You are on page 1of 77

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫املقدمة‬
‫ْ َّ َ ُ‬ ‫َ‬
‫زمن ضنائ َِن من عبي ِده‪ ،‬أهلهم حلمل‬ ‫احلمد هلل اذلي جعل يف لك ٍ‬
‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫األمانة وأاعنهم بتوفيقه وأيدهم بتسدي ِده‪ ،‬ونصبهم أعالما لدلاللة ىلع‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الطريق‪ ،‬وأخذ عليهم بذلك العهد الوثيق‪ ،‬والصالة والسالم ىلع املبعوث‬
‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بشريا ونذيرا‪ ،‬وداعيا إىل اهلل بإذن ِه ورساجا منريا‪ ،‬صىل اهلل عليه وىلع آهل‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وصحبه وسلم تسليما كثريا‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ َ‬
‫ونْش فضائلهم فيه اغية‬ ‫ِ‬ ‫باهلل‬ ‫العارفني‬ ‫ِكر‬‫ذل‬ ‫ض‬ ‫فقد قيل ‪ :‬إن اتلعر‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ابلاع وانلظر‪ ،‬غري أنه إذا اكن احلامل هل ىلع ذلك املحبة‬ ‫قارص ِ‬ ‫ُ‬ ‫اخلط ْر‪ ،‬ملن هو‬
‫ً‬
‫هلم واتلعلق بهم وابتغاء القرب منهم فال حرج إذا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وحنن اآلن بصد ِد كتابة ترمج ٍة خمترص ٍة لإلمام العارف باهلل وادلايع‬
‫ْ َ ْ َُ ُ ْ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫اهلل مِن حس ِن األدب‬ ‫إيله‪ ،‬وادلال عليه‪ ،‬العالمة العلم احلرب املنار‪ ،‬من وهبه‬
‫ناظر ُه من بني أقران ِه ادلاعة ِ إىل سبيل اهلدى‬ ‫مّي ُه ُ‬ ‫والوقار‪ ،‬ما يُ ّ‬
‫ْ‬ ‫وكمال السكينة‬
‫ْ‬ ‫ار رمحه ُ‬ ‫ّ‬
‫اهلد ْ‬ ‫ِّ‬
‫واالد ْ‬
‫األبرار‪ ،‬وأاعد‬ ‫اهلل رمحة‬ ‫اكر‪ ،‬احلبيب حممد بن عبداهلل‬
‫ْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ّ‬
‫واألنوار‪.‬‬ ‫علينا بمنه من فائ ِِض ما خصه ب ِه من الرباكت واألرسار‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫وال َع َ‬
‫جب هنا إذا توقف القلم عن السيالن‪ ،‬وحتري ال ِفكر عن‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫اجل َوالن‪ ،‬حرية من لم يد ِر كيف يبدأ؟ وبماذا يستهل؟ وماذا ي ْرصد يف هذه‬
‫ًّ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الو َريقات‪ ،‬مما هلذا اإلمام من شمائ ِل وصفات‪ ،‬اذلي حقا يعترب اكبلحر اذلي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪١‬‬
‫ُّ َ‬ ‫َّ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫حل هل‪ ،‬والفضاءِ اذلي ال حد هل‪ ،‬مع االعرتاف بعدم اتلأه ِل ل ِن ِ‬
‫ْش‬ ‫ال سا ِ‬
‫ْ‬ ‫يزل ُمنذ نشأت ِه ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ‬
‫يفرت عن طاعة مواله‪،‬‬ ‫األواه‪ ،‬اذلي لم‬ ‫حماسن هذا العب ِد‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫لشخص وإن أعطاه اهلل من فصاحة انلطق‬ ‫ٍ‬ ‫وإرشاد وتعليم خلق اهلل‪ ،‬وأَّن‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الالكم ما أعطاه‪ ،‬أن حيرص فضائل هذا اإلمام العايل القدر واجلاه‪،‬‬ ‫وبالغ ِة‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َُ‬
‫املنطوق منها واملفهوم‪ ،‬ويف دعوة ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدريس العلوم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫من أنفق أيامه ويلايله يف‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اليح القيوم‪ ،‬وإىل إحياءِ ما اندرس مِن تراتيب السل ِف‬ ‫رِض‬ ‫اخللق إىل ما ي ِ‬
‫ُُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وتهذيب‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫وتأيلف الكت ِ‬
‫ِ‬ ‫واألذاكر‪،‬‬ ‫األبرار‪ ،‬وعمارة ِ األوقات بِأنواع األوراد‬
‫نور ُه اذلي َغ ْي َه َب َ‬
‫أنوار‬
‫ّ‬
‫وجتىل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫أثر ُه املحسوس وامللموس‪،‬‬ ‫حّت َ‬
‫ظهر ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫انلُّفوس‪،‬‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُّ ْ‬
‫الشموس‪ ،‬وامتألت ب ِه صدور الطروس‪ ،‬وزالت به عن القلوب والقوال ِب‬
‫والِّسُّ‬ ‫قلع ْة‪ِّ ،‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َّ ُ َ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫للعلوم خري‬ ‫ابلُؤوس‪ ،‬ومألت بركة عِلم ِه لك بقعة‪ ،‬وصار رباطه‬
‫أن يقال‪ :‬ﱡﭐﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﱠ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وهلل د ُّر القائل حيث يقول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ ْ ِّ‬
‫حتِك؟‬ ‫جبت مِّن مـحا ِسـن وص ِفـ ِه وقالت‪ :‬أتدري ما تقـول وما ِ‬ ‫وقد ع ِ‬
‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مّت يَصـ ُف األنـ َ‬
‫وار َم ْن هـ َو أكمـه أحي ِسن َوصف الش ِ‬
‫ك‬ ‫َ ْ َُ‬ ‫َ‬
‫مس من هو يف احلل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َح َ‬ ‫ُ ِّ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ُ ْ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫الن‬ ‫مع‬ ‫ِ‬
‫لوم‬ ‫الع‬ ‫ماالت‬
‫ِ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ي‬‫ِّل‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ـ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫كن لك الب‬ ‫ول ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ُ ْ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ ِّ ْ َ ْ‬
‫ك‬ ‫باإلفـ ِ‬ ‫فدونك حدث عن (معايل صفـات ِ ِه) بِال حــر ٍج‪ّ ،‬لَك‪ ..‬فما فهت ِ‬
‫َ‬ ‫مما حبا ُ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫احلبيب من‬ ‫اهلل هذا‬ ‫وما ستطلِع علي ِه أيها القارئ الكريم‪،‬‬
‫نهر‪ ،‬يف نبذ ٍة خمترص ٍة‬ ‫حبر‪ ،‬أو رشفة م ِْن ْ‬ ‫واتلكريم‪ ،‬إنما هو كقطرة من ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال ِعناي ِة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫واالشتهار‪ ،‬إىل ن ْز ٍر‬ ‫شري حمتواها اذلي أغَن باالستفاض ِة‬ ‫اغية االختِصار‪ ،‬ي‬

‫‪٢‬‬
‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫يسري مِن مناقب ِه اجلليلة‪ ،‬وصفات ِه احلسن ِة اجلميلة‪ ،‬اليت ينبيغ أن ختدل‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بتقييدها‪ ،‬تلبتهج انلفوس واألرواح عند قراءتها‪،‬‬
‫تاريخ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويل هلل تعاىل اكن معه‪ ،‬ومن طالع‬ ‫كتب‬ ‫وقد قال بعضهم‪ :‬من‬
‫ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ًُّ َ‬ ‫َُ‬
‫اسمه يف اتلاريخِ حبا هل‪ ..‬فكأنما زاره‪ ،‬ومن زاره غ ِفر هل ما لم يؤذه ِ أو يؤ ِذ‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫ً‬
‫مسلما يف طريقه‪ ،‬وهذا مِن حق اآلباءِ ىلع األبناءِ واألحباب‪ ،‬ومن حق‬
‫فكمْ‬ ‫َ‬ ‫قي َد فوائ ُِد ُهم‪ْ،‬‬‫ُ ْ ُ َّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ ُّ ّ ْ‬ ‫الش ِ‬
‫ُّ‬
‫يوخ ىلع املري ِدين والطالب‪ ،‬حّت حتفظ أعماهلم‪ ،‬وت‬
‫وكمْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ِّ ْ‬
‫بالنسيان من العلوم مِن كثري‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مات بِعد ِم اذلك ِر مِن كبري‪ ،‬وكم فات‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ْ ُ‬
‫شهري‪.‬‬ ‫واإلهمال من‬ ‫ِ‬ ‫ييع‬ ‫سرت اتلض‬
‫أحسن من قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وقد‬
‫ِلناس َذاك ِرُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وت اخلبـايا يف َّ‬ ‫َُ ُ‬
‫انلاس‪..‬ل ِ‬ ‫انلاس‪..‬بني ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزوايــا ومـاهلا مِن‬ ‫تمــ‬
‫قيــ ْدها عليــنا َّ‬ ‫َ ْ ُ ِّ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ‬
‫ادلفـــات ُِر‬ ‫اردا إذا لـم ت‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫الرج‬ ‫ات‬ ‫ــ‬ ‫كرام‬ ‫وت‬ ‫تفــ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫نسأل اهلل جل وعال أن جيعلنا مِن أبر األبناءِ باآلباء‪ ،‬وممن رىع حق‬
‫َّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫األخ ِذ عن العلماء والفقهاء‪ ،‬وأن يصلح نلا القصد وانلية‪ ،‬ويبلغنا من لك‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ّْ‬ ‫ْ‬ ‫ّْ‬ ‫َ ُ ّْ‬
‫خري الربية‪ ،‬وعِرتت ِ ِه الزكية‪ ،‬وأرجو ممن اطلع عليها‬ ‫خري اغية األمنية‪ ،‬جباه ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ‬
‫بأهل ذلل ِك‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ست‬ ‫فل‬ ‫الطرف‬ ‫غض‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫‪..‬‬ ‫ِك‬ ‫ل‬‫ذ‬ ‫حنو‬ ‫أو‬ ‫تقصريا‬ ‫فيها‬ ‫د‬ ‫ووج‬
‫ابن نباتة ال ِمرصي‪:‬‬ ‫وكما قال ُ‬
‫ْ َ ْ ً َ ُ َّ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ْ‬
‫جــد عيبــا فســد اخلــلال‬ ‫ول يـجتلــي وإِن تـ ِ‬ ‫فافتـح هلا بــاب قبــ ٍ‬

‫‪٣‬‬
‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫خري إنسان‪ ،‬أذعن لسيادت ِ ِه اثلقالن‪ ،‬سي ِد و ِ‬
‫دل‬ ‫هذا وصىل اهلل وسلم ىلع ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫القلوب واألراكن‪ ،‬وىلع آهل وصحبه‬ ‫ِ‬ ‫حمبوب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫عبدا‬ ‫بن‬ ‫حممد‬ ‫سيدنا‬ ‫‪،‬‬‫عدنان‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وقت وآن‪ ،‬ما تعاقب اجل ِديدان…‬ ‫يف لك ٍ‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‬

‫حسني بن أمحد بن حممد‬

‫‪٤‬‬
‫(( ترمجة خمترصة حلياة احلبيب حممد بن عبد اهلل اهلدار رمحه اهلل ورمحنا‬
‫به آمني آمني آمني ))‬

‫َ َ ُ ُ َّ‬
‫نسبه الْشيف‬
‫هو احلبيب العالمة‪ :‬حممد بن عبداهلل «اهلدار» بن شيخ بن أمحد بن‬
‫حمسن‪ ،‬بن يلع بن صالح‪ ،‬بن حممد بن صالح بن أمحد اإلمام احلسني بن‬
‫الشيخ أيب بكر بن سالم بن عبداهلل بن عبدالرمحن بن عبداهلل بن‬
‫عبدالرمحن «السقاف»‪ ،‬بن حممد «موىل ادلويلة» بن يلع‪ ،‬بن علوي «الغيور»‬
‫بن الفقيه املقدم واألستاذ األعظم حممد بن يلع بن حممد «صاحب مرباط»‬
‫بن يلع «خالع قسم» بن علوي بن حممد «موىل الصومعة» بن علوي بن‬
‫عبيداهلل بن املهاجر إىل اهلل تعاىل أمحد بن عيىس «انلقيب» بن حممد بن يلع‬
‫العرييض بن جعفر الصادق بن حممد ابلاقر بن يلع «زين العابدين» بن‬
‫احلسني «السبط» بن يلع بن أيب طالب عليه السالم وابن فاطمة «ابلتول‬
‫الزهراء» عليها السالم ابنة سيد الاكئنات‪ ،‬ومفخر الوجودات‪ ،‬رسول اهلل‬
‫حممد بن عبد اهلل خري من مىض ومن هو آت‪ ،‬إىل يوم امليقات‪ ،‬صىل اهلل‬
‫وسلم عليه وىلع آل بيته الطاهرين‪ ،‬وصحابته املهتدين‪ ،‬وتابعيهم بإحسان‬
‫إىل يوم ادلين ‪.‬‬

‫‪١‬‬

‫‪٥‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ُ‬
‫نور‬
‫فنسبه الْشيف الطا ِهر‪ ،‬أبهج من ضوء انلهار ابلا ِهر‪ ،‬وأملع من ِ‬
‫القمر الزا ِه ْر‪ ،‬الّلين ال خيفيان ىلع لك نا ِظ ْر‪ ،‬من أهل ابلَ َرص وأهل ابلصائ ِ ْر‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫فهو نسب قائم بنفسه ال يطال‪ ،‬واأللسنة عن رس ِم ِه َو َوس ِم ِه يف انعزال‪،‬‬
‫َْ‬
‫والعقول قد أغنتها املشاهدة عن االستدالل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تذهب با ِطال‬ ‫بنفس ِه وصفات ضو ِء الشمس‬‫ِ‬ ‫الـشـيء قـام‬ ‫وإذا استطال‬
‫ْ‬
‫الرسول‪ِّ ،‬‬
‫ونرياهُ ّ‬ ‫ََ ُ ُ‬
‫يلع املرتىض وفاطمة الزهراء‬ ‫نسب فلكه حممد‬ ‫فياهل من ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ابلتول‪ ،‬وجنومه بنوهم الكمل الفحول‪.‬‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫مـن واحــد وهو الـنيب ّ‬
‫تفـرعـــوا وكذا األلـوف تفـرعـت مـن واح ِد‬ ‫ٍ‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫نـورا ومن فلق الصباح عمـــــودا‬ ‫نسب كأن عليه من شـمس الضح‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫املاكرم والــــــتىق واجلـــودا‬
‫ِ‬ ‫حاز‬ ‫ـــــد‬
‫ٍ‬ ‫مــــا فيه إال ســيد من سـي‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫املختــــــار‬
‫ِ‬ ‫هـكذا نســــبيت إىل‬ ‫عـــالم فـاضل أيب ثــم جـــــدي‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ار‬
‫ِ‬ ‫الغـــف‬ ‫ذاك أقصــى املــَن مــن‬ ‫وأنــــا أرتيج ك ِمثـــل أصــــويل‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫بــدر اتلِّ ِّم منـه َر ْونـقـــا‬
‫َ‬ ‫وأعــ َ‬
‫ار‬ ‫نسب كسـا َ‬
‫نور الضحـى من نـوره‬
‫حـاز املاكرم واملفـاخـــر واتلقــى‬ ‫مـا فيـــــه إال ســيد من ســــيد‬

‫‪٦‬‬
‫وهلل در العالمة املحقق أيب بكر بن عبدالرمحن بن شهاب ادلين‬
‫حيث يقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫الوهم لـيس بواصــــ ِل‬ ‫شــأوا إ ِيل ِه‬ ‫نسـب بأجنحــ ِة املالئكـة ارتـىق‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫هُ‬ ‫ُ‬
‫مائل‬
‫ِ‬ ‫مـليـك‬
‫ٍ‬ ‫مـن‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـ‬ ‫هن‬ ‫فكم‬ ‫نسـب لـبـاذخ جمـ ِده ِ تعنـو الوجـو‬
‫َ‬
‫ازل‬
‫ِ‬ ‫ــ‬‫انلـ‬ ‫والكتـاب‬
‫ِ‬ ‫تبـارك‬ ‫ــباري‬ ‫رشف انلبوة والعروج ورؤيـة الـــ‬

‫وادله ‪:‬‬
‫هو العالم الشهم الشجاع عبداهلل بن شيخ بن أمحد امللقب بـ «اهلدار»‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫السن زا ِه ْر‪ ،‬ودانت هل ق ِم ُم‬ ‫رمحه اهلل ودل اعم ‪ ١٣١٨‬ـه ساد قومه وهو حديث‬
‫خ ْر‪ ،‬فامتطاها بكرمه وحكمته وسهولة أخالقه وإصالحه بني انلاس‬ ‫املفا ِ‬
‫َ‬
‫كدا ِدي ابليحاين‪،‬‬ ‫وصفاءِ الِّسائ ِ ْر‪ ،‬أخذ العلم ىلع يد الشيخ سالم بن حسني ال ِ‬
‫َ‬ ‫واشتهر بالصالح والع ْ‬ ‫ُ‬
‫لم‪ ،‬والعبادة والشجاعة والشعر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغريه من املشايخ‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫شعره مطلع قصيدته اليت بعث بها إىل شيخ‬ ‫واحل ِلم‪ ،‬ومما يشهد ألدب ِ ِه وبالغ ِة ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫اإلسالم اإلمام عبداهلل بن عمر الشاطري رمحة اهلل عليه‪ ،‬سائال عن حال‬
‫ً ْ‬
‫ودله املرتجم هل ومشتاقا إيله‪ ،‬واليت قال يف مطلعها‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حــ ْر‬
‫ِ‬ ‫ــــوا‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ــل‬ ‫ـق‬ ‫الم‬ ‫ـت‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫ــ‬ ‫ـ‬ ‫بـ‬ ‫َّ‬
‫والر‬ ‫زينــــــب‬ ‫بـــــال‬ ‫مـا‬
‫ربـــــاب املفـاخــرْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ت الفــــؤاد ومـا الســـبا ب يــــزين أ‬ ‫ســـــب ِ‬
‫ـم ْن يـكـن بالعهـــد فـــاجــرْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ـــــران‬ ‫ج‬ ‫اهل‬ ‫ومــا‬ ‫ت‬ ‫هجـــــر‬

‫‪٧‬‬
‫ات الـخــــواطـر؟ْ‬ ‫َ َ َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ُْ‬
‫ِ‬ ‫يا ســـعـد قل يل هــــل تـعـــــو د نلـا مـــســر‬
‫ْ (‪)١‬‬
‫اضــر‬ ‫ــ‬ ‫تم‬ ‫اخلنسـا‬ ‫ب‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ـ‬
‫ُ ْ‬
‫ع‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫من‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫هـن َغ ِّ‬
‫ــن‬
‫َ ْ ُ َ ْ ْ‬
‫يــــا ســـعـد هــي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وقبوهلْ وشهرت ِه الواسعة‪ ،‬أنه يصلح بني‬ ‫ِ‬ ‫بلغ من وجاهت ِه ونفوذ لكمته‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫املتنازعة‪ ،‬وع ِرف بنجدة ِ اللهيف‪ ،‬ونرصة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫القبا‬ ‫وبني‬ ‫يها‬‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ناو‬
‫ِ‬ ‫وم‬ ‫احلكوم ِة‬
‫ِّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫والرب والصل ِة‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬‬‫الصدر‬ ‫وسالمة‬ ‫انلفس‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫وسخاو‬ ‫‪،‬‬‫الضيف‬ ‫رى‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫الضعيف‬
‫وعلُ ِّو الْ َق ْدر‪ْ.‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تويف رمحه اهلل سنة ‪ ١٣٦٥‬ـه بع ّزة من ضوايح مدينة ابليضاء ودف ِ َن بها‪،‬‬
‫السجايا‪َ ّ ،‬‬
‫خدل اهلل مآث ِ َر ُه‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫رحيم القلب حس ِن‬
‫ِ‬ ‫األصل‬ ‫كريم‬
‫ِ‬ ‫دل‬ ‫وا‬ ‫من‬ ‫به‬ ‫فأنع ْ‬
‫م‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َُْ‬
‫وصيته احلسن بني الربايا‪.‬‬ ‫ِ‬

‫وادلته ‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫يه جوهرة احلرائ ِ ْر‪ ،‬ونقية الِّسائ ِر‪ ،‬العابدة العارفة‪ ..‬نور بنت عبداهلل‬
‫ْ‬
‫َِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جع أصلها رمحها اهلل ورمحنا بها إىل مدينة شبام‬‫بن عوض باصيه‪ ،‬وير ِ‬
‫حرضموت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫اكنت أما للفقراء‪ ،‬ومطعمة للمساكني‪ ،‬ومتعهدة لألرامل واأليتام‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫باهلل‪ ،‬ال ُ ُ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫وشكر نعماه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫موالها‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫عن‬ ‫تفرت‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫قوي‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫عالق‬ ‫ذات‬ ‫‪،‬‬ ‫واملحتاجني‬
‫ْ‬
‫باألسحار‪ ،‬واكنت َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يام بانلَّ ْ‬ ‫ً ّ‬ ‫ُ‬
‫املؤاز ُر‬
‫ِ‬ ‫نعم‬ ‫مستغفرة‬ ‫وقائمة‬ ‫‪،‬‬ ‫هار‬ ‫ِ‬ ‫للص‬ ‫م ِديمة‬

‫( ‪ ) ١‬تمارض بنت عمرو السلمية املشهورة باخلنساء من أشهر شواعر العرب وفدت ىلع انليب ﷺ مسلمة‪.‬‬

‫‪٨‬‬
‫ُ ّ‬
‫والركن الشديد لودلها املرتجم هل رِض اهلل عنه‪ ،‬ت ِمدهُ بادلاعء وبالرضا ىلع‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ‬
‫الودل ابلار‪ ،‬اذلي ال‬ ‫ادلوام‪ ..‬وكيف ال‪ ،،‬وقد قام بها املقام اتلام‪ ،‬واكن نعم‬
‫ً‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬
‫مشاو َرت ِها واستئذان ِها‪،‬‬
‫َ‬ ‫اإلقام ِة واألسفا ْر‪ ،‬إال بعد‬ ‫ِ‬ ‫يف‬ ‫يؤخرها‬ ‫وال‬ ‫خطوة‬ ‫م‬ ‫يقد‬
‫ِّ‬ ‫َ ََ ُ ًّ‬
‫وطلب عط ِفها وحنان ِها‪ ،‬فلم تر أم ب ِرا كبِـره ِ يف زمان ِها‪.‬‬
‫ِ‬
‫اختارها اهلل إىل جواره بعد‬ ‫َ‬ ‫ويف شهر ذي القعدة احلرام من اعم ‪ ١٤۰٢‬ـه‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ََ‬
‫مرض شديد‪ ،‬منعها من الالكم إال ذكر اهلل ولكمة اتلوحيد‪ ،‬ودف ِنت بعزة إىل‬ ‫ٍ‬
‫رمحهما ُ‬ ‫ُ‬
‫اهلل ورمحنا بهما‬ ‫جوار قرب زوجها احلبيب عبداهلل «اهلدار» بن شيخ‪..‬‬ ‫ِ‬
‫آمني‪.‬‬

‫والدته ونشأته‬
‫ُو ِ َ‬
‫دل ســيدي احلبيب حممد بن عبداهلل اهلدار نفعنا اهلل به يف قريــة‬
‫ع ىلع يَ َدي َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫وادليه‬ ‫‪-‬ع َّزة‪ -‬من ضوايح مدينة ابليضاء اعم ‪١٣٤۰‬ه‪ ،‬وترعر‬
‫َّ‬
‫وربياهُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ ّ‬ ‫َّ َ‬
‫ان هل حمبة مألت قلبيهما‪ ،‬فهذباه أحسن تهذيب‪،‬‬ ‫الّلين اكنا يكن ِ‬
‫ْ ّ‬ ‫ْ‬
‫وتأديب‪ ،‬والحظاهُ‬
‫حنون يف أطواره‪ ،‬حّت‬‫ٍ‬ ‫وقلب‬
‫ٍ‬ ‫بعني شفيق ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫خري تربية‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ظهرت عليه أمارات انلجابة من نعوم ِة أظفاره‪ ،‬واكن وادلهُ يأخذهُ يف ِصغره‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ادلاعء هل واالعتِناء ب ِه‪ ،‬واكنت‬ ‫ويطلب منهم‬ ‫إىل صلحاء الوقت يف املنطقة‬
‫ْ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حظة هل يف جميئ ِه وذهابه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ال‬‫م‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫عناية‬

‫‪٩‬‬
‫كما قيل‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َُْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َُْ َ ْ‬
‫االقدار‪..‬خاب‬ ‫فال يبايل‪ ،‬ومن خانته‬ ‫امليجء واذلهاب‪..‬‬
‫ِ‬ ‫يف‬ ‫اية‬‫ومن رعته ال ِعن‬
‫وقال بعضهم‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ُّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ َ ْ َ ُ ُ‬
‫اوف لكهـن أمـــان‬ ‫وإذا ال ِعنـــاية الحظتــك عيونها‪ ..‬نـــم‪ ،‬فاملخــــ ِ‬
‫َ َْ ُ َُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ُ َّ ْ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫انلور يمأل حمياه من ِصغره بقوة‪ ،‬حيث حسن املوىل خلقه وخلقه‬ ‫واكن‬
‫ِّ‬ ‫َ ُ َ َ َُ‬ ‫ّْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫انلبوة‪ ،‬وحفظه وعصمه من لك رذيل ٍة‬ ‫نلاظره ِ أنه ِمن دوح ِة بيت‬ ‫ِ‬ ‫ويح‬ ‫بما ي‬
‫ُْ َْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ َ َّ‬
‫جية‪.‬‬ ‫ومهلِك ٍة ومر ِدية‪ ،‬وحاله بكل فضيل ٍة وكريم ٍة ومن ِ‬
‫َ َ ْ ُ َ ْ َْ ُ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ََْ‬
‫ـر‬‫ول عالمة إ ِن العالمـة شـأن مـن لم يـشـه ِ‬ ‫جعلـوا ِألبنـاءِ الرســـــ ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫نـور انلـبـــ َّوة يف َوســيـم وجوهه ْ‬ ‫ُ‬
‫راز األخضـ ِر‬ ‫ِ‬ ‫الط‬ ‫عن‬‫ِ‬ ‫يف‬ ‫الْش‬ ‫غِّن‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ َُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تلىق يف ِصغ ِره ِ ق ِراءة القرآن‪ ،‬عن القاِض محود الكستبان‪ ،‬وبعدها تردد‬
‫ىلع فضيلة العالمة حممد بن حسني اهليثيم‪ ،‬املتخرج من رباط تريم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون الصغرية‪ ،‬يف مبادئ الفق ِه وت ِلك بداية‬
‫ِ‬ ‫املت‬ ‫بعض‬ ‫احلرضيم‪ ،‬فقرأ عليه‬
‫ْ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫املسرية‪ ،‬قبل أن ينطلق إىل ُربوع تريم منتىه املرام‪ ،‬لألخ ِذ عن علمائها‬
‫ْ‬
‫ومشائِها الكرام‪.‬‬

‫رحلته إىل تريم‬


‫ِ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫بزوغ جنم هذا‬ ‫مما جتدر اإلشارة إيله‪ ،‬واذلي جعله اهلل من أسباب‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫حل صباه‪ ،‬رأى يف‬ ‫ِ‬
‫وإقباهلِ عليه‪ ،‬ما أخرب به أنه ويف مرحل ٍة من مرا ِ‬ ‫احلبيب‬

‫‪١٠‬‬
‫كأن نوراً سطع يف األُفق يشبه ضوءَ‬
‫ّ‬
‫منامه يف أواخر شهر رمضان رؤيا حسنة‬
‫َ ّ‬
‫الشمس‪ ،‬فانتبه وقص رؤياهُ ىلع وادله فقال هل‪ :‬يا ودلي لعلها يللة القدر!‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فادع اهلل أن جيعلك من العلماء العاملني‪ ،‬فداع بذلك وداع هل وادله فحقق‬
‫َ‬
‫اهلل مطلبهما‪.‬‬
‫واكن وادله احلبيب عبداهلل «اهلدار» بن شيخ قد حرر ُه وهو محل يف‬
‫ْ‬
‫اهلل من األئم ِة األعالم‪،‬‬ ‫رجاء أن جيعلَه ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪)٢‬‬
‫بطن أمه هلل سبحانه وتعاىل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫الوارثني ملرياث سيد األنام‪ ،‬فحقق اهلل هل ما أراد‪ ،‬وبلغه املراد وفوق املراد‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫فما أن بلغ السابعة عْشة ِمن عمره‪ .‬حّت أرسله وادله إىل تريم وعقد عليه‬
‫َْ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫آماال جليلة‪ ،‬وحثه ىلع طلب العلم واتلوج ِه اتلام بكل وسيلة‪ ،‬وأنه بهذا‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫باحلسب والنسب‬
‫ِ‬ ‫نال‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫العلم‬ ‫وأن‬ ‫وفعال‪،‬‬ ‫وقوال‬ ‫نية‬ ‫أوىل‪،‬‬ ‫انلبوي‬ ‫املرياث‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫والعمل به ابتغاء مرضاة ِ‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫وتعلي‬ ‫العلم‬
‫ِ‬ ‫فنون‬
‫ِ‬ ‫طلب‬ ‫يف‬ ‫‪،‬‬‫والتشمري‬ ‫د‬ ‫جل‬
‫وإنما با ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫الع ِّ‬
‫القدير‪ ،‬فهذه طريقة آبائ ِ ِه وأسالف ِه الصاحلني‪ ،‬رِض اهلل عنهم يف لك‬ ‫ل‬
‫ْ‬
‫وقت وحني‪.‬‬
‫وكما قيل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َ َ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫حســــاب نتـــــ ِك‬
‫ِ‬ ‫األ‬ ‫ىلع‬ ‫يومــا‬ ‫لســـــنـا وإ ِن أحسـابـنا كـرمـت‬

‫( ‪ ) ٢‬ستأيت اإلشارة إىل ذلك يف األبيات اليت بعث بها إىل اإلمام الشاطري بقوهل‪:‬‬
‫العناصــــر‬
‫ِ‬ ‫تــدركه‬ ‫مـــن قــبل‬ ‫ّ‬
‫حررتــــه‬ ‫ومــــــن‬ ‫ولـــــدي‬
‫جــوـهــرة احلـــرائر‬ ‫ببطــــــن‬ ‫ِد‬ ‫الــــــوجو‬ ‫قــــــــبل‬ ‫حــــررته‬
‫إشارة إىل أمه الفاضلة الكريمة نور بنت عبداهلل عوض باصيل رمحها اهلل ورمحنا بها أمني ‪.‬‬

‫‪١١‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫َْ‬
‫‪..‬تبـَن ونفعـل ِمـثــل مـا فـعـلـوا‬ ‫نبــَن كـمـا كـــانـت أوائ ِلنـــــا‬
‫قال سيدنا احلداد رِض اهلل عنه يف وصفهم‪:‬‬
‫ّ‬
‫اعئـق‬
‫ِ‬ ‫غري‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫واإلخالص‬ ‫الصدق‬ ‫مع‬ ‫ة‬‫ٍ‬ ‫ــ‬ ‫ـ‬ ‫بهم‬ ‫رجـال إىل الـرمحـن ســاروا‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ َّ‬
‫كــــريم ورائ ِــ ِق‬
‫ٍ‬ ‫لَف ِمـن عــيش‬ ‫ِ‬ ‫املطالــب دونـه‬
‫ِ‬ ‫فــنـــالوا اذلي لك‬
‫وقال احلبيب حممد بن زين بن سميط رِض اهلل عنه‪:‬‬
‫ْ ُ َّ َ‬ ‫ْ ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ُ ْ‬
‫إن تكـن ذا ِهمــــ ٍة علويـــــــ ٍة فاســت ِمع نصـحـى وجـان ِب لك مـا‬
‫ْ َ َ ُ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫خط املــوىل تعـــاىل جــــدهُ واتبِــــع هــــدي هـدا ٍة كـرمـــا‬ ‫يســ ِ‬
‫َ‬ ‫ً َ ْ‬ ‫ََ ّ َ‬
‫فت َوجه إىل تريم روضة العلم مرورا ب ِعدن‪ ،‬وزار ساكنها حاوي املاكرم‬
‫ْ‬ ‫ُّ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫وال ِفطن‪ ،‬سيدنا اإلمام شمس الشموس‪ ،‬أيب بكر بن عبداهلل العيدروس‪،‬‬
‫اهلدار(‪ ،)٣‬اذلي‬ ‫ْ‬ ‫رِض اهلل عنه‪ ،‬واكن بصحبته احلبيب حمسن بن عبدالرمحن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫ذهب هو أيضا لطلب العلم بصحبة سيدي اهلدار‪ ،‬ثم أحبرا من عدن إىل‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اهلدار (‪ )٤‬فتأسفا ىلع‬ ‫دراك حياة إما ِمها احلبيب أمحد بن حمسن‬ ‫املالك ولم ي ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫سفرهما إىل تريم‬ ‫ذلك اغية األسف‪ ،‬ثم حالت دولة القعي ِطية دون مواصل ِة ِ‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫( ‪ ) ٣‬ـهو احلبيب الفاضل حمسن بن عبدالرمحن اهلدار اكن اعملا أديبا خطيبا وتقل مهام جسيمة يف ادلولة‬
‫وـهو من أـهل الفضل والصالح والوجاـهة رمحه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫( ‪ ) ٤‬ـهو اإلمام العالمة األواه أمحد بن حمسن بن عبداهلل اهلدار ودل بمدينة سورابايا جباوة سنة ‪ ١٢٧۹‬ـه وقد‬
‫ترجم هل صاحب العقد الفريد‪ ،‬واستوطن عمر بها مسجده املعروف وتويف بها سنة ‪ ١٣٥٧‬ـه ودفن بها رمحه‬
‫اهلل ورمحنا به آمني‪.‬‬

‫‪١٢‬‬
‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َْ‬
‫بالد السلف‪ ،‬فاضطرا للعودة ِ إىل ابليضاء‪ ،‬بعد رحل ٍة مليئ ٍة باتلعب واملشق ِة‬
‫وال َع ْ‬
‫ناء‪.‬‬
‫ْ‬
‫احلليم‪،‬‬ ‫ثم وصل رجل من أهايل حرضموت إىل عزة(‪ )٥‬فطلب ُ‬
‫وادله‬
‫َّ‬ ‫احلبيب عبداهلل اهلدار» منه أن يسمح هلما بمرافقته إىل ْ‬
‫تريم‪ ،‬فرحب بذلك‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يلكونا هل خري رفيق‪ ،‬إذ الرفيق قبل الطريق‪.‬‬
‫املعني الوهاب‪ ،‬أن يي ِّس‬
‫ن‬ ‫فاجتهوا قاصدين مربع األحباب‪ ،‬ومتولكني ىلع‬
‫ل‬
‫هلم األسباب‪ ،‬ويفتح بفضل نه من اخلريات هلم ك مغلق وباب‪ ،‬واكن ذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تقريبا سنة ‪ ١٣٥٧‬ـه وهكذا شدوا رحاهلم‪ ،‬وقطعوا جماهلم‪ ،‬مشيا ىلع األقدام‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حل‪ ،‬نمن قرية إىل أخرى بتلك الوسائل‪ ،‬حت وصلوا بعد‬ ‫تارة‪ ،‬وتارة ىلع الروا ن‬
‫ِ‬
‫قط نع الصعاب‪ ،‬إىل مدينة ن نصاب‪« ،‬حمافظة شبوة» فقصدوا مسجدها‪،‬‬
‫وحرضوا جملنسها‪ ،‬وأخرب عن ذلك سيدي اهلدار نفع اهلل به بقوهل‪ :‬فدخلت‬
‫ً‬
‫ووجدت العالمة األجل علوي احلداد(‪ )٦‬يليق درسا يف الفق نه فاستفدت منه‬
‫مسائ نل‪ ،‬وقلت يف نفيس‪ :‬هذا من أول حتصيل الفوائ ند ‪.‬انتىه‬

‫(‪ )٥‬ـهو احلبيب صالح بن أمحد اهلدار ودل جباوة وانتقل إىل حرضموت يف صباه واكن يرتدد إىل يافع ملتابعة‬
‫أوقاف مقام سيدنا احلسني بن الشيخ أيب بكر بن سالم ريض اهلل عنهم وتويف يف منطقة عنرت بيافع اعم‬
‫‪ ١٣۹٣‬ـه‪.‬‬
‫(‪ )٦‬هو احلبيب العالمة األديب حسن بن علوي احلداد ممن خترج من رباط تريم واشتغل باتلدريس‬
‫ً‬
‫واتلعليم وتوىل اتلدريس يف املدرسة األهلية آلل احلداد تويف اعم ‪ ١٣٧٣‬ـه وخلف أوالدا مباركني فقهاء‬
‫وصلحاء وأدباء فاكنوا خري خلف خلري سلف‪.‬‬

‫‪١٣‬‬
‫قال الشاعر الحرتي‪:‬‬
‫ل‬
‫ـث قطـر ثـم ينســكب‬ ‫سحــابة الطرح نة العليـاءن طال نعــة وأول الغيـ ن‬
‫ل‬
‫بهم املسري حت وصلوا إىل سيؤن بعد عناء‪ ،‬ومنها إىل تريم‬ ‫ن‬ ‫جد‬ ‫ثم‬
‫ل‬
‫الغناء‪.‬‬

‫مربع األحباب‬
‫تريم يه مربع األحباب‪ ،‬ومو نطن األجداد واألصحاب‪ ،‬اليت ال ترام غريها‪،‬‬
‫وال ينق نطع خريها‪.‬‬
‫ً‬
‫رورات‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫واكف عليها وال ختش الضـ‬ ‫تريم رمـهـا وال تبغــني بهـا بــدال‬
‫قال فيها احلبيب علوي بن عبداهلل بن شهاب ريض اهلل عنه‪:‬‬
‫بالد زينة يا خري بالد‪ ،‬بالد مطهرة‪ ،‬شوارعها شيخ من ال شيخ هل‪.‬‬
‫وقال فيها سيدنا العدين‪:‬‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫بـدور الهــدى أنــــوار ك دجنـ نة‬ ‫ن‬
‫بـأقـدام سـادة‬ ‫شــوارعـها دب نغـت‬
‫ً‬
‫وقال سيدنا احلداد واصفا هلا وألهلها‪:‬‬
‫ِ‬
‫ل نــــك انلـــاس قـــادة‬ ‫منـــــازل خـــري ســـادة‬
‫حمــــبتهم سعـــــادة‬
‫وقال‪ :‬فيه ل نمن بع ند املساج ند اثلالث نة‪ ..‬خري بال ند اهلل‪،‬‬
‫ـري ول‬
‫ـان اهللن خـــ ن‬
‫يف أمـــ ن‬ ‫نمـن تريـم اخليـر ال ب نرحـت‬

‫‪١٤‬‬
‫ل‬
‫الشواف‪:‬‬ ‫وقال فيها الشيخ سالم‬
‫ان الفــردوس‬ ‫ل‬
‫مـا نهـي نمن النيــا الـوس بـل نمن جنـــ ن‬
‫فيـهـــــا جـــــالالت اهلل‬ ‫روضــة جعلـها القـــدوس‬
‫وقال فيها العالمة األديب أبو بكر بن شهاب رمحه اهلل‪:‬‬
‫ِ‬
‫يفـوح نلــا اكلعنرب املتنف نس‬ ‫إذا حنن زرناها وجدنا ترابهـا‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نرى أننـا نمىش بـواد مقد نس‬ ‫ونمىش حفـاة يف ثراها تأدبـا‬
‫وقال‪:‬‬
‫ح نل‬
‫السقيم انلا ن‬
‫ن‬ ‫األكابر أرضها فرتابهـا نطـب‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫بأقدام‬ ‫دب نعـت‬
‫ِ‬
‫واكن سيدنا عمر املحضار يسميها بالد الطب‪ ..‬حيث قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫نازحــــا عـــــن بـــــــال ند الطــــــب مالـــــك !‬
‫أال وا ن‬
‫حاللـــــــك‬ ‫جـــــــــع هلـــــــــا اجعلهـــــــا ن‬
‫ورح وار ن‬
‫تراك ان رحت منـــــــها فـالتــــــــــرزق كمـــــــــالك‬
‫واكن وايلها يفتخر بكونها فاقت غريها من الدلان بثالث خصال‪:‬‬
‫* كونها ال يوجد فيها حرام‪،‬‬
‫* وال يوجد فيها ســــــــارق‪،‬‬
‫* وال يوجد فيها حمتاج‪ ،‬لكرثة ما يبذهل أغنياؤها لفقرائها‪.‬‬
‫وماذا عسانا أن نقول عن تريم‪ .‬ومهما أطلنا احلديث يف فضائلها‪ ،‬فلن‬
‫ش معشار نصف املعشار من حقها‪ ،‬فيه بالد األكابنر‪ ،‬وخطباؤها‬
‫نف بع ن‬
‫فرسان املنابنر‪ ،‬وكم حوت من رجال الغيب بيوتها واملقابنر‪ ،‬فعلماؤها أهل‬

‫‪١٥‬‬
‫اتلحقيق واتلدقيق‪ ،‬يف شت علوم التشيع والرتقيق‪ ،‬وساكنها أهل ورع‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫وتقوى‪ ،‬وهجر للمعايص اليت عمت بها اللوى‪ ،‬تفقة فيها القالون‪ ،‬وتعفف‬
‫عن املسأل نة فيها املحتاجون‪.‬‬
‫ل‬
‫مساجدها نور وبهجة‪ ،‬ومآثرها كنوز وحجة‪ ،‬وأجواءها أنس وراحة‪،‬‬
‫ِ‬
‫وجمالسها حبور واسرتاحة‪ ،‬وأربطتها ومنعالماتها للتليق خري ساحة‪ ،‬بالد‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫قطنها األستاذ األعظم‪ ،‬والسقاف المك لرم‪ ،‬وكم اعرف وول هل مسلم‪،‬‬
‫قال احلبيب يلع بن حممد احلبش ريض اهلل عنه‪:‬‬
‫ول عيسـى ومنـن نسـلنه نشـيابة وشـبان‬ ‫حضـرمـوت اليت سـاكنــها خـري سـاكن‬
‫شيخ حلقاف‪ ،‬واملحضار‪ ،‬والفخر‪ ،‬سكران‬ ‫املقـــدم وســقاف العـال عبـد رحـمـن‬
‫يقال‪ :‬أنه دخل داخل إيلها يف وقت سيدنا الشيخ السقاف‪ ،‬ل‬
‫فمر يف‬
‫طريقه بأربعني دار كها قد رشع أهلها يف قراءة ن سورة ن يس س نمع قراءتهم‬
‫هؤالء اذلين رشعوا فيها‪ ،‬فكم هم اذلين يف أثنائها؟ وكم اذلين قد أكملوها؟‬
‫ِ‬ ‫(‪)٧‬‬
‫ً‬
‫ومما ُيك أيضا أن أحد املشايخ من أهل الّس‪ ،‬اكن يف طريقه إىل‬
‫تريم قبل الغروب‪ ،‬ولم يكن صل العص بعد‪ ،‬فسأل اهلل أن ُيبس هل‬
‫الشمس حت يد نرك صالة العص برتيم قبل الغروب‪ ،‬فما أن دخل تريم حت‬
‫درها‪ ،‬وقالت‪ :‬يا شيخ فك الشمس حنن صائمون‬
‫خ ن‬‫أرشفت علي نه امرأة من ن‬
‫وبغينا نفطر‪.‬‬

‫( ‪ ) ٧‬لعله الشيخ فارس باقيس‬

‫‪١٦‬‬
‫نفعنا اهلل بها وبساكنيها األحياء منهم واألموات‪ ،‬والالكم عن تريم متعة ال‬
‫تساميها متعة‪ ،‬ال تمل وال تسأم‪.‬‬
‫لـقـالوا‪ :‬جنـة النيـــا‪ ...‬تـــريم‬ ‫ولـو نـظـرت فـال نســفـة إيلهـــا‬
‫إنها تريم اليت أصبح العامل فيها واملزارع ودائر القهوة ن جلهم من‬
‫ِ‬
‫الفقهاء واحلفاظ ومن ذوي احلظ العظيم‪ ،‬وهذا وحده اكف كجواب ملن‬
‫يتساءل‪ ..‬ملاذا تقصد تريم؟‬

‫الوصول إىل تريم‬


‫ِ‬
‫خـل املدينـة تريـمنا منن ك َشء حسينة‬ ‫منن ههنــا يا دا ن‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫وصول سيدي اهلدار إىل تريم اجته إىل رباطها امليمون‪ ،‬نيلجد يف‬‫ن‬ ‫بعد‬
‫استقباهل شيخه اإلمام العارف اهلمام املصون‪ ،‬علم األعالم‪ ،‬وبركة األنام‪،‬‬
‫وشيخ اإلسالم‪ ،‬أبا احلسن عبداهلل بن عمر الشاطري(‪ )٨‬إمام وقته اذلي أنفق‬
‫من عمره ما ناهز اخلمسني اعما‪ ،‬لدلعوة إىل اهلل واتلدريس واإلفتاء بهد‬
‫ً‬
‫ابتغاء‬ ‫عال وتساَم‪ ،‬بدون أجر أو مقابنل‪ ،‬مع تفرغ تام وقطع للشواغنل‪،‬‬
‫ً‬
‫ملرضاة اهلل وقربنه‪ ،‬وخدمة لرسول اهلل ﷺ وإلدخال الّسور ىلع قلبنه‪ ،‬حت‬
‫خترج ىلع يديه اآلالف من العلماء العاملني‪ ،‬والاعة ن انلاصحني‪ ،‬اذلين‬

‫( ‪ ) ٨‬الالكم عن اإلمام الشاطري يطول ويطول ويطول ملا هل ريض اهلل عنه من حق ىلع اجلميع ولن نوفيه‬
‫حقه يف هذه العجالة فنسأل اهلل أن ال يؤاخذنا ىلع ذلك ول ريض اهلل عنه برتيم سنة ‪ ١٢۹۰‬هجرية وتويف‬
‫بها سنة ‪ ١٣٦١‬هجرية رمحه اهلل ورمحنا به ووالينا واملسلمني آمني آمني آمني‬

‫‪١٧‬‬
‫نشوا العلم يف معظ نم بقاع العالم ىلع مدى األيام والسنني‪ ،‬أدام اهلل انلفع‬
‫به وبعلومه إىل يوم الين‪،‬‬
‫وفيه قيل‪:‬‬
‫أيب حسن بن عمر يـا ن نعـم منـن شـاطنـر‬ ‫سالك إلـهـي بمـن صـيتة غـدا اعطنـر‬
‫سبحان من قد منحهم فوق ما يصـبون‬ ‫عطوة معه من عطايا الواهنب الـفـاطنر‬
‫ِ‬
‫ذاك نــر وتــايل يعلـم عـلمـك انلــاف نع‬ ‫نِس املهيمن فشــا يف قلبنـ نه اخلـــا نشـع‬
‫ل‬
‫عسـى بـجاهه إلـهـي تـد نرك املغبـون‬ ‫مغارب والـفـضـا الوا نسع‬‫ن‬ ‫مشـارق‬ ‫غ‬ ‫بل‬
‫ل‬
‫اتكرب وال اتبــاه‬ ‫بالقـول والفعل ما‬ ‫هو شيخ االسـالم من منثلـه خــدم طه‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫يا رب جتزيـه عـنـــا خيـر مـا ُيـزون‬ ‫ارف بنـ نه األكـوان تتبـاه‬
‫صـرح املعــ ن‬
‫ل‬
‫فرحب به اإلمام الشاطري اغية الرتحيب‪ ،‬واحتىف اغية احلفاوة بهذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ ً‬
‫تفرسا جنابته ومستبشا بواف ند كريم‪ ،‬سيكون خلفا هل‬ ‫الطالب الغريب‪ ،‬م‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منن بعده يف مقام العوة ن واتلعليم‪ ،‬ونائبا عنه يف شت اجلهات‪ ،‬وبارا ب نه يف‬
‫ً‬
‫خ نه وما انكتم‪ ،‬مؤذننا‬ ‫حيات نه وبعد املمات‪ ،‬فبدا ذلك الّسور يف حميا شي ن‬
‫الّس األتم‪ ،‬قال سيدنا شهاب الين األكرب ريض اهلل عنه‪:‬‬ ‫بربوز هذا ن ِ‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫يا حممد أرى ســ ِري ظهر مـا ختـىف كما جئت با اكتم زاد فــويق وطفـا‬
‫ل‬
‫وال شك أنه ِس شيخ نه وحامل رايتنه‪ ،‬وثمرة راعيتن نه واهتمامه واعتنائه‬
‫ومالحظتنه‪ ،‬فقد أحسن تعليمه وتهذيبه‪ ،‬وأتقن تسليكه وتأديبه‪ ،‬وأواله من‬
‫ِ‬
‫قربه وتفقده ن هل ما مّيه عن اآلخرين‪ ،‬وأفاده من انلصائح القيمة والوصايا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ل‬
‫انلافعة ما أهله ألن يكون إماما وحجة ونائ نبا عن أهله وسلفه الصاحلني‪.‬‬

‫‪١٨‬‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫فأخذ بيده ن وطاف به يف رباط تريم‪ ،‬وبشه بأنه سيفتح فيما بعد رباطا‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يكون مركزا لإلفادة ن واتلعليم‪ ،‬ونواة تنبثنق منها أشعة األنوار املحمدية‪ ،‬مما‬
‫جعل سيدي اهلدار يستغرب وتتساءل نفسه الزكية‪ ،‬هل بالفعل أستطيع أن‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫هج كم نل السادة ن اتلل نقية‪ ،‬الوارثني ملوىل بالل‪،‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ىلع‬ ‫يسري‬ ‫كهذا‬ ‫رباطا‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫أؤ‬
‫املاكر نم وأمح ند اخل نصال‪،‬‬
‫ن‬ ‫واحلاوين ألسن‬
‫ن‬ ‫واجلمال واجلالل‪،‬‬
‫ن‬ ‫جامع الكمال‬
‫ن‬
‫ولكن فضل اهللن وا نسع‪ ،‬ال يمنعه اعئ نق وال مان نع‪ ،‬فالسايق باق ال يزال‪ ،‬وليس‬
‫دون فضل نه حمال‪.‬‬
‫قال ابن الوردي‪:‬‬
‫ل‬
‫كـل مـن ســار ىلع الـدر نب وصـل‬ ‫ال تقــل قـد ذهبـت أربـــابـــــه‬
‫وقال احلبيب يلع بن حممد احلبش‪:‬‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫ارق يف ع نطيــات نســي نده‬
‫ن‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫ني‬ ‫غيـر ك‬ ‫ما انقطع فضل ريب يا عمر عن عبيـ ندة‬
‫ل‬
‫وصي نده‬
‫ما خ نسـر من قصـد بابه وال زم ن‬ ‫فاقصــده إنه املقصـــود واخلري بنيــ نده‬
‫ن‬
‫فاكن ذلك بمثابة تشجيع هل ولعزيمتنه‪ ،‬وإحياء نليته وهنمتنه‪ ،‬وماكفأة‬
‫ل‬
‫قت انلية‪ ..‬أنيلت‬‫حلسن أخالق ن نه وسالم نة قلب نه وصفاءن ط نويتنه‪ ،‬وإذا صد ن‬
‫املقاصد‪.‬‬
‫ن‬ ‫ت‬
‫القاصد‪ ..‬حتقق ن‬
‫ن‬ ‫األمنية‪ ،‬وإذا صدق‬

‫جانب من اجتهادنه‬
‫ً ل‬
‫اجتهد احلبيب يف حتصيل العلوم اجتهادا قل أن يوجد هل نظري‪ ،‬حيث‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫تشمريه ن وهنمتنه‪ ،‬مرابطا مصابرا ال ينام إال‬
‫ن‬ ‫ة‬
‫ن‬ ‫واغي‬ ‫‪،‬‬‫ه‬‫ن‬ ‫ت‬‫كلي‬‫أقبل ىلع العلوم ب ن‬

‫‪١٩‬‬
‫سويعات قليلة عند الغلبة‪ ،‬وال يأكل إال لقيمات يسرية عند الفاقة‪ ،‬وال‬
‫ل‬
‫جر‪،‬‬
‫يتلكم إال لرضورة‪ ،‬فأخذ يف حفظ املتون‪ ،‬و حتقيق الفنون‪ ،‬ويف سهر اليا ن‬
‫جر‪ ،‬حت ظهرت عليه أمارات انلجاب نة وانلجاح‪ ،‬وأرشقت ىلع‬ ‫ن‬
‫وصوم اهلوا ن‬
‫حمياه أنوار الوالي نة والفالح‪ ،‬وتوالت هل البشائ نر‪ ،‬وتنورت منه الّسائ نر‪ ،‬وذاك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من بعد اتلوج نه اتلام‪ ،‬بكل باطنن وبكل ظاهنر‪.‬‬
‫قال ابن الوردي‪:‬‬
‫أبعـد اخلري ىلع أهل الكسل‬ ‫اطلب العلم وال تكسل فما‬
‫ِ‬
‫يعرف املقصود ُي نقر ما بـذل‬ ‫واهجر انلـوم وحصـله فمـن‬
‫فأصلح املوىل هل أمره‪ ،‬وأطلق هل أِسة‪ ،‬ورشح هل صدره‪ ،‬ووصل األمر‬
‫ثمان عشة مرة‪ ،‬وحني‬
‫جع دروسه قبل قراءت نها ىلع الشيخ ن‬
‫ب نه كما قال أنه يرا ن‬
‫يشعر بالفتور وانلصب‪ ،‬وُيس باإلرهاق واتلعب‪ ،‬قال‪ :‬أن نذر ذلك ليك يكون‬
‫من ُجل نة الواجبات «اها»‪،‬‬
‫ِ‬
‫فسبحان من مّيه بهذه املناق نب والصفات‪ ،‬وما هذا إال مثال يف هذه‬
‫انلبذة اليسرية‪ ،‬وإال فمجاهداته عظيمة كثرية‪ ،‬مبسوطة يف تراُج نه الكبرية‪،‬‬
‫كهداية األخيار‪ ،‬وكتاب اإلحبار‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ففتح اهلل عليه فتحا مطلقا يف ُجيع العلوم‪ ،‬من ك منطوق ومعقول‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ل‬
‫جده واكتسابه اكن ظاهرا ومؤثرا يف حتصيلن نه للعلوم‪ ،‬إال‬‫ن‬ ‫أن‬ ‫ومفهوم‪ ،‬ومع‬
‫أن عناية اهللن سبحانه وتأهيلة إيـاه‪ ،‬ثم مالحظة أهلن نه وأسالفه وشيخه‬

‫‪٢٠‬‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫وإنعام‬ ‫نليل ما أمله ورغنب في نه ورجاه‪ ،‬من فضل‬
‫األواه‪ ،‬هما السبب األمثل ن‬
‫ح ِب مع املحبوب‪ ،‬أن ينال مننه املطلوب‪.‬‬
‫سي نده ن ومواله‪ ،‬وعالمة الم ن‬
‫قال الشيخ عمر باخمرمة ريض اهلل عنه‪:‬‬
‫هيهــات مــا الخــت يكســب‬ ‫مـــــــا العطــــا مـكتســـــب‬
‫وآخـــر منـــن الـبــاب ُيـــذب‬ ‫حب‬‫مــــن بغـــــــــوا نهل ســــ ن‬
‫ل‬
‫وذا طبــــــع مـــــن حـــــــب‬ ‫خــــــذ عـطانــــا (بنـال نمنــة)‬

‫تردده ىلع الصاحلني‬


‫بتحصيل العلوم واتلفرغ اتلام‪ ،‬وترك الفضول‬
‫ن‬ ‫ومع انشغاهل نفع اهلل به‬
‫اذلي وصل به إىل أىلع مقام‪ ،‬ومع أنه مكث أربع سنوات‪ ،‬لم يعرف ساكن‬
‫الغرف نة اليت بواره الستغراق نه ُجيع األوقات‪ ،‬إال أن ذل نك كه لم يمنع تردده‬
‫ىلع صالح بدلة ن تريم وأويلائها العارفني‪ ،‬وغريها من اليار املجاورة طنيلة‬
‫السنني‪ ،‬وطلب الاعء منهم واستجازتهم‪ ،‬فقد ل‬ ‫ِ‬
‫عرفه اهلل بهم وعرفهم‬ ‫األربع‬
‫ل‬
‫وصيات ننهم‪،‬‬
‫عليه وحننهم‪ ،‬وسخرهم هل وطوى عنه بشيات ننهم‪ ،‬وأشهده خص ن‬
‫بهم‪ ،‬واالستمداد من حقيقتن نهم‪.‬‬
‫حت تم هل االنتفاع ن‬
‫وكما قال شيخ األحقاف‪ ،‬احلبيب عمر بن سقاف‪ ،‬ملن أراد إزالة‬
‫العوائ نق‪ ،‬يف نظم بديع رائ نق‪:‬‬
‫ل‬
‫واشــــهد احلقـــــــائ نـــق‬ ‫دع كـــــل صــــــــورة‬

‫‪٢١‬‬
‫وبلغ منن حس نن ظنه أنه يست نمد ويطلب الاعء من عبي ند وخد نام تريم‪،‬‬
‫متواضع حكيم‪ ،‬منن قلب من اهلل ىلع بصرية‪ ،‬أاعن عليها صفاء‬ ‫ن‬ ‫اعرف‬‫بنظرة ن‬
‫ِس اهلل يف خلقه وعبادنه‪ ،‬ويعطى املرء ىلع اعتنقا نده ن ومرادنه‪،‬‬‫الّسيرة‪ ،‬إذ أن ن ل‬
‫ن‬
‫ل‬
‫ورب مشهور‪ ،‬بنربك نة مستور‪.‬‬
‫بنت امليلق‪:‬‬
‫وكما قال ابن ن‬
‫ً‬
‫واملرء إنن يعت نقد شــيئا وليس كما يظنـــه «لم خينـب» واهلل يعطيـــ نه‬
‫ً‬
‫وخصوصية‪ ،‬اكحلبيب‬
‫ن‬ ‫فأواله كثري من العارفني وأهل الّس عناية‬
‫أهل‬
‫علوي بن شهاب واحلبيب جعفر بن أمحد العيدروس وغريهم من ن‬
‫الوراث نة املحمدية‪.‬‬
‫ً‬
‫ثم إن واله احلبيب عبداهلل «اهلدار» بن شيخ رمحه اهلل‪ ،‬اشتاق هل شوقا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حب احلرضة ن‬ ‫عظيما بدا ظاهرا يف حمياه‪ ،‬ويف قصيدته اليت أرسل بها إىل صا ن‬
‫ض سنني‪ ،‬أن يسمح‬ ‫ِ‬
‫الشاطري شيخن اإلسالم‪ ،‬يطلب منه بعد م ن ِ‬ ‫واملقام‪ ،‬اإلمام‬
‫الشوق واحلنني‪ ،‬وأن فراق ولنه املحبوب‬ ‫له ن بالعودة إىل ِ‬
‫اليار بعد غلب نة‬ ‫لو ن‬
‫ن‬
‫ً‬
‫أحرمه املنام‪ ،‬حيث قال ناظما(‪ )٩‬بعد حتنيت نه والسالم‪:‬‬
‫ِ‬
‫وب وضــامنر‬ ‫ن‬ ‫ب‬‫ـــي‬‫ش‬ ‫ـل‬ ‫يـــــا راحلـــــــني إىل احلبيــــ ـــــب بـك‬
‫جر‬ ‫يلع مهجـــــــــــــــــــت والقلـــب صــحبتكم مهـــا ن‬ ‫ردوا ل‬
‫ِ‬
‫ــــــت الـديـــــــا ر‪ ..‬والحــت انـــــوار البشــــائ نر‬ ‫ن‬ ‫حـــت إذا دن‬
‫حـــت يشـــاهند ظــــْب اعمنـــر‬ ‫زفــــوا فـــــؤادني بـيــــنكـــم‬

‫( ‪ ) ٩‬سبقت اإلشارة إيلها عند ترُجة احلبيب عبداهلل (اهلدار) بن شيخ ‪.‬‬

‫‪٢٢‬‬
‫وحــذار منــن كـسـر اخلــواطنــر‬ ‫وترفقـــــوا بنـــــــه وارف نـقــــوا‬
‫ً‬
‫ند‪ ..‬فـــالذة بـــــني اجلــــــواهنر‬ ‫فــــــــإذا وجــــدتم للـفـــــؤا‬
‫ند‪ ..‬وحســبكم نظـــرونـــــاظنر‬ ‫ضــــموا الـفــــؤاد إىل الفـــــؤا‬
‫وفاحـــت انلـــفح العــــواطنر‬
‫ن‬ ‫ر‪..‬‬ ‫وهنــال نــــك اجتمـــــع الســرو‬
‫ت‪ ..‬ومـنــتهـى غــــر نض اخلواطر‬
‫ن‬ ‫وهنــــــاك مـجتمــــع الشــــتا‬
‫ـــك شــــاطنـر‬
‫رة حتــت رأي ملني ن‬ ‫حيــــث األمـــــــارة والــــوزا‬
‫ل‬
‫خر‬
‫ـــن ومـــن حــوى ك املفـــا ن‬ ‫األكـــــر نم ابـــــن األكـرمنيـــــ‬
‫ل‬
‫جر‬
‫رة‪ ..‬خــــيـر مــــرثاة ن المتــــا ن‬ ‫يــا شـــــــاطنري إن الـشـــــطا‬
‫ِ‬
‫ورجـــــوت رجـــــوى ك زائ نــر‬ ‫إنــــى وقفــــــت بنـبــــابـكم‬
‫جر‬
‫كـم غـصــــن ن نعمـت المهـــا ن‬ ‫وغرســـــت يف تربـــــة نـــــدا‬
‫ــاصـر‬
‫منـن قبـل تـدركــــه العـن ن‬ ‫ولـــــدي ومـن حـــــــررتـــه‬
‫(‪)١٠‬‬
‫ند‪ ..‬بــبـطـن جــوهرة ن احلرائ نــر‬ ‫ح لررتــــــــه قبــــــل الوجـــو‬
‫كن ‪ ..‬لـــــــوالنه مـحــــو اجلرائ نـر‬ ‫مـلـك املـلــــو‬
‫ن‬ ‫ورجــــوت مـن‬
‫ِ‬
‫ــــاص‬
‫ن‬ ‫وملــــن هل أضــــــىح مع‬ ‫وألمـــــــــــ نه وجـــــــــدو نده ن‬
‫ـــــراق ومــا يـخــامنر‬
‫ن‬ ‫ألــــم ال نف‬ ‫واآلن ال يـخفـــــــــــــــاكــم‬
‫وســــــمـحتـموا هل أن يســـــاف نر‬ ‫كم‬
‫فـــإذا ارتــــوى منـن شـــرب ن‬

‫(‪ )١٠‬إشارةً إىل أنه ريض اهلل عنه ّ‬


‫حرره وـهو محل يف بطن أمه املشار إيلها بقوهل‪ :‬جوـهرة احلرائر رمحها اهلل‬
‫ورمحنا بها آمني ‪.‬‬

‫‪٢٣‬‬
‫(‪)١١‬‬
‫وبكـم غـدا املكســـور جابنر‬ ‫فـــــــإنيلكم أمـــــــر اجلميـع‬
‫حلقاتــــه والطـــرف ســــاهنـر‬ ‫إن املشـــــــــيب تــــرادفـــت‬
‫مـة والنعـــــــاد عـن املنــــاك نر‬ ‫فعســـى الســـــالمة والكـــــرا‬
‫ـع احلــــواف نر‬
‫يـصــيـح منـن وقـــ ن‬ ‫منـن وقـت فيـ نه غــدا الكريـــــم‬
‫نــــــاص‬ ‫نع لغـــري منصــــور و‬ ‫يشـكـــو منـن الهمــج الــــــ ِ‬
‫ـراع‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫وبـق الـيسـيـر منـــن األشــــائ نر‬ ‫صـــدق الرســــــــول بـوعـــ نده ن‬
‫واآلل األطـــــــــاهنر‬
‫ن‬ ‫عليــــــ نه‬ ‫صــــلــى لإ العــــامليــــــــن‬

‫فرأى اإلمام الشاطري أن يبق برتيم حت يتم هل االنتفاع اتلام وكمال‬


‫ل‬
‫الشح‪ ،‬ألن اثلبات يف طلب العلم عليه المع ل‬
‫حصول الفتح‪ ،‬وألن من‬
‫ن‬ ‫يف‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ِ‬
‫العلم االنقطاع وكرثة األسفار‪ ،‬ومالحظة السوى ومتابعة‬ ‫ن‬ ‫آفات طلب‬
‫شويش واألكدار‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫اجلال نة للت‬ ‫األخبار‪،‬‬

‫وفاة شيخ نه الشاطري‬


‫ِ‬
‫تويف شيخه املنيب األواة‪ ،‬احلبيب عبداهلل بن عمر الشاطري طيب‬
‫ل‬
‫اهلل ثراه‪ ،‬وقدس مثواه‪ ،‬يللة السبت ‪ُ ٢٩‬جادي األوىل سنة ‪١٣٦١‬ه‪ ،‬وترك ذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لفراق شيخه حزنا‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫وحز‬
‫ن‬ ‫‪،‬‬‫د‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫وفجو‬ ‫‪،‬‬‫د‬‫ُي‬ ‫ال‬ ‫اخلطب يف قلب نه فرااغ‬

‫( ‪ ) ١١‬يف ـهذا ابليت ما يشهد ىلع كمال أدب احلبيب عبداهلل (اهلدار) وادل املرتجم هل رمحهما اهلل وحسن‬
‫أخالقه وتعظيمه ألـهل العلم وبالغة القصيدة شاـهدة ىلع ما وصل إيله ـهذا اإلمام من األدب والعلم واهلل‬
‫أعلم حيث جيعل رساتله ‪.‬‬

‫‪٢٤‬‬
‫ً‬
‫حشا وحيدا‪ ،‬فلطاملا أواله شيخه من‬ ‫شديدا‪ ،‬وكأنه من بعده غدا مستو ن‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫احلنان والراعية األب نوية‪ ،‬واملتابعة وحس نن املعية‪ ،‬ما جعله مستأن نسا يف رحلت نه‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬
‫اخلاطر يف ك حلظة زمنية‪ ،‬فسلم األمر لرب نه سبحانه‪،‬‬ ‫ن‬ ‫الطلبية‪ ،‬ومنشح‬
‫ل‬
‫راق ف نكره وجنانه‪ .‬فحفظ هل الود ولم ينسه من الاعء‬ ‫وإن مل احلزن وألم ال نف ن‬
‫ل‬
‫ووالهم إىل ممات نه‪ ،‬وذلك من حق الشيخ ىلع‬ ‫طول حيات نه‪ ،‬وأجل أبناءه وب لرهم ن‬
‫كرم بهما منن مثل محيد‪ ،‬وقد أحسن من قال‪:‬‬
‫املريد‪ ،‬فأ ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب والعطف‬
‫أقـدم أســـــتاذي ىلع ب نر والــدي وإن اكن يل من والي ن‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫اجلسم وهو هلـا صـدف‬
‫ن‬ ‫الـروح والـروح جوهـر وهذا مريب‬ ‫فهذا مريب‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫ِ‬
‫حق االســـتاذ فـوق حق األبـــ لوة‬ ‫عنـد أهـل اتلـقـى وأهـل الم ل‬
‫ـروة‬ ‫ن‬
‫بيـت انلبــ لوة‬
‫ن‬ ‫ك ويرعــوه‪ ..‬أهـــل‬ ‫وأحـق األنـــــ ن‬
‫ام أن يـحفظــوا ذا‬

‫عودته إىل اليار‬


‫ً‬
‫لم يقعد سيدي اهلدار بعد وفاة ن شيخه اإلمام الشاطري برتيم وقتا‬
‫ً‬
‫طويال‪ ،‬بل اعد إىل مقر إقامته بقرية عزة بمحافظة اليضاء عودا ُجيال‪ ،‬واكن‬
‫ً‬
‫عمره آنذاك حنوا من اثلانية والعشين‪ ،‬بعد أن أمىض برتيم قرابة أربع‬
‫ل‬ ‫سنوات ل‬
‫تم فيها ل نشخ نصيتن نه الناء واتلكوين‪ ،‬وإن اكنت رحلة الطلب قصرية‪،‬‬
‫بالنسبة ملا ينبيغ أن يمكثه طالب العلم للزتود وتمام االستفادة ونفاذ‬
‫عي‬
‫الصرية‪ ،‬إال أن اهلل سبحانه بارك هل يف هذه املدة ‪ ,‬وفتح عليه فيها بما ي ن‬

‫‪٢٥‬‬
‫ل‬
‫جدة‪ ،‬بسبب صدقه مع اهلل‪ ،‬وإقباهل ىلع مواله‪ ،‬وهمت نه العلية‪،‬‬ ‫املدارك امل ن‬
‫ل‬
‫ونفس نه األبي نة الزكية‪ ،‬وهلل در العالمة ابن رسالن حيث قال‪:‬‬
‫ن‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫مـن نفســـه شـــريفـة أبيـــــه يربــــأ عـن أمـــــوره ن الننيــــة‬
‫يســـهر يف نطالبهــــا الليـــــايل‬ ‫ولـم يــــزل ُيـــنح للمعـــــايل‬
‫فحاهل حال من قال فيهم سيدنا اإلمام حممد زين بن سميط رمحه اهلل‬
‫وأدام انلفع بعلومه‪:‬‬
‫ل‬
‫نـجـب الـعـز نم وســـاقـوا اهلممــا‬ ‫اعنفـــوا اجلـد وأنضــوا وامتطـوا‬
‫ال تـــــراهم يف اليــــايج نومــا‬ ‫لم ينـوؤوا حتت أعبــاءن الـســرى‬
‫ً‬ ‫ل‬ ‫ً‬ ‫ل‬
‫سـجـــــدا أو ركعـــا أو ق لومـــا‬ ‫بـل إذا جــ لن الجـــى ألفيـــتهم‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫ً‬ ‫ل‬
‫خـمصـــا أو عطشـــا أو صــوما‬ ‫وإذا أضـىح الضـىح عـــاينتـــهم‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شـــــهدوا ك الاليـــا ن نعمـــــا‬ ‫صـربوا شــكرا‪ ..‬وشــكرا صـربوا‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫صـــدقوا العــزم وأوفـــوا اذلمـما‬ ‫أخلصــوا انليــة والقصـــد‬
‫كمــا‬
‫نقبـــــاء نـجبــــــاء أدبـــــاء أذك نيــاء أسـخيـــاء حكمـــــاء‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فاكنت هذه الفرتة اكفية نألن يعود منها مزتودا بالعلوم السنية‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ً‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ات الصادنق نة انلل نقية‪ ،‬متخلقا بكل‬‫ن‬ ‫وانلي‬ ‫ة‬
‫ن‬ ‫نم‬ ‫هل‬‫وا‬ ‫‪،‬‬‫ة‬‫ي‬ ‫واألخالق العلن‬
‫ن‬ ‫واملعرف نة‬
‫ن‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫خلق س نِن‪ ،‬ومتخليا عن ك خلق د نين‪ ،‬ممتل بمحب نة أول ال نعرفان‪ ،‬وبأن‬
‫ِ‬
‫الكريم اليان‪ ،‬وهو اآلن يف‬
‫ن‬ ‫يقوم خبدم نة هذا الين يف ك ماكن‪ ،‬ابتغاء وج نه‬

‫‪٢٦‬‬
‫ً‬
‫ريعان شبابنه‪ ،‬يدرك معن اغتنا نم نه وحّسة ن ذهابنه‪ ،‬واضعا نصب عيني نه قول‬
‫ن‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫إنـمـا املــرء نصـحـــة وشـبـــاب فـــإذا ويلـــا ىلع املــــر نء‪ ..‬ولــى‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫ين اليتني‪:‬‬
‫ن‬ ‫هذ‬ ‫د‬‫د‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫مااكن‬ ‫وكثريا‬
‫ل‬
‫إذا لـم تســـد يف يلــايل الشــباب فال سـدت ما عنشت منن بع ند هننـه‬
‫ل‬
‫وهــل رأس مــال نك إال الشـــباب خــ نذ اخلـيـر مننـــه وال ته نملنــه‬

‫انطالق دعوت نه‬


‫سات الزمان‪،‬‬
‫وبال نفعل بدأ سيدي اهلدار بعد وصوهل بما يعد منن تنف ن‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫وغريها من سائ ننر‬
‫ن‬ ‫وهو قيامه باتلعليم واتلدريس يف ك وقت وآن‪ ،‬يف غزة‬
‫واإلخوان‪ ،‬والعشرية ن‬ ‫األهل ن‬
‫ن‬ ‫اطق منن‬
‫وألهل تلك املن ن‬
‫ن‬ ‫الدلان‪ ،‬لعام نة انلاس‬
‫ِ ً‬ ‫ً‬
‫واخل نالن‪ ،‬حيث خرج مش نمرا إىل القرى العيدة‪ ،‬متسلحا بنيات ن نه الصادق نة وما‬
‫ل‬
‫ُي نمله يف با نطنن نه من العلوم املفيدة‪ ،‬إ نذ العلم ماحواه الصدر‪ ،‬ال ما حواه السطر‬
‫وال نقمطر‪.‬‬
‫وكما قال سيدنا اإلمام الشافع ريض اهلل عنه‪:‬‬
‫ـــــندوق‬
‫ن‬ ‫صـدري نواعء هل ال بطـن ص‬ ‫ـِن‬
‫علــيم مـعـي أينمـا يـممـت يتبع ن‬
‫ـوق‬
‫وق اكن العلم يف الس ن‬
‫أوكنت يف الس ن‬ ‫اليت اكن العلم فيــ نه مع‬
‫ن‬ ‫إن كنت يف‬
‫ِ‬
‫املسافات الصعاب‪ ،‬ووصل إىل كثـيـر مـن الـقـرى واألودني نة‬
‫ن‬ ‫فقطع‬
‫ِ‬
‫والشعاب‪ ،‬اليت لم يستطع غريه الوصول إيلهـا بوسائل انلل‬
‫قل احلديث نة ووصل‬ ‫ن‬ ‫ن‬

‫‪٢٧‬‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫إيلهـا راكبـا ىلع الواب‪ ،‬غـيـر آبنــه بـمـا يالقيـ نه مـن املعـانـاة ن واألتعاب‪،‬‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫فعلم اجلاهل عنلم الصواب‪ ،‬وأرشد الضال إىل هد ني الكتاب‪ ،‬وإىل نه نج‬
‫ل‬
‫حجاب‪ ،‬فانتفع‬ ‫وسـنـ نة سـيـ ند األحباب‪ ،‬وُجع النسـاء وحاَضهن منن وراءن ن‬
‫اتلعليم واتلهذيب‪،‬‬
‫ن‬ ‫ب نه خلق كثري‪ ،‬واستفاد منه اجلم الغفري‪ ،‬وبيق أثر هذا‬
‫ً‬
‫وس العـوام‪ ،‬ما تعاقبت أعمارهم‬ ‫وحسن موعظ نة هذا احلبيب‪ ،‬باقيا يف نف ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫إىل‬ ‫اع‬‫د‬ ‫‪،‬‬‫ه‬‫سن‬‫ح‬‫أ‬ ‫وما‬ ‫ه‬‫م‬ ‫ظ‬‫ع‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫م‬ ‫ىلع مدى األعوام‪ ،‬فبنأ نيب وأّم منن معل‬
‫فاس وأعذ نب األل نسنة‪ ،‬حت‬
‫ني واملوعنظ نة احلسنة‪ ،‬بنأطه نر األن ن‬
‫باحلكم نة والل ن‬
‫ً‬ ‫تهذبت بتلك ل‬
‫العـوة ن انلفوس‪ ،‬وظهـر جليا أثرها امللموس والمحسوس‪.‬‬ ‫ن‬

‫وفاة والنه‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ً‬
‫بعد ذلك سافر إىل «أسمرة» بإريرتيا احلبشية‪ ،‬داعيا إىل اهلل بهمة علنية‪،‬‬
‫ن‬
‫والورع‬ ‫فس الزك نية‪،‬‬ ‫بنصحب نة شيخ نه وزميل نه الشيخ عمر حداد املشهو ند هل بانلل ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ل‬
‫ن‬
‫وصالح‬ ‫الوجه نة‬
‫ن ن‬ ‫صدق‬ ‫بسبب‬
‫ن‬ ‫عظيما‬ ‫نفعا‬ ‫بهما‬ ‫اهلل‬ ‫ع‬ ‫ف‬‫ن‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬‫قي‬ ‫والط نوي نة انل‬
‫انلية‪ ،‬وال يزال بعض الوافدين من ت نلك األماكن يصفون حاتلهما ل‬ ‫ل‬
‫الع نوية‪،‬‬ ‫ن ن‬
‫ل‬
‫ول نني موعظتنهما وأخالقهما املحمدية‪ ،‬اليت انتفع بها الكثري يف تلك اجلهات‬
‫ل‬
‫إيلهم دائم‬
‫ن‬ ‫ها‬‫بعث‬ ‫اليت‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫األفريقية‪ ،‬وأنهما اكنا بالنسب نة هلم بنمثاب نة الهدي‬
‫ل‬
‫الربية‪ .‬ويف تلك األثناء وافت واله احلبيب عبداهلل «اهلدار» بن‬ ‫الفض نل ىلع ن‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫شيخ املنية‪ ،‬رمحه اهلل رمحة أبدية‪ ،‬اعم ‪ ١٣٦٥‬من السنة اهلجرية‪ ،‬فح نزن ذلل نك‬
‫ل‬
‫ومحند ذا اجلالل‪ ،‬ىلع ك حال‪ ،‬مـر وحال‪ ،‬ماض وحال‪ ،‬واسرتجع بقوهلن‪ :‬ﱡﭐﱣ‬

‫‪٢٨‬‬
‫ﱡﭐﱩﱪﱫﱬ‬ ‫ﱤﱥﱦﱧﱠ‪ ،‬وهذا وصف من قال اهلل فيهم‪:‬‬
‫ﱮ ﱰ ﱱ ﱲ ﱠ ‪ ،‬فعاد وحتمل منن بع ند وا ن‬
‫له ن أعباء‬ ‫ﱯ‬ ‫ﱭ‬
‫ِل‬
‫اذلرية‪ ،‬فجاءت بعد ذل نك رحلته إىل‬ ‫املسئويللة‪ ،‬حنو أهلن نه وأقارب ن نه وسائ ننر‬
‫ً‬
‫خري حال‪ ،‬خطيبا‬ ‫ن‬ ‫الصومال‪ ،‬وأصبح بمدين نة «مرواس» بمقديشو ىلع‬
‫ً‬ ‫ِ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بمسج ندها مص نقعا‪ ،‬وإماما ومعلما ناف نعا‪ ،‬ملدة دامت قرابة السنتني‪ ،‬اعد‬
‫العوي ومحاسه املشهور‪،‬‬ ‫بعدها إىل بدلتنه قرير العني‪ ،‬واستم لر فيها نشاطه ل‬
‫ن‬
‫وبن بمدين نة اليضاء نرباطه اذلي أشار ب نه علي نه شيخه املذكور‪ ،‬أعِن ب نه قرة‬
‫ً‬
‫ناظنري‪ ،‬اإلمام الشاطري‪ ،‬فهيأ اهلل هل ظروف وأمور اتلأ نسيس‪ ،‬يلكون مرك نزا‬
‫ل‬
‫األمر ك اغل‬
‫ن‬ ‫عليم واإلفتاءن واتلدريس‪ ،‬فبذل نألج نل ذل نك‬
‫من مراك ننز اتل ن‬
‫ون نفيس‪ ،‬واكن بناؤه اعم ‪١٣٨٠‬ـه ثم بن مسجد الفتح اعم ‪١٣٨٢‬ـه واكن اهلل هل‬
‫ل‬ ‫ِ ً‬
‫مؤيدا وم نعينا‪ ،‬وجاء تارخيه باجلم نل ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱠ‪ ،‬فما أعظمها‬
‫(‪)١٢‬‬
‫جد الفتح‪ ،‬نيلتنم حبوهل‬‫منن بشارة‪ ،‬وما أصدق ت نلك اإلشارة ‪ ،‬وأسماه مس ن‬
‫بعـض تلك‬ ‫ن‬ ‫وصـف‬
‫ن‬ ‫للصدور ب نه الشح‪ .‬قال سيدي اهلـدار‪ ،‬يف‬ ‫ن‬ ‫تعاىل‬
‫ِ ً‬ ‫ِ ً‬
‫فـيـض‬
‫ن‬ ‫االقتبـاس مـن‬
‫ن‬ ‫األنـوار‪ ،‬مرغبا يف اغتنام األعمار‪ ،‬وحمرضا ىلع‬
‫ً‬
‫األِسار‪ ،‬ومعرفا حبقي نق نة ذل نك املنار‪:‬‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫ـوه ن عـن سيئات نك والصـف نح‬‫ن‬ ‫ـف‬ ‫ع‬ ‫ويف‬ ‫ح‬‫ن‬ ‫ـت‬ ‫والف‬ ‫ـك‬ ‫رب‬ ‫ـل‬
‫ن‬ ‫ـض‬ ‫ف‬ ‫يف‬ ‫أيا راغبـا‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫ــل ك و نســــيلة منن ال نعل نم تهدي نه إىل الفو نز وانلج نح‬ ‫ومـجت نهـدا نيف ني ن‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ومبتـ نغيا نــورا بنـ نه ينجلـي العم ورشحا أت يف سورة ن انلور والش نح‬

‫( ‪ ) ١٢‬أي‪ :‬اليت برشة بها شيخه الشاطري يف مرحلة الطلب بيناء ـهذا الرباط املبارك‬

‫‪٢٩‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومست نمعا منن هدي نـ نه أبلغ انلصــ نح‬ ‫ســـول حمـمـد‬
‫ن‬ ‫ومقت نفيــا أثـر الـر‬
‫ربـح‬
‫زمانك تربح في نه ما نشئت منـن ن‬ ‫أتتك منـن اللـ نه الســـعادة فاغتننم‬
‫ل‬
‫بواب منن«مسج ند الفت نح»‬
‫ن‬ ‫األ‬ ‫ة‬‫ح‬ ‫ت‬ ‫مف‬ ‫ـم فـيـ نه رياضـه‬
‫فهـذا نرباط الـ نعل ن‬
‫صيل ويف الصب نح‬ ‫ودونك فارتع يف األ ن‬ ‫اض م نعيننها‬
‫حيـ ن‬
‫فدونك فاكرع منن ن‬
‫ن ِ‬ ‫ً‬
‫باجلد والكد نح‬ ‫وسارع إىل مـوالك‬
‫ن‬ ‫حم واتركن العجز جان نبا‬
‫وســابنق وزا ن‬
‫ل‬
‫ـح‬
‫ومـا أمـره إال كأقـرب منـن لـم ن‬ ‫وبــادنر فـإنن املـوت ليس بغـــاف نل‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ِ ً‬
‫حيم مع الفت نح»‬
‫هننيئا لكم نص الر ن‬ ‫اريخ الننـــاءن مبشا‬‫وقـد جاء تـــ ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بنفضلنك وامنحنا ب نه أفضـل الـمن نح‬ ‫تـار حـقـق رجـاءنا‬‫ن‬ ‫خ‬ ‫بالم‬ ‫رب‬ ‫فيـا‬
‫ِ‬
‫بهــا ن نســبة يف ك وقت بنال نــز نح‬ ‫اع ومــاهل‬‫ارك نلـا يف ذي النقـ ن‬ ‫وبــ ن‬
‫ل‬
‫ـن املـد نح‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫ـجـل‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الال‬ ‫ة‬
‫ن‬ ‫س‬ ‫د‬ ‫ـمق‬ ‫بنروح ور ُيان وما يف بيـــوت نك الـ‬
‫ِ‬
‫ـح‬ ‫مباركـة فـيهـا اثلـواب مع الـفت ن‬ ‫وضاعنف كما ضاعفت يف ك بقعة‬
‫ِ‬ ‫مدى اله نر تهدى للن ن‬
‫ام بنـال شـح‬ ‫وأعمـاهلـا مقبولـــة وعلـــومهـا‬
‫وعينك حت نميها منن القد نح واجلـر نح‬ ‫حها‬‫ورمحتك العظم ت نفيض بنســو ن‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـح‬
‫وآل وصـحـب واملتـــابنع بانلص ن‬ ‫وصـل وسـلـم كـل حني ىلع انللْب‬
‫ل ل‬
‫ــمهي نم نن عـد اذل ِر والقطـ نر وال نمل نح‬ ‫الم الـ‬
‫وسـائ ننر رســ نل اهللن نمـلء عـو ن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يل ويف الصب نح‬ ‫كذل نك يبق يف األصـ ن‬ ‫وحنمـــدك امهلل حـمدا مبــــاراك‬

‫‪٣٠‬‬
‫مرحلة ما بعد الناءن‬
‫أعظم األهداف‪ ،‬ابتغاء مرضاة ن‬
‫ن‬ ‫بدأ سيدي اهلدار يف هذه املرحل نة بتنفي نذ‬
‫ن‬
‫وخياهل‪،‬‬ ‫ومقاهل‪ ،‬واليت ظلت يف عقل نه ووجدان نه‬ ‫ن‬ ‫واسع األلطاف‪ ،‬حباهلن وفعل نه‬‫ن‬
‫ل‬ ‫من بعد تأسيس هذا ل‬
‫الص نح الشامنخ‪ ،‬اذلي ض نمن بنف نع نه وبقائ ن نه كمل األكاب ن نر‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العجيب أن تأسيس هذا الرباط جاء بعد سنني‪ ،‬من التشو نف‬ ‫ن‬ ‫واملشائ نخ‪ .‬ومنن‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ً‬
‫بلوغ سيدي اهلدار سن األربعني‪ ،‬وكأن يف‬ ‫ن‬ ‫والتشو نق واحلنني‪ ،‬مزتامننا مع‬
‫ِ‬
‫الس ل‬
‫ظهور األمارة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أوان‬ ‫هو‬ ‫ن‬ ‫هذه املوافقة‪ ،‬خري إشارة ناطنقة‪ ،‬ىلع أن هذا‬
‫ِ‬ ‫الال نة ىلع حتقق البشارة‪ ،‬فقد ل‬
‫تم هل بلوغ األشد واالستنواء‪ ،‬ف نفي نه أوح‬ ‫ن‬
‫بليغ إىل األنبياء‪ ،‬وفي نه اكتملت عقول العقال نء و ن‬
‫حكمة احلكماء‪ ،‬فظهر‬ ‫باتل ن‬
‫اإلبريز‪ ،‬اذلي‬‫يف ذلك من الفأ نل احلس نن واتلح نفّي‪ ،‬ما يوح بأنه بمثاب نة ن‬
‫اإلمدا ند واتلعزيز‪ ،‬وما ذل نك ىلع اهللن بنعزيز‪،‬‬
‫ستتواىل هل من اللـ نه صنوف ن‬
‫العلم من شت الن ن‬
‫قاع‬ ‫ن‬ ‫العلم باالن نعقاد‪ ،‬وتوافد طالب‬ ‫ن‬ ‫فبدأت حلقات‬
‫للقرآن الكريم‪ ،‬فاكن بمثاب نة‬ ‫حفيظ‬ ‫وأطراف الالد‪ ،‬وأقيمت حلقات اتلل‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬
‫ل‬
‫باط تريم‪ ،‬وع نقدت املجالس العامة‪ ،‬اليت ح نرص ىلع‬ ‫نسخة مطابنقة ل ننر ن‬
‫ل‬
‫ت‬ ‫املوال وابتهج ن‬
‫ن‬ ‫ورها واالستفادة ن منها اخلاصة والعامة‪ ،‬وأقيمت‬ ‫حض ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املجالس‬ ‫ن‬ ‫نلك‬ ‫ت‬ ‫ىلع‬ ‫املوىل‬ ‫وجعل‬ ‫‪،‬‬‫نل‬ ‫ئ‬‫املسا‬ ‫ت‬
‫ن‬ ‫ق‬‫ق‬ ‫وح‬ ‫ند‬ ‫ئ‬ ‫الفوا‬ ‫ت‬
‫املحاف نل‪ ،‬وق ن‬
‫د‬‫ي‬
‫ً‬
‫ب‬ ‫بات وىلع تعاق ن‬ ‫ذال واألساف نل‪ ،‬يف سائ ننر اتلقل ن‬ ‫ار واألن ن‬ ‫واقية منن أذى األرش ن‬
‫ل‬
‫ب‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫الك‬ ‫ىلع‬ ‫حتتوي‬ ‫اليت‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬‫اجلليل‬ ‫الرباط‬
‫ن‬ ‫مكتبة‬ ‫اهلدار‬ ‫سيدي‬ ‫س‬ ‫وأس‬ ‫حل‪.‬‬‫املرا ن‬
‫القيم نة واجلميلة‪ ،‬تلً‬‫ِ‬
‫العلم خري مرجع ووسيلة‪ ،‬فاكن هو‬ ‫ن‬ ‫لطالب‬
‫ن‬ ‫ون‬ ‫ك‬

‫‪٣١‬‬
‫ِ‬
‫قل عنها‪ ،‬وعندما دخل إيلها‬
‫ن‬ ‫انل‬ ‫يف‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫األ‬ ‫ت‬‫ب‬ ‫املستفيد األكرب منها‪ ،‬واملتث‬
‫سيدي احلبيب العالمة األصيل‪ ،‬إبراهيم بن عمر بن عقيل قال ريض اهلل‬
‫عنه‪:‬‬
‫ل‬
‫مؤلفــــة دراهــا مـــذ قـــراهـا‬ ‫وعنــد حبيبننـا اهلــــدار كـتـب‬
‫وعنـــد حممـد عنـلـــم غـزيـــر هل مــــدد منـن املختـــــار طـــه‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫فغدا رباط اهلدار مركزا من مراكز بث تعايلم الشع احلنيف‪ ،‬ال سيما‬
‫ً‬
‫رباط تريم و نشاط‬
‫ن‬ ‫عندما ق نويت شوكة االشرتاكية يف اجلنوب سابقا وتوق نف‬
‫العلم الشيف‪ ،‬بسبب اإليذاءن واتلهديد واتلخويف‪ ،‬واحتضن رباط اهلدار‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫اطرية‪ ،‬وصار بمثاب نة نائب عن دور عنلم الال ند احلرضمية‪،‬‬ ‫ن‬ ‫الش‬ ‫العوة‬
‫فتخرج منه الكثري والكثري اذلين نفع اهلل بهم يف سائر أرجاء املعمورة‪ ،‬ل‬
‫وعم‬ ‫ل‬
‫ً‬
‫الرباط كثريا من الدلان الشق آسيوية واإلفريقية املشهورة‪ ،‬اليت غدت‬‫ن‬ ‫نفع‬
‫به من بعد كّسها جمبورة‪ ،‬وببشائر خريه ن وأنواره ن مّسورة‪ ،‬وكذا ل‬
‫عم نفعه‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ِ‬
‫املتخرجون منه ىلع دفعات‬ ‫معظم بدلان اجلزيرة ن العربية‪ ،‬حيث انتش‬
‫تعايلم الفق نه‬
‫ن‬ ‫ُجاعية‪ ،‬ونشوا ثمرة اكتسابنهم وخالصة معرفتهم من‬
‫ِ ً‬ ‫واتلفسري والعربية‪ ،‬فصار هذا ِ‬
‫الرباط نحبق مكمال ننلهج اإلمام الشاطري‬ ‫ن‬
‫ورباطه مصدر األنوار‪ ،‬وإذا اكن هذا األثر الكبري بأخذ واحد وهو سيدي‬
‫اهلدار‪ ,‬فكيف بمن خترجوا منه ىلع مدى السنني‪ ،‬وهذا األثر الكبري مشاهد‬
‫ِ‬
‫حت يومنا هذا وىلع م ِر ك وقت وحني‪.‬‬

‫‪٣٢‬‬
‫جه‬
‫أولويات منه ن‬
‫منهج سيدي اهلدار‪ ،‬إعداد الاعة ن واخلطباءن يف هذا‬ ‫ن‬ ‫ات‬ ‫أولوي ن‬ ‫اكن منن ن‬
‫ً‬
‫الرباط خيرجون‬
‫ن‬ ‫املسار‪ ،‬حيث أوىل هذا اجلان نب اهتماما عجيبا‪ ،‬فاكن طالب‬
‫ً‬
‫لدلعوة ن إىل اهلل إىل املناطق والقرى خروجا م نهيبا‪ ،‬خيطبون اجلمع‬
‫وُياَضون‪ ،‬ويقيمون بعض دروس الفقه يف املساجد األخرى بني العشاءين‬
‫ل‬
‫ويتدارسون‪ ،‬حت يتأهلوا بذلك للخطاب نة يف املحاف ننل الكبرية‪ ،‬وحتصل هلم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شف إرشافا دقنيقا بننف نسه‪،‬‬ ‫بنفس الوترية‪ ،‬فظل يراق نب وي ن‬ ‫ن‬ ‫الربة ىلع ذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جالل قدره ن الشيف‪،‬وعل ِو‬ ‫ن‬ ‫مع‬ ‫‪,‬‬ ‫ه‬ ‫ص‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ح‬
‫ن‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫د‬
‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ة‬
‫ن‬ ‫غاي‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫هلم‬ ‫قوية‬ ‫متابعة‬ ‫ع‬ ‫وي ن‬
‫تاب‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫الرباط نصائح وتوجيهات علمية‪ ،‬ودروسا‬ ‫ن‬ ‫مقام نه المنيف‪ ،‬فأحتف طالب‬
‫لً‬
‫حية‪ ،‬مستوحات من العلوم‬ ‫أرباب الرتبني نة الرو ن‬ ‫ن‬ ‫منهجية وتطبيقية‪ ،‬شأن‬
‫الرسال نة القشريية‪.‬‬ ‫زايللة‪ ،‬ومقتبسة من أخالق رجال ِ‬ ‫الغ ن‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فاكن نعم األب املهذب واملعلم املريب حقا‪ ،‬والقدوة العامل بعلمه قبل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ل‬
‫طالب نه امتثاال وصدقا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقد قيل‪ :‬لوال المريب ما عرفت ريب‪ ،‬ولوال المريق ما عرفت نريق‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كس ىلع املتعلمني‪ ،‬كما قيل‪:‬‬ ‫فأبسط خلل لى املعل نمني‪ ،‬ينع ن‬
‫ِ‬
‫وإذا املعلـــم ســاء حـظ ب نصـريت نه جــاءت ىلع يـ نده ن الصــائ نـر حـوال‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫وإذا املعلم لم يكن عـدال مشــى روح العـدال نة نيف الشــباب ضـئنيال‬

‫‪٣٣‬‬
‫قبس من تراتيبه‬
‫ورفيع‬
‫ن‬ ‫اكن سيدي اهلدار نفع اهلل به مع ما حباه اهلل من صاد ننق انليات‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫نلفس نه الشيف نة اغية المجاهدة يف ك األوقات‪ ،‬فما اكن‬ ‫ن‬ ‫الرجات‪ ،‬جماهدا‬
‫نومه إال غفوات‪ ،‬وأوقاته كها موزعة بني املطالعة واتلدريس وإقامة‬
‫واألذاكر انلبوية‪ ،‬وتوجي نه أعوان نه‬
‫ن‬ ‫المحاَضات‪ ،‬مع املحافظ نة ىلع األوراد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحمبي نه وأوالده ن وحث نهم ىلع اغتنام ك حلظة زمنية‪ ،‬وعمارتها بما يقرب إىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫اهلل رب الربية‪ ،‬مالزما للمسجد وحمافظا ىلع اجلماعة فيه‪ ،‬وىلع تراتيب‬
‫الكمهم عليه‪ ،‬وقراءة ن أحاديث سي ند‬ ‫ن‬ ‫السلف الصالح وقراءة ما تيّس من‬
‫الخاري ورياض الصاحلني‪ ،‬باإلضافة إىل قراءة َشء من‬ ‫ِ‬ ‫املرسلني‪ ،‬كصحيح‬
‫وحات واحلرضات‪،‬‬ ‫الكتب العلمية‪ ،‬وكتب الرقائق الروحية‪ ،‬وإقام نة ل‬
‫الر‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫أكمل انل نيات‪ ،‬كما يف‬‫ن‬ ‫ىلع‬ ‫السلف‬ ‫بها‬ ‫رت‬ ‫اليت‬ ‫‪،‬‬‫األوقات‬ ‫ب‬
‫ن‬ ‫حس‬ ‫ىلع‬ ‫عة‬ ‫موز‬
‫ين وما بني‬ ‫وأرشف السااعت‪ ،‬وعمارة ن ما بني ال نعشاء ن‬
‫ن‬ ‫يلليت اثلالثاءن واجلمعة‬
‫ِ‬
‫وحث نهم ىلع س نِنِ‬ ‫بح إىل اإلرشاق‪ ،‬واإلجابة ىلع أسئل نة الوافدين من القرى‬ ‫الص ن‬
‫األخالق‪.‬‬
‫ً‬
‫وكثريا ما اكن ُيث أوالده وطالب العلم ومنتسبيه‪ ،‬ىلع اغتنام‬
‫مر فيه‪ ،‬وأن العلم رشيف‬
‫أوقاتهم يف طلب العلم واالسزتادة منه وبذ نل الع ن‬
‫حفظ‬
‫وفيهم أرشف وأكرم‪ ،‬واجلهل قبيح وفيهم أقبح وأظلم‪ ،‬وُيثهم ىلع ن‬

‫‪٣٤‬‬
‫حديث سيدنا معاذ(‪ ،)١٣‬ويطلب منهم أن ُيعلوه من ُجلة حمفوظات نهم لى‬
‫ل‬
‫األستاذ‪ ،‬مع متابعة شخصية ملن حرض منهم أو ختلف‪ ،‬وملن اعتذر أو‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫ات الش نف‬ ‫تسوف‪ ،‬وتذكريهم بأن موائد الرباط مبسوطة ملن جد‪ ،‬ومن ن‬
‫ص‬
‫ل‬
‫معدة ملن استعد‪ ،‬وال عليهم إال اجلد والتشمري‪ ،‬فالعمر قصري‪ ،‬وانلاق ند بصري‪،‬‬
‫ِ‬
‫وال ينبئك مثل خبري‪.‬‬

‫صربه‬
‫تعرض سيدي اهلدار نفعنا اهلل به لكثري من األذى واملعارض نة من كثري من‬
‫ل‬
‫حب العوة الصا ندق نة كما قال سيدنا قطب األنفاس‪ ،‬احلبيب‬ ‫انلاس‪ ،‬ألن صا ن‬
‫املنكر صدق دعوت نه‬‫ن‬ ‫أمحد بن حسن العطاس‪ ،‬ريض اهلل عنه‪ :‬ال يزيد أهل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خلعة ينصه عليهم‪ ،‬وهذا‬ ‫القاهر ن‬
‫ن‬ ‫ه‬
‫ن‬ ‫م‬
‫ن‬ ‫اس‬ ‫من‬ ‫ه‬
‫ن‬ ‫علي‬ ‫ع‬ ‫خيل‬ ‫اهلل‬ ‫ولكن‬ ‫‪،‬‬ ‫إال نفورا‬
‫ما اكن‪ ..‬فقد اكن اهلل سبحانه نعم املؤيد وانلاص واملعني والاكيف هل يف سائ ن نر‬
‫أحواهلن وتقلبات نه‪ ،‬يف تلك الفرتة ن من حيات نه وإىل ممات نه‪ ،‬فقد تعرض سيدي‬‫ن‬
‫ل‬
‫ن‬
‫احتماهل‪ ،‬ويرى أن ذلك من ن نع نم اهلل اخلفي نة‬ ‫جز اجلبال الشم عن‬ ‫اهلدار ملا تع ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ل‬
‫ن‬
‫إفضاهل‪ ،‬فاكن يتلذ بتحمل نه ذللك اإليذاء‪ ،‬صابرا ومصابرا ومراب نطا‬ ‫وسوابغ‬
‫ن‬
‫كني‪ ،‬إذ اكن‬ ‫األماكن خري تم ن‬
‫ن‬ ‫حت نصه اهلل ىلع األعداء‪ ،‬ومكنه يف تلك‬
‫ً ل‬
‫سبحانه هل خري اكف ومعني‪ ،‬فال تكاد جتد أحدا إ نال وهو قد استفاد من‬

‫ُ‬ ‫َّ َ َ ُّ َ ُ‬
‫( ‪ ) ١٣‬عن رسول اهلل ﷺ‪« :‬تعلموا العلم فإ ِن تعلمه هلل خشية‪ ،‬وطلبه عبادة‪ ،‬ومذاكرته تسبيح وابلحث عنه‬
‫جهاد» الخ ‪ ..‬احلديث الْشيف‪.‬‬

‫‪٣٥‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الرتغيب‬
‫ن‬ ‫مواعظ نه وما بثه نمن‬
‫ن‬ ‫أخالق هذا احلبيب‪ ،‬أو أخذ حظا وافرا نمن‬
‫جد النساء العجائ نز والمقعدات‪ ،‬والشيوخ والنني والنات‪،‬‬ ‫والرت نهيب‪ ،‬فت ن‬
‫الرواتب وماحواه‬
‫ن‬ ‫ُجيعهم هلم ارتباط بمنهج هذا احلبيب‪ ،‬وحمافظة ىلع‬
‫املسلك القريب‪ ،‬مع مالزم نة جمال ن نس اخلري‪ ،‬وك ذل نك بربك نة االقتداءن وحس نن‬
‫ل‬
‫جهم واقتدى فال خوف علي نه وال بؤس وال ضري‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ه‬‫بن‬ ‫استمسك‬ ‫فمن‬ ‫‪،‬‬‫ري‬‫الس‬

‫خالهل وأحواهل‬
‫املستحيل استيعابها‪ ،‬أو حماولة اإلحاط نة‬
‫ن‬ ‫خالهل احلميدة نفع اهلل به‪ ،‬فمن‬
‫أما ن‬
‫بها‪ ،‬فيه أجل نمن أن تعد‪ ،‬وأسم نمن أن حتد‪ ،‬فأخالقه ريض اهلل عنه‬
‫الل والسجايا املحمدية‪ ،‬فقد حرص ريض‬
‫األخالق انلبوية‪ ،‬واخل ن ن‬
‫ن‬ ‫مستمدة من‬
‫سائر أحواهلن وأشيائ نه‪ ،‬حت يف‬
‫ن‬ ‫الاكئنات يف‬
‫ن‬ ‫اهلل عنه ىلع املتابع نة لسيد‬
‫ابتسامتنه و نمشيتنه وحيائ نه‪ ،‬وخوف نه من اهلل وكرثة ن بكائ نه‪ ،‬فما من خلق بلغنا‬
‫ً‬
‫احلبيب األعظ نم صلوات اهللن عليه‪ ،‬إال وجدنا سيدي اهلدار مت نصفا به‬ ‫ن‬ ‫عن‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫قدر االستطاعة وحماف نظا عليه‪ ،‬فهو األب الرحيم‪ ،‬واملعلم احلليم‪ ،‬والشيخ‬
‫القلب السليم‪.‬‬
‫ن‬ ‫احلكيم‪ ،‬ذو‬
‫أمـــــــات نـفســــــــــــه باتلــــــواض نع‪ ..‬فـــــــــرفـعـه اللـــه‪.‬‬
‫اإلنـــكســـــــار‪ ..‬فـأعـــــــ لزه اللـــه‪.‬‬‫وألـــــــــــزم نـفســـــــه ن‬
‫حـمــــــه اللـــه‪.‬‬ ‫الاكئنــــات‪ ..‬فـر ن‬
‫ن‬ ‫ـع‬
‫وتـخلـــق بالرحـمــ نة مع جـميـ ن‬
‫وتعاهد الفــقــراء وكــســـى األيتــــــام واألرا نمـل‪ ..‬فأغنــاه اللـــه‪.‬‬

‫‪٣٦‬‬
‫جليـــــــــاع‪ ..‬فـأشــبعـه اللـــه‪.‬‬
‫وأطعـــــــــــم المجهـــــــدين وا ن‬
‫وآوى الغــــــــــريب وأقــرى الضـــــيف‪ ..‬فـأكــــــــرمـه اللـــه‪.‬‬
‫ل‬
‫حنني‪ ..‬فــوفقــه اللـــه‪.‬‬‫وأصــلح بصــدق بني المتخا نصــ نمني والمتشـا ن‬
‫ِ‬
‫وأخلـــــص للــــــــ نه يف كــــــل قصـــــــد‪ ..‬فقبــــــــله اللـــه‪.‬‬
‫واليــــــ نه وأبنـــاءه ووصـــــل أرحـــــامه‪..‬فوصـــله اللــــه‪.‬‬ ‫ل‬
‫وأبـر ن‬
‫ن‬
‫ومقـــــاهلن‪ ..‬فنصــــــره اللــــه‪.‬‬ ‫ن‬
‫حبـــــاهلن‬ ‫وخدم الشيعة وناصــــرها‬
‫ل‬
‫كمال اتلقوى‪ ..‬فعـلمـــه اللــــه‪.‬‬
‫ن‬ ‫وعلم اجلـا نهل وأرشــد الضـــــال مع‬
‫املحـزون‪ ..‬فأسعـده اللـــــه‪.‬‬
‫ن‬ ‫عن‬
‫وأسعد الـائس وأفرح املشجـون وسـل ن‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫رســـوهلن وصـال نـح األمـ نة‪ ..‬فأحبـه اللـــه‪.‬‬ ‫ن‬ ‫بيت‬
‫أحب اهلل ورســوهل وآل ن‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫غضب وتغري‪ ،‬وإذا أوذي غفر‬ ‫اكن ال يرى نفسه شيئا‪ ،‬إذا م ندح ن‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫وتصبـر‪ ،‬وإذا دخل جملسا قعد حيث انتىه به‪ ،‬ويرى ال نمنة هلل ال بهده ن‬
‫غريه ن أىلع‬ ‫دون‬ ‫ِ‬
‫املقص‬ ‫نوب حاشاه‪ ،‬ويرى أنه‬
‫ن‬ ‫واكتنساب نه‪ ،‬ويرى نفسه كثري اذل ن‬
‫اهلل مرتقاه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قال ناظما وخمربا عن نفسه رمحه اهلل‪:‬‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫حب أهل اجلاه سفن انللجاه‬ ‫كن نِن أ ن‬ ‫مايل وجاهة وال خل يل اذلنـب جاه ل ن‬ ‫ن‬
‫ل‬
‫مــن حـــبهـــم أو رجــــــاهم‪.. ..‬حقـــــــــق اهلل رجــــــــــاه‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أمري املؤمنني‪ ،‬لم‬
‫ز نهد النيا وبتها ثالثا أسوة بسي ند الزاهدين‪ ،‬وبده ن ن‬
‫يطلبها ولم يسع إيلها‪ ،‬ولم يفت نت بزهرت نها وزينتنها‪ ،‬ولم يغتـر بما نهلا الزائ نل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫جل‪ ،‬فكم ع نرضت عليه فعافها‪ ،‬وكم حذر حمبي نه‬ ‫ولم ختدعه بنعي نمها العا ن‬

‫‪٣٧‬‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫خارفها‪ ،‬قال فيها موصيا قلبه الشيف‪ ،‬واملراد غريه بهذا‬
‫من رون نقها وكره ز ن‬
‫املعرض عنها زهدا‪ ،‬وأكرثهم عنها بعدا‪:‬‬
‫اتلخويف‪ ،‬فهو ن‬
‫قلـب بـا اوصيك النتنـه ت نست نمع ل نلو نصـية‬
‫ـــــازع ىلع النيـا تقـع يف اللنيـة‬
‫ن‬ ‫ال تنـ‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫ـر مـن قـــــال‪ :‬نيلـه‬
‫ن‬ ‫حن‬ ‫يف‬ ‫ا‬‫ـ‬ ‫هـ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫ـــ‬ ‫ه‬‫د‬ ‫ر‬
‫النيـة‬‫فالمنــــازع عليهـا كـب ه نذي ل‬
‫ن‬
‫قـاهل الشافع‪ :‬ذا حكـم ه نذي الق نضــيـة‬

‫ِ‬
‫الشافع رمحه‬ ‫ن‬
‫اإلمام‬ ‫قول‬
‫ي نشري بذل نك نفع اهلل به وشكر مسعاه‪ ،‬إىل ن‬
‫اهلل‪:‬‬
‫و نســــيق إ ن ل‬
‫يل عــذبها وعـــذابـها‬ ‫ومن يـجهـل النيـا فـإين عرفتــها‬
‫عليها كـالب همه ل‬
‫ـن اجتــــذابها‬ ‫جيـــفة مســـتحيلة‬ ‫ومــا يه إال ن‬
‫ً‬
‫وإن جتتــ نذبها جاذبتــك نالكبهـــا‬ ‫فإن جتتننبها نعشــت نســلما نألهلنها‬
‫ِ‬
‫فمن رأى حاهل مع النيا وكيف يزدريها‪ ،‬وكيف ُيذر عن االنهماكن‬
‫فيها‪ ،‬يتبادر إىل نذهن نه ذلك القول املنا نسب‪ ،‬اذلي قاهل جده أمري املؤمنني يلع‬
‫ك‬ ‫يل ل‬ ‫ت؟ أم إ ن ل‬ ‫بن أيب طال نب‪ :‬يا دنيا غ ِري غريي‪ ،‬ل ل‬
‫ت؟ قد بتت ن‬ ‫تعرض ن‬ ‫إيل تشوف ن‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫ثالثا ال رجعة فيها فعمركن قصري‪ ،‬وقدركن ح نقري‪ ،‬وخطركن عظيم آه نمن ق نل نة‬
‫ل‬
‫الطريق ووحش نة السفر‪ ،‬اه‬
‫ن‬ ‫الزا ند وبع ند‬

‫‪٣٨‬‬
‫عمره ن منها بموجود‪ ،‬ولم ُيزن من حطا نمها ىلع مفقود‪،‬‬
‫فما ف نرح طيلة ن‬
‫إ نن وجد‪ ..‬آثـر‪ ،‬وإ نن فقد‪ ..‬شكر‪ ،‬وهذه ن أخالق كم نل الزاهدين‪ ،‬وأحوال صفوة ن‬
‫ً‬
‫العارفني‪ ،‬أسوة بسيد األولني واآلخرين‪.‬‬
‫ً‬
‫قال ابن عبد ربه يف العقد الفريد‪ ،‬واصفا النيا بنظم مفيد‪:‬‬
‫ل‬
‫أال إ ننمـا النيـا نـظـــارة أيكة(‪ )١٤‬إذا اخضـ لر نمنها جان نب جف جان نب‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫نيه الـدار مـا اآلمــال إال فجــائ نع عليهـــا وال الـلات إال مصــائ نب‬
‫حل عيناك فيها بعبــــرة ىلع ذا نهـب منهــا‪ ..‬فإنــك ذا نهـب‬ ‫فال تكت ن‬
‫ل‬
‫كون إيلها‪ ،‬والزجر عن حمبتها‪ ،‬إذ‬
‫واكن ديدنه اتلحذير منها‪ ،‬وعدم الر ن‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫حبها رأس ك خطيئة‪ ..‬وفيما قاهل رمحه اهلل شعرا خري ديلل‪:‬‬
‫واخلـيــر يف ه نذي احليــــاة‬ ‫ن‬
‫طـــــــالني للنجــــاة‬ ‫يـا‬
‫ال تـــؤث نروا دار الغـــــرور‬ ‫والـفـوز نمـن بعـ ند املمـــات‬
‫وقال‪:‬‬
‫وخـذ مـا يصــلنح المحيــا‬ ‫وال تــــركن إىل النيـــا‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫وإن نشـــئت تكن حيــــا‬ ‫بـــــرفـق خف نف الشــعيـا‬
‫أجب للمصطىف اهلـــــــادي‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫وأما خوفه من مواله فلم تر أعيننا أشد منه خوفا من اهلل‪ ،‬وأكرث‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بكاء نمن خشية اهلل‪ ،‬فهو اذلي يبيت يف اليايج باكيا ومستغ نفرا إذا هجع‬
‫ل‬
‫انلوام‪ ،‬وهو اذلي ُيهش بالاكءن عندما يعظ غريه ىلع الوام‪ ،‬وكأنه املذنب‬

‫ُ ْ‬
‫احلس ُن والرونق‪ ،‬واأليكة‪ ..‬أي الشجرة‪.‬‬ ‫(‪ )١٤‬انلظارة‪ :‬أي‪:‬‬

‫‪٣٩‬‬
‫اح أدىن ل‬
‫الزل نل واآلثام‪ ،‬وهو مع‬ ‫اجرت ن‬
‫ني األنام‪ ،‬مع أنه املنه عن ن‬ ‫واملقرتف من ب ن‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫الظ ِ‬
‫أكرث من ر نغب إيل نه ورجاه‪ ،‬و نمن أشد‬
‫ن‬ ‫ن‬‫م‬‫ن‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫باهلل‬ ‫ن‬ ‫ذلك عظيم حس نن‬
‫ً ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫لً‬
‫انلاس حبا وداعء ملواله‪ ،‬وهو اذلي ُيدد اتلوبة لرب نه يف ك حني‪ ،‬أسوة بسي ند‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫األوقات والسنني‪ ،‬وحاشاه من ذلك‬‫ن‬ ‫ن‬
‫ضياع‬ ‫ىلع‬ ‫خرين‪ ،‬وندما‬ ‫األولني واآل ن‬
‫ِ‬
‫ورب العاملني‪.‬‬
‫قال احلبيب حممد بن زين بن سميط رمحه اهلل‪:‬‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫حالفوا اتلوبة واخــلـوا أنفسا عن هـواها واسـتداموا انلـدما‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫وماكرم وسجايا‬
‫ن‬ ‫‪،‬‬‫ة‬ ‫علي‬ ‫ة‬‫جليل‬ ‫الل‬ ‫خ‬
‫ن‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ة‬ ‫رضي‬ ‫وكم وكم هل من أخالق‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫جية‪ ،‬حت‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫هلل‬‫ا‬ ‫خلق‬
‫ن ن‬ ‫خري‬ ‫‪،‬‬‫ة‬ ‫كمال املتابع نة لسي ند الربي‬
‫ن‬ ‫سننية‪ ،‬مستوحات من‬
‫ً ل‬
‫بمحض‬
‫ن‬ ‫الكون ظا نهرة جلية‪ ،‬فسبحان من أعطاه ما أرضاه‪ ،‬وأناهل‬ ‫ن‬ ‫أرشقت يف‬
‫ِ‬
‫فضله من ك مأمول منتىه مناه‪.‬‬
‫ناسبات‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫أحواهلن يف إ نحدى م‬ ‫ببعض أبيات ت نصف بعض‬
‫ن‬ ‫وقد تطفلت‬
‫حوهلن الكريم قلت فيها‪:‬‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ْ َْ ُ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َْ ُ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫أنس ملـن يلقـاه يـخـ ِدمـه اجلميـع‬ ‫يـا ســائ ِل عـن حال ِـ ِه عبـد مطيع‬
‫ً ََ ُ ْ‬
‫ـشــــــراهُ‬ ‫ــن َز َ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ َ ْ َ ُ ُ َّ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َْ‬
‫ار ُه يومــا فيـا ب‬ ‫م‬ ‫تشتــاقـه الصــبيان يألفه الر ِضيع‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ َ ْ‬ ‫احل ْس ُ‬
‫ُ‬
‫احلبيــــــب وهذه ملحـاتــه‪..‬‬ ‫هذا‬ ‫ـن فـيــ ِه جتمعـت طبقــاتـه‬
‫ـفـة َســ ّ‬
‫ــــواهُ‬ ‫ْ ُ ْ َ‬ ‫َ َّ َّ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫جـل اذلِي مِـن نـط ٍ‬ ‫ت احلـديث رواتـه‬ ‫ش ِهدت‪ ،‬وأكــد ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫ُ ُّ ْ َ‬
‫جلبــال‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ِن‬
‫ِ‬ ‫ئ‬‫ــدا‬ ‫الم‬ ‫يف‬ ‫ل‬
‫ِِ‬ ‫املنــاز‬ ‫لك‬ ‫ك ِن يف املهامِـــ ِه واتلـالل‬ ‫لك األما ِ‬
‫ضـاهُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ ْ َ َ َ ْ ْ‬ ‫َْ ََ ْ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫سـبـحـان مـن أعـطـاهُ مـا أر‬ ‫بـحـال أو مقــال‬
‫ٍ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِـ‬ ‫ت‬ ‫عو‬ ‫د‬ ‫ش ِهدت ب ِ‬

‫‪٤٠‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ُْ ُ ْ ً َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ْ َ ّ‬ ‫ََْ َ ْ‬
‫خـدم ِة الشـرع األ ِيب لـم يـأل جهـدا ِيف منـارصة ِ انلبــي‬ ‫َث عن ِ‬ ‫لـم ين ِ‬
‫ــداهُ‬ ‫َُّْ َ َ‬ ‫َ َ ْ ً َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َاك َن املعلِّ َ‬
‫ـــم لـويلــــ ِد ولـــأل ِب وأقــــام رصحـا شـــــيدته ي‬
‫ـضـالً َو َمــنّ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ ْ ْ َ ْ‬ ‫َ َ ُُ ََْ‬
‫ـر مـن بـرأ األنـام وعمهـم ف‬ ‫ـِّن عـن ذِك ِ‬ ‫ول ِســانه ال ينث ِ‬
‫ور َهـا َي ْغ َشــاهُ‬ ‫ــــــس نُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ ِّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ ْ ََ َ‬
‫احلجاز ويف ايلَمن اكن المؤس‬ ‫ِ‬ ‫يف‬ ‫كم مِن جمال ِ‬
‫ِس‬
‫ـر ُهمْ‬ ‫رب َك ْس َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ــح َد ْم َع ُه ْ‬ ‫َ َْ َ ُ‬ ‫َََ َُ‬
‫ـج ُ ُ‬ ‫َوكذا األرامِـل اكن ي‬ ‫ـم‬ ‫يتعاهد األيتـــام يمس‬
‫ــو َقاهُ‬ ‫ـجيـب َوا َش ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫جد ادلمــوع ت‬ ‫ـ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫؟‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫َ ْ َُ‬
‫ه‬ ‫ل‬ ‫ـِّن‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫مـا‬ ‫ار‬
‫ّ‬
‫اهلـد‬ ‫ن‬
‫َ ْ ُْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سـل هم ِ‬
‫ع‬
‫ُ ًّ َ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َّ َّ َ َ ْ َ َ ّ َ‬
‫ـف بـرا ثالث‬ ‫زهِـد ادلنِيـة بـل وطلقهــــا ثالث تبِع اذلي لـــم يكـت ِ‬
‫يـــداهُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ ْ ُْ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ ُ َّ‬
‫ـِّس جادت عليـــ ِه‬ ‫ـوي بِــاثلالث كـم مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ي‬ ‫واكن‬ ‫ـد‬ ‫ج‬
‫اكن الم ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ ْ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َِ‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ ُ َ َ‬
‫ـوالهُ‬
‫ـرق يف اجلبِني‬ ‫ِ‬ ‫ـش‬ ‫ت‬ ‫نوار‬
‫ِ‬ ‫األ‬ ‫ِل‬ ‫ع‬ ‫ومشا‬ ‫ــني‬ ‫ن‬ ‫واحل‬ ‫ة‬ ‫األنــاء‬ ‫وحبــاه م‬
‫ـشــاهُ‬ ‫َ َ ْ َْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َُ‬
‫ـب‪ :‬سـبحــان مــن أن‬ ‫ِـنـاظر ذكر املتني بِتعج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مـا أن تلـــوح ل‬
‫ُْ َ ْ ََ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َّ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫إِن ج َّن يلـل أو بـدا سـدل الظـالم فـانلّـاس يف سم ٍر ومِنه ْم مـن ينـام‬
‫ـية َع ْي َناهُ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ـول التسج ِد وال ِقيـام يـا كـم بكـت مِـن خش ٍ‬ ‫ويبيـت يف ط ِ‬
‫َّ َ ْ ً ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ َ َ ْ ُ ِّ َ‬
‫ِيف ذِلـ ٍة دأبـا ينـــايج ل ِلجليـــل‪..‬‬ ‫ـال أو م ِقيـل‬ ‫يف عزلـ ٍة عـن كـل ق ٍ‬
‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫ــر ٍع‪ ،‬يـرجوا اهلداية للســبيل يشكو اذلنوب «وما جنا» (‪ )١٥‬حاشاه‬ ‫بِتض‬
‫والعلم انلاف نع‪،‬‬ ‫ن‬ ‫الرفيع‪،‬‬ ‫ومع ما حباه اهلل من اجلاه ن الو نسيع‪ ،‬والقدر العايل ل‬
‫ن‬
‫ل‬
‫والكر نم الشا نسع‪ ،‬فهو األ نديب املاهنر‪ ،‬والليغ الشاعنر‪ ،‬وانلجيب الشا نطر‪ ،‬اذلي‬
‫لاب‬ ‫األ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫يس‬ ‫اذلي‬ ‫‪،‬‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫ئ‬‫الفا‬ ‫م‬‫ن‬ ‫ظ‬‫يغوص يف معاين األدب الرائ نق‪ ،‬وانلل‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫نهها نيف حدائ نق نه الور ندية‪ ،‬ويبث فيها‬ ‫انتباهها‪ ،‬ويستفيقها منن غفالت نها‪ ،‬وي ِ‬
‫ن‬

‫(‪( )١٥‬ما) هنا نافية‬

‫‪٤١‬‬
‫ل‬ ‫مقاصده الزكية‪ ،‬وي ِ‬
‫بروابط احل نك نم الدلنية‪ ،‬ويك نسبها منن رقائ نق‬‫ن‬ ‫روضها‬ ‫ن‬
‫ل‬
‫لوب انللاف نعة‪ ،‬حت تذعنن نلعوت ن نه املنظوم نة خا نشعة‪ ،‬فتست نفيق منن لوعتنها‬
‫الق ن‬
‫اتلأثري وبرك نة‬ ‫ذلك‬ ‫وهنيامنها ذاهنلة‪ ،‬بعد أن اغبت مشاهندةً وجائ نلة‪ ،‬ن ِ‬
‫وبّس‬
‫ن‬
‫اتلذكري اعملة‪.‬‬
‫ن‬
‫ِ‬
‫ن‬
‫خالهلن إىل اغي نة‬ ‫فهذا هو الشعر املحمود‪ ،‬اذلي ي نصل انلا نظم الصا ندق نمن‬
‫ِ‬
‫المقصود‪ ،‬وال غرو فالشعر كما قال اإلمام الشاف ن نع رمحه اهلل‪ :‬الكم حسنه‬
‫حسن‪ ،‬وقبيحة قبنيح‪ ،‬وقد سلنم الكمه املنظوم‪ ،‬نمن ال نغواي نة والغز نل املذموم‪.‬‬
‫وإيلك أيها القارئ هذه انلبذة‪ ،‬اليت تست ندل من خالهلا ىلع هذه‬
‫ل‬
‫املدارك خالصة ال نعربة ن ومنتىه اللة‪ ،‬حيث‬
‫ن‬ ‫فيها‬ ‫جتد‬ ‫واليت‬ ‫‪،‬‬‫ة‬ ‫الفذ‬ ‫الموهنب نة‬
‫الليغ منه‪:‬‬
‫ن‬ ‫قال يف‬
‫والســااعت‬
‫ن‬ ‫فــــاس‬
‫ن‬ ‫وضي ن‬
‫ــاع األن‬ ‫آه ن نمــن غفلـــت ومنـن فـلتـــات‬
‫ــــــ نه مـصــريي وأن مـــوت آت‬ ‫وأنـــا مــــوق نـن بــــأن إىل اللـــ‬
‫ً‬
‫ـدي بكـ نائ شـيئا وال حـــّسات‬ ‫وبـــأين ولـو بـكيـت فـــال يـجـ‬
‫ِّ َ‬
‫ات‬
‫ه‪ ،‬ويلـت الـاكء ىلع الســــــيئ ِ‬ ‫آه ن يلـت الهـمـوم منـن أجـل أخـرا‬
‫ل‬ ‫آه ن يــا يلتــه تضــــ ل‬
‫باآليــــات‬
‫ن‬ ‫ىل‪ ،‬وأحيـــا الظـــالم‬ ‫ـرع ل نلمـــــو‬
‫ات‬
‫وبكــى يف الســجو ند يف اخللـو ن‬ ‫وشــك مــا بــ نه إنيلـــ نه تعـــــاىل‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫حــــات‬
‫ن‬ ‫بالرضـــا وبانلف‬
‫ظـــافرا ن‬ ‫كــل مـــراد‬ ‫لـــو ات‪ ..‬النثــِن ب ن ن‬
‫ــري‪ ،‬حنـو الــراب يف الفـلــــوات‬ ‫ـره اجلـهـل والـغـرور فجـة الش‬ ‫غ ل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ـوى‪ِ ،‬سيعا ثـفـق مـن الشـكرات‬ ‫آه يا قلـب خذ طريـــــقا إىل اتلقـ‬

‫‪٤٢‬‬
‫هاهنـــا بــــاملنـى وبعـد املمـات‬ ‫طبــق الـعـلـم يف أمـــورك تظفـر‬
‫ومن ذلك مطلع قصيدته الرتحيبية باحلبيب العالمة خليفة جممع‬
‫األسالف‪ ،‬عبدالقادر بن أمحد بن عبدالرمحن السقاف(‪ ،)١٦‬عند قدومه إىل‬
‫اليضاء‪:‬‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫للمســـننتني المجـ ندبني ومرحبــا‬ ‫الغيـث تـمري نه الصـــبا‬
‫ن‬ ‫أهال قدوم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ب وقت نه سـل مـن أطاع ومـن أب‬ ‫ح ن‬
‫ن‬ ‫حـ ند عـصــره ن أهــال بصــا‬
‫أهال بوا ن‬
‫ً‬
‫ــــــــن إىل انلــــ ِ‬
‫ْب أبـــا أبــــا‬ ‫العارف ابن العارفيـــ‬
‫ن‬ ‫العارف ابن‬
‫ن‬
‫ن‬
‫ً‬
‫ب أمحد خري مـن قرأ انلبـأ‬ ‫ـن القط ن‬ ‫قاف إ نبـ‬
‫أهال بعبـ ند القـا ندر الســــ ن‬
‫وقال فيه‪:‬‬
‫ل‬ ‫ً ل‬
‫ـاردات‬
‫ن‬ ‫عـل تلـق الغنـائ نـم الــــ‬ ‫الت‬
‫سـق حثنيثــا م نطيــك ايلعمــ ن‬
‫ً‬
‫املمـات‬
‫ن‬ ‫لك يف ذي النيـــا وبعــد‬ ‫سق حثيثـا إ نن شئت نيـل األمــاين‬
‫ـت إيلهـــــا ثمــارها ل‬
‫الانيـــات‬ ‫سـوف جتن إذا سمعت وســــارعـ‬
‫ومن ذلك ما قاهل يف أثناء شاكيته ىلع جده األعظم ﷺ ‪:‬‬
‫َّ ُ َ ُ‬
‫اؤ ُه َو َعــــ َّز الــــ َّد َو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اء‬ ‫يا شــ ِفيع الــ َو َرى مـريض طـريح شــــفــه د‬
‫لكنــــــــــها َأ َ‬
‫دواءُ‬ ‫َ َ ً َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ري الطبيــ َب عضــــــال يلـــس داءا‬
‫َ ُ ُ َ َّ َ َّ‬
‫داؤه حــ‬
‫اق م ِْنــ ُه الو َعـــاءُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ َ ََ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ـــ‬ ‫وض‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ــ‬‫علي‬ ‫ا‬‫ني‬ ‫ادل‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ظ‬‫أ‬‫و‬ ‫ال‬‫ــ‬ ‫ابل‬ ‫ى‬ ‫اد‬ ‫ــ‬ ‫م‬ ‫قد ت‬
‫ً‬
‫(‪ )١٦‬ودل رمحه اهلل ونفعنا به يف مدينة سيؤن حرضموت اعم ‪ ١٣٣١‬ـهوتويف جبدة اعم ‪ ١٤٣١‬ـه تعْش قرنا‬
‫ً‬
‫مباراك أنعم اهلل ىلع أهله بريوزه إىل هذا العالم ‪ ،‬حيث اكن خليفة السادة العلويني باإلمجاع ‪ ،‬والالكم فيه‬
‫حيتاج لرتمجة مفردة إذ هل من احلق ىلع اجلميع‪ ،‬ماال يعلمه إال ابلصري السميع ‪ ،‬نسأل اهلل أن ال يؤاخذنا ىلع‬
‫اتلقصري يف حقه وأن جيزية عنا وعن أبناء العلويني ومجيع املسلمني خري اجلزاء ‪ ،‬وأن يعيد علينا من رسه‬
‫وحقيقته وبركته يف خري ولطف واعفية آمني آمني آمني ‪.‬‬

‫‪٤٣‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ ْ ُ َ‬
‫كــائ ِ ِه األ ْعــ َداءُ‬ ‫حكت مِن ب‬
‫َ‬
‫ضــ ِ‬
‫َ َ ْ َ ُ ُ َ َ َّ‬
‫َوبكت عيــنه املـدامِع حتــــى‬
‫والشــــ َف ُ‬
‫ُ ُ ِّ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫اء‬ ‫َولــديك ْم عِالجـــه‬ ‫يلـــس إِال بِك ْم ومِنك ْم وفِيك ْم‬
‫اجل َفـاهُ‬ ‫ُ ُ ْ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫اك َ‬ ‫عيـــنكم فجـفـــاه ذ‬ ‫ك ْم ب ِعيــ ٍد ذِي جفــو ٍة حل ِظتـــه‬
‫َ‬ ‫ُ َ َْ َ‬ ‫َو َســـقيمــا ً أُ ْشــفـ ْي َشـــ َفاهُ مِنَ‬
‫يقــة أو ُد َعــاءُ‬ ‫المختار لمس أو ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫اإلواء‬‫ويتنيمــــا آوى فطــــــاب ن‬ ‫كـم هـدى ضــاال وأغـن م نعيـال‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مـا اذلاكء عننــده ومـا األذكنيــاء؟‬ ‫وبلنيـــــدا رأى فأضــىح ف نطينـا‬
‫ل‬
‫ـها منـن المصطىف يـد بيـضــــاء‬ ‫ـت العـيـن فـوق خد فـردت‬ ‫سـال ن‬
‫ِ‬
‫ـيه اجلميلـة الـنجـــالء‬
‫ـعيــن ف ن‬ ‫خري عينيـك يـا قـتـادة هـ نذي الـ‬
‫فأعنيـــدت ت نلك ايلــد القطعــاء‬ ‫ويـد ابـن اجلم ن‬
‫ـوح طـاحت بنـبدر‬
‫ظـاهــرات فمـا به ل‬ ‫ِ‬
‫ـن خـفــــــاء‬ ‫نن‬ ‫كم لكم سـي ند الـورى معجزات‬
‫روب ذاكء‬ ‫ل‬
‫ر‪..‬وعـادت بعــد الـغـــ ن‬ ‫جـذع إنيلكــم وهــوى الـد‬
‫حـن ن‬
‫ني املـاء‬
‫بـيـن إنصــب نع ن‬
‫ن‬ ‫اجليش منـن‬ ‫أشـبع الصـاغ ألف شخص وأروى‬
‫ومن ذلك قوهل‪:‬‬
‫ل‬
‫ومن ال نســنة تـأخـذه أو منــــام‬ ‫فيـا ربـنـــا يـا عـظـيـم الـرجـاء‬
‫عـلـيـهـم صــالتك ل‬ ‫ِ‬
‫ثـم الســالم‬ ‫بـحــق انلبــى ثـم بـاألنبيــــــاء‬
‫ل‬
‫بـمــا تعلمــه خيـر دائ نــــم دوام‬ ‫تفضــــل علينــــا وأحبــــابنـا‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫ـش واإلنتنـقــام‬
‫وعنـذنا منـن الـط ن‬ ‫وكـف الـــشـــرور وال تبــتلـى‬
‫ً‬
‫طـه وطـــه بـــال إن نفصـــــــــام‬ ‫وزدنـا هــد ًى وارت نبـــاطـا بــــآل‬
‫ل‬
‫وأهـــل املحبـــــة وك إمــــــام‬ ‫ومـا أعطيـت ســابق أو مقت نصــد‬

‫‪٤٤‬‬
‫جســـام‬
‫وزدنـا عـ نطـيـات منـنـك ن‬ ‫تفضـــل علينــا بأضـــــــعاف نـ نه‬
‫ل‬
‫إىل خـــري حــــال وأىلع مقــــام‬ ‫وحــــ ِول لـنـا احــوانلــا كهــــا‬
‫ِ‬
‫حـمــاك اذلي ال يــرام‬
‫ونـدخــل ن‬ ‫وأبــــــ ندل مـخـاوفنــا باألمــان‬
‫مع طــول عـمـر وتـوفنيــق تـــام‬ ‫ـن عـلينــا بتقـوى الـقـلــوب‬‫وم ل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حــــالال زوادا لــندار المقـــــام‬ ‫ورزق كثــر‬
‫ن‬ ‫بــــني‬
‫ن‬ ‫وفـــــــتح م‬
‫ــرم وجــد باتللمـــــام‬ ‫اليــن ل‬ ‫وعــافيــــ نة ِ‬
‫وأن نعـم وأك ن‬ ‫ثــم الـــدن‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫وهبنـا املــــرام وفــوق املـــــرام‬ ‫جميـع انلـعـــم‬
‫ن‬ ‫وكـن حــافظـا لـ‬
‫و نزدنــــا و نزدنــــا و نزدنــــا دوام‬ ‫وزدنــا وزدنــا فــأنـت الكـــريم‬
‫وهل من احلمينيات الارج نة الشء الكثري‪ ،‬كمنظومته «كشافة‬
‫وغريها من الشعر املحتوي ىلع املعن الغزير‪ ،‬وما هذا اذلي أوردناه‬ ‫ن‬ ‫املجهول»‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إال مثاال لشعره انلاف نع‪ ،‬اذلي ال يسأم وال تمله املسامنع‪ ،‬رمحه اهلل‪.‬‬

‫رحالتـه‬
‫خار نج الوط نن لدلعوة ن‬
‫بعض رحالت نه ريض اهلل عنه إىل ن‬
‫وهنا نشري إىل ن‬
‫انليات‬
‫ن‬ ‫أهل اهلل‪ ،‬وغري ذلك من‬ ‫اإلجازة ن واالجتن ن‬
‫ماع بصفوة ن ن‬ ‫إىل اهلل‪ ،‬ولطلب ن‬
‫اليت شكر اهلل فيها مسعاه‪ ،‬فمنها رحلتهً إىل جزر القمر‪ ،‬فف اعم ‪١٣٩٥‬ـه‬
‫توجة إيلها لزيارة شيخ نه احلرب العالمة‪ ،‬والفقي نه الفهامة‪ ،‬عمر بن أمحد بن‬
‫(‪)١٧‬‬
‫عمره‪ ،‬ونفع‬
‫ن‬ ‫أواخر‬
‫ن‬ ‫يف‬ ‫القمر‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫ز‬‫ج‬ ‫ن‬‫استوط‬ ‫اذلي‬ ‫عنه‪،‬‬ ‫اهلل‬ ‫ريض‬ ‫سميط‬

‫( ‪ ) ١٧‬هو العالمة القدوة احلبيب عمر بن أمحد بن سميط نفع اهلل به‪ُ ،‬و ِدل يف مدينة (أواسند) جبزر القمر‬
‫اعم ‪ ١٣٠٣‬ـه وتنقل إىل حرضموت لألخذ عن علمائها ومشائها الكرام‪ ،‬وتوىل الوعظ والقضاء يف زجنبار‪ ،‬وهل‬

‫‪٤٥‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دهره‪ ،‬فنل سيدي بها ضيفا كريما كنول‬
‫اهلل ب نه يف تلك اجلهات سائ نر ن‬
‫الغيث والبشى‪ ،‬وتنقل للوعظ واإلرشا ند فيها من منطقة إىل أخرى‪ ،‬وزار‬
‫ن‬
‫َضحة من اشت نهر من السادة ن العارفني‪ ،‬من أهل الراي نة واتلمكني‪ ،‬من‬ ‫أ ن‬
‫حني‪ ،‬اكحلبيب أمحد بن أيب بكر بن سميط برك نة العوال نم‪،‬‬ ‫السادنة الاعة ن انلل ن‬
‫اص ن‬
‫املاكرم‪ ،‬وهم ممن قاموا‬
‫ن‬ ‫حبر‬
‫واإلمام حممد بن شيخ بن الشيخ أيب بكر بن سالم ن‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ش العوة ن إىل اهلل يف تلك الدلان‪ ،‬ونفع اهلل بهم نفعا عظيما عم القايص‬ ‫بنن ن‬
‫ً‬
‫والان‪ ،‬وال يزال اسمهم خمدلا إىل وقتنا هذا وسائر األحيان‪.‬‬
‫ً‬
‫قال سيدي ناظما يف احلبيب عمر بن أمحد بن سميط عند قدومه إىل‬
‫«مروين»‪:‬‬
‫عن السب نل‬ ‫وغذنا عىس أن ال نميل ن‬ ‫سبيل أول انلب نل‬
‫ن‬ ‫حثثنا المطايـا يف‬
‫ـل‬‫عـن ال نمث ن‬
‫جتل ن‬ ‫إىل حضـرة كربى ن‬ ‫ـور والــبهاء‬
‫األِسار وانل ن‬
‫ن‬ ‫إىل مرك ننز‬
‫ِ‬
‫ـل‬‫ن‬ ‫ح‬ ‫الف‬ ‫د‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫إذا ظ نفرت يمنـاك بالسـ‬ ‫أهل السـ ِر حسبك منـهم‬ ‫خالصـ نة ن‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫فأك نرم بـ نه يلـثا أتانـا بنـذا الـشـب نل‬ ‫ب أمحـد يلثنـ نهم‬
‫هـو عمر ابن القط ن‬
‫إىل آخر القصيدة ن العصماء‪ ،‬وعند عزم نه ىلع الرحيل‪ ،‬قال قصيدة توديع‬
‫تدل ىلع اغي نة اتلبجيل‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ودااع والفــؤاد بــ نه مـريض‬ ‫ودااع أيهـا الحـر المـ نفـيض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جر إنذ ت نفيض‬ ‫فسل عنه املحا ن‬ ‫ودااع يلهـب األحشـاء ُجـرا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املحبوب حقا مـا ي نعيض‬
‫ن‬ ‫عن‬ ‫وكيف وليس يف النيا ُجيعا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً ُّ‬ ‫ّ‬
‫واستمر داعيا بها‬ ‫وار ومعتقدا دليهم‪،‬‬
‫كتاب «انلفحة الشذِية» ثم انتقل إىل جزر القمر واكن مقصدا للز ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وواعظا ومعلما حّت وافته املنية بها سنة ‪١٣٩٦‬ھ‪ ،‬رمحه اهلل‪.‬‬

‫‪٤٦‬‬
‫إىل أن قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسـي ندنا ويـذهنب مـا ي نغيـظ‬ ‫ونســـــــأهل يمتعنـا تعـاىل‬
‫وث لم وحيثما ل‬ ‫ً‬
‫الروض األريض‬ ‫وُيمعنـا هنـا بـهــم دوامـا‬
‫وبعدها اجته ومن معه إىل مدينة «ممباسة» لزيارة شيخه وأخي نه‬
‫احلبيب القدوة أمحد «مشهور» بن طه احلداد‪ ،‬اذلي أسلمت ىلع يديه‬
‫ن‬
‫ً‬
‫األلوف من أهل تلك الالد‪ ،‬وصار علما من أعالم العوة واإلرشاد‪،‬‬
‫فاجتمع به ىلع خري حال‪ ،‬يف جلسات مباركة تفوق الوصف واخليال‪ ،‬ويغِن‬
‫مضمون حاهلا عن املقال‪ ،‬فرحبوا بسيدي اهلدار خري ترحيب‪ ،‬وابتهجوا اغية‬
‫ً‬
‫بتهاج بهذا الواف ن ند احلبيب‪ ،‬وقال سيدي اهلدار يف شيخ نه املذكور قصيدة‬
‫ن‬ ‫اإل‬
‫ن‬
‫منها قوهل‪:‬‬
‫ً‬
‫يــزل عنـك األذايــا والاليـا‬ ‫وزر حبـر العلـــ ن‬
‫وم ورد‪ ..‬زالال‬
‫محيـد القـو نل حممـود السجـايا‬ ‫أبا احلسن امحد «املشهور» طه‬
‫إىل قوهل‪:‬‬
‫ن‬
‫ــــروع ول نلربايــا‬ ‫نأليت ن‬
‫ـــام الف‬ ‫سـالف نسـر‬
‫ن‬ ‫وعننـدكـم منـن األ‬
‫أغنيثوا قبل أن يضحوا ضحايـا‬ ‫وال تنسـوا حقـوق بن أبيكم‬
‫ً‬
‫ثم اجته إىل «نريويب» ومكث بها فرتة قليلة‪ ،‬ثم منها إىل «أديس أبابا»‬
‫ً‬
‫واستقبله بها عبداهلل وعبدالقادر ابنا عبد ربه اجلنيدي‪ ،‬وعقد بها دروسا‬
‫يف جامعها الكبري‪ ،‬انتفع بها الكبري والصغري‪ ،‬وبعدها رجع بالطائرة إىل‬
‫احلرمني‬
‫ن‬ ‫مدينة «تعز»‪ ،‬واكن سيدي اهلدار يف خالل هذه الفرتات‪ ،‬يرتدد إىل‬

‫‪٤٧‬‬
‫الشيفني ويع نقد املجالس العلمية اخلاصة والعامة واملحاَضات‪ ،‬اليت جتتمع‬
‫نجازية‪.‬‬
‫كن احل ن‬
‫فيها النضعة الها نش نمية‪ ،‬ممن أقاموا يف تلك األما ن‬
‫فر إىل باكستان‪،‬‬
‫وبعد أن أدى فريضة احلج اعم ‪١٤۰٢‬ـه تهيأ للس ن‬
‫ول عدنان‪ ،‬وحلضور االجتماع اذلي يقصد منن شت‬‫ملناصة ن رشيعة سيد ن‬
‫األوطان‪ ،‬ويف يوم اخلميس ‪١١‬حمرم ‪١٤۰٣‬ـه سافر إىل باكستان برفقة جنله‬
‫انلجيب األديب طاهر بن حممد اهلدار‪ ،‬فنل يف كراتش يف مسجد «ميك»‬
‫وحرض اجتمااعتهم اليت غشيتها السكينة والوقار‪ ،‬وحرص ىلع انعقادنها ك‬
‫ً‬ ‫ل ً‬
‫مناص صبار‪ ،‬ومبلغ هلد ني انلْب املختار‪ ،‬فجن حظا واف نرا من أِسارها‬
‫واألنوار‪ ،‬وتنقل لدلعوة ن إىل اهلل هنالك‪ ،‬وك هذا بناختصار‪ ،‬وإال فالرحلة‬
‫بتبليغ‬
‫ن‬ ‫حاف نلة بتنو نع براجمها واالستنجازة ن من الصلحاءن واألخيار‪ ،‬ممن قاموا‬
‫سائر األقطار واألمصار‪ ،‬ويف‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫رشع املصطىف صلوات اهلل وسالمه علي نه إىل‬
‫يوم األربعاء ‪ ١‬ظفر اخلري ‪١٤٠٣‬ـه توجه إىل «بنقالديش» ونزل يف مسجد ‪-‬‬
‫كركر عيل‪ -‬واتلق فيه بعدد من الشيوخ ذوي القدر اجلليل‪ ،‬وتوجة بعد‬
‫ذلك إىل «تايالند» ونزل يف العاصمة ‪-‬بانكوك‪ -‬فنىه أهلها عن املنكر‬
‫جهو ند أثمرت وأينعت‪ ،‬وأثرت‬
‫وأمرهم بكل واجب مرتوك‪ ،‬وهذا كه يف إطار ن‬
‫بدلان املعمورة‪ ،‬ومساعيهم يف خدم نة‬
‫ن‬ ‫ونفعت‪ ،‬ووصل مداها إىل كثري من‬
‫الشع مشهورة مشكورة‪ ،‬ثم اعد إىل مكة املكرمة بعد رحلة استمرت‬ ‫ن‬
‫ً‬
‫حوايل ‪ ٣٥‬يوما منن نف نع األمة‪ ،‬وحمارب نة الند نع وكش نف الغم نة وجال نء الظلمة‪،‬‬
‫ً‬
‫واالنكسار واإلخالص‪ ،‬مستمدا‬
‫ن‬ ‫واكن خالل رحلت نه هذه ىلع اغية اتلواض نع‬

‫‪٤٨‬‬
‫ً‬
‫بعني االنتنقاص‪ ،‬بل من‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫اجلموع يرى أنه أقلهم نفعا وينظر إىل نفس نه‬ ‫من‬
‫ً‬
‫تواضع نه لم يرض أن يكون أمريا ىلع جمموعت نه أثناء تنقالت ننهم أو تكون هل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫الوصاية‪ ،‬ك ذلك امتثاال نألمر املصطىف ﷺ «بلغوا عِن ولو آية»‪،‬‬ ‫عليهم ن‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫حيث لم يأل جهدا يف خدمة ونصة ن رشيعتنة‪ ،‬وبثها وتبلي نغها اغية جهده ن‬
‫ومنتىه طاقتنه‪.‬‬
‫أمري املؤمنني يلع‬
‫ويف اعم ‪١٣٩٦‬ـه رحل إىل العراق لزيارة ن سيدنا اإلمام ن‬
‫بن أيب طال نب‪ ،‬وزيارة األئمة األعالم اكإلمام عبدالقادر اجليالين وغريه من‬
‫ِس وادي األحقاف‪ ،‬احلبيب عبد القادر‬‫وارث ن ِ‬
‫ن‬ ‫املراتب واملناق نب‪ ،‬برفق نة‬ ‫ذوي‬
‫ن‬
‫بن أمحد السقاف‪ ،‬واكن احلبيب عبدالقادر يف تلك االجتمااعت‪ ،‬يتلكم بما‬
‫يفيض اهلل علي نه من احل نك نم الواردات‪ ،‬بما تلني هل القلوب وتقش نعر هل‬
‫عالم‬
‫األبدان‪ ،‬وختشع هل انلفوس وتستل لسماعه اآلذان‪ ،‬فزاروا بها أبرز امل ن‬
‫واملآث نر‪ ،‬وأشهر املقامات واملقابنر‪ ،‬كمقام اإلمام اجليالين و مقامات انلجف‬
‫ِ‬
‫جالء‪ ،‬اكلشبيل واجلنيد القواريري‪ ،‬وخاهل ِسي‬
‫وكربالء‪ ،‬وأَضح نة األئمة األ ن‬
‫الس نقطي‪ ،‬ومقامات األئمة ذوي العرفان‪ ،‬كأيب حنيفة بن انلعمان‪،‬‬
‫بن ايلمان‪ ،‬واإلمامني‬ ‫ِ‬
‫والصحابيني اجلليلني سلمان الفارس وحذيفة ن‬
‫ِ‬
‫معروف الكرخ والسهروردي‪ ،‬وغريهم من األئمة األعالم‪ ،‬املبلغني ل نش نع‬
‫خري األنام‪ ،‬علي نه أفضل الصالة ن وأزىك السالم‪.‬‬
‫ن‬
‫ثم توجهوا إىل سوريا وزاروا مقام اإلمام انلووي‪ ،‬وشعرات اجلناب‬
‫زالل معينها اجلموع‬
‫ن‬ ‫انلبوي‪ ،‬وعقدوا بها املجالس الكبرية‪ ،‬اليت كرعت من‬

‫‪٤٩‬‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫الغفرية‪ ،‬وزاروا مقام نْب اهلل يح بن زكريا‪ ،‬وك مقام نال صاحبه ماكنا‬
‫ِ‬
‫والصحابيني‬
‫ن‬ ‫يت العاطنر انلفاح‪،‬‬
‫علنيا‪ ،‬ومقامات أيب يزيد البسطاّم ذي الص ن‬
‫ً‬
‫ني دنحية اللكْب وبالل بن أيب رباح‪ ،‬وعينا يقال أنها اليت اغتسل فيها‬
‫الكريم ن‬
‫ن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نْب اهلل أيوب‪ ،‬اغتسلوا فيها ترباك واستشفاءا من أسقام القوال نب والقلوب‪،‬‬
‫ن‬
‫بأقالم الرجال اثلقات‪ ،‬اذلين‬ ‫وهذه الرحلة وما قبلها من الرحالت‪ ،‬مدونة‬
‫خالل لقاء‬
‫ن‬ ‫ب العجاب‪ ،‬ما يذهنل ذوي األلاب‪ ،‬من‬ ‫ذكروا فيها من العج ن‬
‫ِ‬
‫األبدال باألقطاب‪ ،‬واخل نال نن واملحبني باألحباب‪ ،‬وما دار يف تلك املجالس‬
‫ن‬
‫العلمية واملحاف نل‪ ،‬من الفوائد وشوار ند املسائل‪ ،‬والنشائد واملدائح واإلجازات‪،‬‬
‫من اهلل تعاىل بها ىلع أهل تلك اجلهات‪ ،‬بربكة تلك اإلجتمااعت‪ ،‬ومقد نم‬ ‫اليت ل‬

‫خرية ن السادات‪.‬‬
‫ن‬
‫ً‬
‫ويف يوم اجلمعة ‪ُ ٢٢‬جاد األوىل من اعم ‪١٣٩٦‬ـه اعدوا إىل جدة جوا‬
‫حبفظ اهلل وراعيتنه‪ ،‬فنل بها احلبيب عبدالقادر واكنت مقر إقامتنه‪ ،‬وأما‬
‫ن‬
‫ً‬
‫سيدي اهلدار فتوجه إىل مكة ألداء العمرة مستعينا باهلل ومعونتنه‪ ،‬واكن قد‬
‫الحر املحيط‪ ،‬احلبيب عمر بن أمحد بن سميط‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أحرم بالعمرة عن العالمة‬
‫ل‬
‫الهية‪ ،‬لزيارة احلرضة ن‬
‫وبعد يومني وصل سيدي اهلدار إىل املدينة املنورة ن‬
‫ل‬
‫أمارات البشائر والقبول‪ ،‬ما‬
‫ن‬ ‫من‬ ‫فيها‬ ‫هلم‬ ‫ظهرت‬ ‫رحلة‬ ‫بعد‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫انلبوي‬
‫ن‬ ‫املشف نة‬
‫ل‬
‫نالوا به ك املرا ند والسؤل‪ ،‬بربك نة وراعية سيدنا الرسول‪ ،‬صلوات اهلل وسالمه‬
‫وتالمحت الغيوم(‪.)١٨‬‬
‫ن‬ ‫الوارق‬
‫ن‬ ‫ت‬
‫تلألت انلجوم‪ ،‬ولمع ن‬
‫ن‬ ‫عليه وآهلن ما‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫( ‪ ) ١٨‬رحالته نفع اهلل به ليست حمصورة يف ما ذكر فمنها رحلته إىل مرص وعمان واألردن وغريها من‬
‫ابلدلان ‪.‬‬

‫‪٥٠‬‬
‫ً‬
‫ولسيدي اهلدار أبياتا وصف فيها قدومه إىل طيبة الطيبة‪ ،‬لكـن‬
‫يف غري هذه املناسبة‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫طيبـــة طـاب مـاؤهــا وانلبــات‬ ‫ثـم جد املســـيـر حتـى وصــلنا‬
‫ً‬
‫تنتيه فيـــ نه للــورى الرغبـــات‬ ‫وقـــــىض اهلل أن نقـــوم مقامـا‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫رحـمـة اللـــ نه فيــ نه وانللفحـــات‬ ‫جـــد‬
‫منـزال عـــز أن ينــــال بنـ ن‬
‫ً‬
‫مـوق نفـا فـيـــ نه تـوقـف الغايــات‬ ‫فوقفنــا حبـمــ ند رب كـــــــريم‬
‫مـا نــرى ما رآه فيــــ نه اتلقــــاة‬ ‫فيـ نه حـــرنا ومـن ســناه ذهنلنــا‬
‫ً‬
‫ما الصفا ؟ما منـن؟ ومـا عـرفات؟‬ ‫فهنـا تـنـتهـى املطـال نب جـمـعــا‬
‫ِ ً‬
‫حاصـــالت‬
‫ن‬ ‫ء‪...‬إيلهـــا مصـــدقا‬ ‫هذه ن حضــرة مـطـال نـب مـن جــا‬
‫فـوقهم فوجــــوههـم مســـفرات‬ ‫مـا تـرى الزائـرين والبنشــــر بـاد‬
‫ً‬
‫وتوالــت عـلـيـهـم الـــمفرحات‬ ‫ط نفحـت مـنـهم القـلـوب سـرورا‬

‫أبناؤه‬
‫وأما أبناؤه ريض اهلل عنه‪ ..‬فهم الكثري الطيب املدعو لهم بنال منراء‪ ،‬من‬
‫ِ‬
‫جدهنم األعظم يللة بن اإلمام يلع بفاطمة الزهراء‪ ،‬ريض اهلل عنهما‪.‬‬
‫قال سيدنا احلداد‪:‬‬
‫حني ل‬ ‫ِ‬
‫فاف أال ت نع؟‬
‫الز ن‬ ‫منن جـدهنم ن‬ ‫فهـم الكثري الطيب المدعـو لهـم‬
‫احلنون‬
‫ن‬ ‫األب‬
‫وراعيتهم‪ ،‬والحظ بعني ن‬
‫أحسن ريض اهلل عنه تربيتهم ن‬
‫اخلري وأهلنه ىلع‬ ‫مراحلهم ونشأتهم‪ ،‬وغرس يف قلوبهم منن صغرهم ح ل‬
‫ب‬
‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬

‫‪٥١‬‬
‫خدمة‬
‫الوام‪ ،‬وتعظيم شعائر اهلل والغرية ىلع انتهاك حرمات نه وجمانب نة اآلثام‪ ،‬و ن‬
‫الشيع نة ومناصة الين‪ ،‬وتصحيح العقيدة وتقوية ايلقني‪ ،‬وال غرو فهم‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫أهل حب نه وودادنه‪ ،‬من أمل فيهم قبل بروزهم إىل الوجود‪،‬‬
‫ثمرة فؤادنه‪ ،‬وخالصة ن‬
‫ً‬
‫مة لشيع نة سي ند الوجود‪ ،‬ابتغاء مرضاة ن ِ‬
‫الح املعبود‪ ،‬فمشبهم‬ ‫أن يكونوا خد‬
‫خري مشب‪ ،‬والشء من مع ندن نه اليستغرب‪.‬‬
‫قال سيدي العالمة زين بن إبراهيم بن سميط نفع اهلل به‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صدق نيات احلبيب حممد اهلدار جعل اهلل أوالده ذكورا وإناثا‬
‫ن‬ ‫منن‬
‫ُجيعهم من الاعة ن إىل اهلل «اه» أوكما قال‪.‬‬
‫عليهم‪ ،‬فهم‬
‫ن‬ ‫ذراريهم‪ ،‬وظهرت بشائ نر نيات ن نه‬
‫ن‬ ‫فيهم ويف سائ ننر‬
‫فبارك اهلل ن‬
‫الرباط‬
‫ن‬ ‫مابني معلم وداع ومصابنر‪ ،‬وموجه ومر نشد وحماَض‪ ،‬ومرابط يف‬
‫ً‬
‫ناص‪ ،‬وظفهم والهم خري وظيفة‪ ،‬وهذب نفوسهم فغدت مطهرة عفيفة‪،‬‬ ‫م ن‬
‫ين احلنيف‪.‬‬ ‫سيان ذكورهم وإناثهم يف هذا اتلوجه الشيف‪ ،‬وخدم نة هذا ِ‬
‫ال‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫قال العالمة العلم الفقيه‪ ،‬عبدالرمحن بن عبداهلل بلف نقيه ريض ا اهلل‬
‫عنه‪:‬‬
‫ــــباب‬
‫ن‬ ‫اب وال بـنـــأه نل اجلــد واألس‬‫فليس يـختص بنـــ نذي أنـســـ ن‬
‫ال‬ ‫ِ‬
‫اب ف نـيـ نه النســـاء يق نسمن اكلرجــ ن‬
‫ـل مـن نعـم وهــــ ن‬‫بل فيض فـض ن‬
‫ً‬
‫هل نفع اهلل به منن اذلكور أحد عش كوكبا هم احلسن واحلسني وأمحد‬
‫وطاهر وعبداهلل وزين وإبراهيم وهاشم وطه وعبدالرمحن ومحزة‪ ،‬ومن‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫اإلناث ثالث عشة بننتا‪ ،‬وتويف عن أربع زوجات‪ ،‬وهل يف تكثري اذلري نة أبلغ‬

‫‪٥٢‬‬
‫ً‬
‫توجيههم‬
‫ن‬ ‫احلرص ىلع‬
‫ن‬ ‫انلِيات‪ ،‬امتنثاال ل نرغب نة سي ند الاكئنات‪ ،‬واكن شديد‬
‫ومتابعتهم‪ ،‬سواء خالل وجو نده ن بينهم‪ ،‬أو أثناء سفره‬
‫ن‬ ‫ومالحظتن نهم‪ ،‬وإرشا ندهنم‬
‫إىل احلرمني وبع نده ن عنهم‪ ،‬حيث اكن نفع اهلل به كثري الرتد ند إىل بالد احلرمني‬
‫الشيفني‪ ،‬وهل فيها مسكنان مع زوجتني‪ ،‬وبنات وبنني‪ ،‬مع نشاطه الع ِ‬
‫وي‬ ‫ن‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫الكبري‪ ،‬اذلي قل أن يوجد هل نظري‪ ،‬ومع ذلك كه فال يدع مراسلتهم وحثهم‬
‫الروس‬
‫ن‬ ‫طالب العلم واملحافظة ىلع‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫واغتنام األوقات‪ ،‬وخدم نة‬ ‫الرباط‬
‫ن‬ ‫ىلع‬
‫فظ ومدارس نة القرآن‪ ،‬ومالزمة الفاتر وتقييد‬ ‫ح ن‬ ‫واملجالس واحللقات‪ ،‬و ن‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫يف وإشباعنه‪ ،‬وخدمت نه من حلظ نة نزوهلن إىل‬ ‫ن‬
‫وإكرام الض ن‬ ‫املسائل يف ك آن‪،‬‬
‫ل‬ ‫ل ً‬ ‫ً‬
‫الحث عن‬‫ن‬ ‫ىلع‬ ‫هم‬‫ث‬ ‫ُي‬ ‫ولم‬ ‫النيا‪،‬‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫حظ‬ ‫أو‬ ‫حني ودا نعه‪ ،‬ولم يسألهم ماال‬
‫ن‬
‫املقامات‬
‫ن‬ ‫وظيفة عليا‪ ،‬وإنما ألزمهم املحافظة ىلع هذه الوظيفة‪ ،‬اليت تنال بها‬
‫ِ‬
‫الشيفة‪ ،‬وأن هذا األمر جد خطري‪ ،‬فال بد من السع والتشمري‪ ،‬مع حثهم‬
‫باخل نطاب اجلزل‪ ،‬لقوهل تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﱠ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ني منن مراسالت ن نه ألبنائ نه‪ ،‬ورسالة اعمة‬
‫ورد هنا أنموذج ن‬ ‫وللمناسب نة ن ن‬
‫لاكفة أهله وأحبائ نه‪ ،‬والـتـي منـن خالهلـا يعـرف الـقـارئ إىل أي م ً‬
‫ـدى‬ ‫ن ن‬
‫َ‬
‫الرتغيب‬
‫ِ‬ ‫وصلت نيات ـهذا احلبيب‪ ،‬وكيف اكنت طريقته مع أوال ِده ِ يف‬
‫ّ‬
‫والرتـهيب‪ ،‬وبراعة أسلوب ِ ِه يف الرتبية واتلهذيب‪.‬‬

‫‪٥٣‬‬
‫رساتله األول‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ .‬احلمد هلل‪ ،‬األوالد املباركني حسن وحسني وأمحد‬
‫وعبداهلل وزين أبناء حممد اهلدار وإخوانهم إبراـهيم وـهاشم وأفراد األرسة حرسهم‬
‫َ‬ ‫ِّ َ َ‬
‫اهلل‪ :‬السالم عليكم ورمحة اهلل وبراكته يف ُك حلظ ٍة أبدا عدد ما و ِسعه علم‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫اهلل ونرجو أن اجلميع بعافية ضافية‪ ،‬حسية من السوء ومعنوية من اذلنوب‪،‬‬
‫نسأل اهلل نلا ولكم وأحبابنا واملسلمني اعفية ادلارين وعىس أوقاتكم‬
‫مضبوطة وال يتخلف عن صالة العشاء والفجر مجاعة إال منافق معلوم انلفاق‪،‬‬
‫وال يمكن يشتغل املؤمن بمعاشه عن معاده‪ ،‬ألن املعاش ـهو إاعنة فقط ىلع‬
‫ّ‬
‫أمور املعاد ال يمكن ينشغل عنها‪ ،‬فهو مثل ادلابة تقطع عليها الطريق ال‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫تراعـها وترتك املسري فيفوتك احلج وأنت يف املرَع‪ ،‬وـهذا ـهو عبد الشهوة وـهو‬
‫َ‬
‫من شغلته حقوق نفسه عن حقوق ربه وإخوانه‪ ،‬وقد شق علينا خرب وفاة عبد‬
‫اهلل إبراـهيم طالب علم اكن عندنا رمحه اهلل‪ ،‬فاستغفروا هل وأدخلوه يف درس‬
‫األموات‪ ،‬وصلوا عليه بعد اجلمعة صالة الغائب‪ ،‬وخذوا عربة‪ ،‬فلككم عرفتموه‬
‫رمحه اهلل واحلمد هلل وإنا هلل وإنا إيله راجعون‪ ،‬موت طلبة العلم من أكرب‬
‫املصائب ىلع ادلنيا وأـهلها وال حول وال قوة إال باهلل العيل العظيم‪.‬‬
‫والسالم عليكم ورمحة اهلل وبراكته‬
‫حممد اهلدار‬
‫ساحمه اهلل واملسلمني ‪ ١٥‬مجاد األول ‪١٤٠٢‬ـه‬

‫‪٥٤‬‬
‫رساتله اثلانية‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ ،‬احلمد هلل وصىل اهلل ىلع سيدنا حممد وآهل وصحبه‬
‫وسلم‪ ،‬األوالد املباركني حسن وحسني وأمحد وزين وعبداهلل وطاـهر وإبراـهيم‬
‫وإخوانهم وذويهم حرسهم اهلل واعفاـهم وشفاـهم وتوالـهم وراعـهم وـهداـهم‪.‬‬
‫سالم اهلل عليكم يف ُك حني ﱡﭐﱘﱙﱚﱛﱜﱠ‪ ،‬ـهذا بيد املحب‬
‫عبداهلل يلع السوادي‪ ،‬ويف علمه ما يكيف عن اتلطويل‪ ،‬وحنن اعزمـون طيبـة‬
‫ً‬
‫نـصـلكم‪ ،‬املهـم ـهل عـرفتم‬
‫رشفها اهلل‪ ،‬وقريبا إن شاء اهلل وبفضله يف اعفيـة ِ‬
‫األـهم يف ـهذه احلياة املنتهية؟ ـهل عمرتم حزب آخر الليـل قـرآن واالستغفار‬
‫باألسحار؟ ـهل واظبتم ىلع جمالس العلم ُك املواظبة وىلع مجاعة الفجر والعشاء‬
‫وسائر الصلوات؟‪ ،‬ومن ـهو اإلمام ُك يوم؟‪ ،‬وجملس بعد الصبح ـهل ـهو معمـور؟ وبني‬
‫َ‬
‫العشائني الكنوز ُك الكنوز‪ ،‬واختار الشيخ(‪ :)١٩‬طعنة يف صدره وال يسمع لكمة لغو‬
‫بني العشائني‪ ،‬فإن ـهذه سعادتكم يف ادلارين‪ ،‬ويه جتارة ادلـهر وغىن القرب واحلرش‪،‬‬
‫وغريـها خسارة وأي خسارة؟‬
‫َ َ‬
‫اهلل اهلل إحفظوا اهلل حيفظكم‪ ،‬واخدموا رشيعتـه ينرصـكم‪ ،‬وفقنا اهلل‬
‫ّ‬
‫ملراضيه‪ ،‬والسالم ىلع سالم نايج واملحبني إىل يوم ادليـن يف ُك حني وسـائر الصاحلني‬
‫ورمحة اهلل وبراكته عدد نعم اهلل وإفضاهل‪ .‬والسالم عليكم ورمحـة اهلل وبراكته‬
‫مستمد ادلاعء‬
‫حممد اهلدار‬
‫‪/۱۸‬حمرم‪١٤٠٨/‬ـه‬

‫( ‪ ) ١٩‬أي سيدنا عبد الرمحن السقاف رِض اهلل عنه‬

‫‪٥٥‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رساتله لاكفة أـهله وحمبِيه‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ .‬احلمد هلل ‪ .‬وصىل اهلل ىلع سيدنا حممد وآهل‬
‫ّ‬
‫وسلم‪ ،‬إىل اكفة أحبايب حفظهم اهلل من ُك سوء يف ادلارين آمني‪ ،‬السالم‬
‫ٍ‬
‫جمموع بقليم‪ ،‬ففيه ذِكر‬ ‫دفرت‬
‫ٍ‬ ‫عليكم ورمحة اهلل وبراكته‪ .‬طال ِعوا يف‬
‫وصييت‪ ،‬ويف دفرت زيـارة تريم وعينات وغريـها‪.‬‬
‫فأنا أستودع اهلل نفيس وديين وأـهيل وأوالدي وذرياتنا وأحبابنا إىل يوم‬
‫ادلين ومن معنا وما معنا‪ ،‬نسأهل سبحانه أن حيرسنا أمجعـيـن مـن ُك سوء‬
‫ّ‬
‫يف ادلارين‪ ،‬ويدخلنا يف دائرة األمن واإليمان‪ ،‬ويف زمـرة اخلـواص مـن‬
‫سـلفنا الصاحلني مع انلبيني والصديقني والشهداء والصاحلني‪ ،‬يف مقعد‬
‫َ‬
‫صدق عند مليك مقتدر‪ ،‬وحسن أوئلك رفيقـا‪ ،‬ويفتح علينا فتوح‬
‫العارفني ويرزقنا كمال الفقه يف ادلين‪.‬‬
‫واالنهماك يف طـلـب‬ ‫اهلل‬ ‫ى‬‫بتقو‬ ‫ّ‬
‫إيل‬ ‫وأويص من بعدي ومن انتَ َ‬
‫سب‬
‫ِ‬
‫ونرشه‪ ،‬وأن يكون ُك جهودـهم يف ادلعوة إىل اهلل ىلع‬
‫ِ‬ ‫وتقريره وحفظه‬
‫ِ‬ ‫العلم‬
‫بصرية‪ ،‬مع الزـهد والورع والصدق واإلخالص واتلوفيق وايلقني والعبودية‬
‫املحضة واالستغناء عن انلاس‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫أسأل اهلل سبحانه أن يمن علينـا دائمـا أبـدا بذلك مع اعفيـة‬
‫ّ‬
‫تكـرم بـه ىلع‬ ‫ادلارين‪ ،‬ويزيدنا من فضله ما ـهو أـهله‪ ،‬ويتكرم علينا بمـا‬
‫أـهل القرآن والعارفني واملحبـوبني يف خيـر ولـطـف واعفيـة أبـدا رسمدا‪،‬‬
‫وال جيعلنا بداعئه أشقياء‪.‬‬

‫‪٥٦‬‬
‫وأوصيهم بمالزمة كتب السلف الصاحلني وتكرارـها‪ ،‬وبكتـب‬
‫اإلمام سيدنا احلبيب عبداهلل بن علوي احلداد‪ ،‬واحلبيب عبداهلل بـن‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫حسني بن طاـهر‪ ،‬واإلمـام الـغـزايل والشعراين وكتـب الـقـوم والكتـب‬
‫ّ‬
‫املخطوطة‪ ،‬جيعلون جل مطالعتِهم فيها‪ ،‬ويرزقنا اهلل وإياـهم العمـل بالعلم‬
‫أبدا رسمدا‪.‬‬
‫وأوصيهم أن يبتعدوا ُك ابلعد من وظائف احلكومـة غـيـر تـعـلـيـم‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫العلم انلافع‪ ،‬ويـحذرون من ادلخول يف السياسة فيف الكتب املذكورة‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫حلس‬ ‫سريون وصية الرسول صىل اهلل عليه وآهل وسلم للمؤمن أن يكـون ِ‬
‫ً‬
‫بيته‪ ،‬ويلَب ِ‬
‫ك ىلع خطيئتِه(‪ ، )٢٠‬وما دام الرباط حمتاجا إيلهـم فـال رخصة هلم‬
‫جينحـون إىل غريه‪ ،‬وسـيتول اهلل أمورـهم بلطفـه ورأفتـه ويرزقهم اهلل من‬
‫حيث ال حيتسبون‪.‬‬
‫ً‬
‫وعليهم مالزمة األوراد وخصوصا أوراد الرباط وما اعتِيـد فـيـه‪،‬‬
‫وأن يكونوا اكبلنيان ليس هلم قصد إال إرضاء املول سبحانه ونصـر دينـه‬
‫ونــرش رشيعتـه والعمـل بـهـا‪ ،‬واهلل حيفظهـم وحيفـظ أوقاتهم وأعمارـهم‬
‫ُّ‬
‫من الشيطان وجنوده وأويلائه‪ ،‬ويسلك بهم مسـلـك خواص السعداء‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫( ‪ ) ٢٠‬خلرب‪..‬فما تأمرنا يارسول اهلل؟ قال‪« :‬كونوا أحالس بيوتكم» انتيه رواه احلاكم وأبوداود‪ ..‬واألحالس‪:‬‬
‫ْ َ‬
‫مجع حلس يقال‪ :‬فالن حِلس بيته إذا لزمه ال يفارقه ‪ ،‬مأخوذ من احلليس وهو الكساء اذلي يـكون ىلع‬
‫ْ‬ ‫ََْ ُُ‬
‫ظهر ابلعري ‪ .‬وخلرب‪( .‬من اكن يؤمن باهلل وايلوم اآلخر ويشهد أين رسول اهلل‪ ..‬فليسعه بيته َويل ِ‬
‫بك ىلع‬
‫خطيئته» رواه الطرباين‬

‫‪٥٧‬‬
‫َ‬
‫األتقياء العلماء العاملني املحبوبني يف اعفية‪ ،‬وعليهم ب ِ ِصـلة أرحامهم‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫واالجتماع يف جمالس اذلكر وابلعد عن جمالس اللهو‪.‬‬
‫َ‬
‫أخذ اهلل بأيدينا أمجعني إىل ذلك وإىل ُك ما يرضيه‪ ،‬وعصمنا مـن‬
‫املخالفة ومن ضياع األوقات‪ ،‬واعفانا من مصائب ادلارين آمني‪.‬‬
‫وصىل اهلل ىلع سيدنا حممد وآهل وصحبه وسلم‪.‬‬

‫حممد اهلدار‬
‫ساحمه اهلل واملسلمني‬
‫‪/١٦‬ربيع اثلاين‪١٤٠٨/‬ـه‬

‫‪٥٨‬‬
‫أعوانه يف الرباط‬
‫ً ًّ‬
‫اكن نفع اهلل به عند سفره ِ إىل بالد احلرمني الرشيفني‪ ،‬يعتمـد اعتمادا لكيا‬
‫ً‬
‫احللقـات الكبرية خصوصا يف‬
‫ِ‬ ‫ىلع القيام بفتـاوى الرباط وإقامة ادلروس يف‬
‫ـهذين األمرين‪ ،‬ىلع سيدي احلبيب العالمـة زيـن بن إبراـهيم بن سميط‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أدام اهلل انلفع به وبعلومـه يف ّ‬
‫ادلارين‪ ،‬وأطـال عمره يف اعفي ٍة تامة ذخرا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وخترج‬ ‫لإلسالم واملسلمني‪ ،‬فقـد اكن نعـم السـند والعون لسيدي اهلدار‪،‬‬
‫كثري من‬
‫ٍ‬ ‫ىلع يديه الكثري من طالب العلم اذليـن انترشوا للعوة يف‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫األمصار‪ّ ،‬‬
‫بمزنتل ِه‪ ،‬وحث‬
‫ِ‬ ‫وأـهاب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫بقدر‬ ‫ف‬ ‫وعر‬ ‫‪،‬‬‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫وزوجه سـيدي اهلـدار بابن‬
‫ً‬ ‫َ ً‬ ‫ََ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫ومقصدا‬
‫ِ‬ ‫دا‬ ‫عتق‬‫م‬ ‫زين‬ ‫نا‬‫حبيب‬ ‫واكن‬ ‫‪،‬‬‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ال‬‫وم‬ ‫بـه‬ ‫اتلأِّس‬ ‫ىلع‬ ‫ه‬ ‫أبناءه وطالب‬
‫ً‬
‫ألـهايل تلك ابلالد‪ ،‬فتارة يصلِح بني أـهل اخلصام وال ِعناد‪ ،‬وتارة يتول عقود‬
‫ِـد ومـرتـاد‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫كح ِة وغريـها للجمااعت واألفراد‪ ،‬مـن ُك واف ٍ‬ ‫األن ِ‬
‫َ‬
‫إقامتـه للمجالس اليت تشت ِمل ىلع الصـالة ىلع انليب صىل اهلل عليـه وسـلم‬
‫َ‬
‫وغريـها يف اجلم ِع واألعياد‪ ،‬الـتـي تـزول بهـا عـن انلـفـوس الشجون‬
‫ّ‬
‫واألنكاد‪ ،‬وـهذا شأن كمل األبدال واألوتاد‪ ،‬ومنهج اآلباء واألجداد‪ ،‬من‬
‫َ‬
‫حـد عنـه أبـدا‪ ،‬واذلي‬ ‫السادة العلويني األجماد‪ ،‬وـهو منهجه اذلي لـم يـ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫صار فيه إماما مقتدى‪ ،‬وكما قال سيدنا احلداد‪:‬‬
‫َ‬
‫ـبل كـانوا هلـا سـلكوا أسالفنا وـهـــم للـــــ ِه أجنــــاد‬ ‫ٍ‬ ‫س‬ ‫ىلع‬ ‫يض‬‫م‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫لـألرض أطــــواد‬
‫ِ‬ ‫ام حني سطت وكيـف ال؟ وـهم‬ ‫ما َزع َزعتهم يـد األي ِ‬

‫‪٥٩‬‬
‫ّ‬
‫واكن نفع اهلل به كثري اتلّنقل إىل ابلوادي والقرى للعوة إىل اهلل‪،‬‬
‫َ ّ‬
‫وتعليم وإرشا ِد خل ِق اهلل‪ ،‬باإلضافة إىل ما أولكه سيدي اهلدار من مهام‬ ‫ِ‬
‫واستم ّر يف ابليضاء حنواً من عرشينَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جسيمة يف الرباط وغريه من األمكنة‪ْ،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫سنة‪ ،‬ثم انتقل بعد ذلك إىل املدينة املنورة جماورا جلده املصطىف صلوات اهلل‬
‫ّ‬ ‫ِّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫ِ‬
‫وسالمه عليه‪ ،‬مبلغا لرشع اهلل وداعيا إيله‪ ،‬ومعلما لسائ ِر الفنون العل ِمية‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صدور‬ ‫حبق الفلك املشحون‪ ،‬اذلي أثلج‬ ‫ٍ‬ ‫فهو‬ ‫‪،‬‬‫ة‬‫الشافعي‬ ‫ال سيما فقه السادة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫أجداده ِ وأقر العيون‪ ،‬واشتهر بني انلاس بشافيع وقتِه‪ ،‬لقوة ِ مدرك ِه ورسع ِة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رفيع أعاله اهلل وأشهره‪ ،‬وإال‬ ‫ٍ‬ ‫ملقام‬ ‫‪،‬‬‫خمترصة‬ ‫موجزة‬ ‫إشارة‬ ‫فقط‬ ‫وـهذه‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫بديه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أين لِم َ‬ ‫فمن َ‬
‫قويل أن يعرب عن حقيق ِة ـهذا اجلناب‪ ،‬أو خيوض يف سرية ـهذا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫انليق ّ‬
‫يق ِ ِّ‬ ‫اإلمام اتلّ ِّ‬
‫األواب‪ ،‬فلن أوفِيه حقه وإن تكلمت وأطنبت فال أزال‬
‫َ‬
‫عن كن ِه مع ِرفت ِه يف حجاب‪ ،‬فجانب واحد من جوانب حيات ِه العصماء‪،‬‬
‫َ ّ‬
‫جبوانب عِدة‪ ،‬فهو‬ ‫يستغرق جل األوقات دون إحاط ٍة بها أو استِيفاء‪ ،‬فكيف‬
‫ّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٍّ‬
‫بِـال أدَن شك « أمة وحده »‪ ،‬نفعنا اهلل به وأطال عمره يف اعفية‪ ،‬حسي ٍة وافِية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ومعنوي ٍة ضافية‪.‬‬
‫وأسفاره‪ ،‬يف تسيري‬
‫ِ‬ ‫وكذلك اكن سيدي اهلدار يعتمد أثناء رحالت ِه‬
‫َ‬
‫األكرب‪ ،‬من غدا ألـهله‬ ‫اره‪ ،‬ىلع جنلِه‬ ‫وإكرام ز ّ‬
‫و‬ ‫ِ‬ ‫شؤون الرباط وإقامة ادلروس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وحلمل راي ِة وادله من بعده خري مظهر‪ ،‬احلبيب حسني بن احلبيب‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬‫مفخ‬
‫وسالك منهج أبيه‪ ،‬املعروف‬
‫ِ‬ ‫ومرجع بين أبيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫حممد اهلدار‪ّ ،‬‬
‫قرة ِ عني أبيه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫بصلة األرحام‪ ،‬وتفقد األيتام‪ ،‬وإطعام الضيفان‪ ،‬خليف ِة وادله وصمام األمان‪.‬‬

‫‪٦٠‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫تـــــج ُّر إيلــــــــ ِه أذياهلـــــــا‬ ‫أتـتــــه اخل ِـالفـــــة راغمـــــة‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ َ‬
‫ولــــيس يصــــــــلح إِال هلــــا‬ ‫فلــــــيس تصـــــلح إال لــــه‬

‫َ‬
‫ويعاونه ىلع ذلك إخوتـه عبـداهلل‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬‫قـاه‬ ‫أطال اهلل بقاه‪ ،‬وأىلع مرت‬
‫وزيـن وإبراـهيم حفظهم اهلل‪ ،‬باإلضافة إىل كوكبـ ٍة مـن املشائخ الفضالء‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫وُنب ٍة من املدرسني األكفاء‪ ،‬اكلشيخ عبدالرب ايلافيع رمحـه اهلل‪ ،‬والشيخ‬
‫وغريـهم من‬
‫ِ‬ ‫عبداهلل اخلشييب حفظه اهلل‪ ،‬والشيخ حممد عبده حرسه اهلل‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العلم املباركني‪ ،‬وابلعـض من أوالدِه غدت عينه‬ ‫ِ‬ ‫املدرسني امليامني‪ ،‬وطال ِب‬
‫جهات‬ ‫وادلـهم يف محل راي ِة ادلعوة ِ إىل اهلل يف‬
‫قريرة‪ ،‬حيث نابوا عن ِ‬‫َ‬ ‫بهم‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كثرية‪ ،‬حّت كتابة ـهذه انلبـذة اليسرية‪ ،‬ومـن ذلك ما يقوم به سيدي الوادل‬
‫ّ‬
‫احلبيب الهمـام‪ ،‬أمحـد بـن حمـمـد اهلـدار حرسه اهلل بعينه اليت التنام‪ ،‬مـن‬
‫َ ُّ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ ٍّ‬
‫سات الزمان‪،‬‬
‫نشـاط دعـوي وصـفـه بعـض أويل العرفان‪ ،‬بما يعد من تنف ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أكابر أئ ِم ِة الشافعية‪ ،‬يف يفرس وغريـها‬
‫ِ‬ ‫حيث قام بإحياءِ أربط ِة ومآث ِر ك ِ‬
‫ل‬‫م‬
‫ََ ّ‬
‫بنهج‬
‫اجلهات ايلمنِية‪ ،‬حّت وصل عدد األربط ِة إىل حنو تسع ِة أربط ٍة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫من‬
‫واضح منري‪ ،‬انتفع بهـا الكثري والكثري‪ ،‬باإلضاف ِة إىل فرع رباط سيدي‬ ‫ٍ‬
‫العم احلبيب طاـهر بن‬ ‫ادم «بتعز» اذلي يتول إدارته ُّ‬ ‫اهلدار‪ ،‬يف ِشعب اخل ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طابق لرباط ابليضـاء‪ ،‬انتفـع بـه‬‫حممد اهلدار فأن ِعم َبـه من منار‪ ،‬كنه ٍج م ٍ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إجناح ـهذا املقصـد‪،‬‬ ‫الكثري يف تلـك األحناء‪ ،‬مع مساندت ِه ألخيه أمحد‪ ،‬يف‬
‫أمله سيدي اهلدار‪ ،‬من ب ِ‬ ‫ّ‬
‫لوغ اغي ِة األماين واألوطار‪.‬‬ ‫حيـث شـلَّك بذلك ما‬

‫‪٦١‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫فـع‬ ‫َ‬
‫وال بد أن نشري يف ـهذه العجالة إىل ما أجراه اهلل تعاىل مـن انل ِ‬
‫ََ‬
‫القدر الشهري‪ ،‬سيدي احلبيب عمر بن حفيظ‪ ،‬مِن‬ ‫ِ‬ ‫صاحب‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫الكبري‪ ،‬ىلع ي‬
‫إقامة دروس الشباب والعناية حبلقات اتلّحفيظ‪ ،‬أثنـاء طلبه يف رباط‬
‫َ‬
‫يث املدرار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الغ‬ ‫كـفـائض‬
‫ِ‬ ‫سيدي اهلدار‪ ،‬وحمارضاته اليت اكنت ترد عليـه‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ووعظهـن مـن وراءِ ِستار‪ ،‬وـهو نفع اهلل به مع ِصغر‬ ‫وإقامة دروس النساء‬
‫َ ً َ ّ‬
‫سنه آنذاك‪ ،‬إال أنه أحدث صحوة دعوية ال سيما يف أوساط الشباب ـهناك‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫وأنشطت ِه‬ ‫ِ‬ ‫الرضية‪،‬‬ ‫اذلين توافدوا إىل جمالسته واالستفادة مـن أخالقه‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وجمالس ِه العلمية‪ ،‬فاكن رباط ابليضاء بدايـة النطالق ِة ـهذا احلبيب‪ ،‬حّت‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫عم نفعه العالم الرحيب‪ ،‬كما شـهـد بـذلك ابلعيد والقريب‪ ،‬جزاـهم اهلل‬
‫عنا خري اجلزاء وواف ِـر انلصيب‪ ،‬وأطـال أعمارـهم يف اعفية تامة إنه قريب‬
‫جميب‪.‬‬

‫‪٦٢‬‬
‫مشـاي ِـخه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأما مشاخيه نفع اهلل به فهم َصفوة السادة ِ ُّ‬
‫املشائخِ‬ ‫ة‬ ‫و‬ ‫ق‬‫ون‬ ‫الزـهاد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫العباد‪ ،‬ذوو الفضل العايل الشهري‪ ،‬والقدر الرفيع الكبري‪ ،‬اذلين أحيا اهلل بهم‬
‫اخلليقة‪ ،‬ومجع هلم بني ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِليم الرشيع ِة‬ ‫ِ‬ ‫سائر‬
‫ِ‬ ‫ىلع‬ ‫هم‬ ‫شأن‬ ‫وأىلع‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫الطريق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واحلقيقة‪ ،‬فهم كثري جدا‪ ،‬يكادون ال يستوعبون حدا وال عدا‪ ،‬منهم من‬
‫َ ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تربك بهم واستمد منهم‬ ‫أخذ عنهم سيدي وتلَّق وفاز بما حاز‪ ،‬ومنهم من‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫واس َتجاز‪ ،‬نذكر منهم أحد َ َ‬
‫عرش شيخا ىلع سبيل اتلربكِ واإلجياز‪.‬‬
‫كقدويت وقرة ِ ناظري‪ ...‬شيخِ اإلسالم عبداهلل بن عمر بن أمحد بن‬
‫علوي الشاطري‪.‬‬
‫(‪)٢١‬‬
‫مربع األحباب‪ ...‬احلبيب علوي بن عبداهلل بن شهاب‬
‫ِ‬ ‫ومظهر‬
‫ِ‬
‫ُّ‬
‫امللك القدوس احلبيب جعفر بن أمحد بن عبـدالقادر بن ســـالم‬
‫ِ‬ ‫وويل‬
‫(‪)٢٢‬‬
‫العيدروس‬
‫وسليل السادة ِ األخيار احلبيب مصطىف بن أمحد بن حممد‬ ‫ِ‬
‫املحضار(‪.)٢٣‬‬
‫َ‬
‫للفضائل منيش احلبيب أمحد بن موىس بن عمر بن شيخ بن‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫وم‬
‫ـهاشم بن حممد بن أمحد بن زين احلبيش(‪.)٢٤‬‬

‫( ‪ ) ٢١‬ودل رمحه اهلل برتيم سنة ‪ ١٣٠٣‬ـهوتويف بها صباح السبت اثلاين عرش من رمضان املبارك سنة ‪١٣٨٦‬ـه‬
‫( ‪ ) ٢٢‬ودل رمحه اهلل بقرية (بور) سنة ‪ ١٣٠٨‬ـهوتويف برتيم يف ‪ ٣‬مجادي اآلخرة سنة ‪١٣٩٦‬ـه‪.‬‬
‫( ‪ ) ٢٣‬ودل رمحه اهلل بالقويرة ‪-‬دوعن‪ -‬سنة ‪ ١٢٨٣‬وتويف بها يف اثلامن من رجب سنة ‪١٣٧٤‬ـه‪.‬‬
‫( ‪ ) ٢٤‬ودل رمحه اهلل بمدينة سيؤن يف ‪ ١٧‬من ذي القعدة سنة ‪ ١٣١٧‬ـهوتويف يف اثلاين من شهر رمضان‬
‫املبارك سنة ‪ ۱۳۹۸‬ـه‪.‬‬

‫‪٦٣‬‬
‫ن‬
‫اإلمام األجل علوي بن عباس بن‬ ‫املذهب املاليك‬
‫ن‬ ‫ومفيت احلرمني ىلع‬
‫عبدالعزيز املاليك(‪.)٢٥‬‬
‫وبهج نة انلفـــوس احلبيب عبداهلل بن شيخ بن عيدروس بن حممد‬
‫العيدروس(‪.)٢٦‬‬
‫حبر‬
‫القدر العيل احلبيب أمحد «الول» ابن نيلع‪،‬من ذرية ن‬
‫ن‬ ‫وصاحب‬
‫ن‬
‫املاكرم‪ ،‬الشيخن أيب بكر بن ســالم(‪.)٢٧‬‬
‫ن‬
‫ل‬
‫ب‬
‫العلم املنار احلبيب عبداهلل بن شيخ بن أمحد امللق ن‬
‫ن‬ ‫ووا ن‬
‫له ن العالم‬
‫ل‬
‫بـ«اهلدار»‬
‫وخليف نة جممع األسالف احلبيب عبدالقادر بن أمحد بن عبدالرمحن‬
‫بن يلع السقاف‬
‫وصاحب املقام اجلليل احلبيب إبراهيم بن عمر بن عقيل(‪.)٢٨‬‬
‫ن‬
‫ً‬
‫بواسع رمحتنه‪ ،‬وأكرم نزهلم وأسكنهم فسيح جنتنه‪ ،‬وأقر‬
‫ن‬ ‫رمحهم اهلل ُجيعا‬
‫ِ‬
‫أعينهم بقرب نه ومعيتنه‪ ،‬وأاعد علينا يف ك حني‪ ،‬من براكتهم وأِسارهم‬
‫وأنوارهم يف الارين‪ ،‬آمني‪.‬‬

‫( ‪ ) ٢٥‬ودل رمحه اهلل بمكة املكرمة سنة ‪ ١٣٢٧‬ـهوتويف بها سنة ‪١٣٩١‬ه‪.‬‬
‫( ‪ ) ٢٦‬ودل رمحه اهلل برتيم سنة ‪ ١٣١٦‬ـهوتويف بها سنة ‪١٣٩١‬ه‪.‬‬
‫( ‪ ) ٢٧‬تويف بعينات سنة ‪ ١٤٠٥‬ـه‪.‬‬
‫( ‪ ) ٢٨‬ودل رمحه اهلل يف املسيلة يوم األحد ‪ ٢٧‬ظفر اخلريسنة ‪ ١٣٢٧‬ـهوتويف بتعز يللة اثلالثاء ‪ ١٣‬مجادي‬
‫األوىل سنة ‪ ١٤١٥‬ه‬

‫‪٦٤‬‬
‫مصنفاته‬
‫ِ‬
‫وبانلفع ملن رام االنتفاع‬
‫ن‬ ‫أما مصنفاته رمحه اهلل فيه كثرية ومتعددة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منها متعهدة‪ ،‬وبفوائ ندها غزيرة وبمعاننيها متجددة‪ ،‬فمنها املخطوط‬
‫واملطبوع‪ ،‬واملنظوم واملجموع ومن أبرزها‪:‬‬
‫* رسالة احلج املربور‪ ،‬والسع املشكور‬

‫* ومفتاح احلج‬

‫* وعجلة السباق‪ ،‬إىل ماكرم األخالق‬


‫ل‬
‫* وكشافة املجهول‪ ،‬ومربئة املعلول‪ ،‬املنظومة بالشعر «احلميِن الارج»‬

‫واليت حتتوي ىلع ما يقارب اثلالثة عش ألف بيت‬


‫* وشفاء السقيم‪ ،‬يف أحاديث املنقذ العظيم‪ ،‬صل اهلل عليه وسلم‬

‫* وجواهر اجلواهنر‬

‫* والفوائد اإلثنا عش‬

‫* وذخرية الشدائ ند‪ ،‬وفائدة الفوائ ند‬

‫* والاقيات الصاحلات‬

‫* واجلمل اثلمان املشتملة ىلع أجل العوات‪ ،‬املوزعة ىلع الليايل واألوقات‪.‬‬

‫* والصلوات الطيبات‬

‫* وكيفية حفظ أهم الواجبات‬

‫‪٦٥‬‬
‫* ونيل السعادة‪ ،‬من مخ العبادة‬

‫* وصاروخ القرآن والسنة‬

‫* وانلفحات الرمضانية‬

‫* واك نسحات األلغام الكفرية‬

‫* والصاروخ الّسيع‬

‫* وصاروخ الاعء‬

‫احلوض واملنرب؛‬
‫ن‬ ‫* ونفحة عص ايلوم األزهر‪ ،‬يف الصالة والسالم ىلع صاحب‬

‫وهل نفع اهلل به فتاوى فقهية وديوان شعر مطبوع‪ ،‬وغري ذلك من‬
‫ِ‬
‫التسجيالت اليت حتتوي ىلع املحاَضات القيمة جزاه اهلل عنا وعن األمة‬
‫املحمدي نة خري اجلزاء‪ ،‬ل‬
‫وعم بذلك انلفع سائر األحناءن واألرجاء‪.‬‬

‫‪٦٦‬‬
‫حاصل القول‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫من اكنت صفاته علنية‪ ،‬ونفسه مهذبة زكية‪ ،‬وخالهل محيدة‪ ،‬ومناقبه‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫أمره‪ ،‬فقد ختل نفع‬
‫وجليل ن‬
‫ن‬ ‫قدرة‪،‬‬
‫تف وتعرب عن ن‬ ‫عديدة‪ ..‬أىن لللس نن أن ن‬
‫ل‬
‫اهلل به عن املهلاكت‪ ،‬وحتل بالمنجيات‪ ،‬وجاهد نفسه األبنية‪ ،‬حت استقرت‬
‫ِ‬
‫عن اهلوى‪ ،‬وحتمل األسواء وصرب‬ ‫ن‬ ‫نفسه‬ ‫ونىه‬ ‫‪،‬‬‫ة‬‫الربي‬ ‫رب‬ ‫واطمأنت ىلع طاع نة‬
‫ل‬
‫باألخالق املحمدية‪ ،‬وأخلص هللن يف القول والفعل وانلية‪،،‬‬
‫ن‬ ‫ق‬ ‫ىلع اللوى‪ ،‬وختل‬
‫قالت الشيخة سلطانة ريض اهلل عنها ت نصف حال سيدنا عبدالرمحن‬
‫السقاف ريض اهلل عنه‪:‬‬
‫ـان‬
‫صـبـر حت ملكهـا بالـ نعنـ ن‬ ‫رشيف جاهد انلفـس اذلميمة‬
‫جالء‪ ..‬اجتمع فيه بال مراء‪،‬‬
‫فما تفرق يف أهل نه وسل نفه األ ن‬
‫كما قيل‪:‬‬
‫ل‬
‫موهنبه ال بنكسْب فضل مننه ولطفا‬ ‫ما تفرق يف اجــدادي وقع يل مويف‬
‫فهو احلريص ىلع االقتداء بده ن األعظم ﷺ ‪ ،‬واتلخل نق بأخالقه يف ك‬
‫حني‪ ،‬واملالزم نة لطريق أجداده األكرمنني‪ ،‬اذلين لم يغفل عن ذكرهم والاعءن‬
‫هلم واالقتداءن بهم طرفة عني‪ ،‬فقد بلغ من ِ‬
‫بره بهم أنه زار ُجيع آبائه إىل انلْب‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫جهم‬
‫اعزتازه ن بهم وبنه ن‬
‫ن‬ ‫صل اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهذا إن دل فإنما يدل ىلع‬
‫ل‬
‫املعظم‪ ،‬وحمبته لهم‪ ،‬وطلب نه لرضاهم‪ ،‬فقد نال احلظ األوفر وانلصيب األجزل‪،‬‬
‫ن‬
‫ولزوم طري نقهم األمثل‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬ ‫من اتلأس بهم يف سريهم األكمل‪،‬‬

‫‪٦٧‬‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫بهم سدت فخرا يف الوجو ند وحق يل‬ ‫أوئلـك آبـــائ وأهلـى وقــدوت‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫ومـن يـشـابنـه أبـه فـمـا ظـلـم‬ ‫بأبنـ نه اقـتـدى عـ ندي يف الكـــرم‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫ل‬
‫فيالك منن آباء كرام وأجـدا ند‬ ‫أب يتلق عـن أبيـ نه وهكـذا‬
‫فأجداده خري أجداد‪ ،‬وهم خرية القوم وصفوة ال نعباد‪ ،‬ودربهم فيها‬
‫السعادة واإلسعاد‪ ،‬واملدد واإلمداد‪ ،‬وبها نيل األوطار وبلوغ املراد‪:‬‬
‫ومـــن مشـــــى وراهم‬ ‫طـــــــــوىب ملــن رآهـم‬
‫اخلاشع املنيب‪ ،‬ما قاهل‬
‫ن‬ ‫ومما يشري إىل قدر هذا احلبيب‪ ،‬صاحب القلب‬
‫شيخه اجلليل‪ ،‬احلبيب إبراهيم بن عمر بن عقيل‪ ،‬رمحه اهلل‪:‬‬
‫ً‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫صــــح حــــــــديث أحـمـــدا أنـــــا جـ نميعــــــا شــــــهداء‬
‫ًِ‬
‫صــــل عليــــــــ نه ربنــــــــا مســـلمــا طــــــول املـــــدى‬
‫ومـــن بهديــــــ نه اهتـــــــدى‬ ‫وال نـــــ نه وصـــــــــــحبنــــــ نه‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫ن‪ ,‬ســــــيدي مــحـمــــــــدا‬ ‫أشـــــهـد للــــــــــ نه بنـــــــأ‬
‫صــــار اإلمــــــام الـمقتـــدى‬ ‫أعـــن بـــ نه »اهلـــدار« قـــد‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـــر ربـــــــه مــــؤيــــــــدا‬ ‫يهــــــدي إىل احلـــــق ب نــأمـــ‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫ألفـــــا لصــــــاروا ســـــعداء‬ ‫خصــــــالـــه‬ ‫لــــــو عممــت ن‬
‫ل‬
‫علــى اإللــ نه أحـــــــــــــــدا‬ ‫وال أزكــــي بعــــــــــــــــده‬

‫‪٦٨‬‬
‫وقد قيل‪ :‬ال يعرف اجلوهرة إال اجلوهري‪ ،‬وهذا هو احلق اذلي ال أحد‬
‫ذكر ما م ندح‬
‫بسط ثناء مشاخيه وأقرانه عليه‪ ،‬أو ن‬
‫رتي‪ ،‬وليس هذا حمل ن‬ ‫في نه يم ن‬
‫الهر‪ ،‬اليت أهداها‬ ‫به ونسب إيله‪ ،‬فلكهم يرونه حسنة مباركة من حسنات ل‬
‫ن‬ ‫ن ن‬
‫ِ‬
‫ألهل هذا العص‪ ،‬وكيف ال وهو احلبيب األريب األديب‪ ،‬اآلخذ من ك‬ ‫ن‬ ‫اهلل‬
‫ل‬
‫ملقامات أهله‬
‫ن‬ ‫أسباب السعادة ن بنصيب‪ ،‬وأي نصيب‪ ،‬والك شاهد بأنه حائ نز‬
‫ن‬
‫بالفرض واتلعصيب‪ ،‬ال يمرتي يف ذلك اثنان‪ ،‬وال تنت نطح فيه عنان‪ ،‬وهو‬
‫ن‬
‫هل‬
‫ويصات املسائ نل‪ ،‬ويوصل فهمها للمستمع ب نأس ن‬‫ن‬ ‫الفقيه اذلي يغوص يف ع‬
‫املعارف‬
‫ن‬ ‫األسايلب والوسائ نل‪ ،‬وهو اخلطيب المص نقع اذلي طاملا نرث من نفائ نس‬
‫ن‬
‫ً‬
‫تشهدا بأنف نع األمثل نة وال نعرب‪.‬‬
‫والرر‪ ،‬من غري تكلف وال تلكؤ مس ن‬
‫ً‬
‫قال نفع اهلل به موصيا اخلطباء‪ ،‬من أهله وغريهم من الاعة انلجباء‪:‬‬
‫عليك يافالن عندما ختاطب انلاس نمن أىلع املنرب وتقول هلم‪« :‬أيها انلاس»‪.‬‬
‫ً‬
‫أن تقصد بذلك نفسك أوال!!‪ ،‬ثم من يسمعك‪ ،‬واحذر عند خطاب نك هلم! أن‬
‫نفسك‪ .‬أو كما قال نفع اهلل به‪.‬‬
‫تقصدهم دون ن‬‫ن‬
‫ِ‬
‫ويت نضح من هذا انلص قوة املراقب نة لسيدي اهلدار‪ ،‬حيث جاء توجيهه‬
‫ً‬
‫واضحا للخطباء وللعلماء األخيار‪ ،‬أن ُيذروا من خفايا ودسائس انلفوس‪،‬‬
‫وأن يقصدوا بذلك رضاء امللك القدوس‪ ،‬حت ال يكون لى اخلطيب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والاعية أدىن حظ من الغرور‪ ،‬وينال حظا وافيا‬
‫من املراقبة وانلور‪ ،‬وُيصل بصدق ن نه االنشاح يف الصدور‪ ،‬واحلق يقال‪:‬‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫أن هذه الوصية‪ُ ،‬يب أن يعمل بها ك خطيب واعلم وداع إىل رب الربية‪،‬‬

‫‪٦٩‬‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ِ‬
‫صدق انلية‪ ،‬وُيفظ من‬
‫ن‬ ‫جية‪ ،‬حت ينال ثمرة‬ ‫ومبلغ عن خري الورى س ن‬
‫ل‬
‫دسائس انلفوس اخلفية‪ ،‬فكم من الاعة ن واخلطباء من صورت هلم أنفسهم‬
‫ن‬
‫أنهم األفضل واألعلم‪ ،‬دون أن يشعر أحد منهم بهذه انلوايا أو يعلم‪ ،‬ويظن‬
‫أنه مأجور بذلك وهيهات‪ ،‬إنما نصيبه العجب واملقت واخليبات‪.‬‬
‫قال الشيخ عمر باخمرمة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫غليــال وكم نال الصـــدوق وقد رقد‬ ‫فكم قام ال بالصد نق شخص فما شىف‬
‫ِ‬
‫دق فاستأسـر األســد‬ ‫أشار ب نأي ندي الص ن‬ ‫وكــم قـد رأينـا نمـن جبـــان حمـقـر‬
‫دق نمـن أرنب شـرد‬‫حف نظ الصــ ن‬ ‫ل ن نقل نة ن‬ ‫وذا جنـــــدة مشـــــــهورة وشجاعة‬
‫ل‬ ‫ً‬
‫والزم مـن ب نـ نه جـد واسـتعــد‬
‫ن‬ ‫عليـ نه‬ ‫بالصـدق واعمـل بـ نه ودم‬
‫ن‬ ‫فكن قائال‬
‫احلرب‬
‫ن‬ ‫ولعمري فما تناونلاه يف هذه الوريقات من الالكم‪ ،‬يف سرية هذا‬
‫اإلمام‪ ،‬ما هو إال عني اخلمول‪ ،‬لقدره ومقامه اذلي تعجز عن إدراكن شأ نوه ن‬
‫ن‬
‫ِ‬
‫عقول الفحول ‪ ،‬ولسنا ورب الكعب نة املعمورة‪ ،‬وما تال حممد نمن سورة‪،‬‬
‫مبال نغني فيما نقول‪ ،‬فمن عرف هذا السيد الكريم‪ ،‬أو اجتمع به يف مقام‬
‫ل‬
‫اتلقصري‬
‫ن‬ ‫ىلع‬ ‫ا‬‫ن‬‫الم‬ ‫ما‬‫ب‬ ‫الصحب نة أو اتلعليم‪ ،‬لسلم ذللك اغية التسليم‪ ،‬بل ولر‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫املقام احلشيم‪.‬‬ ‫صاحب هذا‬
‫ن‬ ‫حق‬ ‫يف‬
‫وهلل در القائل‪:‬‬
‫ـع واألفــــواه ن والمقـ نل‬
‫نمـلء املســـا نم ن‬ ‫جــد‬
‫سل عنه وان نطق ب نه وانظـر إيل نه تـ ن‬
‫بـــأمري املؤمنــني يلع‬
‫ن‬ ‫أنســــــابهـم‬ ‫وكيـف ال ؟ وهـو من قوم ق ند اتصـلت‬
‫ً‬
‫ـل‬
‫اس اكملث ن‬
‫وســـــار نصـيتهم يف الـنـ ن‬ ‫فأصبحـــوا وهـم أىلع الـورى نســـبا‬

‫‪٧٠‬‬
‫املاكر نم‬
‫ن‬ ‫وسيدي اهلدار حبق ش نهد به القايص والاين‪ُ ،‬جع خالصة‬
‫وأسم املعاين‪ ،‬ملن ش نهده باملقام العياين‪ ،‬بأخالق سمت وجتلت‪ ،‬والحت‬
‫وتبدت‪ ،‬وأغنت عن االستدالل‪ ،‬وهذا حال الكم نل من ورث نة موىل بالل‪،‬‬
‫فجزاه اهلل عنا خري اجلزاء‪ ،‬وأعظم نلا فيه األجر وأحسن العزاء‪ ،‬فقد فاتتنا‬
‫هذه املاكرم أن نتحل ب نمثلنها‪ ،‬أو نرتيق ل نفه نم حقائ نقها‪ ،‬فال نعوض عنهم وال‬
‫بدل‪ ،‬وهذا هو الواق نع اذلي ال ريب فيه وال جدل‪.‬‬
‫فايلوم ال نعوض عنهم وال بدل‬ ‫اغبوا فيا وحشة النيـا ل نغيبتهم‬
‫وهلل در اإلمام العالمة الفقيه‪ ،‬عبداهلل بن حسني بن عبداهلل بلفقيه(‪،)٢٩‬‬
‫احلبيب ومن اتصف بهذه اخل نالل‪:‬‬ ‫ن‬ ‫أمثال هذا‬
‫ن‬ ‫حيث أحسن املقال‪ ،‬يف‬
‫ِ‬
‫ـر والكتبا‬‫ن‬ ‫م‬ ‫الع‬ ‫ول‬‫ط‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫اذل‬ ‫انلـاس كـم رج نل ما فارق‬
‫ن‬ ‫ار‬
‫خي ن‬‫وفاتِن من ن‬
‫ك نه يستعذب اتللعبا‬ ‫نمـن خو نف مـال ن ن‬ ‫بكـــاء يللتن نه سـجــــاد خلوت نـ نه‬
‫ِ‬ ‫حب ن ِ ِ‬
‫ال إذا مـا اعرك الرقبـا‬ ‫فظ السـر عـن دخـل يلـث الـــن ن‬ ‫هل اشتنغال ن ن‬
‫ل ً‬
‫تلقـاه يف اجلـو ند اكلطـائ وأحن نف نهم يف احل نل نم‪ ..‬قد فاق قسا حيثما خطبا‬

‫‪ ) ٢٩‬ودل رمحه اهلل برتيم يوم السبت ‪ ٩‬من ذي احلجة سنة ‪ ١١٩٨‬ـهوتويف بها سنة ‪١٢٦٦‬ه‪.‬‬

‫‪٧١‬‬
‫خاتمة‬
‫يف ذكر وفات نه رمحه اهلل‬
‫وبعد حياة كريمة اغيلة‪ ،‬وتواتر نعم اهللن جليلة علي نه واعيلة‪ ،‬ونهج‬
‫فع واغي نة االنتفاع‪ ،‬وأخالق جليلة‬ ‫ن‬
‫وتمام انل ن‬ ‫كمال االتباع‪،‬‬
‫ن‬ ‫مر ىلع‬
‫مدى الع ن‬
‫اثلامن من‬
‫ن‬ ‫منيفة‪ ،‬وجماهدة نلفس رشيفة عفيفة‪ ،‬ويف مساء يللة اإلثنني‬
‫ربيع اثلاين منن اعم ألف وأربعمائة وثمانية عش هجرية‪ ،‬نودنيت نفسه‬
‫الطاهنرة الزكية‪ ،‬أ نن ﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱠ فلبت ن نداء باريها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خرين‪،‬‬ ‫ب سي ند األولني واآل ن‬ ‫معايلها‪ ،‬ملتحقة بنرك ن‬
‫وعرجت حمفودة حمشودة يف ن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واألنبياءن واملرسلني‪ ،‬والشهداءن والصاحلني‪ ،‬تاركة منن ورائ نها تارخيا ال ينىس‪،‬‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ونفعا ال ُيَص‪ ،‬وجمدا ال يرام وال يستقَص‪ ،‬وصفحات مشقة وم نضية‪،‬‬
‫ل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وصيتا ُجيال حسنا‪ ،‬أكل‬ ‫مراكز خدمة الشيع نة املحمدية‪ ،‬ن‬ ‫ن‬ ‫ومرك نزا منن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خرين‪ ،‬وأدعية‬ ‫بنمحتواه األلسنا‪ ،‬ونهجا واضحا للسالكني‪ ،‬ولسان ذكر يف اآل ن‬
‫ً ِ‬ ‫لً‬ ‫ً‬
‫منهج السل نف األخيار‪ ،‬وذرية مباركة طيبة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫وأورادا وأذاكر‪ ،‬وتراتيب ىلع‬
‫ل‬ ‫ِ ً‬
‫وس انلاس‪،‬‬ ‫وطالة‪ ،‬فشق ذل نك ىلع نف ن‬ ‫ن‬ ‫نآلثار مقتداها متابعة ومتأسية‬
‫ً‬
‫فاسرتجعت ولم تنح ملا نزل بنها منن باس‪ ،‬وإنما ذرفت دمواع بلهيب‪ ،‬ل نفراق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ج نرها الموع‪،‬‬ ‫ن‬ ‫حما‬ ‫يف‬ ‫لة‬ ‫ن‬
‫ن‬ ‫وم‬ ‫‪،‬‬‫لوع‬ ‫الض‬ ‫بني‬ ‫ها‬ ‫غيظ‬ ‫اكظمة‬ ‫هذا الوا ن‬
‫ل احلبيب‪،‬‬
‫ِ‬
‫قائلة‪ :‬ﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱠ ‪ ،‬وإنا ىلع فراق نك ياسيدي ملحزونون‪ ،‬وىلع‬
‫بعون اهلل ماضون وسائ نرون‪ ،‬فهايه أعماهل شاهدة‪ ،‬وهايه آثاره‬
‫ن‬ ‫جك‬
‫منه ن‬
‫خالة‪.‬‬
‫ن‬

‫‪٧٢‬‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ‬
‫َ‬
‫وهايه أعمـال خلـت عـن شوائ ٍِب وعِـلـم وأخــالق وكــــْثة أورا ِد‬ ‫َِ‬
‫َّ ْ‬ ‫ُْ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ‬
‫ومِنه ْم خال َوع ُر البسيط ِة والسه ِل‬ ‫ري ملا ت َرحلــوا‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫اخل‬ ‫ميع‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫نا‬ ‫ـد‬ ‫فقـ‬
‫ُْ‬ ‫ُ َ َّ ُ َ ْ ُّ َ ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََ‬ ‫ورصنـا َح َي َ‬ ‫ِ ْ‬
‫ـل‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫الغ‬ ‫ة‬‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫َ ِ‬ ‫و‬‫ـــ‬ ‫الس‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ابل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫نا‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ز‬
‫ِ ِ‬ ‫او‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫يف‬ ‫ى‬ ‫ـار‬
‫ُ ِّ ْ ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫قت َدى بفعـــاله ْ‬ ‫َ َ َ ِّ ُ ُ َ‬
‫ـر مـنـكــ ِر‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ـل‬ ‫ِـك‬ ‫ل‬ ‫ِـرون‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫والم‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ذهـب الرجال الم‬
‫ِـعــورَ‬ ‫َْ ً َْ ََ ْ َ َ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِّ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ـن‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ـو‬ ‫ِع‬ ‫م‬ ‫ع‬‫ف‬ ‫د‬ ‫يل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ـ‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ــ‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫زِّك‬ ‫ي‬ ‫ـف‬‫ٍ‬ ‫ـل‬ ‫خ‬ ‫يف‬ ‫ـت‬ ‫وب ِقي‬
‫ْ ََ ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫فاستوحش اجلميع لفراق ِه‪ ،‬وافتقدوا ل ِـهمتِ ِه وسباق ِه‪ ،‬وتسلوا عن ذلك‬
‫َ ْ ْ‬
‫بذكر مناقبِ ِه وأخالق ِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ْ ْ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وصله ْم بايلقظ ِة أو املنام‪ ،‬أم أنهم‬ ‫ِ‬ ‫إىل‬ ‫سبيل‬
‫ٍ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ري‬ ‫ع‬ ‫فيايلت ِش‬
‫َ‬ ‫َ ْ ُ ُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫اغل‬
‫ٍ‬ ‫من‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫دل‬ ‫ما‬ ‫لك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫نا‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ألح‬ ‫ِيل‬ ‫ق‬ ‫فلو‬ ‫‪،‬‬‫السالم‬ ‫نيا‬ ‫ادل‬ ‫وىلع‬ ‫وا‬ ‫اغب‬
‫بلذ َهلُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ّ َ‬
‫بيه طلعتِهم اليت بها جيد الرتويح واتلنفيس‪..‬‬ ‫يرى ِ َّ‬ ‫ونفيس‪ُ ،‬مقابل أن َ‬ ‫ْ‬
‫َْ ُ ُ َُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ْ‬
‫يف عجل‪ ،‬إذ ذاك عندهُ مناهُ واألمل‪ ،‬ومتعة المقل‪ ،‬وكما قال الشاعر‪:‬‬
‫ِّ َ ْ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ََ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫َْ ْ َ‬
‫يف مت ِقــد ويف فـؤادِي لظــى بـاحلر تضطرم‬ ‫جري الص ِ‬ ‫لو قِيـل يل وه ِ‬
‫ت‪ُ :‬همُ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ْ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َُْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ ْ َ َ‬
‫الل املاءِ؟ قل‬ ‫أم رشبة مِن ز ِ‬ ‫أهـم أحـب إِيلـك ايلـوم تنظـرهم‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫قال سيدنا احلداد‪ ،‬يف فق ِد خرية ِ ال ِعباد‪:‬‬
‫ُ ُ َ ُ ِّ‬ ‫َّ َ َ َّ ْ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ح ْزب الهدى خل‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ت‬ ‫ِحب ِْز ِب الردى حل‬ ‫لـيـه ْم لـيـت داهِـيـــة الفنـا‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫ٍ‬ ‫ا‬ ‫ــ‬ ‫ـ‬ ‫ف‬
‫َّ ْ‬ ‫َ ِّ َ ْ َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ـيث ب َع ْرب ٍةَ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫بـاثل‬ ‫ـد‬ ‫ـه‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫ـد‬ ‫ـــ‬ ‫اخل‬ ‫يف‬ ‫مع‬ ‫ـد‬ ‫هلا م‬ ‫ِ‬ ‫عـلـيـهم مـا حـيِـ‬
‫ِ‬ ‫سأبكي‬
‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ ّ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ُ‬ ‫َ ْ ُ َْ‬
‫ـل‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫الر‬ ‫يف‬ ‫د‬ ‫ـ‬ ‫ـــ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫حّت‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ــــ‬ ‫س‬ ‫وأمحِل نفسـي ما استطعت ىلع اقتِفــا‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫فطوَب هلـم فـازوا وســــادوا ىلع الك‬ ‫ـم خيـر لهــــم وممــاتــه ْم‬ ‫ـه ُ‬ ‫حبـــات‬
‫َ َّ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ـل‬‫بـاق وقـد شــــاع بانلق ِ‬ ‫ف ِذكر هلـم ٍ‬ ‫عليه ْم سـالم اللـ ِه إن اكن قد مضــوا‬ ‫ِ‬

‫‪٧٣‬‬
‫زادها ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ َُ‬ ‫َ ْ‬
‫التْشيف‬ ‫ِ‬ ‫اهلل كمال‬ ‫اكنت وفاته َر ِمحه اهلل يف مكة املكرمة‬
‫ْ‬
‫وصل علي ِه يف املسج ِد احلرام‪،‬‬ ‫ِّ َ‬ ‫مزنهلِ الاكئ ِن بشارع اتلّ ْ‬
‫يسري‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف‬ ‫‪،‬‬ ‫ْ‬
‫واتلقدير‬
‫ْ‬ ‫َُ َ‬ ‫ْ ُ ِّ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وحرض الصالة أعداد غفرية من األنام‪ ،‬وشيعت اجلنازة بعد الصالة‪ ،‬يف‬
‫ِّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َم ْ‬
‫غري‬
‫ِ‬ ‫وىلع‬ ‫‪،‬‬ ‫ني‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫املشي‬ ‫أصوات‬ ‫ت‬ ‫فع‬ ‫وارت‬ ‫‪،‬‬‫الة‬ ‫ع‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫رب‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫إىل‬ ‫يب‬ ‫ٍ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِب‬ ‫ٍ‬ ‫ك‬ ‫و‬
‫َ َْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ْ‬ ‫ِّ‬
‫لوب ح ِزينة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وق‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫ِي‬ ‫ك‬ ‫با‬ ‫يون‬‫ِ ٍ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫كين‬ ‫الس‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ش‬‫ِ‬ ‫غ‬ ‫موكب‬‫ٍ‬ ‫يف‬ ‫‪،‬‬ ‫ني‬ ‫العادة ِ مهللِ‬
‫ُ َُ ْ ُ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َ ِّ ُ‬ ‫َ ُ ْ َ ِّ‬ ‫ُ‬
‫حال اجلنازة ِ يقول‪ ،‬قدموين قدموين فق ِد فتِحت أبواب القبول‪ ،‬وغ ِفر‬ ‫ِ‬ ‫ِسان‬ ‫ول‬
‫ُّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُّ ْ‬
‫للجمع واستجيب للسول‪ ،‬وطاب يل ههنا املثوى وانلـزول‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّْ‬ ‫ُ‬ ‫ّْ‬ ‫ّ ُ‬
‫ثم دف َِن يف احلوط ِة العلوية‪ ،‬وأقِيم تأبني هل وق ِراءة مجاعية‪ ،‬حرضها‬ ‫َ‬

‫وعم األرض‬
‫َ‬ ‫األحناء‪َّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫وغريها من‬
‫َ‬
‫مكة‬ ‫أهل‬ ‫من‬ ‫‪،‬‬‫ء‬‫َكثري من العلماءِ األج ّال ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫والصغري‪.‬‬ ‫أثره ىلع الكبري‬ ‫ظهر ُ‬‫كبري‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫حزن‬
‫ُ‬ ‫َْ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ب الفاد ِِح اجللل‪ ،‬إذ هم أمان‬ ‫ِ‬ ‫اخلط‬ ‫هذا‬ ‫من‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬ ‫وأضحت القلوب يف وج‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫القلوب العارفة‪ ،‬تظلِم ادلنيا وكأن‬ ‫ِ‬ ‫وات أهل‬ ‫اخلليقة‪ ،‬ومنار الطريقة‪ ،‬وب ِف ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫بني‬ ‫أ‬ ‫قيمت هل جمامِع اتلَّ‬ ‫وأ‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫اك‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫دون‬ ‫من‬ ‫هلا‬ ‫فليس‬ ‫‪،‬‬‫ة‬ ‫الشمس اكسف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ َ ُّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫وغريها من ابلدلان‪ ،‬فحقه‬ ‫ِ‬ ‫ايلمن‬ ‫ِ‬ ‫بالد‬ ‫من‬ ‫ابليضاء‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫مدين‬ ‫يف‬ ‫‪،‬‬ ‫القرآن‬ ‫توم‬ ‫وخ‬
‫ُ ُّ ْ َ ْ‬ ‫ّ ْ ُْ َ ّ‬
‫كبري ىلع األمـة‪ ،‬وبِنقلتِ ِه اتسعت الفجوة واثلـلـمـة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ولـما توالت األحزان‪ ،‬وفاضت كؤوس األشجان‪ ،‬تذكر انلاس وفاة‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫وإمام ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫خرين‪ ،‬فخفف ذل ِك من وق ِع ابلاس‪ ،‬يف‬ ‫األولني واآل ِ‬ ‫ِ‬ ‫سي ِد املرسلني‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫املحب َ‬
‫ني من انلاس‪.‬‬ ‫قلوب‬
‫ِ‬

‫‪٧٤‬‬
‫قال يلع بن حجر السعدي‪:‬‬
‫َ ُ ُ َ َّ‬ ‫َ ْ َّ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫ُ ِّ ُ‬ ‫ْ‬
‫دل‬
‫غري مـخ ِ‬ ‫ـم بـان املــرء‬ ‫واعـلــ‬ ‫اصبِــــ ْر لك مصــيب ٍة وتـجلــ ِد‬
‫َ َ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫وتَ َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ـرى الـمـنِـيـة للـ ِعبـا ِد بِم ْرص ٍد‬ ‫َ‬
‫أومــا تــرى أن املصيبة جـمـــة‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ً ُْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫ـي مـحمـ ِد‬ ‫ك بانلّ ِّ‬ ‫فاذك ْر مصـــاب‬ ‫ـرت مصـيبـة تشـَج بهـا‬ ‫وإذا ذك‬
‫ْ‬ ‫ابلار َ‬‫اجلزاء‪ ،‬وجعلنا م َِن ِّ‬ ‫ْ‬ ‫عنا َ‬ ‫ُ ُ ّ‬
‫الوفاء‪،‬‬ ‫أهل‬
‫ِ‬ ‫ومن‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ين‬ ‫خري‬ ‫فجزاه اهلل‬
‫وأحسن العزاء‪ْ.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وأعظم لألم ِة املحمدي ِة األجر في ِه‬
‫َ‬ ‫َّ ْ ُ ُ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َُ‬
‫نسأل اهلل علت لكمته‪ ،‬وتعالت عظمته‪ ،‬وجلت قدرته‪ ،‬أن ينفعنا بهذا‬
‫ّ ْ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬
‫حاِضا معنا ال يغيب‪ ،‬وأن جيعلنا ممن ختلق بأخالق ِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫احلبيب‪ ،‬وأن جيعله‬
‫َْ‬ ‫َ ْ َّ َ َ‬
‫احلميدة‪ ،‬واتصف بمناقبِ ِه الع ِديدة‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ََ‬
‫حممد احلبيب المقتَف‪ ،‬ما قام جفن أو غفا‪ ،‬وىلع آهل‬ ‫ٍ‬ ‫وصىل اهلل ىلع سيدنا‬
‫ْ‬ ‫احل َن ْ‬ ‫ُّ‬
‫يوم‬‫اتلابعني بإحسان‪ ،‬إىل ِ‬ ‫َ‬ ‫وتابعيه ْم وتابِيع‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬‫فاء‬ ‫فاء‪ ،‬وأصحاب ِه ُ‬ ‫الْش ْ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ َّ ْ‬ ‫َ‬
‫الع ْ‬
‫ب السنني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتعاق‬ ‫األيام‬ ‫مرور‬
‫ِ‬ ‫ىلع‬ ‫‪،‬‬‫حني‬ ‫لك‬ ‫يف‬ ‫مضاعفة‬ ‫‪،‬‬ ‫ان‬ ‫ي‬‫ادل‬ ‫ىلع‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫واحلمد اهلل رب العاملني‪.‬‬

‫ً‬
‫انتىه ملخصا من جمموع املْشب الصايف اهلِّن وصايا ودعوات وفوائد‬
‫وأشعار احلبيب حممد بن عبداهلل اهلدار‬
‫(الفاحتة)‪ ..‬إىل روح سيدنا وبركتنا احلبيب العارف باهلل وادلال‬
‫عليه‪ ..‬حممد بن عبداهلل اهلدار أن اهلل يعل درجاته يف أىلع عليني ويغفر هل‬
‫ً‬
‫ويرمحه ويرىض عنه رضا حيله به ذرى املقامات العلية وجيزيه عنا وعن‬

‫‪٧٥‬‬
‫اإلسالم واملسلمني خري اجلزاء وينفع بعلومه ويبارك يف طالبه وبنيه وبناته‬
‫وأحفاده وذريته إىل يوم ادلين وحيقق فيهم ما نواه وأمله ويؤلف بينهم يف‬
‫خري ولطف واعفية ويكرمنا به وجباهه يف ادلارين آمني‪ ...‬وإىل حرضة‬
‫انليب‪ ..‬اهلل صل وسلم وبارك عليه وىلع آهل ومن وااله‪.‬‬

‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ﭐﭐ ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ‬


‫ﱈﱉﱊ ﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑ ﱒﱓﱔ‬
‫ﱕﱖﱗ ﱘﱙﱚﱛﱜﱝ ﱞﱟ‬
‫ﱠﱡ ﱢﱣﱠ‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ‬
‫ﭐ‬ ‫ﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒﱠﭐ‪(-‬ثالثا)‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم ﭐﱡﭐﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱝ ﱞ‬
‫ﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥﱦﱧ ﱨﱩﱪﱫﱬﱭ‬
‫ﭐ‬ ‫ﱮﱠ‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم ﭐﱡﭐﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷ‬
‫ﱸ ﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀ ﲁﲂﲃ‬
‫ﲄﲅ ﲆﲇ ﲈﱠ‬

‫‪٧٦‬‬

You might also like