حياة المواطنين الخاصة بشكل مركز ،وذلك بحكم الظروف السياسية للبالد إلى أن ذلك لم يمنع المشرع
الجزا ئري بالنص على أحد عناصر الحياة الخاصة وهو المسكن ،الذي أورد حمايته في نص المادة 94منه تقضي بأنه " اليجوز
االعتداء على مقر السكنى ،كما تضمن سرية المراسلة لسائر المواطنين" ،كما ورد النص أيضا على هذا الحق في دستور 9119
فنصت المادة 41منه "ال يجوز انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطن وشرفه ويحميها القانون" ،كما ورد النص على نفس فحوى
هذه المادة في دستور 9111في المادة 31منه ،فحين أضافت الفقرة الثانية منها "سرية المراسالت واالتصاالت الخاصة بكل
أشكالها مضمونة" .وبهذا يكون المشرع الجزائري قد أضفة قيمة دستورية عليا على الحق في حرمة الحياة الخاصة ،كما كرس
العديد من الحقوق المتصلة بشخص االنسان وضمن لها الحماية كسرية المراسالت والمحادثات...الخ.
19
حماية الحياة الخاصة للعامل
يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة وحرمة شرفه ويحميها القانون" ،وبذلك يكون المشرع
الجزائري قد وضع نظاما للحياة االجتماعية تصان فيه الكرامة اإلنسانية.
أورد المؤسس الدستوري على هذا المبدأ عدة تطبيقات تتضح من خالل المادة 34التي تنص
بدني أو معنوي أو أي مساس بالكرامة"، "تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة اإلنسان ويحظر أي عن
فيما فرض العقاب على كل من ينتهك حرمة الحياة الخاصة بنصه في المادة " 41يعاقب القانون
على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات وعلى كل ما يمس سالمة اإلنسان البدنية
والمعنوية" ،كما ضمن حماية سرية المراسالت واإلتصاالت الخاصة بكل أشكالها في المادة ،31
ونهى عن المساس بحرمة حرية المعتقد وحرية الرأي في المادة ،39يتضح من خالل هذه
النصوص أن الدستور الجزائري أقر الحق في الحياة الخاصة واعتبره حقا من حقوق االنسان وكفل
حمايته بواسطة السلطة القضائية.
الحماية التشريعية للحياة الخاصة -2
إن العامل رغم وجوده في مكان ووقت العمل إال أنه يظل يحتفظ بذاته كإنسان وبقدر من
الخصوصية التي تالزمه حتى في مكان العمل ،فالعامل ليس آلة متحجرة ولكنه كائن بشري يتفاعل
وبالتالي فإنه يظل محتفظا بحقه في الحياة الخاصة سواء داخل مكان العمل مع األحداث والمواق
أوخارجه ،ولعل أهم ما يالزم العامل حتى في حياته المهنية اعتقاده وضميره وفكره ،فال يمكن
للعامل أن يؤمن بنفس معتقدات وتوجهات صاحب العمل.
أمام غياب نصوص قانونية صريحة في تشريع العمل تحفظ حرمة حياته الخاصة للعامل ،فإنه
يتم اللجوء إلى باقي النصوص التشريعية كالقانون المدني الذي يعتبر الشريعة العامة للقانون وكذا
التشريعات المنظمة لهذا الحق.9 قانون العقوبات ،والى مختل
- 1- 2حماية الحياة الخاصة في القانون المدني
لم يتضمن القانون المدني الجزائري 2نصا صريحا يحمي بموجبه الحق في الحياة الخاصة
كحق مستقل على نحو ما فعل المشرع الفرنسي في المادة 11من القانون المدني ،بينما أورد نصا
عاما 3يحمي به الحقوق ا للصيقة بشخصية االنسان التي تعتبر الحياة الخاصة أحد أهم عناصرها،
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
وذلك بنصه في المادة 41من القانون المدني" لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من
هذا اإلعتداء والتعويض عما يكون قد لحقه من ضرر". الحقوق المالزمة لشخصيته ،أن يطلب وق
التعرض للحق بالحياة الخاصة باالعتداء وفقا ألحكام المادة 41قد يحدث على أي عنصر من
عناصرها ،فقد يكون بإفشاء االسرار الصحية أوالعائلية أوالمالية أو بالتقاط أحاديث خاصة أو نشر
صور بغير إذن صاحبها...الخ .وإن للمعتدى على حقه في الحياة الخاصة الحق في رفع دعوى
االعتداء على أساس هذه المادة. للمطالبة بوق
- 2- 2حماية الحياة الخاصة في قانون اإلجراءات المدنية
انطالقا من اعتبار احترام الحياة الخاصة أحد الحقوق اللصيقة بالشخصية طبقا لنص المادة 41
من ق.م .ج ،واعتبار لمفهوم مفهوم لسالمة المعنوية للفرد وما تتضمنه مقومات للشخصية كاالعتبار
والسمعة والمعتقدات والمشاعر والسرية والصورة والصوت..الخ ،فإن ذلك قد يكون إطارا عاما
لمبدأ حماية الحياة الخاصة في القانون الجزائري.9
كرَس المشرع الجزائري حماية وقائية للحق في الحياة الخاصة في ظل قانون االجراءات
االعتداء طـالما أن هـناك المدنية واإلدارية ،2حيث نصت المادة 41من ق.م على طلب وقـ
ضرر ،أما المادة 211من ق.إ.م.إ تقضي أنه "في جميع أحوال االستعجال وإذا اقتضى األمر
الفصل في إجراء يتعلق بالحراسة القضائية أو بأي تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة يتم
عرض القضية بعريضة افتتاحية أمام المحكمة الواقع في دائرة إختصاصها اإلشكال أو التدبير
المطلوب".
من خالل الرجوع إلى المادة السابقة يمكن للمعتدي عليه اللجوء إلى التدابير التحفظية عن
طريق اإلستعجال ،أما التصور العملي في اتخاذ يتمثل في إجراءات الحجز للمادة موضوع اإلعتداء
كحجز كاميرا أو جهاز مسجل إلتقط صورة مرتبطة بحرمة الحياة الخاصة ،أو الحراسة.
- 3- 2حماية الحياة الخاصة في قانون العقوبات
لم يتوارى المشرع العقابي الجزائري عن االهتمام بحماية الحق في الحياة الخاصة ،إال أن
تجسيد هذه الحماية جاء متأخرا بالمقارنة مع التشريعات المقارنة ،حيث أعلن المشرع الجزائري
عن حماية هذا الحق بمناسبة التعديل الدستوري الذي أدخله على قانون العقوبات ،وذلك بموجب
القانون رقم 23/19المؤرخ في 21ديسمبر .2119
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
إذ ورد في المادة 313منه" يعاقب بالحبس من ستة 9أشهر إلى 3ثالث سنوات وبغرامة من
31.111دج إلى 311.111دج كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة لألشخاص ،بأية تقنية
كانت وذلك؛ بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية ،بغير إذن صاحبها
أورضاه ،وبالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكان خاص ،بغير إذن صاحبها أو رضاه"
ليس هذا وحسب ،بل جرم المشرع في الفقرة الرابعة من المادة 911من ق.ع ،اإلعتداء على
بالسجن المؤقت من 13إلى 91سنوات إذا أمر بعمل تحكمي الحريات بنصها" يعاقب الموظ
أوماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر".
كما نجد العديد من التشريعات الوطنية أقرت الحماية للحق في الحياة الخاصة ،نذكر من بينها
قانون اإلعالم 9الذي نص في المادة الثالثة 3منه على أنه "يمارس حقَ االعالم بحرية مع احترام
كرامة الشخصية االنسانية ،"...تضمن أيضا المرسوم التنفيذي رقم 231/11المتعلق بشروط
وضبط كيفيات إقامة خدمات االنترنت واستغاللها 2تأكيدا على هذا الحق ،حيث جاء في الفقرة الثانية
من المادة " 94يلزم مقدم خدمات األنترنت خالل ممارسة نشاطاته المحافظة على سرية كلَ
المعلومات المتعلقة بحياة مشتركيه الخاصة ،وعدم اإلدالء بها إالَ في الحاالت المنصوص عليها في
القانون" ،إلى جانب القانون رقم 14-11المتعلق بالوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم
واإلتصال ومكافحته 3في المادة 4منه التي تعاقب على المساس بالحياة الخاصة.
المطلب الثاني
الطبيعة القانونية للحياة الخاصة
بين الفقهاء ،فالطبيعة أثارت مسألة تحديد الطبيعة القانونية للحق في حياة الخاصة اختال
القا نونية لهذا الحق ال تقل أهمية عن تحديد مفهومه لما لها من تأثير مباشر في تحديد التكيي
القانوني لحق في الحياة الخاصة من جهة ،ولما يترتب عنها من نتائج وسيمات تميز هذا الحق عن
ما يماثله من حقوق من جهة أخرى.
9القانون رقم 11/11المؤرخ في 13أفريل ،9111المتضمن قانون اإلعالم ،ج.ر عدد 94الصادرة بتاريخ 14أفريل .9111
2المرسوم التنفيذي رقم 231/11المؤرخ في 23أوت 9111المتعلق بشروط وضبط كيفيات إقامة خدمات األنترنت واستغاللها
المعدل والمتمم ،ج.ر عدد ،93الصادرة بتاريخ 29أوت.9111
3القانون رقم 14-11المؤرخ في 13أوت 2111المتعلق بالوقاية من الجرائم المت صلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحته،
ج.ر عدد 41الصادرة بتاريخ 99أوت .2111
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفرع األول
التكييف القـانوني للحياة الخاصة
إن إتساع وتعقيد مفهوم الحياة الخاصة ،وصعوبة حصر مجالها فتح المجال أمام الفقهاء
القانوني لتحديد طبيعتها القانونية ،في هذا الصدد انقسم الفقه إلى ثالث اتجاهات بشأن تحديد التكيي
للحق في الحياة الخاصة ،فمنهم من اعتبره حرية 9أو رخصة ،ومنهم من يعـتبره حـق ملكية ،2في
حين ينظر اتجاه آخر على أنه حقا من حقوق الشخصية وهو االتجاه الغالب.3
أوال :الحق في الحياة الخاصة حرية عامة
اعتبر الحق في الحياة الخاصة من قبيل الحريات العامة؛ طالما أن السلطة العامة قد اعترفت
به ويتم تنظيم ممارسته بواسطتها ،ولكونه يكفل كرامة اإلنسان ،وتصان كل الحريات عندما تتم
إلى ضمان ممارستها في نطاق الحياة الخاصة ،وذهب البعض إلى القول بأن هذه الحماية ال تهد
ممارسة حرية معينة من الحريات العامة ،بل أنَ حماية الحق في الحياة الخاصة هذه تخدم بغير
جميع الحريات.4 خال
يعتبر الحق في الحياة الخاصة عنصرا جوهريا من عناصر الحرية الشخصية ،3ألن هذه
األخيرة ضرورية لإلنسان ،ومالزمة له طيلة حياته ،كما ال يمكن له أن يتمتع بأي حق من حقوقه
أو حرية من حرياته إذا ما فقد حريته الشخصية.
إذا كانت للحرية الشخصية هذه األهمية الواضحة فيما بين الحريات العامة ،فإن حرمة الحياة
الخاصة هي لب الحرية الشخصية ،وأوثقها صلة بشخص اإلنسان ،فيعتبرها البعض بأنها حرية
بالمعنى الضيق.9
1
يتميز الحق في الحياة الخاصة بوصفه حرية من الحريات العامة ،بمجموعة من الخصائص
لعل أهمها أنه يتسم بالسرية ،أنه حق ذو طابع سلبي ،أنه حق يتسم بالخصوصية:
9
CARBONNIER (J), op.cit, p 70 et s, NERSON (R), op.cit, p384, FERRIER (D), op.cit, p 12.
أما في الفقه العربي :أحمد فتحي سرور ،مرجع سابق ،ص ،31أسامة عبد هللا قائد ،مرجع سابق ،ص .91
2
EDELMAN (B), Esquisse d’une théorie du sujet : l’homme et son image, Dalloz, Paris, 1970, p119.
3أقره غالبية الفقه الفرنسي وهو االتجاه السائد في فرنسا حديثا ،والفقه العربي؛ ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق ،ص ،213حسام
الدين كامل األهواني ،مرجع سابق ،ص ،91علي أحمد عبد الزغبي ،مرجع سابق ،ص ، 941وغيرهم من الفقهاء.
4
RIVERO (J), Les Libertés Publiques dans l’entreprise, Droit social, Paris, 1982, p19.
3محمد زكي أبو عامر ،الحماية الجنائية للحرية الشخصية ،دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية ،2199 ،ص ، 3حيث يرى أن الحرية
الشخصية تتمثل في مجموعة من الحقوق الفردية تكون مجتمعة مكونة للحرية الشخصية وجوهرها ،وهذه الحقوق أربعة هي الحق
في األمن الشخصي والحق في السالمة البدنية والذهنية والحق في حماية المسكن ،والحق في حماية حرية الحياة الخاصة ،وهذه
الحقوق يستهدف الق انون حمايتها بتقريره لجرائم االعتداء على الحرية.
9آدم عبد البديع آدم حسين ،المرجع السابق ،ص .311
1نويري عبد العزيز ،مرجع سابق ،ص .1
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
-أنه حق يتسم بالسرية :يشكل الحق في السرية األساس في تقرير الحماية للحياة الخاصة من أي
اعتداء ،فالسرية بوصفها الطابع المميز للحياة الخاصة ،تعتبر مصلحة هامة يحرص االنسان على
تحقيقها ،من أجل ضمان حريته في مباشرة هذه الحياة ،فللحق في الحياة الخاصة وجهين متالزمين
هما حرية الحياة الخاصة وسرية الحياة الخاصة.9
تتمثل حرية الحياة الخاصة في حرية الفرد في أن يفعل ما يشاء بعيدا عن تدخل الغير،
ولكن في إطار ما يحدده القانون ،أما سرية الحياة الخاصة فتتمثل في عدم إطالع الغير على حياته
الخاصة ،فالعالنية تفسد هذه الحرية ألنها تقيد صاحبها.2
في هذه الحالة يصبح الحق في الحياة الخاصة مجردا من وجهيه ،فإذا كانت حرية االنسان
في مباشرة الحق عنصرا هاما لقيامه ،فإن السرية التي تترتب على الحرية ،هي عنصر الزم لقيام
هذه الحرية وواقع األمر أنه ال جدوى من حرية الحياة الخاصة ما لم تتقرر سرية هذه الحياة.3
-أنه حق ذو طابع سلبي :بمعنى يمنع على الغير االعتداء على المجال الخاص حيث تزدهر فيه
الحرية الشخصية ،كما يفيد في رسم الحدود للمنطقة التي يستطيع فيها األفراد أن يتحركوا دون
من تدخل الدولة.4 خو
-أنه حق يتسم بالخصوصية :والخصوصية للحق هنا سمة واضحة ،تتمثل في انفراد صاحب
الحق بالحق وقصره عليه ،فهو ليس بالحق الشائع أو المشترك ،3وهذا االستئثار دليل االستقالل
بذاتيته واحتفاظه باستقالليته في الوسط الذي ينتمي إليه.9
ثانيا :الحق في الحياة الخاصة حق ملكية
ذهب اتجاه في ال فقه والقضاء المقارن إلى اعتبار الحق في الحياة الخاصة حق ملكية ،1حيث
في ملكه واستعماله واستغاللها ،1وقـد أسس يكون الشخص مالكا لجسده وشكله ،وبإمكانه التصر
هذا االتجاه رأيه على أساس الحق في الصورة 1لكونها تخضع لما يخضع له حق الملكية من أحكام،
19
حماية الحياة الخاصة للعامل
فهو ينظر إلى الصورة نظرة مادية ،9وإذ كانت الفكرة السائدة آنذاك أن لإلنسان حق ملكية على
جسده وشكله جزء من هذا الجسد ،والصورة ما هي إلى تجسيد لهذا الشكل ،ومن تم تعمقت الفكرة
لتشمل الحق في الحياة الخاصة بكافة مظاهره.
وعليه فكل مساس بالحق في الحياة الخاصة باعتباره حق ملكية يخول له اللجوء إلى القضاء
هذا االعتداء دون حاجة إلى اثبات الضرر الذي لحقه ،سواء كان ضررا ماديا أومعنويا لطلب وق
وذلك إعماال لحقوق المالك ،ولقد كان لهذا االتجاه بعض التطبيقات في القانون والقضاء الفرنسيين.2
غير أن هذا اإلتجاه كان محل انتقاد ،3كون أن خصائص الحق في الحياة الخاصة تتعارض مع
خصائص الحق في المكلية ،فإذ كان كال الحقين يحتج بهما في مواجهة الكافة ،فإن أوجه االختال
بينهما متعددة وليس منطقيا القول بأن للشخص حق ملكية على ذاته ،فحق المكلية يفترض صاحب
الحق ،وموضوعا يمارس عليه هذا األخير سلطاته ،وعليه ال يمكن ممارسة هذا الحق إذا اتحد
صاحب الحق وموضوعه ، 4وبالفعل بدأ االتجاه العام لدى المحاكم في استبعاد هذه الفكرة وتكيي
الحق في الحياة الخاصة تكييفا آخر.3
ثانيا :الحق في الحياة الخاصة من الحقوق الشخصية
الحق في ذهب الرأي الراجح في الفقه الفرنسي 9حديثا والمعتمد في معظم الدول ،إلى تكييي
الحياة الخاصة على أنه حقا من الحقوق الشخصية المالزمة لصفة اإلنسان ،وهذا ما أكد عليه
المشرع الفرنسي صراحة في المادة التاسعة من القانون المدني ،بأن للشخص الحق في احترام
حياته الخاصة.
اللصيقة بالشخصية ومنها الحق في الصورة إنما هي حقوق مملوكة لصاحبها وبمعنى آخر فإن صاحب الصورة له حق عيني على
جميع عناصر حقوقه اللصيقة بالشخصية وال يجوز بناء على ذلك المساس بملكية الغيرT.civ.Seine,10 février 1905, .
))D.p.1905, p389
9مفتاح محمد رشاد ،الحماية الجنائية لحرمة االتصاالت الشخصية ،المرجع السابق ،ص .91
2
Appliquant la loi de 1994 relative à la présomption qui stipule en l’art préliminaire III, du code de
procédure pénale que : « Toute personne suspectée ou poursuivie est présumée innocente tant que sa
culpabilité n’a pas été établie ». la cour de cassation interdit la reproduction de l’image d’une personne
placée en détention provisoire, sans autorisation. A ce sujet voir la cassation criminelle en date du 8 juin
2004, bulletin criminel N°156.
12
حماية الحياة الخاصة للعامل
هذا ما أخذ به أيضا المشرع المصري في المادة 31من القانون المدني بأن الحق في الحياة
الخاصة من الحقوق الشخصية ،أما فيما يخص التشريع الجزائري ،فلم نعثر على نص قانوني
يصرح بذلك ،ولكن بالرجوع إلى الفقه الجزائري نجد أغلبه يجمع على أن الحياة الخاصة من
الحقوق الشخصية.9
الفقه الحقوق الشخصية على أنها "الحقوق التي تنصب على مقومات وعناصر عرَ
مظاهرها الطبيعية والمعنوية والفردية واالجتماعية ،2بحيث تعبر عما الشخصية ،في مختل
للشخص من سلطات مختلفة واردة على هذه المقومات ،بقصد تنمية هذه الشخصية وحمايتها من
اعتداء الغير" ،3أو تلك التي" ترد على القيم اللصيقة بشخص االنسان في مظاهر نشاطه المختلفة،
سواء بصفته كائنا فردا ،أو كائنا اجتماعيا ،وسواء تعلقت بحياته المادية أو المعنوية".4
يترتب على اعتبار الحق في الحياة الخاصة من الحقوق الشخصية نتائج هامة أبرزها أنه يتيح
االعتداء أو منعه دون انتظار حدوث الضرر ،3ودون لصاحب الحق اللجوء إلى القضاء لوق
االلتزام بإثبات خطأ المعتدي والضرر الناتج عن اعتدائه ،أي دون التقيد بأحكام المسؤولية المدنية
التي تتطلب إثبات عناصرها الثالث الخطأ والضرر وعالقة السببية ،9ومن تم تكون الحماية أكثر
فعالية مما لو تركت لقواعد المسؤولية المدنية.
كما يفرض على الكافة التزاما عاما ،وهو احترام هذا الحق في مقوماته المادية التي تشكل
الكيان المادي للشخص مثل الحق في سالمة الجسم والحق في الحياة ،وفي مقوماته المعنوية المتمثلة
في حق االنسان في السمعة ،والشر ،واالعتبار ،والمعتقد.1
الفرع الثاني
الخصائص القانونية للحياة الخاصة
يعتبر الحق في الحياة الخاصة حقا لصيقا بشخصية العامل كإنسان ،فهو من حقوق
الشخصية ،وهذه األخيرة تنقسم إلى مجموعتين ،األولى تتعلق بالمظهر الطبيعي للشخصية كحق
9علي فاللي ،نظرية الحق ،دار موفم للنشر ،الجزائر ،2199 ،ص 991وما بعدها.
2حسام الدين كامل األهواني ،مرجع سابق ،ص 91
3ممدوح خليل بحر ،مرجع سابق .214 ،كما قام هذا الفقيه بتقسيم الحقوق الشخصية إلى قسمين :األول :يتمثل في الحقوق الواردة
على المقومات المادية للشخصية كالحق في سالمة الجسم ،والحق في الحياة ،والثاني :يتمثل في الحقوق التي ترمي إلى حماية
المقومات المعنوية لإلنسان ،والتي تشمل حق االنسا ن في السمعة والشرف واالعتبار والمعتقدات ،وكذا مشاعره ورغباته.
4مذكور في :علي فاللي ،المرجع السابق ،ص .992
3مفتاح محمد رشاد ،مرجع سابق ،ص.92
9نور الدين الناصري ،مرجع سابق ،ص .99
1أكرم عبد الرزاق المشهداني ،مرجع سابق ،ص .92
13
حماية الحياة الخاصة للعامل
العامل في سالمة جسمه وحقه في صورته ،والثانية ترتبط بالمظهر المعنوي للشخصية كحق العامل
واالعتبار والسمعة والمعتقد.9 في الشر
مع التسليم باعتبار الحق في الحياة الخاصة من الحقوق اللصيقة بالشخصية فإن الخصائص
التي تتسم بها هذه الحقوق تنطبق على الحق في الحياة الخاصة ومن أهم هذه الخصائص مايلي:
فيه أوال :مدى قابلية الحق في الحياة الخاصة للتصر
كمبدأ عام إذا كان اإلتفاق بشأنه غير يتميز الحق في الحياة الخاصة بعدم قابليته للتصر
ممكن ،وإذا لم يكن لإلرادة دور في تحديد نظامه القانوني ،2ومن تم فإن هذا الحق ال يجوز التنازل
عنه نهائيا ،كما ال يمكن أن يكون محال للبيع أو الهبة أو الوصية ،ذلك أن هذا الحق مالزم لشخصية
اإلنسان.
إالَ أن استثناءا ولمقتضيات واعتبارات عملية يمكن أن يكون هذا الحق محال التفاقات متنوعة،
تنازال عن فيمكن االتفاق على نشر بعض األمور المتعلقة بالحياة الخاصة ،وال يع َد مثل هذاالتصر
الحق في الحياة الخاصة نفسه.3
في إطار عالقات العمل يلزم صاحب العمل قبل إعمال نظام المراقبة اإللكترونية ،وبمقتضى
مبدأ االمانة في تنفيذ عقود العمل اإلتفاق مع العمال وإعالمهم مسبقا بأنه سيضع وسائل مراقبة
داخل الهيئة المستخدمة ،4مع إعطاء الحق للعامل في مشاهدة هذه األشرطة واالستماع إلى تسجيالت
صاحب العمل.
هذا ما أقره المشرع الفرنسي في مدونة الشغل في المادة 921و 929منه ،3في حين ال نجد
نظيرا لهذا النص في تشريع العمل الجزائري ،وإنَ مثل هذا األمر يعتبر تنازل عن ممارسة الحق
في الحياة الخاصة مع رضا المتنازل ،ودون أن يكتسب المستفيد حقا مطلقا على الحياة الخاصة.9
14
حماية الحياة الخاصة للعامل
13
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفرع الثالث
القيود الواردة على حماية الحياة الخاصة
ال جدال اليوم حول أهمية الحق في الحياة الخاصة للعامل بوصفه حقا فرديا يحتج به أمام
الجميع سواء كانوا المؤسسات العامة و الخاصة أم األفراد ،أم األجهزة الحكومية ،لكن هذا الحق ال
يعتبر حقا مطلقا ،وإنما يخضع لمجموعة من القيود والضوابط تطبق استثنائيا حال توفر أحوال
معينة ،تجعل المساس بالحق في الحياة الخاصة مشروعا وتنتفي المسؤولية القانونية عن وظرو
القائم بانتهاكها.
لذا سنتولة بحث هذه القيود من خالل تقسيمها إلى نقطتين ،نتعرض في النقطة األولى إلى
القيود الموضوعية المتعلقة بالوظيفة األساسية لبعض المؤسسات بوصفها عمال ينظم الحقوق
والحريات ويحافظ على حسن سيرها من جهة ومن جهة أخرى رضا صاحب الحق ذاته في مدى
ممارسته لهذا الحق من جهة أخرى ،أما النقطة الثانية فنتعرض فيها لبيان القيود الشكلية وهي
تحتاج نصوصا قانونية تنظمها وتحدد شروطها ،وتتمثل غالبا في نصوص إجرائية أو جزائية يكون
منها الحصول على دليل لإلثبات. الهد
أوال :القيود الموضوعية
يقصد بالقيود الموضوعية تلك الحاالت التي يمكن فيها التجسس على الحياة الخاصة
عنها دون أن يعتبر ذلك من الناحية القانونية اعتداء على حرمة الحياة الخاصة ،9والقيود أو الكش
الموضوعية قد ال تتقيد بنص قانوني معين وإن أشارت بعض الدساتير 2إلى الجوء إلى بعضها دون
إيضاح لمدى استعمالها ،وفي حاالت أخرى تتخذ مظهرا يستمد من إفرازات التكنولوجيا الحديثة،
عن حياته الخاصة ،مما يجعل رضا صاحب أما القيد الثاني يتعلق بحاالت رضا العامل بالكش
الحق سببا إلباحة المساس بالحق ي الحياة الخاصة.
اإلستثنائية - 1الظرو
تتخذ القيود الموضوعية كغيرها من القيود مبررا للحد من من بعض الحقوق شأن الحق في
اإلستثنائية التي بموجبها تتحلل السلطة واإلدارة الحياة الخاصة ،وتشمل تلك القيود حالة الظرو
19
حماية الحياة الخاصة للعامل
من التزاماتها اتجا ه األفراد بصفة عامة والعمال والموظفين بصفة خاصة ،إذ أن هذا القيد يجد
أساسه في قيود شبيهة له كالمحافظة على النظام العام والصحة العامة واألخالق العامة.
على أنها أنها صالحيات يكون تطبيقها استثنائيا ،ومن شأنها فرض قيود هذا الظرو تعر
االستثنائية إلى القضاء الفرنسي ممثال في على الحقوق والحريات العامة ،يرجع أساس الظرو
مجلس الدولة ،الذي أقر بعض اإلجراءات اإلدارية واعتبرها غير مشروعة في األوقات العادية مع
إمكانية إعتبارها إجراءات مشروعة في بعض الظرو ،إذا كانت ضرورية لحماية النظام العام
اإلستثنائية تستبدل المشروعية العادية أو استمرار سير ال مرافق العامة ،وهكذا فإنه في ظل الظرو
بالمشروعية اإلستثنائية.9
اإلستثنائية حاالت واقية متعددة الصور مختلفة المصادر من بناءا على ما تقدم فإن الظرو
شأنها تعطيل العمل بالقواعد القانونية العادية ،مما يستدعي الخروج عن تلك القواعد والعمل بقواعد
قانونية استثنائية ،على سبيل المثال حالة الطواريء تجيز تفتيش األشخاصة واألماكن دون التقيد
باإلجراءات القانونية ،كما تجيز فتح الرسائل ايا كان نوعها.
االستثنائية ،غير أن هذه االستثنائية قيدا على ممارسة الحق في الظرو تعتبر الظرو
االستثنائي حتى ال تفتح الحالة مقيد مشروط ،تتمثل في ظرورة تحقق فكرة الضرورة أساس للظر
إدارة المؤسسة ،كما يجب تكون هناك مصلحة تفرض على هذه اإلدارة أن تواجه المجال لتعس
كستار لفرض قيود تحكمية ،أن اإلستثنائي ،كما ال يجوز أن تستخدم هذه الظرو هذا الظر
مختص بناءا على أعمال وظيفته ،وأن تكون هذه الظرو ت كون هذه األعمال صادرة من موظ
االستثنائي.2 مؤقتة تنتهي بانتهاء الظر
- 2الرضا كسبب إلباحة المساس بالحياة الخاصة
يعتبر هذا المبدأ خروجا على القواعد العامة التقليدية في مجال خصائص الحقوق المالزمة
لصفة اإل نسان ،التي تستبعد اإلرادة في مجال التمتع وممارسة هذه الحقوق ،ذهب القضاء المعاصر
إلى أنه يحظر تنازل الشخص عن حقه في الحياة الخاصة بصفة نهائية ،ولكن يجوز أن يكون هذا
الحق محال التفاقات تتعلق بممارسته أو تسمح بالنزول عنه ،شريطة أن تكون هذه االتفاقات
مشروعة ،وال تتعارض مع النظام العام أو اآلداب.
9جابوربي اسماعيل ،نظرية الظروف االستثنائية وظوابطها في القانون الدستوري الجزائي ،مجلة دفاتر السياسة والقانوون،
ورقلة ،العدد ،94جانفي ،2199ص .32
2علي أحمد الزغبي ،مرجع السابق ،ص .311
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
الرضا الذي يصلح كسبب لإلباحة يجب يجب أن يكون صادرا عن إرادة حرة وصحيحة
وخالية مما يعيبها ،وبذلك يملك الشخص الحق في تحديد ما يمكن نشره ،وما يجب أن يظل في
الكتمان من أمور حياته الخاصة ،والشروط التي يجب أن يتم النشر طبقا لها.
من ثم فإن الرضا يبيح التدخل والتحري عن الحياة الخاصة ،9ويجب التزام من حصل على
الرضا بنشر الوقائع التي كانت محال للرضا فقط وال يملك التعرض لوقائع أخرى غير تلك التي
تمت الموافقة على نشرها ،فإذا وافق شخص على التقاط صورته مع أسرته في بيته ،فإن هذه
الموافقة ال تمتد إلى نشر األحاديث التي دارت بين أفراد األسرة أثناء التصوير.2
ظهر هذا المبدأ في قانون العقوبات الجزائري ،حيث اعتبر رضا الشخص بالمساس بحرمة
عن خصوصياته ،وبالتالي يشترط العتبار الفعل من قبيل حياته الخاصة ،سببا إلباحة الكش
االعتداء على الحياة الخاصة ،أن يقع بغير رضا أو إذن صاحبها.3
المحيطة الرضا كما يكون صريحا شفاهة أو كتابة ،قد يكون ضمنيا يستنتج من الظرو
بالواقع ،سواء كان الرضا بتسجيل الحديث ونقله أو الرضا بالتصوير والنشر ،وقد يكون الرضا
مفترضا كما لو كان فعل التسجيل أو ال تصوير قد تم أثناء اجتماع أو على مرأى ومسمع من
الحاضرين.4
استقر القضاء الفرنسي على أن إعادة نشر ما سبق نشره بصورة متفرقة ال يمنع من توافر
المساس بالحق في الحياة الخاصة؛ متى تم إعادة النشر دون موافقة المعني باألمر ،والمساس قد
يمثل تارة إعادة النشر إذا جاء بجديد لم يرد في النشر السابق ،وتارة أخرى في بعث وقائع سبق
نشرها ولكنها دخلت طي النسيان ،وتارة أخرى في نشر الوقائع لدى فئات جديدة من الجمهور لم
يصلها النشر السابق.3
عن الحياة الخاصة 3ضرورات الحق في اإلعالم إلباحة الكش
حسب إذا كان األصل أن لكل إنسا ن الحق في الحياة الخاصة ،إال أن نطاق هذا الحق يختل
المجال الذي يعمل فيه كل إنسان ،إذ قد يعمل البعض في مهن تتطلب معرفة أخبارهم في حدود
أنواعه والرياضين وأيضا الشخصيات معينة خاصة بالنسبة للعاملين في مجال الفن بمختل
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
قدرا من حياتها الخاصة ،9كالموظفين في مناصب عليا شأن المشهورة التي يهُم المجتمع أن يعر
رئيس الدولة وأعضاء المجالس النيابية وكبار موظفي الدولة والمرشح لمنصب هام.2
الشخصية المشهورة بأنها «أي شخص يكون في وضع أو مركز يجعله محطا ألنظار تعر
الناس ،ومحال لإلهتمام بشخصه» ،3ويذهب بعض الفقه إلى تغليب الحق في اإلعالم بالنسبة
بالحياة الخاصة لهؤالء األفراد.4 للشخصيات المشهورة ،ومن ثم يرفضون االعترا
يذهب أنصار هذا اإلتجاه 3إلى أن الشخصيات الشهيرة وعلى األخص العاملين في مجال الفن
ال يتمتعون بالحق في حرمة الحياة الخاصة ،ذلك ألن هذه الشخصيات ال تكون فقط محال للدعاية،
وإنما هي التي تسعى بنفسها و برضاها التقرب من وسائل اإلعالم ،ويكون ذلك عن طريق إعطاء
هذه الوسائل مادة خصبة للكتابة عنهم ،و يتمثل ذلك في وقائع حرمة حياتهم الخاصة وتصبح هذه
األخيرة مجاال رحبا للتحقيقات الصحفية واإلعالمية.
أما الب عض من الفقه يُغلِب الحق في الحياة الخاصة أيا كانت صفة الشخص ،ويكمن اإلشكال
في المفاضلة بين الحق في اإلعالم والحق في الحياة الخاصة ،إذا كان اإلتجاه االلغالب يرى إمكان
عما يتصل بالحياة الحرفية أو المهنية للشخص المشهور بدون إذن سابق منه ،إال أنه قد الكش
للشخصيات الشهيرة بحقهم في التمتع بحرمة الحياة الخاصة ،و ال ذهب إتجاه آخر إلى اإلعترا
عن خصوصيات هذه الفئة إال في الحدود التي تقتضيها المصلحة العامة ،فأساس يجوز الكش
عن الخصوصيات أن يكون الموضوع المنشور متعلقا بالمصلحة العامة و ليس إباحة الكش
الشهرة.9
ا هتمام الجمهور بمعرفة خصوصيات الشخص المشهور يرجع إلى مجرد حب استطالع
شخصي ،وإنما لدافع المصلحة العامة ،حتى تلقي الضوء على حياته العامة ،وبالتالي يكون النشر
مشروعا بدون إذن؛ متى كان تحقيقا لمصلحة عامة ،أما إذا كان الموضوع ال يهم المصلحة العامة،
وينطوي على التعرض للحياة الخاصة ،فال يجوز النشر عندها إال بعد الحصول على إذن صاحبها.
لهذا ال يجوز التعرض للحياة الخاصة للشخصيات المشهورة إال في الحدود التي تقتضيها
العامة ،ومن الضرورات التي تؤخذ بعين المصلحة العامة ،كما هو الشأن لمن يتولى الوظائ
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
االعتبار مثال مس ألة الحالة الصحية للشخصيات السياسية القيادية في الدولة ،فحالتهم الصحية يكون
لها أكبر األثر عن مجرى األمور السياسية ،ومن ثم يحق للجمهور أن يعلمها.9
ثانيا :القيود الشكلية
يتمتع اإلنسان بحقوق أولية يطلق عليها البعض سام حقوق الشخصية على اعتبار أنها ترد
على قيم وعناصر ال زمة لوجود اإلنسان واستمرار تقدمه ،إذ تفترض واجب اإلمتناع عن إيذاء
جسم اإلنسان أو عن المساس بكيانه المعنوي والجسدي ،2أما البعض اآلخر فيطلق عليها الحريات
العامة واألساسية ،وحجر الزاوية فيها هو حق اإلنسان في حرمة المسكن والسرية وصيانة العرض
واإلعتبار ،وفي مجموعها تمثل الحق في حماية الحياة الخاصة.3
إذا أمعنا النظر في أخطر اإلجراءات اإلستثنائية الورادة على الحق في الحياة الخاصة من
حيث القواعد الشكلية ،لوجدنا أن أخطرها في هذا الشأن وأكثرها أهمية تتمثل في إجراء التفتيش
عالوة على أدلة اإلثبات المستمدة من الوسائل العلمية الحديثة.
-9إباحة المساس بالحياة الخاصة لضرورة التفتيش
يمثل التفتيش قيدا من القيود الواردة على الحق في حرمة الحياة الخاصة ،لذا تعنى جميع
التشريعات الحديثة بتنظيم قواعد التفتيش وتفصيل أحكامه من أجل صيانة الحقوق ،وعدم التعس
في التدخل في خصوصيات اإلنسان ،وعدم اإلعتداء على حرمة جسده ومراسالته و مسكنه إال إذا
كان هناك مبررلذلك ،ونظرا ألهمية هذه القواعد على الحق في الحياة الخاصة وضعت بعض
التشريعات أحكام التفتيش ضمن النصوص الدستورية ،4كما تضمنت قوانين االجراءات الجزائية
أحكاما مفصلة عن التفتيش بين قواعده وشروطه ،3والضمانات التي يجب أن تراعى أثناء تطبيقه.
طبيعته ومحله ،فقد يطبق على أشخاص أو مساكن أو رسائل ،حيث التفتيش باختال يختل
على أنه "اإلطالع على محل منحه القانون حرمة خاصة باعتباره مستودع سر صاحبه، يعر
الحقيقة" ،9وهو بهذه الحالة يشتمل على التفتيش لضبط ما عسى أن يوجد به ،مما يفيد في كش
التحقيقي ،والتفتيش الوقائي والتفتيش اإلداري.
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
التفتيش اإلداري الذي يباشر لغرض إداري ال عالقة له بجريمة يجري التحقيق فيها بهد
الحقيقة ،وبذلك فهو يخرج عن إجراءات التحقيق الجنائي ،وال تلزم إلجرائه جمع األدلة وكش
توافر دالئل على وقوع جريمة ،ومثال ذلك تفتيش عمال المؤسسات والمصانع عند خروجهم لكش
ما قد يوجد بحوزتهم من أدوات وأشياء تعود ملكيتها للهذه المؤسسات.
هذا أهدا قد يكون التفتيش اإلداري إما بموجب نص قانوني أو ال ئحة داخلية ،حيث تختل
المحافظة على األمن والنظام ،وبين تفتيش يكون بحكم الضرورة ،ذلك التفتيش بين تفتيش يستهد
أن تفتيش العمال أواخضاعهم لتفتيش شخصي يشكل أمرا غير مشروع ،ما لم تقتضيه حالة
الضرورة كما هو الحال عقب فقدان أشياء أو منقوالت ،أو أن تتم إجراءات التفتيش برضا العامل
وبحضور أحد الشهود مع إخطاره بحقه في االعتراض ،كما ينبغي أن يتم التفتيش بما ال يهدر
الكرامة االنسانية.
تعتبر اشكالية التفتيش الجسدي من أهم قضايا حقوق وحريات االنسان ،ولذا فإن لجوء صاحب
استثنائية ،ال سيما مخاطر العمل إلى التفتيش الجسدي للعامل ال يمكن تبريره ،إالَ إذا حلّت ظرو
وقوع هجمات ،أو مخاطر تتعلق بالسرقة مثلما هو وموجود في المؤسسات التي تصنع
أو تستعمل مواد ثمينة ،أو العاملين في المقالع والمناجم ،أو المؤسسات التي يكون محور نشاطها
التعامل بالمعادن النفيسة أو المجوهرات ،أو األجهزة االلكترونية الحديثة ،أو غيرها من األجهزة
أو المواد المهددة بالسرقة ،والتي التبرر اللجوء إلى إجراء التفتيش من أجلها.
الفحص األمني قد تلجأ بعض المؤسسات إلى إخضاع العمال إلى التفتيش الإلداري بهد
للمتلكات المؤسسة خاصة تلك التي تتعامل مع األموال أو المواد الثمينة ،أو المؤسسا األكثر عرضة
وتهديد للسرقة ،مما يضطر العمال إلى الخضوع إلى التفتيش الجسدي أثناء الدخول والخروج من
أماكن العمل وكذا تفتيش أمتعتهم الخاصة.
- 2إباحة المساس بالحياة الخاصة لضرورة اإلثبات
يحدث التعارض بين الحق في الحياة الخاصة ومبدأ حرية اإلثبات ،الذي من خالله يسعى كل
إلثبات دعواه بكل الوسائل المتاحة ،بما في لك الوسائل التي يقدمها العلم الحديث ،9لكن يثور طر
أن يثبت دعواه بأي وسيلة كانت ،بحيث تعتبر الوسائل التي التساؤل عما إذا كان يجوز لكل طر
تؤدي إلى إظهار الحقيقة مشروعة ،أم أنَ إظهار ال حقيقة ال يكون بأي ثمن ،وال بد أن ينطوي الدليل
19
حماية الحياة الخاصة للعامل
على مساس بالحق في الحياة الخاصة ،9وبمعنى آخر هل يمكن التنازل عن الحق في الحياة الخاصة
عن الحقيقة أم أن األولوية واألسبقية تكون للحياة الخاصة. مقابل الكش
إن اإلجابة عن هذه اإلشكالية ال تزال تثير بعض التحفظات لوجود معادلة صعبة بين استخدام
الوسائل الحديثة التي أفرزها التقدم العلمي ،والتي من شأنها المساعدة على اإلثبات بطريقة أنجع
وأسرع من الوسائل التقليدية ،وبين ما تنطوي عليه هذه الوسائل من مساس بالحق في الحياة
الخاصة التي سعت أغلب التشريعات إلى إحاطتها بجملة من الضمانات.
التشريع الجزائري اهتم بدوره من خالل قانون اإلجراءات الجزائية بوضع القيود التي تتطلبها
ضرورات إظهار الحقيقة عند ارتكاب جريمة من الجرائم ،وأوضح األحوال والشروط التي يجوز
فيها التنصت أو تسجيل المحادثات الهاتفية ،وكذا االعتراض على المراسالت التي ترد على الحق
في الحياة الخاصة.2
إختلفت إتجاهات القضاء الجنائي الفرنسي حول مدى مشروعية الدليل المتحصل عليه من
التنصت اإللكتروني على األحاديث الخاصة ،فقد كانت األحكام القضائية المبكرة ترفض هذا الدليل
وتؤكد عدم مشروعيته ،غير أن القضاء بدأ يـميل تدريجيا لألخـذ بالدليل المتحـصل من التنصت
اإللكتروني ،إذا تم التنصت بإذن السلطة القضائية ألسباب معقولة ووفقا لإلجراءات المعمول بها.
تعددت تطبيقات القضاء الفرنسي في هذا الشأن ،في حكم لها قررت محكمة النقض الفرنسية
صراحة مشروعية مراقبة المحادثات التليفوني ة ،متى تمت بناء على إذن صادر من قاضي التحقيق،
و كان األمر يتعلق بمتهم -و بررت المحكمة قضـاءها بأن التنصت على المحادثات التـليفونية ال
ينطوي على انتهاك لحق الدفاع و ال يعد خرقا ألي نص من نصوص القانون أو أي مبدأ قانوني.3
في المقابل ذهبت محكمة جنح باريس إلى أن الجهاز الموضوع في الصيدلية يكون معدا
للتسجيل ليس فقط أثناء إفتتاح الصيدلية و إنما قبل إفتتاحها للجمهور و بعد إغالقها ،كما أن الجهاز
يسجل المحادثات الخاصة التي تجري في الصيدلية و في الغرفة المخصصة للسكن و هذه تعد
أماكن خاصة ،و بهذا أنتهت المحكمة إل ى إدانة صاحبة الصيدلية التي وضعت جهاز تسجيل
للتجسس على إحدى العامالت بالصيدلية.4
12
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفقهي والقضائي حاولنا التطرق من خالله الفصل إلى بيان ماهية الحياة الخاصة ،والخال
جامع مانع للحق في الحياة الخاصة ،وحصر للعناصر المتفق عليها حول صعوبة وضع تعري
للحق في الحياة الخاصة يجب بين الفقهاء ،انتهاينا إلى أن أي تعري وأيضا ال عناصر محل خال
أن يستند على أساسين هما سرية الحياة الخاصة وحرية الحياة الخاصة ،أي حق الفرد في اختيار
أسلوب حياته الخاصة ،وحقه في سرية هذه الحياة.
أوجه الحماية التي في سبيل بحث اإلطار التشريعي لحماية الحياة الخاصة ،تعرضنا لمختل
حظي بها هذا الحق سواء على الصعيد الدولي من خالل نصوص اإلتفاقيات الدولية وتوصيات
التشريعات المؤتمرات الدولية العالمية واإلقليمية ،وكذا الحماية المقررة له من خالل مختل
المقارنة الغربية منها أو العربية ،أو حماية هذا الحق على الصعيد الوطني التي تباينت بين حماية
دستورية وحماية في التشريع العادي.
أما عن الطبيعة القانونية لهذا الحق تبين أن هذا الحق يعد حرية من الحريات العامة ،وحق من
حقوق الشخصية وهذا ما أكده كل من التشريعين الفرنسي والجزائري على حد السواء ،ثم عالجنا
القيود والضوابط التي قد ترد استثناءا على ممارسة الحق في الحياة الخاصة سواء كانت مخت ل
اإلستثنائية ورضا صاحب الحق في المساس بحقه في الحياة قيودا موضوعية شأن الظرو
الخاصة ،وأيضا ضرورات اإلعالم بالنسبة لبعض المهن ،أو قيودا شكلية ترتبط بإجراءات التفتيش
ووسائل اإلثبات الحديثة التي تبيح المساس بهذا الحق.
13
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفصل الثاني
الحماية المباشرة للحياة الخاصة للعامل
إن عقد العمل يجعل العامل يلتزم بتنفيذ تعهداته التعاقدية كآثار إلتفاقه مع صاحب العمل،
بها لصاحب المعتر هذه التعهدات تعكس قبوله لمبدأ الخضوع اإلداري لسلطة الرقابة واإلشرا
العمل ،غير أن القبول بهذا القيد لحريته مقيد باإلطار المهني فقط المحدد من حيث مكان وزمان.
أما خارج هذا اإلطار أي خارج مكان وزمان العمل يسترد العامل كامل حريته لممارسة
حياته الخاصة بعيدا أدائه المهني ورغم ارتباطاه بعقد العمل ،وأي تدخل من جانب صاحب العمل
يعد تعطيال لحريته وكيفية ممارستها ،بل إن تأثر حياته المهنية بما يحدث خارج إطارها يعد مساسا
بحياته الخاصة التي له أن يمارسها كيفما يشاء.
لتبيان ما أتى نتعرض في المبحث األول من هذا الفصل إلى صور حماية الحياة الخاصة
للعامل سواء قبل إبرام عقد العمل أو أثنائ سريانه ،فيما ندرس في المبحث الثاني أهم الضمانات
الكفيلة بحماية الحياة الخاصة للعامل خارج االطار المهني ،لمنع تدخل وتعرض صاحب العمل
لخصوصيات العامل.
14
حماية الحياة الخاصة للعامل
المبحث األول
حماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل قبل التعاقد
أسفرت تكنولوجيا اإلعالم واالتصال عن مخاطر عديدة بشأن الحياة الخاصة للعامل وكيفية
احترامها وصور حمايتها دفعت بالمشرع في عدة دول للتدخل بشكل خاص لمواجهة هذه المخاطر،
وتظهر التأثيرات السلبية للمعلوماتية في مجال عالقات العمل على مستوى العقد بكافة مراحله.
قد يلجأ صاحب العمل إلى المعلوماتية في تجميع معلومات عن المرشحين للعمل ،كما يمكن
أن االعتماد عليها بعد التعاقد وأثناء سريان العقد ومراقبة ما يعتقد ضرورة لحسن أداء العمل ،ال
سيما في ظل العمل عن بعد.
حيث سمحت ثورة المعلوماتية واإلتصاالت إلى ظهور وتطوير العمل عبر المسافات بصفة
عامة ،حيث يمارس العمل خارج مكان العمل بمفهومه التقليدي ،وعليه تتخذ التبعية شكال جديدا أي
تبعية بالمفهوم الحديث.9
بفضل األجهزة المعلوماتية للهيئة المستخدمة واعتمادا على سلطة التبعية يمكن لصاحب العمل
إجراء مراقبة ال كترونية للمراحل المختلفة إلنجاز المهام المنوطة بالعامل خارج مكان العمل ،ومدى
فعلية أدائه للعمل ،ومدى سرعته في إنجازه ،وما يرتكبه من أخطاء ،فهل تمثل هذه الطريقة في
مراقبة العامل خارج مكان العامل اعتداء على حريته الفردية في ممارسة حياته الخاصة.
هذا م ا سنحاول التطرق إله من خالل المطلب األول من هذا المبحث الذي يعالج حماية الحياة
الخاصة للمترشح للعمل قبل إبرام العقد ،والمطلب الثاني الذي يتناول حماية الحياة الخاصة للعامل
خارج مكان العمل أثناء سريان العقد.
المطلب األول
صور االعتداء على الحياة الخاصة للمترشح للعمل
من أهم الحقوق التي كفلها الدستور الحق في العمل ،وحرية اختياره ،كما أن لكل شخص
الحق في الدخول أو االحجام عن العالقة العقدية المعروضة عليه ،وتعتبر مرحلة التوظي
أوالتشغيل األكثر عرضة لإلعتداءات نظرا لحاجة مقدم الطلب للحصول على عمل ،ورغبة صاحب
العمل في الحصول على أقصى قدر ممكن من المعلومات عن المترشح للعمل ،مستعمال في ذلك
شتى الوسائل للوصول إلى المعلومات.
9
RADE (C), Nouvelles technologies de l’information et de la communication et nouvelles formes de
subordination, Dr. Soc, Paris,2002, p 26 .
13
حماية الحياة الخاصة للعامل
مكنّ ت التكنولوجيا الحديثة صاحب العمل اللجوء الى أحدث الوسائل والطرق في عملية انتقاء
المرشحين قبل تعيينهم مما شكل اعتداء على حياتهم الخاصة ولعل أهمها هو إجراء اختبارات
القبول عن طريق نظام المعلوماتية ،9وكذا إخضاع المترشحين إلى االختبارات الطبية والنفسية
للتأكد من سالمتهم الصحية ،واستخدام أجهزة نقل الصورة والصوت.2
الدخول في يعتبر مبدأ الحرية التعاقدية نتيجة حتمية لمبدأ سلطان اإلرادة ،فيحق ألي طر
عالقة تعاقدية يراها تحقق مصلحته ،كما له اإلمتناع عن التعاقد متى بدا له أن العقد ال يحقق
مصلحته ،3إذ أن العديد من النصوص القانونية تكرس حرية التعاقد بين الطرفين وعدم جواز تعليقها
على شروط غير موضوعية ،بل يتم التعاقد بناءا على جملة من اإلعتبارات والمهارات المهنية.
هذا ما يثير االشكاالت اآلتية ما هي حدود المستخدم في البحث عن معلومات تتصل
بمترشحي العمل؟ وما هي الضمانات القانونية التي تكفل عدم انتهاك حرمة حياتهم الخاصة؟ وهذا
ما سنحاول اإلجابة عنه من خالل الفرع األول الذي يتعلق االعتداء على الحياة الخاصة للمترشح
للعمل ،والفرع الثاني الذي يخص الضمانات القانونية لحماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل.
الفرع األول
المعلوماتية لكشف سرية الحياة الخاصة للمرشح للعمل
أدى التعامل مع المعلومات آليا بعد معالجتها إلى مخاطر كثيرة بشأن حريات األفراد
وخصوصياتهم ،لذا فإن األنظمة القانونية سعت لضبط الجنوح المحتمل لهذه التقنية بإيجاد قواعد
قانونية تحدد ضوابط للتدخل المعلوماتي تبين الألفعال التي يجوز القيام بها لمنع التأثير السلبي
للمعلوماتية.4
تظهر التأثيرات السلبية للمعلوماتية في مجال عالقات العمل في مرحلة ما قبل التعاقد ومدى
إمكانية االعتماد على المعلوماتية في رفض التعاقد ،فقد يعـتمد صاحب العمل على المعلوماتية في
تجميع معلومات عن المترشحين للعمل ،وفي تقييمهم أيضا.3
للمعلوماتية في مجال العمل استخدمات عديدة تبدأ منذ اختيار وتعيين العمال بالمؤسسة ،إذ
يحاول صاحب العمل قبل اتخاذ قرار نهائي بتعيين المترشحين للعمل لديه ،أن يجمع معلومات
وفيرة عنهم سواء بنفسه أو بمساعدة مكتب وسيط يساعده في اتخاذ القرار.
9
SAVATIER (J), La protection de la vie privée des salariés, Droit sociale, France, Avril 1992, p 329.
2صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .41
3زهير حرح ،تأثير الح ياة الخاصة للعامل في حياته المهنية ،مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،المجلد ،31العدد
األول ،2194 ،ص .12
4زهير حرح ،نفس المرجع ،ص .13
3
LENOIR (C), WALLON (B), Informatique, travail et libertés, Dr. Soc,France, Mars 1988, p 213.
19
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
L.122-35 Modifié par Loi n°2001-1066 du 16 novembre 2001 - art. 1 JORF 17 novembre 2001, relative à
la lutte contre les discriminations.
2صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .31
3
FRYSSINET)J(, Nouvelles technologie et protection de libertés dans l’entreprise, Dr. Soc, France, 1992, N
6, p09.
4نورة بوطاهر ،أنس األعرج ،رشيد الشهب ،حسن اإلبراهيمي ،آثار المعلوميات على الشغل :منطلقات لتوجيه القضاء في تطبيق مدونة
الشغل ،مقال متاح على الموقع االلكتروني االتي http://www.startimes.com/?t=15307871 :تاريخ االطالع 2013/19/11
3
Art L122-25 du C.T.Fr, Modifié par Loi n°93-121 du 27 janvier 1993 - art. 50 JORF 30 janvier 1993.
9
Art L432-2-1du C.T.Fr: «Le comité d'entreprise est informé, préalablement à leur utilisation, sur les
méthodes ou techniques d'aide au recrutement des candidats à un emploi ainsi que sur toute modification de
ceux-ci.Il est aussi informé, préalablement à leur introduction dans l'entreprise, sur les traitements
automatisés de gestion du personnel et sur toute modification de ceux-ci.
Le comité d'entreprise est informé et consulté, préalablement à la décision de mise en oeuvre dans
l'entreprise, sur les moyens ou les techniques permettant un contrôle de l'activité des salariés ».
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
أكدَ القضاء الفرنسي على أنه يحق للمرشح االمتناع عن اإلجابة على األسئلة واالستفسارات
التي ال عالقة لها بالعمل المطلوب ،9وعلى القاضي عند المنازعة التأكد مما إذا كانت األسئلة
المطروحة على المرشح للعمل تعد ذات صلة مباشرة وضرورية بالعمل المعروض عليه ،أم ال.2
في إطار احترام الحياة الخاصة للمواطن أصدرت اللجنة القومية للمعلوماتية والحريات
الفرنسية توصيات ينبغي مراعاتها في مرحلة الترشيح للعمل ،إذ يجب أن تكون مرتبطة باإلطار
المهني دون أن تمتد إلى تساؤالت خاصة باإلطار غير المهني ،ويجب أن تكون االستفسارات
الموجهة للمرشح واضحة ومكتوبة مما يمكن من بحث قانونيتها عند النظر حول ما إذا كان رفض
التعاقد راجعا إلى أسباب مهنية أو غير مهنية.
كما ألزم المشرع الفرنسي صاحب العمل إبالغ المرشح بالعمل بنتيجة التقييم ،وهو ما يتيح
لهذا األخير إمكانية المنازعات بسبب رفض التعاقد معه وإثبات استناده إلى أسباب غير مهنية،3
الفرنسي يعكس توجها قانونيا عاما بشأن المعلوماتية وتأثيراتها على الحياة الخاصة وهذا الموق
للمرشح للعمل ،حيث أجمع الفقه الفرنسي على أن أهم األخطار التي تشكل تهديدا على الحياة
الخاصة ،السماح ألصحاب األعمال بانشاء بنوك خاصة للمعلومات 4المتعلقة بالمترشحين للعمل،
دون رقابة من الدولة.
إن هذه األخطار سواء كانت نتيجة استخدام البيانات في غير الغرض المخصص لها ،أو
جمعها بغير سبب مشروع ،أو دون علم الشخص ،أو من مصادر مزورة ،أو بيانات بطبيعتها ال
يجب جمعها عن المترشحين للعمل لتعلقها بحياتهم الخاصة يعد اعتداء على حرمة حياتهم الخاصة
وتهديدا لحرياتهم.3
- 1- 2طريقة برمجيات التقييم المتخصصة
يمكن تقييم مترشحي العمل من خالل برمجيات التقييم المتخصصة 9واالختبارات النفسية التي
9هذا ما أقرته محكمة النقض الفرنسية منذ 9113بشأن عالقات العمل في قرارها الصادر عن الغرفة االجتماعية بتاريخ 91
أكتوبر ، 9113المشار إليه في :
LENOIR )C(, WALLON )B(, op.cit, p 215.
2
Code du travail français, Art L121-6 : "Ces informations doivent présenter un lien direct et nécessaire avec
l'emploi proposé ou avec l'évaluation des aptitudes professionnelles. Le candidat à un emploi ou le salarié est
tenu d'y répondre de bonne foi ".
3زهير حرح ،مرجع سابق ،ص .19
4يقصد ببنوك المعلومات تكوين قواعد بيانات تفيد موضوعا معينا وتهدف لخدمة غرض ،ومعالجتها بواسطة أجهزة الحاسبات
االلكترونية إلرجاعها في صورة معلومات تفيد مستخدمين مختلفين في أغراض م عينة ومتعددة ،فقد يجري تحليلها للوقوف على
النواحي االستهالكية القائمة في المجتمع ،أما من الناحية الفنية :فيقصد بها العمليات المختلفة للحاسب اآللي من تسجيل وتصنيف
للبيانات .أنظر أسامة عبد هللا قايد ،مرجع سابق ،ص .41
3بيو خالف ،مرجع سابق ،ص .41
9
BOSSU (B), La protection des droits fondamentaux du candidat à l’emploi, site Internet :
تاريخ االطالع http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html..2193/19/21
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
تقوم بتحليل اإلجابات لتعطي مالمح شخصية للمترشح ،وهذه البرامج يمكن شراؤها أو استأجارها،
تم تطوير هذه البرامج التي تتولى وضع االختبارات النفسية النموذجية على حسب الوظيفة الشاغرة.
من اإلختبارات النفسية التي قد يلجأ إليها بعض أصحاب األعمال لفحص المترشحين للعمل؛
اختبار) ) ad.hocالذي يسمح بتقييم شخصية المترشحين بالنظر إلى االختبارات النموذجية ،حيث
يجلس المترشح للعمل أمام شاشة الحاسب اآللي ،ويجيب على األسئلة التي يطرحها عليه هذا
األخير ،ويضع لكل إجابة يدلي بها المترشح درجة ،بحسب التحديد النموذجي الموجود في الحاسب
اآللي ،ومدى اتفاق اإلجابة معه ،وتبلغ أسئلة االختبارات في هذه البرمجيات مابين 231إلى 311
سؤال ،يحدد من خاللها مابين 91إلى 41سمة من سمات الشخصية.9
أصبح التوصل إلى البيانات والحقائق المتعلقة بالمترشح للعمل أثر سهولة من أي وقت مضى،
بفضل براممجيات التقيـيم المتخصصة ،وبـفضل الحاسوب اآللي عن طـريق التعامل مع المل
االلكتروني الذي يشكل أساس النشاط المعلوماتي.2
غير أن برمجيات التقييم المتخصصة تثير مشكلة المعالجة اآللية للمعلومات أو المعطيات مما
يهدد الحياة الخاصة للمترشح للعمل ،الحتمال عدم دقة النتائج واألحكام في تقييم شخصية المترشح،
ال سيما عند تولي هذا النظام عملية التشغيل.
- 1التشغيل غير المباشر للمترشح للعامل
تستعين بعض المؤسسات في البحث عن عمال جدد الى مكاتب ووكاالت التشغيل ،غير أن هذه
المكاتب قد تتجاهل القوانين المتعلقة بحماية البيانات الشخصية ،ففي فرنسا أحصت اللجنة الوطنية
للمعلوماتية والحريات )3(CNILعدة صعوبات يمكن أن تطرأ بمناسبة تدخل مكاتب التشغيل.
تتمثل هذه الصعوبات في انعدام وجود أي إحالة إلى القانون عند جمع المعلومات عن المترشح
للعمل ،وتجميع كم هائل من المعلومات المختلفة يتم حفظها لوقت اللزوم تتعلق بماض المترشح
وقدراته ،ونتائج االختبارات الشخصية.
كما تستعين بعض المؤسسات الى بعض البرامج التي تتولى ترتيب المترشحين انطالقا من
معايير شخصية ،األمر الذي يشكل خطر واضح في رسم المالمح الشخصية للمترشح ،وهذا ما
11
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés, Modifié par Loi
n°2004-801 du 6 août 2004 - Art. 1 JORF 7 août 2004.
2صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص.34
3
Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au développement du travail à temps partiel et à
l'assurance chômage. Art 25, J.O.N°1 DU 1er Janvier 1993.
4
Art L1121-1 : « Nul ne peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et collectives de
restrictions qui ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées au but
تاريخ االطالع recherché » disponible sur le site : https://www.legifrance .2193/14/19
3القانون رقم 93-11المتعلق بمدونة الشغل المغربية ،المعدل بالقانون رقم 9-13-914الصادر في 99سبتمبر ،2113ج.ر رقم
3991المؤرخة في 1ديسمبر .2113
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
Art 395 P.C.T.A: «Le traitement par les organismes de placement des données personnelles concernant le
demandeur d’emploi inscrit, s’effectue dans le strict respect de la vie privée des intéressés. Ils doivent
prendre toutes les mesures visant à protéger les données personnelles concernant les demandeurs d’emploi
qui s’adressent à eux.
Les informations demandées doivent notamment porter sur les questions relatives aux qualifications et à
l’expérience professionnelle des demandeurs d’emploi concernés».
2القانون رقم 91/14المؤرخ في 23ديسمبر ، 2114المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل ،ج.ر عدد 13الصادرة بتاريخ
29ديسمبر .2114
3تلزم المادة 91من القانون 11/14المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل كل مستخدم أن يبلغ وكالة التشغيل أو البلدية أو
الهيئة الخاصة المعتمدة من قبل الوزارة بالمناصب الشاغرة لدى مؤسسته ،ويجب على هذه الهيئات تلبية عرض التشغيل في أجل
أقصاه واح وعشرون ( )29يوما بعد ت سجيله ،وفي حالة عدم تلبية العرض يمكن للمستخدم اللجوء إلى التوظيف المباشر مع إعالم
الوكالة فورا.
919
حماية الحياة الخاصة للعامل
الخاصة التي يحددها قانون تنظيم عالقات العمل كالمدة القانونية للعمل والحد االدنى لألجر ،وبعض
الحقوق وااللتزامات.9
الفرع الثاني
االختبارات الطبية الماسة بالحياة الخاصة للمترشح للعمل
عن مدى سالمة إنَ اإل جراءات الحديثة للتشغيل ترتبط بأساليب واختبارات طبية تكش
المترشح من الناحية الصحية والنفسية للتأكد من كفاءة طالب الشغل ،غير صاحب العمل قد ال
أدق الخصوصيات والمعلومات الخاصة يكتفي بالفحوصات الطبية العادية ،بل قد يبحث عن كش
للمترشح للعمل وهو ما يشكل اعتداءا على حرمة حياته الخاصة ،ومن بين هذه االختبارات ما يمس
بالكيان المادي للمترشح ومنها ما يمس بالكيان النفسي له.
أوال :االختبارات الطبية الماسة بالكيان المادي للمترشح للعمل
إنَ اإلقبال على ممارسة أي وظيفة أو منصب العمل ،يتطلب إجراء فحوصات طبية ،وهي
إلزامية لجميع المترشحين للعمل ،سواء قبل العمل أو بعده شريطة أن ال تتجاوز فترة التجربة ،أقر
التشريع الفرنسي مبدأ إلزامية خضوع المترشح للعمل للفحوصات الطبية بموجب المادة R 241-
) )48من قانون العمل الفرنسي.2
هذا ما أخذ به المشرع الجزائري في القانون رقم 11/11المؤرخ في 29جانفي 9111
المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل ،3حيث جاء في مادته " 91يخضع وجوبا كل عامل أو
متمهن للفحوص الطبية الخاصة بالتوظي ،" ...كما تم التأكيد على ضرورة الفحص الطبي للتشغيل
في المرسوم التنفيذي رقم 921/13المؤرخ في 93ماي 9113المتعلق بتنظيم طب العمل 4والذي
إلى ما يأتي: نص على أن " الفحص الطبي للتشغيل يهد
-البحث عن سالمة العامل من أي داء خطير على بقية العمال.
-التأكد من أن العامل مستعد صحيا للمنصب المرشح لشغله.
-اقتراح التعديالت التي يمكن إدخالها عند االقتضاء على منصب العمل المرشح لشغله.
-بيان ما إذا كانت الحالة تتطلب فحصا جديدا أو استدعاء طبيب مختص في بعض الحاالت.
9أحمية سليمان ،التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري ،عالقات العمل الفردية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الجزائر ،9111 ،ص .99
2
Art 241-48 C.T.fr : « Le salariée bénéficie d’un examen médical avant l’embauche ou au plus tard avant
l’expiration de la période d’essai par le médecin du travail ».
3القانون رقم 11/11المؤرخ في 29جانفي 9111المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل ،ج.ر عدد 4الصادرة بتاريخ
21جانفي .9111
4المرسوم التنفيذي رقم 921/13المؤرخ في 93ماي 9113المتعلق بتنظيم طب العمل ،ج.ر ،عدد 33المؤرخة بتاريخ 91
ماي .9113
912
حماية الحياة الخاصة للعامل
-البحث عن المناصب التي ال يمكن من الوجهة الطبية تعيين العامل فيها والمناصب التي تالئمه
أكثر".
-9اإلختبارات الجينية للمترشح للعمل
يلجأ بعض أصحاب العمل إلى إخضاع المترشحين للعمل إلى بعض اإلختبارات الطبية بمعرفة
طبيب المؤسسة ،قصد تحليل قدراتهم المهنية ،ومدى تناسبها مع العمل المكلفين به ،وهو األمر الذي
يشكل اعتداء على الحياة الخاصة للعامل ،مثل أخذ عينة من جسم المترشح للعمل والقيام بتحليلها
باإلختبارات الجينية.9 على صفاته وهذا ما يعر والتعر
اإلختبار الجيني على أنه " :االستعانة باختبار علمي للحصول على معلومات بشأن عر
بعض الجوانب المتعلقة بالوضع الوراثي لشخص ما ،والتي تدل على وجود مشكلة طبية حالية أو
مستقبلية".2
على أنماط الجينات المختلفة التي تستخدم اإلختبارات الجينية في الوسط المهني للتعر
تتسبب في حدوث المشكالت الصحية ،مما يسمح بالتنبؤ بالحالة الصحية للمترشح للعمل مستقبال،
والحكم على مدى كفاءته في شغل منصب العمل ،وهي تخدم مصلحة صاحب العمل من خالل
تحديد االختبار الجيني العمال المصابين بمرض وراثي مما يجعله يحجم عن قبول تشغيلهم.
تزايد لجوء أصحاب العمل إلى هذه االختبارات الجنية ،وإخضاع عمالهم والمرشحين للعمل
لديهم إلى هذا النوع من االختبارات ،وفي فرنسا تولى قانون أخالقيات علم األحياء المؤرخ في 21
جويلية 9114المتعلق "باحترام الجسم البشري" 3مهمة تنظيم اللجوء إلى هذه اإلختبارات ،4و تحظر
المادة 91-99من القانون المدني الفرنسي إجراء الدراسات الجينية أو الوراثية لصفات أو
خصائص تتعلق بأحد األشخاص ،إال إذا كانت هذه الدراسات تتعلق بأغراض طبية أو أبحاث
علمية.3
9
BOSSU (B), La protection des droits fondamentaux du candidat à l’emploi, site Internet :
تاريخ االطالع http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html. .2193/19/12
2
– Opinion of the Européen Croup on Ethics in Science and New Technologies to the Européen Commission
Ethical aspects of genetic testing in the workplace », 28/07/2003, disponible sur le site :
تاريخ االطالع http://ec.europa.eu/index_fr.htm. .2193/19/13
3
Loi n° 94-653 du 29 juillet 1994 relative au respect du corps humain, JO du 30juill. 1994, article 5.
4
Déclaration universelle sur les donnèes gènètiques- www.unesco.org/shs/fr/biothics.
تاريخ االطالع . 2194/19/13
3
Art 16-10 : « L'examen des caractéristiques génétiques d'une personne ne peut être entrepris qu'à des fins
médicales ou de recherche scientifique ».
913
حماية الحياة الخاصة للعامل
أمَا المشرع الجزائري فقد نص في المادة 91من القانون رقم 11/11المؤرخ في 29جانفي
9111المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل على أنه " يمكن لطبيب العمل أن يأخذ عينات
أو يطلبها قصد إجراء تحاليل عليها والقيام بكل فحص ألية أغراض مفيدة."...
يكون دافع صاحب العمل إلجراء االختبارات الجينية على المترشحين للعمل ،أسباب
مدى استعداد العامل لإلصابة باآلم ومبررات اقتصادية ،فمن مصلحته على سبيل المثال أن يعر
الذاكرة ،أو مرض السكري ،وهو ما الظهر في العمل ،أو استعداده الوراثي لإلصابة بمرض ضع
الحساسة. يؤثر على قبول العامل في بعض الوظائ
قد يحدث تعا رض بين مصلحة صاحب العمل في التأكد من السالمة الصحية للمترشح للعمل،
عن صفاته الجينية ومدى استعداده لإلصابة بمرض ما ،حيث وبين مصلحة العامل في عدم الكش
يمكن لصاحب العمل أن يحجم عن استخدام المترشحين للعمل الذين يشير فحصهم الجيني إلى قابلية
إصابتهم بمرض محدد في المستقبل.
يبرر استخدامه وسيلة الفحص الجيني للمترشحين ألسباب تتعلق بالسالمة والصحة ال سيما
للعمل في أماكن خطيرة ،يتم التعامل فيها مع مواد تساعد في اإلصابة بهذا عندما يتعلق التوظي
المرض مثل اإلشعاعات والمواد الكيماوية ،وبالتالي يكونوا أكثر عرضة لإلصابة ال حقا بمخاطر
وأضرار صحية.
األمر الذي يحمل صاحب العمل أعباء اقتصادية أكبر ،وزيادة في اشتراكات التأمين الصحي،
كما أن استعداد العامل لإلصابة بالمرض يقلل من قدرته على العمل ،ويؤثر على حسن سير العمل
بالمؤسسة.9
- 2مساس االختبارات الجينية بالحياة الخاصة للمترشح للعمل
إن اإلختبارات الجينية تتطلب أخذ عينة من جسم االنسان والحصول على هذه العينية يفترض
بالضرورة اعتداء على سالمة الجسد ،والمساس بالحياة الخاصة لطالب العمل ،فكل ما يمس
بالسالمة الجسدية للشخص البد أن يستلزم ضرورة الرضا المسبق للشخص.2
9تقرير المدير العام لمكتب العمل الدولي" ،المساواة في العمل" ،التقرير العالمي لمنظمة العمل الدولية بشأن المبادىء والحقوق
األساسية في العمل ،مؤتمر العمل الدولي ،الدورة ،2111 ،19ص ،41متاح على الموقع . http://www.ilo.org/ :تاريخ
االطالع2193/19/91
2
Art 16-3 du C.civ.fr : « Il ne peut être porté atteinte à l'intégrité du corps humain qu'en cas de nécessité
médicale pour la personne ou à titre exceptionnel dans l'intérêt thérapeutique d'autrui. Le consentement de
l'intéressé doit être recueilli préalablement hors le cas où son état rend nécessaire une intervention
thérapeutique à laquelle il n'est pas à même de consentir ».
914
حماية الحياة الخاصة للعامل
ي برر أصحاب العمل اللجوء إلى هذه اإلختبارات من أجل فرز المترشحين المتقديمين بطلبات
التشغيل ،حيث يقومون باختيارهم بناءا على المعلومات المحصل عليها بفضل تلك االختبارات
الجينية ،وبالتالي يمكنهم رفض تشغيل المترشحين المصابين بعيوب وراثية أو المعرضين مستقبال
إلمرا ض معينة ،كما أن مثل هذا الفرز قد تلجأ إليه شركات التأمين ومصالح الضمان اإلجتماعي،
حيث يمكن أن تستغل هذه الجهات المؤمن ليها نتائج تلك االختبارات لتقرر ما إذا كانت تقبل التعاقد
مع طالبي التأمين أم ال.9
قدمت لجنة الوظيفة العامة الفدرالية في الواليات المتحدة األمريكية تقريرا حول استعمال نتائج
إدارة شؤون العاملين ،الذي يهدد بشكل خطير الحق في احترام الحياة الفحوص الطبية ألهدا
الخاصة ،كما أبدى بعض األخصائيين تأملهم من هذا االنتهاك خالل عالقات العمل بواسطة هذه
الفحوص ،وما ينجر عنه من مساس بحرمة جسم العمال إلى درجة اقتراح الكثير من هؤالء
بعض من هذه الوسائل الماسة بشكل عميق بالحياة الخاصة.2 اإلخصائيين حذ
يلزم قانون العمل الفرنسي طبيب العمل بكتمان السر المهني عند إجراء اختبارات على
المترشح للعمل ،فليس له الحق في أن يذكر في استمارة اللياقة الصحية أسباب عدم اللياقة ،3كما
يفرض المشرع الفرنسي في القانون المدني والقانون الجنائي ،وقانون الصحة ،حظرا على إجراء
االختبارات الجينية إال في حاالت محددة وألغراض طبية أو للبحث العلمي ،أو لدواع قضائية.4
عن خصوصيات الحياة الخاصة للمرشح للعمل كما ال يجوز لصاحب العمل بدوره الكش
التي علم بها بمناسبة التحري عنه خاصة في ظل نظام المعلومات الحديث ،الذي يمكنه من اإلطالع
على أدق التفاصيل الخاصة بالمترشحين ،وال ينبغي أن يكون االختبار الجيني للمترشح عائقا أمام
التحاقه بالعمل ،أو أن يكون وسيلة لإلعتداء على الحقوق األساسية ك حقه في احترام حياته الخاصة
وحقه في حرمة جسده.3
ثانيا :اإلختبارات الطبية الماسة بالكيان النفسي للمترشح للعمل
يلجأ صاحب العمل بمعرفة األخصائي النفساني إلجراء فحوص على شخصية المترشح
هذه الفحوص إلى اختراق شخصيته وقياس عواطفه واستعداداته وتوازنه لمنصب العمل لديه ،تهد
9
MAZEN (N. J), Tests et empreintes génétiques: du flou juridique au pouvoir scientifique, Les Petites
Affiches N° 149, 14 décembre 1994, p 70.
2صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .219
3صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق.33 ،
4
GALLOUX (J.C), GAUMONT-PART (H), Droits et libertés corporels, Recueil Dalloz, 2010 p. 604,
disponible sur le site :http://actu.dalloz-etudiant.fr/fileadmin/actualites/pdfs/OCTOBRE2010/D2010-
تاريخ االطالع 604.pdf2193/11/91
3
BOSSU (B), Op.cite, site Internet : http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html.
تاريخ االطالع 2193/11/91
913
حماية الحياة الخاصة للعامل
ومقاومة الضغوط النفسية ،كل هذه الضغوط تجبر الشخص العقلي ،وكذا قدرته على التكي
آرائه السياسية وأفكاره ومعتقداته.9 الخاضع لها الى كش
غير أن اعتماد صاحب العمل على االختبارات النفسية لتقييم الشخصية وقياس الذكاء العام،
واختبارات الكفاءة المهنية والصدق التي تستخدم في التوجيه المهني للمترشح للعمل ،قد ال يتوق
أسرار المترشح للعمل والتأثير عليه سلبا باستخدام عند هذا الحد ،بل قد يحاول صاحب العمل كش
الكذب ،أو العقاقير المخدرة. عدة وسائل كتنويم المغناطيسي أو جهاز كش
هذه الوسائل تشكل انتهاكا للحرية الشخصية ،2ومساسا بالحق في الحياة الخاصة ،ومن بين
المعلومات والتحري عن الحقيقة هي الوسائل التي يلجأ إليها صاحب العمل والتي تساهم في كش
الكذب. اختبار كش
الكذب الختبار على المترشح للعمل -9استخدام جهاز كش
ساهم التطور التكنولوجي الحديث في ظهور عدة وسائل وآالت تعمل فحص الحالة النفسية
على أسرار حياته الخاصة ،وانعكاساتها على شخصيته ،وكش والعقلية لإلنسان ،من أجل التعر
نمط تفكيره ومعتقداته ،وهذا يشكل انتهاكا خطيرا لحرمة الحياة الخاصة ،وانحرافا عن مباديء
الكرامة االنسانية.3
الك ذب من بين الوسائل العلمية الحديثة التي قد يلجأ اليها صاحب العمل يعد جهاز كش
إلختبار المترشح للعمل ،وهو جهاز يعمل على تسجيل وتحليل التغيرات التي تطرأ على الشخص
محل اإلختبار لقياس ردود فعل العضوية ومثل ضغط الدم ،التنفس ،تقلص واسترخاء العضالت
وسرعة نبض القلب وخفقانه ،وسرعة التنفس وحركات العينين 4وغيرها من االنفعاالت المختلفة
التي تصدر أثناء إجابة الشخص على األسئلة الموجهة إليه ،ثم يحلل الجهاز ردود هذه األفعال ليحدد
مصداقية اإلجابات.3
يتضمن هذا اإلختبار مرحلتين؛ المرحلة األولى منه يتم فيها إجراء مقابلة مع الشخص المراد
اختباره ،ويخطر باإلختبار واالسئلة التي ستطرح عليه شريطة حتى ال تكون مفاجئة أثناء االختبار،
وفي المرحلة الثانية يتم إجراء االختبار بعد ضبط الجهاز بمعرفة المتخصص ،يحدد المتخصص في
919
حماية الحياة الخاصة للعامل
كل اختبار نوعية األسئلة المناسبة لحالة المترشح لالختبار ،وعند انتهاء االختبار يقوم بتحليل
اإلجابات لمعرفة ما إذا كان الشخص قد أدلى بالحقيقة أم ال.9
مصداقية جهاز الكذب والنتائج الصادرة عنه على عدة أمور أهمها ،صفات الشخص تتوق
الذي يخضع لالختبارات ،فالشخص األكثر خبرة في الخداغ والمراوغة لن تظهر عليه إنفعاالت
واضحة ،كما أنه يست حيل تمييز الغش لدى األشخاص الذين تناولو عقاقير مهدئة قبل االختبار،
التي يتم فيها إجراء االختبار فمن الصعب أن تضطرب أعصاب شخص يخضع وأيضا الظرو
لكونه مترشح لعمل أو ترقية ،كما أن لتحقيق جنائي ،بعكس األمر لو أنه كان يخضع لمقابلة توظي
على مدى خبرة المتخصص الذي يجري االختبار.2 التوصل إلى نتائج صحيحة يتوق
الكذب لتكميل بقية االختبارات وهي تتعلق باالختبارات النفسية التي تأتي اختبارات كش
أدخلتها األجهزة الجنائية في الواليات اللمتحدة األمريكية بعد أن اكتشفت عدم دقة بعض المعلومات
الكذب ليكمل بقية التي يقدمها المترشحون للتعيين في أجهزة األمن لذلك بدأت تستعين بجهاز كش
االختبارات وليس بديال عنها.
عن تاريخهم قيادية للكش بدأت تستخدم هذه االختبارات الختيار المرشحين لشغل وظائ
وحوادث يكون لها عالقة بشغل الوظيفة المراد شغلها ،وأثبتت هذه الوظيفي وما فيها من مواق
االختبارات فعاليتها ،وصدر تشريعا في عام 9111في الواليات المتحدة األمريكية منع بموجبه
تطبيق هذا االختبار ألغراض التعيين األول ألن ذلك يعد اختراق للخصوصية الفردية ولحقوقهم
الشخصية.3
الكذب في عالقات العمل - 2مدى مشروعية استخدام جهاز كش
لم يتضمن ا لتشريع الجزائري وال الفرنسي نصا صريحا يحسم مسألة شرعية استخدام صاحب
العمل لهذا االختبار على المترشحين للعمل ،غير أنه بالرجوع إلى قانون العمل الفرنسي نجد المادة
L120-2تحظر وضع قيود على حقوق وحريات األفراد إال لمبررات تستلزمها طبيعة العمل
المراد تحقيقه ،وتبدو آثار هذا النص واضحة كقيد على وشريطة أن تتالئم ه ذه القيود مع الهد
الكذب إذ يمكن اللجوء إلى وسائل أخرى أقل انتهاكا للحقوق والحريات ولو استخدام جهاز كش
كانت هذه الوسائل أكثر تكلفة من غيرها.
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
ذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار أن لجوء صاحب العمل إلى استعمال جهاز الكذب يشوبه عدم
المشروعية ،9نظرا لما ينطوي عليه من أسئلة تقوم على التمييز ،إذ ال يمكن للمتخصص أثناء مقابلة
التشغيل تفادي طرح أسئلة تدخل ضمن الحياة الخاصة للمترشح للعمل ،كالحالة اإلجتماعية أو الحالة
الصحية أو العادات و العقيدة ،وهو األمر الذي يحظره القانون ،2ويبطل بالتالي ما يترتب عليه من
الكذب يعد تجربة مهنية للشخص ،ويمثل إهانة لكرامته نتائج ،كما أن الخضوع الختبار كش
اإلنسانية.3
كما جاء في التقرير الصادر عن مكتب العمل الدولي أثناء مؤتمر العمل الدولي لسنة 9112
حول "التقنيات في خدمة الحرية واإلنسان ومحيطه" ،أن لجوء صاحب العمل إلى إجراء بجني
فحوص على شخصية المترشح لمنصب العمل من شأنه اختراق شخصية شخصيته ،وقياس
ومقاومة الضغوط النفسية. عواطفه واستعداداته وتوازنه العقلي ،وكذا قدراته على التكي
آرائه السياسية وأفكاره ومعتقداته ،خاصة وأن صاحب العمل الذي هذا ما يجبره على كش
يرفض تعيين المترشح للعمل بعد فحص شخصيته ،قد يحتفظ بجميع المعلومات الشخصية السرية
التي تحصل عليها عن هذا المترشح بهذه الوسيلة.4
ذهب القضاء الفرنسي إلى أن عدم إفصاح المترشح للعمل عن معلومات يعتقد صاحب
ضرورة اإلفصاح ع نها عند الترشيح ،ال يعطيه حق إبطال العقد لوقوعه في غلط شاب إرادته
لفصل العامل.3
كما أكد أنه ال يجوز لصاحب العمل اقتحام اإلطار المهني بوصفه بأي وسيلة كانت مرشحا
واالستناد إلى ما يسفر عنه هذا االقتحام لرفض التعاقد معه ،9إذ أن مفردات التقييم الذي يخضع له
المرشح مرتبطة بما يلزم بتقييمه مهنيا ،وأن ما يخرج عن هذا اإلطار كتفاصيل حياته االجتماعية
أو المالية أو الصحية يمكن أن تكون محال لمراجعة قضائية في حالة االستناد إليها لرفض التعاقد.1
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفرع الثالث
استخدام وسائل التصوير والتنصت لمراقبة المترشح للعمل
مكنّ ت الوسائل التكنولوجية الحديثة صاحب العمل من التحري والتجسس على أوضاع
األماكن التي يترددون عليها المترشحين للعمل ،وتتبع نشاطاتهم وسلوكاتهم اليومية في مختل
وحتى في قاعات االنتظار خالل فترة إجراء االختبارات المهنية ،عن طريق أجهزة الرقابة
اإللكترونية التي تسمح بنقل الصورة وتسجيل الصوت ،أو التنصت والتسجيل اإللكتروني لمحدثاته
الخاصة وهذا ما يعرض حياته الخاصة لالنتهاك.9
أوال :تصوير المترشح للعمل
قد يلجأ صاحب العمل من أجل تقييم المترشحين للعمل لديه ،واستكمال جمع المعلومات عنهم،
وإصدار قراره باإلقبال على التعاقد أو اإلحجام عنه ،إلى التجسس على المترشحين للعمل عن
رصد تحركاتهم طريق مراقبتهم بتركيب أآلت تصوير في األماكن التي يترددون عليها ،بهد
ومراقبة سلوكاتهم بالتقاط صورهم ،وهذا يشكل تهديدا لحريتهم ،وانتهاكا لحقهم في الحياة الخاصة.2
تقتضي الضرورة التمييز بين تصوير الشخص في مكان خاص ،وتصويره في مكان عام،
فليس ثمة من ينازع أن التصوير أو المراقبة خفية لما يدور في مكان خاص يعد أمر محظورا
وغير جائز متى تم ذلك دون موافقة صاحب الشأن محل المراقبة ،3والقانون يحميه سواء على
مستوى قواعد القانون المدني إذ يجوز له االعتراض على النشر فضال عن حقه في التعويض
األضرار التي تصيبه إذا تم النشر ،أو على مستوى النصوص الجزائية إذ يمثل ذلك اعتداءا ومساسا
بالحياة الخاصة.
في المادة L1-226والمادة 313مكرر من قانون أخذ المشرع الفرنسي بهذا التكيي
العقوبات ،طالما أن التصوير تم بآلة أو جهاز ،ويتحقق االعتداء سواء كان المساس متعلقا بالتقاط
صورة ورقية ،أو تصويره فيلميا بكاميرا فيديو مثال ،أو تعلق بنقل هذه الصورة ،أو التصوير من
خالل أجهزة تمكن المصور من رؤية ما يدور في المكان الخاص كالدوائر التلفزيونية المغلقة.4
أما حصول المراقبة في األماكن العامة فال ينطوي على أي مساس بالحق في الحياة الخاصة،2
ما لم تكن هناك لوائح خاصة تحظر ذلك في بعض األماكن كالمطاعم والمحالت العامة ودور
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
السينما والحدائق العامة ،9وعلى هذا األساس ال يحق للشخص االعتراض على التقاط صورته في
المكان العام ،وله فقط حق االعتراض على نشرها إذا ما لحق به ضرر جراء النشر.2
تدخل القضاء لحماية الحق في الصورة ضد أي فعل من أفعال االلتقاط أو النشر الذي يتم
دون رضا صاحبها ،تطبيقا ألحكام المادة 2-313من ق.ع.ج التي تعاقب كل من تعمد المساس
بالحياة الخاصة لألشخاص بأي تقنية كانت وذلك بالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكان
خاص ،وبغير إذن صاحبها بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة من 31.111دج إلى
311.111دج.
يتضح مما سبق أنا قيام صاحب العمل بالمراقبة والتصوير أثناء فترة اختبارات الترشيح
للعمل دون موافقة أصحابها ،فهو بذلك إنما يرتكب جريمة االعتداء على الحياة الخاصة للمترشحين
للعمل تقوده للمسائلة الجنائية ،ثم إن احتفاظ صاحب العمل بالصور ،قد يمس بسمعة المترشح للعمل
وشخصيته ،ويتسبب له في أضرار ،لذلك يجوز للمترشح للعمل االعتراض على االحتفاظ بصورته
أو نشرها.
ثانيا :التنصت على محادثات المترشح للعمل
يعد التنصت على المحادثات الشخصية أو تتسجيلها أو نقلها 3من قبيل األمور الماسةبالحياة
السرية عن خصوصياتهم ،4السيما في ظـل لجوء الخاصة لمترشحي العمل ،باعتبارها انها تكش
الكثير من أصحاب األعمال استعمال أجهزة المراقبة االلكترونية للتحقق من أوضاع طالبي العمل.
لكن الرغبة في اختيار المرشح األنسب قد ينجر عنه اعتداء على الحقوق االساسية لمترشحي
العمل ،5فقد يعمد صاحب العمل إلى التحري ورصد المعلومات الخاصة بالمترشحين للعمل
بالتجسس على محدثاتهم بوسائل تقنية لتسجيل المحادثات ونقلها ،سواء قام بهذه العمليات بنفسه أو
عن طريق استعمال مخبرين ،يشكل نوع من أنواع االعتداء على الحرية الشخصية ومساسا
بالكرامة اإلنسانية.
يحظر المشرع العقابي الفرنسي في المادة L1-226كل اعتداء على ألفة الحياة الخاصة
بالتنصت أو التسجيل أو النقل بدون موافقة صاحب الشأن ،وهو ما يقره المشرع المصري المادة
991
حماية الحياة الخاصة للعامل
903مكرر 1من ق.ع حيث يحرم المساس بحرمة الحياة الخاصة في حالة التنصت أو تسجيل
محادثة تدور في مكان خاص.
من الناحية المدنية يرى أن تتبع الشخص ومراقبته من قبيل االعتداء على حقه في
الخصوصية ،فحماية الحياة الخاصة ليست إال امتدادا للحرية الشخصية التي يجب أن يتمتع بها
الفرد ، 1وكذلك األمر بالنسبة للمشرع الجزائري الذي يضفي حماية على المحدثات من خالل تجريم
إعالن أو استعمال التسجيل أو الوثائق المتحصل عليها من اإللتقاط أو التسجيل أو النقل.2
قد يكون المساس ب الحياة الخاصة للمترشحين للعمل عبر وسائل اإلتصال من خالل التجسس
على المكالمات الهاتفية ،بغض النظر عن طبيعة المكان ،ويأخذ حكم المحادثات الهاتفية تلك
المحادثات التي تتم عبر شبكة االنترنت ،أما رسائل البريد االلكتروني فيسري عليها ما يسري على
سرية المراسالت الخاصة.9
إذا كان صاحب العمل له الحق في جمع المعلومات المتعلقة بكفاءة المترشح لشغل منصب
العمل ،فإن عليه واجب آخر وهو احترام حق هذا المترشح في احترام حياته الخاصة ،ال سيما وأن
اإلجراءات الحديثة للتشغيل ترتبط بأساليب تقنية حديثة تشكل تهديدا للحياة الخاصة لطالب العمل.
مما يجعل تقييم صاحب العمل تقييم غير مهني يسفر عنه عدم قبول تشغيلهم ،وممارسة
في استعماله، صاحب العمل لهذا الرفض يخضع لضوابط ممارسة الحقوق عموما عدم التعس
صاحب العمل من رفضه التعاقد و تحديد أهم الضمانات الكفيلة بحماية وهنا ال بد من تقييم موق
المترشح للعمل.
المطلب الثاني
ضمانات حماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل
إن لشخصية العامل اعتبار خاص أثناء إبرام عقد العمل ،هذا االعتبار الشخصي من جانب
العامل قد يطلق يد صاحب العمل في االختيار من العناصر العمالية المرشحة للعمل لديه ،4فيقوم
بعمليات مف اضلة بينهم ،التي قد ال تستند إلى اعتبارات موضوعية ،بل إلى اعتبارات شخصية وقد
يتدخل من خالل المعلومات التي يجمعها عن المترشح للعمل في جوانب الحياة الخاصة لهذا
األخير.3
999
حماية الحياة الخاصة للعامل
هذا األمر يقتضي بنا تبيان حدود جمع المعلومات عن المترشح للعمل (الفرع األول) ،وضمان
سرية المعلومات والبيانات الشخصية المتحصل عليها من االختبارات الشخصية و الطبية (الفرع
الثاني) ،وكذا حظر التمييز بين المترشحين للعمل (الفرع الثاني).
الفرع االول
حدود سلطة المستخدم في اختيار المترشحين العمل
على الرغم من السلطة التي يتمتع بها المستخدم في اختيار عماله ،باعتباره المسؤل عن حسن
سير مؤسسته ،إال أن سلطته في االختيار مقيدة ببعض الضوابط كالتزامه عند التحري عن المترشح
للعمل بالجانب المهني الالزم لشغل المنصب العمل والكفاءة المطلوبة لشغل المنصب الشاغر.
أوال :حدود جمع المعلومات عن المترشح للعمل
قد تقتحم الحياة الخاصة للمترشح للعمل بأبعادها وممارستها المختلفة ،فتكون موضوعا للتقييم
غير المبرر من جانب صاحب العمل والذي غالبا ما يعكس نظرة شخصية لألمور ال تحترم الخط
مهنية ،وهذا ما نتطرق الفاصل بين ما يعد داخل في االطار المهني ،9واالستناد إليه بشأن مواق
إلى تحديد طبيعة المعلومات المتحرى عنها خالل مرحلة الترشيح للعمل ،والشروط الواجب اتباعها
أثناء التحري عنها.
طبيعة المعلومات المطلوب التحري عنها -1
إن تقييم المرشح للعمل يجب أن يكون مهنيا ،وهو تقييم يسعى إلى إظهار أبعاد الشخصية
النهائي من العقد بقبوله عامال أو رفض ترشيحه ،2ويجب أن المهنية للمرشح لتحديد ال موق
تنحصر المعلومات المطلوبة فقط في تلك التي تسمح بمعرفة خصائص الشخصية بالنظر إلى
المنصب المطلوب شغله.
من أهم المعلومات التي يسمح لصاحب العمل معرفتها :الحالة المدنية للمترشح للعمل (كاالسم
واللقب ،وتاريخ ومكان الميالد ،وعنوانه وجنسيته) ،وكذا حالته العائلية إذا كان ذلك ال يشكل مساسا
بحياته الخاصة ،وكذا الشهادات والمؤهالت المتحصل عليها وسوابقه المهنية ،وكذا الشهادات المهنية
الصادرة من قبل أصحاب العمل بالمؤسسات التي سبق له العمل بها.
أصدر المشرع الفرنسي سنة 9112القانون رقم 3 9449/12ليضع قيود على سلطة المستخدم
في التحري عن طالبي العمل ،إذ أكد على أن تكون الغاية من المعلومات المطلوبة من المرشح هي
992
حماية الحياة الخاصة للعامل
تقدير كفاءته وقدراته المهنية وأن تكون هذه المعلومات ذات صلة مباشرة وضروية للعمل
المطلوب.9
كما قام المشرع بإدخال بعض التعديالت على قانون 9449/12بموجب المنشور الوزاري
ليحدد بأن تقدير الكفاءة المهنية للمتقدم يمتد إلى 2
رقم 91/13المؤرخ في 93مارس 9113
العمل واالنخراط في فريق العمل مع ظرو صالحيته ومعلوماته الفنية وقدراته على التكي
أخرى في المؤسسة ،مما يجعل األمر منصبا على وقدراته على الترقي أو االنتقال إلى وظائ
عناصر الشخصية وصفات تتوافر في شخص المرشح ،وينبغي أن تنحصر المعلومات المطلوبة فقط
في تلك التي تسمح بمعرفة خصائص الشخصية بالنظر للوظيفة المطلوب شغلها.3
هذا ما ذهب إليه المشرع الجزائري في المادة 21من القانون رقم 91/14المؤرخ في 23
ديسمبر 2114المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل ،التي تنص على أنه» يجب أن تنصب
المعلومات المطلوبة على المؤهالت والخبرة المهنية لطالبي التشغيل المعنيين « ،بدوره مشروع
قانون العمل الجزائري الجديد اشترط في المادة 313منه على أن تتعلق المعومات المطلوبة
بالمؤهالت واإلعتبارات المهنية لطالبي العمل.4
- 2أثر المعلومات المتحرى عنها على الحياة الخاصة للمترشح للعمل
بالرغم أن المترشح للعمل يلتزم بالرد على األسئلة الموجهة إليه أثناء المقابالت المهنية،
ويفصح بشكل أو بآخر عن شخصيته لصاحب العمل ،إال يرغب في ذات الوقت االبقاء على بقعة
معينة من حياته الخاصة ،وال يسمح لصاحب العمل باقتحامها سواء ألنه يرى أن الوقائع المتصلة
بها ال صلة لها بالكفاءة في شغل منصب العمل المعروظ عليه ،أو ألنه يعتقد أن اخفاء هذه الوقائع
يساعد في الحصول على العمل.3
يرى الفقهاء أن إخضاع المترشحين للعمل لتحريات حول صفاتهم الشخصية ،أو نمط
تفكيرهم ،أو توجيه أسئلة تتعلق بمشروعاتهم على الصعيد العائلي أو معتقداتهم الدينية ...الخ ،يمثل
9
Art L121-6 - Loi n°92-1446 : « Les informations demandées, sous quelque forme que ce soit, au candidat à
un emploi ou à un salarié ne peuvent avoir comme finalité que d'apprécier sa capacité à occuper l'emploi
proposé ou ses aptitudes professionnelles.
Ces informations doivent présenter un lien direct et nécessaire avec l'emploi proposé ou avec l'évaluation des
aptitudes professionnelles. Le candidat à un emploi ou le salarié est tenu d'y répondre de bonne foi ».
2
La circulaire d’application est la circulaire D.R.T n° 93/10 du 15 mars 1993 intitulée : « application des
dispositions relatives au recrutement et aux libertés individuelles », site internet :
تاريخ االطالع http://www.laloupiote.net/Cours/social2/Rapports/circulaire_15_mars_1993.pdf.
2193/92/91
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص.31
4
Art 395 P.C.T.A :«… Les informations demandées doivent notamment porter sur les questions relatives aux
qualifications et à l’expérience professionnelle des demandeurs d’emploi concernés».
3صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص.49
993
حماية الحياة الخاصة للعامل
انتهاكا خطيرا على الحق في احترام الحياة الخاصة ،9فقد تقتحم الحياة الخاصة للمترشح للعمل
بأبعادها وممارستها المختلفة ،فتكون موضوعا للتقييم غير المبرر من جانب صاحب العمل والذي
غالبا ما يعكس نظرة شخصية لألمور ال تحترم الخط الفاصل بين ما يعد داخال في اإلطار غير
المهني ،فال يجوز االقتراب منه.2
إن التقييم الذي يكون العامل محال له في مرحلة الترشيح ال يجب أن يكون مستندا إلى
معلومات غير ذات صلة بالعمل المطلوب أدائه ،فاالعتماد على مفردات ذات طابع غير مهني
مستمدة من الحياة الخاصة للمرشح يعد تجاوزا من جانب صاحب العمل ،وهو تجاوز غير مقبول
قضائيا حيث يعكس تعسفا من جانب صاحب العمل متى رفض التعاقد مع المرشح للعمل استنادا
إليها.3
هذا ما أقره االجتهاد القضائي الفرنسي للغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية منذ قرارها
" "Fives lille cailالصادر في 91أكتوبر ،9113وتتمثل وقائع هذه القضية في تسريح عامل
كاهن بسبب إخفائه معلومات عن صاحب العمل تتعلق بوظيفته في الكنيسة ،وقال إنه لم يذكر هذه
المعلومة في استبيان المترشح للعمل ،فقررت لمحكمة النقض عدم مشروعية التسريح ،ومما جاء
من المعلومة المطلوبة خالل عملية الترشيح للعمل هو المساعدة في تقييم في قرارها أن «الهد
إال مجاالت مدى مالئمة مؤهالت المترشح للعمل للمنصب المطلوب شغله ،وال يمكن أن ينصر
ال ترتبط مباشرة بهذه الوظيفة المهنية».4
أمام تقييد سلطة صاحب العمل في الحصول على المعلومات الضرورية فقط لتقييم قدرة
المترشح الذي المترشح للعمل لتنفيذ واجب العمل ومهاراته المهنية ،إال أن له الحرية في توظي
يبدو له األنسب واالستغناء عن اآلخرين ومعاملة المترشحين بطريقة مختلفة.
يجوز لصاحب العمل جمع بعض المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للمترشح للعمل وعلى
وجه الخصوص ،بعض الصفات النفسية أو األخالقية أو االجتماعية ،في الحاالت التي تعد فيها مثل
هذه المعرفة ضرورية بالنظر إلى طبيعة المنصب ،أو الغرض المنشود لهذه المؤسسة ،كما هو
9
"Gérard Lyon-Caen, Rapport pour le ministre du Travail, de l'Emploi et de la Formation professionnelle,
Les libertés publiques et l'emploi", Paris, Ministère du Travail, de l'Emploi et de la Formation
professionnelle, 1991, p 162.
2خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص.11
3
LENOIR )C(,WALLON )B(, op.cit, p 213.
4
Cass.Soc.17 Octobre 1973, N. 484 P. 444.
يمكن االطالع على هذا القرار على الموقع االتي https://www.legifrance.gouv.fr/.:تاريخ االطالع 2193/92/22
994
حماية الحياة الخاصة للعامل
الحال بالنسبة للعمل في بعض األنشطة التي تتطلب ضمانات معنوية ،مثل أنشطة الحراسة والخدمة
المصريفية ،إذ يمكن لصاحب العمل أن يطلب من المترشح للعمل صحيفة السوابق القضائية.9
من تم فإنَ قدراً من التوازن يجب مراعاته عند تقييم المترشح مهنياً بين المؤسسة ومصلحتها
ومصلحة المترشح للعمل وحقه في احترام حياته الخاصة ومفرداتها المختلفة وحرية ممارستها على
النحو الذي يراه مناسبا وبما يحقق تكامله النفسي والمعنوي.2
ثانيا :الشروط الالزمة لتحري المعلومات الخاصة بالمترشح للعمل
على صاحب العمل التحري على المعلومات ذات الصلة بالوظيفة المعروضة فيكون محال
للتقييم خبرة المترشح وقدرته على أداء العمل المطلوب ومؤهالته بهذا الشأن ،3ولهذا اشترط قانون
العمل الفرنسي على صاحب العمل ضرورة التقيد بعض الشروط أثناء التحري وجمع المعلومات
الخاصة بالمترشح للعمل تتمثل فيما يلي:
- 1تقدير صالحية المترشح لشغل منصب العمل
إن أغلب األعمال المطلوبة في الوقت الحالي تحتاج لدرجة عالية من االحترا ،فالعبرة
بالكفاءة المهنية ،أو بمعنى أدق الشخصية المهنية فال يلتفت لألبعاد األخرى للشخصية في غير
اإلطار المهني.4
يجب االستناد إلى معيار موضوعي للتقييم ،يعتمد أساسا على التركيز على كيفية أداء العمل
مطلوب تنفيذه ،درجة اإلتقان الفني ،التزامه بما هو ضرورة لهذا التنفيذ ،مدى تقبله لتوجيهات
صاحب العمل المتعلقة بالعمل ،وتقيده بمب دأ التبعية ،النظر في النتائج المطلوب تحقيقها ومدى فعالية
العامل بشأنها أو دوره فيها.3
إلى تقدير مدى صالحية المترشح المعلومات المطلوبة خالل مرحلة الترشيح للعمل ته
لشغل منصب العمل ،9وهذا ما جاء في نص المادة L121-6الفقرة األولى من قانون 39ديسمبر
9
Duhaime (L), Dumoulin (F), Protection des renseignements personnels en milieu de travail, Novembre
2006, p 8-9, disponible sur internet : http://www.fasken.com/files/Publication/7db9d066-fa63-4f9
.تاريخ االطالع 2193/92/22
2
"Équilibre entre le respect des prérogatives nécessaires au bon fonctionnement de l'entreprise d'une part et
celui des libertés individuelles des candidats à un emploi", Voir BOSSU (B), Op.cite, site Internet :
http://www.juripole.fr/Colloques/embauche/Bossu.html
تاريخ االطالع .2193/92/23
3بيو خالف ،مرجع سابق ،ص .33
4خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص.31
3زهير حرح ،مرجع السابق ،ص .11
9
« un employeur n’est autorisé à obtenir que les renseignements personnels qui lui permettent d’évaluer si un
candidat possède les aptitudes et les qualifications requises pour l’emploi visé », Voir : Gérard Lyon-Caen,
Op, cit, p 92.
993
حماية الحياة الخاصة للعامل
9112بأن " المعلومات المطلوبة تحت أي شكل من األشكال ،من المترشح للعمل أو العامل ال يمكن
أن يكون غرضها إال تقييم قدرته على شغل المنصب المقترح أو المهارات المهنية".9
- 2الصلة المباشرة بين المعلومات المطلوبة و منصب العمل
يقصد بعبارة الصلة المباشرة أو الحتمية وجود درجة معينة من الموضوعية والشرعية العلمية،
التي بدونها تفقد طريقة التقييم كل مصداقية وكل قيمة مرجحة لها ،2ولقد حددت اللجنة الوطنية
للمعلوماتية والحريات في فرنسا ) (CNILفي تقريرها الثامن عشر ،بعض المعلومات التي تعتبرها
غير ذات صلة بالوظيفة ،كتفاصيل الوضعية العسكرية ،3أو الحالة الصحية كالقامة والوزن والرأي.
بصورة مباشرة أو غير مباشرة كما يحظر جمع أو تخزين المعلومات الشخصية التي تكش
عن األصل العرقي أو اآلراء السياسية أو الدينية ،أو االنتماء النقابي ،فال يسمح بجمع مثل هذه
المعلومات إال في بعض الحاالت عندما تبرره خصوصية المنصب.4
أعطى المنشور الخاص بتطبيق هذه النصوص 3أمثلة على عدم الصلة المباشرة والضرورية
بين المعلومة المطلوبة وبين المنصب المعروض ،بالحالة الصحية للعامل ،الحياة الجنسية ،المسكن،
مهنة الوالدين ،أو الزوج ،وأوقات الفراغ ،ومع ذلك هناك أمور خارج هذه األمثلة لم يتحدد ما إذا
كانت ذات صلة مباشرة وضرورية بمنصب العمل أم ال وذلك كاألنشطة الرياضية أو ممارسة
األلعاب أو اآلراء الفلسفية أو الميول األدبية للمرشح.
كما قيدت المادة 411ممدونة الشغل المغربية في في الكتاب الرابع المتعلق بالوساطة في
االستخدام وتشغيل األجراء 9حرية المستخدم في إبرام عقود العمل مع من يحتاج إليهم من العمال
بمنعه من مراعاة أي عنصر آخر غير ما يـتوفر عليه طالبو الشغل من مـؤهالت ،وما لديهم من
خبرات ،وتركيبات مهنية.1
9
Art 121-6 «Les informations demandées, sous quelque forme que ce soit, au candidat à un emploi ou à un
salarié ne peuvent avoir comme finalité que d'apprécier sa capacité à occuper l'emploi proposé ou ses
aptitudes professionnelles ».
2
Gérard Lyon-Caen, Op, cit, p 92.
3
Cass. soc. 30 mars 1999, n° 1499 .
4
Isabelle BENALCAZAR, Droit du travail et nouvelles technologies : collecte de données, Internet,
cybersurveillance, télétravail, Gualino et Montchrestien (B business), 2003, Paris, France, p 42.
3
Circulaire DRT, N° 93/10, op.cit, p15.
9ألكثر تفاصيل الرجوع إلى :عبد الكريم غالي ،مدونة الشغل تأمالت منهجية ،مجلة القانون المغربي ،العدد ،2114 ، 9ص 19
وما بعدها.
1جاءت صيغة هذه المادة كما يلي " :يشغل كل مشغل من يحتاج إليهم من األجراء ،وفق الشروط المنصوص عليها في الكتاب،
مراعيا في ذلك فقط ما يتوفر عليه طالبو الشغل من مؤهالت ،وما لديهم من خبرات وتركيبات مهنية".
999
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
MARIE José: « En outre, le comité d'entreprise est également informé, préalablement à leur utilisation, sur
les méthodes ou techniques d'aide au recrutement des candidats à un emploi ainsi que sur toute modification
de celles-ci (Art L 432-2-1 du code du travail). En cas de recours à un cabinet de recrutement, l'information
fournie devrait aussi indiquer, les méthodes et techniques utilisées par ce dernier. A noter que le comité est
uniquement informé et non pas consulté à ce sujet », MARIE José , Protection des droits fondamentaux du
candidat d’emploi , disponible sur site internet: www.chaumont-avocat.org.2194/13/11 تاريخ االطالع
2
Art L121-7 C.T.fr : « Le candidat à un emploi est expressément informé, préalablement à leur mise en
oeuvre, des méthodes et techniques d'aide au recrutement utilisées à son égard…..Les méthodes et techniques
d'aide au recrutement ou d'évaluation des salariés et des candidats à un emploi doivent être pertinentes au
regard de la finalité poursuivie ».
3
L'article L121-8 du Code du travail dispose qu'aucune information ne peut-être collectée par un dispositif
qui n'a pas été porté à la connaissance du salarié.
4
Art L121-7 C.T.fr : «….Les résultats obtenus doivent rester confidentiels ».
: MARIE José في هذا المعنى كتبت
"Les résultats obtenus en l’issue de la procédure de recrutement doivent rester confidentiels (Art L.121-7 al.
1er). Cette confidentialité s’applique uniquement aux tiers et non aux candidats, qui ont la possibilité de
prendre connaissance des résultats qui les concernent, ni à l’entreprise qui peut, le cas échéant, les demander
au cabinet de recrutement", MARIE José, Protection des droits fondamentaux du candidat d’emploi,
disponible sur site internet : http://www.chaumont-avocat.org/aout2004.php. .2194/13/94 تاريخ االطالع
991
حماية الحياة الخاصة للعامل
عقب محاوالت القضاء والفقه إلرساء مبدأ الصلة المباشرة للمعلومات بالكفاءة الالزمة لشغل
منصب العمل.9
ألزم المشرع الفرنسي صاحب العمل إبالغ المترشح للعمل بنتيجة التقييم ،وهو ما يتيح للعامل
إمكانية المنازعات في أسباب رفض التعاقد وإثبات استناده إلى أسباب غير مهنية ،2ألن مفردات
التقييم الذي يخضع له المترشح للعمل يجب ان ترتبط فقط بما يلزم لتقييمه مهنيا ،3وأن ما يخرج
عن هذا اإلطار يمكن أن يكون محال لمراجعة قضائية في حالة االستناد إليها لرفض التعاقد.4
الفرع الثاني
حماية البيانات الشخصية للمترشح للعمل من مخاطر المعلوماتية
3
إن استخدام الوسائل التقنية العلمية من قبل المؤسسات لجمع المعلومات والبيانات الشخصية
ومعالجتها أضحى يهدد الحياة الخاصة للعمال ومترشحي العمل ،هذه المخاطر أثارت مسألة الحماية
القانونية إلى جانب الحماية التقنية للبيانات الشخصية ،األمر الذي دفع بالكثير من الدول إلى سن
والرقابة تشريعات لضمان حماية هذه المعلومات من خالل إقرار عدم مبادىء أهمها مبدأ االشرا
على أنظمة المعالجة اآللية للبيانات الشخصية ،ومبدأ مشروعية االعتماد على هذه األنظمة ومبدأ
الحماية واألمن وسرية البيانات الطمأنينة عند استعمالها ،وتوفير وسائل تعمل عل ى تأمين وظائ
الشخصية كالتشفير المعلوماتي وتقنية الغفلية.
أوال :الحماية القانونية للبيانات الشخصية للمترشح للعمل
إن العالقة بين المعلوماتية والعمل أصبحت واقعا موجوا وضرورة حتمية ،وهذه العالقة وإن
كانت تتضمن جوانب إيجا بية كثيرة ،فإنها تنطوي في المقابل على جوانب سلبية تشكل خطرا على
الحياة الخاصة والممارسة الفعلية للحرية ،وقد أقر المشرع الفرنسي من خالل القانون رقم 91/11
المؤرخ في 19جانفي 9111المعدل ،6المتعلق بالمعلوماتية والملفات والحريات في المادة األولى
991
حماية الحياة الخاصة للعامل
منه على أن "ال معلوماتية يجب أن تكون في خدمة المواطنين وال يجب أن تحمل أي اعتداء على
شخصية أو حقوق االنسان أو الحياة الخاصة أو الحريات الفردية أو العامة".
المعلوماتية وسيلة تخدم الجانب القوي في عالقة أال وهو المستخدم الذي يملك السلطة في
المتمثل في العامل ،تعبر عن احتمال المساس بمبادىء الحرية والعدالة الضعي عالقته بالطر
مما يتعين معه اتخاذ تدابير حمائية مالئمة لضمان حرمة الحياة الخاصة.
1
هذ ما سعت إليه االتفاقيات الدولية وتشريعات الدول االجنبية من خالل إقرارها لعدة مبادي
أساسية تعمل على تحقيق التوازن بين حق العامل في احترام حياته الخاصة من جهة و بين
متطلبات المؤسسة المستخدمة في اللجوء الى استخدام المعلوماتية من جهة ثانية ،2أهم هذه
والمراقبة ،ومبدأ الطمأنينة. المباديء؛ مبدأ المشروعية ،مبدأ اإلشرا
-1مبدأ المشروعية
إن التعرض لجوانب الحياة الخاصة ،أي غير ذات صلة مباشرة بطبيعة العمل (انتماء حزبي،
المترشح للعمل الذي قد عقائدي ،ديني) مقيد بالحصول على موافقة صريحة ومكتوبة من طر
يرفض مثل هذا االقتحام لحياته الخاصة وإن زعم صاحب العمل ارتباطها غير المباشر باالطار
المهني ،3فمبدأ المشروعية يتطلب أن تتم عملية جمع وتسجيل المعلومات الشخصية بناءا على
الموافقة الصريحة للمترشح للعمل قبل المباشرة بجمعها باستثناء بعض الحاالت التي نص عليها
القانون والتي ال تتطلب موافقة الشخص.4
9في إطار منظمة األمم المتحدة القرار رقم 43/13الصادر عن الجمعية العامة بعنوان "المبادئ التوجيهية" لتنظيم استخدام ملفات
البيانات الشخصية المجهزة الكترونيا وضع عشر مبادئ أساسية بشأن حماية البيانات الشخصية ،تنطبق على الملفات المجهزة
ال كترونيا لدى المعنيين في القطاع العام والخاص لمزيد من التفاصيل الرجوع إلى :مندل،توبي ؛واجنر ،بن؛هوتن،ديكسي :دراسة
استقصائية عالمية حول خصوصية االنترنت وحرية التعبير :فرنسا،منظمة األمم المتحدة لتربية والتعليم اليونسكو 2192 ،
ص .91-93وفي إطار االتحاد االوروبي أصدر االمر التوجيهي رقم EC 49/13المؤرخ في 9مارس 9119على المبادىء
االساسية لحماية البيانات في المادة السادسة منه وتشترط هذه المبادىء مراعاة التاعامل مع البيانات الشخصية للشروط التالية:
-المعالجة النزيهة والقانونية
-جمعها ألغراض واضحة ومحددة ومشروعة.
-أن تك ون البيانات كافية متصلة بالغرض الذي جمعت أو تعال من أجله وعدم زيادتها عنه.
-أن تكون دقيقة وأن يتم تحديثها عند الضرورة.
الرجوع إلى الموقع اآلتي . http://www.wipo.int/wipolex/fr/details.jsp?id =13580 :تاريخ االطالع.2194/13/23
2
« de trouver un équilibre entre le droit des salariés au respect de la vie privée et le besoin d’informations de
l’employeur en vue d’assurer son rôle de management«, Hartman, 2001; Nolan, 2003 ; Miller et Wells, 2007
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص.13
4
Jacques ROBERT et Jean DUFFAR, Droits de l’homme et libertés fondamentales, 1er éd, montcherstion,
France, 1999, p 50.
991
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
Convention pour la protection des personnes à l’égard du traitement automatisé des données à caractère
personnel, Convention du Conseil de l’Europe, n° 108, 28-01-1981, Strasbourg, site internet :
تاريخ االطالع https://rm.coe.int/CoERMPubltId.2194/13/21
2خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص.14
3نهال عبد القادر المومني ،الجرائم المعلوماتية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،2111 ،ص .913
4
KAYSER (p), Protection du secret de la vie privée, op.cit , p256.
3نهال عبد القادر المومني ،مرجع سابق ،ص .919
9
14ème rapport d’activité 1993 de la CNIL. p 62.
921
حماية الحياة الخاصة للعامل
من بين الحاالت الواقعية لهذه الصورة تخزين شركة " "SKFالفرنسية في حواسيبها معلومات
تتعلق باالتجاهات السياسية وعضوية االتحادات والنقابات العمالية لعمالها استمدتها من طلبات
التي قدمت لها دون موافقة مسبقة من لجنة المعلوماتية و الحريات ،وهذا الفعل يدخل في التوظي
نطاق المادة 42من قانون االتصاالت الفرنسي المتعلقة بجريمة التسجيل والحفظ غير المشروع.1
والمراقبة -2مبدأ اإلشرا
إن السماح للمؤسسات بجمع البيانات أو المعلومات خالل مرحلة الترشيح للعمل لديها يحتاج
إلى ضوابط وضمانات وقائية لتفادي مساس االنظمة المعلوماتية بالحياة الخاصة للمترشحين
للعمل ،لعل أهمها يكمن في الرقابة غير المباشرة التي تمارسها الدولة على هذه األنظمة ،من
خالل أجهزتها المتخصصة ،التي تضم التقنيين المتخصصين في المعلوماتية ،والمختصين في
القانون ،تعمل على التوفيق بين ضرورة وجود هذه االنظمة وتطورها ،وضمان الحياة الخاصة
لهؤالء المترشحين.2
حرص المشرع الفرنسي على تأسيس اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات وأسند لها مهمة
الرقابة الدقيقة للتطبيق الصحيح لقانون المعلوماتية ،وبالتالي فإن إنشاء أي نظام للمعلومات من قبل
من إنشاء النظام ،وحقوق االستعمال واالطالع أصحاب العمل ينبغي أن يتضمن الهد
منها ،ومصادر جمع هذه البيانات والتصحيح ،ونوعية البيانات االسمية المزمع جمعها والهد
ومدة االحتفاظ ب ها ،والجهات المستفيدة منها وطرق تحليل ومعالجة البيانات والضمانات الكفيلة
بسالمة البيانات الشخصية ومعالجتها وسريتها.3
ال يجوز لصاحب العمل إجراء المعالجة اآللية للمعلومات المتعلقة بالمترشحين بالعمل إال بعد
استشارة لجنة المؤسسة ،وإخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات للحصول على ترخيص
إلجراء هذه المعالجة ،كما ال يجوز لصاحب العمل االحتفاظ بمعلومات تم جمعها إال للفترة التي
تحددها اللجتة الوطنية للمعلوماتية عند إبالغها وأن تكون هذه المعلومات وثيقة الصلة بتحقيق الغاية
المعلن عنها.4
929
حماية الحياة الخاصة للعامل
-3مبدأ الطمأنينية
أظهر التعامل مع المعلومات آليا بعد معالجتها 9مخاطر عديدة بشأن الحياة الخاصة واحترامها،
لذا عمدت االنظمة القانونية إلى وضع قواعد قانونية تكفل للمترشح قدرا من اإلطمئنان على صحة
ما يتم تخزينه ومعالجته آليا من بيانات شخصية تتعلق به ،وعدم إفشاء ما يخصه من معلومات ال
يرغب في إطالع الغير عليها ،تخزين المعلومات ال يعني أن هذه المعلومات انتقلت من الخصوصية
إلى العالنية ،كما أن الرضا بالتخزين والمعالجة ال يعني حرية تداول ونقل المعلومات إلى الغير.2
يكفل مبدأ الطمأنينة حق المترشح للعمل في االطالع على ما يتم تسجيله من بيانات ،ونتائج
المعالجة اآللية لهذه البيانات ،للتأكد من صحتها وتصحيح ما يشوبها من خطأ ومحو البيانات التي تم
تخزينها بطريقة غير مشروعة ، 3فاألخطاء التقنية أو الفنية من الممكن أن تقع عند تخزين
المعلومات في النظام المعلوماتي ومعالجتها إلكترونيا مما قد يكون له أسوء األثر في استخالص
نتائج معينة عن الحياة الخاصة للمترشح ،األمر الذي يترك آثار سلبية علة سيرته ويلحق ضرارا
بمستقبله المهني ، 4فحقه في تصحيح المعلومات المتعلقة به يعني قدرته على إعادة تأكيد شخصيته
وذاتيته الحقيقية. 3
يقتضي مبدأ الطمأنينة أيضا إلزام الجهة القائمة على نظام المعلومات بسرية البيانات
والمعلومات المعالجة المختزنة في النظام ،بمنع نقلها أو تداول هذه المعلومات ،واتخاذ وسائل األمن
الفعالة التي تحول دون إمكانية وصول الغير إليها ،9ونجد أن المشرع الجزائري ألزم الوكاالت
التشغيل المؤهلة والبلديات والهيئات الخاصة المعتمدة باتخاذ كافة التدابير الالزمة لحماية المعلومات
الشخصية المتعلقة بطالبي الشغل ،1وتوقيع الجزاء على كل من يقوم بإفشاء المعلومات الشخصية
التي تمس الحياة الخاصة لطالبي الشغل.1
9المقصود بالمعالجة اآللية للمعلومت " :مجموعة العمليات التي تتم آليا باستخدام الحاسوب وتتعلق بالتجميع والتسجيل واإلعداد
والتعديل واالسترجاع واالحتفاظ ومحو المعلومات االسمية ،وكذلك مجموعة العمليات التي تتم آليا بهدف استغالل المعلومات
وعلى األخص عمليات الربط والتقريب وانتقال المعلومات االسمية و دمجها مع بيانات أخرى أو تحليلها للحصول على معلومة
ذات داللة خاصة" ،هذا الترعيف للمعالجة اآللية للمعلومات نصت عليه المادة الخامسة من القانون الفرنسي الصادر في 9جانفي
9111والمتعلق بالمعالجة االلكترونية والحريات.
2عمرو احمد حسبو ،حماية الحريات في مواجهة نظ م المعلومات ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2111 ،ص
.933
3بيو خالف ،المرجع السابق ،ص .91
4حمزة بن عقون ،السلوك االجرامي للمجرم المعلوماتي ،رسالة ماجيستر تخصص علم االجرام والعقاب ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة الحاج لخضر بانتة ،2192-2199 ،ص .914
3
Kayser )P(, op.cit, p 316.
9بولين أنطونيوس أيوب ،مرجع سابق ،ص .411
1نص المادة 21من قانون 91/14المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل السالف الذكر.
1المادة 21من قانون 91/14السالف الذكر.
922
حماية الحياة الخاصة للعامل
9رجب عبد الحميد ،أمن شبكات المعلومات االلكترونية ،المخاطر والحلول ،Cybrarians Journal ،العدد ،31ل ديسمبر
،2191متاح على الموقع االلكتوني للمجلة ، http://www.journal.cybrarians.org/ :تاريخ االطالع2194/13/21 :
2مذكور في بولين أنطونيوس أيوب ،مرجع سابق ،ص .239
3
«On entend par prestation de cryptologie toutes prestations visant à transformer à l'aide de conventions
secrètes des informations ou signaux clairs en signaux inintelligibles pour des tiers, ou à réaliser l'opération
inverse, grâce à des moyens, matériels ou logiciels conçus à cet effet », Article 28 de la loi sur la
réglementation des télécommunications 90-1170 du 29 /12/ 90, modifiée par la loi 91-648 du 11 juillet 1991,
modifiée par la loi 96-659 du 26 juillet 1996.
4
Diffie (W) and Hellman (M.E), New directions in cryptography, transactions on information theory, VOL.
IT-22, N° 6, NOVEMBER 1976, p 644-654.
923
حماية الحياة الخاصة للعامل
بالرغم من إيجابيات هذه التقنية تبقى مسألة ضمان رسمية المفتاح العمومي كونه صادر من
المستخدم ،وقد جرت محاوالت معالجة هذه المسألة عبر تدخل شخص ثالث محايد يسمى ( tiers
، )certificateurيتولى إدارة المفاتيح العمومية ،ويتحقق من من هوية الحائزين عليها ويصدر
شهادات إلكترونية ( )certificat électroniqueلحساب الحائزين على المفاتيح الخصوصة تصادق
على عمليات التشفير.9
عمل القانون الفرنسي الجديد المتعلق بتنظيم االتصاالت عن بعد 931/19المؤرخ في 21جويلية
2 9119على إيجاد الهيئات المعتمدة التي تتولى مهمة حفظ المفاتيح الخصوصية ،مع تسليم السلطات
القضائية واألمنية نسخة عنها فور طلبها ،غير أن هذا النظام تعرض لعدة انتقادات حول درجة الثقة
التي يمكن منحها لهذه الهيئات لضمان عدم تسربها أو استغاللها من قبل الغير.
- 2تقنية الغفلة
قوانين المعلوماتية تعتمد في حمايته للبيانات الشخصية على تقنية الغفلة أو التجاهل
( ،)ANONYMATأو ما يسمى بـ "أجهزة معاودة االرسال بشكل مغفل"( Réexpéditeur
،)anonymeحيث تعتبر االن ترنت مصدر لتهديد الدائم على أمن واستخدام المستخدمين ،خاصة
في مجال لحق في احترام سرية المراسالت والمعامالت التي تجري بواسطة هذه الشبكة ،ولهذا
السبب ابتكرت تقنيات تعمل على إبقاء الفرد مستتر ألسباب تتصل بالمفهوم العام للحياة الخاصة،
وهي وسائل ذات أهمية بالغة في بيئة األعمال االلكترونية والتعاقد على الخط.3
هذه الوسيلة تمنح حماية للحياة الخاصة للمترشحين للعمل ،ال سيما الحريصين على أن تكون
اتصاالتهم تتمتع بقدر من السرية ،كما تستعمل هذه التقنية بكثرة في مجاالت المناقشات التي تخص
المواضيع الطبية والنفسية التي يرغب االشخاص في التستر عنها ألسباب شخصية ،وهو بالتالي ال
يسمح للغير بأن يجمع أو يحلل أو يستغل المعلومات المتعلقة بشخصه أو حتى المعلومات التي
عليه دون رضاه أو موافقته الصريحة لذا يعتبر الكثيرون بأنها األداة الفعالة لحماية تسمح بالتعر
الحياة الخاصة.4
بدعوى وجوب احترام الحياة الخاصة فقد نادى البعض على عدم التشديد على االطار
التنظيمي والقانوني لألجهزة المعيدة لإلرسال المغفل التي تؤمن غفلية نسبية وقابلة للتتبع ،وظلك
9
CAMPANA (M), La cryptographie, La protection de la vie privée dans la société d'information, Cahiers des
Sciences morales et politiques, Universitaires de France, 2000, p 51 à 59.
2
La loi 96-659 du 26 juillet 1996, de réglementation des télécommunications, JORF n° 11384, du 27 juillet
1996.
3طوني عيسى ، ،التنظيم القانوني لشبكة االنترنت ،دار المنشورات الحقوقية ،بيروت ،2001 ،ص .331
4بولين أنطونيوس أيوب ،مرجع سابق ،ص .231
924
حماية الحياة الخاصة للعامل
لتفادي البوح عن المعلومات الشخصية التي تتعتبر تعرضا لمفهوم حرمة الحياة الخاصة ،ال سيما
فيما يتعلق بحق الفرد في ستر اسمه والح ق في سرية عنوانه أو مكان سكنه وهي حقوق كرّستها
العديد من القوانين واإلتفاقيات.9
الفرع الثالث
عدم التمييز بين المترشحين في العمل
يعتبر مبدأ عدم التمييز في العمل أحد التطبيقات الجوهرية لمبدأ المساواة ،ويمثل جزءا من
حقوق االنسان التي حرصت عليه المواثيق والمعاهدات واالتفاقيات الدولية ،واتجهت نحوه كافة
دول العالم. أنظمة التشغيل والعمل المعاصرة في مختل
يعني هذا المبدأ توفير المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين عن التقدم للعمل وااللتحاق
به ،أو أثناء مباشرته ،وبناءا عليه ال يجوز لصاحب العمل استبعاد المترشح من التقدم للعمل بناءا
على سبب من األسباب التميزية (أوال) ،إال أن هذا المبدأ ترد عليه بعض القيود تمس بعض
المناصب التي تتطلب فيها بعض العناصر التمييزية (ثانيا).
أوال :مبدأ حظر التمييز بين المترشحين للعمل
إنَ حظر التمييز ينطبق على أوضاع مختلفة من المعاملة القائمة أو المستندة على عدد غير
والعمل على أنه أي تفريق التمييز في التوظي محدود من الدوافع واألسس التميزية ،ويعر
أو االقالة ،أو أوضاع العمل ،أو شروط أو استبعاد ،أو تفضيل في عمليات التعيين ،أو التوظي
التوظي ،يكون مبنيا على أساس سمات شخصية غير مرتبطة بالمتطلبات االساسية للمنصب
تكافؤ الفرص أو المعاملة في االستخدام أو التشغيل إلى أو الوظيفة ،بما من شأنه إبطال أو إضعا
المؤهالت المهنية الحقيقية والضرورية إلداء العمل قيد البحث.2
- 1اإلقرار الدولي لمبدأ حظر التمييز بين المترشحين للعمل
تحظر القوانين في عدد كبير من الدول التمييز المبني على مجموعة من العوامل ،وتعكس هذه
بالحقوق الراسخة لعدم التمييز في القوانين عادة ما ورد في نصوص االتفاقيات الدولية 3التي تعتر
االلتحاق بالعم ،استنادا إلى ما أشار إليه اإلعالن العالمي لحقوق االنسان فأن لكل شخص الحق في
923
حماية الحياة الخاصة للعامل
العمل وفي حرية اختيار عمله وشروط عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة وأنه لجميع االفراد
دون تمييز الحق في أجر متساوي وعلى العمل المتساوي.9
فيما نص الميثاق العربي لحقوق االنسان أن العمل حق طبيعي لكل مواطن وتعمل الدول على
توفير فرص العمل ق در االمكان ألكبر عدد ممكن من المقبلين عليه مع ضمان االنتاج وحرية العمل
وتكافؤ الفرص دون أي نوع من أنواع تمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو اللغة أو الرأي
السياسي أو االنتماء النقابي ،أو األصل الوطني أو االجتماعي ،أو االعاقة أو أي وضع آخر ،2كما
حظر المشرع البريطاني على أصحاب العمل كل تمييز مباشر أو غير بمباشر فيما يخص
المترشحين للعمل وذلك بموجب القانون الصادر عام 9113الذي خضع لعدة تعديالت فيما بعد .3
فيما نص المشرع الفرنسي في المادة L122-45من قانون العمل على أنه " ال يجوز استبعاد
...بسبب أصله أو جنسه أو عاداته أوحالته االجتماعية أي شخص من التقدم لشغل إحدى الوظائ
أو انتمائه إلى عرق أو أمة أو جنس ما أو بسبب آرائه السياسية أوأنشطته النقابية أو التعاونية
أو معتقداته الدينية أو بسبب حالته الصحية أو عجزه ،فيما عدا عدم اللياقة الطبية الثابتة بشهادة
طبيب عمل ، "...وقد تطور هذا المبدأ في التشريع الفرنسي من مبدأ عدم التمييز إلى حق عدم
التمييز حيث أصبح له أهمية خاصة اتجاه النساء والعمال األجانب.
المشرع الفرنسي بحظر التمييز بين المترشحين على أساس االعتبارات السابقة ،بل لم يكت
حظر مجرد التحري حول الحياة الخاصة للمترشح حتى ولم يتم التمييز بناء على هذه التحريات ،فال
عن سرية الحياة الخاصة للمترشح للعمل عند استخدام سلطته في يجوز لصاحب العمل الكش
البحث والتحري ،كتوجيه أسئلة تنطوي على مساس بتفاصيل الحالة االجتماعية (أعزب متزوج،
مطلق )...ومبرراتها ،أو ال حالة المالية أو الصحية والتي تعد بطبيعتها خارجة عن االطار المهني
بحسب األصل ،ويمكن أن تكون محل متابعة قضائية في حالة االستناد إليها لرفض التعاقد.4
بل قد يكون هناك مجال لمواجهة صاحب العمل بالمادة 499فقرة 3من قانون العقوبات
الفرنسي التي تحظر على صاحب العمل االلتفات إلى الجنس ،النوع ،الوضع العائلي ،عند توجيه
إيجاب للعمل ،أو عند التعاقد ،3وقد أدانت محكمة النقض الفرنسية أحد أصحاب األعمال الذي رفض
929
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
Cass. Crim, 23 oct 1990, pourvoi n°88-82005, Bull, Cim, N° 353, p 891.
2
Art L225-2 du C.T.fr : «Constitue une discrimination toute distinction opérée entre les personnes physiques
à raison de leur origine, de leur sexe, de leur situation de famille, de leur grossesse, de leur apparence
physique, de leur patronyme, de leur état de santé, de leur handicap, de leurs caractéristiques génétiques, de
leurs mœurs, de leur orientation sexuelle, de leur âge, de leurs opinions politiques, de leurs activités
syndicales, de leur appartenance ou de leur non-appartenance, vraie ou supposée, à une ethnie, une nation,
une race ou une religion déterminée ».
3
Art L122-25 du C.T.fr : « L'employeur ne doit pas prendre en considération l'état de grossesse d'une femme
pour refuser de l'embaucher, résilier son contrat de travail au cours d'une période d'essai… ».
4
Cass.Soc, du 7 février 1968, N° 65-40.622, bull, N° 86.
3القانون رقم 93/11المتعلق بمدونة الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 9.13914بتاريخ 99سبتمبر ،2113ج.ر عدد
3991بتاريخ 1ديسمبر ،2113ص .3191
921
حماية الحياة الخاصة للعامل
العمل ،على أساس السن والجنس أو الوضعية االجتماعية أو النسبية ،والقرابة العائلية والقناعات
السياسية واالنتماء إلى نقابة أو عدم االنتماء إليها ".
هذا وقد ورد في نص القانون المتعلق بممارسة الحق النقابي على أنه " ال يجوز ألي أحد أن
واألداء وتوزيع العمل، يمارس أي تمييز ضد العمال بسسب نشاطاتهم النقابية ،إبان التوظي
والتدرج وترقية خالل الحياة المهنية ،وعند تحديد الراتب ،وكذلك في مجال التكوين المهني والمنافع
االجتماعية".9
-2حظر التمييز بين المترشحين للعمل على أساس الحياة الخاصة
ال يجوز التمييز بين المترشحين على أساس مفرد من مفردات الحياة الخاصة ،كرفض تشغيل
النساء الحوامل ،إذ أن من بين الممارسات التي قد تلجأ إليها بعض المؤسسات المتعلقة باختبارات
النساء الحوامل ،يحظر أيضا من حيث المبدأ إلى عدم توظي منتظمة للمترشحات للعمل تهد
التمييز بين المترشحين للعمال وفقا لوضعهم االجتماعي من زواج أو طالق أو انفصال أو وجود
أوالد أو عدمه أو غير ذلك من المسائل األسرية.
المشرع الفرنسي بحظر التمييز بين المترشحين على أساس االعتبارت السابقة ،وإنما لم يكت
تحقيقا للحماية فإنه دفع بها إلى مجال أوسع مدى ،فحظر مجرد التحري حول الحياة الخاصة
للمرشح وحتى لو لم يتم التمييز بناء على هذه التحريات الحياة الخاصة للمترشح ال يجوز مجرد
عنها أو تعريتها عند استخدام صاحب العمل سلطاته في البحث والتحري 2ال يجوز توجيه الكش
أسئلة مثال حول مهنة األقارب أو الزوج ،فمثل تلك األسئلة تنطوي على مساس بالوضع العائلي
للمترشح ،وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن عدم إعالن المترشح عن زواجه الذي قصد
إلى إتمامه ،اليعد سلوكا محل مؤاخذة.3
كما أن مفردات التقييم الذي يخضع له المترشح مرتبطة بما يلزم لتقييمه مهنيا وأن ما يخرج
عن هذا اإلطار كتفاصيل الحالة االجتماعية ( أعزب -متزوج -مطلق) ومبرراتها والتي تعد
بطبيعتها خارجة عن اإلطار المهني ،4وبحسب األصل يمكن أن تكون محال لمراجعة قضائية في
حالة االستناد إليها لرفض التعاقد ،فرضه في هذه الحالة يستند ال إلى مبررات مشروعة للتدخل غير
المبرر في الحياة الخاصة للمترشح للعمل.
9المادة 31من قانون 94/11المؤرخ في 2جوان ،9111المتعلق بممارسة الحق النقابي ،ج.ر عدد 23الصادرة بتاريخ
9111/19/19المعدل والمتمم بالقانون 31/19المؤرخ في ، 9119/92/29واألمر رقم 92/19المؤرخ في ،9119/19/91ج.ر
عدد 39الصادرة بتاريخ .9119/19/92
2صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .13
3
Cass.soc, 11 mars 1971, bull.civ, n° 210.
4
SAVATIER (J), La protection de la vie privée des salariés, op, cit, p 331 .
921
حماية الحياة الخاصة للعامل
فضال عن ذلك تضمنت االتفاقية رقم 999والتوصية رقم 999لسنة 9131المكملة لها
واالستخدام ،9ألفاظ واضحة وصريحة على أن الحماية التمييزية والمتعلقة بالتمييز في التوظي
والمعاملة االستثنائية التي تخصص لبعض الفئات ومن بينها فئات األحداث والشبان ال تشكل بأي
حال من األحوال إجراء من إجراءات التفرقة والتمييز.2
تم االقرار في العديد من الدول بوجود أسباب أخرى للتمييز فاتسعت القائمة لتشمل التمييز
على أساس عناصر تمس الحق في الحياة الخاصة ،كالحالة الصحية ،الحياة الشخصية
بها ،و لم ترد بشكل صريح في االتفاقية رقم والعائلية...الخ ،فهناك عدة أشكال من التميي ز المعتر
بها في الكثير من الدول. ،999إال أن القانون يعتر
- 3رفض التعاقد بناءا على التمييز بين المترشحين للعمل
حرية صاحب العمل في إبرام عقد العمل مع من يحتاج إليهم من العمال تمنعه من مراعاة أي
عنصر آخر غير ما يتوفر عليه طالبو العمل من مؤهالت ،3وما لديهم من خبرات ،وإن كان
للمشغل الحق في رفض إبرام عقد الشغل مع المترشح للعمل ،إال أن قراره في رفض التعاقد ال بد
أن يكون مبنيا على سبب مشروع ،وإال اعتبر تعسفا في استعمال الحق.
لعلّ صعوبة تحديد مفهوم الرفض المشروع هي التي دفعت بعض المشرعين ومنهم المشرع
الفرنسي والمشرع المغربي إلى اختيار أسلوب تحديد الحاالت التي ال يمكن فيها اعتبار رفض
التشغيل مشروعا.4
حيث أن قانون العمل الفرنسي نص صراحة في المادة L122-45على منع "كل تمييز بين
العمال من حيث السالسلة ،أو اللون ،أو الجنس ،أو االعاقة ،أو الحالة الزوجية ،أو العقيدة ،أوالرأي
السياسي ،أو االنتماء النقابي ،أو األصل الوطني ،أو األصل االجتماعي ،يكون من شأنه خرق
مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل...فيما يتعلق باالستخدام". أو تحري
9اتفاقية التمييز في مجال الخدمة واالستخدام رقم ، 999اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في جوان 9131في دورته
الثانية واألربعين،تاريخ سريان النفاذ 93جوان . 9191
2نصت المادة الخامسة من االتفاقية رقم 999لسنة 9131في فقرتها األولى والثانية على التوالي -9" :ال تعتبر اإلجراءات
الخاصة بالحماية أو بالمساعدة الواردة في االتفاقيات والتوصيات التي أقرها مؤتمر العمل الدولي من قبيل التفرقة -2.يحق ألي
عضو بعد التشاور مع منظمات أرباب العمل والعمال إن وجدت أن يضع إجراءات خاصة أخرى يقصد بها مقابلة متطلبات األفراد
الذين يعتبرون في حاجة إلى مساعدة أو حماية خاصة بسبب النوع أو السن أو العجز أو المسؤوليات العائلية أو الحالة االجتماعية
أو الثقافية ،وال تعد هذه اإلجراءات من قبيل التفرقة.
3المادة 411من مدونة الشغل المغربية.
4عادل العشابي ،سلطة المؤجر في تسيير مقاولته بين حاجيات المقاولة وحماية حقوق األجراء ،دراسة مقارنة ،المجلة االلكترونية
لندوات محاكم فاس ،المملكة المغربية ،العدد الرابع ،2119 ،ص .12
921
حماية الحياة الخاصة للعامل
إلى االستبعاد المطلق لكل عنصر شخصي في تعليل رفض التشغيل المشرع ا لفرنسي لم يهد
إلى استبعاد كهيأة المرشح غير المرتبطة بانتمائه لعرق معين او كلباسه وهندامه ،وإنما هد
التمييز المبني على انتماء المرشح لفئة ذات خصائص اجتماعية محددة وجديرة تبعا لذلك بالحماية.9
إ ن هذا التحديد التشريعي لحاالت الرفض الغير مشروع للتعاقد انطالقا من كونه مبنيا على
التمييز قد وجد له تطبيقا في القضاء الفرنسي الذي اعتبر رفض المشغل التعاقد مع مرشحه بعِلّة
أنها ربة أسرة تمييزا بمقتضى المادة L 122-45المشار إليها ،كما اعتبر المستخدم الذي يصرح
في مقترح التشغيل الصادر عنه بأنه يفضل تجنب األجراء غير البيض مرتكبا لتمييز ممنوع .2
مدونة العمل غير أننا لم نجد مثل هذا التحديد في نصوص قانون العمل الجزائري على خال
المغربية التي قيدت حرية المستخدم في إبرام عقود العمل على ضرورة توفر طالبو الشغل على
المؤهالت والخبرات المهنية ،3بل وقيدت حرية وكاالت التشغيل الخصوصية أيضا بمقتضى المادة
411منها التي نصت على أنه " يمنع على وكاالت التشغيل الخصوصية كل تمييز يقو على أساس
العرق ،أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي."...
لكن األشكال المطروح يرتبط أساسا باإلثبات من جهة وبالجزاء المترتب عن خرق هذه
المقتضيات من جهة ثانية ،فالمشرع الجزائري لم يتعرض إلى هذه مسألة شأنه شأن التشريع
المغربي ،في حين نجد أن قانون العمل الفرنسي نص في الفقرة الرابعة من نفس المادة L 122-45
على أنه يتعين أوال على المرشح لتعيين أو تدريب أو فترة تكوين بالمؤسسة في حالة حدوث نزاع
أن يقدم العناصر الواقعية التي تسمح بافتراض وجود تمييز مباشر أو غير مباشر ،4ويكون بعد ذلك
المدعى عليه على ضوء هذه العناصر أن يثبت أن قراره مبرر بعناصر موضوعية على الطر
خالية من كل تمييز ،ويٌكوِن القاضي اعتقاده بعد األمر عند الحاجة بكل إجراءات التحقيق التي
يراها ذات جدوى.
ثانيا :القيود الواردة على مبدأ عدم التمييز بين المترشحين للعمل
إن مبدأ عدم التمييز عن طريق الحظر الذي يمليه ،يرد عليه مجموعة من القيود التي تخول
لصاحب العمل حرية في اختيار المترشحين في إطار سلطته اإلدارية ،ال سيما في تقلد بعض
المؤسسة. القيادية أو طبيعة الوظيفة وهد الوظائ
9
PELANO (M-A), L’intuitu personale dans le contrat de travail, Dr. Social, France,1995, p 129.
2عادل العشابي ،نفس المرجع ،ص .13
3المادة 311من مدونة الشغل المغربية.
4
Art L122-45-4 du C.T.Fr : « Les différences de traitement fondées sur l'inaptitude constatée par le médecin
du travail dans le cadre du titre IV du livre II en raison de l'état de santé ou du handicap ne constituent pas
» une discrimination lorsqu'elles sont objectives, nécessaires et appropriées
931
حماية الحياة الخاصة للعامل
939
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
Soc, 12 juillet 2005, pourvoi n° 03-43.354, Bull. 2005, V, n° 243 p. 212, La chambre sociale a fait
application de cette jurisprudence dans un arrêt du 12 juillet 2005 où, reprenant une formule d’un précédent
arrêt du 20 novembre 1986 , Cass. soc 20 nov 1986, N° 84-43243, Bull, N° 555, 1986, p 420.
2صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .11
3مصطفى عبد الحميد عدوي ،الخصوصية في مكان العمل ،دراسة مقارنة بين القانونين المصري واألمريكي ،دون ناشر،
،9111ص .9
932
حماية الحياة الخاصة للعامل
المطلب االول
صور حماية الحياة الخاصة للعامل
األصل أن حياة العامل خارج إطار عالقات العمل غير مؤثرة على نشاطه وحياته المهنية،
فاإلطار المهني للعامل مستقل تماما زمانيا ومكانيا عن نشاطاته المختلفة وممارساته المتعددة
والمتنوعة طالما أن ما يقوم به العامل ال يمس وال يتصادم مع تعهداته العقدية ،9هذه التعهدات
تعكس قبوله بإرادة حرة لمبدأ الخضوع لسطات صاحب العمل.
غير أن القبول بهذا الحد من الحرية مقيد بإطار محدد زمانيا ومكانيا وحسب نوع العمل،
يمثل فاصال بين تعهداته المقيدة في ظل عالقة عقدية قائمة وبين ما يخرج عن هذا االطار حيث
يسترد حريتة كاملة ،2هنا يظهر مفهوم الحياة الخاصة وحرية ممارستها بعيدا عن أداءه المهني
ورغم ارتباطات العامل بعقد عمل ،فالحد من الحرية المهنية مقبول في ظل سريان العقد وكذلك بع
انتهائه ولكن بحدود ،غير أن الحرية خارج إطار عالقات العمل سواء كان العقد قائما أو انتهى
تعيدنا إلى المفهوم الوسع لها ولكيفية ممارستها.
الفرع االول
مدى تأثر الحياة الخاصة للعامل بالحياة المهنية
خارج إطار عالقة العمل ينتهي التزام العامل بمفرداتها المختلفة زمانيا ومكانيا ،ومن حيث
حيالها بما األداء المطلوب منه ،فإنه يسترد حرية التعامل مع مفردات حياته المختلفة ،فيتصر
يتفق مع رؤيته لأل مور ،توجهاته ،معتقداته ،سلوكياته ،فهذه الممارسات أي كانت طبيعتها تعني
ممارسة العامل لحريات غير محددة كفلها له الدستور والقانون ،وكذلك المواثيق الدولية.
أوال :حماية الحقوق والحريات المتربطة بالحياة الخاصة للعامل
تتسم عالقة العمل بفقدان العامل لقدر محدد من حريته يتمثل في خضوعه المهني لصاحب
العمل ،ففي ظل اإل طار المهني يلزم هذا األخير بجبر العامل على تقبل القيود التي يفرضها العقد،
أما في غير اإلطار المهني ورغم وجود عالقة عقدية قائمة فإن العامل يسترجع حريته بالكامل
يمارسها كيفما شاء ،ذلك أن تعاقده يقيد حريته في ممارسة حياته الخاصة بقدر محدد موضوعيا أي
أداء العمل المتفق عليه زمانيا في الوقت المتفق عليه ،ومكانيا في المكان المتفق عليه.3
933
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
Cass.soc, 17 Avril 1991, Dr. Soc.1991, p 489.
2
Cass.soc, 5 Nov 1991, R.J.S, N°4411.
3
Cass.soc 22 janv 1992, Dr.soc 1992 n° 334, R.T.D; Janv.2004, p 28.
4
Bernard GAURIAU, La nullité du licenciement et la personne du salarié, Dr.soc.n° 9/10 Septembre-Octobre
1993, p 740.
3
Cass.soc, 12 Janv.1999, bull.civ.V, N° 07 ; R.T.D; Janv.2004, p 28
9
Cass.soc, 12 Juin.1999, bull.civ.V, N° 30 ; R.T.D; Janv.2004, p 28
1
Cass.soc, 14 Jmai.1997, bull.civ.V, N° 175 ; 16 dec.1997, n° 441.
1قرار المحكمة العليا بالجزائر رقم 911111الصادر في 93فيفري ،2111المجلة القضائية للمحكمة العليا الجزائرية العدد 9
لسنة .2112
934
حماية الحياة الخاصة للعامل
الشرط على الحاالت التي نص عليها القانون كاألخطاء التي تقع خارج أوقات العمل ويمتد أثرها
إلى العمل نفسه مثل إفشاء سر المهنة أو المنافسة غير المشروعة ،أو تعاطي المخدرات والكحول.
قضت الغرفة االجتماعية بفرنسا أيضا بإمكانية المستخدم في معاقبة العامل على أساس الخطأ
الشرطة وهو في حالة سكر أثناء القيادة، في قضية تسريح سائق شاحنة بعد توقيفه من طر
كان خارج توقيت العمل إال أنه انعكس بالسلب على المؤسسة التي تضع بالرغم من أن التوقي
تحت قيادته مسؤولية نقل بضائع تكلفها الكثير. 9
يتجسد أيضا هذا الشرط في حالة ما إذا ظل العامل حتى خارج أوقات العمل يمثل المؤسسة،
أو أن المؤسسة ذات مبادىء لصيقة بشخص العامل وتتعدى مكان العمل إلى الحياة الشخصية
االجتهاد القضائي الفرنسي لصاحب العمل بعقاب العامل الذي للعامل ،في هذا الصدد اعتر
ار تكب خطأ خالل حياته الشخصية خارج عالقة العمل إذا كانت المؤسسة ذات نزعة أو توجه،2
وهو ما جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية أقرت فيه عقوبة التسريح لمعلمة تعمل في مؤسسة
تعليمية ذات توجه ديني كاتوليكي إثر تزوجها بعد أن قامت بالطالق وهو الشيء الممنوع في الديانة
المسيحية ، 3ونفس الحكم صدر عن محكمة القاهرة في قضية جمع العامل المسيحي باليطريكية
لزوجتين ،والذي كان يعمل بمؤسسة إنتاج تابعة لها.4
في مثل هذا النوع من المؤسسات التابعة لألحزاب السياسية أو الجمعيات ،أو المؤسسات ذات
الطابع الديني أو التعليم الديني ،يمكن للمستخدم أن يفرض على العامل أن ال يرتكب أخطاء حتى
أثناء حياته الشخصية نظرا ألن هذه المبادىء لصيقة بالعمل ،ويجب إلتمام العمل على الوجه الحسن
أن يحترم هذه المبادىء ولو اثناء حياته خارج المؤسسة.3
9
A Cour de cassation a admis que « le fait pour un salarié affecté en exécution de son contrat de travail à la
conduite de véhicules automobiles, de se voir retirer son permis de conduire pour des faits de conduite sous
l’emprise d’un état alcoolique, même commis en dehors de son temps de travail, se rattache à sa vie
professionnelle» et justifie un licenciement pour faute. (Cass. soc., 2 déc. 2003, no 01-43.227. De même pour
des propos à caractère sexuel tenus en dehors du temps de travail avec des personnes avec lesquelles le
salarié est en relation de travail : Cass. soc, 19 oct. 2011, no 09-72.672. Ou encore s’agissant de la
consommation de drogue pendant les escales pour un personnel navigant commercial : Cass. soc., 27 mars
2012, no 10-19.915).
2
Dans le cadre particlier des entrprises dites de tendance dans ces entreprises « une idéologie, une morale,
une philosophie ou une politique est extrêmement prônée. Autrement dit, l’objet essentiel de l’activité de ces
entreprises est la défense et la promotion d’une doctrine ou d’une éthique » .
3
Cass. Ass. Plén., 19 mai 1978, pourvoi n°76-41211, Bull. civ. des arrêts Cour de Cassation Assemblée
plénière N. 1 P 1.
4حكم صادر عن محكمة القاهرة بتاريخ ،9193/13/13مذكور في:همام محمود زهران ،المرجع السابق ،ص .313
3بن بدرة عفيف ،النظام التأديبي في المؤسسة ،رسالة ماجيستر تخصص قانون األعمال ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة
وهران ،2191 ،ص .942
933
حماية الحياة الخاصة للعامل
939
حماية الحياة الخاصة للعامل
الحياة الشخصية للعامل وبالتالي فاإلنهاء غير مشروع إذا كان سببه لصيق بحياة العامل لكن يجوز
استثناء االعتداد باألمور الشخصية للعامل إذا كان من شأنها التأثير على العمل والمؤسسة.9
إذا األصل أن ممارسة الحرية في مجاالتها المختلفة ال تؤثر بشكل جاد وحقيقي على صاحب
العمل أو على الهيئة المستخدمة ،فليس له أن يعتمد أو يستند ألي من األفعال المختلفة التي تعكس
ممارسة العامل لحرياته سعيا إلنهاء عالقته باألخير ،وعدم تأثر الحياة المهنية لعامل بما يحدث
خارج نطاقها ،وأن مثل هذا التدخل من صاحب العمل ما كان ليسمح به لو أن ممارسة العامل
المهني في االطار غير المهني كانت أبعد من أن تؤثر على اإلطار المهني للمؤسسة.4
ثانيا :حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء الغياب المشروع عن العمل
الغياب المشروع هو الغياب الذي يخصص فيه القانون للعامل مواعيد مدفوعة األجر ،ينقطع
فيها عن العمل تحت مسمى أيام الراحة والعطل ،حيث أعطى المشرع الجزائري للراحة وأيام
الراحة القانونية ،3إذ نص في المادة 33من القانون رقم 99/11ما األعياد والعطلة السنوية وص
يلي «يعتبر يوم الراحة األسبوعية وأيام األعياد والعطل أيام راحة قانونية» ،إلى جانب الغياب
المدفوع األجر ،هناك الغياب الخاص بدون أجر ،وقد عبر المشرع الجزائري عن سبب الغياب
الخاص بالحاجة الماسة للغياب ،بينما عبر عنها المشرع الفرنسي بالغياب ألسباب شخصية.
- 1حماية الحياة الخاصة أثناء فترات الراحة والعطل
إذا كان العامل يخضع لتبعية صاحب العمل بمناسبة ممارسته لنشاطه المهني أثناء تواجده في
مقر العمل وأثناء الوقت العادي الذي يفرض عليه القيام بمثل هذا النشاط ،فإنه يستفاد من ذلك
ضمنيا أن العامل يسترد كامل حريته بعد مغادرته للمؤسسة على إثر انتهاء الوقت المحدد للعمل.4
-9-9حماية الحياة الخاصة أثناء فترات الراحة
قضاء أوقات الراحة أو الفراغ مظهر من مظاهر الحياة الخاصة سواء كان في مكان خاص
أو عام ،3حيث يندرج في إطار ترك العامل يمارس حياته دون تدخل وإزعاج ،9وتسمي التشريعات
9صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واالخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص.291 ، 291
2خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق.31 ،
3رحوي فؤاد ،وضعية العامل المتغيب داخل المؤسسة ،تخصص القانون االجتماعي ،كلية الحقوق والعلوم الساسية ،جامعة وهران،4102 ،
ص .9
4محمد كشبورا ،عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،طبعة ،9113ص .991
3االطالع على هذا الموضوع في الفصل االول ،المبحث األول ،المطلب الثاني ،الفرع الثاني بمناسبة دراسة عناصر الحياة الخاصة المتفق
عليها ،ص.31
9
Guy Lautier, Durée du travail, congés payés, repos, absences, temps partiel: vous êtes employeur ou salarié,
quels sont vos droits et vos devoirs?, Maxima Laurent du Mesnil 2000, p 253.
931
حماية الحياة الخاصة للعامل
العمالية بما فيها التشريع الجزائري الغياب القانوني بالراحة والعطلة السنوية ،9فهو ال يستند إلى
تبرير كما هو الشأن في الغيابات المبررة.2
إنَ ترك الحرية المطلقة للمستخدم في تنظيم وقت العمل ،قد يجعله يشغل العامل أطول وقت
ممكن ،ويستغله استغالال سيئا وتفاديا لذلك وتحقيقا لمصلحة العامل االجتماعية والصحية باعتباره
في عالقة العمل ،قام المشرع بتحديد وقت العمل اليومي واألسبوعي ،وألزم الضعي الطر
المستخدم بتخصيص فترات لراحة العمال على مدار اليوم أو األسبوع. 3
نصت المادة 11من األمر رقم 13/11المتعلق بالمدة القانونية للعمل على أن ال تتجاوز مدة
العمل اليومي الفعلي في أي حال من األحوال أثنتا عشرة 92ساعة ،4في حين يرى الفقه الفرنسي
صاحب العمل مع التزامه بأوامره أن العمل الفعلي هو الفترة التي يقضيها العامل تحت تصر
التوجيهية ،دون أن يتمكن من ممارسة الشؤون الشخصية له.3
عرفت منظمة العمل الدولية أوقات العمل بأنها ذلك الوقت الذي يكون فيه العامل تحت تصر
المستخدم ،ويلتزم بتنفيذ العمل وفق توجيهات المستخدم دون أن تكون له سلطة التفرغ لالهتمامات
اعتمده المشرع الفرنسي في المادة L292-4من قانون العمل إذ عر الشخصية ،9ونفس التعري
أوقات العمل بأنها تلك األوقات التي يكون من خاللها العامل رهن إشارة المستخدم.1
فيها عن العمل أقر المشرع الجزائري أحقية العامل لساعة واحدة في اليوم للراحة ،يتوق
وتسمى باإلستراحة من خالل نص المادة 19من األمر 13/11المتعلق بالمدة القانونية للعمل،
وحدد وقت استحقاقها في المرسوم التنفيذي ،244/11حيث نصت المادة 13منه على أن "تخصص
ساعة واحدة لإلستراحة بين الثانية عشر والساعة الواحدة بعد الزوال" ،1مع العلم أنه اعتبر نص
ساعة من فترة اإلستراحة فترة مأجورة ،تدخل في حساب المدة الفعلية للعمل.
تعتبر فترة اإلستراحة من النظام العام ،ال يجوز التنازل عنها ،أو االتفاق على ما يخالفها،
الذكر لم يبين الهد ويتضح أن المشرع الجزائري من خالل المادة 19من القانون 13/11السال
931
حماية الحياة الخاصة للعامل
منها ،والمتمثل في التشريعات المقارنة التي بينت معظمها الهد من فترة اإلستراحة ،على خال
المشرع اليمني إلى جانب هذين الهدفين هدفا تناول الغذاء وأخذ قسط من الراحة المعتبرة ،ويضي
ثالثا يتمثل في تأدية الصالة ،9من أجل عدم حرمان العامل المسلم من واجبه الديني والمتمثل في
أداء فرضة الصالة.2
كما أن الراحة األسبوعية حق يستفيد منه كافة العمال مهما كانت طبيعة عملهم ،ومهما كانت
مدة عقد عملهم ،ألهميتها الصحية واالجتماعية للعامل ،فال يمكن لصاحب العمل أثناء أوقات الراحة
التدخل لمنع العامل من المشاركة في الدورات الرياضية أو المباريات ،أو فرق موسيقية ،3يتضح
إذن أنَ أوقات العمل تنتهي عندما تنتهي عالقة التبعية ،وبالتالي تبدأ األوقات ذات الطابع الشخصي،
إال أنَ ه مع ذلك تطرح اشكاالت عديدة على المستوى العملي ،حيث يبرز التداخل بين أوقات العمل
واألوقات الشخصية.
من بين القضايا المطروحة على القضاء االجتماعي الفرنسي في هذا الجانب نجد قضية السيد
بالبيعات داخل المؤسسة ،الذي تم فصله من قبل " "Denis.Gالبالغ من العمر 41سنة ،مكل
للنظام الداخلي خاصة البند المتعلق والمخال المستخدم في يناير ،2111بسبب استعماله المنحر
بالولوج الى االنترنت ،وذلك بقيامه بالدخول الى مواقع إباحية ،واعتبرت هذه المخالفة خطأ جسيما
من شأنه أي يلحق ضرراً فادحاً بصورة وسمعة المؤسسة على اعتبار أنه العامل مسير وله تجربة
كبيرة ومن المفروض فيه أ ن يكون نموذجا يحتدى به في االنضباط واالستقامة داخل العمل ،كما
كيفت تصرفاته هذه بأنها خرقا ومخالفة لقواعد التسيير ومبادئ االستقامة.
(،)1:31 تبين أنَ أوقات وُلوجِه إلى هذه المواقع تمت في 9111/91/11بعد الثامنة والنص
( ،)99:21وقد وأيضا في التاسع من أكتوبر 9111من الساعة الحادية عشر إلى الرابعة والنص
رفض مجلس الخبراء لـ Nanteneاعتبار أن الفصل كان تعسفيا ،ولو كان الخطأ المرتكب جدي
وواقعي ،إال أنَ قضاة فرساي Versaillesرجعوا إلى أجندة 9111وتأكد لهم أنَ الثامن والتاسع
من أكتوبر موافق ليومي الراحة األسبوعية ،كما أن استعمال األنترنت تم بمنزل العامل خارج
أو قات العمل ،وأنه تم خالل األوقات المخصصة للحياة الخاصة والعائلية ،كما تبين لهم أن المؤسسة
لهم باالستعمال المعنية ترخص لمدرائها العاملين بأخذ الحاسوب المتنقل إلى منازلهم ،وتعتر
931
حماية الحياة الخاصة للعامل
الشخصي باستثناء أثناء أوقات تنفيذ العمل ،أما أوقات الراحة فال مانع في ذلك دون حاجة إلى طلب
العامل لرخصة االستعمال.9
كما أن القانون أعطى الحق للعامل في الغياب المبرر شريطة إعالم صاحب العمل لممارسة
حياته الشخصية في حالة حدث من األحداث العائلية؛ زواج العامل ووالدة مولود له ،زواج أحد
فروعه ،وفاة أحد أصوله أو فروعه أو زوجه ،أو أحد أصول أو فروع زوجه ،وفاة زوج العامل،
ختان ابن العامل والعطلة محدّدة بثالثة أيام في كل هذه الحاالت ،كما يستفيد العامل من عطلة لتأدية
فريضة الحج إلى البقاع المقدسة ،مرة واحدة خالل الحياة المهنية للعامل ،غير أننا نجد أن بعض
االتفاقيات الجماعية تشترط موافقة صاحب العمل على هذا الغياب الخاص.2
- 2- 1حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء العطل
إن الحق في العطلة السنوية متعلق بالنظام العام ،سواء فيما يتعلق باستحقاقها أو بمدتها ،ومن
ثم ال يجوز التنازل عنها صراحة أو ضمنا ،سواء كان التناول كليا أو جزئيا ،اعتبر المشرع
الجزائري العطلة السنوية ضرورة تطلبها المصلحة العامة وليست مجرد مصلحة العامل الشخصية،
وأي اتفاق مسبق يقضي بحرمان العامل منها يعد باطال وعديم األثر ،ولو كان بمقابل.3
في هذا اإلطار نصت المادة 31من القانون 99/11على أنَ لكل عامل الحق في عطلته
السنوية مدفوعة األ جر يمنحها إياه المستخدم ،وكل تنازل من العامل عن كل عطلته أو عن بعضها
يعد باطال وعديم األثر ،فالمصلحة التي رعاها المشرع عندما قرر العطل هي مصلحة نفسية بدنية
قصد استرداد العامل لقواه والمحافظة عليها.4
صاحب العمل عن موطن العامل بدون موافقة قررت محكمة النقض الفرنسية بأن كش
األخير يعتبر اعتداء على حياته الخاصة ، 3ولكنه إذا كان من حق العامل مثل أي شخص آخر ،أن
تحقيق غرض غير يخفي موطنه أو مكان إقامته عن الغير ،فإن ذلك ال يجب أن يكون بهد
مشروع وهو التخلص من تنفيذ التزاماته ومنع دائنيه من تحصيل حقوقهم ،ولهذا قضت محكمة
النقض بأن قاضي األمور المستعجلة يمكنه أن يأمر صاحب العمل بتمكين الدائنين من هذا البيان،
9
Jean-Emnaruel RAY, Temps professionnel et Temps personnels ,Revue droit social , France, N° 1,
Janvier 2114 ,p 59.
2المادة 919من االتفاقية الجماعية لمؤسسة سونلغاز.
3غالب علي الداودي ،شرح قانون العمل (دراسة مقارنة)،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان األردن ،2199ص.933
4ناهد العجوز ،الحماية الجنائية للحقوق العمالية في قانون العمل في مصر والدول العربي ،منشأة المعرف ،االسكندرية،9119 ، ،
ص .219
3
Cass. Civ. Nov 1990, D 1991, Jur. p 353, note prévault.
941
حماية الحياة الخاصة للعامل
بل يستطيع أن يجبره على دفع غرامة عند التأخير في تنفيذ أمره ،وال يقبل ادعاء العامل عندئذ
باالعتداء على حياته الخاصة.9
كما ساير القضاء الفرنسي هذا اإلتجاه فذهبت محكمة باريس 2أن يعد اعتداء على الحياة
عن المكان الذي يقضي فيه إجازته ،في حين رفضت محكمة النقض الخاصة لإلنسان الكش
الفرنسية تمسك مهندس معلومات بوجوب إعادته للعمل ،حيث تم فصله ألنه رفض العودة للعمل
وتمسك بحقه في قضاء أوقات الفراغ إعماال لنص المادة التاسعة من القانون المدني الفرنسي.3
إلى جانب العطلة السنوية يتمتع العامل أيضا بحقه في االجازات العارضة التي تتحدد بستة
يأم خالل السنة تحسب من العطل السنوية والمقررة للعامل ،4وترجع حكمة تقرير هذه اإلجازة
خارجية تقتضي أو تؤدي إلى عدم تمكنه من لتمكن العامل من مواجهة ما قد يطرأ عليه من ظرو
تخص العامل وحده ،3ومن ثم يقرر الفقه عدم مراقبة صاحب الذهاب إلى العمل وهذه الظرو
العمل لسبب غياب العامل أو تقدير مالئمته.9
يمثل التزام العامل بعدم منافسة العامل قيدا على حرية العامل 1في ممارسة أي نشاط مهني
آخر خارج اطار عالقة العمل أثناء أوقات الفراغ ،فالمبدأ أن العامل له حرية العمل في أوقات
الفراغ لكن شريطة أن تكون حريته مقيدة بأال يكون عمله الجديد منافسا لعمل مستخدمه ،أو كان من
شأنه أن يحول زبناء المستخدم عن التعامل مع هذا األخير ،كما أنه يقتضي تنفيذ عقد العمل بحسن
نية التزام العامل بالمحافظة على أسرار المؤسسة وعدم منافسة العامل لمستخدمه من خالل العمل
لدى مستخدم منافس أثناء وقت الفراغ.
ال يعني االلتزام الضمني بعدم المنافسة تسخير العامل أو استعباده لمصلحة صاحب العمل،
والدساتير ،إذ األعرا أواحتكار نشاطه ،أو إلغاء حياته الخاصة و حريته في العمل بما يخال
يكون للعامل الحق في االستفادة من أوقات فراغه على النحو الذي يرضيه سواء بالعمل لحسابه
9
Civ 19 mars 1991, D .1991, p. 568, note Velardocchio, Dans le même sens JCP 1988, II, n°20957, obs. P.
Auvret ; 8 avr. 1988, TGI. Paris, D. 1988, p 135.
2
Voir cass. ch.soc 27 Nov 1991, Droit social- Janvier 1992, p 79.
3
Art 9 du C.civ.fr : « Chacun a droit au respect de sa vie privée ».
4المادة 31من قانون العمل المصري « :للعامل أن ينقطع عن العمل لسبب عارض لمدة ال تتجاوز ستة أيام خالل السنة
أيام...وتحسب من االجازة السنوية المقررة للعامل ».
3حمدي أحمد سعد ،العمل عن بعد ،ذاتيته ،تنفيذه ،دراسة تأصيلية تحليلية في ضوء القواعد العامة لقانون العمل ،دار الكتب
القانوية ،مصر ،2191 ،ص .19
9محمد لبيب شنب ،شرح قانون العمل ،دار الوفاء القانونية ،ط ،9االسكندرية ،.2191 ،ص .913
1همام محمد محمود زهران ،مرجع سابق ،ص .499
949
حماية الحياة الخاصة للعامل
ذلك ،أو يكون في العمل اآلخر أو بالعمل لحساب الغير ما لم يتفق صاحب العمل معه على خال
منافسة لصاحب العمل األول.9
في القانون الفرنسي ،للعامل – دون أن يتجاوز الحد األقصى المسموح به لساعات العمل
المأجور -2أن يجمع بين عدة أعمال أو وظائ ،فالمشرع الفرنسي يحظر القيام بأعمال تتجاوز
الحد األقصى لفترة تشغيل العامل المسموح بها وليس بإبرام أكثر من عقد عمل.
أما في ما يخص حماية الحياة الخاصة للمرأة العاملة ،فإنه ال يمكن أن يشكل الحمل أو الغياب
أثناء عطلة األمومة سببا مقبوال لوضع حد لعالقة عمل العاملة ،وهذا ما أكدت عليه منظمة العمل
الدولية في اتفاقيتها المتعلقة بالتسريح قم 931لسنة ،9112وأيضا االتفاقيتين رقم 919و 913
المتعلقتان على التوالي بالعمل الليلي وحماية األمومة ،إذ ال يصح فصل أو توجيه االخطار بالفصل
للمرأة العاملة أثناء مدد الحماية المقررة لصالح األمومة.
أكدت التشريعات على حق المرأة في إجازة الوضع وإجازة تربية طفل وتحديد ساعات
الرضاعة وإنشاء دور للحضانة ،3ومشروع قانون العمل الجزائري الجديد تضمن هو اآلخر نصا
يحمي مارسة المرأة العاملة لحياتها الخاصة داخل أماكن العمل من خالل نصه في المادة 19منه
على حقها في االستفادة من مرافق الرضاعة الطبيعية داخل أماكن العمل.4
ورد في نص المادة 9من اإلتفاقية الدولية رقم 913لسنة 9132على أنه ال يجوز قانونا أن
ينذر صاحب العمل بفصل امرأة متغيبة عن عملها في إجازة األمومة الممنوحة لها ،كما نصت
اتفاقية العمل العربية رقم 9لسنة 9199في مادتها 99على أن يعتبر فصل العاملة خالل مدة
تغيبها في إجازة األمومة فصال تعسفيا ما لم يثبت إشتغالها في مؤسسة أخرى خالل هذه االجازة،
وأكدت االتفاقية العربية رقم 3لسنة 9119في مادتها 92على حظر فصل العاملة أثناء حملها
أو قيامها بإجازة الوضع أو أثناء إجازتها المرضية بسبب الحمل أو الوضع.
على إثر انتهاء تدابير الحماية المقررة لصالح المرأة العاملة بسبب األمومة تخولها القواعد
الدولية والوطنية الحق في االلتحاق من جديد بمنصب عملها األصلي أو منصب مماثل مع تقاضي
9
صالح محمد أحمد دياب،نفس المرجع ،ص .991
2
Art L324-2 du C.civ.fr :» Aucun salarié des professions industrielles, commerciales, artisanales ou
agricoles ne peut effectuer des travaux rémunérés relevant de ces professions au-delà de la durée maximale
du travail, telle qu'elle ressort des lois et règlements en vigueur dans sa profession «.
3ناهد العجوز ،المرجع السابق ،ص .11
4
Art 86 - P.C.T.A : «Durant les périodes pré et postnatales, les femmes travailleuses bénéficient du congé de
maternité conformément à la législation en vigueur.Elles peuvent bénéficier également de facilités liées à la
»…période d’allaitement
انظر النص الكامل للمادة 19من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد ،الملحق رقم .12
942
حماية الحياة الخاصة للعامل
األجر نفسه ، 9وتعتبر األحكام الخاصة بحماية األممومة من النظام العام وتعرض صاحب العمل
الذي يخالفها للعقوبة وتعويض من وقعت المخالفة بشأنها.2
في سياق حماية الحياة الخاصة للمرأة العاملة أصدرت الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض
الفرنسية سنة 2111قرارا تقضي فيه أنه يمكن لألم العاملة أن ترفض تنفيذ شرط التنقل من مكان
بها كإحدى الحريات األساسية. العمل الذي ينتهك حقها في الحياة األسرية العادية المعتر
أل نَ مثل هذا الرفض من جانب العامل على أساس المادة L1121-1من قانون العمل ال
يمكن أن يعاقب عليه تحت طائلة البطالن ،3هذا وقد أصدرت محكمة النقض العديد من األحكام غير
قابلة لتنفيذ التنقل ،ومع ذلك تبقى الحق في الحياة الشخصية واألسرية العادية كمظهر من مظاهر
الحي اة الخاصة هي اإلستثناء ،والمبدأ هو قدرة صاحب العمل على تنفيذ مثل هذا الشرط عندما يتم
تضمينه في عقد العمل.
-2حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء تعليق عالقة العمل
إن الرابطة القانونية العامل بالمؤسسة من حيث المبدأ تستمر بين الطرفين بالرغم من تعليق
عالقة العمل ،وال تأثير لذلك على العامل باعتباره لم يعد متواجدا بالمؤسسة ،كما أن السلطة
التأديبية للمستخدم هي األخرى تعلق خالل هذه مدة التعليق إال إذا ارتكب العامل خطأ له عالقة
بالعمل ،إذ تبقى الحياة الخاصة محل اهتمام واعتبار في التشريعات وال يحق لصاحب العمل التدخل
فيها وإنهاء عالقة عمله لسبب راجع لممارسة حقه في الحياة الخاصة.
-9-2تعليق عالقة العمل ألسباب صحية
إن العامل باعتباره إنسان معرض كغيره لشتى أنواع األمراض ،والحوادث سواء كانت مهنية
أو عادية ،للعامل الذي يثبت مرضه بشهادة طبية الحق في إجازة مرضية يستحق من خاللها
تعويض عن األجر وفقا لما يحدده الضمان االجتماعي ،4ويلتزم العامل خالل عطلته المرضية بعدم
مراقبته للعامل ،وال إنهاء عقد عمله ،وضمان حقه في الرجوع إلى منصب عمله أو منصب مماثل
بعد انتهاء فترة التعليق.
إذا قام صاحب العمل بانهاء عقد العمل خالل مدة المرض فيعتبر الفصل تعسفيا ،ويرى قانون
العمل االردني في نص المادة 3/21على أنه ال يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العمل أو توجيه
9خادم حمزة ،اآلثار المترتبة على حق المرأة في العمل في ضوء القانون الدولي ،مجلة البحوث القانونية والساياسية ،العدد الثاني،
،2194ص.291
2ناهذ العجوز ،نفس المرجع ،ص .11
3
Cass, soc, 14 octobre 2008, n° 07-40.523, bull 2008, V, n° 192.
4حافر فاطمة ،حاالت تعليق عالة العمل في عقود العمل غير المحددة المدة في تشريع العمل الجزائري ،رسالة ماجيستر تخصص
قانون اجتماعي ،كلية الحقوق جامعة وهران ،السنة الجامعية ،2111-2111ص .93
943
حماية الحياة الخاصة للعامل
إشعار إليه النهاء خدمته أثناء إجازته المرضية ،وإال يعتبر فصال تعسفيا ،إال إذا ارتكب العامل
خطأ مهني جسيم أو إذا عمل العامل خالل إجازته لدى صاحب عمل آخر ،وجاء في قرار تمييز
يعتبر فصل العامل من العمل بسبب مرضه أثناء إجازته المرضية فصال تعسفيا ،ويستحق تبعا لذلك
بدل اإلشعار وبدل االجازات السنوية وبدل الفصل التعسفي.9
- 2- 2تعليق عالقة العمل ألسباب عائلية وشخصية
إن حق العامل في الحياة الخاصة كان محل اعتبار التشريعات العمالية التي كرست حقه في
تعليق عالقة العمل ألسباب عائلية وشخصية من خالل تمكينه من اإلحالة على االستيداع لإلستفادة
من عطلة لممارسة حياته الخاصة وفقا لحاالت محددة ترجع إلى اتفاق طرفي عالقة العمل بشأنها .
نص المشرع الجزائري على اإلحالة على اإلستيداع من خالل األمر 933/99المتعلق
العمومي ،2وأيضا بموجب القانون 19/12المتعلق بعالقات العمل الفردية ،3أما القانون بالوظي
عالقة العمل 99/11فلم يتطرق صراحة إلى اإلحالة على اإلستيداع ،تاركا المجال التفاق أطرا
عن طريق اإلتفاقيات الجماعية.4
أمام عدم تعرض قانون 99/11لحاالت اإلحالة االستيداع ،نعرض الحاالت المذكورة في
العمومي وهي نفسها الحاالت التي كان ينص عليها القانون 19/12 األمر 13/19المتعلق بالوظي
المتعلق بعالقات في مادته ،32غير األمر 13/19يميز بين حالتين لإلحالة على االستيداع ،تتمثل
والتي يمكن أن يستفيد منها الموظ األولى منها في اإلحالة على اإلستيداع بطلب من الموظ
بطلب منه وبعد سنتين من الخدمة الفعلية لممارسة أغراض شخصية ،في حين تتمثل الحالة الثانية
في اإلحالة على اإلستيداع بقوة وتكون في الحاالت اآلتية:
أو زوجه أو أحد األبناء المتكفل بهم. في حالة تعرض أحد األصول الموظ -
للسماح للزوجة الموظفة بتربية طفل يقل عمره عن خمس سنوات. -
بااللتحاق بزوجه إذا اضطر إلى تغيير مكان إقامته بحكم مهنته. للسماح للموظ -
من ممارسة مهام عضو مسير لحزب سياسي. لتمكين الموظ -
9تمييز حقوق رقم 9431/11العددين الثالث والرابع ،2111 ،ص ،131مذكور في :نور فرحات نعيم غيث ،الفصل التعسفي في
قانون العمل االردني دراسة مقارنة ،متاح على الموقع االلكتروني بعنوان الدليل االلكتروني للقانون العربي:
www.arablaw.info.comتاريخ االطالع2194./11/93 :
2المادة 41من األمر 933-99المؤرخ في 12جوان 9199والمتضمن القانون األساسي للوظيفة العامة ،ج.ر عدد 42لسنة
.9199
3عرفت المادة 39من قانون 19/12اإلحالة على االستيداع على أنها" :وقف مؤقت لعالقة العمل لعامل مرسم في منصبه ورتبت
عنها الكف عن أجره وتوقف عن اسنفادته من الحقوق المتعلقة بألقدمية ،"..وهو التعريف نفسه الذي تبنته بعض االتفاقيات
الجماعية مثل المادة 991من االتفاقية الجماعية لمؤسسة سونلغاز بمستغانم ،المسجلة بمفتشية العمل بسيدي امحمد ،الجزائر
العاصمة بتاريخ 21ديسمبر .9111
4هذا ما أكدته المادة 921الفقرة 91من قانون 99/11المتعلق بعالقات العمل.
944
حماية الحياة الخاصة للعامل
في ممثلية جزائرية في الخارج أو مؤسسة أو هيئة دولية. إذا عين زوج الموظ -
بالرجوع إلى بعض االتفاقيات الجماعية ،نجد أنها تناولت اإلحالة على االستيداع في مجموعة
واحدة ولم تميز بين حاالت اإلستيداع مثلما فعل المشرع في األمر ،13/19ومن بين الحاالت التي
عمدت بعض المؤسسات على إدراجها ضمن اإلتفاقيات الجماعية للعمل9؛ حالة المرض الخطير،
ووقوع حادث للزوج أو ألحد األبناء ،أيضا التفرغ لتربية األطفال ،وحالة متابعة الزوج.
التشريع الفرنسي بدوره أعطى لكل من العامل أو العاملة الحق في الغياب عن العمل لمدة
محددة في حالة ما إذا طرأ حدث في عائلته سواء تعل ق األمر بمرض زوجه أو أحد أبنائه ،أو وقوع
بجانبه ،كما خول له الحق في عطلة من أجل حادث لهما يستلزم اإلعتناء بذلك المريض والوقو
تربية طفل ،وذلك إما أن يعمل بالعمل الجزئي على أن ال تقل مدة العمل عن خمس المدة القانونية
المعمول بها في المؤسسة ،أو ينقطع تماما عن العمل لمدة سنة كاملة ،وفي حالة وفاة الطفل
أو حاجة العامل إلى الدخل الشهري ،فيمكنه العودة إلى العمل بالتوقيت الكامل أو تعديل التوقيت
الجزئي بعد موافقة المستخدم.2
كما تشير المادة L225-15-9من قانون العمل الفرنسي إلى إمكانية االستفادة من عطلة
خا صة من أجل مالزمة أحد أصول ،فروع أو أي شخص يقيم مع العامل في بيته ويحتاج إلى
رعاية مستمرة ،لمدة ثالثة أشهر على األكثر تنتهي بانتهاء هذه المدة أو بعد ثالثة أيام من وفاة هذا
الشخص.
مقارنة مع التشريع األردني أيضا ،يتبين من قانون العمل األردني أعطى الحق لكل من
الزوجين في الحصول على إجازة لمرة واحدة لمدة ال تزيد على سنتين لمرافقة زوجه إذا انتقل إلى
عمل آخر يقع خارج المحافظة التي يعمل فيها داخل المملكة أو إلى عمل يقع خارجها.3
ال يمكن بأي حال من األحوال أن تؤثر ممارسة العامل لحقه في الحياة الخاصة أثناء فترة
التعليق على عالقته المهنية ،إذ يحتفظ العامل بحقه إثر نهاية مرحلة اإلحالة على االستيداع من
اإلدماج في منصب عمله أو في منصب عمل آخر مماثل ،كما يحتفظ أيضا بالحقوق المكتسبة في
منصب عمله قبل إحالته على االستيداع.
9المواد من 92إلى 93من االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة ميناء مستغانم ،المسجلة لدى مفتشية العمل المختصة إقليميا بتاريخ
9111/12/22بمستغانم.
2
Art 122-28-2 - C.T.fr.
3المادة 91من قانون العمل األردني.
943
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفرع الثاني
أثر مراقبة العامل خارج العمل على حياته الخاصة
سمحت الثورة المعلوماتية بظهور العمل عبر المسافات بصفة عامة ،حيث يمارس العمل
خارج مكان العمل بمفهومه التقليدي ،وقد استتبع ذلك أن تأخذ التبعية وهي المعيار المميز لعقد
العمل شكال جديدا لتصبح في مثل هذه الحاالت تبعية عن بعد.9
لم يقتصر تأثير التكنولوجيا الحديثة على تطوير وسائل مراقبة أداء العامل داخل مكان العمل،
بما استتبعه من إشكاليات بشأن حماية حياته الخاصة ،بل امتد هذا التأثير إلى حد التغيير في طرق
أداء العمل والمساس بالحياة الخاصة للعامل خارج مكان العمل ،وهذا ما أدى إلى طرح عدة
إشكاليات بخصوص العمل عن بعد «(»télétravailأوال) وكذلك في ما يتعلق بالعمل عبر المسافات
أال وهو الجهوزية عن بعد« (» télédisponibilitéثانيا).
أوال :حماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد
فيما يرى بعض الفقهاء أنَ العمل عن بعد يعد وسيلة للتوفيق بين المسؤوليات العائلية للعامل
والحياة المهنية يرى البعض اآلخر أنه مصدر لإلعتداء على الحياة الخاصة للعمل ،إال أن عدد من
الدراسات تركز على إيجابيات وسلبيات العمل عن بعد ،2إذ قامت بعض الدول منها ايرلندا بوضع
باسم "قانون الممارسة في العمل االلكتروني"،3 قانون واتفاقية نموذجية للعمل عن بعد ،الذي عر
ودول شمال أوروبا استثمرت أكثر من غيرها في مجال العمل عن بعد ،في عام 2191تم احتساب
العاملين عن بعد فنلندا بنسبة ( ٪32.1من إجمالي العمال) ،و في بلجيكا ٪21والسويد . 4 ٪21.2
شامل وموحد للعمل عن بعد هو من الصعوبة بمكان نظرا لعدم وجود إن إعطاء تعري
مصطلح متفق عليه باإلضافة إلى استعمال مصطلحات أخرى لإلشارة إلى نفس المعنى ،مثل النقل
اإل لكتروني ،العمل من مسافة بعيدة ،العمل في المنزل ،العمل من خالل الشبكات ،العمل
المرن...الخ.3
9
Radé )C(, Nouvelles technologies de l’information et de la communication et nouvelles formes de
subordination, Dr.soc, France,2002, p 26.
2
Tremblay)D-G(,Chevrier )C( et Loreto )M(, Le télétravail à domicile: Meilleure conciliation emploi-
famille ou source d’envahissement de la vie privée, revue intervention économique, France, 34/ 2006, p 689.
3حذت بعض الدول حذو ايرلندا في هذا القانون كالنروي والسويد وايطاليا وكوب ،كما قامت النقابة العمالية بالتوصل إلى بعض المباديء
التوجيهية مع بعض أصحاب األعمال في أوروبا حول العمل عن بعد سمي يوني –أوروبا ،راجع في ذلك :حمدي أحمد سعد ،المرجع السابق،
ص .942
4
Ludovic Clerima , Le télétravail peut-il réconcilier vie privée et vie personnele, Paris, Article
initialement publié le 25/09/13 et mis à jour le 17/06/14, site :
تاريخ االطالعhttp://fr.myeurop.info/2014/06/17/teletravail-reconcilier-vie-pro-vie-perso-14025 .2194/91/13 :
3لمين علوطي ،المنظمة االلكترونية لللعمل عن بعد ،مجلة ابحاث اقتصادية وادارية ،معهد العلوم االقتصادية ،المركز الجامعي
يحي فارس المدية ،العدد الثالث ،جوان ،2111ص .219
949
حماية الحياة الخاصة للعامل
الشائعة لهذا المصطلح "العمل عن بعد هو طريقة مرنة غير أننا سنورد بعض التعاري
للعمل وتغطي مجاال واسعا من أنشطة العمل ،جميعها تتضمن العمل بعيدا عن صاحب العمل
أو بعيدا عن مكان العمل التقليدي المعتاد ،ولجزء كبير من وقت العمل ،ويمكن أن يكون بدوام كلي
أو جزئي ،كون العامل يرتبط بوسائل االتصال الحديثة لإلبقاء على اتصال مستمر مع صاحب
العمل أو الرؤساء في العمل.9
عرّ فت منظمة العمل الدولية العمل عن بعد على أنه نظام عمل قائم في مكان بعيد عن
المكتب الرئيسي أو مواقع االنتاج ،حيث ينفصل العامل عن االتصال الشخصي بالعمال اآلخرين،
وتسهل التكنولوجيا الحديثة انفصال العامل عن المقر الرئيسي للعمل ،2"....أما قاموس التسيير
الفرنسي فعرفه على أنه " العمل عن بعد بالنسبة للعامل هو شكل من أشكال العمل البعيد عن مكان
العمل ،وذلك باستخدام أدوات االتصال االلكتروني.3
الفقه العمل عن بعد على أنه "أحد أشكال تنظيم العمل والذي بموجبه يتم العمل خارج يعر
المقر الرئيسي أو اإلدارة الرئيسية باستخدام أجهزة الحاسوب ووسائل اإلتصاالت" ،4ويقترب هذا
من العمل الذي ينفذ في إطار عقد العمل في المنزل 3الذي يعتبر إحدى صور العمل عن التعري
بعد ،وقبل التطرق إلى مدى تأثير الحياة الخاصة للعاملين عن بعد ،ال بد أن نعرج أوال إلى التحدث
عن صور العمل عن بعد.
- 1صور العمل عن بعد
لم يشر المشرع الجزائري من خالل قانون 99/11المتعلق بعالقات العمل إلى مفهوم العمل
عن بعد ،كما ال يوجد أي نص تنظيمي أو قانوني يشير الى أسلوب العمل عن بعد ،مما يستدعي
معه البحث في رحاب التشريعات المقارنة.
بأن يتم تنفيذه خارج األماكن التقليدية للعمل حيث العمل عن بعد طريقة لتنظيم العمل تتص
قد يتم تنفيذه إما في المنزل أو في الطريق أو في المكاتب التابعة للمكتب األصلي أو بين مكاتب
مشتركة أماكن متفرقة ،وتتميز هذه الطريقة بأن العالقات بين صاحب العمل تتم بالطرق
9عمر بن عبد الرحمن العيسى ،دليل العمل عن بعد ،ترجمة لمايك جرى وآخرين ،مركز البحوث ،الرياض ،2119 ،ص .31
2طارق نوير ،العمل عن بعد ومتطلبات ااتطبيق في مصر ،مجلة مصر المعاصرة ،العددان 414/913يناير/ابريل ،2114ص
.331
3
Henri MAHE, Dictionnaire de gestion, Economico édition, Paris, 1998, p 442.
4
« Le télétravail sera compris ici comme une forme d’organisation du travail, dans laquelle le travail est
accompli à l’extérieure d’organisation central, ou du bureau central, en utilisant les ordinateur et le
télécommunication », Article initialement publié le site : http://www.cefrio.qc.ca/media/uploader/CEFRIO-
تاريخ االطالعcahier-charges.pdf .2194/91/19 :
3
Jean CONIE, Le télétravail en France, Les principaux points de la recommandation du forum des droits sur
l’internet, Droit social, N° 3, mars 2005, p274.
941
حماية الحياة الخاصة للعامل
صاحب العمل االلكترونية ، 9ويتخذ العمل عن بعد عدة صور بحسب طبيعة العمل ،وظرو
والعامل لعل أهمها يتمثل في الصور اآلتية:
- 1- 1العمل في المنزل
يعتبر العمل في المنزل إحدى الصور التي يمكن أن يتم فيها العمل عن بعد ،حيث يستطيع
أحد العمال طلب تأدية عمله في منزله متى كان ذلك ممكنا ليتجنب صعوبات ونفقات االنتقال من
المنزل إلى مقر العمل ،بل وقد يقدم العمل في المنزل العديد من الفرص أمام االشخاص الذين قد ال
يناسبهم التردد بكثرة من منازلهم لمقر العمل لظروفهم الصحية واالجتماعية ،واالقتصادية ،2وفقا
للقانون البريطاني يحق ألباء األطفال المعوقين أو األطفال الذين لم يتجاوزوا السادسة من العمر
طلب ساعات مرنة في العمل بما في ذلك العمل عن بعد.3
كما قد يلجأ المستخدم إلى تنويع طرق التشغيل فيتولى انجاز بعض األعمال التي ال تتطلب
حضورا مستمرا با لمؤسسة بواسطة عمال يعهد أليهم بالقيام ببعض األعمال في منزلهم دون تردد
وحضور بمقرات المؤسسة ، 4وليس كل عمل في المنزل من قبيل العمل عن بعد ،بل قد ال يدخل
العمل في المنزل في إطار قانون العمل من األصل متى كان العامل في منزله يعمل لحساب نفسه،
ورقابة وتوجيه أحد ،ويدخل نشاطه حينئذ ضمن عقد المؤسسة.3 وال يخضع إلشرا
إحداث عقد عمل عن بعد بالمنزل يجب أن يبنى على اتفاق وإرادة حرة بين كل من المستخدم
والعامل ،وتصب تلك الموافقة في قالب تعاقدي يعكس إرادة الطرفين ،بالنسبة للعامل يعد العمل عن
بعد مسألة اختيارية وغير مف روضة من المستخدم وهو ما أكدت عليه الغرفة اإلجتماعية لمحكمة
النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 2أكتوبر ،9 2119حيث اعتبرت أن العامل غير مجبر
على الموافقة على العمل خارج المؤسسة ،وأن أي تعديل لعقد العمل يسمح للعامل اعتباره فسخا
للعقد ،ومن جهة أخرى أكد اإلتفاق األوروبي المتعلق بالعمل عن بعد الصادر في 99جويلية
9
Télétravail est une forme d’organisation de travail que se caractérise par le Fait que le travail est exécute en
dehors des lieux traditionnels de travail : à domicile, sur la route, dans des bureaux satellites, des bureaux
principal dans ses communs partages ça différents endroit, cette façon de travailler est caractérisée également
par le fait que les relations gestionnaire/ employé seront essentiellement par liens électronique. Site :
تاريخ االطالعhttp://www.onlinestrat.fr/usages/travail/teletravail.php 2194 /91/93 :
2حمدي أحمد سعد ،مرجع سابق ،ص .91
3سلسلة دراسات يصدرها مركز االنتاج االعالمي ،جامعة الملك عبد العزيز ،جدة اإلصدار الثاني عشر ،تحت عنوان "العمل عن
بعد" ،ص .91
4عصام األحمر ،الدعوى الشغلية من خالل مجلة الشغل وفقه القضاء ،مركز الدراسات القانونية والقضائية ،المغرب ،طبعة ثانية،
،2111ص .11
3حمدي أحمد سعد ،مرجع سابق ،ص .91
9
Voir: BENALCAZAR (I), op cit, p 64.
941
حماية الحياة الخاصة للعامل
2002أن رفض العامل اإلنخراط في مجال العمل عن بعد ليس بسبب يبرر إنهاء عقد العمل
عمل هذا األخير.9 أو تغيير ظرو
بالرجوع إلى بعض القوانين المقارنة ،نجد أن القانون المدني الفرنسي من خالل المادة
التاسعة اعتبر المنزل عنصرا مهما في حياة العامل الخاصة ،ويحظى بحماية مطلقة ،وهو فعال ما
ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في قرارصادر عن غرفتها اإلجتماعية بتاريخ 92يناير9111
،2العمل عن بعد يفرض إيجاد توازن بين الحياة الشخصية والعملية خاصة أن المنزل يصبح بدوره
مكانا للعمل.
أقر المشرع الجزائري نظاما خاصا للعامل بالمنزل بموجب المرسوم التنفيذي رقم 414/11
المؤرخ في 1ديسمبر 9111الذي جاء في مادته الثانية أنه « يعتبر عامال في المنزل كل عامل
يمارس في منزله نشاطات إنتاج أو سلع أو خدمات أو أشغال لصالح مستخدم واحد أو أكثر مقابل
أجرة .».....
ورقابة وتوجيه يعتبر العمل في المنزل عمال عن بعد في حالة خضوع العامل إلشرا
بصفة مباشرة عن طريق تردد صاحب صاحب العمل الذي يعمل لحسابه ،سواء تم هذه االشر
العمل على المنزل أو بطريقة غير مباشرة 3أي بواسطة وسائل التكنولوجيا الحديثة سواء تمثلت في
األجهزة المعلوماتية أو وسائل االتصال عن بعد.4
- 2- 1العمل في مكتب تابع لمقر العمل األصلي
إن التطور التكنولوجي لوسائل اإلعالم و االتصال مكن من إنشاء مكاتب عمل في أي مكان،
يتميز عن العمل بالمنزل التقليدي الذي ال يتطلب النجازه وسائل االتصال واإلعالم ،وإن إنجاز
العمل خارج مقرات المؤسسة ال ينفي بصفة آلية عالقة التبعية وبالتالي الصبغة الشغلية للعالقة بين
الطرفين.
تأسيسا على ذلك فإنه بمجرد توافر عالقة التبعية بين العامل وصاحب العمل وخضوع العامل
أثناء مباشرة عمله إلدراة ومراقبة مستخ دمه سواء كانت هذه المراقبة مباشرة أو غير مباشرة
تكتسي العالقة بين الطرفين صبغة شغلية دون اعتبار لمكان تنفيذ العمل.3
9
« Le refus d’un travailleur d’opter pour le télétravail n’est pas en soi un motif de résiliation de la relation
d’emploi ni de modification des conditions d’emploi de ce travailleur », BENALCAZAR (I), op cit, p 64.
2
Cass.soc 12 Janv 1999, n° 96-40-755, Bulletin 1999, N° 7 p 4.
3حمدي أحمد سعد ،مرجع سابق ،ص .91
4محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .991
3عصام األحمر ،مرجع سابق ،ص .11 ،11
941
حماية الحياة الخاصة للعامل
قد يتم العمل عن بعد عن طريق إحداث مكاتب فرعية تابعة لمقر العمل الرئيسي ،وبعيدة عنه
جغرافيا ،ويتم االتصال بينهما عن طريق وسائل االتصال الحديثة واالجهزة االلكترونية ،وتكون هذه
المكاتب قريبة من مقر إقامة العامل غالبا ،تتمتع إدارتها بسلطات واسعة ،ويلعب العمل عن بعد
بهذه الصورة دورا بارزا في نجاح الشركات والمؤسسات ذات النشاط الدولي ،أين يكون لألقمار
الصناعية دورفي فعالية االتصال بين المقر الرئيس للشركة وفروعها.9
- 3- 1العمل عن بعد من خالل اإلتصاالت الهاتفية
يتجسد العمل عن بعد من خالل القيام باألعمال وتقديم الخدمات بواسطة االتصاالت الهاتفية
االرضية من خالل تشييد مراكز للعمل مجهزة بوسائل االتصال الحديثة بعيدة عن المؤسسة،
المحمولة والتي يستطيع العامل من خاللها انجاز إعماله ومتابعتها بواسطتها أيا أو بواسطة الهوات
كان مكامه ،كما أدى التطور التكنولوجي إلى توسيع هذه الخدمات عبر االنترنت ،حيث يتم دفع
الفواتير والتسوق ومعرفة أخبار البورصة وإنجاز المعامالت البنكية من خالل المواقع االلكترونية.2
- 4- 1العمل عن بعد المتنقل
يظهر العمل عن بعد المتنقل في أداء العامل للعمل في أي مكان ،وذلك باستعمال الوسائل
اإل كترونية الحديثة ،التي تخول للعامل التواصل المباشر والدائم مع صاحب العمل والعمالء ،وأداء
الكثير من العمال ،وسرعة في إنجاز المهام ،والتنقل المتواصل في أماكن متفرقة.
مدى التدخل في الحياة الخاصة للعامل عن بعد -2
تتعدد مجاالت التدخل في الحياة الخاصة للعامل عن بعد ال سيما في ظل التطور التكنولوجي
الحديث ،مما يفرض تخصيص حماية قانونية لتأمين الحياة الخاصة إزاء نظام المعالجة االلية
للمعطيات ذات الطابع الشخصي ،وأيضا الرقابة التي أضحت افتراضية لصاحب العمل عن طريق
تقنيات حديثة ،إلى جانب السلطة الرقابية لهيئات تفتيش العمل التي تهدد الحياة الخاصة للعامل.
- 1- 2مدى التدخل في الحياة الخاصة من قبل صاحب العمل
إن كان العمل عن بعد يتيح مزايا عديدة للعامل لما يتضمنه من مرونة في تنظيم وقت العمل،
واستقالل العامل في أداء العمل المنوط به ،وتجنب مشقة االنتقال من مكان العمل ،إال أنه يثير في
الوقت ذاته تساؤالت هامة حول ما يمكن أن يلحقه هذا الشكل في أداء العمل من مخاطر بالنسبة
للحياة الخاصة للعامل الذي يمارس عمله خارج مكان العمل ،وبصفة خاصة إذا كان أداء العمل في
931
حماية الحياة الخاصة للعامل
منزل العامل أو محل إقامته ،وأيضا السؤال حول الحدود الفاصلة بين ممارسة صاحب العمل
لسلطته في الرقابة واإلشرا ،واحترام الحياة الخاصة للعامل.
من الناحية القانونية يبقى العامل عن بعد خاضعا لسلطة صاحب العمل في المراقبة والمتابعة،
هذه المراقبة تصبح بال شك أكثر دقة وحساسية ال سيما حين يكون تنفيذ العمل بمسكن العامل ،ليس
فقط ألنها تمارس في هذا المكان الذي يحميه القانون ،9بل وتعد حمايته من قبيل القيم الدستورية،2
ولكن أيضا ألنها تحمل مخاطر التعرض لحياة العامل العائلية والتي تعتبر مظهر من مظاهر الحياة
الخاصة ، 3وهنا يظهر التزام صاحب العمل الذي يسمح أداء العمل في مسكنه بأن يؤمن لهذا األخير
عدم التعرض لحياته العائلية لما له من مساس بحياته الخاصة.4
كما أن المرونة في تنظيم وقت العمل عن بعد تستتبع التقييد في سلطة صاحب العمل في
مراقبة الوقت الذي يقضيه العامل في تنفيذ العمل المنوط به ،فالعامل عن بعد يمكنه مثال أداء العمل
ليال إذا ما قدر له ذلك.
في المقابل فإن صاحب العمل الذي يرغب دائما في التأكد من قيامه بعمله ،ال يمكنه تعكير
صفو حياة عامله ،إذ أن المراقبة المستمرة للنشاط الفردي للعامل عن بعد تعتبر بالنسبة له اعتداء
على حريته في ممارسة مظاهر حياته الخاصة ،وتجاوز لحدود تبعية صاحب العمل التي وإن
ارتضاها فإنها يجب أال تمتد إلى غير االطار المهني.3
لعل من أبرز الصعوبات التي يطرحها مفهوم الحياة الخاصة للعامل ،تلك الصعوبة المتمثلة
في مسألة تمييز األوقات المهنية واألوقات الشخصية ،ال سيما في إطار العمل عن بعد الذي يتمتع
فيه العامل بهامش من الحرية واالستقاللية في تحديد زمان ومكان العمل ،وأيضا صعوبة المراقبة
المستمرة من صاحب العمل على العمل للتأكد من التزامه بأداء العمل في الوقت المحدد له.9
إن استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة في عالم الشغل واكبه ظهور مجموعة من التهديدات
تطال العاملين عن بعد ،بل إن بعد ال ينطوي فقط على مخاطر المساس بحياة العامل الخاصة ،وإنما
يتضمن أيضا إمكانية المساس بالحياة الخاصة للغير ،سواء كان هذا الغيرمن عمال المؤسسة
اآلخرين ،أو زبائن المؤسسة ،سيما فيما يتعلق بالمعلومات الشخصية التي تخص هؤالء والتي يتم
9راجع هذا الموضوع في الفصل األول ،المبحث األول المطلب الثاني ،الفرع الثاني بمناسبة دراسة عناصر الحياة الخاصة المتفق
عليها ،فيما يتعلق بعنصر حرمة المسكن ،ص.22
2المادة 41فقرة 9من الدستور الجزائري لسنة .9119
3عصام البهجي ،مرجع سابق ،ص ،244محمود عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .919
4محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .923
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .49
9حمدي أحمد سعد ،مرجع سابق ،ص .19
939
حماية الحياة الخاصة للعامل
التعامل معها بمعرفة العامل عن بعد ،فصاحب العمل عليه التزام بحماية المعلومات الشخصية
لزبائنه وأيضا لعماله.9
عموما يبقى مجال تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعمال متعددان رغم أن جمع
ومعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي محاط بتتظيم تشريعي ،إذ أن االستعمال التعسفي لهذه
مستخدمه في إطار المعطيات يبقى وارداً في ظل استحالة مراقبة العامل بشكل مباشر من طر
العمل عن بعد ،مما زاد من هامش تدخل المستخدم في الحياة الخاصة عن طريق وسائل تكنولوجية
متطورة أضحت تزعج وتضايق العمال لما تقوم به من مراقبة مستمرة لجميع تصرفاتهم.
- 2- 2مدى التدخل في الحياة الخاصة للعامل من قبل مفتش العمل
تتمتع الجهة اإل دارية المختصة بشؤون العمال ،وبصفة خاصة تفتيش العمل في القانون
الفرنسي بسلطات واسعة ،إذ تعتبر من المهام الرئيسية لمفتشي العمل هي متابعة احترام تشريع
العمل ،ومالحظة ما يقع من مخالفات له ،باإلضافة إلى التوفيق وتسوية منازعات العمل.
لجهة 2
بمقتضى الحق في الزيارة ألماكن العمل الذي تخوله المادة L611-8من ق.ع.
تفتيش العمل ،يكون لمفتش العمل الحق في دخول كافة المؤسسات الخاضعة لمراقبته لمباشرة مهام
وظيفته ،ممارسة مفتش العمل لمهامه ال يلزمه شروط خاصة ،وله الحق في القيام بدون إخطار
مسبق لصاحب العمل.
يثار اإل شكال حول ما إذا كان قيام مفتش العمل بمهمته في المراقبة يمثل مساسا بالحق في
الحياة الخاصة للعامل عن بعد في الفرض الخاص بقيامه بالعمل في مسكنه ،يالحظ في هذا الصدد
أنه وفقا لنص المادة L611-8من قانون العمل الفرنسي ،في حالة ما إذا كان العمل يتم من خالل
مكان مختلط أي مكان هو في ذات الوقت مكان سكن للعامل وموطنا له ،ال يجوز لمفتش العمل
دخول هذا المكان إال بترخيص من شاغله.
وفقا للفقه الفرنسي فإن المسكن بهذا المعنى ال يقتصر على ما يعد موطنا رئيسيا للعامل ،وإنما
يشكل موطنه الثانوي وكذلك كل ما يسكنه ،3على هذا النحو فإن حماية الحياة الخاصة للعامل عن
بعد تمتد في مواجهة مفت ش العمل لتشمل كل مكان يقيم فيه العامل ويؤدي من خالله العمل المنوط
9
محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .923
2
Art L611-8 du C.civ.fr : "Toutefois, lorsque les travaux sont exécutés dans des locaux habités, les
inspecteurs ne peuvent y pénétrer qu'après avoir reçu l'autorisation des personnes qui les occupent".
3
KAYSER (p), La protection de la vie privée par le droit. Protection du secret de la vie privée, op.cit, p 218.
932
حماية الحياة الخاصة للعامل
به ،باعتباره من عناصر حياته الخاصة ،وفي ذلك بال شك إعالء لقيمة الحياة الخاصة على ما
عداها من قيم أو مصالح أخرى متعارضة.
أما على مستوى التشريع الجزائري نالحظ أن نصوص قانون العمل التي تناولت مسألة
إلى مكان العمل تفتيش أماكن العمل لم تلحظ الفرضية التي نحن بصدد بحثها ،وإنما تنصر
بمفهومه التقليدي ،حيث نجد نص المادة 3من قانون 13/11المتعلق بمفتشية العمل على أنه
يمارس تفتيش العمل في أي مكان عمل يشتغل فيه عمال أجراء أو متمهنون من الجنسين".9
في هذا اإلطار يمكن لمفتش العمل دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها للتحقق من تطبيق
أحكام قانون العمل والقرارات المنفذة له ،2على الرغم من ذلك فإن الحل الذي كرسه المشرع
الفرنسي بنص المادة L611-8من قانون العمل يصلح تماما للقول في ظل القانون الجزائري ،وذلك
القيم الدستورية ،وعليه في الحالة التي يكون لم ا للمسكن من حرمة ارتقى بها المشرع إلى مصا
فيها مكان سكن العامل هو في ذات الوقت مكان أداء العمل المنوط به ال يجوز لمفتش العمل دخوله
بغير إذن شاغله.3
- 3حماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد
إن تنظيم استعمال وسائل االتصال الحديثة بالنسبة للمؤسسة يبقى أمرا ضروريا ويجب األخذ
تطور نتيجة التأثير بعين االعتبار احترام الحياة الخاصة للعامل عن بعد ،هذا المفهوم الذي عر
الكبير الذي أحدثته الثورة المعلوماتية على حقوق وحريات األفراد ،إذ سهلت هذه التكنولوجيا
اختراق الحق في الحياة الخاصة.4
إن امتداد قواعد الحماية الموضوعة أصال من شأن حماية العمال أثناء أدائهم لعملهم داخل
أماكن العمل ومواقعها المختلفة إلى العامل عن بعد وبخاصة فرض أداء العامل من خالل منزل
العامل يؤدي إلى إثارة بعض إشكاليات العملية ،نظرا للتداخل مابين األوقات الشخصية و المهنية
في إطار العمل عن بعد.3
9القانون رقم 13/11المؤرخ في 9111/12/19المتعلق بمفتسية العمل ،ج.ر عدد 9لتاريخ ،9111/12/11ص .231
2تنص المادة 233من قانون العمل المصري على أنه ":يحمل العامل الذي له صفة الضبطية القضائية بطاقة تثبت هذه الصفة وله
الحق في دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها للتحقق من تطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له ،وفحص الدفاتر واألوراق
المتعلقة بذلك ،وطلب المستندات والبيانات الالزمة من أصحاب العمال أو من ينوب عنهم ، ،وطلب المستندات والبيانات الالزمة
من لصحاب األعمال أو من ينوب عنهم ،ويحدد الوزير ال مختص بقرار منه قواعد التكليف بتفتيش أماكن العمل ليال وفي غير
أو قات العمل الرسمية للقائمين به والمكافآت التي تستحق لهم".
3محمد حسن قاسم ،المرجع السابق ،ص.923
4يونس تلمساني ،الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي في القانون المغربي والمقارن ،رسالة ماستر تخصصص علوم
جنائية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الجامعية ،2111-2111ص .39
3
Voir : - "Etat des lieux des pratiques de négociation sur le télétravail dans les entreprises en France
"Document très intéressant de l'ORSE (Observatoire sur la Responsabilité Sociétale des entreprises) – 2011.
تاريخ االطالع(Disponible sur le site : http://www.orse.org/).2194/92/99 :
933
حماية الحياة الخاصة للعامل
إن صاحب العمل الذي يرغب في مراقبة العمل الفعلي ،الذي يقضيه العامل في أداء مهامه
وفق ما تم االتفاق عليه من صاحب العمل يبدو ذلك غير واقعي ،فعلى سبيل المثال فإنه فيما يتعلق
بمراقبة ساعات العمل التي يقطعها العامل عن بعد في أداء مهامه من خالل اإلتصاالت التيليفونية
أوإرساالت الفاكس خالل اليوم للتأكد من مواظبة العامل على أداء عمله ،أو من خالل االتفاق على
ساعات عمل يجب على العامل خاللها االستجابة الفورية والمباشرة التصاالت صاحب العمل ،ال
شك أن صاحب العمل في كل تلك الممارسات إنما يمس بالحياة الخاصة للعامل عن بعد ،وذلك
بالنظر إلى المكان الذي يباشر فيه العامل عمله ،أال وهو منزله المكان المخصص بحسب األصل
للراحة والهدوء.
إن حماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد في ظل تداخل األوقات المهنية والشخصية وصعوبة
التمييز بينهما ،يس تدعي وضع تنظيم خاص لمراقبة الوقت الذي يؤديه العامل عن بعد في تنفيذ
به ،تنظيم يعتمد أساس على مراعاة خصوصية العمل عن بعد ،على أن يترك للعامل العمل المكل
الحد األقصى من الحرية في تنظيم ساعات العمل ،لتفادي االتصاالت المتكررة التي تعكر صفو
الحياة الشخصية والعائلية للعامل بمحل إقامته أو سكنه.9
ووتوجيه ومراقبة صاحب العمل ال يعني تفرغ كما أن خضوع العامل عن بعد إلشرا
العامل لخدمة صاحب العمل وإنجاز أعماله ،أو استئثار صاحب العمل بكل جهود العامل ونشاطاته،
فليس ثمة ما يمنع قيام العامل بعمله لدى صاحب عمل لبعض الوقت ،وتمنعه من القيام بما يشاء من
أعمال في الوقات األخرى دون أن يؤثر ذلك على قيام عقد العمل بينه وبين صاحب العمل مادام
يخضع لصاحب العمل وينفذ أومره وتوجيهاته.2
غير أن التقدم التكنولوجي في مجال المعلوماتية وما أفرزه من برامج وتجهيزات معلوماتية
تزود بها المؤسسات المستخدمة ، 3أصبح من الممكن أن تكون مراقبة أداء العامل عن بعد على نحو
دائم ،حيث تمكن من خالل هذه البرامج معرفة مدة العمل الحقيقية ،وكذلك أوقات الراحة من خالل
انقطاع االتصال االلكتروني المركزي.
- Rapport rédigé par Telecom ParisTech qui a assuré la direction scientifique de l'étude – Résultats
préliminaires de l'étude WITE 2.0 qualitative réalisée par entretiens semi-directifs-2011- (disponible sur le
site :
http://www.telecentres.fr/wpcontent/uploads/2011/10/Rapport-etude-qualitative-WITE20-oct-2011.pdf) .
تاريخ االطالع2194/92/99 :
- "Les conditions de réussite du télétravail " -Yves Lasfargue et Sylvie Fauconnier– Greenworking – 2012,
Ce rapport présente les résultats de l'enquête OBERGO 2011/2012 sur les conditions de vie au travail et hors
travail des télétravailleuses et télétravailleurs.
9محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص.923
2محمد لبيب شنب ،مرجع سابق ،ص ،33حسام الدين كامل االهواني ،مرجع سابق ،ص .929
3يونس تلمساني ،مرجع سابق ،ص .32
934
حماية الحياة الخاصة للعامل
مع ذلك يمكن أن تشكل هذه الرقابة اعتداء على الحياة الخاصة للعامل ،9وذلك ألن الرقابة عن
بعد من خالل االجهزة المعلوماتية المركزية للمؤسسة تجعل أداء العامل بكامل مراحله خاضعا
لرقابة دائمة وتامة من قبل صاحب العمل مما يؤدي إلى المساس بحرية الفردية للعامل في ممارسة
حياته الخاصة.2
وتوجيه على العامل ،تقتصر ممارسة صاحب العمل لسلطته في التبعية من مراقبة وإشرا
فقط على األمور المتعلقة بالعمل من حيث كيفية إتمامه ومكان القيام به وزمانه ،3من تم ال يجوز أن
تمتد هذه السلطة للحد من حرية العامل الشخصية ،أو التأثير على حياته الخاصة والعائلية ،وخاصة
في ظل استعمال وسائل االتصال في ممارسة هذه السلطة التي تطورت كثيرا تطور كبيرا مما قد
يساعد صاحب العمل في المبالغة في استعمالها.
إذن العمل عن بعد ال يعني منع صاحب العمل من مراقبة أداء العامل لديه وإن كان يؤدي
عمله في مكان إقامته ،كالعمل في منزله أو مكتبه أو المقر الخاص به ،فلصاحب العمل المشروع
في مراقبة العامل وتوجيهه والـتأكد من حسن تنفيذه لعمله وفق ما يصدر له من تعليمات وال يكفي
على إنتاج العامل والتحقق من مطابقته للمواصفات المطلوبة بعد إتمامه ،وبل ال مجرد االشرا
يجب أن يتعدى ذلك التدخل في األمور الشخصية للعامل.4
ثانيا :حماية الحياة الخاصة للعامل في إطار الجهوزية عن بعد
بين الوقت الذي يقضيه العامل داخل مكان العمل وذلك المخصص لحياته الخاصة الشخصية
والعائلية توجد مساحة زمنية يكون فيها وقت العامل من وقت ثالث ( ،3)tiers tempsحيث يكون
صاحب العمل انتظار لطلب تدخله من قبل هذا األخير ،دون أن يكون العامل أحيانا تحت تصر
مطلوب منه خالل هذا الوقت القيام بمهمة محددة ،9هذه إذن وقت انتظار وجهوزية للتدخل.
الجهوزية عن بعد على أنها اتفق كل من التشريع 1والقضاء 1والفقه الفرنسي 1على تعري
الدائم والفوري لصاحب العمل ،مضطرا للمكوث تلك الفترة التي يكون فيها العامل تحت التصر
933
حماية الحياة الخاصة للعامل
في المنزل أو مكان قريب ،من أجل أن يكون قادرا على التدخل ألداء العمل في خدمة المؤسسة،
ويدخل قانون العمل الفرنسي فترة الجهوزية عن بعد ضمن وقت العمل الفعلي.9
اعتبر القضاء الفرنسي أن االستعداد المحلي بالقرب من مكان العمل يستخدم من قبل العاملين
تحديد أحكام فترة الجهوزية عن بعد ،3فيما حدد الدائمين ،2وقد تولت المادة L3121-6من ق.ع.
االجتهاد القضائي قائمة األعمال التي تتطلب فترة الجهوزية عن بعد ،4واالشكال المطروح هل
صاحب العمل ،أم أنها وقت راحة يعود للعامل يخضع العامل خالل هذه الفترة إلى مراقبة واشرا
فيه.3 حرية التصر
صور التدخل في الحياة الخاصة للعامل أثناء فترة الجهوزية للعمل -1
إن فترة الجهوزية عن بعد هي بحسب األصل فترة انتظار ،أو جهوزية للتدخل ،يقضيها
العامل سواء في مسكنه ،أو في مكان العمل ،ويكون من خاللها ورغم أنه ال يمارس أداءا مهنيا
معينا ،مستعدا للتدخل بناءا على طلب صاحب العمل للقيام بأداء عمل لصالح المؤسسة التي يعمل
به ،9وذهب الى اعتبارها على أنها فترة مداومة على العمل ،1ألن فترة الحضور أو االحتياط تكون
خارج مكان العمل في حين أن المداومة في الع مل تتطلب بقاء العامل داخل مكان العمل لتلبية
االحتياجات المحتملة للمؤسسة.1
يعتبر وقت االنتظار والترقب من قبل العامل ممارسة دائمة في عالقات العمل ،اذ يعتبر وقت
عمل فعلي ،وأنها ملزم للعامل سواء تم النص عليها في عقد العمل أو االتفاقية الجماعية للعمل،1
ح يث يمكن مثال أن يطلب صاحب العمل من العامل البقاء على اتصال عن طريق البريد االلكتروني
9
Art L3121-5: «….La durée de cette intervention est considérée comme un temps de travail effecti«.
2
Cour de cassation, civile, Chambre sociale, 2 avril 2014, N°12-27.482, Inédit
3
Arti L3121-6 C.civ.fr : « Exception faite de la durée d'intervention, la période d'astreinte est prise en
compte pour le calcul de la durée minimale de repos quotidien prévue à l'article L. 3131-1 et des durées de
; repos hebdomadaire prévues aux articles L. 3132-2 et L. 3164-23 » (Cass. soc., 24 oct. 2009, no 08-40.350
Cass. soc., 30 juin 2010, no 09-40.082 ; Cass. soc., 5 avr. 2012, no 11-11.283).Les juges doivent donc
vérifier si les salariés peuvent réellement vaquer à leurs occupations personnelles.
4
Un arrêt de la cour de cassation du 9/11/2010 pourvoi N°08-40535.
3
J-E.RAY, op.cit, p 251 et s, Acar (B) et Bélier (G), Astreintes et temps de travail, Dr.Soc,
France,1995, p 502.
9محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .939
1
; Waquet (P), En marge de la loi Aubry : travail effectif et vie personnelle du salarié, Dr. soc. 1998, p.969
Acar (B) et Bélier (G), loc.cit, p.504.
1
Chauvy (Y), Astreintes et temps de travail, RJS 1998, p.5.
1
Cass. Soc., 16 décembre 1998, cela concerne le salarié ayant été embauché après la signature de l’accord
collectif et dont il a pris connaissance à l’embauche.
939
حماية الحياة الخاصة للعامل
خالل عطلة نهاية األسبوع ،9مع مالحظة أن مع مظاهر التكنولوجيا الحديثة وانتشار استخدامها
تزايد خضوع العامل للمقتضيات المهنية خارج ساعات العمل المعتادة.2
الشك أن التطور التكنولوجي وما أفرزه من وسائل االتصال عن بعد أدى إلى تدعيم هذا
الترقب من قبل العمل ،أو جهوزيته للتدخل بناءا على أمر يتلقاه من صاحب العمل ،فالعامل
الخاضع لفترة االنتظار أو الترقب يبقى على اتصال دائم بالمؤسسة التي يعمل بها ،ويمكن اللحاق
به على وجه السرعة في أي مكان كان ،عندما يتطلب األمر استدعائه من قبل صاحب العمل لتلبية
حاجات العمل ،سواء كان ذلك جهاو إرسال إشارات مكتوبة أو مسموعة.3
تعتبر هذة الفترة تعدي على حق العامل في الراحة التي تشكل عنصرا هاما من عناصر الحياة
الخاصة ،وتأثير على صحته مما تسببه من له من ضغوط نفسية ،ذلك أن العامل حين يسعى إلى
قضاء أوقات راحته إنما يريد البحث عن الخلوة والهدوء ليزيل عنه أعباء العمل ويريح أعصابه
ويستعيد حيويته ،4وليجدد نشاطه لمواجهة أعباء العمل من جديد ،3خاصة أن وقت الراحة ضروري
للمارسة الحياة الخاصة والعائلية ،مما يترتب عليه تدخل الحياة المهنية في الحياة الخاصة ،ال سيما
وأن قوانين تتطلب الحد االدنى من فترة الراحة.
حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء فترة الجهوزية للعمل -2
لم ينظم المشرع الفرنسي شأنه شأن المشرع الجزائري قواعد خاصة لحماية العامل أثناء فترة
الجهوزية للعمل ،سيما أن فترة اإلنتظار والتقرب من قبل العامل قد تكون عرضة لنتهاك حرمة
الحياة الخاصة له ،فإذا كانت استجابة العامل لطلب صاحب العمل تنفيذا إللتزام الجهوزية الواقع
على عاتقه يعد تدخال في حياته الخاصة فماهي الحماية المقرر الحترام حياته الخاصة.
الواقع أن القضاء الفرنسي تعرض لهذه المسألة في عدة قضايا ،من بينها حكم لمحكمة النقض
الفرنسية صادر عن غرفتها االجتماعية بتاريخ 21نوفمبر 9 9119بشأن قيام صاحب العمل بفصل
مهندس أنظمة معلوماتية يعمل لديه بسبب رفضه التوجه إلى مكان العمل يوم السبت بتشغيل نظام
معلوماتي من خالل تركيب مجموع معلوماتي استخدمه حديثا صاحب العمل ،وذلك على الرغم من
إخطار المهندس بهذه المهمة قبل عدة أشهر من تاريخ استدعائه.
9
AMEGEE(M), Le contrat de travail à l’épreuve des NTIC : Le temps effectif du travail et le lien de
subordination sont-ils remis en cause, Doctorant en droit des Nouvelles Technologies à l’Université Paris X,
2002, p 21.
2محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .939
3
J- E.RAY, Nouvelles technologies et nouvelles formes de subordinations, Dr. Soc, 1992, p 529.
4كريم مزعل شبي الساعدي ،مرجع سابق ،ص .13
3عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .241
9
Cass.Soc, 27/11/1991, D.1992, J.P, 1996, Note Y.Picod, bulletin d’information de la cour de cassayion, 1
février 1992,p 33, obs, Y.Chauvy.
931
حماية الحياة الخاصة للعامل
في هذه القضية وأمام محكمة الموضوع تمسك العامل للقول بعدم مشروعية قرار فصله ألنه
في وقته ،وأن ذلك يعود خارج ساعات العمل المتفق عليها تكون له الحرية الكاملة في التصر
إلى حياته الخاصة التي ال يجوز لصاحب العمل المساس بها ،ولتبرير رفضه االستجابة لطلب
صاحب العمل في هذا اليوم استند العامل أيضا إلى أنه كان يتعين عليه البقاء بمنزله لرعاية طفلته
والتي كانت تعاني بشدة من المرض ،رفضت محكمة النقض الطعن المقدم من العامل ،وأيدت قرار
الفصل قائلة أن « طلب صاحب العمل والذي يدخل ضمن التزامات العامل المهنية ،ال يشكل اعتداء
على الحياة الخاصة للعامل».9
اعتبرت المحكمة أن استدعاء العامل إلى مكان العامل خارج ساعات العمل المعتادة ،بينما قد
أخب ر بإمكانية ذلك قبل مدة كافية ،يرتبط بالضرورة بالتزاماته المهنية ،وكذلك بواجب اإلخالص
والتعاون الذي يلتزم به تجاه صاحب العمل ،ومع ذلك فإن المحكمة أثارت في ذات الوقت التساؤل
عن كيفية التوفيق بين هذا التزام وحق العامل في احترام حياته العائلية باعتبراها مظهر من مظاهر
حياته الخاصة.
الفقه الفرنسي 2فإنه ذهب إلى اعتبار أن رفض الغرفة االجتماعية لمحكمة أما عن موق
النقض للطعن أمر مثر للجدل في ظل اتجاه تشريعي وقضائي يكرس حماية الحياة الخاصة للعامل،
وأن قضاء المحكمة كرس التزاما للجهوزية المرتبط بالتزام حسن النية في تنفيذ العمل ،على حساب
الحياة العائلية المتمثل في المشاكل الصحية لطفلة العامل.
في حين رفض القضاء الفرنسي في بعض القضايا النظر الى فترة الجهوزية عن بعد على
أساس أنها وقت عمل فعلي في حالة ما منعته من ممارسة شؤونه الشخصية 3في قرار آخر للقضاء
الفرنسي بشأن رفض سائق الحافلة القيام بعمل إضافي بعد ظهر يوم السبت أي يوم عطلته ال يعتبر
خطأ جسيما من جانبه ،وال يشكل شببا حقيقيا وجديا يبرر قرار فصله ،أو يجعله مشروعا سيما وان
استدعاء العامل للقيام بهذا العمل كان قد تم في ذات اليوم.4
القضاء الفرنسي حاول التوصل إلى تحقيق التوازن بين حق العامل في احترام حياته الخاصة
من ناحية ،ومتطلبات العمل ومصالح صاحب العمل من ناحية أخرى ،حيث حرص القضاء على
التأكيد على تحديد ساعات االنتظاروالترقب ،أو جهوزية العامل للتدخل بناءا على طلب صاحب
9
Cass.Soc, 27/11/1991, D.1992 :« Que la demande de l’employeur, qui entrait dans le cadre des obligation
professionnelles de ce salarié, ne portrait pas atteinte à la vie privée de celuici ».
2
Y.Picod, Le devoir de loyauté dans l’exécution du contrat, LGDJ, 1989, p 98.
3
Barthélemy J, « Temps de travail et temps de repos, l’apport du droit communautaire », Droit Social,
janvier 2001, P.634
4
Paris, 24/06/1983, Droit ouvrir, 1983, p 423, Note M.B.
931
حماية الحياة الخاصة للعامل
العمل بمقتضى عقد العمل المبرم بين الطرفين مع تحديد األجر الذي يستحقه العامل خالل فترة
تدخله لتنفيذ االلتزام بالجهوزية ،مع ضرورة مراعاة الشروط القانونية والتعاقدية المنظمة لساعات
العمل الفعلي.9
المطلب الثاني
ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل
إن إبرام عقد العمل بين طرفي عقد العمل ينشىء االطار المهني للعامل ،وفيه يسمح لصاحب
العمل بصفته مسؤوال عن سير العمل في المؤسسة والعاملين فيها أداء دور محدد إعماال لمقتضيات
التبعية ،2أما خارج االطار المهني حيث ينتهي التزام العامل بمفرداته زمانيا ومكانيا ومن حيث
األداء المطلوب منه ،فإنه يسترد كامل حريته في ممارسة مفردات حياته المختلفة ،وأي تجاوز من
جانب صاحب العمل يعتبر تدخال في الحياة الخاصة للعامل.
تسوجب حماية الحياة الخاصة للعامل وضع حدود للتداخل بين اإلطار المهني القائم كنتيجة
إلبرام عقد العمل وبين اإلطار غير المهني ،والذي يعد بمثابة حياة خاصة تحظى بالحماية ضد كل
اقتراب أو مساس بها من جانب صاحب العمل.3
لعل من أهم الضمانات التي تؤكد حق العامل في حياته الخاصة هو مبدأ استقالل الحياة
الخاصة عن الحياة المهنية ( الفرع األول) ،إال أن هذا المبدأ ترد عليه بعض االستثناءات التي تشكل
قيد على ممارسة العامل لحياته الخاصة خارج مكان العمل (الفرع الثاني).
الفرع األول
استقالل الحياة الخاصة للعامل عن حياته المهنية
إن الفصل الكامل بين االطار المهني للعامل واالطار غير المهني مرتبط إالتباطا وثيقا بعقد
العمل المبرم بينه وبين العامل ،حيث تستقل الحياة الخاصة للعامل تماما عن التعهدات التي التزم بها
والمراقبة والتوجيه المترتبة العامل بموجب العقد ،إذ تختفي التبعية وداللتها من سلطة اإلشرا
عليها ويتحرر العامل من االلتزام بالخضوع لمقتضياتها النتفاء علتها. 4
9
L’arrêt SIMAP rendu le 3 octobre 2000 par la CJCE a clarifié la distinction et le régime juridique de
l’astreinte et de l’équivalence, En savoir plus sur http://www.village-justice.com/articles/Reflexions-autour-
.تاريخ االطالعnotion-temps2194/92/29 :
2
DESPAX, La vie extra-professsionnelle du salarié et son incidence sur le contrat du travail, J.C.P, 1963,
Doc,France, p767.
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .11
4
SAVATIER )J(, La protection de la vie privée des salariés, op, cit, p 329.
931
حماية الحياة الخاصة للعامل
أثناء تنفيد عقد العمل يكون مقبوال تدخل صاحب ال عمل في حياة العامل المهنية ،وهو تدخل
ارتضاه بقبوله التعاقد وإعماال الثاره من االلتزام بتعهدات محددة تؤدي إلى إحداث أثر قانوني ،أما
وأنشطة وسلوكيات عديدة ومتنوعة خارج االطار غير المهني ،فإن الدائرة تتسع لتحتمل مواق
يصعب حصرها ،9بشأنها يسترجع العامل كامل حريته في التعامل معها على النحو الذي يعكس
شخصيته هو ال شخصية صاحب العمل ،وبالتالي ينحصر دور األخير تماما عن هذه المنطقة،2
وتأكيدا لهذا الحق ظهر مبدأ عدم تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل في أحكام القضاء
الفرنسي للتبناه فيما بعد النصوص التشريعة.
القضاء بمبدأ عدم تدخل صاحب العمل فى الحياة الخاصة للعامل أوال :اعترا
في البداية من خالل أحكام القضاء التي ظلت لوقت طويل تنسج خيوط جاء هذا االعترا
آخر هذا المبدأ ،حيث ظهر نوع من الرفض لوصاية صاحب العمل على عماله ،وظهر موق
بمناسبة فرض شرط العزوبية ضمن عالقات العمل ،ليقر أن قدرة صاحب العمل تنحصر تماما
بحسب األصل إعماال لمبدأ الفصل الكامل بين الحياة المهنية والحياة الخاصة للعامل.
- 1مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة بسبب الوضع العائلي
رفض القضاء الفرنسي التدخل في حياة العامل غير المهنية من جانب صاحب العمل الذي
يسعى إلى مد مظلة التبعية إلى غير مجالها األساسي والحيوي ،3فقد اختلطت سلطة صاحب العمل
لوقت طويل بسلطة العامل تجاه عائلته 4بسبب األخذ بفكرة مفادها أن الشكل العائلي يمثل نموذج
تنظيم عالقات العمل بين صاحب العمل وعماله ،3فقد تضمنت بعض اللوائح القديمة المنظمة للعمل
امتداد سلطات صاحب العمل إلى الحياة الخاصة لعماله.
يرجع مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة للعامل من خالل رفض وصاية صاحب العمل
على عماله خارج الحياة المهنية سيما في حياتهم الخاصة إلى حكم محكمة النقض الفرنسية في 11
جويلية ،9 9191عندما أكدت على الطابع التعسفي للتسريح الذي قام به صاحب العمل ضد أحد
عماله ،عقب حدوث مشاكل عائلية بينهما ،حيث كان العامل ( ) Rene TISSOTيعمل سائقا ألحدى
السيارات وتم تسريحه بسبب عدم اللياقة ،وكان صاحب العمل ( )Cyprien TISSOTهو والد
العامل ،إذ طلب من ابنه أن ينفصل عن زوجته وبكنه رفض ،ولم ينسب إلى العامل أي خطأ آخر
991
حماية الحياة الخاصة للعامل
مهني ،حيث جاء في حكم المحكمة أن التسريح أن اإلجراء محل النزاع "لم يكن مبررا ال من
الناحية المهنية وال من الناحية العائلية" ،9وخلصت أخيرا إلى إدانة سلوك صاحب العمل الذي أحل
السلطة األبوية محل سلطته المهنية ،وقيامه بالضغط على العامل للتدخل في شؤونه الخاصة.
تجدر االشارة أن الربط بين سلطة المستخدم وسلطة رب العائلة خالل تلك الحقبة الزمنية كان
يؤدي إلى حال من التبعية المستمرة ،ألن المستخدم كان يتخذ صفة رب أسرة ويهتم بتقديم كل ما
هو ضروري لعماله ،هذا ما دفع بالقضاء إلى التركيز على وجوب الفصل بين الحياة المهنية التي
يكون للمستخدم حق التدخل فيها دون غيرها وبين الحياة العائلية الخاصة بالعامل.2
-2مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة بسبب شرط العزوبية
القضاء المنشيء لمبدأ عدم تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل مرة تأكد موق
أخرة بمناسبة فرض شرط العزوبية على المضيفات الجوية في النظام الداخلي ،حيث قامت شركة
الطيران الخطوط الجوية الفرنسية AIR Franceبفسخ عقد عمل إحدى العامالت لديها تدعى
( )Anne-Marie DOMERGUEالتي كانت تعمل كمضيفة عقب زواجها خرقا للنظام الداخلي لهذه
المؤسسة التي تشغل المضيفات الجويات من بين العازبات واألرامل والمطلقا ،وتقرر فسخ عقد
العمل عند كل زواج تبرمه تلك المضيفات أثناء ارتباطهن معها بعقد عمل.
حيث أنه في تلك الفترة لم يكن هناك تحديد قانوني لمضمون النظام الداخلي ،إذ كان يخضع
لتقدير صاحب العم ل دون أن يخضع هذا األخير إلى أية رقابة من الناحية العملية ،فرفعت هذه
العاملة دعواها إلى القضاء للمطالبة بالتعويض عن اإلنهاء التعسفي لعقد العمل ،في حين دفعت
شركة الطيران بأن عمل المضيفة يتعارض مع زواجها والحياة العائلية العادية ،وأصدرت بشأنها
محكمة الدرجة األلى بالسين " "La seineحكما بتاريخ 93جوان 9199رفض طلب المضيفة
باريس في قرارها الصادر بتاريخ 31أبريل المفصولة من العمل ،غير أن محكمة استئنا
9193ألغت حكم أول درجة على أساس أن الحق في الزواج إنما هو حق شخصي ال يمكن الحد منه
أو التنازل عنه.3
وعليه تم اعتبار الحق في الزواج حقا شخصيا من النظام العام ال يمكن تقييده أو الحد منه،
حيث أن في مجال العالقات التعاقدية يجب أن تكون حرية الزواج محمية من حيث المبدأ ،وأنه في
9
» Cass. Soc., 08 juillet 1960 :« N’était justifiée ni du point de vue professionnel, ni du point de vue familial
2
DESPAX )M( , op.cit, p178.
3
Le droit au mariage des hôtesses de l’air, Arrêt de la cour de paris du 30 avril 1963, 1ere chambre, note par
Jean MOROLLET, Dr.Soc, N°8, Septembre 1963, p 484
999
حماية الحياة الخاصة للعامل
غير األسباب الضرورية فإن شرط عدم الزواج يجب اعتباره باطال لمساسه بحق أساسي من حقوق
الشخصية 9وانتهاكه لحرمة الحياة الخاصة لعامل ،وبهذا ظهر مبدأ استقالل الحياة الخاصة عن
الحياة المهنية في أحكام القضاء تبعه بعد ذلك تأكيد المشرع على هذا المبدأ.
التشريع مبدأ عدم تدخل صاحب العمل فى الحياة الخاصة للعامل ثانيا :اعترا
تعد ممارسة الحقوق والحريات خارج العمل محل تنظيم في القانون المدني والقانون العام
هذا األخير بتلك الحقوق داخل المؤسسة ،ويعمل على عدم وليس في قانون العمل ،ومع هذا يعتر
امتداد سلطة صاحب العمل نحو الحياة الخاصة للعامل بعدم التدخل في الحياة الخاصة من خالل
مبدأ عدم تدخل المستخدم فيها ،وهذا المبدأ يقتضي ضرورة أن يوجد حاجز منيع بين الحياة المهنية
وبين الحياة غير المهنية للعامل ،2وهو مبدأ أقره القضاء وتأكد بنصوص التشريع في فرنسا.3
- 1مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب التمييز بين العمال
ظهر مبدأ الفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية في أحكام القضاء ،ليأتي التشريع فيما بعد
ويقر هذا الفصل بنصوص تشريعية ،بل وأكد على عدم شرعية الجزاءات التي يوقعها صاحب
العمل على العامل في مثل هذه األحوال ،وذلك من خالل المادة 11من القانون المدني الفرنسي
التي نصت على أنه "لكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة" ،وتشير هذه المادة إلى ضمان
سرية الحياة الخاصة ،وكذا ضمان حرية الحياة الخاصة.
اتخذت الحماية التشريعية للحياة الخاصة للعامل أساسها على مبدأ عدم التمييز وهو مبدأ
يحظر على صاحب العمل أن يتبنى سلوكا سلبيا في مواجهة العامل بسبب يرجع لوضعه العائلي،4
كما قضت محكمة النقض الفرنسية طبقا للمادة 11من القانون المدني الفرنسي أن "لكل شخص
الحق في احترام حياته الخاصة وبالتلي ال يمكن تسريح العامل لسبب يتعلق بحياته الخاصة.3
الفرنسية شامبيري في حكمها الصادر في 29ماي 9119اعتبرت كما أن محكمة االستئنا
أن تسريح العامل على أساس النسب تسريح تعسفي 9مستندة في ذلك على نص المادة 11من
القانون المدني الفرنسي.
9
Le droit au mariage des hôtesses de l’air, Op. cit, p 482.
2
DESPAX )M( , op.cit, p178, «Qu’il doit exister une cloison etanche etre la vie professionnelle et la vie
extra profissionnelle du salarié ».
3صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .994
4
SAVATIER )J(, La liberté dans le travail, op.cit, p 51.
3
« Selon l'article 9 du Code civil, chacun a droit au respect de sa vie privée ; il en résulte qu'il ne peut être
procédé à un licenciement pour une cause tirée de la vie privée d'un salarié», Cass.Soc, 22 janv 1992, n° 90-
42517, Bull 1992 V N° 30 du 14 mars 1990, p18.
9
CA Chambéry 21 mai 1996, Dr. ouvrier 1996, p. 415, obs. P. DARVES BORNOZ.
992
حماية الحياة الخاصة للعامل
يحظر قانون العمل الفرنسي بموجب المادة L122-35منه صراحة على صاحب العمل أن
يدرج في النظام الداخلي للمؤسسة نصوصا تضر بالعمال في عملهم بسبب جنسهم أو عاداتهم
أوحالتهم االجتماعية...الخ.
تطبيقا لنص هذه المادة قضت محكة النقض الفرنسية في الحم الصادر في 91أبريل 9119
بعدم شرعية تسريح عامل لسبب يرجع إلى عاداته ،9وقد طبق هذا المبدأ أيضا بمناسبة فصل أحد
مبادىء الكنيسة الكاتوليكية ،فقضت محكمة العمال في جمعية كاتوليكية بحجة أن عاداته تخال
باريس بأن العامل ليس له صلة مباشرة برواد الجمعية ولم يمارس علهم تأثيرا يذكر بمناسبة أداء
عمله ،وعلى هذا األساس يصبح الفصل خاليا من السبب الحقيقي والجدي ويحق للعامل الحصول
على تعويضات نتيجة هذا الفصل التعسفي.2
كما تنص المادة L122-45على أنه « ال يمكن فصل العامل أو عقابه بسبب أصله أو جنسه
أو عاداته أو حالته االجتماعية...وكل إجراء يتم بناءا على ذلك يعد باطال» ،تطبيقا لهذه المادة
توسعت محكمة النقض في تحديد المفهوم العائلي فجعلته يشمل كل مظاهر الحياة العائلية سواء تعلق
بأسرة شرعية أو طبيعية أو بعالقة غير مشروعة أو بعالقة زواج عموما 3أو عالقة أسرية.4
هذا ما أخذ به المشرع الجزائري أيضا في المادة 11من قانون 99/11التي نصت على أنه
" تعد الشروط الواردة في النظام الداخلي ،التي قد تلغي حقوق العمال أو تحد منها كما تنص عليها
القوانين واالتفاقيات الجماعية المعمول بها الغية وعديمة المفعول".
- 2مبدأ عدم التدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب التسريح ألسباب غير مهنية
تراجع حاليا لجوء صاحب العمل إلى تسريح العمال ألسباب تجد مصدرها في حياتهم الخاصة
الفتقاده لما يمكن اعتباره سببا حقيقيا وجديا ،مما دفعه لإلعتماد على انطبعات العامل وقـناعته
الشخصة ومشاعره الخاصة في فصل العامل على أساس أن صاحب العمل ليس له ثقة في العامل.
حيث أن غياب الثقة يستند ألسباب غير مهنية ،من خالل تقييم العامل تقييما شخصيا ،بل قد ال
ألشخاص آخرين لهم بصلة تقييم العامل عند هذا الحد بل قد يتم اللجوءالى تقييم مواق يق
العقد.3 بالعامل قد تحدث خلال في الثقة القائمة بين أطرا
9
Cass. Soc,17-04-1991-n° 90-42636, Bulletin 1991, V, n° 201, du 30 mars 1991, p122.
2
C.A Paris, 29 Janv 1992, Dr.Soc, 1992, p 335, obs J.SAVATIER.
3
Cass. Soc,10 fév 1999, Dr.Soc , 1999, p 410, obs, M.C. BONNECHERE.
4
Cass. Soc,1er juin 1999, Dr.Soc , 1999, p 838, obs, C.ROY-LOUSTAUNAU.
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .99
993
حماية الحياة الخاصة للعامل
كانت أحكام القضاء الفرنسي إلى وقت قريب تقر بفصل العامل على أساس اهتزاز ثقة
صاحب العمل ،حيث كانت تعتبر أن عدم ارتياح صاحب العمل للعامل يعدد مبررا لتسريحه من
العمل ،حيث قضت في إحدى القضايا بأن المشاكل التي بين زوج إحدى العامالت والمؤسسة تشكل
سبب حقيقي وجدي لقرار التسريح الذي اتخذه صاحب العمل على أساس فقدان الثقة في العامل.
غير أن محكمة النقض الفرنسية غيرت موقفها في مطلع التسعينات وأقرت أن فقدان الثقة
الذي يدعيه صاحب العمل ال يشكل في حد ذاته سببا للتسريح ،9ذلك أن عدم ثقة صاحب العمل في
العامل ال يكفي بحد ذاته للتسريح ،فهذه الحالة النفسية المجردة يصعب تقييمها وذلك العتمادها على
مفردات ذاتية لديه ومن ثم ال تعد سببا جدا أو حقيقيا ،وال تعكس مبررا مشروعا للتسريح ،2وقد
الجديد للمحكمة على أنه رغبة في التضييق من دائرة فقدان الثقة الذي يستند عليه فسر الموق
لتبرير تسريح العامل.
تأكد هذا الحق في عدة قضايا في الوقت الحالي ،فقد تمسك العامل باحترام حياته الخاصة في
كثير من المنازعات القضائية وطالب باحترامها بمناسبة وقائع ال تمثل اعتداءا حقيقيا على حياته
الخاصة ،إذ أن في إحدى القضايا تتلخص وقائعها بأن إحدى العامالت في شركة ()Renault
3
اشترت سيارة ذات عالمة تجارية منافسة ( ،)Peugeotفقامت الشركة إثر ذلك بتسريحها ،حيث
العاملة فيه انتقد لبضاعة الشركة المستخدمة ،كما رأى قضاة الدرجة األولى أن رأت أن تصر
تجاهل العاملة للمصالح المالية لصاحب العمل بشرائها سيارة من شركة منافسة يمثل تشكيكا في
منتوج صاحب العمل وجودته ،وبناءا عليه يعتبر تصرفها سببا جديا للتسريح.
غير أن محكمة النقض نقضت هذا الحكم على أساس مخالفته للمادة 11من القانون المدني
الفرنسي ،حيث أكدت أن للعاملة كاملة الحرية في شراء المواد والسلع والمنتجات التي تشاء ،وأن
شراء سيارة من نوع غير الذي يبيعه صاحب العمل ال يعتبر سببا مبررا للتسريح ،ورأت المحكمة
أن السبب المستند إلى الحياة الخاصة والذي أدى إلى الفصل كان من حيث المبدأ سببا محظورا.
المحكمة وقد انتهت إلى أن سبب التسريح مستمد من الحياة الخاصة للعامل يفترض إن موق
بحسب األصل عدم تأثيرها على حياته المهنية ،يعكس مفهوما واسعا للحياة الخاصة في مواجهة
9
« La perte de confiance alléguée par l’employeur ne constitue pas en soi un motif de licenciement »,
Cass.Soc, 29 Nov 1990, Dr. 1991, p 190, Note J.PELISSIER.
2خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .999
3
Cass.Soc, 22 janv 1992, n° 90-42517, Bull 1992 V N° 30 du 14 mars 1990, p 18.
994
حماية الحياة الخاصة للعامل
أصحاب العمل ،وهذا ما جعل البعض 9يرى أن المحكمة أرادت حماية الحياة الشخصية وليس فقط
الحياة الخاصة.
المفهوم الواسع للحياة الخاصة من منظور محكمة النقض يدخل فيه كل ما هو خارج عن
نطاق الحياة المهنية ،2ويجعل هناك حظرا على صاحب العمل في أن يلتمس أسباب التسريح ليس
في الحياة الخاصة للعامل فحسب وإنما أيضا في حياتهم العامة غير المهنية ،فال يمكن أن يستند إلى
تصرفاتهم في هذا النطاق كأسباب للتسريح.3
الفرع الثاني
نطاق تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل
القاعدة العامة أن الحياة الخاصة للعامل مستقلة عن حياته المهنية ،فال يجوز لصاحب العمل
التدخل في ال حياة الخاصة لعماله ،ورغم ذلك فإن عالقات العمل تتسم بخصوصية معينة ،تتجلى في
عالقة التبعية التي بمقتضاها يتخلى العامل عن جزء من حريته ،بالقدر الذي من خالله ينفذ ما تعهد
بتنفيذه.4
كما أن مبدأ عدم تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة للعامل ليس على إطالقه،إذ أن
العامل حينما يترك مكان العمل ال يتخلى عن صفته كعامل ،فحتى في الفترات التي ال يكون فيها
تحت إمرة صاحب العمل فإن ارتبطاه بالمؤسسة بعقد عمل ال يمكن تجاهله ،ويمكن عندئذ أن نرسم
حدودا لحياة العامل الخاصة ،وتظهر استثناءات على مبدأ االستقالل.3
إبرام ع قد العمل بين الطرفين ينشىء اإلطار المهني للعامل وفيه يسمح لصاحب العمل بصفته
مسؤوال عن عمل المؤسسة أداء دور محدد إعماال لمقتضيات التبعية التي يخضع لها العامل ،9أما
في غير اإلطار المهني فال يحق لصاحب العمل التدخل في حياة العامل غير المهنية ألنها محمية
من تدخل صاحب العمل ، 1ألن تنفيذ عقد العمل ال يرتبطا بمفردات خارج إطاره ،إال أن الفصل
الكامل بين اإلطاريين أو التداخل بينهما يعتمد على مدى االقتراب أو االبتعاد عن المؤسسة التي
تجمع بين العامل وصاحب العمل.
9
VERDIER( J – M) , Interaction entre vie personnelle et vie professionnelle à l’intérieur et à l’extérieur de
l’entreprise, Gas.pal, 1996, p 420.
2يرى هذا االتجاه الفقهي أنه إذا كانت الحياة الخاصة بالمعنى الدقيق تعني ذلك الجانب من الخصوصية والسرية ،فإن الحياة
الشخصية تشمل الحياة الخاصة وكذلك الجوانب األخرى غير السرية والمرتبطة بحقوق الشخص وحرياته والتي قد ال تكون سرية
ويكون مجالها هو النطاق غير المهني أو الحياة غير المهنية بشكل عام.
3
SAVATIER (J), op.cit, p 33, L.LEVENEUR, op, cit, p 43.
4بيو خالف ،مرجع سابق ،ص .11
3صالح محمد أحمد أيوب ،مرجع سابق ،ص .994
9خالد حمدي عبد رحمن ،مرجع سابق ،ص .11
1
DESPAX (M) op.cit, p776.
993
حماية الحياة الخاصة للعامل
عدم المساس بالمؤسسة يفرض احترام مبدأ الفصل الكامل بين اإلطار المهني واإلطار غير
المهني إذ يعد االقتراب من االخير مساسا بالحياة الخاصة للعامل يستوجب المسؤولية ،9في حين أن
االقتراب من المؤسسة يفيد تداخال بين اإلطارين قد حدث وأن الفصل الكامل بينهما غير حقيقي.2
معيار بحث مدى التداخل بين اإلطار المهني وغير المهني هو معيار تأثر المؤسسة ،ومن هذا
المنطلق يكون نطاق تدخل صاحب العمل في الحياة الخاصة في عدة حاالت أهمها تأثير الحياة
الخاصة للعامل على سير العمل بالمؤسسة (أوال) ،أو في حالة تأثيرهاعلى مصالح المؤسسة (ثانيا).
أوال :تأثير الحياة الخاصة للعامل على سير العمل بالمؤسسة
إن سلطة صاحب العمل تنحصر تماما بحسب األصل إعماال لمبدأ الفصل الكامل مابين
اإلطارين المهني وغير المهني ،هذا الفصل الذي يعتمد على عدم المساس بالمؤسسة ،حيث أن
األمر ال يتعلق ببالتدخل في الحياة الخاصة للعامل وحرية ممارستها بقدر ما يعد ممارسة من جانب
صاحب العمل لمسؤولياته ،وتقييم مدى التخل في الحياة الخاصة للعامل من قبل صاحب العمل
3
على مدى تأثر المؤسسة باعتبارها أساس اإلطار المهني وكونه تدخال مبررا أو غير مبرر يتوق
بما يحدث بعيدا عنها أو خارج المؤسسة.
شهد القضاء الفرنسي تطورا في هذا المجال ،حيث أوجد من خالل أحكامه معايير إستثنائية
مكنت صاحب العمل من خاللها مد سلطته في التبيعة إلى مجاالت خارج اإلطار المهني ،وذلك من
خالل وضع الحياة الخاصة للعامل محل اعتبار بوجود أسباب حقيقية وجدية للفصل ،متى تبين أن
ممارسات العامل أحدثت اضطرابا في سير العمل بالمؤسسة ،أو أنها تتعارض مع طبيعة المهام
المؤسسة. الموكلة إليه ،أو مع أهدا
- 1اضطراب العمل بالمؤسسة بسبب الحياة الخاصة للعامل
إن التدخل في حياة العامل غير المهنية من جانب صاحب العمل الذي يسعى إلى مد مظلة
التبيعة إلى غير مجالها األساسي يكون مقبوال متى بدا أن ممارسات العامل تحدث إضطرابا ملحوظا
في المؤسسة مما يبرر تسريحه ،4ولقد أثار مفهوم اإلضطراب عدة تساؤالت ،فهل يعني
أو الخشية من حدوثه؟ اإلضطراب الحقيقي الحال ،أم يكفي مجرد الخو
ركز القضاء الفرنسي على اإلضطراب الواضح ( )trouble caractréséالذي يسببه سلوك
العامل في نطاق الحياة غير المهنية ،وفي مرحلة الحقة تبنى معيار الضرر الفعلي )un préjudice
999
حماية الحياة الخاصة للعامل
991
حماية الحياة الخاصة للعامل
لتسريح العامل رغم خروجه عن النطاق المهني وتعلقة بالحياة الخاصة ،9في قضية أخرى تم
خارج المؤسسة المحكمة بفعل التحرش الجنسي المصحوب بالعن تسريح العامل إلدانته من طر
استنادا لعـدم الثقة فيـه ،حيث تضـم المؤسسة عدد كبير من العامالت ،واعتبرت بأن هذا المبرر
مشروع ويكعس سببا حقيقيا وجديا.2
كما اعتبرت محكمة النقض الفرنسية في قضية أخرى التسريح مبررا بشأن قضية عامل أدين
بجريمة اغتصاب ابنة واحد من زمالء العمل ،3فالبرغم من أن العامل لم تصدر عنه أية أفعال
مزعجة داخل المؤسسة إال أن ما حدث خارجها أدى إلى فقدان الثقة به مما يشير إلى أن تسريحه ال
يعتمد على معيار شخصي بل يستند إلى معيار موضوعي يعكس احتماالت تأثر المؤسسة سلبا
ألسباب خاصة بالعامل.4
صدر بإدانة العامل جنائيا في قضية مماثلة اعتبر القضاء الفرنسي أن نشر حكم في الصح
كان من شأنه اإلخالل بحسن سير العمل ،وبالتالي فهو يشكل عنصرا هاما كسبب للفصل حتى ولو
أو كانت الوقائع المجرمة منقطعة الصلة بعقد العمل.3 أفرج عن العامل في اإلستئنا
كما أقرت محكمة النقض في واقعة آخرى بوجود السبب الحقيقي والجدي في قيام العامل
بارتكاب واقعة سرقة من أحد العمالء دون أن يكون لعالقة العمل أي صلة بواقعة السرقة ،9حيث
جاء في الحكم أنه " إذا كان بحسب األصل ال يمكن تسريح العامل لسبب يرجع لحياته الخاصة ،إال
ذلك حينما يؤدي سلوك العامل إلى اضطراب ملحوظ داخل المؤسسة أن األمر يكون على خال
بها والغاية التي يستهدفها المؤسسة".1 بالنظر للوظيفة المكل
- 2تعارض الحياة الخاصة مع طبيعة المهام الموكولة للعامل
إن البحث في وجود تعارض بين ممارسة العامل لحياته الخاصة وبين العمل المطلوب منه
تنفيذه في االطار المهني يعد مسألة موضوعية تخضع لتقدير القضاة ،حيث أن هذا التعارض يجيز
991
حماية الحياة الخاصة للعامل
لصاحب العمل أن يستند للحياة الخاصة كسبب لتسريح العامل طالما ظهر تأثيرها على حياته
.المهنية
فالعامل يدعي بأن تسريحه،عالقة العمل يتمسكون بموقفين متعارضين بشأن خالفهم أطرا
كان غير مشروع النتفاء السبب المشروع للتسريح كونه مستمدا من حياته الخاصة التي له
في حين يدعي،ممارستها كيفما يشاء دون أن يترتب على هذه الممارسة مساس بحياته المهنية
في تسريحه للعامل إذ يستند إلى أن ممارسات العامل في اإلطار صاحب العمل أنه غير متعس
.9غير المهني سببت إضطرابا في عمل المؤسسة لتعارضها مع المهام الموكولة له
فال بد من التقي دبها ولو كانت تمس جانبا من جوانب،حينما تتطلب طبيعة العمل صفة خاصة
وبناءا على ذلك يجد العامل نفسه مضطرا لتقييد بعض حرياته، وذلك تنفيذا للعقد،الحياة الخاصة
وغيرها من القيود التي يبغي أن، سواء فيما يتعلق بطريقة الملبس أو الكالم أو التصر،الفردية
.2ترتبط بطبيعة العمل الذي يؤديه العامل
بإمكانية تسريح3 9119 نوفمبر21 أيضا أقرت محمة النقض الفرنسية في حكم لها بتاريخ
وأيدت ما انتهى إليه قضاء، بالتعس دون أن يوص،العامل لسبب مستمد من حياته الخاصة
حيث تم تكليفه بالحراسة في إحدى،الموضوع بشأن عامل لدى شركة متخصصة في الحراسة
، وقام خارج أوقات العمل بارتكاب جريمة السرقة،المراكز التجارية التي تتولى الشركة حراستها
.4وكان المجني عليه عميال لدى صاحب العمل
أي خارج مكان العمل وفي غير،رغم أن واقعة السرقة تمت في غير اإلطار المهني للعامل
ويؤدي إلى إضطراب،أوقات العمل إال أن المحكمة قررت أن ما أتاه العامل يتعارض مع مهامه
991
حماية الحياة الخاصة للعامل
ملحوظ داخل المؤسسة ،لذلك انتهت إلى أن سبب التسريح مستمد من الحياة الخاصة للعامل ،والتي
يفترض بحسب األصل عدم تأثيرها على حياته المهنية.
العامل، غير أن ما حدث من تداخل بين اإلطارين أثر سلبا على المؤسسة من جراء تصر
وعلى إثر ذلك أثرت واقعة السرقة التي ارتكبها العامل على حياته المهنية ،ألن طبيعة عمله تقتضي
أن يتحلى بالنزاهة واألمانة وبالتالي تصرفه على هذا النحو يؤثر على سمعة المؤسسة ويؤدي إلى
اضطراب عملها.9
المؤسسة - 3تعارض الحياة الخاصة مع أهدا
المؤسسة إن احترام الحياة الخاصة للعامل وحرية ممارستها يجب أن ال يتعارض مع أهدا
ونشاطها ،كما أنه يجب أن ال يكون وسيلة للتخلص من مهام اإلطار المهني ،إذ تفترض أن تنفذ
االلتزامات العقدية بحسن نية ،وينبغي أن ال يتمسك بحقه في أال تقتحم حياته الخاصة بشكل متعس
في ممارسة الحق.2
المؤسسة كأحد العوامل التي تساهم في تبرير التسريح بسبب لجأ القضاء الفرنسي إلى أهدا
سلوك العامل ،فه ناك بعض المؤسسات التي تتطلب قبل التعاقد مع عمالها توفرهم على بعض
هذه المؤسسات غالبا الدفاع عن مذاهب الصفات التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة ،وتستهد
عقدائ دية أو سياسية أو نقابية ،وبالتالي يفترض انضمام العامل غلى مثل هذه المؤسسات االلتزام
والقيم التي تسعى إلى تحقيقها. بالدفاع عن األهدا
خاصة فإن ذلك يبرر تطلبها هذه المؤسسات لكون نشاطها يقوم على أساس خدمة أهدا
صفات خاصة في عمالها ،فمثال المؤسسة التربوية أو التعليمية تتطلب صفات خلقية معينة في
القائمين على أمر التدريس أو التربية بها ،كذلك المؤسسات الرياضية يمكن أن تفرض على العاملين
فيها قيودا كاالمتناع عن تناول الكحول أو الخمور أو السهر ليال قبل انعقاد المباريات.3
العامل هذه القيود جاز لصاحب العمل تسريحه ،وهو ما حدث في قضية تسريح إذا خال
ع امل لدى شركة تأمين ضد حوادث السيارات ،حينما تسبب في حادث طريق بعد تناوله لكميات
كحول كبيرة أظهرتها تحاليل الدم ،فقامت مؤسسة التأمين إثر ذلك بتسريحه على أساس ارتكابه
خطأً جسيماً.4
9
SAVATIE (J), le licenciement pour des faits susceptible d’incrimination pénal, Dr.Soc, France,1991, p262.
2زهير حرح ،مرجع سابق ،ص .11
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .999
4
Cass, soc, 21 Janv 1992, R.J.S, 3/92, N°262.
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
ال يكتفي االستناد إلى حدوث تعارض بين ممارسة العامل لحياته الخاصة بعيدا عن إطاره
المهني وبين مهامه المهنية للقول بحدوث إضطراب في عمل المؤسسة سببه ممارسة العامل لحياته
المؤسسة ونشاطها ،9ويترتب على ذلك الخاصة ،بل يجب كذلك أن يمتد التعارض إلى إلى أهدا
المؤسسة يحصن اإلطار المهني للعامل ضد أي تدخل من جانب صاحب أن عدم االصطدام بأهدا
العمل تنتهي به إلى تسريح العامل.
أكد على هذا المعنى حكم لمحكمة النقض الفرنسية في 91أبريل ،9119أوضحت فيه أن
تسريح العامل ألسباب مستمدة من اإلطار غير المهني للعامل أي حياته الخاصة هو اإلطار الذي
يخرج عن سيطرة وتقييم صاحب العمل ،هذا التسريح يستمد مشروعيته من كون هذه األسباب كانت
جدية وحقيقية بالنظر إلى ما خلفته من إضطراب في المؤسسة .2
تجدر المالحظة أن القضاء الفرنسي يميز بين السبب الذي يرجع إلى الحياة الخاصة للعامل،
الخاصة بالمؤسسة لتبرير تسريح العامل ،فإذا تعلق األمر بسبب يرجع إلى الحياة وبين األهدا
الخاصة للعامل ،فإنه ال يكتفي بوجود السبب للقول بمشروعية التسريح ،وإنما يستلزم ضرورة
وجود إضطراب في سير العمل بالمؤسسة.
هذا ما حدث في إحدى القضايا ،حينما قام صاحب العمل باستصدار قرار تسريح عامل
بموا فقة مفتشية العمل ،بعد إدانته بعقوبة الحبس بسبب اإلتجار بالمخدرات ،فطعن العامل ضد هذا
القرار أمام القضاء الذي قضى بعدم مشروعية التسريح على أساس أن حكم الحبس يتعلق بالحياة
غير المهنية ،ولم يؤد إلى اضطراب سير العمل في المؤسسة.3
الخاصة بالمؤسسة ،فإن القضاء يكتفي بوجودها إلضفاء أما إذا تعلق األمر باأل هدا
المشروعية على تسريح العمل الذي يجد تبريره في سلوك العامل ،أو تصرفاته المتصلة بالحياة
المهنية له ،وهو ما يثير صعوبة في التمييز بين السلوك المهني والسلوك غير المهني ،4فيختلط
التقييم المهني بالتقييم الشخصي غير المهني غير المبرر الذي تحيط به ظالل عدم المشروعية في
ذاته وآثاره.3
في ظل السلوك المهني يبدو األمر أكثر حماية لمصالح المؤسسة على حساب العمال ،ألن
في هذه الحالة عند السلوك الخارجي ،بل يمتد حتى إلى األفكار العقائدية، السلوك المهني ال يتوق
9
G.LYON-CAEN, op.cit, p 286.
2
Cass, soc, 17 avril 1991, N°90-42.636, Bull 1991 V N° 201 p. 122.
3
Conseil d’état, 11 juin 1999, Reccueil, Dalloz, 2000, p 869.
4صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .913
3خالد حمدي ،عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .11
919
حماية الحياة الخاصة للعامل
وقد يتم تسريح العامل بسبب معتقداته الدينية أو الفلسفية التي ال تتفق مع معتقدات صاحب العمل،
وهو ما يجعل مصلحة المؤسسة تسمو على الحريات الفردية للعامل.
مثال ذلك قرار محكمة النقض الفرنيسية في سنة ،9111حين أقرت عقوبة تسريح معلمة من
مؤسسة تعليمية ذات توجه ديني كاتوليكي إثر زواجها للمرة الثانية بعد الطالق ،وهو الشيء
الممنوع في الديانة المسيحية الكاتوليكية ،9حيث جاء في قرارها "أن صاحب العمل لم يرتكب أي
خطأ ،فالمؤسسة هنا تقوم على مبدأ عدم انحالل الزواج بالطالق وأنها تصرفت بما يحافظ على
انتهجه القضاء المصري في قضية حسن سير عملها و غرضها ومبادئها وسمعتها" ،ونفس الموق
جمع العامل المسيحي بالبطريكية لزوجتين ،والذي كان يعمل بمؤسسة إنتاج تابعة لها.2
أنه ال يمكن للعامل أن يبرر رفض تنفيذ التزماته التعاقدية على كما أقر القضاء في عدة مواق
أساس الحرية الدينية ،فالعامل الذ ي وافق على القيود المهنية والواردة في عقد العمل عند تشغيله ال
يمكن أن يرفض في وقت الحق تنفيذ مهامه بحجة مخالفتها لمعتقداته الدينية ،3القضاء من خالل هذه
األحكام القضائية وضع المعتقدات الدينية موضع االعتبار من قبل طرفي العقد ،بما ال يمكن
التغاضي عنه فيما بعد بشكل إرادي من قبل أحدهما منفردا.
ثانيا :تأثير الحياة الخاصة للعامل على مصالح المؤسسة
إن السير الحسن للعمل في المؤسسة يستلزم نوعا من التوفيق بين الحماية المطلوبة للحياة
الخاصة للعامل وبين حق صاحب العمل في عدم تضرر مؤسسته ،فرغم أن ظالل الحياة الخاصة
والحياة الشخصية تبقى مالزمة للعامل حتى في وقت ومكان العمل ،إال أن صاحب العمل يمكن
العتبارات معينة أن يتدخل فيضع قيودا على حياة العامل الخاصة حتى خارج وقت ومكان العمل
انطالقا من مبدأ األمانة الذي يملي على العامل أال يفشي أسرار العمل ،وأالَ ينافس صاحب العمل،
أو انطالقا من مضمون العقد ذاته أو نصه الصريح بمراعاة اعتبارات معينة أو صفة خاصة في
العامل أو انطالقا من مصالح المؤسسة والمحافظة على حسن سير العمل.4
- 1إخالل العامل بالسر المهني للمؤسسة
إن ممارسة العامل لحريته ولحياته الخاصة مقيد بأال يصطدم بحقوق صاحب العمل التي يمكن
النظر إليها من خالل مسؤولياته المتعلقة بالمؤسسة كااللتزام بالسر المهني ،وبالمحافظة عليها ككيان
يفترض بقائه بعيدا عن أي تأثيرات سلبية غير متصلة بمفرداتها.
9
Cass. Ass. plén. 19 mai 1978 ; Bull. civ. V ,n°1 , R.T.D ; janv. 2114, p21
2حكم صادر عن محكمة القاهرة في ، 9192\3\3مذمور في :همام محمود زهران ,قانون العمل عقد فردي ,ص . 313
3
Cass.Soc. 20 nov. 1986, Bull. civ. V, no 549 ; RTD civ. 1987. 571, obs. Rémy; JCP. 1987. II. 20798, note
Revet.
4صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .184
912
حماية الحياة الخاصة للعامل
في المقابل فإن صاحب العمل يسعى إلى إيجاد مستوى مقبول من التناغم داخل المؤسسة ،وهو
ما ال يتحقق متى أدى أو سبب العامل بتصرفاته التي يتخذها بالفعل خارج المؤسسة بإفشائه
ألسرارها إلى إحداث اضطراب في مجاله المهني أو في إطار المؤسسة ذاتها ،ويكون في إفشائها
زعزعة ثقة صاحب العمل ومؤسسته وإضرار بمصالحه.
من أهم ما يتفرع عن مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود هو التزام العامل بالمحافظة على أسرار
العمل ،فال يجوز أن ينقل أسرار عمله إلى الغير ،ونظرا لخصوصية ذلك االلتزام لتعلقه بعدة
مصالح فإنه ال يستفاد هذا االلتزام فقط مما يمليه تنفيذ العقد مراعاة لمبدأحسن النية ،وإنما يستفاد
أيضا مما ورد من نصوص في قانون العمل والقانون المدني.
التشريعات العمالية ومن بينها قانون العمل الجزائري،9على إلزام العمال حرصت مختل
بالمحافظة على األسرار المهنية وعدم كشفها للغير لتفادي اإلضرار بالمصالح المادية والمعنوية
لصاحب العمل.
اإللتزام بعدم إفشاء أسرار ال عمل يتقرر سواء نص عليه في عقد العمل صراحة أم لم ينص،
ذلك أن مضمون العقد ال يقتصر فقط على ما ورد فيه ،بل يشمل أيضا كل مستلزماته وفقا للعر
والعدالة وطبيعة االلتزام تطبيقا لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود ،2غير أن التشريعات لم تكت
بنظرية العقد كأساس للتزام العامل بالسر المهني ،وإنما وضعت أساسا آخر يستند إلى نصوص
قانونية ،كاالتفاقيات الجماعية للعمل التي تنص على امتناع العامل عن اإلضرار بصاحب العمل عن
طريق إفشاء األسرار.3
اتفقت التشريعات العمالية المقارنة على ضرورة إلتزام العامل بحفظ أسرار العمل،4
أوالمعلومات والوثائق التي يطلع عليها أثناء تنفيذ العمل وعدم اإلطالع عليها أو حيازتها ،3وعلى
9المادة السابعة من القانون " 99/11أن ال يفشو المعلومات المهنية المتعلقة بالتقنيات والتكنولوجيا وأساليب الصنع وطرق التنظيم
وبصفة عامة أال يكشفوا مضمون الوثائق الدتخلية الخاصة بالهيئة المستخدمة إال إذا فرضها القانون أو طلبتها سلطتهم السلمية"
2سعد السعيد الصبري ،المسؤولية المدنية الناشئة عن اإلخالل بااللتزمات المترتبة على عقد العمل دراسة مقارنة ،دار النهضة
العربية ،القاهرة ،2191،ص .12
3نصت المادة 94من االتفاقية الجماعية لمؤسسة سونطراك على مايلي" :يلتزم العامل بالتحفظ والسر المهني ،وكل تحويل
أو إخفاء أو اتالف لوثائق المؤسسة ،أو اتصال مع الغير بشأن وثائق المؤسسة أو معلومات مالية أو تجارية أو تقنية وغير ذلك
يعتبر أخطاء خطيرة وجسيمة يعاقب عليها دون التخلي عن المتابعة الجزائية".
4يعتبر سر مهني " كل ما توصل إليه العامل من خالل عمله أو بمناسبته ويتكتم عليه حفاظا على مصلحة المؤسسة ،وحسن سيرها
كما هو الحال بالنسبة لظروف االنتاج وطريقة العامل والمواد المستخدمة ومقاديرها ومصادر المواد الخام ومعامالت المحل
والعمالء واتصاالته سواء كانت سرية بطبيعتها أو وفقا لتعليمات صاحب العمل" ،همام محمد محمود زهران ،قانون العمل ،عقد
العمل الفردي ،دار المطبوعات الجامعية ،9111 ،ص .433
3بشير هدفي ،الوجيز في عالقات العمل الفردية والجماعية ،دار ريحانة للكتاب ،الجزائر ،2119 ،ص .14
913
حماية الحياة الخاصة للعامل
المنافس استغالال تترتب عنه الخسارة لصاحب العمل،9 كل معلومة من شأنها أن تستغل من طر
نظرا للعالقة التي ينشئها عقد العمل والتي تقوم في الغالب على ثقة المستخدم في عامله.
هذه الثقة التي توجب عليه االلتزام بالمحافظة على أسرار المؤسسة التي يعمل بهاوالتي أمكن
له اإلطالع عليها بسبب العمل ،2ومن أمثلة إفشاء العامل لألسرار الخاصة بمؤسسة التي يعمل بها
تقدم كاتب الحسابات ببالغ إلى مصالح الضرائب يسجل فيه أرباح صاحب العمل ،ثم أخذ دفاتر
المحل دون إذن وتوجهه إلى تلك المصالح لتأييد شكواه ،3وقيام العامل بتركيب وصنع ماكينات
يختص بها المصنع الذي يعمل فيه لمحالت تنافسية.4
اعتبر المشرع الجزائري المحافظة على األسرار المهنية وعدم افشائه من االلتزامات
الجوهرية التي تقع على العامل ،وهذا االلتزام ال يعدو أن يكون تطبيقا لمبدأ حسن النية في تنفيذ
العقود ،حيث جاء في نص المادة السابعة الفقرة 1على أنه" ال يفشوا المعلومات المهنية المتعلقة
بالتقنيات التكنولوجية أو أساليب الصنع وطرق التنظيم ،وبصفة عامة مضمون الوثائق الداخلية
الخاصة بالهيئة المستخدمة ،إال إذا فرضها القانون أو طلبتها السلطة السلمية".
أغلب تشريعات العمل المقارنة على إلزام العامل بعدم إفشاء أسرار المهنة ،بل أقرت لم تكت
الجزاء المترتب على ذلك ،بحيث تقضي صراحة بأنه يجوز لصاحب العمل أن يفسخ عقد العمل
بإرادته المنفردة إذا أخل العامل بهذا االلتزام ،ومن تلك التشريعات قانون العمل المصري في مادته
99الفقرة السادسة ،وقانون العمل األردني في المادة 91منه ،ومدونة الشغل المغربية في مادتها
،31وغيرها من التشريعات ،3ولقد حذا قانون العمل الجزائري حذو هذه التشريعات واعتبر إخالل
العامل بالتزام المحافظة على األسرار المهنية خطَأ مهنيا يستوجب التسريح.9
استهدفت هذه التشريعات من خالل فرض هذا الشرط لمنع التحايل من جانب العامل الذي قد
يتخذ صورة اإلسراع في إنهاء عقد العمل ليتمكن من بيع األسرار لصاحب عمل منافس ،1ألن
9عبد السالم ديب ،قانون العمل والتحوالت االقتصادية ،دار القصبة للنشر ،الجزائر ،2113 ،ص .999
2عبد اللطيف خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء األول ،الطبعة الثانية ،المطبعة والوراقة الوطنية ،2111 ،ص 499.
3محكمة شؤون العمال الجزئية بالقاهرة 29أكتوبر 9131موسوعة الهوارى ،212-239-2مذكور في :ناهد العجوز ،المرجع
السابق ،ص .311
4محكمة القاهرة اإلبتدائية 23يناير ،9191موسوعة الهوارى ،213-231-2مذكور في :ناهد العجوز ،المرجع السابق ،ص
.311
3أمثال التشريعات التي نصت على هذا التزام :قانون العمل في البحرين في المادة ، 993قانون العمل السواداني في المادة ،31
وقانون العمل القطري في المادة ،21وفي الكويت ،المادة 33من قانون العمل في القطاع األهلي ،وقانون العمل الليبي في المادة
،39وفي قانون العمل العماني في المادة ،21وقانون العمل العراقي في المادة .921
9المادة 13فقرة 2من القانون رقم 99/11المتعلق بعالقات العمل " :يتم التسريح التأديبي في حالة ارتكاب العامل أخطاء جسيمة
– إذا أفضى معلومات مهنية تتعلق بالتقنيات والتكنولوجيا وطرق الصنع والتنظيم أو وثائق داخلية للهيئة المستخدمة ،إال إذا أذنت
السلطة بها أو أجازها القانون".
1علي يحي آل زمانان ،التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل ،دراسة مقارنة في القانون المصري واللسعودي ،رسالة
ماجيستر ،كلية الحقوق جامعة القاهرة ،2114 ،ص 92.
914
حماية الحياة الخاصة للعامل
االلتزام باالحتفاظ باألسرار المهنية ال يقتصر على مدة العمل فقط ،وإنما يظل سارياَ حتى بعد
انقضاء العقد.
العامل ملزم بعدم إفشاء األسرار المهنية للغير سواء كان شخصا أو مؤسسة بمقابل أو بغير
مقابل لما لتسرب أسرار العمل من أضرار بمصلحة المؤسسة من اطالع المنافسين على أسرارها
أو ما من شأنه زعزعة الثقة فيها.9
تقرر أغلب التشريعات السابقة أن إفشاء العامل للمعلومات السرية التي يطلع عليها بمناسبة
عمله سيلحق أضرارا مادية ومعنوية بمؤسسة العمل التي يعمل فيها العامل ،خصوصا وأن طبيعة
عمل المؤسسة تقوم على أساس المنافسة وما يترتب على ذلك من خسارة لبعضها وربح ألخرى.2
هذا ما تضمنته عليه المادة 91فقرة 9من قانون العمل المصري التي جاء نصها «ال يجوز
فصل العامل إال إذا ارتكب خطأَ جسيما ويعتبر من قبيل األخطاء الجسيمة إذا ثبت أن العامل أفشى
أسرار المنشأة التي يعمل بها أدت إلى إحداث أضرار جسيمة بالمنشأة" ،وهو ما نجده واردا أيضا
في قانون العمل السعودي الذي نص في المادة 11فقرة 4منه على أنه "ال يجوز لصاحب العمل
فسخ العقد إال إذا ...وقع من العامل عمدا أي فعل أوتقصير يقصد به إلحاق خسارة مادية بصاحب
العمل».3
إال أن االلتزام باالحتفاظ بأسرار العمل ال يوفر حماية فعالة لصاحب العمل حيث يقوم العامل
باستغالل السر المهني في عمل يتواله لحسابه الخاص 4بعد انقضاء العقد وبما أن استعمال العامل
لهذه األسرار يشكل منافسة خطيرة لصاحب العمل ،لذلك يأتي الشرط الذي يدرج في عقد العمل
ليمنع العامل من منافسة صاحب العمل بعد انت هاء العقد ،حتى ال يستغل العامل أسرار العمل التي
سبق وأن اطلع عليها بحكم عمله ومركزه ،خاصة وأن االلتزام القانوني بالمحافظة على أسرار
العمل بعد انقضاء مدة العقد ال يمنعه من استخدام هذه األسرار بنفسه ولحسابه الخاص ،ذلك أن
الحظر القانوني اقتصر على منع العامل من إفشاء األسرار للغير فحسب دون أن يمنعه من
استخدامها بنفسه ولحسابه الخاص.3
913
حماية الحياة الخاصة للعامل
ال يكفي أن يقوم العامل بأداء العمل المتفق عليه ،بل يجب أن يلتزم في ذلك بما يقتضيه مبدأ
حسن النية ،ذلك أن عالقة العمل القائمة بين العامل وصاحب العمل تتميز بنوع من الخصوصية عن
غيرها من العالقات القانونية والتعاقدية األخرى ،حيث تقوم على االعتبار الشخصي خصوصا في
جانب العامل ،األمر الذي يستدعي توافر الثقة المتبادلة والنية الحسنة والمخلصة في عدم إساءة
أحدهما إلى اآلخر.9
نظرا ألن صاحب العمل قد راعى اعتبارات معينة في شخص العامل عندما تعاقد مه ،ككفاءته
وأمانته وإخالصه وقدراته على أداء العمل ألن الثقة والخبرة محل اعتبار مهم ،2فسلطة صاحب
والتوجيه تستوجب أن يكون هناك تعاون من أجل مصلحة المؤسسة. العمل في االشرا
إن كان يبدو أن هناك تعارضا بين مصالح العامل وصاحب العمل فيما يخص المطالب
والحقوق ،إال أن المصلحة بينهما مشتركة ،فنجاح المؤسسة وتطورها ال بد أن يعود بالنفع والفائدة
على العامل ،كما أن تدهور أوضاع المؤسسة بإفشاء أسرارها للمنافسين يعود بالضرر أصال على
العامل.
لهذا فتنفيذ االلتزمات طبقا للشروط الواردة في العقد يجب أن يكون بحسن نية وبالتعاون بين
الطرفين ،هذا ما دعا بعض الفقهاء إلى القول بأن هناك واجب اإلخالص والوالء الذي يتعين على
العامل بمقتضاه أن يمتنع عن كل ما يضر بمصالح صاحب العمل ،3كون أن صاحب العمل قد
العامل. وضع ممتلكاته أسراره في تصر
األمر الذي يجعل هذا األخير على علم بوسائل وأساليب االنتاج والصنع وطرق تسيير
المؤسسة ،وتسرب هذه األسرار إلى المنافسين من شأنه اإلضرار بمصالح المؤسسة ،وهنا يمكن
القول بأن العامل قد أخل بااللتزام الواقع عليه بالمحافظة على األسرار المهنية وبالتالي اإلضرار
هذا بمصالح المؤسسة بما يعد خطأً في جانبه يبرر تسريحه وإنهاء العالقة معه دون أن يوص
التسريح بالتعس .
- 2إخالل العامل بااللتزام بعدم المنافسة
مما ال شك فيه أن استخدام العامل لألسرار المهنية يشكل منافسة لصاحب العمل قـد تلحق به
أضرارا كبيـرة سواء كانت المنافسة عن طريق القـيام بنشاط مماثل لنشاطصاحب العمل لحسابه
الخاص ،أو عن طريق العمل لدى صاحب عمل آخر يباشر نفس المهنة أو الصناعة.4
919
حماية الحياة الخاصة للعامل
إن حرية العامل في المنافسة تتقيد بما تفرضه بعض القواعد الخاصة بحماية األسرار
الصناعية والتجارية ألن اطالع العامل على أسرار المؤسسة قد يؤدي إلى استغاللها لمصلحته
الخاصة أو مصلحة مؤسسة منافسة ،لذا يلتجأ أغلب المستخدمين وخاصة إلى إدراج شرط عدم
المنافسة في عقود العمل.
كان لدى القضاء اتجاه واضح في اعتبار أن سلوك العامل الخاطىء الذي يضر بالمؤسسة يمثل
سببا جديا وحقيقا للتسريح ،يمكن للمستخدم أن يقوم بتسريح العامل طالما أن سلوكه يؤدي إلى
اإلضرار بمصالح المؤسسسة ،وكذلك فيما يتعلق بالسلوك غير الخاطىء طالما أنه يضر بالمؤسسة
ولو تعلق األمر بالحياة الخاصة ألحد العمال ،أو فقدان الثقة في عامل لم يؤدي إلتزامه على نحو
مرض.
اعتبر القضاء أن قيام أحد أفراد أسرة العاملة بانشاء شركة منافسة يشكل سببا حقيقيا لتسريح
العاملة ، 9وقد كانت بعض أحكام القضاء الفرنسي تؤسس مشروعية التسريح على أسباب ترجع إلى
شريك العامل أو زوجه وما يمارسه من نشاط ،بسبب فقدان الثقة في إحدى العامالت في المؤسسة
بالنظر إلى أن زوجها يعمل في شركة منافسة ،و في حالة البرود والتوتر السائد بين صاحب العمل،
وبين أحد العمال بسبب توقيع عقوبة تأديبية على عامل آخر يمت لألخير بصلة قرابة.
في مرحلة الحقة تبنت الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية معيارا آخر وهو ضرورة
إحداث ضرر بالمؤسسة ومصالحها ،ففي واقعة تتلخص في أن إحدى العامالت وهي سكريتيرة في
توكيل المؤسسة( )Renaultقامت بشراء سيارة لها من نوع( )Peugeotوهي مؤسسة منافسة
للمؤسسة التي تعمل فيها العاملة ،فقام صاحب العمل بتسريحها.
أيد قضاة الموضوع صاحب العمل في قراراه على أساس أن قيام العاملة بشراء سيارة ذات
عالمة تجارية منافسة من مؤسسة منافسة يعد بالضرورة تشكيكا في مستوى المنتج الذي ينتجه
صاحب العمل وجودته ،كما يعد دعاية سلبية له ،ونقد غير مباشر للسلعة المطلوب تسويقها لكن
محكمة النقض رات أنه ال يوجد سبب حقيقي وجدي للتسريح ألن الواقعة المنسوبة للعاملة لم تؤد
إلى أي قدر من اإلضطراب الواضح للمؤسسة ،وبناءا عليه قضت المحكمة بنقض الحكم على
أساس مخالفته للمادة التاسعة من القانون المدني.2
9
Cass.soc, 26 Juin 1980, n° 79-40.859, Bull, civ, v, n° 573, une salariée avait été licencié en réson "d'une
absence de confiance réciproque mettant obstacle en l'espéce au maintien des relations de travail".
2
Cass.Soc, 22 janv 1992, n° 90-42517, Bulletin 1992 V N° 30 du 14 mars 1990, p 18 .
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
تدخل المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات العمالية المقارنة ،وألزم العامل بعدم
منافسة صاحب العمل في مجال نشاطه إال إ ذا كانت هناك اتفاق مبرم يجيز ذلك ،9فنص المادة 1
من قانون عالقات العمل جاء عاما يقضي بعدم شرعية المنافسة أثناء قيام عالقة العمل ،وليس بعد
ذلك منح المشرع المصري للطرفين انتهائها ،وهو نص ال يتعارض مع حرية العمل ،2على خال
اإلتفاق على عدم المنافسة حتى بعد انتهاء عالقة العمل.3
قانون العمل الجزائري قام باقتصار شرط عدم المنافسة أثناء قيام عالقة العمل فحسب ،دون
امتداد أثره إلى ما بعد انتهاء عالقة العمل ، 4وطبقا المادة للسابعة منه تعد منافسة غير مشروعة
لصاحب العمل قيام العامل بمزاولة عمل ماثل لنشاط المؤسسة ،أو نشاط آخر إلى جانب نشاطه
األصلي في أوقات الفراغ دون إعالم صاحب العمل ،وضمان موافقته ،لتأثير ذلك على مردودية
أسرار العمل. العامل ،وكذا إمكانية كش
في حين أن قانون العمل العمل المصري وبموجب النص الصريح للمادة 39منه يحضر على
العامل ممارسة نشاط مماثل للنشاط الذي يمارسه صاحب العمل أثناء مدة سريان عقده أو باالشتراك
في نشاط من هذا القبيل سواء بصفته شريكا أو عامال ،غير االشكال المطروح هو ما مدى
مشروعية اشتغال العامل عند مستخدم آخر أو لحسابه الخاص أثناء أوقات الفراغ؟
المبدأ العام أن العامل له حرية العمل في أوقات الفراغ لكن شريطة أ ن تكون حريته مقيدة بأال
يكون عمله الجديد منافسا لعمل مستخدمه ،أو كان من شأنه أن يحول زبناء المستخدم عن التعامل
مع هذا األخير ،كما أنه يقتضي تنفيذ عقد العمل بحسن نية التزام العامل بالمحافظة على أسرار
المؤسسة وعدم منافسة العامل لمستخدمه من خالل العمل لدى مستخدم منافس أثناء وقت الفراغ.
تجدر االشارة أن القضاء الفرنسي قد وسع من نطاق شرط عدم المنافسة ،بحيث يفرض على
العامل أن ال ينافس صاحب العمل أثناء مرحلة تنفيذ العقد حتى ولو لم ينص على الشرط في العقد
بتلوز الصادر بتاريخ 11ماي 9111ما يلي" :أن وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة االستئنا
9المادة 1من القانون رقم 99-11المتعلق بعالقات العمل تنص " :يخضع العمال في إطار عالقات العمل للواجبات األساسية
التالية - :أال تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في مؤسسة أو شركة منافسة أو زبونة أو مقاولة من الباطن ،إال إذا كان
هناك اتفاق مع المستخدم."...
2بن عزوز بن صاب ر ،نشأة عالقة العمل الفردية في التشريع الجزائري والمقارن ،دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع ،عمان-
األردن.931 ،2191 ،
3المادة 919من قانون العمل المصري ": ،إذا كان العمل الموكل ألى العامل يسمح له بمعرفة عمالء رب العمل ،أو االطالع
على سر أعماله ،كان للطرفين أن يتفقا على أال يجوز للعامل بعد انتهاء عقد العمل أن ينافس رب العمل ،وال يشترك في أي
مشروع يقوم بمنافسته".
4هدفي ،الوجيز في عالقات العمل الفردية والجماعية ،دار ريحانة للكتاب ،الجزائر ،2119 ،ص .11
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
العامل ملزم أثناء مرحلة تنفيذ عقد العمل بواجب االخالص تجاه صاحب العمل وال يمكن له أن
يمارس نشاطا منافسا ولو في غياب شرط صريح خاص في العقد".9
تقر المحاكم عموما بشرعية االلتزام بعدم المنافسة رغم أن بعض الفقهاء يرى فيها مساسا
بحرية العمل ،وال يمكن من ناحية أخرى القبول بإلحاق الضرر بصاحب العمل من خالل النشاط
المماثل للعامل ، 2اللهم إال إذا كان صاحب العمل عند تعاقده مع العامل ،قد علم بوجود نشاط خاص
للعامل منافس لنشاطه ورضي به.
غير أن قيام صاحب العمل بالسماح للعامل بممارسة نشاط منافس ال يعني إعفاء هذا األخير
من التزامه باألمانة واإلخالص للمؤسسة ،بأن العامل يتحمل المسؤولية عند تجاوز حدود هذا اإلذن
ونطاقه ،ذلك أن التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل نابع من وجوب التزام العامل باإلخالص
والوالء لصاحب العمل.3
ال يعني االلتزام الضمني بعدم المنافسة تسخير العامل أو استعباده لمصلحة صاحب العمل،
والدساتير ،إذ يكون للعامل الحق األعرا أواحتكار نشاطه ،أو إلغاء حريته في العمل بما يخال
في االستفادة من أوقات فراغه على النحو الذي يرضيه سواء بالعمل لحسابه أو بالعمل لحساب
ذلك ،أو يكون في العمل اآلخر منافسة لصاحب الغير ما لم يتفق صاحب العمل معه على خال
العمل األول ،4وفي القانون الفرنسي للعامل – دون أن يتجاوز الحد األقصى المسموح به لساعات
العمل المأجور -3أن يجمع بين عدة أعمال أو وظائ ،فالمشرع الفرنسي يحظر القيام بأعمال
تتجاوز الحد األقصى لفترة تشغيل العامل المسموح بها وليس بإبرام أكثر من عقد عمل.
على غرار باقي التشريعات المقارنة ،9اعتبر المشرع الجزائري إخالل العامل بالتزام المحافظة
على األسرار المهنية خطأ مهنيا يستوجب التسريح ،1وإذا كان العامل مسؤوال من الناحية المدنية
عن إفشاء أسرار المؤسسة المستخدمة إذ نجم عن ذلك ضرر للمؤسسة ،وإذا تعلق األمر بمؤسسة
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
ذات طابع صناعي 9فإن عدم احترامه لهذا االلتزام ال يثير فقط مسؤوليته المدنية ،وأنما أيضا
مسؤوليته الجنائية.2
غير أن االلتزام بعدم المنافسة يعتبر قيدا خطيرا على مصير العامل اإلجتماعي والمهني ،إذ
يهدد العامل في مورد رزقه إذا كان ال يتقن إال العمل الذي مارسه لدى صاحب العمل ووسيلة
ضغط عليه للبقاء في خدمة المؤسسة المستخدمة ،حيث يمنع عليه االستقالل بنشاط خاص به
أوالعمل في ذات المهنة لدى صاحب عمل آخر.
هنا يثار اإلشكال حول كيفية التوازن بين مصلحة المستخدم في عدم منافسة العامل له بعد
انتهاء العقد حتى يحمي عمالء المؤسسة واالستثمار الذي أنجزته األخيرة في مجال تكوين العمال،
وبين مصلحة العامل في استرجاع حريته في العمل كمظهر من مظاهر الحرية الفردية وحق في
ممارسة حياته الخاصة المكفولة قانونا سواء بممارسة نشاط لحسابه الخاص أو بالعمل لدى الغير،
حيث أن عدم التوفيق بين المصلحتين سيؤدي حتما إلى المساس بنطاق الحرية التعاقدية في قانون
العمل.3
- 3إدانة العامل إلرتكابه جرائم خارج العمل
النظر عن يجوز لصاحب العمل تسريح العامل في حالة إدانته إلرتكابه جرائم بصر
موضوعها ،أو مكان ارتكابها ،سواء ارتكبت داخل أو خارج دائرة العمل ،4وسواء أدين العامل
لجريمة من جرائم الجنايات بصفة عامة مثل جناية القتل ضد صاحب العمل أو زمالئه أو غيرهم،
أو جناية الحريق عمدا في المؤسسة المستخدمة ،أو جناية اختالس أموال المؤسسة التي يعمل فيها،
أو اآلداب العامة داخل أو خارج مكان العمل. أو ارتكابه لجرائم مخلة بالشر
دائما عن خطورة فاعلها ،3فكل إنسان مسؤول عن الحكمة من ذلك أن هذه الجرائم تكش
أفعاله ومواقفه التي يتخذها مسؤولية أخالقية واجتماعية وقانونية إذا اصطدمت هذه األفعال باألحكام
القانونية السائدة في المجتمع ،حيث يفترض أن ممارسة اإلنسان لحريته أيا كان مجالها تطبيقها ال
تصطدم و ال تثير القواعد القانونية المعمول بها.9
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
إذا كان المبدأ التقليدي في عالقات العمل أنه يوجد فصل بين الحياة المهنية للعامل وحياته
الخاصة ،وأنه ال يمكن لصاحب العمل أن يمارس سلطاته إال أثناء وجود العامل في وقت ومكان
العمل ،فال يمكن لصاحب العمل أن يتدخل في حياة العامل الخاصة طالما أنها ال صلة لها بالعمل
وظلت خارج العالقة المهنية.9
إال أنه ورغم هذا ال يمكن الفصل المطلق من سائر الوجوه بين الحياة الخاصة للعامل وبين
حياته المهنية ،وذلك نظرا للصفة المستمرة لعقد العمل التي تجعل تأثير حياة العامل الخاصة خارج
المهنة على عالقات العمل أمرا ال يمكن تجنبه.2
اعتبر القضاء الفرنسي أن صدور حكم قضائي بإدانة العامل جنائيا كان من شأنه اإلخالل
بحسن سير العمل في المؤسسة ،وبالتالي يشكل عنصرا هاما كسبب للتسريح حتى ولـو أفرج عن
أو كانت الوقائع المجرمة منقطعة الصلة بالعمل.3 العامل في االستئنا
المحكمة بفعل التحرش الجنسي في قضية أخرى تم تسريح العامل إلدانته من طر
خارج المؤسسة ا ستنادا لعدم الثقة فيه ،حيث تضم المؤسسة عدد كبير من المصحوب بالعن
العامالت ،واعتبرت بأن هذا المبرر مشروع ويكعس سببا حقيقيا وجديا .4
تميل محكمة النقض الفرنسية إلى الروابط األكثر أهمية مع المجال المهني للسماح لصاحب
العمل بفرض عقوبات على األحداث خارج توقيت ومكان العمل ،حيث أنه بموجب الحكم الصادر
في 29جوان 2193أقرت أنه وحتى في حالة اإلدانة الجنائية خارج إطار عالقة العمل ،البد من أن
يستند صاحب العمل في تسريحه للعامل على أسباب حقيقية وجدية ،وبالتالي فإن مجرد إرتداء
العامل للزي الرسمي في نهاية يوم عمل له أثناء ارتكابه للسرقة في مركز تسوق غير كافية إلقامة
صلة مع المجال المهني وأن الحياة الشخصية للعامل ال يمكن أن تبرر التسريح التأديبي.3
لكن مع ذلك ظلت محكمة النقض متأرجحة في أحكامها ،إذ أنه بمقتضى الحكم الصادر في 91
بنك القرض الفالحي إلرتكابها خطأ جويلية 2112الصادر بشأن قضية تسريح عاملة من طر
سيارة مسروقة في مرآبها وأوراق هوية في حقها الكتشا جسيما بعد صدور مذكرة توقي
مزورة وأسلحة نارية.
919
حماية الحياة الخاصة للعامل
اعتبر المستخدم أن األحداث التي أدينت ألجلها العاملة بصفة قطعية تمس باإلستقامة والنزاهة
لدرجة من الجسامة ما يلحق بالمؤسسة المالية نفسها ،ألن هذه األخيرة تتضرر كثيرا إذا تزعزعت
ثقة الزبائن بها لذلك يفترض بالعاملين فيها أن يتحلوا بالنزاهة في مجال العمل وحتى خارج العمل
ألنه يظل دائما ممثال للبنك ومنه صار تسريحه أمرا البد منه ،لكن محكمة النقض سلكت اتجاها
مغايرا ،فاعتبرت أنه لم يلحق مشاكل بالمؤسسة ولم يعرقل نشاط البنك ،وأن التسريح هو ذو طابع
تأديبي بينما األحداث تتعلق بحياة العامل الشخصية وال يمكن أن تعتبر خطأ مهنيا.9
بالمقابل ،وفي قضية مماثلة فإن الغرفة اإلجتماعية للمحكمة العليا حكمت بإمكانية معاقبة
العامل على أساس الخطأ ،في قضية عامل بائع في مؤسسة قام في محل بيع مؤسسة أخرى بإخفاء
مواد من دون دفع ثمنها بعدما عطل جهاز اإلنذار ،وكانت المؤسسة الضحية تابعة لمجمع ،هذا
األخير رفض التعامل مع المستخدم في جميع مؤسساته.2
اعتبر قضاة الموضوع أن هذه األحداث أضرت كثيرا بسمعة المستخدم ،ما أجاز عملية تحويل
العامل من البيع واالستقبال إلى العمل في المخزن ،فرغم أن األحداث تتصل بالحياة الخاصة للعامل
إال أنها أثارت عرقلة في المؤسسة نفسها وسببت أضرارا لها.
األصل أن الحكم النهائي على العامل في جناية أو جنحة ال يمثل إخالال باإللتزامات الجوهرية
ل لعامل ،ولكن التشريعات راعت في تقرير ذلك اآلثار السلبية لإلجرام على الحياة المهنية في نطاق
قانون العمل ،التي تتمثل في اختالل الثقة في العامل وحسن سير العمل داخل المؤسسة.3
إذا كانت الجريمة ال صلة لها بالعمل المنوط غير أن هناك اتجاه فقهي انتقد هذا الموق
بالعامل وال مرتكبه في اثنائه وفي مكانه ،4واعتبر أنه ال بد من الفصل مابين الجناية الوقعة داخل
أو خارج دائرة العمل ،وبين الجنحة الواقعة داخل أو خارج دائرة العمل.3
تعتبر أغلبية تشريعات العمل المقارنة أن الحكم على العامل بجنحة أو جناية من قبيل الخطأ
في ال جسيم الذي يجيز لصاحب العمل أن يفسخ عقد العمل ويقوم بتسريح العامل ،مع وجود اختال
شأن جسامة الجريمة ومكان وزمان وقوعها.
بعض التشريعات تشترط في الجريمة التي تصلح لفسخ عقد العمل وتسريحه أن تكون جناية
أو جنحة ،حيث نجدها تجيز الفسخ في الجنايات في حين تقيده بالنسبة لتلك الجنح الماسة بالشر
9
Cass.soc, 18 Juin 2002, N°00-44111, R.T.D, Janv 2004, p 29.
2
Cass soc, 2 Déc 2002, Bull.civ,V,n° 361, 20 Nov 1991, ibid, V, N° 515.
3محمد جمال الدين زكي ،مرجعبق سا ،ص .999
4حسن كيرة ،أصول قانون العمل ،عقد العمل ،الطبعة الثالثة ،دار المعارف ،االسكندرية ،ص ،191أحمد شوقي عبد الرحمن،
مرجع سابق ،ص ،49ناهد العجوز ،مرجع سابق ،ص .319
3أحمد شوقي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص 49
912
حماية الحياة الخاصة للعامل
أواألمانة أو اآلداب ، 9وهذا ما نص عليه القانون العمل المصري في المادة 99فقرة 1منه ،وقانون
العمل األردني في المادة 91منه.
إن استحالة تنفيذ التزامات أحد الطرفين في عالقة العمل تمنح لصاحب العمل حق فسخ عقد
العمل ،ومن هذه الحاالت حالة فقد العامل لحريته بسبب حكم قضائي ،أو الحكم على العامل بعقوبة
سالبة للحرية ،وبالرغم من اشتراط ضرورة صدور حكم اإلدانة لتوقيع صاحب العمل الجزاء
التأديبي بتسريح العمل من العمل.
إال أن اإلشكال الذي يقوم في هذه الحالة ،سيما إذا كان التسريح بسبب التهمة خارج نطاق
العمل ،هو مدى حق العامل الذي أثبت براءته بمقتضى حكم نهائي في العودة إلى منصب عمله
خاصة أن المادة 923من قانون العقوبات لم تحدد ذلك ،والمرجع أنه ليس لصاحب العمل أي سبب
إذا كان صاحب العمل هو الخصم يلزمه بإعادة العامل إلى عمله من الناحية القانونية ،على خال
كأن يتهم أحد عماله باالختالس ،ثم يتبين براءته فإنه ملزم بإعادته للعمل ،وفي الواقع العملي نجد
مؤسسة اتصاالت الجزائر تنص في نظامها الداخلي في الفقرة الثانية من المادة 22على أنه «في
حالة اإلعفاء من التهمة يعاد إدماج العامل إلى منصب عمله أو منصب عمل مماثل ».
مقارنة أيضا مع النظام الداخلي للمؤسسة العمومية االقتصادية إلتصاالت الجزائري ،يتضح
أنه يقرر في المادة 22منه فقرة األولى بأنَ لجنة التأديب تبدي رأيها حول إعادة إدماج العامل في
حالة االستفادة من اإلفراج المؤقت ،حالة الحكم بعقوبات من غير الحرمان من الحرية ،أما الفقرة
الثالثة من هذه المادة فتنص على أنه «في حالة الحكم النهائي بعقوبات السجن يمكن فسخ العقد بقوة
القانون ،وهذا بعد الحكم النهائي».2
- 4فقدان الثقة في العامل
التي يتخذها العامل في حياته الخاصة قد تؤدي إلى اختالل مبدأ الثقة الواجب إن المواق
توفرها بين طرفي العالقة القانونية و قد تنعدم تماما في جانب صاحب العمل ،بل تتجاوز مرحلة
التأثير الشخصي على صاحب العمل إلى التأثير موضوعيا على المؤسسة.
اختالل الثقة حالة نفسية تعبر عن انطبعات شخصية لدى صاحب العمل تولد شكوكا قوية بعدم
التعامل مع هذا العامل ،فشكوك صاحب العمل حول العامل قد تجد مصدرها في أفعال للعامل
913
حماية الحياة الخاصة للعامل
مشروعة في ذاتها وتدخل ضمن حياته غير العقدية ومقتضاياتها وإن كانت مهنية ،كانتماء نقابي
مثال ومن ثم يستحيل ضبطها من زاوية الرقابة القضائية.9
صاحب العمل تقييما موضوعيا يعتمد أساسا على مدى تأثر المؤسسة سلبا تقييم موق
باألسباب التي أدت الختالل ثقة صاحب العمل في العامل ،2وإن كانت هذه األسباب تدخل في دائرة
الحياة الخاصة وكيفية ممارستها ،3وهذا ما يعني أن عنصرا موضوعيا وليس شخصيا أدخل في
االعتبار عند مراجعة صاحب العمل فيما انتهى إليه.
هناك أكثر من احتمال قد يسفر عن حالة اختالل الثقة أو فقدانها والتي يستند إليها صاحب
العمل لتسريح العامل ،فإما أن تكون أفعال صدرت عنه هو شخصيا أو بسبب أفعال منسوبة
ألشخاص على صلة وثيقة به.4
االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة سونطراك أكدت على التزام العامل بالتحفظ ،ونصت على أن
كل اتصال يقوم به العامل مع الغير بشأن وثائق المؤسسة أو معلومات مالية أو تجارية أو تقنية،
وغير ذلك يشكل خطأ خطيرا وجسيما يعاقب عليه دون التخلي عن المتابعة الجزائية.3
أقر القضاء الفرنسي في عدة أحكام له بأن اهتزاز ثقة صاحب العمل في العامل بسبب وجود
اتصاالت أو تبادل معلومات أو وجود عالقات عائلية أو ماشابهها قد يعد مبررا لتسريحه من
العمل ،9حيث قضت في إحدى القضايا بأن المشاكل التي بين زوج إحدى العامالت والمؤسسة تشكل
سبب حقيقي وجدي لقرار التسريح الذي اتخذه صاحب العمل ،على أساس أن فقدان الثقة المتبادلة
عقبة أمام عالقة العمل ،1في هذه القضية نسب إلى العاملة ولكن بين العامل والمؤسسة يق
بطريقة غير مبررة عدم التوافق بين عملها كسكريتيرة وأمينة على أسرار المؤسسة وبين وضعها
كزوجة لعامل رفع دعاوى قضائية ضد المؤسسة بعد أن
سبق له العمل فيها.
غير أن محكمة النقض الفرنسية غيرت موقـفها في مطلع التسعينات وأعادت النظر والتقييم
عالقة العمل وتسفر عن إنهاء عـقد العمل ،1وأقـرت بأن لحالة فقدان الثقة التي تظهر بين أطرا
914
حماية الحياة الخاصة للعامل
فقدان الثقة الذي يدعيه صاحب العمل ال يشكل في حد ذاته سببا للتسريح.9
ذلك أن عدم ثقة صاحب العمل في العامل ال يكفي بحد ذاته للتسريح ،فهذه الحالة النفسية
المجردة يصعب تقييمها وذلك العتمادها على مفردات ذاتية لديه ،ومن ثم ال تعد سببا جدا أوحقيقيا،
الجديد للمحكمة على أنه رغبة في التضييق وال تعكس مبررا مشروعا للتسريح ،2وقد فسر الموق
من دائرة فقدان الثقة الذي يستند عليه لتبرير تسريح العامل.
اعتبرت أن االعتماد فقط على المشاعر الشخصية لصاحب العمل سببا للتسريح يعد انتهاكا
للقانون الذي يستلزم سببا حقيقيا وجديا ،ذلك أن معيارا شخصيا يتحكم في مصير اإلطار المهني
للعامل غير ذي صلة بأية وقائع محددة يمكنها تبرير حالة صاحب العمل النفسية.
المؤسسة ومدى تأثرها للقول بأن التسريح في هذه الحالة بل يجب دائما النظر إلى ظرو
من جانب صاحب العمل أم ال ،حيث ال مبررا من عدمه ،وبالتالي تقييم ما إذا كان هناك تعس
بالتقييم الشخ صي المجرد لصاحب العمل غير ذي صلة بالمؤسسة التي يعد كل ما قد يمسها يعتر
سببا جديا وحيقيا يبرر انهاء العالقة العقدية.
إن كانت مسؤوليات صاحب العمل تفرض عليه عدم االهمال والتجاوز عما قد يسبب اضطرابا
المهنية المرتبطة بحالة نفسية اتجاه العامل أن في المؤسسة ،فإنه ال بد عليه في حالة المخاو
يوضح ويثبت السبب الجدي والحقيقي المبرر إلنهاء العالقة بينه وبين العامل ،حيث أن تسريح
خارج المؤسسة استنادا لعدم الثقة فيه العامل الذي أدين بالفعل لتحرشه الجنسي المصحوب بالعن
يعد مبرر مشروع ،ويعكس سببا جادا وحقيقيا للتسريح إذ تضم المؤسسة عدد كبير من العامالت.3
نستنتج مما سبق أن العامل خارج مجال العمل ال يخضع إلى سلطة المستخدم ،وهو حر في
حياته الخاصة ،غير هذا المبدأ مقيد بشرط أن ال يلحق تصرفه خارج اإلطار المهني ضررا
بمصالح المؤسسة ،ويمكن أن يتجسد هذا الشرط في الحاالت التي ينص عليها القانون ،كاألخطاء
التي تقع خارج أوقات العمل ويمتد أثرها إلى العمل نفسه مثل إفشاء سر المهنة أو المنافسة الغير
مشروعة ،4أو فقدان الثقة في العامل.3
في هذا الصدد ينص النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر في المادة 49منه على
ضرورة اإللتزام بالت حفظ ،وأن يتخذ العامل دوما وحتى خارج المؤسسة موقفا الئقا بسمعة
9
« La perte de confiance alléguée par l’employeur ne constitue pas en soi un motif de licenciement »,
Cass.Soc, 29 Nov 1990, Dr. 1991, p 190, Note J.PELISSIER.
2خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .999
3مذكور في :خالد حمدي عبد الرحمن ،نفس المرجع ،ص .993
4بن بدرة عفيف ،مرجع سابق ،ص .942
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .11
913
حماية الحياة الخاصة للعامل
المؤسسة ،حيث يمنع من القيام بأي عمل أو سلوك أو تعليقا يعتبر مخالفا لوظائفه ،وااللتزام باحترام
الكرامة المرتبطة بالوظيفة أو منصب العمل مهما كان طبيعته .9
إذن كان البد من التطرق من خالل دراسة حماية الحياة الخاصة للعامل خارج إطار عالقات
العمل إلى مبدأ احترام الحياة الخاصة من حيث مبادئه وخصوصياته لتحديد مفاهيمه ،إذ ليس من
اليسير تحديد ما يدخل في دائرة الحياة الخاصة وما ال يعد منتميا إليها ،ذلك أن النظر في المفاهيم
السائدة بشأن الحق في احترام الحياة الخاصة باعتبارها من الحقوق المالزمة للشخصية يظهر قدرا
بحسب التوجهات القانونية والقضائية للدول. كبيرا من التنوع ،فهي تختل
الحياة الخاصة التي تمارس خارج اإلطار المهني تعد مظهرا من مظاهر الحرية الفردية،
وكيفية ممارستها تحظى بالحماية القانونية ف ي مواجهة اإلطار المهني أقرتها االتفاقيات وتوصيات
المؤتمرات الدولية العالمية واٌإلقليمية ،وكرستها التشريعات الوطنية من خالل الحماية الدستورية
وحماية التشرع العادي .
انطالقا من الطبيعة الخاصة لعقد العمل الذي يبرز فيه االعتبار الشخصي في مرحلة السعي
إلى إبرام عقد العمل إلتمامه ،فإن الحياة الخاصة للمترشح للعمل تكون عرضة للمساس بها خاصة
في ظل انتشار وسائل المراقبة والتحري ،أو االختبارات الطبية أو وسائل المراقبة الحديثة التي قد
يلجأ إليها صاحب العمل بحجة االختيار األمثل للمترشحين المراد التعاقد معهم.
من أجل حماية هؤالء عرضنا عدة ضمانات تكفل منع االعتداء على حياتهم الخاصة لعل أهمها
حظر التمييز بينهم ،فمن حيث المبدأ ال يجوز رفض المترشح للعمل بناء على أصله أو جنسه
أو انتمائه العرقي أو بسبب آرائه السياسية أو معتقداته الدينية أو الفكرية أو الحزبية ،أو لممارسته
لهويات معينة أثناء أوقات الفراغ ،أو القيام ممارسة أي حق أو حرية من الحريات األساسية.
التشريعات بحظر التمييز بين المترشحين على أساس اإلعتبارات السابقة ،وإنما تحقيقا لم تكت
للحماية ذهبت إلى أبعد من ذلك ،حيث حظرت مجرد التحري حول الحياة الخاصة للمترشح ،فمنعت
عن سرية حياته الخاصة ،كتوجيه أسئلة أو استفسارات عن أمور خارجة عن اإلطار الكش
المهني ،وهو ما نظمه مؤخرا مشروع قانون العمل الجديد ،غير وجه هذا الحظر فقط إلى وكاالت
التشغيل دون إلزام صاحب العمل بذلك.
أما بعد إبرام عالقة العمل ،وخارج اإلطار المهني لها ،فإنه ينتهي التزام العامل بمفرداتها
المختلفة زمانيا ومكانيا ،ومن حيث األداء المطلوب منه ،فإنه يسترد حرية التعامل مع مفردات
9المادة 49من النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر ،الملحق رقم ،11أيضا المادة 34من النظام الداخلي لمؤسسة نفطال.
919
حماية الحياة الخاصة للعامل
حيالها بما يتفق مع رؤيته لألمور ،توجهاته ،معتقداته ،سلوكياته ،فهذه حياته المختلفة ،فيتصر
الممارسات أي كانت طبيعتها تعني ممارسة العامل لحريات غير محددة كفلها له الدستور والقانون.
إنَ تنظيم استعمال وسائل االتصال الحديثة بالنسبة للمؤسسة يبقى أمرا ضروريا ويجب األخذ
تطور نتيجة التأثير بعين االعتبار احترام الحياة الخاصة للعامل عن بعد ،هذا المفهوم الذي عر
الكبير الذي أحدثته الثورة المعلوماتية على حقوق وحريات األفراد ،إذ سهلت هذه التكنولوجيا
اختراق الحق في الحياة الخاصة للعامل.
تسوجب حماية الحياة الخاصة للعامل وضع حدود للتداخل بين اإلطار المهني القائم كنتيجة
إلبرام عقد العمل وبين اإلطار غير المهني ،والذي يعد بمثابة حياة خاصة تحظى بالحماية ضد كل
اقتراب أو مساس بها من جانب صاحب العمل ،لعل من أهم الضمانات التي تؤكد حق العامل في
حياته الخاصة هو مبدأ استقالل الحياة الخاصة عن الحياة المهنية ،إال أن هذا المبدأ ترد عليه بعض
اإلستثناءات والتي تشكل قيد على ممارسة العامل لحياته الخاصة خارج اإلطار المكان والزماني
للعمل حيث أن حرية العامل خارج إطار العمل وأثناء سريان عقد العمل تبقى مقيدة بحدود ،أي
العامل خارج مكان وتوقيت العمل ضررا بالمؤسسة المستخدمة شريطة أن ال يلحق تصر
أو يعرقل نشاطها.
إذا كانت حرية العامل في ممارسة حياته الخاصة خارج اإلطار المهني مقيدة بعدم اإلضرار
بالمؤسسة ،فإن ممارسة صاحب العمل لسلطاته في نطاق اإلطار المهني أصبحت هي بدورها مقيدة
بقواعد وحدود ،تتزايد بتزايد حقوق اإلنسان داخل المؤسسة في الوقت الراهن ،خاصة بعد إقرار
مبدأ استقالل الحياة الخاصة للعامل عن حياته المهنية داخل مكان وزمان العمل ،وهذا ما سنحاول
التطرق إليه في الباب الثاني الموسوم بحماية الحياة الخاصة للعامل في العمل.
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
الباب الثاني
حماية الحياة الخاصة للعامل داخل االطار المهني
إنَ قانون العمل يفترض التواجد المادي للعامل داخل المؤسسة ،باعتبارها المكان الطبيعي
للعمل الذي يؤدي العامل داخله العمل المنوط به طيلة الحد األقصى لتوقيت العمل ،وفي إطاره
والتوجيه ،فهذا يمارس صاحب العمل إزاء العامل ما يخوله القانون من سلطات الرقابة واإلشرا
النطاق المكاني والزماني هو اإلطار الطبيعي لعالقة العمل الذي تمارس فيه مظاهر تبعية العامل
لصاحب العمل.
يخضع العامل لتبعية صاحب العمل أثناء ممارسته لنشاطه المهني؛ أي فقط أثناء قيامه بالعمل
الذي طلب منه داخل مكان العمل ،من هذا المنطلق فإن التبعية تمارس في مكان معين (مقر العمل)
وهي تمارس في زمن معين (وقت العمل) إلضفاء شرعية على نفوذ هذا األخير داخل المؤسسة
باعتبار ما يتمتع به من صالحيات قانونية واسعة تدعم سلطته على العاملين التابعين له.
كثيراً ما يحدث تنازع بين حق صاحب العمل في تسيير مؤسسته وفق ما تحققه من ربح،
وبين حق العامل في احترام حياته الخاصة ،ذلك أن صاحب العمل يتمتع بسلطة التوجيه واإلشرا
على عماله نتيجة عقد العمل الرابط بينهما ،وما ينشأ عنه من عالقة تبعية التي تعتبر جوهر عقد
العمل ومعياره المميز.
لعلَ أهم التساؤالت تدور حول إمكانية الحديث عن حماية الحياة الخاصة للعامل في إطار
حياته المهنية في ا لمكان الذي هو ملك صاحب العمل ،وفيه يخضع العامل لإللتزام بأوامره وبأداء
العمل المنوط به تحت إدارته وإشرافه وتوجيهه ،وإذا كانت اإلجابة باإليجاب هي التي تُقرها
القوانين ،فهل يمكن الحديث في إطار عالقة العمل عن نقطة التوازن بين حق العامل في الحياة
الخاصة من جهة والمقتضيات التي تتطلبها مصالح المؤسسة ونجاحها من جهة ثانية؟
إجابةً على هذه التساؤالت تنصب دارستنا من خالل الباب الثاني إلى بحث صور حماية الحياة
الخاصة للعامل في (الفصل األول) ،لنعرض فيما بعد أهم الضمانات الكفيلة بحماية الحياة الخاصة
للعامل في إطار عالقة العمل في (الفصل الثاني).
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفصل األول
صور حماية الحياة الخاصة للعامل في العمل
يعكس احترام الحياة الخاصة للعامل تقدير الحرية الفردية واحترامها ،غير أنه ليس من اليسير
تحديد ما يدخل في دائرة الحياة الخاصة وما ال يعد منتميا إليها سعيا إلى تحديد حدوث اعتداء عليها
من عدمه ،ذلك أنَ النظر في المفاهيم السائدة بشأن الحق في احترام الحياة الخاصة باعتبارها من
الحقوق المالزمة الشخصية يظهر قدرا كبيرا من التنوع.
إنَ المساس بالحياة الخاصة للعامل في إطار عالقة العمل يحدث بصورة أو بأخرى سواء عند
التع اقد أو بعده ،فحينما يتقدم العامل إلى صاحب العمل بغية التعاقد معه والعمل لديه ،قد يشترط هذا
األخير بعض الشروط التي تعد انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة للعامل ،كما قد يجد صاحب العمل
حجة أخرى أثناء تنفيذ العقد وهي مراقبة تنفيذ العامل للعمل وحسن إدارة المؤسسة لكي يستبيح من
ناحية أخرى مراقبة العامل بشتى الوسائل ويتطفل بذلك على جوانب خاصة من حياته ال صلة لها
بتنفيذ العمل.
على جوانبه المختلفة بغية دراسة حماية هذه المسائل دفعتنا إلى تناول هذا الموضوع والتعر
الحياة الخاصة للعامل أثناء إبرام عقد العمل في (المبحث األول) وبحث حماية الحياة الخاصة للعامل
أثناء تنفيذ عقد العمل في (المبحث الثاني).
المبحث األول
حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء إبرام عقد العمل
إنَ للعامل حياته المهنية وهي تلك التي تبدأ عند تعاقده على القيام بعمل محدد ،أو لدى سعيه
لهذا التعاقد ،والحياة المهنية أساسها العقد ونطاقها يحدده مضمون العقد ،وينبغي بالتالي تحديد ما
يدخل في هذا النطاق وما يخرج عنه ،لضمان عدم تأثر الحياة المهنية بما يتم خارج إطارها ،سواء
في النطاق العام أو الخاص وكالهما بمفهومه غير المهني.
بعيداً عن عالقة العمل ونطاقها نكون أمام حياة خاصة تستحق الحماية في مواجهة صاحب
العمل وإن مارسها في مكان العمل ،وبعبارة أخرى أكثر تحديداً فإنَ ما يخرج عن اإلطار المهني
يعد حياة خاصة في مواجهة صاحب العمل وفي استحقاق الحماية لمواجهة تدخله غير المبرر ،1غير
أنه أثناء اإلستعداد والتفاوض على إبرام عقد العمل بين المستخدم والراغبين في العمل بعد قبول
عليها ترشحهم للمنصب ،قد يشترط صاحب العمل جملة من الشروط تتصل بحياته الخاصة يتوق
اشتغال العامل لديه.
1خالد حمدي عبد الرحمن ،الحماية القانونية للحياة الخاص ة للعامل ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2119-2113 ،ص . 22
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
ال شكَ أن شروطا من هذا القبيل تتعارض مع حقوق العامل الشخصية ،9ومما ال شك فيه
تجعله تحت تأثير الحاجة يرضخ أيضا أنَ رغبة العام ل في العمل لضمان أجر يعيش به ،سو
لشروط المستخدم ،األمر الذي يتطلب توافر حماية قانونية للعمال من مثل هذه الشروط الماسة
بحياتهم الخاصة وحقوقهم الشخصية.
المطلب األول
مدى تأثر الحياة الخاصة للعامل بخصائص عقد العمل
يعد عقد العمل الوسيلة الوحيدة التي تنشأ بها عالقة العمل ،2وهو االتفاق الذي يتعهد فيه أحد
المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد اآلخر وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد
اآلخر ، 3فالعامل بحكم العقد الذي يربطه بصاحب العمل يخضع في أدائه المنوط به الى رقابة
وتوجيه صاحب العمل ،وهذا ما يعبر عنه بعالقة التبعية وهي معيار العقد المميز 4مقارنة وإ شرا
بعناصر العمل األخرى كالعمل واألجر.
إذا كان على العامل أداء العمل المنوط به وفقا توجيهات وتعليمات صاحب العمل اإلستجابة
لمقتضيات التبعية ،إال أنه قد يتخلى بموجبها عن حريته المطلقة بالقدر الالزم لتنفيذ التزاماته
عند تأثير هذه الحياة التعاقدية ،وتقتضي دراسة الحياة الخاصة للعامل في إطار عقد العمل الوقو
على خصائص عقد العمل سواء في طابعه المهني أو طابعه الشخصي أومن خالل رابطة التبعية.
الفرع األول
الطـابع المهني لعقـد العمـل
في ظل اإلطار المهني فقط يمكن إجبار العامل على تقبل القيود التي يفرضها العقد ،وأمَا في
اإلطار غير المهني ورغم وجود عالقة عقدية قائمة فإنَ العامل يسترجع حريته بالكامل لممارسة
حياته الخاصة ،ذلك أن تعاقده يقيد من حريته في إطار حدود مكان وزمان العمل وأداء العمل
المتفق عليه ،بل إنَ تأثر حياته المهنية بما يحدث خارج إطارها يعد مساسا بشخصيته وحياته
الخاصة.
9محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،الرباط ،الطبعة األولى ،2119 ،ص 92.
2بن عزوز بن صابر ،نشأة عالقة العمل الفردية في التشريع الجزائري والمقارن ،دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع ،عمان-
األردن ،2191 ،ص 31.
3أحمد حسن البرعي ،شرح عقد العمل الفردي ،دار النهضة العربية ،9113 ،مصر ،ص 91.
VANNES (V), Concept de l’autorité dans les relations de travail in le lien de subordination dans le contrat 4
de travail, Faculté de droit, Université libre de Bruxelles, 2005, p 16.
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
DESPAX (M), La vie extra-professionnelle du salarié et son incidence sur le contrat du travail, J.C.P, 1963,
p170.
2خالد حمدي عبد الرحمن ،المرجع السابق ،ص 21.
3زهير حرح ،تأثير الحياة الخاصة للعامل في حياته ال مهنية ،مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،المجلد ،31العدد
األول ،2194 ،ص .11
4زوبة عز الدين ،سلطة المستخدم التأديبية في إطار المادة 13من قانون 99/11المتعلق بعالقات العمل ،رسالة ماجيستر،
تخصص عقود ومسؤولية ،كلية الحقوق -جامعة أحمد بوقرة ،بومرداس ،2199 ،ص 13.
3المادة 919من األمر رقم 31-13المؤرخ في 29سبتمبر ،9113المعدل والمتمم ،المتضمن القانون المدني الجزائري.
9المادة 23من قانون العمل العماني المعدل والمتمم ،الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم 33،/2113بتاريخ 29
أبريل.2113
919
حماية الحياة الخاصة للعامل
أ مَا إذا ثبت أنَ التغيير تم بقصد اإلساءة للعامل أو تحقيق مصلحة غير مشروعة فال يلتزم هذا
األخير بطاعة أوامر صاحب العمل وال يكون مخالً بأي التزام إذا امتنع عن تنفيذ هذا األمر،9
أن يتنصل مما التزم به. ورغم ذلك ال يمكن ألي طر
األمر الصادر عن صاحب العمل العقد أو القانون أوالنظام العام - 2أن أال يخال
يلزم العامل بتنفيذ أوامر وتعليمات صاحب العمل التي تدخل في نطاق العمل المنوط به
األمر الصادر عن صاحب العمل العقد أو القانون أو النظام العام ،2ويجب شريطة أن أال يخال
على العامل أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة وذلك في حدود القوانين واللوائح والنظم
المعمول بها ،مع ضرورة أن يتم التراضي على العمل المطلوب وإذا كان العمل غير مشروع كان
العقد باطال.3
يخضع محل وسبب عقد العمل للشروط التي تحكم العقود األخرى ،فيشترط في محل عقد
العمل الذي هو بالنسبة للعامل ما يؤديه من عمل حسب المواصفات التي يفرضها العقد أن يكون
عمال مشروعا ،إذ أن المادة 13ق.م.ج تشرط أال يكون العقد مخالفا للنظام العام ولآلداب العامة
وإال كان محل االلتزام باطال مطلقا ،كأن يبرم عقد عمل حول الدعارة أو حول نقل المخدرات.4
بذلك يثبت العامل حق دائم في اإلمتناع عن تنفيذ أوامر صاحب العمل أو من له سلطة النيابة
عنه ،عندما تكون هذه األوامر مخالفة للقانون والنظام العام واألخالق ،3كمثال عن ذلك إذا أمر
صاحب صيدلية العامل الذي يشتغل تحت إمرته تركيب دواء بطريقة تحتوي على غش ،أو بيعها
بعد انتهاء مدة صالحيتها ،كان لهذا العامل أن يمتنع عن ذلك.
كل إجراء يتخذه صاحب العمل ضد العامل في مثل هذه الحالة يعتبر في حقيقته إجراءًا غير
مشروع وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى المغربي بأن «...الطاعة أي
تبعية العامل لرب العمل يجب أن تبقى في حدود القانون.9»...
912
حماية الحياة الخاصة للعامل
9توفيق حسن فرج ،قانون العمل في القانون اللبناني والقانون المصري الجديد ،الدار الجامعية ،القاهرة ،9119 ،ص 291.
2جاء نص المادة 49قانون العمل العماني المعدل والمتمم كاآلتي " :للعامل ترك العمل قبل نهاية مدة العقد مع االحتفاظ بكامل
حقوقه بعد إخطار صاحب العمل بذلك في أي من الحاالت اآلتية:
-9إذا كان صاحب العمل أو من يمثله ق د أدخل عليه الغش وقت التعاقد فيما يتعلق بشروط العمل.
-2إذا لم يقم صاحب العمل تجاه العامل بالتزاماته الجوهرية طبقا ألحكام هذا القانون وعقد العمل.
-3إذا ارتكب صاحب العمل أو من يمثله أمرا مخال باآلداب نحو العامل أو أحد أفراد أسرته.
-4إذا وقع عليه اعتداء من صاحب العمل أو من يمثله.
-3إذا كان هناك خطر جسيم يهدد سالمة العامل أو صحته بشرط أن يكون صاحب العمل قد علم بوجود هذا الخطر ولم يقم
بتنفيذ التدابير والتي تفرضها الجهات المختصة في الموعد المحدد لها".
3زهير حرح ،مرجع سابق ،ص 19.
4خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .22
913
حماية الحياة الخاصة للعامل
قائما كذلك بعد انقضائها ،9غير أنَ قدرة العامل على التمسك بحريته في أسلوب ممارستها خارج
اإلطار المهني ال ينبغي أن يصطدم بمبدأ حسن النية الذي يطبع التزاماته المهنية.2
قد تثار مسألة حرية العامل بعد انقضاء عالقته العقدية التي تربط بينه وبين صاحب العمل
متى اتفق طرفان على شرط يقضي بعدم المنافسة ،وهو اتفاق يحد من حرية العامل المهنية وهو قيد
تبرره اعتبارات متعلقة بصاحب العمل ،يخضع لضوابط تشريعية ورقابة قضائية.3
الحد من الحرية المهنية مقبول في ظل سريان عقد العمل وكذلك بعد انتهائه ولكن بحدود ،ألن
اإلطار المهني الذي يحد من حرية العامل وهو ذلك الذي يعكس إطاراً آخر قائم وهو عالقة العمل،
وفي إطار هذه العالقة فقط يقبل العامل هذه القيود التي يفرضها عليه العقد ،أمَا في غير اإلطار
المهني فإنَ حرية العامل تتسع لممارسة حياته الخاصة سواء كان العقد قائما أو انتهى.4
إذن فإن إطاراً محدداً يربط بين العامل و صاحب العمل ويحكم عالقة كل منهما اتجاه اآلخر
أال وهو اإلطار المهني بناءا على عقد العمل الذي يفصل بين هذا اإلطار واإلطار غير المهني حيث
ال قيود على حرية العامل في ممارسة حياته الخاصة.
- 2حرية العامل الشخصية
تتسم عالقة العمل بفقدان لقدر محدد من حريته الشخصية يتمثل في ضرورة خضوعه المهني
ورقابة وتوجيه، لصاحب العمل ،فإذا كان عليه اإلستجابة لمقتضيات التبعية القانونية من إشرا
فإنَه في إطار هذ ه التبعية يلتزم بالتخلي عن حريته المطلقة بالقدر الالزم لتنفيذ التزاماته العقدية.
أمَا في غير اإلطار المهني ينتهي التزام العامل بمفرداته زمانياً ومكانياً ومن حيث العمل
حيالها بما يتفق مع المنوط به ،فيسترد حريته في التعامل مع مفردات حياته المختلفة ،فيتصر
توجهاته ومعتقداته وسلوكياته ،وتظهر في هذا اإلطار قدرته على ممارسة حياته الخاصة كيفما
يشاء ،وأي تدخل من جانب صاحب العمل يعد تعطيال لحريته وحياته الخاصة وكيفية ممارستها.3
هذه الممارسات أيا كانت طبيعتها أو اإلطار الذي يمكن نسبتها إليه لتقييمها سلبا أو إيجابا
تعني ممارسة العامل لحريات غير محددة كفلها الدستور والقانون وكذلك المواثيق الدولية ،وبالتالي
يحق له أن يحظى باحترام الغير لها وأن يفرض احترام حريته وكيفية ممارستها في حالة محاولة
للمساس بها.
9محمد علي عمران ،الوسيط في شرح قانون العمل الجديد ،دار نصر للطباعة والنشر ،2113 ،ص 949.
2خالد حمدي عبد الرحمن ،المرجع السابق ،ص .31
Louis VOGEL, Les clauses de confidentialité et de non-concurrence dans les contrats français et 3
américains, Mémoire de Master, Droit Européen Comparé, Institut de Droit Comparé, Université Paris II
.19Panthéon-Assas, 2014-2015, p
4خالد حمدي عبد الرحمن ،المرجع السابق ،ص 32.
3خالد حمدي عبد الرحمن ،المرجع السابق ،ص 21.
914
حماية الحياة الخاصة للعامل
غير أنَ الفصل بين الحياة المهنية والحياة غير المهنية للعامل وحرية ممارستهما ليس دائما
ل أهما أن مثل هذا الفصل ليس واضح ًا وصارماً على المستوى الفكري
باألمر اليسير لعدة أسباب لع َ
الجماعي لألفراد وتعاملهم مع مسألة الحياة الخاصة والحرية والثقافي ،فيصعب الزعم بأنَ الموق
الفردية يتسم بالتوحد ،كما أنَ مبدأ احترام الحياة الخاصة وحرية ممارستها ووضوح الخطوط
الحمراء التي ال يجوز تخطيها تعكس درجة من الوعي قد ال تتوافر لدى الجميع بذات الدرجة.
احترام الحياة الخاصة للعامل وحرية ممارستها له أثر مهم في تدعيم الشخصية اإلنسانية
وتنيمة مفرداتها المختلفة ،9وتقييد حرية ممارسة العامل لحياته الخاصة يعد أمراً غير مقبول مادامت
ومصالح المؤسسة. ال تتعارض مع التزاماته العقدية وال مع أهدا
الفرع الثاني
الطـابع الشخـصي لعـقد العمـل
عقد العمل من العقود التي ترد على عمل اإلنسان ،فلشخصية العامل عند إبرام العقد مع
صاحب العمل اعتبار خاص ، 2إذ يقوم عقد العمل على اإلعتبار الشخصي وهو يظهر عند التعاقد
فيكون مرجحاً إلتمامه كما يكون سببا الستمراره أو إلنهائه إذا اختفى أو اختل عنصر من العناصر
الشخصية التي أخذت في الحسبان عند التعاقد.3
إنَ تقييم العامل يستند إلى مواصفات ذاتية بعيدة عن اإلطار المهني كارتياح صاحب للعامل،
وأمانته ومظهره أو معرفة سابقة وتوصية بالتعاقد معه ،وهي مفردات تتفاوت في أهميتها بحسب
طبيعة العمل المطلوب أداؤه.4
أوال :شخصية العامل محل اعتبار عند إبرام عقد العمل
إنَ احترام الشخصية بكل أبعادهها ،السلوكية ،الدينية ،السياسية ،يجب أن يكون توجهاً جماعياً
أو تمييز فردي ،وهذا اإلحترام الكامل للشخصية وحريتها يسري على الجميع يستوعب كل اختال
بما فيهم أصحاب العمل الذين يجب قصر دورهم بالنسبة للعمال في مجال محدد هو اإلطار المهني.
إن امتداد دور أصحاب العمل بحيث يتجاوز اإلطار المهني ليس باألمر المقبول وال ينبغي
االعتداء بما يترتب عليه من مساس بحريات العامل األساسية والتي له أن يمارسها في حياته غير
المهنية كيفما يشاء.3
913
حماية الحياة الخاصة للعامل
تقييم الشخصية في أبعادها المختلفة يؤدي إلى تقييم للحياة غير المهنية للعامل ،مما يؤثر في
اإل طار المهني محتمال كانا أو قائما بالفعل ،وهو تأثير مرفوض لحتمية الفصل بين الشخصية
المهنية وغير المهنية في أبعادها األخرى ،5إذ أنَ أغلب األعمال المطلوبة في عالمنا اليوم تتطلب
درجة عالية من اإلحترا .
العبرة للشخصية المهنية ال لألبعاد األخرى للشخصية في غير إطارها المهني ،ويحظر على
صاحب العمل التعرض لها ،ولعله من األفضل اإلستناد إلى معيار موضوعي لتقييم العامل ،9وكيفية
آدائه للعمل ودرجة اإلتقان الفني ومدى تقبله لتوجيهات صاحب العمل المتعلقة بالعمل.
شخصية العامل أصبحت من المعايير األساسية في التشغيل وخير دليل على ذلك ما يجرى
على المترشح من فحوص نفسانية ،فعقد العمل أصبح وباألخص في بعض المناصب عقدا شخصيا
يطغى فيه الجانب النفسي على المؤهالت الفردية ،إذ أنَ المطلوب من العامل ليس تأدية العمل
بإتقان فحسب ،ولكن اإلندماج في مشروع مستقبلي ،2ويرى بعض الفقه في فرنسا أنه ال يمكن في
زمننا هذا أن تكتفي المؤسسة بالتشغيل من أجل استغالل قوة العمل ،ولكنها تشغل شخصية معقدة
ومتجذرة في عمق عائلي واجتماعي.3
-9أسئلة صاحب العامل غير المشروعة
إنَ تشغيل العمال واستخدامهم لدى أصحاب العمل يحتاج إلى معالجة اجتماعية وقانونية،
صاحب خاصة وأنَ التعهد بالعمل ليس كباقي التعهدات ،في ظله يضع العامل شخصه تحت تصر
العمل بما يحتمله ذلك من تنازل عن حريته.4
هذا فضال عن تطور تقنيات المراقبة والتحري بما يعنيه ذلك من تزايد مخاطر اإلعتداء على
الحقوق الشخصية للمرشح للعمل ،3وإنَ تفاقم أزمة البطالة تدفع بعض أصحاب العمل إلى التعس
والمغاالة في موقفهم لتجبر المترشحين للعمل على التقاعس عن التمسك بحقوقهم األساسية.9
لهذا ينبغي تنظيم عملية التشغيل بشكل يضمن للمرشحين كرامتهم وحماية لحياتهم الخاصة،
ويضمن لصاحب العمل في ذات الوقت حقه في اإلختيار ،إذ سيكون من غير المقبول تجاهل
919
حماية الحياة الخاصة للعامل
اإلعتبار الشخصي الذي يقوم عليه عقد العمل ،وإنما بمنع صاحب الحق في اختيار العناصر
البشرية لمؤسسته نكون قد سلبناه هذا الحق.9
أكدَ المجلس الدستوري الفرنسي على أنَ "حرية المستخدم في مباشرة أعماله تفترض أن تكون
لهذا األخير القدرة على اختيار مساعديه ،2واعتبر ذلك من المبادئ الدستورية ،على هذا األساس
فإنَ الحماية القانونية للمترشح للعمل يجب إعمالها في نفس الوقت الذي يجب إعمال حق المستخدم
في عملية اإلختيار ،وعلى المشرع أن يأخذ بعين اإلعتبار هذين المصلحتين ويوفق بينهما.
غير أنه وفي سبيل بحث صاحب العمل عن المترشح األمثل لمنصب العمل قد يلجأ إلى طرح
أسئلة مشروعة قد تطال بؤرة الحياة الخاصة للمترشح وفي هذا الصدد نجد أن المشرع الفرنسي
يلزم المترشح للعمل وكذلك العامل بأن يجيب وبحسن نية إنطالقا من المادة L121-6من ق.ع.
عن المعلومات التي تطلب منه ،كما يلزم في ذات الوقت صاحب العمل بأن يكون لهذه المعلومات
صلة وثيقة ومباشرة بالوظيفة المعروضة أو تقييم الكفاءة المهنية للمرشح.3
قد يلجأ المستخدم في إطار التنقيب والبحث والتحري عن الماضي المهني للمترشح للعمل عند
اختياره وقبل تعيينه أو التعاقد معه إلى التدخل في الحياة الخاصة له ،وتوجيه أسئلة غير مشروعة
أن تكون ال تمت بأي صلة لمنصب العمل المعروض ،تشترط المادة L121-6من ق.ع.
المعلومات التي يطلبها صاحب العمل أو القائم بعملية اإلختيار ذات صلة مباشرة وحتمية بمنصب
العمل المعروض ،وبناءا على ذلك ال يمكن لوم العامل على أنه لم يجب على األسئلة التي ال صلة
ن األسئلة كانت تمس حياته الخاصة.
لها بالوظيفة أو أنه أجاب عليها بشكل مضلل أوكاذب ،نظرا أل َ
قام القضاء بإعمال هذا األمر قبل أن يُقره المشرع في قانون 39ديسمبر 9112في فرنسا،
حين سئل العامل أثناء تقدمه للعمل عن معتقداته وممارسة شعائرها 4
ففي إحدى القضايا سنة9113
سكت ولم يجب رغم كونه قسيسا بالكنيسة ،لم ترى محكمة النقض الفرنسية في سكوت القسيس عن
اإلجابة إخالل بااللتزام باألمانة واإلخالص ،ورأت خالفا لذلك أن السؤال ذاته غير مشروع ألنه
يمس الحياة الخاصة للمرشح للعمل .3
9
صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،دار النهضة العربية ،2111 ،ص .21
2
Cité par : CREVEL(S), op.cit, p 716.
3
L121-6 C.T.Fr: "Ces informations doivent présenter un lien direct et nécessaire avec l'emploi proposé ou
avec l'évaluation des aptitudes professionnelles. Le candidat à un emploi ou le salarié est tenu d'y répondre de
"bonne foi.
4
Cass.soc, 17 Oct 1973, J.C.P, 1974,II , n°17969.
3
« Le mensonge du salarié ou la rétention d'informations concernant des faits attenants à sa vie privée ne
sauraient justifier son licenciement. Cette affirmation peut être faite à la lecture de la décision du 17 octobre
1973, La Chambre sociale dans cette affaire un salarié fut licencié parce qu'il avait caché sa qualité de prêtre
au moment de l'embauche .La Cour de cassation avait décidé que les renseignements et pièces demandées
lors de l'embauche ont pour objet d'apprécier les qualités du salarié pour l'emploi sollicité et ne saurait
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
concerner des domaines sans lien direct et nécessaire avec cette activité professionnelle ». Voir : Stéphane
BOUCHE, Droit et libertés du salarié comme limites au pouvoir disciolinaire de l’employeur en droit Frncais
.تاريخ اإلطالعet en droit Italien, site internet : http://www.juripole.fr/memoires/ .2193/13/93 :
9
صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص .43
Cass.soc, 25 Avril 1990, D.1991, Jur.Soc, p 507, Note MOULY. 2
3
Cass.soc. 23 février 1972 Bull. civ, n°152.
4
صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .43
3
Cass.soc, 3 Juillet 1990, n° 87-40.349, Bull. Civ, n° 329
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .31
2
Cass. soc, Oct.1994, D.1995, p 282, Note MOZAS.
3
Cass.soc, 17 Mars.1971, Bull.Civ, 1971, n°216.
4
Cass.civ, 13 Mai 1902, D, 1902, p 403.
3
)Jean CARBONNIER , Pierre KAYSER , Roger NERSON Robert BADINTER(.
9من بين هؤالء الفقهاء نذكر ،(PELISSIER (J) SUPIOT (A) et JEAMMAUD(A)) :ألكثر تفاصيل أنظر:
. (s), op.cit, p 3 V: BOUCHE
1صالح محمد أحمد دياب ،نفس مرجع ،ص 33
911
حماية الحياة الخاصة للعامل
في إحدى القضايا التي طرحت أمام القضاء الفرنسي تبيَن أنَ العامل كان قد أخفى عند تعيينه
صاحب العمل ذلك فيما بعد ،رأت محكمة النقض صفة زوج المستقبل الذي سيقترن به ،واكتش
ن هذا اإلخفاء ليس له أثر على عالقة العمل باعتبار أنه ال صلة له بتنفيذ عقد العمل.9
أَ
بالتالي عدم إفصاح المترشح للعمل عن بعض المعلومات وكذبه بشأنها ال يؤدي بالضرورة
إلى بطالن العقد إال إذا انصب على صفات موضوعية باعثة على رضا صاحب العمل ،ذات صفة
مباشرة وحتمية مع منصب العمل المعروض وهو األمر الذي يحد وبشكل واضح من حاالت الكذب
المؤاخذ عليها.2
- 2آثار عدم صدق وصحة المعلومات الشخصية للعامل
يترتب على كذب العامل في ما يخص الصفات الباعثة على التعاقد إبطال عقد العمل وذلك
تطبيقا للقواعد العامة ،فقواعد القانون المدني تقرر بأنَ التدليس يعيب الرضا وجعل من حق الطر
اآلخر وهو صاحب العمل طلب إبطال عقد العمل.
عمال بالمادة 19من ق.م.ج التي تنص على أنه " يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل
الثاني العقد"، التي لجأ إليها المتعاقدين أو النائب عنه من الجسامة بحيث لوالها لما أبرم الطر
الفقرة الثانية من نفس المادة "يعتبر تدليسا السكوت عمداً عن واقعة أو مالبسة إذا ثبت أن وتضي
المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو المالبسة".
يخضع عقد العمل إلى القواعد القانون الفرنسي بدوره بموجب المادة L121-1من ق.ع.
العامة للقانون المدني ،وهذا األخير ينص في المادة L1116منه على البطالن كجزاء في حالة
العامل أثناء إبرام عقد على أنها تدليس من طر وقوع التدليس ،3ومن بين الحاالت التي تكي
العمل تستوجب إبطاله الحاالت التالية:
- 1- 2انتحال العامل شخصية غير شخصيته
يترتب على قيام العامل بانتحال شخصية غير صحيحة أو تقديمه شهادات أو توصيات مزورة
تنبئ خالفا للحقيقة عن كفاءة العامل أو صفة فنية علمية له أو عن بلوغه سنا معينا حتى يتمكن من
االلتحاق بالعمل ،أن يقوم صاحب العمل بتسريح العامل وإنهاء العقد بشرط أن يكون العامل قد أتى
حيال ينتحل بها شخصية غير شخصيته أو أن يكون قد تعمد تقديم شهادات أو توصيات مزورة قصد
9
Cass.soc, 17 Mars.1971, Bull.Civ, 1971, n°216.
2
صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص 34.
3
Art 1116 du C.civ.fr : »Le dol est une cause de nullité de la convention lorsque les manœuvres pratiquées
par l'une des parties sont telles, qu'il est évident que, sans ces manœuvres, l'autre partie n'aurait pas
contracté«.
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
إيهام المستخدم بشأن شخصية العامل أو صفاته ،وأنه الشخص الذي تتوفر فيه الصفات والشروط
التي يتطلبها العمل أو أنَ لديه خبرة ومؤهالت ممّا يؤثر على رضا المستخدم فيدفعه للتعاقد معه.1
رغم أنَ اإلبطال هو الجزاء الذي رتبه المشرع الجزائري على التدليس والكذب طبقا لنص
المادة 19من ق.م.ج ،إال أننا نجد أن المشرع المصري إنطالقا من قانون العمل رأى أن يمنح
لصاحب العمل حق إنهاء العقد بإرادته المنفردة ،إذا كان العامل قد انتحل شخصية ،أو قدم شهادات
9من ق.ع.م ،على أساس أنَ التدليس الواقع في أو توصيات مزورة استنادا إلى نص المادة 91
هاتين الحالتين من الجسامة بحيث لواله لما أبرم صاحب العمل العقد ،وباعتبار أن ذلك يؤدي لغلط
جوهري في شخص العامل أو في صفة ممن صفاته الدافعة إلى التعاقد.
في حين نلحظ غياب مثل هذا النص في قانون عالقات العمل رقم 99/11الذي لم يتناول
حاالت التدليس ،2وعليه أمام صراحة نص المادة 91من ق.ع.م ،فإنها ال تشترط أن تكون شخصية
العامل أو صفته الواردة بالشهادات أو التوصيات المقدمة المستخدم هي السبب أو الدافع إلى التعاقد
إذ أن هذا الشرط ورد في القواعد العامة في حالة طلب إبطاله العقد للتدليس ،3لكنه لم يرد في حالة
التسريح كجزاء على قيام بانتحال صفة أو شخصية غير صحيحة أو تقديمه أوراق مزورة.
كما قضى القضاء المصري بمشروعية تسريح أحد العمال ألنه انتحل شخصية مهندس،4
ومشروعية تسريح العامل الذي صور أشعة مزورة ،5هذا وال يشترط أن يكون فعل العامل معاقبا
عليه جنائيا لتوقيع جزاء التسريح على العامل.6
- 2- 2سكوت العامل عن معلومات تتعلق بشخصه
ن العامل يلتزم بإعطاء المعلومات الشخصية قبل إتمام العقد ،فإذا سكت وكتم هذه المعلومات
إَ
1
عنـد إبـرام العـقد فإنَ كتمانه يحقـق الـركن المادي للـطرق اإلحتيالية ،ويعتـبر تدليسا
مؤديا إلبطال العقد ،2طالما توفرت لديه نية التضليل ممثلة للركن المعنوي الذي إذا انتفى انتفت معه
1صالح محمد أحمد دياب ،إلتز ام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص 31.
2إذا كان قانون 99/11المتعلق بعالقات العمل لم ينص على حاالت التدليس فإن القانون األساسي للعامل رقم 92/11كان قد نص
في مادته 213على أن حالة التدليس تجبر إبطال عقد العمل بنصها...":كل كتم ان أو تصريح كاذب أو الجمع بين الوظائف يؤدي
إلى فسخ عقد العمل دون تعويض أو إخبار مسبق".
3المادة 923من القانون المدني المصري.
4القرار الصادر عن محكمة عمال جزئي ،القاهرة ،في القضية رقم ،1914جلسة ،9113/14/99قضاء النقض لعصمت
الهواري ،ج ،3ص313.
5القرار الصادر عن محكمة االسكندرية االبتدائية ،في القضية رقم ،9224جلسة ،9113/12/91قضاء النقض لعصمت
الهواري ،ج ،2ص .421
6محمد لبيب شنب ،شرح قانون العمل ،دار الوفاء القانونية ،الطبعة األولى ،االسكندرية ،مصر ،2191 ،ص 319.
1تعرض المشرع الجزائري في المادتين 19و 11من ق .م كعيب من عيوب الرضا ،وحسب هاتين المادتين فإن التدليس يتكون من
عنصرين:
)9عنصر مادي :هي تلك الوسائل المستعملة لتضليل المتعاقد،ودفعه إلبرام العقد سواء كانت في صورة إيجابية أو في
صورة سلبية وهي السكوت أو الكتمان.
219
حماية الحياة الخاصة للعامل
حالة التدليس ، 9فقيام العاقد بتقديم معلومات غير دقيقة أو غير صحيحة إهماال منه ولو ترتب عليها
إيقاع التعاقد اآلخر في غلط عاب رضاه ال يعتبر تدليسا.2
ليس كل كتمان يعتبر تدليسا ،إذا أنَ الكتمان ال يعد تدليسا إال إذا كان المتعاقد ملتزما
باإلفصاح عن بيانات معينة للمتعاقد آخر تتعلق بواقعة جوهرية قبل إبرام عقد العمل انطالقا من
نص القانون أو بند في العقد أو تطبيقا لمبدأ األمانة واإلخالص الذي يجب أن يسود المعامالت.3
تجدر اإلشارة أنَ المشرع الجزائري أخذ بالمعيار الشخصي في تحقيق واقعة التدليس ،حيث
أنها تؤثر في المدَلس عليه بطريقة تدفعه إلى التعاقد ،فالعبرة هنا بشخصية المدلس عليه في تقدير
مدى تأثير الحيّل أو السكوت العمدي (الكتمان) لدفعه على التعاقد ،وهذا من خالل ما ورد في نص
الثاني العقد ،»...حيث أن المدَلس عليه ما كان المادة 19من ق.م.ج «...لوالها لما أبرم الطر
ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو المالبسة.4
يعتبر سكوت العامل عن إعالم صاحب العمل عن معلومات تهمه في مجال عقد العمل أمراً
غير أخالقي ،انطالقا من مبدأ األمانة واإلخالص الذي يقتضي اعتبارات قانونية وأخالقية ،وبناءا
عليه يحق لصاحب العمل الذي وقع في تدليس دفعه للتعاقد حق إبطال عقد العمل الذي أبرمه
إعتدادا بالجانب الشخصي للعامل.
- 3- 2كذب العامل حول معلومات تتعلق بشخصه
في محاولة من المترشح للعمل لكسب منصب العمل قد يعمد إلى إخفاء بعض الحقائق التي ال
تكون في صالحه ،وقد يلجأ إلى الكذب بشأن معلومات تطلب منه ،ولهذا نجد المادة L121-6من
تلزم المترشح للعمل وكذلك العامل بأن يجيب وبحسن نية عن المعلومات التي تطلب منه، ق.ع.
كما تلزم في ذات الوقت صاحب العمل عند التحري بأن يكون لهذه المعلومات صلة وثيقة ومباشرة
بالوظيفة المعروضة أو تقييم الكفاءة المهنية للمرشح.3
)2عنصر معنوي :وتتمثل في نية التضليل والخداع عند المدلس إليقاع المدلس عليه في غلط يدفعه إلبرام العقد.
انظر في هذا المجال :عزوز عبد الحميد ،مدى تأث ر المشرع الجزائري بالمذهبين الشخصي والموضوعي في مجال االلتزامات،
رسالة ماجيستر في القانون ،تخصص العقود والمسؤولية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،2113-2112 ،ص 33.
2عبد الرزاق السنهوري ،مصادر االلتزام ،مرجع سابق ،ص ،324حيث يرى أن الكتمان يكون تدليسا عند توافر الشروط اآلتية
في األمر المكتوم:
-9أن يكون هذا األمر خطيرا بحيث يؤثر في إرادة المتعاقد الذي يجهله تأثيرا جوهريا.
-2أن يعرفه المتعاقد اآلخر ويعرف خطره.
-3أن يتعمد كتمه عن المتعاقد األول.
-4أال يعرفه المتعاقد األول أو يستطيع أن يعرفه عن طرق آخر.
9عبد الرزاق السنهوري ،نفس المرجع ،ص 323.
2صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص 41.
3صالح محمد أحمد دياب ،نفس المرجع 49.
4عزوز عبد الحميد ،نفس المرجع ،ص 33.
3حسام الدين كامل األهواني ،شرح قانون العمل ،ط ،9119مطبعة أبناء وهبة حسان ،مصر ،ص .991
212
حماية الحياة الخاصة للعامل
التعاقد ونصوص ال شك أنَ الكذب يعتبر من قبيل اإلخالل بالتزام جوهري تفرضه ظرو
القانون ،9ويدخل في هذا النطا ق إدالء العامل ببيانات غير صحيحة عند إبرام عقد العمل متى كانت
يعتبر من قبيل التدليس إذا انصب على بيانات يعلم هذه البيانات دافعا إلى التعاقد ،فالكذب والتحري
المُدلِس أن المدلس عليه يعلق عليها أهمية خاصة.
يعتبر القانون الفرنسي كذب العامل بشأن شخصيته أو صفاته تدليسا مما يخضعه للقواعد
العامة في اإلبطال ،ويطبق بشأنه نص المادة L 1116من ق.م ، .وقد رتبت محكمة النقض في
بعض القضايا كجزاء على الكذب تسريح العامل ،2فيما يرى جانب من الفقه 3أن محكمة النقض ال
تقرر تسريح العامل بسبب الكذب إالَ إذا كان نقص كفاءة العامل لمنصب العمل المرشح له واضحا
بشكل يعرقل أداء العمل.
الفرع الثالث
عنصر التبعية في عقد العمل
على تعتبر التبعية من العناصر األساسية والجوهرية في عقد العمل ،وهي تتمثل في اإلشرا
في عقد العمل ،فإنما العامل وتوجيهه ومراقبته أثناء تأديته لعمله ،والعامل عندما يدخل كطر
صاحب العمل مقابل حصوله يلتزم بأن يتنازل عن جانب من حريته ،بوضع نفسه تحت إشرا
المؤسسة.4 على أجر ما دام العقد قائما ،وبغض النظر عن ظرو
التبعية القانونية 3تعد معيارا لتمييز العمل التابع عن العمل المستقل ،حيث يؤدي العامل عمله
تحت سلطة وإدارة صاحب العمل ،الذي يتمتع بسلطة توجيهه وإصدار أوامر إليه ومراقبة تنفيذه،
وفرض الجزاء عليه في حالة المخالفة ،9وال شك أن التبعية بهذا المعنى تفرض تنازال جزئيا من
قبل العامل عن حريته وتقييدا لها ،وهنا في الواقع يبرز التساؤل عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه
األثر الذي ترتبه التبعية التي قبِلها العامل بمجرد دخوله في عالقة العمل.1
انظر أيضا الحكم الصادر عن محكم القاهرة ،عمال جزئي في القضية رقم 329جلسة ، 9131/92/9حيث قضت المحكمة بجواز
تسريح العامل ألنه أخ فى واقعة طرده من الخدمة العسكرية الرتكابه جرائم معينة ،قضاء النقض الهواري ،ص ،291وارد في
صالح محمد أحمد دياب ،نفس المرجع ،ص .31
9صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص.31
2
- Cass.soc, 17 Mars 1971, N° 70-40.149 , Bull. Civ, N°216
- Cass.soc, 23 Fév.1972, Bull, Civ, n°152.
3
CREVEL (S), op.cit, p 711.
4محمد كشبور ،عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البضاء ،المملكة المغربية،
طبعة ،9113ص 994.
3تعرف التبعية القانونية على أنها " :الرابطة القانونية الناشئة عن عقد العمل التي تربط شخص العمل...بأوامر وتعليمات وإشراف
لرب العمل ،وهي التي تخول لهذا األخير سلطة تأديبه ،واعتمادا عليها تبرر مختلف االجراءات التنظيمية التي يخضع لها العامل
بالمؤسسة" ،علي حسن عوض ،الفصل التأديبي في قانون العمل ،دار الثقافة العربية،مصر ،9113 ،ص 21.-91
9زهير حرح ،المرجع السابق ،ص .11
1
LENOIR (CH) et WALLON )B(, Informatique, travail libertés, Dr. soc 1988, p 213.
213
حماية الحياة الخاصة للعامل
أوال :نطاق التبعية للفصل بين الحياة الخاصة للعامل والحياة المهنية
يخضع العامل لتبعية صاحب العمل أثناء ممارسته لنشاطه المهني ،أي فقط أثناء قيامه بالعمل
الذي طلب منه داخل مكان الع مل ،من هذا المنطلق فإنَ التبعية تمارس في مكان معين (مقر العمل)
وهي تمارس في زمن معين (وقت العمل) ،فهو ال يقبل بتعاقده السماح لصاحب العمل بالتدخل في
المختلفة بعيدا عن اإلطار المهني.9 حياته بأبعادها المختلفة التي تعكس شخصيته في المواق
- 1مكـان العـمل
مك ان العمل هو المكان الذي يمارس فيه العامل عمله الفعلي ،فمن الناحية القانونية مبدأ حماية
الحياة الخاصة للعامل في مكان العمل ليست جديدة ،وقد تم التأكيد على ذلك في عدة مناسبات ،من
بينها تطبيق المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان للمادة 1من اإلتفاقية األوروبية لحماية حقوق
اإلنسان والحريات األساسية على العامل داخل نطاق الحياة المهنية ،2حيث جاء في هذه المادة أن
«لكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة.».....
هو ما تقرر أيضا في فرنسا ،حيث أكدَت الغرفة اإلجتماعية للمحكمة العليا في قضية Nikon
في 12أكتوبر ،2119جاء فيه أن «يحق للعامل حتى في وقت ومكان العمل احترام حياته
الخاصة» ،3ومن جانبها تقر مبدأ أن حياة الشخص يجب أن تكون محل اعتبار أثناء تنفيذ العمل
المنجز ،فال يمكن تجاهل شخصية العامل ،أوالسمات المتعلقة ببعض جوانب حياته الخاصة.4
مبدأ الحرية التنافسية بين المؤسسات يجعلها تعتمد في عملها على أجهزة رصد ومراقبة
مختلفة للتجسس على ممارسة العمال ،إلى جانب لجوء بعض المؤسسات إلى التحريات الخاصة
للتحقق من مدى أداء عمالها لنشاطهم وعملهم.3
- 2وقـت العمل
إذا كان العامل يخضع لتبعية العمل بمناسبة ممارسته لنشاطه المهني أثناء تواجده في مقر
العمل وأثناء الوقت العادي الذي يفرض عليه في القيام بمثل هذا النشاط ،فإنه يستفاد من ذلك ضمنيا
أن العامل يسترد كامل حريته بعد مغادرته للمؤسسة على إثر انتهاء الوقت المحدد للعمل.
9
KAYSER (p), La protection de la vie privée par le droit, Protection du secret de la vie privée , 3emeed,
ECINOMICA, 1995, p61.
2
Selon l’article 8 de la Convention européenne des droits de l'homme , « toute personne a droit au respect de
تاريخ اإلطالعsa vie privée et familiale, de son domicile et de sa correspondance »2193/13/21 :
3
Cass. soc, 2 oct. 2001, Nikon, Droit social, 2001, p. 920, obs. Ray J.-E.
4
« À propos de la vie privée », Action juridique, Revue de la CFDT, Chroniques, n° 6,1994, p. 8 (auteur
anonyme).
3
Arnaud Stéphanie, Analyse économique du droit au respect de la vie personnelle : application à la relation
de travail en France , Revue internationale de droit économique, (t. XXI, 2), 2/2007, p. 129-156.
214
حماية الحياة الخاصة للعامل
غير أن هذا االستنتاج إذا كان مستساغا عقال فهو ليس منطقيا دائما وفي كافة الحاالت ،إذ
يحدث أن يمارس العامل نشاطه المهني أو أي نشاط آخر خارج المؤسسة بأمر من صاحب العمل
نفسه ،وقد يحدث أن يطلب األخير من العامل بالرغم من انتهاء الوقت المعتاد للمخصص للعمل
البقاء داخل المؤسسة للقيام بعمل إضافي.
حدد المشرع الجزائري وقت العمل من خالل نص المادة 11من األمر 13/11المتعلق
بالمدة القانونية للعمل ،على أن "ال تتجاوز مدة العمل الفعلي في أي حال من األحوال اثنتا عشر 92
ساعة" ،9في حين لم يتطرق إلى كيفية تنظيم هذه المادة تاركا المجال لإلتفاقيات الجماعية للعمل.
بالرجوع إلى بعض اإلتفاقيات الجماعية ،نجدها حدد موعد بدأ العمل بين الساعة السابعة
مساء، صباحا ،أما نهاية العمل تكون بين الساعة الرابعة والخامسة والنص والثامنة والنص
وطوال هذه الفترة يكون من الضروري تواجد العامل في مكان العمل.
تجدر اإلشارة أن بعض الفقهاء يرون أنه ال يدخل ضمن العمل الفعلي فترات اإلستراحة
القانونية ،2وال مسافة الطريق بين مسكن العامل ومقر عمله ،3وال المدة التي يقضيها العامل في
ما أقره المشرع الجزائري الذي ارتداء مالبس العمل أو نزعها عند بدأ ونهاية العمل ،4على خال
ساعة من اإلستراحة تدخل ضمن مدة العمل الفعلي ،حسب نص المادة 19من اعتبر أن نص
القانون 13/11المتعاق بالمدة القانونية للعمل.
إن العامل بتعاقده أو عند سعيه لذلك يدرك أن حريته لم تعد مطلقة كما كانت فيما لو أنه لم
بعد إبرامه ،فهـو عن الموق قبل إبرام عقد العمل يختل ُيقدِ م على هذه العالقة العقدية ،فالموق
فيه. تنازل وبإرادته عن قدر من حريته إعماال وتنفيذا للعقد الذي هو طر
إنَ العامل يقبل تدخل صاحب العمل في حياته في جانب محدد منها وهو الجانب المهني ،أي
الجانب المرتبط بالعقد وااللتزامات المترتبة عليه ،ألنَ التبعية القانونية ومعناها الضيق الواجب
تنحصر عند تطبيقها في تنفيذ االلتزام العقدي المفروض على العامل.3 احترامه من جانب األطرا
مراقبة العامل في أدائه المنوط به تتم بحسب األصل داخل المؤسسة التي يعمل بها ،فذلك
المكان المخصص ألداء العمل وفي إطاره تمارس سلطات صاحب العمل في مواجهة العامل ،9غير
213
حماية الحياة الخاصة للعامل
أنه وفي ظل مظاهر التكنولوجيا الحديثة التي باتت أمرا ضروريا الغنى عنها في المؤسسات،
ظهرت عدة إشكاليات لعلّ أبرزها الخلط بين اإلطار المهني أي الوقت المخصص ألداء العمل من
فيه باعتباره عائدا إلى ناحية وهو الوقت الشخصي 9الذي يملكه العامل وحده ويملك حرية التصر
حياته الخاصة وحرية ممارسته لها من ناحية أخرى.
إن التبعية في نطاقها وعناصرها تتأثر حاليا بالتطور التكنولوجي الذي غزا بعض المؤسسات
الصناعية والتجارية ،فالعامل مثال قد يشتغل في منزله ويرتبط بمستخدمه بعقد عن طريق الوسائل
التكنولوجية الحديثة ،التبعية القانونية تعكس تبعية مهنية فقط وال يمكن القبول بتفسيرات غير مهنية
تمس ما يدخل في مجال الحياة الخاصة للعامل بمعناها الواسع ،وبالتالي فإنّ إعمال التبعية يجب أن
يعكس توجها ومفهوما مهنيا لشخصية العامل وموقعها في اإلطار المهني.2
ثانيا :حدود التبعية للفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية
حاولت التشريعات أن تؤمن حد أدنى من الحماية للعمال في العديد من المؤسسات ،حيث
رابطة التبعية ،ويستمد المستخدم سلطته ليصل إلى حد التدخل في الحياة الخاصة له ومنعه من
الحريات العامة التي يضمنها الدستور والتشريعات ،حيث تمثل التبعية القانونية قيدا على حرية
منه والنتائج المترتبة على احترامه في سير العامل ،وهذا القيد مبرر ومقبول بالنظر إلى الهد
العمل في المؤسسة ،فالحد من حريات العامل تحكمه مبررات عقد العمل.3
- 1اإلطار المهني للعامل
ن العامل ال يدخل في نطاق سلطة صاحب العمل إالَ عن طريق إبـرام عقد العمل ،ومن ثم
إَ
فإن االلتزام بالخضوع لهذه السلطة ينبع من العقد ،فال يمكن لصاحب العمل ممارسة سلطاته على
عماله ويضعها موضع التنفيذ إال عن طريق عقد العمل.4
ال شك أنَ سلطة صاحب العمل في التبعية تفترض تنازل العامل عن جزء من حريته بالقدر
ن هذه التبعية وما يقابلها من التزام العامل بالطاعة ليست مطلقة ،بل تتحدد
الالزم لتنفيذ عمله ،غير أ َ
بضوابط معينة ،من بينها عدم المساس بالحياة الخاصة للعامل ،حيث تثبت سلطة صاحب العمل
والرقابة خارج هذه السلطة في اإلشرا على العامل في إطار العمل الذي يقوم به لحسابه ،وتق
هذا اإلطار ،فليس لصاحب العمل إصدار أوامر أو توجيهات تتعلق بالحياة الشخصية أو الخاصة
9
FRAYSSINET )J(, Nouvelles technologies et droit fondamentaux des salariés, in les droit fondamentaux
des salarié face aux intérêts des l’entreprise, PUA, 1994, P 33.
2
خالد حمدي عبد الرحمن ،المرجع السابق ،ص .43
3
RIVERO )J(, op.cit, p 423.
4
محمد حسي منصور ،مرجع سابق ،ص 293.
219
حماية الحياة الخاصة للعامل
للعامل أو سلوكه الخارجي ،1طالما كان قائما بتنفيذ عمله على النحو المطلوب ،وال يخضع العامل
إلدارة صاحب العمل إال إبان وجوده في مكان وزمان العمل.
على العامل في نطاق تُ حدد سلطة التبعية في نطاق الحياة المهنية للعامل ،ويقتصر اإلشرا
العمل وزمانه ومكانه ،وليس لصاحب العمل التدخل في الحياة الخاصة لعماله أو نشاطهم الديني
أوالسايسي ،وال يجوز لصاحب العمل اقتحام خلوة العامل وتفتيش أوراقه الخاصة أو مراقبة
أ حاديثه ،ويجب الفصل بين الحياة المهنية للعامل وحياته العائلية ،فليس لصاحب العمل أي رقابة
عليها ،وال يمكن مؤاخذة العامل بسببب زواجه أو طالقة.2
يستثنى من ذلك األشخاص الذين يقومون بأعمال تستوجب اعتبارات شخصية وقيم أخالقية
معينة كالمربي ومديري مدارس البنا ت ،ال شك أن سلوك هؤالء العمال خارج العمل يكون له تأثيره
المباشر عليه ،ومن ثم يجوز لصاحب العمل توجيه سلوك العامل الخاص خارج نطاق العمل ،حيث
يحق لصاحب العمل االعتداد بالحياة الخاصة للعامل إذا كان من شأنها التأثير على حسن سير العمل
الحياة الخاصة اإلضرار بسمعة المؤسسة بصفة عامة.3 أو سمعته ،كما لو كان من شأن ظرو
- 2اإلطار غير المهني للعامل
والرقابة والتوجيه وما تعكسه من قيد على حرية العمل ترتبط سلطة صاحب العمل باإلشرا
فقط باإلطار المهني ،وال يحق لصاحب العمل مد نطاقها إلى اإلطار غير المهني ،فللعامل حياته
غير المهنية يمارسها دون السماح لصاحب لصاحب العمل مد نطاقها إلى االطار غير المهني ،فإذا
استند إلى سبب غير مهني إلنهاء عقد العمل ،فإنه يكون متعسفا في إنهائه ،وانتهاك الحياة الخاصة
للعامل الذي يحق له ممارستها على النحو الذي يراه مناسبا التي يفترض عدم تأثيرها سلبا على
حياته المهنية.
إنَ الخضوع اإلداري لسلطة صاحب العمل ال يعني تنازال من العامل عما يعتبره من المزايا
األساسية للشخصية ،4فتبعية العامل ال تتعدى إلى حياته الخاصة ،ألنَ حـرمة هـذه الحياة مصونة
سواء داخل المؤسسة أو خارجها ،واألصل أنَ حياة العامل مصونة وال تطالها أوامر صاحب
العمل ،3هي إذن تبعية مهنية ال تمس ما يدخل في مجال الحياة الخاصة.9
1
Cass.Plen, 19 Mai 1978, D.1978, p 541.
2محمد حسي منصور ،مرجع سابق ،ص 211.
3محمد حسي منصور ،مرجع سابق ،ص .211
4
SAVATIER )J(, La liberté dans le travail, Dr.Soc. France,1990, p 49.
3همام محمد محمود زهران ،قانون العمل ،عقد العمل الفردي ،دار المطبوعات الجامعية ،9111 ،ص .394
9مصطفى عبد الحميد العدوي ،الخصوصية في مكان العمل ،دراسة مقارنة بين القانونين المصري واألمريكي ،9111 ،دون
ناشر ،ص .9
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
ترتبط التبعية فقط باإلطار المهني ،فليس للمستخدم أن يسعى إلى مد نطاقها إلى غير هذا
اإلطار ،و يحق للعامل أن يقاوم أي امتداد للتبعية حين تقترب من أبعاد أخرى لشخصيته ،فتتجاوز
اإلطار المهني إلى اإلطار غير المهني أي حياته الخاصة بأبعادها المختلفة ،فإذا ما تجاوز المستخدم
هذا اإلطار واستند إلى سبب ال يجد مصدره في الحياة المهنية للعامل ،سعيا إلنهاء عقد العمل ،فإنه
في هذا اإلنهاء ،ويكون قد انتهك بذلك التزامه باحترام الحياة الخاصة للعامل. يكون قد تعس
نصوص القانون التي تفرض حرمة الحياة الخاصة نصوص عامة ،تنطبق بالتالي على
عالقات العمل ،في إطار هذه العالقات يوجد أيضا الحق في الحياة الخاصة وتبقى ضرورة
المحافظة على سريتها وال يمكن التنازل عنها بمجرد الرضاء بعالقة التبعية ،بمقتضى عقد العمل إذ
صاحب العمل قوة عمله ال شخصه.9 يضع العامل بتصر
أكد قانون العمل الفرنسي على حق العامل في الحياة الخاصة من خالل نص المادة L120-2
منه التي أضحت تحت رقم L1121على أنه "ال يجوز ألحد فرض قيود على حقوق األشخاص
والحريات الفردية والجماع ية ،ما لم يكن لذلك ما يبرره وفقا لطبيعة المهمة المراد انجازها ،وبشرط
المنشود".2 أن تكون تلك القيود متناسبة مع الهد
المشرع الفرنسي من خالل نص المادة L1121-1أدرك أن تبعية العامل وما تقتضيه من
على أداء عماله تجعله أكثر خضوع لسلطة صاحب العمل وحق األخير في الرقابة واإلشرا
عرضة ألن تنتهك حياته الخاصة داخل إطار حياته المهنية ،لذلك أكد من خالل هذا النص على عدم
جواز تقييد صاحب العمل لحقوق العامل الشخصية وحقه في حياته الخاصة إال في حدود معينة،3
في حين نجد غياب مثل هذا النص في قانون عالقات العمل ،99/11بالرغم من تنظيمها من قبل
الدستور الجزائري ،كما غابت مثل هذه النصوص في مشروع قانون العمل الجديد.
المطلب الثاني
حماية حقوق العامل الشخصية أثناء إبرام عقد العمل
حقوق الشخصية المتعلقة بعالقات العمل هي تلك الحقوق المتعلقة بشخص العامل الطر
في هذه ال عالقة ،ذلك أن مناقشة كيفية تأدية العمل ال تتم في أغلب الحاالت على قدم الضعي
9
RIVERO )J(, op.cit, p 421.
2
« Nul ne peut apporter aux droit des personnes et aux libertés individuelles et collectives des restrictions qui
ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées au but recherché », Art L
120-2 du loi n° 92-1336, 31/12/1992, relative à l’emploi, au développement du travail à temps et à
l’assurance chômage, Art 251, J.O , N°1 Du 1er Janvier 1993.
3
PELISSIER (J),SUPIOT (A) et JEAMMAUD (A), Droit du travail, Dalloz, 2 e éd, 2119, p368.
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
المساواة بين طرفي العالقة ،وبين عامل ال حول له سوى مجهوده البدني أو الفكري يقدمه لقاء أجر
يعيش به هو وأفراد أسرته ،األمر الذي يستلزم حماية هذه الحقوق من كل أساس أو اعتداء عليها.1
قبل البحث عن مدى الحماية الموفرة لحقوق الشخصية في قانون العمل ،ال بد من الوقو
بدقة على المقصود منها ،حيث يرى بعض الفقهاء أن هذه الحقوق «تعبر عن ما للشخص من
سلطات مختلفة ترد على مقومات الشخصية توجب حمايتها من اعتداء غيره من األشخاص» ،2فيما
عرفها آخرون على أنها «الحقوق التي تستمد أصلها من الشخصية ،وتضمن للشخص االنتفاع
بنفسه» 3في حين عرفها البعض على أنها «مجموعة القيم التي تثبت لإلنسان باعتبارها مقومات
شخصية ،األمر التي تضمن للشخص حماية شخصية في مظاهرها المختلفة».4
نستخلص أن الحقوق الشخصية 5هي تلك التي ترد على القيم اللصيقة بشخص االنسان في
مظاهر نشاطه المختلفة ،سواء تعلقت بحياته المادية أو المعنوية ،6يمكن ردها إلى حقوق شخصية
معنوية ترتبط ارتباطا مباشرا بكرامة االنسان ،وشرفه ،وحقه في الزواج ،والحق في االسم الذي
يميز به االنسان نفسه ويمنعه من االختالط بغيره ،والحق في الصورة ،وحقوق شخصية مادية تُكوِن
الكيان الذاتي الذي يظهر به االنسان في المجال الخارجي مثل الحق في الحياة والحق في السالمة
الجسدية.
إذا كان االعتداء على هذه الحقوق يكمن في أن موضوعه شخصية كل إنسان ،فإنه في مجال
العمل تكثر فرص هذا االعتداء نظرا النعدام التوازن بين طرفي عالقة العمل ،حيث يوجد المستخدم
في هذه العالقة ،1أذ أنَ الواقع العملي ضعي في مركز قوي ،مقابل العامل أو طالب العمل كطر
يؤكد بأنَ عقد العمل كثيرا ما يكون من صنع إرادة المستخدم المنفردة ،وال يملك العامل سوى
اإلقتصادية واالجتماعية. القبول بالشروط التي وضعها المستخدم بسب ضغط الظرو
1محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب،مرجع سابق ،ص 9.
2حسين كيرة ،المدخل إلى القانون ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،مصر ،9119،ص 441.
3رمضان أبو السعود ،الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني ،المدخل إلى القانون وبخاصة القانون المصري واللبناني ،النظرية
العامة للحق،الدار الجامعية للطباعة والنشــر ،بيـروت،لبــنان ،9113 ،ص ،311ادريس العلوي العدالوي ،أصــول القـانون،
نظرية الحق ،ج ،2ط السادسة ،الرباط ،المغرب ،9112 ،ص ، 9شمس الدين الوكيل ،مبادىء القانون الخاص ،ط ،9االسكندرية،
مصر ،9193 ،ص 221.
4عبد المنعم فرج الصده ،أصول القانون ،دار النهضة العربية ،مصر ،9111 ،ص 391.
5يجب تفادي الخلط بين حقوق الشخصية والحقوق على الشخ صية ،حيث تنصرف األولى للشخص نفسه وهي ترد على مقومات
الشخص صاحب الحق ،أما الثانية فيكون فيها صاحب الحق شخص له حقوق على شخص آخر كالسلطة األسرية أو األبوية،
لتفاصيل أكثر أنظر:
CARBONNIER (J) : Droit civil, introduction, les personnes, la famille, l’enfant, le couple, P.U.F , coll.
« Quadrige » , France, 2004, p943.
6محمد واصل ،الحقوق المالزمة للشخصية ،دراسة مقارنة ،دمشق ،سوريا ،9113 ،ص .11
1محمد بنحساين ،أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية ،مجلة القانون المغربي ،المغرب ،العدد ،21ماي
،2193ص .39
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفرع األول
حماية حقوق العامل الشخصية ذات الطابع االجتماعي
بما أنَ حقوق الشخصية هي حقوق شديدة الصِلة باالنسان ،وكون هذا األخير اجتماعي
الطبع ،فإنه ال بد أن يدخل في عالقات اجتماعية بقصد تلبية احتياجاته ويعد عقد العمل من بينها،
مما يتيح السؤال عن مصير تلك الحقوق في ظل عالقة العمل تتسم بعدم التكافؤ االقتصادي،يسعى
القوي وهو المستخدم إلى فرض مجموعة من الشروط تحد أو تمنع من التمتع من خاللها الطر
بالحقوق الشخصية ،كفرض شرط عدم زواج العامل كبند في عقد العمل أو منع العامل من اتخاذ
المظهر الذي يريد بشكل تعسفي إلى غير ذلك من القيود التي قد ترد على هكذا حقوق.9
أثناء االستعداد والتفاوض على إبرام عقد العمل بين المستخدم والراغبين في العمل ،قد
على الموافقة عليها اشتغال العامل لديه ،كاشتراط يشترط صاحب العمل جملة من الشروط يتوق
المستخدم على العاملة عدم الزواج ،أو أن يشترط على عامله أو عاملته تغيير اسمه أو اسمها،2
أوشروطا تمس عقيدته ودينه ،وحيث أنَ حقوق الشخصية التي يقع المساس بها بمناسبة إبرام عقد
العمل ال تقع تحت الحصر ،فإننا سنركز على بحث الحاالت الثالث المذكورة أعاله باعتباراها
األكثر إثارة في الواقع لتبيان السند الممكن اعتماده لحماية حقوق الشخصية عند إبرام عقد العمل.
أوال :حق العامل في الزواج
أصبح من المالحظ في الواقع العملي أنَ بعض عقود العمل أضحت تتضمن شروطاً تمس
بحقوق الشخصية والحياة الخاصة للعامل ،كما هو الشأن بالنسبة لشرط عدم الزواج أو العزوبية
كأمر ضروري لولوج ميدان العمل ،وال شك أنَ شروطاً من هذا القبيل تتعارض مع حقوق العامل
الشخصية وحياته الخاصة ،إذا ما أدخل الحالة العائلية للعامل واسمه في مجال العمل.
- 1الحماية التشريعية للحق في الزواج ضمن شروط عقد العمل
يحظى الزواج بأهمية واضحة من الناحية الدينية واالجتماعية ،أهمية دفعت المشرع الجزائري
إلى تنظيم أحكامه في قانون األسرة ،3وإلى اعتبار أمرا ضروريا لتكوين األسرة حث عليه الكتاب
9عبد المجيد صادقين ،حماية حقوق العامل الشخصية بين اإل طار التشريعي والواقع العملي ،ماستر قانون العقود والعقار ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة -المغرب ،2193-2192 ،ص .99
2محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،ص .92
3تنص المادة 4من قانون األسرة على أن " :الزواج عقد رضائي يتم بين رجل و امرأة على الوجه الشرعي ،من أهدافه تكوين
أسرة أساسها المودة والرحمة والتعاون وإحصان الزوجين والمحافظة على األنساب" ،انظر قانون األسرة الصادر تحت رقم
99/14بتاريخ ،9114/19/11المعدل بالقانون رقم /12/13بتاريخ ،2113/12/21ج.ر عدد ،93ص.1
291
حماية الحياة الخاصة للعامل
الحني 9والسنوة النبوية الشريفة ،2هذه األهمية التي يكتسيها الزواج هي التي دفعت معظم االتفاقيات
الدولية التي تعنى بحقوق االنسان إلى التأكيد على حماية هذا الحق ،فجاء في نص المادة 99من
اإلعالن العالمي لحقوق االنسان على أن "للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج ،حق التزوج وتأسيس
أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنس أو الدين ،وهما يتساوان في الحقوق لدى التزوج وخالل
قيام الزواج ولدى انحالله".3
إنَ حق الزواج كحق من حقوق الشخصية يتعارض في مثل هذه الحالة مع الشروط التعاقدية
التي قد يتفق عليها طرفا عقد العمل بمناسبة إبرامه ،ممَا يدفع إلى التساؤل عن أي الحقين يجب
ترجيحه في هذه الحالة ،هل حق العامل أو العاملة في الزواج ،أم حق المستخدم في احترام الشروط
التي تم االتفاق عليها قبل بداية العمل؟
- 1- 1حماية الحق في الزواج ضمن قانون العمل
رغم الدور الذي يلعبه القضاء في حماية الحقوق الشخصية ،إال أنَ تكريس تلك الحماية
حماية حق تشريعية من خالل قانون عال قات العمل جاء مشوبا ببعض النقائص تتجلى في ضع
الزواج ،حيث نجد أنَ قانون العمل منع التمييز في العمل بسبب الحالة الزوجية أو المسؤوليات
العائلية ،فإن هذه الحماية جاءت قاصرة بسبب الصعوبة التي ستعترض العامل أو طالب العمل في
إثبات أن تمييز المستخدم بين العمال في االستخدام أو األجر أو االمتيازات االجتماعية ،أو التدابير
التأديبية ،أو التسريح من العمل تعود إلى الحالة الزوجية.
بالرغم من أن المشرع الجزائري كرَس حماية دستورية للحقوق والحريات األساسية في
ميدان العمل بحظر التمييز في العمل طبقا المعدل للمادة 21من دستور ،9119التي نصت على
أن" كل المواطنين سواسية أمام القانون ،وال يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد،
آخر ،شخصي كان أو اجتماعي". أو العرق أو الجنس أو الرأي ،أو أي شرط أو ظر
هذه المادة التي وجدت تطبيقا لها في قانون عالقات العمل رقم ،99/11حيث نصت المادة 9
على أنه" ..يحق للعمال أيضا ،في إطار عالقة العمل الحماية من أي تمييز لشغل منصب عمل غير
المنصب القائم على أهليتهم واستحقاقهم" ،إال أنَ تكريس تلك الحماية تشريعيا من خالل هذا قانون
9قالى هللا تعالى " :ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ،وجعل بينهم مودة ورحمة ،إن في ذلك آيات لقوم
يتفكرون" سورة الروم ،اآلية ،29وقوله عزوجل :هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليكن إليها" سورة األعراف،
اآلية .911
2في السنة النبوية الشريفة نجد الرسول صلى هللا عليه وسلم يحث على الزواج ،حيث جاء فيها "النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي
فليس مني".
3المادة 99في فقرتها المادة 99من االعالن العالمي لحقوق االنسان الصادر بتاريخ 91ديسمبر.9141
299
حماية الحياة الخاصة للعامل
حماية الحق في الزواج وغياب نص عام يحمي سائر جاء مشوبا ببعض النقائص تتجلى في ضع
الحقوق الشخصية بشكل يضمن التوازن بين هذه الحقوق وسلطات المستخدم ،كما أن قانون العمل
جاء خاليا من أي إشارة لكيفية إثبات حالة التمييز التي يتعرض لها العامل أو طالب العمل.
مع العلم أن المشرع الجزائري نص على مراعاة احترام الحياة الخاصة بموجب قانون رقم
91/14المؤرخ في 2114/92/93المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل ،1غير أن هذا المادة
جاءت قاصرة على طالبي الشغل فكان األولى بالمشرع أن يدرج نصا عاما في قانون العمل يحمي
سائر حقوق الشخصية في عالقة العمل ،خاصة مع ما أضحى يعرفه العصر الحالي من مساس
بحقوق شخصية أخرى كالحق في األسم ،والحق في المظهر.2
األمر نجد أن قانون العمل الفرنسي نص في المادة L1232-1منه ال يمكن إقصاء على خال
أو أن أو التدريب ،أو فترة التكوين بالمؤسسة أو معاقبته ،أو تسريحه، أي شخص من التوظي
أو يكون موضوع إجراء تميزي مباشر أو غير مباشر خاصة فيما يتعلق باألجر أو التكوين
إعادة التدريب أو التعيين أو التأهيل أو الترتيب أو الترقية المهنية ،أو النقل أو تجديد العقد بسبب
أصله أو جنسه أو سلوكه أو توجهاته الجنسية أو السن أو وضعيته العائلية أو حالة الحمل أو صفاته
ال وراثية أو االنتماء أو عدم االنتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو اسرة أو بسبب آرائه السياسية،
أو أنشطته النقابية أو التعضدية ،أو بسبب اعتقاداته الدينية أو مظهره الخارجي ،أو اسم األسرة
أو مكان اإلقامة أو بسبب الحالة الصحية أو اإلعاقة
بل وأقر المشرع الفرنسي بموجب المادة L1132-3من ق.ع أن العامل ال يمكن معاقبته أو
تسريحه أو أن يكون موضوع أي إجراء تمييزي إذا قدم شهادته بخصوص إحدى األوضاع الواردة
في المادة L1134-1من نفس القانون على أنه في حالة النزاع بخصوص تطبيق أعاله ،وأضا
المقتضيات أعاله ،فإن العامل ال معني أو المترشح للعمل أو للتدريب أو لفترة تكوين بالمؤسسة يقدم
العناصر الواقعية التي تمكن من افتراض وجود تمييز مباشر أو غير مباشر ،والتي على ضوئها
يتعين على المستخدم أن يثبت أن قراره كان مبررا بمقتضى عناصر موضوعية بعيدة عن أي
تمييز ،ويُكون القاضي إثر ذلك اعتقاده بعد أن يأمر بجميع إجراءات التحقيق التي يراها مفيدة.
يتضح من خالل هذه النصوص أن المشرع الفرنسي كان واعيا بصعوبة االثبات التي قد
تعترض العامل أو طالب العمل الذي يكون ضحية تمييز بسبب حالته الزوجية ،حيث يكفيه تقديم
1القانون رقم 91/14المؤرخ في 23ديسمبر ، 2114المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل ،ج.ر عدد 13الصادرة بتاريخ
29ديسمبر .2114
2محمد بنحساين ،أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية ،ص .31
292
حماية الحياة الخاصة للعامل
العناصر الواقعية التي تمكن من افتراض وجود تمييز بسبب هذه الحالة أو غيرها من الحاالت
الواردة في المادة L1132-1ليصبح المستخدم ملزما بإثبات أن قراره كان مبررا بعناصر ال
تضمن غير أي تمييز.1
في حين أن نصوص قانون العمل الجزائري وحتى مشروع قانون العمل الجديد جاءت خالية
من أي إشارة ل كيفية إثبات حالة التمييز التي قد يتعرض لها العامل أو طالب العمل ،عكس ما عليه
بنص المادة L1132-1لتقرير األمر في تشريعات أخرى كقانون العمل الفرنسي الذي لم يكت
عدم التمييز في العمل بسبب الحالة العائلية أو ألسباب أخرى بل وضع إلى جانبها نصا عاما يحمي
سائر الحقوق الشخصية ،حيث جاء التأكيد عليها من خالل نص المادة L120-2منه والتي أضحت
بإرساء مبدأ عام لحماية الحقوق والحريات ،حيث نصت على عدم جواز 2
تحت رقمL1121-1
تقييد حقوق الشخصية والحريات الفردية والجماعية دون أن تكون هذه القيود مبررة بطبيعة العمل
المراد تحقيقه. المطلوب إنجازه أو مناسبة الهد
إذا كان يصعب حماية الحق في الزواج وفق قواعد قانون عالقات العمل 99/11بسبب
صعوبة إثبات التمييز على أساس الحالة الزوجية ،فإن حقوقا شخصية أخرى قد يقع المساس بها في
عالقة العمل تظل بدون حماية بسبب غياب نص عام يحمي كافة الحقوق الشخصية.
- 2 - 1حماية حق العامل في الزواج ضمن القانون المدني
إن مبدأ الفصل ما بين اإلطار المهني وغير المهني أثناء سريان العقد ،بحيث ال يتأثر األول
بما يحدث أو حدث في ظل الثاني مما يعني عدم جواز تسريح العامل بسبب مستمد من الحياة
الخاصة التي تعني كل ما ال يتعلق بحياته المهنية.3
حاول التشريع تأمين حماية للعامل في مواجهة صاحب العمل الذي قد يستغل سلطته في
التبعية إلى حد التدخل في الحياة الخاصة له ومنعه من الحقوق والحريات األساسية التي كفلها له
الدستور ،مثل شرط عدم الزواج ،حيث أصبحنا نجد شرط العزوبة في عقود العمل أو ضمن
األنظمة الداخلية للمؤسسة تمنع العامالت من الزواج أثناء فترة العمل ،واإلخالل بهذا الشرط
يتسبب في إنهاء عقودهن.4
اعتمد القضاء الفرنسي في حمايته لحق العامالت في الزواج في قضية تسريح المضيفة
الجوية على المادة 1القانون المدني الفرنسي منه التي تنص على حق كل فرد في أن تحترم حياته
1محمد بنحساين ،أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية ،ص .31
2
Art 1121-1 du loi n° 92-1336, 31/12/1992, relative à l’emploi, au développement du travail à temps et à
l’assurance chômage, Art 251, J.O , N°1 Du 1er Janvier 1993.
3
SAVATIER )J(, La protection de la vie privée des salariés, op.cit, p 329.
4دنيا مبارك ،الوجيز في القانون االجتماعي ،مطبعة دار النشر الجسور ،المغرب ،ط ،3ص 921وما بعدها.
293
حماية الحياة الخاصة للعامل
الخاصة ، 1مقراً بذلك حماية لحقوق الشخصية في عالقات العمل لغياب نص يقرر الحماية لهذه
الحقوق في المقتضيات التي تنظم عالقة العمل.
تعكس األحكام القضائية الصادرة عن محكمة النقض الفرنسية تطبيقا لهذه المادة مفهوما واسعا
للحياة الخاصة في مواجهة أصحاب العمل ،حيث يمتنع عليهم تسريح العمال بسبب مستمد من
السلوك الشخصي أي الحياة الخاصة في غير إطارها المهني إال بضوابط محددة لعل أهمها هو تأثر
العامل لديها.2 المؤسسة سلبا بموق
الواقع أن حق الزواج كحق شخصي يتعارض مع ال شروط التعاقدية التي قد يتفق عليها طرفا
عقد العملة بمناسبة إبرامه ،وهذا ما ذهب إليه القضاء المغربي في قراره المبدئي الصادر عن
المجلس األعلى في 21جويلية 9113معتمدا في تقرير الحماية لحقوق الشخصية على مقتضيات
قانون االلتزامات والعقود ،3بمقتضى المادة 911منه الذي اعتبرت أن "كل شرط من شأنه أن يمنع
أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحق االنسان في أن يتزوج ،وحقه في أن
يباشر حقوقه المدنية يكون باطال ويؤدي إلى بطالن االلتزام الذي علق عليه".4
غير أنه إذا كانت الفقرة األولى من هذه المادة تحمي حق العامالت في الزواج باعتبار شرط
العزوبة باطال ،فإن الفقرة الثانية على النقيض من ذلك من شأن اعتمادها في ميدان العمل أن يلحق
الضرر بالعامالت اعتبارا لكون الشرط باطل حسب هذه المادة يؤدي إلى بطالن االلتزام المعلق
عليه ،وبالتالي بقاء العامالت المطرودات نتيجة زواجهن دون تعويض.
على هذا األساس فإن تضمين شرط العزوبة في عقد العمل طرح التساؤل عما إذا كان يؤدي
إلى بطالن عقد العمل برمته ،أم أن المادة 911يجب تأويلها بشكل ينسجم مع خاصية قانون العمل
المتمثلة في حماية العامل وبالتالي حماية حقه الشخصي في الزواج.5
المالحظ أن المجلس األعلى السابق ذكره ،وإن كان قد أشار في قراره إلى المادة 911من
قانون االلتزامات والعقود ،فهو لم يعتمد عليه منفردا لتقرير صحة عقد العمل خالفا لما اعتقده
البعض الذي اعتبر بأن اعتماد قرار المجلس األعلى على المادة 911بالصياغة التي ورد بها من
شأنه أن يحرم العاملة من أي تعويض اعتبارا لكونه يجعل الشرط باطال يؤدي تلقائيا إلى بطالن
االلتزام المعلق عليه ،9وإنما عمد المجلس إلى تفسير نص المادة 911بما يتناسب مع مفهوم النظام
1
Art 9 du C.civ.fr : « Chacun a droit au respect de sa vie privée ».
2خالد حمدي عبد الرحمن ،المرجع السابق ،ص .14
3محمد بنحساين ،أي توازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية ،ص 32.
4ظهير شريف رقم 9.99.941الصادر في 91أوت 2199المتضمن قانون االلتزامات والعقود ،ج.ر عدد ، 3111بتاريخ
2199./11/22
5محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،مرجع سابق ص 22.
9سعيد عز ،العمل القضائي في مجال منازعات الشغل الفردية ،دار النجاح الجديدة ،ط ،9الدار البيضاء ،المغرب ،9114 ،ص 11.
294
حماية الحياة الخاصة للعامل
العام اإلجتماعي وذلك حينما أشار إلى بطالن الشرط ال يؤدي إلى بطالن اإللتزام الذي يعلق عليه
إذا كان من شأنه االنتقاص من حقوق العامل.9
بهذا فإن المجلس األعلى المغربي بتأويله للمادة المذكورة كرس مبدأً قانونيا استطاع من خالله
القانون العادي مع غاية قانون العمل المتمثلة في حماية العمال ،وبالتالي إدماج حق العمال تكيي
الشخصي في الزواج داخل مجال عالقة العمل.
في حين لم نجد أي قضايا مماثلة على مستوى القضاء الجزائري ،كما لم يتطرق قانون
99/11من خالل نصوصه إلى حماية حقوق الشخصية في مجال عالقات العمل ،األمر الذي قد
يدفع بعض المستخدمين إلى تفضيل عامالت عازبات بدل من المتزوجات ،بالرغم من أنه نص على
حق طالبي العمل في احترام حياتهم الخاصة ضمن قانون تنصيب العمال ومراقبة التشغيل.
من خالل المقارنة التشريع الوطني مع التشريع المغربي نجد أن هذا األخير قد نص على حق
العامل في الزواج بموجب المادة 11من مدونة الشغل التي جاء نصها « :يمنع كل مس بالحريات
والحقوق...داخل المقاولة وفق القوانين واأل نظمة الجاري بها العملكما يمنع كل تمييز بين األجراء
من حيث الساللة ،أو اللون ،أو الجنس ،أو اإلعاقة ،أو الحالة الزوجية ،أو العقيدة ،أو الرأي
السياسي ،أو اإلنتماء النقابي ،أو األصل الوطني ،أو األصل االجتماعي ،يكون من شأنه خرق أو
مبدأ تكافؤ الفرص ،أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة ،سيما فيما تحري
يتعلق باالستخدام ،وإدارة الشغل وتوزيعه ،والتكوين المهني ،واألجر ،والترقية ،واإلستفادة من
اإلمتيازات االجتماعية ،والتدابير التأديبية ،والفصل من الشغل ».
- 2الحماية القضائية للحق في الزواج ضمن شروط عقد العمل
بالنظر إلى النقص التشريعي سواء على المستوى العام أو الخاص ،فإن على القضاء تقديم
البديل لمواجهة هذا الفراغ ،من خالل تفسير النصوص القانونية تفسيرا يستوعب التطور الحاصل
في المجتمع ويتفق مع ما يمكن اعتباره ترسيخ الحقوق المدنية قضائيا ،وبما يؤدي إلى استيعاب
المفاهيم المختلفة واألكثر اتساعا للحق في الحياة الخاصة.2
- 1- 2التطبيقات القضائية للحق في الزواج ضمن شروط عقد العمل
استقر القضاء الفرنسي على وجوب الفصل التام بين الحياة المهنية والحياة الشخصية والعائلية
للعامل ،وقد رتب على ذلك أن كل طرد أو تسريح له اتصال بهذه األخيرة يعد تعسفيا ،3فال يجوز
9محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،مرجع سابق ص. 31
2خالد حمدي عبد الرحمن ،المرجع السابق ،ص .929
3بلخيضر عبد الحفيظ ،اإلنهاء التعسفي لعقد العمل ،دار الحداثة للطباعة والنشر ،لبنان ،9119 ،ص .229
293
حماية الحياة الخاصة للعامل
لصاحب العمل تطبيقا لسلطته التنظيمية بناءا على رابطة التبعية التدخل في الحياة الخاصة للعامل
وإال عد ذلك منه اعتداءا صارخا على تلك الحياة ،ومن بين التطبيقات القضائية في هذا الشأن ما
جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية بعدم مشروعية تسريح العامل بسبب رفض التخلي عن
زوجته ألن حقوق األبوة ال يمكن لها أن تنعكس على الميدان المهني ،1كما قررت بأن طرد عاملة
لكون زوجها عضوا نشيطا في إحدى النقـابات المهنية طـردا تعسفيا ،2كما اعتبرت أن تسريح
عامل بسبب تطليقه لحفيدة المدير العام للمؤسسة التي يشتغل بها بدوره تعسفيا غير مشروع.3
لعلَ من أهم المشاكل التي طرحت بحدة أمام القضاء الفرنسي والتي لها اتصال مباشر بالحياة
العائلية للعامل تلك المتعلقة بالحق في الزواج أو ما يسمى بشرط العزوبية الذي قد يرد في بعض
عقود العمل ،أو يضمن في بعض األنظمة الداخلية للمؤسسات ،4وإن مثل هذا الشرط قد يفرض
على العاملة إما أن تخفي زواجها ،وهذا أمر يصعب تحقيقه في الواقع العملي ،و إما أن تظل عازبة
في وجه طبيعتها البشرية.5 على الدوام وفي هذه الحالة يستحيل عليها أن تق
ألجل ما سبق ،نجد أن القضاء في فرنسا قد اعتبر أن فرض شرط عدم الزواج أو شرط
العزوبية على العمال بمثابة اعتداء على حق من حقوق الشخصية االنسانية ،ومن تم يعتبر باطال
بطالنا مطلقا ،وأكد بقوة على حق العامالت في الزواج التصال ذلك بالنظام العام ،واعتبر أن كل
بباريس بقرار إنهاء لعقد العمل بسبب زواج العاملة إنهاء تعسفيا ،هذا ما أوضحته محكمة االستئنا
شهير لها صادر بتاريخ 31أبريل 69193المتعلق بقضية فصل أحد العامالت لدى الخطوط الجوية
الفرنسية تشتغل كمضيفة طائرة بسبب زواجها ،حيث أن النظام الداخلي للهيئة المستخدمة يقضي
باريس في قرارها الصادر بتاريخ 31أبريل بإنهاء العقد في هذه الحالة غير أن محكمة استئنا
9193أ لغت حكم أول درجة على أساس أن الحق في الزواج إنما هو حق شخصي ال يمكن الحد
منه أو التنازل عنه.7
تنويها كبيرا من قبل الفقه الفرنسي ،8وهذا يدل على الدور التشريعي لقي القرار السال
والقضائي في إدخال مفردات مختلفة لحيـاة االنسان الخـاصة في مجتمع معاصر وتحـديدا الدور
1
Cass.soc, Cass. Soc., 08 juillet 1960, pourvoi n°06954270, Bull. civ.N° 756.
2
Cass.soc, 20 Nov 1960 , Droit oivrier.1960, p 390.
3
Cass.soc, 5 Avril 1965, Bull, Civ, N° 241.
4بلخيضر عبد الحفيظ ،نفس المرجع ،ص .221
5محمد كشبور ،عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي ،ص .934
6
Voir également : Le droit au mariage des hôtesses de l’air, Arrêt de la cour de paris du 30 avril 1963, 1ere
chambre, note par Jean MOROLLET, Dr.Soc, N°8, Septembre 1963, p 484.
7
Arrêt de la cour de Paris du 30 avril 1963, 1ere chambre, note par Jean MOROLLET, Dr.Soc, N°8,
Septembre 1963, p 484.
, op.cit, p 12, 13, HUET(A), Les atteintes à la liberté nuptiale dans les actes juridiques, (M)8 DESPAX
R.T.D, 1967, P 45, BENABET, La liberté individuelle et mariage, R.T.D, 1973, p 442.
299
حماية الحياة الخاصة للعامل
تعكس مفهوما مرنا وواسعا للحياة الخاصة في فرنسا.1 القضائي الذي يسعى إلى اتخاذ مواق
كما أن نزاعا مماثال طرح أمام القضاء المغربي في قضية شهيرة تعلق بقضية مضيفة جوية
فصلت من عملها بسبب إبرامها عقد زواج مخالفة لمقتضيات القرار العام الصادر عن الهيئة
المستخدمة الذي يمنع الزواج على من تعمل كمضيفة جوية ،غير أن المجلس األعلى عند نظره في
القضية أقر بموجب القرار الصادر في 21جويلية 9113بطالن شرط عدم الزواج دون بطالن
االلتزام المعلق عليه.2
- 2- 2النظام العام االجتماعي كأساس لحماية حق العامل في الزواج
يعتبر النظام العام مبدأ من المبادئ العامة للقانون الذي لم يقتصر على اكتساحه للروابط
القانونية على القانون العام فقط ،بل تعداه ليشمل سائر فروع القانون الخاص ،3وقد فرق الفقهاء بين
النظام العام المطلق السياسي الذي يسوده القانون المدني والنظام العام االقتصادي الذي ينقسم بدوره
إلى توجيهي ويعبر عن تدخل الدولة في الجانب االقتصادي ،والحمائي الذي يعمل على حماية بعض
الفئات كالعمال.4
النظام العام فاتحة المجال أما الفقه الذي تعددت اتجاهاته بهذا تجنبت القوانين تعري
الخصوص ،فالبعض يرى بأن النظام العام يعبر عن النواة الصلبة للمجتمع وعن إرادة الحياة
للمجتمع مهددة ببعض المبادرات الفردية من خالل العقود.5
فيما عرفه آخرون بأنه "القواعد القانونية التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية
أواجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع األعلى وتعلو على مصلحة األفراد ،فيجب على
األفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها وال يجوز لهم أ يناهضوها باتفاقيات فيما بينهم ،حتى ولو
حققت هذه االتفاقات لهم مصالح فردية ،فإن المصالح الفردية ال تقوم أمام المصلحة العامة.6
العالقات القانونية والغايات االجتماعية ،7ولعل أهم مظاهر هذا هذا النظام باختال يختل
تتجلى في تباين جزاء مخالفته ،فإذا كان جزاء هذه المخالفة في القانون المدني باعتباره االختال
1
Voir notamment, KAYSER(P), La protection de la vie privée par le droit, Protection du secret de la vie
privée,op.cit, p 118.
2قرار رقم 9311الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ 21جويلية ، 9113مجلة الملحق القضائي ،المغرب ،عدد ،21الصادرة
بتاريخ 21فبراير ،9111ص ، 212وتجدر اإلشارة أنه تم تغيير تسمية المجلس األعلى بمقتضى القانون رقم 31-99الذي قضى
بإحالل عبارة محكمة النقض .محلها.
3محمد ماسي ،مفهوم النظام العام في قانون الشغل ،مذكرة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط-المغرب ،9113 ،ص 4.
4عبد السالم شعيب ،النظام العام وقانون العمل في ضوء العولمة ،مجلة نقابة المحامين ببيروت ،لبنان ،العدد ،2111 ،3ص 923.
5
Voir ainsi CARBONNIER)J(, Exorde, in L’ordre public à la fin du XXème siècle, coordination Th. Revêt,
coll. Thèmes et commentaires, Dalloz, 1996, p2.
6عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،مرجع سابق ،ص .433
7محمد ماسي ،مرجع سابق ،ص .991
291
حماية الحياة الخاصة للعامل
الشريعة العامة للقانون المدني هو البطالن ،فإن قانون العمل يتسم هو اآلخر بطابع النظام العام
الذي يقتبس من عبارات إنسانية ضرورية لحماية طبقة عريضة المتمثلة في طبقة العمال.1
يمكن االستفادة من مفهوم النظام العام في عالقة العمل لحماية الحق في الزواج عند كي
تعارضه مع شرط تعاقدي يمن ع العمال من ممارسة حقهم المذكور؟ ذلك ما حاول كل من القضاء
الفرنسي والمغربي تحقيقه من خالل األحكام القضائية السابقة.2
أكد القضاء الفرنسي على عدم شرعية شرط العزوبة المفروض على المساعدات االجتماعية
ومضيفات الطائرة باعتباره ينافي الحق في الزواج في قراره الصادر بتاريخ 31أبريل ،9193
اعتبر الحق في الزواج حقا شخصيا ال يمكن تقييده أو الحد منه ،كونه من النظام العام ال يمكن
تقييده أو الحد منه ،حيث أن في مجال العالقات التعاقدية يجب أن تكون حرية الزواج محمية من
حيث المبدأ ،وأنه في غير األسباب الضرورية فإنَ شرط عدم الزواج يجب اعتباره باطال لمساسه
بحق أساسي من حقوق الشخصية 3وانتهاكه لحرمة الحياة الخاصة للعامل.
كما ذهب القضاء المغربي بدوره في القرار الصادر عنه بتاريخ 21جويلية 9113المتعلق
تسريح شركة الخطوط الملكية المغربية لمضيفة تعمل لديها بعد علمها بزواجها بحجة مخالفتها
لقرار الشركة الذي يفرض على جميع المضيفات البقاء في حالة عزوبة وأن الزواج يعد بمثابة
استقالة منهن.4
أقرَ المجلس األعلى المغربي في تعليله لبطالن شرط عدم الزواج دون بطالن االلتزام المعلق
عليه إلى أنه "لئن كان الفصل 911من قانون االلتزامات والعقود ينص على بطالن االلتزام المقترن
بشرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحقه أن يتزوج،
وفي حقه أن يباشر حقوقه المدنية ،فإن هذا الشرط يكون باطال وال يؤدي إلى بطالن االلتزام الذي
يعلق عليه إذا كان من شأنه االنتقاص من حقوق العامل ،لذلك فإن المحكمة كانت على صواب
عندما اعتبرت شرط عدم الزواج الذي التزمت به المطلوبة في النقض يعتبر باطال في النقض
ويبقى العقد صحيحا ورتب على ذلك آثار الفسخ التعسفي لعقد العمل الصادر بإرادة منفردة من
جانب الطاعنة فكان بذلك قرارها معلال تعليال كافيا وصحيحا ولم تخـرق الفصول المحتج بها مما
تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساس".5
1
ROZES )L(, Remarques sur l’ordre public en droit du travail, Dr.soc, n° 9-10, 1977, p 311.
2محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،ص 29.
3
Le droit au mariage des hôtesses de l’air, Op. cit, p 482.
4محمد كشبور ،عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي ،مرجع سابق ص 943وما يليها.
5قرار رقم 9311الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ 21جويلية ، 9113مجلة الملحق القضائي ،المغرب عدد ،21الصادرة
بتاريخ 21فبراير ،9111ص 214.
291
حماية الحياة الخاصة للعامل
يالحظ أن القضاء يميز بين مخالفة القواعد المتعلقة بالنظام العام المطلق ومخالفة اآلداب من
جهة ،ومخالفة القواعد المتعلقة بالنظام العام االجتماعي من جهة أخرى ،فإذا كان يرتب البطالن
على مخالفة الطائفة األولى ،فإنه يقرر جواز مخالفة القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام
االجتماعي إذا كان لمصلحة العامل.1
القضاء المغربي عمد إلى تفسير نص الفصل 911من قانون االلتزامات والعقود بما يتناسب
مع مفهوم النظام العام االجتماعي وذلك حينما أشار إلى بطالن الشرط ال يؤدي إلى بطالن االلتزام
الذي يعلق عليه إذا كان من شأنه االنتقاص من حقوق العامل.2
في هذا اإلطار ذهبت محكمة النقض الفرنسية في إحدى قراراتها أنه «وحيث أن مخالفة
القواعد القانونية المقررة لمصلحة العمال ال يرتب عليها البطالن إذا مست بمصالح هؤالء...فإنه ال
يقبل من المستخدم أن يثير بطالنا لم يتقرر إال لحماية العامل ،وبقدر ما يمس حقوق هذا األخير».3
ثانيا :حق العامل في اختيار مظهره
أضحى دخول عالم الشغل في وقتنا الحاضر محاطا بمجموعة من الشروط ال يمكن تفسيرها
إال بكثرة طالبي العمل وندرة فرص العمل ،األمر الذي يدفع بالمستخدمين إلى اإلفراط في شروط
تشغيل العامل ما دام هذا األخير مكرها على القبول رغم ما تحمله هذه الشروط في كثير من
األحيان من مساس بشخصيته ،4سيَ ما وأن عقد العمل هو من عقود اإلذعان ،إذ من المعتاد لدى
المؤسسات أن تعد عق دا نمطيا تطلب إلى جميع العاملين فيها التوقيع عليه وال يكون لطالب العمل
فرصة المناقشة يرد فيه من شروط وأحكام ،كما يحكم العمل لوائح عامة تسري على جميع العمال
دون أن يكون لهم حق االعتراض على أي منها.
على الموافقة عليها اشتغال العامل ،تتعارض مع قد يشترط المستخدم جملة من شروط يتوق
حقوقه الشخصية ،وصلت إلى حد التخل في المظهر 5الذي يجب أن يكون عليه العامل في عمله،
كاشتراط بعض أصحاب العمل على الالتي ترغبن في دخول ميدان العمل أن ال يرتدين الحجاب،6
أو يفرضوا عليهن ارتداء ألبسة فاضحة خاصة في المحالت التي يتوافد عليها الزبناء.
بل أكثر من ذلك نجد بعض المؤسسات على المستوى العالمي ،كمؤسسة «أوروديساني»
تشترط للعمل لديها أن يحافظ العامل على تـوازن بينه وبـين طوله ،وعلى العمـال الذكور أن ال
1محمد كشبور ،عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي ،ص 991.
2محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،ص 31.
3
Cass.soc, 12 Février 1975, Pourvoi n°74-40062, Bull, civ N° 68, p 65.
محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،نفس المرجع ،ص .43 4
5عبارة مظ هر للداللة عن هذا الحق بدل من كلمة هندام ،ألن عبارة مظهر تقابل في اللغة الفرنسية كلمة " "aspectأعم وأشمل ،إذ
يقصد بها كل شيء مرئي خارجي من هندام ولحية وطريقة تزيين وغيرها من األمور الخارجية.
6مذكور في :محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،نفس المرجع ،ص .43
291
حماية الحياة الخاصة للعامل
يحملو شاربا أو لحية فضال عن عدم تجاوز أظافرهم حدود أصابعهم ،وبالنسبة للعامالت تشترط
عليهن حمل خاتم واحد في أيديهن ،وحلقة واحدة في أذنيهن ،1األمر الذي يتطلب حماية طالبي
العمل من مثل هذه الشروط الماسة بحقوقهم الشخصية.
غير أنه إذا كان من المفترض أن للعامل حرية في اختيار مظهره ،فإنه بالمقابل نجده يعمل
في محل ليس ملكه ،ويخدم مصالح غيره ،األمر الذي يلزمه أن يحترم الشروط العامة لتنظيم
المؤسسة ،التي قد تفرض على عمالها مظهرا معينا تروم من خالله تحقيق غرضها ،مما يدعو
للتساؤل عن الكيفية التي يمكن للقانون من خاللها تحقيق التوازن بين الحماية الواجبة من الشروط
الماسة بحقهم الشخصي في اختيار مظهرهم ،وبين حق العامل في فرض حدود على هذا الحق نظرا
لمتطلبات العمل التي قد تفرض اتخاذ مظهرا معينا.2
- 1حرية العامل في اختيار المظهر
يعتبر اختيار العامل لمظهره من الحقوق الثابتة له ،وهو بشكل مبدئي حر في اتخاذ المظهر
الخارجي الذي يناسبه ،وله الحق في رفض تغييره إذا طلب صاحب العمل ذلك ،وإن الممارسة
الملية تثير مجموعة من اإلشكاالت تتعلق بإدراج أصحاب العمل لشروط تعاقدية تتدخل حتى في
صاحب العمل. المظهر الذي يجب أن يكون عليه العامل في عمله إن أراد أن يقبل من طر
إذا كانت الشروط التعاقدية الماسة بحقوق الشخصية عامة ،وبحق العامل في اختيار مظهر قد
انتشرت بكيفية تهدد هذه الحقوق بشكل مفرط ،فإن مثل هذا الوضع يفرض علينا البحث عن مدى
الحماية التي يمكن توفيرها لطالبي العمل أثناء إبرام عقد العمل عند فرض صاحب العمل لشروط
تمس بالحق في اختيار المظهر.
نج د لهذه الحق تطبيقات في القانون المقارن ،كالقانون الدنماركي الذي التعرض لحرية العامل
في اختيار مظهره بمناسبة قضية شركة الطيران الدنماركية «ماركس أير» والمضيفات الجوية
بهذه الشركة بسبب فرضها عليهن استعمال المكياج أثناء العمل ،اعتبر مجلس المساواة بين الجنسين
في كوبنهاغن الذي استشير في هذه القضية ،أن فرض المكياج أمر غير قانوني بموجب البند الرابع
من قانون المساواة الذي يفرض على أصحاب العمل معاملة النساء والرجال بشكل متساو.3
1
LEBAUSE (A), Pour avoir imposer « un code des apparences » à ses salarié Euro Disney est poursuivi en
justice par l’inspection du travail, le monde du 4 Décembre 1991, cité par Chantal et Vincent DEMARE,
Droit Social, 2éme Année, DUT, Formation continue, 3éme édition, p 191.
2محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،نفس المرجع ،ص 49.
3جريدة القدس العربي ،األربعاء 3جوان ،9111الصفحة األخيرة.
221
حماية الحياة الخاصة للعامل
نفس الحماية يقرها المشرع الفرنسي الذي أدرج بقانون العمل المادة L1121-1التي أرست
مبدأ عاما لحماية الحقوق والحـريات ،9حيث نصت على عـدم جـواز تقيـيد حقـوق الشخصية
والحريات الفردية والجماعية دون أن تكون هذه القيود مبررة بطبيعة العمل المطلوب إنجازه ،كما
كانت لها تطبيقات في القضاء الفرنسي ،حيث قررت محكمة النقض الفرنسية أن صاحب العمل ال
ي مكنه أن يفرض على العامل لباسا غير الزم لطبيعة المهام الموكولة إليه إنجازها وغير مناسب
للنتيجة المرجو تحقيقها.2
أما المشرع الجزائري فلم يتعرض إلى حماية هذا الحق ضمن أحكام قانون عالقات العمل
شأنه شأن باقي التشريعات العربية ،غير أنه وباالستناد إلى مفهوم النظام العام االجتماعي الذي
يفرض اعتبار أن أي شرط يضع قيود على حق العامل في مظهره باطال بطالنا دون أي يؤدي إلى
بطالن االلتزام المعلق عليه ،حيث ال بد من موائمة هذه القاعدة العامة مع الغاية من وضع قانون
في عالقة العمل ،وبذلك سيكون إدماج حق العامل الشخصي الضعي العمل ،وهي حماية الطر
في اختيار مظهره داخل عالقة العمل قد أخضعه لخصائص قانون العمل المتمثلة في حماية العامل.
هذا ما أخذ به التشريع المغربي الذي وإن لم يتعرض إلى مثل هذه الحالة في مدونة الشغل إال
أنه يرتكز على حماية كافة الحقوق الشخصية على المادة 911من قانون االلتزامات والعقود التي
تعتبر باطال كل شرط يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق الثابتة لكل انسان دون تطبيق الفقرة الثانية
من المادة التي تقضي ببطالن االلتزام المقترن بهذا الشرط ،والذي كان له سابقة قضائية في تطبيق
هذا النص على حق العامل في الزواج باعتباره حق من حقوق العامل الشخصية.
- 2حدود حق العامل في اختيار مظهره
إذا كان من حق العامل في اختيار مظهر يعتبر حقا من حقوق الثابتة لكل انسان ،فإنه سينجم
عنه عند اشتراط المستخدم على من يرغب في العمل قيودا على مظهره أن يعتبر الشرط باطال،
المستخدم في استعمال حقه الشخصي في اختيار مظهره ،بل غير أنه في المقابل ال يجب أن يتعس
البد أن يكون لهذا األخير حدود بشكل ال يلحق الضرر بصاحب العمل.3
إن حق العامل في حماية حياته الخاصة ال ينبغي أن يفهم منه أن هذه الحماية يجب أن تكون
مطلقة ،حيث أن السير الحسن للعمل داخل المؤسسة يفرض نوعا من التوفيق بين الحماية المطلوبة
لحقوق الشخصية للعمال ،وبين حق صاحب العمل في عدم تضرر مؤسسته ،لعل من أبرز األمثلة
9
Olivier TISSOT, Droit Fondamentaux du salarié et nécessité de son Emploi, Collègue C.I.J. Libre justice,
travail, libertés et vie professionnelle du salarié, Gaz Pal, 2 émeSem, 116émeAnnée, n°6, 1996, p 1423.
2
Cass. Soc, 28 Mai 2003, Pourvoi n° 02-40273, Bull 2003 , N° 178 p. 174.
3محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،نفس المرجع ،ص .41
229
حماية الحياة الخاصة للعامل
التي يمكن االستشهاد بها في القضاء الفرنسي في مجال الحدود المفروضة على العامل في اختيار
مظهره ،القرار القاضي "أن لباسا محترما ضروريا والزما بالنسبة للعمال ذوي صلة بالزبناء"،9
كذلك استـلزام حد أدنـى من النظافة يعـتبر ضروريا بالنسبة لبعـض المهـن التي تتطلب زيـاً
نظيفا ،2حيث تم تقرير تسريح أحد العمال المكلفين بيع اللحم نظرا لعدم نظافة لباسه.3
إن احترام الحقوق الشخصية للعامل ال ينبغي أن يؤثر على الهيئة المستخدمة ،فإذا كان للعاملة
أن تختار شكل لباسها وذلك بارتداء الحجاب أو قلعه ،فإنها بالمقابل مجبرة على أن يكون لباسها
بنانسي في بشكل ال يخلق نوعا من الفوضى في العمل ،وهذا ما سارت عليه محكمة االستئنا
أمرا قراراها الصادر بتاريخ 21نوفمبر 9112حينما اعتبرت أن ارتداء العاملة لقميص شفا
مخالفا لآلداب واألخالق الحميدة.4
كان للقضاء دور بارز في هذا المجال حيث قررت محكمة النقض الفرنسية أن الشخص
باألمن الذي يرفض ارتداء الزي الرسمي للعمل ،يعتبر مرتكبا لخطأ جسيم يبرر تسريحه،3 المكل
كما قررت في قضية أخرى أن صاحب العمل يمكن أن يفرض على المستخدم لباسا معينا إذا كانت
طبيعة العمل المراد انجازه والنتيجة المرجو من تحقيقها تستلزم ذلك ،9أيضا في حالة المندوب
بيع السيرات والذي يتردد على الزبناء بسيارة شخصية من نوع غير نوع السيارة التجاري المكل
التي يعرض بيعها ،حيث تطغى مهمة العامل المهنية على حريته في ممارسة حقوقه الشخصية.1
في مثل هذه الحاالت يظهر بجالء مدى الضرر الذي ينعكس على صاحب العمل في حالة
منح العامل حرية مطلقة في حياته الخاصة ،ذلك أنه مما ال شك فيه أن اللباس الوسخ يؤدي إلى
نفور الزبناء ،وعدم لبس الزي الرسمي بالنسبة لبعض المهن يؤدي إلى عدم معرفتهم من طر
رواد المحل الستفسارهم عند الضرورة كما هو الشأن بالنسبة للمكلفين باألمن ،كما أن استعمال
العامل لسيارة من غير النوع الذي يبيعه من شأنه أن يشكك في الراغب في الشراء في جودة
السيارة المراد بيعها.1
9
Cass. Soc, 29 Janvier 1984, cité par Bernard BOSSU, op.cit, p 752.
2
Bernard BOSSU, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise, vers un nouvel équilibre, Dr. Soc, n°
9/10, Septembre, Octobre 1994, p 752.
3
Cass. Soc, 29 Janvier 1984, cité par Bernard BOSSU, op.cit, p 752.
4
Cass. Soc. 22 juillet 1986 : n° de pourvoi 82- 43824
3
Cass. Soc, 17 Avril 1986, cité par Bernard BOSSU, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise, vers
un nouvel équilibre, op.cit, p 752.
9
Cass. Soc, 28 Mai 2003, Pourvoi n° 02-40273, Bull 2003 V N° 178 p. 174.
1
Bernard BOSSU, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise, vers un nouvel équilibre, op.cit, p 752.
1محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،نفس المرجع ،ص 91.
222
حماية الحياة الخاصة للعامل
ليس غريبا أن يتقيد العمال داخل المطعم الذي يعملون فيه بارتداء زين معين ،9وأيضا في
حاالت أخرى بتقييد مظهر شعر العمل ،فإذا كان طول الشعر أو قصره مسألة شخصية تماما ال
تؤثر بحسب األصل على اإلطار المهني إال أن تأثيرا سلبيا قد يظهر متى كنا بصدد معمل تحاليل
أو مؤسسة طبية ،2وهذه القيود ينبغي أن ترتبط بطبيعة العمل الذي يؤديه العامل ،كما أنـه يمكن أن
تتغير داخل المؤسسة الواحدة فيما بين العمال أنفسهم بحسب طبيعة عمل كل منهم.3
من أجل تحقيق توازن بين حق العامل في اختيار مظهره وبين الحدود المفروضة على هذا
الحق ،يتعين أن تكون لدينا صورة واضحة عن هذا الحق الواجب حمايته ،حتى نستطيع من الناحية
العملية أن نميز بين سلطة المستخدم في تسيير مؤسسته وحق العامل في احترام حقوقه الشخصية،
فطالما كان المظهر الذي اختاره العامل ال يؤثر على عمله وجب حماية الحق في اختيار المظهر.
أما إذا كان للمظهر المختار ضرر على صاحب العمل وعلى مؤسسته فإنه يجوز في هذا
الحالة فرض حدود على هذا الحق ،وهو ما أحاطت به المادة L1121-1من قانون العمل الفرنسي
في فقرتها الثانية حينما نصت على عدم جواز تقييد حقوق الشخصية دون أن يكون هذه القيود
مبررة بطيعة العمل المطلوب إنجازه ،وهذا ما اعتمدته بعض االنظمة الداخلية للمؤسسة في
الجزائري شأن النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر الذي الذي يعتبر الزي المهمل بأماكن
العمل خطأً تأديبيا من الدرجة األولى ،4وتجدر اإلشارة أن قانون العمل الفرنسي كان له سابقة في
صاحب العمل في فرض سلطته تقرير حق العامل في احترام حقوقه الشخصية وحمايتها من تعس
أثناء إبرام العقد أو تنفيذه ،حتى ال يضطر طالبي العمل إلى التنازل عن حقوقهم الشخصية تحت
ضغط الحاجة للعمل.
الفرع الثاني
حماية حقوق العامل الشخصية ذات الطابع المعنوي
إن النظر إلى الحياة الخاصة وارتباطها بالحقوق الشخصية ،يتطلب التركيز على الجانب
المعنوي للحقوق الشخصية وهو جانب ما زال يحظى باالهتمام األكبر في عدة اتجاهات قانونية
في الشريعة اإلسالمية إذ ال وقضائية ،3إلن اإلكراه الذي قد يقع فيه العامل ليس بالمعنى المعرو
9
Cass. Soc, 20 Nov 1991, Dr.Soc, 1992, p 79.
2
GAUDU (F), Le licenciement pour périe de confiance, Droit social, 1992, p 33.
3مثال في مؤسسة تقدم عروضا مسرحية ،في الوقت الذي يتقيد فيه الممثل الكوميدي بحلق لحيته تلبية لمتطلبات األدوار التي
يضطلع بتمثيلها ،ال يكون هذا القيد مفروضا على غيره من العمال ممن يعملون على األجهزة في المسرح ،مذكور في صالح
محمد أحمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،...المرجع السابق،ص 911.
4المادة 911من النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر ،الملحق رقم .11
3حسام الدين كامل االهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،دراسة مقارنة ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،9111 ،ص 31.
223
حماية الحياة الخاصة للعامل
يتصور أن يضغط عليه من قبل الغير إلبرام عقد العمل ،لكن اإلكراه قد يكون من طبيعة اقتصادية
قد تحمل العامل على قبول شروط مجحفة للحاجة الملحة للعمل واألجر.9
لكل فرد التمسك بحقوق شخصيته كسالمة كيانه المادي واألدبي تجاه الكافة وليس فقط اتجاه
شخص معين ،2مقتضى هذا االلتزام من قبل الكافة باحترام هـذه الحقوق وعدم المسـاس بها ،3إن
تكامل الشخصية قد يفسر على أنه التناغم بين األبعاد المختلفة لها ،أي التكامل الجسدي والمعنوي.
تبعا لذلك في إن هناك حقا شخصيا في أن تحترم الحياة الخاصة يحمي أبعادها المختلفة،
فيكون للعامل حقا شخصيا في أن ينمي حريته الشخصية طالما ال يعتدي على حقوق اآلخرين ،وبما
ال يتعارض مع النظام الدستوري أو األخالقي السائد.4
إن تقييم أفعال العامل في حياته غير المهنية يفتح الباب على مصرعيه ألهواء صاحب العمل
وتوجهاته الذاتية أ يا كان االطار الذي ينتمي إليه ،فيتدخل في المفردات الداخلة في إطار الحياة
الخاصة سواء تعلقت بجانبها الجسدي أو المعنوي ،3قد يختلط التقييم المهني بالتقييم الشخصي غير
المهني غير المبرر الذي تحيط به عدم المشروعية في ذاته وآثاره ،حيث يتأثر العقد القائم بمواق
انطباعية لصاحب العمل ،9والمالحظ في الواقع العملي أن بعض عقود العمل أصبحت تتضمن
شروطا تمس بحقوق الشخصية.
أوال :حق العامل في االسم الشخصي
يندرج تحت حق الشخص في تمييزه عن ذاته حقوقا هامة من حقوق الشخصية هي الحق في
االسم واللقب والتي أحيانا ما يتضمنها الكي ان المعنوي أو االدبي لإلنسان وذلك وفقا للتقسيمات
المختلفة لحقوق الشخصية ،ونظرا لكون االسم واللقب يهدفان إلى تمييز الشخص عن غيره وتفريده
عما سواه ،1فاالسم يعتبر وسيلة يتم تعيين الفرد وتفريده عن غيره من األشخاص ،1فهو ما يتعين به
الفرد تعينا خاصا ،1حيث يرتبط االسم ارتباطا وثيقا بحالة الشخص وشخصيته.91
224
حماية الحياة الخاصة للعامل
لمَا كان الحق في الحياة الخاصة قوامه حق الشخص في أن يعيش حياته كما يشاء دون تدخل
في حياته الخاصة إال في أضيق الحدود فإنه يكون من المنطقي أن يكون اسم الشخص داخال في
حق احترام الحياة الخاصة للمرء.9
إذا كان االسم باعتباره مميزا للشخصية يقصد به االسم الشخصية واالسم العائلي لكل فرد،
فإنه ال يهمنا في موضوعنا هذا سوى االسم الشخصي باعتباره هو الذي يثور بشأنه النزاع في
عليه من وقائع فكان ال بد من إثارة هذا الموضوع عالقات العمل ،من خالل ما أمكن لنا التعر
صاحب العمل في اسمه للبحث عن مدى الحماية المخولة للعامل في حالة منازعته من طر
الشخصي ، 2وطلبه تغييره كشرط من شروط إبرام عقد العمل ،فهل تنسجم خاصية قانون العمل
المتمثلة في حماية العامل من حماية حق العامل في اسمه الشخصي ؟
لكن قبل ذلك التساؤل عن عالقة االسم الشخصي للعامل بموضوع الحياة الخاصة ،واتباطه
حول طبيعته القانونية إذ ذهب البعض إلى بالحقوق الشخصية ،خاصة إذا علمنا من الفقه اختال
اعتباره واجبا وحق ملكية ،األمر الذي يستدعينا لتحديد الطبيعة القانونية لالسم الشخصي قبل
التطرق إلى الحماية المقررة له في حالة النزاع في مجل عالقة العمل.
القانوني لالسم الشخصي -9التكيي
القانوني السليم الذي ينبغي الفقه حول تحديد الطبيعة القانونية لالسم من أجل التكيي اختل
أن يسبغ به ،إذ تضاربت اآلراء بين من اعتبره واجبا وبين من رأى فيه حقا ،االتجاه الفقهي الذي
اعتبره واجب استند في رأيه على غرض االسم في ضمان األمن المدني واستقرار المعامالت في
المجتمع ،لإللزامية استعماله وجوبا في التصرفات القانونية.3
يعاب على هذا االتجاه أنه أغفل مسألة جوهرية وهي مصلحة الفرد في تمييز شخصه عن
الغير ،كما تقتضي هذه المصلحة حماية القانون ،باالضافة إلى أنه يستطيع أن يتخلص من التزامه
بالتقيد باالسم تجاه غيره وذلك باستعمال ألسماء غير حقيقية ،استثناءا على القاعدة العامة في
الحاالت التي ال تسبب ضرر للغير ،كأن يستعمل العامل في المجال الفني اسما مستعارا بالنسبة
ألعماله الفنية أو األدبية ويخفي اسمه الحقيقين وله أيضا أن يخفي اسمه في بعض المعامالت طالما
أنها ال تضر بالغير. 4
9ممدوح خليل بحر ،حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي دراسة مقارنة ،مكتبة دار الثقافة ،القاهرة ،9119 ،ص 234.
2مح مد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،مرجع سابق ص .39
3
Gilles GOUBEAUX, Traité de droit civil, les personnes, librairie Général de droit et de jurisprudence,
Paris,1990, p 116.
4
CARBONNIER (J) : Droit civil, , introduction, les personnes, la famille, l’enfant, le couple, o.p, cit, p 200.
223
حماية الحياة الخاصة للعامل
بعض الفقه االسم على أنه حق بحجة أن استعمال االسم هو استعمال خاص قاصر فيما يكي
على صاحبه ،وهو مزود بحماية قانونية ،إذ يحق لصاحب االسم أن يطالب بوضع حد لكل اعتداء،
مجاالت الحياة من معامالت تجارية ومن حق الش خص استعمال اسمه في أعماله على اختال
بأعماله ومنتجاته وإبداعاته الفنية ،وإمضاء العقود ،غير أنه ومدنية وعمليات االشهار للتعري
في استعمال اسمه إذا نتج عنه ضرر للغير كأن يستعمله بقصد يسأل عن اسمه في حالة التعس
المنافسة غير المشروعة لشخص آخر يحمل اسما متجانسا.9
هناك من يرى في هذا الشأن أن االسم بمثابة حق ملكية ،وهو اتجاه القضاء الفرنسي أساسا،2
من غير أن حق الملكية ال يرد إال على األشياء المادية من جهة ،وأنه يخول المالك حق التصر
جهة ثانية ،في حين أن الحق في االسم يرد على شيء معين وهو غير قابل للتداول.
في ضوء االنتقادات يرى الفقه الحديث أن االسم هو حق من حقوق الشخصية ،مالزم
للشخصية ولصيقا بها ،وهي حقوق ترد على اشياء معنوية وغير قابلة للتداول ،ال يستعمل إال من
قبل صاحبه تحقيقا لمصلحته ،يلزمه كل الحماية واالحترام ،و عليه متى اعتبرنا الحق في االسم
بمثابة حق شخصي ،هل من حماية له في القانون الجزائري حينما يقع المساس عليه بموجب شرط
تعاقدي يفرض على العال تغييره حين يرغب في الحصول على العمل.
- 2مدى حماية حق العامل في اسمه الشخصي
عنه، تتخذ صورة المساس باالسم الشخصي أشكال متعددة سواء بانتحاله أو بالكش
أو باستعماله على أي وجه كان أو المنازعة فيه ،ويعد المساس متحققا سواء كان مقترنا بحسن نية
أو بسوئها ،وير ى غالبية الفقه 3أن االسم من حقوق الشخصية التي تدخل في الحياة الخاصة.
على هذا األساس يحظى بالحماية القانونية من كل اعتداء ،وذلك بغض النظر عن الضرر الذي
يمكن أن ينجر عن هذا االعتداء أو المنازعة حوله ،4ويبدوا أن االعتداء بهذه الطريقة يعد أكثر
خطورة في حالة المنازعة في االسم شخصي 3لما قد يترتب عليه من ضرر يشكل مساسا بحقه في
احترم حياته الخاصة.
9علي فياللي ،نظرية الحق ،موفم للنشر ،الجزائر ،2199 ،ص 244.
2
V:notamment : Trib Civ le Harve 03 Fevrier 1924 Gaz.Pal, n° 1924-1-643, Trib.Gr,Inst, Seine 13 Avril
1967, D. n°1968-437 ; R.T.D.C, n° 1968-541, Obs NERESON, cité par G. GOUBEAUX,op.cit, p 153-154.
3
MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p 124-125, NERSON (R), Jurisprudence Française en matière
de droit civil, Rev. Trim. dr. Civ. N° 1 et 2, 1987, p 377.
4انظر المادة 41من القانون المدني الجزائري ،والمادة 39من القانون المدني المصري ،و كذا المادتين 9312و 9113من
القانون المدني الفرنسي والمادتين 91-433و 23-434من قانون العقوبات الفرنسي ،وانظر أيضا حول موضوع االسم الفرع
الثاني من المطلب الثاني من المبحث األول من الفصل األول من الباب األول.
3علي فاللي ،نفس المرجع ،ص 913.
229
حماية الحياة الخاصة للعامل
تقتصر دراستنا على الحالة األخيرة من حاالت االعتداء على الحق في اسم بناءا عليه سو
العمل وهي المنازعة ففي استعمال االسم بدون مبرر ،باعتبارها الحالة المثارة في ميدان العمل،
لتبين من خالل ذلك مدى الحماية الممكن توفيرها لحق العامل الشخصي المتمثل في الحق في
المنازعة في االسم على أنها االعتراض على التسمي باسم معين ،مما يعني االسم ،وتعر
اعتراض الغير من دون مبرر على حق الشخص في التسمي باالسم الذي حمله وفي استعماله.9
أثرت هذه المسالة بكثرة بخصوص العمال المهاجرين بدول المهجر ،التي يطالب فيها العمال
بالدرجة األولى العمال المقي مين بخارج البالد بتغيير أسمائهم العربية أو ذات الداللة الدينية ،حيث
أن العديد من المهاجرين العرب يجدون صعوبة في الحصول على عمل نتيجة أسمائهم العربية مما
يضطرهم في كثير من األحيان إلى تغيير أسمائهم من أجل الحصول على العمل.2
كان للقضاء للقضاء الفرنسي سابقة في هذا الموضوع ،حيث سبق لمحكمة « »Montluçon
في حكمها الصادر في 92أبريل 9114أن قبلت طلب المدعي الرامي إلى تغيير اسمه لرغبته في
إخفاء طابعه األجنب وذلك حتى يتمكن من ممارسة تجارة الكتب.3
ال يقتصر األمر على الدول األوروبية التي قد يبرر ذلك فيها بالنزعة العنصرية التي تطغى
على أصحاب العمل ،بل يتعدى األمر كذلك حتى إلى الدول العربية وبحجج أقل ما يقال عنها أنها
حجج واهية ،حيث تشترط شركات االتصال والخدمات المعلوماتية الموجهة للسوق الفرنسية التي
تنشأ في بعض الدول العربية كالمغرب ألهمية االمتيازات الضريبية واالجتماعية التي تستفيد منها،
أن تتقمص بعض الشروط تفرض من خاللها على العامالت الالتي يشتغلن لديها كمراسالت هات
اسما فرنسيا إليهام الزبون بأن المكالمة تجري من داخل فرنسا.4
يمكن حماية العمال في مثل هذه الحالة من الشرط التعاقدي الماس بحقهم في االسم؟ هل كي
يجب اعتبار الحق في االسم أسمى من الشرط الذي يفرضه العقد والمتمثل في تغيير االسم كشرط
لقبول العمل؟ كما ال بد من التساؤل عما إذا كانت المنازعة في اسم العامل في مجال عالقة العمل،
ت جعله يستفيد من خصائص قانون العمل المتمثلة في حماية العامل وبالتلي تمسكه باسمه وعدم
التنازل عنه مرضاة لرغبة المستخدم.3
221
حماية الحياة الخاصة للعامل
الحق في االسم باعتباره حقا من حقوق الشخصية يجب أن يحظى بنفس الحماية التي يحظى
بها غيره من الحقوق الشخصية ،فالمشرع الفرنسي بالرغم من أنه لم يحدد صور المساس بالحق في
االسم إال أنه يشترط إثبات حصول لبس يترتب عليه ضرر يلحق صاحب االسم إلمكانية حماية حقه
في اسمه ،9أما القانون المصري والعراقي فإن موقفيهما متشابهان في حماية الحق في االسم.2
إذا كان اعتبار االسم حقا شخصيا يحظى بالحماية القانونية ،فإن هذا سوق يترتب عليه أن
اشتراط صاحب العمل على العامل تغيير اسمه لالشتغال لديه ،يعتبر شرطا باطال ،وهذا ما أكد
عليه المشع المغربي في المادة 911من قانون االلتزامات والعقود ببطالن االلتزام المقترن بشرط
مانع من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل انسان.
كما يقر المشرع الفرنسي من خالل نص المادة ( )L122-2من قانون العمل الفرنسي على أنه
"ال أحد يمكنه أن يمس أو ينـ ال من الحقوق الشخصية والحريات الفردية والجماعية أو تقيـيدها،
المرجو".3 عندما ال يبرر ذلك بطبيعة العمل المتمم و ال يتصل بالهد
تجدر اإلشارة إلى أنه إذا كان مفهوم النظام العام االجتماعي الذي توصل إليه القضاء ساهم
في حماية حق العاملة في الزواج ،فهل يمكن اعتماد هذا المفهوم أيضا لحماية حق العامل في
االسم؟ ومنه حماية حقوق الشخصية عامة مند ابرام عقد العمل ،هذا ما سنحاول بحثه من خالل
حقوق الشخصية التي يتم المساس بها في عقد العمل ،سيما وأن عقد العمل يعتبر األرض الخصبة
للنظام العام ،بحيث يخضع في نفس الوقت لنظام عام مطلق ،يحمي القيم الجماعية األساسية بالنظام
االجتماعي ،ولنظام عام نسبي خاص بقانون العمل يجسد الحد األدنى الذي ال يمكن النزول عنه.4
ثانيا :حق العامل في حرية الدين والمعتقد
الحريات العامة إلى حر يات فردية وحريات جماعية ،وتتمثل األخيرة في الحريات تصن
الممارسة جماعيا كحركية تكوين الجمعيات والحرية نقابية وحرية االجتماعات مثال ،أما األولى أي
الحريات الفردية فتندرج ضمن اإلطار العام المصطلح عليه بحقوق االنسان ،المعرفة من البعض
بأنها "مجموع الحقوق والقدرات التي تضمن الحرية والكرامة للذات البشرية وتتمتع بحماية
مؤسساتية" ، 3والتي كرسها اإلعالن العالمي لحقوق االنسان وجل الدساتير والتشريعات المحلية
9
Droit civil, Art 57.
2المادة المادة 39من القانون المدني المصري ،والمادة 49من القانون المدني العراقي.
3
Art L122-2 du C.T.fr : « Nul ne peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et
collectives de restrictions qui ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées
au but recherché ».
4
ROZES (L), Remarque sur l’ordre public en droit du travail, op.cit, p 320.
3عبد المجيد بوريقة ،حماية الحياة الخاصة في القانون التونسي ،مرجع سابق ،مجلة القضاء والتشريع ،تونس ،العدد ،2112 ،1
ص 291.
221
حماية الحياة الخاصة للعامل
واالتفاقات والعهود الدولية ، 9فهي تلك التي يمارسها الفرد دون مشاركة من الغير في ذلك ومن
مظاهرها حرية الفكر والتعبير وحرية اإلقامة والتنقل وحرية المعتقد.2
- 1مدى حماية حق العامل في حرية الدين والمعتقد
من حق الفرد اعتناق دين معين أو عقيدة محددة ،فاالعتقاد هو حق سامي في حياة االنسان
على اعتبار أنه متعلق بشعور االنسان وإحساسه ،وحرية الدين واالعتقاد أن يؤمن الشخص بشيء
مقتنع ا به ال مكرها أو مجبرا أو إغراءا ،وحرية االعتقاد تشمل حرية ممارسة الشعائر الدينية وهذا
ما كرسه االعالن العالمي لحقوق االنسان في المادة 91منه "لكل شخص الحق في حرية الفكر
والوجدان والدين ويشمل هذا الحق حريته في دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده
بتعبد وإقامة الشعائر ،وأقرته المادة 39من الدستور جاء فيها "ال مساس بحرمة حرية المعتقد".
مشروع قانون العمل الجديد بدوره أوردا نصا يحمي العمال ضمن عقد العمل أو اتفاق جماعي
من أي التمييز سواء من حيث القرابة أو العالقات العائلية ،أو الوضع اإلجتماعي ،وغيرها من
االعتبارات األخرى ضمن المادة 39منه ،3والجديد هو إضافة اعتبارات التمييز على أساس الدين
أو ديانة العامل ،هذا االعتبار الذي لم يكن متواجدا ضمن نص المادة 91من قانون .99/11
قد يحدث تداخل بين نطاق الحياة المهنية والحياة الخاصة ،فالعامل رغم وجوده في مكان
ووقت العمل إال أنه يحتفظ بذاته كإنسان وبقدر من الخصوصية التي تالزمه في مكان العمل ،ولعل
أهم ما يالزم العامل حتى في حياته المهنية اعتقاده وضميره وفكره ،فليس مطلوبا من العامل أن
يؤمن بنفس المعتقدات التي يؤمن بها مستخدمه ،أو بنفس التوجهات ،وليس ملزما بأن يتقاسم مع
المستخدم أفكاره ومعتقداته وله أن يتبنى آراءا أو أفكارا مختلفة ما لم تكن تلك اآلراء والمعتقدات
محل اعتبار عند التعاقد.4
بحرية العقيدة وفي نفس الوقت السماح بهدم مظاهر هذه الحرية من يمكن االعترا لكن كي
خالل مصلحة المؤسسة؟ تلك المصلحة التي جعلت محكمة النقض الفرنسية تلغي حكم االستئنا
الذي أعطى عامال مسلما تعويضا عن إنهاء عقد عمله بمعرفة صاحب العمل ،ألن العامل كان يعمل
في متجر بقسم اللحوم ،فطلب نقله إلى قسم آخر بذات المتجر على أساس أن ديانته االسالمية ال
9المواد 9و 93و 33تتضمن االشارة إلى احترام حقوق االنسان والحريات االساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطالقا بال
تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق بين الرجال والنساء ،كما جاء في نص المادة 3من االتفاقية الدولية على جميع
اشكال العنصري " 9193تتناول تعهد الدول األطراف في االتفاقية بحظر التمييز والوفاء بعدد من االلتزامات وكفالة عدد من
الحقوق من بينها الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين.
2عبد المجيد بوريقة ،نفس المرجع ،ص .291
3انظر النص الكامل للمادة 39من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد في الملحق رقم 12
4صالح محمد احمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،.....مرجع سابق ،ص .31
221
حماية الحياة الخاصة للعامل
تسمح له بالتعامل مع لحم الخنزير ،فرفض صاحب العمل نقله وعندها امتنع العامل عن العمل فقام
أن التسريح ال صاحب العمل بتسريحه ،عند الطعن في القضية أمام القضاء رأت محكمة االستئنا
يستند إلى سبب حقيقي وجدي وأنه كان ينبغي على صاحب العمل نقل العامل إلى منصب عمل آخر
احتراما لحرية العقيدة وتعاليم الديانة ،لكن محكمة النقض رأت أن احترام الحرية الدينية يكون من
خالل عدم فرض شروط على العامل تحد من حريته خارج العمل ،أما داخل مكان العمل فال يمكن
للحرية الدينية أن تقيد صاحب العمل في تنفيذ عقد العمل ،إال إذا اشترط العامل صراحة بعض
القيود على صاحب العمل سواء في عقد العمل المتفق عليه أو في اتفـاق خاص ،وبالتالي ألـغت
حكم االستئنا ،9فالمسائل الدينية ما لـم يوجد بشأنها نص خاص في العقد أو االتفاق فال مكان لها
في عالقات العمل.2
في قضية مماثلة أقرت محكمة محكمة النقض الفرنسية رأنه بالرغم من أن المادة L122-45
تقضي بأنه ال يمكن عقاب العامل أو تسريحه بسبب عقائده الدينية إال أن األمر يغدو من ق.ع.
ذلك حينما يتعهد العامل بأداء عمل يستلزم أن يكـون العامل متفـقا في األفكـار وفي على خال
المعتقدات مع صاحب العمل ثم يتنكر العامل اللتزاماته الناشئة عن هذا التعهد فيما بعد.3
من وجهة الشرع فإنه ال يعذر المسلم في إبرام عقود مخالفة ألحكام الشريعة اإلسالمية كونها
مجرد عقود إذعان،مثل عقد العمل التي قد يتضمن شروط ال يملك العامل مناقشتها بل له أن يقبلها
أو يرفضها كما هي ،والتي قد تتضمن شروط مخالفة ألحكام الشريعة االسالمية السيما إذا تعلق
األمر بالعمال المهاجرين و العمال األجانب.
الشرع أن العقد الذي يتضمن شروطا مخالفة ألحكام الشريعة يؤدي إلى فساد العقد فال موق
يجوز للمسلم الدخول فيه ،فإن قيل لعله يكون مضطرا لكونها من عقود االذعان فالجواب عن ذلك
أن االضطرار الذي يبيح المحظور هو ما فصل الفقهاء في وصفه وال يقع مثل ذلك في العقود ،وفي
مثل ذلك قوله تعالى "وقد فصل لكم ما حرم عليكم إال ما اضطررتم إليه" 4فعلق االباحة بوجود
الضرر ،وكل ذلك ال نراه يقع في إبرام عقود العمل. الضرورة والضرورة في خو
- 2حدود حماية حق العامل في حرية دينه ومعتقداته
القضاء صراحة بأنه لصاحب العمل في بعض المؤسسات ذات التوجهات المذهبية يعتر
الحق في أن يشترط على عماله المنوط بهم مهام روحية أن يتحلوا بأسلوب حياة معينة وبمعتقدات
9
Cass. Soc, 24 Mars 1998, R.J.S, 6/98 n°701.
2
RICHARD )J,( la vie personnelle du salarié, étude sur la jurisprudence récente de la chambre de la cour de
cassation, Rapport de la cour de cassation, la documentation française, 1999, p 201 .
3
CA Paris, 19 Janv 1992, Dr, soc 1992, p 335.
4
القرآن الكريم ،اآلية 991من سورة األنعام.
231
حماية الحياة الخاصة للعامل
دينية متوافقة مع غايات هذه المهام ،9فيتعهد العامل أثناء إبرام عقد العمل بأداء عمل يكون متفقا مع
أفكار ومعتقدات صاحب العمل وال يمكنه أن يتنكر إللتزاماته الناشئة عن هذا التعهد فيما بعد.2
في بعض األحيان قد تبرر طبيعة العمل الحد من بعض الحريات كالحد من الحرية الدينية،
حيث تلجأ بعض المؤسسات ذات النزعة أو التوجه وهي عبارة عن مؤسسات ذات طابع ديني
أو التعليم الديني إلى فرض بعض الشروط على العمل تحد من حريته الدينية ،يترتب على مخالفتها
تسريح العامل.
مثال ذلك قرار محكمة النقض الفرنسية القاضي بتسريح معلمة من مؤسسة تعليمية ذات توجه
ديني كاتوليكي إثر تزوجها للمرة الثانية بعد طالق وهو الشيء الممنوع في الديانة المسيحية
الكاتوليكية ،قرر القضاء بأن المؤسسة لم ترتكب أي خطأ ألنها تقوم على مبدأ عدم انحالل الزواج
طالق ،وأنها تصرفت بما يحافظ حسير عملها وغرضها ومبادئها وسمعتها ،وعليه فقد وضع
القضاء المعتقدات الدينية للمعلمة موضع االعتبار من قبل طرفي العقد بما ال يمكن التغاضي عنه
فيما بعد بشكل إرادي من قبل أحدهما منفردا.3
كما أنه ال يمكن عدم تنفيذ العمل الذي يفرض االعتقاد بما يعتقد المستخدم في المؤسسات ذات
النزعة االديولوجية ،وهذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية قرارها بأنه ال تطبق المادة L122-45
بإتمام عمل يجهل كيفية تنفيذه ألسباب دينية أو اعتقاداته.4 في حالة ما إذا كل من ق.ع.
في نفس السياق قرر القضاء الفرنسي أنه ال يمكن للعامل أن يرفض القيام بالعمل لقناعاته
الدينية ما لم يكن العمل معارضا للنظام العام الفرنسي ،كالعامل الذي رفض أن يكون على اتصال
بلحم الخنزير ألنه متدين بالدين االسالمي.3
قد تتعارض مصلحة المؤسسة مع حريات العامل سيما الحرية الدينة ،فمصلحة المؤسسة قد
تستبعد تمسك العامل ببعض مبادئ ديانته وتحد منها في مثل هذه الحاالت ،وفي حاالت أخرى قد
تفرض مصلحة المؤسسة أن يتمسك العامل بمبادئ الديانة والعقيدة إذا كانت المؤسسة التي يعمل بها
يقوم على الدفاع عن هذه المبادئ وهذا بالنسبة للمؤسسات ذات الغايات والتوجهات الخاصة ،9غير
أن احترم الحياة الخاصة يمثل ركنا أساسيا في تكامل الشخصية ،وهذا االحترام يعكس تقدير الحرية
9
Cass. Soc , 20 Nov 1986, J.C.P, 1987, éd G 11, 20798, Note th. Rvert.
2
صالح محمد احمد دياب ،مرجع سابق ،ص . 31
3
Cass. Ass. Plén., 19 mai 1978, pourvoi n°76-41211, Bull. civ. des arrêts Cour de Cassation Assemblée
plénière N. 1p 1.
4
Cass. Soc, 20 Nov 1986, Dr.soc, 1987/379, Obs. J.SAVATIER, J.B.C, 1987, II. 20798, note T.revet,
R.T.D ; Juillet 1999, p 9.
3
Cass. Soc. 24 mars. 1998 ; bull. civ. V ;n°171 ; Dr. soc .1988 .614, obc. J. SAVATIER, RJS, 6\1998, n°701.
R.T.D ; juillet 1999, p 9.
9صالح محمد احمد دياب ،مرجع سابق ،ص .911
239
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفردية واحترمها ومن بينها حرية الدين والمعتقد ،بحيث ال يقيدها سوى االصطدام بأهدا
المؤسسة ومصالحها ،فقد تقتضي مصلحة المؤسسة االلتزام بعدم ممارسة الحرية الدينية في بعض
الحاالت ،ووجوب ممارستها في حاالت أخرى.
المبحث الثاني
حماية الحيـاة الخاصة أثنـاء تنفيذ عـقد العمـل
على مرحلة إبرام عقد العمل من خالل فرض إن التدخل في الحياة الخاصة للعامل ال يتوق
شروط تعاقدية فحسب ،بل قد يتعداها إلى مرحلة تنفيذ العقد ومزاولة العمل ،إذ أن المساس بالحياة
المستخدم أثناء تأدية العامل لعمله ،ذلك أن المستخدم قد يستغل سلطاته في الخاصة يأتي من طر
تسيير مؤسسته ،وواجب العامل في تنفيذ تعليماته ،ليفرض عليه أوامر قد تمس بحياته الخاصة .9
تخول رابطة التبعية القانونية المتأصلة عن عقد العمل لصاحب العمل سلطات واسعة قصد
الحفاظ على حسن سير مؤسسته وتحقيق أهدافها ،ويرتضي العامل بتقييد معين لحريته ،لكن هذا
التقييد لحرية العامل ال يعني تنازال كامال عنها ،2أو أن يتخلى عند أبواب المؤسسة عن حقوقه
وحرياته المرتبطة بمركزه كإنسان.
ال يمكن لسلطات صاحب العمل أن تتعارض مع الحقوق التي تتطابق مع هذه الحالة ،3فليس
لصاحب العمل سلطات مطلقة في نطاق الحياة المهنية نفسها إذ يوجد لها حدود تتزايد بتزايد حقوق
االنسان داخل المؤسسة 4التي يبغي عليه مراعاته سواء أثناء ممارسة سلطته في تنفيذ العقد أو أثناء
على مدى فرض المراقبة تعديله ،وعلى الرغم من إنَ ازدهار المؤسسة وتطورها يتوق
العمال ،إالَ أن هذه المراقبة قد تتجاوز مداها فتصيب بؤرة الحياة الخاصة واالنضباط في صفو
للعامل ،سواء أثناء ممارسة صاحب العمل لسلطته التنظيمية أو التأديبية.
المطلب االول
أثر السلطة التنظيمية للمستخدم على الحياة الخاصة للعامل
استقر القضاء على أن صاحب العمل يملك سلطة تنظيم مؤسسته على الوجه الذي يراه كفيال
بتحقيق مصلحة المؤسسة ،وال وجه للحد من سلطته في هذا الخصوص طالما ممارستها مجردة عن
هذه السلطة خارج اإلطار المهني ذلك أن االلتزام بالخضوع لهذه أي قصد في اإلساءة لعماله ،3تق
9
محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،المرجع السابق ،ص.93
2بيو خالف ،مرجع سابق ،ص .91
3
RIVERO )J(, Les libertés publiques dans l’entreprise, Droit social, France,1982, p 422.
4صالح محمد احمد دياب ،مرجع سابق ،ص .19
3محمد حسي منصور ،مرجع سابق ،ص .294
232
حماية الحياة الخاصة للعامل
السلطة ينبع من عقد العمل ،فليس لصاحب العمل إصدار أوامر أو تعليمات تتعلق بالحياة الخاصة
للعامل أو تضمين بنود النظام الداخلي للمؤسسة ما يحد من ممارستها.
غير أنه و بمقتضى التبعية يكون لصاحب العمل سلطة تنظيم العمل داخل المؤسسة المستخدمة
باعتباره مالكا لها ،وبمقتضاها أيضا يكون لصاحب العمل الحق في التحقق من التزام عماله بأداء
العمل المنوط بهم وفقا لتعليماته واحترامهم القواعد التنظيمية المعمول بها في مؤسسته ،9وال شك أن
التبعية بهذا المعنى تفترض تنازل العامل عن جزء من حريته بالقدر الالزم لتنفيذ عمله ،فما مدى
تأثير سلطة صاحب العمل في إدارة وتنظيم مؤسسته على الحياة الخاصة للعامل؟
الفرع األول
حماية الحياة الخاصة للعامل في قوانين الهيئة المستخدمة
بها أغلبية التشريعات العمالية لصاحب العمل ،اختصاصه بتنظيم من الصالحيات التي تعتر
العمل في مؤسسته ،عن طريق اتخاذ كافة االجراءات الضرورية تحقيقا للسير الحسن للمؤسسة،
واالنضباط داخل مكان العمل.
التعليمات والتوجيهات الداخلية ال تتجلى هذه السلطة إالَ من خالل النظام الداخلي ومختل
الالحقة له والتي يصدرها صاحب العمل لتنظيم بعض تفاصيل سير العمل ،أو لبيان إعمال بعض
األحكام الواردة في النظام الداخلي ،2والتي ال يمكن بأي حال من األحوال أن تنقص أو تحد من
حقوق العامل الناتجة عن القانون واالتفاقيات الجماعية ،لكن سلطة صاحب العمل في اإلدارة
والتنظيم ليست مطلقة بل تتحدد بضوابط معينة ،من بينها عدم المساس بالحياة الخاصة للعامل،
فليس لصاحب العمل إصدار أوامر أو توجيهات تتعلق بالحياة الشخصية أو الخاصة للعامل
أو سلوكه الخارجي.3
أوال :حماية الحياة الخاصة للعامل في االتفاقيات الجماعية للعمل والنظام الداخلي
ساهم كل من التشريع والقضاء في تقييد سلطات المستخدم ،لما يتمتع به من سلطات واسعة
داخل المؤسسة باعتباره مالكا لها أو مسؤوال عن إدارتها ومن حقه أن يتخذ ما يراه مناسبا لضبط
السير الحسن داخل المؤسسة ،وفي سبيل ذلك قد يصطدم بالتدخل في الحياة الخاصة للعامل.4
9محمد حسن قاسم ،محمد حسن قاسم ،الحماية القانونية لحياة العامل الخاصة في مواجهة بعض مظاهر التكنولوجية الحديثة،
منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت -لبنان ،2199 ،ص .39
2نادية أيت أفتان ،تبعية العامل في عالقة العمل ،رسالة ماجيستر ،كلية الحقوق ،وجامعة مولود معمري تيزي وزو ،9111-9119
ص. 93
3
Cass.Plen, 19 Mai 1978, D.1978, p 541.
4حكيمة برقوقي ،حقوق االنسان وسلطات المشغل بين االتفاقيات الدولية ومدونة الشغل المغربية ،ماستر في قانون العقود والعقار،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،المغرب ،2199-2191 ،ص .2
233
حماية الحياة الخاصة للعامل
1االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة سوناطراك ل 22نوفمبر ،9114المسجلة بمفتشية العمل ببئر مراد رايس بتاريخ 92ديسمبر
،9114تحت رقم ،1993غير منشورة.
234
حماية الحياة الخاصة للعامل
االتفاقية الجماعية متى كانت أفيد للعامل فإنها تطبق بدال من القانون أو عقد العمل فإنها أعلى
بنوده االتفاقية الجماعية ،وإنما يجب أن تكون مرتبة من النظام الداخلي الذي يجب أن ال تخال
منسجمة معها ،ومنبثقة عنها وإال اعتبرت الغية وعديمة األثر.
ن مشروع قانون العمل الجزائري الجديد قد تضمن نصوصا تحمي حقوق
في هذا الصدد نرى أ َ
العمال ،من بينها نص المادة 291الذي يعتبر الغيا وباطال أي بند من بنود اتفاقية جماعي أو اتفاق
الحقوق الممنوحة للعمال جماعي أو عقد عمل خالفا ألحكام هذا القانون ،وأي بند في العقد يخال
من خالل التشريعات واالتفاقيات أو اتفاقات العمل الجماعية.
القاعدة العامة المطبقة في االتفاقيات الجماعية ،هي خضوع عقد العمل الفردي لكل األحكام
الواردة فيها ،على اعتبارها أحكام آمرة ال يجوز مخالفتها ،لذلك يترتب بطالن الشروط الواردة في
عقد العمل الفردي إذا كانت مخالفة لتلك الواردة في االتفاقية الجماعية للعمل ،9إال أن االستثناء من
هذا البطالن وارد ومشروع متى كان يحمل امتيازات أكثر نفعا للعامل األجير.2
أما بالنسبة للنظام الداخلي للمؤسسة ،فيمكن لصاحب العمل أن يدرج إلى جانب المحاور
بها أو تلغي الحقوق واالمتيازات المعتر االجبارية له بعض المحاور األخرى ،شريطة أال تخال
قانونا للعمال ،س واء بمقتضى نصوص قانونية أو تنظيمية أو اتفاقية جماعية ،فطبقا لنص المادة 11
من قانون 99/11التي تعتبر الشروط الواردة في النظام الداخلي التي تلغي حقوق العمال وتحد منها
كما تنص عليها القوانين ،واالتفاقيات الجماعية المعمول بها ال غية وعديمة المفعول.
إن القاضي ال يأخذ بعين االعتبار سوى األحكام الصريحة والمحددة ،والتي تتماشى مع الحدود
الموضوعية والقانونية والتنظيمية لصاحب العمل ،وله كامل السلطة التقديرية في إلغاء ما يتجاوز
3
هذه الحدود ال سيما فيما يتعلق باألحكام المقيدة لحريات العامل أو الماسة بحقوقه أو المقيدة له .
الحريات الخاصة المتعلقة بشخص العامل واسعة ال يمكن حصرها وعلى سبيل االستدالل
4
وبالرجوع إلى القانون الفرنسي ،نجد أن هذا األخير حاول حصر جل الحريات بموجب تعليمة ،
صاحب العمل ويحد من ومن المستحسن للتشريع الجزائري أن يأخذ بهذه المبادرة لكي ال يتعس
الحقوق والحريات الشخصية للعامل.
233
حماية الحياة الخاصة للعامل
239
حماية الحياة الخاصة للعامل
سبق لنفس المحكمة أن قضت في قرار لها بتاريخ ،21199/91/12أن للعامل الحق في
احترام حياته الخاصة؛ التي تشمل سرية المراسالت في مكان العمل وأثنائه ،وأنه ليس من حق
صاحب العمل اإل طالع على الرسائل الشخصية للعامل حتى وإن كانت مرسلة أو مستقبلة عن
طريق جهاز حاسوب المؤسسة ،واستندت في ذلك إلى المادة 1من اإلتفاقية األوروبية لحقوق
االنسان ،والمادة 1من قانون المرافعات ،والمادة 1من ق.م ،والمادة 921من ق.ع.2
يحرص المشرع الفرنسي على التأكيد على عدم جواز احتواء النظام الداخلي على نصوص
تقيد من حقوق وحريات العمال ،بال مبرر يرجع إلى مقتضيات العمل المراد إنجازه ،حيث نصت
على أنه " ال أحد يمكنه أن يمس أو ينال من الحقوق الشخصية المادة L122-2من ق.ع.
والحريات الفردية والجماعية أو تقييدها ،عندما ال يبرر ذلك بطبيعة العمل المتمم و ال يتصل
المرجو".3 بالهد
القضاء الفرنسي ال يسمح بتقييد كل حقوق وحريات العمال داخل مكان العمل ،بل يخضع
المشروع المساس بالحق في احترام الحياة الخاصة لمبدأ المالئمة ومدى تناسب هذا الحق مع الهد
لسلطة صاحب العمل وكذا مصلحة المؤسسة.
تجدر المالحظة أن المشرع الفرنسي اعتمد على مبدأ المالئمة كأساس للمحافظة على الحقوق
والحريات الفردية والجماعية داخل مكان العمل ،ب ما فيها المحافظة على الحق في احترام الحياة
الخاصة للعمال في مواجهة القيود التي تفرضها الحياة المهنية.
حاول التشريع الفرنسي4تحديد بعض الحقوق والحريات المتصلة بالحياة الشخصية للعامل التي
ال يمكن لصاحب العمل المساس بها عند إعداده للنظام الداخلي للمؤسسة ومن بينها:
يحظر على صاحب العمل وضع بنود في النظام الداخلي من شأنها المساس بحرية الرأي -
والمعتقد الديني والفكري أو االنتماء أو القناعات السياسية أو النقابية للعامل.
يمنع وضع بنود في النظام الداخلي تسمح بتفتيش العمال عند الدخول أو الخروج من العمل إال -
استثناءا.
9
Cass.soc, 02/10/2001, N° de pourvoi: 99-42942, Bull 2001, N° 291 p 233.
2نشوى رأفت إبراهيم ،الحماية القانونية لخصوصية مراسالت البريد اإللكتروني ،كلية الحقوق ،جامعة المنصورة ،بدون سنة
النشر ،ص ، 33ومذكور في مقال منشور على الموقع االلكتروني ،www.unpeudedroit.fr/droit -du-travail :تاريخ اإلطالع:
2193/11/92
3
Art L122-2 du C.T.fr : « Nul ne peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et
collectives de restrictions qui ne seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées
au but recherché ».
4
Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au développement du travail à temps partiel et à
l'assurance chômage .
231
حماية الحياة الخاصة للعامل
يمنع أن يتضمن النظام الداخلي بنود تميز العمال على أساس الجنس ،اللون ،اللغة، -
الدين...الخ.
بناءا عليه هناك عدة بنود ممنوع إدراجها في النظام الداخلي وهي تلك البنود التي تنقص
أو تحد من حقوق العامل المقررة بموجب القانون واإلتفاقيات الجماعية ،وقد أوضح القانون
الفرنسي والتنظيم واالجتهاد أن كل ما من شأنه الحد من الحقوق الفردية يكون ممنوعا ،ومن ذلك
فتح المراسالت الشخصية يعتبر مخالفة لسرية المراسالت ،منع الزواج بين العمال ،منع الطالق،
منع الكالم والغناء ،منع حمل األوسمة ،منع المناقشات السياسة أو كل ما ال يمت بصلة بالعمل ،كما
ال يمكن لصاحب العمل اللجوء إلى استعمال ألى لتحديد استهالك الخمر أو التفتيش في جميع
الحاالت أو إدخال أية قاعدة من شأنها التمييز بين العمال.9
أما فيما يخص التشريع الجزائري ،نصت المادة 11من القانون 99/11بصراحة على ما
يلي" :تعد الش روط الواردة في النظام الداخلي التي تلغي حقوق العمال وتحد منها كما تنص عليها
القوانين ،واالتفاقيات الجماعية المعمول بها ال غية وعديمة المفعول".
اعتمد القضاء الجزائري ذلك في قرار حمل رقم 949932الصادر في 11يناير سنة 9111
الصادر إثر الطعن بالنقض في الحكم القاضي برجوع العامل إلى منصب عمله ،الذي أقر أن النظام
الداخلي الذي يقرر بندا ينقص من حقوق العمال التي أقرها التشريع يعد باطال ،حيث أكد هذا القرار
أن مانص عليه القانون هو بطالن مقتضيات النظام الداخلي التي تحد أو تنقص من حقوق العمال
حسب ما تقرره القوانين واألنظم السارية المفعول.2
استخدام صاحب العمل لسلطاته ال يمكنه من أن يضع على حقوق العمال إال القيود التي تكون
المنشود من وراء استخدامه لهذه السلطات ،كتحقيق السالمة والصحة المهنية ضرورية لبلوغ الهد
في أماكن العمل مثال ،كأن يتم النص في النظام الداخلي للمؤسسة على حظر التدخين داخل مكان
العمل طالما كان دافعه المحافظة على السالمة والصحة المهنية ،3كما أن فرض صاحب العمل على
العمال لباس محترم يعتبر ضروريا والزما بالنسبة للعمال ذوي الصلة بالزبناء ،كذلك استلزام حد
أدنى من النظافة بالنسبة لبعض المهن. 4
231
حماية الحياة الخاصة للعامل
231
حماية الحياة الخاصة للعامل
ورؤسائه ،وما يجب عليه اتخاذه من احتياطات توقيا لمخاطر العمل ،وغيرها من األحكام التي
تسري أثناء أدائه العمل ،وأية مخالفة لهذه األحكام تشكل خطأ مهنيا يستوجب قيام مسؤولية العامل.1
كما يشكل رفض العامل تنفيذ التعليمات المرتبطة بالتزاماته المهنية خطأ مهنيا جسيما،
وخضوع العامل لتعليمات صاحب العمل ال يكون إال لتنفيذ عقد العمل وخارج هذا المجال يحتفظ
العامل بحريته ،2فال يحق لصاحب العمل مد نطاقها الى االطار غير المهني.
لذلك فالتزام العامل بتنفيذ تعليمات المستخدم محدد بشروط ،3حيث البد أالَ تكون مخالفة للنظام
العام واآلداب العامة ،وأالَ يكون في تنفيذ تلك األوامر والتعليمات تعريض العامل أو غيره للخطر،
وهذا ما يوجبه مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد بصفة عامة ،وأن تتعلق أوامر وتوجيهات صاحب
به ،وعليه فإن صاحب العمل حتى ولو كانت له سلطة تجاه عماله، العمل بتنفيذ العمل الذي كل
فإن هذه السلطة ال يمكن ممارستها إال في الحدود المعقولة ،فال يمنع العامل من ممارسة حرياته
والتمتع بحقوقه بدعوى التأديب.4
ثانيا :حماية الحياة الخاصة للعامل في عقد العمل والتعديالت الالحقة له
ال غنى إلبرام عقد العمل عن تحديد نوع العمل المتفق عليه ،ولطرفا العقد استنادا لحريتهما
التعاقدية تحديد العمل من حيث نوعه وزمان ومكان تنفيذه ،غير أنه يثور التساؤل عن إمكانية تعديل
هذا العقد باإلرادة المنفردة ألي من طرفيه ومدى تأثير هذا التعديل على الحياة الخاصة للعامل.
- 1أثر تعديل عقد العمل على الحياة الخاصة للعامل
إذا كانت القاعدة العامة في تعديل العقود بصفة عامة تقضي بعدم إمكانية تعديل العقد إال
باتفاق الطرفين ،وفقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين ،5وهي القاعدة المطبقة في عقود العمل ،حيث
تنص المادة 93من ق.ع.ج على أنه "يمكن تعديل شروط عقد العمل وطبيعته بناءا على االرادة
المشتركة للعامل والمستخدم مع مراعاة هذا القانون ،فإن الواقع العملي كثيرا ما يفرض على
عالقة العمل تعديلها جزئيا أو كليا ،دون أن تكون لهم رغبة أحيانا في التعديل إذا كانت أطرا
مصلحة الطرفين تفرض ذلك أو حتم القانون أو اتفاقية جماعية هذا التعديل.
241
حماية الحياة الخاصة للعامل
يشترط في سلطة المستخدم لتعديل عقد العمل أن ال تنطوي على قصد اإلساءة للعامل
العامل بأعمال تجاوز الحد األقصى لساعات العمل،أو تكلي أو مخالفة القانون،إذ ال يجوز تكلي
المرأة بالعمل خارج أوقات العمل القانونية ،وأن ال يؤدي التغيير من المساس بحقوقهم المكتسبة.1
- 1- 1أثر تعديل مكان العمل أو نقل العامل على حياته الخاصة
يشك ل مكان العمل أهمية بالغة لدى العمل رغبة منه في االستقرار بمكان معين استجابة
لمعطيات اقتصادية أو اجتماعية خاصة به ،قد يكون في كثير من األحيان العنصر األساسي المحدد
لتوقيع العامل على العقد أو العدول عنه ،ولو تضمن هذا العقد مزايا تفضيلية أو تشجيعية أخرى،
غير أن وبالرغم من هذه األهمية لمكان العمل إال أن قانون عالقات العمل 99/11لم يتطرق إلى
الحل عند تغيير مكان العمل باإلرادة المنفردة لصاحب العمل وذلك أسوة بالقانون الفرنسي ،وترك
بذلك شرعية أو عدم شرعية تغيير مكان العمل بيد القضاء.
القضاء تطبيقات مختلفة لبطالن البنود التي من شأنها أن تحد من حريات العامل وحقوقه عر
األساسية أو من سلطة القاضي في تقدير مشروعية التسريح ،أو تلك التي تخول للمستخدم سلطة
تعديل عقد العمل بإرادته المنفردة ،حيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية في هذا اإلطار إلى بطالن
شرط النقل ) (clause de mobilitéلمساسه بحياته الخاصة و بحريته في اختيار محل إقامته،
وبحقه في حياة أسرية عادية.2
في قضية أخرى أقر القضاء بطالن شرط االحتكار أو الحصر لمساسه بحرية العمل مالم يكن
بها العامل ومالئما ضروريا لحماية مصالح المؤسسة المشروعة أو مبررا بطبيعة المهام المكل
المتوخى ،3كما ذهبت الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية في قرارها 4الصادر للهد
بتاريخ 21فيفري 2001إلى أن "الشرط الذي يحتفظ بمقتضاه المستخدم لنفسه بحق تعديل عقد
العمل كليا أو جزئيا يعتبر باطال لمخالفته لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 9934من ق.م.
مادام ال يجوز للعامل أن يتنازل بصفة صحيحة عن الحقوق التي اكتسبها من القانون.5
249
حماية الحياة الخاصة للعامل
إن لتعديل عقد العمل بنقل العامل من مكان إلى مكان آخر أثر كبير على ممارسة حياته
الخاصة ،حيث يعتبر تعديال جوهري أو غير جوهري في مكان العمل بالنظر لما له من أهمية على
استقرا ر العامل االجتماعي ،ولما يمثله االنتقال من وقت مبذول ومعاناة في المواصالت وأعباء
مالية أو ما قد يستدعيه من تغيير لسكنه مع ما لذلك من تأثير على استقراره العائلي.1
األمر الذي حدا بمحكمة النقض الفرنسية في بعض أحكامها إلى اعتبار مكان العمل من
العناصر الجوهرية للتعاقد الذي يمتنع على صاحب العمل تعديلها ،2ويذهب اتجاه آخر يأخذ
باالعتبارات الشخصية للعامل محل اعتبار عند تعديل عقد العمل إلى االعتماد في تحديد طبيعة
التغيير في مكان العمل بتقدير أثره على أعباء العامل المأخوذة في اعتبار المتعاقدين عند التعاقد،
بحي ث يكون التغيير جوهريا إذا كان من شأنه زيادة أعباء العامل التي أخذتها نيتهما في االعتبار
لدى تحديد مكان العمل عند إبرام العقد.3
يرى الفقه أن البنود التي تحد من حريات العامل وحقوقه األساسية ،وتلك التي تخول المستخدم
سلطة تعديل عقد العمل بإرادته المنفردة يعتبر حرامانا للطرفين من إمكانية إدخال المرونة على
ضرورية ،مما يحتم ضرورة عالقتهما القانونية ،ويحرم بالتالي المؤسسة والعمال من إمكانية تكيي
تدخل تشريعي لصالح المرونة ،4أو وعيا قضائيا بأهميتها ،هو نفسه الذي رحب بالبنود التعاقدية
الرامية إلى توفير ضمانات إضافية للعامل ،5والذي يمكنه عن طريق التعاقد كسب امتيازات تخص
األجر وزمان العمل ومكانه تقليصا لسلطة المشغل في هذا المجال.6
الوحيد المستفيد من إضفاء الصبغة التعاقدية على مع ذلك فإن العامل ال يكون دائما الطر
عالقات العمل الفردية ،إذ يمكن للمستخدم من خالل بنود محددة في مضمونها وفي طريقة تنفيذها
أن يضع استراتيجية لتسيير المؤسسة ،7فيصبح عقد العمل هو أداة مرونة ألن الحدود الفاصلة بينه
وبين سلطات المستخدم تعتبر منطقة استراتيجية في تنظيم وترتيب عالقات العمل.8
من خالل القرارات المذكورة يمكن استخالص من مفهوم مخالفتها أن القضاء الفرنسي يخضع
البنود المشار إليها لفحص مالئمة ويقبلها متى كانت مقيدة من حيث مداها وطرق تنفيذها بحيث يقبل
242
حماية الحياة الخاصة للعامل
شرط النقل إذا كان محترما للحياة األسرية والخاصة للعامل ومنفذا بحسن نية.
بها العامل ومالئمة يقبل شرط الحصر واالحتكار متى كان مبررا بطبيعة المهام المكل
المتوخى من العقد أو ضروريا لحماية مصالح مشروعة للمؤسسة ،كما يقبل الشرط متى للهد
كانت الغاية المتطلبة ممكنة وكان عدم تحقيقها راجع إلى العامل ،ويقبل بند تخويل سلطة المستخدم
تعديل عناصر عالقة العمل متى كان ذلك في نطاق احترام اإلرادة المعبر عنها صراحة في نفس
العقد.1
- 2- 1أثر تعديل وقت العمل على الحياة الخاصة للعامل
العامل الشخصية بمقتضى إذا كان للمستخدم سلطة تعديل عقد العمل دون مراعاة ظرو
بعين االعتبار سلطة اإلدارة والتنظيم ،فإن هناك جانب من الفقه يرى بضرورة أخذ هذه الظرو
وقت التعديل ،واتخاذها كمعيار للتعديل الجوهري وغير الجوهري ،حتى وإن وجد اتفاق صريح
يقضي بشرط المرونة وعدم ثبات العامل على وضع معين ،إال أن ذلك ال يمنع من االعتداد بأثر
هذا التعديل على حياة العامل الخاصة وقت التعديل.2
الشخصية كل تعديل ال يتماشى مع يعد تعديال جوهريا لزمن العمل استنادا لمعيار الظرو
العامل الشخصية ،كتعديل ساعات عاملة متزوجة من الصباح إلى ما بعد الظهر أو الليل، ظرو
حيث أن هذا التعديل يتنافى مع واجبات العاملة تجاه زوجها وأبنائها ،يتحرى القضاء ما إذا كان
زمن العمل يعتبر في النية المشتركة للمتعاقدين وقت إبرام العقد عنصرا جوهريا للتعاقد من عدمه
التعاقد التي قد تعتمد على االعتبار الشخصي 3الذي يرجع أثر تعديل إستدالال من عبارات وظرو
العقد إلى الحياة الخاصة للعامل ،األصل أن زمن العمل ال يعتبر عنصرا جوهريا للتعاقد ما لم تتجه
النية المشتركة للمتعاقدين صراحة أو ضمنا إلى غير ذلك من خالل أخذها في االعتبار للظرو
الخاصة والشخصية للعامل لدى تحديد زمن العمل.4
243
حماية الحياة الخاصة للعامل
244
حماية الحياة الخاصة للعامل
-أن تمس دواعي التغيير حاجة أو ضرورة من ضرورات الحياة وليس مجرد مسألة ترفيهية
أو تكميلية.
العمل المطلوب تغييرها، -أن تكون هذه المستجدات ذات صلة مباشرة بشروط وظرو
بحيث يكون تنفيذ العقد وفقا لشروطه األصلية مرهقا للعامل عن الوفاء بضروريات
وحاجات حياته الخاصة.
أداء العمل الوسيلة الوحيدة المتاحة للعامل في مواجهة -أن يمثل التغيير في شروط وظرو
أداء العمل إال كوسيلة احتياطية. المستجدات بحيث ال يترخص في تعديل شروط وظرو
ال بد من إخطار صاحب العمل بطلب التغيير وما فرضه من حاجة ووجه تعارضه مع -
الشروط األصلية مع إعطاء صاحب العمل مهلة مناسبة لالستجابة إلى الرد.
-أال يترتب على التغيير إضرارا بمصلحة العمل.
إن االستجابة لطلب التغيير يكون في الحدود الالزمة لتحقيق حاجة العامل في ضوء ما طرأ
من مستجدات ،فإذا تحققت كل هذه الشروط تعين على المستخدم االستجابة لطلب التغيير دون
المساس بالحقوق المادية واألدبية للعامل ،بحيث يعتبر رفضه لهذا الطلب رفضا تعسفيا.
يكون رفض صاحب العمل اإلستجابة لهذه التغييرات فيما ال تضر إجابته بمصلحة العامل
في استعمال الحق بما يوجب مسؤوليته ،كما أن مصلحة العمل في المؤسسة طالما معيبا بالتعس
أداء العمل تتطلب من العامل أن يقبل ما يفرضه صاحب العمل من تغييرات في شروط وظرو
بدوره االيجابي في بناء اقتضتها مصلحة العمل ،فإن فكرة انتماء العامل للمؤسسة واالعترا
الم ؤسسة توجب مساندة هذا األخير له ،بحيث يستجاب لطلباته في التغيير في شروط وظرو
العمل بما يتالئم مع مستجدات حياته الخاصة فيما ال يتعارض مع مصلحة العمل.1
- 2- 1- 2تطبيقات تعديل العقد لمواجهة المستجدات العادية في الحياة العامل الخاصة
لعلَ أهم التطبيقات القضائ ية للتعديل عقد العمل لمواجهة المستجدات في حياة العامل الخاصة
الحكم الهام للقضاء الفرنسي في اعتبار رفض صاحب العمل لطلب العامل تغيير ساعات العمل
للتمكن من توصيل ابنته للمدرسة ،رفضا غير مشروعا طالما لم يكن يترتب على االستجابة لطلب
العامل أضرار بمصلحة العمل في المشروع.2
243
حماية الحياة الخاصة للعامل
9
L212-4-1 du C.T.fr :" Dans les entreprises industrielles, commerciales et agricoles, dans les offices publics
et ministériels, dans les professions libérales, dans les sociétés civiles, dans les syndicats professionnels et
"associations de quelque nature que ce soit, et pour répondre aux demandes de certains travailleurs.
2من أهم الشروط :شرط االعالن المسبق لمفتش العل التابع له الهيئة المستخدمة ،وأيضا عدم معارضة ممثلي العمال على مستوى
المؤسسة ،وفي المؤسسات التي ال يوجد بها تمثيل عمالي فغن نظام تفريد ساعات العمل ال بد من الموافقة عليه من طرف مفتش
العمل المختص إقليميا بعد أن يتحرى موافقة العمال في المؤسسة.
3المادة 91من االتفاقية الجما عية لمؤسسة اتصاالت الجزائر ،المسجلة لدى مفتشية العمل المختصة إقليما بتاريخ 2113/11/99
بالجزائر.
4هذا ما يسمح بمواجهة تغيرات الحياة شأ ن وفاة األم أو انفصالها عن الزوج وعدم رغبتها في رعاية ابنائها أو عدم صالحياتها
لذلك أو هجرها لألسرة أو غير ذلك من الظروف الشخصية ،انظر همام محمد محمود زهران ،مرجع سابق،ص .431
3انظر المادة 919من ق.م.ج.
249
حماية الحياة الخاصة للعامل
ق.ع.ج على أنه يمكنك "يمكن تعديل شروط عقد العمل وطبيعته بنارا على اإلرادة المشتركة للعامل
عالقة والمستخدم ،مع مراعاة هذا القانون" ،فإن الواقع العملي كثيرا ما يفرض ويحتم على أطرا
العمل تعديلها جزئيا أو كليا ،دون أن تكون لهم رغبة في التعديل ،حيث يصبح اتفاق الطرفين على
التعديل مجرد قبول أو رضوخ ألمر مفروض مسبقا.9
1-2-2تعديل عقد العمل للعجز الناتج عن اإلعاقة
تعتبر الحالة الصحية من أهم عناصر الحياة الخاصة،إذ تشكل إصابة العامل بإعاقة أثراً على
ممارسة عمله ،في حالة عجز العامل عجزا جزئيا مستديما عن أداء العمل المتفق عليه يلزم صاحب
العمل بإسناد عمل آخر اليه من األعمال المتوفرة في المؤسسة والمالئمة لحالة العجز التي ألمت
به ،2ال تنتهي عالقة العمل بالنسبة للعامل المصاب بإعاقة إال في حالة العجز الكامل عن العمل.3
اتخذ المشرع الجزائري عدة تدابير لحل إشكالية انقطاع العامل عن ممارسة نشاطه المهني
بسبب وقوع سبب طارئ في حياته الصحية ،وهي موضوعة لتسهيل عودته إلى العمل ،4وتتمثل
في كل الخدمات العينية والنقدية التي تزود العامل بها ما ينقصه من مكيفات ترجع له قدرته على
ممارسة العمل سواء باستعمال أجهزة أو أعضاء اصطناعية ومعالجات طويلة ومتخصصة ،3كما
تولت المادة 29من القانون رقم 11/12المتعلق بحماية المعوقين وترقيتهم النص على أنه "يتعين
أصيب بإعاقة مهما كان سببها ،بعد فترة إعادة أي عامل أو موظ على المستخدم إعادة تصني
التدريب ،من أجل تولي منصب عمل آخر لديه".9
المشرع الجزائري لم يحدد سبب اإلعاقة ،وعليه سواء كان سببها مهني أو غير مهني فإنه
يجب على المستخدم إعادة إدماج العامل لديه في منصب عمل آخر لديه ،لم يتعرض المشرع إلى
إمكانية رجوع العامل إلى نفس منصب عمله ،في حالة ما إذا كانت إعاقته ال تشكل عائق أمام
ممارسته له من خالل القانون ،12/11في حين كان القانون السابق رقم 911/12يوجب على
الهيئة المستخدمة في حالة حدوث عائق خارج إطار المهنة بأن تكفل للعامل المصاب به إعادة
عمله السابق ،أو لمباشرة عمل يليق بقدراته ومؤهالته .1 تأهيله مهنيا قصد إعداده الستئنا
241
حماية الحياة الخاصة للعامل
1ملف رقم 919199قرار صادر في 9113/91/29عن الغـرفة االجتماعية بالمحكمة العليا ،غير منشور ،وملف رقم 913219قرار صادر
في 2111/14/99عن الغرفة االجتماعية بالمحكـمة العليا ،غيـر منشور.
2يوسف فلوح أحمد ،حوادث العمل واألمراض المهنية في التشريع الجزائري ،رسالة ماجيستر ،تخصص قانون إجتماعي ،كلية العلوم القانونية
واإلدارية ،جامعة وهران ،2199-2191 ،ص 22.
3بن عزوز بن صابر ،مرجع سابق ،ص .213-214
4همام محمد محمود زهران ،مرجع سابق،ص 431.
5المادة 32من القانون رقم 93/13المتعلق بحوادث العمل واألمراض المهنية ":للعامل الذي يصبح إثر حادث غير قادر على ممارسة مهنة أو
ال تتأتى له إال بعد إعادة التكييف ،الحق في تكييفه مهنيا داخل المؤسسة أو لدى صاحب العمل لتمكينه من تعلم ممارسة مهنة من اختياره" ،غير
أن المالحظ من خالل نص هذه المادة أن المشرع نص على عبارة حادث دون التطرق إلى المرض المهني ،وال شك أن العامل الذي يصبح بعد
االصابة بالمرض المهني غير قادر على ممارسة مهنته يحق له تغيير هذه المهنة لتالئم وضعه الصحي بعد المرض.
6ماموني فاطمة الزهراء ،مرجع سابق ،ص 993.
241
حماية الحياة الخاصة للعامل
من أجل مراقبة تحركاتهم واتصاالتهم داخل المؤسسة ،مما ينجر عنه مساس بحياتهم الخاصة.
أوال :مراقبة تحركات العامل داخل المؤسسة
أساليب المراقبة الحديثة عن تلك التقليدية ،والتي كانت أدت التكنولوجية الحديثة إلى اختال
تعتمد أساسا على العنصر البشري من مراقبة ومتابعة أداء العامل للعمل المنوط به ،وأضحت
الرقابة الحديثة تتميز باالستمرارية والشمول لكل تحركات العامل حفاظا على السالمة واألمن داخل
المؤسسة ،ولتأمين ممتلكاتها من السرقات والحفاظ على سرية المعلومات،1لكن يمكن لهذه الوسائل
أن تشكل خطرا على الحياة الخاصة للعامل إذا ما تم استعمالها لغير ما أعدت له ،وهذه التقنيات
تتمثل في :البطاقات االلكترونية ،وكاميرات المراقبة ،والبرماجيات المعلوماتية.
- 1البطاقات االلكترونية
مراقبة الدخول والخروج والتنقل داخل المؤسسة يتم حاليا عن طريق البطاقة االلكترونية
الممغنطة ،التي يتم تزويد العمال بها قصد رصد تحركاتهم ،والتي تحتوي على معلومات ضرورية
تسمح بتحديد هوية العامل ،2تعمل أغلبية المؤسسات األجنبية بهذا النظام ،حيث تقوم بتوصيل جهاز
مراقبة العمال بمصلحة الموارد البشرية ،إذ يحتوي على برنامج آلي يشتغل بمجرد وضع العامل
فيها العامل من البطاقة االلكترونية داخل هذا الجهاز ،فيحدد البرنامج الساعة التي دخل وانصر
مكان العمل،غير أن معظم المؤسسة الجزائرية تعتمد على توقيع العامل إلثبات حضوره.3
العامل بمجرد إبرامه لعقد العمل يكون قد وافق على الخضوع لما يضعه صاحب العمل من
ضوابط في الدخول إلى مكان العمل والتنقل بداخله ،وإذا كان ذلك يعد ممارسة لسلطة صاحب
العمل في تنظيم العمل داخل المؤسسة ،إال أنه يخشى في ظل التوسع في استخدام التكنولوجيا
الحديثة أن يتجاوز هذه السلطة لما ال يجوز المساس به من خصوصيات العامل ،تتبع العامل
ومراقبته قد يشكل اعتداءاً على حقه في الخصوصية ،فحماية الحياة الخاصة ليست إال امتداد للحرية
الشخصية التي يجب أن يتمتع بها الفرد ،4فرغم الدور الكبير الذي تؤديه البطاقات الممغنطة في
تسهيل فرض المراقبة من جانب صاحب العمل على عمَاله ،إالَ أنها قد تشكل خطرا على حقوقهم
وحرياتهم ،في حالة انحرافها عن الغاية التي أنشئت ألجلها.
ن صاحب العمل هو مصدر البطاقة؛ فإن البيانات والمعلومات االلكترونية المسجلة بها قد
بما أ َ
241
حماية الحياة الخاصة للعامل
تشكَل ملفا الكترونيا للعامل ،ممَا يسمح لصاحب العمل بالدَخول مباشرة إلى كلَ المعلومات الموجودة
بالبطاقة دون حاجة لحصوله على الموافقة ،5وتثير مسألة استعمـال البطاقـات االلكترونية كوسيلة
لمراقبة تحركات العمال نوعين من المشاكل وهما :
-1-1مدى حرية تنقل العامل داخل المؤسسة
من أهم اإلشكاليات التي يثيرها استعمال البطاقة االلكترونية في ميدان العمل ما يتعلق بحرية
العامل في التنقل داخل المؤسسة ،وما تسببه هذه البطاقات من اعتداء على هذه الحرية األساسية،
فك مبدأ عام ينبغي أن تظل الحريات الفردية داخل المؤسسة أمرا استثنائيا وأن تجد مبرراتها في
المراد تحقيقه.1 رقابة األمن واإلنتاج وأن تكون سلطة صاحب العمل في استخدامها مالئمة للهد
الواضح أن هذه المبررات غير متوفرة في أغلب المؤسسات التي تلجأ لنظم البطاقات
االلكترونية ،حيث تثار المشكالت المرتبطة بحرية التنقل عموما في مجال الحقوق الخاصة التي
يتمتع بها الممثل العمالي أو النقابي ،2إذ أن حرية التنقل داخل المؤسسة تعد من االمور التي ال
يعارضها صاحب العمل ،ويستلزم األمر فقط التوفيق بين صاحب العمل في منع السرقة وتأمين
بعض المواقع ذات األهمية الخاصة وبين حقوق الممثل العمالي بما يكفل له أداء أعماله.3
-2-1مدى حماية المعلومات الشخصية للعامل في البطاقة االلكترونية
قد يترتب على استعمال المستخدم البطاقة االلكترونية كوسيلة لمراقبة العمال مشاكل تتعلق
تتعلق بالمعلومات التي ي مكن أن تحتويها البطاقات اإللكترونية ،فهذه البطاقة تعتبر بمثابة نظام
للمعلومات الشخصية تسمح بتحديد هوية صاحبها وبالتوقيع االلكتروني وبتخزين المعلومات
وبسريتها ،ولها قدرات تمكن من تخزين تنقالت العامل وتحركاته ،كما تسمح بتسجيل سلوك العامل
وتصرفاته مع تحديد زمانها ومكانها.4
تمكن هذه البطاقات صاحب العمل من معرفة كل تحركات العامل من حضور وتأخر وغياب،
المؤسسة ،واستعمال هذه الرقابة يعتبر مشروعا في واعتماد هذه الرقابة البد أن يتناسب وهد
المؤسسات الفرنسية ،طالما أن المعالجة اآللية للمعطيات قد تم االعالن عنها مسبقا ،وتمت وفقا
للشروط التي يتطلبها القانون ،والتي من بينها الحصول على موافقة العامل ،كما يجب على صاحب
231
حماية الحياة الخاصة للعامل
العمل أن يستشير لجنة ممثلي العمال بالمؤسسة ويخطرها سلفا ،قبل الشروع في استخدام هذا
البطاقات في المؤسسة.5
- 2كاميرا المراقبة
إن عالقة العمل وإن كانت تضع العامل تحت رقابة صاحب العمل إعماال لمبدأ التبعية
صاحب العمل ،فإن ذلك ال يعني تنازال من القانونية الذي يخضع بمقتضاه العامل لسلطة وإشرا
قبل العامل عن حقه في حياته الخاصة ،ال سيما في ظل لجوء الكثير من أصحاب األعمال وبشكل
متزايد إلى استعمال كاميرات مراقب ة ،لرقابة نشاط العامل من ناحية ولمنع السرقات أو المخالفات
من ناحية أخرى.
لعل أبسط أشكال مراقبة العمال وضع كاميرا أو عدة كاميرات في أماكن العمل ،مع توصيلها
بشاشة عرض لحجرة المراقبة ،يتم من خاللها نقل صورة وصوت العمال ،وتخزينها بشكل آلي مع
إمكانية التحكم اليدوي في المراقبة.
شهدت أنظمة مراقبة العمال انتشارا كبيرا وتطورا واسعا بتطور تقنيات التصوير بالكاميرات،
من المراقبة التناظرية ( )Vidéosurveillance analogiqueإلى المراقبة التلفيزيونية الرَقمي
)(Vidéosurveillance numériqueبما يعني القدرة على تخزين معلومات الصورة والصوت
ومعالجتها بواسطة الحاسب اآللي ،األمر الذي يشكل خطر على الحياة الخاصة للعامل.1
تجدر اإلشارة أن المشرع الجزائري أقر مبدأ اعتماد نظام المراقبة بالفيديو في المؤسسات
االقتصادية الكبرى بموجب المادة الرابعة من المرسوم الرئاسي رقم 221/93المؤرخ في 22
أوت 2193المتعلق بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو ،وأجَل تحديد شروطها بموجب
الذكر والتي جاء فيها "تحدد شروط نص قانوني الحق طبقا لنص المادة 99من المرسوم السال
وضع وتسيير أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو الخاصة...بالمؤسسات االقتصادية الكبرى بموجب
نصوص خاصة.2
5
L’article L 432-2-1 du code du travail prescrit que le comité d’entreprise doit être « informé et consulté
préalablement à la décision de mise en œuvre dans l’entreprise, sur les moyens ou les techniques permettant
un contrôle de l’activité des salariés ».
1بيو خالف ،مرجع سابق ،ص .13
2المرسوم الرئاسي 221/ 93المؤرخ في 22أوت 2193المتعلق بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو وسيره ،ج .ر
عدد 43الصادرة بتاريخ 23أوت ، 2193تطرق هذا المرسوم إلى تحديد األماكن المعنية بالمراقبة عن طريق كاميرا الفيديو والتي
كان من بينها الطرق المؤدية إلى المؤسسات االقتصادية الكبرى ،أما بخصوص تنفيذ هذه المراقبة فقد نص هذا المرسوم على أن
المراقبة بواسطة الفيديو تتم بواسطة وسائل المؤسسة االقتصادية ،وبشأن شروط إعمال هذه الكاميرات أكدت المادة السابعة من
نفس المرسوم على أن تنصيب كاميرات المراقبة لتصوير الطريق العام من أجل حماية ضواحي موقع المؤسسة االقتصادية ،األمر
الذي يتطلب رخصة إدارية يسلمها والي الوالية.
239
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
CADOUX (L), Vidéosurveillance et protection de la vie privée et des libertés fondamentales, Rapport
présenté devant la CNIL, le 30/11/1993, p 12.
2
GREVY (M), Vidéosurveillance dans l’entreprise, Un mode normal de contrôle des salaries, Dr.Soc.1995,
p330.
3محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .34
4
ACQUARONE (D), L’ambigüité du droit à l’image, D, 1985, p129.
5
GREVY (M) , Vidéo surveillance dans l’entreprise, un mode normal de contrôle des salariés, Dr.soc, No 4,
1990, p 330.
232
حماية الحياة الخاصة للعامل
233
حماية الحياة الخاصة للعامل
جوانب سلبية تشكل خطرا على الحياة الخاصة والممارسة الفعلية للحرية الشخصية للعامل.
- 1األنظمة المعلوماتية لمراقبة النشاط المهني للعامل
أوجدت التكنولوجيا الحديثة من األنظمة المعلوماتية ما يسمح بمراقبة نشاط العامل المهني،
وقياس أداءه الفرد ي للعمل المنوط به ،ال شك أن ذلك يمثل ميزة أساسية بالنسبة للمستخدم الذي
يسعى دائما إلى تقدير فعالية أداء عماله وتقدير مدى العائد االنتاجي الذي يمثلونه بالنسبة للمؤسسة.
- 1- 1نظام التجميع عن بعد للبيانات المرتبطة بأداء العمل
من الوسائل التي تلجأ إليها ال مؤسسات لمراقبة نشاط العامل ،نظام جمع المعلومات عن بعد
بـ ،Télémétrieأي المتابعة عن بعد للبيانات المتعلقة بأداء بواسطة إجراءات آلية أو ما يعر
العمل من خالل الوسائل واألجهزة اآللية ،التي تلعب دورا هاما في مراقبة أداء العامل الذي يقتضي
نشاطه المهني تعامال مباشرا على الكومبيوتر ،كما في حالة العامل الذي تكون مهمته تلقي
المعلومات وتخزينها ،أو إجراء االتصاالت وتلقيها أو الكتابة على الكومبيوتر.1
يستتبع هذا النظام اتصاال مباشرا بين عمل العامل على أحد أجهزة الحاسب اآللي وبين الوحدة
المركزية ،فيقوم هذا النظام بتسجيل إحصائي آلي لكل عمل أو خطوة يتخذها العامل كعدد المرات
التي تم الضغط فيها على لوحة التحكم وعدد األخطاء التي وقعت والدقائق التي تم العمل خاللها
الذي حدث أثناء أداء العامل لعمله...الخ ،2يتميز نظام المتابعة عن بعد بأن تسجيل يتم عن والتوق
بعد ،ويكون تسجيال أليا وتلقائيا لبيانات إحصائية دقيقة عن أداء العمل ،والوقت الفعلي الذي يقوم
من خالله عن العمل الفعلي.3 فيه العامل بأداء العمل المنوط به ،والوقت الذي توق
- 2- 1نظام الرمز السري
ظهرت برماجيات متقدمة لمراقبة نشاط العمال ي مكنها أن تسجل كل مرحلة من مراحل العمل
ومدى اإلنجاز الذي تم تحقيقه ،وكذلك مدة العمل وحسابة انتاجية كل عامل من خالل أجهزة
الحاسب اآللي المنتشرة في المؤسسة والمرتبطة بالوحدة المركزية ،وبالتالي يمكن للحاسب اآللي أن
يحصي معدل انتاج كل عامل في المؤسسة ،و للمستخدم اتخاذ االجراءات الالزمة حيال العمال
ذوي االنتاجية الضعيفة ،بعد أن صار انتاج العمال في صورة مرئية ومكشوفةلصاحب العمل.4
لعل أهم هذه الطرق التي تعمل على قياس أداء العامل طريقة الرمز السري التي تتمثل فيا
ب Code à barreحيث ي كون بمقتضاها لكل مهمة يقوم بها العامل بطاقة أو أمر عمل يعر
234
حماية الحياة الخاصة للعامل
يحمل رمزا أو رقما سريا ،يتعين على العامل استخدامه أو تمريره عبر األجهزة المخصصة لذلك
في بداية قيامه بهذه المهمة وفي نهايتها ،وذلك بغرض تحديد ساعات العمل التي قضاها في انجاز
هذه المهمة ،وفقا لهذه اآللية يتحمل العامل جراء نسيان استخدام بطاقة الرقم السري المخصصة له
في بداية عمله أو عند الفراغ منه ،يعني اقتطاع من األجر بقدر النسيان.1
- 3- 1طريقة قياس االنتهاء من االنتاج
باإلضافة إلى ما تقدم هناك العديد من بالبرامج المعلوماتية ما يسمح بتسجيل كل مرحلة من
مراح ل أداء العمل ،مثال االنتهاء من إنتاج قطعة معينة والوقت الذي استغرقه انتاجها ،مما يسمح
بالتالي ومن خالل الطرفيات Les terminauxالمرتبطة بالحاسب اآللي المركزي الموجود في
موقع من مواقع االنتاج بالمؤسسة من الحساب اآللي والتلقائي لإلنتاجية الفردية.2
تم ت طبيق هذا النظام في بعض المؤسسات الصناعية للمنسوجات في فرنسا ،حيث لجأت إلى
استخدام أنظمة معلوماتية قادرة من خالل كل جهاز على إحصاء عدد القطع التي يتم انتاجها ،الوقت
الذي يستغرق في انتاج كل قطعة ،وكذا أوقات الراحة ،حيث يمكن جهاز الكمبيوتر من حساب
العائد االن تاجي لكل عامل ،على نحو يستطيع من خالله صاحب العمل مراقبة فعالية أداء عماله
واتخاذ االجراءات الالزمة لمواجهة من أوضحت هذه المراقبة عدم كفاية انتاجيتهم.3
- 2أثر األنظمة المعلوماتية على الحياة الخاصة للعامل
بين المتطلبات االقتصادية لصاحب العمل في اللجوء إلى المعلوماتية ،وما بين المتطلبات
اإلجتماعية للعمال ،أصبحت المعلوماتية وسيلة في خدمة الجانب القوي الذي يملك السلطة في
وهو العامل ،تعبر بذاتها عن احتمال المساس بالحياة الخاصة المؤسسة في عالقته بالجانب الضعي
له ،وهنا تثار إشكالية تتمثل في مدى التوفيق بين ضرورة استعمال المعلوماتية في المؤسسة
المستخدمة من جهة ،وضرورة حماية العامل من مخاطرها من جهة أخرى.
-9-2مراقبة األنظمة المعلوماتية للحياة الخاصة للعامل
إن أنظمة المعلوماتية السابق ذكرها والتي تستخدم في متابعة مدى فعالية أداء العامل تتميز
بأن ما تقوم به يتم عن بعد ،حيث يجهل العامل أن هناك معلومات يتم تجميعها لتقدير انتاجيته،
أو العائد الذي يدره على المؤسسة التي يعمل بها ،وفي هذا الصدد يرى بعض الفقه "أن األداء عن
233
حماية الحياة الخاصة للعامل
بعد ،وبتطبيقه على عملية اإلنتاج ،إنما يغير في عقد العمل من الداخل ،وذلك بجعله القائم بالعمل
شفافا على نحو تام".1
فيما يرى اتجاه فقهي آخر أن قيام صاحب العمل بمراقبة عملية االنتاج كما وكيفا على النحو
السابق ذكره ليس فيه ما يمس بالحياة الخاصة للعامل ،فالرقابة ال تنصب على العامل ذاته وغنما
على انتاجه وتصرفاته ،2ترى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات في فرنسا أن ظهور التكنولوجيا
واستخدامها في مجال العمل أدى إلى طمس المعالم الفاصلة بين الحياة المهنية والحياة الخاصة
للعامل ،خاصة عن التخلي المتزايد عن العمل داخل المؤسسة واللجوء المتزايد للعمل في المسكن
على جهاز الحاسب اآللي.
بعد تدخل األنظمة المعلوماتية في الحياة الخاصة للعامل ،دعت اللجنة الوطنية للمعلوماتية
والحريات إلى الزام صاحب األعمال الذي يستخدمون مثل هذه النظم لتحديد مدى فعالية أداء العمال
وقياس انتاجهم بضرورة إخطار اللجنة مسبقا بهذه النظم وتلك االجراءات قبل وضعها موضع
القضاء الفرنسي بمسؤولية صاحبالعمل في حالة عدم إعالم اللجنة باستخدام هذه التنفيذ ،وقد اعتر
األنظمة لمتابعة وقياس انتاجية العمال.3
-2-2أثر المعلوماتية على المعلومات الشخصية للعامل
ال شك أن صاحب العمل الحق في مراقبة أداء العامل للعمل المنوط به ،وله في هذا االطار
في ذلك القانون اتخاذ ك افة الوسائل التي يرها ضرورية في تحقيق أهدافه ،طالما لم يخال
واالتفاقيات الجماعية للعمل.
غير أن ما يتم تحصيله من معلومات من خالل استعمال أنظمة المعلوماتية لرقابة فعالية أداء
العامل يستدعي عما إذا كان ما يتم تحصيله وتسجيله من معلومات وبيانات عن كفاءة العامل
وانتاجيته هو مما يدخل في نطاق إعمال القوانين الهادفة إلى حماية البيانات ذات الطابع الشخصي.
حرص القانون الفرنسي الصادر في سنة 9111المعدل في سنة 2114بشأن المعلوماتية
والحريات ،إلى حماية األشخاص في مواجهة معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي ،ال سيما وأن
تجميع البيانات الشخصية من خالل أنظمة المعلوماتية قد يؤدي إلى المساس بخصوصية العامل.
ال شك في أن جمع هذه المعلومات الشخصية ومعالجتها ينطوي على خطورة كبيرة على
سرية الحياة الخاصة ،لهذا أخضع المشرع الفرنسي رقابة هذه المعلومات للجنة الوطني للمعلوماتية
1
LYON-CAEN(G), op.cit, p 149.
2صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .994
3
T.G.I, 5 Fév. 1990, cité par A.MOLE, Au-delà de la loi informatique et liberté, Dr.soc, N° 6, 1992, p 207.
239
حماية الحياة الخاصة للعامل
والحريات ،إذ تلزم هذه األخيرة أصحاب اإلعمال باتباع قواعد محددة عند طلب المعلومات من
العامل أو المعالجة اآللية لبياناته ومعلوماته منها:
-يجب أن يكون جمع المعلومات الشخصية بصفة مشروعة ،وبعد الحصول على ترخيص
مسبق من اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات.
-اتخاذ االحتياطات الالزمة للمحافظة على سالمة هذه المعلومات ،ومنع الغير من تعديلها
أو االضرار بها ،أو اإلطالع عليها دون إذن من صاحبها.
-تحديد الغاية من عملية المعالجة بكل دقة ووضوح ،بحيث يمنع الخروج عن الغرض الذي
جمعت ألجله هذه المعلومات ،وعد م تجاوز المدة الضرورية لتحقيق الغرض الذي جمعت
من أجله.
-ينبغي أن تخضع المعلومات ومعالجتها آليا ،والتي تتعلق بشكل استثنائي ببيانات حساسة إلى
الموافقة المسبقة للجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات.
بالرغم من الحماية القانونية المكرسة للبيانات الشخصية في التشريعات المقارنة من بينها
بعض التشريعات العربية التي أصدرت قوانين خاصة لحماية البيانات ذات طابع الشخصي شأن
التشريع الجزائري الذي لم يصدر حتى االن أي قانون التشريع التونسي 1والمغربي ،2على خال
لحمايته مكتفيا بالنصوص القانونية الواردة في قانون العقوبات 3التي بالرغم ومن تأخرها إلى أن لها
فعالية في مراقبة التعامل في البيانات والمعلومات الخاصة لكل فرد من أفراد المجتمع.4
ثالثا :مراقبة اتصاالت العامل داخل المؤسسة
مراقبة االتصاالت السلكية والالسلكية من قبيل األمور الماسة بالحياة الخاصة 5باعتبار أنها
السرية عما يتم اإلدالء به من خصوصيات ،6ومما ال شك فيه أن االتصاالت التي يجريها تكش
1القانون األساسي رقم 93المؤرخ في 21جانفي ،2114المتعلق بحماية المعطيات الشخصية ،الرائد الرسمي ،عدد ،21الصادر
في 2114.
2ظهير شريف رقم 9.11.13الصادر في 91فبراير 2111لتنفيذ القانون رقم 11.11المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه
معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
3تعرض المشرع الجزائري إلى حماية المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات الشخصية في القسم السابع مكرر من الفصل
الثالث من الباب الثاني الخاص بالجنايات والجنح ضد الفراد تحت عنوان " المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات" ،من خالل
المواد من 314مكرر إلى 314مكرر 1
4تدخل المشرع في مجال حماية البيانات الشخصية بموجب قانون العقوبات مرتين:
المرة األولى :في سنة 2114بموجب القانون ،93/14المؤرخ في ،2114/99/91وذلك بالنسب للمواد 314مكرر ،3إلى 314
مكرر1
المرة الثانية :بموجب القانون رقم 23/19المؤرخ في ، 2119/92/21وذلك بلنسبة للمواد 314مكرر 314 ،مكرر 314 ،9
مكرر2.
5تدخل االتصا الت التليفونية ضمن نطاق الحياة الخاصة ،وهو ما ذهبت إليه المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان والمواطن وفقا
للمادة 1من االتفاقية األوروبية لحقوق االنسان و يشكل التنصت على االتصاالت تدخال في الحياة الخاصة وجريمة بمقتضى الفقرة
الثانية من المادة 1السابقة الذكر.
6محمود خليل بحر ،مرجع سابق ،ص .311
231
حماية الحياة الخاصة للعامل
العامل في مكان العمل يمكن أن تتصل بالحياة الخاصة ،مما يستوجب حمايتها من كل تطفل
وفضول ،ال سيما في ظل اعتماد أغلب المؤسسات على التكنولوجيات الحديثة لالتصال لتسهيل أداء
العمل وزيا دة انتاج المؤسسة ،وهذا ما قد ينجر عنه انتهاك للحياة الخاصة للعامل بالتنصت على
اتصاالته الهاتفية التي يجريها أثناء العمل ،ومراقبة بريديه اإللكتروني داخل مكان العمل.
-1مراقبة االتصاالت الهاتفية للعامل
في سبيل مواجهة المنافسة في سوق العمل تلجأ أغلب المؤسسات الى االعتماد على الوسائل
التكنولوجية الحديثة المتاحة لحماية مصالحها وزيادة انتاجها ،مما يتيح لصاحب العمل التنصت على
مكالمات واتصاالت العمال للتأكد من أن العمل يتم طبقا لتعليماته وتوجيهاته ،وكذلك لمواجهة عدم
أمانة بعض العمال في حالة إفشاء أسرار العمل للغير من المنافسين ،وللتَصدي للتجاوزات التي قد
ترتكب من قبل العمال عند استخدامهم ألجهزة اإلتصال الخاصة بالمؤسسة إلجراء اتصاالت
شخصية وإضاعة الوقت في غير أداء العمل.
تتم مراقبة صاحب العمل إلتصاالت العامل بوسيلتين إما بالتنصت عليها أو عن طريق
تسجيلها ،وت عتبر مراقبة اإلتصاالت على هذا النحو من أخطر الوسائل التي تقررت استثناءا على
الحق في الحياة الخاصة.
لعلَ أهم الوسائل الحديثة التي ساهمت في تدعيم مراقبة صاحب العمل لعماله ما يسمى بالعداد
اآللي لالتصاالت الذي يقوم بتحويل االتصاالت الداخلية والخارجية للعمال ،ويتولى تسجيل وتخزين
كافة البيانات المتعلقة بها كتحديد اليوم والساعة ومدة المكالمة وتكلفتها ،يسمح هذا الجهاز لصاحب
العمل التنصت الهاتفي ومراقبة مضمون اإلتصاالت التي أجراها العامل أثناء العمل ،وهذا من شأنه
االعتداء على الحرية الفردية للعمال ويطال الحياة الخاصة للعامل وللمتحدث معه.
- 1- 1تسجيل اإلتصاالت الهاتفية المتصل بها وإفشاء سريتها
أدى التطور التكنولوجي الحديث إلى تغيير جدري في وسائل مراقبة االتصاالت التي يجريها
العامل داخل أماكن العمل ،وكذلك في مضمون الرقابة ،وذلك بالنظر إلى مجموعة من العوامل
أبرزها ؛ دقة هذه الوسائل وقلة تكلفتها والفورية في أداء مهامها ،ومركزية الرقابة وشموليتها إلى
جانب قدرة هذه الوسائل على تسجيل االتصاالت واالحتفاظ ببياناتها.1
تلجأ المؤسسات من أجل حماية مصالحها وزيادة انتاجها في ظل المنافسة التي يمكن أن
تتعرض لها إلى استعمال مثل هذه الوسائل التي قد تساعدها في التنصت على المكالمات وتسجيل
1
ANTONMATTEI(P-H), NTIC et vie personnelle au travail, Dr. Soc, 2002, p 37 et s.
231
حماية الحياة الخاصة للعامل
االتصاالت التليفونية لتقييم سلوك العامل وأدبه في التعامل مع العمالء ،وللتأكد من أن العمل يتم
طبقا لتعليمات صاحب العمل وتوجيهاته.
لعل أبز هذه الوسائل العداد االلي للمكالمات أو ما يسمى بجهاز تحويل االتصاالت ،1وهو
جهاز يوضع في بعض المؤسسات ،يستخدم لتسجيل االرقام الهاتفية التي يتم االتصال بها داخل
مراقبة وحساب تكلفة المخصصة لعمال المؤسسة ،وذاك بهد وخارج المؤسسة عبر أجهزة الهات
االتصالالت التي يجريها العمال.2
إن كان يحق لصاحب العمل تسجيل كافة االتصاالت الهاتفية التي تتم داخل مكان العمل بهد
حساب فاتورة المكالمة ومعرفة تكلفتها ،فإن تسجيل هذه اإلتصاالت من شأنه أن ينطوي على كش
الغير الذين تم اإلتصال بهم ،ولمواجهة هذا اإلشكال وضعت اللجنة الوطنية سرية أرقام هوات
للمعلوماتية والحريات (CNIL) 3في فرنسا مبدأ يقتضي ضرورة إخفاء األربع أرقام األخيرة في كل
مكالمة تظهر في فاتورة الحساب للحيلولة دون االعتداء على الحياة الخاصة.
أدق أسرار العامل دون علمه ،وال تكمن خطورة مراقبة هذه اإلتصاالت الهاتفية أنها تكش
تفرق بين االتصاالت المهنية واالتصاالت الشخصية ،فضال عن امتدادها ألسرار أشخاص آخرين
لمجرد تواصلهم بالعامل ، 4على هذا النحو لم تعد فقط حياة العامل الخاصة هي التي يتهددها خطر
التنصت على محادثاته الخاصة ،بل أيضا الحياة الخاصة للغير الذي تم اإلتصال به أو الحديث معه.
التقدم بها تصدت لجنة المعلوماتية والحريات في فرنسا لهذه المسألة من خالل شكوى تم
بشأن التنصت اإللكتروني الذي يسمح به العداد اآللي للمكالمات التليفونية ،فأوضحت اللجنة بأنه من
الجائز لصاحب العمل متابعة تسجيل المكالمات من خالل العداد اآللي ،حيث رأت أن هذه
من التسجيالت ال تشكل في ذاتها انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة وحرية ممارستها ،متى كان الهد
إجرائها هو مراقبة أداء العمال وتأهيلهم ،ومتى كان العمال على علم بها مسبقا.5
حماية الحياة الخاصة للعمال من المخاطر التي قد تهددها جراء اإلعتماد على نظام بهد
التنصت وتسجيل المحادثات الهاتفية ،وضعت لجنة المعلوماتية والحريات عدة توصيات يجب
مراعاتها عند اللجوء إلى مثل هذا النظام وهي كاآلتي:
1إلى جانب التنصت التليفوني التقليدي ،استخدمت نماذج جديدة للتنصت على المحادثات ،واالتصاالت بصفة عامة ،فأصبح يعرف ما يسمى
بالعداد اآلي للمكالمات Autocommutateur téléphonique
2محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص 41.
3 eme
Délibération du 11 septembre 1984, 5 rapport d’activité, la documentation française, Paris 1984, p 39.
4سجل بعض القضاة في الواليات المتحدة األمريكية منذ زمن بعيد هذه الحالة عند نظرهم بعض القضايا ،ففي قضية " "Olmosteadسنة
9191وصف القاضي " "Brandiesخطورة مراقبة المحادثات الهاتفية بقوله" :عندما يتم التنصت على خط تليفوني تتعرض خصوصية
األفراد على طرفي الخط لالقتحام ،فضال عن مراقبة اتصال شخص معين تؤدي إلى التنصت على محادثات جميع األشخاص الذين يتصلون
بهذا الشخص أو يتصل هو بهم" .محمد أبو العال عقيدة ،مراقبة المحادثات التليفونية ،دراسة مقارنة ،دار النهظة العربية ،2111 ،ص 99.
5محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص 31.
231
حماية الحياة الخاصة للعامل
-ضرورة إخبار العمال مسبقا بوضع هذا النظام ،مع بيان النتائج الفردية التي يمكن ان تعود
عليهم جراء استخدامه.
-ضمان مباشرة العمال حق اإلطالع على محاضر محادثتهم التي يتم تسجيلها وإمكانية إبداء
مالحظاتهم بشأنها.
-ضرورة وضع آلية إلبالغ العمالء المتصلين بالمؤسسة المستخدمة بنظام التنصت وتسجيل
محادثات العمال في حالة استخدامه.1
- 2- 1التمييز بين اإلتصاالت الشخصية واإلتصاالت المهنية
إن مراقبة االتصاالت الهاتفية إذا كانت سائدة في أماكن العمل ،فإنها قد تقتنضي التأكيد على
حرية الحديث ،ألن بدون خصوصية الحديث يصبح العمال مترددين في ممارسة حقوقهم في
الحديث ،2ويكون بمقدور المستخدم مراقبة مكالمات عماله بواسطة جهاز المحول اآللي لالتصاالت
الذي يتولى تحويل المكالمات الداخلية والخارجية ،3ال شك أن وضع نظام للعد اآللي لالتصاالت
التليفونية داخل المؤسسة يتضمن إقرارا ضمنيا على األقل من المستخدم بإمكانية إجراء عماله بعض
المكالمات التليفونية ذات الطابع الشخصي ،أي غير مرتبطة بأداء العمل.4
المكالمات في نهاية كل شهر ،مشتملة على تفاصيل األرقام استخراج صاحب العمل لكش
العمال ،يثير مشكلة التمييز بين داخلي بالمؤسسة من طر التي تم االتصال بها ،من كل هات
االتصاالت المهنية واالتصاالت الشخصية ،الواقع أنه في كثير من الحاالت يكون من المتعذر إجراء
مث ل هذا التمييز ووضع حدود فاصلة بين النوعين من المكالمات التي يجريها العامل ،أي بين تلك
التي تعد شخصية ،أجراها العامل لشؤون تتعلق بحياته الشخصية ،وتلك التي تعد مهنية أي تتعلق
أدائه للعمل المنوط به ،على سبيل المثال اتصال أحد العمال بزوجته إلبالغها بأغراض وظرو
بأنه سيتأخر في العمل ،هل يعد اتصاال مهنيا أم شخصيا ،كذلك فإن اتصال عامل بأحد العمالء يبدو
اتصاال مهنيا ،لكن ليس هناك ما يمنع أن يتطرق للحديث خالل االتصال إلى أمور شخصية أو
خاصة ال عالقة لها بالمؤسسة ،وبالتالي يتحول االتصال المهني إلى شخصي والعكس صحيح ،وهو
ما يطرح إشكالية صعوبة التمييز بينهما.5
1
BOUCHET ( H), La cyber surveillance des salariés dans l’entreprise Rapport présenté devant la CNIL,
Mars 2001, op.cit.22 et s.
2مبدر لويس ،أثر التطور التكنولوجي على الحريات العامة ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،9111،ص .3
3بيو خالف ،مرجع سابق ،ص .19
4محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .33
5صالح محمد أحمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق ،ص .921
291
حماية الحياة الخاصة للعامل
ينطوي استعمال العداد اآللي للمكالمات التليفونية على مخاطر االعتداء على حرية الحياة
الخاصة للعامل ،وذلك بالنظر إلى إمكانية نفاذه إلى سرية محادثاتهم ،والتي وإن جرت داخل مكان
العمل وأثناء سعات العمل ،إال أنها تحمل دائما إمكانية احتوائها لمفردات مما يدخل في صميم الحياة
الخاصة للعامل.1
- 3- 1مدى شرعية التنصت التليفوني داخل أماكن العمل
القاعدة عامة تتمثل فإن مراقبة المحادثات الهاتفية ،سواء عن طريق التنصت أو التسجيل،
يسجل اعتداء على الحق في الحياة الخاصة ،وال تجيزه القوانين إال في نطاق محدود وعلى سبيل
االستثناء ،وبناءا على ذلك ذهب الفقه الفرنسي إلى أن وضع أجهزة التنصت والتسجيل من قبل
أصحاب العمل في المؤسسات سراً وبدون علم العمال ،لتسجيل كافة المحادثات التي تدور أثناء
العمل عن طريق الهات ،تعتبر غير مشروعة وتقع تحت طائلة قانون العقوبات.2
فرنك " كل تعاقب المادة 9/229من ق.ع الفرنسي بالحبس لمدة سنة وغرامة ثالث مائة أل
من اعتدى عمداً بوسيلة أياً كانت على ألفة الحياة الخاصة لآلخرين ،بالتنصت أو بالتسجيل أو بالنقل
بدون موافقة صاحب الشأن كالم صادر له صفة الخصوصية أو سري" ،وبناءا على هذا األساس
أدان القضاء الفرنسي صاحب العمل الذي سجل أحاديث عماله التي دارت في مطعم المؤسسة
أو في مكاتبهم.
أما في التشريع الجزائري فقد حظر قانون اإلجراءات الجزائية رقم 22/19المؤرخ في
،2119/92/21اعتراض المراسالت التي تتم عن طريق وسائل اإلتصال السلكية والالسلكية ،إالَ
في إطار التحقيق القضائي وبعد الحصول على إذن من النيابة العامة أو قاضي التحقيق ،وفي جرائم
محددة.
أما قانون العقوبات فيحضر إفشاء سرية المكالمات الهاتفية والمراسالت ،إال برضا مسبق من
المعنية ،كما تشكل جريمة معاقب عليها طبقا للمادة 313ق.ع كل مساس بالحياة الخاصة األطرا
للغير عن طريق التقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية ،بغير إذن صاحبها
أو رضاه بأية تقنية كانت.
في حين ال يوجد في قانون العمل أي نص خاص يحكم هذه المسألة ،سوى المبادىء العامة؛
ومنها مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود ،ومبدأ األمانة واإلخالص الذي ينبغي أن يتحلى بهما أطرا
العقد ،التي تمنع صاحب العمل من اللجوء إلى مثل هذه المراقبة كقاعدة عامة.
299
حماية الحياة الخاصة للعامل
استثناءا عليها يجوز له مراقبة المحادثات الهاتفية ألغراض مهنية ،أو حماية لمصالح
المؤسسة ولحسن سير العمل ،مع ضرورة تبرير لجوئه إلى هذه المراقبة ،كوضع حد للمخالفات
أو حماية مصلحة المؤسسة المستخدمة ،أو حماية سرية المعلومات وتقنيات اإلنتاجمن المنافسين في
سوق العمل ،أو لغرض تقييم سيرة العامل وسلوكه ،أو بغية رصد االستعمال غير المشروع من
المؤسسة. العمال لهات
- 2مراقبة البريد االلكتروني للعامل
جانب يمثل البريد االلكتروني أهم وسائل التكنولوجيا الحديثة في مجال األعمال ،وقد عر
من الفقه البريد االلكتروني على أنه "طريقة تسمح بتبادل الرسائل المكتوبة بين األجهزة المتصلة
بشبكة المعلومات" ،1بينما عرفه البعض اآلخر على أنه "تلك المستندات التي يتم ارسالها أو استالمها
بواسطة نظام اتصاالت بريد الكتروني وقد تتضمن مرفقات به".2
كما يستخدم البريد االلكتروني أيضا في التفاوض على عقود العمل وابرامها ،وذلك لقلة
التكلفة وسرية المراسالت ،حيث أن الوسائل األخرى مثل الفاكس والتلكس ال تتمتع بنفس األمان
والسرية التي يتسم بها البريد االلكتروني ،وقد جرى ربط البريد االلكتروني بمواقع الشركات
ومؤسسات العمل عبر االنترنت لتسهيل عمليات اإلرسال واالستقبال أثناء الوجود على موقع
االنترنت.3
يقصد بالتراسل االلكتروني داخل الهيئة المستخدمة إمكانية تبادل الرسائل الكترونيا بين
مجموعة من عمال المؤسسة ،وذلك من خالل جهاز الكومبيوتر المخصص لكل منهم ،4وقد أضحى
يشكل استخدام البريد االلكتروني داخل أماكن العمل مشاكل عديدة لصاحب العمل ،مما جعله مبررا
لمراقبته ،حيث أن تكنولوجيا االتصال الحديثة جعلت اإلتصاالت أكثر عرضة لإلنتهاك في مجال
عالقات العمل.
هنا يثار التساؤل حول مدى حق صاحب العمل في االطالع على البريد االلكتروني للعامل،
انطالقا من مما تخوله له سلطة التبعية من حق في المراقبة ،فهل يشكل هذا انتهاكا لمبدأ سرية
المراسالت السيما إذا اطلع على رسائل شخصية ال تمت بصلة بعالقة العمل؟
خالد ممدوح إبراهيم ،أمن مراسالت البريد االلكتروني ،الدار الجامعية مصر ،2002ص .55 1
2
KAREN (M), E-mail, and the Attorny – Client Privilège Richmond Journal of law Technology, 2001 .
-مشار إليه في الموقع االلكتروني ،www.Richmond.edu :تاريخ اإلطالع .2194/13/29
3تنوير احمد بن محمد نذير ،حق الخصوصية ،دراسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون االنجليزي أطروحة دكتوراه في الفقه
اإلسالمي ،كلية الشريعة والقانون ،الجامعة االسالمية باسالم آباد ،الباكستان ،2002 ،ص .251
محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص .00 4
292
حماية الحياة الخاصة للعامل
293
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
Cons. Prud’hommes, Montbéliard, 19 Sept.2000, Gaz.pal, 14 Dec.2000, p 39.
2
Cass.soc, 20 Oct.2001, N° de pourvoi: 99-42942, Bull 2001,N° 291 p 233.
3
تاريخ االطالع PATIN )J-C(, La surveillance des courriers électronique par l’employeur, www.juriscom.net.
2193/19/13
4
WAQUET (P), Le pouvoir de direction et libertés des salariés, Dr.soc, France, 2000, p 156.
5من خالل المقارنة مع التشريع الجزائري يتضح أن المشروع الجديد لقانون العمل ألزم العمال في المادة 93منه ،الفقرة األخيرة
بعدم استخدام وسائل أو أجهزة المؤسسة ألغراض الشخصية .الملحق رقم .12
6
Peter SCHNAITMAIN, Building a community through work place E-mail : the new privacy Frontier.
تاريخ االطالع www.mttlr.org, www.Atelier.fr .2193/19/13
7
تاريخ René Pepin, Le statut juridique du courriel au Canada et aux Etats-Unis, www.lex-electronica.org
االطالع 2193/19/11
294
حماية الحياة الخاصة للعامل
عن االستعمال غير المسموح به للوسائل المهنية ،التأكد من حسن سرة الجرائم والتح قق والكش
إدارة النظام المعلوماتي للمؤسسة .1
أما عن الوضع في الجزائر فإن التشريع الجزائري يفتقر إلى تنظيم استخدام البريد االلكتروني
في مجال العمل ،وعدم وجود أي أحكام قضائية بهذا الخصوص ،بالرغم من أن المشرع الدستوري
يكفل للجميع حتى العامل في مكان عمله الحق في حرمة مراسالته.
- 2- 2مبدأ حرمة مراسالت البريد اإللكتروني للعامل
بشأن اعتبار المراسالت الخاصة عنصرا من عناصر الحياة الخاصة لإلنسان ،2فهي ال خال
في الغالب مستودع أسراره وخصوصياته ،فال يجوز المساس بها إال بموافقة من تتعلق المراسلة
بحياته الخاصة ،3فال يجوز االطالع على مضمونها وإال عد هذا انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة.
تم توسيع مفهوم المراسالت لتشمل إلى جانب الرسالة في صورتها التقليدية لتشمل الرسالة
االلكترونية ،4 Courrier électroniqueالتي شملتها الحماية القانونية باعتبارها عنصرا من
عناصر الحياة الخاصة ،ولم تقتصر هذه الحماية على حرمة المراسالت الشخصية المرسلة الى
المنزل وإنما امتدت حتى إلى مكان العمل وأثناء مزاولته. 5
تلعب الوسائل العلمية الحديثة دورا كبيراً في فض الرسائل السرية ،وهذا ما يشكل خطر على
حرمة االتصاالت عبر رسائل البريد اإللكتروني التي قد يتلقاها العامل حتى في أوقات عمله،
القانون واضح وصارم في مد الحماية للحياة الخاصة في أوقات العمل ،إذ ال يحق لصاحب العمل
وال لباقي الزمالء اآلخرين في العمل ،اإلطالع على سرية الرسائل متى تلقاها العامل لنفسه
أو أرسلها لغيره طالما أنها ال تدخل في إطار العمل الذي يقوم به في تلك المؤسسة.6
ال شك أن مضمون الرسالة المتداولة عبر نظام التراسل االلكتروني يجب بحسب األصل أن
يبقى سريا ،وفي هذا الشأن يكون لمصدر الرسالة حرية نقلها إلى عنوان الكتروني واحد أو لكل
العناوين االلكترونية التي يرغب في نقل الرسالة إليها ،7ويكمن الخطر الحقيقي لهذا النظام في
إمكانية الولوج إلى صندوق البريد االلكتروني " "E-mailوهو ما يطلق عليه بعض الفقهاء بمصطلح
293
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
L.WALLON, op.cit, p 230.
2
Loi n° 91-646 du 10 juillet 1991 relative au secret des correspondances émises par la voie des
communications électroniques.
3
Loi n°2004-669 du 9 juillet 2004 - art. 125 JORF 10 juillet 2004.
4القانون رقم 14/11المؤرخ في 13ماي 2111المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكونولوجيا االعالم
واإلتصال ،ج .ر عدد 41بتاريخ 99أو ، 2111والذي عرف في مادته الثانية االتصاالت االلكترونية بأنها " أي تراسل أو
إرسال أو است قبال عالمات أو إشارات أو كتابات أو صور أو أصوات أو معلومات مختلفة بواسطة أي وسيلة إلكترونية".
5
USA, v , Charbonneau, 979 F, sup, 1127 ( S.D.Ohio.1997).
مشار إليه في :عمر محمد بن يونس ،أشهر المبادئ المتعلقة باالنترنت في القضاء األمركي ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
،2114ص .312
6
Cass.soc, 02/10/2001, N° de pourvoi: 99-42942, Bull 2001, N° 291 p 233.
7
? Vincent Varlet, «Quand l’employeur devient Big Brother, le salarié a-t-il encore une vie privée
تاريخ اإلطالعhttp://www.unpeudedroit.fr/droit-du-travail/2193/19/93 :
8
A.MOLE, Mails personnels et responsabilités, quelles frontières ? Dr.soc, 2002, p 84 et s.
299
حماية الحياة الخاصة للعامل
كما جاء أيضا في قرارها أن حماية الحياة الخاصة للعامل تقتضي كفالة حرمة مراسالته
وسريتها ،وأنه ال يمكن لصاحب العمل اإلطالع على رسائله الخاصة الصادرة عنه والمرسلة إليه
ولو كان ذلك عبر جهاز معلوماتي موضوع تحت تصرفه من أجل العمل" مستندة في ذلك على نص
والتي تقتضي عدم جواز تقييد حقوق العمال وحرياتهم الفردية المادة L120-2من ق.ع.
والجماعية إال بما تقتضيه طبيعة المهام المسندة اليهم.1
المطلب الثالث
أثر السلطة التأديبية للمستخدم على الحياة الخاصة للعامل
إن السلطة التأديبية ( )Pouvoir disciplinaireلصاحب العمل هي تكميلية لسلطة اإلدارة
( ) Pouvoir de directionإذ أن هذه األخيرة تسمح له باتخاذ القرارات فيما يخص تسيير
المؤسسة ،وهي أيضا المرجع لسلطة التنظيم ( )Pouvoir de réglementaireالمتمثلة في إعداد
نظام داخلي للمؤسسة ( )règlement intérieureلذلك يرى الفقه " 2أن السلطة التأديبية هي النتيجة
الطبيعية للسلطة اإلدارية والتنظيمية".
إذا كان قانون العمل يميل تقليديا إلى حماية العامل بحكم ما يميز وضعيته من تبعية وخضوع
اتجاه صاحب العمل ،فإنه في نفس الوقت يضفي شرعية على نفوذ هذا األخير داخل المؤسسة
باعتبار ما يتمتع به من صالحيات قانونية واسعة تدعم سلطته على العاملين التابعين له ،هل يمكن
أ ن تمتد السلطة التأديبية لصاحب العمل للمساس الحياة الخاصة للعامل؟ أم أن لهذه السلطة حدود
تسمح للعامل بحماية حياته الخاصة؟
الفرع األول
مدى ارتباط التسريح التأديبي بالحياة الخاصة للعامل
إن التسريح التأديبي هو العقوبة األقصى بين العقوبات التأديبية ،خصه المشرع الجزائري
باألهمية ألنه يثير إقصاء العامل من المؤسسة ،ولما يشكله من تأثير على عقد العمل من خالل
ممارسة المستخدم لحقه بفسخ العقد الفردي ،هذا و ذهب رأي إلى أن التسريح هو الفصل من العمل
المستند إلى ذنب معاقب عليه طبقا لل نظام الداخلي واُنتقد هذا القول بأنه يفترض وجود نظام داخلي
بالمؤسسة مع أن كثيرا من المؤسسات تفتقد للنظام الداخلي.3
1
Article L120-2 -Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 art. 25 I Journal Officiel du 1er janvier 1993 " Nul ne
peut apporter aux droits des personnes et aux libertés individuelles et collectives de restrictions qui ne
"seraient pas justifiées par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnées au but recherché
2
Luck (J), Coehl (p), Droit d'entreprise -droit du travail et social- edition ellipses, Paris, 2005, p 40, "le
corollaire de ce pouvoir de direction est le pouvoir disciplinaire".
3بن صاري ياسين ،مرجع سابق ،ص43
291
حماية الحياة الخاصة للعامل
1القرار رقم 931421المؤرخ في ، 9111\19\11الذي ورد فيه " :حيث مثل هذا السبب هو اقتناع شخصي للقاضي وال يعد
تسبيبا قانونيا مقبوال إذ كان عليه مراقبة شرعية العقوبة المسلطة على العامل وال يكتف بالقول إن السبب الفصل ليس له أهمية ألن
هذا التعبير ليس تعبير قانوني وهو بمجرد رأي شخص " ،عبد السالم ذيب المرجع السابق ،ص 433
2قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ ،2113\13\99ملف رقم .211913م .ق لسنة 2113عدد ،9ص ،929والذي جاء فيه :
«...حيث يتبي ن من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الخطأ الجزائي المرتكب من طرف العامل سببا جديا لتسريحه ، »...أيضا ورد
السبب الجدي في القرار الصادر عنها بتاريخ 2111\91\91تحت رقم ، 214923أورده عبد السالم ذيب في كتابه قانون العمل
والتحوالت االقتصادية ,ص.413
3حيث رفضت المحكمة العليا عقوبة التسريح المبنية على سوابق تأديبية للعامل من دون مناقشة الخطأ المنسوب للطاعن،
و بالتالي عدم موضوعية السبب الذي يدخل ضمن شرط سبب الواقعي للخطأ ،ذلك في قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ
،2119\19\91ملف رقم .291449م .ق لسنة 2119عدد . 9ص393
4
Art. L. 122-14-3 C.T.fr.
5
Sanctions du défaut de cause réelle et sérieuse Art. L.122-14-4 C.T.fr, En réalité il apparait que l’article
L.122-44-4 ne prévoit que deux sanction véritable, les dispositions relatives a la réintégration étant
dépourvues de touts caractère contraignant.
291
حماية الحياة الخاصة للعامل
291
حماية الحياة الخاصة للعامل
من جانب صاحب العمل أم ال.1 وبالتالي تقييم ما إذا كان هناك تعس
من ناحية أخرى فإنَ شكوك صاحب العمل تجاه العامل قد تجد مصدرها في واقعة محددة
يصعب وصفها بالخطأ المهني الذي يبرر التسريح ،بمعنى أن فقدان الثقة في العامل بسبب ارتكابه
خطأ يسيرا ال يكفي لإلدعاء بوجود سبب جدي وحقيقي يبرر التخلص من العامل.
غير أن محكمة النقض الفرنسية وضعت استثناءاً يتعلق بحالة فقدان الثقة ولو لم يقم على أية
واقعة محددة ،فإنه يعتبر سببا واقعيا وجديا بدون النظر إذا كان السبب موضوعيا ،حيث أصدرت
حكمها المتعلق بقضية عاملة تم تسريحها بسبب فقدان الثقة المبني على أساس أن زوج هذه األخيرة
والذي تم تسريحه ظلت بينه وبين المستخدم مشاحنات ،لذلك توقع المستخدم أن الزوجة ستثأر
لزوجها مما جعله يقوم بتسريحها لفقدان الثقة فيها ،وبعد أن قدم الدليل على مشاعر الغضب من
العاملة ،اعتبرت المحكمة أن التسريح كان لسبب واقعي وجدي مع أنه ليس موضوعيا طر
ومرتكز على تخمين المستخدم فقط.2
يتضح من خالل هذه القضية أن مفردا من مفردات الحياة الخاصة للعامل وعالقاته قد ساهم
في تدعيم شكوك صاحب العمل منه ،أمام أسباب شخصية ولدت انطباعا شخصيا لدية ،وتقييم غير
مهني نتيجة أسباب غير مهنية أدى إلى نتائج مهنية ،ورغم االنتقادات التي وجهت إلى هذا االجتهاد
القضائي ظل القضاة على مرور عدة سنوات يأخذون باالنطباعات الشخصية للمستخدم والتي ال
تحتاج إلى أن أن تكون موضوعية كي يحكم بأنها ذلت سبب جدي وحقيقي.3
إنَ متابعة أحكام النقض الفرنسية منذ بداية التسعينات تظهر تحوالً واضحاً في موقفها من هذه
المسألة ،بعدما كانت تعتبر أن عدم ارتياح صاحب العمل للعامل يعد مبررا مقبوال لتسريحه ،أي أن
صاحب العمل يستند في تخلصه من العقد الذي يجمعه بالعامل لسبب جاد وحقيقي ينفى عنه وص
التعس ،بل أن محكمة النقض كانت تنقض أحكاما تشددت في موقفها من رب العمل النتفاء
العناصر الموضوعية وليس الشخصية كالحالة النفسية لصاحب العمل للتسريح ،وبسبب غياب
للمحكمة على أنه رغبة من جانبها في التوسع في السبب الجاد والحقيقي ،وقد فسر هذا الموق
مجال فقدان الثقة ومبرراته وآثاره.4
إالَ أنَ محكمة النقض الفرنسية واعتباراً من نوفمبر 59111اتخذت موقفا مغايرا اعتبرت من
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
خالله أن االعتماد فقط على المشاعر الشخصية لصاحب العمل والتي تعكس موقفا شخصيا منه
واعتبارها سببا جائزا أو مبررا مشروعاً للتسريح يعد انتهاكا للقانون الذي يستلزم للتسريح سببا
التعس ،وان إنهاء العقد إرضاءا للمشاعر الشخصية المجردة لصاحب حقيقيا ينفي عنه وص
العمل يجعل هذا األخير مسؤوال عن التسريح غير المبرر لكونه ال يستند لسبب جدي وحقيقي.1
في عام 9113أكدت محكمة النقض الفرنسية تغيير موقفها بصدور حكم قضائي يتعلق بقضية
(السيدة فيتري) ،2حيث أقرت أنَ "التسريح المالزم لشخص العامل عليه أن يؤسس على معايير
موضوعية وأن سبب فقدان الثقة الذي ادعي بها المستخدم ال يشكل سببا للتسريح" ومنه تقرر أن
بالسبب الجدي والواقعي اتجاه الخالفات المعيار الموضوعي ال يثير عرقلة على اإلعترا
الشخصية بين العمال أو بينهم وبين المستخدم ،فرأي المستخدم إذا لم يكوم موضوعيا ال يؤخذ به.3
وعليه فإنَ تسريح العامل يجب أن يستند دائما إلى سبب يمكن تقييمه موضوعيا ،فإذا كان
هناك مجال للتسريح فيجب أن يستند صاحب العمل إلتيانه إلى مفردات موضوعية ،غير شخصية.
-2-1-1وجود السبب الحقيقي
ال يكون السبب الذي يدعي به المستخدم حقيقيا أوواقعياا لتسريح العامل إال إذا كانت األحداث
التي عرضت على أنها سبب وراء إنهاء عالقة العمل موجودة واقعيا ،"existent" réellementفإذا
كان التسريح يخلو من أي سبب فإنه يكون تعسفيا ،فال يمكن للمستخدم أن يعلن تسريح العامل بسبب
عدم الكفاءة المهنية " "insuffisance professionnelleمن دون أن يقدم مفهوما دقيقا لعدم الكفاءة،
أو قدم مفهوم ناقصا بحيث إذا لم يقنع به قاضي الموضوع اعتبر تسريحا تعسفيا ،كأن يعطي
تفسيرات وأدلة غير كافية لتبرير عدم كفاية الكفاءة المهنية للعامل ،مستندا في األصل على أسباب
تجد مصدرها في حياة العامل الخاصة.
مراقبة وجود هذا السبب 4وتقدير الدليل على وجوده ترجع إلى القضاة ،5فإذا ما تم تسريح
العامل لنتائجه السيئة في العمل ،ال بد أن يتحقق القاضي من سوء النتائج ،فإذا وجدها في الواقع
ليست بالسوء الذي ادعى به المستخدم حكم بأن التسريح هو خال من السبب الجدي والواقعي.6
1
GAUDU (F), op.cit, p 9.
2
(Arrêt Mm fertray : dans le même sens. Soc 12 janv. 1993, p 187 – le comportement du fils ne peut justifier
le licenciement du père) V : J- pelissier et A- supiot et A- jeaummaud, op. cit, p 489.
3بن بدرة عفيف ،مرجع سابق ،ص .931
4قرار المحكمة العليا رقم 941134المؤرخ , 9111\2\91عن الوجه الثاني " :إن سرقة آلة من العامل ال يمكن اعتبارها إتالف
لها و األكيد أنها لم تتلف بل سرقت من العامل أثناء المهمة التي قام بها خارج ميدان عمله ،".....عبد السالم ذيب ،المرجع السابق،
ص 431
5قرار المحكمة العليا رقم 931313المؤرخ ,9111\2\91الصادر على اثر الطعن بالنقض ...":ذلك مادامت واقعة السرقة لم تكن
ثابتة بما يمكن االعتماد عليه بما حرر من طرف مديرية العمل فان يعتبر قرار الفصل غير مؤسس ومخالف للقانون هو ما
يستوجب إلغائه" ،عبد السالم ذيب ،مرجع سابق ،ص 439
6
Cass. Soc 29 janv 1981, Dr. 1982, p158, V : J- pelissier et A- supiot et A- jeaummaud, op. cit, p451.
219
حماية الحياة الخاصة للعامل
212
حماية الحياة الخاصة للعامل
قبل 9113كان القاضي الفرنسي يقر بالتسريح ولو كان بسبب خطأ بسيط ،أما اآلن فصار
ليس سببا جديا القاضي يعتبر أن الخطأ البسيط ليس بسبب جدي للتسريح ،فإذا كان الخطأ الطفي
للتسريح فهل يجب أن يكون خطأ العامل جسيما كي يمكن للمستخدم أن يعاقب بالتسريح؟
القضاء من جهته أعطى جوابا سلبيا ،فإذا تم التسليم بوجود فئة من األخطاء وسط بين الخطأ
الجسيم والبسيط ذات طبيعة تبرر التسريح فإن هذا التفريق بين الخطأ الجسيم والخطأ الجدي يعطي
للقاضي سلطات واسعة للتقدير في ظل الوضعية المطروحة أي عندما يمكن أن تكون أخطاء العامل
تحمل مواصفات تبرر عقوبة التسريح دون أن يكون الخطأ جسيم ،وبالتالي ينظر إلى النظام الداخلي
الذي يمكن أن يورد عقوبة التسريح لخطأ غير جسيم ،ومع ذلك يكون سببا جدي للتسريح.
- 2مدى ارتباط الخطأ الجسيم بالحياة الخاصة للعامل
لعلَ من بين حاالت األخطاء الجسيمة المذكورة في المادة 13من قانون 99/11ما قد ترتبط
في بعض األحيان بالحياة الخاصة للعامل مثل رفض تنفيذ االلتزامات المهنية للعامل والتحجج
بممارسة الحياة الخاصة للعامل في حالة استدعائه لضرورة المؤسسة في غير األوقات المهنية،
أو في حالة عقا ب العامل بالتسريح على ارتكابه خطا جسيما لتناوله الكحول أو ارتكابه ألعمال
داخل أو جرائم خارج مكان العمل. عن
تنصب دراستنا هذه حول محاولة بحث الحاالت التي قد ترتبط فيها األخطاء الجسيمة التي
ينجر عنها التسريح التأديبي بالحياة الخاصة للعامل باالعتماد على أخطاء ورد ذكرها في نص
المادة 13من القانون 99/11المعدل والمتمم بالقانون 21/19تتعلق بعالقات العمل ،بالمقارنة مع
التشريعات واالجتهادات القضائية المقارنة ،مع اإلشارة إلى مشروع قانون العمل الجديد وما أتى به
من إضافات تمس هذا الموضوع من خالل المواد من 19إلى 912من هذا المشروع التي وردت
في الفرع الرابع منه تحت عنوان التسريح التأديبي. 1
- 1- 2حالة رفض العامل تنفيذ التعليمات المرتبطة بااللتزاماته المهنية
قد يدخل تحت ستار العذر غير المقبول الذي يدعيه العامل لتبرير عدم امتثاله ألوامر
وتعليمات صاحب العمل عذرا ي رتبط بممارسته لحياته الخاصة ال سيما إذا تعلقت تلك األوامر
بممارسته للعمل في غير أوقات العمل لضرورة المصلحة.
رقم في هذا الصدد ذهبت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 9113/92/91مل
،921131في قضية (س،م) ضد (مدير المؤسسة الوطنية للكتاب) الذي ورد فيه أن "من المقرر
قانونا أنه يعد خطأ من الدرجة الثالثة ،وتصل عقوبتها إلى التسريح دون مهلة مسبقة ودون
1انظر المواد من 19الى 912من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد ،الملحق رقم .12
213
حماية الحياة الخاصة للعامل
تعويضات ،رفض العامل تنفيذ التعليمات التي يتلقاها من السلطة المشرفة عليه ،إلنجاز أشغال
ترتبط بمنصب عمله دون تقديم عذر مقبول".1
هذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في قضية رفض مهندس المعلومات تنفيذ أوامر
وتعليمات صاحب العمل مما أدى إلى تسريحه من العمل ،حيث تمسك العامل بأن تسريحه غير
مبرر وال يستند إلى سبب حقيقي وجدي وأن رفضه القيام بالعمل في غير أوقات العمل يعد مساسا
لممارسة حياته الخاصة ،غير أن محكمة الن قض اعتبرت أن طلب صاحب العمل ال يمثل انتهاكا
للحياة الخاصة للعامل ،وأن رفض األخير اإلمتثال لتعليمات المؤسسة والتمسك بحياته الخاصة
يتعارض ويصطدم مع نشاط المؤسسة ومسؤوليتها اتجاه عمالئها.2
حالة ارتكاب العامل أعمال عن - 2- 2
المرتكب من العامل ضد إنَ المشرع الجزائري من خالل قانون 99/11لم يفرق بين العن
زميله في العمل أو ضد المستخدم مثل ما فعل كل من التشريع الفرنسي والمصري ،كما لم يشترط
أعمال العن أن يكون االعتداء داخل أماكن العمل أم خارجه ،وإنما ترك المجال مفتوحا في تكيي
التي قام بها العامل ما إذا كانت جسيمة ومن ثم تستوجب التسريح التأديبي ،وإن كانت أعمال العن
معاقب عليها في التشريع الجزائي.
غير أن مشروع قانون العمل الجديد تدارك األمر في المادة 19منه التي حددت األخطاء
الجسيمة ،حيث أدرجت ضمن الفقرة الرابعة التي اعتبرت خطأ تأديبيا ارتكاب العامل ألعمال العن
آخر أو أي شخص آخر.3 أو االعتداء الجسدي تجاه صاحب العمل أو ممثله أو موظ
تجدر المالحظة أن المادة 19من المشروع المذكور أعاله وإن وردت أكثر دقة من المادة 13
فقط كخطأ جسيم ،غير أنها لم من قانون 99/11التي تقتصر على عبارة قيام العامل بأعمال عن
بارتكاب العامل تشتر ط أن يكون االعتداء داخل أماكن العمل أم خارجه ،ومن ناحية أخرى لم تكت
فقط بل أضافت عبارة االعتداء الجسدي ،كما أنها لم تقتصر على ارتكاب هذه ألعمال العن
عالقة العمل أي صاحب العمل أو ممثله وكذا الزمالء في العمل بل أضافت األفعال ضمن أطرا
في آخر الفقرة عبارة أي شخص آخر.
1القرار الصادر عن محكمة المحكمة العليا – الغرفة االجتماعية بتاريخ 9113/92/91ملف رقم ،921131م.ق ،ع ،9113 ،2ص .921
2
Cass.soc, 27 Novombre1991, Dr.soc, Janv.1992, p 79.
3نص الفقرة الرابعة من المادة 19من مشروع قانون العمل الجزائري باللغة الفرنسية كاالتي:
Art 96- P.C.T.A: «Le licenciement à caractère disciplinaire intervient dans les cas de fautes graves
commises par le travailleur. .. - commet des actes de violence ou agression corporelle à l’égard de
l’employeur, de son représentant ou d’un autre travailleur ou de toute autre personne».
214
حماية الحياة الخاصة للعامل
االعتداء الصادر عن عمد وإدراك من المعتدي ،والذي يمكن أن يشكل خطأ يقصد بالعن
جزائيا كما يمكن أن يشكل فقط خطأ تأديبيا ،1سواء اتخذ هذا المساس صورة مادية كالضرب
المعنوي 2،الذي أو صورة معنوية كالسب والقذ ،ويرى الفقه بأن المشرع الجزائري استبعد العن
قد يندرج تحته حالة التحرش الجنسي داخل أماكن العمل والذي سرعان ما تداركه المشرع
الجزائري من خالل إدراجه في مشروع قانون العمل الجديد في المادة 39منه.
المذكورة في المادة أما النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر وسع من نطاق حالة العن
13من ق.ع لتشمل حماية السالمة البدنية والمعنوية للعمال بنصه في المادة 41منه على «كل
عون مؤسسة ،مهما كان منصب عمله ورتبته في السلم اإلداري ،يفرط بواسطة تهديدات ،أوامر،
عراقيل ،أو ضغوط ،في السلطة المرتبطة بوظيفته للحصول لفائدته أو لفائدة الغير ،على مزايا مهما
بمعنى المادة 13من بالمضايقة ،يعتبر كعمل عن كان طبيعتها ،ويتركب عمال معاقب عليه يكي
قانون 99/11ضد السالمة البدنية والمعنوية للعامل بالحاق مساس خطير بكرامته....يعتبر العامل
الذي رفض الخضوع ألعمال مضايقة وكذلك العامل الذي شهد على مثل هذه األعمال محميان
بواسطة النظام الداخلي ».3
يتضح أن المادة 41من النظام الداخلي لمؤسسة اتصال الجزائر تدرج ضمن حالة العن
عناصر التحرش الجنسي وإن لم تقره بصريح العبارة ،بل وتحمل هذه المادة نفس العبارات الواردة
التحرش الجنسي الوارد ذكرها في المواد 39إلى 13من مشروع ق.ع 4مثل عبارات في تعري
التهديد والضغوط ،رفض الخضوع إلى المضايقة ،وحماية العامل الشاهد على مثل هذه التصرفات.
داخل أماكن العمل ،5واعتبر االجتهاد القضائي من جانبه أقرَ فقط حالة ارتكاب أعمال العن
الخطا الجسيم سواء داخل داخل الفقه المصري أنه ال عبرة بمكان وقوع االعتداء إلضفاء وص
المؤسسة أو خارجها ،6وهذا ما يعتد به أيضا االجتهاد القضائي الفرنسي ،حيث قضى بمشروعية
تسريح عامل قام بضرب زميلته في العمل أمام مدخل المؤسسة على مرأى ومسمع من العمال
وجودهم. الذين صاد
1مهدي بن خدة ،دراسة تحليلية لمضمون المادة 13من قانون العمل الجزائري ،مقال منشور بالمجلة األكاديمية للدراسات
االجتماعية واالنسانية ،قسم العلوم االقتصادية والقانونية ،عدد ،99جوان ،2199ص .211
2بن صاري ياسين ، ،مرجع سابق ،ص43.
3النص الكامل للمادة 41من النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر متاح في الملحق رقم 11
4أنظر المواد من 39إلى 31من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد ،الملحق رقم .12
5قرار الغرفة االجتماعية للمحكمة العليا الصادر بتاريخ ،9111/12/91رقم ،931934غير منشور ،حيث قضت فيه أن العنف
المرتكب في أماكن العمل يشكل في حد ذاته خطأ جسيما ال يحتاج إثباته بحكم قضائي ،وأيضا القرار الصادر عنها بتاريخ
،2119/19/11تحت رقم ،331191مجلة المحكمة العليا ،العدد األول ،الجزائر ،2119 ،ص ،211قرار رقم ،919941مؤرخ
في ،9113/91/29قانون العمل الجزائري والتحوالت االقتصادية,عبد السالم ذيب ,ص.423
6على عوض حسن ،مرجع سابق ص.932
213
حماية الحياة الخاصة للعامل
اعتبر القضاء أن واقعة الضرب وإن وقعت خارج نطاق المؤسسة من الناحية الزمانية
والمكانية وال صلة لها بالعمل ،إال أن وقوعها بين عامل وزميلة له في نفس المؤسسة ،ومشاهدة
الزمالء لهما ،جعل لألمر المتعلق بالحياة الخاصة تأثيرا على حسن سير العمل بالمؤسسة ،حيث
اعتبرته المحكمة بمثابة سبب جدي للتسريح رغم تعلقه بالحياة الخاصة.1
- 3- 2حالة تناول العامل الكحول داخل أماكن العمل
إنَ إقدام العامل على تناول الكحول وتواجده في حالة سكر من شأنه أن يؤثر على درجة أدائه
للعمل فضال عن تأثيره على سمعة و حسن سير العمل في المؤسسة ،2وقد اعتبره المشرع
الجزائري خطأ جسيما يستوجب التسريح شأنه في ذلك شأن باقي التشريعات المقارنة.
حالة تجدر اإلشارة أن المشرع المصري اشترط أن يكون العامل في حالة سكر بيِّن ،أضا
تعاطي العامل للمخدرات ،3ويقصد بالسكر البين حالة سكر الشديد والواضح ،بحيث يفقد توازنه
تماما ،أما في حالة المخدرات فيكفي أن يظهر تأثير المخدر على مسلك العامل حتى ولو ظل
متماسكا ،ذلك أنَ تعاطي المخدرات أكثر جسامة باعتباره معاقب عليه في القانون الجزائي ،ونظرا
ألن مفعول الكحول والمخدرات يدوم لفترة طويلة في اإلنسان الذي بإمكانه تعاطي الممنوعات
خارج مكان العمل طرح السؤال بشأن ارتكاب الخطأ خارج مكان العمل ،بينما يكون تحت تأثير
إبان العمل.
أقرت أغلب االجتهادات القضائية المقارنة أنه يستوي في ذلك أن يحصل تناول الكحول
أو تعاطي المخدرات خارج مكان العمل ويمتد تأثيره داخل مكان العمل وأثناء ساعات العمل،4
استقر قضاء المحكمة العليا في الجزائر على أنه يعتبر تعاطي الكحول المخدرات خطأ جسيما وإن
تم الفعل المادي خارج المؤسسة ،5فالعلة هي السكر تدور مع جسامة الخطأ وجودا وعدما.6
في المادة 19المحددة لألخطاء الجسيمة حالة ما إذا مشروع قانون العمل الجديد أيضا أضا
كان العامل يبدو في حالة سكر ،حيث كانت تقتصر المادة 13من قانون 99/11على حالة تناول
الكحول أو المخدرات داخل أماكن العمل ،في حين تطرق النص الجديد إلى امتداد أثار الكحول
المشروع إلى جانب مادة الكحول المؤثرات العقلية.7 داخل أماكن العمل وأثنائه ،وأضا
1
Cass.soc, Janv.1992, Gaz.pal, 1992, p 135.
2ناهد العجوز ،الحماية الجنائية للحقوق العمالية في قانون العمل في مصر والدول العربي ،منشأة المعرف ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى،
،9119ص 312.
3نص المادة 99فقرة 1من ق.ع المصري ...." :ال يجوز فصل العامل إال إذا ارتكب خطأ جسيما ،ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحاالت
اآلتية -1 ...:إذا وجد أثناء العمل في حالة سكر بين أو متأثرا بما تعطاه من مادة مخدرة".
4محمود جمال الدين زكي ،عقدالعمل ،مرجع سابق ،ص.343
5القرار الصادر عن المحكمة العليا ،الغرفة االجتماعية ،بتاريخ ،2111/14/99ملف رقم ،919219قرار غير منشور.
6مهدي بن خدة ،دراسة تحليلية لمضمون المادة 13من قانون العمل الجزائري ،مرجع سابق ،ص .911
7
الملحق رقم Art 96 P.C.T.A 12
219
حماية الحياة الخاصة للعامل
محكمة النقض ال فرنسية ضمن هذا السياق أقرت تسريح عامل شاحنة أثناء أدائه لعمله بعد
الشرطة ،وهو في حالة سكر خالل القيادة ،حيث رأت في حكمها أنه أن هذا األمر توقيفه من طر
ينعكس بالسلب على المؤسسة التي تضع تحت قيادته مسؤولية بضائع تكلفها الكثير ،ورأت بأنه
رغم أن األحداث تنتزع من الحياة الشخصية للعامل إال أنها أثارت عرقلة في المؤسسة ،1هذا أيضا
ما أقرته في قضية تسريح لعامل في شركة التأمين ضد حوادث السيارات حينما تسبب في حادث
طريق بعد تناوله للكحول أثناء قيامه بالعمل ،فقام صاحب العمل إثر ذلك بتسريحه من عمله على
أساس ارتكابه خطأ جسيما ،2المالحظ أنه في كلتا القضيتين تم تسريح العاملين لضبطهما وهما في
حالة سكر أثناء أداء العمل أي أثناء التوقيت الفعلي للعمل حتى ولو تم ذلك خارج مكان العمل.
- 4- 2حالة ارتكاب العامل ألفعال يعاقب عليها القانون الجزائي
تشترط بعض تشريعات العمل لجواز تسريح العامل وفسخ عقد عمله أن يكون قد ارتكب
الجريمة في مكان العمل ،من تلك التشريعات قانون العمل اللبناني ،والقطري ،والكويتي والعماني،9
في حين أن أغلب التشريعات العمالية المقارنة تورد نصا عاما دون اإلشارة إلى مكان وزمان وقوع
الجريمة ،وهذا ما أخذ به على سبيل المثال قانون العمل المصري واألردني والسوري ،والليبي،
والسعودي.2
يُشكل ارتكاب العامل ألفعال يعاقب عليها التشريع الجزائي ،أخطاء جسيمة تستوجب التسريح،
غير المشرع الجزائري يقيد المستخدم بضرورة توفر شرطان ،يتمثل الشرط األول في أن يشكل
الخطأ من صالحيات الجهات جريمة بمفهوم قانون العقوبات الجزائري ،ويكون تكيي التصر
القضائية ،وبالتالي ال يجوز لصاحب العمل معاقبة العاملة بحجة ارتكابه جريمة طالما لم يصدر
حكم قضائي يدينه ،هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرار لها بتاريخ 91جانفي ،2119حيث
اعتبرت الخطأ المهن ي المؤدي إلى إنهاء عالقة العمل والذي يشكل جريمة في القانون الجزائي ال
يمكن اعتماده كسبب للتسريح ما لم يثبت وقوعه بحكم قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه
قبل التسريح من العمل.3
1
Cass. Soc. 2 Déc 2003; N° de pourvoi: 01-43227, RJS, 2 ⁄ 2004 , n° 181, R.T.D ; janv. 2114, p21.
2
Cass. Soc, 29 Janv.1992, RJS, 3/93, n° 262.
9قانون العمل اللبناني في المادة ،14والقطري في المادة ،9/21والكويتي في المادة 33والعماني في المادة 42منه.
2ناهد العجوز ،مرجع سابق ،ص .319
3قرار الغرفة االجتماعية للمحكمة العليا الصادر بتاريخ 91جانفي ،2119تحت رقم ،299921م.ق ،ع ،9سنة ،2112ص ،913والذي
جاء في حيثياته " :حيث أنه بالرجوع إلى الحكم المنتقد تبين منه أن قاضي الدرجة األولى أسس قضاءه بأن تهمة السرقة المنسوبة إلى العامل
تعد من األخطاء التي يعاقب عليها القانون الجزائي والتي ال يمكن اثباتها في حق العامل إال بموجب حكم قضائي نهائي بإدانته ،وفي قضية
الحال فإن التهمة تبقى مجرد اتهام غير ثابت في حق العامل بانعدام الحكم القضائي ،وحيث من الثابت من أن اجتهاد المحكمة العليا أن الخطأ
المهني المؤدي إلى انهاء عالقة العمل والذي يكون جرمة في القانون الجزائي ال يمكن اعتماده كسبب للتسريح ما لم يثبت وقوعه
بحكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه قبل االعالن على التسريح".
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
المجرم قانونا في اإلطار المكاني للعمل، أما الشرط الثاني يقتضي أن يرتكب العامل التصر
عمال مجرما خارج مكان العمل ،وهذا ما أقرته لذلك ال يمكن للمستخدم معاقبة العامل الذي اقتر
المحكمة العليا بالجزائر في القرار رقم 911111الصادر في ،2111/12/93والذي جاء في
حيثياته؛" ....حيث بالرجوع إلى الحكم المنتقد يتبين منه أن قاضي الدرجة األولى حلل بما فيه
وبرر حكمه على كون إصدار الشيك بدون رصيد الكفاية حكمه إذ أنه قد رد على دفوع األطرا
المدعي عليه كان خارج عالقة العمل التي تربطه بالمستخدم وأشار إلى المادة 13من من طر
القانون 21/19المؤرخ في 9119/92/29المتمم والمعدل بالقانون 99/11الذي يشترط أن تكون
األفعال المنسوبة للعامل حتما مرتكبة أثناء العمل حتى تشكل خطأ مهنيا."...
هذا ما أخذ به القضاء الفرنسي حينما قضى بعدم مشروعية فصل العامل في أحد البنوك
بسبب عدم توفر سبب جدي وحقيقي للفصل في قيام العامل باالقتراض أكثر من مرة ،أو في قيامه
بتحرير شيكات على نفسه بدون رصيد ،1وقد عمل القضاء الفرنسي بعدم إمكانية عقاب العامل على
أخطائه المتعلقة بحياته الخاصة لمدة طويلة بمواد القانون المدني الفرنسي.2
غير أنه تم تكريس اجتهادات أخرى مبينة على مبدأ التوفيق بين عالقة التبعية للمستخدم
والحياة الخاصة للعامل ،حيث غيرت موقفها وأقرت بأن العامل يحاسب في اإلطار التأديبي بغض
النظر إلى عالقة العمل وبغض النظر عن مكان وزمان العمل ،نظرا للمساس بمصالح المؤسسة.3
اتخذت محكمة النقض موقفا في قرارها الصادر في 13ماي 2199بشأن قضية تسريح عامل
بسبب سحب رخصة قيادته ،حيث أقرت بأنه ال بد من التمييز بين الجرائم التي يرتكبها العامل أثناء
عمله ،وتلك التي ترتكب خارجه ،وأقرت أن العامل الذي يرتكب جريمة في حياته الخاصة ال يمكن
للمستخدم تسريحه بدعوى سوء السلوك ما دام أنه لم ينتهك أي التزام مهني مترتب على عقد العمل.
ثانيا :مبررات التسريح التأديبي المرتبطة بالحياة الخاصة للعامل
السبب الجدي والحقيقي للتسريح الذي أورده وزير العمل من خالل الرجوع إلى تعري
الفرنسي والمذكور سابقا ،نجد أنه ربط التسريح المبرر بمدى تأثير خطأ العامل على حسن سير
العمل بالمؤسسة من جهة ،والخطورة التي تؤدي إلى االضرار بمصالح المؤسسة من جهة ثانية،
اضطراب سير العمل في المؤسسة وتهديد مصالحها يعد مبررًا مشروعاً يمكن صاحب العمل من
االستناد إليه لتسريح العامل وإنهاء عقد عمله ،رغم أن مصدره مستمد من الحياة الخاصة للعامل.4
1
Cass. Soc. 27 Nov. 1990, R.J.S, 1/91.N°6.
2
Art.9 du c.civ « chacun a droit au respect de sa vie privée ».
3بن بدرة عفيف ،مرجع سابق ،ص .949
4
Cass.soc, 17 Avril.1991, Dr.soc.1991, p 485, Note J.SAVATIER.
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
- 1التسريح التأديبي لتأثير الحياة الخاصة للعامل على سير العمل بالمؤسسة
إن تسريح العامل بسبب مستمد من حياته الخاصة مرتبط باألثر الذي يصيب المؤسسة نتيجة
هذا السبب ،وهو االضطراب الملحوظ فيها بالنظر إلى التعارض بين ما قام به في حياته الخاصة
وبين مهامه أو طبيعة نشاط المؤسسة.
أكد هذا المعنى حكم لمحكمة النقض الفرنسية في 91أبريل ،9119إذ أوضحت من خالله أن
التسريح ألسباب مستمدة من الحياة الخاصة للعامل يستمد مشروعيته من كون هذه األسباب تعد سببا
جادا وحقيقيا النهاء عالقة العمل بالنظر إلى ما سببه من اضطراب في سير عمل المؤسسة.1
إن البحث ف ي وجود التعارض بين ممارسة العامل لحياته الخاصة ،وبين العمل المطلوب منه
عالقة العمل يتمسكون تنفيذه في اإلطار المهني يعد مسألة موضوعية يقدرها القاضي ،فأطرا
بموقفين متعارضين بشأن خالفهم ،فالعامل يدعي أن تسريحه كان غير مشروع ال نتفاء السبب
المشروع للتسريح كونه مستمد من حياته الخاصة ،في حين يدعي صاحب العمل أنه غير متعس
في تسريحه للعامل إذ يستند إلى أن ممارسات العامل في إطار حياته الخاصة سببت اضطرابا في
سير عمل المؤسسة.
حالة انتفاء اضطراب سير العمل بالمؤسسة ،فإنه يصعب على العامل مد سلطانه إلى االطار
غير ال مهني ،ويعتبر انهائه لعالقته المهنية مع العامل في هذه الحالة مستندا إلى مبرر غير مشروع،
بل إن الرقابة القضائية وبالنظر إلى غياب اضطراب العمل بالمؤسسة ستنتهي إلى انتفاء المبرر
المشروع للتسريح مما يعد تسريحا تعسفيا.2
غير أنَ افتقاد صاحب العمل لما يمكن اعتباره سببا جادا وحقيقيا كمبرر مشروع إلنهاء عالقته
األخير قد يدفعه إلى االعتماد على انطباعاته وقناعاته بالعامل حيث لم تتأثر المؤسسة بمواق
الشخصية ،مشاعره الخاصة غير المرتبطة بخطأ محدد أو ملموس ارتكبه العامل في إطاره
المهني ،3نحن أمام عامل لم يرتكب خطا محددا بالمعنى المهني أثناء تنفيذه للعقد فليس هناك ما
يمكن اعتباره سببا جادا وحقيقيا لتسريحه ،إال أن صاحب العمل ببساطة ال يثق فيه.4
اختالل الثقة حالة نفسية تتولد نتيجة انطباعات شخصية لدى صاحب العمل فتولد لديه قناعة
بعدم إمكانية التعامل مع هذا العامل أو ذاك ،ويتعين أن يعتمد تقييم صاحب العمل للعامل على مدى
تأثر المؤسسة باألسباب التي أدت إلى اختالل ثقته في العامل ،خاصة إذا كانت هذه األسباب تدخل
1
LYON-CAEN )G(, op.cit, p 286.
2زهير حرح ،مرجع سابق ،ص .919
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص . 919
4
CAKILLE )A(, La rupture du contrat de travail, Journal des Notaires et Avocats, 1988, p 173.
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
في إطار الحياة الخاصة وكيفية ممارستها ،1والقبول باألثر الذي يسعى صاحب العمل إلى ترتيبه
عليها ،إذ يتعين استنادها إلى أسباب يمكن تقييمها موضوعيا لالبتعاد عن التقييم الشخصي المجرد
عن أي وقائع محددة.2
يجب أن يكون هناك اضطراب فعلي لسير العمل في المؤسسة سببه العامل بسلوكه هو وليس
أحد أصدقائه أو أفراد عائلته ،فقد كانت بعض األحكام القضائية في فرنسا تؤسس مشروعية
التسريح على أسباب ترجع لشريك العامل أو زوجه وما يمارسه من نشاط ،3ثم تحول البحث إلى
في سلوك العامل ذاته وليس أحد أقاربه.
أقرَت محكمة النقض الفرنسية بوجود السبب الحقيقي والجدي في قيام العامل بارتكاب واقعة
السرقة من أحد العمالء دون أن يكون لعالقة العمل أي صلة بواقعة السرقة ،جاء في الحكم أنه "إذا
كان بحسب األصل ال يمكن تسريح العامل لسبب يرجع لحياته الخاصة ،إال أن األمر يكون على
ذلك حينما يؤدي سلوك العامل إلى اضطراب ملحوظ داخل المؤسسة بالنظر إلى الوظيفة خال
بها والغاية التي تستهدفها المؤسسة".4 المكل
- 2التسريح التأديبي لتأثير الحياة الخاصة للعامل على مصالح المؤسسة
إلى تحقيق مصلحة المؤسسة ،وفي سبيل تحقيق ذلك قد إنَ حسن تسيير نظام التأديب يهد
يستند صاحب العمل في تسريحه للعامل إلى حدوث تعارض بين ممارسة العامل لحياته الخاصة
وبين مصالح المؤسسة وأهدافها ،ولقد ظهر جليا المعيار أو الذي يجب أخذه في االعتبار عند تقييم
أثر ممارسات العامل لحياته الخاصة على حياته المهنية في قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر
بتاريخ 22جانفي.5 1992
حيث أكدَت ما انتهى إليه قضاء الموضوع من أن المؤسسة ،وهي الصلة التي تفصل
أو تربط بين االطارين بالنظر إلى تأثرها من عدمه ،قد أصابها ما ال يمكن تجاهله وااللتفات عنه،
فاإلطار غير المهني وما حدث فيه أثر بوضوح في الثقة واالعتبار التي تتمتع بهما المؤسسة والتي
عملت على توفيرها لكسب ولالحتفاظ بعمالئها ،وأن الحياة الخاصة يمكن النظر إليه كسبب جاد
وحقيقي للتسريح.
1
CHIREZ )A(, La perte de confiance de l’employeur constitue-t-elle une cause réelle et sérieuse de
licenciement, Ch, D.9181, p 193.
2
Cass.soc 30Mars 1982, J.C.P, 1983,ΙΙ, 14029, Note J-E.MONTREDON; C.RADE, op. cit, p 450.
3
Cass.soc 26 Juin.1990, R.J.S, 3/93, p 408.
4
« Si en principe il peut être procédé au licenciement d’un salarié pour une cause tiré de sa vié privée, il en
est autrement lorsque le comportement de l’intéressé, compte-tenu de ses fonctions et de la finalité propre de
l’entreprise a crée un trouble caractérisé au sein de cette dernière ». Voir : Cass.soc 20 Nov.1991, N° de
الملحق رقم pourvoi N° 89-44605, Dr.soc, 1992, p 79. 10
5
Cass.soc 22 Janv.1992, Dr.soc.Avril 1992, p 334.
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
إنَ عدم اإلصطدام بمصالح المؤسسة وأهدافها يحصن اإلطار المهني للعامل ضد أي تدخل
من جانب صاحب العمل ينتهي به إلى تسريح العامل ،ففي حكم آخر لمحكمة النقض أقرت أن
استدعاء العامل ألداء مهمة متعلقة بإطاره المهني في غير أوقات العمل ال يعد انتهاكا لحرمة الحياة
الخاصة ،ذلك أن رفضه أدائها اصطدم بمصالح المؤسسة التي تقوم بتزويد أجهزة آلية ويفترض
متابعتها للجهاز إلى حين تمام تنفيذه لمهامه.
في هذه الدعوى ترتب على رفض مهندس المعلومات تنفيذ أوامر صاحب العمل أن تم
تسريحه ،تمسك العامل بأن تسريحه غير مبرر وال يستند إلى سبب جاد وحقيقي ألن رفضه
الحضور والقيام بالعمل في غير أوقات العمل المتفق عليها يعد ممارسة لحياته الخاصة ،وأن
تسريحه بسبب تمسكه بقضاء أوقات فراغه مع عائلته يعد انتهاكا للمادة 11من القانون المدني
الفرنسي التي تمنع المساس بالحياة الخاصة.
إالَ أنَ محكمة النقض أيدت ما انتهى إليه قضاة الموضوع من أن طلب صاحب العمل ال يمثل
انتهاك للحياة الخاصة للعامل بل أن طلبه يتفق مع اإلطار المهني للعامل ،وأنَ رفض األخير
اإلمتثال لتعليمات صاحب العمل والتمسك بحياته الخاصة يتعارض ويصطدم مع مصالح المؤسسة
ومسؤوليتها اتجاه عمالئها ،1احترام الحياة الخاصة للعامل وحرية ممارستها ال يجب أن يكون سيفا
موجها لصاحب العمل بحيث تتأثر مصالحه سلبا بهذا المبدأ ،حيث يفترض أن يتم تنفيذ االلتزامات
العقدية بحسن نية ،وال ينبغي للعامل بالتالي أن يتمسك بحقه في أال تقتحم حياته الخاصة على نحو
يعكس تعسفه بشأن ممارسة هذا الحق.2
الفرع الثاني
التسريح التعسفي والمساس بالحياة الخاصة للعامل
في استعمال الحق ،ولكن حتى وإن كان يعتبرالتسريح التعسفي أحد تطبيقات نظرية التعس
به لصاحب العمل قانونا ،إال أنه مقيد في استعمالها بضوابط إجرائية التأديب سلطة وحق معتر
وموضوعية ،وكل تجاوز من صاحب العمل لهذه القيود فإنه يعتبر تجاوزا من جانبه ،وهي بمثابة
صاحب العمل.3 ضمانات ضد تعس
إن المستخدم ال يمكنه تسريح العامل لسبب يرتبط بالحياة الخاصة للعامل إال إذا توفر لديه
سبب جدي وحقيقي ،فالتسريح المعتبر تعسفيا هو الذي يتخذ خرقا للقانون الموضوعي ،هذا ما يعبر
الذي خلصت إليه المادة 13 عنه القانون الفرنسي بانعدام السبب الحقيقي أو الجدي ،وهو التعري
1
Cass.soc 27 Nov. 1991, Droit Social, Janv. 1992, p 79.
2خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص 11
3مقني بن عمار ،قواعد اإلثبات في المواد العمالية في القانون الجزائري ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،2191 ،ص .211
219
حماية الحياة الخاصة للعامل
فقرة 4من القانون 99/11التي تنص على أن التسريح الذي يقع خرقا لنص المادة 13يعتبر
تعسفيا ،فمهم ا كانت القاعدة التي تم خرقها جوهرية كانت أو إجرائية فإن التسريح الذي تشير إليه
يعتبر في كل الحاالت تعسفيا.
أوال :امتداد السلطة التأديبية للحقوق الشخصية للعامل
والرقابة والتوجيه وما تعكسه من قيد على الحقوق الشخصية سلطة صاحب العامل باإلشرا
للعامل ترتبط فقط باإلطار المهني ،1وال يحق لصاحب العمل مد نطاقها إلى اإلطار غير المهني ،إذ
للعامل حياته الخاصة يمارسها دون السماح لصاحب العمل باالقتراب منها ،فإذا استند إلى سبب
غير مهني إلنهاء عقد العمل ،فإنه يكون متعسفا في إنهائه ،ومنتهكا للحياة الخاصة له التي يفترض
عدم تأثيرها سلبا على حياته المهنية.2
- 1التسريح التعسفي للعامل والمساس بالحقوق الشخصية
كرَست محكمة النقض الفرنسية من خالل اجتهاداتها المتتالية مفهوما واسعا للحياة الخاصة في
مواجهة صاحب العمل حيث يمنع عليهم تسريح العمال بسبب مستمد من الحياة الخاصة إال بضوابط
العامل لديها ،3من أهم المشاكل التي طرحت أمام القضاء الفرنسي أهمها تأثر المؤسسة سلبا بموق
والتي لها صلة مباشرة بالحقوق الشخصية للعامل تلك المتعلقة بشرط عدم الزواج أو شرط العزوبة
أو يضمن في بعض األنظمة الداخلية للمؤسسات ،اعتبر الذي قد يرد في بعض عقود العمل،
القضاء الفرنسي أن شرط العزوبة بمثابة اعتداء على حق من حقوق الشخصية للعامل ،ومن ثم
يعتبر باطال بطالنا مطلقا ،وأكد بقوة حق العامالت في الزواج التصال ذلك الحق بالنظام العام،
واعتبر أن كل إنهاء لعقد العمل بسبب زواج العامل إنهاءا تعسفيا ،وهذا ما أوضحته محكمة
باريس بقرارها الشهير الصادر في 31أبريل .49193 استئنا
استقرَ القضاء الفرنسي على وجوب الفصل التام بين الحياة المهنية والحياة الشخصية والعائلية
للعامل ،وقد رتب أن كل طرد أو تسريح للعامل له اتصال بحياته الخاصة يعد تعسفيا ،ومن ذلك ما
جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية من أنه يعد غير مشروع تسريح العامل البنه بسب رفضه
التخلي عن زوجته ألن حقوق األبوة ال يمكن لها أن تنعكس على الميدان المهني ،كما قررت أن
طرد عاملة لكون زوجها عضوا نشيطا في إحدى النقابات المهنية طردا تعسفيا ،كما اعتبرت أن
فصل عامل بسبب تطليقه لحفيدة المدير العام للشركة التي يشتغل بها بدوره تعسفيا وغير مشروع.
1
KAYSER (P), Le secret de la vie privée et la jurisprudence civile, Mélanges Savetier, 1965, p 61 .
2زهير حرح ،مرجع سابق ،ص.11
3خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .14
4
Cité par : DESPAX )M( , op.cit, p 12, 13
212
حماية الحياة الخاصة للعامل
يجب أن يرتبط الخطأ التأديبي بمهنة العامل من حيث زمان ومكان العمل ،إذ البد من فصل
الحياة المهنية للعامل عن حياته الخاصة ،1فال يمكن للسلطة التأديبية للمستخدم أن تمتد إلى الحياة
الخاصة للعامل ،بل يجب أن تكون في حدود تبعية العامل للمستخدم.2
على العامل أن يحصن حياته الخاصة لمواجهة أي تدخل من صاحب العمل وذلك بعدم
احداث أي اضطراب بالمؤسسة وعدم معارضة أهدافها ،وهذا ما أخذ به القضاء الفرنسي حينما
قضى بعدم مشروعية فصل العامل في أحد البنوك بسبب عدم توفر سبب جدي وحقيقي للفصل في
قيام العامل باالقتراض أكثر من مرة ،أو في قيامه بتحرير شيكات على نفسه بدون رصيد.3
نفس الحكم أقرته المحكمة العليا بالجزائر في القرار رقم 911111الصادر في
،2111/12/93والذي جاء في حيثياته؛ «....حيث بالرجوع إلى الحكم المنتقد يتبين منه أن قاضي
وبرر حكمه على كون الدرجة األولى حلل بما فيه الكفاية حكمه إذ أنه قد رد على دفوع األطرا
المدعي عليه كان خارج عالقة العمل التي تربطه بالمستخدم إصدار الشيك بدون رصيد من طر
وأشار إلى المادة 13من قانون 21/19المؤرخ في 9119/92/29المتمم والمعدل بالقانون 99/11
الذي يشترط أن تكون األفعال المنسوبة للعامل حتما مرتكبة أثناء العمل حتى تشكل خطأ مهنيا.»...
-2اإلستثناءات المتعلقة بالمؤسسات ذات التوجهات الخاصة
أقرَ االجتهاد القضائي الفرنسي مبدأ التوفيق بين عالقة التبعية للمستخدم والحقوق الشخصية
بحق المستخدم في السلطة التأديبية تارة وحق للعامل ،4ولقد جاءت أحكامه متضاربة بين اإلعترا
العامل في احترام حياته الخاصة تارة أخرى ،كما عمل القضاء الفرنسي على التمييز بين السبب
الخاصة بالمؤسسة لتبرير تسريح العامل،5 الذي يرجع إلى الحياة الخاصة للعامل ،وبين األهدا
حيث نجد أن محكمة النقض الفرنسية في قرار لها أقرت عقوبة تسريح معلمة من مؤسسة تعليمية
كاتوليكية بعد طالقها من زوجها ،إذ كانت المعتقدات الدينية للمعلمة موضوع االعتبار أثناء ابرام
عقد العمل ،6وفي قرار آخر لها أقرت أن تسريح سائق شاحنة بعد توقيفه وهو في حالة سكر أثناء
كان خارج أوقات العمل لما له من تأثير سلبي على القيادة ،بالرغم من أن التوقي
213
حماية الحياة الخاصة للعامل
7
Cass. Soc. 2 Dec. 2003, R.J.S. 2/2004, N° 181, R.T.D ; Janv. 2004, p 29.
1صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .912
2
AGOSTINELLI (X), op.cit, p491 .
3محمد بن حساين ،أي توزازن في قانون الشغل بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية -محمد بوعزيز ،السلطة التأديبية لرئيس
المؤ سسة في قطاع الشغل الخاص بالمغرب ،رسالة لنسل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ،الرباط ،9114-9113 ،ص 293.
214
حماية الحياة الخاصة للعامل
213
حماية الحياة الخاصة للعامل
من هنا يتضح بأنه ال جواز في تأخير الصالة بعذر العمل ،وبالتالي فعلى العامل أخذ جميع
االحتياطات حتى يصلي الصالة في وقتها وفي مكان العمل وجماعة ،وضمن هذه المباديء الشرعية
يحق للعامل المطالبة كغيرها من الحقوق المقررة بتشريع العمل بحق تأدية الصالة في موقتها على
أن يدخل ذلك في فترات الراحة وليس في فترات العمل ،1وعن ابن األثير أن الرسول صلى اهلل
عليه وسلم كان اشتغاله بالصالة راحة له ،ألنه كان يعد غيرها من األعمال الدنياوية تعبا فكان
يستريح بالصالة.2
من بين األحكام القضائية التي قضت بالتسريح التعسفي ألداء العامل الصالة أثناء العمل ما
بالدار البيضاء بالمملكة المغربية في قرارها الصادر قضت به الغرفة االجتماعية لمحكمة االستئنا
بتاريخ 14جوان ،9113حيث رأت أن غياب العامل ألداء صالة الجمعة ال يمكن أن يعتبر خطأ،
فضال على أن يكون جسيما ،ال سيما بعد ثبوت أن إقامة الصالة كان أثناء فترة االستراحة.
الحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية "الحي الحسني" القاضي باعتبار أيَدت محكمة االستئنا
التسريح تعسفي ،حيث جاء في حيثيات القرار ما يلي" :حيث لم يرتكب األجير أي عمل من شأنه
عليه تسهيل الصالة يوم الجمعة بأنه خطأ فضال عن القول بأنه جسيم ،إذ أن المتعار أن يوص
معلل يغني عنه ،وحيث أن الحكم المستأن في بلد مسلم ،واالحتجاج بعدم اإلذن مردود ،فالعر
بما فيه الكفاية من حيث تصريحه بعدم مشروعية التسريح".3
ن
حتى وإن لم نعهد تسريحات بسبب أداء العامل للصالة أثناء العمل في البلدان اإلسالمية ،فإ َ
األمر ليس على هذا النحو بالنسبة للدول التي ال تدين باإلسالم ،والتي قد يلجأ أصحاب العمل فيها
إلى تسريح العمال نتيجة ممارستهم لشعائرهم الدينية ،وهذا ما يواجهه العمال المسلمين العاملين في
الدول غير إسالمية ،من بين القضايا الشائعة في هذا المجال طرد مؤسسة صناعية أمريكية
"كارغيل" لتعبة اللحوم 211عامل مسلم ،بسبب حرصهم على أداء الصالة في وقتها أثناء العمل،
وذلك حسبما أورته صحيفة "التلغرا " البريطانية بتاريخ 12يناير ،2199وقد قام العمال وأغلبهم
صوماليون بتنظيم إضراب عبّروا فيه عن عدم كفاية وقت إقامة الصالة ،وكان مؤسسة "كارغيل" قد
وفرت عام 2111غرفة للعمال المسلمين ألداء الصلوات ،غير الشركة غيرت سياستها بهذا الشأن،
وقد رأى مجلس العال قات االمريكية بأن هؤىء العمال أكفاء ،وأن فقدانهم ألداء الصالة أسوء من
فقدانهم لوظائفهم.4
219
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
Serge FARNOCCHIA, Liberté religieuse du salarié et intérêt de l’entreprise, D.1988, p 546.
2
FARNOCCHIA )S(, op.cit, p 547.
3حول الحجاب الذي تردتديه المسلمات انظر األحكام القضائية اآلتية:
4
Cass. Soc. 22 juillet 1986, n° de pourvoi 82- 43824.
5صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .911-911
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
من أهم القضايا الشهيرة حول إشكالية تسريح العامالت بالبلدان األجنبية بسبب ارتداء الزي
الديني أثناء العمل ،والتي أثارات الكثير من الجدل واالنتقادات ،1قضية العاملة (فاطمة عفي ) التي
رفضت نزع حجابها أثناء العمل ،حيث قررت محكمة النقض الفرنسية أخير بموجب الحكم الصادر
الطاعنة على أساس أن المؤسسة المستخدمة قد سبق لها وأن في 23جوان 2194برفض استئنا
ضمنت النظام الداخلي للمؤسسة شروطا عامة تحد من حرية العاملين في التعبير عن معتقداتهم
الدينية في أماكن عملهم.
أنَ حيث جاء في هذا الحكم القضائي «أنه وفقا للمادة L1121-1و L9329-3من ق.ع.
القيود ا لمفروضة على حرية العامل في إظهار المعتقدات الدينية يجب أن تبررها طبيعة المهمة
وتناسب الغرض ،وحيث أن اللوائح الداخلية للمؤسسة يمكن أن تضع قيودا عامة على الحريات
األساسية ،وحيث أن المؤسسة المستخدمة قد أدرجت في نظامها الداخلي بندا جاء فيه "أن مبدأ حرية
الضمير والدين من كل عامل من العاملين يمكن أن تعيق احترام العلمانية وحياد المبادىء التي
تطبق في ممارسة جميع األنشطة المقدمة سواء في مقر الحضانة أو مرفقاتها" ،وأقرت المحكم أن
قرار تسريح العاملة جاء مبررا لمخافتها هذا البند من النظام الداخلي».
تجدر اإلشارة أن محكمة النقض الفرنسية كانت قد ألغت قرار سابقا بتسريح (فاطمة عفي )،2
أن العاملة فقدت عملها بطريقة تعسفية بسبب ارتدائها للحجاب حيث صرحت في قراراها
االسالمي خالل عملها في دار الحضانة ،واعتبرت فيه أن هذه الدار هي مؤسسة خاصة وأن
العاملين فيها ليسو مطالبين باحترام مبادىء العلمانية والحياد المعتمد فقط في المؤسسات الحكومية،
كما نصت على أنَ النظام الداخلي ال ينص بوضوح تام على منع ارتداء الزي الديني ،غير أن
في اإلحالة بعد النقض أيدت قرارها السابق 3القاضي بتسريح العاملة بموجب محكمة االستئنا
حكمها الصادر في .4 2194
كانت قد أيدت قرار صاحب العمل بتسريح العامل منذ بداية قضية حيث أن محكمة االستئنا
العاملة التي رفضت خلع حجابها خالل عملها بعد عودتها من إجازة األمومة التي تعود لسنة
،2111حيث بلغت هذه القضية أمام المحاكم الفرنسة قرابة األربع سنوات.
1يمكن اإلطالع على مجريات هذه القضية والجدل المثار حولها عبر الموقع اآلتي:
تاريخ االطالع https://www.jdbavocats.com/actualie-droit-sociall2193 /11/91
2
Soc.soc, 19 mars 2013, n° 11 28.645, Bull. 2013, V, n° 75
3
CA .Paris, 27 novembre 2013, n°11-28.845, Bull 2013, V, n° 75
4
Arrêt du 25 juin 2014 n° 612 Assemblée plénière n° de pourvoi1328369 .
تم إدراج هذا القرار في آخر الرسالة في الملحق رقم 11
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
لعلَ الدليل أيضا على شيوع المساس بحياة الخاصة للعامل عند مزاولة العمل في المملكة
المغربية بين الفينة واألخرى من أخبار ،كحالة المضيفة 1بالخطوط المغربية ما تناقله الصح
مديرها المباشر بعد أن ارتدت الحجاب أن صعودها الجوية للمملكة المغربية التي أخبرت من طر
إلى الطائرة بهذا الزي لن تطاله لكونه سيفتح الباب أمام مضيفات أخريات يحدون حدوها.
أثير موضوع التدخل في الحياة الخاصة للعامالت بمنع ارتداء الحجاب في ميدان العمل في
فترة لقت ضجة إعالمية واكبت منع ثالث فتيات مقيمات بفرنسا من دخول المدرسة بدعوى أن
ارتداء الحجاب مساس بعلمانية المكان ،هذا األمر أثار جدال كبيرا أكد على إثره مجلس الدولة
الفرنسي بتاريخ 21نوفمبر 9111أن حمل سترة على الرأس ال يتناقض ومبدأ العلمانية مادام
يشكل ممارسة لحرية التعبير وإبراز لإليمان الديني ،2غير أن القانون الفرنسي رقم 221-2004
منع فيما بعد حمل الرموز أو المالبس التي يتم التعبير من خاللها عن االنتماء الديني داخل
المؤسسات التعليمية.3
- 2التسريح التعسفي بسبب حرية الرأي والتعبير
عديدة فردية كانت أو جماعية يتخذها الشخص تجاه إنَ الحياة الخاصة للعامل تتسع لمواق
4
ذاته أو تجاه الغير،تعكس تفاعله مع من حوله ،فتظهر في حريات عديدة كحرية الرأي والتعبير
التي يمكنه ممارستها سواء داخل المؤسسة أو خارجها.
ال يكمن لصاحب العمل أن يتدخل في حياة العامل الخاصة طالما أنها ال تؤثر على السير
الحسن للمؤسسة أو تعارض مصالحها ،وهذا األمر يمثل ضمانة للحرية الفردية إال أنه ورغم هذا ال
يمكن الفصل المطلق من سائر الوجوه بين الحياة الخاصة للعامل وبين حياته المهنية ،وذلك نظرا
للصفة المستمرة لعقد العمل التي تجعل تأثير حياة العامل الخاصة خارج المهنة على عالقات العمل
أمرا ال يمكن تجنبه.5
1لم تتم اإلشارة إلى هذه الحالة في النقطة المتعلقة بحق ال عامل في اختيار مظهره الواردة في الفرع األول من المطلب الثاني من
المبحث األول من الفصل األول المعنون بحماية الحياة الخاصة للعامل في إطار إبرام عقد العمل نظرا لكون منع العاملة في هذه
الحالة من ارتداء الحجاب لم ينص عليه عقد العمل بل طرأ هذا المنع عند مزاولة العمل وأثناء تنفيذ عقد العمل.
2محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،نفس المرجع ،ص -93علي كساح ،المهاجرون
المغاربيون في فرنسا وإشكالية االدماج ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،الرباط ،9114 -9113 ،ص 911.
3
Loi 2004-228 du 15 Mars 2004, Encadrant, en application du principe de laïcité, le port de signes ou de
tenues manifestant une appartenance religieuse dans les écoles, collèges et lycées public, J.O n° 65 du 17
Mars 2004, p 5190.
4خالد حمدي عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص .41
5صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة وضماناتها في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة ،مرجع سابق ،ص .21
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
1حيث تنص المادة 99منه على أن " كل انسان حر في الحديث والكتابة وفي الطباعة والنشر ،ويمكن أن يتحقق ذلك بطريق
الصحف أو أي وسيلة أخرى ،وله أن يعبر أو ينشر رأيه في اإلطار الذي ال يتعسف فيه في استخدام هذا الحق".
2
TISSOT)O(, La liberté d’expression des opinions politique d’un salarié, Dr.soc, 1994, p353.
3
SAVATIER )J(, La liberté dans le travail, op.cit, p 49.
4
Art L 122-35 du C.T.fr .
5
Art L 120-2 du C.T.fr .
6
WAQUET )P(, Libertés dans l’entreprise, R.J.S, 5/2000, p 342; Jaques DUPLAT, Droit d’expression et
liberté d’expression des salarié dans l’entreprise, Dr. Soc, 2000, p 163.
7صالح محمد أحمد دياب ،التزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفرية ،مرجع سابق ،ص .912
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
حرية التعبير بمعايير ،والتي بناءا عليها في استعمالها ،1وقيد القضاء هذا التعس سوى التعس
متى توفرت في العامل كان متعسفا. 2
تتمثل هذه الحاالت في أن تكون االنتقادات التي وجهها للمؤسسة قد انصبت على أمور
في وجهات النظر تلقائيا بين جوهرية أو على السياسات العامة للمؤسسة ،3وأن يكون الخال
العامل وصاحب العمل ،وأن تتكرر االنتقادات التي أثارها العامل حول نفس الموضوع في مناسبات
مختلفة ،وأن تكون أقوال العامل حادة وعنيفة أو عدائية أو من طبيعتها أن تضر بالمؤسسة.4
-2-2التسريح التعسفي بسبب ممارسة العامل لحرية التعبير
يفرض التشريع الجزائري حماية قانونية للحريات العامة بموجب المادة 34من دستور 9119
التي تعاقب على المخالفات المرتكبة ضد حريات وحقوق المواطنين ،وإلى جانب هذه الحريات
العامة ،تلقى حريات العمل المقررة في تشريع العمل حماية قانونية ،حيث يشترط من أجل شرعية
العقوبة أن ال تمس بالحريات العامة وحقوق العمال.5
ركزت القوانين التي تلت المرحلة االشتراكية على تعميق الديمقراطية في المؤسسة وحرية
الرأي والتعبير ، 6خاصة وأن تلك الفترة كانت بمثابة العصر الذهبي للتنظيم النقابي وقوة التعبير
منها ردع بصفة عامة ،7فال يمكن للمستخدم معاقبة العامل على رأيه أو أن يتخذ ضده عقوبة الهد
العامل عم إبداء رأيه.8
كما أن المشرع الفرنسي بموجب المادة al 2 ،L461-1من ق.ع 9أقر صراحة حماية حرية
العامل في التعبير من أي عقوبة تصدر من قبل صاحب العمل ،فال يمكن له تسريح العامل بسبب
ممارسته لحرية الرأي والتعبير داخل المؤسسة ،غير أن األحكام القضائية الصادرة بهذا الشأن وإن
كانت قليلة إال أنها في مجملها تؤكد على هذه الحرية ،وال تسمح بوضع قيود عليها اللهم إال ما
تقتضيه مصلحة العمل ،10حيث قضى بأن مجرد قيام العامل بالمنازعة في الجزاء الموقع عليه
واستخدامه أللفاظ وعبارات حادة في هذه المنازعة ال يعد تعسفا في استعمال حريته في التعبير،
1
TISSOT (O), Pour une meilleure définition du régime juridique de la liberté d’expression individuelle du
salarié, Dr.soc, 1992, p 951.
2صالح محمد أحمد دياب ،التزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفرية ،مرجع سابق ،ص .133
3
Cass.soc, 16Nov. 1992, Dr.soc, 2000, p 164.
4
Cass.soc, 20 Janv.1993, R.J.S, 3/93, N°293.
5المادة 11من قانون رقم ، 99/11تقابلها المواد في ق.ع.ف L120-35و L122-35و. L122-45
6المواد 21 ،29 ،1من األمر التوجيهي رقم 19-11المؤرخ في 9111 / 11/92المتضمن تسيير المؤسسات العمومية االقتصادية
وخوصصتها.
7محمد الصغير بعلي ،تشريع العمل في الجزائر ،الجزائر ،مطبعة والية قالمة ،9112 ،ص .21
8بن بدرة عفيف ،مرجع سابق ،ص .943
9
Art L461-1 al 2, C.T.fr. « les opinions que le salarie, quelle que soit leur place dans la hiérarchie
professionnelle, émettent dans l’exercice ne peuvent motiver une sanction ou un licenciement».
10صالح محمد أحمد دياب ،التزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفرية ،مرجع سابق ،ص .939
219
حماية الحياة الخاصة للعامل
وبالتالي يغدو تسريحه تعسفيا وغير مشروع ،1والقيود التي ترجع إلى العمل البد أن تبررها طبيعة
المراد تحقيقه ،وهو األمر الذي فرضه المشرع العمل المراد انجازه وال بد أن تتالءم مع الهد
الفرنسي في صلب قانون العمل من خالل نص المادة ،L120-2هذا ما أكدته محكمة النقض
الفرنسية في حكمها الصادر في 94ديسمبر 9111الذي جاء في إحدى حيثياته "أن محكمة
بها للعمال إذا كانت على حق في أن العامل يمكنه التمسك بحرية التعبير المعتر االستئنا
المنصوص عليها في المادة ( )L461-1من قانون العمل والذي يمارس فقط في إطار االجتماعات
تجاهلت فيما عدا حالة التعس المشتركة المنظمة في مكان وزمان العمل ،إال أن محكمة االستئنا
فإن العامل يتمتع بحريته في التعبير داخل المؤسسة وخارجها وال يمكن أن يقيده في ذلك إال قيود
تبررها طبيعة العمل المراد انجازه.2"...
إذا كانت حقوق االنسان وحرياته األساسية للعامل مالزمة لصفته ،وال يجوز التنازل عنها،3
فإن ولوج المؤسسة التي يتمتع المستخدم داخلها بسلطة تنظيمية وتأديبية ،يطرح إشكالية إمكانية
التنازع بين هذه السلطة والحقوق والحريات األساسية ،4في هذا اإلطار نصت المادة 11من مدونة
الشغل المغربية على منع كل مس بالحريات والحقوق المتعلقة بالممارسة النقابية داخل المؤسسة
وفق القوانين األنظمة الجاري بها العمل ،وكل مساس بباقي الحقوق كحرية الرأي السياسي
مبدأ تكافؤ الفرص ،أو عدم المعاملة بالمثل فيما واالنتماء النقابي الذي من شأنه خرق أو تحري
يتعلق بالتسريح ،غير أن ممارسة العامل لحقوقه وحرياته واألساسية ال ينبغي أن يتجوز الحدود
الناجمة عن طبيعة الحق أو الحرية الممارسين.5
في نفس الوقت تخضع فيه سلطة المستخدم في مواجهة تجاوز العامل للحدود المذكورة لرقابة
مدى وجود سبب موضوعي وحقيقي وجدي للتسريح ،6من خالل مراقبة مدى استعماله الموضوعي
والمبرر والمالئم والمحايد لسلطته في تسيير المؤسسة ،7اتجه القضاء المصري الى اعتبار أن
اآلراء السياسية للعامل ال تبرر تسريحه إال إذا كان لها أثرها على عقد عمله ،وكان من
شأنهااإلضرار بمصلحة العمل.8
1
Cass. Soc, 8 Juin 1991, RJS, 5/2000, p 343.
2
Cass. Soc, 14 Déc.1999, RJS, 2/2000, N°192.
3
RIVERO )J(, les libertés publiques dans l’entreprise, op.cit, p 421.
4
BOSSU )B(, Droit de l’homme et pouvoir du chef d’entreprise, vers un nouvel équilibre, op.cit, p 748 et s.
5
VERDIER )J-M(, Libertés et travail-Problématique des droits de l’homme et rôle du juge, Chr, N°17,
D.1988, p 63.
6عادل العشابي ،مرجع سابق ،ص .13
7
BOSSU )B(, op.cit, p 751.
8محكمة استئناف القاهرة ،قضية رقم ،9134لسنة ،9111في 99جوان ،9119مجموعة عصمت الهواري ،ج ،2ص ،394مذكور في:
صالح محمد أحمد دياب ،التزام العامل باألمانة واالخالص في عالقات العمل الفرية ،مرجع سابق ،ص 219.
212
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفصل الثاني
ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل في العمل
تظهر الحياة الخاصة إلى جانب الحياة المهنية في وقت ومكان العمل في ظل عالقة التبعية
التي تضع العامل تحت سلطة صاحب العمل وتخضعه ألوامره وتوجيهاته ،وتتقلص حرية العامل
في فعل ما يريد ،بينما ال يكون لصاحب العمل أن يتدخل في الحياة الخاصة للعامل ،ذلك أن العامل
رغم وجو ده في مكان وزمان العمل إال أنه يزل يحتفظ بذاته كانسان وبقدر من الخصوصية تالزمه
حتى في مكان العمل.
أصبح مفهوم الحياة الخاصة للعامل في قانون العمل سيما في فرنسا مفهوما معروفا ،فرغم
وجود عالقة التبعية التي تربط العامل بصاحب العمل إال أن األول يظل يحتفظ بقدر من اإلستقالل
المؤسسة التي يعمل فيها وطبيعة العمل الذي يؤديه ،وقد اتجه ضيقا واتساعا بحسب ظرو يختل
القضاء الفرنسي لحماية الحياة الخاصة وحاول التوفيق بين مقتضيات العمل ومتطلبات المؤسسة من
ناحية وحرية العامل في ممارسة حياته الخاصة من ناحية ثانية.
قطع التشريع والقضاء الفرنسيين شوطا كبيرا في حماية الحياة الخاصة للعامل من خالل
إقراره لعدة ضمانات قانونية وقضائية لمواجهة اإلعتداءات التي قد تطال حرمة الحياة الخاصة
للعامل سواء كانت اعتداءات بسيطة أو جسيمة ،من خالل مراقبة العامل لعماله سواء بوسائل
تقليدية أو وسائل تكنولوجيه حديثة التي باتت تشكل خطرا على الحياة الخاصة للعامل في أماكن
العمل.
نلقي الضوء على أهم هذه الضمانات على النحو التالي؛ المبحث بناء على ما تقدم سو
األول نتناول فيه الضمانات القانونية لحماية الحياة الخاصة للعامل ،أما المبحث الثاني فنخصصه
لدراسة الضمانات القضائية لحماية الحياة الخاصة للعامل.
213
حماية الحياة الخاصة للعامل
المبحث األول
الضمانات القانونية لحماية الحياة الخاصة للعامل
إنَ مراقبة العامل في أدائه العمل المنوط به تتم بحسب األصل داخل المؤسسة التي يعمل بها،
فذلك هو المكان المخصص ألداء العمل وفي إطاره تمارس سلطات صاحب العمل في مواجهة
به ،سواء كانت مراقبة عادية العامل ،ومنها سلطته في مراقبة أداء العامل في تنفيذ العمل المكل
أو مراقبة الكترونية.
كما أنَ الوسائل التقنية الحديثة المستخدمة لهذا الغرض قد تكون في كثير من األحيان مصدرا
لإلعتداء عل ى الحياة الخاصة للعامل ،مما يقتضي البحث في مدى الحماية القانونية التي يكفلها
القانون للعامل في مثل هذه الحاالت 1ومقارنتها مع التطبيقات القضائية ،من خالل التطرق إلى
الضمانات الكفيلة بحماية الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطة صاحب العمل (المطلب األول)
الضمان ات التي تكفل حماية الحياة الخاصة للعامل في مواجهة الوسائل التكنولوجيا الحديثة (المطلب
الثاني).
المطلب األول
ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل في مواجهة سلطة صاحب العمل
إنَ عالقة العمل وإن كانت تضع العامل تحت رقابة صاحب العمل إعماال لمبدأ التبعية القانونية
الذي يخضع بمقتضاه العامل لسلطة صاحب العمل وإشرافه ،فإن ذلك ال يعني تنازال كليا من العامل
عما يدخل في دائرة حياته الخاصة.2
العامل بمجرد التزامه بتنفيذ ما اتفق عليه ،فإنه يتحمل عناصر ال مفر منها في حياته الخاصة
في مكان عمله ،ومع ذلك ال بد أن توفر الحماية والحد من نطاق التبعية ،من خالل ضمانات قانونية
تكفل حماية حرمة الكيان المادي والمعنوي للعامل داخل أماكن العمل ،ووضع قيود على سلطة
صاحب العمل بما يضمن احترام الحياة الخاصة داخل اإلطار المهني.
الفرع األول
ضمانات حماية السالمة البدنية للعامل
إ ن التأكيد على وجود ألفة الحياة الخاصة للعامل في زمان ومكان العمل ،يقتضي المحافظة
على حرمة جسمه أوال ،التي تعني منع أي تدخل فعلي يمس سالمته البدنية ،وينبغي تأمين سـرية
214
حماية الحياة الخاصة للعامل
حالته الصحية ،فحق العامل في السالمة البدينة يحتل الصدارة في عالقة العمل.1
هذا ما أكد عليه المشرع الجزائري في المادة 9من القانون 99/11التي نصت على أنه
"يحق للعمال أيضا في إطار عالقة العمل....احترام السالمة البدينة والمعنوية وكرامتهم" ،وهو حق
شخصي يسمح للعامل بحمايته ضد سلطة صاحب العمل ،وأهمية هذا الحق تدعونا لبحث حماية
العامل ضد التفتيش الجسدي (أوال) ،وحماية سرية الحالته الصحية (ثانيا).
أوال :حماية العامل ضد أي تفتيش جسدي
يعتبر الحق في حرمة الكيان الجسدي مظهر من مظاهر الحياة الخاصة ،2يحظى بحماية
القانون الذي يعاقب على أي مساس به ،3حيث يضفي على الجسم حرمة معينة تجعله في مأمن من
االنتهاك ،4ويتجه الفقه إلى اعتبار أن األلفة الجسدية تشملها أيضا الحماية القانونية.5
هكذا فإن التبيعة التي تميز العالقة بين صاحب العمل والعامل ،غالبا ما تقيد هذا األخير
من قبل صاحب العمل ،ومع هذا كانت حماية جسم جسديا وتجعل جسم العامل موضع تصر
العامل أث ناء العمل محل اهتمام قوانين العمل والعديد من االتفاقيات الدولية واألوروبية ،التي تمثل
تحديا في ضمان حماية الحقوق والحريات في مجملها دون تحديد لإلطار الزماني والمكاني للعامل.6
-1حاالت التفتيش الجسدي للعامل
اعتمدت التشريعات عدة قوانين لحماية التفتيش الجسدي من خالل تبنيها لالجتهادات القضائية
في هذا المجال سواء أمـام القضاء العـادي أو اإلداري الذي فرض قيـود قـواعد محددة ضـد
213
حماية الحياة الخاصة للعامل
التفتيش الجسدي.1
تعتبر اشكالية التفتيش الجسدي من أهم قضايا حقوق وحريات االنسان ،ولذا فإن لجوء
استثنائية ،ال سيما صاحب العمل إلى التفتيش الجسدي للعامل ال يمكن تبريره ،إالَ إذا حلّت ظرو
مخاطر وقوع هجمات ،أو مخاطر تتعلق بالسرقة مثلما هو وموجود في المؤسسات التي تصنع
أو تستعمل مواد ثمينة ،وفيما يلي دراسة ألهم الحاالت التي قد يتم فيها مراقبة جسم العامل داخل
أماكن العمل.
- 1- 1مراقبة جسم العامل عن طريق أجهزة المراقبة
إنَ التفتيش اإلداري هو أحد صور التفتيش الوقائي الذي يتم باالتفاق بين من يقع عليه التفتيش
وبين القائم به أو من ينوب عنه ،والحقيقة أن مثل هذا التفتيش يستمد صحته من رضا صاحب
الشأن ،2كما هو الحال في تفتيش عمال المصانع ونحوها عند مغادرتهم أماكن عملهم.3
قد يضطر العمَال إلى الخضوع إلى الفحص األمني والجسدي السيما في المؤسسات التي
تتعامل مع األموال أو المواد الثمينة والمهددة بالسرقات ،فقد عمدت بعض المؤسسات بدعوى تكرار
السرقات إلى اعتماد بعض األنظمة في المراقبة تعمل على التفتيش الجسدي للعمال أثناء الدخول
والخروج من أماكن العمل.
أكدَت أغلب التشريعات أن أي إجراء يمس حرمة جسم االنسان كأحد عناصر الحياة الخاصة
وال تبرره المصلحة العامة يكون باطال بطالنا مطلقا بكل ما يترتب على ذلك من أثار أهمها منح
المعتدي الحق في المطالبة بالتعويض النتهاك خصوصياته 4على أساس المسؤولية التقصيرية التي
ساهمت في تطور حماية الحق في حرمة الجسم ليس في محل إقامته فقط وإنما كذلك في مكان
عمله.5
كان للقضاء الفرنسي دور في حماية جسم العامل من مثل هذه األجهزة في المراقبة بمناسبة
دعوى أقام ها أحد العمال في مواجهة صاحب العمل الذي قام بوضع أجهزة إلكترونية حديثة ظاهر
1يتدخل القاضي اإلداري عند النظر في إساءة استعمال السلطة من طرف مفتش العمل ،فيما يتصل بطلبه المتضمن إلغاء أحد
الشروط في النظام الداخلي للمؤسسة طبقا للمادة ( )L122-37من قانون العمل ،بينما يتدخل القاضي العادي عند وجود نزاع حول
التدابير التأديبية المتخذة حيال العامل طبقا للنظام الداخلي أو حول أي قرار تنظيمي آخر متنازع على شرعية ،انظر :بيو خالف،
المرجع السابق ،ص .11
2سامي الحسني ،النظرية العامة للتفتيش في القانون المصري والمقارن ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،9119 ،ص.11
3أكرم نشأت ابراهيم ،سلطة التفتيش الجنائي في القانون العراقي ،بدون دار نشر ،بغداد ،9191 ،ص .22
4محمود عبد الرحمن محمد ،نطاق الحق في الحياة الخاصة ،مرجع سابق ،ص .211
5سعيد السيد قنديل ،التأثير المتكامل للمسؤولية التقصيرية على الحقوق الشخصية دراسة مقارنة ،دار الجامعة الجديدة،
االسكندرية ،2194 ،ص . 34
219
حماية الحياة الخاصة للعامل
كل العمال ولكنها في الوقت ذاته تمكن من كش الغرض منها مراقبة أوقات حضور وانصرا
جسم االنسان من خالل أشعة خاصة غير ضارة.1
جاء الحكم ليقرر أن قيام صاحب العمل بمثل هذا اإلجراء دون الحصول على إذن سابق من
العامل وموافقته على ذلك يشكل خطأ في جانب صاحب العمل ،ومساسا بحق العامل في احترام
جسمه خاصة وأن لدى األول الوسائل غير الماسة بالجسم ما يمكنه من رقابة الحضور
واالنصرا .2
ساهم هذا القضاء ودوره في التدخل من جانب المشرع الفرنسي ليؤكد على ضرورة الموافقة
المسبقة واإلذن من الشخص ،لتدخل مثل هذه األجهزة المعلوماتية التي تمس حقه في احترام جسمه
وذلك من خالل القانون رقم 119الصادر بتاريخ 2114/11/19المعدل لقانون المعلوماتية
والحرية.3
التشريع الجزائري في ما يخص تفتيش العمال جسديا يظهر أنه لم يتعرض أما عن موق
لهذه المسألة ،أما في الواقع العملي نجد العديد من المؤسسات تمنع تفتيش العمال جسديا ،وتكتفي
بتفتيش لوازمهم إذا اقتضى األمر.
في هذا المجال ينص النظام الداخلي لمؤسسة اتصاالت الجزائر في المادة 33منه على أنه
«تحتفتظ هيئة السلم اإلداري بحق القيام بفحص األشياء التي يأخذها العمال معهم ،وذلك ألسباب
أمنية ملحة أو في حالة السرقة الثابتة في بناية من بنايات المؤسسة ،وعليه يتم الفحص بأبواب
الهيئة عمال المراقبة المؤهلين قانونا في هذا السياق من طر الخروج من مكان العمل من طر
السلمية ،التي تدعو المعنيين إلى تقديم مضمون لوازمهم و /أو فتح سياراتهم ،ال يتم اللجوء إلى
عمليات الفحص الجسمانية االلزامية».4
يتضح من خالل نص المادة 33من النظام الداخلي لهذه المؤسسة أنها تشمل على تناقض من
جهة تحظر التفتيش الجسدي للعمال ،ومن جهة ثانية تقر بإلزاميته ،ومن خالل تفحص مواد النظام
الداخلي األخرى لم نعثر على أي نص يتناول الفحوص الجسدية اإللزامية.
1
Agathe LEPAGE, Lautre MARINO et Christoph BIGOT, Droit de la personnalité, panorama, 2004-2005, p
2643.
2
Cass.soc, 19 Avril 2005, , RJS, 5/2005, p 200.
3
Loi n°2004-801 du 6 août 2004, JORF 7 août 2004, relative à la protection des personnes physiques à
l'égard des traitements de données à caractère personnel et modifiant la loi n° 78-17 du 6 janvier 1978
relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés.
4المادة 33من النظام الداخلي للمؤسسة العمومية االقتصادية اتصاالت الجزائر ،المودعة لدى مفتشية العمل بالشـراقة ،الجزائر
العاصمة ،بتاريخ 13جويلية 2114تحت رقم ،2114/244ولـدى كـتابة ضبط محكمة الحراش بتـاريخ 11ماي .2194
مـلحق رقم .11
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
Circulaire DRT n°5-83 du 15 mars 1983 relative à l'application des articles 1 à 5 de la loi du 4 août 1982
concernant les libertés des travailleurs dans l'entreprise.
2
Arrêt n°06361 du Conseil d'Etat du 1er février 1980 - Peinture Corona, Publié au recueil Lebon.
3
Alain BAQUET, Règlement intérieur et libertés publique, Conseil d’état, 1 Février 1980, conclusion du
commissaire du gouvernement, Dr.soc, 1980, p 310.
4
Circulaire n° 96721 du 12 Nov.1990, Cie des signaux électrique liaisons sociales, 1991, l’Igis, n° 6516, p5.
5
Cass. Soc, 22 Mai 2002, Dr.soc, Juillet 2002, p 781.
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
توقيفه أثناء قيادته خارج توقيت العمل في حالة سكر ،لما يشكله هذا الفعل من خطر على ممتلكات
المؤسسة.1
يقع على عاتق صاحب العمل االلتزام بمنع دخول أو إقامة أشخاص في حالة سكر في
المؤسسة وفقا اللتزامه بتوفير األمن داخل أماكن العمل ،2ويعتبر التشريع الجزائري في القانون رقم
21/19المؤرخ في 29ديسمبر 9119أن تناول الكحول داخل أماكن العمل خطأ جسيما يترتب
عليه التسريح التأديبي.3
إذا كان احترام السالمة البدنية للعامل محمياً ضد سلطة المستخدم ومقتضيات العمل من خالل
الضمانات القانونية التي يوفرها قانون العمل ،عمال وتطبيقا للمبادئ الدستورية التى تضمن أي
مساس بالسالمة البدنية والمعنوية لإلنسان ،4فهل تحظى سرية الحياة الصحية للعامل بنفس حماية
حرمة الجسم؟
- 2شروط التفتيش الجسدي للعامل
يجب على صاحب العمل توفير ضمانات صارمة لصالح العمال في حالة اللجوء إلى التفتيش
الجسدي سواء من خالل أجهزة مراقبة أو من خالل رصد نسبة الكحول في الدم ،من خالل تقييده
عند الجوء إلى هذه الممارسات ببعض الشروط القانونية التي تكون مخالفتها من قبل صاحب العمل
في صالح العامل ،وتتمثل هذه الشروط في ما يلي:
-يجب على صاحب العمل إعالم العمال مسبقا ،بإمكانية اللجوء إلى عمليات التفتيش التي يجب أن
تدرج في نصوص النظام الداخلي للمؤسسة ،وفي إطار المحافظة على قواعد الصحة وأمن
والذي يضبط قواعد المراقبة.
-يشترط عند اللجوء إلى إجراء اختبار الكحول في الدم وكذا التفتيش الجسدي بضرورة حضور
شاهد وبموافقة العامل ،وهذا األخير يجب انذاره من إمكانية تهرب من المراقبة ،وعليه تحمل
نتائج قراره.
تسمح بالمحافظة على كرامة وحيـاء العامل، -يجب أن تجرى عمليات التفتيش في ظل ظرو
1
Cass. Soc. 2 Déc. 2003; N° de pourvoi: 01-43227, Bulletin 2003, N° 304, p 307.
2
Art L 232-2 du C.T.fr.
3نص المادة 13المعدلة بموجب القانون 21/19المؤرخ في 29ديسمبر ،9119المعدل والمتمم للقانون 99/11المتعلق بعالقات
العمل ،ج.ر ،عدد ،91بتاريخ 23ديسمبر .9119
4المادة 33من الدستور الجزائري لسنة 9119التي تنص تعاق ب على كل المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات وعلى كل ما
يمس السالمة البدنية والمعنوية.
211
حماية الحياة الخاصة للعامل
وعليه فالتفتيش الجسدي الذي يقم به رجل على امرأة يعتبر مفرطا في حقوق األشخاص وانتهاكا
لحرمة الحياة الخاصة.1
العامل المشتبه فيه في ارتكابه للسرقة أن يشترط فيما يخص التفتيش الذي يجرى الكتشا -
ضابط الشرطة القضائية.2 يتم من حيث المبدأ من طر
في حالة عدم توفر هذه الشروط مجتمعة ،فإن للعامل الحق في أن يعترض على التفتيش
الجسدي لما يشكله من خطورة على حرمة جسمه ،ومساس بحقه في حرمة الحياة الخاصة.
أقرت محكمة النقض الفرنسية في القرار السابق ذكره الصادر بتاريخ 22ماي ،2112أن
مثل هذه المراقبة يمكن أن تستخدم لتبرير اتخاذ عقوبة تأديبية ،بشرط أن تسمح للعامل بمعارضة
إجراءات هذه المراقبة ،حيث يمكن تعيين أشخاص مخول لهم إجراء التفتيش أو حضور شخص
ثالث ،كما يمكن أيضا طلب إجراء خبرة مضادة ،كما أن األدلة التي يتم االعتماد عليها من خالل
هذه اإلجرءات من المرجح أن تكون مقبولة كدليل لتوقيع عقوبة تأديبية ،غير أن التسريح التأديبي
المؤسس على مثل هذه األدلة يعتبر تسريحا بدون سبب جدي وحقيقي.3
ثانيا :حماية الحالة الصحية للعامل
إن جسم العامل هو النقطة األساسية ألداء عمله ،وأي نقص يصيبه يؤثر بشكل مباشر على
أداء المؤسسة ،وهذا ما يشكل عبء عليها ال يمكنها تحمله في سياق المنافسة العالمية الصعبة فقد
يتعرض العامل في أي وقت لخطر انتهاك سرية حالته الصحية التي هي صميم حياته الخاصة
بحجة المحافظة على صحته نفسها.4
- 1حماية سرية الحياة الصحية للعامل أثناء الفحوص الطبية
في المجال الطبي أصبح المساس بحرمة الجسم في تزايد فاضح بسبب تطور أساليب البحث
العلمي وتقنياته الدقيقة والمعقدة خاصة الدول المتقدمة ،هذا ما دفع الفقه إلى استنكار اللجوء إلى مثل
هذه الوسائل لمساسها بحرمة جسم االنسان وانتهاكها لحرمة الحياة الخاصة له.5
بطبيعة الحال ارتفعت أصوات الرأي العام مستنكرة اللجوء إلى هذه الوسائل الماسة بجسم
االنسان المادي والنفسي وبحرمته ،وصل دويها إلى حد الهيئات الدولية المتكفلة بعالم الشغل منذ أمد
بعيد يعود إلى السبعينات.1
1لقد جرى العرف في مجال الجزائي إذا كان الشخص المراد تفت يشه امرأة أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى تنتدب لذلك احتراما
للحياة الخاصة للمرأة ،واتجه الفقه الى اعتبار هذا األمر من النظام العام ،انظر :وهاب حمزة ،الحماية الدستورية للحرية
الشخصية ،دار الخلدونية ،2119 ،ص .911
2بيو خالف ،مرجع سابق ،ص .11
3
Cass. Soc, 22 Mai 2002, Dr.soc, Juillet 2002, p 781.
4
JOSEPH)D(, L’état de santé, élément de la vié privée du salarié, Dr, 1990,France, p380.
5صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص 212.
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
في الواليات المتحدة األمريكية ،إذ قدمت لجنة الوظيفة العامة الفدرالية تأكد هذا التخو
تقريرا عن نتائج الفحوص إلدارة شؤون العاملين ،الذي يهدد بشكل خطير الحق في احترام الحياة
الخاصة.
كما أبدى بعض األخصائيين تألمهم من هذا االنتهاك خالل عالقات العمل بواسطة هذه
الفحوص ،وما ينجر عنها من مساس بحرمة جسم العامل ،إلى درجة اقتراح الكثير من هؤالء
بعض هذه الوسائل الماسة بشكل عميق بالحياة الخاصة جراء إجراء هذه األخصائيين حذ
الفحوص ،وكذا إخضاع العمال بإرادتهم الحرة وبرضاهم التام والصريح للبحوث والفحوص التي
تجرى حول بعض بعض العمل في محيط العمل.2
مع ذلك ال يمكن أن يتعارض الحق في حرمة الحياة الخاصة للعامل مع قيام طبيب بإجراء
فحص العامل للتأكد من قدراته على أداء عمله ،حيث نجد أن التشريع الفرنسي أقر من خالل نص
الفحوصات الالزمة للكش المادة ( )R241-52من ق.ع على أنه «يمكن لطبيب العمل أن يص
عن هذه األمراض دون موافقة عن األمراض التي تتعارض مع منصب العمل» ،3وقد يتم الكش
العامل.
تم طرح إشكالية حول ما مدى إمكانية فرض فحص روتيني على العامل المريض ،وعما أذا
عن سرية حياته الخاصة ،ولقد بزت هذه كان بإمكان العامل م عارضة طبيب العمل في الكش
اإلشكالية مع انتشار مرض نقص المناعة البشرية المكتسب (اإليدز).
بها للطبيب تخول له سلطة إجراء اختبار طبي روتيني على الظاهر أن الشرعية المعتر
جميع العمال ،ما عدا ذلك الذي يمس بالحق في الحياة الخاصة للعامل بطريقة غير مالئمة ،حيث
أن تكون خطورة المرض ثابتة ،4وبالتالي تحديده يشترط في مثل هذه الحالة إلجراء اختبار الكش
انطالقا من منصب العمل المشغول ومن خالل طبيعة نشاط المؤسسة أيضا.5
- 3حماية صحة العامل من الممارسات المهنية الخطرة
أصبح من المستق ر عليه طبيا ومهنيا أن هناك أعمال وأشغال وصناعات عديدة من يشكل
العمل بها أو ممارستها تعريض القائمين بها لعدة أخطار جسمانية وأضرار صحية وأمراض مهنية.
1تقرير المدير العام لمكتب العمل الدولي في تقريره المقدم إلى مؤتمر العمل الدولي الخاص ب" التقنيات في خدمة الحرية
واالنسان ومحيطه" في دورته الخامسة ،في جنيف ،عام ،9112ص من 34إلى ص.39
2
RAVANAS (J), La protection de personnes contre la réalisation et la publication de leur image, Thèse,
AIX-en Provence, France, 1994 p 49.
3
L'article 241 52 du C.T .fr.
4في حالة األمراض الخطيرة والمعدية ،وفي هذا المجال نصت المادة 34من قانون حماية الصحة وترقيتها رقم 13/13المؤرخ
في 9113/14/99المعدل بالقانون رقم 91/11التي تنص على أنه « يجب على أي طبيب أن يعلم فورا المصالح الصحية المعنية
بأي مرض معد شخصه».
5
JOSEPH (D), op.cit, p384.
319
حماية الحياة الخاصة للعامل
لذا حرصت أغلب التشريعات على منح وتقرير ميزات تأمينية خاصة للعاملين في هذه
األعمال الخطرة والضارة ،بعد أن ثبت علميا أن إجرءات الصحة والسالمة المهنية قد أصبحت
عاجزة عن توفير الحماية الصحية الكاملة لمن يمارسون هذه األعمال ،ومن هنا كان حرص الدول
على اختالفها وخاصة المتقدمة منها على ضرورة توفير ميزات خاصة للعاملين في هذه األعمال.1
تهتم التنظيمات القانون ية المختلفة بالنظر إلى الجوانب المختلفة لإلنسان ،ويعتبر العنصر
المادي له وهو الجسم الذي يكون محل معاملة محل اهتمام خاص ،ال سيما عندما يكون موضوع
اتفاق خاص مثل عقد العمل ،حيث يلتزم العامل في أغلب األعمال ببذل الجهد البدني.
أمَا قانون العمل فقد نشأ أل سباب إنسانية ،بعدما أصبح العامل بوصفه إنساناً مضطراً للعمل
عند أصحاب رؤوس األموال ،ولما كانت تلك العالقة غير متكافئة فقد أدى ذلك إلى استغالل
أصحاب األعمال للعمال من أجل زيادة اإلنتاج دون اإلكتراث لما قد يصيب العامل من أضرار
طالما أن ذلك سيؤدي إلى تنمية رأسماله وتحقيق الربح.
إلن عالقة العمل تلك ال تسعفها القواعد العامة التي تحكم العقد ،والتي وضعت للمعامالت
المالية ،فهي تقوم علي اإلستفادة من جهد اإلنسان وقوته وتمس جسمه وصحته وحالته النفسية ،ومن
ال للتدخل في حياته الخاصة.2
ثم تعد مدخ ً
يحظى جسم العامل بالحماية القانونية ،التي تضمن حيث تنص المادة الرابعة من االعالن
العالمي لحقوق االنسان على أنه ال يجوز إخضاع أحد للرق أو العبودية ،حيث سعت منظمات
الدولية التي تحمي حقوق العامل إلى ضمان سالمة وكرامة العامل من خطر العمل القسري
أو الجبري.3
في هذا الصدد أشار تقرير عن هيئة األمم المتحدة بأن العمل القسري أو االستعبادي هو
مشكلة عالمية تمس اليوم جميع بلدان العامل ،1وأكد على حرية الفرد في كرمة بدنه وتحرره من
القسر والقهر.2
1محمود سالم ،األعمال الشاقة أو الضارة أو الخطرة والميزات التأمينية ،مجلة العامل ،عمان ،ص .391
2صالح العتيبي ،الحق في الخصوصية في مواجهة التشريعات الوطنية-حماية حياة العامل الخاصة في قانون العمل الكويتي،
مداخلة أثناء المؤتمر العلمي القانوني الثاني لكلية القانون الكويتية العالمية حول "التحديات المستجدة للحق في الخصوصية"،
بتاريخ 99/93فبراير ،2193متاح على الموقع اآلتي ، http://kilaw.edu.kw/ :تاريخ االطالع.2193/11/12 :
3اإلتفاقية رقم 21و 913لسنة 9131الخاصة بالسخرة أو العمل القسري الصادرة عن منظمة العمل الدولية ،حيث تعرف
االتفاقية رقم 21في مادتها الثانية العمل القسري على أنه " :كل عمل أو خدمات تغتصب من أي شخص تحت التهديد بأية عقوبة
ولم يتطوع الشخص بأدائها من محض إرادته".
1
Patrick Belser, Michaelle de Cock and Farhad Mehran, ILO minimum estimate of forced, labour in the
world, International Labour Organisation, 2005, p 8.
2
تاريخ االطالعDOUGLAS , The privacy opinion of Justice, cite internet: www.jstor.org2193/11/12 :
312
حماية الحياة الخاصة للعامل
التشريع الجزائري لم يعالج موضوع العمل القسري ضمن نصوص قانون عالقات العمل رقم
، 99/11أما مشروع قانون العمل الجديد فقد بادر بتنظيم هذا النوع من العمل في الفصل العاشر
منه في المواد م 931إلى ،3991حيث عرفت المادة 931منه العمل القسري على أنه «أي عمل
أو خدمة تغتصب من من أي شخص تحت التهديد بأي عقوبة ،وأنها لم تنفذ طوعا» ،فيما أكدت
المادة 991على حظر العمل القسري والمعاقبة عليه وفقا ألحكام هذا المشروع ودون االخالل
بأحكام قانون العقوبات.
يتجه الفقه إلى اعتبار أن كل ما يخص الجسم يدخل ضمن الحياة الخاصة ،خاصة ما يتعلق
بمسألة الحياء والحساسية ،4وأن الحق في حرمة الجسد يشمل عدم المساس بسالمة وأمن الجسم،5
وتدخل هؤالء الفقهاء 6يؤكدوا على ضرورة الحماية القانونية لجسم االنسان وحالته الصحية ،العقلية
والجسدية.
أوجد االجتهاد القضائي بعض التوازن بين الحق األساسي للعامل في احترام حياته الخاصة،
ومتطلبات المؤسسة فيما يتعلق بالمحافظة على العامل ضد أي تدخل في حرمة جسمه في عالقات
العمل ،ومع ذلك فإن من الصعوبات التي يواجهها سوق العمل واألزمة االقتصادية تبرر هذا
بالمخاطر. التوازن المحفو
المشرع الجزائري بدوره ألزم أصحاب العمل باتخاذ كافة التدابير المناسبة لضمان الوسط
الذي يعمل فيه العامل ،7غا ية المشرع من إقرار هذه الحماية هو مراعاة صحة العامل التي كان لها
نصيب من الحماية الدولية.8
الفرع األول
ضمانات حماية حرمة السالمة المعنوية للعامل
باعتبار عنصري التبعية وأداء العمل من أهم العناصر المكونة لعقد العمل ،فإنه ينتج عن ذلك
آثار ذات أهمية بالغة ،أهمها مسؤولية المستخدم عمّا يصيب عماله من أخطار أياً كان نوعها ،ألنه
313
حماية الحياة الخاصة للعامل
ملزم بتوفير كل سبل السالمة البدنية والمعنوية بل وحتى األخالقية ،والتي هي من أهم حقوق
العمل.
لعلَ هذا ما لخصته المادة 9من القانون 99/11في قولها" :يحق للعمال في إطار عالقة
العمل...احترام السالمة البدنية والمعنوية وكرامتهم" ،وأيضا ما تضمنه نص المادة 399من
مشروع قانون العمل الجديد بأنه «...يحق للعامل حماية صحته وسالمته الجسدية والنفسية ضد
جميع المخاطر المهنية التي قد يتعرضون لها في عمله».
من أبرز األخالق التي ينبغي على صاح ب العمل الحرص عليها وااللتزام بها احترام العامل
يتسبب في مهانة وتقدير كرامته اإلنسانية ،ومعاملته بالرفق واللين واجتناب كل سلوك أو تصر
أو مذلة له ،أو يمس بسالمته المعنوية.
لصاحب العمل في رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أسوة األسوة والقدوة الحسنة في معاملة
العمال ،فعن أنس بن مالك رضي اهلل عنه أنه قال " خدمت النبي صلى اهلل عليه وسلم عشرين سنة،
فما قال لي :أ ،وال :لم صنعت؟ وال :أال صنعت؟".1
تحظى السالمة المعنوية بالحماية في كل التشريعين اإلسالمي والوضعي ،باعتبارهما قاسما
مشتركا وضرورة حتمية لحماية السالمة البدنية ،ويضاهي القصد إلى حفظ هذا النوع من السالمة
القصد لحفظ البدن ،ولها دور في تقييد الحريات ومساهمة فعالة في درأ االعتداء على الحياة
الخاصة ،وتتعد جوانب السالمة المعنوية للعامل التي ال يمكن حصرها ،وحاولنا من خالل هذا
الفرع جمع بعض النقاط في نماذج تمس بحرمة السالمة المعنوية للعامل لما تشكله من انتهاك
لحرمة حياته الخاصة.
أوال :حماية خصوصية شخصية العامل
ن القاسم المشترك بين الحق في الحياة الخاصة وقانون العمل أن لكالهما موضوع واحد وهو
إَ
االهتمام باالنسان ذانه ،وما يتطلبه القانون من التدخل لحمايته من أي اعتداء يقع عليه شخصيا ،وإن
الحق في احترام الحياة الخاصة للعامل داخل المؤسسة يخول له حق شخصي أساسي يسمح له
بحماية خصوصياته التي يضعها فوق كل اعتبار.
في ظل احترام هذا الحق البد من ضمانات للعامل داخل المؤسسة لمواجهة سلطات صاحب
العمل ومتط لبات عالقة العمل ،حيث ينبغي ضمان سرية حياته الخاصة ،وضمان حريته داخل
1نقال عن عبد المحسن الجار هللا الخرافي ،احترام العامل وتقدير كرامته اإلنسانية ،متاح على الموقع اآلتي:
،/http://alqabas.com/2570تاريخ االطالع2193./92/91 :
314
حماية الحياة الخاصة للعامل
المؤسسة ،ذلك أنَ العامل في إطار التبعية لصاحب العمل يحتفظ بجزء من الحرية داخل المؤسسة
كضمانة لالستقالليته.
- 1حماية سرية الحياة الخاصة للعامل
تنصب الحماية القانونية للحق في الحياة الخاصة على ذات الشخص ،وللسرية اتصال وثيقا
بالحياة الخاصة إذ تمثل جانب من جوانب الحرية الشخصية ولكل فرد الحق في المحافظة على
أسراره ،وعدم تطفل الغير عليه. 1
يتحدد النطاق الشخصي لحماية سرية الحياة الخاصة وفقا للقوانين والقيم االجتماعية ،فيستفيد
من هذه الحماية من خالل منع االعتداء على حرمة شخصيته وذاتيه ،2فال يجوز لصاحب العمل
خصوصيات العامل وال إجباره على اإلدالء بأسراره طالما ليس لها عالقة بعالقة العمل ،كما كش
تشمل الحماية القانونية المعلومات ذات الطابع الشخصي للعامل.
- 1- 1حماية سرية المعلومات االسمية للعامل
ال شك أن الحق في الحياة الخاصة كما يشمل عدم التجسس عليه ،يشمل أيضا عدم النشر
أو اإلعالن لمعلومات تتعلق بالحياة الخاصة ،بل إن الحماية ضد اإلعالن والنشر كانت أسبق في
الظهور من حماية الحق في الحياة الخاصة ذاته ،في هذا الصدد يلزم القانون الفرنسي كل من
يجري المعالجة اآللية لمعلومات االسمية أو يحتفظ بها بأن يحافظ على سرية هذه المعلومات ويتخذ
كل االحتياطات الالزمة لضمان هذه السرية.
كان المشرع الفرنسي سباقا في إضفاء الحماية القانونية على المعلومات االسمية ومعالجتها
من خالل إصداره لقانون المعلوماتية والحريات الذي نص على ضمانات معينة عند جمع المعلومات
االسمية واستخدماها واإلطالع عليها ونقلها و معالجتها آليا وإنشائه للجنة الوطنية للمعلوماتية
والحريات كسند للحماية.
يقصد بالمعلومات االسمية التي تشملها هذه الحماية تلك المعلومات التي تسمح بشكل مباشر
عليه أيا كان شكلها وخصائصها سواء كانت أو غير مباشر بتحديد الشخص الطبيعي والتعر
رقمية أو حرفية ،وسواء كانت في شكل صورة ثابتة أو متحركة.1
313
حماية الحياة الخاصة للعامل
يرى الفقيه ( 2 )KAYSERبأنه ليس من الضرورة أن تتعلق المعلومة بسرية الحياة الخاصة،
فعناصر األنشطة العامة يمكن أن تدخل في إطار الحماية القانونية وفقا لمفهوم المعلومات االسمية
في قانون 19يناير ، 9111ومفهوم البيانات الشخصية طبقا التوجيهة األوروبية الصادر في 23
أكتوبر ، 9113هذه النصوص القانونية التي تلزم بعدم المساس بالكرامة اإلنسانية أو بالحرية
الشخصية أو العامة.3
يتحقق اإلعتداء على الحياة الخاصة بإعالن المعلومات الشخصية إلى الغير ،واإلعالن يتم بأية
4
وسيلة لنقل المعلومة سواء يدوية أو آلية ،شفهية أو تحريرية ،ويذهب كل من الفقه الفرنسي
عن الحياة الخاصة يتحقق عن طريق إطالع الغير حتى ولو كان شخصا والمصري 5إلى أن الكش
واحدا.
- 2- 1حماية سرية المعلومات الصحية للعامل
تشكل الحياة الصحية مظهرا من مظاهر الحياة الخاصة لإلنسان ،وتحرص الشريعة اإلسالمية
على ستر خصوصيات المريض ومنع الغير من اإلطالع عليها ،6واألصل وجوب الستر على
المسلم صحيحا كان أو مريضا ،7وهكذا تتفق الشريعة االسالمية مع القوانين الوضعية.
يتجه كل من التشريع والقضاء 8والفقه المصري إلى اعتبار أن الحالة الصحية للشخص وما
يعتريه من أمراض من األمور التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة بال منازعة ،9ومن المسلم به في
فرنسا إعتبار أن مشكلة اإلفشاء عن األحوال الصحية تمثل مصدرا خطيرا لإلعتداء على الحياة
الخاصة.10
من المؤكد أن الحالة الصحية للعامل تؤثر تأثيراً مباشراً على قدرته في تنفيذ وأداء العمل
به بمقتضى عقد العمل ،وبالتالي لصاحب العمل مصلحة مشروعة في أن يحاط بالحالة المكل
الصحية لعماله.
حرص ا لقانون على توفير الحماية القانونية للمحافظة على صحة العامل ال سيما العامل
المريض ،حيث سعى إلى وضع نظاما قانونيا للحفاظ على سرية الحياة الخاصة للعامل ،الذي
.219protection de la vie privée par le droit, Protection du secret de la vie privée , op.cit, p La ,(P)2 KAYSER
, op.cit, p 183. (S)3 LEFEBVRE
, op.cit, p 8.(B)4 BOSSU
5حسام الدين كامل األهواني ،مرجع سابق،ص .939
6عصام أحمد البهجي ،حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية المدنية ،ص 911.
7عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن سيدانا محمد صلى هللا عليه وسلم قال " :ال يستر عبد عبدا في الدنيا إال ستره هللا يوم القيامة "
8قضية الدكتور يوسف بلبراده ،منشورة المحاماة ،سنة ،9191العدد 991 ،في ،9141/13/94مشار إليها في :عبد الرزاق
السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،مرجع سابق ،ص .929
9محمود عبد الرح من ،نطاق الحق في الحياة الخاصة ،دار النهضة ،9119 ،ص .919
, Le droit à l’information face à la protection civil de la vie privée , Op.cit, p98.(X)10 AGOSTINELLI
319
حماية الحياة الخاصة للعامل
يضمن في نفس الوقت للعامل المريض تطبيق القواعد الوقائية ،وأفضل حماية تكمن في المحافظة
األطباء المتدخلين في الحالة الصحية للعامل.1 على السر المهني المطلوب لدى مختل
في مجال طب العمل وإن كان يجب على طبيب العمل اإلخبار عن بعض األمراض لهيئة
الضمان االجتماعي وكذا مفتشية العمل المختصة إقليما ،إال أنه ال يباح له إفشاء تلك األسرار لغير
تلك الهيئات ،وإال اعتبر مخال بالتزامه بالسر المهني.2
عن بعض الحقائق لصاحب العمل، من أجل حماية العامل فإن طبيب العمل يقوم بالكش
ويفرض بعض التدابير الوقائية في تنفيذ العمل ،ولكنه في جميع األحوال غير ملزم بأن يقدم تقريرا
مفصال عن مالحظاته.3
مع ذلك فإن صاحب العمل يكون على علم بالحالة الصحية لعماله في أكثر من األحيان ،وذلك
نتيجة للشهادات الطبية أو الوثائق التي تسلم له لتبرير غيابات العامل ،التي تخول له ممارسة بعض
الحقوق المتصلة بصحته ،غير أن المعلومات التي تتوفر لصاحب العمل عن صحة العامل يجب أن
تحضى بالسرية ،حيث يلتزم بالمحافظة على سرية الحالة الصحية لعماله ،وإن مخالفة ذلك يترتب
عليها مسؤوليته.4
- 3- 1سرية العنوان الشخصي للعامل
يعتبر محل إقامة العامل وعنوانه الشخصي وحتى رقم هاتفه من قبيل العناصر المشكلة للحياة
الخاصة له ،يحضى بالحماية القانونية في مواجهة أي انتهاك من قبل صاحب العمل أو الغير ،ساهم
القضاء الفرنسي في إضفاء الحماية على حق العامل في احترام سرية عنوانه الشخصي ،ومن بين
التطبيقات القضائية لذلك ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 19
صاحب العمل عن موطن العامل بدون موافقة األخير نوفمبر 9111الذي قضت فيه بأن « كش
يعتبر اعتداء على حياته الخاصة».1
ثارت إشكالية حول اآلثار المترتبة على اعتبار عنوان السكن عنصرا من عناصر الحياة
الخاصة ،وعن الضوابط المنظمة لهذا الحق سواء من حيث موضوعه أو أشخاصه ،ويرجع السبب
2
في إثارة تلك اإلشكالية إلى الحكم الصا درعن الدائرة المدنية األولى لمحكمة النقض الفرنسية
بمناسبة رفض دار الضيافة المدنية بمينة ليون إعطاء أحد األشخاص عنوان سكن أحد العاملين بها
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
المسجل على أجهزة الحاسوب اآللي للمؤسسة ،على الرغم من إدعاء الطالب أنه دائن للعامل لدى
الدار.
أسست الدار رفضها إ عطاء عنوان العامل على حكم المادة التسعة الفقرة األولى من ق.م.
باعتبار أن سرية عنوان المسكن تدخل من وجهة نظرهم في نطاق الحق في احترام الحياة الخاصة،
وفي ضوء ذلك الرفض فقد قام الدائن برفع دعوى استعجالية يطالب فيها بإلزام الدار بإعطائه
عنوان المدين العامل لديها حتى يتمكن من اتخاذ اإلجراءات الالزمة الستيفاء دينه.3
قضت محكمة ليون لألمور اإلستعجالية بعدم اختصاصها بنظر هذا الطلب ،إال أنَ محكمة
النقض الفرنسية كان لها رأي آخر حيث أكدت على أمرين؛ األول أن سرية المسكن يندرج ضمن
عناصر الحياة الخاصة التي يتعين اح ترامها وعدم المساس بها ،أما األمر الثاني كان أن هذا الحق
ليس حق مطلقا وإنما تقيده ضوابط مراعاة حقوق أصحاب الشأن المشروعة كحق الدائن الثابت دينه
على سبيل المثال في تتبع مدينه التخاذ الوسائل القانونية الستيفاء دينه.
- 2حماية حرية الحياة الخاصة للعامل
يت جه بعض الفقه إلى اعتبار أن الحرية هي جوهر وأساس الحياة الخاصة ،ويذهب البعض
إلى القول بأن الحياة الخاصة هي قلب الحرية في الدول الحديثة ،4ويتفق الفقه على أن كال من
السرية والحرية تعتبر من مميزات الحق في الحياة الخاصة.5
يقصد بحرية الحياة الخاصة للعامل خصوصية شخصيته وما يرتبط بها من حريات التي تُكوِن
هُوية الشخص وتُ عرب عن نموه الحر ،كحرية التنقل داخل األماكن ذات الخصوصية في المؤسسة،
وحرية الملبس والحرية الدينية ،وغيرها من العناصر التي تنتمي إلى الكيان المعنوي للعامل.
- 1- 2حماية حرية العامل في التنقل داخل األماكن الخاصة للمؤسسة
مثلما تحضى السالمة البنية للعامل بالحماية ويحظر أي مساس بها ،فإنه يجب أن بالمثل ضمان
حماية حرية العامل داخل أماكن العمل ،ألنها تتعلق بالكيان الداخلي والمعنوي للعامل ،وإن مثل هذه
الحرية تحافظ على الهوية العميقة لإلنسان ،والتي ال تتجلى إال في توضيح كل األماكن التي تزيح
كل غموض عن العامل ،فهل يحق للعامل معرفة حقوقه وحرياته في هذه األماكن في زمان ومكان
العمل؟
3
Dominique VALARDOCHIO : On ne peut dissimuler son domicile que pour des raisons legtimes et non
pour se soustraire que poursuites de ses creaniers. Ne constitue pas une atteinte à la vié privée la
communication à l’employeur de l’adresse d’un salarié à un créancier, note sous cass 1 er civ, 19 Mars 1991,
D.1991, p 568 et s.
4عصام احمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .991
5أسامة عبد هللا قايد ،الحماية الجنائية الخاصة وبنو ك المعلومات ،دراسة مقارنة ،الطبعة الثالثة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،9114 ،ص.91
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
تجدر اإلشارة على أنه توجد داخل كل مؤسسة بعض األماكن الخاصة ،تبين أن الحدود بين
سلطة صاحب العمل والحياة الخاصة للعمال غير واضحة المعالم ،ويقصد بها األماكن التي ال
تغيير المالبس ،ودورات المياه...الخ ،في ظل هذه يشملها تنفيذ العمل ،كقاعات اإلطعام ،وغر
األماكن الخاصة ،فإنَ العامل لم يعد في تبعية لتنفيذ عمله ،وهو يتمتع بكامل حريته ،ويمارس
المستخدم سلطته عليه أثناء تواجده في هذه األماكن في إطار ضيق قصد المحافظة عليها.
العامل للقيام باستمرار ببعض إنَ هذه األماكن الخاصة في المؤسسة توضع تحت تصر
لها بهذه الصفة بموجب أحكام قانون العمل التي تؤكد على أنه شؤونه الشخصية ،وقد تم اإلعترا
ضمان احترام خصوصيات العامل ،2ويؤكد الفقه على أنه يوجد يجب أن تكون مزودة بقفل 1بهد
داخل الحياة المهنية أو الوظيفية جانب خاص يساهم في حماية الحياة الخاصة للعامل.3
لذلك فإن مراقبة صاحب العمل لهذه األماكن الخاصة في المؤسسة ومحتوياتها يجب أن تحدد
بدقة ،ألن هذه المراقبة تشكل انتهاكا لحرية الحياة الخاصة وسريتها ،وال يمكن تبرير أية عملية
تفتيش إال في حالة الضرورة القصوى ،وحسب االجتهاد القضائي الذي يراقب النظام الداخلي ،فإن
الدوري لها، هذه المراقبة تكون فقط في حالة المحافظة على الصحة واألمن أو إلجراء التنظي
أو في حالة وجود خطر خاص.4
استثناءا قد تخضع هذه األماكن الخاصة في المؤسسة للرقابة في حالة انتهاك أوامر صاحب
العمل مثال كالتدخين داخل هذه األماكن ،وفي هذا الصدد تضمن مشروع قانون العمل الجزائري
نص المادة 313الذي يقضي بحظر التدخين في جميع األماكن المغلقة والمغطاة التي تشكل بما في
ذلك أماكن العمل المخصصة الستقبال ،والمطاعم ،وقاعات االجتماعات والتدريب ،االستراحات
والمرافق الصحية والطبية والصحية.
- 2- 2حماية حرية العامل في مظهره
من الصعب في عالم الشغل وداخل مكان وزمان العمل طلق العنان للعامل دون تقييد حريته
في الحياة الخاصة التي تتدخل في تنفيذ مهمة الع مل ،فالتعبير عن هذه الحرية قد يتصادم مع بعض
المصالح الخاصة كما هو الشأن بالنسبة لحرية الملبس ،إذ أن هذه الحرية تنبثق مباشرة من
الشخصية الداخلية للفرد ،ومبدئيا يمارس العامل هذه الحرية بصفة كاملة.
1
Art 232-2-2 Alenia 4 du C.T.Fr.
2
.1 G.LYON-CAEN, Rapport, op.cit, p 14
3
G.CORNU, Droit civil, introduction- les personnes, les biens, DOMAT Montchrestien, 8ème édition, 1997,
p478 et s. Le doyen CORNU soutient qu’il existe dans la vié professionnelle elle-même « Un aspect privée
qui participe à la protection de la vie privée ».
4بيو خالف ،مرجع سابق ،ص .912
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
كل ما يتعلق بمظهر العامل الشخصي ال يعتبر من قبيل األخطاء التأديبية كإطالة العامل
لشعر رأسه أو تقصيره أو كون تسريحة المرأة العاملة أو مكياجها مبالغ فيه أو ملفت للنظر ،فتلك
ال صلة لها إطالقا بسير العمل بالمؤسسة ،وال تؤثر في انتظامه بها.1
استثناءاً يجوز لصاحب العمل أن يفرض في نظامه الداخلي زي موحد ألسباب صحية
في استعمال السلطة بفرض قيود أو أمنية ،غير أن تقييد هذه الحرية مقيد بضرورة عدم التعس
على حرية الملبس أو المظهر دون مبررات ،وهذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية حينما أدرجت
البيضاء ،فحكمت إحدى المؤسسات في نظامها الداخلي نوصا تفرض على العمال ارتداء المعاط
بعدم مشروعيته ،ألنه ليس له ما يبرره من جانب اعتبارات الصحة العامة أو األمن.2
العامل حر فيما يرتديه من لباس لكن هذه الحرية محدودة في إطار المؤسسة والعمل ،ويمكن
للنظام الداخلي أن يفرض نوع معين من األلبسة النظامية ناهيك عن اآللبسة الوقائية ،وقد صدر في
فرنسا عدة قرارات قضائية أقرت فيه لصالح المستخدم تسريح عامل ألنه امتنع عن لبس مِئْزر في
العمل. 3
كما أقرت أيضا تسريح عامل كان يأتي إلى العمل مرتديا (تبان )bermudaألنه لم يحترم
النظام الداخلي ،لكن السيد ) (M.monriboكان يعمل لدى شركة االتصاالت ( (Sagemبصفته عامل
تقني لألنظمة( )agent technique de méthodeفرأى المجلس القضائي العمالي( conseil
)prud’hommeبعد أن قام المعني بنقض حكم محكمة ( )rouenفي ،2119/99/93بإعتبار أنَ
اللباس من الحريات العامة على شرط عدم اعتراض المالبس ونوع العمل من أجل الحد من هذه
الحرية ،وفي هذه القضية ال يتعارض نوع العمل وحرية اللباس .1
ثالثا :حماية الكرامة اإلنسانية للعامل
ترتبط الحياة الخاصة للعامل بكرامة اإلنسان وآدميته ارتباطا وثيقا يجعل اإلعتداء على
الخصوصية يشكل وبشكل مباشر وفعال تعديا 2على كرامة اإلنسان ،ذلك أن عدم تمتع العامل
بالكرمة يحوله إلى آلة صماء عاجزة عن اإلبداع واإلبتكار.
يعتبر الحق في الكرامة اإلنسانية أحد الحقوق المكرسة بمقتضى اإلعالن العالي لحقوق
بالكرامة المتأصلة في جميع اإلنسان ،حيث ورد في ديباجة هذا اإلعالن أنه «لما كان االعترا
1صالح على علي حسن ،ضمانات السلطة التأديبية لصاحب العمل دراسة مقارنة ،دار الجامعة الجديدة ،االسكندرية ،2192 ،ص
.41
2
Cass. Soc. 18 février 1998, Dr. soc. 1998, p. 506.
3
T.G.I Paris, Ch.soc, 16 Jan.2001, Jugement qui déclare le licenciement justifié d’un salarié ayant refusé
d’appliquer une consigne générale sur le port d’une blouse de travail.
1بن بدرة عفيف ،مرجع سابق ،ص .944
2عصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص .92
391
حماية الحياة الخاصة للعامل
أعضاء األسرة ال بشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسالم في العالم»،
وأضافت المادة األولى من نفس اإلعالن «يولد الناس أحرار متساوين في الكرامة».
يحق للعامل التمتع ببعض الحقوق اإلنسانية التي قد تمليها عليه القواعد العامة وينظمها قانون
العمل ،ويلت زم صاحب العمل بالمقابل بأن يعامل العامل معاملة إنسانية بما يتوجب عليه توفير العمل
المالئمة التي تحمي حياته وسالمته من الخطر البدني أو المعنوي. في الظرو
ذلك أن المساس بحق اإلنسان في الكرامة يعتبر أكثر شيوعا في عالقات العمل ،حيث أن
سلطات صاحب العمل وحاجة األجراء إلى أجر تجعل مكان أداء العمل بمثابة المجال الخصب للنيل
من كرامتهم.3
- 1االلتزام بالمعاملة اإلنسانية للعامل
يلتزم صاحب العمل بمعاملة العامل معاملة إنسانية ،أي بحسن معاملته والمحافظة على
كرامته ،فليس له أن يسب العامل أو يضربه أو يوجه إلي ه أفعاال تخل بحيائه أو عرضه ،وال يجوز
العامل بأعمال غير انسانية أو تفوق طاقته.4 تكلي
معاملة صاحب العمل لعماله يجب أن تكون معاملة الئقة ،فال يحق له أو من ينوب عنه أن
أو سلوك مخل باآلداب نحو العامل أو أحد أفراد أسرته ،وكذلك ال يجوز يتخذ سلوكا يتسم بالعن
أن تتسم معاملة العامل بمظاهر القسوة والجور واإلهانة.
التشريعات العمالية صاحب العمل من المعاملة الجائرة للعمال؛ والتي يقصد تمنع مختل
من صاحب العمل يكون غير عادل لمخالفته القانون أو شروط التعاقد بينه وبين بها كل تصر
في استعمال الحق ،أو أي تعدي من قبل صاحب العمل على كرامة العامل لما يشوبه من تعس
العامل ،وفي هذا الصدد نصت المادة 122من ق.م األردني في الفقرة الثالثة على ضرورة مراعاة
اآلداب واللياقة في عالقة صاحب العمل بالعامل.
يسيء للعامل سواء كان بألفاظ مثل السب أو التحقير إذا صدر من صاحب العمل تصر
أو بالمعاملة مثل االعتداء بالضرب أو التحرش الجنسي وكل ما إلى ذلك من المعاملة المحطة
بالكرامة ،فإن هذه المعاملة تكون مخالفة للقانون قد تعرض صاحب العمل إلى المعاقبة وفقا ألحكام
قانون العقوبات.
العامل بأعمال ت تجاوز جهده وطاقته ،كما ال يجوز له أن يمنع على صاحب العمل تكلي
العامل بالعمل في أوقات غير مناسبة ،وغالبا ما تظهر أهمية هذا االلتزام في شأن األعمال يكل
399
حماية الحياة الخاصة للعامل
المستبعدة من نطاق قانون العمل كالعمل في المنزل ،كما يلتزم صاحب العمل بعدم إساءة المعاملة
سواء كانت إساءة بدنية أو معنوية بما يجرح كرامته أو يسيء لمشاعره ،أو تتضمن تحرشا به.1
كما تعد مخالفة شروط العقد معاملة جائرة موجبة للتعويض ،ألن األصل أن العقد شريعة
المتعاقدين ،وفي هذا الصدد نصت المادة 919الفقرة الثانية ق.م المصري أن «نقل العامل إلى
مركز أقل من المركز الذي كان يشغله لغير ما ذنب جناه ال يعد تعسفا إذا ما اقتضته مصلحة العمل
ولكنه يعد تعسفا إذا كان الغرض منه إساءة للعامل».
تتجه بعض التشريعات المقارنة الى جعل المعاملة المخالفة لألخالق أو لقواعد حسن النية
الواجبة سببا لفسخ عقد العمل ،كالمشرع المصري الذي تطرق إلى اإلنهاء المباشرة لعالقة العمل
من قبل العامل بسبب المعاملة الجائرة ،فقد نص في المادة 919من ق.م على أنه «يجوز الحكم
بالتعويض عن الفصل ولو لم يصدر الفصل عن رب العمل إذا كان هذا األخير قد دفع العامل
بتصرفاته وعلى األخص بمعاملته الجائرة إلى أن يكون هو في الظاهر الذي أنهى العقد».
التشريع الفرنسي بدوره أفرد نص المادة 49/922من القانون الصادر بتاريخ 12نوفمبر
9112لمنع اإلضرار بالعامل ،وبالمعاقبة على أي إساءة للعمال تمس كرامتهم أو سالمتهم األخالقية
أثناء العمل.
- 2مبدأ المساواة بين العمال
تبنى المشرع الجزائري هذا المبدأ في عدة مواد ،ال سيما منها المادة 91من قانون عالقات
العمل ،ورتب على مخالفته البطالن ،سواء ورد في عقد العمل أو في اتفاقية جماعية ،ويسري حكم
العمل النص على كل تمييز بين العمال كيفما كان نوعه في مجال الشغل أو األجرة ،أو ظرو
على أساس السن أو الجنس أو الوضعية االجتماعية أو القرابة العائلية ،أو اآلراء السياسية
أو المعتقدات الدينية ،أو االنتماء النقابي أو عدم االنتماء إليه.
كما أوكل المشرع الجزائري إلى مفتشية العمل مهمة رقابة هذه األحكام ،إلى جانب الرقابة
التي يمارسها القضاء ،إذ رتب المشرع عقوبات جزائية عند مخالفة نص المادة 91من قانون العمل
السابق ذكرها.
استقر القضاء على اعتبار المساواة بين العمال قاعدة أساسية تفرضها العدالة ،حيث قضى
القضاء المصري في قضية تتعلق بحرمان العامل من مكافأة االنتاج بالرغم من توافر شروطها في
جانبه فورد في الحكم بأن «المساواة بين عمال صاحب العمل قاعدة أساسية ولو لم يجر بها نص
392
حماية الحياة الخاصة للعامل
في القانون ،تفرض قواعد العدالة إعمالها إذا ما جنح صاحب العمل للتفرقة بين عماله في شأن أي
حق من حقوقهم ».1
يشترط إلعمال مبدأ المساواة في الحقوق بين العمال أن تتماثل ظروفهم بأن يتم العمل في
منطقة واحدة ،وأن تتساوى أعمالهم في مشقتها وخطورتها ،وكذا تساويهم في المؤهالت والكفاءة
والخبرة.
يظهر أن عمل األطفال يتسبب الحقا في انعدام المساواة في سوق العمل ،ألنه يمنع الذين
تعرضوا له من اكتساب التعليم والمهارات المهنية ،ويساعد بالتالي القضاء على أوجه انعدام
المساواة هذه في سوق العمل في تقليص انعدام المساواة عموماً.
مشروع قانون العمل الجديد بدوره ضمن المادة 39منه 2اعتبارات التمييز ،على أساس منع التمييز
بين العمال على أساس الجنسية ضمن عقد العمل أو اتفاق جماعي ،هذا االعتبار أيضا لم يرد سابقا
ضمن نص المادة 91من قانون .99/11
العمل يواجه المهاجرون اليوم ،رجاالً ونساءً على حد سواء ،تحديات شديدة تشمل ظرو
السيئة والتحيز الجنسي والعنصرية والتمييز في سوق العمل ،ورغم المعايير الدولية المتعلقة بحماية
المهاجرين فإن حقوقهم كعمال غالباً جداً ما تنتهك ،السيما إذا قصدوا الخارج بحثاً عن عمل ،دون
الحصول على مستندات السفر الالزمة.
كما أن االنتقاص من عمل النساء والقيود المفروضة على حقوقهن في العمل ،عناصر تعني
أن نسبة النساء المهاجرات المحرومات من العمل أعلى نسبة ،ونجد أعداد كبيرة من النساء القادمات
كزوجات لعمال مؤقتين أنفسهن مستبعدات من التشغيل.1
- 3ضمان العمل الالئق للعمال
تلتزم الدول والحكومات بضرورة توفير عمل الئق ألكبر عدد ممكن من العمالة الوطنية
أو األجنبية على حد السواء ،ذلك أن منظمة العمل الدولية ترفض الكيل بمكيالين بخصوص العمل
ال الئق ،كما يقع على عاتق المؤسسات االقتصادية العمومية والخاصة توفير ضمان الحد األدنى من
شروط العمل الالئق في أماكن العمل.2
1طعن 199س 33ق جلسة 93مارس 9119الوارد ذكره لدى :همام محمد محمود زهران ،مرجع سابق،ص .311
2انظر النص الكامل المادة 39من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد في الملحق رقم 12
1
PIPER (N), Gender and migration, Paper prepared for the Global Commission on International Migration,
2005, p 4.
2صغير بي رم عبد المجيد ،دور فرقاء اإلنتاج في تحقيق العمل الالئق ،مداخلة ملقاة أثناء الملتقى الوطني حول العمل الالئق بين واقع التشغيل
واألفاق نحو عدالة اجتماعية ،المنعقد في 21و 21أفريل 2194على مستوى كلية الحقوق بجامعة مستغانم ،ص .3
393
حماية الحياة الخاصة للعامل
تنقص من كرامة العامل ،وتلزم تقر أغلبية التشريعات عدم جواز ممارسة العمل في ظرو
المؤسسات المستخدمة باحترام كرامة الذي يشتغلون بها ،وبضرورة اتخاذ صاحب العمل كافة
التدابير الالزمة لحماية كرامة العمال والسهر على حسن السلوك واألخالق الحميدة واستتباب اآلداب
العامة داخل المؤسسة.
ضمانا لكرامة العامل باعتباره انسانا ال يمكن أن يستغل بأي شكل كان ،وهكذا صار العمل
الالئق من مقتضيات ومس تلزمات التنمية المعاصرة ألي دولة ،فالحق في العمل لم يعد في الوقت
الراهن مكتمال إال بتوافر شروط ترافقه في ظل تنامي الحريات واتساع مجال الحقوق الفردية
والجماعية.
لم يخرج كال من القضاء المصري والجزائري عن هذا الخط ،وبالرجوع إلى القضاء
المصري ومن خالل أح كامه وقراراته نجده يعنتق في البعض منها فكرة الهدوء والسكينة كأساس
لحماية الحياة الخاصة أهمها قرار محكمة النقض المصرية رقم 3111الصادر بتاريخ
دون وجـه حق ،قضـت المحكمة 2111/13/11عن قضية التشهير والحط من الكرامة لموظ
الذي زعزع سكينة الحياته الخاصة والحكم له بالتعويض المدني.1 عن هذا التصر بالك
يقتضي مضمون االلتزام بمراعاة األخالق الحميدة واآلداب العامة داخل المؤسسة منع إدخال
المشروبات الكحولية إلى أماكن العمل وكذلك تناولها ،كما يمنع دخول أو إقامة أي شخص في حالة
سكر إلى هذه األماكن ،ونفس الشيء بالنسبة لتعاطي أي مادة مخدرة.
في حالة تشغيل عمال ذكور وإناث في نفس المؤسسة أو مقرات العمل ،فإنه يجب على
المستخدم العمل على تجهيز هذه المحالت بكيفية تضمن فصل مستودع المالبس والمراحيض،
وغيرها من المرافق الخاصة لكل من الجنسين.
بصفة عامة يقع على عاتق المستخدمين االلتزام بالمحافظة على األخالق واآلداب ،فسلطتهم
من هذه الناحية تمتد لتشمل جميع أنواع السلوك الخارجي للعنصر البشري الذي يتحرك داخل
المؤسسة ،سواء من حيث اللباس ،أو من حيث أسلوب التعامل بين العمال الذكور واإلناث ،وهذا
سواء اثناء أوقات العمل ،أو خالل فترات الراحة أو األكل داخل المؤسسة.2
394
حماية الحياة الخاصة للعامل
العمل الالئق ما هو إالَ تلخيص لتطلعات الناس في العمل ،تطلعاتهم في الحصول على فرص
العمل واألجور العادلة والتمتع بكل الحقوق واالمتيازات ،وحرية التعبير ،والتمتع باالستقرار
األسري والتنمية الشخصية والعدالة والمساواة بين الجنسين. 3
في مجال عالقات العمل ،يعتبر التزام صاحب العمل بالسهر على مراعاة حسن السلوك
واألخالق الحميدة ،وبالعمل على استتباب اآلداب العامة داخل المؤسسة ،من التدابير التشريعية
الوقائية في نطاق قانون العمل.4
فضال عن تقييد التشريع الجزائري لتشغيل القصر ببلوغهم السن القانوني 99سنة مع اشتراط
حصولهم على رخصة من وليه الشرعي عدا في حالة التمهين أين تخفض إلى 93سنة ،فإنه يمنع
تشغيل القصر في األشغال الخطيرة والماسة باألخالق التي تضر بصحتهم ،وكذا العمل الليلي بداعي
النمو الطبيعي والفيزيولوجي للطفل. أنها تخال
يشكل اعتماد حد أدنى لسن تشغيل القصر أهمية بالغة من حيث حماية حياتهم الخاصة ،سواء
تعلق األمر بإكمال تعليمه أو تكوينه ،أو من حيث حماية الحالة الصحية لهم ،لضمان نموهم الجسمي
والنفسي السريع التأثر المشاكل اآلثار السلبية المرتبطة بذلك.
أقرت أغلبية التشريعات حضر تشغيل األطفال في األعمال الخطيرة ،التي من شأنها تعريض
الجسدي أو النفسي أو الجنسي ،كالعمل تحت األرض أو في أو العن األطفال إلى التعس
المرتفعات الخطرة ،أو في المساحات المغلقة ،أو العمل في باستخدام األآلت أو األدوات الخطيرة،
أو تلك التي تشتمل على أحمال ثقيلة ،أو العمل في بيئات غير صحية يمكن أن تعرض األطفال إلى
الم واد الخطرة ودرجات الحرارة غير المناسبة والضجيج أو االهتزازات ،والعمل تحت ظرو
بالغة الصعوبة ،أو العمل الليلي ،كضمانة لحماية السالمة الجسدية والمعنوية للعمال القصر.
كما أولت التشريعات المقارنة أهمية ألخالق العامل القاصر ،إذ منعت تشغيلهم في أعمال
تشكل خطر على أخالقهم ،وألزمت المستخدمين على مراعاة حسن السلوك واألخالق الحميدة
واستتباب اآلداب العامة داخل المؤسسة ،وقد كان لحماية القاصر من أي عمل يضر سالمتهم
األخالقية الحظ الوافر ضمن مشروع قانون العمل الجزائري الجديد.1
بصفة عامة ،العامل سواء كان قاصر أو بالغ وإن كان ملزما باالنصياع لتوجيهات صاحب
العمل ،فإن على هذا األخير أن يوجه تلك التوجيهات والتعليمات بكيفية ال تؤذي شعورهم وال
3العمل الالئق تحديات استراتيجية ماثلة في األفق ،مؤتمر العمل الدولي ،الدورة ،11لسنة ،2111ص ،91متاح على الموقع
اآلتي ، /http://www.ilo.org :تاريخ اإلطالع2199/19/19 :
4عبد اللطيف خالفي ،مرجع سابق ،ص .939
1المادة ،41والمادة 41من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد.
393
حماية الحياة الخاصة للعامل
تستفزهم ،إذ عليه أن يلتزم وهو يخاطب عماله بتجنب استعمال عبارات السب والشتم ،أو بعبارات
مخالفة لألخالق الحسنة ،أو أي كالم غير الئق ،بل و أقرت التشريعات العمالية على اعتبار السب
والتحرش الجنسي التحريض على الفساد أخطاء جسيمة.
في مجال ضمان العمل الالئق واحترام الحياة الخاصة للعامل المهاجر أوضحت اإلتفاقية
الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم مفهوم العامل المهاجر من حيث كونه يزاول
نشاطا مقابل أجر في دولة ليس من رعاياها ،وأشارت أيضا إلى مفهوم العمال الذين يعدون في حكم
العامل المهاجر من حيث الحقوق والحريات لدى وجودهم في دولة العمل ،حيث عرفت عامل
الحدود والعامل الموسمي والعامل المالح والعامل على منشأة بحرية والعامل المتجول إلى العامل
المرتبط بالمشروع إلى عامل االستخدام المحدد إلى العامل لحسابه الخاص.2
أكدت االتفاقية على حق هؤالء العمال المهاجرين في حرية الفكر والضمير والدين والحق في
اعتناق اآلراء والحق في حرية التعبير والمساواة والحرية والسالمة والشخصية والحق في المساواة
مع رعايا الدولة المعنية في الحقوق العمالية كلها من حيث شروط االستخدام كالسن الدنيا للتشغيل،
والمساواة في شروط التشغيل والعمل ال سيما األجر العادي واألجر اإلضافي والسالمة والصحة،
وإنهاء عالقة العمل ،وغير ذلك من شروط العمل والحقوق العمالية.1
يتعرض العمال المهاجرين لتجاوزات واستغالل قد يحدث إما في مرحلة مبكرة من عملية
الهجرة أو في أوضاع أقل ظهوراً في سوق العمل تقترن بخدمات تفتيش مهني ضعيفة مثل العمل
المنزلي ،وقد تشمل تلك التجاوزات عدم دفع األجور أو االحتفاظ بها ،والتحكم في حرية التنقل أو
انعدامها ،وسحب جوازات السفر وغيرها من وثائق الهوية ،ناهيك عن ساعات العمل الطويلة
والعقوبة الجسدية والنفسية.2 وأسابيع العمل الممتدة على سبعة أيام والتخوي
أما في سبيل توفير العمل الالئق للمرأة العاملة يضمن احترام حياتها الخاصة ،حرصت أغلب
التشريعات على توفير مزيد من الحماية القانونية للمرأة العاملة ،وذلك من خالل تهيئة بيئة العمل
الصالحة لها ،وذلك بحظر تشغيلها في األعمال الخطرة أو الشاقة التي من شأنها أن تمثل خطراً
على صحتها أو صحة جنينها أو تخدش حياءها.
2االتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال ا لمهاجرين وأفراد أسرهم المعتمدة بقرار من جمعية العامة رقم 931/43المؤرخ في 91
ديسمبر .911
1محمد عرفان الخطيب ،مرجع سابق ،ص .341
ILO: Preventing discrimination, exploitation and abuse of women migrant workers: An information guide, 2
Booklet 4 “Working and living abroad” (Geneva, ILO, 2004), p 11.
399
حماية الحياة الخاصة للعامل
كما كرست االتفاقيات الدولية 3وغالبية التشريعات العمالية 4مبدأ حظر فصل العاملة بسبب
نطاقه من تشريع آلخر ولكنها جميعا ترمي إلى حماية الزواج أو الحل أو الوضع ،وإن اختل
المرأة العاملة ،وتوفير االستقرار النفسي لها.
الحياة الخاصة للمرأة العاملة لها انعكاس على حياتها المهنية ،إذ تتأثر إلى حد كبير بدورها
كأم ،ويشكل الحمل واألمومة وتربية األطفال منظورا آخر للحياة الخاصة للمرأة العاملة ،ولتسجيل
تقدم نحو المساواة في الحياة اإلجتماعية يجب تعويض المرأة عن العبء الذي يجب أن تتحمله.
من بين التدابير الكفيلة بإقامة هذه المساواة العناية الصحية بالمرأة العاملة والحامل ،تقديم
تعويضات نقدية وعطلة األمومة ،وكذا توفير فترات استراحة الرضاعة ،وأنظمة رعاية الطفل،
باإلضافة إلى اتخاذ ترتيبات التوفيق بين مسؤوليات العمل والعائلة بشكل أفضل للنساء العامالت.
باتت حماية األمومة ضرورية لتحقيق تكافؤ الفرص والعاملة بين الرجل والمرأة في العمل،
وهذه التدابير من شأنها ضمان عدم تقييد المرأة في ممارسة حقها في العمل ،كما ال يمكن أن تشكل
أساسا للتمييز ضدها ،فبقدر ما يضع الحمل واألمومة المرأة العاملة في وضع تكون فيه عاجزة
مؤقتا عن أداء العمل بشكل طبيعي ،فإنها تكون بحاجة إلى حماية قانونية واجتماعية.
ثالثا :حماية السالمة األخالقية للعامل
يعتبر الحق في الكرامة أحد أهم الحقوق بمقتضى اإلعالن العالمي لحقوق االنسان الصادر في
بالكرامة 91ديسمبر ،9114حيث جاء في ديباجة اإلعالن المذكور أن " لما كان اإلعترا
المتأصلة في جميع أعضاء األسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل
والسالم في العالم" ،وأضافت المادة األولى من نفس اإلعالن "يولد الناس أحرارا متساوين في
الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقال وضميرا".
بهذا الحق في االتفاقية الدولية بشأن الحقوق االقتصادية واالجتماعية كما تم االعترا
والثقافية ،واالتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية ،حيث استهال كلهما بنفس الجملة "حيث
بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء األسرة الدولية وبحقوقهم المتساوية التي ال يمكن أن االعترا
بها". التصر
3
االتفاقيتان العربيتان 3لسنة 9119بشأن المرأة العاملة ،و 9لسنة 9119بشأن مستويات العمل ،المادة 1من االتفاقية الدولية رقم 913لسنة
2112بشأن حماية األمومة ،المعدلتين.
4ورد هذا الحظر في القانون المصري (المادة 12من قانون العمل الموحد) ،القانون اليمني (المادة 4/43من قانون العمل)،
القانون المغربي (المادة 931من مدونة الشغل) ،القانون السوداني (المادة 4/231من قانون العمل) ،القانون البحريني (المادة
914من قانون العمل في القطاع األهلي) ،القانون الكويتي (المادة 24من قانون العمل) ،القانون السعودي (المادة 939من نظام
العمل ) ،القانون القطري (المادة 11من قانون العمل ) ،القانوني العماني (المادة 14من قانون العمل ).
391
حماية الحياة الخاصة للعامل
إن المساس بحق االنسان في الكرامة يعتبر أكثر شيوعا في عالقات العمل ،حيث أن سلطة
صاحب العمل وحاجة العمال إلى العمل واألجر تجعل مكان العمل بمثابة المجال الخصب للنيل من
كرامتهم ،ولعل أهم ما يمس الكرامة كحق من حقوق الشحصية ،التحرشات الجنسية الشائعة في
ميدان الشغل ،فهل من حماية لكرامة وشخصية العاملة من هذه التصرفات؟
من خالل هذه النقطة إلى التحرش الجنسي كنموذج واضح لإلعتداء على سنحاول التعر
الحق في الكرامة والسالمة األخالقية للعاملة في مجال العمل ،من خالل التطرق إلى ضمانات
حماية المرأة العامل من التحرش الجنسي المرتبط بالعمل من خالل نصوص قانون العمل و
نصوص القانون الجزائي.
-9الحماية من التحرش الجنسي في قانون العمل
من أهدافها األساسية من خالل النص وضعت أغلب تشريعات العمل كرامة العامل كهد
تنقص من كرامة العامل ،1غير أن ورغم على قواعد تضمن ع دم جواز ممارسة العمل في ظرو
هذه القواعد تظل كرامة العمال معرضة للمساس بها خاصة من خالل ظاهرة التحرش الجنسي في
زمالء المستخدم أو من طر العامالت الالتي يعتبرن ضحية سهلة له سواء من طر صفو
الزبناء. العمل ،أو حتى من طر
التحرش الجنسي المرتبط بالعمل - 1- 1تعري
للمرأة بحقوقها يعني ضرورة التعايش إذا كان خروج المرأة إلى العمل بما يحمله من اعترا
سليمة ،وذلك بين الرجال والنساء في أماكن إنجاز العمل ،فإن هذا التعايش نادرا ما يتم في ظرو
بسبب انتشار ظاهرة مشينة باألخالق وماسة بحقوق المرأة وكرامتها في ميدان العمل ،أال وهي
ظاهرة التحرش الجنسي.1
المؤشرات الدالة عليه لتعدد يطرح مفهوم التحرش الجنسي صعوبة كبيرة نظرا إلختال
األفعال التي يمكن إدراجها ضمن هذا التعبير ،ولقد وردت في هذا الشأن عدة تعريفات فقهية ،فهناك
التحرش الجنسي على أنه كل سلوك ذي مضمون جنسي يصدر من الرجل أو المرأة من يعر
تجاه الجنس اآلخر بدون رضاه أو رضاها ،سواء كان ذلك فعال أو حركة أو إظهار لصور
أو كالم.2
1محمد بن حساين ،حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل ،مرجع سابق ،ص 11.
1سميرة كميلي ،القانون الجنائي للشغل -جرائم الشغل -ج ،9دار النشر ، Editions Emalivالمملكة المغربية ،2193 ،ص
231.
2محمد بن حساين ،حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل ،مرجع سابق ،ص .19
391
حماية الحياة الخاصة للعامل
هناك من اختصر تعريفه في كونه عبارة عن ضغوط ذات غاية جنسية ،3وهناك من يربط
التحرش الجنسي بمكان العمل وميدان العمل حيث يفترض أن في أن يكون الشخص المتحرش هو
صاحب العمل أو كل من له سلطة تولي المسؤولية سواء في مؤسسة عامة أو خاصة.
التحرش بأنه: القانوني فنجد أن قانون العقوبات الفرنسي وص أما من حيث التعري
في استعمال السلطة باستخدام األوامر والتهديدات أو اإلكراه "الفعل الذي يقع من خالل التعس
عن بغرض الحصول على منفعة أو امتيازات أو مزايا ذات طبيعة جنسية" ،4وهذا النص ال يختل
المشرع الجزائري التحرش الجنسي في المادة 349مكرر مضمون النص الجزائري ،حيث يعر
من قانون العقوبات الجزائري بأنه " استغالل السلطة أو الوظيفة أو المهنة بإصدار أوامر للغير
أو بالتهديد أو اإلكراه وممارسة الضغوط عليه قصد إجباره على اإلستجابة لرغباته الجنسية".
وعليه يتضح من خالل هذه المادة أنه يشترط في التحرش الجنسي المرتبط بالعمل أن يتم في
مكان العمل ،وأن يصدر عن الفاعلين في حقل العمل من أصحاب السلطة ،أي المستخدم أو الرئيس
في العمل ،أو من يقوم مقامهم ،هو ما يفيد استثناء الفاعلين في حقل العمل ممن ال سلطة لهم ،مثل
الزميل في العمل أو الزبون الذي تتعامل معه المؤسسة ،ذلك أن هاته السلوكات غالبا ما تصدر من
رؤساء العمل أو المدريرن ،مما يفيد أن التحرش مرتبط بشكل كبير بالعالقة بالسلطة من جهة،
والوضعية التابعة للمرأة في العمل من جهة أخرى.
أما المشرع الفرنسي فقد استحدث بموجب المادة L222-33-2من قانون العقوبات فعل
التحرش المعنوي التي وصفته بتلك الضغوطات المتكررة التي يكون هدفها إحباط مستوى الحماية
العمل ،وذلك بالمساس بحقوق وكرامة العامل المتحرش به الذي غالبا ما تكون الذي تقرره ظرو
امرأة عاملة عرضة له ،والتي قد تؤدي إلى اإلضرار بصحتها الذهنية والجسدية وتعريض مستقبلها
المهني للخطر.1
نظرا لآلثار السلبية لظاهرة التحرش الجنسي ،والمتمثلة أساسا في تحويل مكان العمل إلى
مكان غير سليم أو خطير بالنسبة للمرأة العاملة ،واالنعكاسات األكثر سلبية على الجانب الصحي
للمرأة ،وما يشكله هذا الفعل من خرق بحق المرأة في العمل بسالم وأمان وكرامة مصونة ،هذه
3
Claude ROY-LOUSTAUNAU, Le droit du harcèlement sexuel : un puzzle législatif et des choix novateurs,
Dr. Soc, n° 6, Juin 1995, p 545.
4
Art L 222-33 C.P.Fr.
1بوسحبة جياللي ،التحرش المعنوي بالمرأة في وسط العمل ،مقال منشور بمجلة نظرة على القانون االجتماعي ،ع ،14لسنة
،2193ص .949
391
حماية الحياة الخاصة للعامل
اآلثار دفعت بالتشريعات إلى التفكير جديا في محاربة هاته الظاهرة التي تنشط كثيرا بارتباط مع
عامل السلطة في مكان العمل.2
مشروع قانون العمل الجديد بدروه خصص المواد من 39إلى 31منه لتنظيم أحكام التحرش
التحرش الجنسي في المادة 39منه ،واشترط أن يتم التحرش الجنسي في مكان العمل ،فعر
الجنسي من قبل صاحب ال عمل أو من ينوب عنه من خالل إساءة استعمال السلطة ،ومن خالل
ثالث، الضغط على الجنس اآلخر وتهديده من أجل الحصول على خدمات جنسية لنفسه أو لطر
وأكد في المادة 31منه على منع اتخاذ صاحب العمل أي عمل تمييزي سواء كان إقالة أو نقل
أو أي عقوبة تأديبية ضد أي عامل من كال الجنسين رفض الخضوع للتحرش الجنسي.3
- 2- 1مدى حماية العاملة من التحرش الجنسي في قانون العمل
حظيت ظاهرة التحرش الجنسي المرتبط بالعمل أهمية كبيرة من قبل التشريعات العمالية
المقارنة سيما التشريع الفرنسي ،نظرا ألبعادها الخطيرة على المستوى اإلقتصادي من جهة،
بها قانونا. ولكونها ظاهرة تمس كيان المرأة كإنسان ،قبل أن تمس كرامتها وحقوقها المعتر
غير أنه ومن خالل االطالع على القانون 99/11المتعلق بعالقات العمل لم نجد أي نص
يتضمن التحرش الجنسي في إطار العمل ،حيث يركز المشرع الجزائري من خالل نص المادة 19
من ق .ع على احترام السالمة البدينة والمعنوية وكرامة العامل دون التطرق لتفاصيل وتحديد ما
يدخل تحت إطار السالمة المعنوية أو كرامة العامل.
في حين أنه ومن خالل الرجوع إلى النص الملغى رقم 92/11المتعلق بالقانون األساسي
للعامل يتضح أن المادة الثامنة منه كانت تنص على ما يلي" :يضمن القانون حماية العامل أثناء
أو التهديد أو الضغط أو محاولة ممارسة عمله او القيام بمهامه ،من كل أشكال اإلهانة أو القذ
حمله على التشييع والتبعية".
الظاهر أن النص الملغى أقرب لإلفصاح عن التحرش من النص الساري المفعول من حيث
كونه يضم مجموعة من المفاهيم يمكن توظيفها بشكل أو بآخر لصالح التحرش ،1سيما اإلهانة
والتهديد والضغط وهي الصور التي تناولها التشريع العقابي الجزائري في تعريفه لجريمة التحرش
الجنسي.
321
حماية الحياة الخاصة للعامل
غير أنه من خالل اإلطالع على مشروع قانون العمل الجديد يتضح أن المشرع الجزائري
أولى أهمية لموضوح التحرش الجنسي ،إذ أقر للعمال الحق في الحماية من التحرش الجنسي ضمن
المادة 92من هذا المشروع ،الفقرة الرابعة التي ورد فيها « في إطار عالقة العمل ،يحق للعمال..
...الحماية من التحرش الجنسي كما هو محدد في هذا القانون».2
بالنص على تجريم التحرش الجنسي ضمن القانون أما المشرع الفرنسي فإنه لم يكت
الجزائي ،بل أدرج هذه الجريمة ضمن قانون العمل الذي خصص نصوصا تتعلق بحماية ضحايا
التحرش الجنسي في ميدان العمل ،حيث ورد في المادة L1153-2منه على أنه ال يمكن معاقبة أي
عامل أو تسريحه أو اتخاذ أي إجراء تمييزي في مواجهته مباشرا كان أو غير مباشر لكونه خضع
أو رفض الخضوع لتحرشات أي شخص من أجل الحصول لصالحه أو لصالح أحد من الغير على
مزايا ذات طبيعة جنسية.
كما تنص المادة L1153-3من نفس القانون على أنه ال يمكن معاقبة أي عامل أو تسريحه
أو اتخاذ أي إجرا ء تمييزي في مواجهته مباشرا كان أو غير مباشر بسبب إدالئه بشهادته في
موضوع السلوكات المذكورة في الفقرة السابقة أو كشفها ،على أنه يعود لصاحب العمل طبقا للمادة
L1153-5من ذات القانون اتخاذ االجراءات الالزمة للتنبيه لوقائع التحرش الجنسي ووضع حد لها
وعاقبتها.
ال شك أن مقتضيات من هذا القبيل من شأنها حماية كرامة العامالت حينما يتعرضن
أي شخص ،مع سريان هذه الحماية صاحب العمل ،بل من طر للتحرشات ليس فقط من طر
على العمال الذين يدلون بشهادتهم في الموضوع ،حيث يمكنهم تقديمها دون الخشية على مستقبلهم
المهني في المؤسسة ، 1والواقع أن مقتضيات مثل هذه تعتبر في محلها ،خاصة في مجتمع تنتشر فيه
بكثرة ظاهرة التحرش الجنسي في عالقة العمل.2
لقد برزت هذه الظاهرة وانتشرت بكثرة في اآلونة األخيرة في الدول العربية ،وأخذت العديد
من األشكال بين النظرات ذات اإليحاء الجنسي إلى االبتزاز ،فالتهديد واإلهانة ،هذا ما جعل بعض
التشريعات العربية تتفطن إلى خطورة العمل في ميدان العمل.
2نص الكامل للمادة 92من مشروع قانون العمل الجزائري الجديد باللغة الفرنسية:
Art 12 P.C.T.A : « Dans le cadre de la relation de travail, les travailleurs ont également le droit:... à la
الملحق رقم protection contre le harcèlement sexuel tel que défini par la présente loi;... ». 12
1محمد بن حساين ،حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل ،مرجع سابق ،ص .13
2
Marie- Ange MOREAU, A propos de l’abus d’autorité en matière sexuelle, Dr.Soc, n°2, Février 1993, p
115.
329
حماية الحياة الخاصة للعامل
لعل من بين هذه الدول المملكة المغربية التي وإن تأخرت في النص صراحة على التحرش
الجنسي في ميدان العمل والمعاقبة عليه ضمن قانون العمل ،إال أنها أدركت ذلك واعتبرت أن
المستخدم أو رئيس التحرش الجنسي من األخطاء الجسيمة المتركبة ضد العامل من طر
المؤسسة ،واعتبر أن مغادرة العاملة لعملها بسبب التحرش الجنسي في حالة ثبوت ارتكاب رب
العمل له بمثابة تسريح تعسفي وفق مقتضيات المادة 41من مدونة الشغل ،3ويتوجب بذلك تعويض
المتضررة بناءا على مقتضيات المادة 49من نفس المدونة.
غير أنه وبالرغم من الخطوة التي خطاها المشرع لمغربي بالنص صراحة ضمن قانون العمل
على حماية العمال من التحرش الجنسي ،واعتباره من األخطاء الجسيمة ،التي تؤدي إلى الحق في
التعويض عن التسريح التعسفي.
إلى أن هذه الخطوة التشريعية لم تسلم من النقد ،حيث اعتبر بعض الفقهاء أن الشكل الذي تم
النص به على التحرش طرح عدة إشكاليات قد تتحول إلى منحدرات خطيرة إذا لم يتداركها والقيام
بالتعديالت الالزمة.
التحرش الجنسي ولم يتم النص على كيفية إثباته ،كما لم تنص مدونة حيث يغيب تعري
الشغل على عقوبات رادعة للتحرش الجنسي ،كما أنها ألقت عبء إثبات واقعة التحرش الجنسي
على من يدعيه األمر الذي يمكن اعتباره شبه مستحيل بالنسبة للمتضرر خاصة بالنسبة لألطفال
العاملين.1
- 2الحماية من التحرش الجنسي في القانون الجزائي
إذا كان ال تحرش يعتبر بداية لتحقيق رغبات ذات طبيعة جنسية ،فإن هذا التحرش قد ينجم عنه
في بعض األحيان أن يبلغ حدًا يوجب إخضاعه لعقوبات جزائية ،حيث يمكن للعاملة ضحية التحرش
الجنسي متابعة صاحب العمل عن الجريمة المرتكبة ضدها حماية لحقها في الكرامة.2
- 1- 2المسؤولية المترتبة عن جريمة التحرش الجنسي المرتبط بالعمل
في استعمال السلطة أغلب التشريعات المقارنة ومن بينها التشريع الجزائري تعتمد التعس
كأساس لتحقق جريمة التحرش الجنسي ،فال بد أن يكون القصد حظر المس بكرامة اإلنسان على
3النص الحرفي للمادة 41من مدونة الشغل المغربية جاء كاآلتي " :يعد من بين األخطاء الجسيمة المرتكبة ضد األجير من طرف
المشغل أو رئيس المقاولة أو المؤسسة مايلي .السب الفادح ،استعمال أي نوع من أنواع العنف واالعتداء الموجه ضد األجير،
التحرش الجنسي ،التحريض على الفساد ،وتعتبر مغادرة األجير لشغله بسبب أحد األخطاء الواردة في هذه المادة في حالة ثبوت
ارتكاب المشغل إلحداها بمثابة فصل تعسفي".
1احمد أجوييد ،الموجز في شرح القانون الجنائي الخاص المغربي ،جرائم االعتداء على األشخاص ،ج ،2مكتبة المعارف
الجامعية ،9113-9112 ،ص 33.
2محمد بن حساين ،حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل ،مرجع سابق ،ص 11.
322
حماية الحياة الخاصة للعامل
اعتبار أن األمر يتعلق بحق أساسي من حقوق االنسان ،كما يتعلق األمر بحماية الحياة الخاصة،
ويتعلق بصحة العامل وسالمته المعنوية واألخالقية ،ذلك أن األمر ال يرتبط إال بتجاوز المستخدم
أو كل شخص تخول له المهام الموكولة له نوع من السلطة لحدود سلطته داخل مكان العمل.3
هذه الجريمة إال في عالقة سلطة ،فجريمة التحرش الجنسي ال ال يمكن تصور إمكانية اقترا
في استعمال السلطة أثناء ممارسة العمل ،وفي هذا يمكن أن تتحقق إال وهي مرتبطة بالتعس
اإلطار يتفق القانون الجزائي الجزائري مع نظيره المغربي.
حيث نجد أن المشرع الجزائري ومن خالل المادة 349من ق.ع.ق يربط التحرش الجنسي
باستغالل السلطة أو المهنة ويعاقب عليه بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من 31111د.ج
إلى 911111د.ج ،وهو ما تقره المادة 49-313من القانون الجنائي المغربي التي حددت السلوك
المعاقب عليه في جريمة التحرش الجنسي في قيام شخص مستغال السلطة التي تكسبها إياه مهامه
بمضايقة الغير قصد الحصول على خطوة ذات طبيعة جنسية عن طريق األوامر واإلكراهات
درهم والتي تعاقب عى هذه الجريمة بالحبس من سنة إلى سنتين والتهديدات إلى خمسين أل
درهم. وبالغرامة من خمسة اآلال
الواضح من هذه النصوص القانونية المذكورة أنها ال تفترض حالة التحرش الواقع من زميل
العمل أو أحد زبائن المؤسسة ،وتجدر اإلشارة أن المشرع الفرنسي ومنذ تعديله لقانون العقوبات
بموجب قانون 2112/19/91لم يعد يشترط عالقة الرئيس بمرؤوس في حالة جريمة التحرش
الجنسي ،حيث لم يلزم النص أن يكون الفاعل شخصا يستغل سلطة وظيفته ،وتبعا لذلك يثبت الفعل
ولو صدر التحرش عن زميل في العمل ،ومن أحد زبائن المؤسسة ،أو المستخدم.1
ذهبت دول أخرى منها الواليات المتحدة األمريكية إلى حد اعتبار أن صاحب العمل مسؤوال
عماله ضد آخرين أو أخريات يعملن أيضا حتى عن التحرشات الجنسية التي تصدر من طر
ل حسابه ،إذ قرر بعض قضاتها الدستوريين أن صاحب العمل يمكن أن يسأل مدنيا حينما يمارس أحد
أطره ضغوطات ذات طابع جنسي ضد إحدى العامالت سواء كان رب العمل على علم أم ال
تابعه دونما حاجة لتعرض العاملة لضرر -كرفض الترقية أو النقل -إلثبات الوقائع التي بتصر
تعرضت لها ،2كما أقر الفقه والقضاء الفرنسيين بأن صاحب العمل يعد مسؤوال عن التحرش
323
حماية الحياة الخاصة للعامل
الجنسي بالعامالت داخل المؤسسة ،بحكم التزامه بضمان السالمة البدنية والمعنوية لعماله أثناء
العمل.3
- 2- 2الحماية من تبعات التحرش الجنسي المرتبط بالعمل
يقصد بتبعات التحرش المرتبط بالعمل تل ك اآلثار المترتبة عن رفض الخضوع ،أو رفض
من ورائها الفاعل الحصول على خطوة ذات طبيعة جنسية ،ولم االستجابة للتصرفات التي يستهد
يتعرض المشرع الجزائري شأنه شأن باقي التشريعات العربية إلى هذه المسألة.
في حين أن المشرع الفرنسي كان األسبق في فرض حماية خاصة للعامالت قد يتعرضن
للتحرش الجنسي داخل أماكن العمل ،4وامتداد هذه الحماية لكل شاهد وكل شخص له عالقة مع
األفعال ،5وهو ما أخذ به مشروع قانون العمل الجزائري.
هذه التبعات كما أورها المشرع الفرنسي قد تكون لقرارات المستخدم أو غيره من ذوي
السلطة داخل المؤسسة تبعات على التشغيل أو األجر أو التكوين أو التعيين أو التأهيل أو الترقية
عقد العمل أو عقوبات تأديبية فرض ،وهذا السرد الذي أورده المهنية أو النقل من العمل أو ووق
المشرع الفرنسي ليس سردا حصريا بدليل أن المشرع استعمل مصطلح "خاصة" حيث يمكن أن
تبعات أخرى قابلة للمس بحياة الضحية المهنية أو الشاهد.1
المشرع الفرنسي قد أقر لصالح األجير الضحية حماية خاصة تتمثل في عدم شرعية كل
تسريح عن العمل بارتباط مع أفعال التحرش الجنسي ،مما يفيد بطالن كل تسرح لعاملة قبلت
أو رفضت قبول التحرش الجنسي بقوة القانون ،وإرجاع األخيرة إلى عملها هي النتيجة الطبيعية
لهذا البطالن ،وهو ما يميز حالة التسريح هاته عن غيرها من الحاالت التي تتم بدون سبب معقول
وحقيقي ،كما أن العقوبات التأديبية المثارة بعالقة التحرش الجنسي في مواجهة العامل الضحية
أو الشهود يمكن أن يتم إبطالها كتغيير العمل أو التكوين.2
التشريع الفرنسي بإقراره لحالة استثنائية لبطالن التسريح يكون قد أعطى للضحية الحق في
طلب إرجاعه إلى عمله إلى القضاء ،3و األمر في الواقع يبقى مجرد خيار للمستخدم ،غير أن
3ألكثر تفاصيل حول هذه النقطة يمكن االطالع على الموقع التاليhttps://blog.osezvosdroits.com/wp- :
content/uploads/2015/07/Cass.-soc.-11-mars-2015-n%C2%B0-13-18603.pdf
تاريخ االطالع.2199/19/29 :
4
Art L 1153-1, C.T.Fr.
5
Art L 1153-3, C.T.Fr.
1سميرة كميلي ،مرجع سابق ،ص 231.
2سميرة كميلي ،نفس المرجع ،ص .231
3
COUTURIER )G(, Droit du travail, les relations individuelles de travail, P.U.F, 1994, p 252.
324
حماية الحياة الخاصة للعامل
الخطر الحقيقي الذي يمكن أن يهدد العاملة في مثل هذه الحالة هو لجوء المستخدم إلى إثارة أسباب
أخرى للتسريح وإخفاء السبب الحقيقي الذي هو التحرش.
ما يرجح قبول هذا الطرح أمام القضاء هو صعوبة اإلثبات الذي تواجهه العاملة الضحية ،إال
أنه في قانون العمل تبقى قاعدة لها إمكانية توفير الحماية األخيرة ،وهي قاعدة أن الشك يفسر
لصالح العاملة.4
المطلب الثاني
ضمانات حماية الخاصة في مواجهة التكنولوجيا الحديثة
إذا كان من حق صاحب العمل أن يراقب نشاط عماله وتنفيذهم للعمل ،فإن سلطته في ذلك
تأخذ أحيانا شكال غير مرئي مع ظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة وقدرتها على التقاط الصورة
والصوت ،5مما يزيد من احتماالت تهديد الحياة الخاصة للعمال.
أمام هذا التنوع في التكونولوجيا الحديثة وما أفرزته من وسائل متعددة في المراقبة ،يزداد
تهديد الحياة الخاصة للعامل مما دعا بالمشرعين الى التدخل بفرض نصوص قانونية آمرة لحظر
استخدام هذه الممارس ات في بعض األحوال ،وتنظيم استخدامها في البعض اآلخر ،بما يكفل حماية
هذا الحق وذلك من خالل تكريس العديد من الضمانات القانونية الكفيلة بمواجهة سلبيات ومخاطر
هذه الوسائل التي شاع استعمالها في أغلب المؤسسات.1
الفرع األول
ضمانات حماية الخاصة في مواجهة تكنولوجيا المراقبة
في سبيل مواجهة التهديدات التي يشكلها اعتماد تكنولوجيا المراقبة في ميدان العمل على الحياة
الخاصة للعامل ،تم وضع بعض القيود و الشروط التي يجب على صاحب العمل احترامها عند
استخدام هذه الوسائل لرقابة عماله أثناء العمل لتوفير حماية وإضفاء ضمانات على حرمة الحياة
الخاصة للعامل.
على صاحب العمل احترام بمبدأ االمانة في عالقات العمل في إعالم العمال قبل الشروع في
استعمال أنظمة المراقبة التكولوجية ،باإلضافة الى احترام النصوص القانونية وعدم اعتراضها على
هذه الرقابة ،ومدى مشروعية ومصداقية الدليل المتحصل عليه من وسائل هذه المراقبة التكنولوجية.
, Le harcèlement sexuel en droit français, discrimination ou atteinte à liberté, J.C.P, Ed.G.(D)DEFOSSEW 4
1993,Ι. 3662.
5صالح محمد احمد دياب ،مرجع سابق،ص .911
1مرنيز فاطمة ،حرمة الحق في الخصوصية للعامل في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة ،مقال منشور بمجلة نظرة على القانون
االجتماعي ،كلية الحقوق ،جامعة وهران ،العدد 13لسنة ،2193ص .911
323
حماية الحياة الخاصة للعامل
329
حماية الحياة الخاصة للعامل
نظرا ألن استخدام هذا الجهاز يسمح لصاحب العمل بتسجيل األرقام التي سبق طلبها
استرداد قيمة المكالمات وتاريخها وساعتها وتكلفة مكالمات كل جهاز تليفوني داخل المؤسسة بهد
الشخصية عند االقتضاء ،فإن المسألة تغدو مختلفة إذ يتطلب األمر ضرورة إعالم العمال مسبقا
بوجود هذا الجهاز ،وإال أصبح ما يسفر عنه من دليل في مواجهة العمال دليال غير مشروع.4
من وراء استخدام هذه ال بد على صاحب العمل إعالم عماله بوسيلة المراقبة وأيضا الهد
من الوسائل داخل المؤسسة ،فال يتحقق شرط اإلعالم بالوسائل دون شرط اإلعالم بالغاية والهد
عن هذا الهد المعلن من استخدامها ،وأي انحرا استعمالها ،ذلك أن صاحب العمل مقيد بالهد
األخرى يجعل استخدامه لهذه الوسائل غير مشروع ،وإخالالً لمبدأ األمانة في عالقات إلى أهدا
العمل.
المعلن عنها للعمال يفرغ نص المادة 2-921 أخرى غير األهدا حيث أن القبول بأهدا
من مضومنها ،ذلك أن المبدأ الوارد في النص يقتضي ضرورة تناسب الوسيلة مع من ق.ع.ق.
عن عدم أمانته ،وهو ما لصاحب العمل في سلطته ويكش المعلن ،5وأن ذلك يعتبر انحرا الهد
ورد في العديد من األحكام القضائية التي قضت بأن تسجيل المحادثات لكونه يتدخل في الحياة
الخاصة للعامل يشكل انحرافا من صاحب العمل في استعمال سلطته.1
-2اإلعالم غير المباشر
إذا كان لصاحب العمل الحق في مراقبة نشاط عماله أثناء وقت العمل ،فإنه ال يمكنه اإلعتماد
على وسائل رقابة لم يكن العمال على علم بها ،ودون إخطار لجنة المؤسسة ،واستشارتها وهو
األمر الذي يحقق بطريقة غير مباشرة إعالم العمال بقيام صاحب العمل باستخدام وسائل مراقبة
تكنولوجية.
كما قام التشريع الفرنسي بتحديد اختصاص لجنة المؤسسة في المسألة بداية مع قانون 22
أكتوبر ،21322ثم تمَ توسيع اإلختصاص في ظل قانون 91ديسمبر ،31332حيث حرص القانون
321
حماية الحياة الخاصة للعامل
األخير على تحقيق الوازن و التوفيق بين حقوق العمال وبين حق صاحب العمل في مراقبة تنفيذهم
للعمل.4
يعكس إخطار واستشارة لجنة المؤسسة مبدأ العالنية والوضوح في مجال استخدام التكنولوجيا
الحد يثة للمراقبة في المؤسسة ،حيث يمكن لها التأكد من أن احتماالت االعتداء على الحقوق
المبتغى من استخدام هذه الوسائل.5 األساسية للعمال له مبرراته ويتاسب مع الهد
غير أنه إذا لم يكن هناك عمال في المكان الذي سيتم تركيب أجهزة المراقبة به فالحاجة
إلستشارة لجنة المؤسسة ،إذ ليس هناك اعتداء على حقوق العمال النعدام المراقبة المباشرة أو غير
المباشرة لنشاط العمال.
هذا ما تم اعتماده في قرار الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 91
يناير ،2001حيث قضت بشرعية تسريح أحد السائقين العاملين في المؤسسة ،بناءا على خطئه
الجسيم الذي ثبت من خالل تسجيل كاميرا المراقبة ،أثناء سرقته لمخزن المؤسسة ،رغم أن صاحب
المؤسسة لم يخطر لجنة العمال قبل استخدم نظام المراقبة ،بحكم أن المخزن ال يتواجد به عمال.1
لعل أهم الضمانات التي منحها التشريع الفرنسي لمنع االعتداء على الحياة الخاصة للعامل
عند استعمال الوسائل التكنولوجية في المراقبة ،إعطاء الممثل العمالي دورا في منع االعتداء ويبقى
إلى منع االعتداء قبل وقوعه. دور الممثل العمالي دور وقائي فقط يستهد
الوسائل التكنولوجية الحديثة تظهر في المؤسسة بصدد مراقبة العمال بدون علمهم ،وتدخل
من خالل اقناع صاحب الممثل العمالي يسمح بانهاء هذا االعتداء ،واتخاذ ما يلزم لعالج الموق
العمل بضرورة سحب الوسيلة المستخدة في المراقبة ،أو سحب أدلة االثبات التي تحصل عليها من
خالل وسائل غير مشروعة في المراقبة.2
3هذا ما نصت عليه المادة Art L 432-2-1من ق.ع.ف الواردة بالقانون رقم 9339-12الصادر في 9112/92/39التي رأت
ضرورة أن يتم إخطار لجنة المؤسسة استشارتها مسبقا عند اتخاذ قرار باستخدام وسائل أو تكنولوجيات تسمح بمراقبة العمال.
والنص الحرفي لهذه المادةة ورد كاآلتي:
Art L 432-2-1 du C.T.fr : «… Le comité d'entreprise est informé et consulté, préalablement à la décision de
mise en oeuvre dans l'entreprise, sur les moyens ou les techniques permettant un contrôle de l'activité des
salariés ».
4صالح محمد احمد دياب ،مرجع سابق،ص 911.
5صالح احمد دياب ،نفس المرجع ا،ص 911.
1
Cass. Soc, 39 Janv2001, R.J.S, 4/10, N°405.
2
Art L 422-1 du C.T.fr .
321
حماية الحياة الخاصة للعامل
غير أنه ليس للمثل النق ابي دور في حماية العامل من االعتداء في حالة وقوع فليس له سلطة
بالغاء التسريح اذا اتخذه العامل بناءا على اعتداء مس الحقوق والحريات األساسية للعمال ،3وهذا
كان رأي القضاء الفرنسي الذي أثار الكثير من الجدل الفقهي.4
ثانيا :عدم تعارض وسائل المراقبة اإللكترونية مع النصوص القانونية
تتعدد وتتنوع المخاطر المهددة للحياة الخاصة للعامل وحرياته في إطار عالقة العمل بتعدد
وتنوع وسائل المراقبة المستخدمة من قبل صاحب العمل لمراقبة نشاط عماله ،ولهذا كان للتشريع
الفرنسي دور بارز في مجال حماية حقوق وحريات العمال في ظل عالقة التبعية ورقابة صاحب
العمل ،باصداره لعدة نصوص قانونية تنظم المراقبة االلكترونية في ميدان العمل.
ساهم التشريع الفرنسي في إضفاء الحماية على الحياة الخاصة للعامل في مواجهة مخاطر
التكنولوجية الحديثة ،سواء من خالل نصوص قانون العمل أو نصوص القانون الجنائي ،كما كان
للمشرع الفرنسي بادرة بأن قام بتحديد الحريات الشخصية للعامل التي يتوجب على صاحب العمل
أخذها في الحسبان عند وضعه النظام الداخلي للمؤسسة.
- 1الحماية المقررة بموجب نصوص قانون العمل
إن تركيب الوسائل التكنولوجية في المراقبة في أماكن العمل سواء كانت كاميرات مراقبة
أو أجهزة تنصت أو أجهزة تحويل المكالمات وغيرها ،يعتبر إجراء جائز رغم مساسه بحريات
العمال ،شرط احترام صاحب العمل لبعض الضوابط وإال اعتبر معتدِ على حريات وحقوق العمال
لديه ،ومن أهم هذه الضوابط:
- 1- 1مـبدأ الشفافـية
خطى المشرع الفرنسي خطوة هامة في مجال حماية حقوق وحريات العامل ،في ظل عالقة
التبعية ورقابة صاحب العمل ،محاوال التوفيق بين حق هذا األخير في رقابة حسن سير العمل
بمؤسسته ،وبين حق العمال في المحافظة على حقوقهم واحترام حياتهم الخاصة.
مبدأ الشفافية 1بشأن الطرق المستخدمة للتقييم المهني تضمنت المادة L1121-1من ق.ع.
للعمال ،2ويقتضي هذا المبدأ ضرورة إخطار صاحب العمل العمال عزمه استخدام وسائل تكنولوجية
3
Cass.soc, 10 Déc.1997, Dr.soc, 1998, p 130.
4
FFROUIN )J-Y(, La protection des droits de la personne et des libertés du salarié, cach.soc, B.P, France,
1998, n°99, p 131.
1محمد حسن قاسم ،ارجع سابق ،ص .933
2
L121-1 du C.T.fr: « Le candidat à un emploi est expressément informé, préalablement à leur mise en
œuvre, des méthodes et technique d’aide au recrutement utilisés à son égard. Le salarié est informé de la
même manière des méthodes et techniques d’évaluation professionnelles mises en œuvre à son égard… ».
321
حماية الحياة الخاصة للعامل
للمراقبة في أماكن العمل التي يتواجد بها العمال عادة ألداء عملهم ،والتزامه بإعالم واستشارة لجنة
المؤسسة قبل استخدام هذه األجهزة في أماكن العمل.3
األمر الذي يتيح لممثل العمال إخطار صاحب العمل في حالة اإلستخدام غير المشروع للهذه
النظم ،إضافة إلى إخطار صاحب العمل لجنة المعلوماتية والحريات CNILبأنظمة المعالجة
المعلوماتية للبيانات ذات الطابع الشخصي.4
وعليه فإن فقيام العامل بأداء ال عمل ،ال يعني تنازله عن حقه في حياته الخاصة ،بل يحتفظ
ببعض الجوانب منها ،التي تبقى مالزمة له حتى داخل المؤسسة ،وأثناء وقت العمل ،فيحتفظ بحريته
في الكالم وقد يفضي إلى اآلخرين ممن معه ببعض الخصوصيات المتعلقة بحياته الخاصة ،فال
يجوز تسجيله أو مراقبتها دون علمه.5
أما في مجال سلطة صاحب العمل في مراقبة اتصاالت ومراسالت العامل ،أو استعماله لشبكة
األنترنت ،أوالبريد االلكتروني له ،أو غير ذلك من األشكال التي استحدثتها التكنولوجيا ،6فإنه يجب
على صاحب العمل إخطار العامل بوجود وسيلة لمراقبة اتصاالته ورسائله ،كما أنه ال ينبغي أن
تنصب الرقابة إال على العناصر الضرورية الالزمة إلجراء الراقبة ،كمدة زيارة المواقع ،وأكثر
المواقع التي زارها العامل وليس على مضمون الرسائل أو المواقع.1
يلجأ بعض أصحاب األعمال قصد وضع حد الستخدام العمال لشبكة األنترنت في العمل
ألغراض شخصي ة إلى إدراج بعض الشروط وإصدار الئحة داخلية؛ تتضمن قواعد تنظيم أو حظر
استخدام شبكة األنترنت ،ويشترط في تلك الالئحة أن يكون هدفها حماية األمن والنظام داخل
المؤسسة طبقا للمادة L122-39من ق.ع. .
فضال عن ذلك يلتزم صاحب العامل قبل إصدار هذه الالئحة باستشارة لجنة المؤسسة،
وعرضها على مفتش العمل لمراجعتها والتأكد من عدم مساسها بحقوق العمال وحرياتهم طبقا للمادة
L122-35من ق.ع ، .وفي حالة وجود نزاع فإنها تخضع لرقابة القضاء.
أصدرت اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات ،مجموعة من التوصيات للتوفيق بين سلطة
صاحب العمل في وضع هذه القواعد وبين رغبة صاحب العمل في تصفح مواقع الشبكة أو اإلطالع
331
حماية الحياة الخاصة للعامل
على رسائلهم اإللكترونية ،حيث أوصت أصحاب العمل بالسماح للعمال بالدخول إلى مواقع الشبكة
تحت إشرافه ،شريطة أن ال يؤدي ذلك إلى التأثير على اإلنتاجية أو زيادة نفقات اإلنتاج.2
يفتقد التشريع الجزائري لمثل هذا النصوص ضمن قانون عالقات العمل ،ولكن النظام الداخلي
للمؤسسة باعتباره مصدرا من المصادر المهنية لقانون العمل ،قد يتضمن من مثل هذه النظم شريطة
بها قانونا للعمال ،سواء بمقتضى نصوص قانونية أو يلغي الحقوق واالمتيازات المعتر أال يخال
أو تنظيمية أو اتفاقية جماعية وفقا لما تنص عليه المادة 11من القانون رقم .99/11
إن الحريات الخاصة المتعلقة بشخص العامل واسعة ال يمكن حصرها ،وعلى سبيل االستدالل
حاول المشرع الفرنسي تحديد بعض هذه الحريات بموجب تعليمة ،3ومن المستحسن للتشريع
4
صاحب العمل في الحد من الحريات الشخصية الجزائري أ ن يأخذ بهذه المبادرة لكي ال يتعس
عند اعتماده على الوسائل التكنولوجية في المراقبة داخل أماكن العمل.
- 2- 1مـبدأ المالئمـة
المنشود ،فال بد من مراعاة يقصد بهذا المبدأ التناسب بين الوسيلة المستعملة وبين الهد
المراد تحقيقه من خاللها، صاحب العمل لمبدأ المالئمة بين وضع هذه الوسيلة في المراقبة والهد
و كذا طبيعة المهام الموكل للعمال تحت الرقابة وطبيعة قطاع العمل.
هذا ما أقره التشريع الفرنسي بموجب المادة 2-921من قانون العمل التي تقضي بضرورة
المعلن ،كما ينص قانون العمل الفرنسي في المادة L1-1120على أنه تناسب الوسيلة مع الهد
ال يجوز تقليص الحقوق والحريات الفردية أو الجماعية إال إذا كانت مبررة بطبيعة المهام الموكلة
المراد تحقيقه.1 إليهم ومتالئمة مع الهد
بحق صاحب العمل في مراقبة عماله من خالل كاميرات القضاء الفرنسي بدوره يعتر
المراقبة ،حال وجود أسباب موضوعية تدعو لذلك ،مع التأكد من ضرورة أن تتوافر لهذه الوسيلة
339
حماية الحياة الخاصة للعامل
المعايير األساسية ،من حيث مراعاتها لمبدأ المالئمة ،2كما هو الحال في تأمين سالمة المؤسسة
ومنع السرقات ،مع وجوب إعالم العمال بوجود هذه المراقبة مسبقا.3
يتم التحقق من توفر مبدأ المالئمة من خالل إستشارة لجنة المؤسسة ،قبل إعمال نظام
المراقبة ،وترى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات بهذا الصدد أن المناقشة الجماعية بين صاحب
العمل وأعضاء لجنة المؤسسة يشكل جوهر هذا المبدأ ،فالعالقة غير متكافئة بين صاحب العمل
وعماله؛ وفقا لطبيعة عقد العمل ورابطة التبعية ،ال تحقق مبدأ المالئمة والتناسب ولو تم إعفاء
صاحب العمل من شرط إخطار ممثلي العمال ،لتمكن من تجال قواعد قانون العمل.4
وتطوير العمل تجدر اإلشارة في هذا الصدد ذكر قانون 9112/92/39المتعلق بالتوظي
لبعض الوق ت وتأمين البطالة ،الذي يعود له الفضل في إقرار المباديء الحامية للعمال في مواجهة
استخدام التكنولوجيا الحديثة ،والتي أدخلت إلى صلب قانون العمل الفرنسي ،5فال شك أن المبادىء
التي أتى بها قانون 9112تشكل ضمانة أساسية للعمال في مواجهة المراقبة من خالل الوسائل
التكنولوجية الحديثة.
ذكرت التعليمة الوزاري الصادر في 93مارس 9113أنه وبموجب المادة 2-921من
خاصة تبرر ذلك، قانون العمل الفرنسي ،ال يمكن اللجوء لوسائل المراقبة إال حينما توجد ظرو
وعلى ذلك فإن الحياة الخاصة للعامل وحقوقه الشخصية ال يمكن المساس بها أو وضع قيود عليها
به العامل وبالقدر المناسب لتحقيق الهد .1 إال إذا اقتضت طبيعة العمل المكل
أما عن التشريع الجزائري ،فالمالحظ أن قانون العمل حتى ولو لم يتضمن من النصوص ما
يعد مواجهة مباشرة لمخاطر مراقبة العمال عن طريق كاميرات المراقبة والتي يكمن أن تنال من
خصوصية العامل ،فإن النصوص التي تتضمن حماية الحياة الخاصة للعامل بصفة عامة يمكن من
خاللها مواجهة مثل هذه المخاطر.
القانون المدني الجزائري أيضا في المادة 41يحمي الحقوق اللصيقة بالشخصية ،التي تعتبر
الحياة الخاصة أحد أهم عناصرها ،إلى جانب القواعد العامة لتنفيذ العقد كمبدأ حسن النية والذي
يمكن اإلستناد اليه لاللتزام صاحب العمل الشفافية واإلعالم المسبق للعمال عند اللجوء لتقنية
332
حماية الحياة الخاصة للعامل
المراقبة بالكاميرا 2داخل مكان العمل كما نص عليه التشريع الفرنسي ،إضافة إلى القواعد العامة في
في استعمال الحق التي يمكن أن تكون أساسا لمبدأ المالئمة الذي قرره قانون العمل مجال التعس
الفرنسي.
-2الحماية المقررة بموجب النصوص الجزائية
كان من األنسب أن نستعرض في إيجاز النصوص القانونية المعمول بها وذات الصلة
بموضوعنا لنحدد منها ما يتضمن حماية للعامل في خصوص المراقبة عبر هذه الوسائل التكنولوجية
الحديثة على مستوى القانون الجزائي ،حيث أصبحت تشكل تهديدا النتهاك الحياة الخاصة للعامل،
وذلك باعتبار أن هذه التكنولوجيا قد تمس بصورة العامل أو بسرية اتصاالته أو بحرمة مراسالته.
- 1- 2حماية صورة العامل في مواجهة تكنولوجيا المراقبة
قد يشكل اعتماد نظام المراقبة التكنولوجية في مكان العمل اعتداءا على الحياة الخاصة للعامل
من خالل اإلعتداء على صورته وهيئته ،باعتبار أن الصورة تعد مظهرا من مظاهر الحق في
الحياة الخاصة.3
في صدد الحماية الجنائية للحق في الصورة نجد التشريع الفرنسي نص في قانون العقوبات
على جنحتي تسجيل األشخاص بواسطة الكاميرات بدون رخصة وتحويل الصور الملتقطة عن
أهدافها ،وقد جاء النص على هاتين الجنحتين في المادة IV-10من القانون الفرنسي الصادر في
9113/19/29المتضمن التوجيه والبرمجة في الميدان األمني.
فيما يتعلق بجنحة التسجيل عن طريق كاميرا المراقبة ،يعاقب القانون فيها على عدم الحصول
على رخصة إدارية مسبقة قبل اإلقدام على كل تسجيل بواسطة هذه الوسيلة ،وتتطلب هذه الرخصة
اتخاذ إحتياطات معينة يجب احترامها.
كان ،وفي أي مكان أياً كان ،وفي أي ظر حيث يمنع إجراء عمليات المراقبة من طر
كان ،كما يجب اتخاذ تدابير االعالم المسبق بوجود تقنية التسجيل بواسطة كاميرا المراقبة ،حيث
يجوز للشخص المعني اإلطالع على هذه الصور التي تخصه وإمكانية اإلحتجاج عليها أمام المحاكم
للدفاع عن حياته الخاصة.1
333
حماية الحياة الخاصة للعامل
فيما تتولى الجنحة الثانية الواردة في المادة IV-10من نفس القانون من ردع واقعة تحويل
المخصصة لها ،إذ يمكن أن يقع استعمال تعسفي لتلك الصور المسجلة بواسطة الصور عن األهدا
كاميرات المراقبة.
سار الفقه نحو نفس االتجاه واعتبر أن مجرد التقاط صورة العامل بغير علمه يشكل اعتداء
على حميمية حياة الخاصة ،ذلك أن المراقبة من خالل كاميرا الفيديو بطريقة غير ملحوظة تسمح
برصد أقل تحرك من قبل العامل ،أقل تغيير لوجهه ،على نحو تلغي معه أي مساحة من
الخصوصية ،2أكثر من ذلك فإن المراقبة من خالل كاميرا الفيديو والمالحقة المستمرة من خاللها
لتصرفات العامل وتحركاته يثير لديه مشاعر انعدام الثقة والحقوق ،واإلحساس بالضغط النفسي
المستمر عليه.3
التشريع الجزائري جرَم أيضا التقاط أو نقل صورة الغير في مكان خاص وذلك باستخدام
جهاز أيا كان نوعه في المادة 311مكرر ،حيث نصت على أنه "يعاقب بالحبس مدة ال تزيد عن
سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن ...التقط أو نقل بجهاز من األجهزة أيا كان
نوعه صورة الشخص في مكان خاص" ،وبهذا يكون المشرع قد بسط حماية أكبر وأوسع للحياة
الخاصة لألفراد تشمل حتى العمال.
في القانون المصري ،استلهم المشرع نص المادة 391من قانون العقوبات الفرنسي القديم
إلى قانون العقوبات نصا جديدا هو نص المادة 311مكرر بمقتضاها جرم المشرع وأضا
المصري االعتداء على حرمة الحياة الخاصة من خالل االلتقاط والنقل بجهاز أيا كان نوعه لصورة
شخص في مكان خاص ،وذلك في غير األحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضا المجني عليه.
يالحظ أنه إذا كانت الجريمة وفقا للنصوص السابقة ال تقوم إال إذا التقطت الصورة لشخص
في مكان خاص ،فقد سبق لنا وأن رأينا بأن كل من القضاء والفقه الفرنسي يعتبر مكان العمل مكانا
خاصا حيث ال يمكن الدخول إليه بدون إذن صاحب العمل.1
يستثنى من ذلك بعض أم اكن العمل المفتوحة للجمهور ،حيث في هذا المجال يجب التفرقة بين
المكان المخصص للبيع للجمهو كالمحالت فهو ال يعتبر مكان خاص ،وبين غيره مما ال يسمح
للجمهور بدخوله دون إذن مثل المكاتب والمخازن ،فهي أماكن خاصة.
2
CHIREZ (A) et BOUGHANNI-PAPI (P), Vidéosurveillence, droit à l’image et vie des salariés, Bulletin
social Français, Lefebvre 1994, n°14, p 569 et s.
3
CADOUX (L), Vidéosurveillence et protection de la vie privée et libertés fondamentales, Rapport présenté
devant la CNIL, le 30/11/1993, p 12.
1ألكثر تفاصيل الرجوع إلى الباب األول ،الفصل األول ،المبحث األول ،المطلب الثاني ،الفرع األول المعنون بعناصر الحياة
الخاصة المتفق عليها ،ص .24
334
حماية الحياة الخاصة للعامل
نفس االتجاه سار عليه الفقه العربي الذي اعتبر أن معيار الحماية هو ضرورة وجود المجني
عليه في مكان خاص ال يسمح بــدخوله إال بإذن ،2وهـذا المفـهوم هـو الذي يعـطي صفة
حرمة الحياة الخاصة ،هذه الصفة ال نجدها في المكان العام المفتوح للكافة. 3
تجدر االشارة أن كال التشريعين الجنائيين الجزائري والمصري سايرا التشريع الجنائي
الفرنسي القديم في اشتراطه التقاط الصورة في المكان الخاص كمبرر النتهاك الحياة الخاصة من
خالل المادة ، L391لكن الغريب في األمر أن هذه التشريعات لم تواكب التعديالت التي أدخلها
المشرع الفرنسي من خالل تعديليه لهذه المادة وإحالل مكانها المادة L226-1التي استغنت عن
شرط المكان الخاص.
- 2- 2حماية سرية اتصاالت العامل في مواجهة تكنولوجيا المراقبة
التنصت التلفوني بشكل عام تحضره القوانين وال تجيزه إال في نطاق محدود وألسباب قوية
وبإذن من القاضي المختص وما ينطبق على االتصال التليفوني يمكن أن ينسحب على االتصاالت
عموما ،وما يطبق على سرية المراسالت ينطبق على الرسائل االلكترونية.4
من أهم الضمانات التي جاء بها التشريع الفرنسي لحماية سرية االتصاالت ،إصداره للقانون
الذي يحضر االتصاالت والتجسس عليها ،حيث تحظر 1
رقم 949-19بتاريخ 91جويلية 9119
المادة 23منه على أي شخص كان تركيب أجهزة أو معدات بغرض التنصت أو اعتراض
أو تحويل أو استعمال أو إذاعة االتصاالت التليفونية.
يعتبر المشرع الفرنسي المحضورات الواردة في المادة 23من القانون المذكور أعاله
بمثابة جرائم طالما توافر لها القصد ،كما أن المادة L186-1من قانون العقوبات الفرنسي تجرم
التجسس على االتصاالت التليفونية على النحو الوارد في المادة 23من القانون السابق الذكر.
تم التأكيد على حرمة سرية االتصاالت في قانون العقوبات الفرنسي أيضا بموجب نص
المادة L226-1التي تعتبر قيام صاحب العمل بتسجيل أقوال العامل مساسا بحياته الخاصة ،والتي
تشترط في األقوال التي يتم تسجيلها أن تتصل بألفة الحياة الخالصة ،2كما اشترط ضرورة توفر
القصد الجنائي.
2محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات الخاص ،دار النهضة العربية ،مصر ،9114،ص ،114أيضا ممدوح خليل بحر،
مرجع سابق ،ص ،41وعصام أحمد البهجي ،مرجع سابق ،ص 911.
3انظر صافية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .311
4صالح محمد احمد دياب ،مرجع سابق ،ص.921
1
Loi n° 91-686 du 10 Juillet 1991, J.O.13 Juillet 1991, p 9167.
2القضاء الفرنسي وسع مفهوم ألفة الحياة الخاصة فجعلها تمتد الى الحياة العاطفية والزوجية والعائلية ،والحالة الصحية ،وأيضا
األراء والمعتقدات..الخ ،انظر :ابراهيم عيد نايل ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في قانون العقوبات الفرنسي ،دار النهضة
العربية ،2000 ،ص.60
333
حماية الحياة الخاصة للعامل
هذا ما أخذ به القضاء الفرنسي حين قضى بأن صاحب العمل الذي يضع وسيلة خفية اللتقاط
المحادثات التليفونية لعمال ي كون بالضرورة قد قصد تسمع أحاديث تتصل بألفة الحياة الخاصة،3
منذ صدور قانون 91جويلية 9111المتعلق بالحياة الخاصة أصبح القضاء الفرنسي يعطي أولوية
لحماية الحق في الحياة الخاصة ،فقد أدان في معظم الحاالت كل التسجيالت السرية ألقوال العامل
التي صدرت عنه أثناء وقت العمل أو في مكانه استنادًا إلى النصوص الجزائية 4والمدنية 5التي
تكفل هذه الحماية.
أكثر النصوص اعتمادا كان المادة L226-1من قانون العقوبات الفرنسي التي تعاقب على
كل اعتداء على حرمة الحياة الخاصة بأي تنصت كان أو تسجيل أو نقل أقوال أو أحاديث صدرت
عن شخص في مكان خاص بأي جهاز كان ودون رضاه.
كانت تشترط أن تتم سبق الذكر عند دراسة الحق في الصورة أن المادة L391ق.ع.ق.
كال من جريمة التقاط الصورة أو التنصت في المكان الخاص ،وكان القضاء الفرنسي يعتبر المكان
الخاص الذي تقصده المادة السابقة هو المكان الذي ال يمكن ألحد دخوله إال بإذن شاغله.1
لكن الوضع تغير بعد تعديل المادة L391من ق.ع.ق ، .إذ حلت محلها المادة الجديدة وهي
المادة L226-1التي لم تعد تشترط المكان الخاص كشرط لتحقق الجريمة ،وبناءا عليها
تعتبراالتصاالت سرية رغم إجرائها في مكان عام وتحضى بحماية القانون.
بدوره التشريع العقابي الجزائري يحظر التجسس على الغير بأية وسيلة كانت ،وذلك بنص
المادة 313مكرر الفقرة األولى على أنه" :يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة
من 31.111د.ج إلى 311.111د.ج كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة لألشخاص بأية
تقنية كانت وذلك بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية ،بغير إذن صاحبها
أو رضاه" ،ويشترط لقيام هذه الجنحة توافر شروط معينة لعل أهمها هو نية المساس بالحياة الخاصة
للضحية.2
3
BADINTER (R), Le droit et l’écoute électronique en droit français, publication, Faculté de droit et sciences
تاريخ االطالعpolitique et économiques d’Amiens, 1971-1972, p 21, https://www.u-picardie.fr.2199/12/91 :
4
Art l226- 1 du C.pén.fr.
5
Art 9 du C.civ.fr.
1
C.A, Besanson, 05 Juin 1978, j, 457, Note R.LINDON.
هذا ما ذهب إليه الفقه المصري اعتبر مكان العمل مكان الخاص ،وعرف المكان الخاص على أنه "المكان المغلق الذي ال يمكن أن
تنفذ إليه نظرات الماس من الخارج أو أن يلجأ إلليه الغير إال بإذن من صاحبه" ،تعريف محمود عبد الرحمن ،مرجع سابق ،ص
911.
انظر أيضا مصطفي عبد الحميد العدوي ،الخصوصية في مكان العمل ،مرجع سابق،ص ،991-991حيث يرى أن "المكان
الخاص هو الذي ال يجوز لغير شخص أو أشخاص معينين دخوله أو اإلطالع على ما يجري بداخله إال بإذن من له الحق في
استعماله أو االنتفاع به".
2صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .311
339
حماية الحياة الخاصة للعامل
3انظر المواد 226-15 ،226-1من قانون العقوبات الفرنسي الجديد ،وكذلك المادة األولى من قانون سرية المراسالت التي تتم
من خالل وسائل االتصاالت االلكترونية الصادر في 9119/11/91والمعدل والمتمم بالقانون الصادر في .2114/11/11
331
حماية الحياة الخاصة للعامل
بتاريخ 92أكتوبر ،3 2114حيث قضت فيه حق العامل في احترام حياته الخاصة حتى في وقت
ومكان العمل ،وأنه ينبغي على وجه الخصوص احترام سرية مراسالته ،وأن صاحب العمل ال
يمكن بالتالي انتهاك هذه الحرية األساسية بقراءة الرسائل الشخصية التي بعث بها العامل أو استقبلها
من خالل جهاز الكمبيوتر المتاحة له في عمله ،وهذا حتى وإن كان صاحب العمل قد حظر
االستخدام غير مهني ألجهزة العمل.
من خالل المقارنة مع التشريع الفرنسي ،نالحظ أنَ المشرع الجزائري لم يأخذ باالعتبار
ال وسائل التكنولوجيا الحديثة عن تجريمه لألفعال المشكلة للجرائم الماسة بحرمة سرية المراسالت،
وبالرغم من أن قانون العقوبات نص على حماية حرمة المراسالت باعتبارها عنصر من عناصر
الحياة الخاصة.
إال أنه لم يتطرق إلى الوسائل االلكترونية للمراسالت ،وهذا ما يتضح من خالل نص في
المادة 909المستحدثة بالقانون رقم 29-00بتاريخ 20ديسمبر ،2000إذ تقضي بأن " كل من
رسائل أو مراسالت موجهة إلى الغير وذلك بسوء نية وفي غير الحاالت المنصوص يفض أو يتل
عليها في المادة 192يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وبغرامة من 25.000دج إلى
100.000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين".
في حين نجد أن الفقرة الثانية من المادة L226-15من قانون العقوبات الفرنسي تنص على
أنه... " :يعاقب بالعقوبة نفسها عملية اعتراض -بسوء نية -أو اختالس أو إفشاء سر االتصاالت
المسلة أو المسلمة أو التي تصل عن طريق وضع أجهزة مخصصة لمثل هذا االعتراضات".1
هذه الفقرة تتعلق بالمراسالت الالسلكية طبقا للما ورد في المادة 92من قانون البريد
الفرنسي ،التي تعدد كل المراسالت المعروفة حاليا سواء بالفاكس أو بالمينتال أو عن طريق شبكة
االنترنت ،إلى غاية أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال.2
- 3الحماية المقررة بموجب نصوص خاصة
إن االتجاه متزايد لدى أصحاب األعمال نحو تزويد مؤسساتهم بالتقنيات التكنولوجية الحديثة
مراقبة األداء الفردي المهني للعامل ،وإما بقصد الوقاية من السرقات للمراقبة ،وذلك إما بهد
3
.12 octobre 2004, N° de pourvoi : 02-40392, Bull 2004 V N° 245 p. 226الملحق رقم 12 Cass.soc,
1النص الكامل للمادة 93-229من قانون العمل الفرنسي:
Art 226-15 : « Le fait, commis de mauvaise foi, d'ouvrir, de supprimer, de retarder ou de détourner des
correspondances arrivées ou non à destination et adressées à des tiers, ou d'en prendre frauduleusement
connaissance, est puni d'un an d'emprisonnement et de 45000 euros d'amende. Est puni des mêmes peines le
fait, commis de mauvaise foi, d'intercepter, de détourner, d'utiliser ou de divulguer des correspondances
émises, transmises ou reçues par la voie des télécommunications ou de procéder à l'installation d'appareils
conçus pour réaliser de telles interceptions ».
2صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص 319.
331
حماية الحياة الخاصة للعامل
والمخالفات األخرى التي ترتكب تجاه أدوات العمل ،وإما لتحقيق اعتبارات األمن والسالمة بصفة
عامة ،وهذا ما دعانا إلى التطرق إلى النصوص القانونية الخاصة بالمعلوماتية من جهة والمنظمة
عند أهم الضمانات الكفيلة بحماية حق العامل في حياته ألجهزة المراقبة من جهة ثانية للوقو
الخاصة.
- 1- 3الحماية المقررة بموجب قانون المعلوماتية
تطرق المشرع الجزائري من خالل قانون الوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم
واالتصال ومكافحته 3إلى حماية الحياة الخاصة في المادة الرابعة منه المتعلقة بالحاالت التي يتم
اللجوء فيها إلى المراقبة اإللكترونية ،في الفصل الخاص باإلتصاالت اإللكترونية ،غير أنه لم يدرج
ضمن هذه الحاالت إمكانية لجوء صاحب العمل إلى مثل هذه الوسائل ،كما لم يتطرق إلى شروط
اإلتصاالت اإللكترونية استعمال هذه األجهزة ،كما لم يأتي على ذكر كاميرات المراقبة ،حيث عر
موضوع الوقاية في المادة األولى على أنها أي تراسل أو استقبال عالمات أو اشارات أو كتابات
أو صور أو أصوات أو معلومات مختلفة بواسطة أي وسيلة إلكترونية.
من خالل المقارنة مع التشريع الفرنسي ،نرى أنه لم يتولنى عن حماية الحق في الحياة
الخاصة عبر وضع العديد من القوانين المختلفة ،لعل أهمها قانون 19جانفي 9111المتعلق
بالمعلوماتية والحريات ،5حيث تطرق إلى إلى نظم الكاميرات ،والتي تشمل ثالث تقنيات ،األولى
هي تقنية المراقبة التلفيزيونية التناظرية ،أما الثانية فتتمثل في تقنية المراقبة التلفيزيونية التناظرية
مع إجراء تسجيل للصور والمشاهد ،بينما تتمثل الثالثة في تقنية المراقبة التلفيزيونية الرقمية.2
نظام عملها ،فإذا تم اللجوء إلى الطريقة األولى الحماية القانونية هنا باختال وبهذا تختل
التي تعتمد على الموجات التناظرية ،دون اللجوء إلى المعالجة المعلوماتية للصورة؛ بمعنى التصوير
اآلني فقط دون تسجيل أو حفظ ،فإنه هذه الحالة ال تنطوي على أية تسجيالت للصورة ،وبالتالي ال
تشكل أي مساس يهدد الحياة الخاصة ،ومن ثم ال تتوفر أي حماية قانونية لهذا النوع من التصوير.3
أما إذا تم اللجوء إلى نظام المراقبة التلفيزيونة التناظرية مع تسجيل وتخزين الصور والمشاهد
دون التعديل فيها ،حيث أن هذا النظام يقتصر فقط على التسجيل والتخزين ،فإن اللجنة الوطنية
للمعلوماتية والحريات تعتبر أن الصورة المسجلة يمكن أن تتشابه مع الملفات غير اآلنية للبيانات
3القانون رقم 14-11المؤرخ في 13أوت 2111المتعلق بالوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحته،
ج.ر عدد 41الصادرة بتاريخ 99أوت .2111
5
Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés, Modifié par Loi
n°2004-801 du 6 août 2004 - Art. 1 JORF 7 août 2004.
2صالح محمد دياب ،مرجع سابق ،ص 939.
3
gabriel BENESTY, Le clair-obscur du contrôle de la vidéosurveillance, https://blogavocat.fr.تاريخ اإلطالع:
.2199./12/91
331
حماية الحياة الخاصة للعامل
اإلسمية ال تطبق عليها القوانين الموضوعية لقانون المعلوماتية والحريات ،وإنما تطبق عليها قواعد
الحماية القانونية التي ينص عليها قانون العقوبات.4
أما عند استخدام نظام المراقبة الرقمية ،وباعتبار أن هذا النظام يسمح باستدعاء معلومات عن
الصورة ومعالجتها آليا ،ويمكن من خالل المعالجة التركيب أو التعديل أو اإلضافة ،وهذا ما يقتضيه
نظام التقننية الرقمية للمراقبة ،ولهذا يرى الفقه الفرنسي أن نصوص القانون الخاص بالنظام
المعلوماتي تنطبق أحكامه تمام بشأنه ،باعتبار أن الصور أصبحت كأنها بيانات إسمية في نظام آلي،
وبالتالي ينبغي عند إعمال هذا النظام اتباع اإلجراءات المتعلقة بالبيانات اإلسمية ،ذلك أن النظام
الرقمي يملك القدرة على تخزين الصوت والصورة معا ومعالجتها بواسطة الحاسب اآللي. 5
4
Art 226.C.pén.fr .
du Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 94 5 Art
1المرسوم الرئاسي رقم 221-93المؤرخ في 22أوت 2193المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة
بواسطة الفيديو ،ج.ر ،عدد ،43الصادرة بتاريخ 23أوت .2193
341
حماية الحياة الخاصة للعامل
الجزائري لم يوضح من خالل المرسوم الجديد رقم 221-93أيَ من النوعين اعتمد ،حيث أنه من
خالل النظ ر إلى عنوان المرسوم نجده يتضمن مصطلح المراقبة ،بينما إذا اطلعنا على مواده ذات
الصلة بالموضوع يتضح أنها قصدت تركيب هذه الكاميرات في الطرق المؤدية إلى المؤسسات
اإلقتصادية الكبرى ،والمعنى األقرب إلى الفهم أن المشرع الجزائري قصد كاميرات الحماية ال
المراقبة.
المشرع الفرنسي كانا سباثا في معالجة هذا الموضوع ،حيث أصدر قانونا خاص بالمراقبة
التلفيزيونية منذ سنة ،9113بموجب القانون رقم 13-13الصادر بتاريخ 19جانفي 9113
والمعدل سنة ،62199حيث فرق هذا القانون بين تركيب هذه األجهزة في األماكن العامة واألماكن
الخا صة ،كما ميز بين كاميرات الحماية وكاميرات المراقبة ،وبذلك قلص مهام اللجنة الوطنية
للمعلوماتية والحريات ،حيث أصبحت ال تتعدى التسجيالت البصرية لكاميرات المراقبة المزودة
بالخدمة الرقمية والتي يمكن من خاللها معرفة الشخص بطرقة مباشرة أو غير مباشرة،
من هنا ي تضح أن حماية الحياة الخاصة والحريات العامة أصبحت بالتناوب بين اللجنة الوطنية
للمعلوماتية ووزارة الداخلية ،ممثلة في اللجنة الوالئية ،فإذا كان طلب المعني يستوجب معه وجود
كاميرات رقمية لحماية األماكن الخاصة وكذا للمراقبة شأن المؤسسات اإلقتصادية ،هنا يحال الطلب
إلى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات هذه األخيرة تمارس الرقابة على هذا النظام.
إلى حفظ النظام أما دور اللجنة الوالئية فإنها تتولى إعمال نظم كاميرات الحماية والتي تهد
العام وأألمن الوطني ،والتي تكون في األماكن العامة والمفتوحة للجمهور ،حيث أن تركيب هذا
النوع من الكاميرات يجب أن يكون برخصة من قبل رئيس المحافظة ،وهي سلطة حصرية له مع
تجديدها كل خمس سنوات ،والرخصة هي التي تحدد نوع التقنية الواجب استعمالها.
من أجل إعمال هذه الكاميرات بغض النظر عن هدفها ،أقر التشريع الفرنسي من خالل قانون
حماية الحق في حرمة الحياة الخاصة ،من الذكر مجموعة من الضمانات بهد 13-13الس ال
بين هذه الضمانات:
-يجب على اللجنة الوطنية إصدار دليل في متناول المعنيين بالمراقبة ،يعلق في األماكن
المرجوة من تركيب هذا النوع من الكاميرات، المخصصة لهم ،ويتضمن األهدا
واألماكن الخاضعة لها.
6
Loi n° 95-73 du 21 janvier 1995 d'orientation et de programmation relative à la sécurité, JORF n°0020
du 24 janvier 1995.
349
حماية الحياة الخاصة للعامل
-تحديد وسيلة اتصال ،وذلك عن طريق تحديد هيئة يلجأ إليها كل شخص يهمه الحصول
على معلومات تخص تقنيات المراقبة.
-حق كل شخص تم تصويره أن يطلب من المسؤول عن نظام المراقبة محو صورته
أو طمسها وعدم اإلحتفاظ بها لمدة تزيد عن شهر.
-لكل ذي مصلحة أن يخطر اللجنة اإلقليمية بالمعوقات والصعوبات الناشئة عن إعمال
نظام المراقبة.
تجدر اإلشارة أن هذا القانون ال يعتبر التصوير بكاميرات الحماية معلومة إسمية ،إال إذا كان
يشكل ملفا أو سجال إسميا ،ويرى الفقه أنه ال ينطبق عليه قانون المعلوماتية والحريات ،ومن ثمة
فال يشترط عند تثبيت هذه الكاميرات القيام بإخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات.1
الفرع الثاني
ضمانات حماية الخاصة في مواجهة تكنولوجيا المعلوماتية
قطع المشرع الفرنسي شوطا كبيرا في مجال حماية الحياة الخاصة لألفراد عموما ،والعمال
على وجه الخصوص ،فمع ظهور الحاسب اآللي وما يتمتع به من قدرة فائقة في تخزين وتسجيل
وعرض المعلومات والعتعامل معها ومعالجتها آليا قام المشرع الفرنسي بإصدار قانون العلوماتية
والحريات ،وإنشاء اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات ) (CNILكسند للحماية واستلزام ضرورة
الحصول على موافقتها عند لجوء المؤسسة إلى الملفات اآللية ومعالجتها بمعرفة الحاسب اآللي.1
هذا وحيث تكاد تنعدم أحكام خاصة في التشريع الجزائري بشأن حماية المعلومات االسمية
نتناول في هذا الموضع من باستثناء النصوص المستحدثة مؤخرا في قانون العقوبات ،فإننا سو
البحث إ لى دراسة في التشريع الفرنسي ومقارنته ببعض التشريعات العربية المقارنة ،حيث أن
المشرع الفرنسي جاء بعدة ضمانات عند جمع المعلومات السمية واستخدامها أو االطالع عليها
أو نقلها ،إلى جانب ضمانات أخرى متعلقة بالمعالجة اآللية لها.
أوال :ضمانات جمع المعلومات االسمية باستخدام تكنولوجيا المعلوماتية
إن التوسع في استخدام األنظمة التكنولوجية الحديثة في ميدان العمل كان مصدر تساؤالت
عدة في فرنسا بشان انعكاساتها على المعلومات اإلسمية والتي يطلق عليها اآلن البيانات ذات الطابع
الشخصي ).(donnés à carectére personnel
1
LEFEBVRE (S), op.cit,p 103.
1صالح محمد أحمد دياب ،مرجع سابق ،ص .919
342
حماية الحياة الخاصة للعامل
حيث يقع على عاتق صاحب العمل التزام بحماية المعلومات الشخصية لعماله باعتبارها امتداد
لحياتهم الخاصة ،من خالل تأمين سريتها ،وإضفاء شفافية على التعامل بها من خالل عدة ضمانات
قانونية تشمل االلتزام بجمع المعلومات الضرورة عن العامل ،وحظر تجميع المعلومات ذات الطابع
العرقي أو الديني.
- 1االلتزام بجمع المعلومات الضرورية عن العامل
المعلومات أو البيانات ذات الطابع الشخصي بكونها البيانات التي يمكن عن طريقها تعر
االستدالل على هوية شخص ما سواء كانت صرحت تلك البيانات بهوية ذلك الشخص ،أو احتوت
في مجموعها على بيانات يمكن عن طريق معالجتها تحديد هوية الشخص.
يتجه بعض الفقه إلى تعريفها على أنها المعلومات التي تسمح بشكل مباشر أو غير مباشر
عليه أيا كان شكلها أو خصائصها وسواء كانت رقمية أم حرفية، بتحديد الشخص الطبيعي والتعر
يمكن قراءتها أو رؤيتها أم كانت شفرة ،و سواء كانت في شكل صورة ثابتة أم متحركة أو في شكل
نبرة صوت.1
أولت التشريعات الدولية المختلفة اهتماما كبيرا بحماية حق األفراد بصفة عامة والعمال بصفة
خاصة في الحياة الخاصة نظرا إلعتماد أنماط الحياة المعاصرة بإطراد على البنى التكنولوجية في
أوجه اإلدارة واإلتصال ،ما نتج عنه تعاظما كبيرا في كمية البيانات التي تحوذها المؤسسات مختل
العامة والخاصة.
ما استدعى أن ينظر المشرع بوجه العناية إلى الكيفية التي يتم بها جمع وحفظ ومعالجة
البيانات التي يمكن أن تحتوي على معلومات خاصة بالعمال ،وما قد ينتج عن اساءة استخدامها من
انتهالك لخصوصيتهم ،وذلك في ظل فراغ تشريعي جزائري يضمن الحياة الخاصة في مواجهة
تكنولوجيا المعلوماتية.
في سبيل ضمان حرمة الحياة الخاصة من جمع البيانات الشخصية للعمال أصدر التشريع
الفرنسي عدة نصوص قانونية مكرسة لهذه الحماية ،أبرزها القانون رقم 91/11المؤرخ في 19
جانفي9111المعدل ، 2المتعلق بالمعلوماتية والملفات والحريات في المادة األولى منه على أن
"المعلوماتية يجب أن تكون في خدمة المواطنين وال يجب أن تحمل أي اعتداء على شخصية
1
LEFEBVRE (S(, op.cit, p 176.
2تم تعديل هذا القانون عدة مرات ،أهم تعديل له كان بموجب القانون المذكور أدناه :
Loi n° 2014-344 du 17 mars 2014, Journal officiel du 18 mars 2014.
المتاح على الموقع االتي https://www.cnil.fr/fr/loi-78-17-du-6-janvier-1978-modifiee :تاريخ اإلطالع.2199./12/91 :
343
حماية الحياة الخاصة للعامل
أو حقوق االنسان أو الحياة الخاصة أو الحريات الفردية أو العامة" ،والتوجيهة األوروبية رقم
49/13الصادر في 9113المتعلق بحماية البيانات الشخصية.3
ليس من الضروري أن تتعلق المعلومة بسرية اليحاة الخاصة ،فعناصر األنشطة العامة يمكن
أن تدخل في إطار الحماية القانونية وفقا لمفهوم المعلومات االسمية الوارد في قانون ،49111وال
ينبغي أن تمس المعلومات بالكرامة االنسانية أوبحقوق االنسان أوبالحياة الخاصة ،ويكون للشخص
بالتالي الحق في الدخول إلى هذه المعلومات ،والحق في اإلطالع عليها ،وتصحيحها إذا كانت غير
صحيحة أو ناقصة ومحوها إذا كانت محظورة.5
يشترط التشريع الفرنسي أن يتم جمع المعلومات الضرورية عن العامل والالزمة لتحقيق
والغاية المعلن عنها في اإلخطار المقدم إلى لجنة المعلوماتية والحريات ( ،)CNILكما الهد
تشترط التوجيهة األوروبية بالنسبة للبيانات الشخصية أن تكون متناسبة ومرتبطة بالغايات التي
جمعت من أجلها وإال تكون متجاوزة للغايات.
كما يشترط أيضا إخطار الشخص وإعالمه بوجود هذه المعلومات ،وإخطاره بحقه في
الدخول إلى المعلومات وحقه في تصحيح ما هو ناقص أو غامض أو غير صحيح منها ،مع
ضرورة إعالم الشخص المعني بمدى حقه في الرد على األسئلة إجباري أواختياري ،والنتيجة
المترتبة على عدم الرد على أحد األسئلة.1
من بين الضمانات الواردة في مجال المعلوماتية مبدأ الشفافية والوضوح فيما يتعلق بمضمون
بالغاية ونوعية المعلومات التي يتضمنها ،ومجموع العمليات التي تتعلق به ،وحظر اإلنحرا المل
المعلنة من جمع أو معالجة هذه المعلومات.2
كان لبعض الدول العربية تجارب في حماية البيانات الشخصية ،من بينها تونس التي أصدرت
قانون رقم 93لسنة 2114الخاص بحماية المعطيات الشخصية ،3وبموجبه تحظر جمع البيانات
الشخصية إال ألغراض مشروعة ومحددة وواضحة.
3
Directive 95/46/CE du Parlement européen et du Conseil, du 24 octobre 1995, relative à la protection des
personnes physiques à l'égard du traitement des données à caractère personnel et à la libre circulation de ces
données.
4
Art 3 de la loi 6 Janvier 1987.
5
Art 6 de la Directive 90/46 CE.
1ترى اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات بفرنسا أن الشخص المسؤول عن الملفات ملزم بإخطار الشخص المعني في حالة جمع
معلومات اسمية تتعلق بالشخص المعني ولو تم عن طريق الغير حتى يتمكن هذا األخير من ممارسة حقه في االعتراض على
المعلومات المتعلقة به ،انظر صالح محمد احمد دياب ،المرجع السابق ،ص 913.
2
Art L 226-21 du C.pén.fr .
3القانون األساسي رقم 93المؤرخ في 21جانفي ، 2114المتعلق بحماية المعطيات الشخصية ،الرائد الرسمي ،عدد ،21الصادر
في 2114.
344
حماية الحياة الخاصة للعامل
اشترط هذا القانون وجوب أخذ موافة الشخص المعني باألمر ،وأناط القانون إلى الهيئة
الوطنية لحماية المعطيات الشخصية منح تصاريح الحصول على البيانات ،كما اشترط هذا القانون
أن تكون البينات المجمعة لتحقيق مصلحة حيوية للشخص المعني باألمر أو ألغراض علمية ثابتة.
من جهتها المغرب أصدرت قانون حماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات
الطابع الشخصي سنة ،2111وضع هذا القانون إجراءات للحفاظ على سرية المعطيات الشخصة،
وأوجب القيام باجراءات تقنية وتنظيمية مالئمة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من االتال
أو اإلذاعة.4
4ظهير شريف رقم 9.11.13الصادر في 91فبراير 2111لتنفيذ القانون رقم 11.11المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه
معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
1تجدر اإلشارة أن المادة 91-229من قانون العقوبات الفرنسي الجديد تعاقب في غير األحوال المصرح بها قانونا ،بالسجن 3
سنوات وغرامة 311ألف يورو ،على القيام بالوضع بالوضع أو الحفظ في ذاكرة معلوماتية دون رضا صريح من الشخص
المعني بيانات ذات طابع شخصي ،تظهر مباشرة أو غير مباشرة ،أصوله العرقية ،أو اآلرائه السياسية أو الفلسفية أو الدينية،
أوانتمائه النقابي أو تتعلق بحالته الصحية أو توجهاته الجنسية.
343
حماية الحياة الخاصة للعامل
من خالل اإلطالع على ما ورد في نص المادة 1السابقة الذكر ،يتبين أنه ليس من ضمن
االستثناءات ما يخص عالقة العمل في ذاتها ،ولذلك يتعين على صاحب العمل عند إجراء المراقبة
على عماله باستعماله للوسائل التكنولوجية الحديثة التقيد بمبدأ الحظر.2
ذلك أنه وإذا كانت المادة 1قد استثنت من الحظر الذي أوردته حالة وجود اعتبارات تتعلق
بالمصلحة العامة تبرر إجراء تجميع البيانات ذات الطابع الشخصي ومعالجتها آليا دون الحصول
على الرضاء الصريح من قبل الشخص ال معني ،فمن الصعب اإلدعاء بأن مراقبة العامل يشكل
اعتبارا تبرره المصلحة العامة.
يتضح إذا كان المشرع الفرنسي قد تدخل لوضع نظام يكفل حماية البيانات التي تتعلق
بالشخص ،مما يعني حماية الحياة الخاصة له ،متى كانت هذه البيانات تناولت مفردات حياته هذه،3
فإن ال تكنولوجيا الحديثة في مظاهرها المختلفة وحين استخدامها كأداة لمراقبة العامل وتقييم أدائه
تبدوا عصية ألن تخضع لبعض أحكام هذه الحماية ،حيث أظهرت هذه التكنولوجيا الحديثة وبالنظر
إلى تقنياتها عدم مالئمة بعض أحكام الحماية التي كفلها المشرع.1
ثانيا :ضمانات حماية المعلومات االسمية في مواجهة المعالجة اآللية لها
ال تستغني المؤسسات عند مراقبة العمال عن إجراءا المعالجات اآللية للمعلومات المتعلقة
بنشاطها وعمالها ،ويقصد بهذه المعالجة اآللية للمعلومات جميع العمليات التي تتم بوسائل آلية
وتتعلق بجمع أو تسجيل أو استنباط أو تعديل أو حفظ أو محو معلومات اسمية ،وكذلك جميع
العمليات التي لها نفس الطبيعة والتي تتعلق باستعمال أو استغالل الملفات أو القواعد البيانية
وخاصة االطالع على المعلومات االسمية.2
- 1ضمانات مشروعية المعالجة اآللية للمعلومات الشخصية للعامل
التشريعات بحمابة الحياة الخاصة من أي اعتداء عليها بواسطة جهاز الحاسب اهتمت مختل
اآللي ،الذي عتبر من أخطر الوسائل التكنولوجية اعتداء على أسرار الحياة الخاصة ،ومع التقدم
والتطور غي نظم المعلومات والحاسب اآللي.
أصبحت المؤسسات تستخدم في اإلدارة والتعامل تنظيما آليا لتسهيل العمل والمساهمة في
سرعة الوفاء بالتزاماتها كدفع األجور ،واالشتراكات في التأمين االجتماعي وغيرها ،وأصبحت
المعلوماتية بذلك جزءا هاما وأداة أساسية من أدوات المؤسسة ،3غير أن اللجوء إلى المعلوماتية
349
حماية الحياة الخاصة للعامل
يتضمن خطرا على حقوق العمال وحرياتهم لذلك فإن المعالجة اآللية للمعلومات تخضع لرقابة
وضوابط قانونية ،أهمها هو إخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية ،التي لها دور مراقبة ما يطلب من
معلومات وطرق معالجتها ،من خالل وضعها لقواعد ينبغي على أصحاب األعمال اتباعها أثناء
المعالجة اآللية للمعلومات.
- 1- 1إخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية
أصبحت المعالجة اآللية للمعلومات في مجال العمل أمراً حتمياً ،وينبغي على المستخدم قبل
إعمالها إخطار اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات ،وينبغي أن يتضمن اإلخطار التعهد بأن تخضع
المعالجة لمتطلبات القانون ،وكل معالجة ال يتم االخطار مسبقا عنها تعتبر غير قانونية ،ويتعرض
المسؤول عن الملفات للجزاءات الواردة بالقانون.4
فيما يتعلق بالمعالجة اآللية للمعلومات الطبية للعامل ،فإن المشرع الفرنسي دفع بالحماية لمدى
أبعد عام ،9114فعمل على التوفيق بين احترام الحياة الخاصة للعامل وبين حماية البحث الطبي،
ونص على س رية وتأمين المعلومات االسمية ،مع تحديده لحقوق وااللتزامات العمال المعنيين
بالبيانات ذات الطابع الطبية ،واستلزم ضرورة إخطار لجنة المؤسسة ثم إخطار اللجنة الوطنية
للمعلوماتية والحريات للحصول على ترخيص قبل إجراء المعالجة .1
دعم التشريع الفرنسي المعالجة اآللية للبيانات الشخصية للعمال بالحماية الجنائية ،حيث تضمن
قانون العقوبات النص على جنحة المعالجة االلكترونية للبيانات الشخصية بدون ترخيص في المادة
يورو غرامة L226-16منه ،حيث قرر لها عقوبة الحبس من خمس سنوات و ثالث مئة أل
كعقوبة أصلية ،أما العقوبة التكميلية 2تتمثل في األمر بنشر الحكم باإلضافة إلى مسائلة األشخاص
المعنوية جنائيا عن ارتكابها هذه الجنحة ،وتطبيق عليها عقوبة الغرامة والحرمان من ممارسة
النشاط الذي تم من خالله ارتكاب الجريمة.3
من خالل التطرق إلى الحماية الواردة في التشريعات العربية ،حيث نجد أن التشريع التونسي
وبموجب قانون حماية المعطيات الشخصية الصادر سنة 2114السابق ذكره ،اشترط إلجراء عملية
4
Art 49 de la loi 6 Janvier 1987.
1
Loi n° 94-548 du 1 juillet 1994 , JORF n°152 du 2 juillet 1994, relative au traitement de données
nominatives ayant pour fin la recherche dans le domaine de la santé et modifiant la loi n° 78-17 du 6 janvier
1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés.
2نصت المادة L226-24من قانون العقوبات الفرنسي على عقوبات تكميلية موحد ،وردت أيضا في الفقة الثانية نقطة رقم 2منها
والتي تحيل على المادة L 313-39من نفس القانون التي تعدد هذه العقوبات التكميلية في مضمونها.
3انظر المادة L 313-39من قانون العقوبات الفرنسي للتعرف على العقوبات التكميلية التي يتعرض لها المعتدي على حرمة
الحياة الخاصة للغير عن طريق المعالجة اآللية للبيانات االسمية وذلك في النقاط من 2إلى 1منها.
341
حماية الحياة الخاصة للعامل
معالجة البيانات الشخصية ضرورة استخراج تصريح مسبق يودع بمقر الهيئة الوطنية التونسية
لحماية المعطيات الشخصية.4
التشريع المغربي بدوره ومن خالل القانون الصادر سنة 2111والمتعلق بحماية األشخاص
الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي وضع عدة إجراءات قانونية للحفاظ على
سرية المعطيات وحماية من أي شكل من أشكال المعالجة غير المشروعة ،ويشترط القانون
الحصول على إذن مسبق من اللجنة الوطنية المغربية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع
الشخصي لمعالجة المعطيات ،5ويمنح هذا اإلذن بناءا على موافقة الشخص المعني.
تعد هذه اللجنة الهيئة المغربية الرسمية التي أنيط بها حماية المعطيات الشخصية ،هذه الصفة
تسمح لها بالعمل على إضفاء المزيد من الشفافية في مجال استعمال المعطيات الشخصية من طر
المؤسسات العمومية والخاصة ،وكذا ضمان توازن بين الحياة الخاصة ألفراد وحاجة المؤسسات
إلى استعمال المعطيات الشخصية في أنشطتها.
- 2- 1مطابقة المعالجة اآللية للمعلومات للقانون
من أهم الضمانات القانونية التي أقرها التشريع الفرنسي بخصوص المعالجة اآللية للمعلومات
الشخصية للعامل ضرورة تضمين اإلخطار المقدم إلى اللجنة الوطنية للمعلوماتية تعهدا بخضوع
المعالجة لمتطلبات القانون.
هذه االجراءات إلى مراقبة مدى احترام المؤسسة المستخدمة للقانون عند قيامها تهد
بإجراءات المعالجة اآللية للمعلومات الش خصية لعمالها ،وبغية تسيير عملية المراقبة الفردية
والجماعية لعمليات المعالجة لضمان الحياة الخاصة للعمال من جراء عمليات المعالجة اآللية سيما
أنها ستتضمن معلومات تتخذ بناءا عليها قرارات تمس مصالح العمال داخل المؤسسة.1
تدخل المشرع الفرنسي لتنظيم ومراقبة ومعاقبة كل من يتعامل بالمعلومات والبيانات الخاصة
للعمال ،ذلك أن التالعب في المعالجة األكترونية للبيانات الشخصية يعرض حياة هؤالء الخاصة
4تم إنشاء هذه الهيئة بموجب قالقانون رقم 93الصادر سنة 2114المتعلق بحماية المعطيات الشخصية ،وتتمتع هذه الهيئة الوطنية
لحماية المعطيات الشخصية بالشخصية المعنوية واالستقالل المادي ،وتتكون من قضاة وممثلين لوزراء الداخلية ،والدفاع ،والتعليم
العالي ،وخبراء في مجال االتصال ،هذا إلى جانب أعضاء يتم اختيارهم من مجلس النواب والشخصيات المتصلة بالمجال.
5أحدثت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب بمقتضى القانون رقم 11-11الصادر في 91
فبراير 2111المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ،والمتاح على الموقع التالي:
.http://www.cndp-maroc.org/images/lois/Loi-09-08-Ar.pdfتاريخ االطالع. 2199./12/21 :
تم إصدار المرسوم رقم 2.11.993بتاريخ 29ماي 2111لتطبيق القانون رقم رقم 11-11المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين
تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ،والخاص باللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب،
الذي يحدد شروط وطرق تعيين أعضائها ،وقواعدها عمله...الخ ،والمتاح على الموقع التالي:
.http://www.cndp-maroc.org/images/lois/Decret-2-09-165-Ar.pdfتاريخ االطالع. 2199./12/21 :
صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،المرجع الساق،ص 912. 1
341
حماية الحياة الخاصة للعامل
للخطر ،خاصة مع التطور العلمي والتكنولوجي الذي مس هذا المجال باستخدام الحاسبات اآللية،
مما يزيد في تهديد الحريات العامة للعمال ،وحقهم في الحياة الخاصة.
إن انتشار نظام المعالجة اآللية للمعلومات والبينات قد غير الكثير من القواعد ،وقد دعت إليه
الحاجة ،لذلك اعترفت معظم الدول بهذا النظام وتبنته ،إال أن أخطار النظام اآللي لمعالجة
المعلومات على الحياة الخاصة كثيرة ،وال يسع المجال لذكرها ،حيث أنه يتمبالدخول إلى ذاكرة
الحاسب اآللي وطبع صورة من المستندات لتستعمل ألغراض غير مشروعة ،وهنا يكمن الخطر
الحقيقي على الحق في الحياة الخاصة.
جاء القانون 91/11بتاريخ 19جانفي 9111سابق التعرض إليه ،المعدل بمقتضى القانون
رقم 119-2114بتاريخ 2114/1/9المتعلق بالمعلوماتية والملفات والحرية 1لتنظيم هذا المجال
بصفة دقيقة وواضحة ،إذ تضمن نصوصا ترمي إلى حماية هوية االنسان والحياة الخاصة ،2وكذا
الحريات الشخصية.3
كما دعم قانون العقوبات الفرنسي 4هذه الحماية تصديا للجرائم المقترفة بواسطة المعالجة اآللية
عن الغرض من المعالجة االلكترونية للبيانات االسمية للبيانات الشخصية ،وأهمها جنحة اإلنحرا
الذي نصت عليه المادة L226-21من قانون العقوبات الفرنسي ،أو جنحة اإلفشاء غير المشروع
للبيانات االسمية الوارد ذكرها في المادة L226-22من نفس القانون.
في التشريع الجزائري ،وحرصا على إعطاء حماية لحرمة الحياة الخاصة ،استحدث المشرع
الجزائري في قانون العقوبات قسما سابعا مكرر ،5عالج فيه مضوع المساس بالمعالجة اآللية
للمعطيات التي تخص الحياة الخاصة في المود من 314مكرر إلى المادة 314مكرر ،1إن كان
تدخل المشرع في ه ذا المجال الحساس والخطير في آن واحد متأخرا ولكنه فعال ،6حيث جرم
األفعال المقترفة بواسطة الحاسب اآللي بغية انتهاك حرمة الحياة الخاصة.7 مختل
1
Loi Loi n° 78-17 du 6 janvier 1978 relative à l'informatique, aux fichiers et aux libertés, Modifié par
n°2004-801 du 6 août 2004 - Art. 1 JORF 7 août 2004.
2وردت هذه الحماية في الفصل الرابع من هذا القانون في المواد 23وما بعدها.
protection de la vie MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p 399, KAYSER, « La:3 Voir notamment
privée par le droit, Protection du secret de la vie privée », op.cit, p 249.
4دعمت الحماية الجنائية للحق في حياة الخاصة عن طريق المعالجة اآللية للبيانات الشخصية بموجب القانون الصادر بتاريخ 19
أوت ،2114في المادة 94منه.
5تم إدراج القسم السابع مكرر في الفصل الثالث من الباب الثاني الخاص بالجنايات والجنح ضد األفراد تحت عنوان" :المساس
بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات".
6تدخل المشرع الجزائري في هذا الموضع مرتين:األولى في سنة 2114بموجب القانون رقم ،93/14المؤرخ في
،2114/99/91وذلك بالنسبة للمواد 314مكرر 3إلى 314مكرر ،1والثانية بموجب القانون رقم 23/19المؤرخ في
،2119/92/21بالنسبة للمواد 314مكرر 314 ،مكرر 314 ،9مكر2.
7حسام الدين كامل األهواني ،حماية الحياة الخاصة في مواجهة الحاسب اآللي ،مرجع سابق ،ص 41وما بعدها.
341
حماية الحياة الخاصة للعامل
كما قرَر المشرع الجزائري أيضا مسؤولية الشخص المعنوي إذا ارتكب تلك األفعال
المنصوص عليها في هذا القانون ،8بأن ق رر عقوبة الغرامة تعادل خمس مرات الحد األقصى
للغرامة المقررة للشخص الطبيعي كعقوبة أصلية ،دون اإلخالل بإمكانية تقرير عقوبات تكميلية
مناسبة وفقا للمادة 91مكرر.
أما فيما يخص بعض التشريعات العربية التي أولت الموضوع عناية خاصة بإصدارها لقوانين
تهتم بحما ية المعالجة اآللية للبيانات الشخصية ،ال سيما التشريعين التونسي والمغربي ،فإن كالهما
عهدا للجنة الوطنية الخاصة لمراقبة حماية البيانات ذات الطابع الشخصي بمهمة التحقق من أن
عمليات المعالجة تتم بشكل قانوني ،وأنها ال تمس بالحياة الخاصة أو بحقوق االنسان األساسية
أو الحريات.
- 2ضمانات حماية العامل أثناء المعالجة اآللية للمعلومات الشخصية
يتم استخدام المعلوماتية في المؤسسة في ثالث مجاالت ،األول هو التنظيم اإلداري والمالي
للعمال والتعامل مع البيانات المحاسبية واالحصائية وعالقة ذلك بالجهات الحكومية وهيئات التأمين
االجتماعي ،أما المجال الثاني يتمثل في دورها في تخطيط وتنظيم القوى البشرية في المؤسسة
وتحديد االحتياجات المتوقعة في حالة إعادة الهيكلة.
إلى التقدير في حين أن المجال الثالث يشمل المعالجة اآللية للبيانات الشخصية التي تهد
النوعي لسلوك وكفاءة العمال عند تعيينهم أو ترقيتهم أو تدرجهم الوظيفي ،وهنا المعلوماتية لها دور
مساعد في اتخاذ القرار المتعلق بإدارة المؤسسة.1
- 1- 2الحق في االعتراض
للعامل الحق في االعتراض على المعلومات التي تتعلق به وتكون محال لمعالجة آلية ،وهو
حق شخصي يفترض سلفا اخطار العامل به ،وكان محال إلحدى توصيات اللجنة الوطنية
للمعلوماتية والحريات.
أكد التشريع الفرنسي هذه الحماية في المادة 31من قانون 19جانفي 9111المعدل السابق
الذكر ،والتي اعتمدت تقريبا ذات الصياغة التي كانت تتضمنها المادة 23من هذا القانون قبل تعديله
سنة .2114
ورد نص المادة 31من القانون المذكور في الفقرة األولى والثالثة منها على أنه "يجوز لكل
شخص طبيعي أن يعترض ،ألسباب مشروعة على أن تكون بعض البيانات ذات الطابع الشخصي
8منصوص عليها في المواد 314مكرر و 314مكرر 9و 314مكرر 2من قانون العقوبات الجزائري.
1صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع ساق،ص 11.
331
حماية الحياة الخاصة للعامل
المتعلقة به محال للمعالجة ....وذلك فيما عدا الحاالت التي تكون فيها المعالجة لهذه البيانات إعماال
اللتزام قانوني ،أو حين يكون الحق في االعتراض قد تم استبعاده بنص صريح بمقتضى اإلجراء
الذي صرح بالمعالجة".2
يشمل حق االعتراض حق العامل في السؤال عن وجود ملفات له في المؤسسة ،كما أن
للعامل الحق في اإلعتراض على المعالجة اآللية التي تفضي إلى نتائج في غير مصلحته كما لو
تعلق األمر برفض ترقيته أو نقله إلى منصب عمل آخر ،1والبد أن يتضمن الحق في االعتراض
على األسباب والمبررات المفضية إلى النتيجة ،إلى جانب اإلعتراض على البرمجيات المستخدمة
التي أعطت هذه النتائج.
الحق في االعتراض ،حق العامل في التأكد بأن المعلومات المعالجة ال يمكن أن من أهدا
تطول حياته الخاصة ،فضال عن سرية هذه المعلومات في تخزينها وحق العامل في اإلطالع عليها
وتعديلها بما علة نحو سابق بما ال يمس حياته الخاصة.
- 2- 2الحق في اإلطالع وطلب التصحيح
يقصد به حق العامل في االطالع على كل ما يتعلق به من معلومات بناءا على طلب كتابي
يقدمه إلدارة المؤسسة ،وحقه في تعديل البيانات أو بعضها المتعلقة به على أن يتـم التعديل بمعرفة
إدارة الملفات أو الجهة التي لديها هذه الملفات.2
الفقه أيضا الحق في االطالع على أنه حق الشخص في معرفة مضمون البيانات يعر
المتعلقة به والتي كانت محال للمعالجة ،3هذا الحق يمهد لحق العامل المعني بهذه البيانات في طلب
تصحيحها إذا ما كان لذلك من مقتضى.4
أما الحق في تصحيح المعلومات يعني قدرة الشخص المعني على إعادة تأكيد شخصيته وذاتيته
الحقيقية حينما تهتز هذه الشخصية في أعين اآلخرين من خالل معلومات غير صحيحة عنه،5
وينبغي إخطار العامل بحقه في الدخول إلى المعلومات وحقه في تصحيح ما هو ناقص وغامض
أو غير صحيح منها.6
2
Art 38 : « Toute personne physique a le droit de s’opposer, pour des motifs légitimes, à ce que des données
à caractère personnel la concernant fassent l’objet d’un traitement....Les dispositions du premier alinéa ne
s’appliquent pas lorsque le traitement répond à une obligation légale ou lorsque l’application de ces
dispositions a été écartée par une disposition expresse de l’acte autorisant le traitement ».
1
LYON-CAEN (G) : Les libertés publiques et l’emploi, op.cit, p 122.
2صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق،ص .13
3حسام الدين كامل األهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،مرجع سابق ،ص .43
4محمد حسن قاسم ،المرجع السابق ،ص .291
5
Art 26 de la loi 39 Janvier 1987, et l’article 26 de la loi 40 Janvier 1987.
6صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق ،ص .913
339
حماية الحياة الخاصة للعامل
يعطي القانون الفرنسي الحق للعامل في اإلعتراض على المعلومات االسمية التي تخصه
والتي تكون محال للمعالجة ،7حيث تنص المادة 31من قانون 9111المعدل الخاص بالمعلوماتية
أن لكل عامل الحق في مراجعة المسؤول عن معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي ،بقصد التأكد
من معالجة بيانات ذات طابع شخصي تتعلق به ،أو عدم إجراء مثل هذه المعالجة.
هذه المعالجة ،والجهات التي في حالة المعالجة يكون له الحق في طلب معلومات عن أهدا
تبلغ لها هذه البيانات ،والحصول على بيان مضمون البيانات ذات الطابع الشخصي المتعلقة به،
وكذلك المعلومات المتعلقة بطرق وأسس المعالجة اآللية لهذه البيانات.1
بعد النفاذ إلى البيانات ذات الطابع الشخصي التي كانت محال للمعالجة واإلطالع عليها للعامل
المعني طبقا للمادة 41من قانون 9111المعدل أن يطلب من المسؤول عن هذه المعالجة ،وبحسب
األحول تصحيح هذه البيانات أو تكملتها ،أو تحديثها أو محوها إذا كانت هذه البيانات غير صحيحة
أو غامضة أو تغيرت ،أو كانت بيانات غير مصرح بها قانونا بتجميعها.2
المبحث الثاني
الضمانات القضائية لحماية الحياة الخاصة للعامل
له بها القانون، يمثل المساس بالحياة الخاصة للعامل اعتداء على حق من حقوقه التي اعتر
وقد يترتب على هذا المساس أضرار مادية أو أدبية تصيب العامل أو المتقدم للعمل جراء اعتداء
صاحب العمل على حرمة حياته الخاصة.
إذا كان اعتداء صاحب العمل على الحياة الخاصة هو اعتداء على حق ،فما هي الوسيلة
القضائية التي يلجأ إليها العامل لدفع هذا االعتداء أو منعه من باب أولى ،فإن لم يكن فعلى األقل
حصوله على تعويض جبرا لألضرار التي أصابته من المساس بحياته الخاصة.3
في ضوء ما تقدم نعالج فيما يلي ،وفي هدى ما توفر لدينا من أحكام القضاء لمسألتين ،األولى
نحاول من خاللها التطرق إلى الدعوى القضائية كضمانة لحماية الحق في الحياة الخاصة للعامل،
والثانية نتناول فيها الضمانات التي يشترطها القضاء في الدليل التكنولوجي كوسيلة لإلثبات ومدى
الحماية التي يوفرها للحياة الخاصة للعامل.
7
Art 26, la loi 6 Janvier 1987.
1محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص 292.
2حسام الدين كامل األهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،مرجع سابق ،ص 33وما بعدها.
3صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق ،ص .293
332
حماية الحياة الخاصة للعامل
المطلب األول
الدعوى القضائية كضمانة لحماية الحياة الخاصة للعامل
يستفاد من النصوص القانونية المنظمة لحماية الحق في احترام الحياة الخاصة بأن صاحب
الحق الشخصي له الحق في رفع دعو ى قضائية كضمانة لحماية حقه ضد أي اعتداء على حياته
الخاصة.
يرجع اتجاه فقهي أهمية ذلك إلى الدور التكميلي لقيام المسؤولية التقصيرية بتوفير حماية
لبعض الحقوق الشخصية ،أو على األقل تقدير ألي من عناصرها ،في ظل عدم وجود تشريع
صريح ينص على حماية الحق في الحي اة الخاصة ،وقد يكون بسبب التطور التكنولوجي
والمعلوماتي أو التقني في المجاالت التي يتسع نطاقها الكتساب الحق الشخصي وممارسته.1
غير أن وجود بعض الدعاوى القضائية آثارت إشكالية المساس بالحياة الخاصة التي تكون قد
ناشئة عن عالقة عقدية 2جعل اتجاه فقهي آخر يرى أن أساس الدعوى القضائية يقوم على
المسؤولية التقصيرية و المسؤولية العقدية.3
ألن اإلعتداء على حرمة الحياة الخاصة قد يقع نتيجة خطأ تقصيري في عدم احترام الحياة
الخاصة للغير ،وقد يقع نتيجة إخالل بالتزام عقدي كان يقضي بعدم التعرض المدين المتعاقد لحرمة
الحياة الخاصة للمتعاقد معة.4
تمخضت بعض أحكام القضاء المستندة لقواعد المسؤولية التقصيرية عن تدخل تشريعي من
جانب المشرع الفرنسي بموجب القانون الصادر في 91جويلية ،59111والذي بموجبه تم النص
على حق كل انسان في احترام حياته الخاصة.6
أما التشريع الجزائري شأنه شأن غالبية التشريعات العربية المقارنة ،لم ينص على هذا الحق
بشكل مصريح ومستقل ،وإنما نص بوجه عام على حماية الحقوق المالزمة للشخصية وذلك من
خالل المادة 41من القانون المدني والتي تنص على أنه " لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع
هذا االعتداء مع التعويض عما يكون قد في حق من حقوق المالزم ة لشخصيته ،أن يطلب وق
لحقه من ضرر".7
1سعيد السيد قنديل ،التأثير المتكامل للمسؤولية التقصيرية على الحقوق الشخصية ،مرجع سابق ،ص 914.
2
Cass. 3 em civ, 25 Février 2004, D 2004, p 630.
3
Cristophe CARON, De la violation de la vie privée dans le contrat de bail, D.2004, p 1631.
4صفية بشاتن ،المرجع السابق ،ص .423
5
Loi n° 70-643 du 17 juillet 1970 tendant à renforcer la garantie des droits individuels des citoyens.
6
T. Civ. Paris, 27 Février 1967, D.1967, p 451, Note B.BARDOT.
7تقابلها المادة 31من القانون المدني المصري ،والمادة 41من القانون المدني ااألردني ،والمادة 49من القانون المدني العراقي.
333
حماية الحياة الخاصة للعامل
انطالقا من فحوى هذه المادة ،تتبع الحماية الفعالة للحق في احترام الحياة الخاصة في السماح
أوال لصاحب الحق في اتخاذ اإلجراءات الوقائية الكفيلة بمنع االعتداء أو وقفه إن كان قد بدأ ،فإن
وقع واستحال بالتالي دفعه أو منعه كان للعامل أن يطلب تعويض الضرر الذي أصابه من جراء
االعتداء.8
الفرع األول
اإلجراءات الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل
تعد اإلجراءات الوقائية السبيل األمثل لحماية الحق في الحياة الخاصة لوصفه حقا من حقوق
الشخص ية ،ألن من المعلوم أن الوقاية خير من العالج ،باإلضافة إلى أن هذه اإلجراءات تمثل
الحماية الحقيقية للحق في الحياة الخاصة والتي بمجرد المساس بها ينحصر أثر الحماية في محاولة
جبر الضرر الذي تحقق وإصالحه.
هذا األمر تكون جدواه محدودة في نطاق حقوق الشخصية التي يفضل حمايتها من اإلعتداء
قبل وقوعه ،إذ من الصعوبة بمكان محو آثار هذا االعتداء مهما بلغ مقدار التعويض وذلك بخال
ما عليه الحال مع باقي الحقوق األخرى.1
أوال :شروط اللجوء إلى االجراءات الوقائية
حدد المشرع الفرنسي في المادة التاسعة من القانون المدني الشروط التي يمكن بمقتضاها أن
يتخذ القاضي اإلجراءات الوقائية ،حيث ورد في الفقرة الثانية منها على أن "للقضاة أن يتخذو كافة
أي مساس بألفة الحياة الوسائل مثل الحراسة والحجز وغيرها من اإلجراءات ،لمنع أولوق
الخاصة ،ويمكن أن يلجأ قاضي األمور المستعجلة إلى هذه اإلجراءات متى توفرت شروط
االستعجال ،وذلك دون المساس بحق الشخص في التعويض عما يصيبه من ضرر".2
الدعوى االستعجالية هي وسيلة التخاذ االجراءات الوقائية ويترتب ،ويترتب عن ذلك
االستقالل والتميز في الشروط الموضوعية عن شروط الدعوى العادية ،خاصة وأن الدعوى
8صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،نفس المرجع ،ص 229.
1بيرك فارس ،حسين الجبوري ،حقوق الشخصية وحمايتها المدنية ،دراسة مقارنة ،دار الكتب القانونية ،مصر ،2199 ،ص
.393
2
C.civ.fr , Art 9 : « Chacun à droit au respect de sa vie privée».
« Les juges peuvent, sans préjudice de la réparation du dommage subi, prescrire toutes mesures, telles que
séquestre, saisie et autres, propres à empêcher ou faire cesser une atteinte à l'intimité de la vie privée : ces
mesures peuvent, s'il y a urgence, être ordonnées en référé ».
334
حماية الحياة الخاصة للعامل
االتسع جالية تقوم على عنصر االحتمال ،كما أنها ال تتطلب تقديم وسائل االثبات ألنه يكفي فيها
3
حماية الحالة الظاهرة
- 1شرط االستعجال
الفقهاء في تعريفه ،فيرى البعض أن االستعجال هو الضرورة التي ال تتحمل التأخير يختل
أو الخطر المباشر الذي ال يكفي التقائه رفع دعوى عن طريق االجراءات العادية ،فيما يرى
أخرون أنه الضرورة الداعية إلى اتخاذ اإلجراء المؤقت المطلوب وهي حالة الخطر العاجل الذي ال
تجدي في اتقائه االلتجاء إلى القضاء العادي.
على هذا األساس يقر المشرع الفرنسي في المادة التاسعة من القانون المدني إجراءات وقائية،
حيث يجيز للقاضي متى توافر شرط االستعجال أن يأمر بهذه اإلجراءات دون إخالل بحق المعتدى
عليه في طلب التعويض ،فله أن يأمر برفع أجهزة التنصت أو التجسس أو برفع كاميرات المراقبة
من المؤسسة أو أي أجهزة أخرى من شأنها المساس يالحياة الخاصة للعامل إبان العمل ،وفي
المؤسسة أو خارجها.
أما في التشريع الجزائري ،فإن قانون اإلجراءات المدنية واالدارية يعطى الحق للقاضي
العادية أو في حالة االستعجال اإلختصاص متى توفرت أحوال االستعجال سواء في الظرو
القصوى ،وتتحقق حالة االستعجال عندما ينصب الطلب القضائي المطالبة بالحماية القانونية على
خطر حال ومدق يخشى في حالة المماطلة خلق أوضاع يصعب تداركها ،وحاالت االستعجال قد
تكون ظاهرة وحالة ،كما قد تكون متوقعة.1
االعتداء على يتضح إذن عدم وجود مانع يحول دون اللجوء إلى القضاء المستعجل لوق
الحياة الخاصة للعامل كحق من حقوق الشخصية ،ألن أهمية هذه الحقوق والتي تأتي من كونها
متعلقة بالذات اإلنسانية تجعلها في مقدمة الحقوق التي يلزم صيانتها ،بإلضافة إلى أن األضرار
الناتجة عن المساس بالحياة الخاصة غالبا ما تتسم بصعوبة إصالحها وتداركها.2
- 2عدم المساس بأصل الحق
3فيما يخص اإلثبات إذا لجأ المدعي إلى طلب وقف االعتداء فإنه ال يكلف إال بإثبات وجود اعتداء غير مشروع دون أن يضطر
إلثبات وجود فعل ضار وتحقق الضرر جراء هذا الفعل ،فمطالبته هي لتدارك وقوع الضرر ،أما إذا لجأ إلى طلب التعويض فإن
طلبه يلزمه بإثبات تحقق الضرر ،مع مالحظة أن مجرد إثبات وجود اعتداء على الحقوق اللصيقة بالشخصية فإنه يفترض معه أن
الضرر قد وقع بالفعل ،ألكثر تفاصيل انظر :جعفر محمود المغربي ،حسين شاكر عساف ،المسؤولية المدنية عن االعتداء على
الحق في الصورة بواسطة الهاتف المحمول .دار الثقافة ،المملكة األردنية ،2191 ،ص ،934وأيضا مصطفى أحمد عبد الجواد
الحجازي ،مرجع سابق ،ص 243.
1يوسف دالندة ،الوجيز في شرح األحكام المشتركة لجميع الجهات القضائية وفق قانون االجراءات المدنيو واالدارية الجديد ،دار
هومة ،الجزائر ،2111 ،ص 941.
2بيرك فارس حسين الجبوري ،مرجع سابق ،ص .391
333
حماية الحياة الخاصة للعامل
أومنع االعتداء على الحياة الخاصة يتمثل الشرط الثاني للجوء إلى االجراءات الوقائية لوق
للعامل في عدم المساس بأصل الحق ،3وقد تباينت اآلراء بشأن المقصود بهذا الشرط ،ويذهب الرأي
الراجح منها إلى أن معنى هذا الشرط هو عدم جواز التعرض لكل ما يتعلق بالحق وجودا أو عدما
أو تغيير اآلثار التي رتبها القانون أو قصدها الطرفان ،ويسير قانون االجراءات المدنية واالدارية
على نفس االتجاه حيث تنص المادة 313منه على أن ال يمس األمر االستعجالي بأصل الحق.
العامل يترتب على شرط عدم المساس بأصل الحق وجوب أن يكون الطلب المقدم من طر
إلى القضاء المستع جل طلبا مؤقتا ،ويراد بالطلب المؤقت ترتيب وضع معين حتى يفصل في أصل
الحق.1
أما بالنسبة ألثر هذا الشرط على الحق في الحياة الخاصة للعامل فيتمثل في عدم تعرض
القاضي االستعجال لهذا لمسألة وجود هذا الحق الشخصي أو عدم وجوده ،كما ال يتدخل في تقرير
أن هناك مساسا بالحق أم ال أو العامل المدعي يستحق تعويضا أم ال يستحق.
كما أنه ليس من اختصاص القاضي التأكد من صحة وجود الرضا الذي أجيز بموجبه المساس
بالحق في الحياة الخاصة للعامل ،ويترتب على ذلك أن القرار المستعجل يجب أن يكون مؤقتا جدواه
ترتيب الوضع واإلبقاء عليه لحين البت في النزاع من قبل المحكمة المختصة.
في حين أقر البعض اآلخر من الفقه أنه يجوز لقاضي االستعجال أن يبحث في أصل
الموضوع سطحيا ،وذلك بالقدر الالزم للفصل في الطلب المعروض عليه ،2خاصة متى كان
المساس بالحياة الخاصة خطير ال يحتمل ،ومع ذلك يتقيد قاضي االستعجال بهذا الشرط
الموضوعي.3
ثانيا :الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل
إن الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة باعتبارها حق من حقوق الشخصية هي تلك
اإلجراءات التي يتم اللجوء إليها للحيلولة دون أن يتحقق المساس بالحق في الحياة الخاصة 4كوسيلة
لدرأ االعتداء أو االنتهاك قبل وقوعه.
تكمن الحماية الحقيقية في منع العالنية واإلبقاء على سرية الحياة الخاصة ،وإن كانت موجودة
بكثير ،5بل إن السعي وراء الحماية بعد وقوع االعتداء قد يساعد إال أن فعاليتها ستكون أضع
3
RAVANAS (J), op.cit, p 6, KAYSER (P), op.cit, p 12.
1عباس العبودي ،شرح قانون المرافعات المدنية ،دار الكتب للطباعة والنشر ،الموصل،العراق ،2111 ،ص .321
2
BADINTER (R), « Le droit au respect de la vie privée », J.C.P, 1968, p 33,Voir egalement : R.LINDON,
Le juge des référés et la presse, D.1985, chron, p 61 et 62 .
3صفية بشاتن ،مرجع سابق،ص 331.
4بيرك فارس حسين الجبوري ،مرجع سابق ،ص 393.
5صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ، ،ص 229.
339
حماية الحياة الخاصة للعامل
الخصوصية ،فالمطالبة القضائية بالتعويض تؤدي أحيانا إلى تأصل الداء بدال من ويؤكد على كش
أن تستأصله.6
على أن للقضاة أن يتخذوا كافة الوسائل مثل تنص الفقرة الثانية من المادة 1من ق.م.
أي مساس بألفة الحياة الخاصة ،هذا يدل الحراسة والحجز وغيرها من اإلجراءات ،لمنع أو لوق
االعتداء على هذا الحق بصفة على أن المشرع الف رنسي قصد بوضوح بواسطة هذه المادة وق
الضرر. وقائية ،ولم يقصد وق
هو بذلك يكون قد أخذ بمجرد االعتداء وليس بالضرر ،مما يزيد في تأكيد اعترافه بخطورة
النظر عن المساس بالحق في الحياة الخاصة ،الذي تجب حمايته بمجرد اإلعتداء عليه ،1بصر
عن مدى خطورة الضرر ، 2هذا وإن الوسائل الوقائية التي أوردها المشرع الفرنسي في المادة
التاسعة مذكورة على سبيل المثال وليس الحصر.
حرص كل من التشريع والقضاء المقارن على كفالة الحماية المناسبة للحق في الحياة الخاصة،
وفي سبيل تحقيق هذه الحماية بشكل فعال ،أوجبت اتخاذ إجراءات وقائية لمنع وقوع اإلعتداء
أو لوقفه.
بالرغم من عدم النص على هذه اإلجراءات الوقائية صراحة في المادتين 41ق.م.ج ،والمادة
31ق.م .م على خالق القانون المدني الفرنسي الذي نص عليها في الفقرة الثانية من المادة التاسعة
كما سبق ذك ره ،فإن هذا ال يمنع من اللجوء إلى هذه اإلجراءات الوقائية استنادا إلى النصوص
المدنية األخرى التي تعرضت لها ،وكذلك استنادا إلى قوانين االجراءات المدنية والجزائية.
متى توفرت الشروط المذكورة سابقا أمكن للعامل المعتدى على حقه في الحياة الخاصة
اللجوء إلى القضاء لحماية حقه هذا ،وللقاضي السلطة التقديرية في اتخاذ ما يراه مناسبا وكافيا من
االعتداء. إجراءات لحماية حقه في الحياة الخاصة سواء عن طريق منع أو ق
على سبيل المثال في القانون المدني الفرنسي يمكن للقضاة أن يتخذو اإلجراءات الواردة في
المادة 2/1وهي الحراسة والحجز ،وكذلك غيرها من اإلجراءات األخرى ،3حيث يترك للقاضي
6حسام الدين كمال األهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،مرجع سابق ،ص .312
1
MALAURIE (PH), AYNES (L), Droit civil, les personnes, les incapacités, édition juridique associées, 3 éme
éd, France, 2007, p328.
أما في الفقه العربي :مصطفى أحمد عبد الجواد الحجازي ،مرجع سابق ،ص ، 292حسام الدين كامل األهواني ،مرجع سابق ،ص
.313
2
Voir notamment: MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p 398, RAVANAS (J), op.cit, n° 73.
3
C.civ.fr, Art 9 : « Les juges peuvent...prescrire toutes mesures, telles que séquestre, saisie et autres... ».
331
حماية الحياة الخاصة للعامل
السلطة التقديرية في تقرير إجراءات أخرى تحقق الحماية المطلوبة ،4وكذلك الحال بالنسبة للقانونين
المدنيين الجزائري والمصري.
كما أن القاضي المعروضة عليه الدعوى اإلستعجالية غير ملزم بالتقيد باإلجراء الذي يطلبه
المعتدى عليه ،بل إنه يجتهد من أجل أن يتناسب اإلجراء الذي يأمر به مع خطورة اإلعتداء وبما
القضية ،1و فيما يلي بعض اإلجراءات الوقائية التي يمكن أن تتخذ لحماية الحق ي تقتضيه ظرو
الحياة الخاصة للعامل أمام المؤسسة قبل اللجوء إلى القضاء.
- 2الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل أمام المؤسسة
اقتصر المشرع الفرنسي الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة داخل أماكن العمل ،والتي
يمكن القيام بها قبل وصول األمر إلى القضاء في دور الممثل العمالي الذي يجوز له أن يثبت
وجود مساس بحقوق وحريات العمال الفردية أو الجماعية داخل المؤسسة ال تبرره طبيعة العمل.
يتمثل دور للممثل العمالي في هذه الحالة في إخطار صاحب العمل فورا بذلك المساس بحقوق
االعتداء العمال وحرياتهم ،وينبغي إجراء تحقيق في هذا الشأن ألخذ كل االحتياطات الالزمة لوق
وتدارك الموق .2
يعتبر تحذير الممثل العمالي الخطوة األولى كإجراء أولي لتفادي اللجوء إلى القضاء ،فإن
في وجهات النظر حول حقيقة تراخى صاحب العمل عن إجراء التحقيق أو كان هناك خال
اإلعتداءات على حقوق وحريات العمال داخل المؤسسة ،كان اتخاذ الخطوة التالية لها وهي رفع
دعوى أمام المحكمة االستعجالية.3
أما بالنسبة للتشريع الجزائري فإننا نجد أن المادة 41من القنون المدني تواجه حالة المساس
أو منع بالحياة الخاصة من حيث إقرار حق المعتدى عليه أو الذي سيعتدى عليه في طلب وق
الوقوع ،فهي تقرر لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة لشخصيته
إلى حق الشخص في منع االعتداء االعتداء ينصر هذا االعتداء ،ومفهوم وق أن يطلب وق
أيضا إلى حقه في وقفه إن كان قد بدأ وال بداءة قبل وقوعه ،فالوقاية خير من العالج ،كما ينصر
زال مستمرا.4
4
KAYSER (P), Les pouvoirs du juge des référés civil à légard de la liberté de communication d’expression,
chron.2, Dalloz.1989, p .339-357.
1صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .332
2صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،نفس المرجع ،ص .223
3
Joelle BRENGUER-GUILLON et Alxandre GALLIER, Informatique et droit du travail, Gaz.pal, 16 Avril
2000, p 677.
4حسام الدين كامل األهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،مرجع سابق ،ص ،493حر ،المرجع السابق ،ممدوح خليل بحر،
مرجع سابق ،ص 449.
331
حماية الحياة الخاصة للعامل
يشمل هذا الحق على سبيل المثال استخدام كاميرا الفيديو لمراقبة العمال ،فإعماال للقانون
الفرنسي الصادر في 39ديسمبر 9112بشأن التشغيل وتطوير العمل لبعض الوقت وتأمين
البطالة ، 5أصبح لممثلي العمال الحق في التدخل لدى صاحب العمل إلخطاره بما يتم مالحظته من
قيود على حقوق العمال وحرياتهم الفردية غير المبررة مع طبيعة األعمال المطلوب القيام بها من
المنشود. قبل العمال ،أو غير متناسبة مع الهد
من هذا االخطار في اتخاذ صاحب العمل إلجراء التحقيق الالزم بقصد التوصل يكن الهد
إلى الحل الذي يوافق أحكام القانون ،1بما يعني إمكانية قيام ممثل العمل بإخطار صاحب العمل في
حالة االستخدام غير المشروع لنظام المراقبة بكاميرا الفيديو.2
-3الوسائل الوقائية لحماية الحياة الخاصة للعامل أمام القضاء
هذا يجوز اتخاذ إجراءات وقائية سريعة لمنع االعتداء على الحياة الخاصة للعامل أو وق
اإلعتداء ،حيث يجوز للعامل االذي وقع عليه االعتداء مساسا بحياته الخاصة أن يلجأ إلى القضاء
هذا اإلعتداء أو منعه ،وللقضاة أن يتخذو كافة الوسائل مثل الحجز والحراسة وغيرها لطلب وق
أي مساس بحياته الخاصة.3 من اإلجراءات لمنع أو لوق
- 1الحجز )(La saisie
تم النص على هذا اإلجراء في قوانين اإلجراءات المدنية ،4والجنائية المقارنة ،وذلك في حالة
منع المساس اإلعتداء على حرمة الحياة الخاصة مهما كانت وسيلة اإلعتداء ،كما أنها تستهد
بالحق في الحياة الخاصة أيا كانت صورة المساس ،الذي قد يتخذ شكل التجسس أو التحري عن
حياة العامل الخاصة بوسائل مختلفة.
ذلك أن القانون يعاقب كل ما يمس بالحياة الخاصة للعامل بأية وسيلة كانت من خالل التقاط
الصور أو تسجيلها أو نقلها أثناء وجوده في مكان العمل دون اتخاذ االجراءات القانونية االزمة لذلك
كالحصول على موافقته واستشارة لجنة المؤسسة وإخطار لجنة المعلوماتية.
يجوز للقاضي المعروضة عليه الدعوى االستعجالية أن يأمر بالحجز على أجهزة التنصت
أو التجسس أو برفع كاميرات المراقبة في المؤسسة ،كما له السلطة التقديرية بمنع صاحب العمل
من نشر أو إذاعة معلومات وصلت إليه عن طريق التحريات التي أجرها حول العامل والتي تتعلق
5
Loi n° 92-1446 du 31 décembre 1992 relative à l'emploi, au développement du travail à temps partiel et à
l'assurance chômage. Art 25, J.O.N°1 DU 1er Janvier 1993.
1
Art L 422-1-1 C.T.Fr.
2محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص 934.
3جعفر محمود المغربي ،حسين شاكر عساف ،مرجع سابق،ص .939
4المواد من 939إلى 111من ق.إ.م.إ
331
حماية الحياة الخاصة للعامل
بالحياة الخاصة لهذا األخير ،والمنع هنا يقصد به وفقا للمادة التاسعة منع االعتداء أو وقفه وليس
منع الضرر أو وقفه ،وهو ما يعكس رغبة المشرع في حماية الحياة الخاصة من االعتداء بغض
النظر عن الضرر.5
القاضي سيد في تقدير درجة اإلعتداء وخطورته لألمر باتخاذ إجراء الحجز من عدمه ،ويبقى
أمر الحجز إجراء استثنائي في التشريعات الحديثة ال ينظر فيه قاضي االستعجال أو قاضي
الموضوع إذا كان هو الذي ينظر في قضية االعتداء.
كما ال يمكنه الفصل في هذا اإلجراء إلى بتوفر شروط االستعجال المذكورة سالفا ،1ويعتبر
أيضا الحجز على وسيلة اإلعتداء بصفة كلية أمر استثنائي كالحجز على أجهزة المراقبة ،أو الحجز
على الصور أو رسائل أو تسجيالت لصوت العامل ،إلى غير ذلك من وسائل االعتداء على الحياة
الخاصة للعامل.
- 2الحراسة () Le séquestre
شخص أو عدة الحراسة إجراء تحفظي نموذجي يقصد به إيداع شيء متنازع فيه من طر
أشخاص بين أيدي شخص آخر ،يلتزم بإعادته بعد فض المنازعة إلى الشخص الذي يثبت له الحق
في النزاع بتحضير عناصر اإلثبات تحسبا لدعوى فيه ،وهذا اإلجراء يسمح أساسا لألطرا
التعويض يمكن أن ترفع في الموضوع ،ويرى بعض الفقه بأن الحراسة من هذا المنظور ال تشكل
حماية ضد االعتداء على الحق في الحياة الخاصة ،بل عنصر إثبات في دعوى التعويض عن هذا
االعتداء.
قد تكون الحراسة وسيلة حماية حقيقية في الحالة التي يأمر بها القاضي إلى غاية قيام المعتدي
بإلغاء أو محو الفقرات محل النزاع من التسجيالت أو الصور أو غيرها ،واللجوء إلى الحراسة في
االعتداء ،كما يتسم هذا اإلجـراء بأنه مـؤقت بإمكان محكمة مثل هذه الحالة يكون بغرض وقـ
الموضوع إلغاءه إذا تبين لها ما يدعو إلى هذا اإللغاء.2
قد يؤمر بهذا اإلجراء بوصفه إجراءا تحفضيا على بعض األوراق الصادرة عن المدعى عليه
في د عوى مسؤولية مدنية لم ترفع بعد ،شأن أوراق تخص تحريات يجريها صاحب العمل عن
الحياة الخاصة للعامل ،ولقاضي األمور المستعجلة في فرنسا أن يضع تحت الحراسة شرائط
5صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق ،ص 222.
1صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .333
2صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص 331.
391
حماية الحياة الخاصة للعامل
تسجيالت تليفيزيونية ،3شأن تسجيالت كاميرا المراقبة الموضوعة في األمكان األكثر خصوصية في
المؤسسة.
- 3بعض الوسائل الوقائية األخرى
فضال عن الحماية التي تقرر ها المادة 2/1من القانون المدني الفرنسي فإن المادة 111من
قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي تقرر حماية مشابهة تستغرق الحماية التي قررتها المادة 2/1فيما
يتعلق باالجراءات الوقائية ،إذ تقرر أنه يجوز لقاضي اإلستعجال أن يأمر باتخاذ اإلجراءات
التحفظية أو بإعادة الحالة إلى ما كانت عليها سواء كان ذلك ألجل تفادي حدوث ضرر وشيك
متاعب يبدو عدم مشروعيتها واضحا.1 أو لوق
االعتداء على أي حق من حقوق الشخصية يندرج فيه حق االنسان في حماية حياته الخاصة،
يجيز فاعتداء على الحقوق المالزمة لصفة االنسان يمثل اعتداء على ذاتية االنسان وهو مبرر كا
للقضاء أن يتدخل لتوفير ما يلزم من الحماية ،لمجرد االعتداء دون اشتراط تحقق الضرر ودون
اشتراط تعلق الفعل بجريمة جنائية أوال ،فإذا قام صاحب العمل بأفعال أو تصرفات من شأنها
المسا س بحياة العامل الخاصة كان العامل وفقا للمادة 41من القانون المدني أن يطلب وق
االعتداء كإجراء وقائي.
صور االعتداء على الحياة الخاصة وتعددها، صور عديدة باختال تشمل صور المنع والوق
والتعديل في اإلجراء الذي يمس الحياة الخاصة للعامل ،بالقدر الذي يمنع فقد تشمل التدخل بالحذ
االعتداء ،كذلك يشمل حق العامل في الرد والتوضيح والتصحيح للوقاع المتعلقة بحياته أو يوق
الخاصة ،كما لوتعلق األمر بالمعالجة اآللية للبيانات الشخصية للعامل ،كما يشمل كل إجراء يفيد في
االعتداء أو منعه قبل وقوعه. وق
الفرع الثاني
إجراءات الحماية القضائية للحياة الخاصة للعامل
إذا كان المساس بالحياة الخاصة للعامل أو االعتداء عليها قد بدأ بالفعل أو وقع ،فهنا ينشأ
للعامل الحق في التعويض عن المساس بحياته الخاص إلى جانب حقه في اإلجراءات الوقائية ،أما
إذا تم تسريحه تعسفيا للمساس بحق في الحياة الخاصة ،فهنا له الحق في المطالبة بإرجاعه للعمل.
399
حماية الحياة الخاصة للعامل
كان يبدو جليا بالنسبة لألضرار المادية ،إال أنه ليس كذلك بالنسبة لألضرار المعنوية.1
من األلم الناشيء عن االعتداء بالرغم من ذلك فإن التعويض يساهم بقدر كبير في التخفي
على الحياة الخاصة ،خاصة في الحاالت التي ال تفلح فيها اإلجراءات الوقائية في منع االعتداء
أصال ،أو أفلحت في وقفه بعد أن يكون قد بدأ فعال ،وكذلك الحاالت التي ال يرى فيها القاضي سببا
للجوء إلى هذه اإلجراءات الوقائية.2
المشرع الفرنسي غير موقفه من حيث أساس التعويض ،فبعدما كان يؤسس أحكامه على قواعد
المسؤولية المدنية الواردة في المادة 9312من القانون المدني ،أصبح يستند في تعويض االعتداء
على الحياة الخاصة إلى نص المادة 1مباشرة.
أما في التشريع الجزائري فإن التعويض في حالة االعتداء على حرمة الحياة الخاصة يجد
أساسه في المادة 41من القانون المدني ،التي تجيز الحصول على التعويض عما يكون قد لحق
المضرور من ضرر جراء االعتداء على حقه هذا ،ويستند التعويض أيضا على أساس المادة 924
من القانون المدني ،وكذلك فعل المشرع المصري في المادة 31من القانون المدني.
- 1التعويض عن الضرر المعنوي
في حالة وقوع االعتداء على الحياة الخاصة للعامل ،فإنه يحق لهذا األخير الحق في طلب
التعويض ،إلى جانب حقه في طلب اتخاذ اإلجراءات الوقائية ،ويؤسس القضاء الفرنسي الحق في
التعويض عن المساس بالحياة الخاصة على نص المادة التاسعة من ق.م ،أما في الجزائر فيتأسس
هذا الحق على نص المادة 14من ق.م.
لمَا كان الضرر الذي يصيب العامل نتيجة المساس بحياته الخاصة هو ضرر معنوي في
المقام األول ،فإن الضرر مفترض ،إذ أن االعتداء على الحق يعني توافر الضرر المعنوي الموجب
الستحقاق التعويض.3
2
Cass. 3 em civ, 25 Février 2004, D 2004, p 1630.
1ثار جدل حول مدى جواز التعويض عن الضرر المعنوي إلى أن استقر القضاء والفقه على مبدأ جوازه ،انظر :سعيد مقدم،
التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية ،دراسة مقارنة ،بيروت ،9113 ،ص ،99وانظر كذلك في الفقه الفرنسي:
, La réparation du préjudice dans la responsabilité civile, Dalloz, Paris, 1983, p 503 et 504. (Y)CHARTIE
2صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص 422.
3صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق ،ص 223.
392
حماية الحياة الخاصة للعامل
يتمثل الضرر المعنوي في االعتداء على الشعور بالحياء لدى العامل تجاه حياته الخاصة
وا لسرية ،أو شرفه أو سمعته أو معتقداته ،والمعاناة التي يتحملهل من جراء االعتداء واألذى
المعنوي الناشيء عن المساس بحياته الخاصة ،1أو الضرر الذي يصيب مصالحه غير المالية في
غالب األحوال.2
أثار التعويض عن الضرر المعنوي أو األدبي خالفا كبيرا في الفقه والقضاء ،فذهب القضاء
الفرنسي في بداية األمر إلى عدم تعويض الضرر المعنوي لعدم إمكانية تقويمه بالنقود ،3غير أنه
أستقر في الفقه و القضاء المعاصرين بجواز التعويض عن الضرر األدبي ،4أما على مستوى
التشريع الجزائري ،فإن القانون 99/11المتعلق بعالقات العمل لم يأتي على ذكر الضرر المعنوي
بصفة صريحة ضمن نصوصه سيما المادة 13منه.
بالرجوع إلى التشريعات المقارنة ،وبعد جدل طويل أصبح من المقرر إمكانية التعويض على
الضرر المعنوي ،5ولم تكن القوانين المدنية تشير صراحة إلى هذا الضرر ،إال أنه بالرجوع إلى
القضاء فإنه كان يعوض عنه بالرغم من غياب النصوص القانونية الصريحة التي تسمح بذلك،
ويظهر هذا من خالل العديد من التطبيقات القضائية ،6شأن القضاء الجزائري وكان ذلك قبل صدور
المادة 912مكرر من القانون المدني التي نصت صراحة على التعويض عن الضرر المعنوي،7
تقابلها المادة 222من القانون المدني المصري ،والمادة التاسعة من القانون المدني الفرنسي.
التشريع الجزائري تدارك األمر بشكل متأخر ،وكان ذلك بموجب القانون رقم 91-13الصادر
المادة 912مكرر سالفة الذكر ،والتي كرس بواسطتها مبدأ بتاريخ 21جوان ،2113الذي أضا
, Les pouvoirs du juge des référés civil à légard de la liberté de communication d’expression, (P)1 KAYSER
op.cit, p 365.
2
MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, p 403.
3محكمة باريس 21مارس 9113سيري ،رقم ،9.9113نقض جنائي فرنسي 21مارس ،9141دالوز ،رقم ،223.9.9141
العربي بالحاج ،مرجع سابق ،ص 219.
4م 912مكرر ق.م.ج ,قانون 91\13مؤرخ 21جانفي 2113بواسطة ,التي ذكرت التعويض عن الضرر المعنوي ,وأضافت
تعريفا له :كل مساس بالحرية أو السمعة أو الشرف ،بينما يرى األستاذ العربي بالحاج أن الضرر األدبي جاء أيضا ضمنيا في
المواد 924و 919من القانون المدني المتعلقتين بالمسؤولية التقصيرية والعقدية على شكل عام وبصفة مطلقة وكلية تفيد أن
التعويض يشمل الضرر األدبي وقد استقر القضاء الجزائري على تعويض الضرر األدبي وفقا للسلطة التقديرية للقاضي
الموضوع ،المحكمة العليا 21ديسمبر 9119ملف رقم 24311مجلس قضاء الجزائر 29سبتمبر 9113رقم 9311\491غير
منشور ،المحكمة العليا ،غ.أ 9111\92\23 ،م.ق ،9119.4.ص .912
5سعيد مقدم ،التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية ،دراسة مقارنة ،بيروت ،9113 ،ص 999.
6أمثلة عن األحكام القضائية الفرنسية المقرة للتعويض عن الضرر المعنوي قبل وبعد صدور المادة 11من ق.م.ف ،والوارد
ذكرها في صفية بشاتن ،المرجع السابق ،ص :433
-T.G.I, Paris, 1er ch, Civ, du 16/03/1955, (aff Marléne DIETRICH).
-T.G.I, Paris, 1er ch, Civ, du 13/07/1982, Diffusion personnels attentatoires à la vie privée du concerné.
- T.G.I, Nice, 3èmech, Civ, du 19/02/2002, L.P.196, Nov.2002, Appartenance erronée à la franc-maconnerie.
7تنص المادة 912مكرر من القانون المدني الجزائري ،المعدل بالقانون رقم 91-13الصادر بتاريخ 21جوان 2113على أنه :
"يشمل التعويض عن الضرر المعنوي كل مساس بالحرية أو الشرف أو السمعة".
393
حماية الحياة الخاصة للعامل
استحقاق التعويض عن الضرر المعنوي ،إال أن الفقه كان مياال وشبه مجمعا على تعويض مختل
أنواع الضرر بما فيها الضرر المعنوي وذلك حتى قبل استحداث هذه المادة.1
بالرغم من أن تشريع العمل الجزائري لم ينص على ذلك ،إال أنه يتضح من خالل نص المادة
9منه أنها توجب "احترام السالمة البدنية والمعنوية وكرامة العامل" ،وبالرجوع إلى نص المادة 1
من القانون األساسي العام للعامل الملغى يظهر بأنها تضمن حماية العامل أثناء ممارسة عمله
والتهديد والضغط. أو القيام بمهامه من كل أشكال اإلهانة والقذ
إذن فإن أي اعتداء على حرمة الحياة الخاصة للعامل في مكان العمل ،كاإلطالع على
مراسالته الخاصة على سبيل المثال وما يترتب له ذلك من ضرر معنوي يستحق التعويض ،حيث
تحضى المراسالت واالتصاالت عبر الرسائل االلكترونية التي يقوم بها العامل أو يتلقها في مكان
العمل وأثناء وقت العمل بالحماية القانونية.
ال يحق لصاحب ال عمل وال لباقي الزمالء اآلخرين في العمل اإلطالع على سرية الرسائل
متى تلقاها العامل لنفسه أو أرسلها لغيره طالما أنها ال تدخل في إطار العمل الذي يقوم به في تلك
المؤسسة ،2وأن أي انتهاك لهذا الحق يترتب عنه ضرر معنوي للعامل يحق بناءا عليه المطالبة
بالتعويض لمساس ه بالحياة الخاصة للعامل ،ذلك أن الفقه يرى أن األساس القانوني إلحترام سرية
المراسالت هو اعتبارها من المسائل المرتبطة بشخصية المتراسلين وكيانهم األدبي.3
- 2التعويض عن الضرر المادي
إلى جانب الضرر المعنوي ،يمكن أن ينشأ عن اإلعتداء على الحياة الخاصة ضرر مادي،
يتمثل في الخسارة التي تلحق المضرور أو الكسب الذي يفوته بسبب هذا االعتداء ،4غير أن
الحاالت الضرر المادي قليلة مقارنة بحاالت الضرر المعنوي في هذا المجال ،حيث تقتصر على
العاملين في المجال الفني أو الرياضي.
حيث يرى بعض الفقه أن الحق المالي الذي ينشئه الحق في الحياة الخاصة ال يكون سوى
للعاملين في المجال الفني ،والتي يتمتعون بإمكانية اشتراط في عقود عملهم مقابل ماتلي نظير إفشاء
1محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني الجزائري ،دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر ،2111 ،ص ،11علي
علي سليمان ،مصادر االلتزام في القانون المدني الجزائري ،الجزائر ،9111 ،ص .999
2
Voir cass. Soc du 17 Mai 2007, L’arrêt fut prononcé en faveur de l’employé, déclarant que « L’ouverture
des fichiers personnels effectuée hors présence de l’intéressé n’était justifiée par aucun risque ou événement
parriculier ».
3عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،مرجع سابق ،ص 343.
4صفية بشاتن ،مرجع سابق ،ص .431
394
حماية الحياة الخاصة للعامل
عن حماية الحياة الخاصة لهؤالء لضمان مقابل مالي نظير الكش حياتهم الخاصة ،وتوظ
عناصر هذه الحياة الخاصة.1
هذا اإل فتراض ال يتعلق بانتهاك حق شخصي في الحياة الخاصة ،وإنما يتعلق األمر أكثر
عن الحياة الخاصة أو التقاط صور والتدخل في باإلخالل بالتزامات عقدية تسمح بمساومة الكش
خصوصياتهم.2
هنا يظهر الضرر المادي بصفة أساسية في مجال االعتداء على الحياة الخاصة بواسطة
ا لصورة ،فإذا قبل أحد العاملين في هذا المجال نشر صورته مجانا من أجل الدعاية ،فال يجوز
أخرى تحقق مصلحة تجارية ،وإذا استعمال هذه الصورة ألغراض أخرى وتحويلها إلى أهدا
حدث ذلك فعال ،فإنه ينشأ للمعتدى عليه الحق في التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر مادي
يتمثل في الخسارة الالحقة به.3
غير أنه يصعب في الحاالت السابقة الفصل بين الضرر المادي والضرر المعنوي ،إذ نتج
عن االعتداء أيضا بالنشر أو بأية وسيلة أخرى ضرر معنوي ،لذلك نجد القضاء يقوم بتقدير مبلغ
التعويض يغطي الضرر المادي ويزيد عنه ما يجبر هذا الضرر المعنوي.4
- 3إثبات ضرر المساس بالحياة الخاصة
بإثبات الضرر ،ألن المساس بالحياة إذا كان التعويض يرتبط بالضرر إال أن المدعي ال يكل
الخاصة كحق من الحقوق المالزمة للشخصية يعني وجود ضرر ،فاالعتداء على الحق يعني توافر
الضرر ،ومن ثم يجب تعويضه ويكفي في حد ذاته إلستحقاق التعويض ،ألن الحياة الخاصة قيمة
يحميها القانون.
الحق في التعويض يثبت دون حاجة لبحث ما إذا كان السلوك معاقبا عليه أم ال ،ودون أهمية
من وراء وضعه اآلت المراقبة الخفية إلى منع قيام أو ال يهد لما إذا كان صاحب العمل يهد
العامل بالسرقة ،فاإلعتداء أو المساس بالحياة الخاصة ينبغي أن يعطي العامل حقا في الحصول على
تعويض ،كما أن خطأ العامل ال يعد مبررا الستعمال وسائل مراقبة غير مشروعة أو اللجوء إلى
المساس بالحياة الخاصة للعامل.5
1
RAVANAS )J(, op.cit, p 7.
2
Bernard BEIGNIER, Thèse sur "L'honneur et le droit, Université de Panthéon-Assas, Paris, 1991, p 72.
disponible sur: http://www.gbv.de/dms/spk/sbb/recht/toc/272109096.pdf
تاريخ االطالع.2199/14/12 :
3حسام الدين كمال األهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،مرجع سابق ،ص 444.
4في القضاء الجزائري :قضية رقم 1/441أمام محكمة سيدي محمد بالعاصمة ،قضية العائلة العاصمية ضد شركة سونلغاز التي
نشرت صورتها دون إذن وال علم منها ،مذكور في صفية بن شتاين ،مرجع سابق ،ص .441
5
BOSSU )B(, Nouvelles technologies…, op.cit, p 668.
393
حماية الحياة الخاصة للعامل
لمَا كان الضرر الناتج عن المساس بالحياة الخاصة ضرر معنوي في المقام األول ،فإن
الضرر مفترض ،وعلى ذلك في المشرع سواء في فرنسا أو مصر يقر بالحق في الخصوصية كحق
عن من خالله بالقيم الضرورية لإلنسان ،ويتحقق االعتداء من مجرد الكش مستقل بذاته ،يعتر
عمديا أو غير عمدي ،وبالتالي يعفى المدعي من إثبات الخطأ، الحياة الخاصة سواء كان هذا الكش
ألن مجرد اإلعتداء على الحياة الخاصة يعني إثبات الخطأ.1
هذا ما أكدت عليه محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر في 13نوفمبر ،9199الذي
جاء فيه " أن مجرد إثبات اإلعتداء أو المساس بالحياة الخاصة يعطي وفقا للمادة 11من القانون
المدني الحق في التعويض ، 2وبهذا ال يحتاج العامل إلى إثبات الضرر الناتج عن المساس بحقه في
الحياة الخاصة أو أحد مظاهرها كالحق في الصورة على سبيل المثال.
حيث ذهب بعض الفقه إلى القول أن الممارسات القضائية قد اعترفت بوجود حق ذاتي لفائدة
بهذا الحق يضمن لإلنسان الشخص الذي تم االعتداء على صورته بأي وسيلة كانت ،وأن االعترا
حماية أكثر ،حيث أن أي اعتداء على الحق في الصورة يجيز للمعتدى عليه إقامة دعوى أمام
القضاء لوضع حد لهذا االعتداء دون أن يكون ملزما بإثبات خطأ االعتداء ،وأن هذا الخطأ هو سبب
حصول الضرر.3
هذا ما ذهبت إليه محكمة الدرجة األولى بباريس في حكمها الصادر في 24سبتمبر ،9119
حين اعتبرت أن أي اعتداء على الحق في الصورة يجب معاقبته والتعويض عليه ولو لم يثبت
المعتدى عليه الضرر الالحق به.4
غير أنه من خالل المقارنة مع التشريع المغربي ،نالحظ أنه ينص في المادة 11على أنه
« كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه ،ال بفعله فقط ولكن بخطاه أيضا،
وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في الضرر.5»..
الفقه الفرنسي أنه بإمكان العامل متى أثبت خطأ صاحب يرى الفقه المغربي على خال
العمل والضرر الالحق به والععالقة السبيية بينهما أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق حقا
1صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق ،ص 223.
2
Cass.soc, 1 ch, Civ, 05 NOV.1996, Les grands arrêts de la jurisprudence, par H.CAPITAN, T.I, 11 éme éd,
ere
2000, n° 17.
3محمد بن حساين ،حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل ،مرجع سابق ،ص .11
4
Tribunal de grande instance de Paris, 24 Septembre 1976, J.C.P, 1977, IV, 257, cité par : LINDON )R(,
op.cit, p 119.
5أيضا نص المادة 11من قانون االلتزامات والعقود المغربي الذي ينص على أن " كل فعل ارتكبه االنسان عن بينة واختيار ومن
غير أن يسمح به القانون ،فأحدث ضررا ماديا أو معن ويا للغير ،الزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر ،إذا ثبت أن ذلك الفعل هو
السبب المباشر في حصول الضرر".
399
حماية الحياة الخاصة للعامل
1محمد بن حساين ،حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل ،مرجع سابق ،ص .19
2مقني بن عمار ،مرجع سابق ،ص .211
3
PELISSIER (J), SUPIOT(A) et JEAMMAUD (A), op.cit, p 188.
391
حماية الحياة الخاصة للعامل
في هذه العالقة أن يتخلص وبشكل انفرادي عن عالقة العمل دون التجربة وبالتالي يكون لكل طر
التطبيق في مواجهته القواعد الخاصة باإلنهاء.1
رغم الفائدة التي ينطوي عليها عقد العمل تحت التجربة في حق اإلنهاء دون مسؤولية ،إال
في أن ذلك قد يتم قصد اإلضرار بالعامل ،ولذلك يحرص القضاء على تطبيق في كرة التعس
استعمال الحق على اإلنهاء غير المبرر لعقد العمل تحت التجربة ،ويراقب القضاء في فرنسا عدم
الذي من أجله شرعت فترة التجربة ،وهو تقدير مدى تناسب الكفاءة صاحب العمل بالهد انحرا
المهنية للعامل مع منصب العمل والحكم بشكل عملي عرى قدرات هذا األخير.2
يرى القضاء في فرنسا أن فترة التجربة ينبغي أن تقتصر وتنحصر في القدر الضروري
الالزم لتقدير كفاءة العامل للعمل الذي سيشغله بعد نجاحه في التجربة ،فعلى العامل أن يبرهن
قدراته في االضطالع بمهام عمله ،وفي المقابل له أن يمارس حياته الخاصة وال سلطة لصاحب
العمل في ذلك ،فال يمكن لصاحب العمل أن ينهي فترة التجربة بحجة إقدام العامل المتربص على
الزواج ،3كما ال يمكنه إنهاء عقد العمل بحجة وجود عالقة تربط العامل بصاحب العمل السابق.4
إذا أنهى صاحب العمل العقد خالل فترة التجربة يفترض أن اإلنهاء يرجع إلى فشل العامل
ذلك ،ويكون اإلنهاء تعسفيا إذا لم يكن سببه راجعا إلى في التجربة ما لم يثبت العامل خال
هنا على كاهل العامل ،ويراقب قاضي الموضوع ما إذا كان العامل ، 5ويقع عبء إثبات التعس
صاحب العمل قد منح الفرصة للعامل إظهار مهاراته وقدراته خالل فترة التجربة أم أنه كان متعسفا
حيال ذلك.6
- 2الحماية من أثر االعتداء على الحياة الخاصة للعامل بعد التثبيت
في استعمال من المسائل التي يأخذها القضاء الفرنسي في حسبانه مبدأ المالئمة وعدم التعس
الحق ،في هذا الصدد تطور القضاء وتطلب المساس بالحريات الفردية والجماعية للعمل في العمل
كاستثناء قيودا موضوعية ترتبط باإلضرار بمصالح المؤسسة.
البحث عن الموضوعية أدى في فرنسا إلى عدم تقرير مصير العامل إال من خالل وقائع
موضوعية حقيقية ،إذ من الطبيعي أن تظل أفكاره ومعتقداته خارج نطاق العقد ،حيث أن مسائل
الحياة الخاصة ال يمكن أن تشكل بذاتها سببا للتسريح ،إال إذا كان سلوك العامل بالنظر إلى طبيعة
1انظر المادة 4-922من قانون العمل الفرنسي التي تستثني عقد العمل تحت التجربة من هذه القواعد ،انظر محمود جمال الين
زكي ،عقد العمل الفردي ،المرجع السابق ،ص ،911حسام الدين كامل األهواني ،شرح قانون العمل ،مرجع سابق ،ص .341
2صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص .11
3
Cass.soc, 17 Mars 1971, Bull.civ, n° 216.
4
CA. Paris, 23 Avril, 1992, R.J.S, 6/92, n°181, p 445.
5
Versailles, 15 Nov. 1993, R.J.S, 3/94, n°338, p 51.
6صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص .13
391
حماية الحياة الخاصة للعامل
المؤسسة يؤدي إلى اضطراب ملحوظ في المؤسسة ،وهذا ما تؤكد عليه األحكام عمله وهد
القضائية في فرنسا وما تقره من موضوعية.1
القضاء المصري 2بدوره قضى بأن ز واج العاملة ال يبرر تسريحها طالما أن المدعية تقوم
بعملها على الوجه األكمل ،3كما قضى بأن القانون تكفل بمراعاة حقوق العاملة المتزوجة ،فليس
لصاحب تسريحها بسبب تضرر المؤسسة من حملها ،4كما قضى بأن الميول السياسية للعامل ال
تبرر التسريح إال إذا كان لها أثرها على عقد عمله وكان من شأنها اإلضرار بمصلحة العمل.5
أما القضاء الجزائري فقد قضى في قرار حمل رقم 949932الصادر في 11يناير سنة
9111الصادر عن الغرفة االجتماعية للمحكمة العليا إثر الطعن بالنقض في الحكم القاضي برجوع
العامل إلى منصب عمله ،الذي أقر أنَ النظام الداخلي الذي يقرر بندا ينقص من حقوق العمال التي
أقرها التشريع يعد باطال.
أكد هذا القرار أن ما نص عليه القانون هو بطالن مقتضيات النظام الداخلي التي تحد
أو تنقص من حقوق العمال حسب ما تقرره القوانين واألنظم السارية المفعول ،وليس هو الحال
بالنسبة لمقتضيات النظام الداخلي التي تكون أرحم بالعامل في المجال التأديبي مما جاء في القانون
وفي نفس المجال.6
قد نصت المادة 4-13فقرة 2من قانون 99/11المعدلة بالمادة 1من قانون رقم 29/19
على أنه « وإذا حدث تسريح العامل خرقا ألحكام المادة 13أعاله يعتبر تعسفيا ،تفصل المحكمة
المختصة ابتدائيا ونهائيا إما بإعادة إدماج العامل في المؤسسة مع اإلحتفاظ باإلمتيازات المكتسبة،
أو في حالة رفض أحد الطرفين يمنح العامل تعويضا ماليا ال يقل عن األجر الذي يتقاضاه العامل
عن مدة ستة أشهر من العمل دون اإلخالل بالتعويضات المحتملة ،ويكون الحكم الصادر في هذا
المجال قابال للطعن بالنقض».
1
Cass.soc, 20Nov.1991, Bull, Civ, n°512, Dr.soc, 1992, p 79, Cass.soc, 17 Avril 1991, Dr.soc, p 485, Note
SAVATIER (J), Cass.soc, 22 Jan 1992, Dr, soc, 1992, p 329, Note SAVATIER (J).
2وردت مجموع ة األحكام القضائية المتعلقة بهذا الموضوع لدى :صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في
عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص . 219
3محكمة الشؤون العمالية الجزئية بالقاهرة ،قضية رقم 3913لسنة ،9199بتاريخ ،9192/19/23مجموعة عصمت الهواري،ج
،2ص .393
4محكمة القاهرة االبتدائية ،قضية رقم 9419لسنة ،9191بتاريخ في ،9199/13/99مجموعة عصمت الهواري ،ج ،2ص
.393
5محكمة استئناف القاهرة ،قضية رقم 9134لسنة ،9111بتاريخ ،9119/19/99مجموعة عصمت الهواري ،ح ،2ص 394.
6ذلك أن التشريع الجزائري ينص في المادة 11من القانون 99/11بصراحة على ما يلي« :تعد الشروط الواردة في النظام الداخلي التي تلغي
حقوق العمال وتحد منها كما تنص عليها القوانين ،واالتفاقيات الجماعية المعمول بها ال غية وعديمة المفعول».
391
حماية الحياة الخاصة للعامل
كما هو معلوم أنه حتى تقبل دعوى العامل الذي تعرض إلى التسريح التعسفي أمام الجهات
القضائية المختصة فإنه يجب أن يكون قد استنفذ جميع مراحل التسوية الودية للنزاع القائم بينه وبين
رب العمل.
لعلَ أهم مراحل التسوية الودية ،مرحلة عرض النزاع أما مكتب المصالحة ،حيث يتولى
مفتش العمل استدعاء طرفي النزاع -العامل والمستخدم -لمحاولة إيجاد حل وسطي يرضي جميع
بالحل الودي حرر محضر المصالحة ،وفي حالة استمرار الخال األطرا ،فإذا قبل كل طر
فيحرر عندئذ محضر عدم مصالحة طبقا للمواد 31 ،39 ،91من قانون 14/11المتعلق بتسوية
النزاعات الفردية في العمل.
يمنح محضر عدم الصلح للعامل الذي له أن يلجأ إلى القضاء لرفع دعوى أما المحكمة
الفاصلة في المسائل االجتماعية ملتمسا منها جملة من المطالب والتي لم تتم بشأنها المصالحة ،وهي
تتمثل أساسا في إلغاء قرار التسريح ،إعادة إدماج العامل في منصب عمله ،التعويض ،ويتضح من
خالل المادة 4-13فقرة 2أن المشرع تبنى اجتهاد المحكمة العليا حول حتمية إرجاع العامل إلى
منصب عمله عند إلغاء قرار التسريح ،غير أنه وفي حالة رفض أحد الطرفين يمنح العامل تعويضا
ماليا.
يجب على صاحب العمل أن يفصح عن رفض إعادة اإلدماج أثناء سريان الدعوى بكيفية ال
لبس فيها ،وليس من الضروري أن يصرح عن الرفض بموجب دعوى مقابلة بل يكفي أن يعلن عنه
في مذكرة الرد ،ولكن ال يقبل في أي حال من األحوال أن يعلن عن الرفض عند تنفيذ الحكم
بالرجوع أي بإعادة اإلدماج ،وإال تعرض صاحب العمل إلى الغرامة التهديدية المنصوص عليها
بموجب المادة 31من قانون 14/11التي تنص على أنه« :في حالة اكتساب الحكم الصيغة التنفيذية
يحدد القاضي الغرامة التهديدية اليومية المنصوص عليها في المادتين 34و 33من هذا القانون».
هذا المبدأ كرسته المحكمة العليا في عدة قرارات لها ،قرار رقم 931991الصادر بتاريخ
9111/14/94وقرار رقم 931291الصادر بتاريخ ،9111/1/94ومفادها هو أن اللجوء إلى
الغرامة التهديدية كحق يكون عندما يرفض صاحب العمل القيام بااللتزامات المحكوم بها ضده
بموجب حكم قضائي ممهور بالصيغة التنفيذية.
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
المطلب الثاني
ضمانات اإلثبات لحماية الحياة الخاصة للعامل
اإلثبات في معناه العام هو تأكيد وجود أو صحة أمر معين بأي دليل أو برهان ،أما اإلثبات
بمعناه القانوني هو ما يطلق عليه اإلثبات القضائي ،فيقصد به إقامة الدليل أمام القضاء ،بطريق من
الطرق التي يحددها القانون ،على وجه أو صحة واقعة متنازع فيها.1
في عالقات العمل ،حيث يلجأ صاحب العمل إلى المراقبة التكنولوجية أو االلكترونية مثل
كاميرا الفيديو واالستعانة بالتسجيالت التي يحصل عليها من خاللها كأداة إثبات ،فإنما يكون ذلك
بصفة أساسية إلثبات السبب الذي من أجله أقدم على إنهاء عالقة العمل التي تربطه بالعامل ،سواء
كان هذا السبب عدم الكفاءة المهنية أو خطأ جسيم أو غيرها من األسباب التي تبرر قانونا مثل هذا
اإلنهاء.
الفرع األول
مدى مشروعية الدليل التكنولوجي المستمد من المراقبة
أدى تطور العلم إلى تعدد الوسائل التكنولوجية والتقنية الحديثة ،التي يلجأ إليها طرفي عالقة
األساسي من لجوء صاحب العمل إلى المراقبة باالعتماد العمل في اإلثبات ،فيرى الفقه أن الهد
على الوسائل التكنولوجية الحديثة ،هو اعتماد األفعال واألقوال التي تم تسجيلها أو تصويرها بحسب
أن نظام اإلثبات في قانون العمل يحيلنا إلى األحوال كدليل إثبات إلنهاء عقد العمل ،ومن المعرو
القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني.
إدراكا لمخاطر التكنولوجية الحديثة المستخدمة في المراقبة داخل أماكن العمل وأثناء توقيت
األنظمة القانونية المقارنة إلى وضع ضوابط اللجوء إلى هذه التقنيات الحديثة العمل ،عمدت مختل
واستخدامها كوسيلة إثبات في مجال عالقة العمل ،التي وجدت تطبيقا لها في الممارسات القضائية.
أوال :ضوابط مشروعية الدليل التكنولوجي
يرى بعض الفقه أنه يتعين التعامل بخصوص مسألة اإلثبات في عالقات العمل بمزيد من
الحذر بل والتشدد مقارنة بالمجاالت األخرى ،وذلك بالنظر إلى خصوصية هذه العالقة ومقتضيات
قانون العمل وقواعده اآلمرة والحامية باألساس لمصالح العمال والتي تعد ترجمة لفكرة النظام العام
اإلجتماعي.
1محمود جمال الدين زكي ،المبادىء العامة في نظرية اإلثبات في القانون الخاص المصري ،مطبعة جامعة القاهرة ،2119 ،ص
.91
319
حماية الحياة الخاصة للعامل
لعلَ من أهم ضوابط التي أوردها الفقه عند اللجوء إلى التقنيات التكنولوجية الحديثة
واستخدامها كوسيلة إثبات في مجال عالقة العمل ،مبدأ أخالقيات اإلثبات من جهة ،ومبدأ حسن النية
الذي يجب أن يسود تنفيذ عالقة العمل كعالقة عقدية من جهة أخرى.
- 1مبدأ أخالقيات االثبات
يتجه القضاء االجتماعي الفرنسي إلى اعتبار أنه ال يمكن البحث عن الحقيقة بأي وسيلة
كانت ،ويعتبر بعض الفقه الفرنسي 1أن الغاية ال تبرر الوسيلة في مجال عالقات العمل ،إذ أن
إظهار الحقيقة في هذا المجال يتطلب اعتبارات أخرى تتمثل في النزاهة أو االستقامة في تحصيل
الدليل أو البحث عنه ،2والتي يؤدي الخروج عنها إلى جعل الدليل غير مشروع ،فالدليل يكون غير
نصا قانونيا ،بل وكذلك بقعل ال يتفق مع مشروع ليس فقط إذا ما تم التحصل عليه بفعل يخال
المبادىء العامة.3
تجد النزاهة حسب رأي الفقه أساسها في ما يسمى ب "أخالقيات اإلثبات" ،4والذي يقتضي
والمالبسات التي أحاطت الدليل واستحضاره ،باعتبارها أولوية ضرورة البحث في الظرو
ضرورية يتعين إجراؤها قبل تقدير محل اإلثبات.5
مؤدى أخالقيات اإلثبات؛ أنه وإن كان األمر يتعلق باستبعاد الدليل الذي ال يتوافق وكرامة
الع دالة ،وعدم السماح باستخدام الدليل ،أو االستناد إلية كعنصر من عناصر اإلثبات ،إالَ أن تحصيله
يكون مستندا إلى وسائل يحوطها الغش ،6ويرى جانب من الفقه المصري 7أن أخالقيات اإلثبات تجد
مصدرها في بعض النصوص القانونية التي تحرص على عدم االعتداد بالشهادة التي تتضمن إفشاء
سر مهني أو وظيفي.8
عبَرت محكمة النقض الفرنسية عن أخالقيات اإلثبات بقضائها بأن « النزاهة التي يجب أن
تسود عالقات العمل ،تمنع صاحب العمل اللجوء إلى الحيّل والشراك لوضع العامل في حالة يمكن
1
FRAY-SSINET )J(, Nouvelles technologies et droit fondamentaux des salariés..., op.cit, p 537.
2
BOSSU )B(, L’action du délégué du personnel pour la défense des droits fondamentaux des salariés, Dr.soc,
1998, p 129.
3
MAZEAUD (H.L.J) et CHABAS (F), op.cit, n° 3712.
4
DENIS )J-B(, Quelques aspects de l’évolution récente des systèmes des preuves en droit civil, R.T.D, Civ,
1977, p 683.
5
Chauvy )C(, op.cit, p 73.
6محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص 919.
7حسام الدين كامل االهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،مرجع سابق،ص 332.
8المواد من 93و 91 ،99من قانون اإلثبات المصري.
312
حماية الحياة الخاصة للعامل
االستناد إليها الحقا إلثبات خطأه» ،1كما جسد القضاء أيضا مبدأ أخالقيات في العديد من القضايا
من خالل رفضه االستناد على األدلة التكنولوجية كوسائل إثبات لم يكن العامل على علم بها.2
لعلَ هذا يدل على أن مبدأ اخالقيات اإلثبات يجد سنده القانوني في نصوص التشريع
الفرنسي ،حيث تلوم المادة 1-929من قانون العمل الفرنسي إعالم العمال بوسائل وأليات مراقبتهم
التي قد تعتمدها فيما بعد كوسيلة إثبات إلنهاء عالقة العمل ،كما توجب المادة 432من نفس القانون
إعالم وإستشارة لجنة المؤسسة قبل قرار إنفاذ هذه الوسائل.
مبدأ حسن النية في تحصيل الدليل -2
رغبة من القضاء في الحد من اختالل التوازن بين طرفي عقد العمل ،فإنه يجتهد في أن تقوم
عالقات هذين الطرفين على االحترام والتعاون المتبادل فيما بينهم ،ويترجم ذلك في صورة إعالء
الثقة الالزمة لحسن سير العمل بما يحفظ استقرار عالقة العمل بين العامل وصاحب العمل ،3من
خالل تكريسه لمبدأ حس ن النية في تنفيذ عقد العمل ،الذي يقتضي إعالم صاحب العمل للعمال
بوجود وسائل المراقبة داخل مكان العمل.4
استلزمت معظم التشريعات العمالية المقارنة حسن النية في تنفيذ العقود ،5ذلك أن عالقة العمل
القائمة بين العامل وصاحب العمل تتميز بنوع من الخصوصية عن غيرها من العالقات القانونية
والتعاقدية األخرى ،األمر الذي يستدعي توافر الثقة المتبادلة والنية الحسنة والمخلصة في عدم
إساءة أحدهما إلى اآلخر ،6ومع هذا ال يجب على صاحب العمل أن يفرض على العامل قيودا ال
تتناسب مع العمل الذي يضطلع به تحت ستار حسن النية في تنفيذ العقد.7
مبدأ حسن النية في تحصيل الدليل يجد أساسه في المادة 9/911من ق.م.ج التي تلزم تنفيذ
العقد بحسن نية ،وعقد العمل كأي عقد يخضع لهذه القاعدة ،تقابلها المادة 9/941ق.م.م ،و المادة
9934من ق.م. .
إضافة إلى ما تتطلبه المادة 4-921من قانون العمل الفرنسي بمقتضى القانون الصادر في
2112/19/91من ضرورة تنفيذ عقد العمل بحسن نية ،وبناءا على ذلك يلتزم صاحب العمل
1
Cass.soc, 16 Janv. 1991, B. civ, 1991, V, n° 16.
2
Voir par exemple : Cass.soc, 10/12/1997, Dr.soc, 1998, p 127,Note B.BOSSU.
3صالح مح مد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية ،مرجع سابق ،ص 22.
4
ROUMIER )W(, Bonne foi et Loyauté dans le contrat de travail, Travail et protection social, Dr.soc, 2003,
p 9.
5المادة 9934من القانون المدني الفرنسي ،المادة 941من القانون المدني المصري،
6أيت إفنان نادية ،مرجع سابق ،ص .3
7
CORRIGNAN-CARSIN )D(, Loyauté et droit de travail, op.cit, p 125.
313
حماية الحياة الخاصة للعامل
مقتضى هذا اإلحترام ،1فأدلة اإلثبات التي باحترام كرامة عماله ،وعدم اإلستناد إلى أدلة تخال
تتضمن مفاجئة للعامل عند اعتماد صاحب العمل علىيها دون علم علم علمه تعتبر غير
مشروعة . 2
ذهب الفقه إلى اعتبار أن الدليل المتحصل عليه دون احترام كرامة العامل يعتبر مخالفة لمبدأ
حسن النية في تنفيذ عقد العمل من قبل صاحب العمل لما يؤدي إليه من هدم الثقة التي يجب أن
تسود عالقة العمل.3
أكدَ القضاء الفرنسي في شأن األدلة المتحصل عليها خفية باستعمال األجهزة اإللكترونية
الدقيقة ،حيث أقر في عدة قرارات له أن اعتماد صاحب العمل على تسجيالت خفية لكالم العامل في
مكان العمل باستعمال هذه األجهزة كدليل إثبات تؤدي إلى سيطرة أجواء الشك وانعدام الثقة داخل
المؤسسة وأنها غير مقبولة في عالقة العمل.4
أقرَ الفقه الفرنسي أن ضوابط استخدام وسائل المراقبة التكنولوجية كأدلة إثبات تجد أساسها
قبل اي تدخل تشريعي في مبدأ حسن النية الذي يجب أن يسود العقد باعتباره المكمل الضروري
للعدالة العقدية ،ذلك أن حسن النية يوجب إعالم المسبق للعامل بالوسائل الموضوعة لمراقبته.5
إنَ مبدأ حسن النية في تنفيذ عقد العمل يمنع صاحب العمل من االعتماد على األجهزة
التكنولوجية المستخدمة في المراقبة داخل المؤسسة ،كدليل إثبات ضد العامل إذا لم يكن هذا األخير
على علم بها ،إذ أن مبدأ حسن النية يقتضى تعامل صاحب العمل مع عماله بشفافية تامة.
ثانيا :التطبيقات القضائية حول مشروعية الدليل التكنولوجي
إنَ ارتكاب خطأ جسيم للعامل إنما يتطلب االثبات بالنص القانوني الذي يجعل من الفعل
المرتكب خطأ جسيم ،6وللقاضي في حالة إخطاره أن يتحقق من سالمة التسريح المنصوص عليه
الخطأ وتقدير مدى تبريره ،7كما عليه التأكد من مصداقية ومشروعية وسائل االثبات وتكيي
المستندة إلى االدلة التكنولوجية لوسائل المراقبة التي اعتمد عليها صاحب العمل في التسريح ومدة
تأثيرها على الحياة الخاصة للعامل.
1
CAMERLYNCK )CH(, Répertoire de droit du travail, Contrat de travail , exécution, Dalloz,
France,2111, n° 6 et 7.
2
J.DENIS, op.cit, p 683, P.WAQUET, Le pouvoir de direction et libertés des salarié, op.cit, p 156.
3محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص914.
4
C.A, Paris, 09/11/1966, D. 1967, IP, p 237, C.A, Lyon, 21/12/1967, D.1969, IP, p 25, Note G.LYON-
CAEN.
5
RAY-SSINET (J-F), Nouvelles technologies et droit fondamentaux des salariés..., op.cit, p 536.
6بن صاري ياسين ،التسريح التأديبي في تشريع العمل الجزائري ،المرجع السابق ،ص .91
7سالمي أمال ،مرجع سابق ،ص .911
314
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
C.A, Lyon, 21/12/1967, D.1969, IP, p 25, Note G.LYON-CAEN.
2
Cass.soc, 20/11/1991, R.J.S, 1/92, n° 1.
3
Cass.soc, 31/01/2001, R.J.S, 04/01, n° 405, Voir aussi : Cass.soc, 09/07/1997, R.J.S, 11/97, n° 1252.
4
الملحق رقم Cass.soc, 26 juin 2013, N° de pourvoi: 12-16564. 15
5محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص.919
6
C.A, P aris, 02 Nov.1995, R.J.S, 1/1996, N° 4, p 10.
313
حماية الحياة الخاصة للعامل
1
Cass.Crim, 23/07/1996, D.1993, J.P, p 206, R.T.D, Civ.1993, p 101.
2محمد حسن قاسم ،مرجع سابق ،ص.931
3
Cass.Crim, 06/04/1994, Bull crim, n°136, p302.
319
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفرع الثاني
حجية الدليل المتحصل عليه من المراقبة التكنولوجية
به لصاحب العمل قانونا ،إال أنه مقيد في استعماله إن كان التأديب سلطة وحق معتر
بضوابط إجرائية وموضوعية ،وكل تجاوز من صاحب العمل لهذه القيود فإنه يعتبر تجاوزا من
صاحب العمل.1 جانبه ،وهي بمثابة ضمانات ضد تعس
أوال :شروط مشروعية الدليل التكنولوجي أمام القضاء
إعماال لمبدأ حسن النية في تنفيذ عقد العمل فإنه ال يمكن لصاحب العمل االعتماد على وسائل
المراقبة في تحصيل دليل يح تج به في مواجهة العامل ،إال بتوفر مجموعة من الشروط ،حيث
يخضع الدليل المتحصل عليه من عملية المراقبة سواء كان تسجيل ألقوال ،أو التقاط صور،
وأفعال ،لرقابة القاضي في تقدير حجيته في اإلثبات ،ويشترط القضاء في الدليل التكنولوجي عموما
أوصافا خاصة تتجاوز تلك المطلوبة في الدليل العادي ،ومن بين هذه الشروط:
- 1مبدأ النزاهة واألمانة في تحصيل الدليل بواسطة الوسائل التكنولوجية
يجد هذا المبدأ سنده القانوني في اإلخطار المسبق بالوسائل التكنولوجية المستخدمة لمراقبة
العمال داخل أماكن العمل وأثناء توقيت العمل ،وهو ما أقره التشريع الفرنسي في المادة L121-8
التي تلزم صاحب العمل بإخطار العمال بوجود مثل هذه الوسائل مسبقا.
يعتبر القضاء أي دليل يتضمن تسجيل ألقوال أو مشاهد أو التقاط صور دون علم العمال دليال
غير مشروعا ،ودون هذا األجراء ال يمكن االعتداد بالدليل المستند على هذه الوسائل لإلحتجاج به
في مواجهة العامل.
ساهم القضاء اإلجتماعي الفرنسي في تكريس هذا المبدأ في عدة قضايا ،تتخلص وقائع إحدى
القضايا في قيام صاحب العمل باتهام إحدى العامالت لديه بسرقة أوراق مالية من خزينة المؤسسة،
وكان دليل السرقة عبارة عن تسجيالت بكاميرا المراقبة ،كانت موضوعة بطريقة خفية دون علم
العاملة ،وقد تبين منه قيام العاملة بالسرقة ،فقام صاحب العمل بتسريحها.
قامت العاملة إثر ذلك برفع دعوى أمام المحكمة العمالية على أساس التسريح التعسفي غير أن
دعاواها قوبلت بالرفض ،كما تأكد هذا الرفض على مستوى اإلستئنا ،فطعنت بالنقض ضد حكم
مؤسسة دعواها على أن دليل السرقة تم الحصول عليه بطريقة غير مشروعة ،مستندة اإلستئنا
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
في ذلك إلى المادة 11من قانون اإلجراءات المدنية المتعلقة بتحصيل الدليل بشكل مشروع وطبقا
للقانون.
قضت محكمة النقض بإجابة طلب الطاعنة وبإلغاء الحكم ،1وجاء في قرارها أنه "إذا كان
لصاحب العمل الحق في مراقبة نشاط عماله خالل وقت العمل ،فإن أي تسجيل لصور أو ألقوال
العمال مهما كانت دوافعه يعد وسيلة إثبات غير مشروعة طالما تمت دون علمهم".2
في حكم آخر لمحكمة النقض الفرنسية قضت فيه بأنه "إذا كان لصاحب العمل الحق في أن
يراقب نشاط عماله أثناء وقت العمل ،فإنه ال يمكن له أن يضع وسيلة مراقبة لم يكن العمال على
علم مسبق بها".3
بشرعية أدلة اإلثبات التي يعتمد عليها بناءا عليه فإن محكمة النقض الفرنسية ال تعتر
صاحب العمل في مواجهة العامل باستخدامه وسيلة تكنولوجية ،إال إذاكانت هذه الوسيلة معلومة سلفا
للعامل ،وليست خفية ،حيث أن القضاء اإلجتماعي الفرنسي يعطي أولوية لمبدأ األمانة والنزاهمة
والثقة التي تسود عالقات العمل ،عن البحث عن الحقيقة ،كما أنه يضفي حماية واسعة على الحياة
الخاصة للعامل داخل أماكن العمل.
- 2مبدأ التناسب بين الوسيلة الكنولوجية والغاية من استخدامها
حتى يستفيد صاحب العمل من وسائل المراقبة الكنولوجية كدليل ضد العامل البد أن يكون قد
قام باالستشارة المسبقة للجنة المؤسسة قبل وضع هذه الوسائل ،ذلك أن القضاءا يعمل على التحقق
من مبدأ التناسب ال ذي يتوافر باستشارة صاحب العمل للجنة المؤسسة قبل إعمال هذه الوسائل داخل
أماكن العمل ومدى حاجى المؤسسة إليها.
كما أكد التشريع الفرنسي على عدم إمكانية استفادة صاحب العمل من وسائل التكنولوجية غير
المشروعة المستخدمة في الرقابة كوسيلة إثبات إثبات ضد العامل ،4وعليه ال يمكن لصاحب العمل
أن يستفيد من وسيلة اإل ثبات المستخدمة في المراقبة إذا لم يقم بإعالم العمال و لجنة المشاركة قبل
استخدامه واعتبارها غير مشروعة.
هذا ما ذهبت إليه الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 22
1صالح محمد أحم دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق ،ص .912
2
الملحق رقم Cass.soc, 20 Nov.1991, Dr.soc, 1992, p 28, Rapp. WAQUET.12
3
Cass.soc, 22/05/1995, R.J.S, 7/95, n757, p 501.
4
Art 422-1 du C.T.fr : « Si un délégué du personnel constate, notamment par l’intermédiaire d’un salarié,
qu’il existe une atteinte aux droits des personnes ou aux libertés individuelles dans l’entreprise qui ne serait
pas justifiée par la nature de la tâche à accomplir ni proportionnée au but recherché, il en saisit
immédiatement l’employeur».
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
ماي ،11335كما اعتمدته أيضا في قرار آخر لها قضت فيه بعدم مشروعية التسريح استنادا إلى
نص المادة L 432-2-1من أن وسيلة المراقبة لم يتم اخطار لجنة المؤسسة بها ،هذا ما يخال
قانون العمل ،مما يجعل الدليل غير مشروع ،والتسريح بدون سبب حقيقي وجدي يبرره.2
غير أنَ القض اء الفرنسي غض البصر عن شرط إخطار لجنة المؤسسة إذا كانت وسيلة
المراقبة موضوعة في مكان ال يعمل به العامل كما لو كان مخزنا ، 3وأقر اعتبار الدليل المستمد
السرقة دليال مشروعا في من هذه الوسائل في مثل هذه األحوال كتسجيالت كاميرا المراقبة لكش
مواجة العمال.4
بعد تدخل األنظمة المعلوماتية في الحياة الخاصة للعامل ،دعت اللجنة الوطنية للمعلوماتية
والحريات في فرنسا إلى الزام أصحاب األعمال الذين يستخدمون مثل هذه النظم لتحديد مدى فعالية
أداء العمال وقياس انتاجهم بضرورة إخطار اللجنة مسبقا بهذه النظم وتلك االجراءات قبل وضعها
القضاء الفرنسي بمسؤولية صاحب العمل في حالة عـدم إعالم اللجنة موضع التنفيذ ،وقد اعتـر
باستخدام هذه األنظمة لمتابعة وقياس انتاجية العمال.5
ثانيا :شروط مصداقية الدليل التكنولوجي أمام القضاء
إنَ نظام إلثبات يقوم على التوفيق بين العديد من اإلعتبارات والمصالح التي يحوم حولها دون
لتغليب أي منها على اآلخر دون مساغ قانوني ،إذ مكنت التقنيات التكنولوجية الحديثة من التعس
التفنن في انتهاك الحياة الخاصة والتطفل عليها.
غير أن استخدام هذه الوسائل في أماكن العمل أثار جدال كبير في مدى مشروعية اللجوء إلى
هذه الوسائل ،ومن ثم مدى مشروعية الدليل المستمد منها الذي يستند عليه في اإلثبات ويتمثل في
جملة من اإلعتبارات الفنية واألخالقية فضال عن القانونية ،6ولذلك يشترط القضاء مجموعة من
الشروط التي تتعلق بسالمة وصحة الدليل التكنولوجي حتى يكون مقبوال وتتمثل في:
1
« Si l'employeur a le droit de surveiller et de contrôler l'activité de ses salariés durant le temps de travail, il
ne peut pas mettre en œuvre un dispositif de contrôle qui n'a pas été préalablement porté à la connaissance
des salariés et du Comité d'Entreprise ». Cass Soc 22 mai 1995, Bull Civ V n° 164 D 1995 IR 150 RJS 1995
501, n° 757 Cond Chauvy / dans le même sens TAPau8fév 1996, Dr Soc 1996 492, Cond Rey )62) Art L
تاريخ االطالع432-2-1 CT, http://www.droit-technologie.org/.2199/13/12 :
2
Cass. Soc, 15 Mai.2001, R.J.S, 7/01, n° 830.
3صالح محمد أحمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،مرجع سابق ،ص .941
4
Cass. Soc, 31 Janv.2001, sem.soc.Lamy.Ibid.
5
T.G.I, 5 Fév. 1990, cité par MOLE )A(, Au-delà de la loi informatique et liberté, Dr.soc, 1992, N° 6, p 207.
6علي أحمد عبد الزغبي ،حق الخصوصية في القانون الجنائي ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،الموسوعة الحديثة للكتاب ،لبنان ،2119 ،ص
.334
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
التكنولوجي ،فإن هذا الفيلم المصور للعامل ال يمثل أية ضمانة كافية للوثوق فيه وفي تاريخه
ومضمونه ،وال يعتبر حجة على األخطاء التي ادعاها صاحب العمل كسبب للتسريح.1
قد صدر في فرنسا قانون يتعلق بالمراقبة التلفيزيونة بتاريخ 29جانفي ،29113حيث أقر
مجموعة من الضمانات لحماية حقوق األفراد ،ومنها حق كل أو شخص تم تصويره في مؤسسسة
مفتوحة للجمهور ،في أن ي بطلب على نظام المراقبة محو صورته ،أو عدم االحتفاظ بها لمدة ال
تزيد عن شهر ،إال إذا تعلق األمر بجريمة في حالة التلبس أو تحقيق قضائي.
سار المشرع الجزائري على هذا النحو بإصداره للمرسوم الرئاسي رقم 221-93المؤرخ في
22أوت 2193المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو ،3إال
أنه لم يتضمن مثل الضمانات التي جاء بها التشريع الفرنسي في قانون 9113المذكور ،وفي إطار
تحديد األماكن المعنية بالمراقبة عن طريق كاميرا الفيديو ذكر الطرق المؤدية إلى المؤسسات
االقتصادية الكبرى دون غيرها ،ولم يتطرق إلى إعمال هذه المراقبة داخل المؤسسات ذاتها.
أما بخصوص تنفيذ هذه المراقبة فقد نص هذا المرسوم على أن المراقبة بواسطة الفيديو تتم
بواسطة وسائل المؤسسة االقتصادية ،وبشأن شروط إعمال هذه الكاميرات أكدت المادة السابعة من
نفس المرسوم على أن تنصيب كاميرات المراقبة لتصوير الطريق العام من أجل حماية ضواحي
موقع المؤسسة االقتصادية ،األمر الذي يتطلب رخصة إدارية يسلمها والي الوالية.
لقد فرق التشريع الفرنسي بين كاميرات المراقبة وكاميرات الحماية من خالل القانون الصادر
في 19جانفي 9111المتعلق بالمعلوماتية والحريات المعدل سنة ،2114ويقصد بكاميرات الحماية
تللك الموجودة على الطرق العامة واألماكن المفتوحة للجمهور ،أما المشرع الجزائري فلم يوضح
من خالل المرسوم الجديد رقم 221-93أيَ من النوعين اعتمد ،من خالل النظر إلى عنوان
المرسوم نجده يتضمن مصطلح المراقبة ،بينما إذا اطلعنا على مواده ذات الصلة بالموضوع يتضح
أنها قصدت تركيب هذه الكاميرات في الطرق المؤدية إلى المؤسسات اإلقتصادية الكبرى ،والمعنى
األقرب إلى الفهم أن المشرع الجزائري قصد كاميرات الحماية ال المراقبة.
1
C.A, Aix-en-provense, 4 Janv. 1994, 18 Ch, Dr.soc, N° 4, obs, M. grevy.
2
Loi n° 95-73 du 21 janvier 1995 d'orientation et de programmation relative à la sécurité, JORF n°0020
du 24 janvier 1995, p 249.
3المرسوم الرئاسي رقم 221-93المؤرخ في 22أوت 2193المحدد للقواعد العامة المتعلقة بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو،
ج.ر ،عدد ،43الصادرة بتاريخ 23أوت .2193
319
حماية الحياة الخاصة للعامل
الخـاتـــمـــة
تبين لنا من خالل دراستنا لموضوع حماية الحياة الخاصة للعامل ،أن الحق في الحياة
ضرورة إنسانية ذات طابع إجتماعي ،كما أنه مظهر حقيقي لحرية اإلنسان التي هي قوام حياته
ووجوده لما لها من أثر في تدعيم وتنمية شخصيته بمفرداتها المختلفة.
من أولى المسائل األساسية التي كانت محور بحثنا ،هي بيان ماهية الحق في الحياة الخاصة،
جامع مانع لهذا الحق ،وحصر عناصره، الفقهي والقضائي حول صعوبة وضع تعري والخال
للحق في الحياة الخاصة يجب أن الفقهي والقضائي ،انتهينا إلى أن اي تعري وأمام هذا الخال
يستند إلى أساسين هما حق الفرد في اختيار أسلوب حياته دون أي تدخل من الغير ،وحقه في سرية
ما ينتج عن ممارسة حياته الخاصة من بيانات أو وقائع ،ثم يترك ما يعد من قبيل الحياة الخاصة
للقضاء لبحث كل حالة على حده.
تطرقنا للطبيعة القانونية للحق في الحياة الخاصة ،حيث تبين أن هذا األخير يعد حرية من
الحريات العامة وحق من حقوق الشخصية ،وهذا ما أكده كل من التشريعين الفرنسي والجزائري،
ووجدنا أن الحق في الحياة الخاصة قد حظي بالحماية القانونية على الصعيد الدولي من خالل
نصوص االتفاقيات وتوصيات المؤتمرات الدولية والعالمية واإلقليمية ،إلى جانب الحماية القانونية
في التشريعات المقارنة سواء الغربية أو العربية ،باإلضافة إلى لحماية الوطنية لهذا الحق ،والتي
تباينت بين الحماية الدستورية والحماية المدنية والجزائية.
إنطالقا من الطبيعة الخاصة لعقد العمل والتي يبرز فيها اإلعتبار الشخصي في مرحلة
السعي إلى إبرام عقد العمل كعنصر أساسي إلتمامه ،والتي تتطلب دائما حماية العامل من تعس
صاحب العمل ،فإن الحياة الخاصة للمترشح للعمل تكون عرضة للمساس بها في ظل انتشار واسع
لوسائل المراقبة والتحري؛ التي قد يلجأ إليها صاحب العمل فيقوم بالبحث والتحري عن المترشح
للعمل ،عن طريق استخدام المعلوماتية في جمع البيانات والمعلومات المتعلقة به ،بحجة التدقيق في
اختيار المترشحين المراد التعاقد معهم ،ويخضعهم لتحريات حول صفاتهم الشخصية أو طريقة
مركز تفكيرهم ،أو طرح أسئلة لها صلة بالحياة الشخصية والعائلية ،مستغال في ذلك ضع
المترشح واحتياجه للعمل.
كما قد يخضع المترشح للعمل إلى االختبارات الحديثة في مجال الطب للتأكد من سالمة حالته
عن سرية الحالة البدينة للمترشح ،وعن طريق جهاز الصحية عن طريق االختبارات الجنية للكش
عن أسراره ،وكذلك التنصت والمراقبة الكذب لفحص الحالة النفسية للعامل والكش كش
312
حماية الحياة الخاصة للعامل
والتسجيل لجمع المعلومات حول أوضاع المترشحين للعمل ،عن طريق األجهزة الحديثة التي
أفرزها التقدم التكنولوجي الحديث.
لحماية هؤالء المترشحين للعمل عرضنا عدة ضمانات من أجل كفالة عدم اإلعتداء على
من جمع المعلومات تقدير كفاءة حياتهم الخاصة ،وذلك من خالل التأكيد على أن يكون الهد
المترشح وقدراته المهنية ،وأن توجد صلة مباشرة وحتمية بين المعلومات المطلوبة والكفاءة المهنية
الالزمة لشغل المنصب ،وضرورة إخطار المترشح سلفا بالتقنيات المستعملة في إختبارات الترشيح
للعمل ،وأن تظل نتائج هذه االختبارات سرية.
حتى تكون تدابير حماية الحياة الخاصة للمترشح للعمل فعالة البد أن تتم المعالجة اآللية
ورقابة جهة مستقلة تضمن حق المترشح في العمل في اإلطالع للبيانات الشخصية تحت إشرا
على المعلومات المتعلقة به ،وحقه في تعديلها أو تصحيحها أو حذفها ،كما ينبغي على صاحب
العمل اتخاذ التدابير المالئمة لتأمين سرية البيانات الشخصية ضد مخاطر المعلوماتية عند تداولها
على شبكة االنترنت عن طريق التشفير المعلوماتي أو تقنية الغفلية.
من بين الضمانات أيضا إقرار القانون حظر التمييز بين المترشحين للعمل على أساس األصل
أو الجنس أو الدين أو اآلراء السياسية أو االنتماء النقابي ،أو الحالة االجتماعية أو الصحية أو الحياة
المؤسسة، القيادية داخل المؤسسة ،أو بمقتضيات العمل وهد العائلية ،إال ما يتعلق منها بالوظائ
إذ يجوز التمييز فيها العتبارات خاصة يراها صاحب العمل ربما تتصل بالحياة الخاصة للمترشح
للعمل.
وانتهينا إلى ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل خارج اإلطار المهني ،تتمثل في ضرورة
الفصل التام بين الحياة الخاصة للعامل وحياته المهنية ،وأن اإلستقالل بينهما هو القاعدة ،إال أنه قد
يحدث تداخل بينهما؛ فيجوز لصاحب العمل في حاالت محددة التدخل في الحياة الخاصة للعامل ،إذا
تسببت ممارسات هذا األخير لحياته الخاصة في اضطراب ملحوظ في سير العمل بالمؤسسة ،أو
اصطدمت الحياة الخاصة مع طبيعة المهام الموكولة للعامل ،أما إذا تعلق بمفهوم الغاية والهد
الخاص بالمؤسسة ،فإنه يكتفي بوجود هذه الغاية للقول بمشروعية التسريح الذي يجد سببه في سلوك
العامل ،دون اشتراط االضطراب الملحوظ في سير العمل بالمؤسسة ،وبالتالي قد يسرح العامل
العامل ألسباب مرتبطة بمعتقدات دينية أو مذهبية لم تعد تتطابق مع معتقدات صاحب العمل.
على الرغم من أن ممارسة الحياة الخاصة تتم أساسا خارج مكان وزمان العمل ،إال أنها ال
مفر منها في الحياة المهنية ،مما يجعل الحياة الخاصة للعامل أثناء مراحل عقد العمل وخاصة أثناء
اإلعتداءات من قبل صاحب العمل التي تتخذ عدم مظاهر، سريان عقد العمل عرضة لمختل
313
حماية الحياة الخاصة للعامل
ابتداءا من ممارسة صاحب العمل للسلطة التنظيمية داخل المؤسسة ،من خالل إصدار للوائح
والت عليمات الداخلية ،وكذا التحري عن العامل وجمع المعلومات من خالل األسئلة واالستفسارات
الموجهة إليه ،أو من خالل المعلوماتية بمناسبة ترقية العامل أو تقدير كفاءته أو تغيير عمله.
من مظاهر اإل عتداء على الحياة الخاصة للعامل مراقبة اتصاالته عن طريق التنصت إلة
محادثاته الهاتفية وتسجيلها ،واإلطالع على المواقع التي يزورها عبر شبكة االنترنت وكذا رسائل
البريد االلكتروني دون علم العا مل ،حيث يين القضاء الفرنسي التسجيالت السرية ألقوال العامل
التي تصدر في زمان ومكان العمل ،استنادا إلى النصوص الجزائية في هذا الشأن ،وال يعتد بما
تسفر عنه هذه التسجيالت من أدلة إال بشروط خاصة وفي أوضاع معينة.
أهم مظاهر اإلعتداء أي أيضا مراقبة تحركات العامل من خالل استعمال البطاقات
اإل لكترونية لضبط حركة دخول وخروج العمال ،أو الدخول إلى أماكن معينة داخل المؤسسة ،بحجة
حماية أمن وسالمة العمال أو المؤسسة ،وكذا استعمال برامج تنظم معلوماتية للمراقبة عن بعد،
بإمكانها بإمكانها مراقبة أدق التفاصيل عن تحركات العامل داخل المؤسسة ،مما يجعله يشعر بالتقييد
لخصوصياته ،كما قد يجأ صاحب العمل إلى مراقبة تحركات العمال عن طريق كاميرا الفيديو ،وقد
الفقهية بين مؤيد بحثنا مد ى مشروعية استعمال هذه الوسائل داخل المؤسسة ،وتعرضنا للمواق
ومعارض.
المشرع الجزائري من ذلك ،يتضح أن المرسوم الرئاسي 221/ 93المؤرخ في أما عن موق
22أوت 2193المتعلق بتنظيم النظام الوطني للمراقبة بواسطة الفيديو ،تطرق هذا المرسوم إلى
تحديد األماكن المعنية بالمراقبة عن طريق كاميرا الفيديو والتي كان من بينها الطرق المؤدية إلى
المؤسسات االقتصادية الكبرى ،أما بخصوص تنفيذ هذه المراقبة فقد نص هذا المرسوم على أن
المراقبة بواسطة الفيديو تتم بواسطة وسائل المؤسسة االقتصادية ،وبشأن شروط إعمال هذه
الكاميرات أكدت المادة السابعة من نفس المرسوم على أن تنصيب كاميرات المراقبة لتصوير
الطريق العام من أجل حماية ضواحي موقع المؤسسة االقتصادية ،األمر الذي يتطلب رخصة إدارية
يسلمها والي الوالية.
تأكيدا لحماية الحياة الخاصة للعامل ،تعرضنا للضمانات القانونية والقضائية لحماية الحياة
الخاصة للعامل ،تطرقنا في األولى إلى الضمانات المتعلقة بسلطة صاحب العمل في المراقبة
وتقييدها ،من خالل التأكيد على حق العامل في احترام السالمة البدينة والمعنوية وكرامته.
من بين الضمانات القانونية أيضا تلك المتعلقة بمواجهة الوسائل التكنولوجية في المراقبة،
والتي تتمثل في ضرورة إخطار العمال وكذا لجنة المؤسسة بوجود أنظمة المراقبة اإللكترونية،
314
حماية الحياة الخاصة للعامل
وضرورة استخدامها طبقا للقانون ،كما تشترط مراعاة مبدأ التناسب بين الوسيلة المستعملة في
المنشود الذي تسعى لتحقيقه. المراقبة والهد
أيضا تحديد دور القضاء في تكريس الضمانات القضائية لحماية حرمة الحياة الخاصة في
إطار عالقة العمل من خالل تمكين العامل من كافة الوسائل القضائية الوقائية والدفاعية عن حقه في
احترام حياته الخاصة وعدم تأثيرها على حياته المهنية ،وكذا توفير الضمانات الخاصة بالدليل
التكنولوجي في مجال عالقات العمل والذي قد يمس حياتهم الخاصة ،وضمان مشروعية هذه األدلة
عليها تحديد مصير ومصداقيتها في ظل القدرة على الغش والتالعب بهذه األدلة التي قد يتوق
العالقة المهنية للعامل.
من خالل هذا البحث يمكننا القول أن التنظيم القانوني لحق العامل في احترام حياته الخاصة
في ظل االنتشار الواسع للوسائل التكنولوجية الحديثة التي قد يلجأ اليها صاحب العمل ،وفي ظل
عال قة التبعية التي تربطه بصاحب العمل تحتاج إلى تدخل من المشرع من خالل نص في قانون
العمل الجزائري ينظم هذا الموضوع ،وفي نهاية بحثنا ندعم الخاتمة ببعض التوصيات على النحو
اآلتي:
مظاهر حماية أوال :نأمل من المشرع الجزائري أن يتدخل من خالل نص قانوني ينظم فيه مختل
الحياة الخاصة للعامل في إطار عالقة العمل ،والتدخل بحماية هذا الحق بنص تشريعي عام يحمي
حق االنسان في احترام حياته الخاصة مثلما فعل التشريع الفرنسي الذي كان سابقا لتنظيم هذا الحق
سواء في شقه العام أو في شقه الخاص بالعمال.
ثانيا :نظرا ألن الحياة الخاصة للمرشح للعامل أو العامل تكون عرضة للمساس بها من قبل صاحب
أمام صاحب العمل ،ويستمر هذا العمل فهو حاجة إلى منصب العمل مما يجعله في مركز الضعي
في ظل عالقة التبعية أثناء إبرام عقد العمل ،لذا فإننا نهيب بالمشرع الجزائري أن يضمن الضع
قانون العمل نصوص قانونية تتضمن إلزام صاحب العمل باحترام وحماية الحياة الخاصة لعماله
وكذا المترشحين للعمل ،وجعل المفاضلة بين المترشحين تقوم على أسباب تتصل بكفائتهم المهنية
لشغل المنصب ،وليس على أسباب مستمدة من حياتهم الخاصة لهم ،وكذا حظر المفاضلة بين العمال
عند ترقيتهم أو نقلهم أو فصلهم أو اتخاذ إجراءات في مواجهتهم على أسباب تتعلق بحياتهم الخاصة
ثالثا :ضرورة إنشاء لجنة وطنية تختص بالمعلوماتية والحريات العامة تتولى بحث ودراسة المسائل
التي تمس الحياة الخاصة لألفراد والعمال خصوصا ،كما فعلت التشريعات المقارنة شأن التشريع
الفرنسي والتونسي والمغربي ،أو توسيع مجال اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم تكنولوجيا اإلعالم
واالتصال ،التي يقتصر دورها على مكافحة الجرائم االرهابية والتخريبية ال غير.
313
حماية الحياة الخاصة للعامل
رابعا :تقييد سلطات أصحاب األعمال في اللجوء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة في مراقبة عمالهم
داخل المؤسسة سواء بأج هزة تسجيل صوتية للمحادثات العادية أو التليفونية أو مراقبة رسائلهم
االلكترونية عبر الحاسوب اآللي الذي يستخدمه العامل داخل المؤسسة ،من خالل وضع ضوابط
عند استعمالها. محددة لها ،وتفعيل الرقابة عليها كضمان لعدم التعس
خامسا :تنظيم شروط وقواعد لجوء صاحب العمل إلى الوسائل التكنولوجية الخاصة بالمراقبة،
كضمان إلحترام حياتهم الخاصة ،والتي تتمثل في ضرورة إخطار العمال ،وكذا لجنة المؤسسة
بوجود أنظمة المراقبة االلكترونية ،وضرورة استخدامها طبقا للقانون ،ومراعاة مبدأ التناسب بين
المبتغى منها. الوسيلة المستعملة والهد
سادسا :التنظيم القانوني لسلطات صاحب العمل في مراقبة العمال عبر كاميرا الفيديو أو أي أجهزة
لنقل الصورة والصوت داخل أماكن العمل أو خارجها سيما أثناء مزاولة العمال للعمل عن بعد،
وتحديد شروط استخدامها والجزاء المترتب على الخروج عن هذه الحاالت أو الضوابط.
سابعا :في ظل اعتماد أغلب المؤسسات االقتصادية على نظام المعلوماتية في التحري سواء على
المترشحين للعمل أو العمال ،البد من إصدار نص قانوني يتعلق بحماية البيانات أو المعلومات
الشخصية ،مع إعطاء الحق في اإلطالع على هذه المعلومات والحق في االعتراض عليها أو تعديلها
وتصحيحها إذا كانت غير صحيحة وطلب إلغائها إذا كان جمعها أو اإلبقاء عليها مخالفا للقانون.
ثامنا :ال بد من إخضاع الدليل االلكتروني المعتمد عليه في اإلثبات في مجال عالقات العمل إلى
ضوابط خاصة تمنع صاحب العمل من المساس بالحياة الخاصة للعامل ،وتكريس ضمانت قانونية
تمكن العامل من اإلثبات ،وتضمن حقه في التعويض و بقائه في منصب عمله.
تاسعا :نهيب بالقضاء أن يقدم البديل لمواجهة الفراغ التشريعي لهذا الموضوع ،من خالل تفسير
النصوص المتواجدة بالقواعد العامة تفسيرا يستوعب التطور الحاصل في المجتمع للمفاهيم المختلفة
األكثر اتساعا في احترام الحق في الحياة الخاصة ،أمام لجوء المؤسسات للوسائل التكنولوجية
الحديثة.
القاضي اإلجتماعي في ميدان عالقات العمل عاشرا :أمام صعوبة تطبيق القواعد العامة من طر
قصد حماية الحياة الخاصة للعامل ،فإننا نأمل أن يهتم التشريع الجزائري من خالل مشروع قانون
العم ل الجديد بحماية الحياة الخاصة للعامل كحق مستقل ،إذ ال حظنا إقرار المشرع من خالل هذا
المشروع حق المترشح في العمل في احترام حياته الخاصة ،فكان من باب أولى ضمان احترام
الحياة الخاصة للعامل أيضا ،والعمل على تحقيق قدرا كبيرا من التوازن بين الحق في الحياة
الخاصة بأبعاده المختلفة والواسعة ،وبين مقتضيات عقد العمل من منظور صاحب العمل.
319
حماية الحياة الخاصة للعامل
قــائـمـة المــراجـــع
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
-94بشير هد في ،الوجيز في عالقات العمل الفردية والجماعية ،دار ريحانة للكتاب ،الجزائر،
.2119
-93بلخيضر عبد الحفيظ ،اإلنهاء التعسفي لعقد العمل ،دار الحداثة للطباعة والنشر ،لبنان،
.9119
-99بن صاري ياسين ،عقد العمل محدد المدة ،دار هومة ،الجزائر.2114 ،
-91بن عزوز بن صابر ،نشأة عالقة العمل الفردية في التشريع الجزائري والمقارن ،دار
ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع ،عمان-األردن.2191 ،
-91بيرك فارس حسين الجبوري ،حقوق الشخصية وحمايتها المدنية ،دراسة مقارنة ،دار
الكتب القانونية ،مصر.2199 ،
-91توفيق حسن فرج ،قانون العمل في القانون اللبناني والقانون المصري الجديد ،الدار
الجامعية ،القاهرة.9119 ،
-21جعفر محمود المغربي ،حسين شاكر عسا ،المسؤولية المدنية عن االعتداء على الحق
المحمول ،دار الثقافة ،المملكة األردنية.2191 ، في الصورة بواسطة الهات
-29حسام الدين كامل األهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،دراسة مقارنة ،القاهرة ،دار
النهضة العربية.9111 ،
-22حسام الدين كامل األهواني ،شرح قانون العمل ،مطبعة أبناء وهبة حسان ،مصر.9119 ،
-23حسام الدين كامل األهواني ،أصول القانون ،دار النهضة العربية ،مصر.9111،
-24حسن حسين البراوي ،مدى حماية الحق في الحياة الخاصة في القانون المدني القطري،
المجلة القانونية والقضائية ،ط ،9قطر .2111
-23حسن كيرة ،أصول قانون العمل ،عقد العمل ،الطبعة الثالثة ،دار المعار ،االسكندرية،
بدون سنة نشر.
-29حسن كيرة ،المدخل إلى القانون ،منشأة المعار ،اإلسكندرية.9119 ،
-21حسني الجندي ،ضمانات حرمة الحياة الخاصة في اإلسالم ،ط ،9دار النهضة العربية،
مصر.9113 ،
-21حمدي أحمد سعد ،العمل عن بعد ،ذاتيته ،تنفيذه ،دراسة تأصيلية تحليلية في ضوء القواعد
العامة لقانون العمل ،دار الكتب القانوية ،مصر.2191 ،
-21خالد ممدوح إبراهيم ،أمن مراسالت البريد االلكتروني ،الدار الجامعية مصر .2111
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
-31دنيا مبارك ،الوجيز في القانون االجتماعي ،مطبعة دار النشر الجسور ،ط ،3المغرب،
المغرب.9111
-39راشد راشد ،شرح عالقات العمل الفردية والجماعية في ضوء التشريع الجزائري ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر.9119 ،
-32رمضان أبو السعود ،الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني ،المدخل إلى القانون وخاصة
قانون االمصري واللبناني ،النظرية العامة للحق،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت،
لبنان.9113 ،
-33سامي الحسني ،النظرية العامة للتفتيش في القانون المصري والمقارن ،دار النهضة
العربية ،القاهرة،مصر.9119 ،
Editions -34سميرة كميلي ،القانون الجنائي للشغل -جرائم الشغل -ج ،9دار النشر
، Emalivالمغرب.2193،
-33سعد السعيد الصبري ،المسؤولية المدنية الناشئة عن اإلخالل االلتزمات المترتبة على عقد
العمل دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،2191 ،القاهرة.
-39سعيد السيد قنديل ،التأثير المتكامل للمسؤولية التقصيرية على الحقوق الشخصية دراسة
مقارنة ،دار الجامعة الجديدة ،االسكندرية.2194 ،
-31سعيد عز ،العمل القضائي في مجال منازعات الشغل الفردية ،مطبعة النجاح الجديدة،
ط ،9الدار البيضاء -المغرب.9114 ،
-31سعيد مقدم ،التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية ،دراسة مقارنة ،بيروت،
لبنان.9113 ،
-31سيد محمود رمضان ،الوسيط في شرح قانون العمل وفقا آلخر التعديالت لسنة 2112
وقانون الضمان االجتماعي رقم 91لسنة ،2119دراسة مقارنة ،دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،عمان ،األردن.2119 ،
-41شمس الدين الوكيل ،مبادىء القانون الخاص ،ط ،9اإلسكندرية،مصر.9193 ،
-49ش واخ محمد الحمد ،التشريعات االجتماعية قانون العمل ،الجزء األول ،مديرية الكتب
والمطبوعات الجامعية ،دمشق ،سوريا.2111،
-42صالح محمد أحمد دياب ،إلتزام العامل باألمانة واإلخالص في عالقات العمل الفردية،
دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.2119،
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
-43طوني عيسى ، ،التنظيم القانوني لشبكة االنترنت ،دار المنشورات الحقوقية ،بيروت،لبنان
.2001
القوني ،حسن النية وأثره في التصرفات في الفقه االسالمي -44عبد الحليم عبد اللطي
والقانون المدني ،دار المطبوعات الجامعية ،االسكندرية،مصر.2114 ،
-43عامر خضر الكبيسي ،إدارة الموارد البشرية في الخدمة المدنية ،المنظمة العربية للتنمية
اإلدارية – القاهرة ،مصر ،بدون سنة نشر.
-49عباس العبودي ،شرح قانون المرافعات المدنية ،دار الكتب للطباعة والنشر،
الموصل،العراق.2111 ،
-41عبد الرزاق السنهوري ،مصادر االلتزام ،المجلد الثاني ،دار النهضة العربية ،مصر،
.9119
-41عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،ج ،1دار النهضة العربية ،ط،3
مصر.9119،
-41عبد السالم ديب ،قانون العمل والتحوالت االقتصادية ،دار القصبة للنشر ،الجزائر،
.2113
-31عبد العزيز المرسي حمود ،تحديد نطاق سلطة رب العمل ،في اإلنفراد بتعديل عناصر
عقد العمل غير محدد المدة دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.9111 ،
خالفي ،الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء األول ،الطبعة الثانية ،المطبعة -39عبد اللطي
والوراقة الوطنية ،المغرب.2111 ،
-32عبد المنعم فرج الصده ،أصول القانون ،دار النهضة العربية ،مصر.9111 ،
-33علي أحمد عبد الزغبي ،حق الخصوصية في القانون الجنائي ،دراسة مقارنة ،ط ،9
الموسوعة الحديثة للكتاب ،لبنان.2119 ،
-34علي علي سليمان ،مصادر االلتزام في القانون المدني الجزائري ،الجزائر.9111 ،
-33علي فياللي ،نظرية الحق ،موفم للنشر ،الجزائر.2199 ،
-39عماد حمدي حجازي ،الحق في الخصوصية ومسؤولية الصحفي ،الطبعة األولى ،دار
الفكر الجامعي ،االسكندرية ،مصر.2111 ،
-31عمر محمد بن يونس ،أشهر المبادئ المتعلقة باالنترنت في القضاء األمركي ،دار النهضة
العربية ،القاهرة ،مصر.2114،
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
-31عمرو احمد حسبو ،حماية الحريات في مواجهة نظم المعلومات ،دراسة مقارنة ،دار
النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،مصر.2111 ،
-31عصام أحمد البهجي ،حماية الحق في الحياة الخاصة في ضوء حقوق االنسان والمسؤولية
المدنية ،دار الجامعة للنشر اإلسكندرية ،مصر.2113،
-91غالب علي الداودي ،شرح قانون العمل (دراسة مقارنة)،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان
األردن.2199
-99كشبور محمد ،عناصر عقد الشغل في التشريع االجتماعي المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة
الدار البيضاء ،المغرب ،طبعة .9113
-92مبدر لويس ،أثر التطور التكنولوجي على الحريات العامة ،منشأة المعار ،اإلسكندرية،
مصر. 9111،
-93محمد أبو العال عقيدة ،مراقبة المحادثات التليفونية ،درا سة مقارنة ،دار النهضة العربية،
مصر.2111 ،
-94محمد الصغير بعلي ،تشريع العمل في الجزائر ،مطبعة والية قالمة ،الجزائر.9112 ،
-93محمد حسي منصور ،شرح قانون العمل العماني ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،
مصر.2199 ،
-99محمد جمال الدين زكي ،عقد العمل في قانون العمل المصري ،الطبعة الثانية ،دار الهيئة
المصرية العامة للكتاب ،مصر.911 ،
-91محمود جمال الدين زكي ،المبادىء العامة في نظرية اإلثبات في القانون الخاص
المصري ،مطبعة جامعة القاهرة ،مصر.2119،
-91محمد جمال مطلق الذيبات ،شرح قانون العمل ،الطبعة األولى ،مكتبة القانون واالقتصاد
للنشر والتوزيع ،الرياض ،المملكة العربية السعودية.2192 ،
-91محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني الجزائري ،دار الهدى للطباعة والنشر
والتوزيع ،الجزائر.2111 ،
-11محمد زكي أبو عامر ،الحماية الجنائية للحرية الشخصية ،دار الجامعة الجديدة
اإلسكندرية2199 ،مصر.،
-19محمد سعيد بناني ،قانون الشغل بالمغرب ،عالقات الشغل الجماعية ،الجزء الثاني ،دار
النشر المغربية ،المغرب .9113
319
حماية الحياة الخاصة للعامل
-12محمد عبد العظيم محمد ،حرمة الحياة الخاصة في ظل التطور العلمي الحديث ،رسالة
دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة القاهرة.9111 ،
-13محمد عبد الغفار البسيوني ،سلطة رب العمل في االنفراد بتعديل عقد العمل ،دار
النهضة العربية ،القاهرة مصر.9111 ،
-14محمد علي عمران ،الوسيط في شرح قانون العمل الجديد ،دار نصر للطباعة والنشر،
مصر.2113 ،
شرح قانون العمل ،دار الوفاء القانونية ،ط ،9االسكندرية.2191 ، محمد لبيب شنب، -13
-19محمد محمد الشهاوي ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في مواجهة الصحافة،
الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،مصر.2119 ،
-11محمد نجيب حسني ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة ،دار النهضة العربية،
مصر.9119،
-11محمد واصل ،الحقوق المالزمة للشخصية ،دراسة مقارنة ،دمشق ،سوريا.9113،
-11محمود خليل بحر ،حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي ،دراسة مقارنة ،مكتبة دار
الثقافة ،القاهرة ،مصر.9112 ،
-11محمود عبد الرحمن محمد ،نطاق الحق في الحياة الخاصة ،دراسة مقارنة في القانون
الوضعي والشريعة اإلسالمية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.9119 ،
-19محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات الخاص ،دار النهضة العربية،
مصر.9114،
-12مقني بن عمار ،قواعد االثبات في المواد العمالية في القانون الجزائري ،دار الجامعة
الجديدة ،االسكندرية،مصر.2191 ،
-13مهدي بخدة ،التنظيم القانوني ألوقات العمل في التشريع الجزائري ،دار الجامعة
الجديدة،اإلسكندرية مصر.2193 ،
-14ناهد العجوز ،الحماية الجنائية للحقوق العمالية في قانون العمل في مصر والدول
العربي ،منشأة المعر ،االسكندرية ،ط.9119 ،9
-13نبيل سعد ،المدخل إلى القانون ،نظرية الحق ،الجزء الثاني ،دار المعرفة الجامعية،
االسكندرية ،مصر.2111،
-19نهال عبد القادر المومني ،الجرائم المعلوماتية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان.2111،
312
حماية الحياة الخاصة للعامل
-11همام محمد محمود زهران ،قانون العمل ،عقد العمل الفردي ،دار المطبوعات الجامعية،
مصر.9111،
-11وهاب حمزة ،الحماية الدستورية للحرية الشخصية خالل مرحلة االستدالل والتحقيق في
التشريع الجزائري ،دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر.2199 ،
أحمد علي السيد علي ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة ،القاهرة ،دار -11يوس
النهضة المصرية.9113 ،
إلياس ،أزمة قانون العمل المعاصر بين نهج تدخل الدولة ومذهب اقتصاد السوق، -11يوس
دار وائل للنشر ،عمان،االردن.2119 ،
دالندة ،الوجيز في شرح األحكام المشتركة لجميع الجهات القضائية وفق قانون -19يوس
االجراءات المدنيو واالدارية الجديد ،دار هومة ،الجزائر.2111 ،
-12يسي محمد يحي ،قانون العمل المصري والسوداني ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية،
ط ،3القاهرة ،مصر.9113،
)2المؤلفات الخاصة
خالد حمدي عبد الرحمن ،الحماية القانونية للحياة الخاصة للعامل ،دار النهضة العربية، -9
القاهرة.2119-2113 ،
صالح محمد دياب ،الحماية القانونية للحياة الخاصة وضماناتها في ظل الوسائل -2
التكنولوجية الحديثة ،دار الكتب القانونية ،مصر.2191 ،
محمد بنحساين ،حماية الحقوق الشخصية في عالقات العمل بالمغرب ،الرباط ،المغرب -3
ط.2119 ،9
محمد حسن قاسم ،الحماية القانونية لحياة العامل الخاصة في مواجهة بعض مظاهر -4
التكنولوجية الحديثة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت -لبنان2199 ،
مصطفى عبد الحميد عدوي ،الخصوصية في مكان العمل ،دراسة مقارنة بين القانونين -3
المصري واألمريكي ،دون ناشر.9111 ،
ثانيا :أطروحات الدكتوراه
-9بن سعيد صبرينة ،حماية الحق في الحياة الخاصة في عهد التكنولوجيا ،أطروحة دكتوراه
في العلوم القانونية ،تخصص قانون دستوري ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة الحاج
لخضر ،باتنة ،الجزائر ،السنة الجامعية .2193/2194
313
حماية الحياة الخاصة للعامل
-2بشاتن صفية ،الحماية القانونية للحياة الخاصة ،أطروحة دكتوراه تخصص القانون ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،الجزائر.2192 ،
-3تنوير أحمد بن محمد نذير ،حق الخصوصية – دراسة مقارنة بين الفقه االسالمي والقانون
اإلنجليزي -أطروحة دكتوراه ،كلية الشريعة والقانون ،الجامعية االسالمية باسالم آباد،
باكستان.2111،
-4ثوابتي إيمان ريما سرور ،القواعد الدولية للعمل المكرسة لمبدأ المساواة وعدم التمييز في
واالستخدام ،أطروحة دكتوراه تخصص قانون عام ،كلية الحقوق والعلوم التوظي
السياسية ،جامعة باتنة ،الجزائر.2193-2194 ،
-3رحوي فؤاد ،وضعية العامل المتغيب داخل المؤسسة ،أطروحة دكتوراه تخصص القانون
االجتماعي ،كلية الحقوق والعلوم الساسية ،جامعة وهران ،الجزائر.2194 ،
-9عاقلي فضيلة ،الحماية القانونية للحق في حرمة الحياة الخاصة ،أطروحة دكتوراه في
القانون الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة ،الجزائر ،السنة الجامعية
.2192-2199
-1مفتاح محمد رشاد ابراهيم ،الحماية الجنائية للحق في حرمة االتصاالت الشخصية ،أطروحة
دكتوراه تخصص قانون جنائي ،كلية الحقوق ،جامعة االسكندرية ،مصر ،سنة .2111
-1نويري عبد العزيز ،الحماية الجزائية للحياة الخاصة ،أطروحة دكتوراه تخصص قانون
جنائي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة باتنة ،الجزائر،السنة الجامعية 2199-2191
ثالثا :مذكرات الماجيستر
-9الحاسي مريم ،التزام البنك بالمحافظة على السر المهني ،مذكرة لنيل شهادة الماجيستر،
تخصص مسؤولية المهنيين ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان ،الجزائر،
.2192-2199
بن بدرة عفي ،النظام التأديبي في المؤسسة ،مذكرة ماجيستر تخصص قانون األعمال، -2
كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة وهران ،الجزائر .2191
-3بن ذياب عبد المالك ،حق ال خصوصية في التشريع العقابي الجزائري ،رسالة ماجيستر
تخصص علوم جنائية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة وهران ،الجزائر -2192
.2193
بنور سعاد ،تشغيل المعوقين في التشريع الجزائري ،مذكرة ماجيستر تخصص قانون -4
اجتماعي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مستغانم ،الجزائر.2192 ،
314
حماية الحياة الخاصة للعامل
بن يوب هدى ،مبدأ حسن النية في العقود ،رسالة ماجيستر في العقود المدنية ،كلية -3
الحقوق والعلوم السياسية جامعة وهران ،الجزائر .2193-2192 ،
بومدان عبد القادر ،المسؤولية الجزائية للطبيب عن إفشاء السر الطبي ،مذكرة -9
ماجيستر ،تخصص قانون المسؤولية المهنية ،بكلية الحقوق ،جامعة تيزي وزو،
الجزائر.2199-2191 ،
بيو خال ،تطور حماية الحياة الخاصة للعامل ،مذكرة لنيل شهادة الماجيستر تخصص -1
تحوالت الدولة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة ،الجزائر،
.2199-2191
حافر فاطمة ،حاالت تعليق عالة العمل في عقود العمل غير المحددة المدة في تشريع -1
العمل الجزائري ،مذكرة ماجيستر تخصص قانون اجتماعي ،كلية الحقوق جامعة
وهران ،الجزائر.2111-2111 ،
حكيمة برقوقي ،حقوق االنسان وسلطات المشغل بين االتفاقيات الدولية ومدونة الشغل -1
المغربية ،مذكرة ماستر في قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،المغرب.2199-2191 ،
-91زوبة عز الدين ،سلطة المستخدم التأديبية في إطار المادة 13من قانون 99/11
المتعلق بعالقات العمل ،مذكرة ماجيستر ،تخصص عقود ومسؤولية ،كلية الحقوق-
جامعة أحمد بوقرة ،بومرداس ،الجزائر .2199
-99سالمي أمال ،عقد العمل محدد المدة في ظل االصالحات االقتصادية في الجزائر،
مذكرة ماجيستر في القانون العام ،فرع التنظيم االقتصادي ،كلية الحقوق ،جامعة
قسنطينة ،9الجزائر .2193/2192
-92سالمي فضيلة ،حماية حرمة المسكن في التشريع الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة ماستر
تخصص عقود ومسؤولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة البويرة ،الجزائر،
.2193
-93سليمان بن عبد اهلل بن سليمان العجالن ،حق االنسان في حرمة مراسالته واتصاالته
الهاتفية الخاصة في النظام الجنائي السعودي ،مذكرة ماجيستر تخصص سياسة جنائية،
العربية للعلوم األمنية ،الرياض ،المملكة العربية كليات الدراسات العليا ،جامعة ناي
السعودية.2113 ،
313
حماية الحياة الخاصة للعامل
-94عبد اهلل قادية ،االتفاقيات الجماعية في التشريع الجزائري ،مذكرة ماجيستر تخصص
قانون اجتماعي ،كلية الحقوق -جامعة وهران ،الجزائر.2114-2113 ،
-93عبد المجيد صادقين ،حماية حقوق العامل الشخصية بين اإلطار التشريعي والواقع
العملي ،مذكرة ماستر قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية وجدة -المغرب.2193-2192 ،
علي يحي آل زمانان ،التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل ،دراسة مقارنة في -99
القانون المصري والسعودي ،مذكرة ماجيستر ،كلية الحقوق جامعة القاهرة،مصر،
.2114
فريحة كمال ،المسؤولية المدنية للطبيب ،مذكرة لنيل شهادة ماجيستر في القانون -91
الخاص ،تخصص قانون المسؤولية المهنية ،كلية الحقوق والعلوم السياسة ،جامعة
تيزي وزو ،الجزائر ،سنة .2192
محمد ماسي ،مفهوم النظام العام في قانون الشغل ،مذكرة لنيل دبلوم الدراسات العليا في -91
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط-المغرب،
.9113
-91ماموني فاطمة الزهراء ،العامل والمؤسسة االقتصادية ،محاولة لتحديد عنصر التبعية،
مذكرة ماجيستر في القانون االجتماعي ،كلية الحقوق ،جامعة وهران ،الجزائر،
.2114-2113
-21نادية أيت أفتان ،تبعية العامل في عالقة العمل ،مذكرة ماجيستر ،كلية الحقوق ،وجامعة
مولود معمري تيزي وزو ،الجزائر.9111-9119 ،
فلوح أحمد ،حوادث العمل واألمراض المهنية في التشريع الجزائري ،مذكرة -29يوس
ماجيستر ،تخصص قانون إجتماعي ،كلية العلوم القانونية واإدارية ،جامعة وهران،
الجزائر.2199-2191 ،
-22يونس تلمساني ،الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي في القانون المغربي
والمقارن ،مذكرة ماستر تخصصص علوم جنائية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية
واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،المغرب.2111-2111 ،
رابعا :الـمقـاالت
319
حماية الحياة الخاصة للعامل
-9ابراهيم علي حمادي ،انتهاك حرمة الحياة الخاصة "الخطأ الصحفي نموذجا" دراسة مقارنة،
مجلة جامعة األنبار للعلوم القانونية والسياسية العدد الثاني ،كلية القانون الفلوجة ،العراق،
بدون سنة نشر.
-2أحمد فتحي سرور ،الحق في حرمة الحياة الخاصة ،مجلة القانون واالقتصاد ،العدد ،34
.9114
-3أكرم محمود حسين البدو ،بيرك فارس حسين ،الحق في سالمة الجسم ،دراسة تحليلية
مقارنة ،مجلة الرافدين للحقوق،مجلد ،1العدد ،33سنة .2111
-4باسم شهاب ،العالقة الالزمة لتحقق التحرش في ميدان العمل ،مقال منشور بمجلة نظرة
على القانون االجتماعي ،العدد ،14لسنة .2193
-3بن حساين محمد ،أي توازن بين سلطات المشغل وحقوق األجراء الشخصية ،مجلة
القانون المغربي ،العدد 21الصادرة في ماي .2193
-9بوسحبة جياللي ،التحرش المعنوي بالمرأة في وسط العمل ،مقال منشور بمجلة نظرة على
القانون االجتماعي ،العدد ،14لسنة .2193
االستثنائية وظوابطها في القانون الدستوري الجزائي، -1جابوربي اسماعيل ،نظرية الظرو
مجلة دفاتر السياسة والقانوون ،ورقلة ،العدد ،94جانفي .2199
-1جعفر محمود المغربي ،حسين شاكر عسا ،المسؤولية المدنية عن االعتداء على الحق في
المحمول .دار الثقافة ،المملكة األردنية.2191 ، الصورة بواسطة الهات
-1خادم حمزة ،اآلثار المترتبة على حق المرأة في العمل في ضوء القانون الدولي ،مجلة
البحوث القانونية والساياسية ،العدد الثاني.2194 ،
-91رجب عبد الحميد ،أمن شبكات المعلومات االلكترونية ،المخاطر والحلولCybrarians ،
االلكتوني الموقع على متاح ،2191 ديسمبر 31 العدد ،Journal
للمجلةhttp://www.journal.cybrarians.org
-99زهير حرح ،تأ ثير الحياة الخاصة للعامل في حياته المهنية ،مجلة جامعة دمشق للعلوم
االقتصادية والقانونية ،المجلد ،31العدد األول ،2194 ،ص .12
-92طارق نوير ،العمل عن بعد ومتطلبات ااتطبيق في مصر ،مجلة مصر المعاصرة،
العددان 414/913يناير/ابريل .2114
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
-93عادل العشابي ،سلطة المؤجر في تسيير مقاولته بين حاجيات المقاولة وحماية حقوق
األجراء ،دراسة مقارنة ،المجلة االلكترونية لندوات محاكم فاس ،المملكة المغربية ،العدد
الرابع.2119 ،
-94عبد السالم شعيب ،النظام العام وقانون العمل في ضوء العولمة ،مجلة نقابة المحامين
ببيروت ،لبنان ،العدد .2111 ،3
-93عبد الكريم غالي ،مدونة الشغل تأمالت منهجية ،مجلة القانون المغربي ،العدد .2114 ،9
-99عبد اهلل أوهايبية ،تفتيش المنازل في القانون الجزائري ،مجلة العلوم القانونية واالقتصادية
والسياسية ،جامعة الجزائر ،الجزء ،39رقم .2/11
-91عبد المجيد بوريقة ،حماية الحياة الخاصة في القانون التونسي ،مرجع سابق ،مجلة القضاء
والتشريع ،تونس ،العدد .2112 ،1
-91عطاء اهلل بوحميدة ،تطورات المادة 13من قانون 99/11المتعلق بقانون عالقات العمل
وبعض إشكاليات تطبيقها ،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية واالقتصادية ،العدد
،2الجزائر.2111 ،
-91عص ام األحمر ،الدعوى الشغلية من خالل مجلة الشغل وفقه القضاء ،مركز الدراسات
القانونية والقضائية ،طبعة ثانية.2111 ،
-21عمارة نعرورة ،الجديدي في عالقات العمل الفردية ،المجلة القضائية،العدد ،2الجزائر،
. 9113
-29فهيد محسن الديحاني ،الطبيعة القانونية للحق في الصورة وحمايته المدنية في القانون
الكويتي ،المجلة العربية للدراسات األمنية والتدريب ،المجلد ،21العدد ،39بدون سنة
نشر.
-22كريم مزعل شبي الساعدي -حسن محمد كاظم ،الحق في الخصوصية دراسة مقارنة،
مجلة كربالء ،المجلد الثاني العدد العاشر ،سنة .2113
-23لمين علوطي ،المنظمة االلكترونية لللعمل عن بعد ،مجلة ابحاث اقتصادية وادارية ،معهد
العلوم االقتصادية ،المركز الجامعي يحي فارس المدية ،العدد الثالث ،جوان .2111
-24محمد أمين فالح الخرشة ،جرائم االعتداء على الحق في الحياة الخاصة في القانون
االردني ،مجلة الحقوق ،المجلد الثامن ،قسم القانون الخاص ،كلية الحقوق جامعة مؤتة،
االردن ،بدون سنة النشر.
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
-23محمد عرفان الخطيب ،مبدأ عدم التمييز في تشريع العمل المقارن ،مجلة جامعة دمشق
للعلوم االقتصادية والقانونية – المجلد 23العدد الثاني ،سنة .2111
-29مرنيز فاطمة ،حرمة الحق في الخصوصية للعامل في ظل الوسائل التكنولوجية الحديثة،
مقال منشور بمجلة نظرة على القانون االجتماعي ،مخبر القانون االجتماعي ،القطب
الجامعي ،بلقايد ،جامعة وهران ،العدد رقم 13لسنة .2199
-21مروك نصر الدين ،الحق في الخصوصية ،موسوعة الفكر القانوني ،العدد الثاني،
الجزائر ،بدون سنة.
-21مزغراني بومدي ،التالزم بين أحكام الصالة والعمل في قانون العمل الجزائري ،مقال
منشور بمجلة نظرة على القانون االجتماعي ،القطب الجامعي بلقايد وهران ،ع .2111 ،3
-21مهدي بن خدة ،دراسة تحليلية لمضمون المادة 13من قانون العمل الجزائري ،مقال
منشور بالمجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية واالنسانية ،قسم العلوم االقتصادية
والقانونية ،عدد ،99جوان .2199
-31نادية حسان ،النظام الداخلي في قانون عالقات العمل ،المجلة النقدية للقانون والعلوم
السياسية ،كلية الحقوق ،جامعة تيزي وزو ،العدد األول.2111 ،
-39نشوى رأفت إبراهيم ،الحماية القانونية لخصوصية مراسالت البريد اإللكتروني ،كلية
الحقوق ،جامعة المنصورة ،بدون سنة النشر ،ص ،33ومذكور في مقال منشور على
الموقع االلكترونيwww.unpeudedroit.fr/droit-du-travail :
-32نور الدين الناصري ،النظام القانوني للحق في الحياة الخاصة – دراسة في ضوء
التشريعي المغربي والمقارن – مجلة الفقه والقانون ،العدد التاسع ،جويلية .2193
-33نور فرحات نعيم غيث ،الفصل التعسفي في قانون العمل االردني دراسة مقارنة ،متاح
العربي: للقانون االلكتروني الدليل بعنوان الموقع االلكتروني على
www.arablaw.info.com
خامسا :الملتقيات والمؤتمرات
-9أحمد فتحي سرور ،الحق في الحياة الخاصة" ،بحث مقدم لمؤتمر حرمة الحياة الخاصة،
المنعقد بكلية الحقوق ،جامعة االسكندرية ،من 4إلى 9جوان .9111
-2أكرم عبد الرزاق المشهداني ،اساءة استخدام تقنيات المعلومات وانتهاك الحق في
الخصوصية ،بحث مقدم خالل المؤتمر السادس لجمعية المكتبات والمعلومات السعودية
حول البييئة المعلوماتية ا آلمنة ،المفاهيم والتشريعات والتطبيقات ،المنعقد بمدينة الرياض
خالل الفترة 1-9أفريل .2191
311
حماية الحياة الخاصة للعامل
-3حسام الدين االهواني" ،الحق في الخصوصية في القانون الفرنسي" ،بحث مقدم لمؤتمر الحق
في الحياة الخاصة ،باألسكندرية من 4إلى 9جانفي .9111
-4رمسيس ينهام ،نطاق الحق في حرمة الحياة الخاصة ،بحث مقدم لمؤتمر الحق في الحياة
الخاصة المنعقد في كلية الحقوق جامعة االسكندرية من 4إلى 9جانفي .9111
-3صالح العتيبي ،الحق في الخصوصية في مواجهة التشريعات الوطنية-حماية حياة العامل
مداخلة أثناء المؤتمر العلمي القانوني الثاني لكلية الخاصة في قانون العمل الكويتي،
القانون الكويتية العالمية حول "التحديات المستجدة للحق في الخصوصية" ،بتاريخ 99/93
اآلتي: الموقع على متاح فبراير،2193
http://kilaw.edu.kw/Conference/index.php/ar/ct-menu-item
-9عادل عامر ،مفهوم التحرش الجنسي في التشريعات المقارنة ،بحث منشور على الموقع
اآلتي/http://almesryoon.com :
-1عبد المحسن الجار اهلل الخرافي ،احترام العامل وتقدير كرامته اإلنسانية ،متاح على الموقع
اآلتي/http://alqabas.com/2570 :
-1عمر بن عبد الرحمن العيسى ،دليل العمل عن بعد ،ترجمة لمايك جرى وآخرين ،مركز
البحوث ،الرياض.2119 ،
-1محمد رايس ،مسؤولية األطباء المدنية عن إفشاء السر المهني ،بحث مقدم بمناسبة الملتقى
الوطني حول المسؤولية الطبية المنعقد بكلية الحقوق ،جامعة تيزي وزو ،من 11إلى 91
أفريل .2111
-91نورة بوطاهر ،أنس االعرج ،رشيد االشهب ،حسن االبراهيمي ،آثار المعلوميات على
الشغل ،منطلقات لتوجيه القضاء في تطبيق مدونة الشغل ،ص ،1بحث منشور على الموقع
اآلتيhttp://www.startimes.com/?t=15307871 :
سادسا :اإلجتهاد القضائي
- 1سعيد أحمد شعلة ،موسوعة قضاء النقض العمالي ،منشأة المعار ،االسكندرية.9111 ،
- 2مجلة الملحق القضائي ،العدد 21الصادرة بتاريخ 21فبراير ،9111المعهد العالي
للقضاء ،مطبعة دار السالم ،الرباط -المملكة المغربية ،الموقع االلكتروني:
/http://www.ism.ma
- 3مجلة المحاكم المغربية ،العدد 11لسنة ،9114مجلس هيئة المحامين ،مؤسسة الملك عبد
االلكتروني: الموقع المغربية، المملكة البيضاء- الدار العزيز،
/http://act.fondation.org.ma
411
حماية الحياة الخاصة للعامل
- 4مجلة المحاكم المغربية ،العدد 13لسنة ،9113مجلس هيئة المحامين ،مؤسسة الملك عبد
العزيز ،الدار البيضاء -المملكة المغربية.
- 5مجلة قضاء المجلس األعلى ،العدد المزدوج ،91/31السنة ،24يناير – جويلية،2112 ،
االلكتروني: الموقع المغربية، المملكة
http://www.cpdj.courdecassation.ma/CPDJ-Ar/PDF/sommaire/R-59-
60-TOT.pdf
- 2المجلة القضائية للمحكمة العليا الجزائرية العدد 2لسنة .9113
- 2المجلة القضائية للمحكمة العليا الجزائرية العدد 1لسنة .2006
- 0المجلة القضائية للمحكمة العليا الجزائرية العدد 9لسنة .2112
سابعا :التقـاريـر
-9تقرير المدير العام لمكتب العمل الدولي" ،المساواة في العمل" ،التقرير العالمي لمنظمة
العمل الدولية بشأن المبادىء والحقوق األساسية في العمل ،مؤتمر العمل الدولي ،
الموقع: على متاح ،41 ص ،2111 ،19 الدورة
http://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/@ed_norm/@relconf/doc
uments/meetingdocument/wcms_154781.pdf
-2التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات بفرنسا CNILلسنة 9113
وموقفها من نت ائج التقييم وحق المترشح في معرفة نتائج التقييم الذي تم بمعرفة صاحب
العمل14ème rapport d’activité 1993 de la CNIL.
-3هوتن ديكسي ،دراسة استقصائية عالمية حول خصوصية االنترنت وحرية التعبير
،فرنسا،منظمة األمم المتحدة لتربية والتعليم اليونسكو.2192 ،
العمل الصادرة بتاريخ 1يناير 2192عن -4المذكرة التوجيهية الثانية العمالة وظرو
مؤسسة التمويل الدولية ،مجموعة البنك الدولي ص 1متاحة على الموقع االلكتروني:
http://www.ifc.org/wps/wcm/connect/6ceaa4004f486b78872ccf032
.730e94e/GN2_Arabic.pdf?MOD=AJPERES
-3التقرير الخامس (ب)2الصادر عن مؤتمر العمل الدولي في دورته 11لسنة 2191
المتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية وعالم العمل ،ص 3و ،9المتاح على الموقع
االتي: االلكتروني
http://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/@ed_norm/@relconf/doc
uments/meetingdocument/wcms_123855.pdf
-9سلسلة دراسات يصدرها مركز االنتاج االعالمي ،جامعة الملك عبد العزيز،
419
حماية الحياة الخاصة للعامل
412
حماية الحياة الخاصة للعامل
413
حماية الحياة الخاصة للعامل
414
حماية الحياة الخاصة للعامل
413
حماية الحياة الخاصة للعامل
-3االتفاقية الجماعية للعمل لمؤسسة ميناء مستغانم ،المسجلة لدى مفتشية العمل المختصة
إقليميا بتاريخ 9111/12/22بمستغانم.
419
حماية الحياة الخاصة للعامل
411
حماية الحياة الخاصة للعامل
411
حماية الحياة الخاصة للعامل
411
حماية الحياة الخاصة للعامل
491
حماية الحياة الخاصة للعامل
B- OUVRAGES SPÉCIALISÉS :
1- CHIREZ(A) et BOUGHANNI-PAPI(P), Vidéosurveillance, droit à
l’image et vie des salariés, Bulletin social Français, Lefebvre 1994.
2- Daniel. JOSEPH, L’état de santé, élément de la vié privée du salarié,
Dr, France, 1990
3- DESPAX)M(, La vie extra-professionnelle du salarié et son incidence
sur le contrat du travail, J.C.P, France, 1963.
499
حماية الحياة الخاصة للعامل
492
حماية الحياة الخاصة للعامل
493
حماية الحياة الخاصة للعامل
494
حماية الحياة الخاصة للعامل
F- JURISPRUDENCE
493
حماية الحياة الخاصة للعامل
499
حماية الحياة الخاصة للعامل
491
حماية الحياة الخاصة للعامل
الفـــهــرس
19.................................................................................................................... المقدمة
92............................................................... ... حماية الحياة الخاصة للعامل العمل:الباب االول
93.................................................... الحماية غير المباشرة للحياة الخاصة للعامل:الفصل األول
491
حماية الحياة الخاصة للعامل
491
حماية الحياة الخاصة للعامل
421
حماية الحياة الخاصة للعامل
429
حماية الحياة الخاصة للعامل
-9مبدأ الطمأنينية921....................................................................................................
ثانيا :الحماية التقـنية للبيانات الشخصية للمترشح للعمل921........................................................
-3تقنية التشفير المعلوماتي921......................................................................................
-4تقنية الغفلة 921.......................................................................................................
الفرع الثالث :عدم التمييز بين المترشحين في العمل931..........................................................
أوال :مبدأ حظر التمييز بين المترشحين للعمل939....................................................................
-9االقرار الدولي لمبدأ حظر التمييز بين المترشحين للعمل939..................................................
-2حظر التمييز بين المترشحين للعمل على أساس الحياة الخاصة934 ..........................................
-3رفض التعاقد بناءا على التمييز بين المترشحين للعمل933.....................................................
ثانيا :القيود الواردة على مبدأ عدم التمييز بين المترشحين للعمل939..............................................
-9ارتباط التمييز بمتطلبات الوظائف القيادية 939...................................................................
-2ارتباط المنصب بالكفاءة المهنية للمترشح للعمل931............................................................
-3ارتباط التمييز بأهداف المؤسسة 931...............................................................................
المبحث الثاني :حماية الحياة الخاصة للعامل بعد التعاقد931.......................................................
المطلب االول :صور حماية الحياة الخاصة للعامل 931.............................................................
الفرع االول :مدى تأثر الحياة الخاصة للعامل بالحياة المهنية…931.......…………….................
أوال :حماية الحقوق والحريات المتربطة بالحياة الخاصة للعامل931..............................................
-9حماية الحياة الشخصية والعائلية للعامل931.....................................................................
-2حماية الحريات العامة للعامل942.................................................................................
ثانيا :حماية الحياة الخاصة العامل أثناء الغياب المشروع عن العمل943.........................................
-9حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء فترات الراحة والعطل943...............................................
-9-9حماية الحياة الخاصة أثناء فترات الراحة943................................................................
-2-9حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء العطل949................................................................
-2حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء تعليق عالقة العمل941....................................................
-9-2تعليق عالقة العمل ألسباب صحية941.........................................................................
-2-2تعليق عالقة العمل ألسباب عائلية وشخصية931.............................................................
الفرع الثاني :أثر مراقبة العامل خارج العمل على حياته الخاصة932..........................................
أوال :حماية الحياة الخاصة للعامل في إطار العمل عن بعد932....................................................
-9صور العمل عن بعد934............................................................................................
-9-9العمل في المنزل934............................................................................................
-2-9العمل في مكتب تابع لمقر العمل األصلي 939...............................................................
-3-9العمل عن بعد من خالل االتصاالت الهاتفية939............................................................
-4-9العمل عن بعد المتنقل931.......................................................................................
-2مدى التدخل في الحياة الخاصة للعامل عن بعد931...........................................................
-9-2مدى التدخل في الحياة الخاصة من قبل صاحب العمل931................................................
-2-2مدى التدخل في الحياة الخاصة للعامل من قبل مفتش العمل931.........................................
-3حماية الحياة الخاصة للعامل عن بعد991.......................................................................
ثانيا :حماية الحياة الخاصة للعامل في إطار الجهوزية عن بعد992................................................
-9صور التدخل في الحياة الخاصة أثناء فترة الجهوزية للعمل993.............................................
-2حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء فترة الجهوزية للعمل994..................................................
المطلب الثاني :ضمانات حماية الحياة الخاصة للعامل999.........................................................
الفرع األول :استقالل الحياة الخاصة للعامل عن حياته المهنية991..............................................
أوال :اعتراف القضاء بمبدأ عدم تدخل صاحب العمل فى الحياة الخاصة للعامل991...........................
-9مبدأ عدم تدخل في الحياة الخاصة للعامل بسبب الوضع العائلي991..........................................
422
حماية الحياة الخاصة للعامل
أوال :نطاق التبعية للفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية293 .................................................
-9مكان العمل294.......................................................................................................
-2وقت العمل 224........................................................................................................
ثانيا :حدود التبعية للفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية293..................................................
-9اإلطار المهني للعامل293...........................................................................................
-2اإلطار غير المهني للعامل299.....................................................................................
423
حماية الحياة الخاصة للعامل
المطلب الثاني :حماية حقوق العامل الشخصية أثناء إبرام عقد العمل291......................................
الفرع األول :حماية حقوق العامل الشخصية ذات الطابع االجتماعي291........................................
أوال :حق العامل في الزواج291.........................................................................................
-9الحماية التشريعية لحق العامل في الزواج ضمن شرط عقد العمل221.......................................
-9-9حماية حق العامل في الزواج ضمن قانون العمل221.....................................................
-2-9حماية حق العامل في الزواج ضمن القانون المدني222...................................................
-2الحماية القضائية لحق العامل في الزواج ضمن شروط عقد العمل224.....................................
-9-2التطبيقات القضائية للحق الزواج ضمن شروط عقد العمل224..........................................
-2-2النظام العام الجتماعي كأساس لحماية لحق العامل في الزواج229....................................
ثانيا :حق العامل في اختيار مظهره221................................................................................
-9حرية العامل في اختيار مظهره221...............................................................................
-2حدود حق العامل في اختيار مظهره231........................................................................
الفرع الثاني :حماية حقوق العامل الشخصية ذات الطابع المعنوي232........................................
أوال :حق العامل في االسم الشخصي233...............................................................................
-9التكييف القانوني لالسم الشخصي 234.............................................................................
-2مدى حماية حق العامل في اسمه الشخصي233.................................................................
ثانيا :حق العامل في حرية الدين والمعتقد231.........................................................................
-9مدى حماية حق العامل في حرية الدين والمعتقد231...........................................................
-2حدود حماية حق العامل في حرية دينه ومعتقداته231.........................................................
المبحث الثاني :حماية الحياة الخاصة للعامل أثناء تنفيذ عقد العمل241.........................................
المطلب األول :أثر السلطة التنظيمية للمستخدم على الحياة الخاصة للعامل249...............................
الفرع األول :حماية الحياة الخاصة للعامل في قوانين الهيئة المستخدمة249.................................
أوال :حماية الحياة الخاصة للعامل في االتفاقيات الجماعية للعمل والنظام الداخلي242.........................
-9حماية الحياة الخاصة للعامل في االتفاقيات واالتفاقات الجماعية للعمل242.................................
-2حماية الحياة الخاصة للعامل في النظام الداخلي والتعليمات الالحقة له244..................................
-9-2حماية الحياة الخاصة للعامل في النظام الداخلي244........................................................
-2-2حماية الحياة الخاصة للعامل في التعليمات والتوجيهات الداخلية241....................................
ثانيا :حماية الحياة الخاصة للعامل في عقد العمل والتعديالت الالحقة له241.....................................
-9أثر تعديل عقد العمل على الحياة الخاصة للعامل241...........................................................
-9-9أثر تعديل مكان العمل أو نقل العامل على حياته الخاصة241............................................
-2-9أثر تغيير وقت العمل على الحياة الخاصة للعامل239......................................................
-2أثر الحياة الخاصة للعامل على تعديل عقد العمل239..........................................................
-9-2تعديل عقد العمل لمواجهة المستجدات العادية في الحياة العامل الخاصة232............................
-9-9-2شروط تعديل العقد لمواجهة المستجدات العادية الحياة العامل الخاصة232...........................
2-9-2تطبيقات تعديل العقد لمواجهة المستجدات العادية في الحياة العامل الخاصة233......................
-2-2تعديل عقد العمل لمواجهة المستجدات الطارئة في حياة العامل الخاصة234............................
-9-2-2تعديل عقد العمل للعجز النات عن اإلعاقة233...........................................................
-2-2-2تعديل عقد العمل للعجز النات عن المرض233...........................................................
الفرع الثاني :حماية الحياة الخاصة للعامل من المراقبة التكنولوجية239......................................
أوال :مراقبة تحركات العامل داخل المؤسسة231.....................................................................
-9البطاقات االلكترونية231.............................................................................................
-9-9مدى حرية تنقل العامل داخل المؤسسة231...................................................................
-2-9مدى حماية المعلومات الشخصية للعامل في البطاقة االلكترونية231.....................................
-2كاميرات المراقبة 231................................................................................................
424
حماية الحياة الخاصة للعامل
423
حماية الحياة الخاصة للعامل
429
حماية الحياة الخاصة للعامل
421
حماية الحياة الخاصة للعامل
421