Professional Documents
Culture Documents
تمهيد :
تسعى جل األنظمة القانونية إلى تنمية العالقات اإلنسانية فيما بينها لتحقيق التعاون املنشود .و ال
يمكن أن يتحقق ذلك إال بالتعرف على الشعوب ،و أنظمتها و دراسة شرائعها و ايديولوجياتها.كل ذلك
للتقريب بينها و حسن التعاون و التفاهم فيما بينها ،و ايضا لالستفادة من تجارب االخرين .
من ثم تظهر أهمية املقارنة بين األنظمة القانونية ،في أننا نهتدي بها إلى مصدر القاعدة القانونية
العطاء تفسير للقانون .و أيضا إلى اصالح التشريع الذي عادة مايكون عن طريق معرفة محاسن و
مساوئ القانون الوطني مقارنة بالقانون االجنبي .
و قد برزت أهمية الدراسات املقارنة أكثر في عصر النهضة ،حيث بدأت دراسته في الجامعات الغربية
،و يرجع السبب في ذلك إلى انتشار التجارة الدولية .و في الوقت الحالي تميزت الدراسات املقارنة
ببعدها االقتصادي لتحقيق املنفعة من املعامالت سيما التجارية .
و قد اتسع نطاق املقارنة ،فبعد أن كانت تتم بين قوانين ذات أصول مشتركة من حيث البنية و
املفاهيم ،أصبحت تتم بين قوانين دول مختلفة من حيث البنية و املفاهيم لتعزيز التعاون الدولي.
و قد أفض ى التطور إلى سعي الدول لتوحيد القوانين ،و أنشأت لهذا الغرض معاهد و هيئات دولية
مثل األكاديمية الدولية للقانون املقارن التي تأسسست في الهاي سنة .1924و املعهد الدولي لتوحيد
القانون الخاص الذي أنشأته عصبة األمم املتحدة سنة .1928معهد روما الدولي لتوحيد القانون
الخاص ...
1
و أمام تعدد القوانين الوضعية السائدة في بلدان العالم أصبح من الصعب بل من املستحيل االطالع عليها
جميعا.مما جعل الفقه املقارن يتبعون منهج اإلنتقال من العام إلى الخاص فبذلو جهودا في تصنيف مختلف
القوانين الوضعية على أساس معايير معينة في شرائع كبرى ،تتصف كل شريعة بخصائص جوهرية مشتركة
من شأن معرفتها تسهيل اإلطالع عليها و دراستها.
و من بين الخصائص التي صنفت على أساسها هذه الشرائع مصادر القاعدة القانونية املوحدة .
تقسيمات القانون وحدة املفاهيم و املصطلحات ،و اتباع نفس مناهج التفسير و التصورات و أيضا
اسلوب صياغة القاعدة القانونية .لذلك فإن موضوع القانون املقارن هو دراسة الشرائع العاملية
األساسية السائدة في العالم املعاصر.و يقصد بكلمة شريعة في هذا الصدد عائالت تسمح بجمع عدد
كبير من القوانين التي تشترك في مسائل مشتركة .
ألجل انجاز هذه الدراسة نعرض أهم املحاور التي سنتعرض لها :
املحور االول :مفهوم القانون املقارن
2
من أن النظام االمريكي و الب ربيطاني يشتركان في املبادئ األساسية و البناء القانوني إال أنهما يختلفان
في بعض املسائل .
املحور الرابع :النظام االسالمي و تأثر القانون الجزائري بالقانون املقارن و بأحكام الشريعة
اإلسالمية
3
القانون املقارن في العصور الوسطى :
في أوربا :ظهرت في القرن الحادي عشر ميالدي تحديدا في مدينة بولونا بإيطاليا حركة تعني بإحياء دراسة
القانون الروماني اتخذت أساسا لها مجموعة جوستنيان .فنشطت بذلك الدراسة املقارنة ثم تطور األمر
ليشمل املقارنة بين القانون الكنس ي و القانون االقطاعي .ثم انتشرت هذه الحركة لتشمل أغلب ربوع أوربا
الغربية ،سيما ملا أصبح القانون الروماني يدرس في جامعات املدن الكبرى .
و قد تأثر القانون الروماني بالقانون الكنس ي و من بين األحكام التي استمدها هذا النظام من القانون الكنس ي
حكم األخذ بالظروف املستجدة التي تجيز تعديل العقد .ثم ظهرت مدرسة القانون الطبيعي في القرن السابع
عشر و التي نادت إلى قانون عاملي مشترك ،مما مهد لظهور التشريع
و في انجلترى تمت املقارنة بين القانون الكنس ي املستمد من الديانة املسيحية ،و املهتم بمسائل الزواج و
حسن النية و تجنب االستغالل و تحريم الربا مع شريعة الكومن لو .
و حدثت أيضا في أملانيا مقارنة بين القانون الروماني و الكنس ي و األعراف السائدة لدى القبائل الجرمانية.
كما أشار مونتسكيو في كتابه روح القوانين إلى املقارنة بين األنظمة السياسة املختلفة ،للتمكن من
استخالص قواعد دستورية لحكومة صالحة ،أي مبادئئ أحسن نظام حكم.
في بالد املسلمين :
عرفت املقارنة بين املذاهب الفقهية و من أوائل من قامو باملقارنة اإلمام الشافعي من خالل الكتاب املنسوب
اليه املعنون *اختالف مالك و الشافعي * .كذلك ما ألفه الطبري حيث قارن بين أقوال الفقهاء في مسائل
متعددة في كتابه *اختالف الفقهاء *.و من أشهر الكتب التي تناولت املقارنة بين كل املذاهب الفقهية كتاب
"بداية املجتهد و نهاية املقتصد" إلبن رشد الحفيد .
القانون املقارن في العصرالحديث :نشطت الدراسات املقارنة في أوربا ابتداءا من النصف الثاني من القرن
التاسع عشر ،و أصبحت هذه الدراسات وسيلة لالستفادة من تجارب باقي األمم لتحسين القوانين الوطنية
،و سد ما بها من ثغرات .
إذ برزت أهمية الدراسات املقارنة أكثر في عصر النهضة ،حيث بدأت دراسته في الجامعات الغربية .و يعود
الفضل في تدريسه في الجامعات إلى أعمال البريطاني "سير هنري سومر ماين".
و من ثم فإن القانون املقارن كان وليد الدراسات القانونية املقارنة التي انتشرت في الجامعات الغربية ،و قد
ساعدت عدة عوامل على انتعاش الحركة العلمية في الجامعات أهمها :
4
-انتشار التجارة بين الدول الغربية الوربا و التي أدت إلى خلق قواعد قانونية تجارية مشتركة.
-تبني الكنيسة للقانون الروماني ملا يقوم عليه من مبادئ مبنية على العقل ،و مطابقة القانون االلهي.
-امتداد اعتماد الدراسات القانونية في الجامعات االوربية ال سيما الجامعات الفرنسية ،و التي اتخدت من
القانون الروماني و الدين املسيحي و القانون الطبيعي مجاال للمقارنة ،ليتشكل ما يسمى القانون العرفي
املشترك.
ثم نشأت جمعية التشريع املقارن في فرنسا سنة . 1869
و قد بدأت مرحلة التأسيس الفعلي للقانون املقارن في مطلع القرن ،20وذلك بعقد مؤتمر دولي للقانون
املقارن بباريس سنة ،1900 /07/31بدعوة من جمعية التشريع املقارن .إذ كانت الفكرة األولى للمؤتمر هو
وضع قانون مشترك للنسانية املتحضرة .
إلى جانب الدراسات الجامعية أنشأت معاهد و مراكز و جمعيات للبحوث املقارنة كاملركز الفرنس ي للقانون
املقارن.
حيث يصدر حولية التشريع الفرنس ي و األجنبي .جمعية التشريع املقارن تصدر مجلة دولية للقانون
املقارن.معهد القانون الدولي و القانون املقارن .في ايطاليا معهد القانون التجاري املقارن .في بلجيكا املركز
الجامعي للقانون املقارن في بروكسل.
عرفه المبير و سالي بأنه " القانون الذي يبحث عن القواعد املشتركة بين الشرائع و النظم املختلفة".
5
عرفه روني دافيد بأنه *الطريقة املقارنة التي تطبق على الدراسة املقارنة*
و عرفه مؤتمر الهاي للقانون املقارن سنة 1937على أنه * القانون الذي يعمل على املقارنة بين قوانين
بلدان مختلفة من أجل استخالص أوجه التشابه و أوجه اإلختالف بين هذه القوانين*
و يختلف القانون املقارن عن املنهج املقارن في أن املنهج املقارن فيه مصطلح منهج يعبر عن الطريقة التي
يتبعها الباحث في دراسة مشكلة ما ،و فيه مصطلح املقارنة و هي عملية ذهنية يتم من خاللها إبراز أوجه
اإلختالف و أوجه التشابه بين نظامين متشابهين .فهي عملية نظرية تدخل ضمن امللكات الذهنية للنسان.أما
املنهج املقارن يشمل عملية املقارنة الذهنية إضافة إلى تقنيات و وسائل البحث بغرض استخالص النتائج.
لذلك نجد أن املنهج هو الذي يعطي للعلم ( و نقصد بذلك القانون املقارن باعتباره علم ) قيمته العلمية
.ذلك دون منهج ال يقوم العلم .
يرجع سبب اختالف الفقه في مسألة تعريف القانون املقارن إلى اختالفه في تحديد طبيعته .إذ ثار الجدل و
إحتدم بين الفقهاء بخصوص طبيعة القانون املقارن بين من يرى أنه علم و من يرى أنه طريقة:
القانون املقارن علم مستقل فهو علم يضع أسس املقارنة و مناهجها و أهدافها ،و يحدد نطاقها ليحقق
الهدف منه بإثراء علم القانون و إعداد منظومة تشريعية تتسم بالوضوح و الدقة و الثراء و الواقعية و
العدل ،و تستجيب ملقتضيات التنمية ،و اشباع الحاجيات املتزايدة لألشخاص و املجتمع .
و يتزعم هذا اإلتجاه كل من الفقيهين سالي و المبير حيث يريان أن القانون املقارن علم مستقل عن فروع
القانون املختلفة ،الغاية منه استخالص قانون مشترك يصلح لحكم االنسانية .
و يرى هذا اإلتجاه و بالرجوع للمدرسة التاريخية أن القانون غير مطلق ،و اليقوم على مبادئ ثابتة و عاملية.
فالقانون متطور و متغير و نسبي ،يتغير حسب األمكنة و األزمنة .على هذه الفكرة يقوم القانون املقارن كعلم
مستقل بذاته يهدف إلى معرفة القوانين األجنبية إذ أن غايته تحسين و توحيد القانون و النظم املختلفة
.فالقانون املقارن مرتبط بالعامل التاريخي .غير أنه انتقد هذا االتجاه لكون أن علم التاريخ القانون مستقل
عن علم القانون املقارن و ليس جزءا منه .و أيضا ملبالغته في تحديد الغاية من القانون املقارن و املتمثل في
قانون مشترك دولي إنساني يصلح لكل مجتمع و لكل بلد.إلصطدام هذه الفكرة بعقبات ،و ال سيما اختالف
عادات الشعوب و بناءها القانوني .
6
القانون املقارن طريقة :أغلبية الفقه الفرنس ي متفقون على أن القانون املقارن يهدف إلى معرفة القوانين
االجنبية و ذلك باستخدام الطريقة املقارنة .فهو طريقة و منهج تستخدم عند دراسة و مقارنة أكثر من
قانونين وضعيين للتعرف على أوجه التشابه و أوجه االختالف .
غير أن الفقه لم يتفق على الطريقة املقارنة التي من املمكن أن تصل إلى اعداد مجموع من القواعد أو على
االقل اقتراح مجموع من املبادئ املنهجية املشتركة التي تسمح بتشكيل األساس للطريقة املقارنة .فإعتبار
القانون املقارن طريقة جاهزة للتطبيق مجرد فرضية ،إذا لم يتم االجابة بشكل واضح عن األسئلة املهمة
التالية:ماذا يجب أن تقارن بشكل دقيق األنظمة القانونية أم فروع القانون أم فقط القواعد القانونية .و
على ماذا تقوم املقارنة و ما هي إجراءاتها ؟فاملقارنة بين القوانين األجنبية و الوطنية ليس باألمر الهين و ال
تأتي ثمارها بمجرد املقابلة بين القواعد املوضوعية التي تتضمنها هذه القوانين .فالفهم الكامل لهذه القواعد
ال يتم إال في ضوء املعرفة السابقة للخصائص األساسية للشريعة التي ينتمي إليها كل قانون من القوانين
األجنبية موضوع املقارنة .
إن الفقه و مع تصاعد األهمية العلمية للقانون املقارن أصبح يهتم باإلجابة عن تلك األسئلة أي :ماهي الغاية
من وجود قانون مقارن أو ماهو هدفه .هل هدفه توحيد القانون على أكبر مستوى ممكن ؟ماهي االجراءات
و التقنيات املعدة لتحقيق هذه الغايات ؟ و ذلك ألجل إعداد أسس و مبادئ عامة و مشتركة للطريقة املقارنة
.و إهتمو باألساس بماهية و تطبيقات القانون املقارن ،و موضوعه و دوره و وسائل الطريقة املقارنة.
القانون املقارن ذو طبيعة مزدوجة :الراي الراجح
يرى األغلب الفقه بأن القانون املقارن علم و طريقة في نفس الوقت .فهو علم مستقل بالنظر للموضوعات
التي يهتم بها ،إذ يهتم بالدراسة املقارنة لألنظمة القانونية للوصول إلى الخصائص املشتركة لألنظمة القانونية
الكبرى باإلعتماد على الطريقة املقارنة لذلك .و هو طريقة لها خصوصياتها فالعلم و املنهج يشكالن وحدة
مترابطة .و هذا ما عبر عنه الفقيه روني بالقول بأنه و إن كان بعض الفقه يرى أن القانون املقارن هو طريقة
للمقارنة إال أنه يمكن تمديد فهم القانون املقارن إلى أوسع من ذلك باعتباره علم مستقل يهتم بالبحث في
القوانين األجنبية للوقوف على أصول املقارنة .فالقانون املقارن هو علم يمهد الطريق إلستخدام الطريقة
املقارنة و اإلستعانة بها في مختلف مجاالت القانونية فهو علم و منهج.
بناءا على ما سبق يمكن تعريف القانون املقارن كعلم منهاجي بأنه دراسة النظم القانونية السائدة أو عبر
العصور ألجل استخالص األصول العامة املشتركة ،أو الكشف عن أوجه التشابه و أوجه اإلختالف ألجل
اصالح التشريع أو لتوحيد القوانين أو التقريب بينها ،و البحث في مصادرها و أصولها و إنتشارها الجغرافي.
8
التوحيد الداخلي و يقصد به توحيد القوانين داخل الدولة الواحدة .من ثم تظهر أهميته في القضاء على
التفرقة و الطائفية .كما أنه ضروري لتحقيق فكرة السيادة الوطنية .أيضا يسهل العالقات داخل الدولة
الواحدة ،فيؤدي الى نموها و ازدهارها.
تحققت هذه الفكرة في فرنسا بصدور قانون نابليون عام .1808ايطاليا وحدت قانونها املدني عام
.1865سويسرا عام.1881املانيا عام .1896
بعد الحرب العاملية األولى ظهرت قوانين موحدة في دول اوربا الشرقية .ثم انتقلت فكرة التوحيد إلى املشرق
العربي فوحدت مصر القانون املدني و كان هذا القانون النموذج الذي اقتدت به الدول العربية لتوحيد
قوانينها الوطنية .
التوحيد الخارجي فهو توحيد قوانين دولتين أو اكثر .فينصب التوحيد على فرع من فروع القانون كتوحيد
القانون املدني أو التجاري .أو ينصب على مسألة معينة كتوحيد أحكام العقود و أحكام املسؤولية املدنية .
و التوحيد الخارجي له أهمية في تحقيق السالمة القانونية سيما في التجارة الدولية .فتنوع األنظمة القانونية
و صعوبة تطبيق إحداها في وجود نزاع يشير إلى أهمية توحيد القوانين سيما في مجاالت معينة كقانون
األعمال للتخفيف من العوائق التي قد تثور مثال في مجال التجارة الدولية.
يتحقق التوحيد الخارجي عن طريق اإلنضمام لالتفاقيات الدولية .و من املواضيع التي كان لها السبق في
مجال التوحيد القانوني لدى املجتمع الدولي عقد البيع الدولي للبضائع ،بعد جهود قام بها معهد روما لتوحيد
القانون الخاص و بمساعي من األمم املتحدة .و أدى ذلك إلى إبرام اتفاقية األمم املتحدة بعقود البيع الدولي
للبضائع و املعروف باتفاقية فيينا سنة .1980
ايضا في مجال القانون الدولي الخاص حيث يعاني من معضلة تنازع القوانين ،أي تحديد القانون الواجب
التطبيق في العالقات ذات الطابع االجنبي ،سيما مع اختالف القوانين في قواعد اإلسناد .و قد تفطن الفقهاء
إلى ضرورة توحيد قواعد التنازع و ال سيما أمام ازدياد العالقات الدولية في مختلف املجاالت .هذا بالطبع
يتطلب اعادة النظر في قواعد القانون الدولي الخاص بتوحيد احكامه .
و بالنسبة لقانون االحوال الشخصية فإنه يثير صعوبة كبيرة للتوحيد ذلك أن هذا القانون يتأثر بالعادات
و التقاليد و الدين لكل دولة على حدى .
غير أن مهمة توحيد القوانين تبدو مهمة صعبة و مستحيلة توعا ما ،سيما أمام تعدد الثقافات و املجتمعات.
فقد أصبح اليوم عدد القوانين الوضعية السائدة في العالم اكثر من عدد الدول نفسها ،و ال سيما أن بعض
9
الدول لم توحد القانون املطبق على اقليمها .لذلك فمهمة املختصين في مجال القانون املقارن عند تحديد
الشرائع القانونية هو تبسيط هذا التعدد الفوضوي .
و عادة تلجؤ الدول للتغلب على صعوبات التوحيد في العالقات الدولية بإبداء التحفظات .إذ تساهم فكرة
التحفظ في تحقيق التوحيد و لو بصورة جزئية .و من بين املواضيع التي كانت محال للتوحيد مع ابداء
التحفظ هو القانون املوحد للسندات التجارية سنة . 1931/1930حيث تم ابداء التحفظ ازاء بعض البنود
كحق الحامل على مقابل الوفاء...إلخ
14
و هو نظام مستمد من القانون الروماني ،يضم النظام القانوني الفرنس ي املتمثل في قواعد القانون املدني
الفرنس ي و قوانين البلدان الجرمانية أي قواعد القانون األملاني و األنظمة املستمدة منه .و كالهما يقوم على
أساس واحد من املبادئ العامة و القواعد الكلية .
تشترك و تتفق كل قوانين الدول املستمدة من هذا النظام في تقسيم القانون إلى قانون عام و قانون خاص
.و يقابل هذا التقسيم الثنائي للقوانين وجود نوعين من املحاكم عادية و ادارية .كما و تشترك قوانين هذه
العائلة في املبادئ كالنظرية العامة لاللتزامات و حقوق التقاض ي ...
تتميز القاعدة القانونية في هذا النظام بانها تقوم على صفة التجريد و العموم .و أنها قاعدة سلوك اجتماعي
ملزمة أي أنها تقترن بجزاء .تقسم القاعدة القانونية إلى قاعدة عامة و خاصة ،شكلية و موضوعية ،مكتوبة
و غير مكتوبة قاعدة أمرة و قاعدة مكملة .
من خصائص القاعدة القانونية أيضا أنها مرنة أي قابلة للتعديل و التغيير ،و أحيانا اإللغاء ملواكبة التطور
الحاصل للمجتمع .يحكمها مبدأ تدرج القوانين حيث أن القاعدة القانونية األعلى تعدل و تلغي القاعدة التي
تماثلها في الدرجة .و القاعدة األقل درجة تعدل و تلغى بقاعدة مماثلة أو أعلى درجة منها ('قاعدة توازي
االشكال )
15
-2العرف :أهميته كقانون غير مكتوب و مدى تأثيره يختلف بإختالف نوع العرف .أذ يرى الفقه أن هناك
نوعين من العرف عرف مساعد للتشريع يساعدنا في فهم النص التشريعي .و عرف مكمل للتشريع يمدنا
بقاعدة لتنظيم حالة لم يرد بشأنها نص تشريعي فيكون وظيفته سد النقص في التشريع .
يختلف مركز العرف باختالف القوانين بحيث له دور مهم في القانون التجاري و القانون الدولي العام و
يتقلص دوره في القانون املدني و قانون االحوال الشخصية و ينعدم دوره في القانون الجنائي .
كما يختلف مركز العرف من دولة ألخرى فبعض الدول تساوي بين العرف و التشريع كالقانون االملاني و
السريسري .في حين دول أخرى كالنمسا اليطبق العرف إال إذا أحال إليه التشريع صراحة .
-3القضاء ( :االجتهاد القضائي )
أوال :دور االجتهاد في تفسيرالقاعدة القانونية
يقتصر دور القاض ي على تطبيق القاعدة القانونية ،لذلك يعد القضاء مصدرا ثانويا و مصدرا تفسيريا
للنصوص القانونية .إذ تتميز األحكام القضائية بتطبيق القانون فاألنظمة الدستورية في الدول التابعة للمنهج
الروماني تقوم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات ،إذ مهمة التشريع تقوم بها السلطة التشريعية بينما
تتولى السلطة القضائية تطبيقه على النزاعات املرفوعة .
و يطرح التساؤل في هذا الصدد في حالة غموض القاعدة القانونية و عجزها عن تقديم الحل القانوني ،إن كان
بإ مكان القاض ي أن يلجأ إلى التفسير الواسع للقاعدة القانونية ؟ في هذا الصدد نجد اتجاهين فقهيين :
االتجاه االول :يرى أن وظيفة القاض ي ال تقتصر على تطبيق القانون ،إنما يمكنه تفسير النصوص في حالة
غموضها .ألن قواعده عامة و مجردة ،و قد يؤدي التفسير الواسع للقانون إلى توسيع مجال تطبيقه ليستوعب
حاالت جديدة لم ينص عليها القانون فيسد نقصه.هذا التفسير الواسع يؤدي إلى إنزالها منزلة القاعدة
القانونية فال يمكن إنكار أنها من صنع القاض ي .هذا االتجاه يجعل من القضاء مصدرا للقانون ألن دوره ليس
فقط تطبيق النصوص و تفسيرها فقط ،بل قد يصل لدرجة وضع القاعدة القانونية .
غير أن هذا الرأي لم يلقى استحسانا كبيرا ألنه يمس بجوهر وظيفة القاض ي ،و هي تطبيق القانون و ليس
انشاء القاعدة القانونية.
االتجاه الثاني :و هو الرأي الراجح يرى أن وظيفة القاض ي تقتصر على تطبيق القانون ،و حتى حين يفسر
قواعده و يتوسع في تفسير قواعده الغامضة فهو ال ينش ئ قانون ،إنما يكشف عن ثنايا التشريع مستندا إلى
مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة .
16
ال شك أن القضاء يساهم في تطوير القانون .غير أن تفسيره للقواعد القانونية إلزالة الغموض ال
يمكن أن يرقى إلى دور املشرع نظرا ملا يقتضيه مبدأ الفصل بين السلطات .
17
املحاكم امللكية منذ الغزو النورمندي سنة . 1066لتصبح بعد ذلك منهجا و نظاما قانونيا معتمدا في الكثير
من الدول التي تشترك في اللغة و العادات كبريطانيا و أمريكا .
اذ ال يعترف النظام االنجليزي بتقسيم القانون الى عام و خاص انما يقسمه إلى كومن لو و عدالة تعني هذه
األخيرة مجموع القواعد التي اقرتها محكمة املستشار ابتداءا من ، 1485و طبقتها لسد بعض ثغرات الكومن
لو و اصالح ماكان يظهر من عيوب .
كما أن مفهوم القاعدة القانونية يدل على غير مايدل عليه مفهومها في النظام الروماني ،فهي تصدر عن
القضاء و هي أقل عمومية و تجريد ،ألنها تصدر في نزاع معين األطراف .فلكل واقعة قانونية قاعدة قانونية
خاصة بها .كما أنها خالية من التمييز بين المرة منها و املكملة على خالف النظام الالتيني .
خصائص القانون االنجليزي :
*القانون االنجليزي له نشأة قضائية ،النجد فيه فكرة القاعدة القانونية و إنما نظام السابقة القضائية .
*ال يعرف التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص ،و ال التفرقة بين القانون املدني و القانون التجاري
فكالهما مدمج في املجموعة املدنية .لذلك يغيب في التنظيم القضائي القضاء االداري غير أنه في سنة 2000
تم انشاء بعض الهيئات القضائية في بريطانيا مختصة في املسائل ذات الطابع االداري ضمن املحكمة العليا
بعد دعوة الفقه .
التفرقة في القانون االنجليزي هي تفرقة بين القانون العام أي الكومن لو و قواعد العدالة التي تكونت خالل
القرنين الخامس و السادس .كما أن هذا القانون يركز على الجوانب العملية خاصة االجرائية .
18
*االحكام الصادرة عن محكمة االستئناف تعتبر سوابق ملزمة للمحكمة نفسها و لجميع من دونها من املحاكم
و في هذا االطار نشير إلى أن النظام القضائي االنجليزي يتكون من محاكم دنيا ،و املحكمة العليا للقضاء التي
تضم محكمة العدل العليا و محكمة التاج ثم محكمة استئناف تنظر في االستئناف املرفوع من املحاكم الدنيا
و محكمة العدل العليا .و مجلس اللوردات دوره الفصل في الطعون املرفوعة الصادرة عن محكمة االستئناف
و في حاالت استثنائية تستأنف أمامه األحكام الصادرة عن محكمة العدل العليا و محكمة التاج.
التشريع:
يحتل التشريع املرتبة الثانية و يعرف بالقانون البرملاني يقتصر دور التشريع على إتمام القانون القضائي.و
هو إما تشريع صادر عن البرملان ( و هو هيئة تشريعية تتكون من مجلس العموم و مجلس اللوردات ) أو أنه
تشريع صادر عن السلطة التنفيدية ( مجلس الوزراء ).
و ألن بريطانيا من الدول التي ليس لها دستور مكتوب بل اعراف دستورية فقط ،فيتميز التشريع األساس ي
بعدم وجود دستور مكتوب ،و هذا يعني عدم وجود رقابة على دستورية القوانين .لكن هذا ال يعني عدم وجود
نصوص دستورية مكتوبة ،إذ تتمثل في امليثاق الكبير و الذي يعد أساس نظام الحكم في انجلترى الصادر سنة
و قانون البرملان الصادر سنة 1911و املعدل سنة .1949 ،1215
غير أن التشريع زادت أهميته شيئا فشيئا ،لذلك و إن كانت النظرية الكالسيكية تعتبر التشريع مصدر
ثانوي للقانون إال أن النظرية الحديثة اعترفت بالطابع التشريعي للقانون االنجليزي ،إذ أصبح للتشريع دور في
مجاالت متعددة .سيما مع انظمام بريطانيا إلى االتحاد االوربي ،رغبة منها في مواكبة تشريعات باقي دول االتحاد
االوربي .فاصدرت تشريعات في مجاالت متعددة .سيما مع تزايد تدخل الدولة في تنظيم و توجيه االقتصاد .
و في هذا االطار نتسائل عن موقف القاض ي من التشريعات التي تصدر سيما عن البرملان ؟ يـعتبر القضاء أن
التشريع مصحح و مكمل لقاعدة وضعت من طرف سابقيه من القضاء .فالتشريع بالنسبة له يحافظ على تلك
األحكام .لذلك فعندما يطبق القاض ي النص التشريعي فهذا ال يعني أنه يسعى إلى تغيير النظام بل يحافظ
عليه.
العرف :يحتل املرتبة الثالثة و األخيرة في تدرج مصادر القاعدة القانونية ،فعلى الرغم من انه لعب دور مهم
في بداية نشأة القانون االنجليزي غير أن مكانته تراجعت و أصبح له دور ثانوي .فقبل نشأة قواعد الكومن لو
كان القانون االنجليزي يقوم على االعراف املحلية بعد ذلك نشأت الكثير من القواعد القانونية ذات املصدر
العرفي .فاصبحت كل القواعد العرفية قواعد مكتوبة بفضل حركة التقنين .
19
املحور الثالث :النظام االسالمي و مكانة النظام الجزائري
تعتبر الشريعة االسالمية مصدرا من مصادر القانون في التشريعات العربية.و ألنها شريعة متكاملة حية و
مرنة قابلة للتطبيق في كل زمان و مكان ،فقد عكف الباحثون في مجال القانون املقارن على تسليط الضوء
على هذا النظام ،و األخذ من كثير من أحكامها .
مصادرالتشريع االسالمي :و املقصود بها األدلة التي تقوم عليها احكامه ،و هي مصادر اصلية الكتاب -1
و السنة و مصادر احتياطية االجماع و القياس .
القران :و قد نظم القرآن جانبين العبادات كالصالة و الصوم و املعامالت أي كل ما يتعلق بعالقات االفراد
فيما بينهم ،فقد تضمنت الشريعة االسالمية تنظيما شامال لعالقات األفراد فيما بينهم و عالقتهم بالسلطة
.
تقسم أحكام املعامالت إلى :
*أحكام متعلقة باألسرة كالزواج و الطالق و النفقة و النسب ،أي مايسمى بقانون األسرة أو قانون االحوال
الشخصية في الوقت الحاضر .
*احكام متعلقة باملعامالت املالية ،كالبيع و االجارة و الرهن و الكفالة و التي ينظمها القانون املدني حاليا .
20
*احكام متعلقة بالقضاء و الدعاوى و الشهادة و اليمين ،مايسمى بقانون املرافعات أو االجراءات املدنية .
*احكام متعلقة بمعاملة األجانب غير املسلمين في الدولة االسالمية ،فيما بينهم أو مع رعايا الدولة االسالمية
و التي تندرج تحت إطار القانون الدولي الخاص .
*أحكام متعلقة بتنظيم عالقة الدولة االسالمية بالدول األخرى في حالتي الحرب و السلم ،و التي تندرج تحت
سقف القانون الدولي العام .
*أحكام متعلقة بنظام الحكم و قواعده و حقوق األفراد و حرياتهم في عالقتهم بالدولة ،و تندرج ضمن قواعد
القانون الدستوري
*أحكام متعلقة بموارد الدولة و مصاريفها ،و تنظيم العالقة املالية بين الفرد و الدولة و بين الغني و الفقير
وفقا لقواعد القانون املالي باملفهوم الحديث .
*أحكام متعلقة بسلوكيات الفرد من ناحية األفعال املنهي عنها و هي األفعال املصنفة كجرائم ،و التي تتقرر
بشأنها عقوبات أي مايسمى اليوم بقانون العقوبات.
السنة النبوية :
و هي املصدر األصلي الثاني للشريعة االسالمية .و هي ما تقرر و صدر عن الرسول صلى هللا عليه و سلم من
قول أو فعل أو تقرير .فإذا كان القرآن هو الدستور الذي يتضمن األصول و القواعد االالهية االساسية و
الكلية ،فإن السنة هي املنهاج النبوي الذي يفصل فيما جاء في مجمل القرآن .
االجماع :
و قد اكتملت أحكام الشريعة بعد وفاة الرسول (ص) باالجماع .و هو ما أجمع عليه الفقه بعد وفاة الرسول
صلى هللا عليه و سلم بخصوص مسألة من مسائل الدين امل ختلف بشأنها ،و التي ال يوجد حل لها ال في القرأن
و ال بالرجوع للسنة النبوية.
القياس :
و هو قياس مسألة لم يرد بشأنها نص مع مسألة ورد بشأنها نص و حكم شرعي ،لتشابه الواقعتين في علة
هدا الحكم.
اضافة الى هذه املصادر هناك مصادر احتياطية للشريعة االسالمية و هي االستحسان االستصحاب املصالح
املرسلة سد الذرائع العرف ....الخ
القضاء
21
و قد مر القضاء بتطورات هامة إذ شهد عصر الخالفة االسالمية تطورا في تخصصات القضاء .فعرف ما
يسمى بقضاء املظالم الذي يفصل في شتى التظلمات و الخصومات بين الحاكم و املحكوم .نظام الحسبة و
هي نظام يسمح للمحتسب بتوقيع العقوبة على األفراد الزالة املنكر دون الحاجة إلى إقامة دعوى من أحد
االطراف .اذ تشتمل مهام املحتسب مراقبة التجار مراقبة االسعار و قمع الغش مراقبة االبنية و الطرقات .و
يمكن للمحتسب توقيع عقوبات مباشرة كإتالف البضاعة الفاسدة حال ضبطها .و قد عدت الحسبة من
القضاء بحكم أنها تقوم على وظيفة االتهام .
23
و االعراف و التقاليد التي تلعب دورا كبيرا و تأثيرا مباشرا على املجتمع الجزائري ،و التي انعكست على
قوانينه الداخلية سيما مجال األحوال الشخصية .
كما انه أخذ من املدرسة االملانية و تبنى أحكام السجل التجاري و الشركة ذات املسؤولية املحدودة و
مؤسسة الشخص الوحيد ذات املسؤولية املحدودة .هذا و اخذت من االنظمة االنجلوسكسونية االعتماد
االيجاري و عقد تحويل الفاتورة و عقد التسيير .
و قد أخذ املشرع الجزائري من الشريعة االسالمية نظرية التعسف في استعمال الحق ،نظرية الظروف
الطارئة ،االرادة املنفردة كمصدر لاللتزام ،تبعة هالك املبيع قبل التسليم تقع على عاتق البائع ،خيار رؤية
املبيع ،حكم تصرفات املريض مرض املوت .الشفعة معيار الغبن في بيع العقار .دعوى استرداد الحيازة الن
الحيازة قرينة على امللكية .نظرية العقد الناقل للملكية ،اذ أن الفقه السالمي أشار إلى أن العقد ينقل امللكية
بمجرد تبادل التعبير عن االرادة أي تبادل االيجاب و القبول ،أما حقوق العقد فهي آثار بين املتعاقدين .
24
25