Professional Documents
Culture Documents
المجموعات 06-05—04-03-02-01
المحور األول
1
المنهجية أساس المعرفة العلمية
األهداف واألهمية:
اإلحاطة بمفهوم مصطلح المنهجية ،أهميتها للطلبة والباحثين ،ضرورتها في الدراسات األكاديمية
والتطبيقية في العلوم القانونية:
-المنهجية طريقة فكرية وفنية،
-المنهجية تبين الخطوات والضوابط الضرورية للقيام بالبحث العلمي،
-المنهجية تضفي قيمة علمية وجدية على البحث،
-المنهجية تجنب العثرات وتفادي الفشل،
-المنهجية توفر الجهد والوقت.
المنهجية هي الطريقة التي يتبعها العقل في دراسته لموضوع أو مسألة ما من أجل التوصل إلى:
الكشف عن الحقيقة في العلوم الدقيقة
نتائج علمية:
مقصودة للبرهنة عليها إلقناع الغير في العلوم االجتماعية.
ولذلك تهدف دراسة المنهجية إلى مساعدة الدارس (الطالب) على تنمية قدراته العقلية ،وصقل
ملكاته الفكرية على فهم أنواع البحوث واإللمام بالمفاهيم واألسس واألساليب التي يقوم عليها البحث
العلمي (إذن ال غنى عنها للطلبة).
كما أن المنهجية أيضا هي مجموعة من الخطوات العملية والعمليات الفنية التي يتبعها الدارس
(الباحث) في معالجة مسألة أو قضية معينة ،وفق قواعد وضوابط منهجية محددة من أجل التوصل إلى
نتائج علمية معينة.
وهذا ما يساهم في تدريب الطلبة منذ المرحلة الجامعية األولى على أساليب البحث العلمي،
والتمرس شيئا فشيئا بطرقه وأدواته.
كذلك دراسة المناهج العلمية تزود الدارس (الطالب) بالخبرات التي تمكنه من القراءات التحليلية
الناقدة لألعمال العلمية ،وتقييم نتائجها والحكم على مدى أهميتها واالستفادة منها في مجاالت التطبيق
والعمل.
ويزيد من هذه األهمية أن التقدم العلمي حاليا يعتمد على نتائج البحوث العلمية في أغلب
المجاالت ،ومن ثم ترتبط المنهجية بالعلوم القانونية بمختلف فروعها وأقسامها ،فهي تهدف إلى إكساب
الدارس الطريقة واألسلوب العلمي والمنطقي في التعامل مع المواضيع المختلفة ،وتزوده بأدوات كيفية
استعمال المعلومات المحصل ة من المحاضرات والمراجع المختلفة أثناء دراسته وأيضا فيما بعد في حياته
المهنية ،فتكون لديه الضوابط التي تمكنه من معالجة أي موضوع أو مسألة أو قضية.
إذن المنهجية تعلم الدارس كيف يفكر ،وكيف يبحث ،وكيف يكتب ،وكيف يعرض ،وكيف يناقش.
ولهذا ال بد من التعرض إلى مفهوم المنهجية وخطواتها ،ضمن المبحث األول ،وعناصرها في
المبحث الثاني.
المبحث األول
مفهوم المنهجية وخطواتها
إن المنهجية كطريقة فنية لصياغة األفكار وعرضها في تسلسل مرتب وتنظيم منسق للوصول إلى
نتائج علمية معينة.
( - )1د .حورية لبشري ،أ .د .علي مراح ،الشامل في منهجية البحث العلمي ،دار هومة للطباعة والنشر ،الجزائر.2019 ،
1
ولهذا تقوم المنهجية على خطوات أساسية رئيسية متكاملة ومتساندة ومتداخلة تخدم بعضها من
أجل الوصول إلى النتيجة المبتغاة .سنتعرض إلى تحديد مفهوم المنهجية ثم تبيان خطواتها األساسية
المشتركة.
أوال
تحديد مفهوم المنهجية
هناك تعاريف كثيرة للمنهجية بحسب المنظور ووفقا للتخصص ،ولهذا نقتصر على أهمها من
وجهة العلوم القانونية بهذا الصدد.
تعاريف المنهجية:
-الكيفية العقالنية المتبعة لتقصي الحقائق وإدراك المعارف ،فهي أساليب فنية منظمة لترتيب المعلومات
واألفكار من أجل التوصل إلى معارف جديدة ،وذلك بتطويرها أو توظيفها إليجاد حلول لقضايا
معينة أو تفسيرات للمستجدات .وبهذا الصدد يمكن اعتبارها فن التنظيم الصحيح لألفكار( )1والمعلومات
الستخالص معارف ونتائج علمية معينة.
-فمنهجية البحث هي مجموعة من العمليات الفكرية والعملية المترابطة التي تستهدف تطوير مجاالت
المعرفة المختلفة.كما تعرف أيضا بأنها :الطريقة العقالنية المنضبطة لتلقي المعارف العلمية.
ولكن فيماذا تتمثل تلك العمليات الفكرية والطريقة العقالنية المنضبطة؟.
وهذا ما يستوجب التعرض لخطوات المنهجية من الجانب النظري –الفكري والجانب العملي
التطبيقي.
ثانيا
خطوات المنهجية
تستند المنهجية على خطوات أساسية وهي:
-)1المالحظة العلمية
-)2وضع الفرضيات والمسلمات Hypo- Thises (Théses), postulats
-)3التحقق والبرهان verification
ويقوم بهذه العمليات الباحث المختص الذي يجمع البيانات ويصنف الحقائق من أي نوع كانت،
لتبيان عالقاتها المتبادلة ،ولتقييم جوانبها المختلفة ،وهذا ما يسمى بالعنصر الشخصي في البحث .إذن
هناك عنصران في خطوات المنهجية :عنصر إجرائي ،وعنصر شخصي.
-Iالجانب النظري الفكري لخطوات المنهجية:
يتمثل الجانب النظري الفكري في العناصر اإلجرائية والعنصر الشخصي.
أ-العناصر اإلجرائية:
-1المالحظة العلمية:
هي عملية تحويل الظاهرة المراد دراستها إلى موضوع معين يصلح أن يكون محال للدراسة
والبحث من أجل فهم خبايا تلك الظاهرة ،وبالتالي إيجاد حلول لها أو تفسيرها على األقل.
وتنصب المالحظة على البيانات ذات القيمة بالنسبة للباحث مما يساعده على صياغة فرضية أو
أكثر من الفرضيات العلمية التي تشكل معرفة ذات فائدة حول الموضوع المراد دراسته ،كما أن المالحظة
تأتي في مرحلة ثانية لكفاية اكبر باعتبارها أسلوب فني لجمع المادة العلمية التي تساعد في عملية التحقق
والبرهان.
وبذلك فإن المالحظة ذات وظيفتين أساسيتين في الدراسة:
األولى تقديم البيانات التي تساعد في عملية التصور العام المبدئي للموضوع محل البحث( ،من خالل
المعارف السابقة وما تم تحصيله من معلومات وبيانات حوله).
( -)1عبد الرحمن بدوي ،مناهج البحث العلمي ،وكالة المطبوعات ،الكويت.1977 ،
2
الثانية :تتمثل في جمع المعلومات والبيانات حول الموضوع بهدف التحقق من المسعى المراد الوصول
إليه ،والبرهنة عليه إلقناع الغير.
ولذلك يجب أن تكون المالحظة شاملة لجميع جوانب موضوع البحث ،وأن تتصف بالموضوعية،
وان تكون دقيقة.
-وهذا فضال عن استخدام األدوات والوسائل المتوفرة لتكون المالحظة أكثر دقة وأشمل لجوانب
الموضوع.
–2صياغة الفرضيات والمسلمات:
ويتمثل العنصر اإلجرائي الثاني في صياغة فرضية أو مجموعة فرضيات لبداية البحث وتوجيه
مساره .وال شك أن الصياغة األولية للفرضيات تعتمد على البيانات المحصلة.
والفرضيات هي في الحقيقة تفسيرات أولية للمشكلة محل البحث .وتستخلص من البيانات
والمعلومات المحصلة .وقد يحتمل الموقف تفسيرات مما يستوجب ترجيح الفرضيات األكثر مالءمة
لخدمة الغرض من البحث ،وفي هذا الصدد يستعان بمسلمات لتكملة النقص أو عندما ال تسعف
الفرضيات ،فيلجأ الباحث إلى تفسيرات مسلم بها يعتمد عليها كجسور وأدوات لسد الفراغات أو للخروج
من المأزق .ولهذا فالفرضيات والمسلمات هي استنتاجات تكمل بعضها للوصول إلى نتائج مقصودة.
وتكمن أهمية وضع الفرضيات في تحديد الغرض من البحث وتوجيه عملية جمع المعلومات
والبيانات ،كما أنها توض ح مسالك البحث وإطاره ومساره وبذلك يتحقق نجاح خطوات البحث عندما يدور
حول التحقق من الغرض وليس إثبات هدف البحث.
–3التحقـق VERIFICATION
يشكل هذا العنصر مركز البحث والمنهجية ،وفي نفس الوقت محوريْهما ،ألن عملية التحقق
تتضمن أربعة عمليات أساسية مختلفة ومترابطة تتمثل في :جمع المادة العلمية(البيانات والمعلومات)
وتحليلها وتفسيرها من اجل الوصول إلى نتائج يمكن تعميمها.
والنتائج السلبية في عملية التحقق تكون في غالبية األحوال ذات داللة مماثلة للنتائج اإليجابية
وداللتها .وهذا ما أكده كل من (توماس الفااديسون Thomas Alva Edisonوسميث )N.K Smithفي
مؤلفهما (الموقف الراهن في الفلسفة) بتقدير أن تاريخ الفكر البشري ليس تسجيال لالكتشافات المتعاقبة
الناجحة فحسب ولكنه تسجيل لتحريرنا و خالصنا من الفشل واألخطاء التي وقعت أو المحتملة ،حتى
يتسنى لنا تجنب األخطاء وتدارك الفشل و تحقيق النتائج المرجوة.
وتقوم عملية التحقق على أساسيين هما األدوات والباحث ،فجمع البيانات وتحليلها باعتبارها
وسائل أساسية تستخدم قدر اإلمكان لتحقيق المراجعة ،في حين أن األدوات المرتبطة بجمع البيانات
الصحيحة تعتمد على الجانب الموضوعي لتسجيل الحقائق المالئمة للبحث ،فيجب أن تكون هذه الحقائق
كما هي ،وليست كما يفضل الباحث أن تكون .كما أن تعريف المفاهيم المستخدمة في البحث تمثل حقيقة
أخرى لألدوات المستخدمة في ذلك المجال ،ولهذا يؤكد علماء المنهجية على أهمية تحسين األدوات
واستخدام فنيات Techniquesمالئمة لكي يأتي التحقق من الفرضيات بنتائج مثمرة تفيد في عملية
التعميم العلمي.
ب – العنصر الشخصي( :الباحث()Le chercheur)1
الباحث (الدارس) هو العنصر المتحرك الذي يمارس تأثيره وفعاليته على سير عملية البحث من
حيث التصور العلمي لبناء موضوع البحث أو صياغة عناصره وفقا لما يختاره من بيانات ومعلومات
مناسبة حول الموضوع ،بما بخدم المسعى الذي يتبناه الباحث ،وهذا يبين أن الباحث وقدراته الشخصية لها
تأثير على سير عملية البحث من حيث انتقاء المعلومات وتقييمها بالتحليل والتفسير للوصول إلى نتائج
علمية معينة .وبذلك تبرز أهمية المعرفة النظرية لدى الباحث التي تكسبه قوة اإلدراك وبعد النظر وسعة
التصور لما يتمتع به من معرفة نظرية مما يساعده على التخلص من التحيز وتخلق لديه االتجاه العلمي،
فتتحقق الموضوعية.
وهكذا يلعب الباحث دورا أساسيا في تشكيل عناصر البناء المنهجي (وفقا للرؤية الواضحة التي يتبناها
لمعالجة بحثه) ،فهو الذي يختارها بحسب متطلبات طبيعة الدراسة ووفقا لمقتضيات الطرق المعتمدة لتلك
الدراسة.
1
شكل بياني يوضح أساس وحدة البناء المنهجي وتكامل عناصرها
( -)1سيتم التعرض إلى مواصفات الباحث بالتفصيل الحقا ضمن مراحل اعداد البحث العلمي.
3
األدوات المنهجية
األساليب المنهجية
الطرق المنهجية
المداخل المنهجية
المنهجية
المداخل
المنهجية
الطرق METHODOLOGY
األساليب MethodologicalApproaches
األدوات
Methods
Methodologicaltechniques
Techniques
Methodological Tools
-ومن هذا التحليل يتضح لنا أن عناصر البناء المنهجي للمنهجية ترتبط ببعضها بعالقة منطقية رأسية،
تأخذ شكال هرميا في شكل مستويات تتكامل بنائيا وتتساند وظيفيا لتشكل معا وحدة البناء المنهجي ،فكل
منها يحدد المبادئ واألسس التي تحكم تحديد المستوى الذي يليه ،ويكشفعن مدى لياقته المنهجية لموضوع
الدراسة.
-كما يتضح أيضا أن خصوصية المستوى تزداد كلما اتجهنا إلى القمة ،وتقل نحو المستويات األدنى وذلك
من حيث تعدد استخدام وحدات المستوى.
-IIالجانب العملي التطبيقي لخطوات المنهجية
يمكن بلورة الخطوات اإلجرائية (النظرية) للمنهجية وتجسيدها عمليا في الفقرة التالية .فالمنهجية
كطريقة فنية يتبعها الباحث (الدارس) لصياغة المعلومات والبيانات المحصلة في أفكار وعرضها في
تسلسل مرتب وتنظيم منسق للوصول إلى نتائج علمية معينة.
وهكذا تبلور المالحظة العلمية الظواهر واألحداث وتحولها إلى وقائع علمية ،ثم تبين مجالها
وتجسد المشكلة (القضية أو المسألة) في إطار علمي محدد يبلور اإلشكالية التي تنطوي عليها تلك الظاهرة
والتي تتطلب البحث إليجاد حل لها أو تفسيرها .وهذا يساعد على تحديد الموضوع محل البحث (مثل
ظاهرة ارتفاع األسعار في رمضان) .ولهذا للقيام بأي عمل علمي البد من المرور بخمسة مراحل:
وإيجاز دا ٍ ّل على مضمون البحث.
ٍ .1تحديد موضوع البحثوهذا بصياغة عنوانه بدقّة ووضوح
.2جمع المعلومات والبيانات حول الموضوع محل الدراسة.
.3إبراز المحاور األساسية واألفكار الرئيسية.
.4وضع الخطة (كإطار للعمل وتحديد المسار المنهجي) ،استنادًا على اإلشكالية المطروحة.
.5الكتابة والصياغة ( .وتبدأ بجمع المادة العلمية التي هي عبارة عن كتابة المسودة األولى للبحث،
وسنتعرض لذلك فيما بعد).
(-)1علي مراح ،منهجية التفكير القانوني :النظرية والتطبيق ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2010الطبعة
الرابعة ،ص .37
4
وهذه المراحل متكاملة ومتناسقة ومتساندة كل مرحلة تستند على سابقتها وتمهد للمرحلة الموالية فهي
تخدم بعضها البعض ضمن مسعى مشترك يخدم اإلشكالية المطروحة من أجل الوصول إلى نتيجة أو
نتائج علمية معينة.
-تحديد الموضوع :أي تحويل الظاهرة أو القضية إلى موضوع محدد ينطوي على إشكالية أو قضايا
أساسية أو مثيرة للحيرة وتحتاج إلى بحث إليجاد حل أو تفسير لها .وهذا ما يعكس مدى أهمية
الموضوع محل الدراسة من الناحية النظرية أو العملية .وهكذا تتضح وتتجسد اإلشكالية أو الفكرة
المحورية التي يدور حولها الموضوع المقترح مما يسهل في تحديد الموضوع تحديدا دقيقا واضحا.
وهذا يساهم في جمع المعلومات الهامة حوله.
-جمع المعلومات والبيانات حول موضوع البحث :يقوم الباحث بتسجيل المعلومات والبيانات التي لها
عالقة بالموضوع دون ترتيبها مع اعتماد تصور عام وشامل للموضوع.
ثم تتم بعد ذلك عملية االنتقاء والفحص و الغربلة بحيث تحذف المعلومات غير المفيدة والمكررة
والخارجة عن الموضوع ،كما يتم ترتيب المعلومات وتقييمها بحسب األهمية وإدماجها ضمن البيانات
المحصلة.
وهذا يتأتى بجمع وتصنيف المصادر األساسية للمادة العلمية من مراجع مختلفة.
-االتصال بالمعنيين ،والتشريعات ا لموجـودة حول ذلك الموضـوع بمختلف أنواعـها وتدرجاتها ،وأحكام
وقرارات القضاء ،واالطالع على آراء الفقه.....إلخ .وهذا مع التقيد بغرض الدراسة وفق فهم اإلشكالية
التي يثيرها الموضوع محل البحث.
واإلشكالية يمكن االهتداء إليها بطرح أسئلة معينة مثل:
ما أهمية البحث في هذا الموضوع ؟
ما هي المشاكل أو المسائل التي يثيرها؟
ما هي القضايا التي يهدف المشرع إلى حلها بتنظيمه هذا الموضوع ؟
ما هي األهمية النظرية والعملية لدراسة هذا المجال ؟
وهكذا يتم تحديد اإلشكالية بعد اإلجابة على هذه التساؤالت وتُستخرج المحاور واألفكار الرئيسية.
وبذلك يمكن وضع خطة كإطار للعمل وتحديد المسار المنهجي ،والخطة ال تعني مجرد تقسيمات شكلية بل
بيان األسباب والدواعي التي دعت إلى هذا التقسيم.
ويستوجب الفهم بأن هذه بعض المؤشرات العامة التي يمكن االستعانة بها الستنباط ما يثيره
موضوع البحث من مسائل واستفسارات تحتاج إلى البحث لتبيانها وتوضيحها.
المبحث الثاني
عناصر المنهجيـــة
طالما أن المنهجية تعني تعليم الدارس كيفية استخدام ملكاته الفكرية وقدراته العقلية أحسن استخدام
للوصول إلى نتيجة معينة بأقل جهد وأقصر طريق .وباعتبارها عمليات فكرية فنية تتجسد وتتبلور في
أفكار ومعاني يعبر عنها بلغة موضوعية ويقوم بهذه العمليات الدارس (الباحث) مستخدما تفكيره وفق
ضوابط وقواعد منهجية معينة ،لينتج أفكارا ويتوصل إلى معلومات تكتسب صفة البحث العلمي ،وهذا
يوضح أن المنهجية شكل ومضمون.
تتمثل عناصر المنهجية في ثالثة أركان متساندة ومتكاملة نتناولها ضمن الفقرات اآلتية:
أوال :التفكير العلمي
ثانيا :الباحث (من هو الباحث ؟ بعض صفاته)
ثالثا :البحث العلمي
أوال
التفكير العلمي l’Esprit Scientifique
التفكير العلمي هو أداة المنهجية وأساس بلورتها باعتبار المنهجية نتاج تطور الفكر البشري ،فقد
استخدم اإلنسان تفكيره من أجل الكشف عن أسرار هذا الكون وإيجاد الحلول لما يصادفه من صعوبات،
وتسخير الظواهر الطبيعية لخدمة مصالحه .ولذلك تمكن من تحقيق تقدم ورقي لخلق عالم أفضل.
5
ويستوجب ذلك التعرض إلى أهمية التفكير عامة ثم تبيان ضوابط التفكير العلمي ضمن الفقر ات
الموالية.
–Iأهمية التفكير و أنواعه بصفة عامة
–IIتعريف التفكير العلمي وأساليبه
–IIIخصائص التفكير العلمي ومميزاته
( -)1تركي رابح ،مناهج البحث في علوم التربية وعلم النفس ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر ،1984 ،ص .53
( -)2وهذا ما بينه اوجوست كومت Auguste comteمؤسس المنهجية وعلم االجتماع الحديث
Cours de philosophie positive : T : IV, Paris.
6
-فهم المعلومات وتقييم مدى أهميتها وصالحيتها إلدراك المغزى والعالقات بين األشياء.
-فهم البشر وتصرفاتهم.
-التساؤل أو طرح األسئلة .
-التخطيط للمستقبل وتوقع النتائج .
-اتخاذ القرارات وفقا لمسار مدروس ومخطط .
ومن الواضح أنه يصعب وضع حدود فاصلة بين هذه األشكال من التفكير ألن التفكير عملية مركبة
ومعقدة تتداخل فيها القدرات والمهارات العقلية المختلفة وبحسب الضرورة وما تتطلبه المواقف من
استخدام تلك المهارات المختلفة وربما في وقت واحد وبذلك فإن عملية التفكير العلمي تهدف للوصول إلى
نتائج جديدة ( قد تكون مقصودة خاصة في العلوم االجتماعية).
وبالجملة فإن التفكير العلمي يهدف إلى خلق عالم أفضل والتحكم فيه وتسخيره لفائدة اإلنسان
وطموحاته .ويتجسد التفكير العلمي خاصة في أسلوبين كما سيتضح في الفقرة الموالية.
ب -أساليب التفكير العلمي :تقوم عمليات التفكير العلمي على أسلوب النقد والخلق أو اإلبداع فالتفكير
النقدي( critical Thought:التقييم والمراجعة) يقوم على أسلوب التقييم الواعي والمدروس لألفكار
والمعلومات من أجل الحكم على جدارتها أو قيمتها ،وتكوين اآلراء واالستنتاجات ،وتبيان أوجه التشابه
واتخاذ القرارات السديدة لحل المشكالت والتصدي للمستجدات .وهكذا يصل التفكير العلمي إلى أسلوب
التركيب واإلبداع ،وهذا ما يسمى بالتفكير الخالق (اإلبداعي) creative Thought :ويتضمن
توليد أفكار جديدة أو بطرق جديدة من خالل الكتابة أو الحديث أو غيرهما.
فعملية التفكير العلمي تتجاوز مسار التفكير العادي وتمكن من إيجاد عالقات جديدة بين الظواهر
للوصول إلى تصورات جديدة ينبثق عنها نتاج جديد يتميز باألهـمية والمالءمة وإمكانية التطوير مما يسهم
في حل المشكالت ويرضي الجماعة ،ويحظى بالقبول باعتباره مفيدا.
فهناك عالقة وثيقة بين كل من التفكير النقدي والتفكير اإلبداعي ،فهما نتاج مركب لمجمل
العمليات العقلية للتفكير اإلنساني وتفاعلها .فهما محصلة لمنظومة التفكير العلمي بموضوعيته وخبراته،
حيث يتضمن بصورة مباشرة وغير مباشرة عمليات التفكير المعلوماتي والمنطقي والتحليلي والتركيبـي
والتجريبـي واالحتمالي والبنائي ،ومحصل لمجمل تداخل تلك العمليات وتشابكها وتفاعلها،ويبدو ذلك في
معالجة المعلومات والبيانات التي تنطوي على كيفية انتقاء المعلومات من مصادر متنوعة ،وإضفاء مغزى
جديدا عليها ثم دمجها في المعرفة الحالية وتعليمها وتقييمها وتطبيقها في المواقف الجديدة( ،)1خاصة في
العلوم االجتماعية ومنها القانونية .
ج -ضرورة االهتمام بالتفكيرالنقدي لمواجهة تحديات عصر تدفق المعلومات:
إن نمو مؤسسات المكتبات والمعلومات وتقدمها الهائل في العصر الحديث ،جاء مرتبطا بتحـول
الفكر البشـري من االعتماد شبه المطلـق على الذاكـرة الذاتيـة (الداخلية) للفرد وربما للجماعة إلى الذاكرة الوعائية (الخارجية)،
ومن ثم إحالة هذا الجانب من عبء الذاكرة المعرفية إلى األوعية ومؤسساتها ،فإن ذلك قد أتاح الفرصة لالهتمام
بالقدرات العقلية األخرى (غير الذاكرة) واالنتفاع بإمكاناتها ،والتركيز على التعلم learningمقابل
التعليم Teachingبما يعنيه األول من تنوع القدرات العقلية المستخدمة ومن بينها بال شك قدرة مهارة
التفكير النقدي تحقيقا لمخاطبة اإلنسان الفرد من خالل كافة القدرات المتاحة(.)2
ولما كان تعدد القدرات وتنوعها يحتاج في التعلم والتثقيف إلى تعدد في األوعية وتنوعها وهذا
يحتاج إلى توفير مؤسسات األوعية خاصة المكتبات والمؤسسات التعليمية المختلفة .وهكذا تبدو العالقة
بين هذه األوعية وما تقدمه من خدمات (خاصة المعلوماتية) وبين تطبيق التعلم الذي تقوم به المؤسسات
التربوية.
وهذا يطرح إشكاال فيما إذا كانت هذه األوعية المعلوماتية تستجيب لالتجاه التربوي الذي يهيمن على
المؤسسـات التربويـة األم .ويبدو من الصعـب تحقيـق ذلك نظرا لتدفـقوتفجر النمط التعليمي في
المعلومات (اإلغراق المعلوماتي)( )3وتنوع وتعدد أوعيتها مما يصعب حصرها ومراقبتها .ولذلك
( -)1حامد عمار ،من ضرورات اإلبداع في التعليم والثقافة ،األهرام ملحق 09أوت ،1996ص .9
( -)2التدريس لتكوين المهارات العليا للتفكير عرض وتلخيص المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية القاهرة :وزارة
التربية والتعليم ،1996 ،ص .17-16
( -)3وهذا ما يسمى بالتدفق الحر للمعلوماتFree Flow of informationوقد تناولته بالتفصيل:
Flippo Rona F.(eds) College Readings : A study Strategy Programs, N.Y. intenational Reading study
Association, 1991,P5 et seq.
7
فالمواجهة يجب أن تكون ذاتية بتحصين المتعلمين أنفسهـم بمؤهـالت علميـة ومهـارات تمكنهم من القيـام
بعمليـة الفرز واالنتقاء بين ألغث الطالح والمفيد المثمر وذلك بتقييم ونقد المعلومات الواردة وانتقائها
لتحديد توظيفها و االستفادة منها.
ولهذا كان االهتمام بتعليم التقييم النقدي للمعلومات ومصدرها خاصة في المؤسسات األكاديمية
بدءا من الدراسة األولى حتى الدراسات العليا يأتي كدور إيجابي يتفاعل مع التغيرات التي أفرزتها تقنيات
االتصال وعلى رأسها األنترنت INTERNETوالتي يسمح تطورها لجميع الشعوب بإمكانية استخدامها.
ويصبح العامل الوحيد الذي يتحكم في التدفق الحر للمعلومات يتمثل فيما يحددونه من أولويات .إذن فالحل
هو االهتمام بالـتزود بالتفكير النقدي األداة التي تمكن صاحبها من تقيـيم وانتقاء المعلومات المالئـمة ولها
أولوية بالنسبة له.
ولكل ذلك يمكن استنتاج أساس التربية هو تعليم النشء كيفية التفكير والتدريب على أساليبه ،وهذا
أن يشق طريقه في الحياة بنجاح ويساهم في بناء الحضارة وال يصير عبدا للغير في تفكيره يمكن المتعلم ْ
ألن ذلك هو شر ألوان العبودية.
وقد صار واضحا أن أعظم قوة في حياة اإلنسان ليست قوة البخار أو الطاقة الذرية أو الكهرباء
وإنما قوة التفكير التي كشفت عن أسرار هذا الكون ومكنت اإلنسان من تذليل ما يواجهه فيه من صعاب
وتسخير قواه لصالح اإلنسان .فكل ما وصل إليه اإلنسان وحققه من رقي وتقدم هو نتاج التفكير العلمي.
التفكير الخالق
معا
-تأمل ما
-توليدي إنتاجي (لألفكار) وراء
المعرفة.
-المرونة ،الطالقة
-
تتتتخدام التساؤل (طرح األسئلة)
- است التفكير االنتقادي
المعلومتتتا
-حب االستطالع ت (النقدي)
-حب المعرفة السابقة.
- -تحليلي ،تقويمي
- -اإلتقان ،الدقة
مهتتتتاراتاألصالة التحكــم :الــقدرة -القدرة على النقد
االتصال -تحديد األولويات
-قيتتتتتتتاسعلى التحكم فيالظروف -فك الغموض
المعلومتتتا -التنظيم
المحيطةوالوصول إلى ت
-حل -نفاذ البصيرة
عالقات جديدة المشكال
ت
-التفاصيل
-اتخاذ
القرارات
8
يمتاز التفكير العلمي عن غيره من أنواع التفكير األخرى بأنه يقوم على الواقع والمشاهدة وذلك
باستخدام كل الحواس والوسائل العلمية المساعدة للوصول إلى نتائج وإقامة األحكام واآلراء على أساس
استداللي ،عقلي أو واقعي ال على األوهام والخيال ،أو آراء الغير إال في حالة االستدالل بها لتأكيد أو دعم
الموقف.
أ – ميزات التفكير العلمي:
فالتفكير العلمي يجب أن يكون مجردا عن كل المؤثرات (أي الميول واألهواء واالنفعاالت) التي
من شأنها أن تؤثر على تفكير اإلنسان وتوجهه وجهة خاصة أو قاصرة (وتجعله ينظر إلى األمور من
زاوية واحدة).
-وأيضا التفكير العلمي أنه شمولي ينظر إلى األمر من جميع نواحيه ،ويدرس االحتماالت والظروف
التي تؤثر فيه.
-كما يقوم على التحقق VERIFICATIONالقائم على المالحظة واستخدام المنطق السليم واالستدالل الذي
يقبله العقل Raisonnement Logique, Logical Reasoningإذًا فالمميزات هي أنه تفكير:
-مجرد
-شمولي
-قابل للتحقق
ب – خصائص التفكير العلمي
للتفكير العلمي عدة خصائص يمكن حصرها في األتي:
- 1الموضوعية :OBJECTIVITYأي دراسة ما هو كائن دون التأثر بالعوامل الذاتية وذلك
باستبعاد اآلراء المسبقة إال بعد التأكد من قيمتها وأهميتها ،فالتفكير العلمي هو تفكير نقدي Criticalيقوم
على التمييز والضبط والمراجعة و الدقة والتفحص .
- 2المنهجية :يمتاز التفكير العلمي بأنه منهجي منظم وهذا ما يوفر الجهد والوقت ،كما تتجسد خاصية
الموضوعية في الخارج وذلك بربط الظواهر أو األحداث المراد تعليلها أو تفسيرها بظواهر أو أحداث
أخرى في نفس النطاق بحيث يتألف منها نسق عقلي منظم ،وتكون في مجموعها منظومة واحدة مطردة
الحدوث (أو متفاعلة التأثير خاصة في العلوم االجتماعية ) .
- 3العلية (السببية) : Causality
لكل ظاهرة سبب في العلوم ،فكلما توفرت أسباب معينة في ظروف معينة فإنها تؤدي إلى أحداث
معينة( ،فالنتيجة حتمية في العلوم الدقيقة ،ولكنها نسبية في العلوم االجتماعية).
ويقصد بالسببية ،الكشف عن العالقات الم طردة الثابتة بين الظواهر وتفسيرها وضبط المتغيرات
وتعليل النتائج واألحكام المستخلصة من ذلك ،وكذا الكشف عن أوجه الشبه بين المختلفات.
وقد تطورت العلوم وأصبح تقويمها يستند على مدى وظيفتها أو غايتها االجتماعية ومن ثم يتم
تقدير عالقة ما سواء كانت سببية أو وظيفيةغائية بين بعض الخصائص أو بين بعض الظواهر بأنها
عالقة قائمة بين تلك الخصائص أو الظواهر ،وهذا يشكل نطاق المعرفة العلمية في مجال من المجاالت
العلمية ،وعلى أساس ذلك تتفاوت نسبة دقة العلوم.
-االعتقاد في نسبية الحقائق العلمية ،وأن الحقائق التي توصل إليها في البحث ليست مطلقة ونهائية وأنها
تخضع لالختبار والمراجعة المستمـرة ويمكن تعديلها أو تغييرها في ضوء الظروف الجديدة وهذا بعد
كفاية األدلة.
-ولهذا ال بد من استخدام مصادر متعددة يبني عليها تفسيراته للوصول إلى نتائج مقبولة أو معقولة.
ثــالثــــا
البحث العلمي
يكتسي هذا العنصر أهمية خاصة ،باعتباره نتاج التفكير العلمي وثمرة المنهجية ،ولهذا ستكون
معالجته كاألتي:
–Iتعريف البحث العلمي وغرضه
- IIأنواع البحوث (حسب طبيعتها والدوافع إليها)
–IIIمقومات البحث العلمي
–IVخطة البحث
–Vجمع المصادر والمراجع
-VIجمع المادة العلمية
9
–VIIكتابة البحث (الصياغة والتوثيق)
( -)1عمار عوابدي ،مناهج البحث العلمي وتطبيقاتها في العل وم القانونية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،1985 ،
ص 18وما بعدها
)(2
- Recherche de base : basie research, recherche pratique,Applied research.
10
التقدم العلمي هو ثمرة بحوث نظرية سبقته .كما أن البحث النظري األساسي يعتمد على معدات وأجهزة
تكنولوجية للوصول إلى نتائج علمية جديدة.
فالبحث النظري األساسي يشكل أرضية ويمهد للبحث التطبيقي الذي هو النتيجة العملية الملموسة
لصيرورة عمليات البحث العلمي.
-IIIمقومات البحث العلمي(: )1
البحث العلمي هو أهم نتائج التفكير العلمي بمفهومه الضيق ،حيث يشترط في العمل كي يسمى
بحثا علميا توفره على عدة شروط يمكن اعتبارها كمقومات يقوم عليها البحث العلمي ،ولهذا ترتبط أهمية
البحث إلى حد كبير بتحديد مقوماته األساسية التي يمكن حصرها في األتي:
– 1تحديد مشكلة البحث – 5 .أصالة البحث.
– 6إمكانية البحث. – 2التجديد واالبتكار.
– 3إضافة معارف جديدة – 7 .استقاللية البحث.
– 4أهمية موضوع البحث – 8 .توفر مصادر ومراجع البحث.
–IVخـطـة الـبحــث
حتى يستطيع الباحث القيام بالبحث يجب أن يضع إطارا ليسير فيه ويحدد النقاط التي سيتناولها
بالبحث ،ولكي يسهل عليه ترتيب المراجع وتصنيف المعلومات والبيانات المحصلة.
ونظرا ألهمية خطة البحث باعتبارها مرحلة أساسية ومنتجة للبناء الفني للبحث ومدى ارتباطها
وتناسقها مع المراحل األخرى والستغراقها لعملية البحث ككل ،ولهذا فالخطة تتسع لتشمل عدة عناصر
وعمليات فكرية وفنية وتقنية مما يستوجب تكريس فصال خاصا لمراحل إعداد البحث.
المحور الثاني
مراحل إعداد البحث العلمي
يكرس هذا الفصل ألهم مراحل أو خطوات إعداد البحث ،وهذا بعد تحديد موضوع البحث(.)2
كما أن هذه الخطوات ليست تحكمية على سبيل الحصر والترتيب ،فيمكن تقديم خطوة على
أخرى ،فهي متفاعلة ومترابطة وتخدم بعضها لتنتج عمال علميا يحقق المسعى والغرض من إنجازه في
إطار صالح أل ن يفهمه اآلخرون بيسر إلمكانية تقييمه ومناقشة ما يسعى الباحث تبيانه أو إثباته من خالل
ذلك العمل.
ولئن كانت هذه الخطوات ال تخضع لصرامة شكلية بقدر ما تهدف إلى تحقيق أقصى درجات
الفعالية والموضوعية لتقديم البحث بما يحقق إدراكا موحدا لعناصره ،وصوال إلى الهدف النهائي منه ،كما
أشرنا أعاله.
إال أن هناك مراحل أساسية وضرورية لبناء البحث وإنجازه ،ال غنى عنها للقيام بأي عمل علمي ،وتتمثل
فيما يلي:
-المرحلة التحضيرية للبحث،
-مرحلة وضع خطة البحث،
-مرحلة جمع المصادر والمراجع،
-مرحلة جمع المادة العلمية،
-مرحلة الكتابة والصياغة.
يعالج هذا الموضوع ضمن ثالث مباحث ،المرحلة التحضيرية للبحث (المبحث األول) ،ومرحلة
جمع المادة العلمية (المبحث الثاني) ،ومرحلة الكتابة والصياغة (المبحث الثالث).
( -)1مما يستوجب االطالع على تلك القوانين التي تنظم شروط القيام بتلك البحوث فمثال في الجزائر.
12
-المؤهالت العلمية مما يخوله اكاديميا القيام بذلك البحث،
-التخصص ،واالطالع ال واسع في مجال موضوع البحث .وهذا يساعد على تكوين خلفية معلوماتية حول
الموضوع المراد القيام به،
-القدرة على كشف األمور والوقوف على أبعادها ،وقدرة وزن اآلراء والترجيح بينها ،وإمكانية تقييم
المعلومات وتمييزها،
-استخالص النتائج واستشراف تطور األوضاع،
-األمانة العلمية(،)1
-التواضع ،واحترام كل اآلراء المختلفة،
-االلتزام بالموضوعية في البحث،
-الصبر ،وتحمل مشاق البحث المختلفة،
-العنصر الشخصي والمتمثل في حب االطالع ،والميل النفسي واالتجاهات الفكرية لدى الباحث للموضوع
المقترح،
فيفترض أن يكون موضوع البحث المقترح من طرف الطالب الباحث معبرا عن دوافع تبرر قيامه
بهذا العمل البحثي،
فيستوجب أن يكون الطالب الباحث على قدر من المعرفة حول اإلطار العام لموضوع البحث محل
الدراسة،
-وأن يقوم بالبحث واالطالع واإلدراك بكل ما يرتبط به من موضوعات وحصرها ،وهذا يساعد
وي ساهم في الكشف عن الجوانب التي مازالت تحتاج إلى البحث والدراسة من اجل التوصل إلى نتائج
معينة.
- IIضوابط عملية لصياغة عنوان البحث:
يقوم الباحث في البداية بتحديد اإلطار العام الواسع للبحث ،ثم يبدأ بحصر وتعيين الجانب أو
الجوانب التي يرى أنها أجدر بالبحث ،وبذلك يمكن أن يتوصل إلى تحديد الجزء أو العنصر الذي يرغب
القيام بالبحث فيه.
وبذلك تتم صياغة عنوان البحث في جملة اسمية أو شبه اسمية،باختيار كلمات وانتقاء مفردات
(مصطلحات) محددة واضحة دقيقة مع مراعاة االيجاز الدال ،فيجب ان يكون عنوان البحث واضحا دقيقا
موجزا داال( :الدقة والوضوح وااليجاز والداللة) (.)2
-IIIوضع خطة أولية :كإطار للعمل
وهكذا يتم وضع خطة(أولية كإطار للعمل) ،حيث يتم رسم المسار المنهجي وتبيان المحطات األساسية
الواجب الوقوف عندها ،ويكون هذا نتيجة لطرح إشكالية تجسد الفكرة المحورية التي يدور حولها
البحث ،وتتمثل في السؤال العلمي المراد معالجته بالبحث والدراسة ،وما يتفرع عنه من مسائل وقضايا،
مما يستدعي التصدي لها بالبحث والدراسة لتبيانها وتفسيرها وفق المسعى الذي يريد الباحث الوصول إليه
إلقناع الغير.
()3
وهذا يتطلب القيام بتنفيذ خطة البحث المعتمدة وذلك بجمع المادة العلمية وتتمثل في كتابة
المعلومات األساسية المتعلقة بالبحث.
-وتتم عملية جمع المادة العلميةبعدة طرق أهمها:
-1القراءة :بأنواعها( :استطالعية ،عادية ،مركزة)
-2االقتباس والتدوين،
-3االستبيان والمناقشة (االتصال باألساتذة وذوي الخبرة والدراية)
( -)1أحمد شلبي ،كيف تكتب بحثا أو رسالة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،1997 ،ص .43
(-)2مراح علي،شروط صياغة العنوان ،مرجع سابق ،ص .34
( -)3يكون اعداد الخطة االولية متزامنا مع خطوة جمع المراجع (المعلومات والبيانات) ويظل الباحث يدخل عليها تعديالت
مستمرة كلما تقدم في البحث،وسيتم التعرض لها بالتفصيل فيما بعد من ص 37وما يليها.
13
ويقتضي هذا التعرض إلى تلك المسائل بنوع من التفصيل فيما يأتي:
ثانيا
تحديد اإلشكالية ووضع خطة البحث
إن التفكير في وضع خطة البحث يسبقه التفكير في صياغة اإلشكالية التي تنبثق عما يثيره
موضوع البحث من مشكالت تحتاج إلى بحث ودراسة ،وتتجسد اإلشكالية في الطرح الذي يتبناه الباحث
كمدخل لمعالجة الموضوع:
ويتم ذلك في شكل تساؤل أو أسئلة معينة مرتبطة ومتسلسلة منطقيا تخدم الغرض من البحث،
وتهدف إلى تحقيق المسعى الذي ينشده الباحث وفق منهجية واضحة.
ونظرا ألهمية اإلشكالية وارتباطها وتداخلها مع خطوات وعناصر المنهجية ،فإنه يتعين توضيح
مفهوم اإلشكالية وإبراز معالمها المرتبطة بالخطة وتحديدها لمسار معالجة موضوع البحث ،ويمكن
معالجة ذلك فيما يلي:
-Iمفهوم اإلشكالية:
الهدف من تحديد اإلشكالية هو تبيان أهمية البحث من خالل ما يثيره من مسائل وقضايا تستدعي
التصدي لها بالبحث والدراسة لتبيانها وإيجاد الحلول لها.
وبذلك تبرز أهمية وضع خطة البحث ،باعتبارها إجابة أولية عن اإلشكالية المطروحة ،وتبين
معالم موضوع البحث،وتجسد التركيبية الهيكلية للبناء الفكري لمعالجة تلك اإلشكالية وفق منظور الباحث،
مما يبرهن على قدرته في التحكم في موضوع البحث ،وسيطرته على أبعاده الفكرية.
ولهذا يكتسي تحديد اإلشكالية أهمية بالغة باعتبارها المدخل المنهجي الذي يتبناه الباحث لمعالجة
موضوع بحثه وفق المسعى الذي يريد تحقيقه من خالل النتائج المتوصل إليها.
فاإلشكالية هي الفكرة المحورية التي يدور حولها البحث من أجل تبيانها وتوضيحها.
ورغم أن اإلشكالية منبثقة عن عنوان البحث لكنها عملية سابقة والحقة ،ومستمرة مع سيرورة
عمليات البحث.
أ-عالقة اإلشكالية بعنوان البحث:
ولهذا يعتبر عنوان البحث ترجمة رسمية لإلشكالية التي يعالجها موضوع البحث ،ولذلك قد ال
تكون اإلشكالية نهائية من أول وهلة ،وإنما تتضح مع سير عمليات البحث التي يقوم بها الطالب الباحث
قدما في بحثه.
-وينبغي أن يكون تحديد اإلشكالية تحديدا واضحا،
وأن تكون مناسبة ومالئمة لموضوع البحث والغرض منه،
-وأن تكون جديرة باالهتمام،
-كما تبين اإلشكالية المسائل الجوهرية في البحث من تلك التي تعتبر ثانوية ،وتحديد المسائل الممكن
اإلجابة عنها في البحث.
وما يجب التركيز عليه هنا ،أن هناك عالقة وثيقة ترابطية بين عنوان البحث واإلشكالية
المطروحة والخطة المعتمدة لمعالجة موضوع البحث من خالل اإلشكالية المحددة.
فيجب أن يكون عنوان البحث ينطوي على مسألة أو قضية معينة جديرة بالبحث للوصول إلى
نتائج علمية في ذلك ،ويتم هذا بواسطة وضع خطة بحثية لتحقيق المسعى المراد لوصول إليه في هذا
البحث.
ب-كيفية طرح اإلشكالية:
فيمكن طرح مجموعة من األسئلة حول موضوع البحث المحدد ،من حيث األهمية ،وما ينطوي
عليه من قضايا أو مسائل تحتاج إلى بحث ،وماذا يريد الباحث أن يبين ويوضح من خالل قيامه بالبحث في
هذا الموضوع ،وما هي النتائج الممكن التوصل إليها....الخمن األسئلة الممكن إثارتها حول ذلك
14
الموضوع .ومن خالل اإلجابة عنها يمكن التوصل إلى استخالص طرح اإلشكالية ،ووضع خطة بحثية
لمعالجة هذه اإلشكالية وفقا لعنوان البحث المحدد.
ولذلك يعتبر إعداد خطة البحث جهد فكري وعمل تقني فني خالق ،وفيها تتجسد أولى إبداعات
الباحث وأهمها ،حيث ترسم المسار المنهجي الذي اعتمده في معالجة موضوع بحثه مما يدل على بيان
األسباب والدواعي التي دعت إلى ذلك التقسيم .ولهذا يحكم خطة البحث ضوابط وتخضع لشروط منهجية
معينة.
(-)1ينصرف معنى خطة البحث إلى التقسيمات المختلفة لجسم الموضوع أي هيكلة متن البحث فقط ،ولكن البحث كل
متكامل والخطة هي تجسيد هيكلي له ،لذا البد أن تتضمن كل عناصر وتقسيمات البحث (عنوان البحث ،المقدمة ،متن
البحث ،الخاتمة)
(-)2هناك نوع الخطة التفصيلية التي تكون التقسيمات فيها كثيرة (أبواب فصول ،مباحث ،مطالب،
فروع ،II–I ،أوال – ثانيا ،أ – ب 2 – 1 ،إلخ) وهناك الخطة البسيطة التي تعتمد تقسيمات ثنائية فقط
ويمكن أن تكون تقسيمات متجانسة واحدة كالفصول فقط مع تقسيمات داخلية بسيطة.
-ولكن الباحث هو سيد الموقف ،وحسب ما يمليه عليه موضوع البحث ومنهجية تقنيات إعداد البحث التي
يتوخاها لمعالجته.
-سيعالج هذا الجانب ضمن فصل الحق.
15
نسبية تمليها المعلومات والمعطيات المحصلة فضال عن محتويات البحث ،لكن في جميع الحاالت يجب أن
تكون التقسيمات مؤسسة وتستند على ما يبررها موضوعيا.
–3أن ترسى التقسيمات على قاعدة موضوعية( :طبيعة الموضوع ،المعلومات والبيانات المحصلة،
وغيرها من المسائل الواقعية) ،يستند عليها الباحث في اعتماده تلك التقسيمات.
–4مناسبة التقسيمات لطول البحث والغرض منه :ألن تقسيمات البحث الرئيسية والجزئية هي في
الحقيقية أفكار هذا البحث الرئيسية والجزئية ،والفرعية إلخ ...
5ـ -تناسق وترابط العناوين الرئيسية والفرعية مع بعضها ومع العنوان العام للبحث الذي تنبثق عنه،
وباعتباره الجذع المشترك وهذا ما يسمى بترابط وتواصل التقسيمات المختلفة للخطة وكذا االشكالية
المطروحة باعتبار خطة البحث إجابة أولية عما تضمنته تلك االشكالية من مسائل وقضايا مثارة.
–6تناسق محتويات التقسيمات المتناظرة.
– 7تجنب التكرار.
ج– مقدمة البحث وخاتمته:
طالما أن مقدمة البحث وخاتمته من أهم عناصر ومشتمالت موضوع البحث ،وحيث أن خطة
البحث ذاتها تتبلور وتتجسد في نهاية المقدمة كعنصر تتويجي لها وكمدخل لمعالجة الموضوع محل
البحث ،وأن الخاتمة هي استنتاج واستخالص لما توصل إليه من نتائج معينة ،فإنه يتوجب بيانهما بإيجاز.
-1مقدمة موضوع البحث :هي مدخل يمهد للموضوع المعالج ،وتشمل عادة التعريف بالموضوع محل
البحث ،أهميته الغرض منه وأسباب اختياره ،فضال عن الهدف العام لكل البحوث وهو الهدف العلمي .ثم
طرح اإلشكالية أو المشكالت التي يثيرها الموضوع من خالل أسئلة أو تساؤالت لكي تتم اإلجابة عليها
ضمن البحث ،ثم إعالن الخطة.
وتبيان كيفية العمل والمنهجية المتبعة في كل ذلك .وعلى أساس ذلك يتم تقسيم الموضوع إلى أهم
األفكار والعناصر التي يتضمنها.
ويتم كل ذلك بصورة عرض وصفي موجز يتناسب مع طبيعة موضوع البحث .فينبغي عدم إثْقال
المقدمة( )1بمعلومات وأفكار تفقدها وظيفتها كمدخل لموضوع البحث.
فأي تقسيم أو تصميم للموضوع يجب أن يحافظ على دور وأهمية المقدمة والخاتمة.
-2الخاتمة :هي نتيجة أو النتائج المتوصل إليها وعادة يذكر فيها الباحث خالصة سريعة للبحث وعرض
النتائج المستخلصة التي توصل إليها أثناء معالجة الموضوع ،مع التركيز على الجديد المبتكر ،مقيما
أن تثير إشكاليات جديدة تحتاج وموضحا وجهة نظره ،فال تكون تكرارا لمضمون البحث ،ولكن يمكن ْ
لمعالجات مستقبلية.
المبحث الثاني
مرحلة جمع المادة العلمية
وهي مرحلة تعتمد على الجهد الفكري ،وذلك بفحص المعلومـات والبيانات المحصلة حيث يقوم
الباحث بتصفيتها وغربلتها ،ثم تصنيـف وترتيب ما تم استخالصـه ليوظـف وفق التقسيـم المعتمـد
للموضوع.
هناك عدة طرق لجمع المادة العلمية أهمها:
أوال -القراءة :وهي الوسيلة األولى واألساسية ،وال غنى عنها لجمع المادة العلمية التي ستوظف في
معالجة موضوع البحث.
والقراءة تنصب بالدرجة األولى على الكتب والبحوث السابقة (الرسائل والكتب المتخصصة)
والدوريات والمقاالت وكذا الوثائق المختلفة (القوانين ،األعمال الرسمية نتائج الملتقيات والتوصيات،
واألحكام والقرارات) وكل ماله عالقة بموضوع البحث.
والقراءة أنواع :
(-)1في حالة ارتباط موضوع البحث بفكرة أو نقطة تشكل جسرا لمعالجته (كالتطور التاريخي مثال) وان المقدمة ال تتسع
لذلك فيفضل تعويض المقدمة التاريخية بفصل تمهيدي على شرط تناسبه مع تقسيمات الموضوع.
علي مراح ،مرجع سابق ،ص .80
16
–1القراءة االستطالعية :وتكون سريعة تمهيدية خاطفة من أجل تكوين انطباع أولي واستطالع عام
ألهم األفكار التي يتضمنها المرجع.
–2القراءة العادية :فتكون من أجل استخالص أفكار وتحصيل معلومات حول الموضوع لتوظيفها في
كتابة البحث فيما بعد.
–3القراءة المركزة :وهي تحليلية تفسيرية عميقة ،وتكون بتأني للفهم الجيد والتمعن الفاحص لسبر خفايا
الكلمات وأبعاد األفكار ،وهذا من اجل تخزين واختمار األفكار لدى الدارس مما يساهم في تراكم معرفته
العلمية التي تؤدي إلى تكوين عملية استنباط وتوليد أفكار جديدة مركبة ،وهكذا يتمكن الباحث من الخلق
واإلبداع الفكري في معالجة موضوع بحثه.
ثانيا–المناقشة واالستبيان(:)1
يتصل الباحث بأصحاب الشأن والدراية في موضوع بحثه (كاألساتذة والمختصين وأصحاب
التجربة الميدانية في ذلك المجال كاإلداريين والدبلوماسيين ،وأسالك أجهزة العدالة وغيرهم فيناقشهم
ويحاورهم الستجالء بعض مسائل بحثه وللحصول على معلومات واالستفادة من توجيهاتهم ،وهذا ما
يسمى باالستبيان الشفهي المباشر حيث يتم بالمقابلة الشخصية وما ينتج عنها من إثراء وتوليد أفكار جديدة.
وهناك االستبيان الكتابي ويتم عن طريق تدوين األسئلة واالستفسارات المرغوب الحصول على معلومات
حولها وتسلي مها للمعني أو إرسالها إليه ،وكما هو الحال في االستبيان الشفهي حيث يمكن االتصال بأكثر
من شخص ،فكذلك المراسلة قد تكون لعدة معنيين للحصول على وجهات نظر مختلفة مما ينمي ويزكي
المعلومات.
ثالثا–االقتباس والتدوين:
االقتباس والتدوين عمليتان مالزمتان للبحث وال غنى عنهما للباحث أثناء إنجاز بحثه .واالقتباس
قد يكون حرفيا (لفظا ومعنى) خاصة في حاالت التعاريف العلمية واالستشهاد بآراء وأقوال الفقهاء
والكتاب ،أو أن صاحب الفكرة قد صاغها في أحسن صورة .ويجب أن يكـون االقتبـاس الحـرفي مدمـجا في
النص وبين شولتـين ،وإذا كان طوي ال فيكتب في وسط الورقة بخط أصغر من العادي وإذا تم حذف بعض
العبارات من النص المقتبس فتوضع نقاط مكانها لتدل على ذلك وفي حالة اإلضافة فتوضع بين قوسين
ليدل على أن ذلك ليس جزءا من النص المقتبس أما اقتباس المعنى فهو األصل والشائع ويكون ملخصا
لمعنى األفكار بأسلوب الباحث وبلغته ،ووفقا لما يخدم المسعى الذي يريد تحقيقه.
وفي جمع الحاالت يجب أن يكون االقتباس مدمجا في سياق تناسق األفكار ،فيطوع حتى يتحقق
التسلسل والتتابع المنطقي مما يبرز دور الباحث وقدرته في السيطرة والتحكم في صياغة أفكاره .وينبغي
ذكر المرجع وذلك بإيراد رقم الهامش الذي يبين أسفل الصفحة اسم المؤلف وعنوان المصدر ،وكل
المعلومات حول الطبع والنشر ومكانها وتاريخها ورقم الصفحة أو الصفحات المقتبس منها.
أما فيما يتعلق بالدوريات فيكتب اسم الكاتب ،وعنوان المقال ،اسم الدورية وتحته خط ،رقم المجلد
والعدد وتاريخه رقم الصفحة أو الصفحات المأخوذ منها ،وهذا ما يسمى باألمانة العلمية والتنظيم الجيد في
إعداد البحوث والتي يجب المحافظة عليها دائما وأبدا بدقة متناهية.
أما التدوين :فهو عملية مالزمة للبحث ومستمرة منذ اختيار عنوان الموضوع ،إلى مرحلة الكتابة.
فالتدوين هنا له مفهوم واسع فيشمل تسجيل المالحظات وتلخيص األفكار ونقل المعلومات
والبيانات المحصلة .ويكون ذلك بحسب النظام( )2المتبع لجمع المادة العلمية من طرف الباحث.
وكلما صادف الباحث معلومات وبيانات أثناء جمع المادة العلمية يسارع لتدوينها تحت عنوان
الفصل أو المبحث الذي تتعلق به مع المحافظة على نظام األمانة العلمية المشار إليه سابقا.
المبحث الثالث
مرحلة الكتابة وصياغة البحث
( -)1غازي عناية ،اعداد البحث العلمي ،دار الجيل ،بيروت ،1992 ،ص 56وما بعدها.
( -)2هناك الطرق التقليدية المعروفة ،كنظام البطاقات وهي من الورق المقوى ويمكن أن تكون ملونة وفقا لتقسيمات
الموضوع الرئيسية ،ونظام الملف ويكون باعتماد دفتر خاص يقسم داخليا بحسب الخطة المعتمدة مع وضع عالمات
مميزة لتبيان ذلك ،وقد ظهرت أنظمة متطورة نتيجة تطور الوسائل التكنولوجية وعلى رأسها الكمبيوتر ،ووسائل تدفق
المعلومات وعلى رأسها االنترنت.
17
تعتبر كتابة البحث أهم مرحلة ،وآخر خطوة إلعداد البحث ،وتتجسد أهميتها في بلورة وصياغة
البحث في صورته النهائية .وتتمثل كتابة البحث العلمي في تحليل وتفسير البيانات واألفكار المحصلة،
وعرض نتائجها ،وتبيان ما تم التوصل إليه في هذا البحث بحيث يمكن لآلخرين فهمها واستخدامها في
بعض الحاالت ،وأيضا إعالم القارئ بمضمون هذا العمل الفكري وهدفه ،وإلقناعه بالمسعى المراد تحقيقه
من ذلك.
-Iشروط كتابة البحث:
ويشترط في كتابة البحث عدة خصائص يجب أن يتصف بها البحث لكي يتسم بالصفة العلمية أهمها:
أي ينطلـق الباحث
أ -الوضوح في التفكير :يجب أن تكون أفكار الباحث واضحة لديه أوال ثم واضحـة للغيرْ ،
من المعيار الذاتي فيجسد المعلومات والبيانات في أفكار واضحة ،ثم بعدها يأتي المعيار الخارجي
لآلخرين فيكتبها بلغة مفهومة (واللغة مسألة موضوعية يتفق عليها الجميع) أي يجب استعمال المعاني
والمفاهيم والمصطلحات المتفق عليها.
فالفكرة الغامضة لدى الباحث تصبح أكثر تعقيدا بالنسبة للغير ،ولهذا يجب تجنب التعابير
الغامضة والكلمات غير المألوفة وكذا الجمل الطويلة واالعتراضية التي تؤدي إلى قطع تسلسل األفكار،
وألن ذلك يعوق فهم القارئ أو المستمع .أما المصطلحات الفنية فيمكن التعبير عنها مباشرة بلغة بسيطة
فعالة دون استعمال كلمات صعبة وتوحي بالتكليف وال تعكس عمق أصالة تفكير الباحث ومدى قدرته
على عرض أفكاره بأسلوب سهل ولغة دقيقة واضحة ،فكلما كان الباحث متمكن من فهم موضوع بحثه
متحكم في أبعاده يستطيع أن يوصل أفكاره بسهولة وبأقل جهد وأقصر طريق.
فبراعة الباحث تبرز في بناء بحثه بناءا فنيا يستند على تفكير منهجي واضح في انتقاء ما يفيد من
المعلومات واألفكار ،وكيفية استخدامها وتوظيفها بشكل جيد يخدم المسعى المقصود من البحث .فليس
الهدف من البحث هو تكديس المعلومات والغرق في تفاصيلها مما يؤدي إلى خوض غمار جزيئيات
موضو ع البحث التي تخرج عن الموضوع األساسي وال حاجة إليها .وهذا يكون عادة نتيجة عدم الوضوح
في التفكير الذي يعزى إلى عدم تحديد الباحث بدقة ووضوح المسعى المراد الوصول إليه ،أي ما يريد
معرفته.
وهكذا يتأكد مدى االرتباط الوثيق بين تحديد اإلشكالية بوضوح كمرشد في جمع
المعلومات ودليل لمسار البحث يضبط مجال تحرك الباحث فيتقيد بالفرضيات التي تستجوبها
اإلشكالية المطروحة ،فال يبتعد عن جوهر موضوع بحثه ،فينتقي من المعلومات والبيانات مهما تنوعت
أصنافها وتعددت مصادرها إال ما يخدم ذلك الهدف من البحث.
ب -الدقة في اللغة والتحكم فيها شكال ومضمونا :بما أن اللغة هي المظهر الموضوعي الخارجي
للتفكير ،فال بد أن تعبر بدقة عما يكتنف هذا التفكير من تفاعل أنشطة (واعية) مقصودة ،تهدف إلى تحقيق
غرض ومسعى معين ،وليس مجرد تصريحات غامضة أو تعميمات فضفاضة أو التشدق بمفاهيم ارتجاليا،
واختيار التعابي ر والمصطلحات الفخمة الرنانة التي تستهوي بعض الباحثين اعتقادا منهم أن هذا يعطي
مصداقية أكبر لمواضيع بحوثهم( .)1وتقتضي دقة اللغة أن تكون الكتابة سليمة من الناحية اللغوية
والنحوية ،فال يعذر بعدم التخصص في اللغة وقواعدها.
فيعبر الباحث عن أفكاره بلغة سهلة بسيطة مستخدما األلفاظ والكلمات المألوفة في تلك اللغة ،فال
يجهد نفسه في البحث عن القديم المعقد أو المهجور منها.
وأكثـر من ذلك دقــة اللغة تعـني مراعـاة اختيـار الكلمات والمصطلحات المناسبـة ووضعهـا في أمكنتها المناسبـة
تـدل على المعاني المقصودة بوضوح وسهولة للفهم.
( -)1البحث العلمي عمل وبناء فني يقوم على أسس ويخضع لقواعد وتحكمه ضوابط ،ال يمكن أن يكون ناجحا أو مفيدا
بدونها ،وال يمكن أن يقام على هواجس وهمية أو مبهمة كما يتصور بعض الباحثين بأنهم يحملون هموم العالم ،ولهذا
يكلفون أنفسهم مشقة التصدي للمواضيع الكبرى التي تخلص العالم من محنة ومشكالته .وهذا قد يكون نتيجة الطموح
المفرط أو التوهم بالعظمة أو الشراهة الكتابية فيما هب ودب .والغرق في الكم الهائل من المعلومات والبيانات التي
تزخر بها المواضيع الضخمة فيظل الباحث يتخبط في ثناياها أمال في العثور على بصيص من النور يستطيع من خالله
أن يحدد بشكل دقيق موضوع البحث الذي ينوي القيام به.
18
كما تعني التناسق في األفكار وسالسة األسلـوب وذلك باستعمـال جمل بسيطة قصـيرة .يجب
تجنب إدخال المفردات العامية والمفاهيم الدارجة ألن الباحث فضال عن إحاطته بقواعد اللغة الالزمة
لكتابة البحث ،فإنه يحوز إضافة على قدرته اللغوية إحاطة تامة بخصائص لغة مجال تخصصه خاصة
مجال موضوع البحث( ،فالقانوني هو أدري باللغة القانونية بصفة عامة فضال عن مصطلحات ومفاهيم
كل فرع من فروع القانون) ولهذا يجب تحري الدقة في استخدام المصطلحات القانونية .وتقع المسؤولية
على الباحث وحده لتصحيح األخطاء اللغوية والفنية كسوء اختيار األلفـاظ وركاكة التعبـير وضعف
الصياغـة غير المحكمـة ،وهذا حتى في حالة االستعانة بغيره ممن يثق في لغته لتصحيح جميع األخطاء
اللغوية ،فعليه أن يراجع كتب اللغة وقواعدها والمعاجم وقواميس اللغة وغيرها ألن الباحث أقدر وأولى
بمراجعة تصحيح بحثه.
-أما التحكم في اللغة :فيتمثل في قدرة الباحث على التعبير عن أفكاره وما تحصل عليه من معلومات
وبيانات بأسلوبه وتعبيره وجمله وكلمات ينتقيها ،وكل ذلك استنادا لما يخدم المسعى الذي يريد الوصول
إليه.
كما يعني ذلك التعبير بدقة عن المعنى المقصود ،وعرض الحقائق بأقل ألفاظ وأوضحها دون
مبالغة وتكرار وإذا كان التشويق في الكتابة مهما ،لكن على شرط أال يكون على حساب الوضوح
واألسلوب العلمي الذي يتنافى مع المحسنات اللغوية.
-IIاألسلوب العلمي :يجب أيضا أن يستخدم الباحث لغة موضوعية في الكتابة وذلك باالعتماد على
أسلوب علمي خبري خال من التحيز واألحكام المسبقة ،وتجنب استخدام ألـفاظ التهكم والـسخرية ،كما ال
يبالغ باالعتداد بالذات واستعمال ضمائر (األنا) إال في حالة الضرورة( )1من أجل إبراز شخصيته ،ألن
ذلك تجسده قدرته على الكتابة بلغة موضوعية وأسلوب علمي ،ومدى تحكمه في معالجة عناصر
موضوعه من تحليالت وتفسيرات وتعليقات ونقد وطرح البدائل كل ذلك يدعم أصالة البحث واستقالليته.
وهذا ما يبرز شخصية الباحث العلمي والتي تتحقق معها غاية إقناع الغير بالمسعى المقصود من
القيام بالبحث في ذلك المجال .إتباع منهج علمي واضح يخدم مسعى الباحث ويحقق الغرض من القيام
بالبحث.
خالصة مراحل إعداد البحث :تمر عملية القيام بإعداد بحث بأربع مراحل أساسية:
- 1اختيار عنوان البحث :عنوان البحث هو تجسيد الظاهرة أو بلورة المشكلة محل البحث في إطار
عبارات محددة ودقيقة وموجزة ،ضمن مجال معين محدد يصلح أن يكون موضوعا للبحث.
- 2وضع الخطة المبدئية :أي تحديد إطار للعمل ومسار الخطوات المنهجيـة الممكـن إتباعهـا .وهذا يتزامن
مع جمع المصـادر والمراجع التي تساهم في تكوين انطباع أول وتصور عام شامل للموضوع لدى الباحث
مما يساعده على تحديد مسار البحث والخطوات الممكن إتباعها ،وضبط المراجع التي لها عالقة بموضوع
البحث وبذلك يمكن إبراز أهم األفكار الرئيسية والثانوية للموضوع.
-3جمع المادة العلمية :وتعتمد على الجهد الفكري حيث تتم عملية تصنيف وترتيب المعلومات والبيانات
وإدراجها ضمن التقسيمات المعتمدة .وال يتصور القيام بذلك دون حصر اإلشكالية التي يثيرها الموضوع
( -)1يفضل عدم استعمال الضمائر بصفة عامة وأيضا التقليل من ضمير المتكلم (جمعا ومفردا) واالستعاضة ببناء الفعل
للمجهول أو بايراد الفعل في حالة المصدر ،مثل( :يمكن مالحظة تطور )...أو (المالحظ) وهذا يقابل كلمة ()ON
المستعملة في الفرنسية.
19
محل الدراسة .واإلشكالية يمكن االهتداء إليها يطرح أسئلة معينة :مثال :ما أهمية البحث في هذا
الموضوع؟
-ما هي األهمية النظرية والعملية لدراسة هذا الموضوع؟ أو ما هو الغرض من القيام بهذا العمل؟
وهكذا يتم تحديد اإلشكالية بعد اإلجابة على هذه التساؤالت وبذلك تستخرج األفكار األساسية وتبرز
المحاور الرئيسية للمـوضوع (وقد تم تبيان ذلك بالتفصيل سابقا).
– 4الكتابة والصياغة :كتابة البحث بلغة سليمة من حيث اإلمالء والنحو والصرف ،واختيار
األلفاظ المعبرة على المعنى المقصود .وإعطاء عناية كبيرة لصياغة األفكار بدقة وذلك بانتقاء كلمات
ومصطلحات دقيقة وواضحة لفظا ومعنى ،واعتماد األسلوب العلمي الخبري والتقريري ،وتجنب المبالغة
واستعمال الجمل الطويلة ويجب المحافظة على األمانة العلمية .وبالجملة فإن الوضوح والدقة ،واألمانة.
المحور الثالث
1
الضوابط المنهجية لتحليل النصوص القانونية
هناك قواعد عامة مشتركة لمعالجة النصوص مع األخذ بعين االعتبار بعض الخصوصيات التي
تقتضيها طبيعة كل موضوع على حدة.
وتتمثل هذه المنهجية في تحليل نص قانوني وتعليق على حكم أو قرار قضائي.
المبحث األول
منهجية التعليق على نص قانوني
المبحث الثاني
منهجية التعليق على األحكام والقرارات القضائية
تمر عملية التعليق على القرار القضائي عبر المراحل التالية:
أ -تحديد أطراف النزاع
ب -الوقائع :هي تلك األعمال المادية أو التصرفات التي أدت الى خلق نزاع بين طرفين أو أكثر حول
مسألة معينة
ج -اإلجراءات القانونية :المحكمة /رفع الدعوى .........................................................صدور
حكم.
المجلس /استئناف..............................................................صدور قرار.
المحكمة العليا/طعن بالنقض......................................................صدور
قرار.
( - )1
للمزيد من التفصيل راجع كتاب الشامل في منهجية البحث العلمي ،نفس المرجع ،ص 91وما بعدها.
20
د -االدعـــــــــــــاءات :هي مزاعم وحجج أطراف الخصومة وتستخلص من القرار ،وتكون في غالب
األحيان في شكل حيثيــــــات.
-حيث أن ..............................
ه -المشكــــــــل القـــــــانوني :هو المساءلة القانونية التي أثارها الحكم بالنسبة للقضية محل النزاع.
و -الحل القانوني :هو النتيجة التي توصل إليها قضاة المحكمة العليا كحل للمشكل القانوني وهم قضاة
قانون ،وهذا القرار يكون عادة متضمنا في الحيثية األخيرة.
ي -الخـــــــــــــــطــــــــــــــــــة:
مقدمة (التحليل الشكلي)
المبحث األول:حكم قضاة الموضوع
-1حكم المحكمة.
-2قرار المجلس.
المبحث الثاني :قرار المحكمة العليا
-1المشكل القانوني
-2الحل القانوني.
و -الخاتــــــــــمـــة :إبداء الرأي الشخص حول القرار.
المحور الرابع
أسئلة للتحضير لالمتحانات
(ستنشر الحقا).
21