‫قديما‪ ،‬يحكم البحر األبيض املتوسط‪ ،‬هذا ما أوضحه عدد قليل ج ًدا من النقوش‬

‫ً‬ ‫كان الفينيقيون شعبًا‬

‫التى تركها الفينيقيون‪ ،‬والتى تثبت صحة هذا األمر‪.‬‬

‫اشتهر البحارة الفينيقيون باستخدام خبراتهم فى التجارة فى جميع أنحاء البحر املتوسط‪ ،‬وأبرز دليل‬
‫على نشاطهم التجارى هو تأسيس قرطاج عاصمة تونس اليوم‪ ،‬إضافة إلى هذا اشتهر الفينيقيون‬
‫باختراعهم لألبجدية‪،‬‬

‫بمساملتهم وبراعتهم االستكشافيّة البحريّة التجاريّة‪ ،‬التي م ّكنتهم‬

‫ُعرف الفينيقيون في العالم القديم ُ‬
‫من تحويل البحر املتوسط لبحيرة تجار ّية تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب‪ ،‬حضار ًيّا وتجار ًيّا‪،‬‬
‫الخاصة؛ اشتُهروا بسعيهم وراء استكشاف األراضي الغنيّة بالقصدير‬‫ّ‬ ‫وإلى جانب منتوجاتهم‬
‫الالزم لصناعة البرونز‪ ،‬في عص ٍر انتشر فيه– ربما بفضلهم– استخدام البرونز‪.‬‬

‫وف ًقا للتقاليد تأسست املدينة كمستعمرة فى عام ‪ 814‬قبل امليالد من ِقبل الفينيقيني تحت قيادة امللكة ديدو‬
‫األسطورية‪ ،‬أصبح القرطاجيون أنفسهم قوة بحرية مهيمنة فى غرب البحر املتوسط حتى تم تدميرهم من قبل‬
‫روما فى عام ‪ 146‬قبل امليالد‪ ،‬وبعد هزيمتهم فى الحروب البونيقية أسس الفينيقيون مستعمرات فى قبرص‬
‫وفى األناضول بجانب قرطاج‪ ،‬والجزء األكبر من األرض التى احتلوها يو ًما ما يتوافق مع لبنان الحديث‪ ،‬لكن‬
‫أيضا بأجزاء من جنوب سوريا وشمال األراضى املحتلة‪.‬‬ ‫الفينيقيني احتفظوا ً‬

‫وفي مصر نجد لهم مينا ًء ملراكبهم ومستود ًعا لبضاعتهم في الدلتا لتسهيل تجارتهم‪ ،‬وهذا أمر ليس‬
‫أيضا عقب ازدهار نشاطهم التجاري في البحر املتوسط يُنشئون‬ ‫بغريب على مصر؛ فنرى اإلغريق ً‬
‫مدينة كامل ًة لهم في مصر باسم »نقراطيس« لنفس السبب الذي دفع الفينيقيني لذلك‪.[9] .‬‬

‫ولم تتوقف املستعمرات الفينيقية عن االنتشار داخل حوض البحر املتوسط‪ ،‬فنجد بعد عبور مضيق‬
‫قديما– مستعمرة فينيق ّية ما زالت قائمة حتى وقتنا الحاضر‪ ،‬وهي‬
‫ً‬ ‫جبل طارق– أعمدة هرقل‬
‫مستعمرة قادس على ساحل األطلسي– قادش حاليًا بإسبانيا– وعلى الساحل الغربي من القارة‬
‫األفريقية ]‪ ،[10‬وتشير كتابات تاريخية قديمة إلى وصولهم إلى أراضي القصدير– أي جزر‬
‫بريطانيا– وهذا الرأي ما زال موضع افتراض‪.‬‬