You are on page 1of 21

‫ملخصات من كتاب الشامل في منهجية الحث العلمي‬

‫المجموعات ‪06-05—04-03-02-01‬‬
‫المحور األول‬
‫‪1‬‬
‫المنهجية أساس المعرفة العلمية‬
‫األهداف واألهمية‪:‬‬
‫اإلحاطة بمفهوم مصطلح المنهجية‪ ،‬أهميتها للطلبة والباحثين‪ ،‬ضرورتها في الدراسات األكاديمية‬
‫والتطبيقية في العلوم القانونية‪:‬‬
‫‪-‬المنهجية طريقة فكرية وفنية‪،‬‬
‫‪-‬المنهجية تبين الخطوات والضوابط الضرورية للقيام بالبحث العلمي‪،‬‬
‫‪-‬المنهجية تضفي قيمة علمية وجدية على البحث‪،‬‬
‫‪-‬المنهجية تجنب العثرات وتفادي الفشل‪،‬‬
‫‪-‬المنهجية توفر الجهد والوقت‪.‬‬
‫المنهجية هي الطريقة التي يتبعها العقل في دراسته لموضوع أو مسألة ما من أجل التوصل إلى‪:‬‬
‫الكشف عن الحقيقة في العلوم الدقيقة‬
‫نتائج علمية‪:‬‬
‫مقصودة للبرهنة عليها إلقناع الغير في العلوم االجتماعية‪.‬‬
‫ولذلك تهدف دراسة المنهجية إلى مساعدة الدارس (الطالب) على تنمية قدراته العقلية‪ ،‬وصقل‬
‫ملكاته الفكرية على فهم أنواع البحوث واإللمام بالمفاهيم واألسس واألساليب التي يقوم عليها البحث‬
‫العلمي (إذن ال غنى عنها للطلبة)‪.‬‬
‫كما أن المنهجية أيضا هي مجموعة من الخطوات العملية والعمليات الفنية التي يتبعها الدارس‬
‫(الباحث) في معالجة مسألة أو قضية معينة‪ ،‬وفق قواعد وضوابط منهجية محددة من أجل التوصل إلى‬
‫نتائج علمية معينة‪.‬‬
‫وهذا ما يساهم في تدريب الطلبة منذ المرحلة الجامعية األولى على أساليب البحث العلمي‪،‬‬
‫والتمرس شيئا فشيئا بطرقه وأدواته‪.‬‬
‫كذلك دراسة المناهج العلمية تزود الدارس (الطالب) بالخبرات التي تمكنه من القراءات التحليلية‬
‫الناقدة لألعمال العلمية‪ ،‬وتقييم نتائجها والحكم على مدى أهميتها واالستفادة منها في مجاالت التطبيق‬
‫والعمل‪.‬‬
‫ويزيد من هذه األهمية أن التقدم العلمي حاليا يعتمد على نتائج البحوث العلمية في أغلب‬
‫المجاالت‪ ،‬ومن ثم ترتبط المنهجية بالعلوم القانونية بمختلف فروعها وأقسامها‪ ،‬فهي تهدف إلى إكساب‬
‫الدارس الطريقة واألسلوب العلمي والمنطقي في التعامل مع المواضيع المختلفة‪ ،‬وتزوده بأدوات كيفية‬
‫استعمال المعلومات المحصل ة من المحاضرات والمراجع المختلفة أثناء دراسته وأيضا فيما بعد في حياته‬
‫المهنية‪ ،‬فتكون لديه الضوابط التي تمكنه من معالجة أي موضوع أو مسألة أو قضية‪.‬‬
‫إذن المنهجية تعلم الدارس كيف يفكر‪ ،‬وكيف يبحث‪ ،‬وكيف يكتب‪ ،‬وكيف يعرض‪ ،‬وكيف يناقش‪.‬‬
‫ولهذا ال بد من التعرض إلى مفهوم المنهجية وخطواتها‪ ،‬ضمن المبحث األول‪ ،‬وعناصرها في‬
‫المبحث الثاني‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫مفهوم المنهجية وخطواتها‬
‫إن المنهجية كطريقة فنية لصياغة األفكار وعرضها في تسلسل مرتب وتنظيم منسق للوصول إلى‬
‫نتائج علمية معينة‪.‬‬

‫(‪ - )1‬د‪ .‬حورية لبشري‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬علي مراح‪ ،‬الشامل في منهجية البحث العلمي‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر‪ ،‬الجزائر‪.2019 ،‬‬
‫‪1‬‬
‫ولهذا تقوم المنهجية على خطوات أساسية رئيسية متكاملة ومتساندة ومتداخلة تخدم بعضها من‬
‫أجل الوصول إلى النتيجة المبتغاة ‪ .‬سنتعرض إلى تحديد مفهوم المنهجية ثم تبيان خطواتها األساسية‬
‫المشتركة‪.‬‬
‫أوال‬
‫تحديد مفهوم المنهجية‬
‫هناك تعاريف كثيرة للمنهجية بحسب المنظور ووفقا للتخصص‪ ،‬ولهذا نقتصر على أهمها من‬
‫وجهة العلوم القانونية بهذا الصدد‪.‬‬
‫تعاريف المنهجية‪:‬‬
‫‪-‬الكيفية العقالنية المتبعة لتقصي الحقائق وإدراك المعارف‪ ،‬فهي أساليب فنية منظمة لترتيب المعلومات‬
‫واألفكار من أجل التوصل إلى معارف جديدة‪ ،‬وذلك بتطويرها أو توظيفها إليجاد حلول لقضايا‬
‫معينة أو تفسيرات للمستجدات‪ .‬وبهذا الصدد يمكن اعتبارها فن التنظيم الصحيح لألفكار(‪ )1‬والمعلومات‬
‫الستخالص معارف ونتائج علمية معينة‪.‬‬
‫‪-‬فمنهجية البحث هي مجموعة من العمليات الفكرية والعملية المترابطة التي تستهدف تطوير مجاالت‬
‫المعرفة المختلفة‪.‬كما تعرف أيضا بأنها‪ :‬الطريقة العقالنية المنضبطة لتلقي المعارف العلمية‪.‬‬
‫ولكن فيماذا تتمثل تلك العمليات الفكرية والطريقة العقالنية المنضبطة؟‪.‬‬
‫وهذا ما يستوجب التعرض لخطوات المنهجية من الجانب النظري –الفكري والجانب العملي‬
‫التطبيقي‪.‬‬
‫ثانيا‬
‫خطوات المنهجية‬
‫تستند المنهجية على خطوات أساسية وهي‪:‬‬
‫‪ -)1‬المالحظة العلمية‬
‫‪ -)2‬وضع الفرضيات والمسلمات ‪Hypo- Thises (Théses), postulats‬‬
‫‪ -)3‬التحقق والبرهان ‪verification‬‬
‫ويقوم بهذه العمليات الباحث المختص الذي يجمع البيانات ويصنف الحقائق من أي نوع كانت‪،‬‬
‫لتبيان عالقاتها المتبادلة‪ ،‬ولتقييم جوانبها المختلفة‪ ،‬وهذا ما يسمى بالعنصر الشخصي في البحث‪ .‬إذن‬
‫هناك عنصران في خطوات المنهجية‪ :‬عنصر إجرائي‪ ،‬وعنصر شخصي‪.‬‬
‫‪-I‬الجانب النظري الفكري لخطوات المنهجية‪:‬‬
‫يتمثل الجانب النظري الفكري في العناصر اإلجرائية والعنصر الشخصي‪.‬‬
‫أ‪-‬العناصر اإلجرائية‪:‬‬
‫‪-1‬المالحظة العلمية‪:‬‬
‫هي عملية تحويل الظاهرة المراد دراستها إلى موضوع معين يصلح أن يكون محال للدراسة‬
‫والبحث من أجل فهم خبايا تلك الظاهرة‪ ،‬وبالتالي إيجاد حلول لها أو تفسيرها على األقل‪.‬‬
‫وتنصب المالحظة على البيانات ذات القيمة بالنسبة للباحث مما يساعده على صياغة فرضية أو‬
‫أكثر من الفرضيات العلمية التي تشكل معرفة ذات فائدة حول الموضوع المراد دراسته‪ ،‬كما أن المالحظة‬
‫تأتي في مرحلة ثانية لكفاية اكبر باعتبارها أسلوب فني لجمع المادة العلمية التي تساعد في عملية التحقق‬
‫والبرهان‪.‬‬
‫وبذلك فإن المالحظة ذات وظيفتين أساسيتين في الدراسة‪:‬‬
‫األولى تقديم البيانات التي تساعد في عملية التصور العام المبدئي للموضوع محل البحث‪( ،‬من خالل‬
‫المعارف السابقة وما تم تحصيله من معلومات وبيانات حوله)‪.‬‬

‫(‪ -)1‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬الكويت‪.1977 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫الثانية‪ :‬تتمثل في جمع المعلومات والبيانات حول الموضوع بهدف التحقق من المسعى المراد الوصول‬
‫إليه‪ ،‬والبرهنة عليه إلقناع الغير‪.‬‬
‫ولذلك يجب أن تكون المالحظة شاملة لجميع جوانب موضوع البحث‪ ،‬وأن تتصف بالموضوعية‪،‬‬
‫وان تكون دقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬وهذا فضال عن استخدام األدوات والوسائل المتوفرة لتكون المالحظة أكثر دقة وأشمل لجوانب‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫‪ –2‬صياغة الفرضيات والمسلمات‪:‬‬
‫ويتمثل العنصر اإلجرائي الثاني في صياغة فرضية أو مجموعة فرضيات لبداية البحث وتوجيه‬
‫مساره‪ .‬وال شك أن الصياغة األولية للفرضيات تعتمد على البيانات المحصلة‪.‬‬
‫والفرضيات هي في الحقيقة تفسيرات أولية للمشكلة محل البحث‪ .‬وتستخلص من البيانات‬
‫والمعلومات المحصلة‪ .‬وقد يحتمل الموقف تفسيرات مما يستوجب ترجيح الفرضيات األكثر مالءمة‬
‫لخدمة الغرض من البحث‪ ،‬وفي هذا الصدد يستعان بمسلمات لتكملة النقص أو عندما ال تسعف‬
‫الفرضيات‪ ،‬فيلجأ الباحث إلى تفسيرات مسلم بها يعتمد عليها كجسور وأدوات لسد الفراغات أو للخروج‬
‫من المأزق ‪ .‬ولهذا فالفرضيات والمسلمات هي استنتاجات تكمل بعضها للوصول إلى نتائج مقصودة‪.‬‬
‫وتكمن أهمية وضع الفرضيات في تحديد الغرض من البحث وتوجيه عملية جمع المعلومات‬
‫والبيانات‪ ،‬كما أنها توض ح مسالك البحث وإطاره ومساره وبذلك يتحقق نجاح خطوات البحث عندما يدور‬
‫حول التحقق من الغرض وليس إثبات هدف البحث‪.‬‬
‫‪ –3‬التحقـق ‪VERIFICATION‬‬
‫يشكل هذا العنصر مركز البحث والمنهجية‪ ،‬وفي نفس الوقت محوريْهما‪ ،‬ألن عملية التحقق‬
‫تتضمن أربعة عمليات أساسية مختلفة ومترابطة تتمثل في‪ :‬جمع المادة العلمية(البيانات والمعلومات)‬
‫وتحليلها وتفسيرها من اجل الوصول إلى نتائج يمكن تعميمها‪.‬‬
‫والنتائج السلبية في عملية التحقق تكون في غالبية األحوال ذات داللة مماثلة للنتائج اإليجابية‬
‫وداللتها‪ .‬وهذا ما أكده كل من (توماس الفااديسون ‪Thomas Alva Edison‬وسميث ‪ )N.K Smith‬في‬
‫مؤلفهما (الموقف الراهن في الفلسفة) بتقدير أن تاريخ الفكر البشري ليس تسجيال لالكتشافات المتعاقبة‬
‫الناجحة فحسب ولكنه تسجيل لتحريرنا و خالصنا من الفشل واألخطاء التي وقعت أو المحتملة‪ ،‬حتى‬
‫يتسنى لنا تجنب األخطاء وتدارك الفشل و تحقيق النتائج المرجوة‪.‬‬
‫وتقوم عملية التحقق على أساسيين هما األدوات والباحث ‪ ،‬فجمع البيانات وتحليلها باعتبارها‬
‫وسائل أساسية تستخدم قدر اإلمكان لتحقيق المراجعة‪ ،‬في حين أن األدوات المرتبطة بجمع البيانات‬
‫الصحيحة تعتمد على الجانب الموضوعي لتسجيل الحقائق المالئمة للبحث‪ ،‬فيجب أن تكون هذه الحقائق‬
‫كما هي‪ ،‬وليست كما يفضل الباحث أن تكون‪ .‬كما أن تعريف المفاهيم المستخدمة في البحث تمثل حقيقة‬
‫أخرى لألدوات المستخدمة في ذلك المجال‪ ،‬ولهذا يؤكد علماء المنهجية على أهمية تحسين األدوات‬
‫واستخدام فنيات ‪ Techniques‬مالئمة لكي يأتي التحقق من الفرضيات بنتائج مثمرة تفيد في عملية‬
‫التعميم العلمي‪.‬‬
‫ب – العنصر الشخصي‪( :‬الباحث(‪)Le chercheur)1‬‬
‫الباحث (الدارس) هو العنصر المتحرك الذي يمارس تأثيره وفعاليته على سير عملية البحث من‬
‫حيث التصور العلمي لبناء موضوع البحث أو صياغة عناصره وفقا لما يختاره من بيانات ومعلومات‬
‫مناسبة حول الموضوع‪ ،‬بما بخدم المسعى الذي يتبناه الباحث‪ ،‬وهذا يبين أن الباحث وقدراته الشخصية لها‬
‫تأثير على سير عملية البحث من حيث انتقاء المعلومات وتقييمها بالتحليل والتفسير للوصول إلى نتائج‬
‫علمية معينة‪ .‬وبذلك تبرز أهمية المعرفة النظرية لدى الباحث التي تكسبه قوة اإلدراك وبعد النظر وسعة‬
‫التصور لما يتمتع به من معرفة نظرية مما يساعده على التخلص من التحيز وتخلق لديه االتجاه العلمي‪،‬‬
‫فتتحقق الموضوعية‪.‬‬
‫وهكذا يلعب الباحث دورا أساسيا في تشكيل عناصر البناء المنهجي (وفقا للرؤية الواضحة التي يتبناها‬
‫لمعالجة بحثه)‪ ،‬فهو الذي يختارها بحسب متطلبات طبيعة الدراسة ووفقا لمقتضيات الطرق المعتمدة لتلك‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫شكل بياني يوضح أساس وحدة البناء المنهجي وتكامل عناصرها‬

‫(‪ -)1‬سيتم التعرض إلى مواصفات الباحث بالتفصيل الحقا ضمن مراحل اعداد البحث العلمي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫األدوات المنهجية‬

‫األساليب المنهجية‬
‫الطرق المنهجية‬

‫المداخل المنهجية‬
‫المنهجية‬

‫المداخل‬
‫المنهجية‬
‫الطرق‬ ‫‪METHODOLOGY‬‬

‫األساليب‬ ‫‪MethodologicalApproaches‬‬

‫األدوات‬
‫‪Methods‬‬

‫‪Methodologicaltechniques‬‬
‫‪Techniques‬‬

‫‪Methodological Tools‬‬

‫‪ -‬ومن هذا التحليل يتضح لنا أن عناصر البناء المنهجي للمنهجية ترتبط ببعضها بعالقة منطقية رأسية‪،‬‬
‫تأخذ شكال هرميا في شكل مستويات تتكامل بنائيا وتتساند وظيفيا لتشكل معا وحدة البناء المنهجي‪ ،‬فكل‬
‫منها يحدد المبادئ واألسس التي تحكم تحديد المستوى الذي يليه‪ ،‬ويكشفعن مدى لياقته المنهجية لموضوع‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫‪ -‬كما يتضح أيضا أن خصوصية المستوى تزداد كلما اتجهنا إلى القمة‪ ،‬وتقل نحو المستويات األدنى وذلك‬
‫من حيث تعدد استخدام وحدات المستوى‪.‬‬
‫‪-II‬الجانب العملي التطبيقي لخطوات المنهجية‬
‫يمكن بلورة الخطوات اإلجرائية (النظرية) للمنهجية وتجسيدها عمليا في الفقرة التالية‪ .‬فالمنهجية‬
‫كطريقة فنية يتبعها الباحث (الدارس) لصياغة المعلومات والبيانات المحصلة في أفكار وعرضها في‬
‫تسلسل مرتب وتنظيم منسق للوصول إلى نتائج علمية معينة‪.‬‬
‫وهكذا تبلور المالحظة العلمية الظواهر واألحداث وتحولها إلى وقائع علمية‪ ،‬ثم تبين مجالها‬
‫وتجسد المشكلة (القضية أو المسألة) في إطار علمي محدد يبلور اإلشكالية التي تنطوي عليها تلك الظاهرة‬
‫والتي تتطلب البحث إليجاد حل لها أو تفسيرها‪ .‬وهذا يساعد على تحديد الموضوع محل البحث (مثل‬
‫ظاهرة ارتفاع األسعار في رمضان)‪ .‬ولهذا للقيام بأي عمل علمي البد من المرور بخمسة مراحل‪:‬‬
‫وإيجاز دا ٍ ّل على مضمون البحث‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ .1‬تحديد موضوع البحثوهذا بصياغة عنوانه بدقّة ووضوح‬
‫‪ .2‬جمع المعلومات والبيانات حول الموضوع محل الدراسة‪.‬‬
‫‪ .3‬إبراز المحاور األساسية واألفكار الرئيسية‪.‬‬
‫‪ .4‬وضع الخطة (كإطار للعمل وتحديد المسار المنهجي)‪ ،‬استنادًا على اإلشكالية المطروحة‪.‬‬
‫‪ .5‬الكتابة والصياغة‪ ( .‬وتبدأ بجمع المادة العلمية التي هي عبارة عن كتابة المسودة األولى للبحث‪،‬‬
‫وسنتعرض لذلك فيما بعد)‪.‬‬

‫(‪-)1‬علي مراح‪ ،‬منهجية التفكير القانوني‪ :‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،2010‬الطبعة‬
‫الرابعة‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪4‬‬
‫وهذه المراحل متكاملة ومتناسقة ومتساندة كل مرحلة تستند على سابقتها وتمهد للمرحلة الموالية فهي‬
‫تخدم بعضها البعض ضمن مسعى مشترك يخدم اإلشكالية المطروحة من أجل الوصول إلى نتيجة أو‬
‫نتائج علمية معينة‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد الموضوع‪ :‬أي تحويل الظاهرة أو القضية إلى موضوع محدد ينطوي على إشكالية أو قضايا‬
‫أساسية أو مثيرة للحيرة وتحتاج إلى بحث إليجاد حل أو تفسير لها‪ .‬وهذا ما يعكس مدى أهمية‬
‫الموضوع محل الدراسة من الناحية النظرية أو العملية‪ .‬وهكذا تتضح وتتجسد اإلشكالية أو الفكرة‬
‫المحورية التي يدور حولها الموضوع المقترح مما يسهل في تحديد الموضوع تحديدا دقيقا واضحا‪.‬‬
‫وهذا يساهم في جمع المعلومات الهامة حوله‪.‬‬
‫‪ -‬جمع المعلومات والبيانات حول موضوع البحث‪ :‬يقوم الباحث بتسجيل المعلومات والبيانات التي لها‬
‫عالقة بالموضوع دون ترتيبها مع اعتماد تصور عام وشامل للموضوع‪.‬‬
‫ثم تتم بعد ذلك عملية االنتقاء والفحص و الغربلة بحيث تحذف المعلومات غير المفيدة والمكررة‬
‫والخارجة عن الموضوع‪ ،‬كما يتم ترتيب المعلومات وتقييمها بحسب األهمية وإدماجها ضمن البيانات‬
‫المحصلة‪.‬‬
‫وهذا يتأتى بجمع وتصنيف المصادر األساسية للمادة العلمية من مراجع مختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬االتصال بالمعنيين‪ ،‬والتشريعات ا لموجـودة حول ذلك الموضـوع بمختلف أنواعـها وتدرجاتها‪ ،‬وأحكام‬
‫وقرارات القضاء‪ ،‬واالطالع على آراء الفقه‪.....‬إلخ‪ .‬وهذا مع التقيد بغرض الدراسة وفق فهم اإلشكالية‬
‫التي يثيرها الموضوع محل البحث‪.‬‬
‫واإلشكالية يمكن االهتداء إليها بطرح أسئلة معينة مثل‪:‬‬
‫‪ ‬ما أهمية البحث في هذا الموضوع ؟‬
‫‪ ‬ما هي المشاكل أو المسائل التي يثيرها؟‬
‫‪ ‬ما هي القضايا التي يهدف المشرع إلى حلها بتنظيمه هذا الموضوع ؟‬
‫‪ ‬ما هي األهمية النظرية والعملية لدراسة هذا المجال ؟‬
‫وهكذا يتم تحديد اإلشكالية بعد اإلجابة على هذه التساؤالت وتُستخرج المحاور واألفكار الرئيسية‪.‬‬
‫وبذلك يمكن وضع خطة كإطار للعمل وتحديد المسار المنهجي‪ ،‬والخطة ال تعني مجرد تقسيمات شكلية بل‬
‫بيان األسباب والدواعي التي دعت إلى هذا التقسيم‪.‬‬
‫ويستوجب الفهم بأن هذه بعض المؤشرات العامة التي يمكن االستعانة بها الستنباط ما يثيره‬
‫موضوع البحث من مسائل واستفسارات تحتاج إلى البحث لتبيانها وتوضيحها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫عناصر المنهجيـــة‬
‫طالما أن المنهجية تعني تعليم الدارس كيفية استخدام ملكاته الفكرية وقدراته العقلية أحسن استخدام‬
‫للوصول إلى نتيجة معينة بأقل جهد وأقصر طريق ‪ .‬وباعتبارها عمليات فكرية فنية تتجسد وتتبلور في‬
‫أفكار ومعاني يعبر عنها بلغة موضوعية ويقوم بهذه العمليات الدارس (الباحث) مستخدما تفكيره وفق‬
‫ضوابط وقواعد منهجية معينة‪ ،‬لينتج أفكارا ويتوصل إلى معلومات تكتسب صفة البحث العلمي‪ ،‬وهذا‬
‫يوضح أن المنهجية شكل ومضمون‪.‬‬
‫تتمثل عناصر المنهجية في ثالثة أركان متساندة ومتكاملة نتناولها ضمن الفقرات اآلتية‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬التفكير العلمي‬
‫ثانيا ‪ :‬الباحث (من هو الباحث ؟ بعض صفاته)‬
‫ثالثا ‪ :‬البحث العلمي‬

‫أوال‬
‫التفكير العلمي ‪l’Esprit Scientifique‬‬
‫التفكير العلمي هو أداة المنهجية وأساس بلورتها باعتبار المنهجية نتاج تطور الفكر البشري‪ ،‬فقد‬
‫استخدم اإلنسان تفكيره من أجل الكشف عن أسرار هذا الكون وإيجاد الحلول لما يصادفه من صعوبات‪،‬‬
‫وتسخير الظواهر الطبيعية لخدمة مصالحه‪ .‬ولذلك تمكن من تحقيق تقدم ورقي لخلق عالم أفضل‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ويستوجب ذلك التعرض إلى أهمية التفكير عامة ثم تبيان ضوابط التفكير العلمي ضمن الفقر ات‬
‫الموالية‪.‬‬
‫‪ –I‬أهمية التفكير و أنواعه بصفة عامة‬
‫‪ –II‬تعريف التفكير العلمي وأساليبه‬
‫‪ –III‬خصائص التفكير العلمي ومميزاته‬

‫‪ –I‬أهمية التفكير وأنواعه بصفة عامة‪:‬‬


‫التفكير هو نشاط العقل في حل المعضالت والمشاكل التي تواجه اإلنسان‪ ،‬ومحاولة التكيف مع بيئته و‬
‫فهم ما يصادفه من ظواهر‪.‬‬
‫ويشمل نشاط العقل القدرات العقلية والملكات الفكرية التي هي عمليات ذهنية معقدة كاإلدراك‬
‫والتحليل واالستنتاج والتخيل والذاكرة ‪ ...‬الخ التي تسعى المنهجية إلى تحقيقها‪.‬‬
‫ولذلك فالتفكير قد تطور مع المراحل التي مر بها المجتمع اإلنساني حتى وصل إلى الطريقة‬
‫العلمية الحديثة‪ ،‬ووفقًا لذلك اعتمد اإلنسان عدة طرق وأساليب في التفكير لحل مشاكله وتفسير ظواهر‬
‫بيئته ولعلها مازالت يلجأ إليها بعض الناس أحيانا لمواجهة مختلف المشاكل‪ .‬ويمكن حصر هذه األنواع من‬
‫التفكير(‪ )1‬في اآلتي‪:‬‬
‫أ– التفكير الخرافي‪ :‬ويعتمد على طريقة العادات والتقاليد في حل المشكالت ويستند فيها اإلنسان على‬
‫أسباب غيبية غير صحيحة لتفسير أو حل مشكالت بيئته ‪.‬‬
‫ب–التفكير عن طريق المحاولة والخطأ‪ :‬وتعتمد على الخبرة الشخصية‪ ،‬ورغم قيمتها إال أن هذه الخبرة‬
‫عرضة لعوامل شتى تقلل من صالحيتها وكفايتها في الحكم على األشياء‪ ،‬كما أنها ذاتية ومضيعة للوقت‬
‫والجهد‪.‬‬
‫ج– التفكير بعقول اآلخرين‪( :‬اإلتكالي) ويكون بصور عديدة كاالعتماد على الكهنة والعرافين أو االعتماد‬
‫وتقليد آراء وأحكام الغير دون روية (وهذا يصفه فرنسيس بكون بأنه نوع من الوثنية الفكرية)‪.‬‬
‫وخطر هذا النوع أنه يجعل صاحبه يلقي بالمسؤولية على القضاء والقدر‪ ،‬كما أنه يشل التفكير‬
‫ويحول دون تدريبه على األساليب السديدة‪.‬‬
‫ولكن هذا ال يعني عدم االستعانة بخبرة وتجربة اآلخرين لزيادة المعرفة‪ ،‬فهذا يصبح واجبا نحو الصواب‬
‫والتفكير السديد لمواصلة تطور الفكر البشري وتراكم المعرفة في مجال البحث العلمي‪.‬‬
‫د– التفكير الخيالي (الحلمي أي أحالم اليقظة) ورغم أنه مهم جدا ألن كل إنسان له خيال‪ ،‬ولكن خيال‬
‫المبدع غير خيال الفرد العادي (نتائج العلوم الخيالية التي أصبحت حقائق) ويعتمد على الوهم والتخيل ألنه‬
‫يتخيل أشياء غير موجودة ويحاول تجسيدها في الواقع‪.‬‬
‫ثم توصل التفكير البشري إلى المرحلة الوضعية أي العلمية(‪ ،)2‬والتي ال تهتم إال بما هو‬
‫موضوعي قائم في الواقع يمكن مالحظته والتحقق منه‪ .‬وقد ازدهر التفكير العلمي في العصر الحديث‬
‫نتيجة النهضة العلمية‪ .‬وأن ما وصل إليه العلم والتكنولوجيا من تطور نتيجة البحوث العلمية التي توصل‬
‫إليها التفكير العلمي‪ .‬ولهذا يشغل التفكير العلمي حيزا رئيسيا من مجمل القدرات العقلية‪ ،‬وهو هنا مدخلنا‬
‫إلى التعرف على موقع هذه القدرة من األنشطة العقلية األخرى‪.‬‬
‫‪–II‬تعريف التفكير العلمي وأساليبه‪:‬‬
‫أ–تعريف التفكير العلمي‪ :‬هو األسلوب الذي يعالج به الدراس المعلومات واألفكار حتى يمكنه فهم العالم‬
‫الذي يحيط به‪ .‬فالتفكير نشاط عقلي هادف يمكننا من تقدير المشكالت وحلها‪ ،‬تفسير البيانات واتخاذ‬
‫القرارات وفهم األفكار والمفاهيم‪.‬‬
‫ويتخذ التفكير العلمي عدة أشكال منها‪:‬‬
‫‪-‬معرفة ودراسة البدائل الخاصة لحل مشكلة ما‪.‬‬
‫‪-‬غربلة واستخراج المعلومات إلعدادها حتى يكون تعلمها أمرا ممكنا ‪.‬‬
‫‪ -‬تقرير ما ينبغي تعلمه‪.‬‬

‫(‪ -)1‬تركي رابح‪ ،‬مناهج البحث في علوم التربية وعلم النفس‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1984 ،‬ص ‪.53‬‬
‫(‪ -)2‬وهذا ما بينه اوجوست كومت ‪ Auguste comte‬مؤسس المنهجية وعلم االجتماع الحديث‬
‫‪Cours de philosophie positive : T : IV, Paris.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪-‬فهم المعلومات وتقييم مدى أهميتها وصالحيتها إلدراك المغزى والعالقات بين األشياء‪.‬‬
‫‪-‬فهم البشر وتصرفاتهم‪.‬‬
‫‪-‬التساؤل أو طرح األسئلة ‪.‬‬
‫‪-‬التخطيط للمستقبل وتوقع النتائج ‪.‬‬
‫‪-‬اتخاذ القرارات وفقا لمسار مدروس ومخطط ‪.‬‬
‫ومن الواضح أنه يصعب وضع حدود فاصلة بين هذه األشكال من التفكير ألن التفكير عملية مركبة‬
‫ومعقدة تتداخل فيها القدرات والمهارات العقلية المختلفة وبحسب الضرورة وما تتطلبه المواقف من‬
‫استخدام تلك المهارات المختلفة وربما في وقت واحد وبذلك فإن عملية التفكير العلمي تهدف للوصول إلى‬
‫نتائج جديدة ( قد تكون مقصودة خاصة في العلوم االجتماعية)‪.‬‬
‫وبالجملة فإن التفكير العلمي يهدف إلى خلق عالم أفضل والتحكم فيه وتسخيره لفائدة اإلنسان‬
‫وطموحاته‪ .‬ويتجسد التفكير العلمي خاصة في أسلوبين كما سيتضح في الفقرة الموالية‪.‬‬
‫ب ‪-‬أساليب التفكير العلمي‪ :‬تقوم عمليات التفكير العلمي على أسلوب النقد والخلق أو اإلبداع فالتفكير‬
‫النقدي‪( critical Thought:‬التقييم والمراجعة) يقوم على أسلوب التقييم الواعي والمدروس لألفكار‬
‫والمعلومات من أجل الحكم على جدارتها أو قيمتها‪ ،‬وتكوين اآلراء واالستنتاجات‪ ،‬وتبيان أوجه التشابه‬
‫واتخاذ القرارات السديدة لحل المشكالت والتصدي للمستجدات‪ .‬وهكذا يصل التفكير العلمي إلى أسلوب‬
‫التركيب واإلبداع‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتفكير الخالق (اإلبداعي)‪ creative Thought :‬ويتضمن‬
‫توليد أفكار جديدة أو بطرق جديدة من خالل الكتابة أو الحديث أو غيرهما‪.‬‬
‫فعملية التفكير العلمي تتجاوز مسار التفكير العادي وتمكن من إيجاد عالقات جديدة بين الظواهر‬
‫للوصول إلى تصورات جديدة ينبثق عنها نتاج جديد يتميز باألهـمية والمالءمة وإمكانية التطوير مما يسهم‬
‫في حل المشكالت ويرضي الجماعة‪ ،‬ويحظى بالقبول باعتباره مفيدا‪.‬‬
‫فهناك عالقة وثيقة بين كل من التفكير النقدي والتفكير اإلبداعي‪ ،‬فهما نتاج مركب لمجمل‬
‫العمليات العقلية للتفكير اإلنساني وتفاعلها‪ .‬فهما محصلة لمنظومة التفكير العلمي بموضوعيته وخبراته‪،‬‬
‫حيث يتضمن بصورة مباشرة وغير مباشرة عمليات التفكير المعلوماتي والمنطقي والتحليلي والتركيبـي‬
‫والتجريبـي واالحتمالي والبنائي‪ ،‬ومحصل لمجمل تداخل تلك العمليات وتشابكها وتفاعلها‪،‬ويبدو ذلك في‬
‫معالجة المعلومات والبيانات التي تنطوي على كيفية انتقاء المعلومات من مصادر متنوعة‪ ،‬وإضفاء مغزى‬
‫جديدا عليها ثم دمجها في المعرفة الحالية وتعليمها وتقييمها وتطبيقها في المواقف الجديدة(‪ ،)1‬خاصة في‬
‫العلوم االجتماعية ومنها القانونية ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬ضرورة االهتمام بالتفكيرالنقدي لمواجهة تحديات عصر تدفق المعلومات‪:‬‬
‫إن نمو مؤسسات المكتبات والمعلومات وتقدمها الهائل في العصر الحديث‪ ،‬جاء مرتبطا بتحـول‬
‫الفكر البشـري من االعتماد شبه المطلـق على الذاكـرة الذاتيـة (الداخلية) للفرد وربما للجماعة إلى الذاكرة الوعائية (الخارجية)‪،‬‬
‫ومن ثم إحالة هذا الجانب من عبء الذاكرة المعرفية إلى األوعية ومؤسساتها‪ ،‬فإن ذلك قد أتاح الفرصة لالهتمام‬
‫بالقدرات العقلية األخرى (غير الذاكرة) واالنتفاع بإمكاناتها‪ ،‬والتركيز على التعلم‪ learning‬مقابل‬
‫التعليم ‪ Teaching‬بما يعنيه األول من تنوع القدرات العقلية المستخدمة ومن بينها بال شك قدرة مهارة‬
‫التفكير النقدي تحقيقا لمخاطبة اإلنسان الفرد من خالل كافة القدرات المتاحة(‪.)2‬‬
‫ولما كان تعدد القدرات وتنوعها يحتاج في التعلم والتثقيف إلى تعدد في األوعية وتنوعها وهذا‬
‫يحتاج إلى توفير مؤسسات األوعية خاصة المكتبات والمؤسسات التعليمية المختلفة‪ .‬وهكذا تبدو العالقة‬
‫بين هذه األوعية وما تقدمه من خدمات (خاصة المعلوماتية) وبين تطبيق التعلم الذي تقوم به المؤسسات‬
‫التربوية‪.‬‬
‫وهذا يطرح إشكاال فيما إذا كانت هذه األوعية المعلوماتية تستجيب لالتجاه التربوي الذي يهيمن على‬
‫المؤسسـات التربويـة األم‪ .‬ويبدو من الصعـب تحقيـق ذلك نظرا لتدفـقوتفجر‬ ‫النمط التعليمي في‬
‫المعلومات (اإلغراق المعلوماتي)(‪ )3‬وتنوع وتعدد أوعيتها مما يصعب حصرها ومراقبتها‪ .‬ولذلك‬

‫(‪ -)1‬حامد عمار‪ ،‬من ضرورات اإلبداع في التعليم والثقافة ‪ ،‬األهرام ملحق ‪ 09‬أوت ‪ ،1996‬ص ‪.9‬‬
‫(‪ -)2‬التدريس لتكوين المهارات العليا للتفكير عرض وتلخيص المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية القاهرة‪ :‬وزارة‬
‫التربية والتعليم ‪ ،1996 ،‬ص ‪.17-16‬‬
‫(‪ -)3‬وهذا ما يسمى بالتدفق الحر للمعلومات‪Free Flow of information‬وقد تناولته بالتفصيل‪:‬‬
‫‪Flippo Rona F.(eds) College Readings : A study Strategy Programs, N.Y. intenational Reading study‬‬
‫‪Association, 1991,P5 et seq.‬‬

‫‪7‬‬
‫فالمواجهة يجب أن تكون ذاتية بتحصين المتعلمين أنفسهـم بمؤهـالت علميـة ومهـارات تمكنهم من القيـام‬
‫بعمليـة الفرز واالنتقاء بين ألغث الطالح والمفيد المثمر وذلك بتقييم ونقد المعلومات الواردة وانتقائها‬
‫لتحديد توظيفها و االستفادة منها‪.‬‬
‫ولهذا كان االهتمام بتعليم التقييم النقدي للمعلومات ومصدرها خاصة في المؤسسات األكاديمية‬
‫بدءا من الدراسة األولى حتى الدراسات العليا يأتي كدور إيجابي يتفاعل مع التغيرات التي أفرزتها تقنيات‬
‫االتصال وعلى رأسها األنترنت ‪ INTERNET‬والتي يسمح تطورها لجميع الشعوب بإمكانية استخدامها‪.‬‬
‫ويصبح العامل الوحيد الذي يتحكم في التدفق الحر للمعلومات يتمثل فيما يحددونه من أولويات‪ .‬إذن فالحل‬
‫هو االهتمام بالـتزود بالتفكير النقدي األداة التي تمكن صاحبها من تقيـيم وانتقاء المعلومات المالئـمة ولها‬
‫أولوية بالنسبة له‪.‬‬
‫ولكل ذلك يمكن استنتاج أساس التربية هو تعليم النشء كيفية التفكير والتدريب على أساليبه‪ ،‬وهذا‬
‫أن يشق طريقه في الحياة بنجاح ويساهم في بناء الحضارة وال يصير عبدا للغير في تفكيره‬ ‫يمكن المتعلم ْ‬
‫ألن ذلك هو شر ألوان العبودية‪.‬‬
‫وقد صار واضحا أن أعظم قوة في حياة اإلنسان ليست قوة البخار أو الطاقة الذرية أو الكهرباء‬
‫وإنما قوة التفكير التي كشفت عن أسرار هذا الكون ومكنت اإلنسان من تذليل ما يواجهه فيه من صعاب‬
‫وتسخير قواه لصالح اإلنسان‪ .‬فكل ما وصل إليه اإلنسان وحققه من رقي وتقدم هو نتاج التفكير العلمي‪.‬‬

‫د ـ مخطط العملية المعرفية‬

‫التفكير الخالق‬
‫معا‬
‫‪ -‬تأمل ما‬
‫‪ -‬توليدي إنتاجي (لألفكار)‬ ‫وراء‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫‪ -‬المرونة‪ ،‬الطالقة‬
‫‪-‬‬
‫تتتتخدام التساؤل (طرح األسئلة)‬
‫‪-‬‬ ‫است‬ ‫التفكير االنتقادي‬
‫المعلومتتتا‬
‫‪ -‬حب االستطالع‬ ‫ت‬ ‫(النقدي)‬
‫‪ -‬حب المعرفة‬ ‫السابقة‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪ -‬تحليلي‪ ،‬تقويمي‬
‫‪-‬‬ ‫‪ -‬اإلتقان‪ ،‬الدقة‬
‫مهتتتتاراتاألصالة التحكــم‪ :‬الــقدرة‬ ‫‪ -‬القدرة على النقد‬
‫االتصال‬ ‫‪ -‬تحديد األولويات‬
‫‪ -‬قيتتتتتتتاسعلى التحكم فيالظروف‬ ‫‪ -‬فك الغموض‬
‫المعلومتتتا‬ ‫‪ -‬التنظيم‬
‫المحيطةوالوصول إلى‬ ‫ت‬
‫‪ -‬حل‬ ‫‪ -‬نفاذ البصيرة‬
‫عالقات جديدة‬ ‫المشكال‬
‫ت‬
‫‪ -‬التفاصيل‬
‫‪ -‬اتخاذ‬
‫القرارات‬

‫‪ - III‬خصائص ومميزات التفكير العلمي‬

‫‪8‬‬
‫يمتاز التفكير العلمي عن غيره من أنواع التفكير األخرى بأنه يقوم على الواقع والمشاهدة وذلك‬
‫باستخدام كل الحواس والوسائل العلمية المساعدة للوصول إلى نتائج وإقامة األحكام واآلراء على أساس‬
‫استداللي‪ ،‬عقلي أو واقعي ال على األوهام والخيال‪ ،‬أو آراء الغير إال في حالة االستدالل بها لتأكيد أو دعم‬
‫الموقف‪.‬‬
‫أ – ميزات التفكير العلمي‪:‬‬
‫فالتفكير العلمي يجب أن يكون مجردا عن كل المؤثرات (أي الميول واألهواء واالنفعاالت) التي‬
‫من شأنها أن تؤثر على تفكير اإلنسان وتوجهه وجهة خاصة أو قاصرة (وتجعله ينظر إلى األمور من‬
‫زاوية واحدة)‪.‬‬
‫‪ -‬وأيضا التفكير العلمي أنه شمولي ينظر إلى األمر من جميع نواحيه‪ ،‬ويدرس االحتماالت والظروف‬
‫التي تؤثر فيه‪.‬‬
‫‪ -‬كما يقوم على التحقق ‪ VERIFICATION‬القائم على المالحظة واستخدام المنطق السليم واالستدالل الذي‬
‫يقبله العقل ‪ Raisonnement Logique, Logical Reasoning‬إذًا فالمميزات هي أنه تفكير‪:‬‬
‫‪ -‬مجرد‬
‫‪ -‬شمولي‬
‫‪ -‬قابل للتحقق‬
‫ب – خصائص التفكير العلمي‬
‫للتفكير العلمي عدة خصائص يمكن حصرها في األتي‪:‬‬
‫‪ - 1‬الموضوعية ‪ :OBJECTIVITY‬أي دراسة ما هو كائن دون التأثر بالعوامل الذاتية وذلك‬
‫باستبعاد اآلراء المسبقة إال بعد التأكد من قيمتها وأهميتها‪ ،‬فالتفكير العلمي هو تفكير نقدي ‪ Critical‬يقوم‬
‫على التمييز والضبط والمراجعة و الدقة والتفحص ‪.‬‬
‫‪ - 2‬المنهجية‪ :‬يمتاز التفكير العلمي بأنه منهجي منظم وهذا ما يوفر الجهد والوقت ‪ ،‬كما تتجسد خاصية‬
‫الموضوعية في الخارج وذلك بربط الظواهر أو األحداث المراد تعليلها أو تفسيرها بظواهر أو أحداث‬
‫أخرى في نفس النطاق بحيث يتألف منها نسق عقلي منظم‪ ،‬وتكون في مجموعها منظومة واحدة مطردة‬
‫الحدوث (أو متفاعلة التأثير خاصة في العلوم االجتماعية ) ‪.‬‬
‫‪ - 3‬العلية (السببية) ‪: Causality‬‬
‫لكل ظاهرة سبب في العلوم‪ ،‬فكلما توفرت أسباب معينة في ظروف معينة فإنها تؤدي إلى أحداث‬
‫معينة‪( ،‬فالنتيجة حتمية في العلوم الدقيقة‪ ،‬ولكنها نسبية في العلوم االجتماعية)‪.‬‬
‫ويقصد بالسببية‪ ،‬الكشف عن العالقات الم طردة الثابتة بين الظواهر وتفسيرها وضبط المتغيرات‬
‫وتعليل النتائج واألحكام المستخلصة من ذلك‪ ،‬وكذا الكشف عن أوجه الشبه بين المختلفات‪.‬‬
‫وقد تطورت العلوم وأصبح تقويمها يستند على مدى وظيفتها أو غايتها االجتماعية ومن ثم يتم‬
‫تقدير عالقة ما سواء كانت سببية أو وظيفيةغائية بين بعض الخصائص أو بين بعض الظواهر بأنها‬
‫عالقة قائمة بين تلك الخصائص أو الظواهر‪ ،‬وهذا يشكل نطاق المعرفة العلمية في مجال من المجاالت‬
‫العلمية‪ ،‬وعلى أساس ذلك تتفاوت نسبة دقة العلوم‪.‬‬
‫‪ -‬االعتقاد في نسبية الحقائق العلمية‪ ،‬وأن الحقائق التي توصل إليها في البحث ليست مطلقة ونهائية وأنها‬
‫تخضع لالختبار والمراجعة المستمـرة ويمكن تعديلها أو تغييرها في ضوء الظروف الجديدة وهذا بعد‬
‫كفاية األدلة‪.‬‬
‫‪ -‬ولهذا ال بد من استخدام مصادر متعددة يبني عليها تفسيراته للوصول إلى نتائج مقبولة أو معقولة‪.‬‬

‫ثــالثــــا‬
‫البحث العلمي‬
‫يكتسي هذا العنصر أهمية خاصة‪ ،‬باعتباره نتاج التفكير العلمي وثمرة المنهجية‪ ،‬ولهذا ستكون‬
‫معالجته كاألتي‪:‬‬
‫‪ –I‬تعريف البحث العلمي وغرضه‬
‫‪ - II‬أنواع البحوث (حسب طبيعتها والدوافع إليها)‬
‫‪ –III‬مقومات البحث العلمي‬
‫‪ –IV‬خطة البحث‬
‫‪ –V‬جمع المصادر والمراجع‬
‫‪ -VI‬جمع المادة العلمية‬

‫‪9‬‬
‫‪ –VII‬كتابة البحث (الصياغة والتوثيق)‬

‫‪ –I‬تعريف البحث العلمي وغرضه‪:‬‬


‫أ‪ -‬تعريفه‪:‬هو عملية االستعالم االستقصاء المنظم والدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات‬
‫وعالقات جديدة ‪ ،‬أو تحليل وتفسير معلومات موجودة من قبل وتطويرها من أجل إيجاد حلول لمشكالت‬
‫قائمة‪ ،‬وذلك بإتباع أساليب ومناهج علمية(‪ ،)1‬فعملية البحث هي مادة أولية للمحتوى الذي ينظمه المنهج للوصول‬
‫إلى نتائج ‪.‬‬
‫ومن هذا التعريف العام فإن البحث العلمي يعني المعرفة والدراية وإدراك الحقيقة واإللمام بها فهو‬
‫يقوم أساسا على طلب المعرفة وتقصيها والوصول إليها‪ ،‬ويستند على أساليب ومناهج معينة بحسب طبيعة‬
‫المجاالت العلمية المختلفة‪ .‬والباحث في تقصيه الحقائق يهدف إلى أحداث إضافات أو تعديالت جديدة في‬
‫ميدان من ميادين العلوم‪ ،‬وهذا يؤدي إلى تطويرها وتقدمها‪ .‬كما أن الباحث يعالج الموضوع محل البحث‬
‫وفقا لخطوات تستوجبها طبيعة هذا الموضوع وخصوصياته‪.‬‬
‫ب– غرض البحث العلمي‪ :‬غرض البحث العلمي هو الوصول إلى حقائق األشياء والظواهر ومعرفة سر‬
‫العالقات التي تربط بينها أو بينها وبين ظواهر أخرى في نفس السياق سواء كانت هذه الظواهر اجتماعية‬
‫واقتصادية أو طبيعية وغيرها‪.‬‬
‫فالبحث العلمي أداة هامة في زيادة المعرفة واستمرار التقدم العلمي وتطوره ومساعدة اإلنسان على‬
‫التكيف مع بيئته وحل مشكالته والوصول إلى أهدافه‪.‬‬
‫‪ – II‬أنواع البحوث‬
‫تتنوع البحوث تبعا للمعيار المعتمد أو الزاوية التي ينظر منها إليها‪ .‬فتصنف بحسب الغرض‬
‫(نظرية وتطبيقية) أو النطاق (محلية وإقليمية وعالمية) أو التخصص (أثناء مرحلة التدرج وبحوث‬
‫الدراسات العليا)‪.‬‬
‫إلى‪)2‬معيار مشترك وهو طبيعة وغرض البحث‪ .‬ولهذا يكون البحث‬ ‫استنادا‬ ‫العلمي‬ ‫البحث‬ ‫تقسيم‬ ‫ولكن يمكن‬
‫العلمي نظريا أساسيا أو بحثا عمليا تطبيقيا( مهما كان نطاقه والهدف منه‪.‬‬
‫أ‪ -‬البحوث العلمية النظرية األساسية تستهدف الوصول إلى المعرفة وتطوير العلوم مما يزيد في تراكم‬
‫التراث المعرفي المتوارث عبر األجيال‪ ،‬وما تتوارثه األمم والحضارات عن بعضها‪.‬‬
‫والغرض األساسي هو التوصل إلى حقائق ونظريات علمية جديدة ‪ .‬وهو بذلك يسهم في نمو‬
‫المعرفة العلمية المتوفرة أو التوصل إلى معرفة لها قيمتها وفائدتها في حل قضايا معينة ضمن محيط‬
‫معين‪ ،‬وذلك بدراستها ضمن الميدان العلمي الذي تنتهي إليه تلك المشكلة أو القضية كالمجال التربوي أو‬
‫االجتماعي أو القانوني واإلداري‪.‬‬
‫ب‪ -‬البحوث العلمية التطبيقية العملية‪ :‬فتستهدف المعرفة من أجل تحقيق وابتكار حل معين‬
‫ومقبول للقضايا والمشكالت التي تهم المجتمع ويعاني منها ‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى يهدف البحث التطبيقي لتسخير المكتشفات والمبتكرات العلمية الحديثة والتي‬
‫يتمخـض عنها البحـث العلمي المتطور وتجسيدها في وسائل وأدوات محسوسة يمكن االستناد إليها في حل‬
‫المشاكل وكذا االستعانة بها في البحوث النظرية بما تؤدي إليه من تقدم علمي منشود‪.‬‬
‫‪ -‬وهكذا فالبحوث التطبيقية لها قيمتها في حل المشكالت الميدانية (والملحة) وتطوير أساليب العمل‬
‫وإنتاجيته ف ي المجاالت التطبيقية مثل‪ :‬التربية والتعليم‪ ،‬الصناعة والزراعة التجارة واالقتصاد‪ ،‬النقل‪،‬‬
‫البريد والمواصالت‪ .‬وبالجملة البحوث التطبيقية تهدف إلى التطبيق العملي لنتائج تقدم العلم وتطويعها‬
‫ميدانيا لحل بعض المشكالت الملحة ومعالجتها والستنباط أدوات عملية محسوسة وملموسة (التكنولوجيا)‬
‫وما تقدمه من خدمات مختلفة يستعملها اإلنسان عامة والباحث خاصة إلنجاز أعماله العلمية‪.‬‬
‫وهكذا يبدو التالحم والترابط بين البحوث األساسية ‪ -‬النظرية والتطبيقية ‪ -‬فالبحث التطبيقي ال‬
‫يحقق فوائده المرجوة إال إذا استند على البحث النظري‪ .‬فالتقدم التكنولوجي الذي هو تطبيق عملي لنتائج‬

‫(‪ -)1‬عمار عوابدي‪ ،‬مناهج البحث العلمي وتطبيقاتها في العل وم القانونية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،1985 ،‬‬
‫ص ‪ 18‬وما بعدها‬
‫)‪(2‬‬
‫‪- Recherche de base : basie research, recherche pratique,Applied research.‬‬
‫‪10‬‬
‫التقدم العلمي هو ثمرة بحوث نظرية سبقته‪ .‬كما أن البحث النظري األساسي يعتمد على معدات وأجهزة‬
‫تكنولوجية للوصول إلى نتائج علمية جديدة‪.‬‬
‫فالبحث النظري األساسي يشكل أرضية ويمهد للبحث التطبيقي الذي هو النتيجة العملية الملموسة‬
‫لصيرورة عمليات البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -III‬مقومات البحث العلمي(‪: )1‬‬
‫البحث العلمي هو أهم نتائج التفكير العلمي بمفهومه الضيق‪ ،‬حيث يشترط في العمل كي يسمى‬
‫بحثا علميا توفره على عدة شروط يمكن اعتبارها كمقومات يقوم عليها البحث العلمي‪ ،‬ولهذا ترتبط أهمية‬
‫البحث إلى حد كبير بتحديد مقوماته األساسية التي يمكن حصرها في األتي‪:‬‬
‫‪ – 1‬تحديد مشكلة البحث‪ – 5 .‬أصالة البحث‪.‬‬
‫‪ – 6‬إمكانية البحث‪.‬‬ ‫‪ – 2‬التجديد واالبتكار‪.‬‬
‫‪ – 3‬إضافة معارف جديدة‪ – 7 .‬استقاللية البحث‪.‬‬
‫‪ – 4‬أهمية موضوع البحث‪ – 8 .‬توفر مصادر ومراجع البحث‪.‬‬

‫‪ –IV‬خـطـة الـبحــث‬
‫حتى يستطيع الباحث القيام بالبحث يجب أن يضع إطارا ليسير فيه ويحدد النقاط التي سيتناولها‬
‫بالبحث‪ ،‬ولكي يسهل عليه ترتيب المراجع وتصنيف المعلومات والبيانات المحصلة‪.‬‬
‫ونظرا ألهمية خطة البحث باعتبارها مرحلة أساسية ومنتجة للبناء الفني للبحث ومدى ارتباطها‬
‫وتناسقها مع المراحل األخرى والستغراقها لعملية البحث ككل‪ ،‬ولهذا فالخطة تتسع لتشمل عدة عناصر‬
‫وعمليات فكرية وفنية وتقنية مما يستوجب تكريس فصال خاصا لمراحل إعداد البحث‪.‬‬

‫المحور الثاني‬
‫مراحل إعداد البحث العلمي‬
‫يكرس هذا الفصل ألهم مراحل أو خطوات إعداد البحث‪ ،‬وهذا بعد تحديد موضوع البحث(‪.)2‬‬
‫كما أن هذه الخطوات ليست تحكمية على سبيل الحصر والترتيب‪ ،‬فيمكن تقديم خطوة على‬
‫أخرى‪ ،‬فهي متفاعلة ومترابطة وتخدم بعضها لتنتج عمال علميا يحقق المسعى والغرض من إنجازه في‬
‫إطار صالح أل ن يفهمه اآلخرون بيسر إلمكانية تقييمه ومناقشة ما يسعى الباحث تبيانه أو إثباته من خالل‬
‫ذلك العمل‪.‬‬
‫ولئن كانت هذه الخطوات ال تخضع لصرامة شكلية بقدر ما تهدف إلى تحقيق أقصى درجات‬
‫الفعالية والموضوعية لتقديم البحث بما يحقق إدراكا موحدا لعناصره‪ ،‬وصوال إلى الهدف النهائي منه‪ ،‬كما‬
‫أشرنا أعاله‪.‬‬
‫إال أن هناك مراحل أساسية وضرورية لبناء البحث وإنجازه‪ ،‬ال غنى عنها للقيام بأي عمل علمي‪ ،‬وتتمثل‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬المرحلة التحضيرية للبحث‪،‬‬
‫‪ -‬مرحلة وضع خطة البحث‪،‬‬
‫‪ -‬مرحلة جمع المصادر والمراجع‪،‬‬
‫‪ -‬مرحلة جمع المادة العلمية‪،‬‬
‫‪ -‬مرحلة الكتابة والصياغة‪.‬‬
‫يعالج هذا الموضوع ضمن ثالث مباحث‪ ،‬المرحلة التحضيرية للبحث (المبحث األول)‪ ،‬ومرحلة‬
‫جمع المادة العلمية (المبحث الثاني)‪ ،‬ومرحلة الكتابة والصياغة (المبحث الثالث)‪.‬‬

‫(‪ -)1‬علي مراح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 68‬وما يليها‪.‬‬


‫(‪ -)2‬فتحديد موضوع البحث قد يكون بناءا على اختيار الدارس‪ ،‬وقد يكون مفروضا عليه‪ ،‬كما يمكن أن تتم الموافقة عليه‬
‫وفق اجراءات معينة‪ ،‬تختلف بحسب الغرض والغاية والدوافع لذلك‪.‬‬
‫فاختيار موضوع البحث مرحلة سابقة واولية ولها أهمية كبيرة وقد تكون شاقة‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫المبحث األول‬
‫المرحلة التحضيرية للبحث‬
‫تقوم هذه المرحلة على مجموعة من العمليات وتحكمها ضوابط منهجية أهمها‪:‬‬
‫أوال‬
‫صياغة عنوان البحث)‬ ‫تحديد الموضوع‪( :‬التفكير في موضوع البحث‬
‫يساهم البحث العلمي (القانوني) في تنمية التعلم الذاتي للباحث‪ ،‬وتعزيز تفكيره العلمي‪ ،‬وتوسيع‬
‫مداركه‪.‬‬
‫‪-‬وإتباع منهجية علمية سليمة يجنب من الوقوع في األخطاء‪ ،‬وتفادي الهفوات والعثرات المحتملة‬
‫بقدر اإلمكان‪ ،‬وبذلك تكون نتائج البحث صائبة ويمكن الوثوق بها‪.‬‬
‫ولتحقيق ذلك تستوجب المنهجية اتباع مجموعة من الضوابط والقواعد تحكم سير عمليات البحث‬
‫في جوانبه الشكلية والموضوعية‪ ،‬باعتبار الشكل انعكاس للمضمون‪.‬‬
‫‪-‬االرتباط بالمكتبة‪ :‬باعتبارها مصدر أساسي للمعلومات‪ ،‬القدرة على استخدام وسائل المكتبة وغيرها من‬
‫الوسائل التعليمية الموجودة‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم الوقت وجدولته‪:‬االستغالل المراجع المحصلة‪ ،‬وكيفية التعامل معها‪.‬‬
‫‪-‬وهذا يساعد على تكوين تصور عام حول الموضوع وإمكانية تجزئته‪ ،‬كما يكشف مدى توفر مقومات‬
‫البحث العلمي من حيث وجود المراجع الكافية‪ ،‬وأنه يكتسي أهمية‪ ،‬ويعالج مسألة أو قضية تحتاج إلى‬
‫بحث ودراسة للوصول إلى نتائج علمية معينة‪ ،‬مما يضفي معارف جديدة ويساهم في التقدم‪.‬‬
‫فإذا تبين أن الموضوع المقترح تمت دراسته أو ال تتوفر حوله المراجع الكافية‪ ،‬فإن ذلك يفقده أهم‬
‫مقومات العمل العلمي‪ ،‬مما يوجب البحث عن غيره‪.‬‬
‫‪- I‬شروط اختيار الموضوع‪:‬‬
‫للقيام بأي عمل علمي ال بد من توافر الشروط اإلدارية والشروط العلمية األكاديمية‪ .‬ولهذا ال بد‬
‫من توفر بعض الشروط الختيار موضوع البحث وتحديده‪.‬‬
‫أ‪-‬الشروط االدارية‪:‬‬
‫هناك شروط تنظيمية يغلب عليها الطابع اإلداري‪ ،‬تحكمها قوانين‪ ،‬ونظم معينة‪ ،‬ولذلك تتنوع‬
‫وتختلف من جهة إلى أخرى‪ ،‬بحسب الغرض وطبيعة البحث‪ ،‬والهدف والغاية من تلك البحوث‪ .‬ولهذا البد‬
‫من االطالع على النظم والقوانين التي تحكم تلك البحوث(‪ .)1‬وتختلف من جامعة ألخرى‪ ،‬وتضطلع‬
‫المجالس العلمية بهذا الصدد بصالحيات هامة في كيفية تحديد مواضيع البحث وشروط قبولها‪.‬‬
‫ب‪-‬الشروط العلمية واألكاديمية‪:‬‬
‫أما الشروط العلمية فتنصب على الموضوع محل البحث‪ ،‬وصفات الشخص المكلف بإعداد هذا‬
‫البحث فهي شروط موضوعية أكاديمية‪ ،‬وشروط شخصية تتعلق بالباحث‪.‬‬
‫‪-1‬شروط موضوع البحث‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون موضوع البحث محددا‪( :‬صياغة عنوان البحث بدقة)‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون مالئما لغرض البحث المراد القيام به‪.‬‬
‫‪ -‬أن يعالج موضوعا ينطوي على مسألة أو قضية محددة تحتاج إلى بحث ودراسة للوصول إلى نتائج‬
‫معينة حولها‪،‬‬
‫‪ -‬أن يكتسي أهمية وجدية‪ ،‬مما يضفي معارف جديدة وتطور‪.‬‬
‫‪-2‬الشروط الواجب توافرها في الباحث‪:‬‬
‫يشترط في الطالب الباحث مجموعة من المواصفات والمقومات للقيام بإنجاز عمل علمي‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫(‪ -)1‬مما يستوجب االطالع على تلك القوانين التي تنظم شروط القيام بتلك البحوث فمثال في الجزائر‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ -‬المؤهالت العلمية مما يخوله اكاديميا القيام بذلك البحث‪،‬‬
‫‪ -‬التخصص‪ ،‬واالطالع ال واسع في مجال موضوع البحث‪ .‬وهذا يساعد على تكوين خلفية معلوماتية حول‬
‫الموضوع المراد القيام به‪،‬‬
‫‪ -‬القدرة على كشف األمور والوقوف على أبعادها‪ ،‬وقدرة وزن اآلراء والترجيح بينها‪ ،‬وإمكانية تقييم‬
‫المعلومات وتمييزها‪،‬‬
‫‪-‬استخالص النتائج واستشراف تطور األوضاع‪،‬‬

‫‪-‬األمانة العلمية(‪،)1‬‬
‫‪-‬التواضع‪ ،‬واحترام كل اآلراء المختلفة‪،‬‬
‫‪-‬االلتزام بالموضوعية في البحث‪،‬‬
‫‪-‬الصبر‪ ،‬وتحمل مشاق البحث المختلفة‪،‬‬
‫‪-‬العنصر الشخصي والمتمثل في حب االطالع‪ ،‬والميل النفسي واالتجاهات الفكرية لدى الباحث للموضوع‬
‫المقترح‪،‬‬
‫فيفترض أن يكون موضوع البحث المقترح من طرف الطالب الباحث معبرا عن دوافع تبرر قيامه‬
‫بهذا العمل البحثي‪،‬‬
‫فيستوجب أن يكون الطالب الباحث على قدر من المعرفة حول اإلطار العام لموضوع البحث محل‬
‫الدراسة‪،‬‬
‫‪-‬وأن يقوم بالبحث واالطالع واإلدراك بكل ما يرتبط به من موضوعات وحصرها‪ ،‬وهذا يساعد‬
‫وي ساهم في الكشف عن الجوانب التي مازالت تحتاج إلى البحث والدراسة من اجل التوصل إلى نتائج‬
‫معينة‪.‬‬
‫‪- II‬ضوابط عملية لصياغة عنوان البحث‪:‬‬
‫يقوم الباحث في البداية بتحديد اإلطار العام الواسع للبحث‪ ،‬ثم يبدأ بحصر وتعيين الجانب أو‬
‫الجوانب التي يرى أنها أجدر بالبحث‪ ،‬وبذلك يمكن أن يتوصل إلى تحديد الجزء أو العنصر الذي يرغب‬
‫القيام بالبحث فيه‪.‬‬
‫وبذلك تتم صياغة عنوان البحث في جملة اسمية أو شبه اسمية‪،‬باختيار كلمات وانتقاء مفردات‬
‫(مصطلحات) محددة واضحة دقيقة مع مراعاة االيجاز الدال‪ ،‬فيجب ان يكون عنوان البحث واضحا دقيقا‬
‫موجزا داال‪( :‬الدقة والوضوح وااليجاز والداللة) (‪.)2‬‬
‫‪-III‬وضع خطة أولية‪ :‬كإطار للعمل‬
‫وهكذا يتم وضع خطة(أولية كإطار للعمل)‪ ،‬حيث يتم رسم المسار المنهجي وتبيان المحطات األساسية‬
‫الواجب الوقوف عندها‪ ،‬ويكون هذا نتيجة لطرح إشكالية تجسد الفكرة المحورية التي يدور حولها‬
‫البحث‪ ،‬وتتمثل في السؤال العلمي المراد معالجته بالبحث والدراسة‪ ،‬وما يتفرع عنه من مسائل وقضايا‪،‬‬
‫مما يستدعي التصدي لها بالبحث والدراسة لتبيانها وتفسيرها وفق المسعى الذي يريد الباحث الوصول إليه‬
‫إلقناع الغير‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وهذا يتطلب القيام بتنفيذ خطة البحث المعتمدة وذلك بجمع المادة العلمية وتتمثل في كتابة‬
‫المعلومات األساسية المتعلقة بالبحث‪.‬‬
‫‪-‬وتتم عملية جمع المادة العلميةبعدة طرق أهمها‪:‬‬
‫‪-1‬القراءة‪ :‬بأنواعها‪( :‬استطالعية‪ ،‬عادية‪ ،‬مركزة)‬
‫‪-2‬االقتباس والتدوين‪،‬‬
‫‪-3‬االستبيان والمناقشة (االتصال باألساتذة وذوي الخبرة والدراية)‬

‫(‪ -)1‬أحمد شلبي‪ ،‬كيف تكتب بحثا أو رسالة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1997 ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪-)2‬مراح علي‪،‬شروط صياغة العنوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪ -)3‬يكون اعداد الخطة االولية متزامنا مع خطوة جمع المراجع (المعلومات والبيانات) ويظل الباحث يدخل عليها تعديالت‬
‫مستمرة كلما تقدم في البحث‪،‬وسيتم التعرض لها بالتفصيل فيما بعد من ص ‪ 37‬وما يليها‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫ويقتضي هذا التعرض إلى تلك المسائل بنوع من التفصيل فيما يأتي‪:‬‬

‫ثانيا‬
‫تحديد اإلشكالية ووضع خطة البحث‬
‫إن التفكير في وضع خطة البحث يسبقه التفكير في صياغة اإلشكالية التي تنبثق عما يثيره‬
‫موضوع البحث من مشكالت تحتاج إلى بحث ودراسة‪ ،‬وتتجسد اإلشكالية في الطرح الذي يتبناه الباحث‬
‫كمدخل لمعالجة الموضوع‪:‬‬
‫ويتم ذلك في شكل تساؤل أو أسئلة معينة مرتبطة ومتسلسلة منطقيا تخدم الغرض من البحث‪،‬‬
‫وتهدف إلى تحقيق المسعى الذي ينشده الباحث وفق منهجية واضحة‪.‬‬
‫ونظرا ألهمية اإلشكالية وارتباطها وتداخلها مع خطوات وعناصر المنهجية‪ ،‬فإنه يتعين توضيح‬
‫مفهوم اإلشكالية وإبراز معالمها المرتبطة بالخطة وتحديدها لمسار معالجة موضوع البحث‪ ،‬ويمكن‬
‫معالجة ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪-I‬مفهوم اإلشكالية‪:‬‬
‫الهدف من تحديد اإلشكالية هو تبيان أهمية البحث من خالل ما يثيره من مسائل وقضايا تستدعي‬
‫التصدي لها بالبحث والدراسة لتبيانها وإيجاد الحلول لها‪.‬‬

‫وبذلك تبرز أهمية وضع خطة البحث‪ ،‬باعتبارها إجابة أولية عن اإلشكالية المطروحة‪ ،‬وتبين‬
‫معالم موضوع البحث‪،‬وتجسد التركيبية الهيكلية للبناء الفكري لمعالجة تلك اإلشكالية وفق منظور الباحث‪،‬‬
‫مما يبرهن على قدرته في التحكم في موضوع البحث‪ ،‬وسيطرته على أبعاده الفكرية‪.‬‬
‫ولهذا يكتسي تحديد اإلشكالية أهمية بالغة باعتبارها المدخل المنهجي الذي يتبناه الباحث لمعالجة‬
‫موضوع بحثه وفق المسعى الذي يريد تحقيقه من خالل النتائج المتوصل إليها‪.‬‬
‫فاإلشكالية هي الفكرة المحورية التي يدور حولها البحث من أجل تبيانها وتوضيحها‪.‬‬
‫ورغم أن اإلشكالية منبثقة عن عنوان البحث لكنها عملية سابقة والحقة‪ ،‬ومستمرة مع سيرورة‬
‫عمليات البحث‪.‬‬
‫أ‪-‬عالقة اإلشكالية بعنوان البحث‪:‬‬
‫ولهذا يعتبر عنوان البحث ترجمة رسمية لإلشكالية التي يعالجها موضوع البحث‪ ،‬ولذلك قد ال‬
‫تكون اإلشكالية نهائية من أول وهلة‪ ،‬وإنما تتضح مع سير عمليات البحث التي يقوم بها الطالب الباحث‬
‫قدما في بحثه‪.‬‬
‫‪-‬وينبغي أن يكون تحديد اإلشكالية تحديدا واضحا‪،‬‬
‫وأن تكون مناسبة ومالئمة لموضوع البحث والغرض منه‪،‬‬
‫‪ -‬وأن تكون جديرة باالهتمام‪،‬‬
‫‪ -‬كما تبين اإلشكالية المسائل الجوهرية في البحث من تلك التي تعتبر ثانوية‪ ،‬وتحديد المسائل الممكن‬
‫اإلجابة عنها في البحث‪.‬‬
‫وما يجب التركيز عليه هنا‪ ،‬أن هناك عالقة وثيقة ترابطية بين عنوان البحث واإلشكالية‬
‫المطروحة والخطة المعتمدة لمعالجة موضوع البحث من خالل اإلشكالية المحددة‪.‬‬
‫فيجب أن يكون عنوان البحث ينطوي على مسألة أو قضية معينة جديرة بالبحث للوصول إلى‬
‫نتائج علمية في ذلك‪ ،‬ويتم هذا بواسطة وضع خطة بحثية لتحقيق المسعى المراد لوصول إليه في هذا‬
‫البحث‪.‬‬
‫ب‪-‬كيفية طرح اإلشكالية‪:‬‬
‫فيمكن طرح مجموعة من األسئلة حول موضوع البحث المحدد‪ ،‬من حيث األهمية‪ ،‬وما ينطوي‬
‫عليه من قضايا أو مسائل تحتاج إلى بحث‪ ،‬وماذا يريد الباحث أن يبين ويوضح من خالل قيامه بالبحث في‬
‫هذا الموضوع‪ ،‬وما هي النتائج الممكن التوصل إليها‪....‬الخمن األسئلة الممكن إثارتها حول ذلك‬

‫‪14‬‬
‫الموضوع‪ .‬ومن خالل اإلجابة عنها يمكن التوصل إلى استخالص طرح اإلشكالية‪ ،‬ووضع خطة بحثية‬
‫لمعالجة هذه اإلشكالية وفقا لعنوان البحث المحدد‪.‬‬

‫‪-II‬وضع خطة البحث‬


‫ولذلك تكتسي الخطة البحثية أهمية كبيرة في نجاح البحث‪ ،‬فهي جهد فكري وعمل تقني وفني لبناء‬
‫التركيبة الهيكل ية لموضوع البحث من حيث تقسيماته المختلفة التي يجب أن تكون متماسكة ومترابطة‬
‫ومتواصلة‪ ،‬ومتناسقة فيما بينها‪ ،‬وأيضا مع عنوان البحث وإشكاليته المطروحة باعتبار خطة البحث تبرز‬
‫معالمه وتجسد مقوماته العلمية‪.‬‬
‫أ‪-‬تعريف خطة البحث(‪:)1‬‬
‫فالخطة عمل تقني فني ألن بواسطتها يتمكن الباحث من السيطرة على أبعاد موضوع بحثه‪ ،‬وهذا‬
‫بإبراز معالمه وتمييز بين مسائله المختلفة الهامة والثانوية‪ ،‬كما تقدم للقارئ أو المستمع التركيبة الهيكلية‬
‫للبحث والتصور العام لألفكار التي يتضمنها‪.‬‬
‫وهكذا يتم تحديد األفكار األساسية والجوهرية واألفكار الجزئية ثم الفرعية وهذا بترتيب تلك‬
‫األفكار بصفة منتظمة ومتسلسلة ومرتبطة مع بعضها‪ ،‬وكل ذلك من أجل إبراز أهمية ما يراد تبيانه أو‬
‫إثباته‪ .‬وهذا ما يسمى بالنتائج التي يسعى الباحث التوصل إليها‪ ،‬ولكن ذلك ال يتأتى إال باإلدراك التام‬
‫واإللمام الصحيح المعمق للموضوع المعالج‪.‬‬

‫ولذلك يعتبر إعداد خطة البحث جهد فكري وعمل تقني فني خالق‪ ،‬وفيها تتجسد أولى إبداعات‬
‫الباحث وأهمها‪ ،‬حيث ترسم المسار المنهجي الذي اعتمده في معالجة موضوع بحثه مما يدل على بيان‬
‫األسباب والدواعي التي دعت إلى ذلك التقسيم‪ .‬ولهذا يحكم خطة البحث ضوابط وتخضع لشروط منهجية‬
‫معينة‪.‬‬

‫ب‪-‬شروط وضع الخطة‪:‬‬


‫عندما يستقر الدارس على الشكل النهائي لتقسيمات بحثه (أي وضع خطة نهائية) وهذا بعد أن‬
‫يكتشف أثناء معالجته للموضوع بعض القصور أو النقص فيضطر إلى تغطية ذلك بتعديل التقسيمات‬
‫المعتمدة لتتالءم مع المستجدات‪.‬‬
‫ال توجد قاعدة عامة تحكم تقسيمات البحث‪ ،‬ألن مرد ذلك تتحكم فيه طبيعة الموضوع وحجمه‬
‫ومحتواه(‪ .)2‬ولكن هناك بعض الشروط يجب توفرها‪:‬‬
‫‪ –1‬أن تكون التقسيمات موحدة وثنائية‪ :‬يجب أن تكون التقسـيمات الرئيسية موحدة‪( :‬أقسام أو أبواب أو‬
‫فصول)‪ ،‬وأيضا التقسيمات الفرعية وأن تكون ثنائية‪.‬‬
‫فال يمكن أن يكون البحث يتكون من باب واحد أو فصل واحد‪ .‬وإنما يقسم إلى بابين أو أكثر وكل‬
‫باب يقسم إلى فصلين أو أكثر‪ ،‬وكل فصل إلى مبحثين أو أكثر وهكذا دواليك‪.‬‬
‫‪ –2‬التناسب والتماثل في التقسيمات المتناظرة‪ :‬من حيث العدد الكمي والكيف الحجمي أي أال يتجاوز‬
‫تقسيم ضعف مماثلة من حيث تقسيماته الجزئية وحجم المعلومات (عدد الصفحات مثال) وتظل المسألة‬

‫(‪-)1‬ينصرف معنى خطة البحث إلى التقسيمات المختلفة لجسم الموضوع أي هيكلة متن البحث فقط‪ ،‬ولكن البحث كل‬
‫متكامل والخطة هي تجسيد هيكلي له‪ ،‬لذا البد أن تتضمن كل عناصر وتقسيمات البحث (عنوان البحث‪ ،‬المقدمة‪ ،‬متن‬
‫البحث‪ ،‬الخاتمة)‬
‫(‪-)2‬هناك نوع الخطة التفصيلية التي تكون التقسيمات فيها كثيرة (أبواب فصول‪ ،‬مباحث‪ ،‬مطالب‪،‬‬
‫فروع‪ ،II–I ،‬أوال – ثانيا‪ ،‬أ – ب‪ 2 – 1 ،‬إلخ) وهناك الخطة البسيطة التي تعتمد تقسيمات ثنائية فقط‬
‫ويمكن أن تكون تقسيمات متجانسة واحدة كالفصول فقط مع تقسيمات داخلية بسيطة‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن الباحث هو سيد الموقف‪ ،‬وحسب ما يمليه عليه موضوع البحث ومنهجية تقنيات إعداد البحث التي‬
‫يتوخاها لمعالجته‪.‬‬
‫‪ -‬سيعالج هذا الجانب ضمن فصل الحق‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫نسبية تمليها المعلومات والمعطيات المحصلة فضال عن محتويات البحث‪ ،‬لكن في جميع الحاالت يجب أن‬
‫تكون التقسيمات مؤسسة وتستند على ما يبررها موضوعيا‪.‬‬
‫‪ –3‬أن ترسى التقسيمات على قاعدة موضوعية‪( :‬طبيعة الموضوع‪ ،‬المعلومات والبيانات المحصلة‪،‬‬
‫وغيرها من المسائل الواقعية)‪ ،‬يستند عليها الباحث في اعتماده تلك التقسيمات‪.‬‬
‫‪ –4‬مناسبة التقسيمات لطول البحث والغرض منه‪ :‬ألن تقسيمات البحث الرئيسية والجزئية هي في‬
‫الحقيقية أفكار هذا البحث الرئيسية والجزئية‪ ،‬والفرعية إلخ ‪...‬‬
‫‪5‬ـ ‪ -‬تناسق وترابط العناوين الرئيسية والفرعية مع بعضها ومع العنوان العام للبحث الذي تنبثق عنه‪،‬‬
‫وباعتباره الجذع المشترك وهذا ما يسمى بترابط وتواصل التقسيمات المختلفة للخطة وكذا االشكالية‬
‫المطروحة باعتبار خطة البحث إجابة أولية عما تضمنته تلك االشكالية من مسائل وقضايا مثارة‪.‬‬
‫‪ –6‬تناسق محتويات التقسيمات المتناظرة‪.‬‬
‫‪ – 7‬تجنب التكرار‪.‬‬
‫ج– مقدمة البحث وخاتمته‪:‬‬
‫طالما أن مقدمة البحث وخاتمته من أهم عناصر ومشتمالت موضوع البحث‪ ،‬وحيث أن خطة‬
‫البحث ذاتها تتبلور وتتجسد في نهاية المقدمة كعنصر تتويجي لها وكمدخل لمعالجة الموضوع محل‬
‫البحث‪ ،‬وأن الخاتمة هي استنتاج واستخالص لما توصل إليه من نتائج معينة‪ ،‬فإنه يتوجب بيانهما بإيجاز‪.‬‬
‫‪ -1‬مقدمة موضوع البحث‪ :‬هي مدخل يمهد للموضوع المعالج‪ ،‬وتشمل عادة التعريف بالموضوع محل‬
‫البحث‪ ،‬أهميته الغرض منه وأسباب اختياره‪ ،‬فضال عن الهدف العام لكل البحوث وهو الهدف العلمي‪ .‬ثم‬
‫طرح اإلشكالية أو المشكالت التي يثيرها الموضوع من خالل أسئلة أو تساؤالت لكي تتم اإلجابة عليها‬
‫ضمن البحث‪ ،‬ثم إعالن الخطة‪.‬‬
‫وتبيان كيفية العمل والمنهجية المتبعة في كل ذلك‪ .‬وعلى أساس ذلك يتم تقسيم الموضوع إلى أهم‬
‫األفكار والعناصر التي يتضمنها‪.‬‬
‫ويتم كل ذلك بصورة عرض وصفي موجز يتناسب مع طبيعة موضوع البحث‪ .‬فينبغي عدم إثْقال‬
‫المقدمة(‪ )1‬بمعلومات وأفكار تفقدها وظيفتها كمدخل لموضوع البحث‪.‬‬
‫فأي تقسيم أو تصميم للموضوع يجب أن يحافظ على دور وأهمية المقدمة والخاتمة‪.‬‬
‫‪-2‬الخاتمة‪ :‬هي نتيجة أو النتائج المتوصل إليها وعادة يذكر فيها الباحث خالصة سريعة للبحث وعرض‬
‫النتائج المستخلصة التي توصل إليها أثناء معالجة الموضوع‪ ،‬مع التركيز على الجديد المبتكر‪ ،‬مقيما‬
‫أن تثير إشكاليات جديدة تحتاج‬ ‫وموضحا وجهة نظره‪ ،‬فال تكون تكرارا لمضمون البحث‪ ،‬ولكن يمكن ْ‬
‫لمعالجات مستقبلية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫مرحلة جمع المادة العلمية‬
‫وهي مرحلة تعتمد على الجهد الفكري‪ ،‬وذلك بفحص المعلومـات والبيانات المحصلة حيث يقوم‬
‫الباحث بتصفيتها وغربلتها‪ ،‬ثم تصنيـف وترتيب ما تم استخالصـه ليوظـف وفق التقسيـم المعتمـد‬
‫للموضوع‪.‬‬
‫هناك عدة طرق لجمع المادة العلمية أهمها‪:‬‬
‫أوال‪ -‬القراءة‪ :‬وهي الوسيلة األولى واألساسية‪ ،‬وال غنى عنها لجمع المادة العلمية التي ستوظف في‬
‫معالجة موضوع البحث‪.‬‬
‫والقراءة تنصب بالدرجة األولى على الكتب والبحوث السابقة (الرسائل والكتب المتخصصة)‬
‫والدوريات والمقاالت وكذا الوثائق المختلفة (القوانين‪ ،‬األعمال الرسمية نتائج الملتقيات والتوصيات‪،‬‬
‫واألحكام والقرارات) وكل ماله عالقة بموضوع البحث‪.‬‬
‫والقراءة أنواع ‪:‬‬

‫(‪-)1‬في حالة ارتباط موضوع البحث بفكرة أو نقطة تشكل جسرا لمعالجته (كالتطور التاريخي مثال) وان المقدمة ال تتسع‬
‫لذلك فيفضل تعويض المقدمة التاريخية بفصل تمهيدي على شرط تناسبه مع تقسيمات الموضوع‪.‬‬
‫علي مراح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ –1‬القراءة االستطالعية‪ :‬وتكون سريعة تمهيدية خاطفة من أجل تكوين انطباع أولي واستطالع عام‬
‫ألهم األفكار التي يتضمنها المرجع‪.‬‬
‫‪ –2‬القراءة العادية‪ :‬فتكون من أجل استخالص أفكار وتحصيل معلومات حول الموضوع لتوظيفها في‬
‫كتابة البحث فيما بعد‪.‬‬
‫‪ –3‬القراءة المركزة‪ :‬وهي تحليلية تفسيرية عميقة ‪ ،‬وتكون بتأني للفهم الجيد والتمعن الفاحص لسبر خفايا‬
‫الكلمات وأبعاد األفكار‪ ،‬وهذا من اجل تخزين واختمار األفكار لدى الدارس مما يساهم في تراكم معرفته‬
‫العلمية التي تؤدي إلى تكوين عملية استنباط وتوليد أفكار جديدة مركبة‪ ،‬وهكذا يتمكن الباحث من الخلق‬
‫واإلبداع الفكري في معالجة موضوع بحثه‪.‬‬
‫ثانيا–المناقشة واالستبيان(‪:)1‬‬
‫يتصل الباحث بأصحاب الشأن والدراية في موضوع بحثه (كاألساتذة والمختصين وأصحاب‬
‫التجربة الميدانية في ذلك المجال كاإلداريين والدبلوماسيين‪ ،‬وأسالك أجهزة العدالة وغيرهم فيناقشهم‬
‫ويحاورهم الستجالء بعض مسائل بحثه وللحصول على معلومات واالستفادة من توجيهاتهم‪ ،‬وهذا ما‬
‫يسمى باالستبيان الشفهي المباشر حيث يتم بالمقابلة الشخصية وما ينتج عنها من إثراء وتوليد أفكار جديدة‪.‬‬
‫وهناك االستبيان الكتابي ويتم عن طريق تدوين األسئلة واالستفسارات المرغوب الحصول على معلومات‬
‫حولها وتسلي مها للمعني أو إرسالها إليه‪ ،‬وكما هو الحال في االستبيان الشفهي حيث يمكن االتصال بأكثر‬
‫من شخص ‪ ،‬فكذلك المراسلة قد تكون لعدة معنيين للحصول على وجهات نظر مختلفة مما ينمي ويزكي‬
‫المعلومات‪.‬‬
‫ثالثا–االقتباس والتدوين‪:‬‬
‫االقتباس والتدوين عمليتان مالزمتان للبحث وال غنى عنهما للباحث أثناء إنجاز بحثه‪ .‬واالقتباس‬
‫قد يكون حرفيا (لفظا ومعنى) خاصة في حاالت التعاريف العلمية واالستشهاد بآراء وأقوال الفقهاء‬
‫والكتاب‪ ،‬أو أن صاحب الفكرة قد صاغها في أحسن صورة‪ .‬ويجب أن يكـون االقتبـاس الحـرفي مدمـجا في‬
‫النص وبين شولتـين‪ ،‬وإذا كان طوي ال فيكتب في وسط الورقة بخط أصغر من العادي وإذا تم حذف بعض‬
‫العبارات من النص المقتبس فتوضع نقاط مكانها لتدل على ذلك وفي حالة اإلضافة فتوضع بين قوسين‬
‫ليدل على أن ذلك ليس جزءا من النص المقتبس أما اقتباس المعنى فهو األصل والشائع ويكون ملخصا‬
‫لمعنى األفكار بأسلوب الباحث وبلغته‪ ،‬ووفقا لما يخدم المسعى الذي يريد تحقيقه‪.‬‬
‫وفي جمع الحاالت يجب أن يكون االقتباس مدمجا في سياق تناسق األفكار‪ ،‬فيطوع حتى يتحقق‬
‫التسلسل والتتابع المنطقي مما يبرز دور الباحث وقدرته في السيطرة والتحكم في صياغة أفكاره‪ .‬وينبغي‬
‫ذكر المرجع وذلك بإيراد رقم الهامش الذي يبين أسفل الصفحة اسم المؤلف وعنوان المصدر‪ ،‬وكل‬
‫المعلومات حول الطبع والنشر ومكانها وتاريخها ورقم الصفحة أو الصفحات المقتبس منها‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالدوريات فيكتب اسم الكاتب‪ ،‬وعنوان المقال‪ ،‬اسم الدورية وتحته خط‪ ،‬رقم المجلد‬
‫والعدد وتاريخه رقم الصفحة أو الصفحات المأخوذ منها‪ ،‬وهذا ما يسمى باألمانة العلمية والتنظيم الجيد في‬
‫إعداد البحوث والتي يجب المحافظة عليها دائما وأبدا بدقة متناهية‪.‬‬
‫أما التدوين‪ :‬فهو عملية مالزمة للبحث ومستمرة منذ اختيار عنوان الموضوع‪ ،‬إلى مرحلة الكتابة‪.‬‬
‫فالتدوين هنا له مفهوم واسع فيشمل تسجيل المالحظات وتلخيص األفكار ونقل المعلومات‬
‫والبيانات المحصلة‪ .‬ويكون ذلك بحسب النظام(‪ )2‬المتبع لجمع المادة العلمية من طرف الباحث‪.‬‬
‫وكلما صادف الباحث معلومات وبيانات أثناء جمع المادة العلمية يسارع لتدوينها تحت عنوان‬
‫الفصل أو المبحث الذي تتعلق به مع المحافظة على نظام األمانة العلمية المشار إليه سابقا‪.‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫مرحلة الكتابة وصياغة البحث‬

‫(‪ -)1‬غازي عناية‪ ،‬اعداد البحث العلمي‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،1992 ،‬ص ‪ 56‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ -)2‬هناك الطرق التقليدية المعروفة‪ ،‬كنظام البطاقات وهي من الورق المقوى ويمكن أن تكون ملونة وفقا لتقسيمات‬
‫الموضوع الرئيسية‪ ،‬ونظام الملف ويكون باعتماد دفتر خاص يقسم داخليا بحسب الخطة المعتمدة مع وضع عالمات‬
‫مميزة لتبيان ذلك‪ ،‬وقد ظهرت أنظمة متطورة نتيجة تطور الوسائل التكنولوجية وعلى رأسها الكمبيوتر‪ ،‬ووسائل تدفق‬
‫المعلومات وعلى رأسها االنترنت‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫تعتبر كتابة البحث أهم مرحلة‪ ،‬وآخر خطوة إلعداد البحث‪ ،‬وتتجسد أهميتها في بلورة وصياغة‬
‫البحث في صورته النهائية‪ .‬وتتمثل كتابة البحث العلمي في تحليل وتفسير البيانات واألفكار المحصلة‪،‬‬
‫وعرض نتائجها‪ ،‬وتبيان ما تم التوصل إليه في هذا البحث بحيث يمكن لآلخرين فهمها واستخدامها في‬
‫بعض الحاالت‪ ،‬وأيضا إعالم القارئ بمضمون هذا العمل الفكري وهدفه‪ ،‬وإلقناعه بالمسعى المراد تحقيقه‬
‫من ذلك‪.‬‬
‫‪-I‬شروط كتابة البحث‪:‬‬
‫ويشترط في كتابة البحث عدة خصائص يجب أن يتصف بها البحث لكي يتسم بالصفة العلمية أهمها‪:‬‬
‫أي ينطلـق الباحث‬
‫أ‪ -‬الوضوح في التفكير‪ :‬يجب أن تكون أفكار الباحث واضحة لديه أوال ثم واضحـة للغير‪ْ ،‬‬
‫من المعيار الذاتي فيجسد المعلومات والبيانات في أفكار واضحة‪ ،‬ثم بعدها يأتي المعيار الخارجي‬
‫لآلخرين فيكتبها بلغة مفهومة (واللغة مسألة موضوعية يتفق عليها الجميع) أي يجب استعمال المعاني‬
‫والمفاهيم والمصطلحات المتفق عليها‪.‬‬
‫فالفكرة الغامضة لدى الباحث تصبح أكثر تعقيدا بالنسبة للغير‪ ،‬ولهذا يجب تجنب التعابير‬
‫الغامضة والكلمات غير المألوفة وكذا الجمل الطويلة واالعتراضية التي تؤدي إلى قطع تسلسل األفكار‪،‬‬
‫وألن ذلك يعوق فهم القارئ أو المستمع‪ .‬أما المصطلحات الفنية فيمكن التعبير عنها مباشرة بلغة بسيطة‬
‫فعالة دون استعمال كلمات صعبة وتوحي بالتكليف وال تعكس عمق أصالة تفكير الباحث ومدى قدرته‬
‫على عرض أفكاره بأسلوب سهل ولغة دقيقة واضحة‪ ،‬فكلما كان الباحث متمكن من فهم موضوع بحثه‬
‫متحكم في أبعاده يستطيع أن يوصل أفكاره بسهولة وبأقل جهد وأقصر طريق‪.‬‬
‫فبراعة الباحث تبرز في بناء بحثه بناءا فنيا يستند على تفكير منهجي واضح في انتقاء ما يفيد من‬
‫المعلومات واألفكار‪ ،‬وكيفية استخدامها وتوظيفها بشكل جيد يخدم المسعى المقصود من البحث‪ .‬فليس‬
‫الهدف من البحث هو تكديس المعلومات والغرق في تفاصيلها مما يؤدي إلى خوض غمار جزيئيات‬
‫موضو ع البحث التي تخرج عن الموضوع األساسي وال حاجة إليها‪ .‬وهذا يكون عادة نتيجة عدم الوضوح‬
‫في التفكير الذي يعزى إلى عدم تحديد الباحث بدقة ووضوح المسعى المراد الوصول إليه‪ ،‬أي ما يريد‬
‫معرفته‪.‬‬
‫وهكذا يتأكد مدى االرتباط الوثيق بين تحديد اإلشكالية بوضوح كمرشد في جمع‬
‫المعلومات ودليل لمسار البحث يضبط مجال تحرك الباحث فيتقيد بالفرضيات التي تستجوبها‬
‫اإلشكالية المطروحة‪ ،‬فال يبتعد عن جوهر موضوع بحثه‪ ،‬فينتقي من المعلومات والبيانات مهما تنوعت‬
‫أصنافها وتعددت مصادرها إال ما يخدم ذلك الهدف من البحث‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدقة في اللغة والتحكم فيها شكال ومضمونا‪ :‬بما أن اللغة هي المظهر الموضوعي الخارجي‬
‫للتفكير‪ ،‬فال بد أن تعبر بدقة عما يكتنف هذا التفكير من تفاعل أنشطة (واعية) مقصودة‪ ،‬تهدف إلى تحقيق‬
‫غرض ومسعى معين‪ ،‬وليس مجرد تصريحات غامضة أو تعميمات فضفاضة أو التشدق بمفاهيم ارتجاليا‪،‬‬
‫واختيار التعابي ر والمصطلحات الفخمة الرنانة التي تستهوي بعض الباحثين اعتقادا منهم أن هذا يعطي‬
‫مصداقية أكبر لمواضيع بحوثهم(‪ .)1‬وتقتضي دقة اللغة أن تكون الكتابة سليمة من الناحية اللغوية‬
‫والنحوية‪ ،‬فال يعذر بعدم التخصص في اللغة وقواعدها‪.‬‬
‫فيعبر الباحث عن أفكاره بلغة سهلة بسيطة مستخدما األلفاظ والكلمات المألوفة في تلك اللغة‪ ،‬فال‬
‫يجهد نفسه في البحث عن القديم المعقد أو المهجور منها‪.‬‬
‫وأكثـر من ذلك دقــة اللغة تعـني مراعـاة اختيـار الكلمات والمصطلحات المناسبـة ووضعهـا في أمكنتها المناسبـة‬
‫تـدل على المعاني المقصودة بوضوح وسهولة للفهم‪.‬‬

‫(‪ -)1‬البحث العلمي عمل وبناء فني يقوم على أسس ويخضع لقواعد وتحكمه ضوابط‪ ،‬ال يمكن أن يكون ناجحا أو مفيدا‬
‫بدونها‪ ،‬وال يمكن أن يقام على هواجس وهمية أو مبهمة كما يتصور بعض الباحثين بأنهم يحملون هموم العالم‪ ،‬ولهذا‬
‫يكلفون أنفسهم مشقة التصدي للمواضيع الكبرى التي تخلص العالم من محنة ومشكالته‪ .‬وهذا قد يكون نتيجة الطموح‬
‫المفرط أو التوهم بالعظمة أو الشراهة الكتابية فيما هب ودب‪ .‬والغرق في الكم الهائل من المعلومات والبيانات التي‬
‫تزخر بها المواضيع الضخمة فيظل الباحث يتخبط في ثناياها أمال في العثور على بصيص من النور يستطيع من خالله‬
‫أن يحدد بشكل دقيق موضوع البحث الذي ينوي القيام به‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫كما تعني التناسق في األفكار وسالسة األسلـوب وذلك باستعمـال جمل بسيطة قصـيرة‪ .‬يجب‬
‫تجنب إدخال المفردات العامية والمفاهيم الدارجة ألن الباحث فضال عن إحاطته بقواعد اللغة الالزمة‬
‫لكتابة البحث‪ ،‬فإنه يحوز إضافة على قدرته اللغوية إحاطة تامة بخصائص لغة مجال تخصصه خاصة‬
‫مجال موضوع البحث‪( ،‬فالقانوني هو أدري باللغة القانونية بصفة عامة فضال عن مصطلحات ومفاهيم‬
‫كل فرع من فروع القانون) ولهذا يجب تحري الدقة في استخدام المصطلحات القانونية‪ .‬وتقع المسؤولية‬
‫على الباحث وحده لتصحيح األخطاء اللغوية والفنية كسوء اختيار األلفـاظ وركاكة التعبـير وضعف‬
‫الصياغـة غير المحكمـة‪ ،‬وهذا حتى في حالة االستعانة بغيره ممن يثق في لغته لتصحيح جميع األخطاء‬
‫اللغوية‪ ،‬فعليه أن يراجع كتب اللغة وقواعدها والمعاجم وقواميس اللغة وغيرها ألن الباحث أقدر وأولى‬
‫بمراجعة تصحيح بحثه‪.‬‬
‫‪ -‬أما التحكم في اللغة‪ :‬فيتمثل في قدرة الباحث على التعبير عن أفكاره وما تحصل عليه من معلومات‬
‫وبيانات بأسلوبه وتعبيره وجمله وكلمات ينتقيها‪ ،‬وكل ذلك استنادا لما يخدم المسعى الذي يريد الوصول‬
‫إليه‪.‬‬
‫كما يعني ذلك التعبير بدقة عن المعنى المقصود‪ ،‬وعرض الحقائق بأقل ألفاظ وأوضحها دون‬
‫مبالغة وتكرار وإذا كان التشويق في الكتابة مهما‪ ،‬لكن على شرط أال يكون على حساب الوضوح‬
‫واألسلوب العلمي الذي يتنافى مع المحسنات اللغوية‪.‬‬
‫‪ -II‬األسلوب العلمي‪ :‬يجب أيضا أن يستخدم الباحث لغة موضوعية في الكتابة وذلك باالعتماد على‬
‫أسلوب علمي خبري خال من التحيز واألحكام المسبقة‪ ،‬وتجنب استخدام ألـفاظ التهكم والـسخرية‪ ،‬كما ال‬
‫يبالغ باالعتداد بالذات واستعمال ضمائر (األنا) إال في حالة الضرورة(‪ )1‬من أجل إبراز شخصيته‪ ،‬ألن‬
‫ذلك تجسده قدرته على الكتابة بلغة موضوعية وأسلوب علمي‪ ،‬ومدى تحكمه في معالجة عناصر‬
‫موضوعه من تحليالت وتفسيرات وتعليقات ونقد وطرح البدائل كل ذلك يدعم أصالة البحث واستقالليته‪.‬‬
‫وهذا ما يبرز شخصية الباحث العلمي والتي تتحقق معها غاية إقناع الغير بالمسعى المقصود من‬
‫القيام بالبحث في ذلك المجال‪ .‬إتباع منهج علمي واضح يخدم مسعى الباحث ويحقق الغرض من القيام‬
‫بالبحث‪.‬‬
‫خالصة مراحل إعداد البحث‪ :‬تمر عملية القيام بإعداد بحث بأربع مراحل أساسية‪:‬‬
‫‪ - 1‬اختيار عنوان البحث‪ :‬عنوان البحث هو تجسيد الظاهرة أو بلورة المشكلة محل البحث في إطار‬
‫عبارات محددة ودقيقة وموجزة‪ ،‬ضمن مجال معين محدد يصلح أن يكون موضوعا للبحث‪.‬‬
‫‪ - 2‬وضع الخطة المبدئية‪ :‬أي تحديد إطار للعمل ومسار الخطوات المنهجيـة الممكـن إتباعهـا‪ .‬وهذا يتزامن‬
‫مع جمع المصـادر والمراجع التي تساهم في تكوين انطباع أول وتصور عام شامل للموضوع لدى الباحث‬
‫مما يساعده على تحديد مسار البحث والخطوات الممكن إتباعها‪ ،‬وضبط المراجع التي لها عالقة بموضوع‬
‫البحث وبذلك يمكن إبراز أهم األفكار الرئيسية والثانوية للموضوع‪.‬‬
‫‪ -3‬جمع المادة العلمية‪ :‬وتعتمد على الجهد الفكري حيث تتم عملية تصنيف وترتيب المعلومات والبيانات‬
‫وإدراجها ضمن التقسيمات المعتمدة‪ .‬وال يتصور القيام بذلك دون حصر اإلشكالية التي يثيرها الموضوع‬

‫(‪ -)1‬يفضل عدم استعمال الضمائر بصفة عامة وأيضا التقليل من ضمير المتكلم (جمعا ومفردا) واالستعاضة ببناء الفعل‬
‫للمجهول أو بايراد الفعل في حالة المصدر‪ ،‬مثل‪( :‬يمكن مالحظة تطور‪ )...‬أو (المالحظ) وهذا يقابل كلمة (‪)ON‬‬
‫المستعملة في الفرنسية‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫محل الدراسة‪ .‬واإلشكالية يمكن االهتداء إليها يطرح أسئلة معينة‪ :‬مثال‪ :‬ما أهمية البحث في هذا‬
‫الموضوع؟‬
‫‪ -‬ما هي األهمية النظرية والعملية لدراسة هذا الموضوع؟ أو ما هو الغرض من القيام بهذا العمل؟‬
‫وهكذا يتم تحديد اإلشكالية بعد اإلجابة على هذه التساؤالت وبذلك تستخرج األفكار األساسية وتبرز‬
‫المحاور الرئيسية للمـوضوع (وقد تم تبيان ذلك بالتفصيل سابقا)‪.‬‬
‫‪ – 4‬الكتابة والصياغة‪ :‬كتابة البحث بلغة سليمة من حيث اإلمالء والنحو والصرف‪ ،‬واختيار‬
‫األلفاظ المعبرة على المعنى المقصود‪ .‬وإعطاء عناية كبيرة لصياغة األفكار بدقة وذلك بانتقاء كلمات‬
‫ومصطلحات دقيقة وواضحة لفظا ومعنى‪ ،‬واعتماد األسلوب العلمي الخبري والتقريري‪ ،‬وتجنب المبالغة‬
‫واستعمال الجمل الطويلة ويجب المحافظة على األمانة العلمية‪ .‬وبالجملة فإن الوضوح والدقة‪ ،‬واألمانة‪.‬‬

‫المحور الثالث‬
‫‪1‬‬
‫الضوابط المنهجية لتحليل النصوص القانونية‬

‫هناك قواعد عامة مشتركة لمعالجة النصوص مع األخذ بعين االعتبار بعض الخصوصيات التي‬
‫تقتضيها طبيعة كل موضوع على حدة‪.‬‬
‫وتتمثل هذه المنهجية في تحليل نص قانوني وتعليق على حكم أو قرار قضائي‪.‬‬
‫المبحث األول‬
‫منهجية التعليق على نص قانوني‬

‫تمر معالجة النصوص بصفة عامة بمرحلتين‪:‬‬


‫أوال‪ -‬التحليل الشكلي‬
‫ويحل محل المقدمة العامة للبحث‪ ،‬ويتضمن التعرف على النص من حيث الفكرة العامة التي يعالجها‪،‬‬
‫وموقع وطبيعة النص وصاحبه اذا كانا معروفين‪ ،‬ثم وصف النص من حيث شكله (طويل‪ ،‬قصير)‪ ،‬من‬
‫حيث اللغة والمصطلحات المستعملة وأيضا األسلوب المعتمد‪.‬‬
‫وهكذا تتضح األفكار التي يتضمنها النص‪ ،‬وأيضا استخالص الفكرة المحورية التي يدور حولها النص‪،‬‬
‫وهذا يساهم في صباغة اإلشكالية التي يثيرها النص‪ .‬ويذلك يمكن وضع خطة للنص‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬التحليل الموضوعي مع مناقشة األفكار وفق الخطة المعتمدة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫منهجية التعليق على األحكام والقرارات القضائية‬
‫تمر عملية التعليق على القرار القضائي عبر المراحل التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحديد أطراف النزاع‬
‫ب‪ -‬الوقائع‪ :‬هي تلك األعمال المادية أو التصرفات التي أدت الى خلق نزاع بين طرفين أو أكثر حول‬
‫مسألة معينة‬
‫ج‪ -‬اإلجراءات القانونية‪ :‬المحكمة‪ /‬رفع الدعوى ‪.........................................................‬صدور‬
‫حكم‪.‬‬
‫المجلس‪ /‬استئناف‪..............................................................‬صدور قرار‪.‬‬
‫المحكمة العليا‪/‬طعن بالنقض‪......................................................‬صدور‬
‫قرار‪.‬‬

‫( ‪- )1‬‬
‫للمزيد من التفصيل راجع كتاب الشامل في منهجية البحث العلمي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪ 91‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫د‪ -‬االدعـــــــــــــاءات‪ :‬هي مزاعم وحجج أطراف الخصومة وتستخلص من القرار‪ ،‬وتكون في غالب‬
‫األحيان في شكل حيثيــــــات‪.‬‬
‫‪ -‬حيث أن ‪..............................‬‬
‫ه‪ -‬المشكــــــــل القـــــــانوني‪ :‬هو المساءلة القانونية التي أثارها الحكم بالنسبة للقضية محل النزاع‪.‬‬
‫و‪ -‬الحل القانوني‪ :‬هو النتيجة التي توصل إليها قضاة المحكمة العليا كحل للمشكل القانوني وهم قضاة‬
‫قانون‪ ،‬وهذا القرار يكون عادة متضمنا في الحيثية األخيرة‪.‬‬
‫ي‪ -‬الخـــــــــــــــطــــــــــــــــــة‪:‬‬
‫مقدمة (التحليل الشكلي)‬
‫المبحث األول‪:‬حكم قضاة الموضوع‬
‫‪ -1‬حكم المحكمة‪.‬‬
‫‪ -2‬قرار المجلس‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قرار المحكمة العليا‬
‫‪-1‬المشكل القانوني‬
‫‪-2‬الحل القانوني‪.‬‬
‫و‪ -‬الخاتــــــــــمـــة‪ :‬إبداء الرأي الشخص حول القرار‪.‬‬
‫المحور الرابع‬
‫أسئلة للتحضير لالمتحانات‬
‫(ستنشر الحقا)‪.‬‬

‫‪21‬‬

You might also like