You are on page 1of 6

‫الفرق بين املنهج واملنهجية‬

‫مقدمة ‪ :‬يدرس مقياس مناهج البحث العلمي يف كل اجلامعات عرب العامل ويف مجيع‬
‫التخصصات العلمية والتقنية‪ ،‬وختصصات العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ .‬وهتدف منهجية البحث‬
‫العلمي إىل جعل الطالب اجلامعي منهجيا يف تفكريه وطروحاته وحبوثه متخلصا من اجلمود الفكري‬
‫ومتوجها حنو اإلبداع والتجديد والنقد والتحليل املمنهج واملنظم ‪.‬إن جتنب إصدار أية أحكام تعسفية‬
‫من طرف الباحث أو وقوعه يف السذاجة العلمية يرتكز على مدى تسلحه ابملنهجية العلمية وأساليب‬
‫البحث وتقنياته ‪.‬‬
‫يقصد ابملنهج الطريق أو املسلك ( يف جمال اللغة ) ‪.‬ويعرف عبد الرمحان بدوي املنهج أبنه "‬
‫الطريق املؤدي إىل الكشف عن احلقيقة يف العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة اليت هتيمن على‬
‫سري العقل وحتدد عملياته حىت يصل إىل نتيجة معلومة "‪.‬‬
‫إن املنهجية فرع من فروع اإليبستمولوجيا ( علم املعرفة ) ختتص بدراسة املناهج أو الطرق‬
‫اليت تسمح ابلوصول إىل معرفة علمية لألشياء و الظواهر ّأما املنهج فهو جممل اإلجراءات و العمليات‬
‫الذهنية اليت يقوم هبا الباحث إلظهار حقيقة األشياء أو الظواهر اليت يدرسها و ميكن أيضا أن نعترب‬
‫أب ّن املنهج هو موقف أمام املوضوع و نتحدث يف هذه احلالة مثال على املنهج التجرييب و املنهج‬
‫الطيب ‪ ،‬و إ ّن كلمة املنهج تعين أيضا اللّجوء إىل أمناط حتليلية خاصة بفروع علمية مميزة‪.‬‬

‫هناك من جيعل مفهوم املنهج مرادف ملفهوم املنهجية فهل املنهج هو املنهجية ؟‬
‫املنهج هو ذلك الطريق أو األسلوب الذي خيتاره الباحث من بني عدة طرق وأساليب علمية‬
‫( املناهج ) مبا يتناسب مع موضوع حبثه ‪،‬وذلك ملعاجلة إشكاليته وفق خطوات حبث حمددة من أجل‬
‫الوصول إىل حلول هلا أو إىل بعض النتائج بشأنـها‪ ،‬ولذلك ميكن القول أن املنهجية أمشل من علم‬
‫املناهج الذي هو جزء أساسي منها‪،‬فهو يظهر أساسا يف كيفية معاجلة املوضوع على مستوى املنت و‬
‫خطة البحث ومها من أجزاء البحث ‪ ،‬أما املنهجية فهي هتتم بكل أجزاء وأقسام البحث العلمي من‬
‫خالل بيان عناصرها وشروطها و القواعد اليت حتكمها‪ ،‬فضال عن املسائل املتعلقة ابلشكل مثل ‪:‬‬
‫كيفية الوثقنة يف اهلامش ‪ ،‬كيفية توثيق قائمة املراجع ‪ ،‬عالمات الوقف ‪...،‬‬

‫‪1‬‬
‫إن معىن منهجية البحث العلمي كعملية أو نشاط فكري (اإلستقراء و تفسري الواقع) خيتلف‬
‫عن مسألة املناهج املنطقية‪ .‬إن مضمون املنهجية كأسلوب تنظيم و تصوير شامل ألجزاء البحث‬
‫العلمي و اإللتزام بتنفيذها مرحلة تلو األخرى‪.‬‬
‫إ ّن املنهجية مبفهومها الواسع هي فلسفة البحث العلمي والفكر املتبع يف األحباث العلمية ‪ ،‬و الغاية‬
‫من تعريف الطالب ابملنهجية كأسلوب عام هتدف إىل جتنبه من الوقوع يف األخطاء " اليت يقع فيها‬
‫عادة " الباحث املبتدىء‪.‬‬
‫إ ّن عملية إجناز أو إعداد حبث علمي تشبه إىل ح ّد كبري عملية البحث أو التنقيب عن النفط‬
‫إن جناح برانمج العثور على النفط ‪ ،‬يتوقف على إتباع خطة أو مسعى معني ( دراسة نوعية‬
‫احلقول ‪ ،‬حتديد تقنيات البحث مثّ أييت يف األخري التنقيب )‬
‫و إ ّن هذه العملية تفرتض مسامهة كفاءات شىت ( مهندسون يف علم األرض ‪ ،‬مهندسون يف‬
‫تقنيات ( احلفر ‪ ،‬وتقنيني منفذين للخطة أو العمل‬
‫و ال حيق لنا أن ننتظر من رئيس املشروع أن يكون متمكنا من كل التقنيات املستعملة و إمنا‬
‫دوره احلقيقي يتوقف على مدى قدرته يف تصور املشروع يف التنقيب عن النفط ‪.‬‬
‫فعلى الباحث أن يكون له تصور واضح ملا يبحث فيه ( حتديد موضوع البحث ‪ ،‬وضع‬
‫خطة منهجية عمل و هذه األخرية ال تتمثل يف التقنيات املمكن إتباعها بل ألية ذهنية إلستظهار و‬
‫إلستقراء الواقع أو املوضوع كتصور شامل ألبعاد البحث‬
‫و هلذا فإ ّن الباحث ملا يتلقى صعوابت كبرية اليت تكاد أن جتهض مشروع حبثه فالسبب ال‬
‫يعود لعدم جناعة التقنيات املستعملة بل لعدم متكينه من حتديد و إتباع منهجية تشمل كل أجزاء‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪2‬‬
‫املنهج و املنهجية‬
‫تعريف االصطالحي للمنهج‪:‬‬
‫تعددت تعريفات املنهج يف أدبيات البحث العلمي واختلفت وجهات نظر الباحثني‬
‫حنوها‪ .‬و قد بلغ عدد تعريفات البحث العلمي إىل أكثر من مائة تعريف من أبرزها تعريف‬
‫[هيلوي ‪ .‬ت‪ ] .‬الذي يرى أن البحث وسيلة للدراسة ميكن بواسطتها الوصول إىل حل ملشكلة‬
‫حمددة ‪ ،‬وذلك عن طريق التقصي الشامل والدقيق جلميع الشواهد واألدلة اليت ميكن التحقق منها‬
‫واليت تتصل هبذه املشكلة احملددة‪.‬‬
‫ولعل أكثر التعريفات مشوال وبساطة هو الذي يرى أن املنهج ‪:‬هو الطريقة اليت تعني‬
‫الباحث على أن يلتزم ابتباع جمموعة من القواعد العامة اليت هتيمن على سري العقل سرياً مقصوداً‬
‫يف البحث العلمي ‪ ،‬ويسرتشد هبا الباحث يف سبيل الوصول إىل احللول املالئمة ملشكلة البحث‪.‬‬
‫يعرف الدكتور جواد طاهر منهج البحث األديب ‪ :‬الطريقة اليت يسري عليها‬
‫دارس ليصل إىل حقيقة يف موضوع من موضوعات األدب منذ العزم على الدراسة و حتديد‬
‫املوضوع حىت تقدميه للمشرفني أو النقاد أو القراء]‪[1‬‬
‫ويعرفه الدكتور حممد الصباغ أبنه ‪ ( :‬فن التنظيم الصحيح لسلسلة من األفكار‪ّ ،‬إما‬
‫من أجل الكشف عن احلقيقة حني نكون هبا جاهلني‪ ،‬وإما من أجل الربهنة عليها لآلخرين‬
‫وتعليمهم ّإّيها حني نكون هبا عارفني]‪) [2‬‬
‫تعريف علم املنهج‪Méthodologie :‬‬
‫يعرف حممد البدوي املنهجية أبنه علم يعتين ابلبحث يف أيسر الطرق للوصول إىل‬
‫املعلومة مع توقري اجلهد و الوقت ‪,‬و تفيد كذلك معىن ترتيب املادة املعرفية و تبويبها وفق أحكام‬
‫مضبوطة ال خيتلف عليها أهل الذكر]‪.[3‬‬
‫املنهجية هي الطريق اليت يتبعها الباحث من أجل الوصول اىل اهلدف املنشود‪ .‬هي‬
‫جمموع األدوات اليت يستخدمها ابحت ما يف تقدمي الرباهني واألدلة واحلجج للتأكد من صحة أو‬
‫عدم صحة فرضية أو نظرية معينة‪ .‬لذلك فإن املنهجية هي جمموعة اإلجراءات واآلليات املتعارف‬
‫عليها بني العلماء واليت ميكن استخدامها للمالحظة والكشف والتحقيق يف اكتساب املعرفة والوصول‬

‫‪3‬‬
‫للحقائق‪ .‬والغرض االساسي من املنهجية هو حماولة فهم األمور والعالقات يف احمليط الذى يعيش فيه‬
‫االنسان من أجل الوصول اىل النظرّيت والقوانني اليت حتكم الكون وتُسريه]‪.[4‬‬
‫هو العلم الذي يدرس املناهج البحثية املستخدمة يف كل فرع من فروع العلوم املختلفة‪.‬‬
‫لذلك يعترب فرعا من فروع األبستمولوجيا‪.‬‬
‫و ميكن تعريف علم املنهج على انه‪:‬‬
‫حتليل مبادئ وطرق وقواعد املطبقة من قبل ختصص معني يف البحث والتحري عن النظرّيت‪.‬‬
‫أو تطور املنهجية املطبقة يف ختصص ما‪.‬‬
‫أو اإلجرائيات العملية أو جمموعة اإلجرائيات‪..‬‬
‫و ميكن لعلم املنهج أن يتضمن‪:‬‬
‫دراسة جمموعة نظرّيت‪ ،‬مصطلحات أو أفكار‪.‬‬
‫دراسة مقارنة للطرق املختلفة واملقارابت البحثية‪.‬‬
‫نقد للطرق املستخدمة واملناهج]‪. [5‬‬
‫ترجع كلمة ‪ Méthodologie‬يف بعدها املعريف إىل الفيلسوف األملاين كانط‬
‫‪ .‬فقد كانط قسم املنطق إىل قسمني‪:‬‬
‫األول ‪ :‬مذهب املبادئ و موضوع شروط املعرفة الصحيحة‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬علم املناهج الذي حيدد الشكل العام لكل علم و الطريقة اليت هبا يكون‪.‬‬
‫و إىل جانب علم املناهج العام ‪ ,‬توجد علوم مناهج جزئية ختتلف ابختالف‬
‫مواضعها‬
‫ابختالف العلوم ‪ .‬و مهمة كل منها حتديد العمليات الواجب اتباعها يف دراسة ذلك ا‬
‫لعلم]‪.[6‬‬
‫اصطدم‬
‫علم املناهج العام بعلوم املناهج اجلزئية ‪ ,‬ألن حتديد الطرق اليت تنتهجها العلوم املختلفة‬
‫ال ميكن إال ابلعودة للسبل اليت يسري عليها العلماء فعليا يف كل علم ‪ .‬لذلك قامت‬
‫يف أواخر القرن التاسع عشر مشكلة معرفية بني اجملال علم منهج‬
‫البحث العام و جمال علوم مناهج البحث اجلزئية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫حسم الفيلسوف كلود برانر املشكلة و دهب إىل أن املناهج ال ميكن‬
‫أن تدرس نظرّي كقواعد‬
‫عامة تفرض على العامل أن يسري وفقا هلا ‪ .‬و إمنا تتكون املناهج يف داخل املعمل و‬
‫اابن االتصال املباشر ابلوقائع و التجارب العملية]‪. [7‬‬
‫فالعلم ‪ ,‬يف نظر برانر ‪ ,‬يرتكز على‪:‬‬
‫العلم ال حيصل إال يف املعمل‪.‬‬
‫العلم جيب إال يسبق مبذهب فلسفي يسري على خطى تعاليمه‪.‬‬
‫املناهج ختتلف ابختالف العلوم ‪ ,‬و ليس هناك منهج واحد للبحث يف العلوم‪.‬‬
‫رأى كلود برانر صحيح يف مضمونه العام فليس للفيلسوف‬
‫أو صاحب املنطق أن يلزم أي‬
‫عامل بقواعد عامة ‪ .‬غري أن تفرع العلوم و تشعب مناهجها تستدعي عادة التنسيق بني‬
‫هذه الفروع الستخالص ما هو انساين مشرتك بينها مجيعا‬
‫‪ ,‬ليستفيد كل علم من مناهج العلوم األخرى ‪ ,‬فيطبق ما يراه مثمرا له ‪ ,‬مع مراعاة ا‬
‫حلقل العلمي الذي ينتمى إليه‪.‬‬

‫اهلوامش ‪:‬‬
‫[‪ -]1‬الطاهر جواد ‪ :‬منهج البحث األديب ‪ .‬العراق ‪ .‬بغداد ‪ .‬مطبعة العاين ‪ .‬ط (‪ . )1970‬ص‬
‫‪. 22 . 21 :‬‬
‫[‪ – ]2‬أنظر حبث ‪ :‬سعيد بن علي بن اثبت ‪ :‬مناهج البحث يف أقسام اإلعالم ابململكة العربية‬
‫السعودية ‪.‬‬
‫[‪ – ]3‬بدوي حممد ‪ :‬املنهجية يف البحوث و الدراسات األدبية ‪ .‬تونس ‪ .‬مدينة سوسة ‪ .‬دار‬
‫الطباعة للمعارف و النشر ‪ .‬ص ‪. 9 :‬‬
‫[‪ – ]4‬أنظر املوقع التايل‬
‫‪ http://www.libyaalmostakbal.net/archive/author/547:‬مقال ‪ :‬د ‪.‬‬
‫بروين حممد ‪ :‬من مفهوم املنهجية العلمية ‪.‬‬
‫[‪ - ]5‬أنظر ‪ . http://ar.wikipedia.org/wiki :‬مصطلح علم املنهجية ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫[‪ - ]6‬بدوي عبد الرمحن ‪ :‬املرجع السابق ‪ .‬ص ‪7 :‬‬
‫[‪ - ]7‬املرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 7 :‬‬
‫أخد من ‪ /https://123mazid.blogspot.com/2018/10/blog-post_86.html :‬مل يدطر صاحبه ‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like