You are on page 1of 25

‫ملخص محاضرات مادة مقارنة االنظمة القانونية‬

‫موجهة الى طلبة السنة الثالثة قانون خاص (املجموعة االولى)‬


‫أ ‪ :‬زيتوني فاطمة الزهراء‬

‫تمهيد ‪:‬‬
‫تسعى جل األنظمة القانونية إلى تنمية العالقات اإلنسانية فيما بينها لتحقيق التعاون املنشود ‪.‬و ال‬
‫يمكن أن يتحقق ذلك إال بالتعرف على الشعوب‪ ،‬و أنظمتها و دراسة شرائعها و ايديولوجياتها‪.‬كل ذلك‬
‫للتقريب بينها و حسن التعاون و التفاهم فيما بينها ‪،‬و ايضا لالستفادة من تجارب االخرين ‪.‬‬
‫من ثم تظهر أهمية املقارنة بين األنظمة القانونية‪ ،‬في أننا نهتدي بها إلى مصدر القاعدة القانونية‬
‫العطاء تفسير للقانون ‪.‬و أيضا إلى اصالح التشريع الذي عادة مايكون عن طريق معرفة محاسن و‬
‫مساوئ القانون الوطني مقارنة بالقانون االجنبي ‪.‬‬
‫و قد برزت أهمية الدراسات املقارنة أكثر في عصر النهضة ‪،‬حيث بدأت دراسته في الجامعات الغربية‬
‫‪ ،‬و يرجع السبب في ذلك إلى انتشار التجارة الدولية ‪.‬و في الوقت الحالي تميزت الدراسات املقارنة‬
‫ببعدها االقتصادي لتحقيق املنفعة من املعامالت سيما التجارية ‪.‬‬
‫و قد اتسع نطاق املقارنة ‪،‬فبعد أن كانت تتم بين قوانين ذات أصول مشتركة من حيث البنية و‬
‫املفاهيم‪ ،‬أصبحت تتم بين قوانين دول مختلفة من حيث البنية و املفاهيم لتعزيز التعاون الدولي‪.‬‬
‫و قد أفض ى التطور إلى سعي الدول لتوحيد القوانين ‪،‬و أنشأت لهذا الغرض معاهد و هيئات دولية‬
‫مثل األكاديمية الدولية للقانون املقارن التي تأسسست في الهاي سنة ‪.1924‬و املعهد الدولي لتوحيد‬
‫القانون الخاص الذي أنشأته عصبة األمم املتحدة سنة ‪ .1928‬معهد روما الدولي لتوحيد القانون‬
‫الخاص ‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫و أمام تعدد القوانين الوضعية السائدة في بلدان العالم أصبح من الصعب بل من املستحيل االطالع عليها‬
‫جميعا‪.‬مما جعل الفقه املقارن يتبعون منهج اإلنتقال من العام إلى الخاص فبذلو جهودا في تصنيف مختلف‬
‫القوانين الوضعية على أساس معايير معينة في شرائع كبرى‪ ،‬تتصف كل شريعة بخصائص جوهرية مشتركة‬
‫من شأن معرفتها تسهيل اإلطالع عليها و دراستها‪.‬‬
‫و من بين الخصائص التي صنفت على أساسها هذه الشرائع مصادر القاعدة القانونية املوحدة ‪.‬‬
‫تقسيمات القانون وحدة املفاهيم و املصطلحات‪ ،‬و اتباع نفس مناهج التفسير و التصورات و أيضا‬
‫اسلوب صياغة القاعدة القانونية‪ .‬لذلك فإن موضوع القانون املقارن هو دراسة الشرائع العاملية‬
‫األساسية السائدة في العالم املعاصر‪.‬و يقصد بكلمة شريعة في هذا الصدد عائالت تسمح بجمع عدد‬
‫كبير من القوانين التي تشترك في مسائل مشتركة ‪.‬‬
‫ألجل انجاز هذه الدراسة نعرض أهم املحاور التي سنتعرض لها ‪:‬‬
‫املحور االول ‪:‬مفهوم القانون املقارن‬

‫املحور الثاني ‪ :‬النظام الالتيني* النظام الروماني الجرماني *‬


‫تضم هذه العائلة مجموعتين من القوانين ‪.‬‬
‫املجموعة الالتينية (الرومانية) تتمثل في القانون املدني الفرنس ي و غيره من القوانين املتأثرة به‬
‫كإسبانيا و البرتغال و إيطاليا و مستعمراتها ‪،‬و غيرها من الدول كالصين و اليابان و بعض دول أمريكا‬
‫الالتينية ‪.‬‬
‫املجموعة الجرمانية ‪ :‬تتمثل في القانون األملاني و األنظمة املستمدة منه كالنمسا و املجر ‪.‬‬
‫و سنتعرض في دراستنا لهذا النظام إلى مصادر القانون ثم إلى اإليديولوجية التي يقوم عليها هذا النظام‬
‫املحور الثالث ‪ :‬النظام األنجلوسكسوني (الكومن لو البريطاني و الكومن لو االمريكي)و يقصد بالكومن‬
‫لو القانون املشترك‬
‫تضم ‪:‬أيضا مجموعتين‬
‫الكومن لو البريطاني أو مجموعة القانون العام االنجليزي ‪.‬و هو نظام يقوم على السوابق القضائية‬
‫‪.‬حيث أن القاعدة القانونية في هذا النظام هي قاعدة قانونية خاصة بواقعة معينة ‪.‬‬
‫الكومن لو االمريكي ‪ :‬أي النظام القانوني االمريكي إذ يمتلك خصوصيات تختلف عن النظام البريطاني‬
‫نظرا لعدة عوامل أهمها تركيبة املجتمع االمريكي ‪.‬تعدد الشعوب ‪.‬النظام السياس ي رئاس ي ‪ .‬فعلى الرغم‬

‫‪2‬‬
‫من أن النظام االمريكي و الب ربيطاني يشتركان في املبادئ األساسية و البناء القانوني إال أنهما يختلفان‬
‫في بعض املسائل ‪.‬‬
‫املحور الرابع ‪ :‬النظام االسالمي و تأثر القانون الجزائري بالقانون املقارن و بأحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية‬

‫املحور األول ‪ :‬مفهوم القانون املقارن ‪.‬‬

‫• نشاة القانون املقارن ‪(.:‬قدم املقارنة و حداثة علم القانون املقارن)‬


‫إن الدراسات القانونية قديمة النشأة ‪،‬غير أن القانون املقارن كعلم و منهج حديث النشأة نسبيا ‪.‬و يرجع‬
‫السبب في ذلك إلى أنه بقي ملدة طويلة يهتم باستخالص مبادئ و حلول مع احترام ارادة اللله و الطبيعة و‬
‫عقل االنسان‪.‬‬
‫في بالد مابين الر افدين ‪ :‬قام امللك حمورابي بتوحيد األعراف و القوانين التي كانت سائدة في بالد مابين‬
‫الرافدين و هو من أهم أهداف القانون املقارن أي توحيد القانون سيما في الدولة الواحدة‪.‬‬
‫لدى اليونان ‪ :‬تعود األبحاث املقارنة إلى أثينا حيث قام أفالطون بمقارنة قوانين املدن في كتابه حوار حول‬
‫القانون كذلك الفيلسوف أرسطو سنة ‪ 384-322‬قبل امليالد في كتابه عن السياسة قام باملقارنة بين دساتير‬
‫‪ 158‬مدينة يونانية و أجنبية ليصوغ دستور أثينا ‪.‬و قد كتب في هذا الصدد أنه علينا أن ندرس معا قوانين‬
‫الدول التي نعتبر أنها تتمتع بأحسن القوانين و الدساتير‪ ،‬فنكشف عما ينطوي عليه كل منها من خير قابل‬
‫للتطبيق ‪.‬‬
‫و يرى الفقه الراجح في هذا االطار بأن الفقيه صولون قد قام بزيارة عدة بلدان إلعداد قوانين أثينا في القرن‬
‫السادس عشر قبل امليالد ‪.‬‬
‫لدى الرومان ‪ :‬تأثر الرومان بثقافات و حضارات الشعوب املختلفة ‪.‬فإستفاد الرومان من تجارب اليونان في‬
‫دراسة قوانين املدن فإقتبسو منها ‪.‬إذ أنه عند سن مدونة قانون األلواح اإلثنى عشر تأثرو بقانون صولون‬
‫‪.‬حيث تم إعداد قانون األلواح اإلثنى عشر من قبل لجنة تتكون من عشرة فقهاء ‪،‬بعد أن أرسلو بعثة إلى‬
‫اليونان الكبرى لدراسة قوانين صولون ‪.‬و ذلك في القرن الخامس امليالدي ‪.‬و قد تأثر القانون الروماني‬
‫بتقسيم األموال حسب ماكان معروفا لدى اليونان ‪،‬كذلك باجراءات املحاكمة ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫القانون املقارن في العصور الوسطى ‪:‬‬
‫في أوربا ‪ :‬ظهرت في القرن الحادي عشر ميالدي تحديدا في مدينة بولونا بإيطاليا حركة تعني بإحياء دراسة‬
‫القانون الروماني اتخذت أساسا لها مجموعة جوستنيان ‪.‬فنشطت بذلك الدراسة املقارنة ثم تطور األمر‬
‫ليشمل املقارنة بين القانون الكنس ي و القانون االقطاعي‪ .‬ثم انتشرت هذه الحركة لتشمل أغلب ربوع أوربا‬
‫الغربية ‪،‬سيما ملا أصبح القانون الروماني يدرس في جامعات املدن الكبرى ‪.‬‬
‫و قد تأثر القانون الروماني بالقانون الكنس ي و من بين األحكام التي استمدها هذا النظام من القانون الكنس ي‬
‫حكم األخذ بالظروف املستجدة التي تجيز تعديل العقد ‪.‬ثم ظهرت مدرسة القانون الطبيعي في القرن السابع‬
‫عشر و التي نادت إلى قانون عاملي مشترك ‪،‬مما مهد لظهور التشريع‬
‫و في انجلترى تمت املقارنة بين القانون الكنس ي املستمد من الديانة املسيحية ‪،‬و املهتم بمسائل الزواج و‬
‫حسن النية و تجنب االستغالل و تحريم الربا مع شريعة الكومن لو ‪.‬‬
‫و حدثت أيضا في أملانيا مقارنة بين القانون الروماني و الكنس ي و األعراف السائدة لدى القبائل الجرمانية‪.‬‬
‫كما أشار مونتسكيو في كتابه روح القوانين إلى املقارنة بين األنظمة السياسة املختلفة ‪ ،‬للتمكن من‬
‫استخالص قواعد دستورية لحكومة صالحة‪ ،‬أي مبادئئ أحسن نظام حكم‪.‬‬
‫في بالد املسلمين ‪:‬‬
‫عرفت املقارنة بين املذاهب الفقهية و من أوائل من قامو باملقارنة اإلمام الشافعي من خالل الكتاب املنسوب‬
‫اليه املعنون *اختالف مالك و الشافعي * ‪.‬كذلك ما ألفه الطبري حيث قارن بين أقوال الفقهاء في مسائل‬
‫متعددة في كتابه *اختالف الفقهاء‪ *.‬و من أشهر الكتب التي تناولت املقارنة بين كل املذاهب الفقهية كتاب‬
‫"بداية املجتهد و نهاية املقتصد" إلبن رشد الحفيد ‪.‬‬
‫القانون املقارن في العصرالحديث ‪ :‬نشطت الدراسات املقارنة في أوربا ابتداءا من النصف الثاني من القرن‬
‫التاسع عشر ‪،‬و أصبحت هذه الدراسات وسيلة لالستفادة من تجارب باقي األمم لتحسين القوانين الوطنية‬
‫‪،‬و سد ما بها من ثغرات ‪.‬‬
‫إذ برزت أهمية الدراسات املقارنة أكثر في عصر النهضة‪ ،‬حيث بدأت دراسته في الجامعات الغربية ‪.‬و يعود‬
‫الفضل في تدريسه في الجامعات إلى أعمال البريطاني "سير هنري سومر ماين"‪.‬‬
‫و من ثم فإن القانون املقارن كان وليد الدراسات القانونية املقارنة التي انتشرت في الجامعات الغربية ‪،‬و قد‬
‫ساعدت عدة عوامل على انتعاش الحركة العلمية في الجامعات أهمها ‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫‪-‬انتشار التجارة بين الدول الغربية الوربا و التي أدت إلى خلق قواعد قانونية تجارية مشتركة‪.‬‬
‫‪-‬تبني الكنيسة للقانون الروماني ملا يقوم عليه من مبادئ مبنية على العقل‪ ،‬و مطابقة القانون االلهي‪.‬‬
‫‪-‬امتداد اعتماد الدراسات القانونية في الجامعات االوربية ال سيما الجامعات الفرنسية ‪،‬و التي اتخدت من‬
‫القانون الروماني و الدين املسيحي و القانون الطبيعي مجاال للمقارنة‪ ،‬ليتشكل ما يسمى القانون العرفي‬
‫املشترك‪.‬‬
‫ثم نشأت جمعية التشريع املقارن في فرنسا سنة ‪. 1869‬‬
‫و قد بدأت مرحلة التأسيس الفعلي للقانون املقارن في مطلع القرن ‪ ،20‬وذلك بعقد مؤتمر دولي للقانون‬
‫املقارن بباريس سنة‪ ،1900 /07/31‬بدعوة من جمعية التشريع املقارن ‪.‬إذ كانت الفكرة األولى للمؤتمر هو‬
‫وضع قانون مشترك للنسانية املتحضرة ‪.‬‬
‫إلى جانب الدراسات الجامعية أنشأت معاهد و مراكز و جمعيات للبحوث املقارنة كاملركز الفرنس ي للقانون‬
‫املقارن‪.‬‬
‫حيث يصدر حولية التشريع الفرنس ي و األجنبي ‪.‬جمعية التشريع املقارن تصدر مجلة دولية للقانون‬
‫املقارن‪.‬معهد القانون الدولي و القانون املقارن ‪.‬في ايطاليا معهد القانون التجاري املقارن ‪.‬في بلجيكا املركز‬
‫الجامعي للقانون املقارن في بروكسل‪.‬‬

‫• تعريف القانون املقارن و طبيعته‪.‬‬


‫تعريف القانون املقارن ‪ :‬إن القانون املقارن ليس فرع من فروع القانون كالقانون املدني و التجاري أو‬
‫االداري و الجنائي ‪ .‬فالقانون املقارن ليس مجموعة من القواعد القانونية التي تعني بتنظيم سلوك االفراد‬
‫داخل املجنمع‪ .‬فهو علم يشمل كل فروع القانون مهما كانت تقسيماته مثل القانون املقارن الجنائي‪ ،‬املقارن‬
‫التجاري املقارن املدني‪...‬الخ و هو دراسة قانونية أو بحث قانوني يقوم على أساس املقارنة بين قانونين أو‬
‫اكثر ‪.‬‬
‫و قد أطلق عليه الفقه عدة تسميات فأطلق عليه الفقه األملاني مصطلح مقارنة القوانين ‪،‬في حين أطلق‬
‫عليه اإلنجليز تسمية اإلجتهاد املقارن ‪،‬أما في فرنسا فأ طلق عليه الفقيهان المبير و سالي تسمية التشريع‬
‫املقارن و يعود لهما الفضل في إنشاء جمعية التشريع املقارن سنة ‪. 1869‬‬

‫عرفه المبير و سالي بأنه " القانون الذي يبحث عن القواعد املشتركة بين الشرائع و النظم املختلفة"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫عرفه روني دافيد بأنه *الطريقة املقارنة التي تطبق على الدراسة املقارنة*‬
‫و عرفه مؤتمر الهاي للقانون املقارن سنة ‪ 1937‬على أنه * القانون الذي يعمل على املقارنة بين قوانين‬
‫بلدان مختلفة من أجل استخالص أوجه التشابه و أوجه اإلختالف بين هذه القوانين*‬
‫و يختلف القانون املقارن عن املنهج املقارن في أن املنهج املقارن فيه مصطلح منهج يعبر عن الطريقة التي‬
‫يتبعها الباحث في دراسة مشكلة ما‪ ،‬و فيه مصطلح املقارنة و هي عملية ذهنية يتم من خاللها إبراز أوجه‬
‫اإلختالف و أوجه التشابه بين نظامين متشابهين ‪.‬فهي عملية نظرية تدخل ضمن امللكات الذهنية للنسان‪.‬أما‬
‫املنهج املقارن يشمل عملية املقارنة الذهنية إضافة إلى تقنيات و وسائل البحث بغرض استخالص النتائج‪.‬‬
‫لذلك نجد أن املنهج هو الذي يعطي للعلم ( و نقصد بذلك القانون املقارن باعتباره علم ) قيمته العلمية‬
‫‪.‬ذلك دون منهج ال يقوم العلم ‪.‬‬

‫• طبيعة القانون املقارن‬

‫يرجع سبب اختالف الفقه في مسألة تعريف القانون املقارن إلى اختالفه في تحديد طبيعته ‪.‬إذ ثار الجدل و‬
‫إحتدم بين الفقهاء بخصوص طبيعة القانون املقارن بين من يرى أنه علم و من يرى أنه طريقة‪:‬‬
‫القانون املقارن علم مستقل فهو علم يضع أسس املقارنة و مناهجها و أهدافها ‪،‬و يحدد نطاقها ليحقق‬
‫الهدف منه بإثراء علم القانون و إعداد منظومة تشريعية تتسم بالوضوح و الدقة و الثراء و الواقعية و‬
‫العدل‪ ،‬و تستجيب ملقتضيات التنمية‪ ،‬و اشباع الحاجيات املتزايدة لألشخاص و املجتمع ‪.‬‬
‫و يتزعم هذا اإلتجاه كل من الفقيهين سالي و المبير حيث يريان أن القانون املقارن علم مستقل عن فروع‬
‫القانون املختلفة ‪،‬الغاية منه استخالص قانون مشترك يصلح لحكم االنسانية ‪.‬‬
‫و يرى هذا اإلتجاه و بالرجوع للمدرسة التاريخية أن القانون غير مطلق ‪،‬و اليقوم على مبادئ ثابتة و عاملية‪.‬‬
‫فالقانون متطور و متغير و نسبي‪ ،‬يتغير حسب األمكنة و األزمنة ‪.‬على هذه الفكرة يقوم القانون املقارن كعلم‬
‫مستقل بذاته يهدف إلى معرفة القوانين األجنبية إذ أن غايته تحسين و توحيد القانون و النظم املختلفة‬
‫‪.‬فالقانون املقارن مرتبط بالعامل التاريخي ‪.‬غير أنه انتقد هذا االتجاه لكون أن علم التاريخ القانون مستقل‬
‫عن علم القانون املقارن و ليس جزءا منه ‪.‬و أيضا ملبالغته في تحديد الغاية من القانون املقارن و املتمثل في‬
‫قانون مشترك دولي إنساني يصلح لكل مجتمع و لكل بلد‪.‬إلصطدام هذه الفكرة بعقبات‪ ،‬و ال سيما اختالف‬
‫عادات الشعوب و بناءها القانوني ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫القانون املقارن طريقة‪ :‬أغلبية الفقه الفرنس ي متفقون على أن القانون املقارن يهدف إلى معرفة القوانين‬
‫االجنبية و ذلك باستخدام الطريقة املقارنة ‪.‬فهو طريقة و منهج تستخدم عند دراسة و مقارنة أكثر من‬
‫قانونين وضعيين للتعرف على أوجه التشابه و أوجه االختالف ‪.‬‬
‫غير أن الفقه لم يتفق على الطريقة املقارنة التي من املمكن أن تصل إلى اعداد مجموع من القواعد أو على‬
‫االقل اقتراح مجموع من املبادئ املنهجية املشتركة التي تسمح بتشكيل األساس للطريقة املقارنة‪ .‬فإعتبار‬
‫القانون املقارن طريقة جاهزة للتطبيق مجرد فرضية ‪ ،‬إذا لم يتم االجابة بشكل واضح عن األسئلة املهمة‬
‫التالية‪:‬ماذا يجب أن تقارن بشكل دقيق األنظمة القانونية أم فروع القانون أم فقط القواعد القانونية‪ .‬و‬
‫على ماذا تقوم املقارنة و ما هي إجراءاتها ؟فاملقارنة بين القوانين األجنبية و الوطنية ليس باألمر الهين و ال‬
‫تأتي ثمارها بمجرد املقابلة بين القواعد املوضوعية التي تتضمنها هذه القوانين ‪.‬فالفهم الكامل لهذه القواعد‬
‫ال يتم إال في ضوء املعرفة السابقة للخصائص األساسية للشريعة التي ينتمي إليها كل قانون من القوانين‬
‫األجنبية موضوع املقارنة ‪.‬‬
‫إن الفقه و مع تصاعد األهمية العلمية للقانون املقارن أصبح يهتم باإلجابة عن تلك األسئلة أي ‪ :‬ماهي الغاية‬
‫من وجود قانون مقارن أو ماهو هدفه ‪ .‬هل هدفه توحيد القانون على أكبر مستوى ممكن ؟ماهي االجراءات‬
‫و التقنيات املعدة لتحقيق هذه الغايات ؟ و ذلك ألجل إعداد أسس و مبادئ عامة و مشتركة للطريقة املقارنة‬
‫‪.‬و إهتمو باألساس بماهية و تطبيقات القانون املقارن‪ ،‬و موضوعه و دوره و وسائل الطريقة املقارنة‪.‬‬
‫القانون املقارن ذو طبيعة مزدوجة‪ :‬الراي الراجح‬
‫يرى األغلب الفقه بأن القانون املقارن علم و طريقة في نفس الوقت‪ .‬فهو علم مستقل بالنظر للموضوعات‬
‫التي يهتم بها ‪،‬إذ يهتم بالدراسة املقارنة لألنظمة القانونية للوصول إلى الخصائص املشتركة لألنظمة القانونية‬
‫الكبرى باإلعتماد على الطريقة املقارنة لذلك ‪.‬و هو طريقة لها خصوصياتها فالعلم و املنهج يشكالن وحدة‬
‫مترابطة ‪.‬و هذا ما عبر عنه الفقيه روني بالقول بأنه و إن كان بعض الفقه يرى أن القانون املقارن هو طريقة‬
‫للمقارنة إال أنه يمكن تمديد فهم القانون املقارن إلى أوسع من ذلك باعتباره علم مستقل يهتم بالبحث في‬
‫القوانين األجنبية للوقوف على أصول املقارنة ‪ .‬فالقانون املقارن هو علم يمهد الطريق إلستخدام الطريقة‬
‫املقارنة و اإلستعانة بها في مختلف مجاالت القانونية فهو علم و منهج‪.‬‬
‫بناءا على ما سبق يمكن تعريف القانون املقارن كعلم منهاجي بأنه دراسة النظم القانونية السائدة أو عبر‬
‫العصور ألجل استخالص األصول العامة املشتركة ‪،‬أو الكشف عن أوجه التشابه و أوجه اإلختالف ألجل‬
‫اصالح التشريع أو لتوحيد القوانين أو التقريب بينها ‪،‬و البحث في مصادرها و أصولها و إنتشارها الجغرافي‪.‬‬

‫• وظيفة و أهداف القانون املقارن ‪:‬‬


‫‪7‬‬
‫إن السؤال املطروح في هذا الصدد ما الهدف من دراسة التشريعات األجنبية‪ ،‬و ملاذا تتم مقارنتها مع‬
‫التشريع الوطني ؟‬
‫‪-1‬تحسين القوانين الوطنية ‪ :‬تستعين اللجان املختصة على مستوى البرملان بدراسات و أبحاث بالرجوع‬
‫إلى قوانين أجنبية ‪،‬عند إعداد مشروع أي قانون قبل عرضه للمصادقة عليه‪.‬و هذه الطريقة املعمول بها‬
‫منذ القدم‪.‬فتستعين بالدراسات األجنبية املتعلقة بقوانين أجنبية كمرحلة أولى إلعداد القوانين‪.‬‬
‫فاملشرع ال يمكنه أن يتجاهل التطورات القانونية الجديدة عبر العالم ‪،‬و التي يهتم القانون املقارن‬
‫بدراستها‪.‬و قد تبين أهمية القانون املقارن في سن التشريعات في مجال حماية البيئة‪ ،‬و قوانين حماية‬
‫املستهلك و قوانين حماية امللكية الفكرية ‪...‬إلخ‬
‫إن دراسة القانون املقارن تكون نافعة‪ ،‬حينما تقدم للمشرع مشاريع قوانين تتضمن قوانين موجودة في‬
‫تقنينات أجنبية مع تبيان كيفية تطبيقها و محاسنها ‪.‬و ما هو مالحظ أنه كلما ازدهر نظام قانوني معين و‬
‫تطور و برز على املستوى الدولي ‪،‬إال و فرض هيمنته على املجال القانوني ‪.‬و كان محل اهتمام باقي الدول‪.‬‬
‫‪ -2‬حل مشكل تنازع القوانين في مجال القانون الدولي الخاص ‪ :‬فالقاض ي الوطني يلجؤ في كثير من األحيان‬
‫الى تطبيق القوانين االجنبية لحل نزاع أحد أطرافه أجنبي ‪.‬و من هنا تظهر أهمية دراسة القوانين األجنبية‬
‫لحل تنازع القوانين‬
‫و أهمية دراسة القوانين االجنبية في مجال القانون الدولي الخاص تظهر في نقطتين ‪:‬‬
‫أهمية قضائية فالقضاء أمام تنازع القوانين قد يلجؤ الى تطبيق القانون األجنبي لحل نزاع االطراف ‪.‬و‬
‫معرفته و إطالعه على القوانين األجنبية لها أهمية في إعطاء حكم جيد للنزاع املطروح أمامه ‪.‬‬
‫أهمية تجارية ‪ :‬عادة ما يهتم رجال األعمال رغبة منهم في االستثمار في بلدان أجنبية باإلطالع على الضمانات‬
‫التي يكفلها قانون البلد األجنبي الذي يرغبون أن يستثمرو فيه ‪.‬إذ عادة ما تلجؤ الدول ملنح امتيازات لرجال‬
‫االعمال األجانب لجلب استثمارات أجنبية مباشرة تعود بالنفع على الدولة‪.‬تلك الضمانات يكفلها قانون البلد‬
‫االجنبي الذي يرغبون في أن يستثمروا فيه‪.‬‬
‫‪-2‬توحيد القوانين ‪:‬‬
‫فكرة التوحيد من أهم املسائل التي يعالجها القانون املقارن ‪.‬فمن خالل الدراسات املقارنة يمكن التوصل إلى‬
‫أنظمة قانونية دولية تحل محل القوانين الوطنية سيما في مجال القانون الخاص ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫التوحيد الداخلي و يقصد به توحيد القوانين داخل الدولة الواحدة‪ .‬من ثم تظهر أهميته في القضاء على‬
‫التفرقة و الطائفية ‪.‬كما أنه ضروري لتحقيق فكرة السيادة الوطنية ‪.‬أيضا يسهل العالقات داخل الدولة‬
‫الواحدة‪ ،‬فيؤدي الى نموها و ازدهارها‪.‬‬
‫تحققت هذه الفكرة في فرنسا بصدور قانون نابليون عام ‪.1808‬ايطاليا وحدت قانونها املدني عام‬
‫‪.1865‬سويسرا عام‪.1881‬املانيا عام ‪.1896‬‬
‫بعد الحرب العاملية األولى ظهرت قوانين موحدة في دول اوربا الشرقية ‪.‬ثم انتقلت فكرة التوحيد إلى املشرق‬
‫العربي فوحدت مصر القانون املدني و كان هذا القانون النموذج الذي اقتدت به الدول العربية لتوحيد‬
‫قوانينها الوطنية ‪.‬‬
‫التوحيد الخارجي فهو توحيد قوانين دولتين أو اكثر‪ .‬فينصب التوحيد على فرع من فروع القانون كتوحيد‬
‫القانون املدني أو التجاري ‪.‬أو ينصب على مسألة معينة كتوحيد أحكام العقود و أحكام املسؤولية املدنية ‪.‬‬
‫و التوحيد الخارجي له أهمية في تحقيق السالمة القانونية سيما في التجارة الدولية ‪.‬فتنوع األنظمة القانونية‬
‫و صعوبة تطبيق إحداها في وجود نزاع يشير إلى أهمية توحيد القوانين سيما في مجاالت معينة كقانون‬
‫األعمال للتخفيف من العوائق التي قد تثور مثال في مجال التجارة الدولية‪.‬‬
‫يتحقق التوحيد الخارجي عن طريق اإلنضمام لالتفاقيات الدولية ‪.‬و من املواضيع التي كان لها السبق في‬
‫مجال التوحيد القانوني لدى املجتمع الدولي عقد البيع الدولي للبضائع ‪،‬بعد جهود قام بها معهد روما لتوحيد‬
‫القانون الخاص و بمساعي من األمم املتحدة‪ .‬و أدى ذلك إلى إبرام اتفاقية األمم املتحدة بعقود البيع الدولي‬
‫للبضائع و املعروف باتفاقية فيينا سنة ‪.1980‬‬
‫ايضا في مجال القانون الدولي الخاص حيث يعاني من معضلة تنازع القوانين‪ ،‬أي تحديد القانون الواجب‬
‫التطبيق في العالقات ذات الطابع االجنبي ‪،‬سيما مع اختالف القوانين في قواعد اإلسناد ‪.‬و قد تفطن الفقهاء‬
‫إلى ضرورة توحيد قواعد التنازع و ال سيما أمام ازدياد العالقات الدولية في مختلف املجاالت ‪.‬هذا بالطبع‬
‫يتطلب اعادة النظر في قواعد القانون الدولي الخاص بتوحيد احكامه ‪.‬‬
‫و بالنسبة لقانون االحوال الشخصية فإنه يثير صعوبة كبيرة للتوحيد ذلك أن هذا القانون يتأثر بالعادات‬
‫و التقاليد و الدين لكل دولة على حدى ‪.‬‬
‫غير أن مهمة توحيد القوانين تبدو مهمة صعبة و مستحيلة توعا ما ‪،‬سيما أمام تعدد الثقافات و املجتمعات‪.‬‬
‫فقد أصبح اليوم عدد القوانين الوضعية السائدة في العالم اكثر من عدد الدول نفسها ‪،‬و ال سيما أن بعض‬

‫‪9‬‬
‫الدول لم توحد القانون املطبق على اقليمها ‪.‬لذلك فمهمة املختصين في مجال القانون املقارن عند تحديد‬
‫الشرائع القانونية هو تبسيط هذا التعدد الفوضوي ‪.‬‬
‫و عادة تلجؤ الدول للتغلب على صعوبات التوحيد في العالقات الدولية بإبداء التحفظات ‪.‬إذ تساهم فكرة‬
‫التحفظ في تحقيق التوحيد و لو بصورة جزئية ‪.‬و من بين املواضيع التي كانت محال للتوحيد مع ابداء‬
‫التحفظ هو القانون املوحد للسندات التجارية سنة ‪. 1931/1930‬حيث تم ابداء التحفظ ازاء بعض البنود‬
‫كحق الحامل على مقابل الوفاء‪...‬إلخ‬

‫• عالقة القانون املقارن بتاريخ القانون و فلسفته ‪:‬‬


‫تاريخ القانون انتشرت خالل القرن التاسع عشر و اتسعت الدراسات املقارنة‪ ،‬و قد تميزت باإلستعراضات‬
‫التاريخية لتطور القانون‪ ،‬في إطار تحسين األفكار نحو التقدم و التطور بأن كانت دافعا أساسيا لظهور‬
‫القانون املقارن ‪.‬فقد ساهمت دراسة قوانين الشعوب املخلفة في رسم السيرة التاريخية لتقدم اإلنسانية‬
‫انطالقا من أعراف القبائل البدائية التي كثيرا ما ساعدت فقهاء القانون لفهم قوانين الشعوب األكثر رقيا ‪.‬‬
‫و مع تطور العالم و الدراسات القانونية لم يعد أحد يشكك في أهمية الدراسات القانونية من الجانب‬
‫التاريخي ابتداءا من القانون الروماني و الجرماني و االقطاعي ‪.‬‬
‫فلسفة القانون ‪ :‬تحقق الدراسة في مجال فلسفة القانون فوائد من جانب تفسير العالقة بين القانون و‬
‫املذاهب الفلسفية و االعتقادات الدينية ‪،‬و كذا مدى تأثير القواعد األخالقية فيه‪ ،‬و الكشف عن كل ما‬
‫يساعد أو يقارب بين األنظمة القانونية بحسب التوجهات الفلسفية التي تغذيها‪.‬إذ أن كل نظام قانوني قائم‬
‫على فلسفة معينة فعرض التصورات الفلسفية للقانون ‪،‬تؤدي إلى فهم كامل لألنظمة القانونية املختلفة و‬
‫تسهيل التقارب بين تلك األنظمة‪.‬‬
‫إذ تبحث فلسفة القانون في دراسة النظريات و املذاهب ‪،‬بهدف تقديم الحلول للمشاكل و القضايا ذات‬
‫البعد العاملي ‪.‬لذلك فالقانون املقارن ملا يستهدف الكشف عن األصول املشتركة بين الشرائع العاملية بتحديد‬
‫أوجه التشابه و اإلختالف بينها ‪.‬فإن نتائج ذلك تصلح بأن تكون بداية لفلسفة القانون بالتنقيب عن أصل‬
‫القانون و غايته ‪.‬‬

‫• دور القانون املقارن و أهميته ‪:‬‬


‫دور القانون املقارن بالنسبة للمشرع ألن املشرع دائما مايسعى إلى أن يكون التشريع أكثر تطورا ‪ ،‬فإنه‬
‫دائما مايسعى إلى اإلطالع على تجارب االخرين‪ ،‬ملعرفة ما في هذه القوانين من مزايا و عيوب عند سنه أو‬
‫تعديله و تنقيحه للقانون الوطني ‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫إن سعي املشرع لالطالع على القوانين األجنبية يكون بشكل مستمر‪ ،‬إلنتقاء أحسن ما في تلك القوانين‬
‫األجنبية إلعداد أحسن تشريع وطني مع مراعات الخصوصيات الوطنية ألجل إقامة النظام العام و ألجل‬
‫تحسين حياه األفراد داخل الدولة ‪.‬أ ي أنه يقتبس القواعد القانونية املثلى مع تكييفها مع ما يتماش ى مع‬
‫مجتمعه‪.‬‬
‫دور القانون املقارن بالنسبة للفقه و القضاء‬
‫يساهم الفقه و القضاء بدور هام عن طريق الدراسة املقارنة في اصالح التشريع أو حسن تطبيقه فالفقيه‬
‫بما يقوم به من دراسة للقوانين األجنبية و مقارنتها بالقانون الوطني يستفيد من ثمرة الخرين ‪،‬و يطلع على‬
‫مزاياها و عيوبها و ما يشوب قانونه الوطني من نقصان و عيوب ‪ .‬فيستعمل الحلول التي تعرف عليها بالدراسة‬
‫املقارنة إلصالح القانون الوطني و سد الثغرات و النواقص فيه و بذلك يمهد الطريق للمشرع‪ ،‬و يساعده في‬
‫صنع القواعد القانونية املالئمة ملجتمعه و املنسجمة معه‪.‬‬
‫فالفقه في ميدان القانون تبقى دراساته القانونية ناقصة ‪،‬و ال تفي بما هو مطلوب من اصالحات في التشريع‬
‫إذا ما ابتعدت عن الدراسة املقارنة‪.‬فالفقه ملا يقارن بين قانونه الوطني و بين مختلف األنظمة القانونية تبرز‬
‫له عيوب و ثغرات و نواقص قانونه الوطني‪ ،‬فيقدم اقتراحاته للمشرع فيساهم في وضع القوانين و في تعديل‬
‫أخرى بما يناسب توجهات املشرع‪. .‬لذلك تعد الدراسات املقارنة الفقهية املجال الخصب لدراسة القانون‬
‫املقارن‪ ،‬و قد رأينا أن بداية التركيز على القانون املقارن كان من قبل الجامعات الغربية ال سيما الجامعات‬
‫الفرنسية ‪.‬‬
‫و ال يقل دور القضاء شيئا عن دور الفقه في اصالح عيوب التشريع و استكمال نقائصه عند بحثه الحلول‬
‫العادلة في القضايا املطروحة أمامه ‪ .‬فالقاض ي في تفسيره إلرادة املشرع قد يصعب عليه معرفة إرادة املشرع‬
‫‪،‬ويكون النص مأخوذا من القانون األجنبي فيرجع إلى ذلك القانون لتفسير النص(حيث في حالة غموض‬
‫القاعدة القانونية يستعين املشرع بمناهج عديدة للتفسير من بينها الرجوع الى املصدر التاريخي للنص و ذلك‬
‫من خالل العودة الى القانون األجنبي الذي اقتبس منه املشرع الوطني نظامه القانوني ) ‪،‬سواءا لكون النص‬
‫أكثر وضوحا أو لتدخل القضاء األجنبي في تفسير النص ‪.‬فيستعين باجتهاد القضاء األجنبي ‪.‬حيث سمحت‬
‫أغلب التشريعات املقارنة للقاض ي إذا لم يجد حال للنزاع املطروح أمامه أن يلجأ إلى الحكم بموجب مبادئ‬
‫القانون الطبيعي و قواعد العدالة ‪.‬‬
‫ذلك أن القاض ي و إن كان ملزم بتطبيق القاعد ة القانونية بصفة عامة و مجردة ‪،‬إال أنه في حالة انعدام‬
‫النص أو النقص أو التعارض أو الغموض يلجأ إلى تقنية التفسير ألنه ملزم بإيجاد حل مناسب للنزاع‬
‫املعروض أمامه‪ ،‬فيلجؤ في حالة عدم وجود نص قانوني إلى املصادر اإلحتياطية السيما مبادئ القانون‬
‫‪11‬‬
‫الطبيعي و قواعد العدالة‪ .‬فيستخلص الحل من القانون املقارن تحت ستار التفسير ‪.‬و يمكنه أن يستعين‬
‫إلى أحكام القضاء األجنبي و الدراسات الفقهية و النصوص األجنبية املستمد منها القانون الوطني ‪.‬‬
‫فاللجوء إلى الدراسة املقارنة سيما عندما يكون القانون األجنبي مصدرا تاريخيا للقانون الوطني ‪،‬كالقانون‬
‫املصري بالنسبة للقانون املدني الجزائري ‪،‬و القانون التجاري الفرنس ي بالنسبة للمشرع الجزائري فيتمكن‬
‫الفقه فيستشهد بهما القضاء الجزائري مما يمكنه من حسن تطبيق القانون الجزائري ‪.‬و اثراءه باإلجتهاد‬
‫القضائي ‪.‬‬

‫• طرق املقارنة ‪:‬‬


‫تتم املقارنة باعتماد طرق كثيرة ‪.‬و تتحددالطريقة املناسبة حسب موضوع املقارنة ‪:‬‬
‫املقابلة و تسمى أيضا املجانبة أي جنبا لجنب ‪ :‬بموجب هذه الطريقة يضع الباحث األحكام املتعلقة‬
‫بموضوع معين في قانونه الوطني و قانون أجنبي جنبا إلى جنب‪ ،‬بحيث يقابل بعضها ببعض ليتعرف على أوجه‬
‫التشابه و أوجه اإلختالف ‪.‬إال أن الرأي الراجح في فكر القانون املقارن أن هذه الطريقة ال تعتبر دراسة مقارنة‬
‫باملفهوم الفني و إنما هي تجميع ألحكام قوانين مختلفة‪.‬‬
‫مثال أحكام الوكالة دراسة مقانة بين أحكام القانون الجزائري و املصري ‪،‬تعتمد على الطريقة املقارنة‬
‫باستخالص أوجه التشابه و أوجه االختالف ‪.‬‬
‫املقاربة تقوم على دراسة أوجه التشابه و التقارب بين القوانين املتشابهة في البيئة و في الخصائص املستمدة‬
‫من مصادر قانونية مشتركة ‪.‬و تستعمل هذه الطريقة خاصة للتوحيد القوانين الداخلية سيما الدول‬
‫االتحادية التي يقوم فيها النظام القانوني على االزدواجية ‪.‬‬
‫املعارضة أو املضاهاة تقوم هذه الطريقة على بيان أوجه االختالف و التباين بين القوانين النابعة من بنية‬
‫اقتصادية مختلفة كاملقارنة بين قوانين املنهج الروماني الجرماني و القوانين االشتراكية ‪.‬‬
‫املقارنة املنهجية أو املوازنة هي من أهم طرق املقارنة ألن املقارنة بموجبها تنتهي بنتيجة ايجابية ‪،‬بحكم أنها‬
‫تخضع ملنهج يساعد على استخالص نتائج يتعرف الباحث بموجبها على القانون األفضل ‪،‬بعد دراسة أسباب‬
‫االختالف و التشابه على ضوء الضروف املحيطة بالقاعدة و املؤثرة فيها‪.‬‬
‫تقوم هذه الطريقة على تحليل النصوص األجنبية و تجزئتها ‪،‬أي بحث العالقة بين العناصر الجزئية في‬
‫القوانين املختلفة ثم دراسة النظام التي يحتويها ‪،‬و أخيرا تحديد موقعها من املنهج بصفة عامة ‪.‬كدراسة‬
‫قواعد البنوة في نظام االسرة التي يحتويها املنهج الالتيني و تسمى باملقارنة الكلية‪.‬‬
‫و املقارنة املنهجية يمكن ان تكون على صورتين املقارنة األفقية و املقارنة العمودية‬
‫‪12‬‬
‫املقارنة األفقية تكون بين قوانين متباعدة في املكان ‪.‬كاملقارنة بين القواعد الوضعية الحالية لبلدان مختلفة‬
‫مثل املقارنة بين القانون الفرنس ي و الياباني ‪.‬‬
‫املقارنة العمودية هي املقارنة التي تكون بين قوانين متباعدة في الزمان‪ ،‬كمقارنة قوانين وضعية قائمة بقوانين‬
‫قديمة تعتبر مصدرا لها ‪.‬و هذا بغرض الوقوف على مدى تطور الحياة االجتماعية و االقتصادية أو لبيان‬
‫مواضع الشبه بينها أو لتفسيره ‪.‬‬
‫مقومات املقارنة املنهجية ‪:‬‬
‫و التباع هذه الطريقة و نجاحها و حتى تكون صحيحة ‪ ،‬فإن األمر يتطلب من جهة اإلملام بالقانون األجنببي‬
‫و اإلحاطة بأحكامه و معرفة بنيته و تقسيماته و مصادره ‪،‬و من جهة أخرى التحري عن مختلف العوامل‬
‫املؤثرة في تكوين القانون األجنبي ‪.‬‬
‫‪-‬معرفة القانون األجنبي محل املقارنة ‪ :‬فيجب على الباحث أن يكون له معرفة جيدة و كاملة بالقانون االجنبي‬
‫محل املقارنة و ال يقتصر األمر على معرفة أحكامه بل ال بد إلكتمال هذه املعرفة اإلملام الكامل بهذا القانون‬
‫و اإلحاطة بجميع جوانبه و ال يتأتى ذلك إال من خالل ‪:‬‬
‫*تحديد مجال الدراسة املقارنة و موضوعها و الغايات املرجوة منها‪.‬‬
‫*دراسة القانون األجنبي محل املقارنة بالرجوع إلى مصادره األصلية ‪،‬فدراسة القانون االنجليزي كموضوع‬
‫بحث مقارن تستدعي الرجوع إلى األحكام القضائية كمصدر أساس ي لهذا القانون ‪.‬‬
‫*ينبغي على الباحث املقارن أن يكون واسع اإلطالع في اللغة القانونية‪ ،‬فالترجمة قد تعجز أحيانا عن إبراز‬
‫املضمون و املصطلحات التي قد يتفاوت مفهومها من نظام قانوني لخر‪ ،‬بل أن نفس املصطلح قد يعبر عن‬
‫معنى مغاير تماما لنظيره في القانون الخر‪.‬‬
‫*معرفة العوامل املؤثرة في تكوين القانون األجنبي إذ ال بد للباحث اإلملام بالظروف الكامنة وراء النظام‬
‫القانوني محل املقارنة ‪:‬‬
‫العوامل التاريخية التي ساهمت في تكوين القانون األجنبي‪ .‬فقد يرجع اإلختالف بين القوانين املقارنة محل‬
‫الدراسة إلى تاريخ نشأتها‬
‫العوامل السياسية إذ على الباحث معرفة النظم السياسية املقارنة و النظم السائدة ‪،‬مثل النظام االشتراكي‬
‫في الشرق و النظام اليبيرالي في الغرب و بعض االنظمة السياسية كاالنتخابات و االنظمة السياسية و حقوق‬
‫االنسان ‪ ...‬اذ أ ن االختالفات السياسية تنعكس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على تحديد املفاهيم القانونية‬
‫‪،‬و التي تختلف حتى بين األنظمة القانونية التي تنتمي لنفس العائلة القانونية ‪.‬فمثال في االنظمة الديمقراطية‬
‫‪13‬‬
‫املتفتحة تكون ممارسة السلطة باسم الشعب لذلك من الطبيعي أن تكون القواعد التي تسنها السلطة‬
‫التشريعية متناسقة مع هذا التوجه أي مع متطلبا ت الفئة الناخبة بما يسمح بمجال أوسع للحريات‪ .‬وأما‬
‫النظام غير الديمقراطي فتكون القوانين املشرعة متوافقة مع هذا التوجه أيضا حيث تخدم القوانين الطبقة‬
‫الحاكمة ‪،‬مما يعني سن قوانين تقيد الحريات ألنها ترى فيها تهديدا لهذا النظام الذي تكون آخر اهتماماته‬
‫هي مفاهيم الحرية و التعبير عن الرأي ‪.‬‬
‫العوامل االقتصادية التي يختلف تأثيرها على القانون باختالف مدى تدخل الدولة في تقييد الحرية‬
‫االقتصادية ‪.‬و العوامل االجتماعية كون املجتمع يؤثر و يتأثر بالقاعدة القانونية ناهيك عن تأثر هذه األخيرة‬
‫بالدين و العادات و التقاليد و اللغة‪....‬‬
‫فيجب دراسة البيئة االجتماعية التي يطبق فيها القانون و مكانة القاعدة و بعدها و اثرها على املجتمع‪ .‬ذلك‬
‫أن مالمح و سمات قانون مجتمع متدين تقليدي محافظ‪ ،‬تختلف بالضرورة عن نظام علماني متفتح‪.‬‬
‫تقوم عملية املقارنة بين قانونين يبدأ الباحث املقارن بتجزئة النص األجنبي أي تحليل القاعدة القانونية‬
‫األجنبية إلى جزئيات ثم دراسة النظام الذي تحتوي عليه هذه القاعدة القانونية و بعدها ينتقل إلى دراسة‬
‫املنهج الكامل للقانون األجنبي ‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال إذا تمت املقارنة بين القانون الجزائري و الفرنس ي في مسألة الحضانة ‪.‬فإنه يتطرق بداية‬
‫إلى القاعدة القانونية املنظمة للحضانة في ظل القانون األجنبي و ما يتفرع عنها من حاالت‪ ،‬ثم ينتقل إلى‬
‫النظام القانوني لألحوال الشخصية بالكامل‪ ،‬فتظهر حينئذ معطيات و أنظمة أخرى أو مايسمى باملراكز‬
‫القانونية لهذه الحاالت مثل الولد املتبنى ‪.‬الطفل غير الشرعي ‪...‬‬
‫و من ثم يكون اإلنتقال من الجزء إلى الكل‪ ،‬في تعرف الباحث على نظام األسرة و ال يتوقف عند ذلك‪ ،‬بل‬
‫يتعداه إلى معرفة طبيعة العالقة بين الرجل و املرأة قبل الزواج و بعده و من ثم العالقة بين الوالدين و‬
‫الطفل‪ ،‬و يمكن أن يتعدى األمر إلى اإلرث و امليراث ملعرفة الحقوق و الحماية املقررة للطفل ‪.‬‬
‫و من بعد ذلك الوقوف على أوجه اإلختالف و أوجه التشابه بين القانونين ‪.‬و من ثم فاستنتاج و استخالص‬
‫الحقائق ال يتحقق أمام الباحث املقارن إال بمقارنة النصوص املتعلقة بمسألة معينة ‪،‬و بالرجوع إلى النظام‬
‫القانوني و إيديولوجياته‪.‬‬
‫املحور الثاني ‪ :‬النظام الالتيني أو النظام الروماني الجرماني‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫و هو نظام مستمد من القانون الروماني ‪،‬يضم النظام القانوني الفرنس ي املتمثل في قواعد القانون املدني‬
‫الفرنس ي و قوانين البلدان الجرمانية أي قواعد القانون األملاني و األنظمة املستمدة منه ‪.‬و كالهما يقوم على‬
‫أساس واحد من املبادئ العامة و القواعد الكلية ‪.‬‬
‫تشترك و تتفق كل قوانين الدول املستمدة من هذا النظام في تقسيم القانون إلى قانون عام و قانون خاص‬
‫‪.‬و يقابل هذا التقسيم الثنائي للقوانين وجود نوعين من املحاكم عادية و ادارية ‪.‬كما و تشترك قوانين هذه‬
‫العائلة في املبادئ كالنظرية العامة لاللتزامات و حقوق التقاض ي ‪...‬‬
‫تتميز القاعدة القانونية في هذا النظام بانها تقوم على صفة التجريد و العموم ‪.‬و أنها قاعدة سلوك اجتماعي‬
‫ملزمة أي أنها تقترن بجزاء ‪.‬تقسم القاعدة القانونية إلى قاعدة عامة و خاصة ‪ ،‬شكلية و موضوعية ‪،‬مكتوبة‬
‫و غير مكتوبة قاعدة أمرة و قاعدة مكملة ‪.‬‬
‫من خصائص القاعدة القانونية أيضا أنها مرنة أي قابلة للتعديل و التغيير ‪،‬و أحيانا اإللغاء ملواكبة التطور‬
‫الحاصل للمجتمع ‪.‬يحكمها مبدأ تدرج القوانين حيث أن القاعدة القانونية األعلى تعدل و تلغي القاعدة التي‬
‫تماثلها في الدرجة ‪.‬و القاعدة األقل درجة تعدل و تلغى بقاعدة مماثلة أو أعلى درجة منها ('قاعدة توازي‬
‫االشكال )‬

‫• مصادر القانون في النظام الالتيني ‪:‬‬


‫‪ 1‬التشريع ‪ :‬يأتي في املرتبة األولى و يعد املصدر األساس ي للقاعدة القانونية ‪.‬و يقصد به كل القواعد املكتوبة‬
‫‪.‬يتدرج من حيث القوة إلى دساتير صادرة عن السلطة التأسيسية أو قوانين مصدرها السلطة التشريعية أو‬
‫لوائح و تنظيمات صادرة عن السلطة التنفيذية ‪.‬‬
‫الدستور ‪ :‬و يوجد في أعلى مراتب التشريع ‪،‬يسمو على بقية النصوص التشريعية ‪.‬يتحقق مبدأ سمو الدستور‬
‫عن طريق رقابة مدى دستورية القوانين بأساليب تختلف من دولة ألخرى سواءا عن طريق الرقابة السياسية‬
‫بواسطة مجلس دستوري أو رقابة قضائية ‪.‬تختلف تشكيلة الهيئة املكلفة بالرقابة في اختصاصها و كيفية‬
‫اخطارها ‪.‬‬
‫التشريع العادي ‪ :‬هو مجموعة القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية ‪.‬‬
‫التشريع الفرعي ‪ :‬هي قوانين تصدر عن السلطة التنفيذية في مجال اختصاصها و تسمى في بعض الدول‬
‫مراسيم أو أنظمة أو لوائح ‪ ،‬و تخضع للرقابة القضائية لضمان إحترامها ملبدأ املشروعية ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪-2‬العرف ‪ :‬أهميته كقانون غير مكتوب و مدى تأثيره يختلف بإختالف نوع العرف ‪.‬أذ يرى الفقه أن هناك‬
‫نوعين من العرف عرف مساعد للتشريع يساعدنا في فهم النص التشريعي ‪.‬و عرف مكمل للتشريع يمدنا‬
‫بقاعدة لتنظيم حالة لم يرد بشأنها نص تشريعي فيكون وظيفته سد النقص في التشريع ‪.‬‬
‫يختلف مركز العرف باختالف القوانين بحيث له دور مهم في القانون التجاري و القانون الدولي العام و‬
‫يتقلص دوره في القانون املدني و قانون االحوال الشخصية و ينعدم دوره في القانون الجنائي ‪.‬‬
‫كما يختلف مركز العرف من دولة ألخرى فبعض الدول تساوي بين العرف و التشريع كالقانون االملاني و‬
‫السريسري ‪.‬في حين دول أخرى كالنمسا اليطبق العرف إال إذا أحال إليه التشريع صراحة ‪.‬‬
‫‪-3‬القضاء ‪ ( :‬االجتهاد القضائي )‬
‫أوال ‪ :‬دور االجتهاد في تفسيرالقاعدة القانونية‬
‫يقتصر دور القاض ي على تطبيق القاعدة القانونية ‪،‬لذلك يعد القضاء مصدرا ثانويا و مصدرا تفسيريا‬
‫للنصوص القانونية‪ .‬إذ تتميز األحكام القضائية بتطبيق القانون فاألنظمة الدستورية في الدول التابعة للمنهج‬
‫الروماني تقوم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬إذ مهمة التشريع تقوم بها السلطة التشريعية بينما‬
‫تتولى السلطة القضائية تطبيقه على النزاعات املرفوعة ‪.‬‬
‫و يطرح التساؤل في هذا الصدد في حالة غموض القاعدة القانونية و عجزها عن تقديم الحل القانوني‪ ،‬إن كان‬
‫بإ مكان القاض ي أن يلجأ إلى التفسير الواسع للقاعدة القانونية ؟ في هذا الصدد نجد اتجاهين فقهيين ‪:‬‬
‫االتجاه االول ‪ :‬يرى أن وظيفة القاض ي ال تقتصر على تطبيق القانون‪ ،‬إنما يمكنه تفسير النصوص في حالة‬
‫غموضها‪ .‬ألن قواعده عامة و مجردة‪ ،‬و قد يؤدي التفسير الواسع للقانون إلى توسيع مجال تطبيقه ليستوعب‬
‫حاالت جديدة لم ينص عليها القانون فيسد نقصه‪.‬هذا التفسير الواسع يؤدي إلى إنزالها منزلة القاعدة‬
‫القانونية فال يمكن إنكار أنها من صنع القاض ي ‪ .‬هذا االتجاه يجعل من القضاء مصدرا للقانون ألن دوره ليس‬
‫فقط تطبيق النصوص و تفسيرها فقط‪ ،‬بل قد يصل لدرجة وضع القاعدة القانونية ‪.‬‬
‫غير أن هذا الرأي لم يلقى استحسانا كبيرا ألنه يمس بجوهر وظيفة القاض ي ‪،‬و هي تطبيق القانون و ليس‬
‫انشاء القاعدة القانونية‪.‬‬
‫االتجاه الثاني ‪ :‬و هو الرأي الراجح يرى أن وظيفة القاض ي تقتصر على تطبيق القانون‪ ،‬و حتى حين يفسر‬
‫قواعده و يتوسع في تفسير قواعده الغامضة فهو ال ينش ئ قانون ‪،‬إنما يكشف عن ثنايا التشريع مستندا إلى‬
‫مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ال شك أن القضاء يساهم في تطوير القانون ‪.‬غير أن تفسيره للقواعد القانونية إلزالة الغموض ال‬
‫يمكن أن يرقى إلى دور املشرع نظرا ملا يقتضيه مبدأ الفصل بين السلطات ‪.‬‬

‫• مكانة السابقة القضائية في النظام الروماني ‪:‬‬


‫ال تحظى السوابق القضائية في هذا النظام بنفس درجة األهمية التي تحظى بها في املنهج‬
‫األنجلوسكسوني‪ ،‬و ليس لها قوة قانونية ملزمة ‪.‬ذلك أن القاض ي مهما توسع في تفسير التشريع ‪،‬فإن‬
‫القاعدة التي يقرها القاض ي تقتصر على واقعة معينة ليس لها طابع عام مجرد و ليست ملزمة إال للطرفين‬
‫اللذين صدر الحكم بشأنهما‪.‬و حتى و إن طبق القاض ي نفس الحكم مجددا فيكون ذلك من باب التكرار‬
‫ال من باب اإللزام ‪.‬إال في حالة واحدة عندما تنقض املحكمة العليا الحكم املطعون فيه فتعيده الى‬
‫املحكمة التي أصدرته للحكم فيه من جديد ‪.‬إذ لهذه املحكمة أن تتبع النقض أو تخالفه ‪،‬فإن خالفته‬
‫عادت القضية للمحكمة العليا مرة ثانية فتنعقد بكل هيئاتها و ما تخلص إليه فهو ملزم للمحكمة التي‬
‫أصدرت الحكم ‪،‬فتعيد القضية إليها لتحكم فيها بموجبه‪.‬‬
‫غير أن بعض قوانين الدول التي تنتمي إلى هذا النظام جعلت من السوابق القضائية التي تصدر عن‬
‫املحكمة العليا قوة إلزامية كما في أملانيا و األرجنتين ‪.‬‬
‫و تجدر االشارة هنا أن النظام القضائي في هذه العائلة يخضع ملبدأ التدرج القضائي ‪،‬إذ أن هناك محاكم‬
‫عادية و مجالس و محاكم عليا على مستوى القضاء العادي‪ .‬و على مستوى القضاء االداري محاكم ادارية‬
‫مجلس الدولة و القاسم املشترك بينها محكمة التنازع‪ ،‬و هذا ما اخذت به فرنسا بولندا و النمسا و الجزائر ‪.‬في‬
‫حين تعرف دول أخرى نظام الغرف اإلدارية كسويسرا و بلجيكا‪ .‬في حين اعتبرت دول أخرى القضاء االداري‬
‫تابع للقضاء العادي و مدرجا في القانون الخاص مثل البرازيل و الدانمارك ‪.‬‬
‫‪-4‬الفقه ‪ :‬له دور كبير في تطوير القانون عن طريق شرح القاعدة القانونية و تقويم النتائج املترتبة عنها‪ ،‬ليمهد‬
‫الطريق للمشرع النشاء قاعدة قانونية جديدة أو تعديل القانون‪ ،‬مستعينا بالدراسات القانونية املقارنة التي‬
‫يجريها الفقه‪.‬‬

‫املحور الثالث النظام القانوني االنجلوسكسوني‬


‫هو نظام مستمد من القانون االنجليزي يعرف بنظام الكومن لو أي القانون املشترك لكل انجلترى‪ ،‬و يتخذ‬
‫معنى القانون العام أو الشريعة العامة ‪ .‬و هو مجموعة القواعد القانونية التي تشكلت في بداية األمر على يد‬

‫‪17‬‬
‫املحاكم امللكية منذ الغزو النورمندي سنة ‪. 1066‬لتصبح بعد ذلك منهجا و نظاما قانونيا معتمدا في الكثير‬
‫من الدول التي تشترك في اللغة و العادات كبريطانيا و أمريكا ‪.‬‬
‫اذ ال يعترف النظام االنجليزي بتقسيم القانون الى عام و خاص انما يقسمه إلى كومن لو و عدالة تعني هذه‬
‫األخيرة مجموع القواعد التي اقرتها محكمة املستشار ابتداءا من ‪، 1485‬و طبقتها لسد بعض ثغرات الكومن‬
‫لو و اصالح ماكان يظهر من عيوب ‪.‬‬
‫كما أن مفهوم القاعدة القانونية يدل على غير مايدل عليه مفهومها في النظام الروماني‪ ،‬فهي تصدر عن‬
‫القضاء و هي أقل عمومية و تجريد‪ ،‬ألنها تصدر في نزاع معين األطراف‪ .‬فلكل واقعة قانونية قاعدة قانونية‬
‫خاصة بها ‪.‬كما أنها خالية من التمييز بين المرة منها و املكملة على خالف النظام الالتيني ‪.‬‬
‫خصائص القانون االنجليزي ‪:‬‬
‫*القانون االنجليزي له نشأة قضائية ‪ ،‬النجد فيه فكرة القاعدة القانونية و إنما نظام السابقة القضائية ‪.‬‬
‫*ال يعرف التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص ‪،‬و ال التفرقة بين القانون املدني و القانون التجاري‬
‫فكالهما مدمج في املجموعة املدنية ‪.‬لذلك يغيب في التنظيم القضائي القضاء االداري غير أنه في سنة ‪2000‬‬
‫تم انشاء بعض الهيئات القضائية في بريطانيا مختصة في املسائل ذات الطابع االداري ضمن املحكمة العليا‬
‫بعد دعوة الفقه ‪.‬‬
‫التفرقة في القانون االنجليزي هي تفرقة بين القانون العام أي الكومن لو و قواعد العدالة التي تكونت خالل‬
‫القرنين الخامس و السادس ‪.‬كما أن هذا القانون يركز على الجوانب العملية خاصة االجرائية ‪.‬‬

‫• مصادر القانون االنجليزي‬


‫القضاء‬ ‫‪-1‬‬
‫تاريخيا القضاء هو من أنشأ الكومن لو في انجلترا‪ ،‬إذ ال يقتصر دور القضاء في انجلترى على تطبيق القانون‬
‫بل أنه هو من يقوم بوضع القاعدة القانونية و يلتزم باتباع القواعد التي سبق للقضاء أن قررها في قضايا‬
‫معروضة عليه سابقا ‪،‬أي مايسمى بالسوابق القضائية ‪.‬‬
‫مايميز أحكام القضاء في هذا النظام أنها تصدر في منطوق مطول ‪،‬دون التقييد بتقديم األسباب ألن القاض ي‬
‫غير ملزم بالتسبيب ‪.‬بعد ذلك تدون األحكام القضائية أي السوابق القضائية و تجمع في مدونات لتكون ما‬
‫يسمى بالتقنينات ‪ .‬غير أن اإللتزام بالسابقة القضائية مقيد بجملة من الضوابط ‪:‬‬
‫*االحكام الصادرة عن مجلس اللوردات تعتبر سابقة ملزمة لجميع أنواع املحاكم ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫*االحكام الصادرة عن محكمة االستئناف تعتبر سوابق ملزمة للمحكمة نفسها و لجميع من دونها من املحاكم‬
‫و في هذا االطار نشير إلى أن النظام القضائي االنجليزي يتكون من محاكم دنيا ‪،‬و املحكمة العليا للقضاء التي‬
‫تضم محكمة العدل العليا و محكمة التاج ثم محكمة استئناف تنظر في االستئناف املرفوع من املحاكم الدنيا‬
‫و محكمة العدل العليا ‪.‬و مجلس اللوردات دوره الفصل في الطعون املرفوعة الصادرة عن محكمة االستئناف‬
‫و في حاالت استثنائية تستأنف أمامه األحكام الصادرة عن محكمة العدل العليا و محكمة التاج‪.‬‬
‫التشريع‪:‬‬
‫يحتل التشريع املرتبة الثانية و يعرف بالقانون البرملاني يقتصر دور التشريع على إتمام القانون القضائي‪.‬و‬
‫هو إما تشريع صادر عن البرملان ( و هو هيئة تشريعية تتكون من مجلس العموم و مجلس اللوردات ) أو أنه‬
‫تشريع صادر عن السلطة التنفيدية ( مجلس الوزراء )‪.‬‬
‫و ألن بريطانيا من الدول التي ليس لها دستور مكتوب بل اعراف دستورية فقط ‪ ،‬فيتميز التشريع األساس ي‬
‫بعدم وجود دستور مكتوب‪ ،‬و هذا يعني عدم وجود رقابة على دستورية القوانين ‪.‬لكن هذا ال يعني عدم وجود‬
‫نصوص دستورية مكتوبة ‪،‬إذ تتمثل في امليثاق الكبير و الذي يعد أساس نظام الحكم في انجلترى الصادر سنة‬
‫و قانون البرملان الصادر سنة ‪ 1911‬و املعدل سنة ‪.1949‬‬ ‫‪،1215‬‬
‫غير أن التشريع زادت أهميته شيئا فشيئا ‪،‬لذلك و إن كانت النظرية الكالسيكية تعتبر التشريع مصدر‬
‫ثانوي للقانون إال أن النظرية الحديثة اعترفت بالطابع التشريعي للقانون االنجليزي‪ ،‬إذ أصبح للتشريع دور في‬
‫مجاالت متعددة‪ .‬سيما مع انظمام بريطانيا إلى االتحاد االوربي‪ ،‬رغبة منها في مواكبة تشريعات باقي دول االتحاد‬
‫االوربي ‪.‬فاصدرت تشريعات في مجاالت متعددة ‪.‬سيما مع تزايد تدخل الدولة في تنظيم و توجيه االقتصاد ‪.‬‬
‫و في هذا االطار نتسائل عن موقف القاض ي من التشريعات التي تصدر سيما عن البرملان ؟ يـعتبر القضاء أن‬
‫التشريع مصحح و مكمل لقاعدة وضعت من طرف سابقيه من القضاء ‪.‬فالتشريع بالنسبة له يحافظ على تلك‬
‫األحكام ‪ .‬لذلك فعندما يطبق القاض ي النص التشريعي فهذا ال يعني أنه يسعى إلى تغيير النظام بل يحافظ‬
‫عليه‪.‬‬
‫العرف ‪ :‬يحتل املرتبة الثالثة و األخيرة في تدرج مصادر القاعدة القانونية ‪،‬فعلى الرغم من انه لعب دور مهم‬
‫في بداية نشأة القانون االنجليزي غير أن مكانته تراجعت و أصبح له دور ثانوي ‪.‬فقبل نشأة قواعد الكومن لو‬
‫كان القانون االنجليزي يقوم على االعراف املحلية بعد ذلك نشأت الكثير من القواعد القانونية ذات املصدر‬
‫العرفي ‪.‬فاصبحت كل القواعد العرفية قواعد مكتوبة بفضل حركة التقنين ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫املحور الثالث ‪:‬النظام االسالمي و مكانة النظام الجزائري‬

‫تعتبر الشريعة االسالمية مصدرا من مصادر القانون في التشريعات العربية‪.‬و ألنها شريعة متكاملة حية و‬
‫مرنة قابلة للتطبيق في كل زمان و مكان ‪ ،‬فقد عكف الباحثون في مجال القانون املقارن على تسليط الضوء‬
‫على هذا النظام ‪،‬و األخذ من كثير من أحكامها ‪.‬‬
‫مصادرالتشريع االسالمي ‪:‬و املقصود بها األدلة التي تقوم عليها احكامه ‪،‬و هي مصادر اصلية الكتاب‬ ‫‪-1‬‬
‫و السنة و مصادر احتياطية االجماع و القياس ‪.‬‬
‫القران ‪ :‬و قد نظم القرآن جانبين العبادات كالصالة و الصوم و املعامالت أي كل ما يتعلق بعالقات االفراد‬
‫فيما بينهم ‪،‬فقد تضمنت الشريعة االسالمية تنظيما شامال لعالقات األفراد فيما بينهم و عالقتهم بالسلطة‬
‫‪.‬‬
‫تقسم أحكام املعامالت إلى ‪:‬‬
‫*أحكام متعلقة باألسرة كالزواج و الطالق و النفقة و النسب ‪،‬أي مايسمى بقانون األسرة أو قانون االحوال‬
‫الشخصية في الوقت الحاضر ‪.‬‬
‫*احكام متعلقة باملعامالت املالية ‪،‬كالبيع و االجارة و الرهن و الكفالة و التي ينظمها القانون املدني حاليا ‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫*احكام متعلقة بالقضاء و الدعاوى و الشهادة و اليمين ‪،‬مايسمى بقانون املرافعات أو االجراءات املدنية ‪.‬‬
‫*احكام متعلقة بمعاملة األجانب غير املسلمين في الدولة االسالمية‪ ،‬فيما بينهم أو مع رعايا الدولة االسالمية‬
‫و التي تندرج تحت إطار القانون الدولي الخاص ‪.‬‬
‫*أحكام متعلقة بتنظيم عالقة الدولة االسالمية بالدول األخرى في حالتي الحرب و السلم ‪،‬و التي تندرج تحت‬
‫سقف القانون الدولي العام ‪.‬‬
‫*أحكام متعلقة بنظام الحكم و قواعده و حقوق األفراد و حرياتهم في عالقتهم بالدولة ‪،‬و تندرج ضمن قواعد‬
‫القانون الدستوري‬
‫*أحكام متعلقة بموارد الدولة و مصاريفها ‪،‬و تنظيم العالقة املالية بين الفرد و الدولة و بين الغني و الفقير‬
‫وفقا لقواعد القانون املالي باملفهوم الحديث ‪.‬‬
‫*أحكام متعلقة بسلوكيات الفرد من ناحية األفعال املنهي عنها و هي األفعال املصنفة كجرائم ‪،‬و التي تتقرر‬
‫بشأنها عقوبات أي مايسمى اليوم بقانون العقوبات‪.‬‬
‫السنة النبوية ‪:‬‬
‫و هي املصدر األصلي الثاني للشريعة االسالمية ‪.‬و هي ما تقرر و صدر عن الرسول صلى هللا عليه و سلم من‬
‫قول أو فعل أو تقرير ‪.‬فإذا كان القرآن هو الدستور الذي يتضمن األصول و القواعد االالهية االساسية و‬
‫الكلية‪ ،‬فإن السنة هي املنهاج النبوي الذي يفصل فيما جاء في مجمل القرآن ‪.‬‬
‫االجماع ‪:‬‬
‫و قد اكتملت أحكام الشريعة بعد وفاة الرسول (ص) باالجماع ‪.‬و هو ما أجمع عليه الفقه بعد وفاة الرسول‬
‫صلى هللا عليه و سلم بخصوص مسألة من مسائل الدين امل ختلف بشأنها‪ ،‬و التي ال يوجد حل لها ال في القرأن‬
‫و ال بالرجوع للسنة النبوية‪.‬‬
‫القياس ‪:‬‬
‫و هو قياس مسألة لم يرد بشأنها نص مع مسألة ورد بشأنها نص و حكم شرعي‪ ،‬لتشابه الواقعتين في علة‬
‫هدا الحكم‪.‬‬
‫اضافة الى هذه املصادر هناك مصادر احتياطية للشريعة االسالمية و هي االستحسان االستصحاب املصالح‬
‫املرسلة سد الذرائع العرف ‪....‬الخ‬
‫القضاء‬
‫‪21‬‬
‫و قد مر القضاء بتطورات هامة إذ شهد عصر الخالفة االسالمية تطورا في تخصصات القضاء ‪.‬فعرف ما‬
‫يسمى بقضاء املظالم الذي يفصل في شتى التظلمات و الخصومات بين الحاكم و املحكوم ‪.‬نظام الحسبة و‬
‫هي نظام يسمح للمحتسب بتوقيع العقوبة على األفراد الزالة املنكر دون الحاجة إلى إقامة دعوى من أحد‬
‫االطراف‪ .‬اذ تشتمل مهام املحتسب مراقبة التجار مراقبة االسعار و قمع الغش مراقبة االبنية و الطرقات‪ .‬و‬
‫يمكن للمحتسب توقيع عقوبات مباشرة كإتالف البضاعة الفاسدة حال ضبطها ‪.‬و قد عدت الحسبة من‬
‫القضاء بحكم أنها تقوم على وظيفة االتهام ‪.‬‬

‫تأثرالقوانين الوضعية بالشريعة االسالمية ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫جل تشريعات و قوانين الدول العربية تأثرت بأحكام الشريعة االسالمية‪ ،‬و إن كانت بعض الدول العربية‬
‫تجعل من الشريعة مصدرا ثانيا للتشريع كالجزائر إذ تعد مصدرا ثانيا في القانون املدني بينما هي مصدر ثالث‬
‫في القانون التجاري بعد التشريع و العرف ‪ .‬نجد أن دول أخرى اخذت بها كمصدر أول للتشريع كاململكة‬
‫العربية السعودية ‪.‬غير أن أحكام الشريعة ادخلت بطريقة مباشرة او غير مباشرة عن قصد أو عن غير قصد‬
‫ضمن أحكام قوانينها فتضمن القانون املدني و قانون االسرة أحكاما مستمدة من الشريعة االسالمية نذكر‬
‫منها ‪:‬‬
‫‪ -‬االعتراف بالشخصية املعنوية ‪ :‬اذ اعترفت بالشخص املعنوي و بصحة تصرفاته‪ .‬فقد منحت الشريعة‬
‫االسالمية الشخصية املعنوية للدولة و تجلى ذلك في املعامالت الخارجية و الداخلية التي كان يبرمها ولي‬
‫األمر إذ أن أي معاهدة يبرمها فهي ملزمة لألمة‪.‬و بالشخصية املعنوية لبيت املال مستقلة عن مال‬
‫السلطة حيث يتولى ممثل بيت املال املحافظة على أموال املسلمين و بالشخصية االعتبارية للوقف إذ‬
‫يقوم ناظر الوقف بإبرام العقود املتعلقة باستغالل الوقف ‪.‬‬
‫‪ -‬نزع امللكية للمنفعة العامة‪ ،‬إذ أنه في حالة تعارض مصلحة عامة على مصلحة خاصة ‪،‬يتم تغليب‬
‫امل صلحة العامة مع وجوب دفع تعويض من بيت املال ‪.‬‬
‫‪ -‬تعويض الدولة عن الخطأ املرفقي و القضائي ‪،‬فقد اعترفت به الشريعة االسالمية قبل القوانين‬
‫الوضعية ‪.‬‬
‫‪ -‬التفويض و يعني تفويض بعض اإلختصاصات و الصالحيات ملوظف أخر و قد اخذت به الشريعة‬
‫االسالمية‬
‫‪22‬‬
‫‪ -‬العقار بالتخصيص فهذه الفكرة مأخوذة من أحكام الشريعة االسالمية نصت عليها القوانين الوضعية‬
‫‪.‬و العقار بالتخصيص هو منقول مخصص لخدمة العقار يتمتع بالحماية املقررة للعقار‪.‬‬
‫‪ -‬التصرف بارادة منفردة نصت القوانين الوضعية على االرادة املنفردة كمصدر لالتزام ‪،‬و قد أخذت‬
‫الشريعة االسالمية باالرادة املنفردة إلنشاء عدة أحكام أهمها الطالق و الوقف‪.‬‬
‫‪ -‬عقد االذعان ‪.‬يعرف في الشريعة االسالمية ببيع االستئمان أ‪.‬و االستسالم‬
‫‪ -‬التضامن بين الدائنين و املدينين و قد أخذت به القوانين الوضعية ‪.‬اذ يتمثل التضامن بين الدائنين في‬
‫جواز مطالبة دائن واحد بكل الدين أو املطالبة به مجتمعين ‪.‬أما التضامن بين املدينين فيتمثل في امكانية‬
‫مطالبة الدائن بالدين كامال من أحد املدينين فقط و يلتزم املدين بالوفاء بالدين كامال ‪.‬‬
‫‪ -‬الدفع بعدم التنفيذ و هي من تطبيقات حق الحبس الذي يخول البائع حق حبس املبيع حتى يوفي املشتري‬
‫بالثمن‪ ،‬و قد اخذت الشريعة االسالمية بحق الحبس‪.‬‬
‫‪ -‬نظرية الظروف الطارئة و من أهم تطبيقاتها في الشريعة االسالمية العقود الخاصة ببيع الثمار‪.‬اذ اذا‬
‫وقع قبل جنيها خطر غير متوقع كالجفاف جاز لالطراف مراجعة بنود العقد ‪.‬بينما في القوانين الوضعية‬
‫اذا وقع اثناء تنفيد العقد حاذث استثنائي ج عل تنفيذ االلتزام مرهقا بالنسبة للمدين ‪،‬جاز للقاض ي‬
‫التدخل لرد االلتزام الى الحد املعقول و هو حكم مستمد من الشريعة االسالمية ‪.‬‬
‫‪ -‬االلتزام الطبيعي و هو االلتزام الذي ال يملك الدائن حق اجبار املدين على تنفيذه ‪،‬لبقاء عنصر املديونية‬
‫دون عنصر املسؤولية ‪.‬‬
‫‪ -‬مسؤولية م الك البناء فيما يحدثه االنهيار الجزئي أو الكلي للبناء من اضرار ‪،‬و هو أيضا حكم مستمد‬
‫من الشريعة االسالمية ‪.‬‬
‫‪ -‬ملكية الطبقات اذ نصت التشريعات الوضعية على امكانية اسناد تملك الشخص طبقة من البناء دون‬
‫باقي الطبقات ‪.‬و هي فكرة مأخوذة من الشريعة االسالمية و تسمى بيع الفضاء إما بيع فضاء فوق االرض‬
‫أو بيع فضاء فوق بناء ‪.‬‬
‫‪ -‬نظرية التعسف في استعمال الحق إذ أن هذه النظرية وضعتها الشريعة االسالمية و لم يعرفها القانون‬
‫الروماني ‪.‬و لم يكتشفها الفقه الفرنس ي إال بعد أواخر القرن ‪.19‬‬

‫• تأثراملنظومة القانونية الجزائرية بالقانون املقارن و بأحكام الشريعة االسالمية ‪:‬‬


‫تأثر النظام القانوني الجزائري إلى حد بعيد بالقانون الفرنس ي بدءا بقانون نابليون مرورا بالقانون‬
‫التجاري نظام االستهالك و املنافسة ‪،‬نظام التأمين القرض و النقد دون نسيان تأثير الشريعة االسالمية‬

‫‪23‬‬
‫و االعراف و التقاليد التي تلعب دورا كبيرا و تأثيرا مباشرا على املجتمع الجزائري‪ ،‬و التي انعكست على‬
‫قوانينه الداخلية سيما مجال األحوال الشخصية ‪.‬‬
‫كما انه أخذ من املدرسة االملانية و تبنى أحكام السجل التجاري و الشركة ذات املسؤولية املحدودة و‬
‫مؤسسة الشخص الوحيد ذات املسؤولية املحدودة ‪.‬هذا و اخذت من االنظمة االنجلوسكسونية االعتماد‬
‫االيجاري و عقد تحويل الفاتورة و عقد التسيير ‪.‬‬
‫و قد أخذ املشرع الجزائري من الشريعة االسالمية نظرية التعسف في استعمال الحق ‪،‬نظرية الظروف‬
‫الطارئة ‪،‬االرادة املنفردة كمصدر لاللتزام ‪،‬تبعة هالك املبيع قبل التسليم تقع على عاتق البائع‪ ،‬خيار رؤية‬
‫املبيع ‪ ،‬حكم تصرفات املريض مرض املوت ‪.‬الشفعة معيار الغبن في بيع العقار ‪.‬دعوى استرداد الحيازة الن‬
‫الحيازة قرينة على امللكية ‪.‬نظرية العقد الناقل للملكية ‪،‬اذ أن الفقه السالمي أشار إلى أن العقد ينقل امللكية‬
‫بمجرد تبادل التعبير عن االرادة أي تبادل االيجاب و القبول ‪ ،‬أما حقوق العقد فهي آثار بين املتعاقدين ‪.‬‬

‫‪24‬‬
25

You might also like