You are on page 1of 51

‫]‪[Tapez un texte‬‬

‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬


‫الجمهورية الجزائرية الديمﻘراطية الشعبية‬
‫‪Ministère del’enseignement supérieur‬‬ ‫وزارة الــتــعـلــيم الــعـاليوالبحـث العلمي‬
‫‪et de la recherche scientifique‬‬ ‫ﺟاﻣـــعــــﺔ ﷴ بوضياف ‪ -‬المسـيلــﺔ‬
‫‪Université Mohamed Boudiaf - M’sila‬‬ ‫كــــلـيـــــــــﺔ العـلــــــوم اﻹنسانيــــــﺔ‬
‫‪Faculté des scienceshumaines et sociales‬‬ ‫ﻗســـــــم العلـــــــوم اﻹسﻼﻣيـــــــــــﺔ‬
‫‪Département des sciences islamiques‬‬

‫ﻣطبوعﺔ ﻣحاضرات‬

‫القانون المقارن‬
‫ﻣاستر‪ 1‬شريعﺔ وﻗانون‬

‫أ‪.‬د‪ /‬ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬

‫السنﺔ الجاﻣعيﺔ ‪2020-2019‬‬

‫‪1‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬

‫التﻌريف لقانﻮن اﳌقارن‬


‫هناك تسميات ﳐتلفة ﳍذا القانون فهو معروف لقانون اﳌقارن‪ ،‬وهناك من ﲰاه القانون اﳌوازيوالﺒعﺾ‬
‫اﻵﺧر أﻃلﻖ ﻋليﻪ مقارنة القوانﲔ أو اﻻﺟتهاد اﳌقﱰن أو التﺸريﻊ اﳌقارن ‪ ،‬وﻗﺪ اﺳتقر الرأي ﺣاليا ﻋلﻰ‬
‫تسميتﻪ لقانون اﳌقارن ﺳواء ﰲ اﳉامعات العربية‪ ،‬أو اﻷوروبية أو اﻷمريكية ‪ ،‬وهي تسمية اصطﻼﺣية‪،‬‬
‫ﻷ ا ﻻ تﺪل ﻋلﻰ ما توﺣي إليﻪ‪ ،‬فهي توﺣي أ ا ﳎموﻋة ﻗواﻋﺪ كسائر فروع القانون الوضعي‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ‬
‫أ ا ليست كذلك‪ ،‬فالقانون اﳌقارن‪:‬‬
‫‪ -1‬ليﺲ ﳎموﻋة من القواﻋﺪ تنظم ﺣياة ا تمﻊ كالقانون اﳉﺰائري أو الفرنسي ‪.‬‬
‫‪ -2‬وهو ليﺲ فرﻋا من فروع القانون كالقانوﱐ اﳌﺪنيﺄو القانون التﺠاري‪.‬‬
‫‪ -3‬وهو ليﺲ ﳎموﻋة ﻗواﻋﺪ تنظم موضوﻋا معينا ﰲ نطاق فرع من فروع القانون كنظام اﳌلكية أو‬
‫اﻷهلية ‪.‬‬
‫فكﻞ ما يﺪل ﻋليﻪ هذا التعﺒﲑ اﻻصطﻼﺣي أنﻪ دراﺳة ﻗانونية أو ﲝﺚ ﻗانوﱐ يقوم ﻋلﻰ اﳌقارنة أو اﳌوازنة‬
‫بﲔ ﻗانونﲔ أو أكﺜر‪.‬‬
‫ﻓروع القانﻮن اﳌقارن‪:‬‬
‫للقانون اﳌقارن نفﺲ التقسيمات الﱵ يعرفها القانون ﰲ فروﻋﻪ بﲔ القانون العام والقانون اﳋاص‪،‬‬
‫فالقانون العام يقسم إﱃ القانون اﳌقارن الﺪﺳتوري‪ ،‬والقانون اﳌقارن اﻹداري ‪ ،‬والقانون اﳌقارن الﺪوﱄ‬
‫)ﻋام(‪،‬ونفﺲ الﺸيء لنسﺒة لفروع القانون اﳋاصفهناك القانون اﳌقارن اﳌﺪﱐ‪ ،‬والقانون اﳌقارن التﺠاري‪،‬‬
‫والقانون الﺪوﱄ اﳋاص اﳌقارن ) ﺧاص ( ‪.‬‬
‫ﺗﻌريف القانﻮن اﳌقارن‪ :‬القانون اﳌقارن هو‪:‬‬
‫‪ -‬دراﺳة ﻗانونية أو ﲝﺚ ﻗانوﱐ يقوم ﻋلﻰ اﳌقارنة بﲔ ﻗانونﲔ أو أكﺜر ‪.‬‬
‫‪ -‬أو هو ﻋلم يﺒﺤﺚ ﻋن القواﻋﺪ اﳌﺸﱰكة بﲔ القوانﲔ والنظم القانونية اﳌﺨتلفة ‪.‬‬
‫‪ -‬وﻋرفﻪ مﺆﲤر ﻻهاي ﺳنة ‪ 1937‬نﻪ‪ :‬القانون الذي يعمﻞ ﻋلﻰ اﳌقارنة بﲔ تﺸريعات الﺒلﺪان‬
‫اﳌﺨتلفة ﻻﺳتﺨﻼص أوﺟﻪ الﺸﺒﻪ واﻻﺧتﻼف ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫يفهم من التعريفات السابقة أن القانون اﳌقارن يقﺼﺪ بﻪ اﺳتعمال الطريقة اﳌقا ِرنة ﰲ دراﺳة النُظم‬
‫تفهم القوانﲔ الوﻃنية وتطويرها‪ ،‬ومن ﰒ الوصول‬
‫والنﺼوص القانونية لﺒلﺪان ﻋﺪة‪ ،‬وذلك ﺪف ﺣسن ّ‬
‫إﱃ توﺣيﺪ دوﱄ للقواﻋﺪ القانونية‪.‬‬
‫ﶈﺔ ﻋﻦ نﺸﺄة القانﻮن اﳌقارن‬
‫يرى بعﺾ الﺒاﺣﺜﲔ أن تسمية القانون اﳌقارن ﺣﺪيﺜة العهﺪ ظهرت منذ ﺣواﱄ مائة ﺳنة و لتﺤﺪيﺪ ﺳنة‬
‫‪ ، 1900‬ﻷن أول مﺆﲤر دوﱄ انعقﺪ ﺣول هذا القانون كان ﰲ ذلك التاريﺦ‪ ،‬لكن أﻏلﺐ فقهاء القانون‬
‫يﺆكﺪون أن الﺪراﺳات اﳌقارنة بﺪأت ﰲ اﳊﻀارات القﺪﳝة‪.‬‬
‫فعنﺪ اليو نيﲔ اهتم أهم مفكريهم وفﻼﺳفتهم أفﻼﻃون وأرﺳطو لﺪراﺳات اﳌقارنة ﺣيﺚ ﻗاس أفﻼﻃون‬
‫)‪ 347-427‬ق‪.‬م (ﰲ كتابﻪ" ﺣوار ﰲ القوانﲔ" بﲔ ﻗوانﲔ ﻋﺼره ‪ ،‬كما ﻗارن أرﺳطو) ‪322-384‬‬
‫ق م(ﰲ كتابﻪ" السياﺳة " بﲔ ﻗوانﲔ أﺛينا وﻗوانﲔ أﺳﱪﻃة وكريت وﻗرﻃاﺟة وﻏﲑها من الﺒﻼد‪.‬‬
‫أما الرومان فقﺪ ﻗام فقهاؤها بﺪراﺳة اﳊﻀارات السابقة لﻼﺳتفادة من ﲡار ا ﰲ تنظيم ا تمﻊ‪ ،‬ﺣيﺚ‬
‫مر إنﺸاء القانون الروماﱐ ﲟرﺣلتﲔ‪:‬‬
‫اﳌرﺣلة اﻷوﱃ‪ :‬ﲤﺜلت ﰲ تﺪوين ﻗوانﲔ رومانية ﰲ ﳎموﻋة " ﻗانون اﻷلواح اﻹﺛﲎ ﻋﺸر" ‪.‬‬
‫اﳌرﺣلة الﺜانية‪ :‬ﲤﺜلت ﰲ تﺪوين القوانﲔ الرومانية ﰲ أربﻊ ﳎموﻋات ﲰيت " ﳎموﻋات ﺟوﺳتينيان" ‪.‬‬
‫وﰲ العﺼور الوﺳطﻰ نﺸطت الﺪراﺳات اﳌقارنة وأﺧذت أﳘية ﺧاصة‪ ،‬وكان ذلك ﰱ بولونيا يطاليا ﰲ‬
‫القرن اﳊادي ﻋﺸر‪ ،‬ومنها انتقلت هذه اﳊركة إﱃ فرنسا ‪،‬ﺣيﺚ ظهرت الﺪراﺳات اﳌقارنة بﲔ القانون‬
‫اﻷورﰊ القﺪﱘ وﻗانون الكنيسة‪ ،‬كما ظهرت ﰲ اﳒلﱰا دراﺳات مقارنة بﲔ ﻗانون "الكومن لو" القﺪﱘ‬
‫وﻗانون الكنيسة‪ ،‬كذلك مقارنة القانون ﻷﻋراف السابقة آنذاك ‪.‬‬
‫وﰲ القرن السابﻊ ﻋﺸر ظهرت موﺟة ﺟﺪيﺪة من الﺪراﺳات اهتمت ﳉانﺐ التارﳜي للقانون‪ ،‬كما‬
‫ظهرت ﳌانيا وفرنسا الﺪﻋوة ﻹﺣياء القانون الطﺒيعي ليكون أﺳاﺳا لقانون ﻋاﳌﻲ يسود العﻼﻗات بﲔ‬
‫الﺪول ويكون اﳊكم فيﻪ " العﺪل" ﻻ القوة‪،‬وذلك لﺒﺤﺚ ﻋن اﻷفكار اﳌﺸﱰكة للقوانﲔ ومقارنتها ومن‬
‫ﰒ اﺳتﺨﻼص القانون العاﳌي‪،‬وﰲ القرن الﺜامن ﻋﺸر نﺸطت الﺪراﺳة اﳌقارنة ﰲ فرنسا وﻗام "مونتسكيو"‬
‫ﰲ كتابة "روح القوانﲔ " ﲟقارنة الﺸرائﻊ والقوانﲔ ﻻﺳتﺨﻼص مﺒادئ دﺳتورية ﳊكومة صاﳊة ‪ ،‬وﰲ ﺳنة‬
‫‪3‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫‪ 1831‬أنﺸﺄت اﳌﺪرﺳة اﻷكادﳝية ﰲ فرنسا مادة القانون اﳌقارن‪ ،‬والﱵ تﺪرس ﻋلﻰ اﳌستوى اﻷكادﳝي‬
‫العاﳌي‪ ،‬وهي اﳌرة اﻷوﱃ الﱵ يتم فيها تﺪريﺲ مادة القانون اﳌقارن ‪ ،‬وﰲ ﺳنة ‪ 1869‬أنﺸﺌت ﲨعية‬
‫التﺸريﻊ اﳌقارن والﱵ كانت ﺪف إﱃ دراﺳة ﳐتلف القوانﲔ اﳌوﺟودة وتقﺪﱘ اﻗﱰاﺣات للمﺸرع‪ ،‬وﻗﺪ‬
‫نﺸطت الﺪراﺳة اﳌقارنة بسﺒﺐ ﻋاملﲔ ﳘا‪ :‬تطور مناهﺞ الﺒﺤﺚ العلمي وﻗيام الﺜورة الﺼناﻋية‪ ،‬وتطلّﻊ‬
‫الﺪول إﱃ ما وراء ﺣﺪودها ﻻﺳتﺼﻼح تﺸريعها‪ ،‬واﻗتناﻋها ن ﻗانو ا الوﻃﲏ ﻻ ﳝكن أن يﺒقﻰ منعﺰﻻً أو‬
‫أن يتﺨذ شكﻼً ائياً‪ ،‬بﻞ ﻻبﺪ أن يتﺄﺛر لقوانﲔ اﻷﺧرى وأن يقتﺒﺲ منها‪ ،‬كما ﻻبﺪ أن يتﺒﺪل ليﺠاري‬
‫التطور العاﳌي‪.‬‬
‫وﰲ ﺳنة ‪ 1900‬نظم أول مﺆﲤر ﻋاﳌي ﺣول القانون اﳌقارن والذي يعﺪ ريﺦ ميﻼد للقانون اﳌقارن‪،‬‬
‫وكان هﺪفﻪ إﻋﺪاد منهﺠية ﻋامة لتﺪريﺲ ودراﺳة القانون اﳌقارن‪ ،‬وﻗﺪ ﺣذر هذا اﳌﺆﲤر من اﻷﺧطاء الﱵ‬
‫ﻗﺪ ترد ﰲ الﺪراﺳات اﳌقارنة نظرا لوﺟود ﻋنﺼر الذاتية ‪.‬‬
‫وتطورت الﺪراﺳات اﳌقارنة وأصﺒﺢ اﳍﺪف اﳌعلن هو الوصول إﱃ ﻗانون ﻋاﳌي ‪.‬‬
‫ﻣرحلﺔ ﺳﻴس القانﻮن اﳌقارن‪:‬‬
‫تﺒﺪأ هذه اﳌرﺣلة من ﺳنة ‪ 1900‬ﺣﱴ اية اﳊرب العاﳌية اﻷوﱃ ﺣيﺚ انعقﺪ مﺆﲤر ريﺲ اﳌذكور آنفا‬
‫والذي ﻗام أﺳاﺳا من أﺟﻞ الﺪﻋوة إﱃ ﻗانون مﺸﱰك لﻺنسانية اﳌتﺤﻀرة ‪.‬‬
‫وﻗﺪ مهﺪ لﺪﻋوة اﳌﺆﲤر وإﻋﻼن الفكرة الﱵ دى ا ‪:‬‬
‫‪ -1‬إنﺸاء ) اﶈكمة الﺪائمة للتﺤكيم الﺪوﱄ ( الﱵ ﰎ إنﺸائها ﻋام ‪ 1899‬لتتوﱃ فﺼﻞ اﳌنازﻋات‬
‫بﲔ الﺪول بطريقة ﺳلمية‪.‬‬
‫‪ -2‬كما مهﺪ لﻪ إبرام ﺳلسلة من اﻻتفاﻗيات الﺪولية اﻋتﺒارا من ذلك العام لتوﺣيﺪ ﻗواﻋﺪ القانون‬
‫اﳋاص ﰲ مسائﻞ الﺰواج والوصية واﻹرث ﰲ الﺪول اﻻﺳكنﺪ فية و لفعﻞ روﻋيت هذه اﻷشياء‬
‫ﰲ التﺸريﻊ اﶈلﻰ للﺪول اﳌتفقة ‪.‬‬
‫الفكرة اﳌطروﺣة ﰲ اﳌﺆﲤر ﺳتﺨﻼص ﻗانون موﺣﺪ من ﻗوانﲔ الﺒﻼد اﳌتﺤﻀرة كانت مﺜار نقاش كﺒﲑ‬
‫لعموميتها ولعﺪم ﲢﺪيﺪها ولذا كان تﺪﺧﻞ الفقيﻪ ) ﻻمﺒﲑ( الذي ﺣﺪد الفكرة وضيقها وﺟعلها أﻗرب‬

‫‪4‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫للﺤقيقة وهو اﺳتﺨﻼص ﻗوانﲔ متقاربة ﰲ اﳊﻀارة تكون ﻗابلة للمقارنة ﻻرتﺒاﻃها بوﺣﺪة التقاليﺪ‬
‫القانونية والتارﳜية‪.‬‬
‫هناك العﺪيﺪ من الظروف الﱵ ﺳاﻋﺪت الفكرة ﻋلﻰ التواﺟﺪ منها صﺪور القانون اﳌﺪﱐ اﻷﳌاﱐ فقﺪ‬
‫أﻋقﺐ صﺪوره مناﻗﺸات ودراﺳات أﺳهمت ﰲ تنمية اﳌقارنة وازدهارها وﻗﺪ دار أكﺜرها ﺣول مقارنة هذا‬
‫القانون لقانون اﳌﺪﱐ الفرنسي وبيان الفروق ﰲ الﺼياﻏة القانونية وﻗﺪ اتسعت بعﺪ ذلك ﺳاﺣات‬
‫اﳌقارنة بﺼﺪور القانون اﳌﺪﱐ السويسري ﻋام ‪ 1907‬وأﺧذت ﲡري ﰲ إﻃار روماﱐ ﺟرماﱐ‪ ،‬وﲢقﻖ‬
‫بذلك الغاية من مﺆﲤر ريﺲ وهو أن ﲡرى اﳌقارنة بﲔ ﻗوانﲔ ﲡمعها ﺣﻀارة مﺸﱰكة وﻗابلة للمقارنة‬
‫ﺣﱴ ﳝكن اﺳتﺨﻼص ﻗانون مﺸﱰك منها‪.‬‬
‫وﰲ الفﱰة الﺰمنية مابﲔ ) ‪ ( 1939 – 1918‬اتسعت نطاق اﳌقارنة بسﺒﺐ ﻋاملﲔ ﳘا‪:‬‬
‫‪ -1‬تﺒﺪيﻞ اﳋارﻃة السياﺳية بسﺒﺐ اﳊرب ﰲ أورو وﰲ العاﱂ أﲨﻊ بﺸكﻞ كﺒﲑ وترتﺐ ﻋلﻰ ذلك‬
‫تعﺪيﻞ التﺸريﻊ الﺪاﺧلي ﳍذه الﺪول ووضﻊ تﺸريﻊ موﺣﺪ ﳍا تﺰول معﻪ الفروق القانونية السابقة ﲝيﺚ‬
‫يتفﻖ مﻊ وﺣﺪ ا السياﺳية ﰲ إﻃارها اﳉﺪيﺪ ‪.‬‬
‫مﺜال للﺪول اﳌتوﺳعة ) رومانيا ( ‪ 1918‬ﺣيﺚ انﻀمت إليها أراضي من دول أﺧرى‪ ،‬وهي ترانسيلفانيا‪،‬‬
‫وبوكوفينا‪ ،‬وبيسارابيا‪ ،‬وﲰيت رومانيا الكﱪى‪ ،‬وكان مهمة ا لﺲ التﺸريعي فيها مﲔ وﺣﺪة التﺸريﻊ‬
‫داﺧﻞ الﺒﻼد لﻀمان وﺣﺪة السياﺳة وﰎ اﻻﺳتعانة ﰲ ذلك ﻷﲝاث والﺪراﺳات اﳌقارنة ‪ ،‬مﺜال للﺪولة‬
‫الﱵ فقﺪت ﺟﺰأ كﺒﲑ من ﳑتلكتها ﰲ أورو وكﻞ ﳑتلكا ا ﰲ أفريقيا وأﺳيا وهﻰ تركيا وﻗامت ﺳتﺒﺪال‬
‫تﺸريعها بتﺸريﻊ ﺟﺪيﺪ اﻗتﺒستﻪ من أورو واﻋتمﺪت ﰲ ذلك ﻋلﻰ الﺪراﺳة اﳌقارنة ﰲ اﺧتيار ما يناﺳﺒها‪.‬‬
‫‪ -2‬مﺸاركة اﳒلﱰا والوﻻ ت اﳌتﺤﺪة ﰲ اﳊرب واﻻنتﺼار فيها أدى إﱃ اﲡاه اﳌقارن وﺟهة ﺟﺪيﺪة‬
‫ﺧرﺟت ا ﻋن الفكرة الﱵ ﺳادت مﺆﲤر ريﺲ وهﻰ القوانﲔ الﻼتينية اﳉرمانية ذات اﻷصول والتقاليﺪ‬
‫اﳌﺸﱰكة ) الكومون لو ( الذي ﳜتلف بﺸكﻞ كﺒﲑ ﰲ اﳌنهﺠية واﳌفاهيم واﳌﺼطلﺤات ولكنهم ﲝﺜوا ﻋن‬
‫زاوية اتفاق وﺟﺪوها ﰲ وﺣﺪة القاﻋﺪة اﻻﻗتﺼادية واﻻﺟتماﻋية‪ ،‬وﻗﺪ وﺟﺪ هذا اﻻﲡاه ترﺣيﺐ ﰲ بﻼد‬
‫) الكومون لو ( وﺧاصة أمريكا الﱵ ﻋنﺪما أتﻰ رئيسها ولسن إﱃ مﺆﲤر الﺼلﺢ ﰲ ريﺲ ﺳنة ‪،1919‬‬

‫‪5‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫اصطﺤﺐ معﻪ القاضي ) ركر( الذي أﺳﺲ بعﺪ ذلك مﺆﺳسة ) ركر ﳌقارنة القوانﲔ اﻷﺟنﺒية (‬
‫و ﺳست بعﺪ ذلك) ﲨعية القانون اﻷﺟنﱯ اﻷمريكي(‪.‬‬
‫أدى اﻻﲡاﻩ اﳊﺪيﺚ إﱃ نتاﺋﺞ ﺛﻼﺛﺔ ﻫﻲ ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﲢول اﳌقارنة من ﺳاﺣة القوانﲔ اﳌتقاربة واﳌرتﺒطة تقاليﺪها صول مﺸﱰكة إﱃ اﳌقارنة بﲔ هذه‬
‫القوانﲔ وﻗانون ) الكومون لو ( الغريﺐ ﻋنها ﰲ تكوينﻪ وأصولﻪ وﺧﺼائﺼﻪ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻻهتمام لقانون اﳌقارن ﰲ ﳎال التعاون الﺪوﱄ ﰲ ﺣﻞ اﳌنازﻋات بﲔ الﺪول وتلﺨﺺ هذا‬
‫اﻻهتمام ﰲ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ﺳيﺲ ﳏكمة العﺪل الﺪولية الﺪائمة ﰲ ﻻهاي لتﺤﻞ ﳏﻞ اﶈكمة الﺪائمة للتﺤكيم الﺪوﱄ ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أﺳﺲ ﳎلﺲ ﻋﺼﺒة اﻷمم اﳌعهﺪ الﺪوﱄ للتعاون الفكري ‪.‬‬
‫ج‪ -‬ﺟهﺪ ﻋﺼﺒة اﻷمم ﰲ ﳎال توﺣيﺪ القوانﲔ وﺧاصة ﰲ تنسيﻖ مفاهيم ﻗانون العمﻞ تنسيقا دوليا ﻋن‬
‫ﻃريﻖ مكتﺐ العمﻞ الﺪوﱄ ‪.‬‬
‫‪ - 3‬العمﻞ ﻋلﻰ توﺣيﺪ القوانﲔ ولتﺤقيﻖ هذه الفكرة أنﺸﺄت ﻋﺼﺒة اﻷمم ﰲ روما ﻋام ‪ 1928‬معهﺪ‬
‫دوﱄ لتوﺣيﺪ القانون اﳋاص ومن ﻗﺒلها اﻷكادﳝية الﺪولية للقانون اﳌقارن وﰲ ﻋام ‪ 1930‬اﳌكتﺐ الﺪوﱄ‬
‫لتوﺣيﺪ القانون اﳉنائي‪ ،‬واﳌنظمة العاﳌية للعمﻞ‪ ،‬والعﺪيﺪ من اﳉمعيات الﺒﺤﺜية ﺣيﺚ اتﺼلت مساﻋي‬
‫الﺪول لتوﺣيﺪ القوانﲔ وأﲦرت بتوﺣيﺪ القوانﲔ توﺣيﺪا ﻋاﳌيا كقانون العمﻞ‪ ،‬وﻗانون النقﻞ‪ ،‬والقانون‬
‫التﺠاري‪.‬‬
‫كما ظهر التوﺣيﺪ ﰲ اﳌنظمات اﻷوروبية الﱵ تعمﻞ ﻋلﻰ توﺣيﺪ ﻗوانينها الﺪاﺧلية وإﻗامة أﺳاس اﻗتﺼادي‬
‫مﺸﱰك يكون ﻗاﻋﺪة لوﺣﺪة ﺳياﺳية بينهما‬
‫وﻗﺪ أصاب هذا التوﺣيﺪ بعﺾ العﺜرات الﱵ أﻋاﻗتﻪ بﻞ أوﻗفتﻪ ﰲ بعﺾ اﻷﺣيان وهﻰ ظهور اﻻﲡاه النازي‬
‫والفاشسﱵ ﰲ أورو الذي دﻋا إﱃ ﲤﺠيﺪ أصوﳍما العرﻗية والﺒعﺪ ﻋن كﻞ أﺟنﱯ وظهر هذا ﰲ ﻗطﻊ‬
‫اﳊكومة الفاشستية التعاون مﻊ اﳊكومة الفرنسية بﺸﺄن وضﻊ ﻗانون موﺣﺪ لﻼلتﺰامات‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫القانﻮن اﳌقارن ﺑﻌﺪ اﳊرب الﻌاﳌﻴﺔ الﺜانﻴﺔ‪:‬‬
‫ﱂ تكن الظروف الﺪولية كسابقتها بعﺪ اﳊرب العاﳌية الﺜانية ﺣيﺚ انقسم العاﱂ بعﺪ اﳊرب العاﳌية الﺜانية‬
‫إﱃ ﻗطﺒﲔ القطﺐ الغرﰊ بقيادة الوﻻ ت اﳌتﺤﺪة اﻷمريكية والﺸرﻗي بقيادة اﻻﲢاد السوفيﱵ وهذا‬
‫اﻻنقسام كان لﻪ انعكاس ﻋلﻰ اﻷﺟواء العاﳌية ﺣيﺚ اﳊرب الﺒاردة هي أﺳاس التعامﻞ واﳊذر هو‬
‫اﻷﺳلوب الذي كان من الﺼعﺐ أن ينﺸﺄ فيﻪ فكرة الﺪراﺳة اﳌقارنة‪.‬‬
‫فنﺠﺪ اﳌذهﺐ اﳌاركسي ينظر إﱃ القانون أنﻪ الﺒنية العليا ﰲ ا تمﻊ الرأﲰاﱄ أو هو التعﺒﲑ ﻋن صراع‬
‫الطﺒقات وهو ﰲ اﳌفهوم اﳌاركسي إﱃ الﺰوال ﰲ ا تمﻊ الﺸيوﻋي والنتيﺠة ﻃﺒقا ﳌفهومهم أن أي مقارنة‬
‫بﲔ ﻗانون برﺟوازي وﻗانون اشﱰاكي ﻋﺪﳝة اﳉﺪوى ورأوا ﰲ القانون اﳌقارن تعﺒﲑ لﻼمﱪ لية الرأﲰالية‬
‫ووﺳيلة من وﺳائﻞ الﺪﻋاية ﳍا‪.‬‬
‫ﰲ اﳌقابﻞ ﲡاهﻞ رﺟال القانون الغربيون بﺪورهم القانون السوفيﱵ ﰲ أول اﻷمر ﻷنﻪ ﻻ يﺸكﻞ من وﺟهة‬
‫نظرهم منهﺠا ﻗانونيا ﺣقيقيا وﻋنﺪما درﺳوه أﺧﻀعوه ﳌناهﺠهم وﱂ يلتفتوا لﻸﺳﺲ الﱵ يقوم ﻋليها وأﳘها‬
‫مفهوم الﺸرﻋية اﻻشﱰاكية ومفهوم اﳌركﺰية الﺪﳝوﻗراﻃية ومفهوم اﳉرﳝة اﻻﻗتﺼادية‬
‫فاﳌقارنة الﱵ كانت ﰲ ﺳنة ‪ 1900‬تقوم بﲔ القوانﲔ الﻼتينية اﳉرمانية‪ ،‬انتقلت ﰲ ﺳنة ‪ 1925‬إﱃ‬
‫مقارنة بﲔ ﻗوانﲔ الﺒﻼد اﻷوروبية وﻗوانﲔ الﺒﻼد اﻷﳒلو أمريكية وانتهت ﰲ الستينات بعقﺪ مﺆﲤرات‬
‫للمقارنة بﲔ القوانﲔ الغربية والقوانﲔ اﻻشﱰاكية ﰲ مواضﻊ مﺜﻞ العقود واﳌلكية ‪.‬‬
‫و ذا أصﺒﺤنا ﳕتلك ﺛﻼث مناهﺞ اﳌنهﺞ الروماﱐ اﳉرماﱐ ومنهﺞ الكومون لو واﳌنهﺞ اﻻشﱰاكي ‪.‬‬
‫وبعﺪ ﻗيام الﺜور الﺼناﻋية وما رافقها من ﳕو اﻗتﺼادي وظهور اﳌذهﺐ اﻻشﱰاكي تطلعت الﺪول إﱃ ما‬
‫رواء ﺣﺪودها واﻗتنعت ن ﻗانو ا الوﻃﲏ ﻻ ﳝكن أن يﺒقﻰ منعﺰﻻ أو يتﺨذ شكﻼ ائيا بﻞ ﻻ بﺪ أن‬
‫يتﺄﺛر لقوانﲔ اﻷﺟنﺒية وأن يقتﺒﺲ منها‪.‬‬
‫‪ -‬ففي فرنسا ﻗام الفقيﻪ ) ﺟﻼﺳوا( بﺪراﺳة مقارنة لنظام الﺰواج والطﻼق ﰲ القوانﲔ القﺪﳝة واﳊﺪيﺜة ‪.‬‬
‫‪ -‬وﰱ أﳌانيا‪ :‬ﻗام الفقيﻪ ) فون شتاين ( بﺪراﺳات ﰲ القانون الﺪﳕاركي والقانون الفرنسي واهتم ﲟقارنة‬
‫القوانﲔ اﻹدارية ﰲ أورو ‪.‬‬
‫‪ -‬وﰱ اﳒلﱰا‪ :‬نﺸر ) اللورد ماك كينﺰي ( كتا ﰲ القانون اﳌقارن يتﻀمن دراﺳات ﰲ القانون الروماﱐ‬
‫‪7‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫مﻊ مقار ت أﺟراها بينﻪ وبﲔ القانون الفرنسي واﻻﳒليﺰي ووضﻊ أمام كﻞ ﺣكم من أﺣكام القانون‬
‫الروماﱐ ما يقابلﻪ من القوانﲔ اﳌذكورة‪.‬‬
‫وﰱ إيطاليا ‪ :‬ﻗام ) اماري ( بﺒﺤﺚ فيعلم التﺸريﻊ اﳌقارن وبيان أهﺪافﻪ النظرية والعلمية وبﲔ العلوم القريﺒة‬
‫منﻪ وكان هﺪفﻪ هو ﺟعﻞ هذا العلم مستقﻼ يهﺪف إﱃ ﲢقيﻖ هﺪفﲔ مﺰدوﺟﲔ ﳘا‪:‬‬
‫اﻷول ‪:‬معرفة أﺳﺒاب الظواهر القانونية والعوامﻞ الﱵ تﺆدى أو تسهم ﰲ نﺸوئها وللوصول إﱃ هذا اﳍﺪف‬
‫ﳚﺐ دراﺳة اﳌناخ والﺪين والعادات و اﻻﻗتﺼاد السياﺳي ونراه ﰲ هذا ا ال متﺄﺛرا ﲟونتسكيو ‪.‬‬
‫الﺜاﱐ‪ :‬معرفة الطريقة الﱵ تنﺸﺄ فيها القوانﲔ ﻋنﺪ الﺸعوب وأﺳﺒاب اﺳتمرارها وتعﺪيلها ويرى أنﻪ ﲟقارنة‬
‫ﻗوانﲔ الﺸعوب واﻷمم ﰲ الﺰمان واﳌكان ﳝكن أن نستﺨلﺺ اﳌﺒادئ الﺜابتة الﱵ تسود القوانﲔ وننتهي‬
‫بذلك إﱃ ﻋلم التﺸريﻊ اﳌقارن‪.‬‬
‫الﻐايﺔ ﻣﻦ القانﻮن اﳌقارن‬
‫إن اﻻﻗتﺼار ﻋلﻰ معرفة القانون الوﻃﲏ واﻻكتفاء بﻪ من شﺄنﻪ أن ﳛﺪ من أُفﻖ رﺟﻞ القانون وﳚعﻞ مع ِرفتﻪ‬
‫ﺟﺰئية وﳏﺼورة ﰲ الﺰمان و اﳌكان‪ ،‬لكن الﺪراﺳة اﳌقا ِرنة ﲡعﻞ معرفتﻪ تنﺒﺾ ﳊركة واﳊياة‪ ،‬وتتطلﻊ إﱃ‬
‫اﳌستقﺒﻞ‪ ،‬وﲢيط لعاﱂ الفسيﺢ وتعمﻞ ﻋلﻰ اﺳتيعابﻪ‪.‬‬
‫تفهم أفﻀﻞ للقانون الوﻃﲏ ﺣﲔ يكون هذا القانون ُمقتﺒساً من‬
‫وتتﺠلﻰ فائﺪة الﺪراﺳة اﳌقارنة أيﻀاً ﰲ ّ‬
‫تقﺪمة‪ ،‬ففي هذه اﳊال يرﺟﻊ الﺒاﺣﺚ إﱃ تطﺒيقات هذه القوانﲔ فيهتﺪي ا ﰲ فهم‬ ‫ﻗوانﲔ أﺟنﺒية م ِ‬
‫ُ‬
‫ﻗانونﻪ أو ﰲ تطﺒيقﻪ‪ ،‬ﳑا يسهم ﰲ ﲢسﲔ القانون الوﻃﲏ وإصﻼﺣﻪ وﺳﺪ ﺛغراتﻪ‪ ،‬ﺳواء ﰲ ﳎال التﺸريﻊ أو‬
‫الفقﻪ أو القﻀاء ‪.‬‬
‫لتعرف ﻋلﻰ شرائعها‪،‬‬
‫وتتﺠﻪ اﳌساﻋي الﺪولية اليوم إﱃ تنمية العﻼﻗات اﻹنسانية لتقريﺐ بﲔ الﺸعوب ّ‬
‫و من ﰒ توﺣيﺪ هذه الﺸرائﻊ ضمن تكتﻼت إﻗليمية لتكون أﺳاﺳاً لوﺣﺪة اﻗتﺼادية وﺳياﺳية تسهم ﰲ‬
‫ﺧلﻖ ﻋاﱂ ﺟﺪيﺪ يسوده اﻷمن واﻻﺳتقرار‪.‬‬
‫إن معرفة القوانﲔ اﻷﺟنﺒية ﲤكن رﺟﻞ القانون من فتﺢ فذة ﻋلﻰ ا تمﻊ اﳋارﺟي من ﺧﻼل ﻗوانينﻪ‬
‫)نظام اﳌلكية‪ ،‬اﳉنسية‪ ،‬اﻷﺣوال الﺸﺨﺼية‪. ( ...‬‬
‫كذلك اﻻتﺼال واﺳتﺤﺪاث وﺳائﻞ التوزيﻊ والتسويﻖ‪ ،‬فتﺢ ﳎال اﳌعامﻼت واﺳتوﺟﺐ ﻋلﻰ رﺟﻞ القانون‬
‫‪8‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫مواﺟهة هذه اﳊاﻻت ‪ ،‬فيمكن للقانون الوﻃﲏ مسايرة الفكر للقانون العاﳌي واﻻﲡاهات اﳊﺪيﺜة‬
‫للتﺸريعات واﻋتماد اﻷنظمة الﱵ تﺜﺒت ﳒاﻋتها كما هو اﳊال لنسﺒة لﻸنظمة القانونية التالية‪:‬‬
‫‪-‬نظام الﺸهر العقاري أصلﻪ أﺳﱰاﱄ انتقﻞ بعﺪ ذلك إﱃ أﳌانيا وفرنسا ومعظم اﻷنظمة ﰲ العاﱂ‪.‬‬
‫‪-‬نظام الﺸركة ذات اﳌسﺌولية اﶈﺪودة والﺸﺨﺺ الوﺣيﺪ من أصﻞ أﳌاﱐ أدﺧﻞ إﱃ فرنسا وبﺪأ ينتﺸر ﰲ‬
‫ﳐتلف اﻷنظمة‪.‬‬
‫‪-‬نظام السﺠﻞ التﺠاري من أصﻞ أﳌاﱐ ﰒ اﻗتﺒستﻪ فرنسا واﳉﺰائر‪.‬‬
‫‪-‬نظام الﺸيك أصلﻪ إﳒليﺰي ﰒ أﺧذت بﻪ كﻞ دول العاﱂ بعﺪ ذلك‪.‬‬
‫‪-‬نظام اﻹفﻼس‪ ،‬اﻹﳚار اﻻﻋتمادي‪ ،‬ﻋقﺪ التسيﲑ‪ ،‬ترﺧيﺺ اﺳتغﻼل ﻋﻼمة أو ﺧﺪمة التﺸريﻊ‬
‫اﻻﺟتماﻋي‪.‬‬
‫‪-‬تنظيم ﻋﻼﻗة العمﻞ والﻀمان اﻻﺟتماﻋي‪.‬‬
‫ﻃﺒﻴﻌﺔ القانﻮن اﳌقارن‪:‬‬
‫اﺧتلف الفقهاء ﺣول ﻃﺒيعة القانون اﳌقارن إن كان ﻋلم مستقﻞ ﻗائم بذاتﻪ أم هو ﳎرد ﻃريقة ومنهﺞ ‪.‬‬
‫‪ -1‬القانﻮن اﳌقارن ﻋلﻢ‪:‬‬
‫يرى الفقيهان‪" :‬إيﺪمونﺪ لومﺒار"و" يرمون ﺳاﱄ" أنﻪ ﻋلم مستقﻞ ﻗائم بذاتﻪ يتميﺰ ﲞﺼائﺼﻪ كﺒاﻗي العلوم‬
‫)كعلم النفﺲ وﻋلم اﻻﺟتماع ‪،(...‬ﻫﺪﻓﻪ وضﻊ ﻗانون مﺸﱰك بﲔ الﺪول‪ ،‬وﻋلﻰ هذا اﻷﺳاس يقسم‬
‫القانون اﳌقارن إﱃ ﻗسمﲔ‪:‬‬
‫–التاريﺦ اﳌقارن ‪:‬ويﺪرس فيﻪ أصﻞ وتطور القواﻋﺪ القانونية ﰲ ﲨيﻊ الﺸرائﻊ والنظم القانونية‪ ،‬ويهﺪف‬
‫إﱃ الﺒﺤﺚ فيما يوﺟﺪ بﲔ الظواهر القانونية من تﺸابﻪ ‪.‬‬
‫–التﺸريﻊ اﳌقارن‪:‬ويهﺪف إﱃ الﺒﺤﺚ ﰲ الﺸرائﻊ الوضعية ﻋلﻰ اﻷﺳﺲ اﳌﺸﱰكة ﺪف تكملة القوانﲔ‬
‫الوﻃنية وتطويرها‪ ،‬للﺤﺼول ﻋلﻰ ﻗواﻋﺪ ﻗانونية ﺟﺪيﺪة ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﺛر هذا اﳌذهﺐ ﻷفكار الﱵ كانت ﺳائﺪة ﻗﺒﻞ مﺆﲤر ريﺲ ﺳنة ‪ 1900‬ﺧاصة تلك الﱵ ﲡعﻞ‬
‫من القانون الطﺒيعي القانون اﳌﺜاﱄ فهو وﺳيلة للوصول إﱃ ﻗانون مﺸﱰك لﻺنسانية‪ ،‬كما دافﻊ ﻋن هذا‬
‫اﳌﺒﺪإ الفقيﻪ )تراد( والفقيﻪ )ﺳاﱄ( ﺧﻼل اﳌﺆﲤر وﳑا ﻗالﻪ تراد‪'':‬فالقانون اﳌقارن كعلم مستقﻞ يﺪرس ماهو‬
‫‪9‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫النظام القانوﱐ اﳌطﺒﻖ والعﻼﻗة بﲔ ﳐتلف القواﻋﺪ القانونية ﰲ ﳐتلف مراﺣلها اﻻﺟتماﻋية وهذا ما ﳚعﻞ‬
‫القانون اﳌقارن يتقاﻃﻊ مﻊ ﻋلم اﻻﺟتماع القانوﱐ''‪.‬‬
‫أما ﺳاﱄ اﳌتﺄﺛر برأي اﻫريﻨﺞ اﳌتمﺜﻞ ﰲ أن القانون يتغﲑ ويتطور ﺳتمرار متكيفا مﻊ متغﲑات اﳊياة‬
‫اﻻﺟتماﻋية فالقانون اﳌقارن كعلم مستقﻞ يﺒﺤﺚ ﻋن ﲢﺪيﺪ ) اﳌﺜاﱄ النسﱯ( اﳌستﺨرج من مقارنة‬
‫التﺸريعات ومن تطﺒيقا ا ومن نتائﺠها‪،‬ويقﺼﺪ ﳌﺜاﱄ‪ :‬القانون الطﺒيعي اﳌﺜاﱄ‪ ،‬ومﻊ ذلك فلﻪ مﻀمون‬
‫متغﲑ وهو الذي يﺒﺤﺚ ﻋن التﺸريﻊ اﻷﺣسن واﻷفﻀﻞ من أﺟﻞ اﻋتماده‪.‬‬
‫وﻗﺪ انتقﺪ هذا الرأي ﻷن القانون اﳌقارن ﻻ ﳝكنﻪ ﲝال أن يﺼﻞ إﱃ ﻗانون مﺸﱰك لﻺنسانية‪ ،‬وإن كان‬
‫ﳝكنﻪ الوصول إﱃ ﻗانون مﺸﱰك للﺪول الﱵ يوﺟﺪ بينها ﻋوامﻞ مﺸﱰكة رﳜية واﻗتﺼادية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬القانﻮن اﳌقارن ﻃريقﺔ )ﻣﻨﻬﺞ (‬
‫يرى أصﺤاب هذا الرأي أن القانون اﳌقارن منهﺞ أو ﻃريقة ﲝﺚ‪ ،‬تساﻋﺪ الﺒاﺣﺚ ﰲ اﳌقارنة واﳌوازنة بﲔ‬
‫ﳐتلف القوانﲔ للوصول إﱃ الكﺸف ﻋن أوﺟﻪ اﻻﺧتﻼف وأوﺟﻪ التﺸابﻪ بﲔ هذه القوانﲔ ﻹظهار‬
‫إﳚابيا ا وﺳلﺒيا ا ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﺳاد هذا اﳌذهﺐ بعﺪ اﳊرب العاﳌية الﺜانية نتيﺠة اﳋﻼفات الﱵ أ رها مﺆﲤر ريﺲ ‪) 1900‬وهو‬
‫اﳌﺆﲤر اﻷول للقانون اﳌقارن( ﺣول أهﺪاف ووظائف القانون اﳌقارن وﺣول الطريقة واﳌنهﺞ الذي يتعﲔ‬
‫إتﺒاﻋﻪ ﰲ دراﺳتﻪ كذلك كان اﳋﻼف ﺣول تعريفﻪ بﻞ وﺣﱴ ﻋلﻰ تسميتﻪ )اﺳتعملت اصطﻼﺣات أﺧرى‬
‫ﻏﲑ القانون اﳌقارن كمقارنة القوانﲔ‪ ،‬الطريقة اﳌقارنة للتﺸريﻊ‪ ،‬التﺸريﻊ اﳌقارن‪ ،‬وﰲ إﳒلﱰا ﻏلﺒت تسميتﻪ‬
‫ﻻﺟتهاد اﳌقارن( وﲡﺪدت هذه اﳋﻼفات واﳌناﻗﺸات ﰲ مﺆﲤر ﻻهاي للقانون اﳌقارن ‪ 1937‬الذي‬
‫ﻋرف القانون اﳌقارن دون التطرق إﱃ ﻃﺒيعتﻪ‪:‬فهو يعمﻞ ﻋلﻰ اﳌقارنة بﲔ ﻗوانﲔ بلﺪان ﳐتلفة واﺳتﺨﻼص‬
‫ّ‬
‫بﲔ هذه القوانﲔ من أوﺟﻪ الﺸﺒﻪ أو أوﺟﻪ اﳋﻼف وﻋلﻰ رأس هذا اﳌذهﺐ ﻗوتريﺪج ﰲ إﳒلﱰا بنﺸر مﺆلفﻪ‬
‫)القانون اﳌقارن مﺪﺧﻞ إﱃ الطريقة اﳌقارنة ﰲ الﺒﺤوث القانونية( ‪ 1946‬وترﺟم إﱃ الفرنسية ﺳنة‬
‫‪ 1953‬وتﺒعﻪ ﰲ إيطاليا اﻷﺳتاذ إﺳكاريلي وﰲ فرنسا دافيﺪ بنﺸر مﺆلفﻪ ﺳنة ‪. 1950‬‬
‫فالقانون اﳌقارن ﺣسﺐ هذا اﳌذهﺐ ليﺲ لﻪ ﻏرض بذاتﻪ كﺒقية فروع القانون وإﳕا هو وﺳيلة ومنهﺞ‬
‫وتقنية تتﺒﻊ للﺒﺤﺚ ﰲ مواضيﻊ تتﺼﻞ بفروع أﺧرى من فروع القانون‪ ،‬وﻗﺪ لقي هذا اﳌذهﺐ اﳉﺪيﺪ‬
‫‪10‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫للقانون اﳌقارن صﺪى ﻋنﺪ الفقهاء ﺧاصة ﻋنﺪ اﳌناهﻀﲔ لتوﺣيﺪ القانون كالﱪيطانيﲔ الذين نﺸﺄوا ﰲ‬
‫تقاليﺪ ﺧاصة ومتمسكﲔ بقوانينهم ‪ ،‬كذلك الﺪول اﻻشﱰاكية الذين يرفﻀون فكرة التقريﺐ بﲔ القوانﲔ‬
‫الﱪﺟوازية وﻗانو م اﻻشﱰاكي‪.‬‬
‫‪–3‬اﻻﲡاﻩ التﻮﻓﻴقﻲ القانﻮن اﳌقارن ﻋلﻢ وﻃريقﺔ ﲝﺚ‬
‫يرى أصﺤاب هذا اﻻﲡاه أن القانون اﳌقارن هو ﻋلم ﳝهﺪ السﺒيﻞ ﻻﺳتﺨﺪام الطريقة اﳌقارنة‪ ،‬فاﳌنهﺞ‬
‫والعلم مﱰابطان‪،‬أو هو ﻋلم منهﺠي يستهﺪف دراﺳة النظم القانونية ﻻﺳتﺨﻼص أوﺟﻪ الﺸﺒﻪ واﻻﺧتﻼف‬
‫وﲢﺪيﺪ ﺟوهرها اﻻﺟتماﻋي وشكلها ووظائفها بغية إظهار اﻻﲡاهات اﳌتعارضة واﳌتناﻗﻀة ﰲ ﳐتلف‬
‫ﳕاذج نظم القانون وترﺟيﺢ بعﻀها ﻋلﻰ بعﺾ‪ ،‬فالقانون اﳌقارن يعتﱪ ﻋلم ﺣﲔ يستعمﻞ كوﺳيلة للمقارنة‬
‫بﲔ ﻗاﻋﺪتﲔ ﻗانونيتﲔ‪ ،‬فهذه اﳌقارنة تﺆدي إﱃ ﲢﺼيﻞ معلومات ﻋلمية ﺟﺪيﺪة مﺜﻞ أصﻞ و ريﺦ القاﻋﺪة‬
‫وبيا ا القانونية والتعرف ﻋلﻰ مﺼﺪرها ‪.‬‬
‫أنﻮاع اﳌقارنﺔ‪:‬‬
‫توﺟﺪ ﻋﺪة ﻃرق للمقارنة ﲝسﺐ تعﺪد اﳌقارنﲔ إذ يطرح كﻞ واﺣﺪ ﻃريقتﻪ اﳋاصة‬
‫‪ – 1‬اﳌقاﺑلﺔ وﺗسمﻰ ا انﺒﺔ أيضا ‪ :‬يﻀﻊ فيها الﺒاﺣﺚ النﺼوص الﱵ تعاﰿ موضوﻋا معينا ﺟنﺒا ﳉنﺐ‬
‫ويستﺨلﺺ مواضﻊ التﺸابﻪ واﻻﺧتﻼف ويقار ا مﻊ ﻗانونﻪ الوﻃﲏ فيتﺒﲔ بذلك ما بينها من اﺧتﻼف‬
‫وائتﻼف مﺜﻞ أﺣكام الﺰواج أو الطﻼق أو اﳊﻀانة ‪....‬‬
‫‪ - 2‬اﳌقارﺑﺔ‪ :‬ويﺪرس الﺒاﺣﺚ من ﺧﻼﳍا التقارب بﲔ القوانﲔ اﳌتﺸا ة ﰲ اﳋﺼائﺺ كالقوانﲔ الﻼتينية‬
‫اﳉرمانية ﺳتمﺪادها من مﺼادر ﻗانونية مﺸﱰكة ﲣﻀﻊ ﳌنهاج ﻗانوﱐ واﺣﺪ ﳚعلها ﻗابلة للمقارنة‬
‫وتستعمﻞ كﺜﲑا لتوﺣيﺪ القوانﲔ الﺪاﺧلية للﺪول الفﺪرالية ‪ ،‬وﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية يوﺟﺪ نطاﻗا مﺸا ا‬
‫لذلك ﺣيﺚ ﺳعﻰ بعﺾ العلماء إﱃ اﳌقارنة بﲔ أﺣكام اﳌذاهﺐ اﻹﺳﻼمية اﳌﺨتلفة ويطلﻖ ﻋليها اﺳم"‬
‫ﻋلم اﳋﻼف" أو " الفقﻪ اﳌقارن "‪.‬‬
‫‪ - 3‬اﳌضاﻫاة )اﳌﻌارﺿﺔ (‪ :‬تقوم ﻋلﻰ تﺒيان أوﺟﻪ اﳋﻼف بﲔ منهﺠﲔ ﳐتلفﲔ كاﳌنهﺞ الﻼتيﲏ‬
‫اﳉرماﱐ واﳌنهﺞ اﻻشﱰاكي أو اﳌنهﺞ اﻷﳒلوﺳاكسوﱐ‬

‫‪11‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫‪ - 4‬اﳌقارنﺔ اﻷﻓقﻴﺔ والﻌمﻮديﺔ‪:‬اﻷفقية تكون بﲔ ﻗانونﲔ وضعيﲔ متﺒاﻋﺪين ﰲ اﳌكان كاﳌقارنة بﲔ‬
‫القانون الﺼيﲏ واﳉﺰائري أما العمودية فتكون ﰲ القوانﲔ اﳌتﺒاﻋﺪة ﰲ الﺰمن كقانون ﲪوراﰊ والقوانﲔ‬
‫اﳊالية وذلك للوﻗوف ﻋلﻰ مﺪى تطور القانون‪.‬‬
‫‪ - 5‬اﳌﻮازنﺔ )اﳌقارنﺔ اﳌﻨﻬﺠﻴﺔ ( وتستﺨﺪم ﻋن ﻃريﻖ منهﺞ معﲔ يساﻋﺪ ﻋلﻰ اﺳتﺨﻼص النتائﺞ‬
‫وذلك بعﺪ دراﺳة أﺳﺒاب اﻻﺧتﻼف والتقارب وبذلك الوصول لقانون أفﻀﻞ‪.‬‬
‫ﻣراحﻞ اﳌقارنﺔ‪ :‬ﺗتﻢ ﲟرحلتﲔ أﺳاﺳﻴتﲔ‪:‬‬
‫–اﳌرحلﺔ التﺤلﻴلﻴﺔ )اﳌقارنﺔ اﳉﺰﺋﻴﺔ ( تﺒﺪأ بتﺤليﻞ القاﻋﺪة القانونية اﻷﺟنﺒية إﱃ ﺟﺰئيات ﰒ دراﺳة‬
‫النظام الذي ﲢتوي ﻋليﻪ هذه القاﻋﺪة وبعﺪها ينتقﻞ إﱃ دراﺳة اﳌنهﺞ الكامﻞ للقانون اﻷﺟنﱯ‪ ،‬فإذا أرد‬
‫أن نقارن مسﺄلة اﳊﻀانة بﲔ القانونﲔ اﳉﺰائري والفرنسي فإننا نﺒﺪأ بﺪراﺳة القواﻋﺪ القانونية اﳋاصة ا‬
‫ﰒ ننتقﻞ إﱃ النظام كملﻪ و لتاﱄ التطرق ﻷﺣكام الولﺪ لتﺒﲏ واﻻبن ﻏﲑ الﺸرﻋي وﻏﲑها من اﳌراكﺰ‬
‫القانونية ﳍذه الوضعية ﰲ القوانﲔ ﳏﻞ اﳌقارنة‪ ،‬فينتهي اﻷمر لﺒاﺣﺚ إﱃ دراﺳة نظام اﻷﺳرة كملﻪ‬
‫وللوصول لنتائﺞ صﺤيﺤة ﳚﺐ ﻋلﻰ الﺒاﺣﺚ اﳌقارن أن يراﻋي ﻋﺪة أمور‪:‬منها أن يكون ﻋلﻰ معرفة‬
‫لقوانﲔ ﳏﻞ اﳌقارنة‪ ،‬وﳚﺐ ﻋلﻰ الﺒاﺣﺚ الوﻗوف ﻋلﻰ العوامﻞ التارﳜية واﻻﺟتماﻋية والسياﺳية الﱵ‬
‫ﺳاﳘت ﰲ تكوين القاﻋﺪة القانونية‪.‬‬
‫–اﳌرحلﺔ اﻻﺳتﻨتاﺟﻴﺔ‪ :‬فيها يﺸرع ﰲ اﳌقارنة الكلية و لتاﱄ اﺳتﺨﻼص أوﺟﻪ الﺸﺒﻪ واﻻﺧتﻼف‬
‫وأﺳﺒاب ذلك و لتاﱄ يعرض الﺒاﺣﺚ رأيﻪ ﰲ اﳌوضوع الذي ﻗﺪ يكون متفقا مﻊ أﺣﺪ اﻷنظمة أو رأي‬
‫توفيقي ولكن مﻊ تعليﻞ ﻗانوﱐ موضوﻋي ‪.‬‬
‫ﺻﻮر القانﻮن اﳌقارن‪:‬‬
‫أ‪ -‬القانﻮن اﳌقارن الﻮﺻﻔﻲ‪:‬يقﺼﺪ بﻪ ﻋرض ﻗانونﲔ أو أكﺜر وتﺒيان ما ﳝيﺰﳘا ﻋن بعﻀهما‬
‫ب‪ -‬القانﻮن اﳌقارن التﻄﺒﻴقﻲ‪:‬يعتمﺪ ﻋليﻪ لتﺤقيﻖ هﺪف ﻋملي ﳏﺪد يتﺠاوز التﺤﺼيﻞ وﲨﻊ‬
‫اﳌعلومات من القوانﲔ اﻷﺟنﺒية فهو ﲢليﻞ ﺟوهري ودﻗيﻖ للقوانﲔ ﳏﻞ اﳌقارنة و لتاﱄ الوصول إﱃ‬
‫اﺳتنتاﺟات واﺳتنﺒاط النتائﺞ ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ت‪ -‬القانﻮن اﳌقارن ا رد‪:‬يهﺪف إﱃ تكﺜيف ﲢﺼيﻞ اﳌعلومات ﰲ ا ال القانوﱐ‪ ،‬ويسميﻪ الفقﻪ رابﻞ‬
‫ﳌقارنة الﺒﺤتة‪،‬وينكره بعﺾ الفقهاء ﻷنﻪ يعتمﺪ ﻋلﻰ اﳌقارنة الﺒﺤتة فقط لتﺤﺼيﻞ اﳌعلومات‬
‫التﺼﻨﻴﻔات اﳌﻌتمﺪة لﻸنﻈمﺔ القانﻮنﻴﺔ الﻜﱪى‬
‫اﺧتلف الفقهاء ﰲ تﺼنيف اﻷنظمة القانونية الكﱪى اﳌوﺟودة ﻋلﻰ اﳌستوى الﺪوﱄ إﱃ أربعة تﺼنيفات‪:‬‬
‫التﺼﻨﻴف اﻷول‪ :‬اﻋتمﺪ ﻋلﻰ معيار ﺛﲑ القانون الروماﱐ‪ ،‬أو القانون اﳉرماﱐ ﰲ النظام القانوﱐ ﰲ‬
‫الﺪولة‪ ،‬ﺣيﺚ ﻗسم اﻷنظمة القانونية إﱃ ﺛﻼث ﳎموﻋات‪:‬‬
‫ا موﻋة اﻷوﱃ‪ :‬ﲤتاز لتﺄﺛﲑ الكﺒﲑ للقانون الروماﱐ‪ ،‬ويﺸمﻞ إيطاليا‪ ،‬اﺳﺒانيا ‪.‬‬
‫ا موﻋة الﺜانية‪ :‬ﲤتاز لتﺄﺛﲑ الﻀعيف للقانون الروماﱐ‪ ،‬وﲤﺜﻞ اﳒلﱰا ‪ ،‬روﺳيا ‪.‬‬
‫ا موﻋة الﺜالﺜة‪ :‬ﲤتاز لتﺄﺛﲑ اﳌتساوي للقانون الروماﱐ والقانون اﳉرماﱐ‪ ،‬وتﺸمﻞ فرنسا‪ ،‬أﳌانيا‪ ،‬ﺳويسرا‬
‫يﻼﺣﻆ أن هذا التﺼنيف اﻋتﱪ اﳒلﱰا من بﲔ الﺪول الﱵ تعتمﺪ القانون الروماﱐ ولو بﺪرﺟة ضعيفة‪ ،‬رﻏم‬
‫أ ا مﺼﺪر نظام الكومن لو – اﻻﳒلوﺳكسوﱐ‪ -‬كما أنﻪ ﺣﺼر التﺼنيف ﰲ أور ‪.‬‬
‫التﺼﻨﻴف الﺜاﱐ‪:‬اﺳتعمﻞ مﺼطلﺢ العائلة وﻗسم العاﱂ إﱃ أربﻊ ﻋائﻼت‪:‬‬
‫العائلة اﻷوﱃ‪ :‬العائلة الرومانو ﺟرمانية ‪.‬‬
‫العائلة الﺜانية‪ :‬ﻋائلة القوانﲔ اﳌﺸﱰكة أو القانون العام الكومن لو ‪.‬‬
‫العائلة الﺜالﺜة‪ :‬ﻋائلة القوانﲔ اﻻشﱰاكية ‪.‬‬
‫العائلة الرابعة‪ :‬ﻋائلة أﺧرى وهي الﱵ يﺪﺧﻞ فيها النظام القانوﱐ اﻹﺳﻼمي‪ ،‬وﻗانون اﳍنﺪ‪ ،‬وﻗانون الﺸرق‬
‫اﻷﻗﺼﻰ والﺼﲔ واليا ن‪ ،‬وهي ﻻ تﺸكﻞ ﻋائلة ‪.‬‬
‫التﺼﻨﻴف الﺜالﺚ‪ :‬يقسم اﻷنظمة القانونية إﱃ ﺛﻼث ﳎموﻋات‪:‬‬
‫ا موﻋة اﻷوﱃ‪ :‬اﻷنظمة الغربية أنظمة مستنﺒطة من الﺪين اﳌسيﺤي دون أن يكون هذا الﺪين مﺼﺪرا‬
‫للقانون ‪.‬‬
‫ا موﻋة الﺜانية‪ :‬اﻷنظمة اﻻشﱰاكية وهي اﻷنظمة الﱵ ﳍا نﺰﻋة ﻏﲑ دينية ‪.‬‬
‫ا موﻋة الﺜالﺜة‪ :‬اﻷنظمة الﺪينية‪ ،‬وتﻀم النظام اﻹﺳﻼمي‪ ،‬ﻗانون الكنيسة‪ ،‬ﻗانون اﳍنﺪ ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫التﺼﻨﻴف الراﺑﻊ‪ :‬يقسم العاﱂ إﱃ ﳎموﻋتﲔ ‪:‬‬
‫ا موﻋة اﻷﺳاﺳية‪ :‬تظم النظام القانوﱐ الرومانوﺟرماﱐ‪ ،‬الكومن لو ‪ ،‬والنظام اﻻشﱰاكي ‪.‬‬
‫ا موﻋة الﺜانوية‪ :‬تظم اﻷنظمة الﺪينية‪ ،‬وأنظمة العاﱂ الﺜالﺚ ‪.‬‬
‫الﻌاﺋﻼت القانﻮنﻴﺔ اﻷﺳاﺳﻴﺔ‬
‫‪ -1‬ﻋاﺋلﺔ القانﻮﱐ الروﻣانﻮﺟرﻣاﱐ‪ :‬مﺼﺪرها هو القانون الروماﱐ‪ ،‬والعادات اﳉرمانية‪ ،‬وتﺸمﻞ أﳌانيا‬
‫وا موﻋة اﳉرمانية والﱵ ﲡسﺪت ﰲ القانون اﻷﳌاﱐ‪ ،‬وتﺸﱰك ا موﻋة الرومانية واﳉرمانية ﰲ اﳌﺒادئ رﻏم‬
‫وﺟود بعﺾ اﻻﺧتﻼفات التفﺼيلية‪ ،‬وﻗﺪ أﺧذت دول أﺧرى ذا النظام منها إيطاليا اﺳﺒانيا بلﺠيكا‬
‫ا ر‪ ...‬اﱁ‪ ،‬وكذلك دول أمريكا الﻼتينية وإفريقيا‬
‫وﰲ هذه العائلة التﺸريﻊ هو اﳌﺼﺪر اﻷﺳاﺳي للقانون‪ ،‬ووظيفة القانون اﳊفاظ ﻋلﻰ النظام العام وتنظيم‬
‫ﺳلوك اﻷفراد ﰲ اﳊاضر واﳌستقﺒﻞ‪ ،‬ﺣيﺚ ترد صياﻏة القواﻋﺪ القانونية ﻋامة وﳎردة ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻋاﺋلﺔ الﻜﻮﻣﻦ لﻮ‪ :‬ظهر هذا النظام ﰲ اﳒلﱰا وأﺧذت بﻪ الوﻻ ت اﳌتﺤﺪة اﻷمريكية ودول الكومن‬
‫لو ﺣيﺚ يﺸﱰك القانون اﻷمريكي ﰲ اﳌﺒادئ رﻏم وﺟود اﺧتﻼفات بينهما ‪.‬‬
‫وﰲ هذه العائلة القضاء هو اﳌﺼﺪر اﻷﺳاﺳي للقانون ‪ ،‬ﺣيﺚ إن اﻷﺣكام القﻀائية الﺼادرة ﻋن‬
‫اﳍيﺌات العليا هي الﱵ تنﺸﺊ القانون ‪ ،‬والقواﻋﺪ القانونية ﰲ هذا النظام تنﺸﺄ من الواﻗﻊ‪ ،‬وتنظم ﺳلوك‬
‫اﻷفراد‪ ،‬وﻋليﻪ فالﺒﺤﺚ ﰲ نظام الكومن لو ينطلﻖ من اﳋاص إﱃ العام ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻋاﺋلﺔ الﺸريﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪:‬تعتﱪ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية نظاما متكامﻼ تغطي اﳉوانﺐ الﺪينية والﺪنيوية‬
‫للفرد وا تمﻊ والﺪولة‪ ،‬إﻻ أن الفقﻪ الغرﰊ واﳌسيﺤي يعتﱪها نظاما ﻗانونيا ﻗﺪﳝا و نو ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬

‫اﻷنﻈمﺔ القانﻮنﻴﺔ الﻜﱪى‬


‫أوﻻ‪ :‬الﻨﻈام القانﻮﱐ الروﻣانﻮﺟرﻣاﱐ‪ :‬أوا موﻋة الﻼتينية‪:‬‬
‫ينتﺸر هذا النظام ﰲ دول أور الوﺳطﻰ ‪ ،‬وﻗﺪ ﲡسﺪت فيﻪ ﻗواﻋﺪ القانون اﳌﺪﱐ الفرنسي ‪ ،‬وﻗواﻋﺪ‬
‫القانون اﻷﳌاﱐ ‪ ،‬وهو نظام مستمﺪ من القانون الروماﱐ واﻷﻋراف اﳉرمانية ‪،‬فالقانون اﳌﺪﱐ‬
‫الفرنسي)تقنﲔ بليون( الﺼادر ﻋام ‪ 1804‬يتﺄلف من اﻷﻋراف اﳉرمانية الﱵ كانت تغلﺐ ﰲ ﴰال‬
‫فرنسا والقانون الروماﱐ يغلﺐ ﰲ ﺟنوب فرنسا ‪.‬‬
‫أما القانون اﻷﳌاﱐ الﺼادر ﻋام ‪ ،1900‬فكان أكﺜر تﺸﺒعا لقانون الروماﱐ الذي تﺒنتﻪ أﳌانيا منذ أنﺸﺄ‬
‫اﳌلك شرﳌان اﻹمﱪاﻃورية اﳉرمانية ﰲ القرن التاﺳﻊ للميﻼد وكان ﳛلم ﳎاد اﻹمﱪاﻃورية الرومانية الغربية‬
‫هذا التفريﻖ ﻻ يعﲎ تعارضا بﲔ ا موﻋتﲔ فهما من أصول واﺣﺪة‪ ،‬ولكن هذا ﻻ ينفﻰ وﺟود اﺧتﻼف‬
‫ﰲ اﻷﺣكام التفﺼيلية ﻗﺪ ﲤتﺪ إﱃ تفسﲑ وتطﺒيﻖ بعﺾ اﳌﺒادئ العامة ‪،‬فنظرية اﻻلتﺰام مﺜﻼً ترﺟﻊ ﰲ أصﻞ‬
‫اﻻﺛنﲔ إﱃ أصﻞ واﺣﺪ ولكنها ﲣتلف ﰲ بعﺾ أﺣكامها التفﺼيلية وﰱ بعﺾ تطﺒيقا ا العملية ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﺛرت القوانﲔ اﻷوروبية لقانون اﳌﺪﱐ الفرنسي والقانون اﳌﺪﱐ اﻷﳌاﱐ‬
‫التﻜﻮيﻦ التارﳜﻲ للﻨﻈام القانﻮﱐ الروﻣانﻮﺟرﻣاﱐ ﺧﻀﻊ هذا النظام إﱃ ﺛﲑ القانون الروماﱐ والﺪ نة‬
‫اﳌسيﺤية‪ ،‬فالقانون الروماﱐ نﺸﺄ وﻃﺒﻖ ﰲ ا تمﻊ الروماﱐ منذ نﺸﺄة مﺪينة روما ﰲ القرن السابﻊ ﻗﺒﻞ‬
‫اﳌيﻼد ﺣﱴ تقنينﻪ ﰲ ﳎموﻋات اﻹمﱪاﻃور ﺟوﺳتنيان ﰲ القرن السادس اﳌيﻼدي ‪ ،‬ومر بﺜﻼث مراﺣﻞ‬
‫رﳜية تتميﺰ كﻞ منها ﲞﺼائﺺ معينة‪:‬‬
‫اﳌرحلﺔ اﻷوﱃ‪ :‬ﻣرحلﺔ الﻌﺼر اﳌلﻜﻲ‪ :‬تﺒﺪأ هذه اﳌرﺣلة مﻊ نﺸﺄة روما ﺣﱴ ﻗيام النظام اﳉمهوري ﻋام‬
‫‪509‬ق‪.‬م‪ ،‬وﳝﺜﻞ هذا العﺼر دور الطفولة لنسﺒة للقانون الروماﱐ‪ ،‬فمﺼادر القانون اﳓﺼرت ﰲ العرف‬
‫والتﺸريﻊ‪ ،‬ﻏﲑ أن اﳌﺼﺪر الﺜاﱐ نوي اﻷﳘية‪ ،‬كما ﲤيﺰت هذه اﳌرﺣلة ن رﺟال الﺪين هم الذين كانوا‬
‫يتولون تفسﲑ القانون وتطﺒيقﻪ‪.‬‬
‫اﳌرحلﺔ الﺜانﻴﺔ‪ :‬ﻣرحلﺔ الﻌﺼر الﻌلمﻲ‪ :‬وتﺒﺪأ هذه اﳌرﺣلة مﻊ صﺪور ﻗانون إيﺒونيا ﰲ منتﺼف القرن‬
‫الﺜاﱐ ق‪.‬م‪ ،‬وتنتهي ﰲ أواﺧر القرن الﺜالﺚ بعﺪ اﳌيﻼد‪ ،‬وهذا العﺼر هو أزهﻰ وأرﻗﻰ ﻋﺼور القانون‬
‫‪15‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫الروماﱐ‪ ،‬وﲤيﺰ هذا العﺼر من ﺣية مﺼادر القانون بتعﺪدها وﺧﺼوبتها‪،‬فظهرت ﲜانﺐ العرف‬
‫والتﺸريﻊ‪،‬مﺼادر ﺟﺪيﺪة هي ﻗانون الﺸعوب‪،‬والقانون الﱪيتوري الذي أنﺸﺄه الﱪيتور)أي اﳊاكم القﻀائي‬
‫اﳌرحلﺔ الﺜالﺜﺔ‪ :‬ﻣرحلﺔ ﻋﺼر اﻹﻣﱪاﻃﻮريﺔ السﻔلﻰ‪ :‬وبﺪأت بتوﱄ اﻹمﱪاﻃور ديوكلتيانوس السلطة ﻋام‬
‫‪284‬م وانتهت بوفاة اﻹمﱪاﻃور ﺟوﺳتينيان ﻋام ‪565‬م‪ ،‬وﰲ هذا العﺼر تﺪهور فيها القانون الروماﱐ‬
‫وآل إﱃ اﳉمود‪ ،‬وإن ﲤيﺰ هذا العﺼر نفسﻪ‪ ،‬من ﺟهة أﺧرى‪ ،‬بتقنﲔ ﻗواﻋﺪ القانون الروماﱐ‪ ،‬والذي ﻗام‬
‫بﻪ بﺸكﻞ أﺳاﺳي اﻹمﱪاﻃور ﺟوﺳتينيان‪ ،‬ﺣيﺚ ﻗام بتﺪوين القوانﲔ الرومانية ﰲ مﺪونة ﻗسمت إﱃ أربﻊ‬
‫ﳎموﻋات‪ :‬اﻷوﱃ‪ :‬أوامر اﻹمﱪاﻃور ‪.‬‬
‫الﺜانية‪ :‬اﻷشﺨاص‪ ،‬اﻷشياء ‪ ،‬نظام الﺪﻋاوى ‪.‬‬
‫الﺜالﺜة‪ :‬ﲨﻊ مﺆلفات كﺒار فقهاء الرومان ‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬تﻀمنت اﳌنﺸورات والتعليمات ‪.‬‬
‫‪-‬وبعﺪما نﺸطت الﺪراﺳات اﳌقارنة ﰲ العﺼور الوﺳطﻰ ظهرت ﰲ القرن الﺜاﱐ ﻋﺸر ﺣركة النهﻀة الﱵ‬
‫دﻋت إﱃ إﺣياء القانون الروماﱐ وكانت ﺟامعة بولونيا يطاليا أول من رﻋت هذه الﺪﻋوة وﻗامت‬
‫بتﺪريﺲ القانون الروماﱐ ﻋن ﻃريﻖ الﺸرح ﻋلﻰ اﳌتونفي ﳎموﻋات ﺟوﺳتينيان الﱵ تﺸمﻞ ﺧﻼصة للنظم‬
‫القانونية الرومانية‪ ،‬وتتمﺜﻞ ﰲ شرح وتفسﲑ اﳌعﲎ اﻷصلي للﺤكم أو النﺺ بوضﻊ ﺣواشي هامﺸية‪،‬‬
‫واﲣذت من ﻗواﻋﺪ الﺸرح ﻗواﻋﺪ لتفسﲑ اﻷﻋراف الﱵ كانت منتﺸرة مﻊ اﶈافظة ﻋلﻰ القواﻋﺪ الرومانية‬
‫اﻷصلية ‪.‬‬
‫‪ -‬وﰲ القرن الﺜالﺚ ﻋﺸر انتقلت ﺣركة اﻻﺣياء إﱃ اﳉامعات الفرنسية واﻷﳌانية وأﺧذت ﰲ تﺪريﺲ‬
‫القانون الروماﱐ واﻋتﱪتﻪ تعﺒﲑا للعﺪل وﻗواﻋﺪ أﺳاﺳية لقانون مﺸﱰك ‪ ،‬كما تﺒنت الكنيسة القانون‬
‫الروماﱐ واﻋتﱪتﻪ مطابقاً للقانون اﻹﳍي‪ ،‬ﳑا ﺟعﻞ القانون الكنسي ﺧذ مكانة ﰲ اﳉامعات ﲜانﺐ‬
‫القانون الروماﱐ وأصﺒﺢ يﺪرس معﻪ‪ ،‬ومن اﻷﻋمال الﺒارزة ﰲ هذا العﺼر إصﺪار اﳊاشية الكﱪى بفﻀﻞ‬
‫الفقيﻪ ) أكريﺰ ( الذي ﲨﻊ ‪ 96‬ألف ﺣاشية ﻋلﻰ ﳎموﻋات ﺟوﺳتينيان مﻀيفا إليها ﺣواشي ﻗام بعﺾ‬
‫الﺸراح بكتابتها ﻋلﻰ هامﺶ النﺼوص ‪-.‬وﰲ القرن الرابﻊ ﻋﺸر ظهرت مﺪرﺳة ﺟﺪيﺪة أﺧذت تﺼوغ‬
‫اﻷﻋراف صياﻏة رومانية وتستلهم من القانون الروماﱐ والكنسي ﺣلول اﳊاﺟات الﺰمنية اﳌستﺠﺪة‬
‫‪16‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫زدهار التﺠارة ‪.‬‬
‫‪ -‬وﰲ القرن السابﻊ ﻋﺸر والﺜامن ﻋﺸر ﻗويت دﻋائم اﳌنهﺞ الروماﱐ اﳉرماﱐ بفكرة القانون الطﺒيعي الﱵ‬
‫دى ا فﻼﺳفة ومفكروا ذلك العﺼر ودﻋوا إﱃ ﲢكيم العقﻞ ﰲ وضﻊ القوانﲔ واﺳتنﺒاﻃها وتنظيم‬
‫العﻼﻗات بﲔ الﺪول وﻗﺪ رافﻖ هذه الﺪﻋوة ﻗيام اﳌذهﺐ اﻹنساﱐ الذي دﻋا إﱃ ﲤﺠيﺪ اﻹنسان ودﻋا‬
‫لتﺤريره وﺟعﻞ إرادتﻪ تنﺒﻊ من ذات نفسﻪ وكانت الغاية من ذلك اﳊﺪ من ﺳلطة اﳌلوك واﺳتﺒﺪادهم ‪-.‬‬
‫ومهﺪت اﳊركة العلمية للﺠامعات ﰲ ﺟهة أﺧرى السﺒيﻞ ﳊركة التﺪوين والتقنﲔ الﱵ ﻋرفتها أورو ﰲ‬
‫القرن ‪ ،19‬واشتهر ﰲ هذا العﺼر )اﳝانويﻞ كانت( الذي اﻋتنﻖ فكرة ﻗيام ﻗانون للﺸعوب مﺆﺳﺲ ﻋلﻰ‬
‫اﲢاد الﺪول اﳊرة يعمﻞ ﻋلﻰ منﻊ اﳊروب ائيا وانتقلت هذه الفكرة إﱃ ايطاليا فنادى ا ) أيكو( ودﻋا‬
‫إﱃ إﳚاد ﻗانون ﻋاﳌي يقوم ﻋلﻰ أﺳاس مستمﺪ من ﺣقائﻖ التاريﺦ ورأى أن ﻗوانﲔ الﺸعوب تﺼﺪر من‬
‫مﺼﺪر واﺣﺪ هو العقﻞ اﻹنساﱐ فإذا تﺸا ت فهذا يعﲎ أ ا بلغت دورا واﺣﺪا من أدوار اﳊﻀارة‬
‫اﻹنسانية وﻗﺪ رأى فريﻖ من فﻼﺳفة القانون وفقهاء القانون اﳌقارن من نظرية أيكوا أﺳاﺳاً ﻹﻗامة مفهوم‬
‫ﻋاﳌي للقانون‪ ،‬كما اشتهر اﻷﳌاﱐ ) ﺳافيﲏ ( ومﻀمون فكرتﻪ هو دراﺳة كﻞ أمة داﺧﻞ إﻃارها التارﳜي‬
‫متﺄﺛرا لقانون الروماﱐ ‪.‬‬
‫ﺧﺼاﺋﺺ الﻨﻈام الروﻣانﻮﺟرﻣاﱐ‬
‫يتميﺰ هذا النظام القانوﱐ ﲞﺼائﺺ معينة هي‪ :‬التقنﲔ والتﺄﺛر لقانون الروماﱐ واﻻزدواج القﻀائي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ التقﻨﲔ‬
‫هو إدماج القواﻋﺪ اﳋاصة بفرع من فروع القانون بعﺪ أن تُـَرتﺐ وتُ ّﺒوب ويرفﻊ ما بينها من تناﻗﺾ ﰲ‬
‫مﺪونة واﺣﺪة‪ ،‬تﺼﺪر ﻋن اﳍيﺌة صاﺣﺒة اﳊﻖ ﰲ التﺸريﻊ ﰲ شكﻞ ﻗانون‪ ،‬ويعﺪ التقنﲔ ضرورة تﺪﻋو إليها‬
‫اﳊاﺟات العملية ﰲ ﻋﺼر اﳊاﱄ‪ ،‬ﻷنﻪ يسهﻞ تطﺒيقا لقواﻋﺪ اﳋاصة والقواﻋﺪ القانونية ومعرفتها‪ ،‬وإﱃ‬
‫ﺟانﺐ ذلك فقﺪ ﳛقﻖ التقنﲔ ﰲ بعﺾ الظروف أﻏراضاً أﺧرى‪ ،‬فقﺪ يقﺼﺪ بﻪ توﺣيﺪ القانون ﰲ الﺪولة‪،‬‬
‫كما ﺣﺪث ﰲ فرنسا ﺣﲔ ﲢققت الوﺣﺪة القانونية بﺼﺪور التقنينات بعﺪ أن كانت مﺒعﺜرة ﰲ العﺪيﺪ من‬
‫القوانﲔ‪ ،‬كما أن من شﺄنﻪ أن ﳛقﻖ اﳌساواة بﲔ اﻷفراد ﰲ ا تمﻊ ﺣسﺒما رأى رﺟال الﺜورة الفرنسية‬
‫ﻋنﺪما دوا بفكرة التقنﲔ‪ ،‬ﻷنﻪ يقﺪم ﻗواﻋﺪ ﻗانونية واضﺤة اﳌعاﱂ مكان كﻞ فرد اﻻﻃﻼع ﻋليها‪ ،‬فﻼ‬
‫‪17‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ﲢتكر فﺌة دون أﺧرى معرفتﻪ واﻻﻃﻼع ﻋليﻪ ‪.‬‬
‫وللتقنﲔ أصول‪ :‬ﺣيﺚ ﳚﺐ أن يتﺠنﺐ اﳋوض ﰲ التعريفات العلمية‪ ،‬كما ﳚﺐ أن يﱰك اﳋوض ﰲ‬
‫التفﺼيﻼت اﳉﺰئية‪ ،‬فيقتﺼر ﻋلﻰ وضﻊ ﻗواﻋﺪ ﻋامة ومعايﲑ ﻗانونية تكون من اﳌرونة ﲝيﺚ تﱰك للقاضي‬
‫ﻋنﺪ تطﺒيقها ﳎاﻻً لوضﻊ اﳊلول اﳌناﺳﺒة لظروف كﻞ ﻗﻀية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ التﺄﺛر لقانﻮن الروﻣاﱐ‪:‬ظﻞ القانون الروماﱐ ﳛكم أور الغربية ﺣﱴ ﺳقوط الﺪولة الرومانية الغربية‬
‫ﰲ أواﺧر القرن اﳋامﺲ اﳌيﻼدي‪ ،‬وﺧﻼل العﺼور الوﺳطﻰ بﺪأ القانون الروماﱐ يﺪﺧﻞ ﰲ زاوية النسيان‪،‬‬
‫ﻏﲑ أن بعﺚ القانون الروماﱐ متمﺜﻼً ﰲ دراﺳة ﳎموﻋات ﺟوﺳتنيان‪ ،‬ﰲ أور الغربية منذ القرن الﺜاﱐ‬
‫ﻋﺸر اﳌيﻼدي ﻗﺪ أدى إﱃ العودة إﱃ تطﺒيﻖ القانون الروماﱐ‪ ،‬مﻊ إدﺧال بعﺾ التعﺪيﻼت ﻋلﻰ بعﺾ‬
‫نظمﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ﺳاﻋﺪ ﻋلﻰ ذلك أن القاضي ﰲ العﺼور الوﺳطﻰ‪ ،‬وﻋﺼر النهﻀة والعﺼور اﳊﺪيﺜة ﺣﱴ‬
‫صﺪور ﻗانون بليون‪ ،‬ﱂ يكن يﺼﺪر أﺣكامﻪ وفﻖ تقنينات ملﺰمة‪ ،‬بﻞ كان يعتمﺪ ﻋلﻰ العﺪالة‪،‬وﺳادت‬
‫آنذاك فكرة مقتﻀاها أن العﺪالة ﻻ ﳝكن أن تستمﺪ إﻻ من القانون الروماﱐ‪،‬وﺳاﻋﺪ ﻋلﻰ ذلك أيﻀاً أن‬
‫اﳌﺸرﻋﲔ‪ ،‬فيما كانوا يﺼﺪرونﻪ من ﻗوانﲔ‪ ،‬كانوا يعتمﺪون بﺼفة أﺳاﺳية ﻋلﻰ القانون الروماﱐ‪ ،‬ﺳواء من‬
‫ّ‬
‫ﺣيﺚ الﺸكﻞ أومن ﺣيﺚ اﳌوضوع‪ ،‬وهكذا كتﺒت الغلﺒة للقانون الروماﱐ ﰲ أور منذ القرن الﺜاﱐ ﻋﺸر‬
‫اﳌيﻼدي‪ ،‬وﺣﱴ صﺪور ا موﻋات القانونية اﳊﺪيﺜة ﰲ فرنسا والﺒﻼد الﱵ أﺧذت ﻋنها ﰲ أور ‪ ،‬وصﺪور‬
‫هذه ا موﻋات ﱂ يقﺾ ﻋلﻰ ﺛﲑ القانون الروماﱐ‪ ،‬فقﺪ تﺒنت ﳎموﻋة بليون شروﺣات وكتا ت شراح‬
‫القانون الروماﱐ الذين ﺳﺒقوا الﺜورة الفرنسية مﺒاشرة‪ ،‬ومن أشهرهم الفقيهان الفرنسيان الﺸهﲑان دوما‬
‫‪ Domat‬وبوتييﻪ ‪Pothier‬فتﺤول القانون الروماﱐ إﱃ مﺼﺪر رﳜي لقانون بليون‪،‬ولقوانﲔ الﺪول‬
‫الﱵ أﺧذت ﻋن هذا اﻷﺧﲑ‪ ،‬ومنها دول الوﻃن العرﰊ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ اﻻزدواج القضاﺋﻲ‪ :‬يوﺟﺪ ﰲ الﺪول الﱵ ﺧذ لنظام القانوﱐ الﻼتيﲏ ﺟهتان ﻗﻀائيتان متميﺰ ن‪،‬‬
‫اﻷوﱃ تفﺼﻞ ﰲ اﳌنازﻋات الﱵ تنﺸﺄ بﲔ اﻷفراد‪ ،‬واﻷﺧرى تﺒت ﰲ اﳌنازﻋات الﱵ تنﺸﺐ بﲔ اﻹدارة‬
‫العامة واﻷفراد‪ ،‬تسمﻰ اﻷوﱃ ﲜهة القﻀاء العادي ‪ ،‬والﺜانية ﲜهة القﻀاء اﻹداري ‪ ،‬وتقﱰن هذه التفرﻗة‬
‫بﲔ ﺟهﱵ القﻀاء اﳌذكورتﲔ‪ ،‬لتفسﲑ اﳋاص الذي ﻃرﺣﻪ رﺟال الﺜورة الفرنسية ﳌﺒﺪأ الفﺼﻞ بﲔ‬
‫السلطات‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ﺗقسﻴمات القانﻮن الروﻣاﱐ‬
‫ﻗُسم إﱃ ﻗانون ﻋام وﻗانون ﺧاص ﺣيﺚ تﻀمن القانون العام أﺣكاما منظمة ﳌرفﻖ الﺪولة‪ ،‬وتﻀمن‬
‫القانون الﺪﺳتوري‪ ،‬اﻹداري‪ ،‬اﳉﺒائي‪ ،‬اﳉنائي‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ تﻀمن القانون اﳋاص فروﻋا ﻋﺪيﺪة أﳘها‪:‬‬
‫القانون اﳌﺪﱐ‪ ،‬ق التﺠاري‪ ،‬ق العمﻞ‪ ...‬وﻏﲑها ‪ ،‬كما ﻗسم القانون اﳋاص إﱃ ﻗانون ﺧاص‬
‫ﻷشﺨاص ‪ ،‬وﻗانون ﺧاص ﻷموال‪ ،‬وﻗانون ﺧاص لﺪﻋاوى‪ ،‬وﻗسموا اﻷموال إﱃ ﻋقارية ومنقولة‬
‫مادية ومعنوية‪ ،‬كما ﻗسموا اﳌسﺆولية إﱃ القائمة ﻋلﻰ الفعﻞ الﺸﺨﺼي‪ ،‬وﻋلﻰ فعﻞ الغﲑ وفرﻗوا بﲔ‬
‫اﳌسﺆولية القائمة ﻋلﻰ اﳋطﺄ اﻹﳚاﰊ واﳋطﺄ السلﱯ‪ ،‬وﻗسموا العقود إﱃ رضائية وشكلية وميﺰوا بﲔ العقود‬
‫اﳌلﺰمة للﺠانﺒﲔ واﳌلﺰمة ﳉانﺐ واﺣﺪ ‪.‬‬
‫أما ﻗانون اﻷﺣوال الﺸﺨﺼية فقﺪ اﺳتمﺪها القانون الرومانوﺟرماﱐ ) الﻼتيﲏ اﳉرماﱐ ( من ﻗانون‬
‫الكنيسة ‪.‬‬
‫انتﺸار الﻨﻈام الروﻣانﻮﺟرﻣاﱐ داﺧﻞ أورو وﺧارﺟﻬا‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ انتﺸارﻩ داﺧﻞ أورو ‪:‬‬
‫ﺣﲔ ﻗامت الﺜورة الفرنسية ﲪلت أفكار الﺜورة اﳌتﺸﺒعة لتقنﲔ اﳉﺪيﺪ الذي يتﻀمن مﺒادئ الﺜورة من‬
‫اﳊرية واﻹﺧاء واﳌساواة وﻗﺪ تﺒنت بعﺾ الﺪول هذا القانون كﺒلﺠيكا ولوكسمﺒورج واﻗتﺒستﻪ دول أﺧرى‬
‫مﺜﻞ ايطاليا والنمسا وكان موضﻊ دراﺳة ﻋنﺪ وضﻊ القانون اﳌﺪﱐ اﻷﳌاﱐ‬
‫وﺣﲔ صﺪور القانون اﳌﺪﱐ اﻷﳌاﱐ نﺸطت بﺼﺪوره الﺪراﺳة اﳌقارنة واﻗتﺒست منﻪ بعﺾ الﺪول كسويسرا ‪.‬‬
‫كان التقنﲔ الفرنسي واﻷﳌاﱐ مﺼﺪرين لﺒﻼد أورو الﺸرﻗية كروﺳيا وبولونيا وتﺸيكوﺳلوفاكيا وبذلك‬
‫تعتﱪ هذه الﺒﻼد من العائلة الرومانية اﳉرمانية إﻻ أن هذه الﺒﻼد ﱂ تستمر كﺜﲑا ﻋلﻰ هذا النهﺞ القانوﱐ‬
‫ﺣيﺚ ﻗامت روﺳيا بتﺒﲏ النظام الﺸيوﻋي الذي ﳝتلك بنية ﻗانونية ﳐتلفة فانﻀمت ﳍا دول أور الﺸرﻗية‬
‫بعﺪ دﺧوﳍا ﰲ النظام الﺸيوﻋي ‪.‬‬
‫–‪2‬انتﺸارﻩ ﺧارج أورو ‪:‬‬
‫انتﺸرت ﻗوانﲔ هذا النظام ﻋن ﻃريﻖ اﻻﺳتعمار ‪،‬ففي أمريكا الﻼتينية ﳒﺪ العائلة الرومانية اﳉرمانية‬
‫ظاهرة ﰲ ﻗوانينها بسﺒﺐ اﻻﺳتعمار اﻻﺳﺒاﱐ والﱪتغاﱄ وﰱ أمريكا الﺸمالية مازالت ﻗوانﲔ بعﺾ اﳌناﻃﻖ‬
‫‪19‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫متﺄﺛرة لقانون الفرنسي فوﻻية لويﺰ ﰲ الوﻻ ت اﳌتﺤﺪة بعة ﳍذه العائلة ووﻻية كويك ﰲ كنﺪا ‪.‬‬
‫وﰱ أفريقيا انتﺸرت ا موﻋة الﻼتينية بسﺒﺐ اﻻﺳتعمار الفرنسي واﻻﺳﺒاﱐ والﱪتغاﱄ فساد ﰲ أفريقيا‬
‫وامتﺪ ﺛﲑ هذه ا موﻋة إﱃ اﳊﺒﺸة فاﺳتمﺪت من القانون الفرنسي ﻗانو ا اﳌﺪﱐ والتﺠاري كما ﺛرت‬
‫الﺒﻼد الﱵ يتﺄلف منها اﲢاد ﺟنوب إفريقيا لقانون اﳍولنﺪي وبعﺪ ذلك أصﺒﺢ ﻗانو ا كومن لو وانتهﻰ‬
‫إﱃ كونﻪ ﻗانون ﳐتلط‪.‬‬
‫موﻋة الﻼتينية ﻋلﻰ الرﻏم‬ ‫وﰱ ﴰال أفريقيا ﻻتيﲏ ﺟرماﱐ ﲝكم السيطرة اﻻﺳتعمارية كما ﺛرت مﺼر‬
‫من ﺧﻀوﻋها مﺪة من الﺰمن لﻼﺳتعمار اﻻﳒليﺰي ‪.‬‬
‫أما اليا ن مازالت متﺄﺛرة لقوانﲔ الرومانية اﳉرمانية‪،‬وﰲ تركيا بعﺪما كان نظامها إﺳﻼمي فقﺪ ألغت هذا‬
‫وأﺧذت من العائلة الرومانية اﳉرمانية ‪،‬أما الﺒﻼد العربية فكانت متﺄﺛرة لقانون العﺜماﱐ إﱃ أن ألغي‬
‫واﺳتﺒﺪل لقوانﲔ الرومانية اﳉرمانية ومنها مﺼر الﱵ اﻗتﺪت ا معظم الﺪول العربية رﻏم أ ا ﱂ مﻞ‬
‫ﺟانﺐ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﰲ ﻗوانينها وﺟعلتها مﺼﺪرا من مﺼادر القانون‪.‬‬
‫وﰲ اﳌملكة العربية السعودية تسرى أﺣكام الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﻏﲑ أ ا وضعت كﺜﲑ من النظم اﳌتﺄﺛرة‬
‫بقوانﲔ العائلة الرومانية اﳉرمانية وﰱ دول اﳋليﺞ العرﰊ ﺛرت لعائلة الرومانية ﻋن ﻃريﻖ اﻗتﺒاس القانون‬
‫اﳌﺼري اﳌﺄﺧوذ ﰲ ﺟﺰء منﻪ من هذه العائلة‪.‬‬
‫ﻣﺼادر القانﻮن ﰲ الﻨﻈام الﻼﺗﻴﲏ اﳉرﻣاﱐ‬
‫يعﺪ التﺸريﻊ اﳌﺼﺪر اﻷﺳاس للقانون‪ ،‬ﰒ يليﻪ العرف‪ ،‬والفقﻪ واﻻﺟتهاد القﻀائي ﰲ اﳌرتﺒة الﺜالﺜة ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ـ التﺸريﻊ‪ :‬ﳛتﻞ التﺸريﻊ الﺼﺪارة ﰲ مرتﺒة اﳌﺼادر القانونية‪ ،‬ويقﺼﺪ بﻪ كﻞ القواﻋﺪ القانونية‬
‫اﳌكتوبة ﺳواء كانت صادرة ﻋن السلطة التﺸريعية أو التنفيذية ﰲ شكﻞ ﻗانون أو تنظيم‪ ،‬وللتﺸريﻊ بكﻞ‬
‫صوره ) دﺳتور‪ ،‬تﺸريﻊ‪ ،‬اتفاﻗيات دولية ‪ ،‬تنظيم بكﻞ أشكالﻪ‪ ،‬وكﻞ ما تﺼﺪره السلطات العمومية ( دور‬
‫هام ﰲ النظام الﻼتيﲏ اﳉرماﱐ‪ ،‬وذلك ﺣسﺐ درﺟة ترتيﺒﻪ ﰲ اﳍرم التﺸريعي اﻷﺳاﺳي ﰲ الﺪولة الﺼادر‬
‫ﻋن السلطة الﱪﳌانية أو ﻋن الﺸعﺐ ﺣسﺐ اﻷنظمة‪ ،‬ويسمو الﺪﺳتور ﻋلﻰ التﺸريعات اﻷﺧرى‪ ،‬لﺜﺒات‬
‫ﻗواﻋﺪه‪ ،‬وﲣﻀﻊ القوانﲔ للرﻗابة الﺪﺳتورية ﺳواء ﻋن ﻃريﻖ ا لﺲ الﺪﺳتوري‪ ،‬أو اﶈكمة الﺪﺳتورية‪ ،‬وﰲ‬
‫بعﺾ الﺪول كﺄﳌانيا ﳝكن ﳍذه اﳍيﺌات أو لﻸفراد ﺣﱴ ولو كانوا من اﳌواﻃنﲔ العاديﲔ تقﺪﱘ ﻃلﺐ ﰲ‬
‫‪20‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫مﺪى دﺳتورية ﻗانون معﲔ ‪.‬‬
‫كما تعتﱪ اﻻتفاﻗيات الﺪولية الﱵ ﲤت اﳌﺼادﻗة ﻋليها ﺟﺰء من التﺸريﻊ الﺪاﺧلي‪ ،‬ﺣيﺚ تعتﱪها بعﺾ‬
‫الﺪول ) فرنسا‪ ،‬هولنﺪا ( أﻋلﻰ من التﺸريﻊ العادي ﰲ ﺣﲔ تعتﱪها دول أﺧرى ) أﳌانيا ( ﰲ نفﺲ درﺟة‬
‫التﺸريﻊ العادي ‪.‬أما التﺸريﻊ العاديسواء كان صادرا ﻋن السلطة التﺸريعية ﺣيﺚ يتناول اﳌواضيﻊ العامة‪،‬‬
‫أو ﻋن السلطة التنفيذية الﱵ تتناول تطﺒيﻖ القوانﲔ ‪.‬والقاضي ملﺰم ﰲ هذا النظام ﳚاد ﺣﻞ للنﺰاع‬
‫مستمﺪا من نﺺ التﺸريﻊ‪ ،‬فإن كان النﺺ ﻏﲑ واضﺢ فيﺠﺐ ﻋلﻰ القاضي أن يﺒﺤﺚ ﻋن نية اﳌﺸرع‬
‫مستعينا ﰲ ذلك لعرف‪ ،‬وليﺲ لﻪ اﳊﻖ ﰲ اﻻمتناع ﻋن تطﺒيﻖ القانون ويعﺪ مرتكﺒا ﳉرﳝة إنكار العﺪالة‪،‬‬
‫ويرﺟﻊ ﲰو التﺸريﻊ ﰲ هذا النظام ﻷن التﺸريﻊ ـ ـ ﰲ نظرهم ـ ـ يعﱪ ﻋن إرادة الﺸعﺐ ﻋن ﻃريﻖ ﳑﺜليﻪ ﰲ‬
‫الﱪﳌان‪،‬كما أن التﺸريﻊ هو الﻀامن ﳊقوق اﻷفراد وﺣر م إذ يعرفون مقﺪما ماﳍم من ﺣقوق وما ﻋليهم‬
‫من واﺟﺒات‪ ،‬وهذا ما يتفﻖ مﻊ الفكر الﺪﳝقراﻃي ‪.‬‬
‫‪2‬ـ ـ ـ ـ ـ الﻌرف ﳛتﻞ العرف ﰲ النظام الرومانوﺟرماﱐ اﳌرتﺒة الﺜانية بعﺪ التﺸريﻊ‪ ،‬والعرف هو ﻗانون ﻏﲑ‬
‫مكتوب أو هو ﳎموﻋة القواﻋﺪ القانونية الﱵ تنﺸﺄ من تكرار ﺳلوك الناس ﰲ مسﺄلة معينة بطريقة معينة‬
‫مﻊ اﻻﻋتقاد ن هذا السلوك ملﺰم ﳍم ﻗانو ‪ ،‬ويلﺠﺄ القاضي إﱃ العرف ﰲ ﺣالة ﻋﺪم وﺟود نﺺ‬
‫مكتوب أو ﰲ ﺣالة ﻏموض النﺺ ‪.‬وﳝيﺰ الفقﻪ بﲔ العرف اﳌكمﻞ واﳌساﻋﺪ واﳌﺨالف للتﺸريﻊ‪:‬‬
‫فالعرف اﳌكمﻞ للتﺸريﻊ هو الذي ﳝﻸ ويسﺪ الفراغ اﳌوﺟود ﰲ التﺸريﻊ ‪.‬‬
‫والعرف اﳌساﻋﺪ للتﺸريﻊ هو الذي يستعان بﻪ لفهم التﺸريﻊ ‪.‬‬
‫والعرف اﳌﺨالف للتﺸريﻊ هو الذي ﻻ يطﺒﻖ إﻻ إذا كان ﳐالفا لقاﻋﺪة تﺸريعية مكملة بﺸرط ﻋﺪم‬
‫ﳐالفتﻪ للنظام العام واﻵداب ‪.‬‬
‫وﲣتلف مكانة العرف ﰲ هذا النظام من بلﺪ ﻵﺧر ‪ ،‬فتسوي بعﺾ التﺸريعات بينﻪ وبﲔ التﺸريﻊ‬
‫كالقانون اﻷﳌاﱐ والسويسري‪ ،‬أما القانون الفرنسي فيﺠعلﻪ ﰲ اﳌرتﺒة الﺜانية بعﺪ التﺸريﻊ‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ ﳒﺪ‬
‫بعﺾ الﺪول كالنمسا ﻻ تطﺒﻖ العرف إﻻ إذا أﺣال إليﻪ التﺸريﻊ صراﺣة‪ ،‬وتقﺪمﻪ بعﺾ الﺪول العربية‬
‫واﻹﺳﻼمية ﻋلﻰ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية فتﺠعلﻪ ﰲ اﳌرتﺒة الﺜانية بعﺪ التﺸريﻊ كماهو اﳊال ﰲ العراق وﺳور ‪،‬‬
‫بينما دول أﺧرى ﲡعلﻪ ﰲ اﳌرتﺒة الﺜالﺜة بعﺪ التﺸريﻊ والﺸريعة اﻹﺳﻼمية كاﳉﺰائر‪ ،‬واﻷردن وليﺒيا ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫كما ﳜتلف مركﺰ العرف ﺧتﻼف القوانﲔ‪ ،‬ﺣيﺚ يﱪز دوره أكﺜر ﰲ القانون التﺠاري والقانون الﺪوﱄ‬
‫العام‪ ،‬بينما يتقلﺺ دوره ﰲ القوانﲔ اﻷﺧرى كالقانون اﳌﺪﱐ إﱃ أن ينتهي دوره ﰲ القانون اﳉنائي ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ـ الﻔقﻪ واﻻﺟتﻬاد القضاﺋﻲ يرﺟﻊ وضﻊ القانون للمﺸرع ليعاﰿ مسائﻞ ﻗانونية مطروﺣة اﻗتﻀتها‬
‫ضرورات اﳊياة ﰲ مرﺣلة معينة‪ ،‬ويرﺟﻊ للقاضي تفسﲑه وتطﺒيقﻪ وللفقﻪ شرﺣﻪ‪ ،‬فاﻻﺟتهاد القﻀائي هو‬
‫ﳎموﻋة اﻷﺣكام الﱵ تﺼﺪرها اﶈاكم فيما يرفﻊ إليها من القﻀا وفيها يتوﱃ القاضي تطﺒيﻖ القانون‬
‫الذي وضعﻪ اﳌﺸرع ‪ ،‬وتتسﻊ ﺳلطة القاضي ﰲ التفسﲑ إذا كانت نﺼوص التﺸريﻊ ﻏامﻀة‪ ،‬إذ تكون لﻪ‬
‫ﺣرية واﺳعة ﰲ التفسﲑ كلﺠوئﻪ إﱃ القياس أو اﻻﺳتﺪﻻل ﲟفهوم اﳌﺨالفة ‪ ،‬ﻏﲑ أن دوره ﰲ ﳎال‬
‫التفسﲑ ﻻ يرق إﱃ دور اﳌﺸرع ﰲ النظام الرومانوﺟرماﱐ‪ ،‬فالسابقة القﻀائية ﰲ هذا النظام ﻻ تتمتﻊ‬
‫لقوة اﳌلﺰمة‪ ،‬ولو أ ا تتمتﻊ ﲝﺠية ﻋامة مﱴ صﺪرت ﻋن اﶈكمة العليا فالقاضي ﰲ الﺸريعة الرومانية‬
‫اﳉرمانية ﻻيتقيﺪ لسابقة الﱵ صﺪرت ﻋنﻪ أو ﻋن ﻏﲑه من القﻀاة إﻻ ﰲ ﺣالة واﺣﺪة وذلك ﻋنﺪما‬
‫تقﻀي اﶈكمة العليا نقﺾ اﳊكم اﳌطعون فيﻪ وتعيﺪه إﱃ اﶈكمة الﱵ أصﺪرتﻪ للﺤكم فيﻪ من ﺟﺪيﺪ‬
‫بتﺸكيلة أﺧرى ‪ ،‬فالقﻀاء ﰲ هذا النظام يعتﱪ مﺼﺪرا نو للقانون ‪.‬‬
‫كما ﳜﻀﻊ النظام القﻀائي ﰲ هذه العائلة لفكرة التﺪرج‪ ،‬فهناك اﶈاكم وا الﺲ واﶈاكم العليا ‪ ،‬ويوﺟﺪ‬
‫أيﻀا ﻗﻀاء مﺰدوج ﻋادي وإداري مستقلﲔ ﻋن بعﻀهما‪ ،‬كما هو اﳊال ﰲ فرنسا‪ ،‬أﳌانيا‪ ،‬النمسا‪،‬‬
‫هولنﺪا‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ يوﺟﺪ ﰲ دول أﺧرى نظام الغرف اﻹدارية كﺒلﺠيكا‪ ،‬ﺳويسرا‪ ،‬اﺳﺒانيا‪ ،‬وبعﺾ الﺪول‬
‫اﻷفروفرنكوفونية ‪ ،‬أما ﰲ بعﺾ الﺪول الﱵ اﻋتمﺪت هذا التنظيم فﻼ وﺟود لقﻀاء إداري مستقﻞ بﻞ‬
‫اﻋتمﺪت أﺳلو ﺧاصا ﺟعﻞ القﻀاء اﻹداري اﺳتﺜنائيا بعا للقﻀاء العادي ومﺪرﺟا ﰲ القانون اﳋاص‬
‫كالﺪﳕارك‪ ،‬الﱪازيﻞ‪ ،‬والﺒﲑو ‪.‬‬
‫وﲡﺪر اﻹشارة إﱃ أنﻪ ﰲ بعﺾ الﺪول توﺟﺪ إﱃ ﺟانﺐ هذا التنظيم العام للمﺤاكم تنظيم يتﻀمن ﳏاكم‬
‫أﺧرى مستقلة ﻋن هذا التنظيم‪ ،‬ففي ﺳويسرا توﺟﺪ ﳏاكم فﺪرالية ﺧاصة‪ ،‬كما توﺟﺪ إﱃ ﺟانﺐ هذه‬
‫اﶈاكم ﳏاكم ﻋليا دﺳتورية ‪.‬‬
‫والقﻀاء الﺪﺳتوري يعﺪ من أهم مقومات النظم الﺪﳝقراﻃية اﳌعاصرة ومقياس من مقاييﺲ الﺪولة اﳌعاصرة‬
‫ودولة القانون وانتﺸر هذا النظام ﰲ ﳐتلف أﳓاء العاﱂ منها أﳌانيا وكذلك إيطاليا ‪1956‬وﰲ إﺳﺒانيا منذ‬
‫‪22‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫دﺳتور ‪ ، 1978‬وﰲ روﺳيا ﻃﺒقا لﺪﺳتور ‪1993‬وﻗانون ‪ ،1996‬وهذا ماﱂ ﲢققﻪ بعﺾ النماذج‬
‫اﻷﺧرى من الرﻗابة الﺪﺳتورية كما هو اﳊال ﰲ النموذج الفرنسي وتﺒعتها اﳉﺰائر ﰲ ذلك ودول أﺧرى‬
‫ﺧاصة منها العربية واﻹفريقية ‪ ،‬فا لﺲ الﺪﺳتوري يطغﻰ ﻋليﻪ الطابﻊ السياﺳي وتﺒقﻰ الرﻗابة الﺪﺳتورية‬
‫ﳏﺪودة ﺟﺪا ﺣيﺚ ﲣﺺ القوانﲔ اﳉﺪيﺪة فقط ‪.‬‬
‫أما دور الفقﻪ ﰲ الﺸريعة الرومانية اﳉرمانية فهو مرتﺒط بﺪور القﻀاء إذ يقوم الفقهاء ﲟهمة شرح وﲢليﻞ‬
‫نﺼوص التﺸريﻊ واﻷﺣكام القﻀائية والتﺠﺪيﺪ الﺪﻗيﻖ ﳌﻀمو ا واﺳتﺨﻼص اﳌﺒادئ القانونية العامة وكﺜﲑا‬
‫مايعتمﺪ القﻀاء ﻋلﻰ آراء الفقﻪ كما أن للفقﻪ ﺛﲑه ﻋلﻰ اﳌﺸرع نفسﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ﺳاهم الفقﻪ ﰲ تطوير‬
‫القانون بﺸرح القواﻋﺪ القانونية فهو ﻏالﺒا ماكان مرشﺪا للمﺸرع والقاضي ﰲ وضﻊ اﳊلول السليمة‬
‫واﳌناﺳﺒة ﳌﺨتلف اﻷوضاع وهذا ماكان ينتهﺠﻪ فقهاء الرومان ‪.‬‬
‫أما من ﺣيﺚ اﻻﺧتﺼاص فتوﺟﺪ ﻋﺪة أﳕاط ‪:‬‬
‫الﻨمﻂ الﻔرنسﻲ‪ :‬الذي ﺧذ ﲟﺒﺪأ الفﺼﻞ بﲔ اﺧتﺼاص القﻀاء العادي والقﻀاء اﻹداري ‪.‬‬
‫الﻨمﻂ الﺒلﺠﻴﻜﻲ‪ :‬ﺧذ لتوﺣيﺪ من الناﺣية الﺸكلية و ﻻزدواﺟية ﰲ التطﺒيﻖ ‪.‬‬
‫أما من ﺣيﺚ اﻷﺣكام فيوﺟﺪ أﺳلو ن‪:‬‬
‫اﻷﺳلﻮب الﻔرنسﻲ‪ :‬يﺼﺪر اﳊكم متكو من ﺣيﺜيات ومنطوق ﳐتﺼر ﺟﺪا ) فرنسا ‪ ،‬اﳉﺰائر‪،‬بلﺠيكا (‬
‫اﻷﺳلﻮب اﻷﳌاﱐ‪ :‬أﺳلوب ﳝتاز لتﺠريﺪ الطويﻞ شﺒﻪ إنﺸائي يتﻀمن اﳊكم‪ ،‬فيﻪ مراﺟﻊ وأﺣكام‬
‫ﺳابقة‪ ،‬ويﺸرح القاضي ﺳهاب ﺳيﺲ القرار الذي اﲣذه ) أﳌانيا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬ﺳويسرا‪ ،‬واليا ن( ‪.‬‬
‫القاﻋﺪة القانﻮنﻴﺔ ﰲ الﻨﻈام الروﻣانﻮﺟرﻣاﱐ‬
‫القاﻋﺪة القانونية ﰲ هذا النظام هي أﺳاس الﺒناء القانوﱐ‪ ،‬وتتميﺰ ﲞﺼوصيﱵ التﺠريﺪ والعموم‪ ،‬فهي‬
‫ﺧطاب مر لقيام بفعﻞ معﲔ أو اﻻمتناع ﻋنﻪ‪ ،‬موﺟﻪ إﱃ ﻋامة الناس‪ ،‬ويتم صياﻏة القاﻋﺪة القانونية‬
‫ﻋلﻰ ضوء الواﻗﻊ العملي مﻊ مراﻋاة اﻋتﺒارات العﺪالة واﻷﺧﻼق والظروف السائﺪة ﰲ ا تمﻊ السياﺳية‬
‫واﻻﺟتماﻋية واﻻﻗتﺼادية ‪...‬وﻏﲑها ‪.‬‬
‫ويﱰتﺐ ﻋلﻰ ﳐالفتها ﺟﺰاء‪ ،‬فالقاﻋﺪة القانونية ﳎردة ﰲ نﺸﺄ ا ﻋامة ﰲ تطﺒيقها‪ ،‬وﳝيﺰ هذا النظام بﲔ‬
‫القواﻋﺪ القانونية اﻵمرة واﳌكملة‪ ،‬وبﲔ القواﻋﺪ القانونية اﳌوضوﻋية والقواﻋﺪ اﻹﺟرائية‪ ،‬وﻗﺪ أﻗام ﻋنﺼر‬
‫‪23‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫التعميم والتﺠريﺪ فيها رابطة بﲔ التفكﲑ النظري والتطﺒيﻖ العملي‪،‬وتنﺤﺼر مهمة القاضي ﰲ تفسﲑ‬
‫القانون إن كانت آمرة‪ ،‬وﻗﺪ تكون مكملة ﻗتﺼارها ﻋلﻰ التنظيم العام للتﺼرفات القانونية‪.‬‬
‫نﻴا‪ :‬الﻨﻈام اﻷنﻜلﻮﺳاﻛسﻮﱐ أو نﻈام الﻜﻮﻣﻦ لﻮ ‪common law‬‬
‫وتسمﻰ ﲟﺠموﻋة القانون العام‪ ،‬تتميﺰ بقواﻋﺪ ﺧاصة ﲣتلف اﺧتﻼفا ﺟذر ﻋن النظام القانوﱐ الﻼتيﲏ‬
‫اﳉرماﱐ‪ ،‬وترﲨة الكومن لو‪ :‬أي القانون العام أو الﺸريعة العامة‬
‫وتﺸمﻞ هذه العائلة القانون الﱪيطاﱐ‪ ،‬والقانون اﻷمريكي‪ ،‬وبعﺾ الﺪول الﱵ ﺛرت بنظمها مﺜﻞ أﺳﱰاليا‬
‫ونيوزيلنﺪا ‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬القانﻮن الﱪيﻄاﱐ‪:‬‬
‫‪1‬ـ ـ ﻇﻬﻮر القانﻮن الﱪيﻄاﱐ‪ :‬بعﺪ تغﲑ نظام اﻹﻗطاع أﻗر اﳌلك ﰲ بريطانيا ﺣكما مركﺰا ﰲ يﺪه‪ ،‬إذ أصﺒﺢ‬
‫الﺸﺨﺺ الوﺣيﺪ الذي ﳛكم ﰲ اﳒلﱰا‪ ،‬ﺣيﺚ شكﻞ ﳎلسا ينظر ﰲ اﳌنازﻋات اﳌتعلقة ﻷمن‪ ،‬ﺳﻼمة‬
‫الﺪولة‪،‬العﺼيان‪ ،‬واﻻﻋتﺪاء ﻋلﻰ العقارات ﻋتﺒارها ملكا للملك‪ ،‬انﺒﺜﻖ ﻋن هذا ا لﺲ ﺛﻼث ﳏاكم‬
‫ﲰيت ‪ :‬اﶈاﻛﻢ اﳌلﻜﻴﺔ الﱵ تنظر ﰲ القﻀا اﳌالية‪ ،‬الﻀرائﺐ الﺪيون العائﺪة للتﺠار والقﻀا العقارية‬
‫اﳌتعلقة ﻷرض والقﻀا اﳉﺰائية وكانت هذه اﶈاكم تعقﺪ ﺟلسا ا ﰲ أماكن تواﺟﺪ اﳋﺼومة بر ﺳة‬
‫اﳌلك‪ ،‬وبعﺪ اتساع دائرة اﺧتﺼاص اﳌلك ﻗاضيا‪ ،‬أصﺒﺤت اﶈاكم اﳌلكية ﲣتﺺ لفﺼﻞ ﰲ اﳌنازﻋات‬
‫بعﺪ صﺪور أمر مكتوب ﻋن اﳌلك‪ ،‬ومن هنا بﺪأت تتكون ﻗواﻋﺪ القانون العام ) الكومن لو (‪ ،‬وكانت‬
‫هذه اﶈاكم تقﻀي ﲟا تراه ﻋﺪﻻ وإنﺼافا وﲟا يتﺠاوب مﻊ ضمﲑ اﳌلك ‪.‬‬
‫كما ظهرت ـ ـ ـ ـ إﱃ ﺟانﺐ ﳏاكم القانون العام ـ ـ ـ ـ ﳏاﻛﻢ اﳌستﺸار الﱵ كانت تفﺼﻞ ﰲ النﺰاع وفقا‬
‫ﳌﺒادئ العﺪالة ‪ ،‬ﻏﲑ أن هذه اﻷﺧﲑة ) أي ﳏاكم اﳌستﺸار ( كانت ﳍا صﻼﺣيات ردﻋية وتتسم بﺼفة‬
‫اﳉﱪ ﻋكﺲ اﶈاكم اﳌلكية أو ﳏاكم القانون العام الﱵ ﻻ تتسم ذه الﺼفة ‪ ،‬ﳑا ﺟعﻞ اﻷفراد يلﺠﺌون‬
‫إﱃ ﳏاكم اﳌستﺸار ﳌا ﳍا من مﺼﺪاﻗية ‪ .‬وﻗﺪ نتﺞ ﻋن وﺟود هذا اﻻزدواج اﺧتﻼف ﳏاكم القانون العام‬
‫وﳏاكم اﳌستﺸار‪ ،‬ما أدى إﱃ تﺪﺧﻞ اﳌلك والﱪﳌان ﰲ أﻏلﺐ اﳊاﻻت‪ ،‬وبقي القانون الﱪيطاﱐ ﳝتاز‬
‫ﻻزدواﺟية‪ ،‬إذ وﺟﺪ ﻗانون السوابﻖ القﻀائية ﶈاكم الكومن لو‪ ،‬وﻗانون السوابﻖ القﻀائية ﶈاكم‬
‫اﳌستﺸار‪ ،‬إﱃ أن ﰎ دمﺞ القانونﲔ وأصﺒﺤا يﺸكﻼن ﻗانو واﺣﺪا ‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ﺧﺼاﺋﺺ القانﻮن اﻻﳒلﻴﺰي ‪ :‬يتميﺰ بعﺪة ﺧﺼائﺺ أﳘها‪:‬‬
‫ـ ـ ـ ﻋﺪم التقﻨﲔ‪:‬الغالﺐ ﻋلﻰ القانون اﻹﳒليﺰي أنﻪ ﻗانون ﻏﲑ مقنن ﰲ مﺪو ت ﻗانونية تﺸتمﻞ ﻋلﻰ‬
‫مﺒادئﻪ العامة‪ ،‬ﲞﻼف بقية القوانﲔ الغربية كالقانون الرومانوﺟرماﱐ فهو ﻗانون مقنن ومﺪون ‪ ،‬ﻏﲑ أن‬
‫هذا اﻷمر ليﺲ ﻋلﻰ إﻃﻼﻗﻪ‪ ،‬إذ نﻼﺣﻆ أن بعﺾ القوانﲔ الفرنسية ﻏﲑ مقننة‪ ،‬كالقانون اﻹداري‪ ،‬ﰲ‬
‫ﺣﲔ أن بعﺾ موضوﻋات القانون اﻹﳒليﺰي مقننة‪ ،‬كقانون السرﻗة مﺜﻼً ‪.‬‬
‫ـ ـ ـ الﻄاﺑﻊ القضاﺋﻲ‪:‬يعتمﺪ القانون اﻹﳒليﺰي ﻋلﻰ أﺣكام السوابﻖ القﻀائية كمﺼﺪر أﺳاس ورﲰي ﳌﺒادئﻪ‬
‫ونظر تﻪ‪ ،‬واﻷﺧذ بنظام السوابﻖ القﻀائية اﳌلﺰمة‪ ،‬ﺟعﻞ اﶈاكم الﺪنيا تتقيﺪ ﺣكام اﶈاكم اﻷﻋلﻰ منها‬
‫درﺟة‪ ،‬كما تتقيﺪ اﶈاكم العليا ﲟا ﺳﺒﻖ إن ﻗﻀت بﻪ ﰲ القﻀا اﳌماﺛلة‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ﻏلﺒﺔ الﻄاﺑﻊ اﻹﺟراﺋﻲ‪ :‬يهتم هذا النظام ﳉوانﺐ العملية أكﺜر من اهتمامﻪ ﳉوانﺐ النظرية ‪ ،‬فهو‬
‫ﻗانون تطﺒيقي أصﻼ‪ ،‬فالتﺄكيﺪ ﻋلﻰ أن التﺪبﲑ القﻀائي هو الذي ﳜلﻖ اﳊﻖ‪ ،‬وليﺲ العكﺲ‪ ،‬وبذلك‬
‫فإن الﺸريعة العامة تﺒﺪأ من اﻹﺟراء لتﺼﻞ إﱃ اﳊﻖ‪ ،‬لذلك فإن الﺪﻋاوى ﰲ اﶈاكم اﳌلكية تﺒﺪأ بواﺣﺪة‬
‫أو كﺜر من صيﻎ الﺪﻋاوى اﶈﺪدة‪ ،‬فإذا ﻋﺠﺰ اﳌﺪﻋي ﻋن إﳚاد صيغة مقﺒولة لﺪﻋواه‪ ،‬فإن ذلك يعﲏ‬
‫ضياع ﺣقﻪ‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ﻋﺪم التﺄﺛر لقانﻮن الروﻣاﱐ‪:‬ﱂ يتﺄﺛر القانون اﻻﳒليﺰي لقانون الروماﱐ‪ ،‬ﻋلﻰ ﺧﻼف بقية ﻗوانﲔ‬
‫معظم الﺪول اﻷوربية‪ ،‬فلم ﳝيﺰ بﲔ القانون العام والقانون اﳋاص‪ ،‬وﻻ يفرق بﲔ القانون اﳌﺪﱐ والتﺠاري‬
‫فكلﻪ ينﺪرج ضمن ا موﻋة اﳌﺪنية‪ ،‬وﻻ ﳝيﺰ بﲔ اﳊقوق ﻷن مفهوم اﳌلكية ﰲ هذا النظام ﻏﲑ ﳎﺰأ فهو‬
‫يتعلﻖ ﲜميﻊ ﻋناصر الذمة اﳌالية للﺸﺨﺺ‪ ،‬وﳝيﺰ بﲔ ﻗواﻋﺪ القانون اﳌﺸﱰك وﻗواﻋﺪ العﺪالة‪ ،‬ويعتﱪ‬
‫السابقة القﻀائية مﺼﺪرا أﺳاﺳيا للقانون‪ ،‬ويسود فيﻪ نظام القﻀاء اﳌوﺣﺪ‪ ،‬فﻼ يوﺟﺪ فيﻪ ﻗﻀاء‬
‫متﺨﺼﺺ ﰲ اﳌنازﻋات اﻹدارية إﱃ ﺟانﺐ القﻀاء العادي ‪ ،‬وذلك ﻋلﻰ أﺳاس أن القﻀاء العادي‬
‫بتكوينﻪ واﺧتﺼاصاتﻪ ﳛقﻖ ضما ً أكﱪ لﻸفراد‪ ،‬إذ ﻻ ﺳلطان لﻺدارة ﻋليﻪ‪ ،‬وهو ﻻ ﳜﻀﻊ إﻻ ﳊكم‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫التﻨﻈﻴﻢ القضاﺋﻲ ﰲ القانﻮن اﻻﳒلﻴﺰي ‪ :‬وﺟﺪت ﰲ بريطانيا اﶈاكم اﳌلكية الﱵ كانت تطﺒﻖ ﻗواﻋﺪ‬
‫القانون العام أو اﳌﺸﱰك أو الكومن لو إﱃ ﺟانﺐ ﳏاكم اﳌستﺸار الﱵ كانت تطﺒﻖ ﻗواﻋﺪ العﺪالة ‪،‬‬
‫وكان ﶈاكم اﳌستﺸار اﺧتﺼاص أوﺳﻊ من اﶈاكم اﳌلكية ‪ ،‬إذ كان ﳍا ﺣﻖ وﻗف تنفيذ أﺣكام اﶈاكم‬
‫اﳌلكية إذا ﻻﺣﻆ أ ا ﳐالفة لقواﻋﺪ العﺪالة‪ ،‬إﱃ أن ﰎ توﺣيﺪ القﻀاء الﱪيطاﱐ ﲟوﺟﺐ القانون القﻀائي‬
‫اﳉﺪيﺪ ﺳنة ‪ 1875‬وﰎ تعﺪيلﻪ ﺳنة ‪ ، 1971‬ﺣيﺚ أصﺒﺢ القﻀاء مقسما ﻋلﻰ الﺸكﻞ التاﱄ‪:‬‬
‫أوﻻ‪:‬اﶈﻜمﺔ الﻌلﻴا للقضاء‪ :‬تنقسم إﱃ ﺛﻼث ﳏاكم إﱃ‪ :‬ﳏكمة العﺪل العليا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﳏكمة التاج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫ﳏكمة اﻻﺳتﺌناف‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ﳏﻜمﺔ الﻌﺪل الﻌلﻴا‪:‬تفﺼﻞ ﰲ ﲨيﻊ القﻀا ‪،‬فهي ﻏﲑ ﳏﺪودة اﻻﺧتﺼاص‪،‬تتكون من ﺛﻼﺛة فروع‪:‬‬
‫الﻔرع اﻷول‪ :‬ﻗسم منﺼة اﳌلك‪ ،‬ينقسم بﺪوره إﱃ ﳏكمتﲔ‪ :‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اﶈكمة اﻷمﲑالية ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اﶈكمة التﺠارية‪.‬‬
‫الﻔرع الﺜاﱐ‪ :‬ﻗسم اﳌستﺸارين‪ :‬ينقسم إﱃ ﳏكمتﲔ‪ :‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﳏكمة الﺸركات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﳏكمة اﻹفﻼس ‪.‬‬
‫الﻔرع الﺜالﺚ‪ :‬ﻗسم اﻷﺣوال الﺸﺨﺼية‪ ،‬ﳐتﺺ لفﺼﻞ ﰲ اﳌنازﻋات اﳌتعلقة ﻷﺳرة‪ ،‬وتفﺼﻞ ﰲ‬
‫الﺪﻋاوى بقاض واﺣﺪ‪ ،‬وﻋنﺪ اﳊاﺟة يساﻋﺪه هيﺌة من اﶈلفﲔ‪ ،‬وتستﺄنف أﺣكامها أمام ﳏكمة‬
‫اﻻﺳتﺌناف ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ﳏﻜمﺔ التاج‪:‬أنﺸﺌت بتعﺪيﻞ ﺳنة ‪ ،1979‬ﲣتﺺ لفﺼﻞ ﰲ اﳌنازﻋات اﳉنائية بقاض واﺣﺪ‪،‬‬
‫ﲟساﻋﺪة هيﺌة من اﶈلفﲔ ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ﳏﻜمﺔ اﻻﺳتﺌﻨاف‪ :‬وهي الﺪرﺟة الﺜانية‪ ،‬تنظر ﰲ اﻻﺳتﺌنافات اﳌرفوﻋة إليها من اﶈاكم الﺪنيا‬
‫وﳏكمة العﺪل العليا ‪ ،‬تتﺸكﻞ من هيﺌة مﺸكلة من رئيﺲ وﻗاضيﲔ ﳐتلفﲔ دون مﺸاركة هيﺌة اﶈلفﲔ‪،‬‬
‫وتتﺨذ ﻗرارا ا ﻷﻏلﺒية وإذا ﱂ تتﺤقﻖ يرفﺾ اﻻﺳتﺌناف‪ ،‬ويطعن ﰲ أﺣكام هذه اﶈكمة أمام اﳍيﺌة العليا‬
‫الﱵ هي اللﺠنة اﻻﺳتﺌنافية للمﺤكمة العليا ‪.‬‬
‫اﶈاﻛﻢ اﻻﺑتﺪاﺋﻴﺔ‪ :‬تفﺼﻞ ﰲ ﲨيﻊ اﳌواد‪ ،‬وتُستﺄنف أﺣكام اﳌواد اﳌﺪنية والتﺠارية أمام ﳏكمة اﻻﺳتﺌناف‬
‫مﺒاشرة ‪ ،‬أما اﻷﺣكام اﳉنائية فتُستﺄنف أمام ﳏكمة التاج‪ ،‬إضافة إﱃ وﺟود ﳏاكم شﺒﻪ ﻗﻀائية وﳉان‬
‫تفﺼﻞ ﰲ اﻷﺣكام اﻹدارية ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫نﻴا‪ :‬ﳉﻨﺔ الﻄﻌﻦ الﻌلﻴا لس اللﻮردات‪:‬‬
‫وهو أﻋلﻰ درﺟة ﰲ القﻀاء‪ ،‬ﲣتﺺ لفﺼﻞ ﰲ الطعون اﳌرفوﻋة إليﻪ ضﺪ اﻷﺣكام الﺼادرة ﻋن ﳏكمة‬
‫اﻻﺳتﺌناف‪ ،‬وﰲ ﺣالة اﺳتﺜنائية ضﺪ أﺣكام ﳏكمة العﺪل العليا وﳏكمة التاج‪ ،‬وهذه وظيفة ﻗﻀائية‬
‫لﺲ اللوردات إﱃ ﺟانﺐ وظائفﻪ التﺸريعية ‪.‬‬
‫لﺜا‪ :‬ﳏاﻛﻢ الﺼلﺢ‪ :‬تفﺼﻞ ﰲ القﻀا اﳉﺰائية بواﺳطة مواﻃنﲔ ﻋاديﲔ يطلﻖ ﻋليهم ﻗﻀاة الﺼلﺢ ‪،‬‬
‫ﺣيﺚ يتوﱃ القﻀاة مهمة الﺒﺤﺚ ﻋن أدلة اﻻ ام ضﺪ اﳌتهم‪ ،‬وﰲ ﺣالة ﺣﺼوﳍم ﻋلﻰ ذلك يقﺪم‬
‫اﳌذنﺐ اﳌرتكﺐ ﳉرائم ﺧطﲑة أمام ﳏكمة التاج‪ ،‬إﻻ أن اﳌتهم ﻗﺪ يفﻀﻞ أن ﳛاكم أمام ﻗﻀاة الﺼلﺢ‬
‫بﺸرط اﻋﱰافﻪ لذنﺐ‪ ،‬وذلك كي يﻀمن لنفسﻪ ﻋقوبة ﳐففة ‪ ،‬وتستﺄنف أﺣكام ﳏكمة الﺼلﺢ أمام‬
‫ﳏكمة التاج ‪.‬‬
‫ﻣﺼادر القانﻮن ﰲ الﻨﻈام القانﻮﱐ اﻻﳒلﻴﺰي‪:‬‬
‫اﳌﺼﺪر اﻷﺳاس للقانون ﰲ هذا النظام هو القﻀاء‪ ،‬ﰒ يليﻪ التﺸريﻊ ﰒ العرف ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ القضاء أو الساﺑقﺔ القضاﺋﻴﺔ‪ :‬يعتﱪ القﻀاء أو السابقة القﻀائية ﰲ هذا النظام اﳌﺼﺪر اﻷﺳاس‬
‫للقانون‪ ،‬فاﻷﺣكام الﱵ تﺼﺪر من اﳍيﺌات القﻀائية العليا تﺸكﻞ ﺳوابﻖ ﻗﻀائية‪ ،‬ﲡمﻊ ﰲ تقنينات أو‬
‫ﳎموﻋات وتﺼﺒﺢ ملﺰمة للﺤكم ﰲ القﻀا الﻼﺣقة للمﺤكمة ذا ا ﰲ القﻀا اﳌماﺛلة واﶈاكم اﻷﺧرى‬
‫أﻗﻞ درﺟة‪ ،‬فﺪور القاضي ﰲ هذا النظام ﻻ يقتﺼر ﻋلﻰ تطﺒيﻖ القانون‪ ،‬وتﺼﺪر اﻷﺣكام ﰲ شكﻞ‬
‫منطوق مطول دون التقيﺪ بتسﺒيﺐ اﳊكم‪ ،‬ﻷن ذلك يعتﱪ مساﺳا بكرامة القاضي ‪ ،‬فالقاضي ﰲ القانون‬
‫الﱪيطاﱐ ﻋنﺪما ينطﻖ ﳊكم ﻻيتﺒﻊ ﻗاﻋﺪة ﻋرض اﻷﺳﺒاب وإﳕا يقوم بوضﻊ مايعرف " ﲝكمة القرار "‬
‫أي السﺒﺐ اﳌنطقي الذي اﺳتنﺪ إليﻪ ﰲ ﺣكمﻪ‪ ،‬ويعتﱪ ﲟﺜابة ﻗاﻋﺪة ﻗانونية تﺸكﻞ السابقة القﻀائية ‪.‬‬
‫‪-2‬التﺸريﻊ‪ :‬يعتﱪ التﺸريﻊ ﰲ بريطانيا اﳌﺼﺪر الﺜاﱐ بعﺪ القﻀاء ‪ ،‬ويعرف التﺸريﻊ لقانون الﱪﳌاﱐ‬
‫لتمييﺰه ﻋن القانون اﳌﺸﱰك ) الكومن لو (‪ ،‬ولﻪ صﻼﺣيات واﺳعة فيمكنﻪ ﺣﱴ تغيﲑ القواﻋﺪ الﺪﺳتورية‪،‬‬
‫وﻗﺪ ظهر بﱪيطانيا ﰲ اﻵونة اﻷﺧﲑة اهتمام متﺰايﺪ صﺪار نﺼوص تﺸريعية برﳌانية أو ﻋن ﻃرق‬

‫‪27‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫التفويﺾ‪ ،‬ويﻌﻮد ذلﻚ لﻸﺳﺒاب التالﻴﺔ‪:‬‬
‫ـ ـ ـ ـ انﻀمام بريطانيا إﱃ اﻻﲢاد اﻷورﰊ‪ ،‬اﻷمر الذي ﳛتم ﻋليها إصﺪار تﺸريعات تتﺠانﺲ مﻊ تﺸريعات‬
‫الﺪول اﻷﺧرى ﰲ اﻻﲢاد ‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ـ دﺧول بريطانيا ﰲ التنظيم اﻻﻗتﺼادي ‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ﲤيﺰ التﺸريﻊ الﱪيطاﱐ بعﺪم وﺟود دﺳتور مكتوب‪ ،‬لكن ﻻ ينفي وﺟود نﺼوص دﺳتورية مكتوبة تتمﺜﻞ‬
‫أﺳاﺳا ﰲ " اﳌيﺜاق الكﺒﲑ " الذي يعﺪ أﺳاس نظام اﳊكم ﰲ بريطانيا الﺼادر ﺳنة ‪ ،1215‬وﻗانون‬
‫الﱪﳌان الﺼادر ﺳنة ‪ ،1911‬واﳌعﺪل واﳌتمم بقانون ‪. 1949‬‬
‫نﻴا‪ :‬القانﻮن اﻷﻣريﻜﻲ‪:‬‬
‫يﺸﱰك القانون اﻷمريكي مﻊ القانون الﱪيطاﱐ ﰲ اﳌﺒادئ العامة‪ ،‬وﳜتلف معﻪ ﰲ ﺟوانﺐ أﺧرى نظرا‬
‫للﺨﺼائﺺ الذاتية للقانون اﻷمريكي ‪.‬‬
‫ﺧﺼاﺋﺺ القانﻮن اﻷﻣريﻜﻲ‪:‬يتميﺰ القانون اﻷمريكي ﲞﺼائﺺ ذاتية ﲡة ﻋن تﺒاين النظام السياﺳي‪،‬‬
‫والﺒنية اﳍيكلية اﻻﲢادية للوﻻ ت اﳌتﺤﺪة اﻷمريكية‪ ،‬وهذه اﳋﺼائﺺ هي‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻻزدواﺟية ‪ :‬من ﺧﺼائﺺ القانون اﻷمريكي اﻻزدواﺟية‪ ،‬أي ﻗانون فﺪراﱄ‪ ،‬وﻗانون ﺧاص بكﻞ‬
‫وﻻية‪ ،‬ﻷن ﰲ الوﻻ ت ﺳلطة إصﺪار القوانﲔ ‪.‬‬
‫‪ -2‬يعتمﺪ النظام اﻷمريكي ﻋﻞ دﺳتور مكتوب‪ ،‬وﻋلﻰ نظام رﻗابة اﶈاكم ﻋلﻰ دﺳتورية القوانﲔ ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﳎال تطﺒيﻖ مﺒادئ العﺪالة ﰲ القانون اﻷمريكي ﳏﺼور ﺟﺪا ‪.‬‬
‫الﺒﻨﻴﺔ القانﻮنﻴﺔ للﻨﻈام القانﻮﱐ اﻷﻣريﻜﻲ‪:‬‬
‫ينﺤﺪر ا تمﻊ اﻷمريكي من شعوب ﳐتلفة ‪ ،‬ﳑا أدى إﱃ ازدواﺟية للهياكﻞ القانونية‪ ،‬نظرا للطابﻊ‬
‫الفﺪراﱄ للﺪولة‪ ،‬ﺣيﺚ تﺼﺪر تﺸريعات ﰲ الوﻻ ت اﳌتﺤﺪة من ﺳلطتﲔ ‪:‬‬
‫اﻷوﱃ‪ :‬ﺳلطة اﻻﲢاد ‪.‬‬
‫الﺜانية‪ :‬ﺳلطة الوﻻ ت ‪.‬‬
‫وهذا مانتﺞ ﻋنﻪ اﺧتﻼف النﺼوص القانونية واﳊلول القﻀائية ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ﻣﺼادر القانﻮن اﻷﻣريﻜﻲ‪:‬‬
‫تعتمﺪ الوﻻ ت اﳌتﺤﺪة ﻋلﻰ مﺼﺪرين هامﲔ ﳘا‪ :‬القﻀاء والتﺸريﻊ ‪.‬‬
‫‪ -1‬القضاء‪:‬‬
‫أ‪ -‬التﻨﻈﻴﻢ القضاﺋﻲ ﰲ الﻮﻻ ت اﳌتﺤﺪة‪ :‬يتكون من ﳎموﻋتﲔ من اﶈاكم‪ - :‬ﳏاكم اﲢادية – ﳏاكم‬
‫ﻋلﻰ مستوى الوﻻ ت ‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬ﳏاﻛﻢ اﻻﲢاد‪ :‬تتكون من – ﳏاكم دﺳتورية – ﳏاكم اﻻﺳتﺌناف – اﶈكمة الﺪﺳتورية العليا ‪.‬‬
‫‪ -1‬اﶈاﻛﻢ الﺪﺳتﻮريﺔ‪ :‬أنﺸﺌت ﲟقتﻀﻰ نﺺ دﺳتوري مقسمة ﻋلﻰ اﳌقاﻃعات‪ ،‬ﻋﺪدها يتغﲑ من وﻻية‬
‫إﱃ أﺧرى‪ ،‬يﺒلﻎ ﻋﺪدها اﻹﲨاﱄ ‪ 100‬ﳏكمة‪ ،‬تﻀم ‪ 400‬ﻗاضيا‪ ،‬يتكون بعﻀها من أﻗسام تﻀم ‪20‬‬
‫ﻗاضيا ‪ ،‬يفﺼﻞ ﰲ النﺰاع ﻗاض فرد ﲟساﻋﺪة موظف يتوﱃ ﲢﻀﲑ اﳌلف والقيام ﻹﺟراءات ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﳏاﻛﻢ اﻻﺳتﺌﻨاف‪ :‬أنﺸﺌت ﺳنة ‪ ،1891‬ﺪف التﺨفيف من أﻋﺒاء اﶈكمة الﺪﺳتورية العليا‪،‬‬
‫ﻋﺪدها ‪ ، 11‬اﲣذت مقرا ﳍا ﰲ الوﻻ ت الكﱪى‪ ،‬تﻀم ﺣواﱄ ‪ 80‬ﻗاضيا‪ ،‬تفﺼﻞ ﰲ القﻀا اﳌرفوﻋة‬
‫أمامها وفقا ﳌﺒﺪأ القﻀاء اﳉماﻋي بﺜﻼث ﻗﻀاة‬
‫‪ -3‬اﶈﻜمﺔ الﺪﺳتﻮريﺔ الﻌلﻴا‪ :‬يقﻊ مقرها ﰲ واشنطن‪ ،‬تتﺄلف من رئيﺲ وﲦانية أﻋﻀاء‪ ،‬تتمتﻊ‬
‫بﺼﻼﺣيات واﺳعة‪ ،‬ﺣيﺚ تفﺼﻞ ﰲ اﻻﺳتﺌناف اﳌرفوع إليها ضﺪ أﺣكام اﶈاكم الﺪﺳتورية‪ ،‬ماﻋﺪا‬
‫اﻻﺳتﺌنافات اﳌمنوﺣة ﶈاكم اﻻﺳتﺌناف‪ ،‬وتفﺼﻞ ﰲ ﻗﻀا أﺧرى كمﺤكمة أول درﺟة ‪.‬‬
‫‪ -‬اﺧتﺼاص اﶈﻜمﺔ الﺪﺳتﻮريﺔ الﻌلﻴا ﻛﺠﻬﺔ اﺳتﺌﻨاف‪ :‬تنظر ﰲ ﲨيﻊ القﻀا الﱵ ترفﻊ إليها ضﺪ‬
‫اﻷﺣكام الﺼادرة ﻋن اﶈاكم الﺪﺳتورية‪ ،‬وﻋن اﶈاكم العليا للوﻻ ت ﰲ ﻗرارات اللﺠان اﻹدارية ﻋلﻰ‬
‫مستوى اﻻﲢاد ‪.‬‬
‫‪ -‬اﺧتﺼاص اﶈﻜمﺔ الﺪﺳتﻮريﺔ الﻌلﻴا ﻛﺠﻬﺔ أول درﺟﺔ‪:‬ﲣتﺺ كﺄول وآﺧر درﺟة لفﺼﻞ ﰲ‬
‫القﻀا التالية‪ - :‬القﻀا اﳌرفوﻋة ﻷول مرة ضﺪ السفراء والوزراء واﳌمﺜلﲔ الﺪبلوماﺳيﲔ ‪.‬‬
‫‪ -‬القﻀا الﱵ يكون أﺣﺪ أﻃرافها أﺟنﺒيا ‪.‬‬
‫‪ -‬القﻀا اﳌرفوﻋة من وﻻية ضﺪ وﻻية أﺧرى ‪.‬‬
‫‪ -‬القﻀا اﳌرفوﻋة من مواﻃن وﻻية ضﺪ مواﻃن من وﻻية أﺧرى ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫وللمﺤكمة ﺳلطة تقﺪيرية واﺳعة ﰲ ﻗﺒول الﺪﻋوى أو رفﻀها ‪ ،‬وﰲ ﺣالة ﻗﺒول الﺪﻋوى ﳝكنها أن توافﻖ‬
‫ﻋلﻰ اﳊكم ﲜميﻊ مﺸتمﻼتﻪ‪ ،‬كما ﳝكنها إدﺧال تعﺪيﻼت تراها مناﺳﺒة‪ ،‬وإذا ﻗﻀت ﰲ النﺰاع كﺄول‬
‫درﺟة تستنﺪ إﱃ السوابﻖ القﻀائية وﻗواﻋﺪ العﺪالة ‪.‬‬
‫نﻴا‪ :‬ﳏاﻛﻢ الﻮﻻ ت‪:‬ﲣتﺺ لفﺼﻞ ﰲ ﲨيﻊ اﳌنازﻋات الﱵ ﲣرج ﻋن اﺧتﺼاص اﶈاكم اﻻﲢادية‪،‬‬
‫وتﺒقﻰ أﺣكام ﳏاكم الوﻻ ت ﻗابلة للطعن فيها أمام اﶈكمة العليا اﻻﲢادية أو اﶈكمة الﺪﺳتورية العليا‪،‬‬
‫وتتكون ﳏاكم الوﻻ ت من‪:‬‬
‫‪ -‬ﳏاكم اﳌقاﻃعات‪ :‬أو ﳏاكم الﺼلﺢ وهي ﳏاكم أول درﺟة ‪ ،‬تفﺼﻞ ﰲ النﺰاع بقاض منفرد ‪.‬‬
‫– ﳏكمة اﻻﺳتﺌناف ‪ -‬اﶈكمة العليا للوﻻية ‪ :‬وكﻼﳘا يفﺼﻞ ﰲ النﺰاع لقﻀاء اﳉماﻋي‪ ،‬وﻗﺪ تستعﲔ‬
‫يﺌة من اﶈلفﲔ‪ ،‬إذا ﻃلﺐ اﳉاﱐ أو اﳌﺪﻋي ذلك ‪.‬‬
‫ب – السﻮاﺑﻖ القضاﺋﻴﺔ‪ :‬السابقة القﻀائية هي اﳊكم الﺼادر ﻋن القاضي الذي ﻋليﻪ أن ﳚﺪ ﺣﻼ‬
‫ﻋادﻻ لكﻞ نﺰاع يعرض ﻋليﻪ‪ ،‬ﺳواء للﺠوء إﱃ أﺣكام ﻗﻀائية ﺳابقة أو ﻻﺟتهاد ﻻﺳتناد إﱃ مﺒادئ‬
‫العﺪالة واﻹنﺼاف ‪ ،‬ونظرا ﻻزدواﺟية القوانﲔ وتعﺪد اﶈاكم ‪ ،‬ومرونة تفسﲑ اﻷﺣكام الﺪﺳتورية‪ ،‬فإن‬
‫السابقة القﻀائية أصﺒﺤت تتميﺰ ﳌرونة ﳑا ﺟعﻞ اﺳتقرار السابقة القﻀائية أمرا صعﺒا ﰲ كﺜﲑ من‬
‫اﻷﺣيان ‪ ،‬لذلك كان ﻋلﻰ القاضي اﻷمريكي تسﺒيﺐ اﳊكم‪ ،‬أي ذكر اﻻﻋتﺒارات الﱵ ﺟعلتﻪ ﺧذ‬
‫بسابقة معينة دون اﻷﺧرى‪ ،‬أو اﻻﻋتﺒارات الﱵ دفعتﻪ إﱃ إنﺸاء ﺳابقة ﺟﺪيﺪة ‪.‬‬
‫‪ – 2‬التﺸريﻊ‪ :‬يتمﺜﻞ التﺸريﻊ اﻷﺳاﺳي للوﻻ ت اﳌتﺤﺪة اﻷمريكية ﰲ الﺪﺳتور‪ ،‬وتليﻪ القوانﲔ الﺼادرة‬
‫ﻋن الﱪﳌان ) اﻻﲢاد أو الكونغرس (‪ ،‬والقوانﲔ الﺼادرة ﻋن السلطة التﺸريعية ﰲ الوﻻية‪ ،‬ﺣيﺚ ﳛتﻞ‬
‫الﺪﺳتور ﻗمة هرم التﺸريﻊ وهو القانون اﻷﺳاﺳي لﻼﲢاد والذي يعﱪ ﻋن رﻏﺒة الﺸعوب اﻷمريكية ﰲ‬
‫إنﺸاء اﲢاد متكامﻞ ﳛقﻖ العﺪالة واﻻﺳتقرار لكﻞ اﻷﺟيال ‪.‬‬
‫ﳛظﻰ دﺳتور الوﻻ ت اﳌتﺤﺪة اﻷمريكية ﺣﱰام من ﲨيﻊ اﳌﺆﺳسات‪ ،‬ﻷنﻪ ﳝﺜﻞ العهﺪ اﻻﺟتماﻋي الذي‬
‫يقرر اﳊقوق والواﺟﺒات لﻸفراد‪،‬ويرﺳم مﻼمﺢ ﺣكم فيﺪراﱄ تتوزع فيﻪ الﺼﻼﺣيات بﲔ أﺟهﺰة الوﻻ ت‬
‫اﳌتﺤﺪة واﻷﺟهﺰة اﳌركﺰية لﻼﲢاد ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫يتﺄلف دﺳتور الوﻻ ت اﳌتﺤﺪة من مقﺪمة وﺳﺒﻊ مواد أدﺧلت ﻋليﻪ ﻋﺪة تعﺪيﻼت‪ ،‬ويتميﺰ بﺜﻼث‬
‫ﺧﺼائﺺ أﺳاﺳية‪:‬‬
‫‪ -1‬دﺳتور مكتوب كرس اﳌﺒادئ العامة ﳊقوق اﳌواﻃن والعﻼﻗة بﲔ اﳊاكم واﶈكوم‪ ،‬وﺟاءت‬
‫صياﻏتﻪ ﻋامة مقررا للمﺒادئ واﻷﺣﺪاث العامة ركا التفﺼيﻼت ﻻﺟتهادات القﻀاء والتﺸريﻊ ‪.‬‬
‫‪ -2‬دﺳتور مرن ﰲ تفسﲑه‪ ،‬ﺟامﺪ ﰲ تعﺪيلﻪ‪ ،‬للقﻀاء ﺳلطة واﺳعة ﰲ تفسﲑ الﺪﺳتور‪ ،‬لكن تعﺪيﻞ‬
‫الﺪﺳتور اشﱰط اﳌﺸرع إﺟراءات ﺧاصة ‪.‬‬
‫‪ -3‬تطﺒيﻖ مﺒﺪأ الرﻗابة ﻋلﻰ دﺳتورية القوانﲔ‪ ،‬ﱂ ينﺺ الﺪﺳتور اﻷمريكي مﺒﺪأ رﻗابة القﻀاء ﻋلﻰ‬
‫دﺳتورية القوانﲔ‪ ،‬إﻻ أن اﶈكمة العليا هي الﱵ أﻗرت وﻗررت أن النظر ﰲ مﺪى دﺳتورية‬
‫القوانﲔ للﺪﺳتور يﺪﺧﻞ ضمن اﺧتﺼاصها ‪ ،‬وﳚوز لﻸفراد العاديﲔ واﳍيﺌات الرﲰية تقﺪﱘ ﻃلﺐ‬
‫الطعن ﰲ دﺳتورية القوانﲔ‪ ،‬ﺣيﺚ تتلقﻰ اﶈكمة الﺪﺳتورية العليا ﺣواﱄ ‪ 5000‬ﻃعنا ﺳنو‬
‫ﻹلغاء القوانﲔ الﺼادرة ﻋن ﺳلطة اﻻﲢاد أو الوﻻ ت ﻋن ﻋﺪم دﺳتوريتها ‪.‬‬
‫ﻣﺼادر القانﻮن ﰲ الﻨﻈام اﻷﳒلﻮﺳاﻛسﻮﱐ‬
‫القضاء‪ :‬ﳛتﻞ القﻀاء اﳌرتﺒة اﻷوﱃ‪ ،‬ويليﻪ التﺸريﻊ ‪ ،‬وﰲ اﳌرتﺒة اﻷﺧﲑة العرف والفقﻪ ‪.‬‬
‫ويتميﺰ التنظيم القﻀائي ﰲ الﺪول الﱵ تنتهﺞ هذا النظام بوﺟود ﻗﻀاء ﻋاﱄ‪ ،‬وﻗﻀاء أﺳفﻞ ‪ ،‬وأﺣكام‬
‫القﻀاء العاﱄ هي الﱵ تﺸكﻞ السوابﻖ القﻀائية اﳌلﺰمة‪ ،‬أما ﻗرارات القﻀاء اﻷدﱏ فهي تﺆﺛر ﻋلﻰ‬
‫ﺳﲑ القﻀا الﻼﺣقة لكن تتمتﻊ لﺼفة اﻹلﺰامية‪ ،‬واﳌلﺰم ﰲ القرار هو ﺣكمة القرار‪ ،‬والقاضي هو‬
‫الذي يكﺸف ﻋن اﳊكمة ‪ ،‬وتنﺸر السوابﻖ القﻀائية ﰲ ﳎموﻋات ﺧاصة ‪.‬‬
‫التﺸريﻊ‪ :‬أما التﺸريﻊ فهو ﳛتﻞ اﳌرتﺒة الﺜانية‪ ،‬وهو يكمﻞ الﺒنية القانونية اﳌتكونة أﺳاﺳا من القﻀاء ‪،‬‬
‫ويتﻀمن التﺸريﻊ اﻷﺳاﺳي ) الﺪﺳتور ( ﺳواء كان مكتو أو ﻋرفيا‪ ،‬كما يتﻀمن التﺸريﻊ العادي ‪،‬‬
‫ووظيفة التﺸريﻊ ﲪاية اﳊقوق اﻷﺳاﺳية واﳊﺪ من تعسف السلطات‪ ،‬وﻻ ﺧذ التﺸريﻊ الﺼفة اﳌلﺰمة‬
‫إﻻ بعﺪ تطﺒيقﻪ من ﻃرف القﻀاة‬
‫وﻗﺪ ازدادت أﳘية التﺸريﻊ ﰲ اﻵونة اﻷﺧﲑة نظرا لعﺪم مﻼءمة اﻷﺳلوب التقليﺪي اﳌتﺼﻞ ﰲ إنﺸاء‬
‫القواﻋﺪ القانونية من ﻃرف القﻀاء ﳌتطلﺒات اﳊياة اﻻﻗتﺼادية الﱵ تتميﺰ لسرﻋة لكن هذا التطور‬
‫‪31‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫يﺒقﻰ ﳏﺪودا‪ ،‬ويﺒقﻰ ﻗانون هذه العائلة ﻗﻀائيا أصﻼ‪ ،‬ﻷن القوانﲔ التﺸريعية مﻊ أﳘيتها تﺒقﻰ مرهونة‬
‫بتﺪﺧﻞ القﻀاء ﰲ تطﺒيقها ‪ ،‬كما أن الﺪﻋوة القﻀائية يسيطر ﻋليها القاضي‪ ،‬وﻻ توﺟﺪ ﺟرائﺪ رﲰية‬
‫ﰲ هذا النظام ‪.‬‬
‫الﻌرف‪ :‬مﺼﺪر نوي‪ ،‬وﻗﺪ لعﺐ دورا هاما ﰲ تكوين ﻗواﻋﺪ الكومن لو‪ ،‬وﻻ يكتسﺐ العرف القوة‬
‫القانونية إﻻ ﰲ ﺣالة تكريسﻪ ﻗﻀائيا أو تﺸريعيا ‪.‬‬
‫أﻣا الﻔقﻪ‪ :‬فهو مﺼﺪر نوي أيﻀا‪ ،‬يستعان بﻪ ﰲ إنﺸاء ﺳوابﻖ ﻗﻀائية ﺟﺪيﺪة‪ ،‬ويتكون من‬
‫مﺆلفات الفقهاء‪ ،‬ومن اﻷﺣكام القﻀائية الﱵ ﻻ تﺸكﻞ ﺳوابﻖ ﻗﻀائية ملﺰمة ‪.‬‬
‫ﺛﲑ الﻔقﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋلﻰ ﺗﻜﻮيﻦ القانﻮن اﻹﳒلﻴﺰي‬

‫كﻞ من درس القانون اﳌقارن يعرف أن هناك كﺜﲑاً من أوﺟﻪ الﺸﺒﻪ بﲔ ﻗواﻋﺪ الفقﻪ اﻹﺳﻼمي وﻗواﻋﺪ‬
‫النظام القانوﱐ اﻷﳒلو أمريكي اﳌعروف ) لقانون العمومي( ‪ .(Common Law‬إﻻ أن هناك‬
‫بعﺾ الﺪراﺳات اﳉﺪيﺪة ذهﺒت إﱃ أبعﺪ من ذلك‪ ،‬وبﺪأت تﱪهن ﻋلﻰ أن القانون اﻹﳒليﺰي ﻗﺪ ﺛر ﰲ‬
‫فﱰة تكوينﻪ ﰲ القرن الﺜاﱐ ﻋﺸر بﺒعﺾ ﻗواﻋﺪ الفقﻪ اﻹﺳﻼمي‪ ،‬وﺧاصة لنسﺒة لنظرية العقﺪ ودﻋوى‬
‫اﻻﺳتﺤقاق اﳋاصة ﲝماية اﳊيازة واﳌلكية ‪ ،‬وأن النظام القائم ﻋلﻰ السوابﻖ القﻀائية وﲢليﻞ الوﻗائﻊ‬
‫ليﺲ إﻻ تطﺒيقاً لنظم الفتوى وﻗواﻋﺪ اﳉﺪل واﳌناظرات وأﺳاليﺐ أصول الفقﻪ اﻹﺳﻼمي‪.‬‬
‫والكﺜﲑ من ﻗواﻋﺪ القانون اﻹﳒليﺰي ظهرت ﰲ القرنﲔ الﺜاﱐ ﻋﺸر والﺜالﺚ ﻋﺸر أﺛناء ﺣكم هنري الﺜاﱐ‬
‫) ‪ (1189- 1154‬وﻻ ﳝكن إرﺟاﻋها إﱃ القانون الكنسي وﻻ إﱃ القانون الروماﱐ‪ ،‬وﳒﺪها ﰲ فﱰة‬
‫اﺣتﻼل النورمان اﳌتﺰامن ﳉﺰيرة صقلية ﰲ ﺟنوب إيطاليا ﰲ ‪1061‬م واﳉﺰيرة الﱪيطانية ﰲ ‪1066‬م‪،‬‬
‫ﺣيﺚ وﺟﺪ النورمان ﰲ صقلية ﺣﻀارة إﺳﻼمية مﺰدهرة تطﺒﻖ فيها ﻗواﻋﺪ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية و ﺛروا ا‬
‫وانتقلت إﱃ إﳒلﱰا ﰲ الفﱰة الﱵ كان القانون اﻹﳒليﺰي الـ )‪ (Common Law‬ﰲ فﱰة التكوين‪.‬‬
‫وكان وﺟود الفقهاء ﰲ صقلية واﺳتمرار تطﺒيﻖ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﻋلﻰ اﳌسلمﲔ ا مناﺳﺒةً للتعرف ﻋلﻰ‬
‫ﺣﻀارة اﳌسلمﲔ والتﺤقﻖ من مﻼءمة ﻗواﻋﺪ الفقﻪ اﻹﺳﻼمي ﰲ تسيﲑ أمور الﺪولة وتنظيم اﳌعامﻼت‬
‫بﲔ اﻷفراد‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬

‫وﻣﻦ الﻨﻈر ت الﱵ اﺳتﻌارﻫا القانﻮن اﻹﳒلﻴﺰي ﻣﻦ الﻔقﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬


‫‪- 1‬نﻈريﺔ الﻌقﺪ الﻨاﻗﻞ للملﻜﻴﺔ ‪Writ of debt‬‬
‫العقﺪ لﺪى الفقﻪ اﻹﺳﻼمي ينقﻞ اﳌلكية بﲔ اﳌتعاﻗﺪين ﲝكم القانون والﺸرع ﲟﺠرد تﺒادل اﻹﳚاب‬
‫والقﺒول‪ ،‬وهذا هو ﺣكم العقﺪ بتعﺒﲑ الفقهاء‪ ،‬أما ﺣقوق العقﺪ فهي آ ره بﲔ اﳌتعاﻗﺪين‪ ،‬فﺒالنسﺒة‬
‫لعقﺪ الﺒيﻊ يلتﺰم اﳌﺸﱰي بﺪفﻊ الﺜمن ويلتﺰم الﺒائﻊ بتسليم اﳌﺒيﻊ ‪ ،‬وﻗﺪ وصﻞ القانون اﻹﳒليﺰي ﰲ ﻋهﺪ‬
‫هنري الﺜاﱐ ‪ -‬الذي يعتﱪ ﲝﻖ بﺪاية تكوين الـ ‪ - Common Law‬إﱃ هذه النتيﺠة‬
‫فاﳌلكية ﰲ القانون الروماﱐ وﰲ القانون اﻷﳒلوﺳكسوﱐ ﻗﺒﻞ الغﺰو النورمانﺪي ﻻ تنتقﻞ ﲟﺠرد تﺒادل‬
‫اﻹﳚاب والقﺒول‪ ،‬ﻋلﻰ ﻋكﺲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية الذي يﱰتﺐ ﻋلﻰ اﻹﳚاب والقﺒول نقﻞ اﳌلكية مﺒاشرة‬
‫‪ ،‬ويﱰتﺐ ﻋلﻰ ذلك أنﻪ إذا هلك الﺸيء اﳌﺒيﻊ ﻗﺒﻞ التسليم فإنﻪ يهلك ﻋلﻰ مسﺆولية الﺒائﻊ ‪ ،‬وﳚﺐ‬
‫ﻋليﻪ أن يرد الﺜمن إذا كان ﻗﺪ ﻗﺒﻀﻪ إﱃ اﳌﺸﱰي‪.‬‬
‫‪ -2‬أحﻜام اﻻﺳتﺤقاق اﻹﺳﻼﻣﻲ ودﻋﻮى ﲢقﻴﻖ اﺳتﻼب اﳊﻴازة ‪ :‬فالفقﻪ اﳌالكي يعتﱪ اﳊيازة ﻗرينة‬
‫ﻋلﻰ اﳌلكية‪ ،‬وأن اﳌالك الذي اﺳتلﺒت منﻪ اﳊيازة لﻪ اﳊﻖ ﰲ اﺳتعادة ﺣيازتﻪ ‪.‬‬
‫وﱂ تعرف إﳒلﱰا ﰲ الفﱰة السابقة ﻋلﻰ الغﺰو النورمانﺪي نظام دﻋوى اﺳتﻼب اﳊيازة ‪ ،‬وﻋرفت ﰲ أ م‬
‫اﳌلك هنري الﺜاﱐ ‪ -‬الذي يعتﱪ ﻋهﺪه بﺪاية تكوين القانون اﻹﳒليﺰي ﰲ القرن الﺜاﱐ ﻋﺸر ‪. -‬‬
‫وهذه الﺪﻋوى ﱂ تعرفها أنظمة القانون الروماﱐ أو القانون الكنسي والقانون اﻷﳒلوﺳكسوﱐ السابﻖ‬
‫ﻋلﻰ العهﺪ النورماﱐ ‪.‬‬
‫ويﺸﲑ اﳌﺆرﺧون إﱃ أن اﳌلك هنري الﺜاﱐ هو الذي أدﺧﻞ دﻋوى ﲢقيﻖ اﺳتﻼب اﳊيازة ﰲ الفﱰة بﲔ‬
‫‪ 1155‬و‪1166‬م ﺣﱴ يسمﺢ للمالكﲔ الذين نﺰﻋت ﺣياز م ﻗهرا وﻗسرا وبﺪون رضاهم من اﺳتعادة‬
‫ما ﳝلكون ‪.‬‬
‫‪ -3‬إلﻐاء نﻈام اﻹﺛﺒات لتﻌذيب لﻨار واﳌاء اﳌﻐلﻲ‬
‫ﳕوذج الفقﻪ اﻹﺳﻼمي ﰲ وﺳائﻞ اﻹﺛﺒات‪ ،‬وأن الﺒينة ﻋلﻰ اﳌﺪﻋي كانت هي اﻷﺳاس ﰲ إلغاء نظام‬
‫اﻹﺛﺒات بوﺳائﻞ العذاب )‪ (Ordeal‬ﰲ إﳒلﱰا وﰲ ﻏﲑها من الﺒﻼد اﳌسيﺤية‪ ،‬ويتمﺜﻞ نظام اﻹﺛﺒات‬
‫‪33‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫لعذاب ﰲ اﻹمساك ﳊﺪيﺪ اﶈمي أو وضﻊ اليﺪ ﰲ النار أو اﳌاء اﳌغلي أو ﳌﺒارزة ‪by battle‬‬
‫وكلها وﺳائﻞ تﺆدي إﱃ اﳍﻼك ﳌن يقوم ا‪ ،‬وأصﻞ هذه الوﺳائﻞ الﺒﺪائية والﱪبرية اﻹﳝان ن الﺸﺨﺺ‬
‫إذا كان صادﻗا فلن يتﺄﺛر ﻻ لنار أو اﳌاء اﳌغلي ﺣيﺚ ينﺠيﻪ الرب‪ ،‬أما إذا كان كاذ فلن ينﺠو من‬
‫اﻹصابة ولن ينتﺼر ﰲ اﳌﺒارزة وﺳيلقي ﺣتفﻪ إذا كان اﻷمر يتعلﻖ ﳌﺒارزة‪.‬‬
‫ﺣﲔ ﺟاء النورمان إﱃ صقلية اﳌسلمة وﺟﺪوا نظاما إنسانيا متقﺪما ﰲ اﻹﺛﺒات‪ ،‬وﻃوال اﳊروب الﺼليﺒية‬
‫ﻋرف الﺼليﺒيون مﺪى تقﺪم وﺳائﻞ اﻹﺛﺒات اﻹﺳﻼمية وأدى ذلك م إﱃ أن يقوم ا مﻊ الكنسي‬
‫لغاء اﻻلتﺠاء إﱃ نظام اﻹﺛﺒات بوﺳائﻞ العذاب )‪ (Ordeal‬لنار أو اﳌاء اﳌغلي‪ ،‬وكان ذلك ﰲ‬
‫‪1215‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬نﻈام الﱰﺳﺖ ‪ Trust‬واﻷوﻗاف‬
‫يقوم نظام الﱰﺳت ﻋلﻰ نقﻞ ملكية اﳌال اﳌﺨﺼﺺ للﺨﲑ أو إﱃ أي ﻏرض شرﻋي آﺧر كاﻷهﻞ‬
‫واﻷوﻻد‪ ،‬إﱃ شﺨﺺ آﺧر يكون هو اﻷمﲔ‪ ،‬ويكون اﻷهﻞ واﻷوﻻد أو الغرض اﳋﲑي اﳌستفيﺪ‬
‫)‪ ، (Beneficiaries‬واﻷمﲔ يكون اﳌالك القانوﱐ أو الرﲰي واﻷهﻞ واﻷوﻻد أو الغرض اﳋﲑي هم‬
‫اﳌﻼك ﻋﺪالة ود نة ‪.‬‬
‫ويوﺟﺪ مﺼﺪره ﰲ نظام الوﻗف اﻹﺳﻼمي الذي ﻋرفﻪ مسيﺤيو أورو و لذات ﳎموﻋات الفرﺳان‬
‫اﳌتﺸﺪدة الﱵ ﺟاءت مﻊ اﳊمﻼت الﺼليﺒية ﰲ القرنﲔ الﺜاﱐ ﻋﺸر والﺜالﺚ ﻋﺸر مﻊ اﳌمولﲔ ﳍذه‬
‫اﳉماﻋات‪.‬‬
‫لﺜا‪ :‬الﻨﻈام اﻻﺷﱰاﻛﻲ‬
‫ﺳادت أفكار هذا النظام اﻻﲢاد السوفييﱵ والكتلة الﺸرﻗية ﺳابقاً‪ ،‬والنظام اﻻشﱰاكي هو نظام‬
‫ﺣقوﻗي يستﺠيﺐ للمتطلﺒات اﳌوضوﻋية للمﺠتمﻊ اﻻشﱰاكي الذي يتﺒﲎ الﺸيوﻋية‪ ،‬وﳛقﻖ اﻻنتقال إﱃ‬
‫ا تمﻊ الﻼﻃﺒقي‪ ،‬وأهم ﳕوذج ﰲ النظام اﻻشﱰاكي هو النموذج السوفياﰐ‪ ،‬ﺣيﺚ توﱃ " لينﲔ "السلطة‬
‫بعﺪ الﺜورة الﺒلﺸفية ‪ ،‬وﰎ إصﺪار دﺳتور ‪ 1918‬ﰒ دﺳتور ‪ ، 1924‬ﰒ دﺳتور ‪ ، 1936‬وهو دﺳتور‬
‫ﻻ يعﱰف إﻻ بطﺒقة واﺣﺪة تسمﻰ بطﺒقة الﱪوليتار ) الطﺒقة العاملة (‪ ،‬ومنﻊ التعﺪدية ‪.‬‬
‫والﺸريعة السوفييتية هي من ﺣيﺚ اﳉوهر إرادة الﺸعﺐ السوفييﱵ بقيادة الطﺒقة العاملة )الﱪوليتارية(‪،‬‬
‫‪34‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫مرفوﻋة إﱃ مﺼاف القانون‪ ،‬وبنتيﺠة ذلك ﻗامت الﺸريعة السوفيتية ﻋلﻰ أﺳاس اﳉوهر الﺸعﱯ الﺸامﻞ‪،‬‬
‫وإذا كانت القوانﲔ بعة ﻋن الﺸعﺐ ﺳره‪ ،‬ﻻ ﻋن ﻃﺒقة دون أﺧرى‪ ،‬فإ ا تكتسﺐ صفتها اﻵمرة‬
‫واﻹلﺰامية بﺸكﻞ مﺸروع‪ ،‬وتستطيﻊ الﺪولة أن تلﺠﺄ إﱃ اﻹكراه ﰲ ﺳﺒيﻞ تنفيذها‪ ،‬وﻗﺪ نظر فﻼﺳفة‬
‫الﺸيوﻋية إﱃ القانون ﻋتﺒاره ﺟﺰءاً من الﺒناء الفوﻗي اﳌستقر ﻋلﻰ الﺒناء التﺤﱵ اﻻﻗتﺼادي للمﺠتمﻊ‬
‫الطﺒقي‪ ،‬أي ﻋلﻰ ﳎمﻞ ﻋﻼﻗات اﻹنتاج الﱵ تقوم بﲔ الناس ﰲ ﺳياق اﻹنتاج اﳌادي‪ ،‬والﱵ تستنﺪ إﱃ‬
‫ﻋﻼﻗات اﳌلكية السائﺪة لوﺳائﻞ اﻹنتاج‪ ،‬وﻋلﻰ هذه العﻼﻗات يتوﻗف ﰲ اﳌقام اﻷول وضﻊ ﳐتلف‬
‫الطﺒقات ﰲ اﻹنتاج‪ ،‬والﺒنية الطﺒقية للمﺠتمﻊ‪ ،‬وبذلك يكون النظام اﻻﻗتﺼادي للمﺠتمﻊ الﱰبة الفعلية‬
‫الﱵ ﲢﺪد ﰲ اية اﳌطاف ﳎمﻞ الﺒناء الفوﻗي اﳌتكون من اﳌﺆﺳسات اﳊقوﻗية والسياﺳية والﺪينية‬
‫والفلسفية وﻏﲑها لكﻞ مرﺣلة رﳜية معينة‪ ،‬ومن ﰒﱠ فإن القانون ﰲ اية اﻷمر يعتمﺪ بوﺟوده وتطوره‬
‫مﺂﻻً ﻋلﻰ الظروف اﻻﻗتﺼادية للﺤياة اﻻﺟتماﻋية‪.‬‬
‫ﺧﺼاﺋﺺ الﻨﻈام اﻻﺷﱰاﻛﻲ‬
‫‪ -1‬القاﻋﺪة القانونية ﻋامة وﳎردة من ﺣيﺚ الﺸكﻞ‪ ،‬إﻻ أن كﻞ القواﻋﺪ القانونية أمرة فﻼ يسمﺢ‬
‫ﻋطاء إرادة اﻷفراد ﳐالفة ﻗواﻋﺪ ﻷ ا تتعارض مﻊ أهﺪاف ا تمﻊ اﻻشﱰاكي ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻋﺪم تقسيم القانون إﱃ ﻗانون ﻋام وﻗانون ﺧاص ‪ ،‬ﺣيﺚ أن الفكر اﻻشﱰاكي يرى أن ما يسمﻰ‬
‫لقانون اﳋاص ﻻ ﳛمي اﻷفراد كما يرى الغرب‪ ،‬إﳕا ﳛمي الطﺒقة اﳌالكة أو اﳌستقلة‪ ،‬ومن ﰒ فالقانون‬
‫ﻋنﺪهم كلﻪ ﻋام ويتميﺰ لﺼفة اﻵمرة ﻋوض مﺒﺪأ ﺳيادة القانون اﳌعروفة ﰲ النظام الغرﰊ ‪ ،‬تقوم ﰲ هذا‬
‫النظام مﺒﺪأ الﺸرﻋية اﻻشﱰاكية أي امتﺜال اﳌﺒادئ اﻻشﱰاكية بﺼفة ﻋامة‪.‬‬
‫راﺑﻌا‪ :‬الﺸريﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ) أو الﻨﻈام اﻹﺳﻼﻣﻲ (‬
‫ﺳنتناول ﰲ هذا القسم اﳌسائﻞ اﳌتعلقة لﺸريعة اﻹﺳﻼمية‪ ،‬وذلك ﰲ ﻋﺪة مﺒاﺣﺚ ‪:‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ اﻷول‪ :‬ﺷﻬادة ﺑﻌﺾ الﻔﻼﺳﻔﺔ والﻔقﻬاء الﻐرﺑﻴﲔ ﻋلﻰ ﺳﺒﻖ وﲤﻴﺰ وﺗﻔﻮق الﺸريﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪:‬‬
‫ﻋنيت ﻃائفة من ﻋلماء الغرب لﺒﺤﺚ ﰲ العلوم الﺸرﻋية من ﻋلوم القرآن والتفسﲑ واﳊﺪيﺚ‪ ،‬ومنهم من‬
‫نظر ﰲ الفقﻪ اﻹﺳﻼمي‪ ،‬فاﻃلﻊ ﻋلﻰ دﻗائقﻪ‪ ،‬وﻋلم أن فيﻪ ﺛروة واﺳعة وكنوزا نفيسة‪ ،‬فﺄﻋﺠﺒوا ذه الﺜروة‬
‫القانونية‪ ،‬وأﻗروا بقو ا ومﺒلﻎ أﺛرها ﰲ اﳊﻀارة واﻹصﻼح ‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫وﺳنذكر أﻗوال وآراء بعﺾ أﻗطاب القانون اﳌنﺼفﲔ الذين ﻋرفوا ﺛراء الﺸريعة والفقﻪ اﻹﺳﻼمي وأشادوا‬
‫ﳊياة القوية الكامنة فيها‪ ،‬فﺪﻋوا إﱃ النهﻞ منها واﲣاذها أﺳاﺳاً ومﺼﺪراً يرﺟﻊ إليﻪ ﰲ التﺸريﻊ ‪.‬‬
‫‪ - 1‬يرى اﻷﺳتاذ ﻻمﺒﲑ الفرنسي‪ :‬أن اﳌﺆلفات ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية كنﺰ ﻻ يفﲎ‪ ،‬ومعﲔ ﻻ ينﻀﺐ‪،‬‬
‫والﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﰲ العﺼور الوﺳطﻰ أمﺪت اﳌﺪنية اﳌسيﺤية اﳊاضرة بقسط وافر من اﻷصول العامة‪،‬‬
‫وأشار »ﻻمﺒﲑ« ﰲ اﳌﺆﲤر الﺪوﱄ للقانون اﳌقارن ﻻهاي ‪1932‬م إﱃ التقﺪير الكﺒﲑ للﺸريعة اﻹﺳﻼمية‬
‫الذي بﺪأ يسود بﲔ فقهاء أورو وأمريكا ﰲ العﺼر اﳊاضر‪.‬وكان يظن أن للقانون الروماﱐ أﺛرا كﺒﲑاً ﰲ‬
‫الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ولكن اﺳتﺒان لﻪ بعﺪ أن ﻋمﻖ النظر فيها‪ ،‬وأوﻏﻞ ﰲ دراﺳتها‪ ،‬واتﺼﻞ بعلمائها أ ا‬
‫شريعة مستقلة بذا ا ‪.‬‬
‫‪ -2‬وﻗال )ليفي أوﳌان( اﻷﺳتاذ بكلية اﳊقوق بﺒاريﺲ ﰲ رﺳالة الﺪكتور ﷴ صادق فهمي الﱵ ألفها ﰲ‬
‫اﻹﺛﺒات للغة الفرنسية‪ ،‬وﻋرض فيها ﳌا ﻗرره ﻋلماء اﻹﺳﻼمية وﲞاصة ابن ﻗيم اﳉوزية‪ ):‬إن كتاب‬
‫الﺪكتور صادق ﺟﺪير ن يلﺤﻖ لكتﺐ اﳌكونة للمﺠموﻋات العلمية القانونية اﳊاضرة كمﺠموﻋة ﺳاﱄ‬
‫وﻏﲑه من رؤوس القانون ﰲ ﻋﺼر النهﻀة القانونية اﳊاضرة‪ ،‬كﻞ ذلك ﻋلﻰ اﻋتﺒار الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﰲ‬
‫اﳌعامﻼت مﺼﺪراً ﺣياً للقانون العﺼري‪ ،‬ومناﻃاً للﺤﻖ ﰲ أﻃواره اﳌﺨتلفة ( ‪.‬‬
‫‪ - 3‬وﻗال الﺪكتور )أنريكو انسا تو مستﺸرق إيطاﱄ( ﰲ كتابﻪ اﻹﺳﻼم وﺳياﺳة اﳋلفاء‪ ) :‬وﻻ ﳚوز ﻗط‬
‫أن يهﺪم هذا الﺼرح العظيم من العلوم اﻹﺳﻼمية‪ ،‬وﻻ أن يغفﻞ شﺄنﻪ‪ ،‬أو أن ﲤسﻪ يﺪ بسوء‪ ،‬وأنﻪ أوﺟﺪ‬
‫للعاﱂ أرﺳﺦ الﺸرائﻊ ﺛﺒا ً‪ ،‬وأ ا لﺸريعة تفوق الﺸرائﻊ اﻷوربية ﰲ كﺜﲑ من التفاصيﻞ‪ ،‬بﻞ هي الﱵ تعطي‬
‫للعاﱂ أرﺳﺦ الﺸرائﻊ ﺛﺒا ً ( ‪.‬‬
‫‪ -4‬ويقول ﺳﱪل ﻋميﺪ كلية اﳊقوق بفيينا – النمسا‪ :‬إن الﺒﺸرية لتفﺨر نتساب رﺟﻞ كمﺤمﺪ إليها‪،‬‬
‫فإنﻪ ﻋلﻰ أميتﻪ اﺳتطاع ﻗﺒﻞ بﻀعة ﻋﺸر ﻗر ً أن ﰐ بتﺸريﻊ ﺳنكون أﺳعﺪ ما نكون لو وصلنا إﱃ ﻗمتﻪ‬
‫بعﺪ ألفي ﺳنة‪.‬‬
‫‪ -5‬ويقول ﺟوزيف كوهلر اﻷﳌاﱐ‪ :‬كان اﻷﳌان يتيهون ﻋﺠﺒاً ﻻبتكارهم تﺸريﻊ نظرية التعسف ﰲ‬
‫اﺳتعمال اﳊﻖ ﰲ القانون اﳌﺪﱐ لسنة ‪ ،1787‬أما وﻗﺪ ظهر أن رﺟال الفقﻪ اﻹﺳﻼمي ﻗﺪ تكلموا ﰲ‬
‫ذلك ﻃويﻼً منذ القرن الﺜامن اﳌيﻼدي‪ ،‬فإنﻪ ﳚﺪر ﻷﳌان أن يﱰكوا ﳎﺪ الكﻼم ﰲ هذه النظرية والعمﻞ‬
‫‪36‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ا ﳌن ﻋرفوها ﻗﺒﻞ أن يعرفها اﻷﳌان بعﺸرة ﻗرون‪.‬‬
‫‪-6‬وﻗال العﻼمة ﺳنتيﻼ اﳌستﺸرق اﻹيطاﱄ ﰲ بعﺾ مﺆلفاتﻪ‪ ) :‬إن ﰲ الفقﻪ اﻹﺳﻼمي ما يكفي‬
‫اﳌسلمﲔ ﰲ تﺸريعهم اﳌﺪﱐ إن ﱂ نقﻞ إن فيﻪ ما يكفﻰ اﻹنسانية كلها ( ‪ ،‬ويقول‪) :‬إن الﺸريعة‬
‫اﻹﺳﻼمية ذات اﳊﺪود اﳌرﺳومة واﳌﺒادئ الﺜابتة ﻻ ﳝكن إرﺟاﻋها أو نسﺒتها إﱃ شرائعنا وﻗوانيننا ﻷ ا‬
‫شريعة دينية تغاير أفكار أصﻼ ( ‪.‬‬
‫‪ -7‬وﻗال اﻷﺳتاذ ﺳليم ز اﳌسيﺤي اللﺒناﱐ شارح ﳎلة اﻷﺣكام العﺪلية‪ ) :‬إنﲏ أﻋتقﺪ بكﻞ اﻃمﺌنان إن‬
‫ﰲ الفقﻪ اﻹﺳﻼمي كﻞ ﺣاﺟة الﺒﺸر من ﻋقود ومعامﻼت وأﻗﻀيﻪ والتﺰامات‪ ،‬وليﺲ الﺸاهﺪ ﻋلﻰ ذلك‬
‫ما هو مائﻞ لﻸنظار ﰲ دار الكتﺐ اﳌﺼرية وﺧﺰائن الكتﺐ ﰲ الﺒﻼد اﻹﺳﻼمية فﺤسﺐ‪ ،‬بﻞ فيما ﺣوتﻪ‬
‫ﺧﺰائن دور الكتﺐ اﻷوربية أيﻀاً من ليﺪن ﰲ هولنﺪا إﱃ روما وبرلﲔ و ريﺲ واﳌتﺤف الﱪيطاﱐ‪ ،‬بﻞ إﱃ‬
‫اﳌكتﺒة الﺒابوية ﰲ ﻗﺼر الفاتيكان‪ ،‬فإن ما ﰲ هذه اﳌكتﺒات من الكتﺐ الفقهية اﻹﺳﻼمية إﳕا هو ﲦرة‬
‫ﺟهود اﻷلوف الكﺜﲑ من فﺤول العلماء‪ ،‬وهي الﺸاهﺪ اﻷكﱪ ﻋلﻰ أنﻪ ﻻ يوﺟﺪ معﲎ من معاﱐ اﻷﺣكام‬
‫اﳌنﺸود فيها العﺪل‪ ،‬وﻻ ﺣاﺟة من ﺣاﺟات الﺒﺸر ﰲ التﺸريﻊ تقﺪم لفقيﻪ مسلم ﻗول فيﻪ ( ‪.‬‬
‫‪ - 8‬ويقول اﳌستﺸرق النمساوي ألفرد فون كرﳝر ‪ -‬القنﺼﻞ السابﻖ للنمسا ﰲ مﺼر وبﲑوت )‪1889‬‬
‫‪1928 -‬م( ‪ -‬ﰲ فﻀﻞ الفقﻪ اﻹﺳﻼمي وﺧﺼائﺼﻪ من الناﺣية القانونية‪) :‬إن الفقﻪ اﻹﺳﻼمي هو‬
‫أﻋظم ﻋمﻞ ﻗانوﱐ ﰲ ريﺦ العاﱂ‪ ،‬يفوق القانون الروماﱐ وﻗانون ﲪوراﰊ؛ نظراً ﳌا فيﻪ من ﺣكمة إﳍية‬
‫وبناء منطقي هائﻞ‪ ،‬لكن الفقﻪ ﱂ يسﺠﻞ الﺸريعة ﰲ مواد ﻗانونية ﳏﺪدة ﺣﱴ ﻻ يُﺼيﺒها اﳉمود وﲢتاج‬
‫إﱃ تغيﲑ‪ ،‬وإﳕا أبقﻰ ﻋلﻰ مﺒادئ وأﺣكام ﻋامة؛ ولذلك فهي صاﳊة لكﻞ الﺒﺸر ﰲ كﻞ زمان ومكان(‪.‬‬
‫‪ - 9‬وﰲ كلية القانون ﰲ ﺟامعة )هارفارد( أشهر اﳉامعات اﻷمريكية والعاﳌية ﻋلﻰ اﻹﻃﻼق‪ ،‬وضعت‬
‫اﻵية رﻗم )‪ (135‬من ﺳورة النساء ﻋلﻰ ﺣائط اﳌﺪﺧﻞ الرئيسي للكلية موصوفة ا من أﻋظم ﻋﺒارات‬
‫ِ‬ ‫ﱠِ‬
‫ﲔ‬
‫آﻣﻨُﻮا ُﻛﻮنُﻮا ﻗَـ ﱠﻮاﻣ َ‬ ‫يﻦ َ‬ ‫العﺪالة ﰲ العاﱂ ﻋﱪ اﻷزمان‪ ،‬واﻵية اﳌعنية هي ﻗول ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ‪ َ } :‬أَيﱡـ َﻬا الذ َ‬
‫ﲔ إن يَ ُﻜ ْﻦ ﻏَﻨِﻴا أ َْو ﻓَِقﲑاً ﻓَا ﱠُ أ َْو َﱃ ِِ َما ﻓَﻼ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ل ِْقس ِﻂ ُﺷﻬ َﺪ ِ ِ‬
‫اء ﱠ َولَ ْﻮ َﻋلَﻰ أَن ُﻔس ُﻜ ْﻢ أَ ِو ال َْﻮال َﺪيْ ِﻦ َواﻷَﻗْـ َرﺑِ َ‬
‫ْ َ َ‬
‫ﺗَـتﱠﺒِﻌُﻮا ْاﳍََﻮى أَن ﺗَـ ْﻌ ِﺪلُﻮا َوإن ﺗَـل ُْﻮوا أ َْو ﺗُـ ْﻌ ِر ُ‬
‫ﺿﻮا ﻓَإ ﱠن ا ﱠَ َﻛا َن ِﲟَا ﺗَـ ْﻌ َملُﻮ َن َﺧﺒِﲑاً{ ]النساء‪.[135 :‬‬
‫هذه ﲨلة من أﻗوال فﻼﺳفة الفكر الغرﰊ وفقهاء القانونوهي شهادات تﺒﲔ ﻋظمة الﺸريعة اﻹﺳﻼمية‬
‫‪37‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫وكماﳍا‪ ،‬وﲤيﺰ الفقﻪ اﻹﺳﻼمي واﺳتقﻼليتﻪ وتفوﻗﻪ ﻋلﻰ الفقﻪ الغرﰊ كما تﺒﲔ ﺣاﺟة الﺒﺸرية اﳌلﺤة إﱃ‬
‫ُ‬
‫تفعليﻪ ﰲ التقنينات اﳌعاصرة ‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ الﺜاﱐ‪ :‬التﻌريف لﺸريﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫أوﻻ ‪:‬حاﺟﺔ الﺒﺸر إﱃ الﺸراﺋﻊ السماويﺔ‬
‫لقﺪ كان اﻹنسان ﻋاﺟﺰا ﻋن إدراك وﺟﻪ اﳌﺼلﺤة ﰲ ﲨيﻊ أموره‪ ،‬وﳌا كان اﻻﺧتﻼف ﻗائما بﲔ الﺒﺸر و‬
‫ذلك ﻻﺧتﻼف مﺪاركهم و تﺒاين أفهامهم نظرا لذلك كلﻪ اﻗتﻀت ﺣكمة ﷲ إنﺰال الﺸرائﻊ لتﺒﺼﲑ الناس‬
‫ﲟﺼاﳊهم‪ ،‬و لتﺤﺪيﺪ ﻋﻼﻗا م ﲞالقهم‪ ،‬ولتكون اﳊاكمة ﻷمورهم‪.‬‬
‫وإذا كانت ﺣاﺟة الﺒﺸر إﱃ الﺸرائﻊ السماوية ماﺳة‪ ،‬فإن ﺣاﺟتهم إﱃ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية أكﺜر‪ ،‬لكو ا‬
‫ﻋاﳌية ﲣاﻃﺐ ﲨيﻊ الناس ﰲ كﻞ زمان و مكان و ﳌا ﲤتاز بﻪ من ﲰات الكمال و السمو والﺸمولية ‪...‬‬
‫وﻏﲑها‪.‬‬
‫نﻴا ‪:‬ﻣﺪى اﻻﺧتﻼف القاﺋﻢ ﺑﲔ الﺸراﺋﻊ السماويﺔ‪:‬‬
‫اﺧتلفت شرائﻊ اﻷنﺒياء ﻋليهم السﻼم ﻷﺳﺒاب ومﺼاﱀ‪ ،‬ﻷن اﳌراﻋﻰ ﰲ شرﻋها ﺣال اﳌكلفﲔ وﻋادا م‪،‬‬
‫ُ‬
‫وما ﲢتملﻪ مﺪاركهم ويناﺳﺐ ﻋقوﳍم‪ ،‬ﻗال تعاﱃ ‪ ) :‬لكﻞ ﺟعلنا منكم شرﻋة ومنهاﺟا‪(...‬‬
‫لكن الﺸرائﻊ السماوية وإن اﺧتلفت ﰲ الﺰمان وكﺜرت ﰲ ﻋﺪدها إﻻ أ ا متﺤﺪة من ﺟهة اﳌﺼﺪر الﱵ‬
‫صﺪرت ﻋنﻪ وهو ﷲ تعاﱃ‪ ،‬كما اﲢﺪت ﰲ الﺪﻋوة إﱃ إفراد ﷲ لعﺒادة و تنﺰيهﻪ ﻋن كﻞ نقﺺ‪ ،‬ﻗال‬
‫تعاﱃ‪) :‬وما أرﺳلنا من ﻗﺒلك من رﺳول إﻻ نوﺣي إليﻪ أنﻪ ﻻ إلﻪ إﻻ أ فاﻋﺒﺪون ( ‪.‬‬
‫ويقول ﷲ لنﺒيﻪ ﻋليﻪ الﺼﻼة والسﻼم‪) :‬ﻗﻞ أهﻞ الكتاب تعالوا إﱃ كلمة ﺳواء بيننا وبينكم أﻻ نعﺒﺪ إﻻ‬
‫مسلمون (‬ ‫ﷲ و ﻻ نﺸرك بﻪ شيﺌا وﻻ يتﺨذ بعﻀنا بعﻀا أر من دون ﷲ فإن تولوا فقولوا اشهﺪوا‬
‫لﺜا‪ :‬ﺗﻌريف الﺸريﻌﺔ‪:‬‬
‫الﺸريﻌﺔ‪:‬لغة‪ :‬يراد ا اﳌذهﺐ والطريقة اﳌستقيمة‪ ،‬وشرﻋة اﳌاء‪ ،‬مورد اﳌاء الذي يقﺼﺪ للﺸرب‪.‬‬
‫اصطﻼﺣا‪ :‬يُراد ا ﲨيﻊ اﻷﺣكام الﱵ شرﻋها ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ لعﺒاده ﻋن ﻃريﻖ رﺳول من رﺳلﻪ‪.‬‬
‫وﲰيت تلك اﻷﺣكام شريعة ﻻﺳتقامتها وﻋﺪم اﻋوﺟاﺟها‪ ،‬والﺸريعة اﻹﺳﻼمية )نسﺒة إﱃ اﻹﺳﻼم ( هي‬
‫اﻷﺣكام الﱵ شرﻋها ﷲ لعﺒاده ﻋلﻰ لسان ﷴ ﷺ‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫وتنقسم أﺣكام الﺸريعة اﻹﺳﻼمية إﱃ ﺛﻼﺛة أﻗسام‪ ،‬هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أحﻜام اﻋتقاديﺔ‪ :‬وهي اﳌتعلقة بذات ﷲ تعاﱃ وصفاتﻪ‪ ،‬و ﻹﳝان بﻪ وبرﺳلﻪ و ليوم اﻵﺧر وما فيﻪ‬
‫من ﺣساب وﺛواب وﻋقاب‪.‬‬
‫ب‪ -‬أحﻜام أﺧﻼﻗﻴﺔ‪ :‬وهي اﻷﺣكام اﳌتعلقة مهات الفﻀائﻞ ‪ ،‬كالﺼﺪق والوفاء والﺼﱪ واﻷمانة‪...‬‬
‫ج‪ -‬أحﻜام ﻋملﻴﺔ‪ :‬وهي اﻷﺣكام اﳌتعلقة ﻋمال اﻹنسان‪ ،‬وهي نوﻋان‪:‬‬
‫ﻋﺒادات ‪:‬وهي اﻷﺣكام الﺸرﻋية اﳌتعلقة مر اﻵﺧرة‪ ،‬والﱵ يقﺼﺪ ا التقرب إﱃ ﷲ وﺣﺪه‪ ،‬كالﺼﻼة‬
‫والﺼيام‪ ،‬والﺰكاة‪ ،‬واﳊﺞ‪...‬‬
‫ﻣﻌاﻣﻼت ‪:‬وهي اﻷﺣكام اﳌتعلقة ﻋمال اﻹنسان وتﺼرفاتﻪ الﱵ يقﺼﺪ ا ﲢقيﻖ اﳌﺼاﱀ الﺪنيوية‪ ،‬أو‬
‫تنظيم ﻋﻼﻗتﻪ مﻊ فرد أو ﳎتمﻊ‪ ،‬كالﺒيوع والرهن والﺸركة‪.‬‬
‫راﺑﻌا‪ :‬ﺗﻌريف الﻔقﻪ‪:‬لغة‪ :‬يراد لفقﻪ الفهم والفطنة والعلم لﺸيء‪.‬‬
‫اصطﻼﺣا‪ :‬اﻷﺣكام الﺸرﻋية العملية ‪ ،‬وينقسم الفقﻪ إﱃ ﻗسمﲔ‪:‬‬
‫اﻷول‪ :‬العﺒادات‪ ،‬كالﺼﻼة والﺼيام‪ ، ...‬وﻏرضها التقرب إﱃ ﷲ ﺳﺒﺤانﻪ و تعاﱃ وتقوية الر ط بﻪ‪.‬‬
‫الﺜاﱐ ‪:‬اﳌعامﻼت ) العادات ( واﳌراد ا تنظيم ﻋﻼﻗات اﻷفراد فيما بينهم وﰲ ﲨيﻊ شﺆو م‪ ،‬وتﺸمﻞ كﻞ‬
‫العﻼﻗات الﱵ ينظمها القانو ن‪ :‬العام واﳋاص ﻻصطﻼح اﳌعاصر‪.‬‬
‫ومنﻪ فإن الفقﻪ هو ﺟﺰء من أﺣكام الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ الﺜالﺚ‪:‬ﺧﺼاﺋﺺ الﺸريﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪:‬‬
‫تتميﺰ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية بعﺪة ﺧﺼائﺺ ترفعها إﱃ أرﻗﻰ درﺟة من الكمال ﻻ يرﻗﻰ إليها أي ﻗانون‬
‫وضعي‪ ،‬أﳘها‪:‬‬
‫أوﻻ‪ -‬الر نﻴﺔ‪ :‬أي أن مﺼﺪر الﺸريعة هو ﷲ ﺳﺒﺤانﻪ و تعاﱃ‪ ،‬ﻋكﺲ اﻷنظمة اﻷﺧرى الﱵ هي من‬
‫صنﻊ الﺒﺸر‪ ،‬وﷲ تعاﱃ هو اﳌتﺼف بكﻞ صفات اﳉﻼل والكمال اﳋاﱄ من كﻞ ﻋيﺐ أو نقﺺ أو‬
‫ﺟهﻞ أو هوى‪ ،‬لذلك فإن أﺣكام الﺸريعة ﺪف إﱃ ربط الناس ﲞالقهم‪ ،‬واﻷﺧذ ذه الﺸريعة هو‬
‫ﺟﺰء من العقيﺪة وشرط لﻺﳝان‪ ،‬ﻗال ﺗﻌاﱃ‪ ) :‬وﻣا ﻛان ﳌﺆﻣﻦ وﻻ ﻣﺆﻣﻨﺔ إذا ﻗضﻰ ﷲ ورﺳﻮلﻪ أﻣرا أن‬
‫يﻜﻮن ﳍﻢ اﳋﲑة ﻣﻦ أﻣرﻫﻢ‪](...‬اﻷحﺰاب‪. [ 36 :‬‬
‫‪39‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ويﻨتﺞ ﻋﻦ ﺧاﺻﻴﺔ الر نﻴﺔ ﻋﺪة نتاﺋﺞ‪ ،‬أﳘﻬا‪:‬‬
‫‪-1‬ﺧلو أﺣكام الﺸريعة اﻹﺳﻼمية من أي نقﺺ‪ ،‬ﻷن شارﻋها هو ﷲ صاﺣﺐ الكمال اﳌطلﻖ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻋﺼمتها من معاﱐ اﳉور والظلم ﺳيسا ﻋلﻰ ﻋﺪل ﷲ اﳌطلﻖ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻗﺪﺳية أﺣكامها ﻋنﺪ اﳌﺆمن ا إذ ﳚﺪ ﰲ نفسﻪ القﺪﺳية واﳍيﺒة ﲡاهها‪.‬‬
‫نيا‪ :‬اﳉمﻊ بﲔ الﺜﺒات واﳌرونة‪ :‬ﲡمﻊ الﺸريعة بﲔ ﻋنﺼري الﺜﺒات واﳌرونة‪ ،‬ويتﺠلﻰ الﺜﺒات ﰲ أصوﳍا و‬
‫كليا ا وﻗطعيا ا‪ ،‬وتتﺠلﻰ اﳌرونة ﰲ فروﻋها وﺟﺰئيا ا وظنيا ا‪ ،‬فالﺜﺒات ﳝنعها من اﳌيوﻋة والذو ن ﰲ‬
‫ﻏﲑها من الﺸرائﻊ‪ ،‬واﳌرونة ﲡعلها تستﺠيﺐ لكﻞ مستﺠﺪات العﺼر ‪.‬‬
‫لﺜا‪ :‬اﳌوازنة بﲔ مﺼاﱀ الفرد واﳉماﻋة ‪ :‬إن الﺸريعة ‪ -‬ﻋلﻰ ﺧﻼف القوانﲔ الوضعية ‪ -‬توازن بﲔ‬
‫مﺼاﱀ الفرد واﳉماﻋة فﻼ ﲤيﻞ إﱃ اﳉماﻋة ﻋلﻰ ﺣساب الفرد‪ ،‬وﻻ تقﺪس الفرد ﻋلﻰ ﺣساب اﳉماﻋة‪.‬‬
‫راﺑﻌا‪:‬اﳉمﻊ ﺑﲔ اﳉﺰاء الﺪنﻴﻮي واﻷﺧروي‪ :‬تتفﻖ الﺸريعة مﻊ القانون الوضعي ﰲ توﻗيﻊ اﳉﺰاء ﻋلﻰ‬
‫اﳌﺨالف ﻷﺣكامها ﰲ الﺪنيا‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ ﻻ ﲤتﺪ يﺪ القانون الوضعي إﱃ معاﻗﺒة اﻹنسان ﰲ آﺧرتﻪ بينما‬
‫تعاﻗﺐ الﺸريعة ﳐالفيها ﰲ اﻵﺧرة‪ ،‬فهي ﲡمﻊ بﲔ اﳉﺰاءين معا‪.‬‬
‫ﺧاﻣسا‪ :‬الﺸمﻮلﻴﺔ‪ :‬و ﺗتﺠلﻰ ﺧاﺻﻴﺔ الﺸمﻮلﻴﺔ ﰲ ﻋﺪة أﻣﻮر ﻫﻲ‪:‬‬
‫‪-1‬من ﺣيﺚ الﺰمان‪ :‬ﲟعﲎ أ ا شريعة ﻻ تقﺒﻞ نسﺨا أو تعطيﻼ‪ ،‬فهي اﳊاكمة إﱃ أن يرث ﷲ اﻷرض‬
‫ومن ﻋليها‪.‬‬
‫‪-2‬من ﺣيﺚ اﳌكان‪ :‬فﻼ ﲢﺪها ﺣﺪود ﺟغرافية‪ ،‬فهي نور ﷲ الذي يﻀيء ﲨيﻊ أرض ﷲ‪.‬‬
‫‪-3‬من ﺣيﺚ اﻹنسان‪ :‬فالﺸريعة ﲣاﻃﺐ ﲨيﻊ الناس ﺣكامها‪ ،‬لقولﻪ تعاﱃ ‪) :‬وﻣا أرﺳلﻨاك إﻻ ﻛاﻓﺔ‬
‫للﻨاس ﺑﺸﲑا ونذيرا ( ]ﺳﺒﺄ‪ [ 28 :‬وﻗولﻪ‪) :‬وﻣا أرﺳلﻨاك إﻻ رﲪﺔ للﻌاﳌﲔ ( ]اﻻنﺒياء‪. [ 107 :‬‬
‫‪-4‬من ﺣيﺚ اﻷﺣكام‪ :‬إن أﺣكام الﺸريعة تناولت ﲨيﻊ شﺆون اﳊياة‪ ،‬فقﺪ رﲰت لﻺنسان ﺳﺒيﻞ اﻹﳝان‬
‫وبينت شروط وتﺒعات اﺳتﺨﻼفﻪ‪ ،‬وﲣاﻃﺒﻪ ﰲ ﲨيﻊ مراﺣﻞ ﺣياتﻪ‪ ،‬وﲢكم ﲨيﻊ ﻋﻼﻗاتﻪ بربﻪ وبنفسﻪ‬
‫وبغﲑه‪ ،‬فهي منهﺞ ﺣياة كامﻞ ﲨﻊ بﲔ الﺪنيا والﺪين ‪ ،‬وبﲔ العمﻞ والعﺒادة وبﲔ الظاهر والﺒاﻃن ‪،‬‬
‫فﻀمن بذلك لﻺنسان ﺧﲑي الﺪنيا واﻵﺧرة ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ﺳادﺳا‪ :‬ﺻﻼحﻴﺔ الﺸريﻌﺔ لﻜﻞ زﻣان وﻣﻜان‪ :‬أﺣكام الﺸريعة صاﳊة لكﻞ زمان ومكان ﻷ ا من لﺪن‬
‫ﺣكيم ﺧﺒﲑ وﻷ ا ﲢفﻆ لﻺنسان توازنﻪ ﰲ بنائﻪ وتكوينﻪ وتلﺒية مطالﺐ ﺣياتﻪ ﰲ شكﻞ متكامﻞ واضﺢ‬
‫ومرن‪ ،‬وهي نوﻋان‪ :‬ﻗواﻋﺪ ﺧاصة لعﺒادات‪ ،‬وﻗواﻋﺪ ﺧاصة ﳌعامﻼت ‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ الراﺑﻊ‪ :‬أﺳس التﺸريﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫يقوم التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي ﻋلﻰ أﺳﺲ وركائﺰ فريﺪة تكسﺒﻪ الﺼﻼﺣية لكﻞ زمان ومكان و إنسان‪ ،‬وأهم‬
‫تلك اﻷﺳﺒاب ما ﰐ‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬التﻴسﲑ و رﻓﻊ اﳊرج‬
‫ومن مظاهره ﻗلة التكاليف الﱵ فرضت ﻋلﻰ اﻹنسان‪ ،‬وإ ﺣة اﶈظورات ﻋنﺪ الﻀرورات‪ ،‬و يتﺠلﻰ هﺪا‬
‫اﻷﺳاس ﰲ كﺜﲑ من اﻵ ت القرآنية واﻷﺣاديﺚ النﺒوية منها ﻗولﻪ تعاﱃ‪) :‬ﻻ يكلف ﷲ نفسا إﻻ‬
‫وﺳعها‪ . [ 27] (...‬وﻗال تعاﱃ‪ ) :‬وﻣا ﺟﻌﻞ ﻋلﻴﻜﻢ ﰲ الﺪيﻦ ﻣﻦ حرج ( ]‪ [ 28‬وﻗال تعاﱃ‪ ) :‬ﻣا‬
‫يريﺪ ﷲ لﻴﺠﻌﻞ ﻋلﻴﻜﻢ ﻣﻦ حرج‪[ 29]«...‬‬
‫ويﺆكﺪ الرﺳول صلﻰ ﷲ ﻋليﻪ و ﺳلم ذلك اﻷﺳاس ﰲ أﺣاديﺚ كﺜﲑة منها ‪) :‬يسروا وﻻ ﺗﻌسروا (‬
‫وأوصﻰ اﺛنﲔ من الﺼﺤابة ﻗائﻼ‪ ) :‬يسرا وﻻ ﺗﻌسرا وﺑﺸرا وﻻ ﺗﻨﻔرا (‬
‫نﻴا‪ :‬رﻋايﺔ ﻣﺼاﱀ الﻨاس‬
‫إن اﳌتتﺒﻊ ﻷﺣكام الﺸريعة اﻹﺳﻼمية يتﺠلﻰ لﻪ أن اﳌراد منها ﲢقيﻖ مﺼاﱀ الناس‪ ،‬وهذا من مقتﻀيات‬
‫ﻋمومية الﺸريعة و صﻼﺣيا ا لكﻞ زمان ومكان‪ ،‬ومن النﺼوص الﱵ تﺸﲑ إﱃ ذلك ﻗولﻪ تعاﱃ‪) :‬وﻣا‬
‫أرﺳلﻨاك إﻻ رﲪﺔ للﻌاﳌﲔ ( ]اﻷنﺒياء‪ [ 107 :‬وﻗولﻪ تعاﱃ‪) :‬ونﻨﺰل ﻣﻦ القرآن ﻣا ﻫﻮ ﺷﻔاء و رﲪﺔ‬
‫للمﺆﻣﻨﲔ‪](...‬اﻻﺳراء‪[ 82 :‬‬
‫ومن السنة النﺒوية ﻗولﻪ ﻋليﻪ الﺼﻼة و السﻼم‪ ) :‬ﻻ ﺿرر وﻻ ﺿرار (‬
‫ويستنتﺞ من تلك النﺼوص أن الﺸريعة مﺒناها و أﺳاﺳها ﻋلﻰ اﳊكم و مﺼاﱀ العﺒاد ﰲ اﳌعاش و اﳌعاد‪،‬‬
‫و هي ﻋﺪل كلها‪ ،‬و رﲪة كلها‪ ،‬و مﺼاﱀ كلها‪ ،‬و ﺣكمة كلها‪ ،‬فكﻞ مسﺄلة ﺧرﺟت ﻋن العﺪل إﱃ‬
‫اﳉور‪ ،‬و ﻋن الرﲪة إﱃ ضﺪها‪ ،‬وﻋن اﳌﺼلﺤة إﱃ اﳌفسﺪة‪ ،‬وﻋن اﳊكمة إﱃ العﺒﺚ ليست من الﺸريعة‬

‫‪41‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫وإن أدﺧلت فيها لتﺄويﻞ‪...‬‬
‫لﺜا‪ :‬ﲢقﻴﻖ الﻌﺪل ﺑﲔ الﻨاس‬
‫فهذا من اﻷﺳﺲ القوية الﱵ يعتمﺪ ﻋليها التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي‪ ،‬وﻗﺪ تظافرت النﺼوص ﻋلﻰ ترﺳيﺨﻪ؛ إذ‬
‫ﳒﺪ نﺼوصا تﺪﻋو إﱃ إﻗامة العﺪل‪ ،‬و أﺧرى تنفر من الظلم‪ ،‬فمن النﺼوص الﱵ تﺪﻋو إﻗامة العﺪل ما‬
‫يلي ‪) :‬إن ﷲ ﻣرﻛﻢ لﻌﺪل واﻹحسان و إيتاء ذي القرﰉ‪] (...‬النﺤﻞ‪ [ 90 :‬وﻗولﻪ تعاﱃ‪):‬إن ﷲ‬
‫ﻣرﻛﻢ أن ﺗﺆدوا اﻷﻣا ت إﱃ أﻫلﻬا‪ ،‬وإذا حﻜمتﻢ ﺑﲔ الﻨاس أن ﲢﻜمﻮا لﻌﺪل‪] (...‬النساء‪58 :‬‬
‫ولﻮ ﻋلﻰ أنﻔسﻜﻢ أو الﻮالﺪيﻦ‬ ‫[وﻗولﻪ تعاﱃ‪ ) :‬أيﻬا الذيﻦ آﻣﻨﻮا ﻛﻮنﻮا ﻗﻮاﻣﲔ لقسﻂ ﺷﻬﺪاء‬
‫واﻷﻗرﺑﲔ‪] (...‬النساء‪. [ 135 :‬‬
‫ومن النﺼوص الﱵ تنفر من الظلم ما يلي‪) :‬وﻻ ﲢسﱭ ﷲ ﻏاﻓﻼ ﻋما يﻌمﻞ الﻈاﳌﻮن إﳕا يِﺆﺧرﻫﻢ لﻴﻮم‬
‫ﺗﺸﺨﺺ ﻓﻴﻪ اﻷﺑﺼار (]ابراهيم ‪ ، [ 42 :‬وﻗال الرﺳول ﷺ‪) :‬الظلم ظلمات يوم القيامة ( وﻗال‪) :‬إﳕا‬
‫أهلك الذين من ﻗﺒلكم أ م كانوا إذا ﺳرق فيهم الﺸريف تركوه‪ ،‬وإذا ﺳرق فيهم الﻀعيف أﻗاموا ﻋليﻪ‬
‫اﳊﺪ‪ ،‬وأﱘ ﷲ لو أن فاﻃمة بنت ﷴ ﺳرﻗت لقطعت يﺪها ( ‪.‬‬
‫راﺑﻌا‪ :‬التﺪرج ﰲ التﺸريﻊ‬
‫إن القرآن والسنة ﱂ تيا ﲨلة واﺣﺪة‪ ،‬بﻞ اﺳتغرﻗا مﺪة الرﺳالة كلها‪ ،‬كما أن أﺣكامهما شرﻋت تﺪرﳚيا‬
‫ﲢقيقا ﳊكم ﺟليلة ورد بعﻀها فيما ﺳﺒﻖ‪ ،‬وﲣفيفا ﻋلﻰ الناس‪ ،‬ﲤاشيا مﻊ فطرة اﻹنسان الﱵ يتطلﺐ‬
‫التعامﻞ معها التﺰام التﺪرج لتغيﲑها وﺣسن اﻻرتقاء ا كما أن التﺪرج يتﻼءم مﻊ منهﺞ التغيﲑ بﺸكﻞ‬
‫ﻋام‪ ،‬إذ ﻻ ﳝكن تغيﲑ أوضاع ا تمعات لتتفﻖ مﻊ الﺸريعة إﻻ ﺳلوب التﺪرج ‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ اﳋاﻣس‪ :‬اﳌﻮازنﺔ ﺑﲔ التﺸريﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ والقانﻮن الﻮﺿﻌﻲ‬
‫من ﺧﻼل ﲤعننا ﰲ ﺧﺼائﺺ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية وأﺳﺲ التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي اﳌذكورة آنفا يتﺠلﻰ لنا الﺒعﺪ‬
‫القائم بﲔ التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي والقانون الوضعي‪ ،‬وﳝكن إبراز ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬ﻣﻦ حﻴﺚ اﳌﺼﺪر‬
‫إن التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي مﺼﺪره اﻷﺳاس الوﺣي )القرآن و السنة(‪ ،‬إضافة إﱃ اﳌﺼادر اﻷﺧرى الﱵ ﻻ ﲣرج‬
‫ﻋن إﻃاره‪ ،‬بينما القانون الوضعي مﺼﺪره اﻹنسان‪ ،‬ومهما بلﻎ هذا اﻹنسان من ﻋلم فإنﻪ ﻻ يستطيﻊ أن‬
‫‪42‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫يتﺨلﺺ من ﺧﺼائﺼﻪ اﳌتمﺜلة ﰲ الﻀعف واﳍوى وﻋﺪم الكمال وﻏﲑها‪ ،‬تلك الﱵ ﳒﺪها ﰲ أي ﻗانون‬
‫وضعي صادر ﻋنﻪ مهما ارتقﻰ وﻋﻼ‪.‬‬
‫نﻴا‪ :‬ﻣﻦ حﻴﺚ ارﺗﺒاﻃﻬا ﻷﺧﻼق‬
‫ارتﺒط التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي ﻷﺧﻼق بﺸكﻞ واضﺢ‪ ،‬وذلك يﺒﺪو ﰲ تقريره ﳉملة من اﳌﺒادئ‪ ،‬منها مﺒﺪأ‬
‫ترﺟيﺢ اﳌﺼلﺤة العامة ﻋلﻰ اﳌﺼلﺤة اﳋاصة ﻋنﺪ التعارض و تقريره ﳊﻖ اﳉوار‪ ،‬ﻗال تعاﱃ‪) :‬واﻋﺒﺪوا ﷲ‬
‫وﻻ ﺗﺸرﻛﻮا ﺑﻪ ﺷﻴﺌا و لﻮالﺪيﻦ إحسا وﺑذي القرﰉ واﳌساﻛﲔ واﳉار اﳉﻨب والﺼاحب ﳉﻨب‪(...‬‬
‫]النساء‪. [ 36 :‬‬
‫وﻗال الرﺳول ﷺ‪ ) :‬ما زال ﺟﱪيﻞ يوصيﲏ ﳉار ﺣﱴ ظننت أنﻪ ﺳيورﺛﻪ (‪ ،‬واﻷمر نفسﻪ يتﺠلﻰ ﰲ‬
‫تﺸريﻊ الﺰكاة‪ ،‬ﻗال تعاﱃ‪ ) :‬ﺧذ ﻣﻦ أﻣﻮاﳍﻢ ﺻﺪﻗﺔ ﺗﻄﻬرﻫﻢ وﺗﺰﻛﻴﻬﻢ ا‪](...‬التوبة‪. [ 103 :‬‬
‫وتلك اﳌعاﱐ اﻷﺧﻼﻗية ﻻ وﺟود ﳍا ﰲ القانون الوضعي‪.‬‬
‫لﺜا‪ :‬ﻣﻦ حﻴﺚ اﳉﺰاء‬
‫إن التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي ﳚعﻞ من اﳉﺰاء )ﺛوا وﻋقا ( ﻋلﻰ أفعال اﻹنسان ﰲ الﺪنيا واﻵﺧرة‪ ،‬ﰲ الﺪنيا‬
‫ﻋلﻰ أﻋمال اﳉوارح‪ ،‬وﰲ اﻵﺧرة ﻋلﻰ أﻋمال القلوب‪ ،‬من أﺟﻞ ذلك ﳛﺲ اﳌسلم بوازع يﺪﻋوه إﱃ تطﺒيﻖ‬
‫أﺣكام الﺸريعة‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ ﳒﺪ القانون الوضعي ﳚعﻞ العقاب والﺜواب ﰲ الﺪنيا فقط دون اﻵﺧرة‪.‬‬

‫اﳌﺒﺤﺚ السادس‪ :‬الﺒﻨﻴﺔ القانﻮنﻴﺔ للﺸريﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ :‬تﺸتمﻞ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﻋلﻰ نوﻋﲔ من‬
‫اﻷﺣكام العملية الﱵ تتعلﻖ ﻋمال اﻹنسان‪ :‬ﻋﺒادات ومعامﻼت ‪.‬‬
‫والذي يهمنا ﰲ هذا اﳌقام النوع الﺜاﱐ وهو اﳌﻌاﻣﻼت‪ :‬وهي اﻷﺣكام اﳌتعلقة ﻋمال اﻹنسان وتﺼرفاتﻪ‬
‫الﱵ يقﺼﺪ ا تنظيم ﻋﻼﻗتﻪ مﻊ ﻏﲑه ‪ ،‬كالﺒيوع والرهن والﺸركة‪ ،‬واﻷﺣوال الﺸﺨﺼية‪ ...‬وﻏﲑها ‪ ،‬وﻗﺪ‬
‫وردت ﰲ اﳌﺼﺪرين اﻷﺳاﺳيﲔ ) القرآن والسنة ( ﻋلﻰ نوﻋﲔ‪ :‬نوع ﻋام ونوع تفﺼيلي‬
‫الﻨﻮع اﻷول)ﻋام ‪ ،‬أو إﲨاﱄ(‪ :‬مﺒادئ ﻋامة أو كلية أو أﺣكام بﺼورة ﳎملة‪ ،‬وتركت لﻸشﺨاص‬
‫إمكانية وضﻊ اﳉﺰئيات وفقا ﳊاﺟات الﺰمان واﳌكان‪ ،‬وﻗﺪ تﻀمنت هذه اﳌﺒادئ ﳌقارنة مﻊ أﺣكام‬
‫القوانﲔ اﳊالية ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫الﻨﻮع الﺜاﱐ )تفﺼيلي(‪ :‬وهي أﺣكام تتعلﻖ لقانون الﺪوﱄ العام‪ ،‬وأﺧرى تتعلﻖ لقانون الﺪوﱄ اﳋاص‬
‫‪ ،‬وأﺧرى لﺪﺳتور‪ ،‬وأﺧرى تتعلﻖ ﳌسائﻞ اﳉﺒائية واﳌالية ‪ ،‬وأﺣكاما كﺜﲑة تتعلﻖ لقانون التﺠاري‬
‫واﳌﺪﱐ‪ ،‬و ﻷﺣوال الﺸﺨﺼية‪ ،‬ﺳواء ما تعلﻖ منها لﺰواج والطﻼق والوصاية والكفالة واﳌﲑاث‪ ...‬والﱵ‬
‫نظمها الﺸارع أﺣسن تنظيم واﺳتعمﻞ ﰲ تطﺒيقها وﺳائﻞ تقنية ﱂ تكن معروفة ﰲ ذلك الوﻗت ‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ الساﺑﻊ‪ :‬التﻨﻈﻴﻢ القضاﺋﻲ ﰲ الﻨﻈام اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫أﻗامت الﺪولة اﻹﺳﻼمية نظاما ﻗﻀائيا ﻋلﻰ أﺳاس مﺒادئ العﺪالة واﻹنﺼاف‪ ،‬وﻗﺪ كان الرﺳول ﷺ‬
‫واﳋلفاء الراشﺪون من بعﺪه ﳚلسون كقﻀاة لتسوية اﳋﻼفات والنﺰاﻋات بﲔ اﳌسلمﲔ‪ ،‬ﰒ تطور اﻷمر‬
‫فﺄصﺒﺢ اﳉهاز القﻀائي مستقﻼ ‪ ،‬وكان يﺸﱰط ﰲ القاضي توافر شروط تقﱰب من شروط اﳋليفة من‬
‫بينها‪ :‬أن يكون مسلما‪ ،‬ذكرا‪ ،‬ﺣرا ‪ ،‬لغا‪ ،‬ﺳليم اﳊواس من ﲰﻊ وبﺼر‪ ،‬ﳎتهﺪا ) فقيها ﰲ شﺆون‬
‫العﺒادات واﳌعامﻼت ( ‪.‬‬
‫ومن صﻼﺣياتﻪ تسوية اﳋﻼفات ﰲ اﳌسائﻞ اﳌﺪنية واﳉنائية ‪ ،‬كما كان يقوم دارة أموال اليتامﻰ‬
‫واﳌفقودين وﻋﺪﳝي اﻷهلية‪ ،‬ويقوم بتنفيذ الوصا ‪ ،‬وكان يساﻋﺪ ﰲ ذلك اﻷﻋوان‪ ،‬ويستعﲔ القﻀاة‬
‫لكتاب واﳌﱰﲨﲔ واﳋﱪاء ‪.‬‬
‫وتطور النظام القﻀائي ﰲ العهﺪ العﺒاﺳي وأﺧذ شكﻞ القﻀاء اﳉماﻋي‪ ،‬إذ ينظر ﰲ اﳌسﺄلة الواﺣﺪة ﻋﺪد‬
‫من القﻀاة كانوا يتعاونون من أﺟﻞ إﳚاد ﺣلول للمسائﻞ اﻻﺟتهادية الﱵ ﱂ ينﺺ ﻋليها القرآن وﻻ السنة‬
‫النﺒوية ‪.‬‬
‫كما كان القاضي يستعﲔ مناء بيت اﳌال‪ ،‬ﺣيﺚ يكلفهم ﲝفﻆ أموال القﺼر وتسيﲑها‪ ،‬والﱰكات‬
‫واﶈافظة ﻋليها ‪ ،‬إﱃ ﺟانﺐ القﻀاء العادي وﺟﺪت أنظمة ﻗﻀائية ﺧاصة وهي‪ :‬اﳊسﺒةـ‪ ،‬اﳌظاﱂ‪،‬‬
‫والﺸرﻃة ‪.‬‬
‫‪ -1‬نﻈام اﳊسﺒﺔ‪ :‬من بﲔ اﻷنظمة الﱵ أوﺟﺪ ا الﺸريعة اﻹﺳﻼمية لتسوية النﺰاﻋات ومعاﻗﺒة اﳌتسﺒﺐ ﰲ‬
‫ارتكاب اﳌﺨالفات إنﺸاء نظام اﳊسﺒة‪ ،‬ويﺪﺧﻞ ﰲ اﺧتﺼاص هذا النظام النظر ﰲ اﳌسائﻞ اﳌتعلقة‬
‫ﻷمن وراﺣة السكان والنظافة‪ ،‬ﺧاصة نظافة اﻷﺳواق والﺸوارع‪ ،‬وﻏﲑها من اﳌسائﻞ الﱵ هي اليوم من‬
‫اﺧتﺼاص الﺸرﻃة‪ ،‬ومتابعة اﳌﻀاربة وﻗمﻊ الغﺶ ومراﻗﺒة صناﻋة اﳌنتوﺟات واﻷﻃعمة واﻷلﺒسة ومراﻗﺒة‬
‫‪44‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫اﳌوازين ) القياﺳات القانونية ( ‪.‬‬
‫كما يتوﱃ اﶈتسﺐ النهي ﻋن الكذب واﳋيانة ويﺆدب مرتكﺐ ذلك‪ ،‬كما يتوﱃ أﺧذ الرﺳوم من‬
‫أصﺤاب السفن‪ ،‬واﳊكم ﻋلﻰ أصﺤاب اﳌﺒاﱐ اﻵيلة للسقوﻃـ ‪ ،‬وﳛكم فيما يﻼﺣظﻪ من ﲡاوزات‪،‬‬
‫ويتوﱃ تنفيذ اﻷﺣكام ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نﻈام اﳌﻈاﱂ‪ :‬نظام ﳜتﺺ لنظر ﰲ الﺪﻋاوى اﳌتعلقة ﳌنازﻋات بﲔ اﳊاكم واﶈكوم والﱵ يعﺠﺰ‬
‫ﻋن ﺣلها اﶈتسﺐ‪ ،‬كالقﻀا اﳌتعلقة ﻻﻋتﺪاء ﻋلﻰ أموال اﳋﺰينة واﻷﺧطاء اﳌرتكﺒة من الوﻻة وأصﺤاب‬
‫اﳌراكﺰ السياﺳية ﰲ الﺪولة ‪.‬‬
‫‪– 3‬نﻈام الﺸرﻃﺔ‪ :‬نظام مساﻋﺪ للقﻀاء مهمتﻪ ﺣفﻆ اﻷمن‪ ،‬كما تقوم الﺸرﻃة بتنفيذ اﻷﺣكام لنسﺒة‬
‫للقﻀا الﱵ ينظر فيها القﻀاء العام الذي ﻻ يتمتﻊ بﺼﻼﺣية التنفيذ اﳌﺒاشر‪ ،‬ﻋكﺲ القﻀاء اﳋاص )‬
‫اﳊسﺒة ( الذي يقوم بتنفيذ اﻷﺣكام الﺼادرة ﻋنﻪ ‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ الﺜاﻣﻦ‪ :‬ﻣﺼادر التﺸريﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪:‬‬
‫مﺼادر التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي هي اﻷدلة الﱵ تستنﺪ إليها الﺸريعة اﻹﺳﻼمية‪ ،‬وهي نوﻋان‪ :‬مﺼادر أصلية أو‬
‫رﲰية‪ ،‬ومﺼادر اﺣتياﻃية فرﻋية ‪.‬‬
‫اﳌﺼادر اﻷﺻلﻴﺔ‪ :‬هي القرآن الكرﱘ ‪ ،‬والسنة النﺒوية‬
‫أوﻻ– القرآن الﻜرﱘ‪ :‬هو اﳌﺼﺪر اﻷﺳاس للﺸريعة اﻹﺳﻼمية ‪ ،‬ويتفﻖ الفقهاء ﻋلﻰ أن اﻵ ت القرآنية‬
‫اﳌتعلقة ﳌعامﻼت ﻗﺪ نﺰلت ﻋلﻰ النﱯ ﷺ ﰲ اﳌﺪينة بعﺪ اﳍﺠرة‪ ،‬ﺣيﺚ نﺰلت ‪ 70‬آية تتعلﻖ ﻷﺣوال‬
‫الﺸﺨﺼية ‪ 30 ،‬آية تتعلﻖ ﳌسائﻞ اﳉنائية ‪ 20 ،‬آية تتعلﻖ لقﻀاء والسيادة‪ ،‬و‪ 70‬آية تتعلﻖ‬
‫ﳌعامﻼت اﳌﺨتلفة ‪.‬‬
‫وتنقسم اﳉرائم ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية إﱃ ﺛﻼث فﺌات‪:‬‬
‫‪ -1‬ﺟراﺋﻢ اﳊﺪود‪ :‬وهي اﳉرائم اﶈﺪدة ﻋقو ا شرﻋا وهي ﺳﺒعة‪ :‬ﺟرﳝة السرﻗة‪ ،‬الﺰ ‪ ،‬شرب اﳋمر‪،‬‬
‫الﺒغي‪ ،‬القذف‪ ،‬الردة‪ ،‬اﳊرابة ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫‪– 2‬ﺟراﺋﻢ القﺼاص‪ :‬وتتعلﻖ ﻻﻋتﺪاءات اﳉسﺪية الﱵ تﺼيﺐ اﻹنسان‪ ،‬كالقتﻞ العمﺪي‪ ،‬أو ﻏﲑ‬
‫العمﺪي‪ ،‬الﻀرب واﳉرح ‪ ،‬ﺣيﺚ أن ﻋقوبة القتﻞ العمﺪي هي القﺼاص مﻊ الﺪية‪ ،‬أما اﳉرح والﻀرب‬
‫فعقوبتﻪ هي اﳌماﺛلة‪.‬‬
‫‪ – 3‬ﺟراﺋﻢ التﻌﺰير‪ :‬وهي اﳉرائم الﱵ ﲣرج ﻋن دائرة ﺟرائم القﺼاص واﳊﺪود‪ ،‬وﱂ يرد بﺸﺄ ا نﺺ ﳛﺪد‬
‫ﻋقوبتها مﻊ ﺛﺒوت ﲡرﳝها والنهي ﻋن ارتكا ا كﺠرﳝة الر والرشوة وﻏﲑها‪ ،‬وتتغﲑ بتغﲑ الظروف اﳌكانية‬
‫والﺰمانية‪ ،‬وللقاضي ﺳلطة تقﺪيرية واﺳعة لتﺤﺪيﺪ ﻋقوبة هذه اﳉرائم ‪.‬‬
‫نﻴا‪ :‬السﻨﺔ الﻨﺒﻮيﺔ‪:‬هي اﳌﺼﺪر اﻷصلي الﺜاﱐ للﺸريعة اﻹﺳﻼمية ‪ ،‬وتﺸتمﻞ ﻋلﻰ أﻗوال وأفعال وتقريرات‬
‫النﱯ ﷺ ‪.‬‬
‫اﳌﺼادر اﻻحتﻴاﻃﻴﺔ‪:‬‬
‫اﻻﺟتﻬاد‪ :‬كان النﱯ ﷺ ﳛﺚ أصﺤابﻪ ﻋلﻰ اﻻﺟتهاد فيما ﻻ نﺺ فيﻪ‪ ،‬واﺳتمرت الﺸريعة ﰲ ﳕوها‬
‫بعﺪ وفاة النﱯ ﷺ بفﻀﻞ اﺟتهاد اﳋلفاء الراشﺪين معتمﺪين ﰲ ذلك ﻋلﻰ ﻃرق ﳐتلفة كالقياس‬
‫واﻻﺳتنﺒاط من اﻷﺣكام الكلية واﳌﺒادئ العامة الواردة ﰲ القرآن والسنة‪ ،‬إذ كان أبو بكر الﺼﺪيﻖ‬
‫ﻋنﺪما ﻻ ﳚﺪ ﺣكما ﰲ مسﺄلة معينة يسﺄل الﺼﺤابة هﻞ ﻋلمتم أن الرﺳول ﷺ ﻗﻀﻰ ﰲ هذا الﺸﺄن‪،‬‬
‫فإن ﻗالوا نعم‪ ،‬ﻗﻀﻰ ﲟا ﻗﻀﻰ بﻪ النﱯ‪ ،‬وهكذا كان يفعﻞ اﳋلفاء الراشﺪون بعﺪ أﰊ بكر‪ ،‬ﺣيﺚ كانوا‬
‫يقيسون ﻋلﻰ ﻗواﻋﺪ الكتاب والسنة‪ ،‬وﳚتهﺪون فيما ﻻ ﳚﺪون فيﻪ نﺼا‪ ،‬فإذا اﺟتمﻊ رأيهم ﻋلﻰ ﺣكم ﰎ‬
‫القﻀاء بﻪ‪ ،‬وأصﺒﺢ اﻹﲨاع ﳝﺜﻞ مﺼﺪرا من اﳌﺼادر اﻻﺣتياﻃية للتﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي‪ ،‬واﺳتمر الوضﻊ إﱃ‬
‫أن ظهرت ﺧﻼفات ﰲ ﻃرق اﻻﺟتهاد بﲔ مﺪرﺳتﲔ‪:‬‬
‫ﻣﺪرﺳﺔ أﻫﻞ اﳊﺪيﺚ ﳊﺠاز ‪ :‬ويتﺰﻋمها اﻹمام مالك‪ ،‬وتﻀيﻖ من ب اﻻﺟتهاد ﻷنﻪ ﻗﺪ يﺆدي إﱃ‬
‫اﳋطﺄ ‪.‬‬
‫ﻣﺪرﺳﺔ أﻫﻞ الرأي لﻌراق‪ :‬ويتﺰﻋمها اﻹمام أبو ﺣنيفة‪ ،‬وكانت تعتمﺪ ﻋلﻰ اﻻﺟتهاد ﰲ ﲨيﻊ اﳌسائﻞ‬
‫الﱵ ﱂ يرد فيها نﺺ ﰲ القرآن الكرﱘ أو السنة النﺒوية ‪.‬‬
‫وظهرت ﻃرق أﺧرى ﻏﲑ اﻹﲨاع والقياس‪ ،‬كما ظهرت مذاهﺐ ﳐتلفة ﰲ ﳎال اﺧتﻼف الفقهاء فيها ﱂ‬
‫يكن ﰲ الكليات وإﳕا انﺼﺐ ﻋلﻰ اﳉﺰئيات‪ ،‬وﱂ يكن كذلك ﰲ أﺣكام العﺒادات بﻞ اﳌعامﻼت‪ ،‬ﺣيﺚ‬
‫‪46‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫كانوا ﳚتهﺪون من أﺟﻞ تطوير الﺸريعة وفقا للمﺼاﱀ العامة واﳋاصة مادام اﻷمر ﻻ يتعارض مﻊ نﺺ‬
‫شرﻋي‪ ،‬انطﻼﻗا من بعﺾ القواﻋﺪ الفقهية منها ﻗاﻋﺪة " اﻷصﻞ ﰲ اﻷشياء اﻹ ﺣة " وﻗاﻋﺪة " اﻷصﻞ‬
‫ﰲ الذمم الﱪاءة "‪ ...‬وﻏﲑها‪ ،‬ﺣيﺚ ﳉﺄ الفقهاء إﱃ اﺳتنﺒاط اﳊلول‪ ،‬إذا وﺟﺪت مﺼلﺤة تقتﻀي ذلك‬
‫اﳌﺒﺤﺚ التاﺳﻊ‪ :‬ﺛر القانﻮن الﻮﺿﻌﻲ لﺸريﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺛرت ﻗوانﲔ الﺪول العربية ﺣكام الﺸريعة اﻹﺳﻼمية كمﺼﺪر للقانون الوضعي‪ ،‬ﺣيﺚ ﺧذ بعﺾ‬
‫الﺪول ا كمﺼﺪر أول للتﺸريﻊ كاﳌملكة العربية السعودية‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ ﲡعﻞ دول أﺧرى ﻗواﻋﺪ الﺸريعة‬
‫اﳌﺼﺪر الﺜاﱐ بعﺪ التﺸريﻊ كاﳉﺰائر وليﺒيا‪ ،‬وتﻀﻊ دول أﺧرى ﻗواﻋﺪ الﺸريعة ﰲ اﳌرتﺒة الﺜالﺜة بعﺪ التﺸريﻊ‬
‫والعرف‪ ،‬وﻗﺪ أدﺧلت الﺪول العربية بطريقة مﺒاشرة أو ﻏﲑ مﺒاشرة ﳎموﻋة من مﺒادئ الﺸريعة ضمن‬
‫ﻗوانينها الﺪاﺧلية‪ ،‬فقﺪ اﺳتمﺪت معظم الﺪول العربية ﻗانون اﻷﺣوال الﺸﺨﺼية منها‪ ،‬كما تﻀمنت ﻗوانﲔ‬
‫أﺧرى ﺧاصة القانون اﳌﺪﱐ أﺣكاما مستمﺪة من الﺸريعة‪ ،‬نتطرق إﱃ بعﻀها‪:‬‬
‫‪ - 1‬اﻻﻋﱰاف لﺸﺨﺼﻴﺔ اﳌﻌﻨﻮيﺔ‪ :‬اﻋﱰفت الﺸريعة ا للﺪولة ومنﺤت شﺨﺼية معنوية لﺒيت اﳌال‬
‫وللوﻗف ‪.‬‬
‫‪ -‬الﺸﺨﺼﻴﺔ اﳌﻌﻨﻮيﺔ للﺪولﺔ‪ :‬اﻋﱰفت الﺸريعة اﻹﺳﻼمية بﺼﺤة تﺼرفات الﺸﺨﺺ اﳌعنوي‪ ،‬ومنﺤت‬
‫للﺪولة شﺨﺼيتها اﳌعنوية‪ ،‬ﺣيﺚ ﳝﺜلها رئيﺲ‪ ،‬أو ﺧليفة أو أمﲑ‪ ،‬يساﻋﺪه نواب وموظفﲔ‪ ،‬وتتﺠلﻰ هذه‬
‫الﺸﺨﺼية اﳌعنوية ﰲ اﳌعامﻼت اﳋارﺟية والﺪاﺧلية ‪ ،‬إذا كان ما يﱪمﻪ وﱄ اﻷمر من معاهﺪات ﺣﻖ ﳏﱰم‬
‫وملﺰم للﺪولة ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺑﻴﺖ اﳌال‪ :‬ﻋرفت الﺸريعة اﻹﺳﻼمية نظرية الفﺼﻞ بﲔ بيت اﳌال وبيت السلطة ‪ ،‬ﺣيﺚ‬
‫كان ﳑﺜﻞ بيت اﳌال يتوﱃ اﶈافظة ﻋلﻰ أموال اﳌسلمﲔ‪ ،‬وكان يتمتﻊ ﲝﻖ التقاضي ﺳم بيت اﳌال ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺷﺨﺼﻴﺔ الﻮﻗف‪:‬منﺢ التﺸريﻊ اﻹﺳﻼمي للوﻗف شﺨﺼية اﻋتﺒارية ﳝﺜلها ظر الوﻗف‪ ،‬يتوﱃ إبرام‬
‫العقود اﳌتعلقة ﺳتغﻼل اﻷموال اﳌوﻗوفة‪ ،‬ويقﻊ ﻋليﻪ التﺰام اﶈافظة ﻋلﻰ اﳊقوق اﳌوﻗوفة ‪ ،‬ويستطيﻊ أن‬
‫يﺸﱰي ويستﺪين ﳌﺼلﺤة الوﻗف ‪.‬‬
‫‪– 2‬نﺰع اﳌلﻜﻴﺔ للمﻨﻔﻌﺔ الﻌاﻣﺔ‪ :‬إذا تعارضت مﺼلﺤة ﻋامة مﻊ مﺼلﺤة ﺧاصة يتم تغليﺐ اﳌﺼلﺤة‬
‫العامة مﻊ وﺟوب دفﻊ تعويﺾ ﻋادل من بيت اﳌال‪ ،‬وهو ما ﳒﺪه ﰲ القانون الوضعي إذ اﳌلكية ﺣﻖ‬
‫‪47‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫مﻀمون ﻻ يستهلك إﻻ ﰲ ﺣالة نﺰﻋها لتﺤقيﻖ النفﻊ العام ‪.‬‬
‫‪– 3‬ﺗﻌﻮيﺾ الﺪولﺔ ﻋﻦ اﳋﻄﺄ اﳌرﻓقﻲ‪ :‬اﻋﱰفت الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﻗﺒﻞ القوانﲔ الوضعية ﲟسﺆولية الﺪولة‬
‫ﻋن اﳋطﺄ الذي يرتكﺒﻪ القﻀاة واﳌوظفﲔ التابعﲔ ﳍا ‪.‬‬
‫‪ – 4‬التﻔﻮيﺾ‪ :‬ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﳝكن للموظف الذي يتوﱃ منﺼﺒا ر ﺳيا تفويﺾ بعﺾ‬
‫اﺧتﺼاصاتﻪ لﺒاﻗي اﳌوظفﲔ‪ ،‬وهذا اﳌﺒﺪأ ﳒﺪه ﰲ القانون الوضعي ‪.‬‬
‫‪– 5‬الﻌقار لتﺨﺼﻴﺺ‪ :‬هذا اﳌﺒﺪأ مﺄﺧوذ من الﺸريعة اﻹﺳﻼمية رﻏم اﺧتﻼف آراء الفقهاء ﰲ ﲢﺪيﺪ‬
‫تﺒعات العقار لتﺨﺼيﺺ‪ ،‬إذ يعتﱪ الﺒعﺾ أن العقار ﳜﺺ اﻷرض دون ما فوﻗها من بنا ت وأشﺠار‪،‬‬
‫وهذا رأي اﳊنفية‪ ،‬ﰲ ﺣﲔ يعتﱪ الﺒعﺾ أن العقار لتﺨﺼيﺺ ﳜﺺ اﻷرض وما ﻋليها من بنا ت‬
‫وأشﺠار مادامت متﺼلة ﻷرض اتﺼاﻻ كامﻼ ﻏﲑ ﻗابﻞ للنقﻞ دون تلف‪ ،‬وهذا رأي اﳌالكية‪ ،‬أما‬
‫القوانﲔ الوضعية فقﺪ ﻗسمت اﳌال إﱃ ﻋقار ومنقول ‪ ،‬كما تناولت نظرية العقار لتﺨﺼيﺺ الذي هو‬
‫منقول رصﺪا ﳋﺪمة العقار‪ ،‬وهو يتمتﻊ ﳊماية اﳌقررة للقانون ‪.‬‬
‫‪ – 6‬التﺼرف ﻹرادة اﳌﻨﻔردة ‪ :‬ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية تكفي اﻹرادة اﳌنفردة ﻹنﺸاء ﻋﺪة أﺣكام‬
‫كالطﻼق والوﻗف ‪ ،‬وﳒﺪ أن القوانﲔ الوضعية ﻗﺪ أﺧذت ﻹرادة اﳌنفردة كمﺼﺪر لﻼلتﺰام ‪.‬‬
‫‪ – 7‬ﻋقﺪ اﻹذﻋان‪ :‬لﻪ أصﻞ ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية إذ كان يسمﻰ بيﻊ اﻻﺳتﺌمان واﻻﺳتسﻼم ﰲ هذا‬
‫الﺒيﻊ يقوم اﳌﺸﱰي بﺪفﻊ الﺜمن اﶈﺪد دون أن يناﻗﺶ ﺳعر السلعة وﻻ شروط التعاﻗﺪ إﳕا لﻪ فقط أن‬
‫يﺸﱰيها بﺸروﻃها أو يرفﺾ الﺸراء ‪ ،‬وﻗﺪ أﺧذت بﻪ التﺸريعات الوضعية ﰲ ﻋقﺪ التﺄمﲔ‪ ،‬ﻋقود التﺰود‬
‫لكهر ء واﳌاء ‪.‬‬
‫‪ – 8‬التضاﻣﻦ‪ :‬اﻋﱰفت القوانﲔ الوضعية لتﻀامن بﲔ الﺪائنﲔ ‪ ،‬ﺣيﺚ يكون للﺪائن مطالﺒة اﳌﺪين‬
‫لﺪين‪ ،‬وﳚوز ﳍم اﳌطالﺒة ﳎتمعﲔ ‪ ،‬كما اﻋﱰفت لتﻀامن بﲔ اﳌﺪينﲔ إذ ﳛﻖ للﺪائن أن يطالﺐ أي‬
‫مﺪين للوفاء ﻻلتﺰام ‪ ،‬وهذا اﳌﺒﺪأ ﳒﺪه ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية الﱵ اﻋﱰفت لتﻀامن بﲔ الﺪائنﲔ ‪.‬‬
‫‪ – 9‬الﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪم التﻨﻔﻴذ‪ :‬ﰲ القانون الوضعي ﳛﻖ لكﻞ من التﺰم داء شيء أن ﳝتنﻊ ﻋن الوفاء بﻪ ﻃاﳌا‬
‫أن الطرف اﻵﺧر ﱂ يقم ﻻلتﺰام اﳌقابﻞ‪ ،‬وهذه الفكرة ﳍا أصلها ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية فهي تطﺒيﻖ من‬
‫تطﺒيقات ﺣﻖ اﳊﺒﺲ ‪ ،‬الذي ﳜول للﺒائﻊ ﺣﺒﺲ اﳌﺒيﻊ ﺣﱴ يوﰲ اﳌﺸﱰي لﺜمن‪ ،‬كما ﳒﺪ هذا اﳌﺒﺪأ ﰲ‬
‫‪48‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫ب اﻹﻗالة ‪.‬‬
‫‪ – 10‬نﻈريﺔ الﻈروف الﻄارﺋﺔ‪ :‬أﺧذت الﺸريعة ا‪ ،‬وكان من أهم تطﺒيقا ا العقود اﳋاصة بﺒيﻊ الﺜمار‪،‬‬
‫ﺣيﺚ إذا ﻃرأ ﻋليها ﻗﺒﻞ ﺟنيها ﺧطر ﻏﲑ متوﻗﻊ كاﳉفاف والﺒَـَرد‪ ...‬ﳚوز لﻸﻃراف مراﺟعة بنود العقﺪ‪،‬‬
‫وﰲ القانون الوضعي إذا وﻗﻊ أﺛناء تنفيذ العقﺪ ﺣادث اﺳتﺜنائي ﺟعﻞ تنفيذ اﻻلتﺰام مرهقا لنسﺒة للمﺪين‬
‫‪ ،‬ﳚوز للقاضي التﺪﺧﻞ لرد اﻻلتﺰام إﱃ اﳊﺪ اﳌعقول ‪.‬‬
‫‪ -11‬اﻻلتﺰام الﻄﺒﻴﻌﻲ‪ :‬ﰲ القانون الوضعي هو اﻻلتﺰام الذي يلتﺰم بﻪ اﳌﺪين بفعﻞ شيء أو اﻻمتناع ﻋنﻪ‬
‫‪ ،‬وهو ﺣكم مستمﺪ من الﺸريعة اﻹﺳﻼمية ‪.‬‬
‫‪ – 12‬ﻣسﺆولﻴﺔ ﺻاحب الﺒﻨاء‪ :‬يقرر القانون الوضعي مسﺆولية مالك الﺒناء فيما ﳛﺪﺛﻪ اﻻ يار الكلي‬
‫أو اﳉﺰئي للﺒناء من أضرار ‪ ،‬وهذه النظرية ﳍا أصﻞ ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية وتتمﺜﻞ ﰲ مسﺆولية مالك‬
‫اﳉﺪار ﻋن اﻷضرار الﱵ يسﺒﺒها للغﲑ ﰲ ﺣالة اﻻ يار ‪.‬‬
‫‪ – 13‬ﻣلﻜﻴﺔ الﻄﺒقات‪ :‬ﰲ القانون الوضعي هي أن ﳝلك كﻞ شﺨﺺ ﻃﺒقة من الﺒناء ﳛﺪد القانون‬
‫ﺣقوق كﻞ مالك‪ ،‬وﳍذه الفكرة أصﻞ ﰲ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية واﳌتمﺜلة ﰲ بيﻊ الفﻀاء ‪ ،‬وتنقسم إﱃ ‪ :‬بيﻊ‬
‫فﻀاء فوق أرض‪ ،‬بيﻊ فﻀاء فوق بناء‪ ،‬بيﻊ فﻀاء فوق فﻀاء ‪.‬‬
‫‪ – 14‬إﺳاءة اﺳتﻌمال اﳊﻖ‪ :‬تستنﺪ هذه النظرية ﰲ القانون الوضعي ﻋلﻰ أن اﳊﻖ منﺢ ﳋﺪمة الفرد‬
‫وﲢقيﻖ الغرض اﻻﺟتماﻋي‪ ،‬فإذا أﺳاء الﺸﺨﺺ اﺳتعمال اﳊﻖ كان ذلك موﺟﺒا للﺠﺰاء‪ ،‬هذه النظرية‬
‫وضعتها الﺸريعة اﻹﺳﻼمية منذ ظهورها‪ ،‬وﱂ يعرفها القانون الروماﱐ وﻻ القوانﲔ اﳌستمﺪة منﻪ‪ ،‬وﱂ‬
‫يكتﺸفها فقهاء الغرب إﻻ بعﺪ أواﺧر القرن ‪. 19‬‬
‫‪ – 15‬التﻌاﻗﺪ وﻓﻖ دﻓﱰ الﺸروط‪ :‬أﺧذت الﺸريعة اﻹﺳﻼمية بنظام الﺒيﻊ ﻋلﻰ أوصاف ﺳلعة معينة‬
‫ﳛﺪدها أﻃراف العﻼﻗة‪ ،‬وﻗﺪ اﺳتمﺪ ﻗانون التﺸريعات الوضعية من هذا النظام ما ﲰي اليوم بﺪفﱰ‬
‫الﺸروط‪ ،‬إذ تعﲔ فيﻪ أصناف وأنواع اﳋﺪمات والسلﻊ ﻗﺒﻞ صنعها أو اﳒازها ‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ الﻌاﺷر‪ :‬ﺛر القانﻮن اﳌﺪﱐ اﳉﺰاﺋري لﺸريﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪:‬‬
‫تعتﱪ الﺸريعة اﻹﺳﻼمية اﳌﺼﺪر الوﺣيﺪ لقانون اﻷﺣوال الﺸﺨﺼية ‪ ،‬واﳌﺼﺪر الﺜاﱐ لﺒاﻗي القوانﲔ‬
‫اﻷﺧرى‪ ،‬ما ﻋﺪا القانون التﺠاري الذي تعتﱪ فيﻪ الﺸريعة اﳌﺼﺪر الﺜالﺚ بعﺪ التﺸريﻊ والعرف ‪ ،‬ﻃﺒقا‬
‫‪49‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫للمادة ‪ 01‬من اﻷمر ‪ ، 27 – 96‬أما فيما ﳜﺺ القانون اﳌﺪﱐ فيﺄﺧذ لﺸريعة اﻹﺳﻼمية ﰲ ﻋﺪة‬
‫أمو ر نذكر منها‪ - :‬اﻷﺧذ بنظرية التعسف ﰲ اﺳتعمال اﳊﻖ – نظرية الظروف الطارئة ‪ -‬اﻹرادة‬
‫اﳌنفردة كمﺼﺪر لﻼلتﺰام – تﺒعة هﻼك اﳌﺒيﻊ ﻗﺒﻞ التسليم ﻋلﻰ ﻋاتﻖ الﺒائﻊ – ﺧيار الرؤية ﰲ الﺒيﻊ –‬
‫اﳊلول اﳌتعلقة بتﺼرفات اﳌريﺾ مرض اﳌوت – نظام اﳌلكية الﺸائعة – معيار الغﱭ ﰲ بيﻊ العقار ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎرن ‪ /‬أ‪.‬د ﺑﻦ ﺳﻌيﺪ ﻣﻮﺳﻰ‬
‫اﳌﺼادر واﳌراﺟﻊ‪:‬‬
‫ﻋلي ﷴ ﺟعفر‪ :‬نﺸﺄة القوانﲔ وتطورها – مﺪﺧﻞ إﱃ دراﺳة القوانﲔ القﺪﳝة – القانون الروماﱐ –‬
‫الﺸريعة اﻹﺳﻼمية‪.‬‬
‫ﷴ نور فرﺣات‪ :‬ريﺦ النظم اﻻﺟتماﻋية والقانونية‬
‫ﷴ العروصي‪ :‬اﳌﺨتﺼر ﰲ اﳌنهﺠية القانونية ‪.‬‬
‫آمنة ﲰيﻊ‪ :‬ﳏاضرات ﰲ ﻗواﻋﺪ اﻹﺳناد ‪.‬‬

‫‪51‬‬

You might also like