You are on page 1of 2

‫ال ينقطع الحديث عن انتشار التوهم بصدق كيان النظام السياسي‪ ،‬ال سيما وأن مشاهدة مجتمع الدراسات

منكبًا على بحث الموضوع‬


‫تبعث على الرضا‪ .‬ومن هذا االستهالل ال يمكن التغاضي عن تعدد الخيارات عند البحث عما يجدر التمعن فيه‪ ،‬ففي ظل ترقب‬
‫التعديل الدستوري وأيضا اجتهاد الساسة في إنهاء مسألة عدم اإلقبال على التصويت‪ ،‬لن يحظى هذا اإلصدار المعجمي على توقيت‬
‫أكثر مناسبة للصدور‬
‫يأتي التوقيت وقد شهد الهيكل الديموقراطي لبريطانيا تغييرا ال يزال جاريًا‪ ،‬فبينما يجري العمل بنظام نقل السلطة* إلى أجهزة‬
‫التشريع والمجالس النتخبة‪ ،‬يستمر توقف المجلس المنتخب في أيرلندا السمالية عن العمل حتى استكمال الحوار السياسي‪ ،‬فيما تمضي‬
‫قد ًم ا في األثناء عملية نقل السلطة بثبات‪ .‬وعليه‪ ،‬سيكثر الحديث ال محالة على منصات النقاش عن الحد الفاصل بين المراحل‬
‫المنجزة من نقل السلطة والمراحل المتبقية التي يستبقيها المتحفظون‪ ،‬وستثار األسئلة تباعًا عن مدى قيام أعضاء البرلمان في‬
‫وستمنستر بدورهم المناطقي وتمليكهم شؤؤن الداخل‪ ،‬بما يمثله كل منهم من بقعة داخل بريطانيا‬
‫وال تقتصر عملية نقل السلطة على إنجلترا فحسب‪ F،‬فباقي أقاليمها يستنظرون فرصة تقرير رغبتهم من عدمها في الحصول على‬
‫وحدة حكومية مستحدثة من نظام نقل السلطة‪ ،‬وحال إقرارهم بالموافقة سيتعرض هيكل الحكومة المحلية الجاري استبداله إلى تأثير‬
‫متسلسل الحدوث سواء في المناطق العاصمية أو الوالئية‪ ،‬وما اعتيد عليه من نظام نقل سلطة متنوع الصور سيزداد اآلن تنوعا‬
‫صوريًا‪ .‬تجدر اإلشارة إلى أن الحكومة الحالية قد استهلت المرحلة العصيبة إلصالح مجلس اللوردات باإللغاء الجزئي لنظام توارث‬
‫األلقاب المانحة صاحبها السلطة عام ‪1999‬م‪ ،‬وإلى اآلونة ما انفكت عملية اإلصالح تتحسس الخطى‬
‫ال يُحبذ حسبما يقتضيه العرف الديموقراطي الصراع بين شرعية مجلس لوردات يعيّن مباشرة وبين آخر متمخض من عملية‬
‫انتخاب‪ ،‬والدليل ما يدور في بريطانيا من انغماس المجلس بالمسائل غير المعالجة بشأن حجم السلطة المخولة للمجلس ونظام انتخابه‬
‫ونطاق الدعم الذي يحظى به من رئاسة مجلس الوزراء‪ .‬وفي هذا الصدد تتعدد المعالجات‪ F‬ذات الشقين؛ ك ٌل حسبما يتبناه من معالجة‪،‬‬
‫فحينما سنحت الفرصة أمام مجلس العموم بدايات العام ‪2003‬م للمعالجة لم يستغلها األخير على النقيض في حل قضية تشكيل مجلس‬
‫اللوردات‪ ،‬ومنذ ذلك الحين ابتعدت الحلول عن المتناول وفشلت المحاوالت في االقتراب من أحدها‬
‫ض ا نال االتحاد اإلوروبي بما أحرزه من تطور حصته من التأثير في القوام الديموقراطي الداخلي‪ ،‬وإ ّما جرى ذلك عبر‬ ‫أي ً‬
‫الضغوطات المتأت ّ ية من الدعوات إلى التكامل األوروبي أو عبر عملية العولمة المنبسط نطاق تأثيرها‪ ،‬وفي كلتي الحالتين يشكو‬
‫البعض من ازدياد كم األمور الخارجة عن السيطرة‪ .‬من هذا المنطلق تشهد البرلمانات‪ F‬الوطنية حرا ًكا نابعًا من استشعارهم خطر‬
‫فقدان الوالية على التشريع‪ ،‬ولم يتطرق السياسيون إلى اآلن إلى ما يكثر تداوله على األلسنة من عجز ديموقراطي تطرقًا ينول رضا‬
‫البرلمان أو عامة الشعب‬
‫يؤو ل ذلك إلى االعتقاد السائد بتراجع سلطة الفرد العادي في التأثير على حياته الخاصة‪ ،‬ما دفع الكثيرين إلى تجنب التصويت‬
‫ربما ّ‬
‫والمشاركة االنتخابية ونتج عن ذلك أن أقيم المقام للنقاش حول زيادة مالئمة التصويت االنتخابي للمصوتين من العوام‪ ،‬فتمخض من‬
‫النقاش دخول نظام التصويت اإللكتروني ومراكز االختراع غير التقليدية حيّزا جديًّا من التناول‪ .‬وإلى ذلك تظل تجربة إقامة كامل‬
‫التصويت االنتخابي عبر البريد أكثر االقتراحات صدًى‪ ،‬وأشارت شواهد أولية إلى مفعول ما استحدثه القائمون على التصويت في‬
‫زيادة اإلقبال لكنه زاد في الوقت نفسه حسبما زعم البعض من خطر التزوير‪ ،‬وحتى اللحظة لم يفصل (القضاة في األمر)‪ ،‬أو‬
‫باألحرى لجنة االنتخابات‬
‫للمصوت أن يتأمل إمكانية الحصول دون‬
‫ّ‬ ‫وإذا آل المطاف بأن س ّخرت السياسة‪ F‬تقانة المعلومات في عملية االنتخاب‪ F،‬فحينها يمكن‬
‫أدنى جهد على معلومات آنية شاملة عن األحزاب والناخبين‪ ،‬أ ّما توابع ذلك فستمتد أثرها ليشمل كل من يعنيه األمر‬
‫وكما ازدادت وسائل االتصال بين المنتخب والناخب‪ ،‬يتعيّن فحص نوعية وكذا كمية التواصل القائم بينهما‪ ،‬فالمعلوم أن الحوار‬
‫يؤسس سالمة‪ F‬عمل النظام الديموقراطي‪ ،‬لكن المثار هنا هو كيفية اكتفاء الحوار فقط بالوسائل اإللكترونية أو التقليدية لتحقيق مبتغاه‪.‬‬
‫فكالهما‪ -‬أي الناخب والمنتخب‪ -‬يلزمه الجلوس إلى طاولة الحوار بغية تجريب فاعلية المادة النظرية البانية لهذا المقترح المطروح‬
‫أو ذاك‪ .‬ومن هنا من األهمية بمكان العمل على تواصل أفضل بين الجانبين لئال يفضي االنطباع السالب الذي يتولد بعض األحيان‬
‫إلى اإلحساس التلقائي بالرفض التام‪ ،‬فالمحك الحقيقي للديموقراطية هو كيفية تعاطيها مع الجموع التي ال تحظى بأكثرية اهتمامها‪F،‬‬
‫بينما يتسنى للجميع الحصول دو ًما على الضوء األخضر فيما يتعلق بمسألة ما‬
‫هذا وقد يعتقد البعض أن الوسائل الوسائل اإلعالمية موكلة بعقد الرابط الذي يفتح المجال لتدفق الخبريات والمفاهيم‪ ،‬بل على العكس‬
‫يسعى اإلعالم عديد المناسبات إلى منفعته الخاصة عبر تلقيم التقارير المقدمة عن البرلمان أو األحداث السياسية بالمحتوى المرفه أو‬
‫المثير للجدل فينال الرأي الخاص األسبقية دو ًم ا على الحقيقة الواقعة‪ ،‬ويتبين ذلك في اإلكثار من النقل السطحي عن قضايا البرلمان‬
‫ض ا عن تقديم التقارير الشافية‪ .‬وفي الغالب ال يتوانى جمهور العوام عن االعتراف بعدم درايتهم بالكثير م ّما يدور في الشأن‬
‫عو ً‬
‫السياسي‪ ،‬وهنا يأتي دور هذا المعجم في إمكانية االنتفاع بالقدر اليسير منه الستيضاح معالم ما لم يبرز بالشكل الكافي من النظام‬
‫السياسي‪ ،‬مع العلم على الدوام أن الحياة السياسية عامة والبرلمانية خاصة ال تستمر إال عبر النقاش ونشر األفكار واحتكاك‬
‫الشخصيات‪ F‬المختلفة المبين للحقائق وكذلك عدم التخاذل في مناصرة القضية‬

‫*‬
‫نقل السلطة )‪ :(Devolution‬هو نقل السلطة السياسة المخولة لحكومة المركز إلى حكومة المحل ( حكومة إقليم أو والية)‬
‫يُستنتج من ذلك أن النظام السياسي شبكة ممتدة األطراف تشمل الجميع وال يمكن مقارنته بنادي خاص‪ ،‬وكلما امتدت أطراف النظام‬
‫سا‪ ،‬سواء الديموقراطية الممارسة‪ F‬على صعيد القرية أو البلدة أو المدينة أو البالد أو حتى الممارسة على‬
‫زاد بنيان الديموقراطية أس ً‬
‫صعيد دولي‬
‫إن أحدث هذا المعجم مفعواًل دافعًا للمشاركة وكذلك البحث فليس لذلك سوى أن يدعو للسرور‬

‫السير أالن هازلهيرست‪ ،‬عضو البرلمان البريطاني‬


‫نائب رئيس مجلس العموم البريطاني‪ ،‬رئيس لجنة وايز أند مينز‬

You might also like