You are on page 1of 121

‫‪1‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ّ‬ ‫ُ‬
‫املحارضات العامة [‪]1‬‬
‫ِ‬ ‫سلسلة‪:‬‬

‫ُُ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ك شف الظنون‬

‫إدعاد‬

‫أ‪.‬د‪ .‬أدمحنب ي‬
‫لعال َق ْر ي‬
‫ن‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪2‬‬

‫ع‬ ‫ععح ُوِع ع‬


‫ععطب مَبععع عح ِلبمَمععع مع ِ‬
‫عععم‬ ‫جميع ُ‬
‫تِسعععععبط ِ ابععععع عح مرِععععع ع َ ِ ععععع ع ع‬
‫ِ‬

‫الن شرة الناننة‬

‫ربيح ألَل ‪ 1441‬هـ ‪ -‬طفمب ‪ 2019‬م‬

‫إلبد ع معلمي‬
‫َ مِطزيح‬ ‫ملن‬

‫ل‬
‫للنواصل مع امولف‬
‫َ‬
‫َ‬
‫على البريد ال شنكى‬
‫‪daL1388@gmail.com‬‬
‫‪3‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ر‬ ‫ر ُ ُّ ر َّ ر ْ ر ْ ر ِّ ر َّ َّ ِْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ر‬


‫اس يظنون بِاَّللِ غْي اْلق ظن السوء فِيما‬ ‫أكَث انل ِ‬
‫ْ ر ر رْ ر ُُ رْ ْ رر رْ رُ ْ ر ر‬ ‫ر ْ ر ُّ‬
‫ْي ِهم‪ ،‬وَل يسلم من ذل ِك‬ ‫ِ رِ‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫يم‬‫ِ‬ ‫ف‬‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِِ‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫َيت‬
‫ر ررر‬ ‫َّ ر ر ر ر ر ْ ر ر ُ ر ر‬ ‫َّ ر ْ ر ر ر‬
‫إَل من عرف اَّلل وعرف أسماءه و ِصفات ِ ِه‪ ،‬وعرف‬
‫ُ ر رْ ر ْ ر‬
‫حكمتِ ِه ‪....‬‬ ‫جب َح ِده ِ و ِ‬ ‫مو ِ‬
‫ر ْرُ ْ‬ ‫ر ر ْرْ‬ ‫َّ ُ َّ ُ ر ْ‬ ‫رْر ْر‬
‫اصح ِنلف ِس ِه بِهذا المو ِض ِع‪ ،‬وْلتب‬ ‫َت اللبِيب انل ِ‬ ‫فليع ِ‬
‫ُك رو ْقت م ْن رظ ِّنه ب رر ِّبه رظنَّ‬ ‫ر َّ ر ر ر ر ر ْ ر ْ ْ ُ ُ َّ‬
‫إَِل اَّللِ تعاَل‪ ،‬ول ِيستغ ِفره‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ر ْ ر ُ َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ْ ر ْ ر ُ َّ َّ ْ ر ر ْ‬
‫السوءِ‪ ،‬وْلظن السوء بِنف ِس ِه ال ِِت ِِه مأوى ُك سو ٍء‪،‬‬
‫ر ر ْ ر ُ ُ َّ ر ٍّ ْ ُ ر َّ ر ر ر ْ ر ْ ر ُّ ْ ر ر ر ْ ر‬
‫ومنبع ُك َش‪ ،‬المركب ِة لَع اْله ِل والظل ِم‪ ،‬ف ِِه أوَل‬
‫ني‪ ،‬رو رأ ْع ردل الْ رعادل ِني‪،‬ر‬‫اْلاكم ر‬ ‫ر‬ ‫ر ِّ َّ ْ ْ ر ْ ر ْ‬
‫بِظن السوءِ ِمن أحك ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫ر ْ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫رر‬
‫ر‬
‫ِن اْل ِمي ِد‪.‬‬ ‫اَحِني‪ ،‬الغ ِ ِّ‬ ‫وأرح ِم الر ِ‬
‫لق‬
‫ابنُُا ُيم‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪4‬‬

‫‪A‬‬
‫‪5‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ُ ْ َ‬
‫مقدمة ال شل شلة‬

‫مع ممي ‪ َ ،‬مصال ُة َ مسال ُم على أش ف مم سلي ‪ ،‬سيد‬ ‫محمدُ هلل ر‬


‫لحمد‪َ ،‬على آمه َصحبه َ مِ بعي ‪َ ،‬ل تبعهم بإوس ن إمى يطم مدي ‪.‬‬
‫أل بعدُ ؛‬
‫بأمور دينِهم‪ ,‬والتواصي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الناس‬ ‫وتبصير‬
‫َ‬ ‫فإن الدعو َة إلى اهلل تعالى‪,‬‬‫ّ‬
‫ِ‬
‫المقامات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأشرف‬ ‫ِ‬
‫العبادات‪,‬‬ ‫ِ‬
‫أعظم‬ ‫بالحق‪ ,‬والتواصي بالصربِ‪ ,‬مِن‬
‫ِّ‬
‫صلوات اهللِ وسال ُم ُه عليهم‪ ,‬كما‬
‫ُ‬ ‫ورسلِه‪,‬‬ ‫ِ ِ‬
‫هم ُة أنبياء اهلل ُ‬ ‫ِ‬
‫كيف ال؟ وهي ُم َّ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈ ﮉ‬
‫ﮊﮋﮌﮍ﴾ [النساء‪.]165:‬‬
‫وقال أيضا‪﴿ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ﴾ [النحل‪.]36:‬‬
‫ٍ‬
‫محمد ﷺ‪﴿ :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫وقال عن خا َت ِم ِهم‬
‫ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ﴾ [األحزاب‪.]46 ,45:‬‬
‫وقال عن فضل الدعوة عموما‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄﮅﮆ ﮇﮈ﴾ [فصلت‪.]33:‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪6‬‬
‫عي أشععي ي‪ -‬أع عهُمم هلل ع‬
‫بعععه ‪ :-‬أ ّنههه ينب ههي للعههال ِ ِم‬ ‫عمعن ل ع بعع ع‬
‫َقععد سع ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النهاس‪ ,‬وص ِ‬
‫يقتص َهر‬ ‫ٍ‬ ‫العلمهي لعمهو ِل‬
‫ِّ‬ ‫َتاِ ِهه‬
‫هَ شهي ا مهن ن ِ‬ ‫خص َ‬ ‫ِ‬
‫العلم ْ‬
‫أن ُي ِّ‬ ‫ِ‬
‫وطالب‬
‫قيقة التي ص ُيفيهدُ منهها‪ -‬غالبها‪ -‬إص‬ ‫األبحاث يف المواضي ِع العلمي ِة الدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫على ِ‬
‫كتابة‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫العلم‪.‬‬ ‫العلما ُء و ُط ّال ُب‬
‫َ ممِأل ُل ِ لؤ ُمف ت كب ر ألعالم َأئم إلسالم‪ ,‬يجدُ أهنم قد أ ّلفوا كتبا‬
‫ِ‬
‫وبعض‬ ‫فات ابن الجوزي‪,‬‬ ‫كثير من مؤ َّل ِ‬
‫مثل ٍ‬‫ورسائل كثيرة لعمول الناس‪َ ,‬‬
‫َ‬
‫فات‪ :‬ابن قدامة‪ ,‬وابن تيمية‪ ,‬وابن القيم‪ ,‬وابن رِب‪ ,‬والسيوطي‪ ,‬ومحمد‬ ‫مؤ َّل ِ‬

‫بن عبد الوهاب‪ ,‬وغيرهم‪.‬‬


‫َل ممع ص ي ‪ :‬محمد األمين الشنقيطي‪ ,‬وعبد العزيز بن باز‪ ,‬ومحمد‬ ‫ع‬

‫بن عثيمين‪ ,‬وبكر أبو زيد‪ ,‬وغيرهم‪ ,‬رحمهم اهلل ِميعا‪.‬‬


‫رأين ممس مم ِ بهم مسلسل ع ل ( ممح ض ت مع ل ) التي ستمتدُّ‬ ‫ُ‬ ‫مم‬
‫الحق‪ ,‬ون ْفع الخ ْلق‪ ,‬وذلك بنشر ما اِتمع َّ‬
‫لدي منها‪,‬‬ ‫نشر ّ‬ ‫اهلل تعالى؛ ُب ي َة ْ‬ ‫ْ‬
‫إن شا َء ُ‬
‫غير ل ِة‬
‫طاب ُ‬‫الخ ِ‬ ‫ألن ل َة ِ‬
‫بعض التعديالت والتحسينات؛ ّ‬ ‫أِريت عليها َ‬ ‫ُ‬ ‫بعد أن‬
‫الكِتاب‪ ,‬كما هو معلو ٌل‪.‬‬
‫رق من ُ‬
‫قبل‪,‬‬ ‫ٍ‬
‫ِديدة لم ُت ْط ْ‬ ‫ٍ‬
‫موضوعات‬ ‫حاولت َط ْر َق‬
‫ُ‬ ‫الفِ من إلى أنّني قد‬
‫ٍ‬
‫مختلف‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بنمط‬ ‫ور ّبما َطر ْق ُت ما كان معهودا؛ لك ْن‬

‫مول الناس‪ :‬من العلماء‪ ,‬و ُط ّالب‬


‫أي التي َيستفيدُ منها عُ ُ‬
‫مول الناس‪ْ ,‬‬
‫(‪ )1‬ل دي ب مع ل من ‪ :‬عُ ُ‬
‫العلم‪ ,‬والعا ّمة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخالف السلسلة األخرى‪( :‬سلسلة المحاضرات العلم ّية)؛ ّ‬
‫فإن الذي يستفيدُ منها‪ -‬غالبا‪-‬‬ ‫ِ‬
‫الموفق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هم العلما ُء‪ ,‬و ُط ّال ُب العلم‪ُ .‬‬
‫واهلل‬
‫‪7‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫اهلل تعالى‪ ,-‬هذه المحاضرة‪ ,‬وهي‬ ‫إن شا َء ُ‬ ‫َأَ ُل مم مسلسل ممب رك ‪ْ -‬‬
‫ِ‬
‫الناس‪,‬‬ ‫ِ‬
‫المنتشرة بين‬ ‫بعض ال ُّظنُ ِ‬
‫ون‬ ‫ذكرت فيها َ‬ ‫ُ‬ ‫ف م ُّظنُطن» ‪,‬‬ ‫بعنوان‪ِ « :‬ك ُ‬
‫س الحاص ِل حولها‪.‬‬ ‫ف ال َّل ْب ِ‬ ‫وكش ِ‬
‫الصواب فيها‪ْ ,‬‬‫ِ‬ ‫بيان ِ‬
‫وِه‬ ‫مع ِ‬
‫َ‬
‫الح الطو َّية؛‬ ‫وص ِ‬ ‫العون على ُخ ُل ِ‬
‫وص الن ّية‪َ ,‬‬ ‫َ‬ ‫أسأل المولى ‪‬‬ ‫َِ مخِ م‪ُ :‬‬
‫الخير ك َّله بيديه‪ ,‬وص ملج َأ لنا منه ّإص إليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فإن‬
‫ِ‬
‫المحاضرات قائ َلها وقارئَها‪ ,‬وأن ُيه ِّي َأ لها‬ ‫كما أسأ ُله ‪ ‬أن ينفع هبذه‬
‫وده‪.‬‬ ‫من يعتني هبا‪َ :‬تع ّلما‪ ,‬و َتعليما‪ ,‬و َترِمة‪ ,‬ون َْشرا‪ ,‬بفضلِه وكرمِه‪ ,‬ومن ِِّه وِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫لكل من أراد تدريسها‪ ,‬أو ترِمتَها إلى أي ل ٍة من ل ِ‬ ‫َقد ِأ عذ ُ‬
‫ات‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن ِّ َ‬
‫شعرين بذلك‪ -‬ش يَ ِ‪ :‬أن يرطن أمال مممك‪َ ،‬أن ال ُيغي‬ ‫ولو لم ُي ْ‬ ‫العا َلم‪ْ -‬‬
‫َل ِ عليه ‪.‬‬ ‫ع‬
‫شيئ ل ِل ِع يه ِ‬
‫اهلل على نبينا محمد‪ ,‬وعلى‬ ‫واهلل المو ِّف ُق والهادي سوا َء السبيل‪ ,‬وصلى ُ‬ ‫ُ‬
‫آله وصحبه وس ّلم‪.‬‬

‫‪ ‬وكتب‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫احمد نن على نن احمد ا قري‬
‫ل‬
‫املدينة املنورة‬
‫‪ 1441‬هـ‬

‫إبع ميم مطقيصععي ‪ ‬بالمدينههة المنه َّهورة‪,‬‬ ‫(‪ُ )1‬أمِيععن هههذه المحاضههرة يف مجلههس الشههي‬
‫وهي مرفوع ٌة على ( ميطتيط )‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪8‬‬

‫محاضرُة‬
‫َْ‬
‫ك شفُالُظنو ُن‬
‫‪9‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫َ ُنص الم َحا َضرةَ‬

‫إن محمد هلل‪ ،‬حمد َ سِعينه َ سِغف ‪ َ ،‬عطذ ب هلل ل ش َر أ فسن ‪َ ،‬ل‬
‫سيئ ت أعم من ‪ ،‬ل يهد هلل فال لضل مه‪َ ،‬ل يضلل فال م دي مه‪َ ،‬أشهد أن‬
‫ال إمه إال هلل َود ال ش يك مه‪َ ،‬أشهد أن لحمد عبد َرسطمه‪ ،‬صلى هلل عليه‬
‫َعلى آمه َأصح به َل سلك سبيله‪ َ ،‬مِدى بهد إمى يطم مدي ‪.‬‬
‫أل بعد؛‬
‫والسبب يف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس انتشارا واسعا‪,‬‬ ‫وانتشرت بين‬
‫ْ‬ ‫رت ال ُّظنُ ُ‬
‫ون الخاط ُة‬ ‫فقد ك ُث ْ‬
‫الشرعي‪,‬‬ ‫ِ‬
‫العلم‬ ‫ذلك يعو ُد إلى‪ِ :‬هل الناس بأمور دينهم‪ ,‬وهتاوهنم يف تع ّلم‬
‫ّ‬
‫وأخذ العلم من ِ‬
‫غير مصادره الموثوقة‪.‬‬
‫مع‬ ‫ِ‬
‫بعض تلك الظنون الم لوطة‪َ ,‬‬ ‫دلي بدلوي يف كشف‬ ‫من هنا ُ ْ َ‬
‫رأيت أن أ َ‬
‫وكش ِ‬
‫ف ال َّل ْب ِ‬
‫س الحاص ِل حولها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصواب فيها‪ْ ,‬‬ ‫بيان ِ‬
‫وِه‬ ‫ِ‬

‫الظن ينقسم إلى‬ ‫َّ‬ ‫شير هنا إلى ّ‬


‫أن‬ ‫أن ُأ َ‬ ‫حب ْ‬ ‫َقبل أن أبدأ ِ ِس د م ُّظنطن‪ُ ،‬أ ُّ‬ ‫ِ‬
‫قسمين‪ :‬ظ ٌّ وس ‪َ ،‬ظ ٌّ سيء‪.‬‬
‫‪ -1‬فم مظ محس ع ‪:‬‬
‫طل هللُ ِت ِع ِمى‪ِ :‬أ ِ ععندِ ِظ ِعب عدي عبي‪ِ َِ ،‬أ ِ ِل ِع ُه إع ِذ ِذ ِك ِ عي‪،‬‬ ‫قول النبي ﷺ‪ِ « :‬ي ُِ ُ‬‫ُ‬
‫َل‪ِ ،‬ذ ِك ُت ُه فعي ِل ِ ٍ‬
‫َل ِ ي ٍ‬ ‫ِفإعن ِذ ِك ِ عي فعي ِف عس عه ِذ ِك ُت ُه فعي ِفسي‪َِ ،‬إعن ِذ ِك ِ عي فعي ِل ِ ٍ‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪10‬‬

‫ن إع ِمي عه‬
‫ن إع ِمي عه عذ ِر ع ‪َِ ،‬إعن ِت ِِ ُ ِ إع ِم ُي عذ ِر ع ِت ِِ ُ ب ُ‬
‫علن ُهم‪َِ ،‬إعن ِت ِِ ُ ِ إع ِم ُي بع ع ب ٍ ِت ِِ ُ ب ُ‬
‫ِب ع ‪َِ ،‬إعن ِأ ِت عي ِيم ع ي ِأتِي ُِ ُه ِم َِ ِم » أخرِه البخاري ‪.‬‬
‫فقوله تعالى‪ِ ( :‬أ ِ ععندِ ِظ ِعب عدي عبي) أي‪ :‬أِازيه بحسب ظنه بي‪ ,‬فإن‬
‫مؤمن‬
‫ٌ‬ ‫رِا رحمتي وظن أين أعفو عنه وأغفر له فله ذلك؛ ألنه ص يرِوه إص‬
‫ّ‬
‫وأعذ ُبه فعليه‬ ‫َعلِ َم أن له ربا يجازي‪ .‬وإن ي س من رحمتي وظن أين أعاق ُبه‬
‫كافر ‪.‬‬‫ذلك؛ ألنه ص ييأس إص ٌ‬
‫ٍ‬
‫بثالث‪ ,‬يقول‪« :‬الِ‬ ‫سمعت النبي ﷺ‪ ,‬قبل وفاته‬ ‫ُ‬ ‫وعن ِابر ‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ِي ُمط ِت ُ ِأ ِودُ كُم إعالُ َِ ُم ِط ُيح عس ُ بع هللع م ُظ ُ » أخرِه مسلم ‪.‬‬
‫فقو ُله ﷺ‪( :‬الِ ِي ُمط ِت ُ ِأ ِودُ كُم إعالُ َِ ُم ِط ُيح عس ُ بع هللع م ُظ ُ ) ق ل معلم ء‪:‬‬
‫وحث على الرِاء عند الخاتمة‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫تحذير من القنوط‪,‬‬
‫ٌ‬ ‫هذا‬
‫ق مط ‪ :‬ومعنى حسن الظن باهلل تعالى‪ ,‬أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه‪.‬‬
‫ق مط ‪ :‬ويف حالة الصحة يكون خائفا راِيا ويكونان سواء‪ .‬وقيل‪ :‬يكون‬
‫أمارات الموت َغ َّلب الرِا َء أو َم ّح َضه؛ ألن مقصو َد‬
‫ُ‬ ‫دنت‬
‫أرِح‪ ,‬فإذا ْ‬
‫ُ‬ ‫الخوف‬
‫ُ‬
‫اصنكفاف عن المعاصي والقبائح‪ ,‬والحرص على اإلكثار من الطاعات‬‫ُ‬ ‫الخوف‬
‫ُ‬
‫إحسان الظن‪,‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫واألعمال‪ ,‬وقد َّ‬
‫معظمه يف هذا الحال‪ ,‬فاس ُتح ّ‬
‫َ‬ ‫تعذر ذلك أو‬
‫المتضمن لالفتقار إلى اهلل تعالى واإلذعان له ‪.‬‬
‫ِّ‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه (‪ )121 9‬رقم (‪.)7405‬‬


‫(‪ )2‬من تعليق الشي مصطفى ال ُب ا على الجامع الصحيح‪.‬‬
‫(‪ )3‬يف صحيحه ‪ -‬ط الرتكية ‪ )165 8( -‬رقم (‪.)7410‬‬
‫(‪ )4‬ظ المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي (‪.)209 17‬‬
‫‪11‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫‪َ -2‬ل مظ مسي عء‪:‬‬


‫قو ُله تعالى عن المنافقين يف معركة أحد‪﴿ :‬ﭑ ﭒﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ‬
‫ﭘﭙﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞﭟﭠﭡ ﭢ ﭣﭤ‬
‫ﭥﭦ ﭧﭨﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ‬
‫ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ﴾ [آل عمران‪.]154:‬‬
‫وأخرب عنهم يف اآلية األخرى أهنم يظنون به َظ َّن َّ‬
‫الس ْوء‪ ,‬فقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮝﮞﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ﴾‬
‫[الفتح‪.]6 :‬‬
‫وقال عن األعراب‪﴿ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨﮩ﴾ [الفتح‪.]12 ,11 :‬‬
‫وقال عن المشركين‪﴿ :‬ﮆﮇﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕﮖﮗﮘ﴾ [يونس‪.]36 :‬‬
‫﴿ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ﴾ [يونس‪.]66:‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪12‬‬

‫يختَ‬‫ّ‬ ‫غير الحق َظ َّن َّ‬


‫الس ْوء فيما‬ ‫أكثر الناس يظنُّون باهلل َ‬
‫ق ل ب ُ مِيم‪ُ « :‬‬
‫اهلل وعرف أسما َءه‬‫هبم وفيما يفعله ب يرهم‪ ,‬وص َيس َلم عن ذلك ّإص من عرف َ‬
‫وِب حمده وحكمتَه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وصفاتِه‪ ,‬وعرف ُم‬
‫الس ْوء‪.‬‬‫فم ِقن ِِط من رحمته وأيِس من َر ْوحه‪ ,‬فقد َظ َّن به َظ َّن َّ‬
‫ِ‬
‫ويسو َي بينهم‬
‫ِّ‬ ‫َل جط ِز عليه أن ِّ‬
‫يعذ َب أوليا َءه مع إحساهنم وإخالصهم‬ ‫ِ‬
‫وبين أعدائه‪ ,‬فقد َظ َّن به َظ َّن َّ‬
‫الس ْوء‪.‬‬
‫َل ظ ُ به أن يرتك خل َقه ُسدى مع َّطلين عن األمر والنهي‪ ,‬وص يرسل‬ ‫ِ‬
‫إليهم رس َله‪ ,‬وص ينزل عليهم كت َبه‪ ,‬بل يرتكهم همال كاألنعال‪ ,‬فقد َظ َّن به َظ َّن‬
‫الس ْوء‪.‬‬
‫َّ‬
‫َ ِل ظ ُ أنه لن يجمع عبيدَ ه بعد موهتم للثواب والعقاب يف دار يجازي‬
‫المحس َن فيها بإحسانه والمسي َء بإساءته‪ ,‬ويبين لخلقه حقيق َة ما اختلفوا فيه‪,‬‬
‫َ‬
‫وصدق رسله‪ ,‬وأن أعداءه كانوا هم الكاذبين‪,‬‬ ‫و ُيظهر للعالمين كلهم صد َقه‬
‫فقد َظ َّن به َظ َّن َّ‬
‫الس ْوء‪.‬‬
‫الصالح الذي عمله خالصا لوِهه الكريم‬ ‫َ‬ ‫َل ظ ُ أنه يض ّيع عليه عم َله‬‫ِ‬
‫نع فيه‬ ‫ٍ‬
‫سبب من العبد‪ ,‬أو أنه يعاقبه بما ص ُص َ‬ ‫على امتثال أمره‪ ,‬و ُيبطله عليه بال‬
‫اختيار له وص قدر َة وص إراد َة يف حصوله‪ ,‬بل يعاقبه على فعله هو سبحانه‬
‫َ‬ ‫وص‬
‫وز عليه أن ُيؤ ّيد أعدا َءه الكاذبين عليه بالمعجزات التي‬ ‫به‪ .‬أَ ِظ ُ به أنه َي ُج ُ‬
‫يؤ ّيد هبا أنبيا َءه ورس َله‪ ,‬و ُيجريها على أيديهم ُيض ُّلون هبا عبا َده‪ ,‬وأنه َي ُ‬
‫حسن‬
‫عمره يف طاعته فيخ ِّلده يف الجحيم أسفل‬ ‫ٍ‬ ‫منه ُّ‬
‫كل شيء‪ ,‬حتى تعذيب من أفنى َ‬
‫عمره يف عداوته وعداوة رسله ودينه‪ ,‬فيرفعه إلى‬ ‫السافلين‪ ,‬و ُين ِّعم َمن استنفد َ‬
‫‪13‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫امتناع أحدهما‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫عر ُ‬
‫الح ْسن سواء وص ُي َ‬
‫أعلى عليين‪ ,‬وكال األمرين عنده يف ُ‬
‫ُ‬
‫فالعقل ص َيقضي بقبح أحدهما وحسن‬ ‫ٍ‬
‫صادق‪ ,‬وإص‬ ‫ووقوع اآلخر إص بخربٍ‬ ‫ُ‬
‫اآلخر‪ ,‬فقد َظ َّن به َظ َّن َّ‬
‫الس ْوء‪.....‬‬

‫ع‬
‫يععععععععل‬ ‫ِفععععععععإع ُن هللِ ِأَ ِمععععععععى بع م ِ عم‬ ‫ععععك ِظعععع ُ ِسععععط ٍء‬
‫عععال تِظععععنُ بع ِ ب ِ‬
‫ِفع ِ‬

‫عععف بع ِظعععع مع ٍم ِجعععع ٍن ِج ُهع ع‬


‫عععطل؟‬ ‫َِكِيع ِ‬ ‫ععععط ِ يعععع‬ ‫َِ ِال تِظععععنُ بعنِف عس ِ‬
‫ععععك ِق ُّ‬

‫عن ب ع‬
‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫َ ُقععل‪ :‬يعع ِفععْ لععأَى كُععل س ٍ‬
‫خ يع ع‬
‫عل؟‬ ‫ِأ ُي ِجععى مخِ ي ع ُ ل ع ِليع ِ‬ ‫ععطء‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِعععععم ِخ َ ِ ي مععععع ِك ممسعععععِ ع‬
‫ِح ع‬ ‫مسعععطآى ِت ع عععد ِم‬ ‫َِ ُظععع ُ بعنِف عس ِ‬
‫يل‬ ‫ُ‬ ‫ك ِ ِ ُ ِ‬ ‫عععك ُّ‬

‫م ِ عليع ع‬
‫عععل‬ ‫ع‬ ‫ِفِعلع ِ‬ ‫ععك علععع تُِعععى فع ِيهععع َِ ِ يععع ٍ‬
‫َِ ِلععع بعع ِ‬
‫عععط معععع ُ‬
‫عععك ِل ِط مع ُ‬
‫علعععع ِ معععع ُ و ِم ع ِف شعععع ُر معلععععدُ مع ع‬
‫يل‬ ‫َِ ِمعععععي ِْ بع ِهععععع َِ ِال علن ِهععععع َِ ِمرعععععع‬

‫ظن‬
‫غير الحق َّ‬
‫إلى آخر كالمه ‪ ‬الذي ساقه يف بيان الذين يظنون باهلل َ‬
‫الجاهلية‪ ,‬ومن أراد استيفاءه؛ فليراِعه يف «زاد المعاد» ‪.‬‬
‫السي ُء بالمسلمين‪ ,‬كما قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ‬ ‫ن‬ ‫الظ‬ ‫ع‪:‬‬
‫ع‬ ‫مممنط‬ ‫مظ‬ ‫ع‬
‫َل‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ﴾ [الحجرات‪.]12 :‬‬
‫وعن أبي هريرة‪ ,‬أن رسول اهلل ﷺ‪ ,‬قال‪« :‬إع ُي كُم َِ م ُظ ُ ‪ِ ،‬فإع ُن م ُظ ُ ِأك ِم ُ‬
‫مح عد ع‬
‫يث»‪ .‬أخرِه مسلم ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد يف هدي خير العباد (‪.)237 - 229 3‬‬


‫(‪ )2‬يف صحيحه (‪.)2563( - 28 )1985 4‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪14‬‬

‫تحقيق الظن‬
‫ُ‬ ‫بي‪ :‬هو‬
‫السوء‪ .‬ق ل مخَ ُّ‬
‫النهي عن ظ ّن ُّ‬
‫ُ‬ ‫منطَي‪« :‬المرا ُد‬
‫ُّ‬ ‫قل‬
‫وتصدي ُقه دون ما يهجس يف النفس؛ فإن ذلك ص ُيملك‪َ .‬ل ُد مخَ بي‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫ويستقر يف قلبه‪ ,‬دون ما يعرض يف‬
‫ّ‬ ‫يستمر صاح ُبه عليه‬
‫ّ‬ ‫المحرل يف الظن ما‬
‫َّ‬
‫يستقر؛ فإن هذا ص يك َّلف به» ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القلب وص‬
‫َع م عبي أن ب ِ عب س ظ ملرعب ‪َ ،‬ق ل‪َ « :‬ما َأ ْع َظ َم ُح ْر َمت َِك َو َما َأ ْع َظ َم‬
‫اهلل َما َل ُه‪َ ,‬و َح َّر َل َد َم ُه‪َ ,‬و َح َّر َل ِع ْر َض ُه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َّقك‪َ ,‬وا ْل ُم ْسل ُم َأ ْع َظ ُم ُح ْر َمة منْك‪َ ,‬ح َّر َل ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ابن أبي شيبة ‪.‬‬ ‫َو َأ َذا ُه‪َ ,‬و َأ ْن ُي َظ َّن بِه َظ َّن ُسوء»‪ .‬أخرِه ُ‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي (‪.)118 16‬‬


‫(‪ )2‬يف المصنف (‪ )435 5‬رقم (‪.)27754‬‬
‫‪15‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫م شرد الظنون‬‫ْ‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪16‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫م ْ َشر ُد الظنون‬

‫بعض الظنون السي ة التي أخطأ فيها الناس‪ ,‬مع بيان ِ‬


‫وِه‬ ‫سوف أذكر هنا َ‬
‫ُ‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الحق يف ِّ‬
‫كل واحدة منها إن شا َء ُ‬ ‫ِّ‬
‫بعي مص محي أن ذ ُم مد ي ر جح إمى مد ي ذ تعه‬ ‫* ِيظ ُّ ُ‬
‫خزائن‬
‫ُ‬ ‫األمر كذلك؛ فالذ ُّل للدنيا ليس من أِ ِل أهنا ُدنيا‪ ,‬فإهنا‬ ‫ُ‬ ‫وليس‬
‫ِ‬
‫الصالحة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لألعمال‬
‫وبهث فيهها مهن دا ّب ٍهة‪ ,‬ههو مهن الهنِّعم التهي‬ ‫وألن ما أودع اهلل فيها مهن ٍ‬
‫زينهة‪َّ ,‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الش ْك َر‪ ,‬وتستدعي اصعتبار‪.‬‬ ‫ب ُّ‬ ‫ِ‬
‫تستوِ ُ‬
‫الناس الس ّي ِة التي قارفوها يف الدنيا! وإلى َم ْن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفعال‬ ‫راِع إلى‬
‫ٌ‬ ‫وإنما الذ ُّل‬
‫متاع بال ٍغ!‬ ‫متاع ُغ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أ ْل َهتْه الدنيا عن طلب‬
‫رور‪ ,‬ص َ‬ ‫فصارت له َ‬
‫ْ‬ ‫اآلخرة‪,‬‬
‫ويث ق ل‪:‬‬‫ُ‬ ‫فظ ب رجط ‪‬‬ ‫َض ِح ذمك َب ُينه أوس ِ بي ٍن مح ُ‬ ‫َقد ُ‬
‫« اعلم أن الذل الوارد يف الكتاب والسنة للدنيا ليس راِعا إلى زماهنا الذي هو‬
‫الليل والنهار‪ ,‬المتعاقبان إلى يول القيامة‪ ,‬فإن اهلل ِعلهما ِخ ْلفة لمن أراد أن‬
‫َّ‬
‫يذكر أو أراد شكورا‪.‬‬
‫ِ‬
‫مليل َ منه ِر ه ِ ن‪ ،‬ف ظ َ‬ ‫َي َى ع عيسى ‪ ‬أ ه ق ل‪« :‬إن مم‬
‫ُ‬
‫‪17‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ل تصنعطن فيهم ‪َ .‬ك ن يِطل‪ :‬عملط مليل مم ُ لق مه‪ َ ،‬منه ر مم ُ لق مه»‪.‬‬


‫َق ل ل مد‪« :‬ما من يول إص يقول‪ :‬ابن آدل قد دخلت عليك اليول‪ ,‬ولن‬
‫أرِع إليك بعد اليول‪ ,‬فانظر ماذا تعمل يف‪ ,‬فإذا انقضى طوي‪ ,‬ثم يختم عليه‪,‬‬
‫يفضه يول القيامة‪ ,‬وص ليلة إص تقول كذلك»‪.‬‬
‫فال يفك حتى يكون اهلل هو الذي ُّ‬
‫َقد أ د بعي مسلف‪:‬‬
‫َ ملي مي ِلِ ُ إل س عن َ ألي ُم ُس ُ‬
‫طب‬ ‫إ م مد ي إمعى م نع ع َ منع عر ا ُ‬
‫يعق‬

‫وليس الذ ُّل راِعا إلى مكان الدنيا الذي هو األرض التي ِعلها اهلل لبني آدل‬
‫مهادا وسكنا‪ ,‬وص إلى ما أودع اهلل فيها من الجبال والبحار واألهنار والمعادن‪,‬‬
‫وص إلى ما أنبته فيها من الشجر والزرع‪ ,‬وص إلى ما ّ‬
‫بث فيها من الحيوانات وغير‬
‫ذلك؛ فإن ذلك كله من نعمة اهلل على عباده بما لهم فيه من المنافع‪ ,‬ولهم به من‬
‫اصعتبار واصستدصل على وحدانية صانعه وقدرته وعظمته‪.‬‬
‫راِع إلى أفعال بني آدل الواقعة يف الدنيا؛ ألن غالبها واقع‬
‫ٌ‬ ‫وإنما الذ ُّل‬
‫على غير الوِه الذي تحمد عاقبته‪ ,‬بل يقع على ما تضر عاقبته‪ ,‬أو ص تنفع‬
‫كما قال ‪﴿ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳﭴ﴾ [الحديد‪...]20 :‬‬
‫َق ل سعيد ب جبي ‪« :‬متاع ال رور ما يلهيك عهن طلهب اآلخهرة‪ ,‬ومها لهم‬
‫يلهك‪ ,‬فليس بمتاع ال رور ولكنه متاع بالغ إلى ما هو خير منه»‪.‬‬
‫َق ل يحيى ب لع ذ م زي‪« :‬كيف ص أحب دنيا ُقدّ ر لي فيها ٌ‬
‫قوت‪ ,‬أكتسب‬
‫هبا حياة‪ ,‬أدرك هبا طاعة‪ ,‬أنال هبا اآلخرة؟!»‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪18‬‬

‫َسئل أبط صفط ن م ُّ عيني‪ -‬وكان من العارفين‪ :-‬ما هي الدنيا التي ذمها‬
‫ُ‬
‫أصبت يف الدنيا‬
‫َ‬ ‫اهلل يف القرآن التي ينب ي للعاقل أن يتجنَّبها؟ فقال‪ُّ « :‬‬
‫كل ما‬
‫تريد به الدنيا‪ ,‬فهو مذمو ٌل‪ُّ ,‬‬
‫وكل ما أصبت فيها تريد به اآلخرة‪ ,‬فليس منها»‪.‬‬
‫الدار كانت الدنيا للمؤمن‪ ,‬وذلك أنه عمل قليال‪,‬‬
‫ُ‬ ‫َق ل محس ُ ‪« :‬نِعمت‬
‫الدار كانت للكافر والمنافق‪ ,‬وذلك أنه‬
‫ُ‬ ‫وأخذ زاده منها إلى الجنة‪ ,‬وب ست‬
‫ض ّيع لياليه‪ ,‬وكان زا ُده منها إلى النار»‪...‬‬
‫كم من حديث عبد الجبار بن وهب‪ ,‬أنبأنا سعد بن طارق‪ ,‬عن‬ ‫َ ج مح ُ‬
‫ن مدُ ُر مدُّ ِي مع ِم ِته َُِ ِد علن ِه عِل ع ِ تع عه ِوُِى ُي عض ِي‬
‫أبيه‪ ,‬عن النبي ﷺ‪ ,‬قال‪ « :‬عع ِم ُ‬
‫ن مدُ ُر مع ِم ِصدُ ت ُه ِع آ ع ِ تع عه َِ ِق ُص ِ ت عب عه ِع عر ِض ِرب عه‪َِ ،‬إع ِذ ِق ِل‬ ‫ربه‪َ ،‬بعئس ع‬
‫ُُِ ِ ِ‬
‫ن مدُّ ِي ‪ِ :‬ق ُب ِح هللُ ِأ ِع ِص ِ مع ِ ب عه» وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪,‬‬ ‫معبدُ ‪ِ :‬قبح هلل مدُّ ي ‪ِ ،‬ق ِم ع‬
‫ُ ِ ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫وخرِه العقيلي‪ ,‬وقال‪ :‬عبد الجبار بن وهب مجهول وحديثه غير محفوظ‪,‬‬
‫علي من قوله‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهذا الكالل يروى عن ٍّ‬
‫جه ب أبي مد ي عنه بإسن ٍد فيه ظ ‪ :‬أن علي سمح رجال‬ ‫علي‬ ‫ُ‬
‫َقطل ٍّ‬
‫يسط مد ي ‪ ،‬فِ ل‪« :‬إهنا لدار صدق لمن صدقها‪ ,‬ودار عافية لمن فهم عنها‪,‬‬
‫ودار غنى لمن تزود منها‪ ,‬مسجد أحباء اهلل‪ ,‬ومهبط وحيه‪ ,‬ومصلى مالئكته‪,‬‬
‫ومتجر أوليائه‪ ,‬اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة‪ ,‬فمن ذا يذل الدنيا وقد‬
‫آذنت بفراقها‪ ,‬ونادت بعيبها‪ ,‬ونعت نفسها وأهلها؟‪ »....‬األثر‪.‬‬
‫أمير المؤمنين ‪ ‬أن الدنيا ص تذل مطلقا‪ ,‬وأهنا تحمد بالنسبة إلى‬
‫فب َّين ُ‬
‫من تزود منها األعمال الصالحة‪ ,‬وأن فيها مساِد األنبياء‪ ,‬ومهبط الوحي‪,‬‬
‫‪19‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫وهي دار التجارة للمؤمنين‪ ,‬اكتسبوا منها الرحمة‪ ,‬وربحوا هبا الجنة‪ ,‬فهي نعم‬
‫الدار لمن كانت هذه صف ُته» ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫بتصرف‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫(‪ِ )1‬امع العلول والحكم‪ -‬تحقيق‪ :‬األرنؤوط وباِس‪)195-186 2( -‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪20‬‬
‫أن مصعال ِة و كع ت فِعط‪ُ ،‬‬
‫تبعدأ بع مِربي ع َتنِهعي‬ ‫* ي ُظ ُّ كثي لع منع س ُ‬
‫ب مِسليم‬
‫هات‪,‬‬‫واصخبه ِ‬
‫ْ‬ ‫ولههذا تجههد مع َظ َمهههم ص ُيعطههي الصههال َة ح َّقههها مههن الخشههوعِ‪,‬‬
‫هات‬‫واإلقبهال عليهها بقلبِهه وعقلِ ِهه‪ ,‬والتف ُّك ِهر يف معههاين مها يقهر ُأ ويسههمع مهن اآليه ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واألذكار واألدعية!‬
‫الخشوع يف‬ ‫إدراك لحقيقتها؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الصالة‪ ,‬وعد ُل‬ ‫سقيم لمعنى‬ ‫فهم‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫وهذا ٌ‬
‫ِ‬
‫حضور القلب يف الصالة‪ ,‬و ُطمأنين ُة‬ ‫ُ‬ ‫طع‪ :‬هو‬‫وحها‪ َ .‬مخ ُ‬ ‫ور ُ‬ ‫الصالة هو ُل ُّبها ُ‬
‫ِ‬
‫األعضاء فيها‪.‬‬
‫ِ‬
‫حضور قلبِه فيها‪ .‬فعن‬ ‫والمص ِّلي ص ُي ُ‬
‫كتب له من أِر صالته ّإص بمقدار‬
‫ف‪،‬‬‫جل مينص ُ‬ ‫عمار بن ياسر ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ﷺ يقول‪« :‬إن م ِ‬
‫َل كُِط مه إال ُع ُ صالتعه‪ ،‬تُس ُعه ‪ُ ،‬ث ُمنُه ‪ُ ،‬سب ُعه ُسدُ ُسه ‪ُ ُ ،‬م ُسه ‪ُ ،‬ر ُب ُعه ‪،‬‬
‫ُث ُلثه ‪ ،‬ص ُفه » ‪.‬‬
‫و ُيروى مرفوعا‪« :‬ميْ مك ل صالتك إال لع ِع ِِلعن لنهع »‪ ,‬ونحهوه عهن‬
‫عباس ‪. ‬‬ ‫ٍ‬ ‫ابن‬
‫َق ل سفي ُن مثطري‪ُ « :‬يكتب للرِل من صالته ما َع َق َل منها» ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرِه أبو داود يف سننه‪ -‬تحقيق‪ :‬األرنؤوط‪ )97 2( -‬رقم (‪ ,)796‬والنسائي يف السنن‬
‫صحيح‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حديث‬ ‫الكربى (‪ )316 1‬رقم (‪ .)615‬ق ل ألر ؤَط‪:‬‬
‫(‪ )2‬ق ل مح ُ‬
‫فظ مع قي يف تخريج أحاديث إحياء علول الدين ‪« :309 1‬لم أِده مرفوعا»‪.‬‬
‫َقع ل م ععي ألمبع ي يف سلسههلة األحاديههث الضههعيفة ‪« :1026 14‬ص أصههل لههه مرفوعهها‪,‬‬
‫صح عن بعض السلف»‪.‬‬ ‫وإنما َّ‬
‫(‪ )3‬حلية األولياء ألبي نعيم األصبهاين (‪.)61 7‬‬
‫‪21‬‬ ‫كشف الظنون‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقد اختلف العلما ُء يف إِزاء الصالة التي ص ُخ ُش َ‬
‫وع فيها‪.‬‬
‫صالة مع عدل خشوعٍ‪ ,‬هل ُيعتدُّ‬‫ٍ‬ ‫ق ل ب ُ مِيم‪« :‬فإن قيل‪ :‬ما تقولون يف‬
‫هبا أل ص؟‬
‫قيل‪ :‬أما اصعتداد هبا يف الثواب فال ُيعتدُّ له فيها إص بما عقل فيه منها‪,‬‬
‫فالح المص ِّلين بالخشوع يف صالهتم‪َّ ,‬‬
‫فدل‬ ‫وخشع فيه لربه‪ ...‬وقد ع َّلق ال ُله َ‬
‫على ّ‬
‫أن من لم يخشع فليس من أهل الفالح‪ ,‬ولو اع ُتدَّ له هبا ثوابا لكان من‬
‫المفلحين‪.‬‬
‫وأمهها اصعتههداد هبهها يف أحكهها ِل الههدنيا‪ ,‬وسه ِ‬
‫هإن َغ َله َ‬
‫هب عليههها‬ ‫هقوط القضههاء‪ ,‬فه ْ‬
‫هوابر‬ ‫الخشههوع وتع ّق َلههها اع ُتههدَّ هبهها إِماعها‪ ,‬وكانههت السههنن واألذكه ِ‬
‫هار َعقي َبههها ِه ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫الت لنقصها‪.‬‬
‫ومكم ٌ‬
‫ِّ‬
‫وإن غلب عليه عد ُل الخشوع فيها‪ ,‬وعد ُل َت َع ُّقلِها‪ ,‬فقد اختلف الفقها ُء يف‬
‫ْ‬
‫وِوب إعادهتا‪. »....‬‬
‫ِميع األمور التي ُتذهب خشو َعه و ُت ِّ‬
‫شو ُش‬ ‫َ‬ ‫يجتنب‬
‫َ‬ ‫فيجب على المص ّلي أن‬
‫النبي‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عليه صالته من‪ :‬المكان‪ ,‬واللباس‪ ,‬والحال‪ ,‬وغير ذلك؛ ولذا ل ّما صلى ُّ‬
‫تارة) أما َمه‪ ,‬قال لعائشة ‪ِ « :‬أ عليَعي ِعنُ عق ِ ِل عك ِم ِم ؛ ِفإع ُ ُه‬
‫(الس َ‬
‫ِ‬
‫ﷺ والق َرا ُل ِّ‬
‫ِال ِت ِه ُل ت ِِص عَي ُ ُ تِع ع ُض عفي ِص ِالتعي» ‪.‬‬

‫بتصرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬مدارج السالكين (‪)521 1‬‬
‫(‪ )2‬أخرِه البخاري يف صحيحه (‪ )84 1‬ح (‪.)374‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪22‬‬

‫هوط) ‪ -‬قهال‪ « :‬ذ ِم ُبعط‬ ‫(خ ُط ٍ‬ ‫ذات أعهال ٍل ُ‬ ‫ولما ص ّلى يف الخميصة ‪ -‬وكانت َ‬
‫يص ع إع ِمى ِأبعي ِجه عم ب ع ُو ِمي ِف ِ‪ َِ ،‬ئُِط عي بع ِأ بع ِ عي ععه؛ ِفإع ُِهع ِأم ِهِنععي آ عفع‬ ‫ع‬ ‫عع‬
‫بع ِهم مخِ م ِ‬
‫فعي ِص ِالتعي»‪.‬‬
‫مص ِال عة‪،‬‬ ‫ع‬
‫يص ِم ِه ِع ِلم‪ِ ،‬ف ِر ِن ِي ِِ ِ غ ُِل عب ِه في ُ‬
‫ع‬ ‫ٍ‬
‫ويف رواية‪« :‬أ ه ِك ِن ِم ُه ِ م ِ‬
‫ِف ِأع َِ ِم ِأ ِب ِجه ٍم َِ ِأ ِ ِم كع ِس ء ِم ُه ِأ بع ِ ع ًّي » ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬أخرِه مسلم يف صحيحه (‪ )391 1‬ح‪.)556( - 62‬‬


‫‪23‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫أن ألُ ط ِة مي أ ط ُة منسعط فِعط َأ عه ال عالقع منع‬


‫س ُ‬‫بعي من ع‬
‫* يظ ُّ ُ‬
‫بأود ل ممسلمي ِ أصِ عع ممعمطرة‬ ‫ٍ‬

‫أخو ِة النسب‪ ,‬بل‬


‫أعظم من ّ‬
‫ُ‬ ‫فإن ُأ ّ‬
‫خو َة الدِّ ين‬ ‫خاطئ لألُ ّ‬
‫خوة؛ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫فهم‬
‫وهذا ٌ‬
‫إهنا مقدَّ م ٌة عليها عندَ التعارض‪.‬‬
‫ُ‬
‫رضوان اهلل عليهم ‪ -‬آبا َءهم وأبنا َءهم وإخوانَهم من‬‫ولذا قاتل الصحاب ُة ‪-‬‬
‫بدر و ُأ ُح ٍد؛ امتثاص لقوله تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫المشركين‪ ,‬يف ٍ‬
‫ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞﭟ ﭠﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤﭥ ﭦﭧﭨ ﭩﭪﭫﭬﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰﭱﭲ ﭳﭴﭵﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻﭼﭽ ﭾ‬
‫ﭿﮀﮁ ﮂﮃ ﮄﮅﮆﮇﮈ﴾ [المجادلة‪.]22 :‬‬
‫ليجلس‬
‫َ‬ ‫أن ُيسلِم‪ -‬على ابنتِه أ ِّل حبيبة‪ ,‬ذهب‬
‫ولما دخل أبو سفيان‪ -‬قبل ْ‬
‫ّ‬
‫على فراش رسول اهلل ﷺ‪ ,‬فطوته عنه‪ ,‬فقال‪ :‬يا ُبن َّية‪ ,‬ما أدري أرغبت بي عن‬
‫فراش رسول اهلل ﷺ وأنت ٌ‬
‫رِل‬ ‫هذا الفراش أل رغبت به عني؟ قالت‪ :‬بل هو ُ‬
‫تجلس على فراش رسول اهلل ﷺ‪ ,‬قال‪ :‬واهلل لقد‬ ‫َ‬ ‫َج ٌس‪ ,‬ولم ُأ َّ‬
‫حب أن‬ ‫شرك ن ِ‬
‫ُم ٌ‬
‫نطيل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تقرير هذا األمر كثيرةٌ‪ ,‬فال ُ‬ ‫شر!! ‪ .‬واألد َّلة على‬‫أصابك يا ُبن َّي ُة بعدي ٌّ‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬سيرة ابن هشال ‪ -‬بتحقيق‪ :‬الس ّقا ‪.)396 2( -‬‬


‫كشف الظنون‬ ‫‪24‬‬

‫أن مر ف ِ ل د ِم أ ه ك ف ‪ ،‬فإ ه ي طز معه ُ‬


‫فععل لع شع ء‬ ‫س ُ‬‫بعي من ع‬
‫* يظ ُّ ُ‬
‫ل ممع صي؛ ألن عِطب جميح مرف ر َ ودة‬
‫الكافر ُمعا َق ٌ‬
‫ب‪ -‬مع عقوبته على‬ ‫َ‬ ‫الصحيح ّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫غير صحيحٍ ‪ ,‬بل‬
‫الظن ُ‬
‫ُّ‬ ‫وهذا‬
‫ٍ‬
‫فريضة تركها‪.‬‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬
‫معصية ارتكبها‪ ,‬وعلى ِّ‬ ‫ِ‬
‫الكفر‪ -‬على ّ‬
‫كل‬
‫ِ‬
‫الكفر‪:‬‬ ‫مع‬
‫ولذا كان المنافقون يف الدرك األسفل من النار؛ ألهنم ِمعوا َ‬
‫الخداع‪ ,‬والريا َء‪ ,‬والت َِّق َّيةَ‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الدخول يف اإلسال ِل‬ ‫الناس عن‬
‫َ‬ ‫وقال اهلل تعالى عن الك ّفار الذين َيصدُّ ون‬
‫ِ‬
‫ونحوهم‪﴿ :-‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫ِ‬
‫كاألحبار والقساوسة‬‫‪-‬‬
‫ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ﴾ [النحل‪.]88 :‬‬
‫أن الك ّف َار مخاطبون بفروع‬ ‫ِ‬
‫العلماء‪َّ ,‬‬ ‫ِ‬
‫أقوال‬ ‫الصحيح من‬ ‫ولذا كان‬
‫ُ‬
‫تصح إص به وهو اإلسالل؛ لقوله تعالى حكاية عن الك ّفار‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫الشرائع‪ ,‬وبما ص‬
‫﴿ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠﰡ ﰢ ﰣ ﰤ ﰥ ﰦ‬
‫ﰧﰨﰩﰪﰫﰬﰭﰮﰯﰰﰱﰲ﴾ [المد ِّثر‪.]47-42:‬‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒﮓ﴾ [فصلت‪.]7-6:‬‬
‫الكافر كتناوله المسلم‪ ,‬نحو قوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫المطلق يتناول‬
‫َ‬ ‫األمر‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وألن‬
‫﴿ﮜ ﮝ﴾ و﴿ﯘ ﯙ﴾ و﴿ﯢ ﯣ﴾‪ ,‬فيكون مخا َطبا‬
‫بالعبادات كالمسلم‪.‬‬
‫وفائههد ُة خطههابِهم هبهها‪ ,‬عقهها ُبهم عليههها يف اآلخههرة؛ إ ْذ ص تصه ُّ‬
‫هح مههنهم حه َ‬
‫هال‬
‫‪25‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫الكفر؛ لتو ُّق ِفها على الن ّية المتو ِّقفة على اإلسالل‪ ,‬لكهنهم ص ُي َ‬
‫ؤاخ ُهذون هبها بعهد‬
‫اإلسالل؛ ترغيبا لهم يف دخوله ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬ظ ممسأم ِ‪ :‬ال ُعدّ ة يف أصول الفقه ألبي يعلى (‪ ,)358 2‬والمنخهول لل زالهي (ص‪,)88‬‬
‫وروضههة النههاظر وِنههة المنههاظر صبههن قدامههة (‪ ,)160 1‬وشههرح الورقههات يف أصههول الفقههه‬
‫للمح ِّلي (ص‪.)113‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪26‬‬
‫ٍ‬
‫صعالة َصعي ٍم‬ ‫بععي منع ع‬
‫س أن معبع د ِة معي م عع ئ ُ مِع ُّبديع ُ لع‬ ‫ُ‬ ‫* يظ ُّ‬
‫َوج فِط‬
‫ٍّ‬
‫ٍ‬
‫بكثير‪.‬‬ ‫أوسع من هذا‬
‫ُ‬ ‫وهذا مفهو ٌل ض ِّي ٌق لمعنى العبادة؛ فمعنى العبادة‬
‫ٍ‬
‫عبادة!‬ ‫تحولت إلى‬ ‫ِ‬ ‫بل ّ‬
‫المسلم نية صالحة َّ‬
‫ُ‬ ‫المباحات إذا نوى هبا‬ ‫إن‬
‫التقوي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق ل ب ُ رجط ‪« :‬متى نوى المؤم ُن بتناول شهواته المباحة ِّ‬
‫على الطاعة‪ ,‬كانت شهوا ُته له طاعة ُيثاب عليها‪ ,‬كم ق ل لع ُذ ب ُ جبل‪« :‬إين‬
‫التقوي على‬
‫ِّ‬ ‫ألحتسب ن َْومتي كما أحتسب َق ْومتي»‪ ,‬يعني‪ :‬أنه ينوي بنومه‬
‫ثواب قيامه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثواب نومه كما َيحتسب َ‬ ‫ب َ‬ ‫القيال يف آخر الليل‪ ,‬ف َيحتس ُ‬
‫واسى منها إخوانَه‪ ,‬كما‬
‫بعضهم إذا تناول شي ا من شهواته المباحة َ‬
‫وكان ُ‬
‫ُروي عن ابن المبارك أنه كان إذا اشتهى شي ا لم يأك ْله حتى يشته َيه ُ‬
‫بعض‬
‫ليأكل معه» ‪.‬‬ ‫أصحابه‪ ,‬فيأك َله معهم‪ ,‬وكان إذا اشتهى شي ا‪ ,‬دعا ضيفا له َ‬
‫َقع ل بع مِععيم‪« :‬المههؤمن يثههاب علههى مهها ِ‬
‫يقصههدُ بههه وِه َه اهلل‪ ,‬مههن أكلههه‪,‬‬ ‫ُ‬
‫وعدوه» ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫عدو اهلل‬
‫وشربه‪ ,‬ولباسه‪ ,‬ونكاحه‪ ,‬وشفاء غيظه بقهر ِّ‬ ‫ُ‬
‫شيء‪ ,‬حتى يف‬‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫ألحب أن تكون لي ني ٌة يف ِّ‬ ‫َع ُز ِبيد مي لي‪ ،‬ق ل‪« :‬إين‬
‫ُّ‬
‫الطعال والشراب»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫َعنه أ ه ق ل‪« :‬ان ِْو يف ِّ‬
‫خروِك إلى ال ُك َ‬
‫ناسة»‬ ‫َ‬ ‫الخير‪ ,‬حتى‬
‫َ‬ ‫شيء تريدُ ه‬ ‫كل‬
‫يعني َ‬
‫الخال َء‪.‬‬

‫(‪ِ )1‬امع العلول والحكم (‪.)192 2‬‬


‫(‪ )2‬الجهواب الكههايف لمههن سههأل عههن الههدواء الشههايف (ص‪ َ ,)234‬ظع ‪ :‬اصسههتقامة صبههن تيميههة‬
‫(‪.)152 2‬‬
‫‪27‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫سره أن َي ْك ُم َل له عم ُله‪ ,‬فل ُي ْح ِس ْن نيتَه؛ ّ‬


‫فإن‬ ‫ع‬
‫بعي مسلف ق ل‪« :‬من َّ‬ ‫َع‬
‫قمة» ‪.‬‬ ‫نت ني ُته حتى بال ُّل َ‬
‫يأِ ُر العبدَ إذا َح ُس ْ‬
‫اهلل ‪ُ ‬‬ ‫َ‬
‫َمم ق ل يحيى ب ُ أبي كثي ‪« :‬تع َّلموا النيةَ؛ فإهنا من أبل ِغ العمل»‪.‬‬
‫ور َّب عم ٍل ٍ‬
‫كبير ُتص ِّ ُره‬ ‫َق ل ب ُ ممب رخ‪ُ « :‬ر َّب عم ٍل ص ٍير ُتع ِّظ ُمه الن َّي ُة‪ُ ,‬‬
‫الن َّي ُة»‪.‬‬
‫فيصير هبا من‬ ‫المباحات ّإص ويحتمل نية أو ٍ‬
‫نيات‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫شيء من‬ ‫ْبل إنه ما من‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫بعضهم‪« :‬تجار ُة الن ّيات تجار ُة العلماء»! بمعنى‪ :‬أن‬ ‫أفض ِل ال ُق ُربات! َمم ق ل ُ‬
‫العلما َء هم الذين يعرفون كيف يعاملون ر َّبهم ‪ ,‬ويربحون منه سبحانه‬
‫اهلل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫مفضيل ب ُ عي ض‪« :‬إنما ُيريد ُ‬ ‫بالنيات الصالحة‪ ,‬كم ق ل‬ ‫أعظم األرباح‬
‫َ‬
‫‪ ‬منك نيت ََك وإراد َت َك» ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬ظ مم ِلث ر ِ‪ِ :‬امع العلول والحكم (‪.)71 - 70 1‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪28‬‬

‫ف ي طزُ مه مُِط عر ِي ُ ُلَلِ ‪ ،‬وِى َمط ولف‬ ‫س أن مح مع ِ‬


‫بعي من ع‬
‫* يظ ُّ ُ‬
‫وق ل محِطب‬ ‫أل ِم مِ ضي على ٍّ‬
‫ِ‬
‫األحوال العاد ّية‪ ,‬ص يف‬ ‫فإن التوري َة إنما تجوز يف‬ ‫واألمر ليس كذلك؛ ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والمرافعات وما شا َب َه ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألقضية‬ ‫ِ‬
‫الحقوق‬
‫ثبت عن أبي هريرة ‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول اهلل‬ ‫والدليل على ذلك ما َ‬ ‫ُ‬
‫ك» أخرِه مسلم ‪.‬‬ ‫ك ِع ِلي عه ِص عو ُب ِ‬
‫ُك ِع ِلى ِل ُي ِصد ُق ِ‬‫ﷺ‪ِ « :‬ي عمين ِ‬
‫ف»‬ ‫وعنههه ‪ ,‬قههال‪ :‬قههال رسههول اهلل ﷺ‪ « :‬مي عمععي ع ِلععى عي ع ع ممس عِِح عل ع‬
‫ُ ُ‬ ‫ِ ُ ِ‬
‫أخرِه مسلم ‪.‬‬
‫هديث محمه ٌ‬
‫هول علههى الحلههف باسههتحالف‬ ‫عطَي‪« :‬هههذا الحه ُ‬
‫ق ع ل إلل ع ُم منع ُّ‬
‫فنهوى‬ ‫فح َل َ‬
‫هف َو َو َّرى َ‬ ‫رِل على رِ ٍل حقا فح َّلفه القاضي‪َ ,‬‬‫القاضي‪ ,‬فإذا ا ّدعى ٌ‬
‫انعقدت يمينُهه علهى مها نهواه القاضهي‪ ,‬وص تنف ُعهه التوريه ُة‪,‬‬
‫ْ‬ ‫غير ما َنوى القاضي‪,‬‬
‫َ‬
‫واإلِماع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحديث‬ ‫جم ٌع عليه‪ ,‬ودلي ُله هذا‬
‫وهذا ُم َ‬
‫فأ ّما إذا َح َل َ‬
‫ف ب ير استحالف القاضي َو َو َّرى‪ ,‬تنف ُعه التوري ُة‪ ,‬وص ي ُ‬
‫حنث‪,‬‬
‫وغير نائبِه يف ذلك‪,‬‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫حلف ابتداء من غير تحليف‪ ,‬أو ح َّل َفه ُ‬
‫غير القاضي‬ ‫َ‬ ‫سوا ٌء‬
‫ف ِ‬
‫غير القاضي‪.‬‬ ‫وص اعتبار بنية المستحلِ ِ‬
‫َ‬

‫ٍ‬
‫مقصهود‪ ,‬ودصله ُة اللفه‬ ‫غيهر‬
‫قريهب ُ‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ )1‬مِطري ُ‪ :‬هي أن يذكر المتكلم لفظا له معنيان‪ ,‬أحهدُ هما‬
‫السهامع أنهه يريهد‬
‫ُ‬ ‫فيتهوهم‬
‫َّ‬ ‫واآلخهر بعيهدٌ مقصهو ٌد‪ ,‬ودصله ُة اللفه عليهه خف ّيهةٌ‪,‬‬
‫ُ‬ ‫عليه ظاهرةٌ‪,‬‬
‫ٍ‬
‫شير إليه وص ُت ُ‬
‫ظهره‪ ,‬وتس ُت ُره عن غيهر‬ ‫المعنى القريب‪ ,‬وهو إنما يريد المعنى البعيد‪ ,‬بقرينة ُت ُ‬
‫المتي ِّق ال َفطِن‪ِ .‬واهر البالغة للهاشمي (ص‪.)301‬‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم (‪ )1274 3‬رقم (‪.)1653‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫كل األحوال‪ ,‬إص إذا استحلفه‬ ‫ِ‬


‫الحالف يف ِّ‬ ‫اليمين على ن ّية‬ ‫َو ص ُله‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫َ‬
‫فتكون على نية المستحلِف‪ ,‬وهو ُمرا ُد‬
‫ُ‬ ‫هت عليه‪,‬‬ ‫توِ ْ‬
‫القاضي أو نائ ُبه يف دعوى َّ‬
‫الحديث‪ .‬أما إذا حلف عند القاضي من غير استحالف القاضي يف دعوى‪,‬‬
‫فاصعتبار بن ّية الحالِف» ‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (‪.)117 11‬‬


‫كشف الظنون‬ ‫‪30‬‬

‫يطي ُ فِط‪ ،‬كنعم‬ ‫أن من ِع ِم لحصطرة ِ من ِع ُم مدُّ ُ‬ ‫س ُ‬‫* يظ ُّ كثي ل من ع‬


‫مم ل َ مَع م َ مس ِر ‪َ ...‬ل ش ِبهه‬
‫ٍ‬
‫بكثيهر‪ ,‬أص وههي الهنِّ َع ُم‬ ‫أعظم من النِّ َعم الدُّ نيو َّية‬
‫ُ‬ ‫و َغ َف َل أول َك عن نِ َع ٍم هي‬
‫الدِّ ينية‪.‬‬
‫َمهععم ق ع ل محس ع ُ مبص ع ي‪َ « :‬م ه ْن َص َيههرى هلل عليههه نعمههة ّإص يف مطعه ٍ‬
‫هم‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لمه‪ ,‬وحضر عذا ُبه» ‪.‬‬ ‫لباس‪ ,‬فقد َق ُص َر ع ُ‬ ‫مشرب أو‬ ‫أو‬
‫أشكر منك‬
‫َ‬ ‫سالم ب أبي لَيح‪ُ « :‬ك ْن لنعمة اهلل عليك يف دينك‪,‬‬
‫َق ل ُ‬
‫لنعمة اهلل عليك يف دنياك» ‪.‬‬
‫اللَ َد َخ َل داري وأخذ‬
‫َّ‬ ‫َد ِل رجل على ِسهل ب عبد هلل فِ ل‪ّ :‬‬
‫إن‬
‫الش ْي َط ُ‬
‫ان‪ -‬وأفسدَ‬ ‫اللَ قل َب َك‪ -‬وهو َّ‬ ‫اهلل تعالى‪ ,‬لو َ‬
‫دخل ُّ‬ ‫متاعي‪ ,‬فقال‪ُ :‬اشكر َ‬
‫كنت َت ُ‬
‫صنع؟! ‪.‬‬ ‫التوحيدَ ‪ ,‬ماذا َ‬
‫َق ل ب ُ مِيم‪ُ « :‬ش ُ‬
‫كر العا َّمة‪ :‬على المطعم والمشرب والملبس وقوت‬
‫الخاصة‪ :‬على التوحيد واإليمان وقوت القلوب» ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫كر‬ ‫األبدان‪ُ .‬‬
‫وش ُ‬
‫‪ َ -‬من ِع ُم مدين ُي ُ كثي ة جد ال ُيمر ُ إلو اع بهع أبعد ؛ ألن إلسعال ِم ك ُّلعه‬
‫ئل ُ‬
‫َأ ُجطر‪.‬‬ ‫لح س ُ َفض ُ‬
‫أخذنا مصال ِة مهثال‪ ,‬لعجزنها عهن َتعهداد مها فيهها مهن الهنِّ َعم والفضهائل‬
‫فلو ْ‬

‫(‪ِ )1‬عدة الصابرين صبن الق ّيم (ص‪.)144‬‬


‫(‪ )2‬حلية األولياء لألصبهاين (‪.)188 6‬‬
‫(‪ )3‬الرسالة القشيرية (‪.)314 1‬‬
‫(‪ )4‬مدارج السالكين (‪.)235 2‬‬
‫‪31‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫أن يعهو َد المصه ِّلي‬


‫السامع‪ ,‬إلهى ْ‬
‫ُ‬ ‫أن ُيؤ ِّذ َن المؤ ِّذ ُن ويجي ُبه‬
‫منذ ْ‬
‫واألِور! وذلك ُ‬
‫ُ‬
‫إلى بيته بعد أداء الصالة ِماعة يف المسجد!‬
‫كر ِ‬
‫اهلل‬ ‫القرآن‪ِ ,‬‬
‫وذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلم‪ ,‬وقرا ِ‬
‫ءة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طلب‬ ‫األِور المر َّت َب ُة على‬ ‫َلثل ذمك‪:‬‬‫ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والجهاد‬ ‫أِل النِّ َع ِم يف اإلسالل ‪-‬‬
‫المضاعف؛ فإنه من ِّ‬
‫َ‬ ‫تعالى‪ -‬صس ّيما ِّ‬
‫الذك َْر‬
‫والصالة يف المساِد المع َّظمة؛ كالمسجد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المريض‪,‬‬ ‫ِ‬
‫وعيادة‬ ‫يف سبي ِل اهللِ‪,‬‬
‫غير ذلك من‬‫الحرال‪ ,‬والمسجد النبوي‪ ,‬والمسجد األقصى‪ ,‬ومسجد قباء‪ ..‬إلى ِ‬
‫ِ‬
‫الكثيرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصالحة‬ ‫ِ‬
‫األعمال‬

‫‪‬‬
‫مسلم يف صحيحه (‪ )2090 4‬رقم‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ )1‬أ ط ُع ممك ممض عف كثي ة‪ ،‬مِن أشهرها ما أخرِه‬
‫الص ْب َح‪َ ,‬و ِه َي فِي‬‫ين َص َّلى ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫(‪ )2726‬عن ُِ َو ْي ِر َيةَ‪َ ,‬أ َّن النَّبِ َّي ﷺ َخ َر َج م ْن عنْد َها ُب ْك َرة ح َ‬
‫ن ع ِلى مح عل ُمِعي ِف رقِ ع‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مس ِ ِ‬
‫ُك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جد َها‪ُ ,‬ث َّم َر َِ َع َب ْعدَ َأ ْن َأ ْض َحى‪َ ,‬وه َي َِال َسةٌ‪َ ,‬ف َق َال‪ِ « :‬ل عزم ِ‬ ‫َ ْ‬
‫ٍ‬
‫ث ِل ُ ت‪ِ ،‬مط َُ عز ِن‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ع‬
‫ن ِبعدِ خ ِأر ِب ِح كِل ِم ت‪ِ ،‬ث ِال ِ‬ ‫ِع ِلي ِه ؟» َقا َل ْت‪َ :‬ن َع ْم‪َ ,‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪ِ « :‬م ِِد ُقل ُ‬
‫ن لن ُم ميط عم ِمطزِ ِِ ُه ‪ :‬سبح ِن هللع َبعحم عد ع‪ ،‬عدِ د ِ ل عِ عه‪ َ ،‬عر ِض ِف عس عه‪ َ ،‬عز ِ ِ ع عشه‪،‬ع‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بع ِم ُقل ُ‬
‫َِ علدِ ِد ك عِل ِم تع عه»‪.‬‬
‫وزن َة عرشه‪ ,‬ومِدا َد‬ ‫(سبحان اهلل وبحمده‪ ,‬عد َد خلقه‪ ,‬ورضا نفسه‪ِ ,‬‬ ‫َ‬ ‫فض ُل‬‫ق ل ب ُ مِيم‪َ :‬ت ُ‬
‫فإن ما يقول بقلب الذاكر حين‬ ‫كلماته) على مجرد الذكر بسبحان اهلل أضعافا مضاعَ َفة؛ ّ‬
‫يقول‪( :‬سبحان اهلل وبحمده عدد خلقه) من معرفته وتنزيهه وتعظيمه من هذا القدر المذكور‬
‫سمى‪ :‬الذكر المضاعف‪,‬‬ ‫أعظم مما يقول بقلب القائل‪ :‬سبحان اهلل فقط‪ .‬وهذا ُي ّ‬ ‫ُ‬ ‫من العدد‪,‬‬
‫أفضل منه‪ ,‬وهذا إنما يظهر يف معرفة هذا الذكر‬ ‫َ‬ ‫أعظم ثناء من الذكر المفرد‪ ,‬فلهذا كان‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬
‫يسير‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫والمحك المم ِّيز بين المردود والمقبول (ص‪ )34‬بتصرف ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫وفهمه‪ .‬نقد المنقول‪,‬‬ ‫ِ‬
‫ثم إنه َش َر َع ‪ ‬يف شرح ذلك شرحا بديعا‪ ,‬فراِ ْعه فيه‪.‬‬
‫رة ُمستق َّل ٍة ُمتَدَ َاو َل ٍة‪ ,‬وهلل الحمدُ ‪.‬‬ ‫بنش ٍ‬‫ف ْ‬ ‫كر المضاعَ ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫أنواع ِّ‬
‫َ‬ ‫أفردت‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪32‬‬

‫بعأس‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫س أن مِطسح ِ ُ ع‬


‫بعي من ع‬
‫* يظ ُّ ُ‬
‫َلِِعهع ممب وع ال ِ‬
‫للم ت معد ي ُ‬ ‫ُّ ِ‬
‫مممنطع لنه إ م مط السِمِ ُع ب مح عم فِط‬
‫ِ‬ ‫به ُلَلِ ‪َ ،‬أن‬
‫هؤصء بمث ِل قولِه تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ﴾‬ ‫ِ‬ ‫و َي ُّ‬
‫ستدل‬
‫اآلية َر ٌّد عليهم‪﴿ :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ويف بق ّي ِة‬
‫[الكهف‪.]46:‬‬
‫السورة ِ‬
‫نفسها َر ٌّد عليهم أيضا‪ ,‬وهو قو ُله‬ ‫ِ‬ ‫ويف الصفحة التي قبلها من‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ‬
‫ﭭﭮﭯﭰ﴾ [الكهف‪.]28:‬‬
‫ون بقوله تعالى‪﴿ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫أو يستد ُّل َ‬
‫ﭰﭱﭲﭳﭴ﴾‪.‬‬
‫اهلل قال بعد ذلك‪﴿ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ‬
‫لك َّن َ‬
‫ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ‬
‫ﮡ ﮢﮣﮤﮥﮦ ﮧﮨ ﮩﮪﮫﮬﮭ ﴾ [الحديد‪.]21 ,20:‬‬
‫توس ِعهم يف الدنيا‪.‬‬
‫َ درِا ُتهم يف اآلخرة بقدْ ر ُّ‬
‫مِحِيق‪ :‬هو ّ ِ‬
‫أن الع َبا َد تن ُق ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قس َم‬ ‫ٍ‬ ‫العالم ُة اب ُن‬ ‫وقد بين ذلك أحسن ٍ‬
‫رِب ‪ ,‬فقد َّ‬ ‫وِاله ّ‬‫ّ‬ ‫بيان‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ٍ‬
‫َلِِصد‪َ ،‬س ٍبق‬ ‫ثالثة أقسا ٍل‪ :‬ظ م ٍم ع‬
‫منفسه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الناس يف موقفهم من الدنيا إلى‬ ‫َ‬
‫بإذن هللع‪.‬‬
‫ت ع‬ ‫ب مخي ع‬
‫ِ‬
‫زههرة الهدنيا‬ ‫وأكثرهم وقف مهع‬ ‫مم منفسه‪ :‬هم األكثرون منهم‪,‬‬
‫ُ‬ ‫ثم قال‪« :‬ف مظ ُ‬ ‫ّ‬
‫وزينتِههها‪ ,‬فأخههذها مههن غيههر وِهههها‪ ,‬واسههتعملها يف غيههر وِهههها‪ ,‬وصههارت الههدنيا‬
‫‪33‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫همه‪ ,‬لها َي ضهب‪ ,‬وهبها َيرضهى‪ ,‬ولهها ُيهوالي‪ ,‬وعليهها ُيعهادي‪ ,‬وههؤصء ههم‬‫أكبه َر ِّ‬
‫أهل اللهو واللعب والزينهة والتفهاخر والتكهاثر‪ ,‬وك ُّلههم لهم يعهرف المقصهو َد مهن‬
‫ُ‬
‫يتزود منها لما بعدَ ها مهن دار اإلقامهة‪ ,‬وإن كهان أحهدُ هم‬ ‫منزل ٍ‬
‫سفر َّ‬ ‫الدنيا‪ ,‬وص أهنا ُ‬
‫فصهال‪ ,‬وص ذاق مها ذاقهه ُ‬
‫أههل المعرفهة‬ ‫ُيؤمن بذلك إيمانا ُمجمال‪ ,‬فههو ص يعرفهه ُم َّ‬
‫خر لهم يف اآلخرة‪.‬‬ ‫نموذج ما ا ُّد َ‬
‫ُ‬ ‫مما هو ُأ‬
‫باهلل يف الدنيا‪ّ ,‬‬
‫َ‬
‫وأمسك‬ ‫المباحة‪ ,‬وأ ّدى واِباتِها‪,‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وِوهها‬ ‫َ ممِِصدُ لنهم‪ :‬أخذ الدنيا من‬
‫ِ‬
‫بشهوات الدنيا‪.‬‬ ‫يتوسع به يف التمتُّع‬ ‫ِ‬
‫لنفسه الزائدَ على الواِب‪َّ ,‬‬
‫عقاب عليهم‬
‫َ‬ ‫الزهادة يف الدنيا‪ ,‬وص‬ ‫وهؤصء قد اخ ُتلف يف دخولهم يف اسم َّ‬
‫تطس ععهم ِ مد ي ‪.‬‬ ‫نِص ل درج تهم ِ ِل ة بِدر ُّ‬ ‫يف ذلك‪ ,‬إال أ ه ِي ُ‬
‫َ من درِاته عند‬ ‫ق ل ب ُ عم ‪« :‬ص ُيصيب عبدٌ من الدنيا شي ا إص َن َق َ‬
‫وروي مرفوعا‬ ‫ٍ ٍ‬
‫ابن أبي الدنيا بإسناد ِيد‪ُ .‬‬ ‫اهلل‪ ,‬وإن كان عليه كريما»‪ ,‬خرِه ُ‬
‫نظر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫من حديث عائشة بإسناد فيه ٌ‬
‫أن رِال دخل على معاوية‪,‬‬ ‫َرَى إلل ُم أومدُ ِ كِ «الزهد» بإسناده‪ّ :‬‬
‫آخر من الصحابة‪ ,‬فِ ل‬ ‫فمر على أبي مسعود األنصاري ورِ ٍل َ‬‫فكساه‪ ,‬فخرج َّ‬
‫أودُ مم مه‪ُ « :‬خذها من حسناتِك»‪َ .‬ق ل ِل ُ ‪ُ « :‬خذها من ط ّيباتك»‪.‬‬
‫أن َتن ُقَ حسنايت لخالط ُت ُكم يف لِين َع ِ‬
‫يش ُكم‪,‬‬ ‫َبإسن د ع عم ق ل‪« :‬لوص ْ‬
‫َ‬
‫اهلل َع َّي َر قوما فقال‪﴿ :‬ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ﴾‬
‫سمعت َ‬
‫ُ‬ ‫ولكني‬
‫[األحقاف‪.]20:‬‬
‫استكثر‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫استقل من الدنيا‪ ,‬وإن ش ت‬ ‫ُ‬
‫مفضيل ب ُ عي ض‪« :‬إن ش ت‬ ‫َق ل‬
‫تأخذ من ِك ِ‬
‫يسك»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫منها‪ ,‬فإنما‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪34‬‬

‫حرل على عباده أشيا َء من ُف ُضول شهوات الدنيا‬


‫اهلل ‪َّ ‬‬
‫أن َ‬ ‫و َيشهدُ لهذا ّ‬
‫وزينتها وهبجتها‪ ,‬حيث لم يكونوا محتاِين إليه‪ ,‬وا ّدخره لهم عنده يف‬
‫وقعت اإلشار ُة إلى هذا بقوله ‪﴿ :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ْ‬ ‫اآلخرة‪ ,‬وقد‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ﴾‪ ...‬إِ َلى‬
‫َق ْول ِ ِه‪﴿ :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾‬
‫[الزخرف‪.]35 - 33 :‬‬
‫وصح عن النبي ﷺ أنه قال‪ِ « :‬لع ِمعبع ِْ م ِح عيع ِ فععي معدُّ ِي ‪ِ ،‬معم ِيل ِبسع ُه فععي‬ ‫َّ‬
‫ِل ع ِ عة»‪.‬‬
‫و« ِل ِش ع ِ مخِ م ِ فعي مدُّ ِي ِمم ِي ِ به فعي ِل ع ِ عة»‪.‬‬
‫ط َِ عمف ُض ع ‪،‬‬ ‫مح عي ِ َِالِ مدي ِب ِج‪َِ ،‬الِ ِت ِ ُبط فعي آ ع ِي ع ُمم ِم ع‬
‫وقال‪« :‬الِ تِل ِب ُسط ِ‬
‫َِالِ تِأ ُك ُلط فعي عص ِح عف ِهم ‪ِ ،‬فإع ُِه ِم ُهم فعي مدُّ ِي ‪ِ َِ ،‬مرم عفي ِل ع ِ عة»‪...‬‬
‫فهموا المرا َد من الدنيا‪,‬‬ ‫َأل مس ُبق ب مخي ت بإذن هلل‪ :‬فهم الذين ِ‬
‫اهلل إنما أسكن عبا َده يف هذه الدار ليبلوهم‬ ‫وعملوا بمقتضى ذلك‪ ,‬فعلِموا ّ‬ ‫ِ‬
‫أن َ‬
‫أيهم أحسن عمال؟ كما قال‪﴿ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ﴾ [هود‪.]7:‬‬
‫وقال‪﴿ :‬ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ﴾ [الملك‪.]2:‬‬
‫وأرغب يف اآلخرة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قل ُ‬
‫بعي مسلف‪ :‬أ ُّي ُهم أزهدُ يف الدنيا‪,‬‬
‫يقف منهم معه‪,‬‬
‫وِعل ما يف الدنيا من البهجة والنُّضرة محنة‪ ,‬لينظر من ُ‬
‫ويرك ُن إليه‪ ,‬ومن ليس كذلك‪ ,‬كما قال تعالى‪﴿ :‬ﭰﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ‬
‫انقطاعه ونفا َده فقال‪﴿ :‬ﭼ‬
‫َ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾ [الكهف‪ ,]7:‬ثم ب َّين‬
‫‪35‬‬ ‫كشف الظنون‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ﴾ [الكهف‪ ,]8:‬فلما ِ‬
‫فه ُموا ّ‬
‫أن هذا هو المقصو ُد من‬
‫واكتفوا من الدنيا‬ ‫ْ‬ ‫دار القرار‪,‬‬ ‫التزو َد منها لآلخرة التي هي ُ‬ ‫همهم ُّ‬ ‫الدنيا‪ِ ,‬علوا َّ‬
‫النبي ﷺ يقول‪ِ « :‬ل معي َِمعلدُّ ِي ‪ ،‬إع ُِم‬ ‫المسافر يف سفره‪ ,‬كما كان ُّ‬ ‫ُ‬ ‫بما يكتفي به‬
‫ط ِق ِل عفي ظعل ِش ِ ِ ٍة‪ُ ،‬ث ُم ِر ِح َِ ِت ِ ك ِِه »‪.‬‬ ‫ِل ِث علي َِ ِل ِث ُل مدُّ ِي ِك ِ كع ٍ‬
‫أحدهم من الدنيا كزاد‬ ‫ووصى ﷺ ِماعة من الصحابة أن يكون بال ُغ ِ‬
‫َّ‬
‫ابن‬
‫ووصى َ‬‫َّ‬ ‫ذر‪ ,‬وعائش ُة‪,‬‬‫بن الجراح‪ ,‬وأبو ٍّ‬ ‫ُ‬
‫سلمان‪ ,‬وأبو عبيد َة ُ‬ ‫الراكب‪ ,‬منهم‬
‫نفسه من أهل القبور‪.‬‬ ‫عابر سبيلٍ‪ْ ,‬‬
‫وأن َي ُعدَّ َ‬ ‫غريب أو ُ‬‫ٌ‬ ‫عمر أن يكون يف الدنيا كأنه‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫َأمل مم مدرج على قسمي ‪:‬‬
‫حال ٍ‬
‫كثير‬ ‫الرمق فقط‪ ,‬وهو ُ‬
‫َ‬ ‫قتصر من الدنيا على َقدْ ر ما ُ‬
‫يسدُّ‬ ‫منهم َمن َي ُ‬
‫الز َّهاد‪.‬‬
‫من ُّ‬
‫ومنهم من َي ْف َس ُح لنفسه أحيانا يف تناول بعض شهواهتا المباحة؛ ل َت ْق َوى‬
‫ط إع ِم ُي عل‬
‫النبي ﷺ أنه قال‪ُ « :‬وب ِ‬ ‫نشط للعمل‪ ,‬كما ُروي عن ّ‬
‫النفس بذلك‪ ,‬و َت َ َ‬ ‫ُ‬
‫ع‬ ‫ع ع‬ ‫ع‬
‫خرِه اإلما ُل أحمدُ‬ ‫مص ِالة»‪ّ ,‬‬ ‫يط‪ُ َِ ،‬جع ِلن ُق ُ ُة ِعيني في ُ‬
‫ُد ِي ك ُُم من ِس ُء َِ مَ ُ‬
‫والنسائي من حديث ٍ‬
‫أنس‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫وخرج اإلما ُل أحمدُ من حديث عائشة قالت‪« :‬ك َ‬
‫ول اهلل ﷺ ُيح ُّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫مِن الدُّ ْنيا النِّساء وال ِّطيب وال َّطعال‪َ ,‬ف َأصاب مِن النِّس ِ‬
‫اء َوال ِّط ِ‬
‫ب‬ ‫يب‪َ ,‬و َل ْم ُيص ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫مِ َن ال َّط َعا ِل» ‪.‬‬

‫بتصرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ِ )1‬امع العلول والحكم (‪)192-188 2‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪36‬‬

‫ج زك ة مم ل‬ ‫س أن شه ِ رلض ِن مط شه ُ إ‬ ‫بعي من ع‬ ‫* يظ ُّ ُ‬
‫ِ‬
‫زكاة المال؛‬ ‫َ‬
‫رمضان وإخراج‬ ‫األمر كذلك؛ إ ْذ ص َعالق َة بي َن ِ‬
‫شهر‬ ‫وليس‬
‫ُ‬
‫حال َحو ُله‬
‫الهم َزكَّى‪ ,‬فمتى َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫ألن زكا َة المال مرتبط ٌة بتما ِل الحول على المال ُ‬
‫ُ‬
‫الشأن يف بق ّية األصناف التي‬ ‫كان‪ .‬وهكذا‬ ‫ٍ‬
‫شهر َ‬ ‫أي‬
‫وِبت فيه الزكا ُة‪ ,‬يف ِّ‬
‫ْ‬
‫شرتط فيها َح َو ُ‬
‫صن الحول‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُي‬
‫الفرق بين ِ‬ ‫ولعل األمر التبس على بعض الناس‪ ,‬بسبب عدل ِ‬ ‫َّ‬
‫زكاة‬ ‫َ َ‬ ‫فهمهم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫انقضاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫رمضان‪.‬‬ ‫شهر‬ ‫المال وزكاة البدن التي هي زكا ُة الف ْط ِر‪ ,‬والتي ُ‬
‫تجب عند‬

‫‪‬‬
‫‪37‬‬ ‫كشف الظنون‬
‫كل ل سر ممدين ِ ممنعطر ِة فِعد ِض ع‬ ‫بعي من ع‬
‫عم ِ شعف ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫س أن ُ ِ‬ ‫* يظ ُّ ُ‬
‫ت‬ ‫منبي ﷺ‪ ،‬وِى َمط ِفع ِل فيه ل ِفع ِل ل ُّمم ُط ع َ مسيئ ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ّبما استد ُّلوا بما ِاء يف صحيح البخاري وهو قوله ﷺ‪« :‬إع ُِه ِاي ِب ُ‬
‫ث م عف ُض ع »‪.‬‬
‫تِن عفي ُّمم ُط ِ ك ِِم تِن عفي منُ ُر ِ ِب ِ‬
‫األمر كما ظنُّوا‪ ,‬فإن هذا الحديث ورد يف المنافقين الذين لم‬
‫ُ‬ ‫وليس‬
‫يشاركوا مع المسلمين يف معركة أحد كما ِاء يف سبب وروده‪ ,‬وعلى هذا‬
‫فإن المراد بقوله ﷺ‪« :‬تِن عفي ُّمم ُط ِ » أي َ‬
‫أهل الذنوب‪ ,‬كما ن ّبه على ذلك‬
‫الحاف ُ اب ُن حجر ‪.‬‬
‫األدب فيها‪ ,‬وذلك‬ ‫أن ِ‬
‫يلتز َل‬ ‫ِ‬
‫المدينة ْ‬ ‫بسكنى‬
‫َ‬ ‫اهلل ُ‬
‫ليجب على َم ْن أكرمه ُ‬
‫ُ‬ ‫وإنه‬
‫نوب والسي ِ‬
‫ات‪,‬‬ ‫الذ ِ‬‫والواِبات‪ ,‬وال ُب ْع ِد عن مقارفة ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفرائض‬ ‫ِ‬
‫بأداء‬ ‫بالقيا ِل‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫الحقوق إلى أصحاهبا‪,‬‬ ‫يجب عليه أدا ُء‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي َحدَ ث فيها‪ ,‬كما ُ‬
‫والحذر من إحداث ّ‬
‫بسكنى‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وعدل ِ‬
‫إيذاء أهلِها وساكنيها‪ّ ,‬‬
‫فإن هذا من لوازل ُش ِ‬
‫كر نعمة اهلل على العبد ُ‬ ‫ُ‬
‫مدينة المصطفى ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫مههن حههديث أبههي سههعيد ا ْل ُخههدْ ِر ّ‬
‫ي‪‬‬ ‫هلم يف صههحيحه‬
‫وقههد روى مسه ٌ‬

‫(‪ )96 5( )1‬رقم (‪.)4050‬‬


‫(‪ )2‬ظ فتح الباري (‪.)97 4‬‬
‫ثم إن هذا اللف ليس بمحفوظ؛ فإن أكثر رواة هذا الحديث وغيره مما هو يف معناه قد‬
‫رووه بلف ‪« :‬تنفي مخبث» أو «تنفي بثه »‪ َ .‬ظ األحاديث الواردة يف فضائل المدينة‬
‫للرفاعي ط ‪( 6‬ص‪.)85‬‬
‫(‪ )117 4( )3‬رقم (‪.)3315‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪38‬‬
‫ع‬ ‫ٍ‬
‫قول النبي ﷺ‪ -‬يف حديث طوي ٍل‪ « :-‬م ُل ُه ُم إع ُن إعبع ِ م ِ‬
‫يم ِوع ُ ِم ِلرُع ِ ِف ِ ِع ِل ِهع ِو ِ لع ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ن م ِم عدينِ ِ ِو ِ ل ِل ِبي ِ ِلأ عز ِلي ِه ‪ِ ،‬أن الِ ُيهع ِ ِب فع ِيهع ِدم‪َِ ،‬الِ ُيح ِم ِعل فع ِيهع‬ ‫َِإع ي ِو ُ ل ُ‬
‫ف‪ »...‬الحديث‪.‬‬ ‫عسالِح مع عِ ِِ ٍل‪َ ،‬الِ تُخب ِط فعيه ِش ة إعالُ مععل ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫النبي ﷺ‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وأخرج الشيخان من حديث علي بن أبي طالب ‪ ‬عن ّ‬
‫ث فع ِيه‬ ‫حديث طوي ٍل‪ -‬قال‪ « :‬م ِم عدينِ ُ ِو ِ م ِل ِبي ِ ِعي ٍ إع ِمى ك ِِم ِف ِم ِأودِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫ِودِ ث ِأَ ِآَى فع ِيه ُلح عدث ِف ِع ِلي عه ِمع ِن ُ هلل ع َِ م ِم ِالئع ِر ع َِ م ُن ع‬
‫س ِأج ِم ععي ِ ِال ُيِ ِب ُل علن ُه‬
‫ِص ف َِ ِال ِعدل‪ »...‬الحديث‪.‬‬
‫وعن زيد بن أسلم‪ ,‬عن ِهابر بهن عبهد اهلل‪ ,‬أن أميهرا مهن أمهراء الفتنهة قهدل‬
‫يت عنه‪ ,‬فخرج يمشي‬ ‫تنح َ‬ ‫لجابر‪ :‬لو ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِابر‪ ,‬فقيل‬ ‫بصر ٍ‬ ‫المدينة‪ ,‬وكان قد ذهب ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رسههول اهلل ﷺ! فقههال ابنههاه‪-‬‬ ‫أخههاف‬
‫َ‬ ‫ههس مههن‬ ‫ههب ‪ .‬فقههال‪َ :‬تع َ‬ ‫بههين ابن ْيههه فنُك َ‬
‫سهمعت‬
‫ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‪ ,‬وقد مات؟! قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أخاف‬
‫َ‬ ‫أبت‪ ,‬وكيف‬ ‫أو أحدُ هما‪ :-‬يا ِ‬

‫ف ِل ِبي ِ ِجن ِب ُي» ‪.‬‬ ‫ف ِأم ِل م ِم عدي ِن ع ‪ِ ،‬ف ِِد ِأ ِ ِ‬ ‫رسول اهلل ﷺ يقول‪ِ « :‬ل ِأ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫أن السائب بن خالد أخا بني الحارث بن الخزرج‬ ‫وعن عطاء بن يسار‪ّ ,‬‬
‫ف ِأم ِل م ِم عدي ِن ع ِظ معم ِأ ِ ِف ُه هللُ َِ ِك ِن ِع ِلي عه‬ ‫أخربه‪ ,‬أن النبي ﷺ قال‪ِ « :‬ل ِأ ِ ِ‬
‫س ِأج ِم ععي ِ ‪ِ ،‬ال ُيِ ِب ُل علن ُه ِعدل َِ ِال ِص ف» ‪.‬‬ ‫ِمعنِ ُ هلل ع َِ م ِم ِالئع ِر ع َِ منُ ع‬

‫(‪ )1‬أخرِه البخاري يف صحيحه (‪ )1157 3‬رقم (‪ ,)3001‬ومسلم يف صحيحه (‪)994 2‬‬
‫رقم ‪.)1370( - 467‬‬
‫(‪ )2‬أي‪ :‬نا َلتْه ِحجار ُة األرض وأصا َبتْه يف قدم ْيه‪ .‬ظ النهاية يف غريب الحديث واألثر صبن‬
‫األثير (‪.)113 5‬‬
‫(‪ )3‬مسند أحمد‪ -‬ط الرسالة‪ )121 23( -‬رقم (‪ ,)14818‬ق ل لحِِط ممسند‪ :‬حديث صحيح‪.‬‬
‫(‪ )4‬مسند أحمد‪ -‬ط الرسالة‪ )98 27( -‬رقم (‪ ,)16565‬ق ل لحِِط ممسند‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫‪39‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫العظيم‪ ,‬لوص ما َ‬
‫حال‬ ‫َ‬ ‫الشرف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫مسلم يف أصقاع المعمورة يتمنّى هذا‬ ‫وكم‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫وأحوال‬ ‫بينه وبين ذلك من ُظ ٍ‬
‫روف‬
‫‪.‬‬
‫َ‬

‫تلهك الهنِّ َع ِم‪ ,‬وحاثها لههم علهى عهدل‬ ‫ِ‬


‫بهبعض َ‬ ‫أهل المدي ِ‬
‫نهة‬ ‫الهواري ُمذكِّرا َ‬
‫ابن ِابر ّ‬
‫(‪ )1‬ولذا قال ُ‬
‫الخروجِ منها‪:‬‬

‫مسععب ِِ‬
‫ي ع مععطرى ُوععهت ُُم ُ‬ ‫لع‬ ‫فب ع مِ‬ ‫ِ‬
‫أمععععل ايبععععع قععععد ُوِععععع‬ ‫ِمنعععع مُ ك ُُم يععععع‬

‫سععععط م ‪َ ،‬إن ضعععع ِب مهلعععع ُن َإن ِشعععع ُِ‬ ‫لعععععنرم إمعععععى‬


‫ُ‬ ‫فعععععال يِحععععع خ سععععع ك‬

‫مخل ِِعع‬ ‫َصععلِم‪ ،‬فلععم ِيِععدر َمععط ِل ِل ِ‬


‫ععك ِ‬ ‫عععطل ممثععععل لعععع‬ ‫فرععععم ل عل ٍ‬
‫ععععك ر ِم مطصع ِ‬ ‫ِ‬

‫عععععِم ِ بحععععع ععمِعععععه غِ ِقعععععى‬


‫ُ‬ ‫فهععععع أ‬ ‫ف ُب ععععععع ك ُُم علعععععععُِم ععن يععععععع ِ ربرُعععععععم‬

‫َشععععر ُ هلل ب م ُّ ععععر ُيسععععِب ِِى‬


‫ف ُ ععععر ‪ُ ،‬‬ ‫فرععععععععم عمعععععععع ٍ هلل فيهعععععععع ِعلععععععععير ُُم‬

‫حمععععطن علعععع ُدَ هعععع م َُّ ِقعععع‬


‫لالئرعععع ِي ُ‬ ‫عألنعععععُِم لععععع معععععدج ل فيهععععع فحط ِمهععععع‬

‫فطجعععع ُه مليعععع مي ال ِيععععه ُل برععععم ِال ِِعععع‬ ‫كععععم خ لعععع مَعععع عطن أ ععععِم بمععععأ ِل ٍ‬

‫أتَلعععط لععع ِيفنعععى َتِععع ُخ لععع ِيب ِِعععى؟‬


‫ُ‬ ‫فيععععع ر وعععععال عنهعععععع معععععد ي ُي يععععععدُ م‬

‫إمععععى غيعععع ؟ تِسععععفي ُه عل عثلععععك قععععد ُوِعععع‬ ‫أتخععععع ج عععععع عوععععع عز منبعععععي َوعععععط عز ع‬
‫ِ‬

‫َمععط عسعع ِت وِععى كعععد ِت تخِعع ُب ألُف ِِعع‬ ‫ععععيْ به ئع ٍ‬


‫ععععل‬ ‫معععععط مععععع ُ‬
‫زب لِسعععععطم فلع ِ‬

‫ععل قعععد ضععع ب بعععي معععطرى عرز ِقععع‬


‫َل تحع ٍ‬ ‫َسعععععح هللُ عرز ِقعععععه‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫فرعععععم ق ععععععد قعععععد ُ‬

‫بَيبععععع ِ فععععع ع ف أن لنه ِمعععععك ألر ِقعععععى‬ ‫ععععن ع‬


‫َلنبععععع ٍ‬ ‫ععععن فيمععععع بعععععي بيع ٍ‬
‫إذ ُقمع ِ‬
‫ِ‬

‫َلععع ِجععع ِر ِ ِت و مععععه فهعععط ألشععع ِِى‬


‫ِ‬
‫مِععععد أسعععععدِ معععع وم جعععع ر لحم ٍ‬
‫ععععد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫=‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪40‬‬

‫حجة عليه ص َله‪ْ ,‬‬


‫وأن‬ ‫َ‬
‫يكون ُسكنى المدينة ّ‬ ‫و ُيخشى على َمن هذا حا ُله ْ‬
‫أن‬
‫تنفيه المدين ُة كما تنفي َخ َب َثها! فعن ِابر بن عبد اهلل ‪ :‬أن أعرابيا بايع‬
‫رسول اهلل ﷺ على اإلسالل‪ ,‬فأصابه َو ْع ٌك‪ ,‬فقال‪ :‬أقِ ْلني َب ْيعتي‪ ,‬فأبى‪ ,‬ثم ِاءه‬ ‫َ‬
‫مم عدينِ ُ ِك مرعي ع‪ ،‬تِن عفي‬
‫فقال‪ :‬أق ْلني َب ْيعتي‪ ,‬فأبى‪ ,‬فخرج‪ ,‬فقال رسول اهلل ﷺ‪ِ « :‬‬
‫ِ‬

‫ِ ِب ِث ِه ‪ِ َِ ،‬ين ِص ُح اعي ُب ِه » متفق عليه ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫التصرف‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء من‬ ‫نفح الطيب للم ّقري (‪ )305 7‬مع‬
‫ُّ‬
‫(‪ )1‬أخرِه البخاري يف صحيحه (‪ )79 9‬رقم (‪ .)7209‬ومسلم يف صحيحه (‪)1006 2‬‬
‫رقم (‪.)1383‬‬
‫‪41‬‬ ‫كشف الظنون‬
‫ٍ‬
‫شعيء ِلع ٍ‬ ‫مح عل ِ‬ ‫بعي من ع‬ ‫* يظ ُّ ُ‬
‫ض‪ ،‬ك ذبع ‪ ،‬ع ممع ‪ُ ،‬ترِفع ُ‬ ‫ف علعى‬ ‫س أن ِ‬
‫ك ُف ر ُة ميمي‬
‫حق‬
‫ألخذ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يحتال هبا عند القاضي؛‬ ‫بعض ال َف َج َر ِة حيلة‬
‫ّخذه ُ‬ ‫األمر يت ُ‬ ‫وهذا‬
‫ُ‬
‫ف‪ ,‬ثم ُأك ِّف ُر بعدَ ذلك‬ ‫فيقول يف نفسه‪َ :‬أحلِ ُ‬
‫ُ‬ ‫الناس بالباطلِ‪,‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أموال‬ ‫ال َ ير‪ ,‬وأك ِل‬
‫األمر!!‬ ‫يمين‪ ,‬وانتهى‬‫ارة ٍ‬‫بك َّف ِ‬
‫ُ‬
‫ألن الكفار َة إنما‬ ‫فإن هذه ال َك ّفار َة ص تنف ُعه؛ ّ‬‫األمر كما ُخ ِّي َل له؛ ّ‬‫ُ‬ ‫وليس‬
‫َ‬
‫لشيء يف المستقبل‪ ,‬ص يف الماضي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تكون‬
‫مس صاح َبها يف اإلثم‪ ,‬ثم‬
‫موس؛ ألهنا ت ُ‬
‫َ‬ ‫وهذه اليمي ُن ُت ّ‬
‫سمى اليمي َن ال‬
‫أن ُتك َّف َر‪ ,‬وهي من الكبائر ‪.‬‬
‫أعظم من ْ‬
‫ُ‬ ‫يف النار‪ ,‬وص ك ّفارة فيها؛ ألهنا‬
‫ويف صحيح البخاري عن عبد اهلل بن عمرو ‪ ,‬عن النبي ﷺ قال‪:‬‬
‫طس»‪.‬‬ ‫ع‬ ‫مط معدِ ي ع ‪ِ َِ ،‬قِ ُل منُف ع‬
‫ْ‪ َِ ،‬م ِيمي ُ مغ ُِم ُ‬ ‫طب ِ‬ ‫إلش ِ ُخ بع هللع‪ُ َِ ،‬ع ُِ ُ‬
‫« م ِر ِب ئع ُ ‪ :‬ع‬
‫الكبائر؟‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل‪ ,‬ما‬ ‫أعرابي إلى النبي ﷺ‪ ,‬فقال‪ :‬يا‬ ‫وعنه أيضا قال‪ِ :‬اء‬
‫ٌّ‬
‫إلش ِ ُخ بع هللع»‪.‬‬‫قال‪ « :‬ع‬
‫قال‪ُ :‬ث َّم ماذا؟‬
‫مط معدِ ي ع »‪.‬‬ ‫قال‪ُ « :‬ث ُم ُع ُِ ُ‬
‫طب ِ‬
‫قال‪ُ :‬ث َّم ماذا؟‬

‫(‪ )1‬ظ ‪ :‬كتاب الكبائر المنسوب للذهبي (ص‪ , )228‬وإرشاد الحائر إلى علم الكبائر صبن‬
‫عبد الهادي (ص‪ ,)36‬والزواِر عن اقرتاف الكبائر للهيتمي (‪ ,)299 2‬والكبائر لمحمد‬
‫بن عبد الوهاب (ص‪.)129‬‬
‫(‪ )137 8( )2‬رقم (‪.)6675‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪42‬‬

‫طس»‪.‬‬ ‫ع‬
‫قال‪ « :‬م ِيمي ُ مغ ُِم ُ‬
‫وس؟‬‫ُق ْل ُت‪ :‬وما اليمي ُن ال َ ُم ُ‬
‫قال‪ُ « :‬م عمي ِيَِِِع ُح ِل ِل ل ع ٍئ ُلس علمٍ‪ُ ،‬م ِط فع ِيه ِك عذ » أخرِه البخاري ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه (‪ )14 9‬رقم (‪.)6920‬‬


‫‪43‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫س أن ِل ِد ِ ل ِ مدي ‪ ،‬فإ عه ال يخع ج لنعه أبعد ‪ِ ،‬لهمع‬ ‫بعي من ع‬ ‫* يظ ُّ ُ‬


‫ِف ِع ِل ل ِف ِع ِل‬
‫ٍ‬ ‫وهههذا ظ هن ٍ‬
‫هواقض كثيههرة‪ُ ,‬تخه ُ‬
‫هرج المههر َء مههن‬ ‫هتقض بنه َ‬
‫ألن اإلسههال َل ينه ُ‬ ‫واه؛ ّ‬ ‫ٌّ‬
‫اإلسال ِل بال ُك ّل ّية‪.‬‬
‫سخط اهللِ‪ ,‬ص ُيلقي لها باص! حتى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بكلمة يقو ُلها من‬ ‫المسلم قد يك ُف ُر‬
‫َ‬ ‫ْبل ّ‬
‫إن‬
‫سماه « ِل ِير ُف‬
‫ف كتابا ّ‬ ‫العالم َة قاسم بن ُق ْط ُلو ُب َ ا الحنفي (ت ‪ 879‬هه) أ ّل َ‬ ‫إن ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل السالم َة والمعافاةَ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫نسأل َ‬ ‫َمم ِي ُع »!‬
‫ق ل معالل ُ ب ُ ب ٍز ‪َ « :‬ذك ََر العلما ُء ‪ ‬يف باب ُحكم المرتدّ ‪ّ ,‬‬
‫أن‬
‫كثيرة من النواقض التي ُت ِ‬
‫ح ُّل د َمه وما َله‪,‬‬ ‫ٍ‬ ‫المسلم قد يرتدُّ عن دينه بأنوا ٍع‬
‫َ‬
‫نواقض‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وأكثرها وقوعا عشر ُة‬ ‫ِ‬
‫أخطرها‬ ‫ويكون هبا خارِا من اإلسالل‪ ,‬ومِن‬ ‫ُ‬
‫وغيره من أهل العلم‪-‬رحمهم اهلل‬ ‫ذكرها الشي ُ اإلما ُل محمدُ ُ‬
‫بن عبد الوهاب ُ‬
‫ِميعا‪. »-‬‬
‫ُث ّم ذكرها ‪ ‬وع ّل َق عليها ‪.‬‬

‫(‪ )1‬ذكره صاحب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (‪.)1887 2‬‬
‫(‪ )2‬مجلة البحوث اإلسالمية بالرياض‪ ,‬العدد السابع الصادر يف األشهر رِب وشعبان ورمضان‬
‫وشوال عال ‪1403‬هه‪.‬‬
‫(‪َ )3‬مي بإي ٍز‪:‬‬
‫ُ‬
‫الشرك يف عبادة اهلل تعالى‪.‬‬ ‫ألَل‪:‬‬
‫وسائط‪ ,‬يدعُ وهم‪ ,‬ويسهأ ُلهم الشهفاعةَ‪ ,‬ويتوك َُّهل علهيهم‪ ,‬فقهد‬
‫َ‬ ‫مث ي‪َ :‬من َ‬
‫ِعل بينه وبين اهلل‬
‫َك َف َر إِماعا‪.‬‬
‫صح َح مذه َبهم‪َ ,‬ك َف َر‪.‬‬
‫شك يف كفرهم‪ ,‬أو َّ‬ ‫مث مث‪ :‬من لم يك ّفر المشركين‪ ,‬أو َّ‬
‫=‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪44‬‬

‫الح فِط‬‫س أن م ه ِد لحصطر ِ جه د مرف ر ب مس ع‬ ‫بعي من ع‬‫* يظ ُّ ُ‬


‫ِ‬
‫بالسالح إنما هو‬‫فإن ِها َد الك ّفار ِّ‬
‫الجهاد يف اإلساللِ‪ّ ,‬‬ ‫تضييق لمفهول‬
‫ٌ‬ ‫وهذا‬
‫فمراتب الجهاد وأنو ُعه كثيرةٌ‪.‬‬ ‫فحسب‪ّ ,‬‬
‫وإص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مرتب ٌة واحد ٌة من‬
‫ُ‬ ‫مراتب الجهاد ْ‬
‫َقد ذك إلل ُم ب ُ مِيم ‪ ‬منها ثالث ِ ع ِ ل تب ‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫أربح ل تط‪ِ :‬هاد النفس‪ ,‬وِهاد الشيطان‪ ,‬وِهاد الكفار‪ ,‬وِهاد‬
‫« م ه ُد ُ‬
‫المنافقين‪.‬‬
‫ف ه د منفْ أربع مراتب أيضا‪:‬‬
‫إود م ‪ :‬أن يجاهدها على تع ُّلم الهدى ودين الحق‪ ,‬الذي ص فالح لها وص‬
‫شقيت يف الدارين‪.‬‬
‫ْ‬ ‫علمه‬
‫سعادة يف معاشها ومعادها إص به‪ ,‬ومتى فاهتا ُ‬
‫مث ي ‪ :‬أن يجاهدها على العمل به بعد علمه‪ ,‬وإص فمجرد العلم بال عمل‬
‫يضرها لم ينف ْعها‪.‬‬
‫إن لم ّ‬

‫أحسن من‬ ‫أكمل من هديه‪ ,‬أو أن ُحكم ِ‬


‫غيره‬ ‫ُ‬ ‫النبي ﷺ‬ ‫َ ِ‬
‫ُ‬ ‫هدي غير ِّ‬ ‫م بح‪ :‬من اعتقد أن‬
‫كافر‪.‬‬
‫حكم الطواغيت على حكمه‪ ,‬فهو ٌ‬ ‫َ‬ ‫يفضلون‬
‫حكمه‪ ,‬كالذين ِّ‬
‫الرسول ﷺ‪ ,‬ولو عمل به فقد َك َف َر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مما ِاء به‬‫مخ لْ‪َ :‬من أب ض شي ا ّ‬
‫بشيء من دين الرسول ﷺ‪ ,‬أو ثوابه‪ ,‬أو عقابه‪َ ,‬ك َف َر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مس دس‪ :‬من استهزأ‬
‫فمن فعله‪ ,‬أو رضي به‪َ ,‬ك َف َر‪.‬‬ ‫ف‪َ -‬‬ ‫ف وال َع ْط ُ‬ ‫الص ْر ُ‬
‫السحر‪ -‬ومنه َّ‬ ‫ُ‬ ‫مس بح‪:‬‬
‫مث ل ‪ُ :‬مظاهر ُة المشركين‪ ,‬ومعاون ُتهم على المسلمين‪.‬‬
‫كافر‪.‬‬
‫الخروج عن شريعة محمد ﷺ فهو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫بعض الناس يس ُعه‬ ‫مِ سح‪ :‬من اعتقد أن َ‬
‫اإلعراض عن دين اهلل‪ ,‬ص يتع َّل ُمه وص َي ُ‬
‫عمل به‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مع ش ‪:‬‬
‫فرق يف ِميع هذه النواقض بين الهازل والجا ّد‬ ‫ق ل م ي ُ لحمدُ ب ُ عبد مطم ‪« :‬وص َ‬
‫وأكثر ما يكون وقوعا‪ .‬فينب ي‬ ‫ِ‬ ‫أعظم ما يكون خطرا‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫الهم ْك َره‪ ,‬وك ُّلها من‬
‫والخائف‪ّ ,‬إص ُ‬
‫ويخاف منها على نفسه»‪ .‬المرِع نفسه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يحذرها‪,‬‬
‫َ‬ ‫للمسلم أن‬
‫‪45‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫مث مث ‪ :‬أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من ص يعلمه‪ ,‬وإص كان من‬
‫علمه‪ ,‬وص ُينجيه من‬
‫الذين يكتمون ما أنزل اهلل من الهدى والبينات‪ ,‬وص ينفعه ُ‬
‫عذاب اهلل‪.‬‬
‫ّ‬
‫مشاق الدعوة إلى اهلل وأذى الخلق‪,‬‬ ‫م بع ‪ :‬أن يجاهدها على الصرب على‬
‫ويتحمل ذلك ك َّله هلل‪.‬‬
‫ّ‬
‫األربع صار من الربان ّيين؛ فإن السلف مجمعون‬
‫َ‬ ‫المراتب‬
‫َ‬ ‫فإذا استكمل هذه‬
‫الحق‪ ,‬ويعمل به‪,‬‬
‫َّ‬ ‫على أن العالم ص يستحق أن يسمى ر ّبانيا‪ ,‬حتى يعرف‬
‫ويع ِّلمه‪ ,‬فمن َعلِم و َع ِمل و َع َّلم فذاك يدعى عظيما يف ملكوت السماوات ‪.‬‬
‫َأل جه د م يَ ن فمرتبتان‪:‬‬
‫إود مم ‪ِ :‬ها ُده علهى دفهع مها يلقهي إلهى العبهد مهن الشهبهات والشهكوك‬
‫القادحة يف اإليمان‪.‬‬
‫مث ي ‪ِ :‬ها ُده على دفع ما ُيلقي إليه من اإلرادات الفاسدة والشهوات‪.‬‬
‫فالجهاد األول يكون بعده اليقين‪ ,‬والثاين يكون بعده الصرب‪.‬‬
‫َأل جه د مرف ر َ ممن فِي فأربع مراتب‪ :‬بالقلب‪ ,‬واللسان‪ ,‬والمال‪,‬‬
‫والنفس‪.‬‬
‫أخَ باللسان‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫أخَ باليد‪ ,‬وِها ُد المنافقين‬
‫ُّ‬ ‫وِها ُد الك ّفار‬

‫(‪ )1‬ق ل ب مِيم‪« :‬لما كان ِها ُد أعداء اهلل يف الخارج فرعا على ِهاد العبد نفسه يف ذات اهلل‪,‬‬
‫ع‬ ‫ع‬
‫ممه عج ُ ِل ِم ِ ِ ل ِِهى ُ‬
‫هلل‬ ‫كما قال النبي ﷺ‪ « :‬مم مدُ ِل ِج ِمدِ ِف ِس ُه ِ ِا ِع هلل‪ُ َ ،‬‬
‫العدو يف الخارج‪ ,‬وأصال له»‪ .‬زاد المعاد (‪.)5 3‬‬
‫ِّ‬ ‫عنه»‪ ,‬كان ِها ُد النفس مقدَّ ما على ِهاد‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪46‬‬

‫مظلم َ مبدع َ ممنر ت فثالث مراتب‪:‬‬ ‫َأل جه ُد أرب‬


‫ألَمى‪ :‬باليد إذا قدر‪ ,‬فإن عجز انتقل إلى اللسان‪ ,‬فإن عجز ِاهد بقلبه‪.‬‬
‫نفسه‬ ‫فهذه ثالث َة َ‬
‫عشر مرتبة من الجهاد‪ ,‬و َمن مات ولم َي ُز‪ ,‬ولم يحدِّ ث َ‬
‫ملخصا ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شعبة من النفاق»‪ .‬انتهى َّ‬ ‫بال زو‪ ,‬مات على‬
‫َل أ ط ع م ه د أيض ‪ِ :‬ها ُد الزوِة واألوصد على اصستقامة على ِ‬
‫دين‬
‫والمحافظة على الصالة‪﴿ ,‬ﮰﮱﯓﯔﯕ﴾ [طه‪.]132:‬‬ ‫ِ‬ ‫اهللِ‪,‬‬
‫آداب‬ ‫ِ‬
‫ومراعههاة ِ‬ ‫ههال ِن علههى اصلتههزا ِل بشههر ِع اهللِ‪,‬‬ ‫ِ‬
‫والخ ّ‬ ‫ِ‬
‫األصههحاب‬ ‫وِههها ُد‬
‫الصحبة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المجال ِ ِ‬
‫س‪ ,‬وعد ِل‬ ‫ِ‬
‫الناس فيها‪.‬‬ ‫اغتياب‬ ‫الجلساء على اصلتزا ِل بآداب َ‬
‫وِها ُد ُ‬
‫وِها ُد المع ّل ِم ُط ّال َبه على تع ُّل ِم العلم‪ ,‬واصلتزا ِل بآدابه‪.‬‬
‫الجار ِيرانَه على اصلتزا ِل بإكرا ِل ِيراهنم‪ ,‬وال َك ِّ‬
‫هف عهن إيهذائهم‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫وِها ُد‬
‫ِ‬
‫الصالة ِماعة يف المسجد‪.‬‬ ‫والمحافظة على ِ‬
‫أداء‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الجهاد ومراتبِه‪.‬‬ ‫إلى ِ‬
‫غير ذلك من أنوا ِع‬

‫‪‬‬

‫بتصرف‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪)11-9 3‬‬
‫‪47‬‬ ‫كشف الظنون‬
‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫بعي من ع‬
‫بعبالء‬ ‫معمبِِع ِلى ٌّص ِ‬
‫بمع رأى لبِلعى‬ ‫س أن دع ِء ُرمي ُ‬ ‫* يظ ُّ ُ‬
‫ِ جسد فحسط‬
‫يكون يف‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الجسد‪ ,‬وقد‬ ‫ُ‬
‫يكون يف‬ ‫فإن اصبتال َء قد‬ ‫األمر كذلك؛ ّ‬ ‫وليس‬
‫ُ‬
‫ين‪ ,‬وهو أشدُّ ‪.‬‬ ‫الدِّ ِ‬
‫محمدُ مع ُل عه ُم عمي ِع ِف عي عل ُم ب ِِال ِِخ بع عه‪،‬‬
‫فقو ُله ﷺ‪ِ « :‬ل ِر ِأى ُلبِِلى‪ِ ،‬ف ِِ ِل‪ِ :‬‬
‫يشمل األمرين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ك م ِبالِ ُء» ‪.‬‬‫َِ ِف ُض ِلنعي ِع ِلى كِثعي ٍ عل ُم ِ ِل ِق تِف عضيال‪ِ ،‬مم ُي عصب ُه ِذمع ِ‬
‫ول م ْف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ص‪ ,‬وقِص ٍر ِ‬
‫فاح ٍ‬ ‫أي مبتلى يف ٍ‬
‫أمر بدينٍّ؛ ك َب َر ٍ‬
‫رط‪,‬‬ ‫ش‪ ,‬أو ُط ُ‬ ‫َ‬ ‫ق ل معلم ُء‪ْ :‬‬
‫لم‪ ,‬وبدْ ٍ‬
‫عة‪,‬‬ ‫بنحو فِ ٍ‬
‫سق‪ ,‬و ُظ ٍ‬ ‫ونحوها‪ .‬أو ِدينِي ِ‬
‫ِ‬ ‫وِاجِ َي ٍد‪,‬‬ ‫أو عمى‪ ,‬أو َع َر ٍج‪ ,‬أو ْ‬
‫ٍّ‬ ‫اع َ‬
‫وغيرها ‪.‬‬ ‫فر‪ِ ,‬‬ ‫و ُك ٍ‬
‫ُ‬
‫ويقول ذلك يف‬ ‫يتعو ُذ من بالئِه‪,‬‬ ‫ِ‬
‫الجسدي فإنه َّ‬
‫ِّ‬ ‫البالء‬ ‫صاحب‬
‫َ‬ ‫فإذا رأى‬
‫صاحب البالء؛ ل ّال ُي ْح ِر َِه ويتأ َّل َم قلب ُه بذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫سمع‬
‫نفسه‪ ,‬وص ُي ُ‬
‫انزِاره‪ ,‬ولم‬ ‫سم ُعه إذا أراد َز ِْ َره وكان يرِو‬ ‫ِ‬
‫البالء الدِّ يني في ِ‬ ‫صاحب‬ ‫وأ ّما‬
‫َ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫أرباب الدنيا دعا هذا الدعا َء ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لي إذا رأى أحدا من‬ ‫ف َمفسدة‪ .‬وكان ِّ‬ ‫َي َخ ْ‬
‫الش ْب ُّ‬

‫وغيره‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرِه الرتمذي يف سننه (‪ )371 5‬رقم (‪ُ )3432‬‬
‫َق ل ألمب ي‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للقاري (‪ ,)1686 4‬وتحفة األحوذي للمباركفوري‬
‫(‪ ,)275 9‬ومرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للرحماين (‪.)181 8‬‬
‫(‪ )3‬ظ األذكار للنووي (ص‪ , )489‬والمصادر السابقة‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪48‬‬

‫َل مصعن عي ِ ‪ -‬كعدُ َل أَربع َأل يرع َرَسعي‬ ‫س أن مدُّ ِ‬‫بعي من ع‬


‫* ِيظ ُّ ُ‬
‫دة هلل ع‬
‫مخدلِن ؛ منِف ِغ معب ع‬
‫بالد مرُف ع‪ -‬لسخُ ة ع‬ ‫ع‬ ‫َ مي ب ن َغي عم ل‬
‫ُ‬ ‫ُ ِ‬
‫رب‬ ‫ُ‬
‫األكل ُّ‬
‫والش ُ‬ ‫نون المتواكلين الب َّطالين‪ ,‬الذين ص َه َّم لهم إص‬
‫وهذه ُظ ُ‬
‫منافسة األُمم على ِ‬
‫ِ‬
‫الق َمم‪ ,‬وص رغب َة ُّ‬
‫تؤزهم‬ ‫َ‬ ‫موح لديهم يف‬ ‫والنو ُل! والذين ص ُط َ‬
‫القوة‪ ,‬كما أمرهم بذلك ر ُّب ُهم يف قوله ‪﴿ :‬ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأسباب ّ‬ ‫لألخذ‬
‫ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ﴾ [األنفال‪.]60:‬‬
‫عطونهك مها َيصهنعون مهن أِهل مال ِ َ‬
‫هك‪ ,‬ولهيس‬ ‫َ‬ ‫إن ههؤصء الك ّفهار إنمها ُي‬
‫ثم ّ‬
‫ّ‬
‫خدمة لك!‬
‫فلههوص نقههو ُد َك لمهها صههدَّ روا لههك شههي ا! بههدليل ّ‬
‫أن كثيههرا مههن دول العههالم‬
‫تحص ُل منهم ص علهى قليه ٍل‬ ‫تدفع َ‬
‫المال‪ ,‬ص ُ‬ ‫تستطيع أن َ‬
‫ُ‬ ‫اإلسالمي الفقيرة التي ص‬
‫وص على ٍ‬
‫كثير!‬
‫ثم إهنم يأخذون الموا َّد الخا َل من بالد المسلمين بأبخس األثمان‪ ,‬وربما‬
‫ّ‬
‫واهلل المستعان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بأهبض األثمان‪ُ ,‬‬ ‫بالقوة! و ُيعيدوهنا لنا ُمصنَّعة‬
‫ّ‬
‫اهلل ‪:‬‬
‫تضييق لمفهول العبادة يف اإلسالل‪ ,‬وقد قال ُ‬
‫ٌ‬ ‫كما ّ‬
‫أن هذا الظ َّن فيه‬
‫﴿ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾ [األنعال‪ .]162:‬وقد سبق‬
‫الظن‪ ,‬فال ُنعيدُ ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫كشف هذا‬
‫ُ‬

‫‪‬‬
‫‪49‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ترطن ب ملس ن فِط‬


‫ُ‬ ‫أن عب د ِة م ُّ ر ع‬
‫س ُ‬‫بعي من ع‬ ‫* ِيظ ُّ ُ‬
‫عطن‪ :‬بالقلههب‪ ,‬ويكه ُ‬
‫هون باللسههان‪,‬‬ ‫هإن م ععر ِ يرع ُ‬‫ولههيس األمه ُهر كمهها ظنههوا‪ ,‬فه ّ‬
‫ُ‬
‫ويكون باألعضاء‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بألطر‪:‬‬ ‫يرطن‬
‫ُ‬ ‫أ ‪ -‬ف م ر ُ ب مِلط‪:‬‬
‫ف ب منعم ب ان َأ ه ل هلل َبفضله‪:‬‬
‫‪ -1‬العِ ُ‬
‫الشاكر هو الذي يعلم أن النعم َة من اهلل تعالى‪,‬‬
‫ُ‬ ‫ق ل سفي ُن ب ُ ُعيينه‪« :‬‬
‫يشكر وكيف يصربُ؟» ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أعطاه إياها؛ لينظر كيف‬
‫‪ -2‬لحب ُ ممنع عم سبح ه‪:‬‬
‫بعضهم‪« :‬إذا كانت القلوب ِبلت َع َلى حب من أحسن إليها فوا عجبا‬ ‫قل ُ‬
‫لمن ص يري محسنا غير اهلل ‪ ‬كيف ص يميل ب ُك ِّليته إِ َل ْي ِه» ‪.‬‬
‫َق ل م ع ‪:‬‬
‫عن مععم تععهدد علععى كععل عم ع ٍ‬
‫إذ أ ع ِ‬
‫فلسععن ب عع ك ع‬
‫ِ‬ ‫ممؤتيرهعع وبعع‬

‫‪ -3‬مِن ع بم آت هلل‪:‬‬
‫رسول اهلل ﷺ ألبي هريرة ‪ُ « :‬ك َِ عرع ترُع أعبعدِ منع س‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فقد قال‬
‫َ ُك ِقنعع ت ُر أش ِر ِ من ع‬
‫س» رواه ابن ماِه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬حلية األولياء (‪.)287 7‬‬


‫(‪ )2‬مجموع رسائل ابن رِب (‪.)349 1‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرِه ابن ماِه يف سننه (‪ )1410 2‬رقم (‪ ,)4217‬وصححه األلباين يف صحيح الرتغيب‬
‫والرتهيب (‪.)325 2‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪50‬‬

‫َتي‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حط أن ُيؤتى إ ط ُه ل مخي لثلم أ ِ‬‫‪ -4‬أن ُي ُ‬
‫ٍ‬
‫بألطر‪:‬‬ ‫يرطن‬
‫ُ‬ ‫‪ َ -‬م ر ُ ب ملس ن‪:‬‬
‫‪ -1‬ومدُ هلل َ مثن ُء عليه‪:‬‬
‫عم هللُ ِع ِلععى ِعبع ٍعد عع ِمع ِف ِِع ِل‪ :‬م ِحمععدُ مع ُلع ععه‪ ،‬إع ُال ِكع ِن ُمع ععمي‬
‫قهال ﷺ‪ِ « :‬لع ِأ ِعع ِ‬
‫ِأع َِى ِأف ِض ِل عل ُم ِأ ِ ِم» أخرِه ابن ماِه ‪.‬‬
‫عك م ِحمعدُ‬ ‫وقال ﷺ‪ِ « :‬ل ِأ ِع ِم هللُ ِع ِلعى ِعب ٍعد‪ِ ،‬ف ِح عمعدِ هللِ ِع ِلي ِهع إع ُال كِع ِن ِذمع ِ‬
‫ك منع ِم ع ‪َِ ،‬إعن ِع ُظ ِمن» أخرِه الطرباين ‪.‬‬ ‫ِأف ِض ُل عل تعل ِ‬
‫‪ُ -2‬شععر ُ من ع س َ مثن ع ُء علععيهم إذا أسههدوا إليههه معروف ها؛ فههإن هههذا مههن‬
‫شكر اهلل ‪.‬‬
‫قال ﷺ‪ِ « :‬ال ِي ُر ُ هللِ ِل ِال ِي ُر ُ منُ ِس» أخرِه أحمد ‪.‬‬
‫س» أخرِه أحمد ‪.‬‬ ‫س مع ُل عه ِأش ِر ُ ُمم معل ُن ع‬
‫وقال ﷺ أيضا‪« :‬إع ُن ِأش ِر ِ م ُن ع‬
‫وقال ﷺ أيضا‪ِ « :‬ل ُأعَع ِي ِع َِ ء ِف ِط ِجدِ ِفل ِي عه بع عه‪ِ ،‬فإعن ِمعم ِي ع عد ِفل ُيعث ع بع ععه‪،‬‬
‫ِف ِم ِأثنِى بع عه ِف ِِد ِش ِر ِ ُ ‪ِ َِ ،‬ل ِكِ ِِم ُه ِف ِِد ِك ِف ِ ُ » أخرِه أبو داود ‪.‬‬

‫وحسنه األلباين‪.‬‬
‫(‪ )1‬يف سننه (‪ )1250 2‬رقم (‪ّ ,)3805‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح الجامع الص ير‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬يف المعجم الكبير (‪ )193 8‬رقم (‪.)7794‬‬
‫وزيادته (‪ ,)975 2‬دون قوله‪َ« :‬إن ع ُظمن»‪ .‬وض ّعفه يف سلسلة األحاديث الضعيفة‬
‫والموضوعة (‪ )24 5‬رقم (‪.)2011‬‬
‫(‪ )3‬يف المسند ‪-‬ط الرسالة‪ )322 13( -‬رقم (‪َ .)7939‬ق ل لحِِط ‪ :‬إسناده صحيح على‬
‫شرط مسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬يف المسند ‪-‬ط الرسالة‪ )166 36( -‬رقم (‪َ .)21846‬ق ل لحِِط ‪ :‬صحيح ل يره‪.‬‬
‫وحسنه األلباين يف سلسلة األحاديث الصحيحة (‪)181 2‬‬
‫(‪ )5‬يف سننه (‪ )255 4‬رقم (‪ّ .)4813‬‬
‫رقم (‪.)617‬‬
‫‪51‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫مستحق للشكر من الناس الوالدان‪ ,‬كما قال تعالى‪﴿ :‬ﮁ ﮂ‬


‫ٍّ‬ ‫وأعظم‬
‫ُ‬
‫كرهما بعد ُش ِ‬
‫كره‪.‬‬ ‫بش ِ‬
‫ﮃﮄ﴾ [لقمان‪ ,]14 :‬فثنّى ُ‬
‫غضه‪:‬‬ ‫‪ -3‬مِحدُّ ُ‬
‫ث ب منعم أل م ل ال يخ ف وسدِ َ ُب ِ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢﮣ﴾ [الضحى‪.]11:‬‬
‫وعن النعمان بن بشير قال‪ :‬قال النبي ﷺ على المنرب‪ِ « :‬ل ِمم ِي ُر‬
‫ث بعنععم ع هللع‬
‫يل ِمم ِي ُر مرِثعي ِ َِ ِل ِمم ِي ُر منُ ِس ِمم ِي ُر هللِ مِ ُِحدُّ ُ‬
‫م ِِ عل ِ‬
‫ِ‬
‫ُشر َِ ِت ك ُِه كُف » أخرِه أحمد ‪.‬‬
‫قال‪ :‬مِ ْن ُش ْك ِر النِّ ْع َم ِة َأ ْن ُت َحدِّ َ‬
‫ث بِ َها» ‪.‬‬ ‫َق ل مفضيل ب عي ض‪« :‬كان ُي ُ‬
‫ٍ‬
‫بألطر‪:‬‬ ‫يرطن‬
‫ُ‬ ‫ج ‪ َ -‬م ر ُ ب م ط رح‪:‬‬
‫‪ -1‬مِي م ب معب د ت َأد مم على أكمل َجه‪:‬‬
‫العمل؛ لقوله تعالى‪﴿ :‬ﯮ ﯯ‬
‫ُ‬ ‫الشكر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ق ل لحمد ب كعط م ُِ ِ ضي‪« :‬‬
‫ﯰﯱ﴾ [سبأ‪ ,]13:‬يعني‪ :‬اعملوا عمال ُتؤ ُّدون به شكرا» ‪.‬‬
‫شهكر‪ ,‬والصهو ُل‬ ‫َق ل أبط عبد مع وم محبلعي يف اآليهة ِ‬
‫نفسهها‪« :‬الصهال ُة‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الشكر الحمدُ » ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وأفضل‬ ‫شكر‪,‬‬ ‫شكر‪ُّ ,‬‬
‫وكل عم ٍل ُيعمل هلل ٌ‬ ‫ٌ‬

‫وحسنه األلباين يف سلسلة األحاديث‬


‫(‪ )1‬يف المسند‪ -‬ط الرسالة‪ )390 30( -‬رقم (‪ّ .)18449‬‬
‫الصحيحة (‪ )272 2‬رقم (‪.)667‬‬
‫(‪ )2‬الشكر صبن أبي الدنيا (ص‪ )23‬رقم (‪.)56‬‬
‫(‪ )3‬تنبيه ال افلين للسمرقندي (ص‪.)449‬‬
‫(‪ )4‬الخطب والمواع ألبي عبيد (ص ‪.)142‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪52‬‬

‫منفْ ع لعصي ع هلل‪:‬‬


‫ع‬ ‫‪ُّ -2‬‬
‫كف‬
‫قع ل سععفي ن بع عيينععه‪ّ « :‬‬
‫إن مههن شههكر اهلل علههى النعمههة أن تحمههدَ ه عليههها ‪,‬‬
‫اهلل من استعان بنعمتِه على معصيتِه» ‪.‬‬ ‫شكر َ‬
‫وتستعي َن هبا على طاعته ‪ ,‬فما َ‬
‫اهلل عبهدا اسهتعان بنعمتِهه علهى‬‫َق ل إسح ب ب إب ميم مه شمي‪« :‬رحهم ُ‬
‫طاعتِه‪ ,‬ولم يستع ْن بنعمتِه على معصيتِه» ‪.‬‬
‫بني‪ ,‬ما ههذا ِهزا ُء نعمهة اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫و َم َّر اب ُن المنكدر بشاب يقاو ُل امرأة‪ ,‬فقال‪ :‬يا َّ‬
‫عليك! ‪.‬‬
‫يف منعم ِ ا ع ُلعَعيه سبح ِه‪:‬‬ ‫‪ -3‬تص ُ‬
‫وشهكر المهال بالصهدقة‬
‫ُ‬ ‫فنعم ُة العلم ُش ُ‬
‫هكرها بتعلهيم النهاس ونشهر العلهم‪,‬‬
‫وشكر الجاه ببذله لمن يحتاِه‪ ...‬وهكذا بقية النعم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫منه‪,‬‬
‫شكر العينين يا أبا حازل؟‬
‫ق ل رجل ألبي و زم‪ :‬ما ُ‬
‫رأيت هبما شرا سرت َته»‪.‬‬
‫رأيت هبما خيرا أعلنتَه‪ ,‬وإن َ‬
‫ق ل‪« :‬إن َ‬
‫شكر األذنين؟‬
‫ق ل‪ :‬فما ُ‬
‫سمعت هبما شرا أخفيتَه»‪.‬‬
‫َ‬ ‫سمعت هبما خيرا وعيتَه‪ ,‬وإن‬
‫َ‬ ‫ق ل‪« :‬إن‬
‫شكر اليدين؟‬
‫ق ل‪ :‬فما ُ‬
‫تمنع حقا هلل ‪ ‬هو فيهما»‪.‬‬ ‫ْ‬
‫تأخذ هبما ما ليس لهما‪ ,‬وص ْ‬ ‫ق ل‪« :‬ص‬

‫(‪ )1‬حلية األولياء لألصبهاين (‪.)278 7‬‬


‫(‪ )2‬تاري مدينة دمشق صبن عساكر (‪.)106 8‬‬
‫(‪ )3‬مجموع رسائل ابن رِب (‪.)350 1‬‬
‫‪53‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫شكر البطن؟‬
‫ق ل‪ :‬فما ُ‬
‫ق ل‪« :‬أن يكون أسف ُله طعاما‪ ,‬وأعاله علما»‪.‬‬
‫شكر الفرج؟‬
‫ق ل‪ :‬ما ُ‬
‫ق ل‪« :‬كما قال اهلل ‪﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ﴾ [المؤمنون‪.»]7,6:‬‬
‫شكر الرِلين؟‬
‫ق ل‪ :‬فما ُ‬
‫رأيت ميتا مقتَّه‬
‫َ‬ ‫استعملت هبما عم َله‪ ,‬وإن‬
‫َ‬ ‫رأيت حيا غبطتَه‬
‫َ‬ ‫ق ل‪« :‬إن‬
‫شاكر هلل ‪ .‬فأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع‬ ‫ٌ‬ ‫كففتهما عن عمله‪ ,‬وأنت‬
‫ِ‬
‫يلبسه‪ ,‬فلم ينف ْعه ذلك‬ ‫فم َث ُله كمثل رِ ٍل له كسا ٌء‪ ,‬فأخذ ب َط َرفه ولم ْ‬ ‫أعضائه َ‬
‫الحر والربد والثلج والمطر!» ‪.‬‬ ‫من ّ‬
‫ف َال يال ِء‪:‬‬ ‫‪ -4‬أن ي ى أث عم هلل عليك بغي إس ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫خي ِلع ٍ َ ِال سع ٍ‬
‫ف‪،‬‬ ‫قال ﷺ‪ُ « :‬ك ُلط ‪ َ ،‬ش بط ‪َ ،‬تِصدُ ُقط ‪ َ ،‬مبسط ‪ ،‬فعي ِغي ع ل ع‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُِ‬ ‫ِ ُِ ِ ِ‬
‫ط ِأن ُت ِ ى عع ِم ُِ ُه ِع ِلى ِعب عد ع» أخرِه أحمد ‪.‬‬ ‫ع‬
‫إع ُن هللِ ُيح ُّ‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬شعب اإليمان للبيهقي (‪ )311 6‬رقم (‪.)4244‬‬


‫(‪ )2‬يف المسند ‪-‬ط الرسالة‪ )312 11( -‬رقم (‪َ .)6708‬ق ل لحِِط ‪ :‬إسناده حسن‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪54‬‬

‫ث ِ ميمي مي صي ُم ثالث ع أي ٍم‬ ‫أن كف ر ِة معحن ع ع‬


‫ِ‬ ‫س ُ‬‫* ِيظ ُّ كثي ل من ع‬
‫تعذ ِر‬
‫شيء‪ ,‬بعد ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫آخر‬ ‫األمر كما ظنُّوا؛ ّ‬
‫ب إليه إص َ‬
‫ذه ُ‬
‫فإن الصيا َل ص ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫وليس‬
‫ما قب َله‪.‬‬
‫وترتيب‪ ,‬ف ُيخ َّي ُر أوص َمن لزمتْه الكفار ُة بين‬
‫ٌ‬ ‫تخيير‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫اليمين فيها‬ ‫ألن ك ّفار َة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫عشرة‬ ‫ِ‬
‫كسوة‬ ‫نصف صا ٍع من الطعال‪ ,‬أو‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫مسكين‬ ‫عشرة مساكي َن لكل‬‫ِ‬ ‫إطعا ِل‬
‫ٍ‬
‫سليمة من‬ ‫ٍ‬
‫مؤمنة‬ ‫واحد منهم ثوب يجزئه يف صالته‪ ,‬أو ِع ِتق ٍ‬
‫رقبة‬ ‫ٍ‬ ‫مساكي َن ِّ‬
‫لكل‬
‫ٌ ُ‬
‫المذكورة؛ صال حين ٍذ ثالث َة أيالٍ‪,‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثالثة‬ ‫ال ُعيوب‪ ,‬فم ْن لم يجدْ شي ا من هذه‬
‫ِ‬
‫الثالثة‪.‬‬ ‫يكون بعد ُّ‬
‫تعذر هذه‬ ‫ُ‬ ‫فالصيا ُل‬
‫والدليل على هذا قو ُله تعالى‪﴿ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ُ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ‬
‫ﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯴﯵﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ﴾‬
‫[المائدة‪.]89 :‬‬

‫‪‬‬
‫‪55‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫بمِِح مد ي إ م مط مل ُف ُس عب َ م ُف ر‪َ ،‬ميْ‬


‫أن مِمِ ُِّح ُ‬
‫س ُ‬‫بعي من ع‬
‫* ِيظ ُّ ُ‬
‫ملص محي‬
‫اهلل ما َخ َل َق الخ ْل َق ّإص لعبادته‪ ,‬وص الدنيا إص‬
‫ألن َ‬‫صحيح؛ َّ‬
‫ٍ‬ ‫غير‬
‫وهذا الظ ُّن ُ‬
‫الكثير من الط ّيبات؛ ل ُيعي َن بذلك‬
‫َ‬ ‫وخ َل َق فيها‪ -‬سبحانه‪-‬‬
‫لعمارهتا بطاعته‪َ ,‬‬
‫معصية اهللِ كان آثما‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عبا َده على العبادة والطاعة‪ ,‬فمن استعملها يف‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ﴾‬
‫[األعراف‪.]32 :‬‬
‫التوسيع من اهلل لعباده‬
‫ُ‬ ‫ق ل معالل ُ ُ‬
‫مسعدي ِ تفسي مم ِلي ‪« :‬هذا‬
‫بحه إص لعباده المؤمنين‪,‬‬
‫بالط ّيبات‪ِ ,‬عله لهم ليستعينوا به على عبادته‪ ,‬فلم ُي ْ‬
‫ولهذا قال‪﴿ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ أي‪ :‬ص َتبِ َع َة‬
‫عليهم فيها‪.‬‬
‫غير‬
‫أن من لم ُيؤم ْن باهلل‪ ,‬بل استعان هبا على معاصيه‪ ,‬فإهنا ُ‬ ‫ومفهو ُل اآلية َّ‬
‫ب عليها وعلى التن ُّعم هبا‪ ,‬و ُي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سأل عن النعيم‬ ‫خالصة له وص مباحة‪ ,‬بل ُيعا َق ُ‬
‫يول القيامة» ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬تيسير الكريم الرحمن (ص‪.)287‬‬


‫كشف الظنون‬ ‫‪56‬‬

‫أن مِطب ِ ل العِد ء على أع ض من س‪ ،‬أَ دل ئهم‪،‬‬ ‫بعي من ع‬


‫س ُ‬ ‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫أَ ألط مهم‪ ،‬يرفي فيه السِغف ُر ب ملس ن فِط‬
‫بحق ال ير؛‬ ‫ألن من شروط التوبة إذا كانت متع ِّلقة ِّ‬ ‫وهذا ظ ٌّن فاسدٌ ؛ ّ‬
‫استحالل أصحاهبا منها‪ ,‬لقوله ﷺ‪« :‬ل ِك ِن ععندِ لظ ِلم ألِ ع ع‬
‫يه ِفل ِيِ ِِح ُلل ُه‬ ‫ُ‬
‫ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يه عل ِو ِس ِن تع عه‪ِ ،‬فإعن‬ ‫علنه ‪ِ ،‬فإع ُ ه ِميْ ِثم عدي ِن ر‪َ ،‬الِ عدرمم‪ ،‬عل ِقب عل ِأن يؤ ِ ِم ألِ ع ع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫يه ِف َُ ع ِون ِع ِليه» أخرِه البخاري ‪.‬‬ ‫ت ِأ ع ع‬
‫ِمم ي ُر ِمه وسنِ ت ُأ ع ِم عل سي ِئ ع‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وبين ر ِّبه‪ ,‬والذنوب المتع ِّلقة‬
‫بين العبد َ‬
‫ولذا َّفرق العلما ُء بي َن الذنوب التي َ‬
‫بحق الناس‪.‬‬
‫ِّ‬
‫كل ٍ‬
‫ذنب‪ ,‬فإن كانت المعصي ُة بين العبد‬ ‫ق ل معلم ُء‪« :‬التوب ُة واِب ٌة من ّ‬
‫آدمي فلها ثالث ُة شروط‪:‬‬
‫بحق ٍّ‬
‫وبين اهلل تعالى ص تتعلق ِّ‬
‫قلع عن المعصية‪.‬‬ ‫أودم ‪ْ :‬‬
‫أن ُي َ‬
‫َ مث ي‪ْ :‬‬
‫أن َيند َل على فعلها‪.‬‬
‫أن َيعز َل أن ص يعود إليها أبدا‪.‬‬‫َ مث مث‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫تصح توب ُته‪.‬‬‫فإن ُفقدَ أحدُ الثالثة لم ّ‬
‫وأن َيرب َأ من‬
‫وإن كانت المعصي ُة تتعلق بآدمي‪ ,‬فشرو ُطها أربعةٌ‪ :‬هذه الثالث ُة‪ْ ,‬‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫ونحوه َم َّكنه‬ ‫ٍ‬
‫كانت َحدَّ قذف‬
‫وإن ْ‬ ‫نحوه ر َّده إليه‪ْ ,‬‬ ‫حق صاحبِها‪ْ ,‬‬
‫كانت ماص أو َ‬
‫فإن ْ‬ ‫ِّ‬
‫فوه‪ ,‬وإن كانت ِغيبة استح َّله منها» ‪.‬‬ ‫منه‪ ,‬أو َط َل َ‬
‫ب َع َ‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه (‪ )138 8‬رقم (‪.)6534‬‬


‫(‪ )2‬رياض الصالحين ‪-‬تحقيق‪ :‬ماهر الفحل‪( -‬ص‪.)14‬‬
‫‪57‬‬ ‫كشف الظنون‬
‫حطمع لع مع ع‬
‫عدَل‬ ‫دَل أَربع َأل يرع َ ع‬ ‫أن سععر ِن ع‬ ‫س ُ‬ ‫عي منع ع‬ ‫* ِي ُظع ُّ بعع ُ‬
‫دة َر و ٍ َسرين ٍ ؛ ظ‬ ‫طن ِ سع ٍ‬ ‫مصن ع ُي ع ممِِدل ع ل غي ع ممسلمي ‪ ،‬يعي ُ ِ‬
‫مل ُ عء مم دي ممي تط ُف ِ مهم‬
‫ب السعاد َة‬ ‫المادي وحدَ ه ص َيجلِ ُ‬
‫َّ‬ ‫الرخا َء‬
‫ألن َّ‬ ‫ٍ‬
‫مستقيم؛ ذلك َّ‬ ‫غير‬
‫وهذا الظ ُّن ُ‬
‫ِ‬
‫القلوب ومق ِّل َبها‬ ‫خالق‬
‫ألن َ‬ ‫ض عن اهللِ؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫المعر ِ‬ ‫للقلب المنتكِ ِ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫وص ُيح ّق ُق الراح َة‬
‫سبحانَه قد قال يف ُمح َكم التنزي ِل‪﴿ :‬ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ‬
‫ﯻﯼﯽﯾ﴾ [طه‪.]124 :‬‬
‫َق ل إلل ُم ب مِيم َ صف و ِمهم‪:‬‬

‫ععععععل منيععععععع عن‬


‫كم ِ عجع ع‬
‫ِر رأيِِهعععععع ِ‬ ‫مصعععدُ َ‬
‫ععك ُّ‬ ‫َ هلل ع معععط ِشععع ِم ِ‬
‫دت ِم تعيع ِ‬

‫عععععع ال ُم ال تِخ ُبععععط علععععى ألزلعععع عن‬ ‫ََ ُقط ُدم م هط ُت َ ِ‬


‫مح ِس ُت َ مععع‬ ‫ِ‬
‫سم ع‬
‫ععالء قععد ُقبعع ت لععح ألبعععد عن‬ ‫ع‬ ‫ث ِم تع ِ‬
‫يععععك منفععععط‬ ‫أبععععد ُهم أجععععد ُ‬

‫ِ ِكععععد عوه ال ِ عرضعععع معععع وم ع‬ ‫عععطلهم‬


‫َج ُسع ُ‬
‫ٍ‬
‫أرَ ُوهععععم ِ َو عععع ‪ُ ،‬‬

‫عععنفْ َ م ععععيَ عن‬


‫ع‬ ‫ف ُب ُلععععط بعععع عب مع‬ ‫ِم ِ ُبععط لععع مععع ب مععمي ُ علِعععط معععه‬
‫معععمل َ ع‬
‫مح لععع عن‬ ‫فِعععد رت ِِضعععط ب ُّ‬ ‫ِ ع رَ مععم من ُف ع‬
‫طسععهم‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ال ِت ع ِض ل ع‬

‫سععق لنهعع معع ُّ ذ مرُفعع عن‬


‫مععم ِي ع‬ ‫َت معععد ي جنععع ح بعطضععع ٍ‬
‫معععط سععع ع‬
‫ِ ِ ُ‬

‫لععع ذ م ِ نععع حع مِ صععع ع م َُ ِيععع عن‬ ‫مرنهععععععععع َ هلل ع أوِععععععععع ُ عنعععععععععدِ‬

‫عععل ِ مععععدُ ِب ِ عن‬


‫مسعععععدُ لنهعععع ِوع ُ‬
‫ف ُ‬ ‫َمِعععد تطمعععن بععععدُ عععع أصعععح بعه‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪58‬‬

‫ععط عن؟‬ ‫مط ِفععع لععع غععع ٍ‬


‫در ِ ع ُ‬ ‫أيععع ِ ِ‬ ‫مصععععبه‬
‫مطفعععع ُء ِ‬
‫ال ُي ِت ِ ععععى لنهعععع ِ‬
‫ِ‬
‫العالية مهن‬ ‫ب‬‫وقلق ون َك ٍد‪ ,‬من تلك الن َِّس ِ‬ ‫ٍ‬
‫تعاسة ٍ‬ ‫أدل على أنّهم يعيشون يف‬ ‫وص َّ‬
‫هرة حه ِ‬
‫هاصت‬ ‫رات‪ ,‬و ُف ُشههو الجريمه ِهة‪ ,‬وكثه ِ‬
‫هتعمال المخههدِّ ِ‬‫ِ‬ ‫صت اصنتحه ِ‬
‫هار‪ ,‬واسه‬ ‫معههدَّ ِ‬
‫ِّ‬
‫والجنس ه َّي ِة‪..‬‬
‫هراض النفس ه ّي ِة ِ‬
‫ِ‬ ‫هار األمه‬ ‫هال ا ُّلل َق َطه ِ‬
‫هاء‪ ,‬وانتشه ِ‬ ‫هاب‪ ,‬وكثه ِ‬
‫هرة األطفه ِ‬ ‫اصغتصه ِ‬
‫ِ‬
‫حيهاة‬ ‫تهدل علهى مبله ِغ مها وصهلوا إليهه مهن‬‫األمهور السه ِّي ِة التهي ُّ‬
‫ِ‬ ‫غير ذلهك مهن‬ ‫إلى ِ‬
‫الضن ِْك ِّ‬
‫والض ْي ِق‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أصبحت كلم ُة َح ِي ٍّي‬
‫ْ‬ ‫يِطل سيدُ قَط ‪َ ‬مط يِحدث ع أل ير ‪« :‬‬
‫العالقات الجنسي ُة من كل ٍ‬
‫قيد‬ ‫ُ‬ ‫وانطلقت‬
‫ْ‬ ‫جول من كلمات العيب والتحقير؛‬ ‫أو َخ ٍ‬
‫ّ‬
‫فيقول‪ -‬كما قالت لي إحدى فتيات‬‫ُ‬ ‫بعضهم ُيفلس ُفها‬
‫على طريقة ال ابة! وأصبح ُ‬
‫ٍ‬
‫بحال! إهنا مجر ُد‬ ‫ليست مسألة أخالقية‬
‫ْ‬ ‫الجامعة مرة‪ّ :-‬‬
‫إن المسأل َة الجنسي َة‬
‫ِ‬
‫كلمات‬ ‫ٍ‬
‫ولوِية‪ ,‬وحين ننظر إليها من هذه الزاوية نتب ّي ُن ّ‬
‫أن استخدا َل‬ ‫ٍ‬
‫مسألة ُبي‬
‫ِ‬
‫مواضعها‪ ,‬وهو يبدو لنا نحن‬ ‫والشر‪ ,‬إقحا ٌل لها يف غير‬ ‫ِ‬
‫والخير‬ ‫ِ‬
‫والفضيلة‬ ‫ِ‬
‫الرذيلة‬
‫ِّ‬
‫األمريكان غريبا‪ ,‬بل ُمضحكا!!» ‪.‬‬
‫نان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والراحة واصطم ِ‬ ‫ِ‬
‫السكينة‬ ‫فنحمدُ اهلل كثيرا كثيرا على ِ‬
‫نعمة اإلساللِ‪ِ ,‬‬
‫دين‬ ‫َ‬

‫‪‬‬
‫(‪ )1‬الكافية الشافية يف اصنتصار للفرقة الناِية (ص‪.)916‬‬
‫(‪ )2‬أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب لصالح الخالدي (ص‪.)114 ,113‬‬
‫‪59‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ك مسح ع إال ِس عو‬ ‫يسَِيح ِف ُ‬


‫ُ‬ ‫س أ ُه ال‬ ‫بعي من ع‬ ‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫المسحور‪ -‬قسم ن‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الس ْحر عن‬ ‫ألن الن َّْشر َة‪ -‬وهي َح ُّل ِّ‬‫وهذا َظ ٌّن فاسدٌ ؛ ّ‬
‫ألَل‪ :‬ح ُّل السح ِر ِ‬
‫بس ْح ٍر مثلِه‪ ,‬فهذا‬
‫القسم حرا ٌل‪ ,‬وهو من عمل الشيطان‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ِابر ‪ ‬قال‪ُ :‬س ِ َل النَّبِ ُّي ﷺ عن الن َّْش َر ِة‪َ ,‬ف َق َال‪ « :‬عل‬ ‫حديث ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وعليه ُي ُ‬
‫حمل‬
‫ِع ِم عل م ُ ي َِ عن» أخرِه أحمد ‪.‬‬
‫أي‬
‫ساحر»‪ْ ,‬‬
‫ٌ‬ ‫السحر ّإص‬
‫َ‬ ‫حمل أيضا كال ُل محس مبص ي‪« :‬ص َي ُح ُّل‬ ‫وعليه ُي ُ‬
‫بيان َمن َي ُح ُّل ُه‪ ,‬بدليل أنه‬ ‫يجوز ح ُّله بذلك‪ ,‬فكالمه عن الح ْك ِم‪ ,‬وليس عن ِ‬ ‫فال‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫الس ْحر»‪ ,‬ق ل ألمب ي‪« :‬إسنا ُده حسن»‪,‬‬ ‫ِاء ع محس أيض قط ُمه‪« :‬النَّشر ُة من ِّ‬
‫فافهم ذلك‪.‬‬
‫ْ‬
‫تقر ُب ُك ٌّل منهما إلى الشيطان بما‬
‫والمسحور َي ّ‬
‫َ‬ ‫الساحر‬
‫َ‬ ‫َبي ُن ذمك‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫بطل عم َله عن‬
‫الشيطان؛ حتى ُي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الشيطان‪ ,‬وإ ّما أن ُيطي َعا‬ ‫حب! فإ ّما أن َيدْ ُع َوا‬
‫ُي ُّ‬
‫يتقربان‬
‫والمنتشر َّ‬
‫َ‬ ‫الناشر‬
‫َ‬ ‫المحرمة؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫َّ‬ ‫المسحور‪ ,‬فهذا حرا ٌل‪ ,‬وهذه هي الن َّْشر ُة‬
‫حب‪ ,‬ف ُيبطِ ُل عم َله عن المسحور‪.‬‬ ‫إلى الشيطان بما ُي ُّ‬
‫والسحر حرا ٌل‬ ‫وألن الساحر ص يتوصل إلى ح ِّل السح ِر إص ِ‬
‫بس ْح ٍر مثلِه‪,‬‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫الب يف المسحور‬ ‫نفس مريض ٌة َأو ُمصا َبةٌ؟! مع ّ‬
‫أن ال َ‬ ‫الكفر لتحيا ٌ‬
‫ُ‬ ‫و ُك ْف ٌر‪َ ,‬أف ُيعمل‬
‫فصل يف عمل الشيطان‬
‫الباب ولم ُي ِّ‬
‫َ‬ ‫وسدَّ‬ ‫ُ‬
‫فالرسول َمن ََع َ‬ ‫يموت َأو ُّ‬
‫يختل عق ُله‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫َأنه‬
‫وص يف المسحور‪.‬‬
‫والتعوذات‪ ,‬واألدوية المباحة‬
‫ّ‬ ‫مث ي‪ :‬الن َّْشرة ُّ‬
‫بالرق َية باآليات‪ ,‬واألدعية‪,‬‬

‫(‪ )1‬يف المسند ‪-‬ط الرسالة‪ )40 22( -‬رقم (‪َ .)14135‬ق ل لحِِط ‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪60‬‬

‫ٌ‬
‫داخل يف كون القرآن شفاء كما‬ ‫مستحب‪ ,‬وهو‬
‫ٌّ‬ ‫ِائز‪ ,‬بل‬ ‫ِ‬
‫ونحوه‪ ,‬فهذا ٌ‬ ‫كالسدْ ِر‬
‫ِّ‬
‫اهلل تعالى بذلك يف قوله‪﴿ :‬ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪﮫ ﮬ‬
‫وصفه ُ‬
‫ﮭﮮﮯﮰﮱ﴾ [اإلسراء‪. ]82:‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬ظ زاد المعاد صبن القيم (‪ ,)116 4‬وتيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبد اهلل آل الشي‬
‫(ص‪ ,)356‬وفتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن آل الشي (ص‪ ,)256‬وفتاوى ورسائل‬
‫سماحة الشي محمد بن إبراهيم آل الشي (‪ ,)165 1‬وفتاوى اللجنة الدائمة (‪,)557 1‬‬
‫ومجموع فتاوى ابن باز (‪ ,)280 3‬ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين (‪ ,)176 2‬وسلسلة‬
‫األحاديث الصحيحة لأللباين (‪.)614 6‬‬
‫‪61‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ترط ل ش ِء ل ممع صي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بأس أن ي‬‫أن ال س ِن ال ِ‬‫س ُ‬ ‫بعي من ع‬‫* ِي ُظ ُّ ُ‬


‫ل د م أ ه يأتي بعدم ب ألعم ل مص مح ممرف ة‬
‫المخالفات الشرع ّي ِة والعقل ّي ِة!‬
‫ِ‬ ‫يجمع ألوانا من‬
‫ُ‬ ‫عجيب‪,‬‬
‫ٌ‬ ‫وهذا َظ ٌّن‬
‫للهذن ِ‬
‫ْب‪,‬‬ ‫عمهدا َ‬ ‫بنهيِه‪ ,‬و َت ُّ‬
‫إن فيه اِرتاء على اهلل‪ ,‬واستخفافا بح ِّقه‪ ,‬واستهانة ْ‬‫إ ْذ َّ‬
‫وإصرارا على المعصية‪ ,‬حتى ولو كانت المعصي ُة صه يرة‪ ,‬فقهد ِهاء يف الحهديث‬
‫ت‬ ‫عهههن عبهههد اهلل بهههن مسهههعود ‪ ‬أن رسهههول اهلل ﷺ قهههال‪« :‬إعيععع كُم َلح ُِععع ع‬
‫ُِ ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫عل وُِعى يه علرنِعه‪َ ،‬إعن رس ِ ع‬ ‫ع‬
‫عطل هلل ﷺ ِضع ِ ِ‬ ‫ُ ِ ُ ِ ُ‬ ‫ُّمم ُط ع ‪ِ ،‬فعإع ُُه ُ ِي عِِمع ِ ِع ِلعى م ُ ُج ع ِ ُ‬
‫ع‬ ‫ٍ‬
‫عل ِقععط ٍم ِ ِه ُمععط ِأر ِض ِفع ِعالة‪ِ ،‬ف ِح ِض ع ِ ِصععن ُ‬
‫يح م ِِععطمع‪ِ ،‬ف ِ ِعع ِعل م ُ ُجع ُعل‬ ‫ِم ُه ع ُ ِل ع ِثال‪ :‬ك ِِم ِثع ع‬
‫طد‪ِ ،‬وُِى ِج ِم ُعط ِس ِط د ‪ِ ،‬ف ِأ ُج ُ ط ِع ر ‪،‬‬ ‫طد‪ َ ،‬م ج ُل ي ع يء بع مع ع‬ ‫ع‬ ‫ع‬
‫ِين َِل ُق‪ِ ،‬ف ِي ع ي ُء بع م ُع ِ ُ ُ ِ ُ ُ‬
‫َِ ِأ ِض ُ ط ِل ِق ِم ُفط فع ِيه » أخرِه أحمد ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بنصوص الر ِ‬
‫لنصوص الخوف والوعيد!‬ ‫ِاء‪ ,‬وتناسيا‬ ‫ِ َّ‬ ‫أن فيه تع ّلقا‬ ‫كما ّ‬
‫َ‬
‫ويتجاهلون‬ ‫ففي صاحبها َش َب ٌه بالمرِ ة الذين يأخذون بنصوص الوعد‪,‬‬
‫نصوص الوعيد!‬
‫َ‬
‫الذنْب حتى يأيتَ بالمك ِّفر له؟!‬ ‫ِ‬
‫مقارفة َ‬ ‫يعيش بعد‬ ‫ثم ما ُيدريه أنه ُ‬‫ّ‬
‫اهلل‬ ‫أن هذا المك ِّف َر قد محا َذ ْن َبه‪ ,‬حتى ولو كان من الكبائر‪ّ ,‬‬ ‫وما ي ِ‬
‫دريه ّ‬
‫وأن َ‬ ‫ُ‬
‫قد َقبِ َله منه؟!‬
‫كثير من الناس يظن أنه لو فعل ما‬ ‫ُ‬
‫يِطل إلل ُم ب ُ مِيم ‪ٌ « :‬‬ ‫َِ مم‬
‫وراح هذا هبذا!‬
‫أثر الذنب َ‬
‫اهلل‪ ,‬زال ُ‬
‫فعل ثم قال‪ :‬أست فر َ‬

‫(‪ )1‬المسند ‪-‬ط الرسالة‪ )367 6( -‬رقم (‪ .)3818‬ق ل لحِِط ‪ :‬حديث حسن ل يره‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪62‬‬

‫َق ل مي رجل ل ممنِسبي إمى مفِه‪ :‬أنا أفعل ما أفعل ثم أقول‪ :‬سبحان‬
‫اهلل وبحمده مائة مرة‪ ,‬وقد ُغفر ذلك أِم ُعه كما ّ‬
‫صح عن النبي ﷺ أنه قال‪:‬‬
‫«ل ق ل ِ يط ٍم‪ :‬سبح ن هلل َبحمد ل ئ ل ٍة‪ُ ،‬وَن َ ي ‪َ ،‬مط ك ن ِ‬
‫لثل‬
‫ِز ِبد مبح »!‬
‫َق ل مي آ ُ ل أمل لر ‪ :‬نحن إذا ف َعل أحدُ نا ما ف َعل‪ ,‬اغتسل وطاف‬
‫بالبيت ُأسبوعا وقد ُمحي عنه ذلك!‬
‫ط عبد ذ ب ‪ ،‬فِ ل‪ :‬أي ر‬
‫صح عن النبي ﷺ أنه قال‪« :‬أذ ِ‬
‫َق ل مي آ ُ ‪ :‬قد ّ‬
‫أصبن ذ ب ف غف مي‪ ،‬فغف هللُ ذ ِبه‪ ،‬ثم لرث ل ش ء هللُ‪ ،‬ثم أذ ط ذ ب آ ‪،‬‬
‫ُ‬
‫أصبن ذ ب ‪ ،‬ف غف مي‪ ،‬فِ ل هللُ ‪ِ :‬ع عل ِم عبدي أن مه رب يغف‬
‫ُ‬ ‫فِ ل‪ :‬أي ر‬
‫ط َيأ م به‪ ،‬قد غف ُت معبدي‪ ،‬فليصنح ل ش ء»‪ .‬وقال‪ :‬أنا ص أشك أن لي‬ ‫مم ِ‬
‫ُ‬
‫ويأخذ به!‬ ‫الذنب‬
‫َ‬ ‫ربا ي فر‬
‫كل عليها‪,‬‬ ‫ٍ‬
‫بنصوص من الرِاء‪ ,‬وا َّت َ‬ ‫الض ْر ُب من الناس قد تع ّل َق‬
‫وهذا َّ‬
‫وتع َّل َق هبا بكلتا يد ْيه‪ ,‬وإذا ُعوتب على الخطايا واصهنماك فيها‪َ ,‬س َر َد لك ما‬
‫ِ‬
‫ونصوص الرِاء!‬ ‫رحمة اهلل وم فرتِه‬
‫ِ‬ ‫يحف ُظه من َس َع ِة‬
‫هب‬
‫هب وعجائه ُ‬ ‫الضه ْهرب مههن النههاس يف هههذا البههاب غرائه ُ‬
‫وللج ّهههال مههن هههذا َّ‬
‫ُ‬
‫كِطل بعضهم‪:‬‬ ‫ع‬

‫إذ كعععع ن م ُِععععدَ ُم علععععى كعععع ي عم‬ ‫سععَِعن لعع مخَ يعع‬
‫ِ‬ ‫َكِثعع لعع‬

‫التنز ُه من الذنوب ٌ‬
‫ِهل بسعة عفو اهلل!!‬ ‫ع‬
‫َقطل ِل ‪ُّ :‬‬
‫َق ل ِل ُ ‪َ :‬ت ْر ُك الذنوب َِراء ٌة على م فرة اهلل واستص ٌار!!‬
‫‪63‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫بعض هؤصء يقول يف دعائه‪ :‬اللهم إين أعو ُذ‬


‫رأيت َ‬
‫َق ل لحمدُ ب ُ وهمٍ‪ُ « :‬‬
‫بك من العصمة!» ‪.‬‬
‫ِ‬
‫تلبيس إبليس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفاسد؛ فإنما هو من‬ ‫الحذر من هذا الظ ِّن‬ ‫فالحذر‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬الجواب الكايف لمن سأل عن الدواء الشايف (ص‪.)22‬‬


‫كشف الظنون‬ ‫‪64‬‬
‫َأن م عف ء ع‬
‫بيعد‬ ‫معالج مط ممي ِي في مم ِ‬
‫يي‪ُ ،‬‬ ‫أن‬
‫س ُ‬‫بعي من ع‬
‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع‬
‫مَبيط‬
‫فإن الشفا َء ك َّله بيد اهلل سبحانه‪ ,‬لقوله تعالى‪﴿ :‬ﯰ‬
‫وهذا الظ ُّن فاسدٌ ‪ّ ,‬‬
‫ٍ‬
‫مرض فإنه ص يقدر على‬ ‫وقعت يف‬
‫ُ‬ ‫ﯱﯲﯳ﴾ [الشعراء‪ْ .]80:‬‬
‫أي‪ :‬إذا‬
‫ِ‬
‫وصلة إليه ‪.‬‬ ‫شفائي أحدٌ غي ُره‪ ,‬بما ُيقدِّ ُر من األسباب ال ُم‬
‫ب‬
‫السبب والمس َّب َ‬
‫َ‬ ‫أسباب‪ ,‬والذي َخ َل َق‬
‫ٌ‬ ‫الطبيب والدوا ُء فما هي ّإص‬
‫ُ‬ ‫وأ ّما‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫هو ُ‬
‫األسباب تنفع بنفسها ب ِير مشي ِة اهلل‪ ,‬فقد َب ِر َئ من‬
‫َ‬ ‫و َم ْن اعتقدَ ّ‬
‫أن هذه‬
‫َ‬
‫وأشرك باهلل‪.‬‬ ‫التوكُّل‪,‬‬
‫المريض عند أمهر األط ّباء‪ ,‬ويتداوى بأفضل دواء‪ ,‬ومع‬
‫ُ‬ ‫ولذا فقد يتط ّبب‬
‫ذلك ص ُيشفى!‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬تفسير القرآن العظيم صبن كثير‪ -‬تحقيق‪ :‬سالمة‪.)147 6( -‬‬


‫‪65‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ِ‬
‫ألصل فيه‬ ‫أن مله ِط ك ُله ج ئه ب مي عح أشر معه‪َ ،‬أن‬
‫س ُ‬ ‫* ِي ُظ ُّ كثي ل من ع‬
‫إلب و ُ‬
‫يش َل‬ ‫حق‪ ,‬ومنه ما هو ٌ‬
‫باطل ْ‬ ‫األمر كما ظنُّوا؛ فإن ا ّل َ‬
‫لهو منه ما هو ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫وليس‬
‫وأنفع منه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫خير‬
‫عما هو ٌ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫طاعة اهلل ‪ ,‬وقد ّبو َب على‬ ‫كل ما ش َل العبدَ عن‬ ‫لهط مب ع‬
‫ال‪ُّ :‬‬ ‫فم م ع‬
‫لهو ٌ‬
‫باطل إذا‬ ‫كل ٍ‬
‫ذلك اإلما ُل البخاري يف صحيحه (‪ )66 8‬بقوله‪« :‬باب‪ُّ :‬‬
‫ش َ َله عن طاعة اهلل»‪.‬‬
‫فصل اإلما ُل اب ُن الق ّيم ‪ ,‬يف هذه المسأل َة تفصيال حسنا كعادتِه‪,‬‬
‫وقد ّ‬
‫فقال‪« :‬مم ُت مد ي ثالث ُ أ ط عٍ‪:‬‬
‫ُ‬
‫اإلنسان على هذه‬ ‫ثاب‬ ‫فأعظمه َأكم ُله ‪ :‬ما أوصل إلى ّ‬
‫لذة اآلخرة‪ ,‬و ُي ُ‬ ‫ُ‬
‫ثواب‪ ,‬ولهذا كان المؤمن يثاب على ما ِ‬
‫يقصدُ به وِ َه اهلل‪ ,‬من أكله‪,‬‬ ‫ٍ‬ ‫أتم‬
‫ُ ُ ُ‬ ‫اللذة َّ‬
‫وعدوه‪ ,‬فكيف ّ‬
‫بلذة إيمانه‪,‬‬ ‫ِّ‬ ‫عدو اهلل‬
‫وشربه‪ ,‬ولباسه‪ ,‬ونكاحه‪ ,‬وشفاء غيظه بقهر ِّ‬
‫ومعرفته باهلل‪ ,‬ومحبته له‪ ,‬وشوقه إلى لقائه‪ ,‬وطمعه يف رؤية وِهه الكريم يف‬
‫ِنات النعيم؟!‬
‫أعظهم منهها‪ّ :‬‬ ‫ِ‬
‫كلهذة الهذين‬ ‫َ‬ ‫ب آصما‬ ‫لذ َة اآلخرة‪ ,‬و ُت ْعق ُ‬ ‫لذ ٌة تمنع ّ‬
‫منطع مث ي‪ّ :‬‬
‫ُ‬
‫كحهب اهلل‪,‬‬
‫ِّ‬ ‫اتخذوا من دون اهلل أوثانها مهو َّد َة بيهنِهم يف الحيهاة الهدنيا‪ُ ,‬يح ّبهونَهم‬
‫هبعض‪ ,‬كمهها يقولههون يف اآلخههرة إذا ل ُقههوا رهبههم‪﴿ :‬ﮖ‬ ‫ٍ‬ ‫بعضهههم به‬
‫ويسههتمتعون ُ‬
‫ﮗﮘﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯕﯖﯗ﴾‬
‫[األنعهههال‪ ,]129 ,128:‬وله َّ‬
‫ههذ ُة أصهههحاب الفهههواحش والظلهههم والب هههي يف األرض‬
‫الحق‪.‬‬
‫والعلو ب ير ّ‬
‫ّ‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪66‬‬

‫استدراج من اهلل لهم؛ ليذيقهم هبا‬


‫ٌ‬ ‫وهذه ا ّل ُ‬
‫لذات يف الحقيقة إنما هي‬
‫أعظم اآلصل‪ ,‬و َيحرمهم هبا أكمل ا ّللذات‪ ,‬بمنزلة من قدَّ ل ل يره طعاما لذيذا‬
‫َ‬
‫مسموما؛ يستدرِه به إلى هالكه‪ ,‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓﮔﮕﮖ ﮗﮘﮙﮚ﴾ [األعراف‪.]183 ,182 :‬‬
‫بعي مسلف ِ تفسي م ‪ :‬ك ّلما أحدثوا ذنبا أحدثنا لهم نعمة‪﴿ :‬ﰂ‬
‫قل ُ‬
‫ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘﭙﭚ﴾ [األنعال‪.]45 :‬‬
‫اللذة‪﴿ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫وقال تعالى يف أصحاب هذه ّ‬
‫ﯰ ﯱﯲﯳﯴ ﯵ ﯶﯷﯸ﴾ [المؤمنون‪.]56 ,55 :‬‬
‫وقال يف ح ِّقهم‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ﴾ [التوبة‪.]55 :‬‬
‫اللذ ُة تنقلب ِ‬
‫آخرا آصما من أعظم اآلصل‪ ,‬كم قيل‪:‬‬ ‫وهذه ّ‬

‫ععم ب‬ ‫عع ِ‬
‫ععم ب ‪ ،‬فصعع رت ِ ممععع د ِع ِ‬ ‫لععع ر ُ ك عععن ِ محيععع ة ألملهععع‬

‫لذة يف دار القرار وص ألما‪ ,‬وص تمنع َ‬


‫أصل ّ‬ ‫ب ّ‬ ‫ِ‬
‫لذة‬ ‫لذ ٌة ص ُت ْعق ُ‬‫منطع مث مث‪ّ :‬‬
‫ُ‬
‫منعت كما َلها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫دار القرار‪ْ ,‬‬
‫وإن‬
‫لذة اآلخرة‪ ,‬فهذه زما ُنها‬ ‫ستعان هبا على ّ‬ ‫ُ‬ ‫اللذ ُة المباح ُة التي ص ُي‬ ‫وهذه ّ‬
‫وأنفع منها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫خير‬
‫عما هو ٌ‬ ‫تش َل ّ‬ ‫أن ْ‬ ‫يسير‪ ,‬ليس لتمتّع النفس هبا َقدْ ٌر‪ ,‬وص بدّ ْ‬ ‫ٌ‬
‫النبي ﷺ بقوله‪« :‬ك ُُّل ِمه ٍط ِيل ُهط عب عه م ُ ُج ُل ِف ُه ِط‬ ‫القسم هو الذي عناه ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫ِب اعل؛ إع ُال ِرل ِي ُه بع ِِط عس عه‪َِ ،‬تِأ عدي ِب ُه ِف ِ ِس ُه‪ُ َِ ،‬ل ِال ِع ِب ِِ ُه ل ِ ِأ ِت ُه‪ِ ،‬فإع ُُه ُ عل ِ م ِحق» ‪.‬‬

‫وابن ماِه يف سننه‪-‬‬


‫(‪ )1‬أخرِه الرتمذي يف سننه ‪-‬تحقيق‪ :‬بشار‪ )226 3( -‬رقم (‪ُ ,)1637‬‬
‫=‬
‫‪67‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫حهق‪ ,‬ومها لهم ُيعه ْن عليهها فههو‬ ‫فما أعان علهى ّ‬


‫اللهذة المطلوبهة لهذاهتا فههو ٌّ‬
‫ٌ‬
‫باطل» ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫حسن بمجموع‬ ‫ٌ‬ ‫تحقيق‪ :‬األرنؤوط‪ )90 4( -‬رقم (‪ .)2812‬ق ل ألر ؤَط‪ :‬حديث‬
‫طرقه وشواهده‪.‬‬
‫(‪ )1‬الجواب الكايف لمن سأل عن الدواء الشايف (ص‪.)235 -234‬‬
‫باطل» ص يدل على التحريم بل يدل على‬ ‫ق ل مغه مي ع قطمه ﷺ‪« :‬فهط ب ال»‪ :‬قوله‪ٌ « :‬‬
‫عدل الفائدة‪ .‬إحياء علول الدين (‪ َ .)285 2‬ظ نيل األوطار للشوكاين (‪.)118 8‬‬
‫حق‪ ,‬وأما ما لم‬ ‫َق ل ب ُ تيمي ‪« :‬ما أعان على اللذة المقصودة من الجهاد والنكاح فهو ٌّ‬
‫باطل ص فائدة فيه‪ ,‬ولكن إذا لم يكن فيه مضر ٌة راِح ٌة لم َيحرل ولم‬ ‫يعن على ذلك فهو ٌ‬
‫ولكن قد يكون فع ُله مكروها؛ ألنه يصدُّ عن اللذة المطلوبة؛ إ ْذ لو اشت ل ا ّلالهي‬
‫ْ‬ ‫ُينه عنه‪,‬‬
‫حين لهوه بما ينفعه ويطلب له اللذة المقصودة‪ ,‬لكان خيرا له»‪ .‬اصستقامة (‪.)154 2‬‬
‫َ ظ ‪ :‬شرح حديث النزول (ص‪ ,)142‬وِامع الرسائل صبن تيمية (‪.)20 1‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪68‬‬

‫أن ألل ِ إلساللي ِ ال ُيمر أن تنِص ِ على أعد ئه ‪،‬‬ ‫س ُ‬‫بعي من ع‬


‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫دة مب ي ع ممضَ ب ع مح ئ عة ل ة أ ى‬ ‫َم تعطد مس عبق ل عدم ‪َ ،‬مِي ع‬
‫ِ‬
‫حز َن الذين آمنوا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشيطان؛ ل َي ُ‬ ‫ِ‬
‫هتويالت‬ ‫باطل‪ ,‬وهو مِن‬
‫وهذا ظ ُّن ٌ‬
‫ِ‬
‫نص ُهر رسهو َله‪ ,‬وص ُيهت ُّم َ‬
‫أمهره‪,‬‬ ‫ق ل إلل ُم ب ُ مِيم ‪َ « :‬م ْن ظ َّن بأنه ص َي ُ‬
‫ظفرهم بأعدائه‪ ,‬و ُيظههرهم علهيهم‪ ,‬وأنهه‬ ‫وص يؤ ِّيده‪ ,‬ويؤيدُ حز َبه‪ ,‬و ُيعليهم‪ ,‬و ُي ِ‬
‫الحهق‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫والباطهل علهى‬ ‫ِ‬
‫التوحيهد‪,‬‬ ‫َ‬
‫الشهرك علهى‬ ‫ينصر دينَه وكتا َبهه‪ ,‬وأنهه ُي ُ‬
‫هديل‬ ‫ص‬
‫ُ‬
‫والحهق اضهمحالص ص يقهول بعهدَ ه أبهدا‪,‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫يضمح ُّل معهها التوحيهدُ‬ ‫مستقرة‬ ‫إدالة‬
‫ّ‬
‫يليهق بكمالهه وِاللهه‪ ,‬وصهفاته‬ ‫الس ْو ِء‪ ,‬ونسبه إلى خالف ما ُ‬ ‫فقد ظ َّن باهلل ظ َّن َّ‬
‫وحكمتَه وإلهيتَه تهأبى ذلهك‪ ,‬وتهأبى أن َي ِهذ َّل حز ُبهه‬
‫وعزته‪ِ ,‬‬‫فإن حمدَ ه َّ‬ ‫ونعوته‪َّ ,‬‬
‫والظفهر الهدائم ألعدائهه المشهركين بهه‪,‬‬
‫ُ‬ ‫المسهتقر ُة‪,‬‬
‫َّ‬ ‫وِندُ ه‪ ,‬وأن تكون النصهر ُة‬
‫العادلين به‪َ ,‬فمن ظ َّن به ذلك‪ ,‬فما عرفه‪ ,‬وص عرف أسما َءه‪ ,‬وص عرف صهفاتِه‬
‫وكما َله» ‪.‬‬
‫هاحب الحههق ص ينصههره اهلل تعههالى يف الههدنيا‬
‫َق ع ل أيض ع ‪« :‬إذا اعتقههدَ أن صه َ‬
‫واآلخرة‪ ,‬بهل قهد تكهون العاقبه ُة يف الهدنيا للكفهار والمنهافقين علهى المهؤمنين‪,‬‬
‫وللفجههار الظههالمين‪ ,‬علههى األبههرار المتقههين‪ ,‬فهههذا مههن ِهلههه بوعههد اهلل تعههالى‬
‫ووعيده» ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ِديدة!‬ ‫ٍ‬
‫قيادة للبشر ّية‬ ‫َق ل سيد ُقَط ‪« :‬ص بدّ من‬

‫(‪ )1‬زاد المعاد (‪.)229 3‬‬


‫(‪ )2‬إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (‪.)180 2‬‬
‫‪69‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫أوشكت على الزوال‪ ..‬ص ّ‬


‫ألن الحضارة‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫إن قياد َة الرِل ال ربي للبشر ّية قد‬
‫القوة اصقتصادية والعسكرية‪..‬‬ ‫فت من ناحية ّ‬ ‫أفلست ماديا أو ض ُع ْ‬
‫ْ‬ ‫ال ربية قد‬
‫ألن النظال ال ربي قد انتهى دوره؛ ألنه لم يعدْ يملِ ُك رصيدا من « ِ‬
‫الق َيم»‬ ‫ولك ْن ّ‬
‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َيسمح له بالقيادة‪.‬‬
‫وصلت إليها‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫قيادة تملك إبقا َء وتنمي َة الحضارة المادية التي‬ ‫ص بدّ من‬
‫زو ُد البشر ّي َة ٍ‬
‫بقيم‬ ‫المادي‪ ,‬و ُت ِّ‬
‫ّ‬ ‫البشر ّي ُة‪ ,‬عن طريق العبقر ّية األُوروب ّية يف اإلبداع‬
‫وإيجابي‬ ‫ٍ‬
‫ل‬ ‫أصي‬ ‫وبمنهجٍ‬ ‫‪-‬‬ ‫ُ‬
‫ة‬ ‫ي‬ ‫البشر‬ ‫ْه‬
‫ت‬ ‫عرف‬ ‫ما‬ ‫إلى‬ ‫بالقياس‬ ‫‪-‬‬ ‫كاملة‬ ‫ة‬ ‫دَّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِديدة ِ‬
‫ٍّ‬ ‫ّ‬
‫وواقعي يف الوقت ذاته‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫القيم‪ ,‬وهذا المنهج» ‪.‬‬
‫واإلسال ُل‪ -‬وحدَ ه‪ -‬هو الذي يملك تلك َ‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬معالم يف الطريق (ص‪.)6‬‬


‫كشف الظنون‬ ‫‪70‬‬

‫فِط‬ ‫أن البِال ِء ال يرطن إال ب م‬


‫س ُ‬‫بعي من ع‬
‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫ِ‬
‫بالخير أيضا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويكون‬ ‫بالشر‪,‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫غير صحيحٍ ‪ّ ,‬‬
‫فإن اصبتال َء‬ ‫الظن ُ‬
‫ُّ‬ ‫وهذا‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬
‫ﰅ﴾ [األنبياء‪.]35 :‬‬
‫فظ بع ُ كثيع ٍ ‪« :‬قولهه‪﴿ :‬ﯿﰀ ﰁ ﰂ﴾ أي‪:‬‬
‫ق ل محع ُ‬
‫يكفهر‪ ,‬و َمهن‬
‫ُ‬ ‫يشهكر و َمهن‬
‫ُ‬ ‫لننظر َمهن‬
‫َ‬ ‫نختربُكم بالمصائب تارة‪ ,‬وبالنعم أخرى؛‬
‫علي بن أبهي طلحهة‪ ,‬عهن ابهن عبهاس‪﴿ :‬ﯿ﴾‪,‬‬ ‫ُ‬
‫يصربُ و َمن يقنط‪ .‬كما قال ُّ‬
‫يقول‪ :‬نبتليكم بالشر والخير فتنة‪ ,‬بالشدة والرخاء‪ ,‬والصحة والسقم‪ ,‬وال نهى‬
‫والفقر‪ ,‬والحالل والحرال‪ ,‬والطاعة والمعصية‪ ,‬والهدى والضالل» ‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾‬
‫[الفجر‪.]15 :‬‬
‫فظ ب ُ كثي ٍ‪« :‬يقول تعالى ُمنكِرا على اإلنسان يف اعتقاده إذا‬
‫ق ل مح ُ‬
‫اهلل عليه يف الرزق؛ ليختربه يف ذلك‪ ,‬فيعتقد أن ذلك من اهلل إكرا ٌل له‬
‫وسع ُ‬‫ّ‬
‫وامتحان‪ .‬كما قال تعالى‪﴿ :‬ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ٌ‬ ‫وليس كذلك‪ ,‬بل هو ابتال ٌء‬
‫ﯬ ﯭﯮﯯﯰ ﯱﯲﯳﯴ ﯵ ﯶﯷﯸ﴾ [المؤمنون‪.]56 ,55 :‬‬
‫وكذلك يف الجانب اآلخر إذا ابتاله وامتحنه وض ّيق عليه يف الرزق‪ ,‬يعتقهد‬
‫اهلل‪﴿ :‬ﯤ﴾ أي‪ :‬ليس ُ‬
‫األمر كمها زعهم‪ ,‬ص يف ههذا‬ ‫أن ذلك من اهلل إهان ٌة له‪ .‬قال ُ‬

‫(‪ )1‬تفسير القرآن العظيم صبن كثير ‪ -‬تحقيق‪ :‬سالمة ‪.)342 5( -‬‬
‫‪71‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫حهب‪ ,‬و ُيضه ّيق علهى مهن‬


‫حهب ومهن ص ُي ُّ‬ ‫وص يف هذا‪ ,‬فإن اهلل يعطي َ‬
‫المال مهن ُي ُّ‬
‫المدار يف ذلك على طاعة اهلل يف ٍّ‬
‫كهل مهن الحهالين‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫حب‪ ,‬وإنما‬
‫حب و َمن ص ُي ُّ‬
‫ُي ُّ‬
‫اهلل على ذلك‪ ,‬وإذا كان فقيرا ْ‬
‫بأن يصرب» ‪.‬‬ ‫يشكر َ‬
‫َ‬ ‫إذا كان غنيا ْ‬
‫بأن‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه (‪.)398 8‬‬


‫كشف الظنون‬ ‫‪72‬‬

‫َأن ال ِفن لعهم إ م مط ِ‬ ‫لسلمطن‪ُ ،‬‬


‫ِ‬ ‫أن م فض ِ‬ ‫س ُ‬ ‫بعي من ع‬ ‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫ئل م ِف عي ‪َ ،‬ميْ ِ معِيدة َ ألصطل‬ ‫ممس ع‬
‫ٍ‬
‫عقيدة منها‬ ‫ألن الرافض َة يعتقدون عقائدَ ‪ُّ ,‬‬
‫كل‬ ‫باطل بالك ّل ّية؛ ّ‬
‫وهذا الظ ُّن ٌ‬
‫اِتمعت ك ُّلها يف هذه الطائفة الضا ّلة؟!‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫مستقل‪ ,‬فكيف وقد‬ ‫ُك ْف ٌر‬
‫يتصرفون يف‬ ‫َ‬
‫يرون أهنم‬ ‫القول بعصمة األئمة ‪ -‬وغال ُتهم‬ ‫ُ‬ ‫فم عِ ع‬
‫ئدمم‪:‬‬ ‫ع‬
‫ّ‬
‫الحسين‬
‫غير اهلل‪ ,‬كدعاء ُ‬ ‫والشرك بدعاء ِ‬‫ُ‬ ‫أفضل من األنبياء! ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫الكون‪ ,‬وأهنم‬
‫ُ‬
‫والقول‬ ‫والوقوع يف شرك المشاهد والقبور بجميع أشكاله!‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وغيره من أئمتهم!‬
‫وتكفير ُِمهور الصحابة!‬ ‫ُ‬ ‫السنّة النبو ّية!‬
‫وإنكار عا ّمة ُّ‬
‫ُ‬ ‫بتحريف القرآن !‬
‫ِ‬
‫والطع ُن يف ع ْرض الرسول ﷺ با ّتهال عائشة ‪ ‬بما ّبرأها ُ‬
‫اهلل منه !‬
‫ِ‬
‫الخبيثة‪.‬‬ ‫العقائد الضا ّل ِة‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫واستحالل دماء أهل السنة وأموالهم! إلى غير ذلك من‬
‫مر األزمان!‬
‫وقد أفتى بكفرهم علما ُء اإلسالل يف ِميع األصقاع وعلى ِّ‬
‫كاإلمال مالك‪ ,‬وعبد الرحمن بن مهدي‪ِ ,‬‬
‫والفريابي‪ ,‬وأحمد‪ ,‬والبخاري‪ ,‬وأبي‬
‫سالل‪ ,‬وأبي ُز ْرع َة الرازي‪ ,‬وابن ُقتيبة‪ ,‬والقاضي أبي يعلى‪,‬‬
‫عبيد القاسم بن ّ‬

‫سماه‪« :‬فصل الخطاب يف إثبات تحريف كتاب رب‬ ‫ف كتابا ّ‬ ‫(‪ )1‬حتى إن النوري الطربسي أ ّل َ‬
‫األرباب»!!‬
‫ٍ‬
‫(‪ )2‬وهذا وحده كاف يف تكفيرهم!‬
‫مكذب هلل‪ ,‬ومن ّ‬
‫كذب اهلل فهو كافر»‪.‬‬ ‫ق ل إلل م مِ ابي‪« :‬كل من س ّبها مما ّبرأها اهلل منه ّ‬
‫(تفسير القرطبي ‪.)206 12‬‬
‫أهل العلم ‪ ‬قاطبة على أن من س ّبها بعد هذا‪ ,‬ورماها‬ ‫َق ل إلل م ب كثي ‪« :‬أِمع ُ‬
‫بما رماها به بعد هذا الذي ذكر يف هذه اآلية فإنه كافر؛ ألنه معاندٌ للقرآن‪ .‬ويف بقية أمهات‬
‫أصحهما أهنن كهي‪ ,‬واهلل أعلم»‪ .‬تفسير ابن كثير (‪.)31 6‬‬ ‫ُّ‬ ‫المؤمنين قوصن‪:‬‬
‫‪73‬‬ ‫كشف الظنون‬
‫وابن حزل‪ ,‬وال زالي‪ ,‬والقاضي ِعياض‪ ,‬والسمعاين‪ ,‬وابن تيمية‪ِ ...‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫فكيف ُيقال بعد هذا‪ :‬إهنم مسلمون‪ ,‬أو إهنم إخوا ُننا؟!!‬

‫‪‬‬

‫معظم علماء ما وراء النهر إلى كفر اصثني عشرية‬


‫ُ‬ ‫(‪ )1‬ق ل ألمطسي‪ -‬ص وط مِفسي ‪« :-‬ذهب‬
‫وحكموا بإباحة دمائهم وأموالهم وفروج نسائهم‪ ,‬حيث إهنم يسبون الصحابة ‪‬‬
‫ص سيما الشيخين وهما السمع والبصر منه ‪ ,‬وينكرون خالفة الصديق‪,‬‬
‫ويقذفون عائشة أل المؤمنين ‪ ‬مما برأها اهلل تعالى منه‪ ,‬ويفضلون بأسرهم عليا كرل‬
‫اهلل وِه‪ ..‬على غير أولي العزل من المرسلين‪ ,‬ومنهم من يفضله عليهم أيضا‪ ..‬ويجحدون‬
‫سالمة القرآن العظيم من الزيادة والنقَ»‪ .‬أصول مذهب الشيعة اإلمامية اإلثني عشرية‪-‬‬
‫عرض ونقدٌ ‪ -‬للقفاري (‪ َ .)1271 3‬ظ الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضالل‬ ‫ٌ‬
‫والزندقة للهيتمي (‪ )128 1‬فما بعد‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪74‬‬

‫مغيط‬
‫ِ‬ ‫أن مرهن ِ َ مع في ِ يعلمط ِن‬ ‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫بعي م ِه ِل ُ‬
‫اهلل‪ ,‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫علمها إص ُ‬ ‫أمور ال ِ‬
‫يب ك َّلها ص َي ُ‬ ‫ألن َ‬‫ظن فاسدٌ ؛ َّ‬
‫وهذا ٌّ‬
‫﴿ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ﴾‬
‫[األنعال‪.]59 :‬‬
‫وقال سبحانه‪﴿ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫ﭵ﴾ [النمل‪.]65 :‬‬
‫بحال؛ لقوله ﷺ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫يجوز‬ ‫عظيم ص‬ ‫منكر‬ ‫ِ‬
‫هؤصء ال ُك ّهان‬ ‫إن َ‬ ‫ثم ّ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫والعرافين ٌ‬ ‫ّ‬ ‫إتيان‬ ‫ّ‬
‫طل ِف ِِد ِك ِف ِ عب ِم ُأ عه ِل ِع ِلى ُل ِح ُم ٍد ﷺ»‬
‫« ِل ِأتِى ِك عمن ِأَ ِع ُ ف ِف ِصدُ ِق ُه عب ِم ِي ُِ ُ‬
‫أخرِه أحمد ‪.‬‬
‫وعن صف ّية‪ ,‬عن بعض أزواج النبي ﷺ‪ ,‬عن النبي ﷺ‪ ,‬قال‪ِ « :‬ل ِأتِى ِع ُ ف‬
‫ِف ِس ِأ ِم ُه ِع ِشي ٍء‪ِ ،‬مم تُِ ِبل ِم ُه ِص ِالة ِأر ِب ععي ِ ِمي ِل » أخرِه مسلم ‪.‬‬
‫ولعل ما َل ّب َس على هؤصء الجهلة‪ ,‬هو أهنم يشاهدون َ‬
‫بعض هؤصء الكهنة‬ ‫ّ‬

‫(‪ )1‬مر م ‪ :‬هو الذي ُيخرب عن الكوائن يف مستقبل الزمان‪ ,‬ويدّ عي معرف َة األسرار‪ ,‬ومطالع َة‬
‫علم ال يب‪ ,‬وكان يف العرب كهن ٌة يدّ عون معرف َة األمور‪ ,‬فمنهم من كان يزعم أن له رئيسا‬
‫ٍ‬
‫بفهم‬ ‫األمور‬
‫َ‬ ‫من الجن‪ ,‬وتابِعة ُتلقي إليه األخبار‪ ,‬ومنهم من كان يدّ عي أنه َيستدرك‬
‫ُأعطِ ْيه‪ .‬شرح السنة للب وي (‪.)182 12‬‬
‫يستدل هبا على مواقعها‪ ,‬كالمسروق‬‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫أسباب‬ ‫(‪ )2‬مع ف‪ :‬هو الذي يدّ عي معرف َة األمور بمقدِّ ِ‬
‫مات‬ ‫ُ‬
‫من الذي سرقها‪ ,‬ومعرفة مكان الضا ّلة‪ ,‬و ُتت ُ‬
‫ّهم المرأ ُة بالزِّ نا‪ ,‬فيقول‪َ :‬من صاح ُبها‪ ,‬ونحو ذلك‬
‫من األمور‪ .‬المصدر نفسه (‪.)182 12‬‬
‫(‪ )3‬يف المسند ‪-‬ط الرسالة‪ )331 15( -‬رقم (‪َ .)9536‬ق ل لحِِط ‪ :‬حديث حسن‪.‬‬
‫(‪ )4‬يف صحيحه (‪ )1751 4‬رقم (‪.)2230‬‬
‫‪75‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫والعرافين ُيصيبون يف بعض األشياء!‬


‫ّ‬
‫النبي ﷺ‪ ,‬كما ِاء يف حديث عائشة ‪ ,‬أهنا‬ ‫لبس وب ّينه ُّ‬‫وقد ِ ّلى هذا ا ّل َ‬
‫ع‬ ‫ع‬
‫مس ِح ُ ‪،‬‬ ‫ممالِئ ِر ِ تِن عه ُل في م ِع ِن عن‪ُ َِ :‬م ِط ُ‬‫سمعت رسول اهلل ﷺ‪ ,‬يقول‪« :‬إع ُن ِ‬
‫ُطو عيه إع ِمى‬‫ِفِِم ُك ألِل ُق عضي فعي مسم عء‪ِ ،‬فِِس ِِ ع ُب م ُ ي اعي مسمح ِفِِسمعه‪ِ ،‬فِ ع‬
‫ِ ُُ‬ ‫ِ ُ ُ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫طن ِل ِع ِه عل ِئ ِ ِكم ِب ٍ عل ععن عد ِأ ُف عس عهم» أخرِه البخاري ‪.‬‬ ‫مر ُُه عن‪ِ ،‬ف ِير عم ُب ِ‬
‫ع‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ٍ‬
‫ويف لف عنده‪ِ « :‬فِِس ِم ُح م ُ ِي اي ُ مرِل ِم ِ‪ِ ،‬ف ِِ ُِ ُّ ِم في ُأ ُذ عن م ِر م ع ك ِِم ُت ِِ ُّ‬
‫َن ِل ِع ِه عل ِئ ِ ك عِم ِب ٍ » ‪.‬‬ ‫َرةُ‪ِ ،‬ف ِي عهيدُ ِ‬
‫م ِِ ُر ِ‬
‫محق‪ِ ،‬يخ َِ ُف ِه م ع ن ُّي‪ِ ،‬ف ِي ُِ ُّ ِم فعي ُأ ُذ عن َِمعي عه‬ ‫ع ع‬ ‫ع‬
‫ويف لف له‪« :‬تل ِك مرِل ِم ُ ل ِ ِ‬
‫ٍ‬

‫طن فع ِيه ِأك ِث ِ عل عل ِئ ع كِم ِب ٍ » ‪.‬‬‫ِق ُ مدُ ِج ِج ع ‪ِ ،‬ف ِيخ عل َُ ِ‬


‫وِا َء يف حديث أبي هريرة ‪ ‬عن النبي ﷺ‪ ,‬قال‪« :‬إع ِذ ِق ِضى هللُ ألِلع ِ‬
‫ممالِئعرِع ُ بع ِأجن ع ِحِع ِهع ُ ضع ِع مع ِِطمع ععه‪ ،‬ك ِِأ ُع ُه عسل عسع ِل ِع ِلعى‬ ‫ع‬
‫مس ِعم ء‪ِ ،‬ضع ِ ِبن ِ‬
‫ع‬
‫في ُ‬
‫ع‬
‫ع ع‬
‫مح ُعق‪،‬‬ ‫ِصف ِط ٍن‪ِ ،‬فإع ِذ ُفه ِع ِع ُق ُلطبع عهم ِق ُمط ‪ِ :‬ل ِذ ِق ِل ِر ُّبرُم؟ ِقع ُمط م ُلعمي ِقع ِل‪ِ :‬‬
‫ع‬
‫مسم عح ِمر ِِم ِبع ُض ُه ِفط ِب‬ ‫مسمحع‪ُ َِ ،‬لس ِِ ع ُب ُ‬ ‫َِ ُم ِط م ِعل ُّي م ِربعي ُ ‪ِ ،‬ف ِيس ِم ُع ِه ُلس ِِ ع ُب ُ‬
‫ان بِ َك ِّف ِهه َف َح َر َف َهها‪َ ,‬و َبهدَّ َد َبه ْي َن َأ َصهابِ ِع ِه‪ِ -‬ف ِيس ِعم ُح مر عِل ِمع ِ‬
‫هف ُسه ْف َي ُ‬ ‫ِبع ٍ‬
‫ي‪َ -‬و َو َص َ‬
‫ِف ُيل عِ ِيه إع ِمى ِل تِح ِِ ُه‪ُ ،‬ث ُم ُيل عِ ِيه ِل ِ ُ إع ِمى ِلع تِحِِع ُه‪ِ ،‬وُِعى ُيل عِ ِي ِهع ِع ِلعى مع ِسع عن‬
‫مس عو ع ِأ عَ م ِر عم ع ‪ِ ،‬ف ُ ُب ِم ِأد ِر ِخ م ِه ُ ِقب ِل ِأن ُيل عِ ِي ِهع ‪ُ َِ ،‬ر ُب ِمع ِأم ِِ ِمع ِقب ِعل ِأن‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه (‪ )111 4‬رقم (‪.)3210‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري (‪ )125 4‬رقم (‪.)3288‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري (‪ )47 8‬رقم (‪.)6213‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪76‬‬

‫ُيد عر ِك ُه‪ِ ،‬ف ِير عم ُ ِل ِع ِه عل ِئ ِ كِم ِب ٍ ‪ِ ،‬ف ُي ِِ ُل‪ِ :‬أ ِمي ِْ ِقد ِق ِل ِمنِع ِيعط ِم ك ِِعم َِك ِِعم ‪ :‬ك ِِعم‬
‫مس ِم عء» أخرِه البخاري ‪.‬‬ ‫ع ع‬ ‫ع ع ع‬
‫ك مرِل ِم ُمِي ِسم ِح ل ِ ُ‬ ‫َِك ِِم ‪ِ ،‬ف ُي ِصدُ ُب بعِعل ِ‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه (‪ )122 6‬رقم (‪.)4800‬‬


‫‪77‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ٌّص‬ ‫أن شعي ِة ألل ع ب ممع َف َ ع‬


‫منهي ع ممنر‬ ‫س ُ‬‫بعي من ع‬ ‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫ع‬ ‫ع‬
‫مسلَ ن‬‫ب م ع ه ت م سمي مِي ُينص ُبه ُ‬
‫ِ‬
‫الشعيرة عا ّمةٌ‪,‬‬ ‫النصوص التي ِاءت يف هذه‬ ‫األمر كما ظنُّوا؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫وليس‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫مخص ٍ‬
‫َ ص َي ُسو ُغ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫فتخصيصها بال‬
‫ُ‬
‫فمن ذلك قو ُله تعالى‪﴿ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥﭦﭧﭨﭩ﴾ اآلية [آل عمران‪.]110:‬‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ‬
‫ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ‬
‫ﮤﮥﮦ ﮧﮨﮩﮪﮫ﴾ [التوبة‪.]71:‬‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ‬
‫ﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ﴾ [التوبة‪.]112:‬‬
‫هدري‬ ‫ٍ‬
‫سهعيد ُ‬ ‫ِ‬ ‫لكل ٍ‬ ‫األمر صريحا هبذا ِّ‬
‫الخ ِّ‬ ‫حهديث أبهي‬ ‫أحد‪ ,‬كما يف‬ ‫ُ‬ ‫بل ِا َء‬
‫ع‬
‫هول اهلل ﷺ‪ ,‬يقههول‪ِ « :‬لع ِر ِأى لععنرُم ُلن ِرع ِفل ُيغِيع ُ‬ ‫همعت رسه َ‬ ‫‪ ,‬قههال‪ :‬سه ُ‬
‫يمع عن»‬
‫إل ِ‬‫ف ع‬ ‫بع ِي عد ع ِفإعن ِمعم ِيسعَِِعح ِفبع عل ِسع ع عه ِفعإعن ِمعم ِيسعَِِعح ِفبع ِِلبع ععه َِ ِذمع ِ‬
‫عك ِأضع ِع ُ‬
‫أخرِه مسلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه ‪ -‬ط الرتكية ‪ )50 1( -‬رقم (‪.)186‬‬


‫باب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪-‬‬ ‫الباب‪ -‬أعني َ‬ ‫َ‬ ‫منطَي‪« :‬اعلم أن هذا‬
‫ُّ‬ ‫مفِ ‪ :‬ق ل‬
‫رسول قليل ٌة ِدا‪ ,‬وهو‬ ‫يبق منه يف هذه األزمان إص‬ ‫ٍ‬
‫متطاولة‪ ,‬ولم َ‬ ‫ٍ‬
‫أزمان‬ ‫أكثره من‬
‫ٌ‬ ‫قد ُض ّيع ُ‬
‫والطالح‪ ,‬وإذا لم‬ ‫الصالح‬ ‫العقاب‬ ‫ُ‬
‫الخبث عَ َّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عظيم به قوال األمر ومالكه‪ ,‬وإذا ك ُثر‬ ‫باب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫اهلل تعالى بعقابِه‪﴿ ,‬ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم ُ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ﴾ [النور‪ ,]63:‬فينب ي لطالب اآلخرة والساعي يف‬
‫=‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪78‬‬

‫األمههر‬
‫ُ‬ ‫يخههتَ‬
‫ُّ‬ ‫منععطَي ِ شعع ح مععم محععديث‪« :‬قههال العلمهها ُء‪ :‬وص‬
‫ُّ‬ ‫قعع ل‬
‫هائز آلحههاد‬
‫بههالمعروف والنهه ُهي عههن المنكههر بأصههحاب الوصيههات‪ ,‬بههل ذلههك ِه ٌ‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫هاع المسههلمين؛ فههإن غيه َهر الههوصة يف‬ ‫قع ل إلع ُم محع لي ‪ :‬واله ُ‬
‫هدليل عليههه إِمه ُ‬
‫الصدر األول والعصر الذي يليه‪ ,‬كانوا يأمرون الوص َة بالمعروف وينههوهنم عهن‬
‫هرك تههوبيخهم علههى التشههاغل بههاألمر‬ ‫المنكههر‪ ,‬مههع تقريه ِهر المسههلمين إيههاهم‪ ,‬وته ِ‬
‫ٍ‬
‫وصية‪ ,‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫بالمعروف والنهي عن المنكر من غير‬
‫يختلف‬
‫ُ‬ ‫يأمر به وينهى عنه‪ ,‬وذلك‬
‫أمر وينهى من كان عالما بما ُ‬
‫ثم إنه إنما ي ُ‬
‫والمحرمات المشهورة‪,‬‬ ‫فإن كان من الواِبات الظاهرة‬ ‫ِ‬
‫الشيء‪ْ ,‬‬ ‫باختالف‬
‫َّ‬
‫كالصالة والصيال‪ ,‬والزنا والخمر‪ ,‬ونحوها‪ُّ ,‬‬
‫فكل المسلمين علما ُء هبا‪ْ ,‬‬
‫وإن‬

‫عظمه‪,‬‬
‫عظيم‪ ,‬ص سيما وقد ذهب ُم ُ‬ ‫ٌ‬ ‫يعتني هبذا الباب؛ فإن نف َعه‬
‫َ‬ ‫تحصيل رضا اهلل ‪ ,‬أن‬
‫اهلل تعالى قال‪﴿ :‬ﭺ‬ ‫يهابن َم ْن ُينكر عليه؛ صرتفاع مرتبته‪ ,‬فإن َ‬
‫َّ‬ ‫خلَ نيتَه‪ ,‬وص‬
‫و ُي َ‬
‫ﭻﭼﭽ﴾ [الحج‪.]40:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ﴾ [آل عمران‪.]101:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮠﮡﮢﮣﮤ﴾ [العنكبوت‪.]69:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧﮨﮩﮪ ﮫﮬﮭﮮ ﮯﮰ ﮱﯓ ﯔ‬
‫ﯕﯖﯗﯘﯙﯚ﴾ [العنكبوت‪.]3 ,2:‬‬
‫األِر على قدْ ر الن ََّصب‪ ,‬وص ُيتار ُكه أيضا؛ لصداقته ومودته ومداهنته وطلب‬ ‫َ‬ ‫َ علم أن‬
‫الوِاهة عنده ودوال المنزلة لديه؛ فإن صداقته ومودته ُتوِب له حرمة وحقا‪ ,‬ومن حقه‬
‫وصديق اإلنسان ومح ُّبه هو من‬
‫ُ‬ ‫مضارها‪,‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وينقذه من‬ ‫ينصحه ويهد َيه إلى مصالح آخرته‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫وعدوه َمن يسعى يف ذهاب‬ ‫ُّ‬ ‫نقَ يف دنياه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫سعى يف عمارة آخرته‪ ,‬وإن أ ّدى ذلك إلى‬
‫أو نقَ آخرته وإن حصل بسبب ذلك صور ُة نف ٍع يف دنياه»‪ .‬المنهاج يف شرح صحيح‬
‫مسلم بن الحجاج (‪.)24 2‬‬
‫‪79‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ٌ‬
‫مدخل‬ ‫كان من دقائق األفعال واألقوال‪ ,‬ومما يتع ّلق باصِتهاد‪ ,‬لم يكن للعوا ّل‬
‫إنكاره‪ ,‬بل ذلك للعلماء» ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيه‪ ,‬وص لهم‬
‫للج ِ‬
‫هات‬ ‫الخ ُصوص‪ -‬م ْوك ٌَل ِ‬ ‫إن اإلنكار باليد‪ -‬على ِ‬
‫وِه ُ‬ ‫نعم‪ ,‬قد ُيقال‪ّ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫صحيح‪.‬‬ ‫السلطان؛ منعا للفوضى‪ ,‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫نص ُبها ُ‬
‫الرسم ّية التي ُي ِّ‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ور ٍ‬‫لم ِ‬ ‫مسلم‪ ,‬لكن ِ‬
‫بع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫متاح ِّ‬ ‫ِ‬
‫فق‪ُ ,‬‬ ‫ْ‬ ‫لكل‬ ‫اإلنكار باللسان فهو ٌ‬
‫ُ‬ ‫أما‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه (‪.)23 2‬‬


‫كشف الظنون‬ ‫‪80‬‬

‫دفح مم مط ِ‬
‫َي ُ‬‫منمر مط ممي ُيحِق ممَلط ِ ‪ِ ،‬‬ ‫أن ِ‬ ‫س ُ‬‫بعي من ع‬ ‫ُّ ُ‬ ‫* ِي ُظ‬
‫ِ‬
‫دفع ُض ٍّر لنفسه أو لقريبِه‪َ ,‬‬
‫نذر هلل‬ ‫أحدَ هم ك ّلما أرا َد ِ ْل َ‬
‫ب نف ٍع أو َ‬ ‫فتجدُ‬
‫حص َل له المرا ُد!‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫نذ َر طاعة؛ ل َي ُ‬
‫ٍ‬
‫مخرج‬ ‫فيبحث عن‬‫ُ‬ ‫يستطيع الوفا َء به!‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫صعب ص‬ ‫نفسه ٍ‬
‫بنذر‬ ‫ور َط َ‬ ‫ور ّبما َّ‬
‫ِ‬
‫العلماء والمفتين‪ ,‬ومع ذلك فيلز ُمه فِ ْع ُله ‪.‬‬ ‫من نذره عند‬
‫صرف عنهم ُضرا‪ ,‬وص َير ُّد قضاء‪ ,‬فال‬ ‫ُ‬ ‫أن ْ‬
‫النذ َر ص َي ُج ُّر لهم نفعا‪ ,‬وص َي‬ ‫مع ّ‬‫َ‬
‫داعي للنذر حين ٍذ‪.‬‬
‫َ‬
‫أحاديث كثيرة‪.‬‬ ‫ولذا فقد ذ َّم ُه النبي ﷺ ّ‬
‫وحذ َر منه يف‬ ‫ُّ‬
‫ابن عمر ‪ ‬يقول‪َ :‬أو َل ْم ُين َْه ْوا عن‬
‫فعن سعيد بن الحارث أنه سمع َ‬
‫النبي ﷺ قال‪« :‬إع ُن منُم ِر ِال ُي ِِد ُم ِشيئ َِ ِال ُي ِؤ ُ ‪َِ ،‬إع ُِم ُيسِِخ ِ ُج‬ ‫ّ‬
‫النذر؟! إن َّ‬
‫يل» أخرِه البخاري ‪.‬‬ ‫خ ع‬‫بع منُم عر عل مب ع‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ يوما ينهانا عن النذر‬ ‫ُ‬ ‫وعن عبد اهلل بن عمر ‪ ,‬قال‪ :‬أخذ‬
‫يح» أخرِه مسلم ‪.‬‬ ‫ح ع‬ ‫ويقول‪« :‬إع ُه الِ ي د ِشيئ َإع ُم يسِِخ ج بع عه عل م ُ ع‬
‫ِ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ ِ ُ‬ ‫ُ ِ ُ ُّ‬
‫النبي ﷺ قال‪« :‬إع ُن منُعم ِر الِ ُي ِِع ُ علع ع بع ع آ ِد ِم‬ ‫وعن أبى هريرة ‪ ‬أن َّ‬
‫ك علع مب ع‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ع‬
‫خ ع‬
‫يعل‬ ‫ِشيئ ِمم ِي ُر ع هللُ ِقدُ ِر ُ ِم ُه َِ ِمر ع منُعم ُر ُي ِط ف ُعق م ِِعدِ ِر ِف ُيخع ِ ُج بع ِعمم ِ ِ ِ‬

‫ابن عثيمين ‪ ‬قائال‪ :‬إنه نذر ْ‬


‫إن رزقه‬ ‫العالم َة َ‬
‫يسأل ّ‬ ‫مرة سائال ُ‬ ‫سمعت ّ‬
‫ُ‬ ‫(‪ )1‬ل مغ ئط أين‬
‫أن يتصدَّ ق بجميع راتبِها!! ‪ُ -‬‬
‫فقلت يف نفسي‪ :‬ما الفائد ُة من الوظيفة إذن؟!‪-‬‬ ‫ٍ‬
‫بوظيفة ْ‬ ‫اهلل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بأن يتصدَّ َق بال ُّث ُلث و ُيمس َك الثلثين‪.‬‬
‫فأفتاه الشي ُ ْ‬
‫(‪ )2‬يف صحيحه ‪-‬الطبعة األميرية‪ )141 8( -‬رقم (‪.)6692‬‬
‫(‪ )3‬يف صحيحه ‪-‬الطبعة الرتكية‪ )77 5( -‬رقم (‪.)4325‬‬
‫‪81‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫يل ُي عيدُ ِأن ُيخ ع ِج» أخرِه مسلم ‪.‬‬


‫خ ُ‬‫ل ِمم ي ُر ع مب ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمر ص َي ُج ُّر لهم يف‬
‫ق ل ب ألثي ‪َ « :‬و ِْ ُه الحديث‪ :‬أنه قد أعلمهم أن ذلك ٌ‬
‫العاِل نفعا‪ ,‬وص َيصرف عنهم ُضرا‪ ,‬وص ير ُّد قضاء‪ ,‬فال ُ‬
‫تنذروا على أنكم‬
‫يصرف به عنكم ما ِرى به القضا ُء‬‫ُ‬ ‫ُتدركون بالنذر شي ا لم يقدِّ ْره ُ‬
‫اهلل لكم‪ ,‬أو‬
‫رِوا عنه بالوفاء؛ فإن الذي نذرتموه صز ٌل لكم» ‪.‬‬
‫فاخ ُ‬‫عليكم‪ ,‬فإذا فع ْل ُتم ذلك ْ‬
‫ُ‬
‫يبحث عن مخرجٍ‬ ‫يجب عليه‪ ,‬ثم‬ ‫ٍ‬
‫شيء لم‬ ‫نفسه يف‬ ‫ُ‬ ‫ور ُط‬
‫ْ‬ ‫اإلنسان َ‬ ‫فلماذا ُي ِّ‬
‫منه بعد ذلك؟!‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه ‪-‬الطبعة الرتكية‪ )77 5( -‬رقم (‪.)4331‬‬


‫(‪ِ )2‬امع األصول (‪.)539 11‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪82‬‬

‫كل ل َصفه معلم ُء بأ ه ُسن ‪ ،‬ج زِ فعع ُله َ ِت كُه‬ ‫أن ُ‬


‫س ُ‬‫* ِي ُظ ُّ كثي ل من ع‬
‫يجوز تر ُكه؛‬
‫ُ‬ ‫كل ما َأ َ‬
‫طلق عليه العلما ُء أنه ُسن ٌة‬ ‫األمر كما ظنُّوا‪ ,‬فليس ُّ‬
‫وليس ُ‬
‫إن المعنى‬ ‫يأثم المك َّل ُ‬
‫ف برتكها‪ ,‬إ ْذ ّ‬ ‫أمور هي من السنن الواِبة التي ُ‬
‫بل هناك ٌ‬
‫هدي النبي ﷺ وطريق ُته‪ ,‬وهذا قد يكون واِبا‪ ,‬وقد يكون‬
‫ُ‬ ‫العا ّل للسنة‪ :‬هو‬
‫مستحبا‪ ,‬بحسب النصوص الواردة يف ذلك‪.‬‬
‫بالنبي ﷺ؟‬
‫ِّ‬ ‫أطلق لِحيت ََك اقتداء‬ ‫ٍ‬
‫لحليق مثال‪ْ :‬‬ ‫قلت‬
‫فإذا َ‬
‫قال لك‪ :‬إعفاء ا ّل ِ‬
‫لحية سن ٌة!‬ ‫ُ‬
‫نصوص كثير ٌة يف األمر‬ ‫ٌ‬ ‫وردت‬
‫ْ‬ ‫واِب‪ ,‬وقد‬
‫ٌ‬ ‫وهذا خط ٌأ؛ ّ‬
‫فإن إعفا َء اللحية‬
‫سائر ال ُك ّفار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بذلك‪ ,‬وأهنا من شعار المسلمين الذي يمايزون به َ‬
‫فعههن ابههن عمههر ‪ ‬عههن النبههي ﷺ قههال‪ ِ « :‬ع مع ُفط م ُم ع عكعي ِ ؛ َِف ع ُ َ‬
‫مل ِحى‪ِ َِ ،‬أو ُفط م ُ ِط عر ِ » أخرِه البخاري ‪.‬‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ُ « :‬جهَُّ م ُ ِط عر ِ َِ ِأر ُ ط‬
‫ُ‬ ‫وعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‬
‫ع‬
‫طس» أخرِه مسلم ‪.‬‬ ‫مل ِحى‪ ِ ،‬م ُفط م ِم ُ ِ‬
‫تدل على األمر بإعفائها وتحريم ح ْلقها‪.‬‬ ‫ألفاظ أخرى ك ُّلها ُّ‬
‫ٌ‬ ‫وهناك‬
‫هس روايههات‪« :‬أعفههوا» و«أوفههوا» و«أرخههوا»‬
‫عطَي‪« :‬فحصههل خمه ُ‬
‫ق ع ل منع ُّ‬
‫و«أرِوا» و«وفروا»‪.‬‬
‫َلعن مع كلهع ‪ :‬تركههها علههى حالههها‪ ,‬هههذا هههو الظههاهر مههن الحههديث الههذي‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه ‪-‬الطبعة األميرية‪ )160 7( -‬رقم (‪.)5892‬‬


‫(‪ )2‬يف صحيحه ‪-‬ط الرتكية‪ )153 1( -‬رقم (‪.)626‬‬
‫‪83‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫تقتضيه ألفا ُظه‪ ,‬وهو الذي قاله ِماع ٌة من أصحابنا ُ‬


‫وغيرهم من العلماء» ‪.‬‬
‫َق ل ب ُ ألثي ‪« :‬إعفا ُء ا ِّللحية‪ :‬تر ُكها ص ُت ُّ‬
‫قَ‪ ,‬حتى َت ْع َ‬
‫فو‪ ,‬أي تكثر» ‪.‬‬
‫إِماع العلماء كافة على تحريم حلقها‪.‬‬
‫َ‬ ‫وقد نقل اب ُن حز ٍل واب ُن تيمية‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬المنهاج يف شرح صحيح مسلم بن الحجاج (‪.)151 3‬‬


‫(‪ِ )2‬امع األصول (‪.)764 4‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪84‬‬

‫ِ‬
‫يفععل‬ ‫مح يع معط أن مَل سع ن محعق ِ أن‬
‫أن لعنعى ُ‬
‫س ُ‬‫بعي منع ع‬
‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫ل ي ُء‪َ ،‬يِ ِخ ل ي ُء‬
‫للحر ّية!‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫لوط‬ ‫وهذا مفهو ٌل م‬
‫التحر ُر من العبودية ل ير اهلل تعالى‪,‬‬
‫ُّ‬ ‫أل لفهط ُم مح ي ِ السالم‪ ,‬فهو‬
‫ف‪ ,‬مق َّيد ٌة أفعا ُله باألمر‬
‫اإلنسان عبدٌ هلل مك َّل ٌ‬
‫َ‬ ‫وتحقيق العبود ّية هلل وحدَ ه؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫ُ‬
‫تحرر من ذلك فهو عبدٌ لهواه وللشيطان‪.‬‬
‫والنهي‪ ,‬فمتى َّ‬
‫ق ل ب ُ مِيم ‪ُ ِ ‬ط يِه ‪:‬‬

‫عععنفْ َ م ععععيَ عن‬


‫ع‬ ‫ف ُب ُلععععط بعععع عب مع‬ ‫ِم ِ ُبععط ل ع م ع ب مععمي ُ علِععط مععه‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬الكافية الشافية يف اصنتصار للفرقة الناِية (ص‪.)916‬‬


‫‪85‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫أن ممسِخي ِ إذ أتى بصالة السعِخ رة فإ عه ال ُبعد أن‬


‫س ُ‬‫بعي من ع‬‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫ِ‬
‫تحدث مه ب رة‬ ‫ِي ى ُرمي ‪ ،‬أَ‬
‫يأت يف حديث اصستخارة أو غيره ما ُّ‬
‫يدل‬ ‫وهذا الظن ليس بالزلٍ؛ فلم ِ‬
‫ُّ‬
‫على هذا‪.‬‬
‫غلب على ظنه أنه الخير من‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬
‫اصستخارة ْ‬ ‫ِ‬
‫يفعل ما َ‬ ‫المستخير بعد‬ ‫فعلى‬
‫يس ُره له‪ ,‬وإص َص َر َفه عنه‪ ,‬أما ْ‬
‫أن‬ ‫الخير فإن اهلل س ُي ِّ‬
‫ُ‬ ‫الفعل أو الرتك‪ ,‬فإن كان فيه‬
‫نَ‪ ,‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫يرى ذلك يف المنال فليس بالزلٍ‪ ,‬ولم ير ْد به ٌ‬
‫ق ل معالل م ُ وم ي‪« :‬ليس يف الحديث أن اهلل ُينشهئ يف قلهب المسهتخير‬
‫ذكهر ْ‬
‫أن يهرى‬ ‫ٍ‬
‫لجانهب أو مهيال إليهه‪ .‬كمها أنهه لهيس فيهه ُ‬ ‫بعد اصستخارة انشراحا‬
‫وعهه شهي ٌء‪ ,‬بهل ربمها‬‫هاتف‪ ,‬أو يلقهى يف ر ِ‬
‫ٍ‬ ‫المستخير رؤيا‪ ,‬أو يسمع صوتا من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هتخير يف نفسههه انشههراحا بعهد تكههرار اصسههتخارة‪ ,‬وهههذا ُيقه ِّهوي ّ‬
‫أن‬ ‫ص يجهد المسه ُ‬
‫األمر ليس موقوفا على اصنشراح»‪.‬‬
‫َ‬

‫ول اهللِ ﷺ ُي َع ِّل ُمنَا‬ ‫َان َر ُس ُ‬


‫(‪ )1‬وديث السِخ رة مط‪ :‬عن ِابر بن عبد اهلل ‪ ‬قال‪ :‬ك َ‬
‫ور كَما يع ِّلمنَا السور َة مِن ا ْل ُقر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ول‪« :‬إع ِذ ِم ُم ِأ ِودُ كُم بع ألِل ع‪ِ ،‬فل ِي كِح‬ ‫آن َي ُق ُ‬ ‫ُّ َ ْ ْ‬ ‫اص ْست َخ َار َة في ْاألُ ُم ِ َ ُ َ ُ‬
‫ِخي ُ ِخ بع ععل عم ِك‪ِ َِ ،‬أسِِِ عد ُر ِخ بع ُِد ِرتع ِك‪،‬‬ ‫يض ع ‪ُ ،‬ثم معي ُِل‪ :‬م ُل ُهم إع ي ِأسِ ع‬
‫ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِرك ِعِِي ع عل غِي ع م ِف ع ِ‬
‫ن ِع ُال ُم م ُغ ُيط ع ‪،‬‬ ‫ُك تِِ عد ُر َِ ِال ِأق عد ُر‪َِ ،‬تِع ِل ُم َِ ِال ِأع ِل ُم‪ِ َِ ،‬أ ِ‬
‫َِ ِأس ِأ ُم ِك عل ِفض عل ِك م ِعظعيمع‪ِ ،‬فإع ِ‬
‫ن تِع ِل ُم ِأ ُن ِم ِم ألِل ِ ِ ي معي فعي عدينعي َِ ِل ِع عشي َِ ِع قع ِب ع ِأل عي‪ِ -‬أَ ِق ِل‪ِ :‬ع عج عل‬ ‫م ُل ُه ُم إعن كُن ِ‬
‫ن تِع ِل ُم ِأ ُن ِم ِم ألِل ِ ِش ٌّ معي عفي‬ ‫آج عل عه‪ِ -‬ف قدُ ر ُ معي َِ ِيس ُ معي ُث ُم ِب عرخ معي فع عيه‪َِ ،‬إعن كُن ِ‬ ‫ِأل عي َِ ع‬
‫آج عل عه‪ِ -‬ف ص عف ُه ِعني‪ َِ ،‬ص عفنعي ِعن ُه‪،‬‬ ‫عدينعي َِ ِل ِع عشي َِ ِع عق ِب ع ِأل عي‪ِ -‬أَ ِق ِل‪ :‬فعي ِع عج عل ِأل عي َِ ع‬
‫ث ِك ِن‪ُ ،‬ث ُم ِأر عضنعي‪ِ ،‬ق ِل‪ُ َِ :‬ي ِسمي ِو ِج ِِ ُه»‪ .‬صحيح البخاري ‪ -‬الطبعة‬ ‫َِ قدُ ر معي م ِخي ِ ِوي ُ‬
‫األميرية (‪ )56 2‬رقم (‪.)1162‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪86‬‬

‫اهلل‬
‫صرف ُ‬‫َ‬ ‫أمر للعبد بالدعاء بأن َي‬
‫المذكور يف الحديث إنما هو ٌ‬
‫ُ‬ ‫َِ م مل ‪,‬‬
‫الخير أينما كان‪ ,‬وهذا ِ ر ب ُ عبد مسالم ويث ق ل‪ :‬يفعل‬
‫َ‬ ‫الشر ويقدّ َر له‬
‫عنه َّ‬
‫َّ‬
‫واستدل له بقوله يف بعض طرق حديث ابن مسعود يف آخره‪:‬‬ ‫المستخير ما ا َّتفق‪,‬‬
‫ُ‬
‫«ثم يعهم»‪ُ ،‬‬
‫وأول الحديث‪« :‬إذ أر د أودكم أل فليِل»‪.‬‬
‫ركعتي اصستخارة‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫َق ل م ي ُ كم ُل مدي مهُللر ي‪« :‬إذا صلى‬
‫الخير وإن‬
‫َ‬ ‫نفسه له أل ص؟ ّ‬
‫فإن فيه‬ ‫انشرحت ُ‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫ألمر‪ ,‬فليفعل بعدَ ها ما بدا له‪ ,‬سوا ٌء‬
‫اشرتاط انشراح النفس» ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لم تنشرح له نفسه‪ ,‬وليس يف الحديث‬
‫المقهدور َي ْكتن ِ ُفهه أمهران‪ :‬اصسهتخار ُة قب َلهه‪,‬‬
‫ُ‬ ‫ف ئدة‪ :‬قع ل إللع ُم بع ُ مِعيم‪« :‬‬
‫والرضهها بعههدَ ه‪ِ .‬‬
‫فمههن توفيههق اهلل لعبههده وإسههعاده إ ّيههاه‪ ,‬أن يختههار قبههل وقوعههه‪,‬‬ ‫ِّ‬
‫ويرضى بعد وقوعه‪ .‬ومِن ِخذصنه لهه أن ّص يسهتخيره قبهل وقوعهه‪ ,‬وص يرضهى‬
‫به بعد وقوعه!‬
‫أصبحت على ما ُأ ُّ‬
‫حب أو على ما أكره؛‬ ‫ُ‬ ‫‪ :‬ص أبالي‬ ‫َق ل عم ب مخَ‬
‫الخير فيما ُأ ُّ‬
‫حب أو فيما أكره‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ألين ص أدري‬
‫فلر َّب ٍ‬
‫أمر‬ ‫َق ل محس ‪ :‬ص َتكرهوا النَّ َق َمات الواقعة‪ ,‬والباليا الحادثة‪ُ ,‬‬
‫أمر ُتؤثِ ُره فيه َع َط ُبك» ‪.‬‬
‫ولر َّب ٍ‬
‫تكرهه فيه نجا ُتك‪ُ ,‬‬
‫ُ‬

‫‪‬‬
‫(‪ )1‬مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (‪.)364 4‬‬
‫(‪ )2‬شفاء العليل يف مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (‪.)103 1‬‬
‫‪87‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫مسالم فِط‬ ‫أن مَِيع ِ بي أي ُلِه عج ِ ي ع ُ‬


‫تهَل ب ُ‬ ‫س ُ‬‫بعي من ع‬
‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫ِ‬
‫فعطب ثعالث‬ ‫ويستد ّلون على ذلك بقوله ﷺ‪« :‬ال ي ع‬
‫ح ُّل ممسلم أن يه ِ أ‬ ‫ِ‬
‫َيع ع ُض مععم ‪ َ ،‬ي ُ مم ع مععمي يبع ُ‬
‫عدأ ب مسععالم»‪.‬‬ ‫ميع ل‪ ،‬يلِِي ع ن‪ ،‬ف ُيع ع ع ُض مععم ‪ُ ،‬‬
‫أخرِه الجماعة إِص النسائي ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ثالث‪ ،‬فإن ل ُ ت به ثالث‬ ‫ح ُّل ممؤل أن يه ِ لؤلن ِ‬
‫فطب‬ ‫وقوله ﷺ‪« :‬ال ي ع‬
‫ِ‬
‫ِفل ِيل ِِ ُه َم ُيسلم عليه‪ ،‬فإن ر ُد عليه‪ ،‬فِد شِ ك ِ ألج ‪َ ،‬إعن مم ي ُد عليه فِد‬
‫ب ِء ب إلثم»‪ .‬أخرِه أبو داود ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫تفصيل عند العلماء‪.‬‬ ‫األمر على إطالقه‪ ,‬بل فيه‬
‫ُ‬ ‫وليس‬
‫ُ‬
‫جران بالسالل؟‬ ‫فظ ب ُ رجط ‪« :‬اختلفوا‪ :‬هل ينقطع ِ‬
‫اله‬ ‫ق ل مح ُ‬
‫وروي عن الحسن ومالك يف رواية ابن وهب‪,‬‬
‫فِ من ا ئف ‪ :‬ينقطع بذلك‪ُ ,‬‬
‫وقاله طائف ٌة من أصحابنا‪ّ ,‬‬
‫وخرج أبو داود من حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ‬

‫ث‪ِ ،‬فإعن ِل ُ ت بع عه ِث ِالث ِفل ِيل ِِ ُه‬ ‫قال‪ِ « :‬ال ي عح ُّل معمؤ عل ٍ ِأن يه لؤ علن ِفط ِب ِث ِال ٍ‬
‫ِ ُِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫مس ِال ِم ِف ِِ عد ش ِِ ِ ِك عفي ألِج ع‪َِ ،‬إعن ِمم ِي ُ ُد ِع ِلي عه ِف ِِد ِب ِء‬ ‫ع‬ ‫ع‬
‫ِفل ُي ِسلم ِع ِليه‪ِ ،‬فإعن ِر ُد ِع ِليه ُ‬
‫إلثمع‪ِ ِ ِ َِ ،‬ج م ُم ِسل ُم عل ِ م عه ِ عة»‪.‬‬ ‫بع ع‬
‫ولك ْن هذا فيما إذا امتنع َ‬
‫اآلخ ُر من الر ّد عليه‪ ,‬فأ ّما مع الر ّد إذا كان بينهما‬
‫نظر‪ .‬وقد قال أحمد يف رواية األثرل‪,‬‬ ‫َ‬
‫قبل الهجرة مو ّدةٌ‪ ,‬ولم يعودا إليها‪ ,‬ففيه ٌ‬
‫وس ل عن السالل‪ :‬يقطع الهجران؟ فقال‪ :‬قد يس ِّلم عليه وقد َصدّ عنه‪ ,‬ثم‬
‫ُ‬

‫(‪ِ )1‬امع األصول (‪.)646 6‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪88‬‬
‫ع‬
‫عوده أن‬ ‫النبي ﷺ يقول‪ِ « :‬يلِِِ ِي عن ِف ِي ُصدُّ ِم ِم َِ ِي ُصدُّ ِم ِم »‪ ,‬فإذا كان قد ّ‬
‫قال‪ُّ :‬‬
‫ُيك ّلمه أو ُيصافحه‪ .‬وكذلك ُروي عن مالك أنه ص تنقطع الهجرة بدون ال َع ْود‬
‫إلى المو ّدة‪.‬‬
‫بعضهم بين األقارب واألِانب‪ ,‬فقال يف األِانهب‪ :‬تهزول الهجهر ُة‬
‫وفرق ُ‬
‫َّ‬
‫بمجههرد السههالل‪ ,‬بخههالف األقههارب‪ ,‬وإنمهها قههال هههذا لوِههوب صههلة‬
‫ّ‬ ‫بيههنهم‬
‫الرحم» ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ِ )1‬امع العلول والحكم (‪ َ .)270-269 2‬ظ التمهيد صبن عبد الرب (‪ ,)127 6‬والمنهاج‬
‫يف شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي (‪.)117 16‬‬
‫‪89‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫بعي من ع‬
‫س أن تد ي ِ مس ئ ميْ لح ل ؛ بدعطى أ ه ال يطجدُ‬ ‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫ص ٌّص بِح يمه‬
‫وِى ق ل ق ئع ُلهم ‪:‬‬

‫عععععن‪ :‬ال‪ ،‬لعععععع بععععععه ِق ِب ِوععععععه‬


‫فِلع ُ‬ ‫قععععع مط ‪ :‬تعععععع اي معععععدُّ عن ُقعععععبح‬

‫َفيعععععه ععععععطن علعععععى مفصععععع ِوه‬ ‫يصعععععععععي ممععععععععع ء ِ ععععععععع ٍ‬


‫ط‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ ألصع ُ‬
‫عععععل ِ شععععععأ ه إلب وععععععه‬ ‫َمعععععععم ِيععععععع عد بععععععع مح م ع ٌّ‬
‫ععععععص‬

‫الشريعة ال َ َّر ِاء‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الجهل بأحكال‬ ‫وهذا ظ ٌّن ٌ‬
‫باطل؛ سب ُبه‬
‫الخاص ُة‬
‫ّ‬ ‫خاص ٌة وعا ّمةٌ‪ ,‬فأما‬
‫ّ‬ ‫ونصوص الشريعة‬
‫َ‬ ‫أن أحكا َل‬‫َبي ُن ذمك‪َّ :‬‬
‫الوح ِي‪.‬‬
‫نزول ْ‬‫ِ‬ ‫وقت‬‫كانت موِودة‪ -‬غالبا‪َ -‬‬ ‫وردت يف أشيا َء بع ْينِها ْ‬‫ْ‬ ‫فقد‬
‫الوصف‪ ,‬سوا ٌء َ‬
‫أكان موِودا‬ ‫ُ‬ ‫كل ما تح ّقق فيه‬ ‫ِ‬
‫فيندر ُج تحتَها ُّ‬ ‫وأ ّما العا ّم ُة‬
‫يف ِ‬
‫زمن التشريعِ‪ ,‬أل لم ُيوِدْ ّإص صحقا‪.‬‬
‫هوحي‪ ,‬ومههع‬
‫رات مههثال‪ ,‬لههم تكه ْن موِههودة يف زمههن اله ْ‬ ‫فالحشه ُ‬
‫هيش والمخههدِّ ُ‬
‫تحهت قولهه‬
‫َ‬ ‫ضررها‪ ,‬فههي ِ‬
‫مندرِه ٌة‬ ‫ِ‬ ‫اثنان يف تحريمها؛ ل ِ ِع َظ ِم‬
‫يختلف ِ‬
‫ُ‬ ‫ذلك فال‬
‫ِ‬
‫ضهرره‪,‬‬ ‫ِ‬
‫لعظهيم‬ ‫ُ‬
‫الحال بالنسبة للهدُّ خان؛‬ ‫ﷺ‪« :‬ال ِض ِ ِر َال عض ِ ِر» ‪ ,‬وكذلك‬

‫(‪ )1‬ميزان الذهب يف صناعة شعر العرب للهاشمي (ص‪.)45‬‬


‫بأبيات من ِوزانِها يف كتابي‪ « :‬مِطل ممبي ‪ ِ ،‬لن قض أمل محق‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األبيات‬ ‫نقضت هذه‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫اهلل نشره قريبا بمنّه وكرمه‪.‬‬
‫يسر ُ‬
‫ملمبَلي » ّ‬
‫ُ‬
‫حسن‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حديث‬ ‫(‪ )2‬أخرِه أحمد يف المسند (‪ )55 5‬رقم (‪ .)2865‬وهو‬
‫ُ‬
‫الحديث‬ ‫ع‬
‫ومن هذا الحديث أخذ العلما ُء قاعدة ك ّلية ُكربى هي‪( :‬ال ِض ِ ِر َال ض ِ ِر)‪ ,‬فهذا‬
‫=‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪90‬‬

‫أن الهدُّ َ‬
‫خان‬ ‫ٍ‬
‫تقريهر لهها عهال (‪2003‬ل) ّ‬ ‫الصهحة العالم ّيهة يف‬
‫ّ‬ ‫ذكهرت من ّظمه ُة‬
‫ْ‬ ‫فقد‬
‫عشهر يف عهال‬
‫َ‬ ‫الخهامس‬
‫َ‬ ‫النوع‬
‫َ‬ ‫ثم أضافت‬ ‫ب أربع َة َ‬
‫عشر نوعا من السرطان! َّ‬ ‫ُيس ِّب ُ‬
‫(‪2016‬ل)!! ‪.‬‬
‫بعض المح ِّققين من العلماء‪ -‬منهم الشي ُ عبدُ اهلل بن ِربين‬
‫ولذا ذهب ُ‬
‫ِ‬
‫المنصوص على تحريمها‪.‬‬ ‫خان أشدُّ تحريما من َ‬
‫الخمر‬ ‫أن الدُّ َ‬
‫‪ -‬إلى ّ‬
‫ٍ‬
‫بكثير من أضرار الخمر‪.‬‬ ‫أعظم‬
‫ُ‬ ‫أضرار الدُّ خان‬
‫َ‬ ‫دقيق؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫وهذا فق ٌه ٌ‬
‫َقد ُسئل عنه معالل ُ ب ُ ب ٍز ‪ ،‬فِ ل‪« :‬التدخين َّ‬
‫محر ٌل؛ لما فيه من‬
‫والحذر‬
‫ُ‬ ‫المضار الكثيرة‪ُّ ,‬‬
‫وكل أنواعه محرمةٌ‪ ,‬فالواِب على المسلم تر ُكه‬ ‫ّ‬
‫منه وعدل مجالسة أهله‪ ,‬واهلل ولي التوفيق» ‪.‬‬
‫ممفِعطح‪ ،-‬فِع ل‪:‬‬ ‫ئل عنه معالل ُ بع ُ ُعثيمعي ‪ ِ -‬مِع ء مبع‬ ‫َس ِ‬
‫ُ‬
‫اختلف فيهه العلمها ُء كسهائر األشهياء الجديهدة‪ ,‬اختلفهوا‬‫َ‬ ‫خرج‬ ‫خان َ‬
‫أول ما َ‬ ‫«الدُّ ُ‬
‫هوال متعه ٍ‬
‫هددة‪ ,‬لك ه ْن يف الوقههت الحاضههر تب ه ّين للعلمههاء مههن قواعههد‬ ‫فيههه علههى أقه ٍ‬
‫ٍ‬
‫إشكال‪.‬‬ ‫الشريعة‪ :‬أنه حرا ٌل بال‬
‫يضهره؛ ّ‬
‫ألن ههذا‬ ‫ٌ‬
‫حهالل لمهن ص ُّ‬ ‫ضهره‪,‬‬ ‫وص يقول ٌ‬
‫قائل‪ :‬إنه حهرا ٌل علهى َمه ْن َي ُّ‬

‫راق الجنس‪ ,‬فالحديث ْ‬


‫وإن كان‬ ‫ألن (ص) النافية ُتفيد است َ‬ ‫نَ يف تحريم الضرر بأنواعه؛ ّ‬ ‫ٌّ‬
‫رار لل ير‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وكل ض ٍ‬‫كل َض َرر ٍ على النفس‪َّ ,‬‬ ‫خربا لكنه يف معنى النهي‪ ,‬فيصير المعنى‪ :‬اتركوا َّ‬
‫َ ظ ‪ :‬الوِيز يف إيضاح قواعد الفقه الكلية للبورنو (ص‪.)32‬‬
‫الضارة‪ :‬كالبانزين‪ ,‬والنفتالين‪,‬‬ ‫أن السجائر تحتوي على ٍ‬
‫عدد هائ ٍل من الموا ِّد الكيميائية‬ ‫(‪ )1‬ثبت ّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫تأثيرها علميا! و(‪ )60‬منها‬
‫والمالتيتول‪ ,‬واألرسنيك‪ ,‬واألمونيا‪ ,...‬منها (‪ )400‬مادة ثبت ُ‬
‫تزيد نسبة اإلصابة بالسرطان!!‬
‫(‪ )2‬مجموع فتاوى ابن باز (‪.)49 23‬‬
‫‪91‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫الهب اآلن باتفهاق‬


‫ُ‬ ‫قياس ص ُيمكن ضب ُطه‪ ..‬وص عرب َة بالنادر‪ ,‬العرب ُة بال الب‪ ,‬وال‬
‫ٌ‬
‫مضهر للفهرد والمجتمهع‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫األطباء واتفاق األمم التهي يقولهون إهنها حضهار ّية‪ ,‬أنهه‬
‫ولهههذا كههان يف أمريكهها‪ -‬وهههي الدولههة المتقدّ مههة‪ -‬يمنعههون ُشه َ‬
‫هرب الههدخان يف‬
‫المجامع ويف األسواق ويف الطائرات‪..‬‬
‫ٍ‬
‫إشكال‪ ,‬والخالف السابق إنما كهان مبنيها علهى‬ ‫فعلى هذا نقول‪ :‬إنه حرا ٌل بال‬
‫هراؤه‬
‫عههدل ظهههور أسههباب التحههريم‪ .‬هههذا بالنسههبة لحكمههه‪ ,‬فههال يجههوز بي ُعههه وص شه ُ‬
‫تأِير الدكاكين لمن يبيعه‪ ,‬وص حم ُله وص استيرا ُده وص شر ُبه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وص‬
‫يشرب فألهل المجلس أن يمنعوه بالقوة؛‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫مجلس وأراد أن‬ ‫أ ّما من دخل إلى‬
‫يشرب أما َمهم فيؤذيهم‪ ,‬فيكون حراما‬
‫َ‬ ‫ألهنم عد ٌد وهو واحدٌ ‪ ,‬وص َي ُّ‬
‫حل له هو أن‬
‫على هذا الداخل ل َجهي ‪:‬‬
‫كل ٍ‬
‫وقت‪.‬‬ ‫مطجه ألَل‪ :‬أنه محر ٌل شرعا يف ِّ‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫َ مطجه مث ي‪ :‬أنه حرا ٌل؛ ألذ ّية أهل المجلس»‪ُ .‬‬

‫‪‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪92‬‬

‫ع‬
‫بععي‬ ‫يسع ُعه تِع ُخ‬
‫ممسعلم ِ‬
‫ِ‬ ‫أن لعنعى ُيسع ع معدي ع ‪ :‬أن‬ ‫س ُ‬ ‫بعي منع ع‬ ‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫بعي ممنهي ت‬ ‫ع‬ ‫ممألطر ت‪َ ،‬فع ُ‬
‫عل‬
‫ين‬
‫لمأمور‪ ,‬قال لك‪ :‬الدِّ ُ‬‫ٍ‬ ‫لمنهي‪ ,‬أو تركِه‬
‫ٍّ‬ ‫ه‬ ‫نصحت أحدَ هم يف فِعلِ‬ ‫َ‬ ‫فإذا‬
‫ُي ْس ٌر!!‬
‫ِ‬
‫الدين ليس معنا ُه التف ُّل َت من‬ ‫لوط ل ُي ْس ِر الدِّ ين؛ فإن ُي ْس َر‬
‫ٌ‬ ‫وهذا مفهو ٌل م‬
‫بالرخَ الشرع ّية الواردة يف‬ ‫ُ‬ ‫فع ِل األوامر أو ِ‬
‫ترك الن ِ‬
‫األخذ ُّ‬ ‫َّواهي ‪ ,‬بل معنا ُه‪:‬‬
‫الكتاب والسنة‪.‬‬
‫التخفيف سبع ُ أ ط عٍ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫خَ الشرع ّي َة التي ورد فيها‬
‫الر َ‬ ‫وقد ذكر الفقها ُء ّ‬
‫أن ُّ‬
‫‪ -1‬ر ص إسِ ط‪ :‬كإسقاط العبادات عند وِود أعذارها‪ ,‬كإسقاط الصالة‬
‫عن الحائض والنفساء‪ ,‬وعدل وِوب الحج على المرأة إذا لم تجد محرما‪.‬‬
‫‪ -2‬ر ص تنِيص‪ :‬أي إنقاص للعبادة لوِود العذر‪ ,‬كالقصر يف السفر‪,‬‬
‫والقعود واصضطجاع واإليماء يف الصالة‪.‬‬
‫بالتيمم‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬ر ص إبد ل‪ :‬أي إبدال عبادة بعبادة‪ ,‬كإبدال الوضوء وال سل‬
‫عند عدل الماء‪ ,‬أو عدل القدرة على استعماله‪.‬‬
‫‪ -4‬ر ص تِديم‪ :‬كالجمع بعرفات بين الظهر والعصر‪ ,‬وتقديم الزكاة على‬
‫الحول‪ ,‬وتقديم زكاة الفطر على الفطر يف رمضان‪.‬‬
‫‪ -5‬ر ص تأ ي ‪ :‬كتأخير صيال رمضان للمسافر والحائض والنفساء‪.‬‬
‫‪ -6‬ر ص ضَ ر‪ :‬مثل أكل الميتة والخنزير عند المس بة وخشية الموت‬
‫ِوعا‪.‬‬
‫‪93‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫‪ -7‬ر ص تغيي ‪ :‬كت يير َن ْظم الصالة من أِل الخوف ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬ظ األشباه والنظائر للسيوطي (ص‪ ,)82‬واألشباه والنظائر صبن نجيم (ص‪ ,)75‬والوِيز‬
‫يف إيضاح قواعد الفقه الك ّلية للبورنو (ص‪.)229‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪94‬‬

‫مِمس ُ‬
‫عك بعه‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫س ِ ممِ بعل‪ ،‬أن مِ ِ عدُّ ِد ِ معدي معط‪:‬‬‫بعي من ع‬
‫َي ُظ ُّ ُ‬
‫* ِ‬
‫شيء ل ممحظطر ت‬ ‫ٍ‬ ‫مسنِ ‪َ ،‬عد ُم رتر‬
‫َ مح ُص على فعل ُّ‬
‫والحرص‬
‫ُ‬ ‫التمس ُك به‪,‬‬
‫ُّ‬ ‫فإن َ‬
‫التشدُّ َد يف الدين ليس هو‬ ‫األمر كما ظنُّوا؛ ّ‬
‫وليس ُ‬
‫بالسنَن‪,‬‬ ‫ِ‬
‫تطبيق األوامر واصتيان ُّ‬ ‫تجاوز الحدّ المشرو ِع يف‬ ‫ُ‬ ‫عليه‪ ,‬وإنما هو‬
‫كل مسلم‪.‬‬ ‫مطلوب من ّ‬ ‫ٌ‬ ‫التمس ُك بالدين فهو‬
‫ُّ‬ ‫ليس منه‪ .‬أما‬ ‫اصبتداع فيه ما َ‬
‫ُ‬ ‫أو‬
‫الثالثة الذين ِاءوا إلهى ُبيهوت أزواج النبهي ﷺ يسهألون‬ ‫ِ‬ ‫كما يف خرب الر ْه ِ‬
‫ط‬ ‫َّ‬
‫عن عبادته‪ ,‬فلما ُأ ْخبِروا‪ ,‬كأنَّهم َت َقا ُّلوهها‪ ,‬وقهالوا‪ :‬أيه َن نَحه ُن مِهن رسهول اهلل ﷺ‪,‬‬
‫فأصه ِّلي ال َّل َ‬
‫يهل أبهدا‪,‬‬ ‫تأخر؟ فقال أحدُ هم‪ :‬أ َّما أنا َ‬ ‫وقد ُغ ِف َر له ما تقدَّ ل من ذنبه وما َّ‬
‫اآلخهر‪ :‬وأنها أ ْعت َِهز ُل النِّسها َء وص‬
‫ُ‬ ‫هر وص أ ُفطِ ُهر‪َ ,‬‬
‫وقهال‬ ‫أصو ُل الهدَّ َ‬ ‫اآلخر‪ :‬وأنا ُ‬
‫ُ‬ ‫وقال‬
‫رسول اهلل ﷺ إليهم‪ ,‬فقهال‪« :‬أ ِم ممي ُقلِم كعم َكعم ؟ ِألع‬ ‫ُ‬ ‫أ َت َز َّو ُج أبدا‪ ,‬فجا َء‬
‫َأصععلي َأر ُقععدُ ‪،‬‬ ‫ع‬
‫أصععط ُم َأفَع ُ ‪ِ ،‬‬ ‫َ هلل‪ ،‬إ ععي أل ع كم هلل‪َ ،‬أتِ ع كم مععه‪َ ،‬مرنععي ُ‬
‫ط ِع ُسنُِعي فليْ لني»‪ .‬أخرِه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫ع‬
‫َأ ِته َُِ ُج منس ِء‪ِ ،‬ف ِم رغ ِ‬
‫َ فيه‪ ,‬ف َتن ََّز َه‬ ‫رسول اهلل ﷺ شي ا َفر َّخ َ‬ ‫ُ‬ ‫وعن عائشة ‪ ,‬قالت‪َ :‬صن ََع‬
‫ِ‬ ‫رس َ‬
‫ثم قال‪:‬‬ ‫ب‪َ ,‬ف َحمدَ اهلل وأ ْثنَى عليه‪َّ ,‬‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ ,‬ف َخ َط َ‬ ‫َعنْ ُه َق ْو ٌل‪ ,‬ف َب َل َغ ذلك ُ‬
‫َأشدُّ ُمم‬ ‫فط هلل ع إ ي ألع ِل ُم ُهم بع هللع‪ِ ،‬‬
‫ُمطن ع م يء أصنِ ُع ُه‪ِ ،‬‬ ‫«ل ب ُل أق ِط ٍم ِي ِِنِه ِ‬
‫م ُه ِ ِي »‪ .‬أخرِه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرِه البخاري يف صحيحه (‪ )2 7‬رقم (‪ ,)5063‬ومسلم يف صحيحه (‪ )129 4‬رقم‬


‫(‪.)3469‬‬
‫(‪ )2‬أخرِه البخاري يف صحيحه (‪ )26 8‬رقم (‪ ,)6101‬ومسلم يف صحيحه (‪ )90 7‬رقم‬
‫(‪.)6255‬‬
‫‪95‬‬ ‫كشف الظنون‬
‫هن م ْظع ٍ‬
‫هون‪ِ « :‬يع‬ ‫مهان ْب ِ َ ُ‬ ‫بعهث إلهى ُع ْث َ‬ ‫أن النبهي ﷺ َ‬
‫ّ‬
‫وعن عائشة ‪ ,‬قالت‪ّ :‬‬
‫هب‪,‬‬ ‫رسهول اهلل‪ ,‬ولكه ْن ُسهنَّت ََك أ ْط ُل ُ‬
‫ُ‬ ‫عن ِعع ُسعنُِعي»؟ قهال‪ :‬ص واهلل يها‬ ‫ُعث ِم ُن‪ِ ،‬أ ِر عغب ِ‬
‫عح من ِسع ِء‪ ،‬فع ت عُق هلل يع ُعثمع ُن‪ُ ،‬‬
‫فعإن‬ ‫ع‬ ‫ع‬
‫َأصط ُم َأفَ ُ ‪َ ،‬أ ر ُ‬ ‫َأصلي‪ُ ،‬‬ ‫قال‪« :‬فإ ي أ ُم ِ‬
‫عك عليععك و ًِّع ‪ِ ،‬ف ُصععم‬ ‫َإن معنِف عسع ِ‬ ‫ك ِع ِليع ِ‬
‫عك ِو ًِّع ‪ُ ،‬‬ ‫عك عليععك و ًِّع ‪َِ ،‬إع ُن مع ِضععي عف ِ‬ ‫ألم عل ِ‬
‫َصل َ ِم»‪ .‬أخرِه أبو داود ‪.‬‬ ‫ع‬
‫َأفَ ‪ِ ،‬‬
‫أنس ‪ ‬عن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬ال ُت ددَ على أ فسرم ِف ُي ِ دُ ِد‬ ‫وعن ٍ‬
‫فإن قطل شدُ ُدَ على أ فسهم‪ ،‬ف دُ ِد هللُ علي عهم‪ ،‬فِلك بِ ي مم ِ‬ ‫عليرم‪ُ ،‬‬
‫طم ِل ِكِِبنِ ِم ِع ِلي عهم﴾» أخرِه أبو داود ‪.‬‬ ‫ع‬ ‫ع‬
‫مصط ل عح َ مدي ر‪ِ َِ ﴿ ،‬رم ِب ُي بِِدِ ُع ِ‬
‫ُ‬
‫ف‬ ‫إحداث البدع يف الدِّ ِ‬
‫ين؛ مبا َل ة يف التع ُّبد هلل! ولذا ع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومن التشدُّ د أيضا‬
‫ابي مبدع ِ بأ ه ‪ :‬طريق ٌة يف الدِّ ين مخت ََر َع ٌة ُتضاهي الشرع َّية‪ُ ,‬يقصد‬
‫ُّ‬ ‫إلل ُم م‬
‫بالسلوك عليها المبال ُة يف التع ُّبد هلل تعالى ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫صحيح‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حديث‬ ‫(‪ )1‬يف سننه‪-‬تحقيق‪ :‬األرنؤوط‪ )520 2( -‬رقم (‪ .)1369‬ق ل لحِِه‪:‬‬
‫(‪ )2‬يف سننه (‪ )264 7‬رقم (‪ .)4904‬ق ل لحِِه‪ :‬حديث حسن ل يره‪.‬‬
‫(‪ )3‬اصعتصال (‪.)37 1‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪96‬‬
‫أن مخ دل ع‬
‫ت مالتي يعمل ِ ِ م ُب ُيطت ميعط ِم‪ ،‬يأ عم ِن‬ ‫س ُ‬‫بعي من ع‬
‫* ِي ُظ ُّ ُ‬
‫أور م م ط ري َ إلل عء ل م قيق ممي ك ط ِ ألزل عن مس بِ ع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫وأوصده البال ين!‬ ‫تكشف على مخدُ ومِها‬
‫َ‬ ‫ُّون أنه يجوز للخادمة ْ‬
‫أن‬ ‫فيظن َ‬
‫مالبس ش َّفافة أو قصيرة! ور ّبما‬
‫َ‬ ‫تلبس‬ ‫و ُترب َِز لهم ش ْع َرها ْ‬
‫ونح َرها وصدْ َرها! أو َ‬
‫ِ‬
‫المحارل! ور ّبما‬ ‫وضاح َكوها! ور ّبما َل ُ‬
‫مسوها بأيديهم! كأهنا من‬ ‫َ‬ ‫ماز َحوها‬
‫َ‬
‫لعمرة أو ل ِير ذلك من األغراض!‬‫ٍ‬ ‫لحج أو‬
‫تركوها تسافر وحدَ ها بدون محرلٍ‪ٍّ ,‬‬
‫أِنبيات‪,‬‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الحقيقة نسا ٌء‬ ‫ِ‬
‫الخادمات ُه َّن يف‬ ‫ِ‬
‫هؤصء‬ ‫الظن فاسدٌ ‪ّ ,‬‬
‫فإن‬ ‫وهذا‬
‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫شيء من األمور‬ ‫ِ‬
‫البيت َ‬
‫فعل‬ ‫ِ‬
‫الرِال يف‬ ‫حر ُل على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كسائر النساء األِنب ّيات‪ ,‬ف َي ُ‬
‫فإن هذا ص ي ِ‬
‫ح ُّل لهم‪.‬‬ ‫المتقدّ مة؛ ّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫النساء‪:‬‬ ‫لمس األِنب ّية‪ ,‬فقد قالت عائشة ‪ ‬يف حديث بيعة‬ ‫أ ّما عن َ‬
‫َو َص َواهللِ َما َم َّس ْت َيدُ ُه َيدَ ا ْم َر َأ ٍة َق ُّط فِي ا ْل ُم َبا َي َع ِة‪َ ,‬ما ُي َب ِاي ُع ُه َّن إِ َّص بِ َق ْول ِ ِه‪ِ « :‬قد‬
‫ُك ِع ِلى ِذمع عك» أخرِه البخاري ‪.‬‬ ‫ب يع ِ ع‬
‫ِ ِ‬
‫وعن معقل بن يسار ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪ِ « :‬ألِن ُيَ ِع ِ فعي ِر ع‬
‫أس‬
‫ع‬ ‫ع‬ ‫ع ٍ‬ ‫ع ٍ ع‬
‫الروياين‬ ‫ِر ُج ٍل عبمخ ِيط ل ِوديد‪ ِ ،‬ي ِم ُه ل ِأن ِي ِم ُْ ل ِ ِأة ِال تِح ُّل ِم ُه» أخرِه ُّ‬
‫والطرباين ‪.‬‬

‫(‪ )1‬يف صحيحه (‪ )150 6‬رقم (‪.)4891‬‬


‫(‪ )2‬يف المسند (‪ )323 2‬رقم (‪.)1283‬‬
‫(‪ )3‬يف المعجم الكبير (‪ )212 20‬رقم (‪.)487‬‬
‫الروياين‪« :‬هذا سندٌ ِيد‪,‬‬
‫ق ل ألمب ي ِ مسلسل مصحيح حديث رقم (‪ )226‬عن سند ُّ‬
‫=‬
‫‪97‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫مس امرأة ص ُّ‬


‫تحل له‪,‬‬ ‫ق ل معالل ُ ألمب ي‪« :‬يف الحديث وعيدٌ شديدٌ لمن ّ‬
‫المس دون ٍّ‬
‫شك‪,‬‬ ‫ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء‪ ,‬ألن ذلك مما يشمله ُّ‬
‫بعض أهل العلم‪ ,‬و لو أهنم‬
‫كثير من المسلمين يف هذا العصر وفيهم ُ‬
‫وقد ُبلي هبا ٌ‬
‫ِ‬
‫الشيء‪ ,‬و لكنهم يستح ُّلون ذلك‪,‬‬ ‫بعض‬
‫ب َ‬ ‫الخ ْط ُ‬
‫استنكروا ذلك بقلوهبم‪ ,‬لهان َ‬
‫بشتى الطرق و التأويالت‪ ,‬وقد بل نا ّ‬
‫أن شخصية كبيرة ِدا يف األزهر قد رآه‬
‫بعضهم يصافح النسا َء‪ ,‬فإلى اهلل المشتكى من غربة اإلسالل» ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأ ّما عن فتنة النظر لها ومنها‪ ,‬فقد قال تعالى‪﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐﮑ‬
‫ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮛﮜﮝﮞ‬
‫ﮟﮠﮡﮢ﴾ اآلية [النور‪.]31 ,30 :‬‬
‫ِ‬
‫األحاديث التي ذكرها اب ُن األثير‬ ‫بعض‬
‫وأ ّما عن سفرها بال محرلٍ‪ ,‬فهذه ُ‬
‫يف ِامع األصول (‪ )24 5‬يف المنع من ذلك‪:‬‬
‫حل الل ٍأة‬
‫(خ ل ط ت د) أبو هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬ال ِي ُّ‬
‫تؤل ب هلل َ ميطم ِل أن تُس فع ِ ِلسي ِة يط ٍم َميل ٍ َميْ لعه ذَ ُو ِل لنه »‪.‬‬
‫ويف أخرى‪ِ « :‬لسي ِ ة يط ٍم َميل ٍ إال لح ذي لح ٍم عليه »‪.‬‬
‫ويف أخرى‪« :‬لسي ِة يط ٍم»‪.‬‬

‫رِاله كلهم ثقات من رِال الشيخين غير شداد بن سعيد‪ ,‬فمن رِال مسلم وحده‪ ,‬وفيه‬
‫كالل يسير ص ينزل به حديثه عن رتبة الحسن»‪.‬‬
‫(‪ )1‬السلسلة الصحيحة (‪.)448 1‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪98‬‬

‫ويف أخرى لمسلم‪« :‬لسي ِة ميل ٍ إال َلعه رجل ُذَ و ل ٍ لنه »‪ .‬أخرِه‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ويف أخرى لمسلم‪« :‬ال ُّ‬
‫يحل الل أة تس ف ثالث إال َلعه ذَ لح ٍم لنه »‪.‬‬
‫وأخرج الموطأ والرتمذي وأبو داود الرواية الثانية‪.‬‬
‫ويف أخرى ألبي داود نحو رواية مسلم‪ ,‬إص أنه قال‪ِ « :‬ب يد »‪.‬‬
‫ععل‬ ‫ههول اهلل ﷺ قههال‪« :‬ال ع‬
‫يحع ُّ‬ ‫(خ ل ت د) أبههو سههعيد الخههدري ‪ ‬أن رسه َ‬
‫اللع أة تععؤل بع هلل َ ميععطم ِل ع أن تسع ف ثالثع أيع م فصع ععد إال َلعهع أبطمع ‪،‬‬
‫أَ زَجه ‪ ،‬أَ بنه ‪ ،‬أَ أ طم ‪ ،‬أَ ذَ ِر عوم لنه » إلى آخر ما ذكر من األحاديث‪.‬‬
‫أخرج الخادمات األِنب ّيات من هذا العمول؟!‬
‫َ‬ ‫فما الذي‬

‫‪‬‬
‫‪99‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫بعي مم ضى أ ه ال ي ط ُز مه أن ُيصل ِي ل د ِم لالبعس ملن سع ع ِ‬ ‫* ِي ُظ ُّ ُ‬


‫ثطبه أَ بد ه أثن ِء فِ ة ل عضه‬
‫يؤخر‬
‫َ‬ ‫بحسب حالِه‪ ,‬وص‬
‫ِ‬ ‫يصلي‬
‫َ‬
‫الواِب عليه ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫صحيح‪ ,‬بل‬ ‫غير‬
‫وهذا ُ‬
‫أهم شروط الصالة‪ ,‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮣ ﮤ‬ ‫الوقت ُّ‬
‫َ‬ ‫الصال َة عن وقتها‪ّ ,‬‬
‫ألن‬
‫ﮥﮦﮧﮨﮩ﴾ [النساء‪.]103 :‬‬
‫ِ‬
‫َقد ُسئل معالل ُ ب ُ ب ٍز ‪ ,‬عن المريض المركَّب له ك ٌ‬
‫يس للبول‬
‫كيف ُيص ّلي؟ وكيف َيتوضأ؟‬
‫الس ه َلس‪ ,‬ومثههل المههرأة‬
‫فقههال‪ُ :‬يصههلي علههى حسههب حالههه‪ ,‬مثههل صههاحب َّ‬
‫ويتهيم ُم إذا‬
‫ّ‬ ‫الوقت علهى حسهب حالهه‪,‬‬
‫ُ‬ ‫المريض إذا دخل‬
‫ُ‬ ‫المستحاضة‪ ,‬يصلي‬
‫وِهب عليهه الوضهو ُء‬
‫َ‬ ‫يسهتطيع ذلهك‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫استعمال الماء‪ ,‬فهإن كهان‬ ‫كان ص يستطيع‬
‫بالمههاء؛ لقههول اهلل ‪﴿ :‬ﮧ ﮨ ﮩﮪ﴾‪ ,‬والخه ُ‬
‫هارج بعههد ذلههك ص يضه ُّهره‪,‬‬
‫لكن ص َيتوضأ إص بعهد دخهول الوقهت‪ ,‬ويصهلي ولهو خهرج الخهارج مها دال يف‬
‫مضطر لهذا‪ ,‬مثل صاحب السلس فإنه يصلي يف الوقت ولو كهان‬
‫ٌ‬ ‫الوقت‪ ,‬ألنه‬
‫البول يخرج من َذك َِره‪ ,‬وهكذا المستحاض ُة ُتص ّلي يف الوقت‪ ,‬ولهو خهرج منهها‬
‫ُ‬

‫الد ُل مدة طويلة‪ ,‬فإهنا تصلي على حسب حالها‪ ,‬لكن ص يتوض ُأ من حد ُثه ٌ‬
‫دائهم‬
‫الوقت؛ لقول النبي ﷺ للمستحاضة‪« :‬تطضئي مطقن كل صالة»‪,‬‬
‫ُ‬ ‫إص إذا دخل‬
‫هاحب السههلس والمستحاضههة والمههريض المسه ول عنههه يف الوقههت‬
‫فيصههلي صه ُ‬
‫ِميههع الصههلوات مههن فه ٍ‬
‫هرض ونف هلٍ‪ ,‬ويقههرأ القههرآن مههن المصههحف‪ ,‬ويطههوف‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪100‬‬

‫بالكعبة من كان بمكة مها دال يف الوقهت‪ ,‬فهإذا خهرج الوقهت أمسهك عهن ذلهك‬
‫حتى يتوضأ للوقت الذي دخل» ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬فتاوى الطب والمرضى (ص‪.)57 ,56‬‬


‫‪101‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫س أ ُ ععه ي ععط ُز ُرميع ُ منسع عء ِ م ُ ِشع ع ‪ ،‬سععط ء ِ ع ة‬


‫عي منع ع‬
‫* ِي ُظع ُّ بعع ُ‬
‫مممنطع لنه إ م مط منظع ُ‬
‫ِ‬ ‫مطن أن‬
‫أل ب ر أَ ِ ألفالم َ ممسلسالت‪َ ،‬يِطم ِ‬
‫ممب ش ُ إميه فِط‬
‫النصوص يف األمر ب ِّض ال َب َصر‬
‫َ‬ ‫غير صحيحٍ ؛ وذلك ّ‬
‫ألن‬ ‫الظن ُ‬
‫ُّ‬ ‫وهذا‬
‫وغير المباشر‪ ,‬وقد ذكرنا بعضا منها فيما مضى‪.‬‬
‫المباشر َ‬
‫َ‬ ‫النظر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فتشمل‬ ‫عا َّمةٌ‪,‬‬
‫فهر ْق بهين ٍ‬
‫نظهر‬ ‫فهأطلق ولهم ُي ِّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫العينين النظهر‪,‬‬ ‫أن ِزنا‬
‫وألن النبي ﷺ قد أخرب ّ‬
‫َّ‬
‫ّ‬
‫عك الِ ِل ِح ِمع ِ‪،‬‬ ‫ط ِع ِلعى بع ع آ ِد ِم عِصعي ُب ُه علع ِ مه ِعى ُلعد عرخ ِذمع ِ‬ ‫ع‬
‫ونظر‪ ,‬قال ﷺ‪« :‬كُِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِف م ِعينِ عن عز ِ ُم ِم منُ ِظ ُ ‪ َِ ،‬ألُ ُذ ِ عن عز ِ ُم ِم العسِع ِم ُع‪ َِ ،‬مل ِس ُن عز ِ ُ م ِرالِ ُم‪ َِ ،‬م ِيعدُ‬
‫عك‬ ‫عط ِيه ِعطى َِ ِيِ ِِمنُعى‪ُ َِ ،‬ي ِصعد ُب ِذمع ِ‬‫عز ِ ِم م ِبَ ُش‪ َِ ،‬م ج ُل عز ِ ِم مخُ َِع ‪ َِ ،‬م ِِل ُ‬
‫م ِف ُج َِ ُيرِم ُب ُه» أخرِه الشيخان‪ ,‬واللف لمسلم ‪.‬‬
‫النبي ﷺ‪ِ « :‬ال ُت ِب عش م ِم ِأ ُة م ِم ِأ ِة‬
‫وعن عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال ُّ‬
‫ِفِِن ِعِ ِِه معهَِ عج ِه ك ِِأ ُ ُه ِين ُظ ُ إع ِمي ِه » أخرِه البخاري ‪.‬‬
‫الزوج لم َير‬ ‫بمجرد الكال ِل مع ّ‬
‫أن‬ ‫محرما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫نعت المرأة األِنب ّية َّ‬ ‫فإذا كان ُ‬
‫بالنظر إلى صورهتا بالعين ِ‬
‫الباصرة؟!‬ ‫ِ‬ ‫بعينِه شي ا‪ ,‬فكيف‬
‫النظهر إلهى صهورة المهرأة يف المهرآة‬
‫ُ‬ ‫يجهوز‬
‫ُ‬ ‫يختلف اثنان يف أنهه ص‬
‫ُ‬ ‫وألنَّه ص‬
‫بعهض‬
‫سهمى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الحال يف الشاشة‪ ,‬ولهذا ّ‬ ‫مجاورة مثال‪ ,‬فكذلك‬ ‫غرفة‬ ‫إذا كانت يف‬
‫الرائِي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫(التلفاز)‪َّ :‬‬ ‫ِهاز‬
‫َ‬ ‫ا ُّلل ويين‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري (‪ )54 8‬رقم (‪ ,)6243‬وصحيح مسلم (‪ )52 8‬رقم (‪.)6925‬‬
‫(‪ )2‬يف صحيحه (‪ )38 7‬رقم (‪.)5240‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪102‬‬
‫ِ‬
‫الفاتنهات‪,‬‬ ‫ِ‬
‫الجميالت‬ ‫غالب النساء اللوايت يظهرن يف الشاشات ه َّن من‬ ‫ثم ّ‬
‫إن‬
‫َ‬
‫هات بزينه ٍهة‪ ,‬فكيههف ُي َظ ه ُّن ِه ُ‬
‫هواز النظه ِهر إلههيه َّن بعههد‬ ‫هيالت‪ ,‬المتربِه ِ‬
‫هائالت الممه ِ‬
‫ِ‬ ‫المه‬
‫واهلل أعلم ‪.‬‬
‫ذلك؟!! ُ‬

‫‪‬‬

‫مما يروى من طرائف الشي األديب األريهب‪ :‬علهي الطنطهاوي ‪ ‬أنهه زار مركهزَ‬ ‫(‪ )1‬مَيف ‪ّ :‬‬
‫رآههن‬
‫ّ‬ ‫فلما‬
‫ِّات!! ّ‬ ‫سافرات مترب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫الشا ّبات المسلمات يف إحدى الدول العربية‪ ,‬فاستقبله نسا ٌء‬ ‫ّ‬
‫أتيهت إلهى مركهز‬ ‫ٍ‬
‫بامتعهاض‪ :‬أنها ُ‬ ‫تفض ْهل يها شهي علهي‪ .‬فقهال ّ‬
‫لههن‬ ‫فقلهن لهه‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫رِع القهقهري‪,‬‬
‫هن‪ :‬هههذا ه هو المركههزُ‬‫الشهها ّبات المسههلمات ولههيس النّصههران ّيات! فاسههتحي ْي َن مههن كالمههه‪ ,‬وقله َ‬ ‫ّ‬
‫المقصو ُد بعينه!‬
‫َهن‬ ‫ِ‬
‫فلما بدأ محاضر َته أخذ ُيذكّر ويع ‪ ,‬فاستحيت النّسو ُة‪ ,‬وصرن ي ّطين‬
‫هن وسيقان ّ‬ ‫شعور ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بالشيء الموِود!!‬ ‫ّ‬
‫فعرفت إحدى النساء المت ّبرِات بذلك‪,‬‬ ‫ْ‬ ‫ذات ٍ‬
‫مرة راكبا يف ال ّطائرة‪,‬‬ ‫َل ذمك أنه كان َ‬
‫ودين؟ فقال‬ ‫ٍ‬ ‫ناقصات عق ٍل‬ ‫إهنن‬
‫ّبي قال عن النساء ّ‬ ‫ٌ ّ‬
‫ُ‬ ‫صحيح أن الن َّ‬ ‫فجاءت إليه تسأله‪ :‬هل‬
‫أنتن فال‬ ‫وأمثالهن‪ ,‬أ ّما َّ‬
‫َّ‬ ‫الحديث لعائشة وحفصة‬ ‫ُ‬ ‫لكن‪ ,‬هذا‬ ‫ُ‬
‫الحديث ليس َّ‬ ‫لها مؤ ِّدبا‪ :‬هذا‬
‫عقل وص دين!!!‬ ‫َ‬
‫‪103‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫أن عذك ِ هلل لسِحط فِط‬


‫س ُ‬‫* ِي ُظ ُّ كثي ل من ع‬
‫الصحيح أنه متأ ِّكدٌ تأكُّدا شديدا‪ ,‬ومن قال بوِوبه‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫صحيح‪ ,‬بل‬ ‫غير‬
‫وهذا ُ‬
‫ُ‬
‫وحال‬ ‫فلم ُي ْب ِعدْ ؛ لكثرة النصوص اآلمرة بذلك‪ ,‬وسوا ٌء يف ذلك ُ‬
‫حال اصنفراد‬
‫اصِتماع يف المجالس‪.‬‬
‫والدليل على ذلك قو ُله تعالى‪﴿ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ُ‬
‫ﯮ﴾ [البقرة‪.]152:‬‬
‫وقال تعالى يف نب ّيه زكر ّيا ‪﴿ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾‬
‫[آل عمران‪.]41 :‬‬
‫اج بيته‪﴿ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫وقال مخاطبا ُح ّج َ‬
‫ﮣﮤﮥﮦﮧ﴾ [البقرة‪.]200 :‬‬
‫وقال بعد ذكره صال َة الخوف‪﴿ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚﮛﮜ﴾ [النساء‪.]103 :‬‬
‫العدو‪﴿ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ّ‬ ‫وقال عند مالقاة‬
‫ﯰﯱﯲﯳﯴ﴾ [األنفال‪.]45 :‬‬
‫الجمعة‪﴿ :‬ﭨﭩﭪﭫ ﭬ ﭭﭮ‬ ‫ِ‬
‫وقال عقب صالة ُ‬
‫ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ﴾ [الجمعة‪.]10:‬‬
‫وقال سبحانه‪﴿ :‬ﯢﯣ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ‬
‫ﯬﯭﯮﯯﯰﯱ﴾ [األعراف‪.]205:‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪104‬‬

‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ‬


‫ﰄ﴾ [األحزاب‪.]42 ,41:‬‬
‫وقال ﷺ‪ِ « :‬ل ِج ِل ِْ ِقطم ِل علس ِمم ِيم ُك ُ َ هللِ فع عيه‪ِ َِ ،‬مم ُي ِص ُّلط ِع ِلى ِبعي عهم‪،‬‬
‫إع ُال ِك ِن ِع ِلي عهم تع ِ ة‪ِ ،‬فإعن ِش ِء ِع ُم ِب ُهم َِإعن ِش ِء ِغ ِف ِ ِم ُهم»‪ .‬ق ل مِ لمي‪َ « :‬ه َذا‬
‫يث َح َس ٌن‪َ ,‬و َقدْ ُر ِو َي مِ ْن َغ ْي ِر َو ِْ ٍه َع ْن َأبِي ُه َر ْي َرةَ‪َ ,‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ,‬و َم ْعنَى‬
‫َح ِد ٌ‬
‫ممع ع ِف ع بع م ِع ِ بع ُي ع ‪ :‬الت َِّر ُة ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫َق ْوله‪ :‬ت َرة‪َ :‬ي ْعني َح ْس َرة َونَدَ ا َمة‪ِ َ .‬ق ِل ِبع ُي ِأم عل ِ‬
‫ال َّث ْأ ُر» ‪.‬‬
‫يه‪ ،‬إع ُال ِق ُلط‬ ‫َن هلل فع ع‬ ‫طن عل ِل عل ٍ‬ ‫ع‬
‫ْ ِال ِيم ُك ُ ِ ِ‬ ‫طل ِ‬ ‫وقال ﷺ‪ِ « :‬ل ل ِقط ٍم ِي ُِ ُ‬
‫ِع علث عل عجي ِف ع عو ِم ٍر‪ِ َِ ،‬ك ِن ِم ُهم ِوس ِ ة» أخرِه أبو داود ‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪ِ « :‬ل ِج ِل ِْ ِقطم ِل علس ِف ِلم ِيم ُك ُ َ هللِ‪ ،‬إع ُال ِك ِن ِع ِلي عهم تع ِ ة‪ِ َِ ،‬ل‬
‫عل ِر ُج ٍل ِل ِ ى ِا عيِ ِف ِلم ِيم ُك ع هللِ‪ ،‬إع ُال ِك ِن ِع ِلي عه تع ِ ة‪ِ َِ ،‬ل عل ِر ُج ٍل ِأ َِى إع ِمى‬
‫فع ِ عش عه ِف ِلم ِيم ُك ع هللِ‪ ،‬إع ُال ِك ِن ِع ِلي عه تع ِ ة»‪ .‬أخرِه أحمد ‪.‬‬
‫ُ‬
‫واألحاديث يف ذلك كثيرةٌ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬سنن الرتمذي رقم (‪َ )3380‬ق ل ألمب ي‪ :‬صحيح‪.‬‬


‫(‪ )2‬يف سننه برقم (‪َ .)4855‬ق ل ألمب ي‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫(‪ )3‬يف المسند برقم (‪َ .)9583‬ق ل لحِِط ‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪105‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ع‬
‫سبيل إلجم ل؛‬ ‫نطن أل ى‪ ،‬مر على‬ ‫بعي م ُّظ ع‬
‫َأ ي ‪ ،‬فإ ني سأذك ُ من ِ‬
‫ع‬
‫مِفصيل‪ ،‬مر ا ِمن ممح ض ُة‬ ‫َأردت مرال ِم عليه ب‬
‫ُ‬ ‫كنن قد جمعُِه‬
‫أل ني ُ‬
‫ف عليه ِ لثل مم ملِ ء ت‪.‬‬‫ين أن يخ ج ألل ع ود ممِع ر ع‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ ِ‬
‫فم ذمك‪:‬‬
‫* مظ ُّ بأن تلبي ِ مدعطة إمى مَع م ِي ري‬
‫وق ممسلم على ممسلم عسن‪ ،‬قيل‪ :‬ل م ُ ي‬ ‫وهذا خط ٌأ‪ ,‬لقوله ﷺ‪ُّ « :‬‬
‫ك ف ِصح‬ ‫سِنصح ِ‬
‫ِ‬ ‫رسطل هلل؟ ق ل‪ :‬إعذ مِيِِه فسلم عليه‪َ ،‬إعذ ِد ِع ِخ ِفأ عجب ُه‪َ ،‬إع ِذ‬
‫ِ‬
‫حمدِ هلل ف ِ مِه‪َ ،‬إعذ ل ِض ف ُعد ‪َ ،‬إع ِذ ل ِت ف ت ِبع ُه» أخرِه‬ ‫مه‪َ ،‬إعذ ع َِْ ِف ع‬
‫ِ ِ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫رسول اهلل ﷺ بِ َس ْبعٍ‪ ,‬ذكر منها‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ويف حديث الرباء بن عازب ‪َ :‬أ َم َرنا‬
‫«إعج ب ع مدُ عي» ٌ‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫ُ‬
‫رسول اهلل‬ ‫سمعت اب َن عمر يقول‪ :‬قال‬ ‫ُ‬ ‫وعن نافع‪ -‬مولى ابن عمر‪ -‬قال‪:‬‬
‫س‬‫أجي ُبط مم مدعط ِة إذ ُد ععيِم» قال‪ :‬وكان عبدُ اهلل يأيت الدَّ عو َة يف ال ُع ْر ِ‬
‫ﷺ‪ « :‬ع‬
‫وغير ال ُع ْرس وهو صائم‪ .‬أخرِه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يِم إمى ُك ِ ٍع ِفأجي ُبط » أخرِه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ع‬
‫ويف أخرى قال‪« :‬إذ ُدع ُ‬
‫عط ِة إذ ُدعيِم»‪.‬‬
‫ويف رواية الرتمذي قال‪ « :‬ئُِط مدُ ِ‬
‫األمر يف وليمة العرس‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ويتأ ّكدُ‬
‫فعن األعرج‪ّ ,‬‬
‫أن أبا هريرة كان يقول‪ِ « :‬ش ُّ مَع عم اع ُم مطميم ‪ُ ،‬يدعى مه‬
‫يأت مدعطة فِد عصى هللِ َرسط ِمه ﷺ»‬ ‫ألغني ء‪َ ،‬يِ خ ممس كي ‪َ ،‬ل مم ع‬
‫ِ‬ ‫ُ ُ‬
‫أخرِه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪106‬‬

‫* مظ ُّ بأن منُّص ِة ترطن ملمظلطم فِط‬


‫والصواب ّ‬
‫أن النُّصر َة تكون للمظلول وللظالم أيضا‪ ,‬وذلك بمنعه من‬ ‫ُ‬
‫الظلم‪.‬‬
‫فعن أنس بن مالك ‪ :‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪ُ « :‬ص أ ِ ِخ ظ مم‬
‫رسطل هلل أ ص ُ إعذ ك ن لظلطل ‪ِ ،‬أف ِ‬
‫أين إعن ك ن‬ ‫ِ‬ ‫أَ لظلطل ‪ ،‬فِ ل رجل‪ :‬ي‬
‫ظ مم ‪ :‬كيف أ ُص ُ ُ ؟ ق ل‪ :‬تح ُه أَ تمن ُعه ع مظلم‪ ،‬فإن ذمك ِص ُ ُ »‪.‬‬
‫ننصره ظالما؟ قال‪« :‬تأ ُم ِ‬
‫فطب يديه»‪.‬‬ ‫نحوه‪ :‬قالوا‪ :‬كيف‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ويف رواية َ‬
‫أخرِه البخاري‪ ,‬والرتمذي‪.‬‬
‫***‬
‫ِ‬
‫اعك لنهم‬ ‫ِ‬
‫َصلك لنهم‪ ،‬أل ِل ق‬ ‫* مظ ُّ بأن صل ِ ألرو م ترطن مم‬
‫عليك ِ لِ اعِه؛ لع لل مه ب ع‬
‫ممثل‬ ‫ِ‬ ‫فال و ِج‬
‫بصحيح؛ لحديث عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪ :‬قال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وهذا ليس‬
‫صل‪ِ :‬ل إعذ‬
‫صل ب ممر فئ‪َ ،‬مر مط ُ‬ ‫رسول اهلل ﷺ يقول‪« :‬ميْ مط ُ‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬
‫ِق َِ ِعن ِر عو ُم ُه َِ ِص ِل ِه »‪ .‬أخرِه البخاري‪.‬‬
‫رسول اهلل‪ ,‬إِن لي قرابة‪ ,‬أصلِ ُهم ويقطعونني‪,‬‬
‫َ‬ ‫للنبي ﷺ‪ :‬يا‬
‫وألن رِال قال ِّ‬
‫ّ‬
‫كنن‬
‫ِ‬ ‫علي؟ قال‪« :‬مئ‬ ‫ويجهلون‬ ‫عنهم‪,‬‬ ‫م‬‫ل‬‫و ُأ ْح ِسن إِليهم و ُيسي ُون إِلي‪ ,‬وأح ُ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫معم ُل‪َ ،‬م يه ِل لعك ل هلل ظهي عليهم ل ُد ِ‬ ‫ع‬
‫لن على‬ ‫قلن فرأ م تُس ُّف ُهم ِ‬‫كم ِ‬
‫ذمك»‪ .‬أخرِه مسلم ‪.‬‬

‫مم ُّل مط‪ :‬الرماد‪َ ,‬قيل‪ :‬الجمر الذي تستوي فيه ُ‬ ‫ع‬
‫الخبزة‪ َ ,‬ممعنى‪:‬‬ ‫مم ُل) ِ‬
‫(‪ )1‬لعنى (تُس ُّفهم ِ‬
‫=‬
‫‪107‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫َف َال ِينهى ع ممنر‬ ‫* مظ بأن مع صي ال يأل ب ممع ع‬


‫ِ ُ‬ ‫ُّ‬
‫وهذا ليس بصحيح‪ُّ ,‬‬
‫فكل بني آد َل َخ ّطا ٌء‪ ,‬ولو قلنا هبذا لتع ّطلت هذه‬
‫عير ُة العظيم ُة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الش َ‬
‫ق ل منطَي‪« :‬ق ل معلم ُء‪ :‬وص يشرتط يف اآلمر والناهي أن يكون َ‬
‫كامل‬
‫الحال‪ ,‬ممتثال ما يأمر به‪ ,‬مجتنبا ما ينهى عنه‪ ,‬بل عليه األمر وإن كان م ِ‬
‫خال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والنهي وإن كان متل ِّبسا بما ينهى عنه‪ .‬فإنه يجب عليه شي ان‪ :‬أن‬
‫ُ‬ ‫بما يأمر به‪,‬‬
‫غيره وينهاه‪ ,‬فإذا َّ‬
‫أخل بأحدهما كيف ُيباح له‬ ‫ويأمر َ‬
‫َ‬ ‫نفسه وينهاها‪,‬‬
‫يأمر َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫باآلخر؟!» ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اإلخالل‬
‫***‬
‫* مظ بأن صال ِة م م ع ال ت ط على ممس فع‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫صحيح‪ّ ,‬‬
‫فإن صالة الجماعة واِب ٌة على الرِال القادرين‬ ‫ٍ‬ ‫غير‬
‫وهذا ُ‬
‫حضرا وسفرا؛ لقوله تعالى يف صالة الخوف‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫واألمر للوِوب‪ .‬فإذا كان‬
‫ُ‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ﴾ [النساء‪,]102 :‬‬

‫ذلك مع الخوف فمع األمن من باب أولى‪.‬‬


‫***‬
‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫* مظ ُّ بأ ه ي ط ا ع ُ مط مدي ِ كل‬
‫الخ ْلههق‪ ,‬تجههب طاع ُتهمهها يف‬ ‫وهههذا ظ هن باطه ٌهل؛ بههل الواله ِ‬
‫هدان ك يرهمهها مههن َ‬ ‫ٌّ‬

‫كأنما ُتلقي و َترمي يف وِوههم ّ‬


‫المل‪.‬‬
‫َلعنى (ظهي )‪ :‬أي معين وناصر‪ .‬ظ ِامع األصول (‪.)490 6‬‬
‫(‪ )1‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (‪.)23 2‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪108‬‬

‫سمع وص طاعة؛ لقوله ﷺ‪« :‬الِ ِا ِعع ِ عألِ ِو ٍعد‬ ‫ٍ‬ ‫المعروف فقط‪ْ ,‬‬
‫فإن أمرا بمعصية فال َ‬
‫َف» أخرِه اب ُن المبارك يف مسهنده ‪ ,‬وههو‬ ‫فعي لع عصي ع هلل ع‪ ،‬إع ُم م َُ ع ُ فعي ممع ع‬
‫ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صحيح‪.‬‬
‫وعن عمران بن حصين ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪ِ « :‬ال ِا ِع ِ مع ِمخ ُل ٍ‬
‫طب‬
‫فعي ِلع عص ِي ع مخِ مع عق» أخرِه الطرباين يف الكبير واألوسط‪ ,‬وهو صحيح‪.‬‬
‫***‬
‫جيم‬
‫ُ‬ ‫* مظ ُّ بأن ممي ُي لى ِ م ِ ِم ت مط م يَ ُن م‬
‫الح ّجاج ي لو و ُي ُ‬
‫بالغ يف الرمي‪ ,‬فيرمي بالحصى‬ ‫ِ‬
‫بعض ِهلة ُ‬ ‫ولذا تجدُ َ‬
‫يسب ويش ُت ُم عندَ الرمي!‬ ‫ِ ِ‬ ‫الكِ ِ‬
‫بار أو بالحذاء! أو ُّ‬
‫يجوز‪.‬‬
‫ُ‬ ‫منكر ص‬
‫وكل ذلك ٌ‬ ‫ُّ‬
‫***‬
‫ترطن ب ملس ن فِط‬
‫ُ‬ ‫* مظ ُّ بأن مِطب ِ‬
‫َترعطن‬
‫ُ‬ ‫قاصهر للتوبهة‪ ,‬بهل التوبه َة ترعطن ب ملسع ن‪ :‬باصسهت فار‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فهم‬
‫وهذا ٌ‬
‫عطن‬
‫ب مِلععط‪ :‬بالنههدل علههى مهها فههات‪ ,‬والعه ْهزل علههى عههدل ال َعه ْهود يف الههذنب‪َ .‬ترع ُ‬
‫ب م ط رح‪ :‬باإلقال ِع عن الذنب‪ ,‬وك ِّ‬
‫َف الجوارح عن مقارفته مرة أخرى‪.‬‬
‫***‬
‫جط‪.‬‬‫* مظ ُّ بأن مبر ِء على مم يي أَ ممين ين ِ مصب ِ مط ِ‬
‫ولههيس األمه ُهر كههذلك‪ ,‬فه ّ‬
‫هإن البكهها َء علههى المههريض أو الميههت بههدون ِههز ٍع‬

‫(‪ )1‬رقم الحديث (‪.)264‬‬


‫‪109‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫الواِب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫نياحة‪ ,‬ص ينايف الصربَ‬ ‫تسخ ٍ‬
‫ط وص‬ ‫ُّ‬ ‫وص‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل‬ ‫حديث أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬دخلنا مع‬ ‫ُ‬ ‫والدليل على ذلك‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ﷺ ابنَه‬‫ُ‬ ‫ﷺ على أبي َس ْيف ال َقين‪ -‬وكان ظِ ْرا إلبراهيم‪ -‬فأخذ‬
‫إبراهيم يجو ُد بنفسه‪َ ,‬فج َع َل ْت‬
‫ُ‬ ‫إبراهيم‪َ ,‬ف َق َّب َل ُه َو َش َّمه‪ ,‬ثم دخلنا عليه بعد ذلك‪ ,‬و‬
‫ابن‬
‫نت يا رسول اهلل‪ ,‬فقال‪ :‬يا َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ َت ْذ ِرفان‪ ,‬فقال اب ُن عوف‪ :‬وأ َ‬ ‫ِ‬ ‫عينا‬
‫مِلط يخ ح‪،‬‬
‫ِ‬ ‫إن معي ِ تدلح‪َ ،‬‬
‫عوف‪ ,‬إنَّها رحمة‪ ,‬ثم أتبعها بأخرى‪ ,‬فقال‪ُ « :‬‬
‫َال ِطل إال ل ُي ضي ر ُبن ‪َ ،‬إ بف قك ي إب ميم لحهَ طن» أخرِه البخاري‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫أن ابنا لي ُقبِض فائْتِنا‪.‬‬‫بنت النبي ﷺ إليه‪َّ :‬‬ ‫أرسلت ُ‬
‫ْ‬ ‫وعن أسامة قال‪:‬‬
‫إن‬
‫فاشهدْ نا‪ ,‬فأرسل يقرأ السالل‪ ,‬ويقول‪ُ « :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ويف رواية‪ :‬إن ابنتي قد ُحض َر ْت‪َ ,‬‬
‫سمى‪ِ ،‬فلِِصبع َمِحِسط»‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫هلل ل أ ِم‪َ ،‬مه ل أعَى‪ ٌّ ،‬ع‬
‫بأجل ُل ُ‬ ‫َكل عندِ ُ‬
‫ِ‬
‫بن ِبل‪,‬‬ ‫بن عبادةَ‪ ,‬ومعا ُذ ُ‬ ‫فأرس َل ْت إليه ُت ْقس ُم عليه ليأتينَّها‪ ,‬فقال ومعه سعدُ ُ‬ ‫َ‬
‫الصبي‪ ,‬فأقعده‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ورِال‪ُ ,‬فرفِ َع إلى‬
‫ٌ‬ ‫بي ب ُن كعب‪ ,‬وزيدُ ب ُن ثابت‪,‬‬ ‫ُ‬
‫وأ ُّ‬
‫ونفس ُه َت َت َقع َق ُع‪ ,‬قال‪َ :‬ح ِس ْب ُت أنه قال‪ :‬كأنَّها َش ٌّن‪.‬‬
‫يف َح ْج ِره‪ُ ,‬‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ما‬ ‫رواية‪ :‬تقعقع كأنَّها يف َش ٌّن‪ ,‬ففاضت عيناه‪ ,‬فقال سعد‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬ ‫ويف‬
‫هذا؟ فقال‪« :‬مم روم جعله هللُ ِ قلط ع عب عد »‪ .‬أخرِه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫***‬
‫ئل مل خص ممملطم لب ش ة‪،‬‬ ‫يسَِيح أن يِط ِمه مِ ُ‬
‫ُ‬ ‫بأن مم ُم إذ ك ن‬
‫* مظ ُّ ُ‬
‫مغيب ممح ُ ل‬ ‫َأن ذمك ميْ ل ع‬ ‫فإ ه ي ط ُز أن يِط ِمه ِ غِيبِه‪ُ ،‬‬
‫ف ال ِيب ه َة بقولههه‪ « :‬عذك ع ُ ِخ ِأ ِ ع ِخ بع ِم ع‬ ‫وهههذا ظ ه ٌّن فاسههدٌ ؛ ّ‬
‫ألن النبه َّهي ﷺ عه ّهر َ‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪110‬‬

‫َ‬
‫وحال ال َ ْي َبة‪.‬‬ ‫الح ِ‬
‫ضور‬ ‫يشمل َ‬
‫حال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِير ِ ُ »‪ ,‬وهذا‬
‫أن مهههن ال ِيبهههة مههها يكه ُ‬
‫ههون يف الوِهههه‪ ,‬أي يف حهههال‬ ‫وألن العلمههها َء ذكهههروا ّ‬
‫ّ‬
‫المواِهة ‪.‬‬
‫***‬
‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬ع‬
‫َعِ ع‬ ‫* مظع ُّ بععأن تسععمي ِ ألَالد ب ألسععم ء مِبيح ع لثععل‪ ( :‬عشععه‬
‫َصخ ‪َ ،‬كعال ‪ُ َ ،‬غ ) َل ش ب ِه ذمك‪ ،‬فيه أل ن ل معي‬ ‫َل ُ ة‪ِ ،‬‬ ‫َو ِ ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫فإن هذه األسما َء ولو بل ْت غاي َة ال ُق ْبحِ ‪ ,‬لن ت ِّي ُر من‬
‫وهذا ظ ٌّن فاسدٌ ‪ّ ,‬‬
‫قضاء اهللِ و َقدَ ِره شي ا‪.‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫باألسماء الحسنة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وإن من حقوق األوصد على آبائهم تسميتَهم‬
‫ُ‬
‫ويتفاءل هبا‪.‬‬ ‫النبي ﷺ يختار األسما َء الحسن َة‬
‫وقد كان ّ‬
‫اسم َح ْز ٍن إلى َس ْهلٍ‪,‬‬
‫ويكرهها‪ ,‬كما َغ ّير َ‬
‫ُ‬ ‫وكان ُي ِّي ُر األسما َء القبيح َة‬
‫الهدى‪ ,‬وغير ذلك ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وش ْعب الضاللة إلى ش ْعب ُ‬
‫***‬
‫َ م ِبخُ عطر َ حعط‬ ‫* مظ ُّ بأن ممي ُيِدُ ُم ِ مم لعْ ِ مَعع م َ م ع‬
‫ذمك مط أليم‬
‫أن المقدَّ َل يف ذلك ك ِّله هو األكربُ ِسنا أو ِع ْلما‪ ,‬كما كان َيفعل‬
‫َ مصط ُ ّ‬

‫(‪ )1‬ظ الفروق للقرايف (‪ , )230 4‬والزواِر عن اقرتاف الكبائر للهيتمي (‪ , )10 2‬ونزهة‬
‫المجالس ومنتخب النفائس للصفوري (‪.)166 1‬‬
‫(‪ )2‬ظ غريب الحديث للخطابي (‪ ,)528 1‬والفائق يف غريب الحديث للزمخشري (‪,)436 2‬‬
‫وزاد المعاد صبن القيم (‪ ,)307 2‬ومعجم المناهي اللفظية لبكر أبو زيد (ص‪.)220‬‬
‫‪111‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫حيث كانوا يبدئون به أوص‪ ,‬فيناولونه القدَ َح أو‬‫ُ‬ ‫الصحاب ُة مع الرسول ﷺ‪,‬‬
‫النبي ﷺ منه حاِتَه‪ ,‬يض ُعه يف يد َم ْن على يمينه‪ ,‬هذا‬ ‫ْ‬
‫قضي ُّ‬‫اإلنا َء‪ ,‬وبعدَ أن َي َ‬
‫هو السن ُة‪.‬‬
‫***‬
‫* مظ ُّ بأ ه ال ِيرِني إال ِل ك ِن مه َمد‬
‫األنصاري بال ُكنية‪ ,‬فعن‬
‫َّ‬ ‫النبي ﷺ ال ال َل‬ ‫وليس هذا بصحيحٍ ؛ فقد نادى ُّ‬
‫أنس ‪ ‬قال‪ :‬كان ألبي طلحة ابن يقال له‪ :‬أبو عمير‪ ,‬فكان النبي ي ِ‬
‫ضاح ُكه‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ٌ‬
‫قال‪ :‬فرآه حزينا‪ ,‬فقال‪ِ « :‬ي ِأ ِب ُع ِمي ٍ‪ِ ،‬ل ِف ِع ِل منُّغِي ُ ؟» أخرِه أحمد‪.‬‬
‫تكتني بابن أختها عبد اهلل بن الزبير‪,‬‬ ‫وِاء أنه أرشد عائش َة ‪ْ ‬‬
‫أن‬
‫َ‬
‫فكانت ُتكنى بأ ِّل عبد اهلل‪.‬‬
‫***‬
‫* مظ ُّ بأن مدُ ي ِ ميْ فيه زك ة‬
‫كل ٍ‬
‫حال‪.‬‬ ‫تجب يف الدَّ ْي ِن على ِّ‬
‫ُ‬ ‫والصحيح ّ‬
‫أن الزكا َة‬ ‫ُ‬
‫َ مدُ ي ُ طع عن‪:‬‬
‫خراج زكاتِه يف الحال؛‬
‫الراِح أنّه يلز ُمه إِ ُ‬‫ُ‬ ‫‪ِ -1‬دي ُي جى رجط ُعه‪ ،‬فهذا‬
‫والتصرف فيه‪ ,‬فكأنه يف َح ْوزتِه‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫قادر على َأ ْخ ِذه‬
‫ألنّه ٌ‬
‫ٍ‬
‫مماطلة‪,‬‬ ‫ٍ‬
‫ِحود‪ ,‬أو‬ ‫ألم بصاحبه‪ ,‬أو‬ ‫رجطعه‪ ،‬ل ُع ٍ‬
‫سر َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ِ َ -2‬دي ال ُي جى‬
‫كل ما مضى؛ ألنه‬ ‫قبضه زكّا ُه عن ّ‬ ‫جب فيه الزكا ُة يف الحال‪ .‬لك ْن إذا َ‬ ‫فهذا ص َت ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫واحد فقط ‪.‬‬ ‫حق متع ّل ٌق بالعباد‪ .‬وقيل‪ُ :‬ي ُ‬
‫خرج زكا َته إذا قبضه لعا ٍل‬ ‫ٌّ‬

‫الميسرة لعوايشة (‪.)38 3‬‬


‫ّ‬ ‫َّ‬
‫الملخَ الفقهي للفوزان (‪ ,)323 1‬والموسوعة الفقهية‬ ‫(‪ )1‬ظ‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪112‬‬

‫* مظ ُّ بأن مطصي ِ ال ترطن إال عند ممطت‬


‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫بصحيح‪ ,‬لما ِاء عن عبد اهلل بن عمر ‪َّ ‬‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫وهذا ليس‬
‫طصي به أن يبين ميلِي ‪ َِ -‬رَ ي ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫قال‪« :‬ل ِو ُّق ل ٍئ لسل ٍم مه شيء ي يد أن ُي‬
‫سمعت عبدَ اهلل بن عمر يقول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫نافع‪:‬‬
‫ثالث مي ل‪ -‬إال ََصيُِه لرِطب عندِ »‪ .‬قال ٌ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ يقول ذلك إص وعندي وص ّيتي‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫ما َم َّر ْت َع َل َّي ليل ٌة منذ‬
‫مكتوبةٌ‪ .‬أخرِه الجماعة‪.‬‬
‫***‬
‫صيط بمصيب ٍ ‪ ،‬فإ ه ين ُل ثط ِ مص ب ع وِى َمط ظه لنه‬
‫* مظ ُّ بأن ِل ُأ ِ‬
‫مِسخ ُط ِ‬
‫أَل ألل‬ ‫ُّ‬ ‫هع َ‬
‫م ُ‬
‫َ‬
‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫صحيح‪ ,‬لحديث أنس بن مالك ‪ّ :‬‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫غير‬
‫الظن ُ‬
‫ُّ‬ ‫وهذا‬
‫فقالت‪ :‬وما‬
‫ْ‬ ‫صبي لها‪ ,‬فقال‪ « :‬تِي هلل‪ َ ،‬صب ي»‪،‬‬ ‫على‬ ‫تبكي‬ ‫ٍ‬
‫امرأة‬ ‫أتى على‬
‫ٍّ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ ,‬فأخذها ُ‬
‫مثل الموت‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ُت َبالي بمصيبتي‪ ,‬فلما ذهب قيل لها‪ :‬إِ َّن ُه‬
‫رسول اهلل‪ ,‬لم ِ‬
‫أعر ْف َك‪ ,‬قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫فقالت‪ :‬يا‬
‫ْ‬ ‫فأتت با َبه‪ ,‬فلم تجد على بابه َب َّوابين‪,‬‬
‫مصد ِل ع »‪.‬‬
‫«إع ُم مصب عند ُأَ عل ِصد ِل »‪ ،‬أو قال‪« :‬عند ُأَ عل ُ‬
‫ب بمصيبتي‪ ,‬ولم‬ ‫قالت‪ :‬إِ َ‬
‫ليك َعنِّي‪ ,‬فإنك لم ُت َص ْ‬ ‫ويف أخرى نحوه‪ ,‬وأهنا ْ‬
‫تعر ْفه‪ ,‬وأنه قال ﷺ لما ِاءته وقالت‪ :‬لم أعر ْفك‪« ,‬إ م مصب ُ عند مصدل‬
‫ألَُمى»‪ .‬أخرِه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫***‬
‫(‪ )1‬ظ ِامع األصول (‪.)429 6‬‬
‫‪113‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ِصح مِطب ُ ُإال ل مم ط جميع‬


‫* مظ ُّ بأ ه ال ت ُّ‬
‫ذنب على ِحدَ ة‪,‬‬
‫كل ٍ‬ ‫تصح من ِّ‬
‫أن التوبة ُّ‬‫الصواب ّ‬
‫ُ‬ ‫الفهم غير دقيق‪ ,‬بل‬
‫ُ‬ ‫وهذا‬
‫وب‪ ,‬وهذه هي‬ ‫يتوب العبدُ من ِمي ِع الذن ِ‬
‫َ‬ ‫شك‪ -‬هو أن‬‫األكمل‪ -‬وص َّ‬‫َ‬ ‫مع ّ‬
‫أن‬
‫اهلل هبا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعض العلماء‪ -‬التي أمر ُ‬ ‫التوب ُة الن َُّص ُ‬
‫وح‪ -‬على رأي‬
‫ق ل منطَي‪« :‬فإن تاب من ٍ‬
‫ذنب ثم عاد إليه لم تبطل توب ُته‪ .‬وإن تاب من‬
‫وخالفت‬
‫ْ‬ ‫الحق‪,‬‬
‫ّ‬ ‫صح ْت توب ُته‪ ,‬هذا مذهب ُ‬
‫أهل‬ ‫َّ‬ ‫بآخر‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ذنب وهو متل ِّب ٌس‬
‫المعتزل ُة يف المسألتين‪ ,‬واهلل أعلم» ‪.‬‬
‫***‬
‫* مظ ُّ بأن ُوس ِ م ط ر مط ِ ُّ‬
‫كف ألذى ع م ر فحسط‬
‫تحمل األذى منه‬
‫فحسب‪ ,‬وإنما يف ّ‬
‫ْ‬ ‫كف األذى‬
‫والصحيح أنه ليس يف ّ‬
‫ُ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ب فيه‪ّ .‬‬
‫فإن للجار حقا‬ ‫مأمور به َّ‬
‫مرغ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ق ل أبط علي مه شمي‪ُ « :‬ح ْسن الجوار‬
‫تحمل األذى من‬ ‫وحرمة‪ .‬وليس ُحس ُن ِ‬
‫كف األذى عن الجار‪ ,‬ولكن ُّ‬‫الجوار ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اهلل ‪. »‬‬ ‫ِ‬
‫يعَ َ‬ ‫الجار‪ ,‬ما لم‬
‫معلي ‪ ‬قط ُمه‪« :‬ليس حس ُن الجهوار ُّ‬
‫كهف األذى‪ ,‬بهل الصبهه ُر‬ ‫نسط ٍّ‬
‫َي ُ‬
‫ُ‬
‫على األذى» ‪.‬‬
‫***‬
‫(‪ )1‬المنهاج (‪.)45 2‬‬
‫(‪ )2‬اإلرشاد إلى سبيل الرشاد (ص‪ .)532‬وبمثله قال السا ُم ّري يف كتابه المستوعب (‪.)804 2‬‬
‫(‪ )3‬أدب الدنيا والدين‪ ,‬للماوردي (ص‪.)336‬‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪114‬‬

‫ف على ِقَعي ِع‬


‫* مظ ُّ بأن ممخ عص ِم ال بد أن ِي ِب ُ بيمينعه‪ ،‬وِى َمط ِو ِل ِ‬
‫َ‬
‫يحنث يف‬ ‫ف على ذلك ْ‬
‫أن‬ ‫يجب على َم ْن َح َل َ‬‫ُ‬ ‫األمر كما ُظ َّن‪ ,‬بل‬
‫ُ‬ ‫وليس‬
‫ِ‬
‫َيمينه و ُيك ِّف َر عنها‪ ,‬ويأيت الذي هو ٌ‬
‫خير‪.‬‬
‫ُك إعن ُأَتعيِ ِِه ِع‬ ‫لقوله ﷺ‪« :‬ي ِعبدِ م ُ و ِم ع ب ِ ِس ُم ِ ةِ‪ ،‬الِ تِس ِأ عل ع‬
‫إل ِل ِرةِ‪ِ ،‬فإع ِ‬ ‫ِ‬
‫ن ِع ِلى‬‫ن ِع ِلي ِه ‪َِ ،‬إع ِذ ِو ِلف ِ‬ ‫ن إع ِمي ِه ‪َِ ،‬إعن ُأَتعيِ ِِه عل غِي ع ِلس ِأ ِم ٍ ُأ ععن ِ‬
‫ِلس ِأ ِم ٍ َُكعل ِ‬
‫ت ُم عمي ُم ِط ِ ي » أخرِه‬ ‫ن غِي م ِ ي علنه ‪ِ ،‬فرِف ع ي عمين ع ِك َأ ع‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِيمي ٍ ‪ِ ،‬ف ِ ِأي ِ ِ ِ‬
‫ع‬

‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫***‬
‫يرطن إال‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫مِنظيف ال‬ ‫ألر خ َأن‬
‫* مظ ُّ بأن مم ِد ب مسط خ مط ُعط ُد ِ‬
‫مألسن ن فِط‬
‫واللسهان مهن ٍ‬
‫آلهة‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األسهنان‬ ‫األمهر كهذلك‪ ,‬بهل المهرا ُد ُّ‬
‫كهل مها ن ّظ َ‬
‫هف‬ ‫وليس‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ونحوها‪.‬‬ ‫األشجار الصالحة للتنظيف‪ ,‬أو ِصناعي ٍة كال ُف ِ‬
‫رشاة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫طبيعية كأعواد‬
‫ّ‬
‫أكثر ِ‬
‫بالد العا َلم‪,‬‬ ‫ستاك به‪ -‬ص يوِدُ يف ِ‬ ‫خير ما ُي ُ‬ ‫ّ‬
‫ألن ُعو َد األراك‪ -‬وهو ُ‬
‫السنّة يف استعمال السواك‪ ,‬فيه ْإش ٌ‬
‫قاق‬ ‫َ‬ ‫فحصر ِ‬
‫امتثال ّ‬ ‫السواك فيه لمن أراد‬ ‫َ ْ ُ‬
‫الح َرج‪.‬‬
‫وإيقاع لهم يف َ‬
‫ٌ‬ ‫على الناس‪,‬‬
‫الشه ُّهق الثههاين وهههو تنظيههف اللسههان‪ ,‬فقههد ِههاء يف حههديث أبههي موسههى‬ ‫وأمهها ِّ‬
‫بسواك بِ َي ِهد ِه َي ُقهول‪ُ :‬أ ْع‪ُ ,‬أ ْع‪,‬‬
‫ٍ‬ ‫أتيت النَّبِ َّي ﷺ َ َف َو َِد ُته َي ْس َت ُّن‬
‫األشعري ‪ ‬قال‪ُ « :‬‬
‫يتههوع» ههذا لفه ُ ال ُب َخ ِ‬ ‫ُ ِ ِ ِ‬
‫دخلهت َع َلهى‬‫ُ‬ ‫هار ّي‪َ ,‬و َلفه ُ ُم ٍ‬
‫سهلم‪« :‬‬ ‫والسواك في فيهه َك َأنَّه ُه َّ‬
‫الس َواك َع َلى ل ِ َسانه»‪.‬‬
‫ف ِّ‬ ‫النَّبِي ﷺ َ و َط َر ُ‬
‫‪115‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ق ل معلم ُء‪ُ :‬يستفاد من الحديث مشروعية السواك على اللسان طوص‪,‬‬


‫يختَ باألسنان ‪ ,‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫السواك ص‬ ‫ّ‬
‫وأن‬
‫***‬
‫* مظ ُّ بأن مَه ر ِة إ م ترطن ألجل مصالة فِط‬
‫الطهارة‪ ,‬والمحافظ َة على الو ِ‬
‫ضوء‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫فإن البقا َء على‬ ‫ٍ‬
‫مستقيم؛ ّ‬ ‫غير‬
‫ُ‬ ‫وهذا ُ‬
‫عباد ٌة مستق ّلةٌ‪.‬‬
‫مص ِالةُ‪ِ َِ ،‬ال ُي ِح عف ُظ‬ ‫ع‬
‫لقوله ﷺ‪ِ « :‬سد ُدَ َِ ِق عر ُبط َِ ع ِم ُلط ‪ ِ َ ،‬ي ِ ِأع ِم مر ُُم ُ‬
‫طء إع ُال ُلؤ عل » أخرِه مالك وأحمد‪ .‬وهو صحيح‪.‬‬ ‫ع ِلى مط ُض ع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إع ِذ ت ِِط ُض ِأ م ِعبدُ م ُمس عل ُم ‪ِ -‬أ عَ م ُمؤ عل ُ ‪ِ -‬فغ ِِس ِل َِج ِه ُه ِ ِ ِج عل‬
‫َِج عه عه ك ُُّل ِ َعي ِئ ٍ ِ ِظ ِ إع ِمي ِه بع ِعينِي عه ِل ِح م ِم عء‪ِ -‬أَ ِل ِح آ ع ع ِقَ ع م ِم عء‪ِ ،-‬فإع ِذ غ ِِس ِل‬
‫ِيدِ ي عه ِ ِ ِج عل ِيدِ ي عه ك ُُّل ِ َعي ِئ ٍ ِك ِن ِب َِ ِ ِ ِه ِيدِ ُ ِل ِح م ِم عء ِأَ ِل ِح آ ع ع ِقَ ع م ِم عء‪،-‬‬
‫غِس ِل عرج ِلي عه ِ ِ ِجن ك ُُّل ِ َعي ِئ ٍ ِل ِ ِ ِه عرج ِال ُ ِل ِح م ِم عء‪ِ -‬أَ ِل ِح آ ع ع ِقَ ع‬ ‫ِفإع ِذ ِ‬
‫م ِم عء‪ِ -‬وُِى ِيخ ُ ِج عِِ ًّي عل ِ ُّمم ُط ع » أخرِه مسلم‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إع ِذ تِط ُض ِأ م ج ُل ممس علم ِ جن ُذ ُطبه عل سم عع عه َبص ع ع‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُ ِ ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬
‫َِ ِيدِ ي عه َِ عرج ِلي عه‪ِ ،‬فإعن ِق ِعدِ ِق ِعدِ ِلغ ُفطر ِم ُه»‪ .‬أخرِه أحمد‪ .‬وهو صحيح‪.‬‬
‫***‬
‫* مظ ُّ بأن ِ ِ ِم مِ آن مط ِ شه رلض ن فِط‬
‫بعضهم‬
‫إن َ‬‫رمضان فقط‪ ,‬بل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫القرآن إص يف‬ ‫فتجدُ كثيرا من الناس ص يختِ َ‬
‫مون‬
‫ص يقر ُأه أصال إص يف رمضان‪ ,‬وباقي سنته مع ّطل ٌة من قراءته!‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪116‬‬
‫ِ‬
‫يمة‪ ,‬ولذا لما ُس لت‬ ‫النبي ﷺ‪ ,‬فقد كان عم ُله د َ‬‫ّ‬ ‫مخالف لهدي‬
‫ٌ‬ ‫وهذا‬
‫يختَ من األيال َش ْي ا؟ قالت‪ :‬ص‪ ,‬كان‬
‫ُّ‬ ‫عائش ُة ‪ ‬عن عمله‪ ,‬هل كان‬
‫عم ُله ِديمة‪ .‬أخرِه الشيخان‪.‬‬
‫آن فعي كُل ِشه ٍ»‬
‫ولقوله ﷺ لعبد اهلل بن عمرو بن العاص‪ « :‬ق ِ أ م ُِ ِ‬
‫لختْم القرآن‪.‬‬‫الش ْه َر الحدَّ األعلى َ‬
‫أخرِه الشيخان‪ .‬فجعل َّ‬
‫َمم قيل مب ٍ مح ِ‪ّ :‬‬
‫إن قوما يتعبدون ويجتهدون يف رمضان‪ ,‬قال‪:‬‬
‫الصالح الذي يتع ّبد‬
‫َ‬ ‫ب س القو ُل ص يعرفون هلل حقا إص يف شهر رمضان! إن‬
‫ويجتهد السن َة ك َّلها‪.‬‬
‫تكن‬ ‫ُ‬
‫أفضل رِب أل شعبان؟ فقال‪ُ :‬كن َر ّبانيا‪ ,‬وص ْ‬ ‫َسئل م بلي‪ :‬أ ُّيما‬
‫ُ‬
‫َش ْعبانيا! ‪.‬‬
‫***‬
‫* مظ ُّ بأن ال س ِن إذ ك ن يدُ ميمنى ل غطم ب ألكل‪ ،‬فإ ه ي طزُ مه‬
‫ِ بم مل‬ ‫أن ِي‬
‫شرب إص بيمينه‪.‬‬ ‫يأكل وص َي َ‬ ‫أن ّص َ‬ ‫الظن غير صحيحٍ ‪ ,‬بل يجب عليه ْ‬ ‫ُّ‬ ‫وهذا‬
‫لقوله ﷺ‪« :‬الِ ِيأ ُك ِل ُ ِأ ِود علنرُم بع ع ِم مع عه‪َِ ،‬الِ ِي ِ ِب ُ بع ِه ؛ ِفإع ُن م ُ ي َِ ِن‬
‫ِيأك ُُل بع ع ِم مع عه َِ ِي ِ ُ بع ِه »‪ .‬أخرِه مسلم‪.‬‬
‫رواية له‪« :‬إع ِذ ِأك ِِل ِأ ِودُ كُم ِفل ِيأكُل بع ِي عمين ع عه‪َِ ،‬إع ِذ ِش ع ِ ِفل ِي ِ بع ِي عمين ع عه؛‬
‫ٍ‬ ‫ويف‬
‫ِفإع ُن م ُ ي َِ ِن ِيأك ُُل بع ع ِم مع عه‪ِ َِ ،‬ي ِ ُ عب ع ِم مع عه»‪.‬‬

‫(‪ )1‬لطائف المعارف صبن رِب (ص‪.)222‬‬


‫‪117‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫فكيف بعد ذلك ُيقال بجواز األكل والشرب ِّ‬


‫بالشمال؟!‬
‫لمرض أو لشل ٍل ونحو ذلك‪ِ ,‬از حين ٍذ استعمال‬
‫ٍ‬ ‫نعم إذا تع ّط ْ‬
‫لت ال ُيمنى‬
‫الشمال يف األكل والشرب؛ للضرورة‪.‬‬
‫***‬
‫دفح م شطة ج ئه ملحصطل على ٍ‬
‫عمل‬ ‫* مظ ُّ بأن ِ‬
‫ٍ‬
‫خاصة بالدافع‪ ,‬أما الذي‬ ‫ٍ‬
‫منفعة‬ ‫توص ٌل لج ْل ِ‬
‫ب‬ ‫يجوز؛ ألنه ُّ‬
‫ُ‬ ‫منكر ص‬
‫ٌ‬ ‫وهذا‬
‫حق‪,‬‬
‫ليتوصل به إلى إحقاق ٍّ‬
‫َّ‬ ‫نَ العلماء على ِوازه‪ ,‬فهو ما يدفعه الشخَ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫مظلمة ص يمكن ر َّدها إص بذلك‪.‬‬ ‫أو إبطال باطلٍ‪ ,‬أو دفع‬
‫حق‪ ,‬أو دفع ٍ‬
‫ظلم‪,‬‬ ‫توصال إلى أخذ ٍ‬‫ق ل ممب ركفطري‪« :‬فأما ما ُيعطى ُّ‬
‫ف ير داخ ٍل فيه»‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شيء‪ ,‬فأعطى دينارين حتى‬ ‫ابن مسعود ُأ ِخ َذ بأرض الحبشة يف‬
‫ُروي أن َ‬
‫ُخ ّلي سبي ُله‪.‬‬
‫ُ‬
‫الرِل عن‬ ‫وروي عن ِماعة من أئمة التابعين‪ ,‬قالوا‪ :‬ص بأس أن ُيصانِع‬
‫ُ‬
‫الظلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫نفسه وماله إذا خاف‬
‫ويف «المرقههاة شههرح المشههكاة» قيععل‪ :‬م شععط ُة‪ :‬مهها ُيعطههى إلبطههال ٍ‬
‫حههق‪,‬‬
‫ليتوصل بهه إلهى ٍ‬
‫حهق‪ ,‬أو ليهدفع بهه عهن نفسهه‬ ‫ّ‬ ‫أو إلحقاق باطلٍ‪ .‬أما إذا أعطى‬
‫ظلم ها فههال بههأس بههه‪ .‬وكههذا ِ‬
‫اآلخه ُهذ إذا أخههذ ليسههعى يف إصههابة صههاحب الحههق‬
‫فال بأس به‪.‬‬
‫السعي يف إصابة‬
‫َ‬ ‫لكن هذا ينب ي أن يكون يف غير القضاة والوصة؛ ألن‬
‫كشف الظنون‬ ‫‪118‬‬

‫واِب عليهم‪ ,‬فال يجوز لهم‬


‫ٌ‬ ‫الحق إلى مستح ّقه‪ ,‬ودفع الظلم عن المظلول‪,‬‬
‫ُ‬
‫األخذ عليه» ‪.‬‬
‫***‬
‫أوببن‬
‫ُ‬ ‫يِح فيه من ُس بسبط جهلهم‪،‬‬
‫بعي مظنطن مخ ائ مِي ُ‬ ‫ُ‬ ‫مم‬
‫إلش ر ِة إمى ع‬
‫بعضه تنبيه على غي عم ‪َ ،‬إال فهي كثي ة جد مط سِِصين م‬
‫ت َ هللُ ممسِع ن‪.‬‬ ‫م ءت ِ ععد عة ل ُلد ٍ‬

‫َآ ِدعط أن محمدُ هلل ع ر مع ممي ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬تحفة األحوذي (‪ َ .)471 4‬ظ النهاية يف غريب الحديث واألثر صبن األثير (‪.)226 2‬‬
‫‪119‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫ُ ل‬
‫فهرس اموصوعات وبعص الفوايد‬

‫‪5‬‬ ‫لِدل ُ مسلسل‬

‫‪9‬‬ ‫ُِّص لح ض ة ك ف مظنطن‬

‫‪9‬‬ ‫أقس ُم مظ َألثل ُ ذمك‬

‫‪12‬‬ ‫و ُل أكث من س ِ ظنهم ب بهم‬

‫‪16‬‬ ‫ِلس ُد م ُّظنطن‬

‫‪20‬‬ ‫ع‬
‫َوه‬
‫َر ُ‬ ‫ُم ُّ‬
‫ط مصالة ُ‬
‫‪23‬‬ ‫ألُ ط ُة محِيِي‬

‫‪28‬‬ ‫مم ُد ب مِطري‬

‫‪30‬‬ ‫أ ط ُع من ِعم‬

‫‪32‬‬ ‫أقس ُم من س ِ مِمُِّح ُ‬


‫بملم ت مد ي‬

‫‪37‬‬ ‫ُمهَ ُم ألد ِ ُسرنى ممدين‬


‫كشف الظنون‬ ‫‪120‬‬

‫‪39‬‬ ‫مهط ري ِ ُسرنى ممدين‬


‫ُ‬ ‫قصيد ُة ب ج ب‬

‫‪43‬‬ ‫ط ُ‬
‫قي إلسالم‬

‫‪44‬‬ ‫تط م ه د‬
‫ل ُ‬
‫‪49‬‬ ‫أ ط ُع م ُّ ر‬

‫‪56‬‬ ‫ش ُ‬
‫َط مِطب‬

‫‪59‬‬ ‫أقس ُم ِول مسح ع ممسحطر‬

‫‪65‬‬ ‫أ ط ُع مم ت مد ي‬

‫‪70‬‬ ‫أ ط ُع البِالء‬

‫‪74‬‬ ‫تع ُ‬
‫يف مرهن َ مع ُ في َ مِحمي لنهم‬

‫‪77‬‬ ‫تطضيح ع ِشعي ة ألل ب ممع َف َ منهي ع ممنر‬

‫‪82‬‬ ‫ف ٍ‬
‫مبْ ع ورم إعف ء ملحي‬ ‫ك ُ‬

‫‪84‬‬ ‫مح ي ِ إلسالم‬


‫لفهط ُم ُ‬
‫‪87‬‬ ‫مسالم؟‬
‫مل يهَل مِه ُج ُ ب ُ‬
‫‪89‬‬ ‫ورم مِد ي ملعي‬
‫ُ‬
‫‪92‬‬ ‫أ ط ُع م ُّ ِ ص ِ م ع‬
‫‪121‬‬ ‫كشف الظنون‬

‫‪96‬‬ ‫ْ ِ‬
‫وطل مخ دل ت‬ ‫ف مب ٍ‬
‫ك ُ‬

‫‪101‬‬ ‫ورم منظ إمى منس ء ِ م ش ت‬


‫ُ‬
‫‪102‬‬ ‫مَنَ َي ‪‬‬ ‫ُ‬
‫بعي ا ئف م ي ‪ /‬علي‬

‫‪105‬‬ ‫مظنطن مف شي ع بإي ز‬


‫ع‬ ‫ِس ُد ا ئف ٍ ل‬

‫‪‬‬

You might also like