Professional Documents
Culture Documents
إعداد
شاكر جميل ساجت
2016م
1
المقدمة
تحتل الحقوق والحريات قيمة اجتماعية رفيعة في افئدة البشر ,فهي ترتبط بهم
وجودا وعدما ومن اهم هذه الحقوق هو الحق في الخصوصية ,فهو احد الحقوق
اللصيقة باالنسان ,فاالنسان بحكم طبيعته له اسراره وصالته الخاصه وال يمكن ان
يتمتع بهذه الخصائص اال اذا ترك وشأنه في اطار يحفظ له حقه في الحياة الخاصة
بجوانبها المختلفه ,لهذا ينبغي االعتراف الدستوري والقانوني له بضمانات وحماية
كافية تمكنه من ممارسة حقوقه على اتم وجه وفي حالة االعتداء على هذا الحق
يجب ايقاف هذا االعتداء واصالح الضرر الذي سببه.
اشكالية البحث-
على الرغم من الدستور العراقي لعام 2005قد نص على الحق في الخصوصية,
اال ان هذا الموضوع قد واجه عدة مشاكل اهمها:
-1عدم التنظيم الدقيق لمبررات وحدود الحق في الخصوصية .
-2وجود بعض جوانب النقص والقصور في تنظيم االحكام الخاصة بالقيود
الواردة على مظاهر هذا الحق.
-3عدم تنظيم مسألة مراقبة االتصاالت وتركها لتحكم رجال السلطة.
-4وجود انتهاكات كبيرة لمظاهر الحق في الخصوية سواءا في مجال حرمة
المسكن ,او حرية االتصاالت والمواصالت.
منهجية البحث-
أن طبيعة الدراسة تتناول موقف دستور العراق وبعض الدساتير المقارنة من تنظيم
الحق في الخصوصية ,املت علينا اتباع منهج البحث التحليلي المقارن مع بعض
الدساتير من اجل االستفادة منها في كيفية معالجة هذا الموضوع ,مع دعم الدراسة
باطار علمي وتحليلي.
2
المبحث االول
مفهوم الحق في الخصوصية
ان االحاطة بمفهوم الحق في الخصوصية يتطلب منا التعرف على الخصوصية من
حيث التعريف بها من خالل استعراض اراء عدد من الفقهاء الذين تناولو هذا
الموضوع ,ومن ثم معرفة نطاق هذا الحق ,اي الحقوق التي يشتمل عليها وتدخل
في مضمونه ,كذلك مسألة مكانة هذا الحق بين سائر الحقوق والحريات العامة
االخرى.
وبناءا على ذلك سنقسم هذا المبحث الى مطلبين وعلى النحو اآلتي -:
المطلب االول
التعريف بالحق في الخصوصية
الخصوصية لغة مأخوذة من الفعل خص فيقال (خص فالن ) بالشيء (خصوصا) و
خصوصية بضم الخاء وفتحها والفتح افصح ,واختصه بكذا أفرده به دون غيره
()1
وخصه به.
اما تعريف الحق في الخصوصية اصطالحا فقد اختلف بأختالف الفقهاء والكتاب
الذين تناولو هذا الموضوع ,وقد برز اتجاهين اتجاه يوسع من نطاق هذا الحق
واتجاه اخر يضيق ويقيد منه لذا سنتطرق الى تعريف الحق في الخصوصية في
ضوء االتجاهين السابقين.
الفرع االول
التعريف الواسع للحق في الخصوصية
عرف معهد القانون االمريكي الحق في الخصوصية قائال (كل شخص ينتهك
بصورة جدية ,وبدون وجه حق ,حق شخص اخر في ان ال تصل اموره واحواله
الى علم الغير واال تكون صورته عرضة النظار الجمهور ,ويعتبر مسؤوال امام
()2
المعتدى عليه).
وقد عرفه مؤتمر رجال القانون في استكهولم عام 1967بأنه "حق الفرد في ان
يكون حرا مع ادنى حد للتدخل الخارجي" .كما عرفه الفقيه جوهن شاتوك بانه
)1محمد حسين جاسم -الحق في الخصوصية في دستور جمهورية العراق لسنة ( 2005دراسة مقارنة) -رسالة ماجستير-
كلية القانون -جامعة البصرة – 2013 -ص6
)2د .مصطفى احمد -الحياة الخاصة ومسؤولية الصحفي -دار الفكر العربي -القاهرة – 2001ص53
3
"حق الفرد في العيش كما يحلو له أن يعيش مستمتعا بأنشطة خاصة معينه ,حتى
()1
ولو كان السلوك الذي يسلكه مرئيأ من جميع الناس"
وقد حاول جانب من الفقه المصري المشاركة في رسم حدود هذه الفكرة ,فيرى
البعض إن الحياة الخاصه تشمل الحياة العائلية والزواج والبنوة وما يتعلق بالحالة
الصحية ,بل ان بعضهم ذهب الى اوسع من أنها تشمل الحياة االسرية والعاطفية ,
بل تشمل الحالة المالية بأعتبار ان الذمة المالية للشخص تعد عنصرأ في حياته
الخاصة.
الفرع الثاني
التعريف الضيق للحق في الخصوصية
ربط بعض الفقهاء الحق في الخصوصية بفكرة الهدوء او السكينة او الخلوة ,وكلها
مرادفات تدل على معنى واحد هو حق الفرد في ان يعيش حياته ,ولو بصفة جزئية
بعيدا عن المجتمع ,مع ادنى حد للتدخل من جانب الغير .هذا وقد عرفه القاضي
االمريكي كولي بأنه "حق في أن يترك المرء وشأنه " كما ان جانب من الفقه
االمريكي( )2عرفه بأنه الحق في الخلوة فمن حق الشخص ان يستلزم من الغير ان
يتركوه وشأنه دون ان يعكر عليه احد خلوته.
اما الفقه الفرنسي فقد عرفه تعريفا ال يختلف كثيرا عن المعنى الذي ذكره الفقه
االمريكي ,فقد عرفه الفقيه كاربونييه بأنه "حق الشخص في المجال الخاص لحياته
بحيث يستطيع ان يعيش بمنأى عن االخرين ,اي الحق في احترام الخصوصية
الطبيعية للفرد ,والحق في ان يعيش بهدوء " كما عرفه االستاذ كابان بأنه "حق كل
()3
شخص بأن يعيش في سالم وسكينه".
)1د .ممدوح خليل ,حماية الحياة الخاصة في القانون الجنائي ,دار النهضه العربية ,القاهرة , 1983 ,ص186
)2محمد حسين جاسم ,المصدر السابق ,ص 12
)3د.محمود عبدالرحمن-نطاق الحق في الحياة الخاصة-دار النهضة-القاهرة123-1994-
4
المطلب الثاني
مظاهر الحق في الخصوصية
يقصد بمظاهر الحق في الخصوصية "تلك االمور او القيم التي التي يحميها هذا
الحق ضد التدخل الخارجي من الغير "( )1وكما ان الفقهاء لم يتفقو على تحديد
ماهية هذا الحق كما رأينا فأنهم اختلفو ايضا في تحديد عناصره ,ومما تجدر
االشارة اليه ان تحديد االمور او القيم التي يحميها هذا الحق هو امر ليس بالسهل,
ولعل السبب في ذلك يرجع الى ان الخصوصية تختلف في مداها وابعادها بأختالف
المجتمعات واالنظمة السياسية التي تحكمها ,كما انها تختلف بأختالف االزمنه
والعادات والتقاليد والثقافات في المجتمع الواحد ,وانطالقا من هذه الحقيقة فانه سيتم
التركيز على العناصر الرئيسية التي يحميها الحق في الخصوصية في الدستور
العراقي لسنة 2005والتي تتمثل بحرمة المسكن وحرية االتصاالت والمراسالت
وسنبحث ذلك في فرعين وعلى النحو االتي.
الفرع االول
حرمة المسكن
لكل انسان حق في حرمة مسكنه بوصفه مجاال من مجاالت حياته الخاصة ,فال قيمة
لحرمة الحياة الخاصة ما لم تمتد الى مسكنه الذي يهدأ فيه ويحيا فيه ويودع فيه
اسراره ,فبدون حرمة المسكن تكون الحياة الخاصة مهددة غير امنه ,وقد نصت
اغلب الدساتير على هذا الحق كونه حق من حقوق االنسان ومنها الدستور العراقي
النافذ.
هذا ولم يعرف المشرع الجنائي العراقي المسكن ولكن المادة ( )440من قانون
العقوبات العراقي ,رقم( )111لعام 1969المعدل اشارت الى المسكن واعتبرته
ظرفا مشددا في جريمة السرقة حيث نصت على (أن ترتكب السرقة في محل
مسكون او معد للسكن او في احد ملحقاته .)..وهذا دليل على حماية المشرع لهذا
الحق وتشديد العقوبه في حالة انتهاكه من قبل الغير.
وقد عرف جانب من الفقه العراقي المسكن بأنه "المكان المخصص لالستعمال سكنا,
سواء كان ذلك مخصصا بطبيعته لذلك االستعمال او لم يكن مخصصا للسكن ولكنه
مسكون بالفعل اي يقيم فيه الشخص" ,كما وعرفه البعض االخر بأنه "المكان
المستعمل للسكن بالفعل والسكن يعني االقامة الفعلية ,اي العيش االعتيادي في
المحل على وجه االستقرار" )2(,كما ذهب البعض الى التوسع في تعريف المسكن
ليشمل كل مكان خاص لالقامة او كل مكان يزاول فيه الشخص نشاطه الصناعي او
التجاري مثل الفنادق والمستشفيات والمدارس ومكاتب المحامين وعيادات االطباء
وغيرها ,وهذا يعني ان المقصود بالمسكن كل مكان مغلق او محدد عن المجال
الخارجي المحيط به ويخصصه االنسان لمزاولة نشاط معين من نشاطاته بصفه
دائمة او مؤقته.
وعلى الرغم من المشرع العراقي لم ينص صراحة على أن المكان الخاص من
االماكن التي تتمتع بحرمة المسكن اال ان القضاء العراقي اخذ بهذا المفهوم الواسع
للمسكن ,وهذا ما اتجهت اليه محكمة التمييز بأسباغ حصانة المنزل المسكون على
المقهى فقررت (ان المقهى هو بطبيعته هو محل يرتاده الناس للراحة واالقامة
()1
ساعات غير معينه ,وهو بهذا االعتبار يعد محال مسكونا.
هذا وان المصلحة محل الحماية في حرمة المسكن كما ذهب اغلب الفقه تكمن في
ان الغرض من ذلك أن االنسان يتحلل داخل منزله بوجه عام مما تفرضه عليه
الحياة االجتماعية في الخارج من قيود ,فال بد من ان تحاط حياته الخاصة بسياج من
السرية ,واهم مظاهر حياته الخاصة ما يدور داخل منزله من احاديث خاصة وما
يتخذه الشخص من اوضاع اعتمادا على انه ال يطلع عليها احد.
أن صيانة حرمة المسكن تعد من االهمية حيث ال خصوصية الي انسان ان لم
يحترم مسكنه ,الن المسكن يعد من االشياء االساسية في حياة االنسان ال فرق بين
غني وفقير وسمي مسكنا الن االنسان يجد فيه من الطمأنينه والسكينه والراحه ,فال
يجوز ان يدخله احد دون رضاه وال يجوز ان يتجسس عليه احد او يطلع على
شؤونه الداخليه بدون علمه لذلك وجب على السلطات ان ال تقتحم مساكن االفراد او
()2
تفتيشها اال وفق االجراءات المحددة قانونا ومن قبل الجهات المختصة.
الفرع الثاني
حرية المراسالت واالتصاالت
ان لكل انسان حياته الخاصه واسراره التي ال يحب ان يطلع عليها احد بغير اذنه
وهذا ما يطلق عليه الحق في الخصوصية حيث يشتمل هذا الحق اضافة الى حرمة
المسكن التي بحثناها سابقا حرية المراسالت واالتصاالت وسنحاول التعرف على
كل منهما بشيء من االيجاز:
اوال:حرية المراسالت – تبنى جانب من الفقه العراقي معنى ضيق للمراسالت حيث
قصرها على الرسائل المكتوبه دون سواها من المراسالت التي يتم التخاطب فيها
بوسائل شفويه ,اذ عرفها بأنها "الخطابات والبرقيات والطرود التي توجد لدى
مكاتب البريد بغض النظر عن الطريقه التي ترسل بها سواء كانت داخل ظروفه
()1
مغلقه او مفتوحه طالما ان مرسلها اراد عدم اطالع احدعليها غير المرسله اليه"
في حين تبنى جانب اخر من الفقه معنى واسع للمراسالت فقد وسع من نطاقها
لتشمل المراسالت المكتوبه البريدية والبرقية والهاتفية ,اي يقصد بها كافة الرسائل
المكتوبه ,سواء تم ارسالها عن طريق البريد او رسول خاص او عن طريق التلكس
او الفاكس او بواسطة اجهزة الحاسوب ويستوي ان تكون ببطاقة مكشوفه ,طالما ان
الواضح من قصد مرسلها عدم اطالع الغير عليها دون تمييز.
وهذا ما اخذ به الدستور العراقي في المادة ( )40منه حيث نصت على (حرية
االتصاالت والمراسالت البريدية والبرقية والهاتفية وااللكترونية وغيرها مكفولة ,
وال يجوز مراقبتها او التنصت عليها او الكشف عنها ,اال لضرورة قانونية او امنية
وبقرار قضائي).
هذ ا وان الرسائل التقليدية بدأت تنحسر في الوقت الحاضر لصالح ما يعرف بالبريد
االلكتروني فبواسطة هذه التقنية الحديثة اصبح من الممكن تبادل الرسائل المكتوبه
والصوتيه وكذلك التبادالت المرئية التي تعرف "االتصال الفيديوي" وقد ترك
المشرع الدستوري المجال واسعا في المادة المذكورة عندما نص على وغيرها ,
مما يعني امكانية اضفاء الحماية على الرسائل التي تتم بواسطة البريد االكتروني ايا
كان نوعها ,ان المصلحة محل الحماية في حرية المراسالت تكمن في حق الشخص
في المحافظة على اسراره وعدم اطالع الغير عليها بدون رضاه ,فقد يعبر
الشخص عن احاسيسه ومشاعره وال يريد ان يطلع عليها غير المرسل اليه ,لهذا
اضفى المشرع حماية خاصة لهذا الحق ونصت اغلب التشريعات الجنائية على
()2
عقوبات خاصة لمن ينتهك حرمة هذا الحق بدون وجه حق.
والهمية هذا الحق فقد تناولته الشريعة الغراء وبينت اهمية سرية المراسالت
وحرمتها ونهت عن التجسس والتنصت باي وسيله من الوسائل لما في ذلك من
انتهاك لحرمة المحادثات واالطالع على اسرار الغير وهذا بطبيعة الحال منافي
لالخالق الحميدة التي امرنا بها االسالم فقد قال تعالى ((وال تجسسوا وال يغتب
)1(.
بعضكم بعضا))
)1سورة الحجرات-االية12
)2د.محمود نجيب حسني-شرح قانون العقوبات المصري-دار النهضة-القاهرة-1979-ص770
)3د.محمد فالح-مشروعية استخدام الوسائل العلمية الحديثة في االثبات الجنائي-مطبعة الشرطة-بغداد-1985-
ص157
8
المبحث الثاني
القيود الواردة على الحق في الخصوصية
ذكرنا سابقا ان الحق في الخصوصية هو حق دستوري كفله الدستور ولكن ذلك ال
يعني ان هذا الحق مطلق من دون حدود او قيود ,فممارسة الشخص لحقوقة ينبغي
اال تكون على حساب االخرين او على حساب الدولة وبغية ايجاد نوع من التوازن
بين حقوق الفرد من جهة وحقوق المجتمع والدولة من جهة اخرى ,ال بد من
اخضاع هذا الحق للقيود التي تضعها الدولة من اجل الصالح العام ومن اجل ضمان
ممارسة الفرد لهذا الحق في اطاره الصحيح ,وما يجب التنويه اليه ان الحق هو
االصل والقيد هو استثناء يرد عليه ,لذلك ال يمكن التوسع في هذا االستثناء على
حساب االصل ,ومن اجل معرفة هذه القيود التي وردة على سبيل الحصر سنقسم
هذا المبحث الى ثالثة مطالب وعلى النحو االتي :
المطلب االول
القيود الدستورية على الحق في الخصوصية
غالبا ما تنص الدساتير على المبادىء العامة تاركة االمور الجزئية للمشرع العادي,
لذلك احالت اغلب الدساتير امور تنظيم هذه القيود الى التشريع العادي لتنظيمها,
ولكن هذا التقييد يجب ان يكون له ما يبرره من المسوغات كالحفاظ على امن الدولة
او من اجل مراعاة النظام العام واالداب العامة ,وكذلك يجب توفر شروط
واجراءات يجب اتباعها عند فرض هذه القيود ويسلك المشرع الدستوري عدة
اساليب في اقرار هذه القيود حيث يتمثل االسلوب االول بقيام بعض الدساتير بالنص
على كفالة الحق في الخصوصية ,مع احالة تنظيمه الى المشرع العادي وفق شروط
معينه ,من خالل بيان الضوابط والمبررات التي تجيز تقييد هذا الحق ,اي انها تضع
قيود على المشرع العادي عند قيامه بتنظيم هذا الحق ,وهذا ما فعله الدستور
المصري لسنة 2012عندما اشترط لدخول المسكن وتفتيشه يجب ان يكون هناك
امر قضائي صادر بالتفتيش وان يكون هذا االمر مسببا ,ويجب تحديد المكان
()1
والتوقيت والغرض,كما يجب تنبيه من في المنزل قبل الدخول اليه.
اما االسلوب الثاني الذي انتهجته بعض الدساتير فيتمثل باحالة تنظيم الحق في
الخصوصية الى القانون من دون وضع اي قيود على هذا التنظيم ,اي انها اطلقت يد
المشرع العادي في وضع القيود من دون ضوابط ,كما في الدستور الفرنسي لسنة
1958الذي احال تنظيم هذه المسألة الى اعالن حقوق االنسان والمواطن الفرنسي
لسنة 1789الذي هو جزء من الدستور.
اما بالنسبة لموقف مشرعنا الدستوري فقد سار على نهج االسلوب الثاني ,فقد اكتفى
بذكر المبدأ العام واحال مسألة تنظيم هذا الحق الى المشرع العادي من دون قيود او
ضوابط وهذا نقص كان االجدر تالفيه عن طريق وضع ضوابط وقيود يلتزم بها
المشرع العادي عند تقييده لهذا الحق على النحو الذي سلكه المشرع المصري في
دستور ,2012فقد اكتفا مشرعنا بان يكون هناك امر قضائي بالنسبة لحرمة
المسكن في المادة ( ,)17ووجود ضرورة قانونية او امنية بالنسبة لحرية االتصاالت
والمراسالت دون ان يبين ماهي الضرورة االمنية او القانونية وهذا يعطي المجال
واسعا للتفسير مما يجعل حرية االتصاالت والمراسالت تحت رحمة رجال االمن,
ويذهب استاذنا الدكتور حميد حنون الى ضرورة تعديل هذا النص ليكون بالصيغة
اآلتية (...اال بقرار قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لالحوال التي يحددها
()1
القانون).
هذا ومن خالل استقراء النصوص الدستورية نجد انها تشير الى عدة مبررات التي
يجب ان تكون اساسا لتقييد هذا الحق ومن اهم هذه المبررات هي.
اوال :حماية النظام العام – وقد اختلف الفقهاء في وضع تعريف جامع مانع للنظام
العام اال ان التعريف االقرب للصواب هو" مجموع المصالح االساسية للمجتمع" او
مجموعة المصالح العليا المشتركة للمجتمع في زمان معين يتفق الجميع على
ضرورة سالمتها ,)2(.ويتكون النظام العام من عدة عناصر هي الصحة العامة,
والسكينة العامة ,والداب واالخالق العامة ,وان اي مساس لعنصر من هذه العناصر
يعد مبررا لتقييد حق الفرد في الخصوصية كون هذه العناصر تهم المجتمع ككل,
وحق الجماعة مقدم على حق الفرد.
ثانيا :حماية االداب العامة -ان حماية االداب العامة يعتبر قيد يرد على حق الفرد
في الخصوصية ,ويقصد باالداب العامة بأنها "المحافظة على القيم االدبية
واالخالقية ,او القيم والمبادىء االخالقية التي تواضع الناس في مجتمع ما على
احترامها وااللتزام بها" .وان االخذ بفكرة االداب العامة كمبرر لتقييد الحق في
الخصوصية يجد اساسه في ان الفرد يعيش في مجتمع معين ,ومن ثم ال يكفي ان
يحترموا حقوق وحريات افراد ذلك المجتمع ,بل يجب عليهم ان يحترموا القيم
االخالقية واالدبية لذلك المجتمع ايضا.
ثالثا :احترام حقوق االفراد وحرياتهم -ان وجود اي مجتمع يؤدي بالضرورة الى
وجود عالقات اجتماعية بين افراده ,وهذا امر طبيعي بالنظر التصال الفرد بافراد
جنسه االخرين ,ومتى ما وجدت هذه العالقات ال بد من وجود قواعد قانونية تحكمها
من اجل التوفيق بين المصالح المتعارضة ,لذلك يمكننا القول ان تقييد الحق في
الخصوصية باحترام حقوق وحريات االخرين يقوم على فكرة انه ال يمكن ان ننظر
الى حقوق الفرد وحرياته في عزله عن االخرين ,فال يجوز للفرد ان يسىء استعمال
حقه مما يكون من شأنه ان يلحق ضررا بحقوق االخرين وحرياتهم ,وهذا ما اشار
اليه دستورنا النافذ في المادة (\17اوال)( ,لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية
بما ال يتنافى مع حقوق االخرين)...
مما تقدم يظهر لنا ان الحق في الخصوصية ليس مطلقا ,اذ طالما يعيش االنسان في
مجتمع فعليه ان يحترم قواعد وحقوق هذا المجتمع وان يستعمل حقه ولكن في حدود
معينه بحيث ال يضر بحقوق وحريات االخرين.
المطلب الثاني
القيود الواردة في قانون االجراءات الجزائية
إن من حق اي انسان العيش بامان بعيدا عن تدخالت الغير وهذا الحق مكفول
قانونا ,غير ان مصلحة المجتمع تتطلب في بعض الحاالت ان يتعرض هذا الحق
للقيود التي تتطلبها اعتبارات تحقيق االمن والعدالة ,لذلك اجازت اغلب قوانين
االجراءات الجزائية دخول المسكن وتفتيشه ,وضبط االتصاالت والمراسالت ومنها
قانون اصول المحاكمات العراقي رقم( )23لسنة 1971المعدل ,ولكن وفق
اجراءات معينه وبناء على اوامر قضائية )1(.وسنتناول ذلك بشيء من االيجاز.
اوال :دخول المسكن وتفتيشه -اجازت بعض الدساتير وفي نصوص خاصة دخول
المسكن وتفتيشه ,فالمسكن ليس محصن تحصينا تاما من الدخول وانما يجوز دخوله
لمقتضيات الضرورة والمصلحة العامة وفي حاالت معينه ,ودخول المسكن يختلف
عن تفتيشه فالدخول قد يكون من اجل القبض على شخص او في حالة طلب
المساعدة ,ففي حالة الدخول من اجل القبض يجب ان يكون القائم بذلك من رجال
السلطه العامة المخول قانونا ,او اي شخص يفرض عليه الواجب القانوني القبض
على المتهم كما هو الحال في الجريمة المشهوده التي نصت عليها المادة ( )105من
قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي ,التي اجازت لمن هومكلف بذلك ان
يطلب ممن يشتبه بدخول الشخص المطلوب الى مسكنه ان يسلمه او يقدم له
التسهيالت واذا امتنع عن ذلك يجوز له الدخول عنوة ,)1(.وكذلك الحال في حالة
الضرورة اجاز قانون اصول المحاكمات الجزائية دخول المسكن ولو بدون امر اذا
كان الدخول من اجل تلبية طلب المساعدة ممن هو في داخل المسكن كما في حالة
الحريق او ماشابه ذلك .وكذلك اجاز القانون المذكور دخول المسكن من اجل تفتيشه
بناء على امر قضائي صادر من جهه مختصة ,ويجب مراعاة كافة االجراءات
المنصوص عليها قانونا ,وان يكون القائم بذلك من رجال السلطة العامة ويجب التقيد
بموضوع التفتيش وعدم المساس بحقوق االفراد ويكون القائم بالتفتيش مسؤوال عن
اي خرق او اعتداء على حق الغير,
ثانيا :ضبط المراسالت ومراقبة االتصاالت -تكفل اغلب الدساتير حرمة المراسالت
واالتصاالت ولكن هذه الحرمة ليست مطلقه بل هي مقيدة بقيود معينه نصت عليها
قوانين االجراءات الجزائية ,ولكن ذلك يجب ان يكون لضرورة معينه تتعلق باالمن
او المصلحة العامة ,وان تكون هناك جرائم خطرة تستوجب هذا االجراء ,وان يكون
ذلك بناء على امر صادر من سلطة مختصة واناطت اغلب القوانين هذا االجراء
بقاضي التحقيق كما في قانون االجراءات الجنائية الفرنسي لسنة 1957المعدل,
وكذلك القانون الجزائري والمصري ,اما قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي
فقد جاء خاليا من النص على تنظيم هذا القيد وهذا فراغ تشريعي يجب تالفيه ,اال ان
البعض يرى انه طالما ان الدستور اجاز افشاء االسرار اذا كانت هناك ضرورة
قانونية او امنية ,فذلك يعني امكانية مراقبة االتصاالت وضبط المراسالت وفق
اجراءات قانونية معينه ,بشرط ان تكون هناك فائدة ولمده محددة وبناء على اوامر
قضائية وهذا ما سار عليه القضاء العراقي في الوقت الحاضر.
المطلب الثالث
القيود الواردة في اطار سلطة الضبط االداري
ذكرنا سابقا ان المشرع وحده هو من ينظم الحقوق والحريات ومنها الحق في
الخصوصية ,وهو وحده المختص بتحديد مجال ممارسة هذا الحق ,وهذا يعني ليس
لجهة االدارة اي اختصاص في ايراد قيود على هذا الحق ,بيد ان هذا االمر ليس
مطلقا الن االدارة هي المكلفه بالحفاظ على النظام العام وهذا يقتضي منحها سلطات
تمكنها من القيام بوظائفها ,وتختلف هذه السلطات في الظروف العادية عنها في
الظروف االستثنائية وعلى النحو االتي :
الفرع االول
قيود سلطة الضبط االداري في الظروف العادية
ان الجهة المختصة بتقييد الحقوق والحريات هي السلطة التشريعية ولكن هناك
حاالت يتم فيها تقييد الحقوق والحريات عن طريق قرارات ادارية تصدر عن
السلطة التنفيذية ,كونها مكلفه بالحفاظ على النظام العام ,وهناك عدة مبررات تقف
وراء تقييد االدارة للحق في الخصوصية منها ان المشرع ال يستطيع ان يتنبأ
بالظروف التي تواجه االدارة عند مواجهة كل حالة لذلك ال بد من أن يترك لها
سلطة تقديرية في هذا المجال ,كذلك ان وظيفة المشرع وضع قواعد عامة مجردة
دون ان يتدخل بالجزئيات وهنا يأتي دور االدارة في وضع القواعد التفصيلية ,وان
االدارة ملزمة بطبيعة الحال بالمحافظة على النظام العام وضمان سير المرافق
العامة بانتظام واطراد بما يحقق الصالح العام .اما سلطة االدارة في تقييد الحق في
الخصوصية فهي تختلف بحسب وجود نص تشريعي ينظم هذا الحق من عدمه.
ففي حالة وجود نص تشريعي ينظم هذا الحق فعلى االدارة في هذه الحالة التوقف
عند حدود احكام هذا النص وال يجوز لها ان تتجاوزه بأي شكل من االشكال ,واذا
ما تجاوزته كانت اجراءاتها غير مشروعة وجديرة بااللغاء من قبل القضاء االداري
كونه رقيبا على اعمال االدارة ,وان النصوص التشريعية المنظمة للحق في
الخصوصية قد تعطي االدارة سلطات واسعة في مواجهة هذا الحق او تكون سلطة
االدارة مقيدة الى حد ما مع اعطاء ضمانات واسعة لالفراد تجاه االدارة ,اما في
حالة عدم وجود نص ينظم هذا الحق فأن سلطة االدارة ال تكون مطلقة من كل قيد
ازاء هذا الحق ,بل هي مقيدة بحدود وضوابط معينة على االدارة االلتزام بها واال
()1
كانت اجراءاتها غير مشروعة وجديرة بااللغاء.
)1د.وسام العاني-االختصاص التشريعي لالدارة في الظروف العادية -دار الميناء للطباعة -بغداد-2003-
ص102
13
الفرع الثاني
قيود سلطة الضبط االداري في الظروف االستثنائية
يحصل احيانا ان تطرأ على الدولة ظروف استثنائية ,منها ما يعود الى اوضاع
دولي ة كالحروب ومنها ما يعود الى اوضاع داخلية كاالزمات االقتصادية والزالزل
والبراكين ,وعلى الرغم من اختالف هذه الظروف اال انها تشترك في نتائجها
واثارها على كيان الدولة وامنها ,مما يستوجب منح االدارة سلطات استثنائية
لمواجهة هذه الظروف,وهناك نظرية تحكم هذه الحالة وهي نظرية الظروف
االستثنائية التي تتطلب توفر شروط من اجل امكانية تطبيقها ,وهي وجود خطر
جسيم حال يهدد امن الدولة وسالمتها ,واستحالة مواجهة الخطر بالطرق السلمية,)1(.
وفي العراق اشار الدستور العراقي الى هذه الظروف في المادة ( ,)61ونظمها
قانون امر الدفاع عن السالمة الوطنية رقم 1لسنة 2004حيث ان المادة الثالثة منه
منحت رئيس الوزراء في حالة الطوارىء وفي منطقة اعالنها سلطات استثنائية
مؤقته تتمثل بتفتيش منازل المشتبه بهم ,كما اعطت رئيس الوزراء اتخاذ اجراءات
احترازية على الطرود والرسائل ووسائل واجهزة االتصاالت السلكية والالسلكية,
اذا ثبت استخدامها في الجرائم وفرض المراقبة عليها وضبطها وتفتيشها اذا كان
ذلك يؤدي الى الكشف عن الجرائم او منع وقوعها وذلك بعد الحصول على
مذكرات من الجهات القضائية المختصة ,دون التقيد باحكام قانون اصول
()2
المحاكمات الجزائية العراقي.
بيد ان القيود التي ترد على الحق في الخصوصية في حاالت الطوارىء ,ينبغي ان
ال تؤدي الى الحرمان التام للفرد من حقوقه ومنها الحق في الخصوصية ,واال
اصبحت هذه القيود غير مشروعة وجديرة بااللغاء.
المبحث الثالث
ضمانات الحق في الخصوصية
ان ضمانات الحق في الخصوصية تمثل اهمية خاصة ,وهذه الضمانات قد تكون
قانونية ,او قضائية ,او سياسية ,وهذا ما سنبحثه في ثالث مطالب وعلى النحو
اآلتي-:
المطلب االول
الضمانات القانونية
تتمثل الضمانات القانونية للحق في الخصوصية في وجود نصوص قانونية تحمي
هذا الحق وتضع جزاءات معينه على من ينتهك حرمة هذا الحق ,فقد تكون هذه
الضمانات دستورية ترد في متن الدستور ,او قد ترد في تشريعات عادية وهذا ما
سنتناوله تباعا.
اوال :الضمانات الدستورية -تضمنت اغلب الدساتير الحديثة مبادىء عامة في مجال
حقوق االنسان من اجل اضفاء الصفه الدستورية على هذه الحقوق ومنها الحق في
الخصوصية ,وتتمثل هذه الضمانات بوجود دستور مكتوب ,ينص صراحة على هذه
الحقوق ,وتتجلى اهمية وجود دستور مكتوب ضمان الحق في الخصوصية عن
طريق اعطائه صفه دستورية وجعله بعيدا عن يد القائمين على السلطة ويمنع
السلطه التشريعية من اصدار قوانين تتعارض مع هذا الحق وهذا ما سار عليه
المشرع في دستورنا النافذ حيث خصص الباب الثاني منه للحقوق والحريات ,ولم
يكتفي بذلك بل انه اورد حضرا زمنيا اذ انه منع تعديل النصوص التي تتعلق
بالحقوق والحريات في المادة ( )126منه اال بعد دورتين متعاقبتين وفقا الجراءات
() 1
معينه.
اما الضمان الثاني فهو يتمثل بمبدأ المشروعية او مبدأ سيادة القانون ,وهو يعني
خضوع جميع تصرفات االدارة الحكام القانون اوالتزام جميع السلطات في الدولة
باحكام القانون وبالتالي فمتى ما خرجت السلطات عن احكام القانون تثار مسألة عدم
المشروعية وتكون اعمالها جديرة بااللغاء وبالتالي يعد مبدأ المشروعية قمة
الضمانات االساسية لحقوق االنسان وحرياته.
ويتمثل الضمان الثالث بمبدأ الفصل بين السلطات ويقصد به عدم تركيز جميع
السلطات بيد جهة واحدة وانما توزيعها الى هيئات متعددة ,وعلى هذا االساس يعد
هذا المبدأ كفيل بضمان حقوق االفراد وحرياتهم ومنها الحق في الخصوصية ,الن
العكس وهو حصر السلطات بيد جهة واحدة يؤدي الى التحكم واالستبداد وضياع
الحقوق والحريات.
ثانيا :الضمانات الجنائية -تتمثل الضمانات الجنائية بالنصوص القانونية الواردة في
قانون العقوبات وقانون اصول المحاكمات الجزائية التي تحمي هذا الحق وتمنع
االعتداء عليه باي شكل من االشكال وتضع جزاءات معينه على من ينتهكه ,ومن
اهم المبادىء التي تناولها قانون العقوبات والتي تعد ضمانا لهذا الحق هي مبدأ
شرعية الجرائم والعقوبات ومبدأ عدم رجعية القانون الجنائي واسباب االباحه
وغيرها ,وكذلك الضمانات االجرائية التي تتعلق بالتفتيش والتنصت ومراقبة
المراسالت والتي يجب ان تتم وفقا الجراءات قانونية معينة.
المطلب الثاني
الضمانات القضائية
ان ايراد الدساتير نصوص تحمي الحق في الخصوصية ال يكفي لوحده بل ال بد من
توفير وسائل فعالة يستطيع االفراد من خاللها ضمان تطبيق هذه النصوص ,وتتمثل
هذه الضمانات بالرقابة القضائية على دستورية القوانين ,فمتى ما اصدرت السلطة
التشريعية قوانين تعد مساسا بالحق في الخصوصية يحق لالفراد اللجوء الى القضاء
النصافهم كون الدستور هو القانون االسمى في الدولة وبالتالي يعد هذا القانون
مخالفا الحكام الدستور كونه ينتهك حق دستوري وبالتالي يكون جديرا بااللغاء من
قبل السلطة القضائية ,وهذا يعد ضمانا اساسيا للحق في الخصوصية ,وقد اناط
المشرع العراقي مهمة الرقابة على دستورية القوانين الى المحكمة االتحادية العليا.
اما الضمان االخر من الضمانات القضائية فيتمثل بالرقابة القضائية على اعمال
االدارة ,فمتى ما خرجت االدارة عن احكام القانون تعد قراراتها معيبة بعدم
المشروعية ,ويترتب على ذلك بطالن هذا التصرف اذ يحق لكل صاحب حق طلب
الغاء هذا التصرف فضال عن امكانية طلب التعويض ,اذا ما مس هذا القرار حق
من حقوق االنسان ومنها الحق في الخصوصية ,وان الجهة القضائية المختصة بذلك
هو القضاء االداري ,حيث يمتلك هذا القضاء وسيلتين لحماية حقوق االفراد
وبضمنها الحق في الخصوصية ,وتتمثل الوسيلة االولى في الغاء القرارات غير
المشروعة الماسة بالحق عن طريق دعوى االلغاء ,والثانية هي التعويض عن
االضرار المادية والمعنوية التي لحقت باالفراد من قرارات االدارة غير المشروعة
()1
عن طريق دعوى التعويض.
المطلب الثالث
الضمانات السياسية
قد ال تكفي الضمانات القانونية والضمانات القضائية لحماية الحق في الخصوصية
لذلك يتم اللجوء الى ضمانات اخرى وهي الضمانات السياسية التي تتمثل بمراقبة
اعمال السلطة الحاكمة ومدى التزامها بالحدود المرسومة لها وفقا للقانون ,وتتخذ
هذه الرقابة عدة صور فقد تتم عن طريق رقابة الرأي العام ,وهو مجموعة من
االراء التي تسود مجتمع معين في وقت معين ,ويعبر الرأي العام عن نفسه بوسائل
متعددة اهمها وسائل االعالم الحرة والصحافة التي تكون وسيلة ضغط على االدارة
من اجل تصحيح مسارها ,وقد تكون عن طريق منظمات المجتمع المدني التي تكون
اكثر فعالية في حماية الحقوق والحريات ,وهناك العديد من المنظمات التي تعمل في
مجال حقوق االنسان ,حيث تعمل على الرقابة على سياسة الحكومة ورصد اي
انتهاك لحقوق االنسان وعرضها على الرأي العام المحلي او الدولي ,فضال عن
() 1
قيامها بالدفاع عن االفراد الذين انتهكت حقوقهم واقامة دعاوى ضد المتجاوزين.
اما الضمان االخر من الضمانات السياسية فيتمثل بالرقابة البرلمانية على اعمال
الحكومة ومحاسبتها في حالة انتهاك اي حق من حقوق االنسان ,حيث يمتلك
البرلمان عدة وسائل او اساليب يستخدمها في مواجهة الحكومة منها حق السؤال,
وهو حق اي عضو طلب استفسارات من الوزراء او رئيس الوزراء حول مسألة
معينه قد تتعلق بانتهاك حق من حقوق االنسان ,وكذلك حق طرح موضوع عام
للمناقشة ويكون لخمسة وعشرين عضو واالسلوب االخر هو حق االستجواب ,اي
محاسبة احد الوزراء او رئيس الوزراء على تصرف معين وهذا قد يؤدي الى
عرض مسألة سحب الثقة من الوزير او من رئيس الحكومة او من الوزارة بأسرها
اذا ما ثبت ارتكاب الوزير لجريمة معينة قد تتعلق بحقوق االنسان.
من كل ما تقدم يظهر لنا جليا مدى اهمية هذه الضمانات في حماية حقوق االنسان
وحرياته ومنها الحق في الخصوصية.
)1د.مازن ليلو-ود.حيدر ادهم الطائي -المدخل لدراسة حقوق االنسان -دار قنديل للطباعة والنشر-عمان -2006-
ص231
17
الخاتمة
بينا في هذا البحث مفهوم الحق في الخصوصية ومن ثم اهم القيود الواردة على هذا
الحق واخيرا تناولنا اهم ضمانات هذا الحق ,ومع ذلك وجدنا هناك قصورا يمكن
تالفيه عن طريق مجموعة من االقتراحات او التوصيات التي يمكن ايجازها في
النقاط اآلتية-:
-1بما ان االعتداء على الحق في الخصوصية غالبا ما يكون من السلطات
العامة لذلك نقترح اضافة نص الى الدستور يتضمن اعتبار كل اعتدء على
هذا الحق جريمة تكفل الدولة تعويضا عادال لمن وقع عليه االعتداء.
-2نقترح تعديل نص المادة (\17اوال) من الدستور وذلك بأضافة ضمانات
اخرى لحرمة المسكن ليصبح النص (حرمة المسكن مصونة ,وال يجوز
دخولها او تفتيشها اال في االحوال المبينة في القانون ,وبقرار قضائي مسبب,
يحدد فيه المكان والتوقيت والغرض ,وتنبيه من في المسكن قبل دخوله او
تفتيشه).
-3نقترح تعديل نص المادة ( )40من الدستور لتكون كاالتي (حرية االتصاالت
والمراسالت مكفولة وال يجوز مراقبتها او التنصت عليها ,اال بقرار قضائي
مسبب ولمدة محددة وفقا الحكام القانون)
-4وجوب خضوع كافة اعمال الدولة لرقابة القضاء ,وذلك الن عدم خضوع
بعض االعمال لرقابة القضاء قد يؤدي الى انتهاك حقوق االنسان وحرياتهم
ومنها الحق في الخصوصية ,وهذا يمثل ضمان اساسي من ضمانات حقوق
االنسان.
-5ضرورة تنشيط دور المحكمة االتحادية العليا في التحقق من مدى اتفاق
القوا نين التي تصدر عن السلطة التشريعية مع احكام الدستور والحكم بعدم
دستوريتها اذا كانت مخالفة وال سيما التشريعات التي تمس او تقيد حق من
حقوق االنسان ومنها الحق في الخصوصية.
-6تقليص العمل بقانون الطوارىء واقتصار تطبيقه في الظروف التي تشكل
مساسا واقعيا بكيان الدولة ومؤسساتها الن تطبيق هذا القانون غالبا ما يؤدي
الى المساس بحقوق االفراد ومنها الحق في الخصوصية.
-7ضرورة تعديل قانون اصول المحاكمات من اجل تنظيم مسألة التنصت على
االتصاالت وضبط المراسالت وعدم ترك ذلك لرجال السلطة الن فيه مساس
بحقوق االنسان .
18
-8تفعيل ودعم منظمات المجتمع المدني وخاصة في مجال حقوق االنسان من
اجل مراقبة اعمال الحكومة ورصد اي انتهاك الي حق من الحقوق ومنها
الحق في الخصوصية.
-9انشاء مراكز خاصة بحقوق االنسان وتوفير الحماية الالزمة للعاملين في هذه
المراكز.
تفعيل دور المفوضية العليا لحقوق االنسان ,في مجال حماية الحق في -10
الخصوصية كونها الجهة المختصة قانونا في العمل في هذا المجال.
اقامة مؤتمرات علمية وتثقيفية من اجل التعريف بحقوق االنسان -11
ودعوة القائمين على السلطة الى احترام هذه الحقوق ومنها الحق في
الخصوصية.