You are on page 1of 900

1

2
‫تصميم الغالف – ‪Virena Ayad‬‬

‫التواقيع االبطال – ‪mayada amr‬‬

‫تصميم داخلي و ‪mayada amr – pdf‬‬

‫‪3‬‬
4
5
‫شكر خاص وتحية تقدير للمشرفة والكاتبة الراقية منى‬

‫لطيفي نصر الدين لمساعدتها لي في تنزيل الفصول بموقع‬

‫شبكة روايتي الثقافية‬

‫‪6‬‬
‫• مقدمة •‬

‫🥀‬

‫ب َمن يرق ِعن َد‬


‫ق ِعن َد ال ِودّ‪ ،‬بَ ِل ال ُم ِح ُّ‬
‫ب ِب َمن يَ ِر ُّ‬ ‫ولَ َ‬
‫يس ال ُم ِح ُّ‬

‫ال َجفا ُء 🦋‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫حملت سجادتها المفروشة على األرض نازعة إسدالها‬

‫الوردي الباهت بعد أن أنهت صالة الضحى‪ ،‬لتتجه بخطواتها‬

‫الحثيثة نحو خزانتها القديمة والتي كانت إحدى تركات‬

‫والديها رحمهما هللا والتي قد مضى عليها‬

‫‪7‬‬
‫أكثر من ست وعشرين سنة أي منذ زواجهما ‪..‬فتحت بابها‬

‫مخرجة منه حجابها البسيط بلونه البني الفاتح ووشاحها‬

‫األبيض‪..‬فها هي تبدأ نهارها كالعادة بالذهاب نحو عملها‬

‫البسيط والذي كان عبارة عن بائعة في محل لألدوات‬

‫التجميل والهدايا ‪..‬رغم حزنها أنها تعمل بأقل من مستواها‬

‫التعليمي فهي خريجة كلية األداب إال أنها تحمد هللا على كل‬

‫شيئ فالخير دائما فيما إختاره هللا تعالى‬

‫فإذا ركنت للكسل والتواكل لن تجد من يمد لها قوت يومها‬

‫‪..‬فهي منذ وفاة والديها بعمر العاشرة إثر حادث مميت حيث‬

‫كانت هي الناجية الوحيدة بينهما‪ ،‬فقد كفلها عمها منذ‬

‫خمس عشرة سنة فهي ال أخوال لها بحكم أن والدتي هي‬

‫األخرى تربت يتيمة وال أعمام أخرين فأجبر عمها الوحيد‬

‫‪8‬‬
‫على ضمها مع بناته الثالثة وزوجته في بيتهم‪..‬إال أنها لم‬

‫تشعر يوما باأللفة بينهم صحيح أنهم لم يسيؤوا لها إال أنهم‬

‫كانوا يعاملونها برسمية وكأنها ضيفة ثقيلة عليهم وما كان‬

‫منها إال أن تكتم ذلك صابرة على وضعها حامدة هللا على‬

‫حال ‪..‬‬

‫لعل ما قهرها أكثر هو تصرف عمها األخير بعد أن بنى‬

‫جدارا عازال بين غرفتها والتي بداخلها حمام صغير شبه‬

‫مهترئ وباقي البيت لتنعزل بمفردها بغرفة‬

‫صغيرة جانبية عن البيت ليكون لها بابا لوحدها مطال على‬

‫الحي ‪..‬كيف طاوعه قلبه أن يعزلها هكذا وهي اليتيمة التي‬

‫ال أحد لها غيره هو‪ ،‬أال يخشى من تطفل عديمي األصل أو‬

‫أن يتهجموا عليها ليال كاسرين الباب ‪..‬أال يكفيها وجع اليتم‬

‫‪9‬‬
‫ليزيدها قهر الخذالن ‪..‬هي متأكدة أن هاذا كالم زوجته‬

‫فلطالما كان عمها ساذجا ال يعارض أوامر زوجته تلك التي‬

‫ال تخشى هللا‪..‬ما عليها إال أن تفوض أمرها هلل فهو خير‬

‫معين لها وناصر‬

‫تنهدت بخفوت مقاومة وجع فؤادها مغادرة غرفتها المطلعة‬

‫على حيهم البسيط مغلقة الباب خلفها متحركة بخطوات‬

‫هادئة مرددة أذكارها‪...‬‬

‫بعد عدة دقائق من المشي وصلت لمكان عملها لتراه كعادته‬

‫طوال السنة التي عملت بها هنا مفتوحا فقد كان صاحبه‬

‫العم حكيم يفتحه باكرا جدا بعد أن يؤدي صالة الفجر ثم‬

‫يتركه بمعية زوجته الطيبة السيدة سعاد ‪ ،‬والتي كانت حقا‬

‫‪10‬‬
‫نعم المرأة الفاضلة فهي إستقبلتها بكل لطف بداية عملها‬

‫هنا‪..‬‬

‫دلفت عبر واجهة المحل فقابلتها صديقتها المقربة ليلى‬

‫جالسة بمقعدها المعتاد تتطالع أحد مجالت الموضة‬

‫المهووسة بها ‪..‬فهي كثيرا ما تستغل لحظات غياب زوجة‬

‫صاحب المحل لتطالع تلك المجالت أو تتصفح مواقع‬

‫المشاهير كعادتها‪..‬‬

‫حيتها بهدوء مردفة‪ :‬السالم عليكم ورحمة هللا‬

‫لتجيبها األخرى دون أن ترفع رأسها من المجلة مجيبة‪:‬‬

‫وعليكم السالم كالعادة أنت تتأخرين يا ميس‬

‫‪11‬‬
‫قلبت األخرى عينيها مغمغمة بملل‪ :‬كلها دقيقتين يا فتاة‬

‫لتصرخ ليلى فجأة مستقيمة من مجلسها رادفة بصراخ‬

‫أرعب األخرى‪ :‬تبا له الخائن الغبي‪..‬تبا ال أصدق هاذا‬

‫رمشت ميس عدة مرات مردفة بهلع‪ :‬ما األمر ‪..‬ما بك هكذا‬

‫تصرخين؟؟؟‬

‫ناظرتها األخرى صاكة على أسنانها مقدمة لها المجلة‬

‫صارخة بحنق‪ :‬أنظري بنفسك هاذا الغبي ترك الممثلة‬

‫المشهورة وتزوج بعارضة األزياء الغبية تلك ال أصدق كيف‬

‫يترك كتلة الجمال تلك ويتزوج هذه القبيحة ‪..‬ذوقه غبي حقا‬

‫مثله تماما‬

‫‪12‬‬
‫أخذت ميس المجلة منها ممزقة إياها هاتفة بغضب حقيقي‪:‬‬

‫حقا‪..‬كل هذه الضجة والصراخ ألجل ممثل إذا‪..‬وأنا التي‬

‫إرتعبت بسببك أيتها الحمقاء‬

‫فغرت األخرى فاهها بعد تمزيقها لمجلتها لتهم بالصراخ‬

‫عليها إال أن األخرى رفعت إصبعها في وجهها هامسة‬

‫بحدة‪ :‬وال كلمة يا ليلى لمصلحتك كي ال تري غضبي‬

‫عضت األخيرة على شفتيها كاتمة كلماتها فهي تدرك حقا‬

‫حنق صديقتها ميس فأقل ما ستفعله عند غضبها هو أن‬

‫تمزقها قطع صغيرة ثم ترميها في أنحاء متفرقة من‬

‫الوطن‪..‬‬

‫‪13‬‬
‫تحركت ميس نحو المكان المخصص للهدايا واألكسسوارات‬

‫لمباشرة عملها بإنتظار قدوم الزبائن ‪...‬في حين أنه كان‬

‫لليلى الجزء االخر منه‪ ،‬مخصصا لمختلف المالبس النسائية‬

‫واألطفال ‪..‬بعد لحظات صمت إنفجرت ليلى ضاحكة‬

‫لتشاركها ميس الضحك فهما كثيرا ما تصرخان في بعضهما‬

‫ثم بعد دقائق يضحكان على نفسيهما وغبائهما‪...‬‬

‫ليلى صديقة طفولتها وقد درسا سويا منذ اإلعدادي وكانتا‬

‫طوال الوقت معا‪ ،‬فرغم إختالف شخصيتهما إال أنهما توافقا‬

‫كليا ‪ ،‬فليلى ذات طبع جريئ مستفسز مولعة بالموضة وكل‬

‫ما هو جديد ومهووسة بأخبار المشاهير إال أنها في ذات‬

‫الوقت طيبة ومرحة جدا ‪،‬فهي كانت السبب الرئيسي في‬

‫حصولها على هاذا العمل فقد ترجت زوجة صاحب المحل‬

‫‪14‬‬
‫أن يسمحا لها بمزاولة العمل معها حتى تجد عمال‬

‫آخر‪..‬وهما لما يمانعا فميس كانت تحظى بإحترام الجميع‬

‫ومحبتهم‪..‬فاألخيرة كانت هادئة مبتسمة على دوام ملتزمة‬

‫وذات خلق رفيع ‪..‬‬

‫غمغمت ليلى منادية على األخرى‪ :‬ميوسة هل تحبينني؟؟‬

‫تجاهلتها األخيرة مجيبة إياها بضجر فهي تعلم أنها ال تدللها‬

‫إال وبعدها تباغتها بطلب مفاجئ‪ :‬ال ‪..‬ال أحبك‬

‫زمت ليلى شفتيها بعبوس طفولي جعل ميس تضحك بخفة‬

‫على مالمحها الظريفة لتردف بمحبة خالصة‪ :‬نعم يا حبيبة‬

‫‪15‬‬
‫قلب ميس أحبك حبا ال يسعه ال القلب وال الوجدان ‪...‬فقط‬

‫إفحميني بطلبك دون لف كعادتك؟‬

‫قهقهت األخرى بشدة عليها مجيبة اياها من بين أنفاسها‪:‬‬

‫فقط أريدك يوم الجمعة أن ترافقينني لمحل السجاد الذي‬

‫بالمدينة لشراء بعض القطع ‪..‬تعلمين أن زفافي هاذا الصيف‬

‫ولم أكمل شراء باقي المستلزمات‬

‫قطبت ميس جبينها بإستغراب مستفهمة منها‪ :‬لماذا بالضبط‬

‫بالمدينة‪..‬يوجد العديد من محالت السجاد هنا بحينا أو‬

‫باألحياء القريبة األخرى ‪..‬لماذا نتنقل للمدينة بالذات؟؟‬

‫‪16‬‬
‫قلبت األخيرة عينيها مجيبة إياها بملل‪ :‬تبا‪..‬هل تسمين تلك‬

‫السجاد التي تباع هنا سجاد مناسب لعروس حقا؟؟‪..‬ال‬

‫تعجبني بتاتا‪..‬باإلضافة سمعت من صديقات أمي اللواتي‬

‫يأتين للخياطة عندها أن هناك مجموعة من المحالت السجاد‬

‫المختصة بأفخم أنواعها وبعضها مستورد من الخارج‬

‫وبسعر مناسب يعني للطبقة البسيطة أيضا مثلنا‪..‬‬

‫لتتنهد ميس فهي في النهاية ال تستطيع رفض طلبها فليلى‬

‫عزيزة على قلبها ولطالما كانت لها نعم األخت والسند ‪..‬كم‬

‫من مرة حضنتها مخففة عليها أوجاع وحدتها وكم مرة‬

‫كانت تتشاجر مع بنات عمها مدافعة عنها بشراسة ‪..‬دينها‬

‫كبير ومحبتها في قلبها أكبر ‪..‬همهمت بعدها‪ :‬ال بئس‬

‫سأرافقك ‪..‬لكن بشرط غدا صباح ستعويضنني ألنني سأتأخر‬

‫‪17‬‬
‫غالبا فقد تم فتح مكتبة جديدة بأحد األحياء القريبة لهاذا‬

‫سأذهب غدا صباحا إلقتناء بعض الكتب ولن أتأخر باذن هللا‬

‫كلها ساعة فقط‬

‫لتصفق األخيرة بفرح مردفة بحبور‪ :‬حسنا ما دمت‬

‫سترافقينني ‪..‬بدال من أختي مريم المملة‬

‫قههت ميس بخفة متحدثة‪ :‬مريم معها حق في أغلب‬

‫األوقات‪..‬هي فقط تنصحك أن ال تكثري من شراء األشياء‬

‫الغير ضرورية فأختك متزوجة ولها طفالن يعني أدركت‬

‫خطئها بعد شراءها لما ال تحتاجه بكثرة‬

‫قلبت األخرى عينيها مغمغمة بتهكم صريح‪ :‬أنها تعارضني‬

‫حتى في شراء مالبس النوم المكشوفة تبا تريدني أن أرتدي‬

‫لزوجي كيسا أسودا ‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫لتغمز لميس هامسة بحالمية‪ :‬تعلمين أن مالبس النوم هي‬

‫الجزء المفضل في مشترياتي‬

‫قلبت ميس عينيها على سخافتها متجاهلة كلماتها‬

‫الحالمة‪..‬ليخترق مسامعها ندائها‪ :‬سسسس ميوسة هل‬

‫تعلمين أن صاحب محالت السجاد تلك هو شاب وسيم جداا‬

‫‪..‬والجزء المفضل أنه عازب‪..‬وقيل أيضا أنه ملتزم ومحافظ‬

‫وأخالقه عالية‬

‫رفعت ميس حاجبها مستفهمة منها‪ :‬ماشاء هللا وكيف‬

‫عرفت كل هاذا؟‬

‫‪19‬‬
‫قهقهت ليلى بشدة لتجيبها‪ :‬في الحقيقة مجموعة محالته‬

‫مشهورة بالمدينة باإلضافة أن زبونات أمي لديهن‬

‫المعلومات على كل شباب منطقتنا‬

‫هزت ميس رأسها قاطعة األمل منهن مغمغمة‪ :‬زبونات‬

‫والدتك لقد تفوقن على مخابرات الدولة تبارك الرحمان‬

‫لتناديها األخرى مستفهمة منها بخبث شقي‪ :‬وأنت ما رأيك‬

‫؟‬

‫قطبت األخيرة حاحبيها بعدم فهم سائلة إياها‪ :‬رأيي في ماذا‬

‫بالضبط؟‬

‫غمزت لها األخرى بمكر مجيبة إياها بشقاوة‪ :‬قد يكون‬

‫عريسا مناسبا لك‬

‫‪20‬‬
‫قلبت األخرى عينيها عليها مغمغمة بضجر من كلماتها‬

‫العابثة‪ :‬كفاك سخافة وإهتمي بنفسك فقط يا عروس‬

‫ضحكت ليلى بشدة عليها لتسئلها‪ :‬ما األمر في الحقيقة ال‬

‫أريد أن أتركك وأتزوج لو كان األمر بيدي لطلبت من‬

‫خطيبي أن يتزوجك أنت األخري تعلمين حبي لك ومستعدة‬

‫أن أقبل بالتعدد إذا كنت أنت الزوجة الثانية يا ميس قلبي‬

‫مطت األخيرة شفتيها متابعة رص قارورات العطور على‬

‫الرف بترتيب متقن متجاهلة ليلى وثرثرتها الالمتناهية‪...‬‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫عند الزوال وبعد الساعات األولى من العمل غادرت كلتا‬

‫الفتاتان المحل تاركين إياه بمعية السيدة سعاد‪..‬تمشيان‬

‫بخطوات هادئة ومع مزاح ليلى وسخريتها التي ال‬

‫تنتهي‪..‬لتغمغم‪ :‬نسيت أن أخبرك والدتي تدعوك على الغذاء‬

‫وأرجوك إعفيني من حججك الغبية كعادتك أو سأخبرها بأنك‬

‫أخبرتني بخوفك أن تسممك في األكل‬

‫فتحت ميس فاهها لتجيبها لكنها أطبقت عليه غالقة إياه‬

‫فلطالما رفضت دعوتهم لألكل ‪..‬يكفي أنهم يدعوننها كل‬

‫رمضان لإلفطار معهم كي ال تفطر بمفردها‪..‬فوالدي ليلى‬

‫أحباها كإبنتهم ولطالما رحبوا بها وأكرموها‪..‬لكن نفسها‬

‫عزيزة وتشعر باإلحراج منهم‪..‬لكنهم كعادتهم يجبرونها‬

‫على القبول بإصرارهم الشديد‬

‫‪22‬‬
‫دلفت الفتاتان للمنزل لتباشر ليلى المناداة على أمها‪ :‬أمي‬

‫هاقد وصلت وأحضرت ميس العنيدة كما وعدتك‪..‬‬

‫هرعت والدتها من المطبخ مهللة بقدوم ميس فهي حقا‬

‫غالية على قلبها ومعزتها كبيرة جدا وتعتبرها مثل إبنتيها‬

‫مريم وليلى لتغمغم بحبور جلي على تقاسيم وجهها الحاني‪:‬‬

‫أهال بك بنيتي وأخيرا يا شقية‪..‬لم أرك ألكثر من أسبوع هل‬

‫هذه معزتي عندك؟‬

‫عمت الفرحة ثنايا قلب ميس فلطالما كانت السيدة صفا‬

‫والدة ليلى ترحب بها أشد الترحيب بل عدة مرات طلبت‬

‫منها أن تأتي للعيش معها ووسط أسرتها لكنها طبعا رفضت‬

‫ليس لخطب فيهم‪..‬لكن حياءا منهم وإحتراما لكرامتها ‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫يكفي أن لها غرفة تحويها ببيت عمها على كل حال‪..‬إقتربت‬

‫األخيرة منها مقبلة رأسها مهمهمة بمودة خالصة‪ :‬حقك‬

‫علي يا خالة إعذريني لكن لم أشأ أن أثقل عليكم فقط‬

‫ربتت السيدة صفا على رأسها بحنان متحدثة بهدوء‪ :‬لم‬

‫تكوني يوما ثقيلة يا بنيتي أنت فرد من العائلة ومرحب بك‬

‫دوما وهللا شاهد على محبتي الكبيرة لك‬

‫تبسمت لها ميس بدفئ مردفة بخفوت‪ :‬حفظك هللا لنا يا خالة‬

‫تململت ليلى بوقفتها مغمغمة بضجر ‪ :‬لو أنهيتما هذه‬

‫الموشحات الدرامية هال وضعت لنا الغذاء يا أمي فنحن‬

‫نتضور جوعا‪..‬‬

‫‪24‬‬
‫ضربتها والدتها على رأسها معاتبة إياها‪ :‬أوال غيري ثيابك‬

‫و لتأديا صالة الظهر فقد أذن منذ دقائق ثم تعاال لتناول‬

‫الطعام يا شرهة‬

‫جلسوا على الطاولة الطعام بغرفة الجلوس بأثاثها البسيط‬

‫المرتب مباشرين األكل ‪..‬لتستفهم ليلى من والدتها‪:‬‬

‫بالمناسبة أمي ألم يتأخر أبي اليوم؟‬

‫سكبت والدتها العصير لميس مجيبة إياها بهدوء‪ :‬أخبرني‬

‫أنه سيتأخر اليوم ولن يتناول الغذاء معنا فسيوصل بعض‬

‫األجهزة والعتاد المستعجل لبعض المحالت‬

‫‪25‬‬
‫بعد لحظات صمت ال يقطعها إال صوت المالعق تتحرك‬

‫‪..‬أردفت السيدة صفا سائلة ميس‪ :‬ألم يقرر عمك أمين أن‬

‫يهدم ذلك الجدار بغرفتك يا ميس؟‬

‫إبتلعت ميس طعامها بصعوبة بعد جلب سيرة ما فعله عمها‬

‫من بناءه لذلك الجدار منذ خمس أشهر بغرفتها عازال إياها‬

‫عن أسرته‪..‬ما زالت الغصة تألمها وتنخر ذلك الجرح الذي‬

‫لم يلتئم بعد منذ وفاة والديها‪..‬لتهمهم بخفوت وحسرة‪ :‬ال يا‬

‫خالة‪..‬ال تقلقي علي أساسا قد إعتدت عليه البئس‬

‫تنهدت صفا بخفوت فما قام به عم ميس في قمة الحقارة‬

‫حقا كيف له أن يعزلها بغرفة خارجية عن بيته وأهله ‪..‬أال‬

‫يخشى على عرضه وسمعته من شر الناس ‪..‬فقد كلمه‬

‫زوجها بعد أن طلبت منه ذلك إال أنه كان كل مرة يتحجج‬

‫بحجج سخيفة واهية‪..‬خاصة مع رفض ميس أن تعيش‬

‫‪26‬‬
‫ببيتها وتحرجها من ذلك كل مرة تطلب منها المكوث معها‬

‫هنا بينهم‪ ،‬رغم بساطته إال أنه ال يعيش فيه إال هي وزوجها‬

‫خليل وإبنتها ليلى وإبنها الصغير ذو السبع سنوات‬

‫لؤي‪...‬صمتت على مضض فهي ال تريد إحراجها وال‬

‫تذكيرها بفعل عمها الخسيس‬

‫قاطعها ليلى مهسهسة بحنق‪ :‬أراهن أنها زوجة عمك تلك‬

‫العقرب السوداء هي من أقنعته بذلك ‪..‬تلك األفعى اللعينة‬

‫وبناتها الحمقاوات‬

‫كتمت ميس بسمتها على تشبيهاتها الحانقة مردفة بلطف‪:‬‬

‫ال بئس على كل حال لم أعد أبالي بالموضوع‬

‫تابعت ليلى كلماتها موجهة نظراتها لوالدتها‪ :‬أؤكد لك يا‬

‫أمي أنهن يغيرن منها ‪..‬يا إالهي غيرة نساء فظيعة حقا‬

‫‪27‬‬
‫وافقتها أمها في كالمها إيجابا مهمهمة‪ :‬طبعا هن كذلك‬

‫رفعت ميس حاجبها بإستفهام مغمغمة‪ :‬أنتما تبالغان لماذا‬

‫قد يغارون مني كلنا بشر‬

‫ضحكت ليلى بتهكم واضح على كلماتها مجيبة إياها‪ :‬نعم‬

‫بشر من حيث اللحم والعظم يا ذكية‪ ،‬لكن ليس من حيث‬

‫القلب فقلوبهن عمها الخبث كالشياطين ‪ ،‬تبا أنظري بنفسك‬

‫أنت كتلة جمال متنقلة ماشاء هللا‬

‫بوجهك األبيض وعيونك الزيتونية الخضراء وشعرك البني‬

‫الغجري وقدك الممشوق‪..‬‬

‫تابعت أمها عنها مردفة بتبارك‪ :‬تبارك الرحمان واألجمل‬

‫فيك أنك بريئة كاإلطفال وذات خلق ودين رفيع حرصك هللا‬

‫من كل سوء بنيتي‬

‫‪28‬‬
‫توردت وجنتي ميس بحياء جلي مطرقة رأسها مهمهمة‬

‫بخفوت‪ :‬ال تبالغا ليس لتلك الدرجة ‪..‬جمالي عادي‬

‫قلبت ليلى عينيها على تواضعها المعتاد متحدثة بضجر‪ :‬تبا‬

‫لك ولتواضعك ‪..‬لو كنت شابا لتزوجتك يا فتاة‬

‫قهقهت السيدة الصفا على مالمح إبنتها الحانقة وميس‬

‫الخجلة بمالمحها البهية الجميلة‬

‫‪:‬‬

‫بعد أن أتموا الغذاء جلسوا سويا يرتشفون الشاي لتردف‬

‫السيدة صفا مستفهمة من ميس‪ :‬هل ما زلت تصممين تلك‬

‫الفساتين يا ميس؟‬

‫‪29‬‬
‫وضعت األخيرة كأس الشاي على طاولة مجيبة إياها‬

‫بهدوء‪ :‬نعم أحيانا كلما وجدت وقتا لذلك‪..‬لماذا يا خالة؟‬

‫تهللت أسارير صفا لتغمغم بفرحة جلية على مالمح وجهها‪:‬‬

‫في الحقيقة آخر مرة عندما أعطيتني تصميم ذلك الفستان‬

‫النيلي قررت أن أجرب خياطته بعد أن وجدت القماش‬

‫المناسب له ‪ ،‬وبعد أن أتممته ويا لصدفة رائعة رأته إحدى‬

‫زبوناتي فأعجبت به كثيرا وقامت بشراءه مني لترتديه في‬

‫خطبة أختها ‪..‬لهاذا ما رأيك أن تصممي لي وأنا أعرض‬

‫التصميمات على زبونات وتأخذين أرباحا مقابل ذلك‬

‫قطبت ميس جبينها محتارة مردفة بتشتت‪ :‬في الحقيقة أنا‬

‫كنت أصمم فقط لتسلية وملئ وقتي ال غير لم أفكر يوميا في‬

‫تجسيدها‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫قاطعتها ليلى مغمغة بسخطها المعتاد‪ :‬يا فتاة ما خطبك ها‬

‫قد جائتك الفرصة إليك ال تتحججي باهلل عليك‪..‬أنت تحبين‬

‫تصميم الفساتين وها قد أتتك الفرصة لتجسيد بعضها على‬

‫أرض الواقع فلتستفيدي من مهارتك إذا دون نكد وال لف‬

‫ودوران‬

‫هزت ميس كتفيها متحدثة‪ :‬ال بئس إذا يا خالة لدي بعض‬

‫الرسومات بالبيت سأرسلها لك مع ليلى غدا ‪،‬ومن تعجبك‬

‫أنت أو زبوناتك فلك كل صالحية بتجسيدها وخياطتها‬

‫سعدت السيدة صفا بقبول ميس لعرضها لتقول بمودة‪:‬‬

‫حسنا إذا أي تصميم تأخذ الزبونة أنا أقوم بخياطته ثم‬

‫نتقاسم األجر معا ما رأيك؟‬

‫‪31‬‬
‫توسعت عيني ميس بحرج مردفة‪ :‬ال يا خالة ليس لهذه‬

‫الدرجة ‪..‬هي مجرد تصميمات بسيطة أنت صاحبة التعب‬

‫األكبر لهاذا ال أريد أي أجر المهم أن تحبها زبوناتك‬

‫تململت ليلى مغمغة بحنق‪ :‬توقفي عن مثاليتك يا فتاة أنت‬

‫تثيرين صداعي خذي ثمن تعبك وأصمتي‪..‬‬

‫تابعت عنها والدتها متحدثة‪ :‬ميس بنيتي هاذا تعبك وأنا ال‬

‫أريد أن آكل ما هو ليس لي بنيتي‬

‫تنهدت ميس مهمهمة بإيجاب‪ :‬البئس يا خالة كما تريدين‬

‫إستقامت ليلى من مجلسها شادة ذراع ميس معها مخاطبة‬

‫إياها‪ :‬هيا سنتأخر عن العمل اآلن ‪..‬‬

‫‪32‬‬
‫لتستقيم األخرى أيضا مردفة بلطف لسيدة صفا‪ :‬شكرا لك‬

‫على الغذاء خالة كان لذيذا حقا كعادتك‪..‬‬

‫تبسمت لها األخيرة بحنو مردفة بمحبتها الخالصة‪ :‬أهال بك‬

‫دوما بنيتي ‪..‬وال تنسي بابنا مفتوح لك على الدوام تعالي‬

‫للغداء كل وقت ولن أقبل إعتراضا ‪.‬‬

‫شعرت ميس بالحرج كعادتها فهم منذ سنوات ماضية‬

‫يستقبلونها كل وقت بكل روح طيبة معطاءة‪..‬وال تعلم حقا‬

‫كيف سترد دينهم الكبير عليها‬

‫‪:‬‬

‫تحركت الفتاتان بخطواتهما الهادئة متجهين نحو المحل مع‬

‫ثرثرة ليلى التي ال تنتهي‪...‬لتردف األخيرة فجأة وكأنها‬

‫‪33‬‬
‫تذكرت شيئا‪ :‬بالمناسبة سمعت أن إبنة عمك سناء قد تقدم‬

‫لها خاطب‬

‫قطبت ميس جبينها بإستغراب مهمهمة بتفاجئ‪ :‬حقا ‪..‬لم‬

‫أسمع‬

‫زمت ليلى شفتيها بعبوس مردفة بحنقها المعتاد‪ :‬أكيد لن‬

‫يخبروك ‪..‬فهن خائفات من أن تحسيدهن‬

‫قلبت ميس عينيها متحدثة‪ :‬أراهن أن زبونات والدتك‬

‫كالعادة هن من أخبرنك بذلك‬

‫قهقهت األخرى عليها قائلة‪ :‬طبعا فآخر األخبار تنقل لنا‬

‫بناءا على تلك اإلستخبارت بالمنطقة‪..‬المهم أتعلمين من‬

‫العريس؟‬

‫ناظرتها ميس بملل جلي مهمهمة‪ :‬من‪ ،‬أبهريني؟‬

‫‪34‬‬
‫ضحكت ليلى بشدة لتتحدث من بين أنفاسها‪ :‬إنه محمد‬

‫قطبت األخرى جبينها بتسائل مخاطبة إياها‪ :‬محمد من‬

‫بالضبط؟‬

‫حولقت ليلى بضجر ضاربة كفيها ببعضهما البعض‬

‫مردفة‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‪..‬كم محمد موجود بحينا يا‬

‫ذكية‪..‬أكيد محمد السمكري أنسيت‬

‫همهمت ميس بإيجاب متذكرة إياه‪ :‬أجل تذكرته الذي يعمل‬

‫بنهاية شارعنا‪..‬‬

‫وافقتها ليلى بقولها‪ :‬نعم هو بشحمه ولحمه‪...‬تخيلي محمد‬

‫ذاك سيخطب يا إلهي عجائب الكون حقا‬

‫‪35‬‬
‫زمت ميس شفتيها بعبوس مقاطعة إياها بحنق‪ :‬ما خطبك يا‬

‫ليلى هل ألنه سمكري وعمله بسيط تقولين ذلك ‪ ،‬هو شاب‬

‫ومن حقه أن يعف نفسه مثل باقي الشباب ال يجوز لنا‬

‫التنمر على خلق هللا‬

‫قلبت األخرى عينيها مردفة بتململ‪ :‬يا فتاة توقفي عن‬

‫مثاليتك الزائدة سوف أتقيأ منها يوما ما‪..‬أنا لم أقصده من‬

‫الناحية المادية أو البساطة يا ذكية زمانك بل كنت أتحدث‬

‫من جانب آخر‬

‫عقدت ميس حاجبيها بإستغراب مستفهمة منها عن‬

‫مقصدها‪ :‬ماذا تقصدين بالضبط؟ ؟‬

‫‪36‬‬
‫تنهدت األخرى بخفوت مغمغمة‪ :‬سمعته سبقته بأشواط بأنه‬

‫زير نساء‪..‬وخالل هذه السنوات واعد أغلب فتيات الحي‬

‫واعدا إياهن بالزواج وأعرف بعضهن‪..‬حتى بمواقع‬

‫التواصل وحسابه معروف بحكم أنه ينشر صور عمله‬

‫تجدينه يغازل أغلب المعلقات عنده من الفتيات‪..‬قرف حقا‬

‫تنهدت ميس بخفوت دالكة جبينها بحيرة مستفمة من ليلى‪:‬‬

‫إذا كانت أخالقه بهاذا السوء أظن أنه علي أن أتحدث مع‬

‫سناء وأنصحها ‪..‬تضل في النهاية إبنة عمي وال أرضى لها‬

‫السوء‬

‫ضحكت ليلى بتهكم مردفة بعدها‪ :‬على أساس المسكينة ال‬

‫تعلم بهاذا‪..‬أنت بريئة حقا يا ميوسة‪..‬قلت لك سمعته تركض‬

‫‪37‬‬
‫ركضا قبله‪..‬بمعنى آخر الجميع يعلم بسوء أخالقه وبأنه زير‬

‫نساء و بنات عمك يعلمن بهاذا إطمئني‬

‫صمت ميس محتارة متمنية من أعماق قلبها أن ترفض‬

‫سناء هاذا العرض ‪..‬فهي تتمنى كل الخير لبنات عمها أمين‬

‫وأن يرزقنهن هللا الزوج الصالح‬

‫ليخترق مسمعها صوت ليلى الضاحك بسخرية‪ :‬هل نسيت‬

‫قبل سنتين عندما تقدم ذلك العريس أبو البطن‬

‫الضخمة‪..‬ذكريني ما إسمه‪..‬الذي تقدم لإلبنة عمك الكبرى‬

‫بسمة‪..‬ما إسمه؟؟‬

‫قهقهت ميس بخفة مهمهمة بخفوت‪ :‬أظن إسمه محسن‬

‫‪38‬‬
‫شاركتها ليلى الضحك متحدثة بمشاكسة‪ :‬تبا لك يا ميس‬

‫أتذكر أنني نبهتك أال تكلميها ‪..‬لكن رأسك كالعادة صلب‬

‫كالصخر ال يستجيب‬

‫وصلت الفتاتان للمحل مع ضحكهما وثرثرتها ‪..‬لتدفع ليلى‬

‫باب الواجهة دالفة عبرة لتلحقها ميس بعدها ‪..‬حيث‬

‫إستقبلتها السيدة سعاد بوجهها البشوش مرحبة بهما‬

‫مجددا‪ :‬أهال أيتها الشقيتين ‪..‬جئتما في وقتكما فقد كنت‬

‫بإنتظاركما ‪..‬زوجي بإنتظاري بالحقل ‪..‬المحل بأمانتكم يا‬

‫بنات‬

‫ودعت الفتاتان سعاد لتباشر كل منهما عملها بإنتظار قدوم‬

‫الزبائن في الفترة ما بعد الظهر ‪..‬لتتابع ليلى كالمها‬

‫‪39‬‬
‫بضحكتها الذي ال ينتهي ‪ :‬هيا ذكريني ماذا قالت لك بسمة‬

‫عندما نصحتها بأن ترفض العريس؟‬

‫كتمت ميس بسمتها مردفة بعبوس طفولي مكتفة ذراعيها‬

‫على صدرها بحنق مصطنع‪ :‬قالت أنني أغار منها‬

‫صفقت األخرى بيديها ضحكا على تلك الذكرى التي مر‬

‫عليها قرابة السنتين إال أنهما يضحكان بشدة كلما تذكرا ما‬

‫حدث عندما تقدم عريس إلبنة عم ميس الكبرى البالغة من‬

‫العمر حينئذ أربع وعشرين سنة كهال أرمال بعمر الثاني‬

‫واألربعين سنة ولديه ثالث أطفال ‪..‬‬

‫أردفت ليلى بعد أن توقفت عن الضحك‪ :‬تبا‪..‬أكيد ستغارين‬

‫منها فهو عريس ال يعوض‪...‬كانت لتكون أما لثالثة أطفال‬

‫‪40‬‬
‫أكبرهم تقريبا بسنها هي ‪..‬صدقيني أحيانا أشك أن بنات‬

‫عمك لهن تفكير يمشي للوراء بدل التقدم لألمام مثل باقي‬

‫البشر‬

‫قهقهت ميس بخفة معاتبة إياها‪ :‬يضللن بنات عمي يا ليلى‬

‫ال تستهزئي بهن‪..‬‬

‫قلبت األخرى عينيها متابعة بتهكم صريح‪ :‬قلتها بنفسك‬

‫حبي‪..‬بنات عمك أنت ولست أنا ‪،‬إذا يحق لي الشتم‬

‫واإلستهزاء عادي‬

‫هزت األخرى رأسها قاطعة األمل منها ‪..‬‬

‫‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫عند إنتهاء العمل عصرا غادرت الفتاتان المحل بعد أن‬

‫قدمت السيدة سعاد وزوجها للبقاء به‪..‬لتتحركا عائدتان‬

‫للبيت كل منهما فهما يعيشان بنفس الحي ‪..‬لتوجه ميس‬

‫كلماتها لليلى مذكرة إياها‪ :‬تذكري جيدا غدا سأتوجه للمكتبة‬

‫الجديدة كما أخبرتك وسأتأخر تقريبا ساعة أو أكثر بقليل‬

‫وأنت تولي مهامي بالمحل حتى أعود ال تنسي لكي أرافقك‬

‫يوم الجمعة لمحل السجاد كما وعدتك‬

‫زفرت ليلى بحنق مردفة بتململ‪ :‬فهمت ‪،‬فهمت كررتها على‬

‫مسامعي عشرة مرات يا فتاة هل أبدو لك جدار ال يفهم‬

‫ضربتها ميس على ذراعها مغمغمة ‪ :‬على أساس أنني ال‬

‫أعرفك ستنسين ذلك وتصدعين رأسي بإتصالتك التي ال‬

‫تنتهي ‪..‬‬

‫‪42‬‬
‫ناظرتها ليلى بعبوس قائلة‪ :‬سأشتاق لك يا ميوسة يا حبيبة‬

‫قلبي‬

‫رفعت األخرى حاجبها مردفة بتوجس‪ :‬ماذا تريدين‬

‫األن‪..‬أنت ال تغازلينني إال وهناك طلب ورائها‬

‫قهقهت ليلى على شك األخيرة قائلة‪ :‬إطمئني حاليا ال توجد‬

‫طلبات لكن سأجد لك بعضها مستقبال ال تقلقي ميوسة‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫فتح باب المنزل ليدلف للداخل مغلقا إياه وراءه ‪،‬متجها‬

‫للمطبخ حامال معه المخبوزات الساخنة التي تحبها أخته‬

‫الصغرى‪..‬فقابله ظهر والدته المنشغلة بإعداد اإلفطار‬

‫فتحرك بخفة حارصا أن ال تسمع خطواته حاضننا إياها من‬

‫‪43‬‬
‫الخلف مقبال رأسها‪..‬فأجفلت السيدة جيهان مردفة‪ :‬باسم هللا‬

‫الرحمان الرحيم ‪..‬أرعبتني يا ولد‬

‫قهقه نزار عليها معيدا تقبيل رأسها مرة أخرى مغمغما‬

‫بمحبة خالصة لوالدته الحنون‪ :‬صباح الخير ألجمل نساء‬

‫الكون‪..‬حفظ هللا قلبك من كل شر يا أمي الغالية‬

‫تبسمت أمه بحنو متحدثة‪ :‬صباحك ورد يا غالي ‪..‬لم أحس‬

‫بك عندما خرجت من البيت فجرا‬

‫تحرك األخير حامال الصينية من والدته واضعا إياها على‬

‫الطاولة مجيبا‪ :‬خفت أن تفوتني صالة الفجر فأسرعت‬

‫باللحاق بالمسجد ‪..‬وأحضرت بعض المخبوزات لتلك الشقية‬

‫ربتت والدته بكفها على رأسه بحنو لترن أساورها الذهبية‬

‫مغمغمة‪ :‬حفظك هللا ورعاك يا زين الشباب‬

‫‪44‬‬
‫ليقبل كفها بمحبة صادقة نابعة من بين ثنايا قلبه مردفا‪:‬‬

‫وأنت أيضا يا غالية‬

‫لتجلس على الكرسي بجانبه تسكب له قهوته مستفهمة‬

‫منه‪ :‬هل نفذت ما أوصيتك به يا ولدي‬

‫قطبت نزار حاجبيه مجيبا إياه‪ :‬عن ماذا بالضبط؟‬

‫زمت األخرى شفتيها مغمغمة‪ :‬هل نسيت بهذه‬

‫السرعة‪..‬بشأن توزيع المعونات المدرسية لأليتام و لألسر‬

‫الفقيرة يا بني‬

‫رشف من قهوته ليومئ برأسه بإيجاب متحدثا‪ :‬ال تقلقي‬

‫أمي قد أوصيت أحد األخوة األفاضل بتكفل بهاذا األمر‬

‫وبعدها سأدفع الميزانية‪..‬فقط فليتقبلها هللا منا يا غالية‬

‫‪45‬‬
‫إلتمعت مقلتي والدته بفخر أمومي بشبلها والذي الحمد هلل‬

‫أصبح مثل والده في خلقه ورحمته وإلتزامه‪..‬قد إستجاب هللا‬

‫تعالى لدعائها بأن يكون صالحا تقيا كما كانت تحلم طوال‬

‫حياتها ‪..‬‬

‫ربتت بحنو على ذراعه مغمغمة بمحبة وحبور‪ :‬عساها‬

‫تكون شفيعة لك أمام هللا غدا يا ولدي وليرزقك من فضله‬

‫أكثر وأكثر لتكون عونا لكل محتاج ‪..‬الحمد هلل أصبحت‬

‫كوالدك تماما طيبا وكريما مثله رحمه هللا‬

‫تحدث بخفوت بعدها‪ :‬رحمه هللا ‪..‬‬

‫بعد لحظات دلفت تلك الشابة بشعرها المنكوش ومنامتها‬

‫الوردية ذو رسومات األرانب البيضاء والتي بدت بها ظريفة‬

‫حقا‪..‬لتتخذ مجلسا مقابل والدتها مغمغمة بخفوت متثائب‪:‬‬

‫إسكبي لي العصير أمي‬

‫‪46‬‬
‫رفع نزار حاجبه مردفا بهدوء متهكم‪ :‬البشر الطبيعيين‬

‫يقولون صباح الخير أوال‬

‫ناظرته بملل مردفة بسخرية مماثلة‪ :‬لقد قلتها بنفسك‬

‫‪..‬البشر ‪..‬وأنا مالك جميل ولست من البشر‬

‫هز رأسه بتهكم متابعا شرب قهوته مهمهما بعدها‪ :‬بهاذا‬

‫الشعر المنكوش أشك أنك كذلك‬

‫تجاهلته األخرى موجهة نظراتها المحبة لوالدتها‪ :‬صباح‬

‫الخير أمي‬

‫تبسمت األخرى بمودة مجيبة إياها‪ :‬صباحك فل وزهر‬

‫حبيبتي‬

‫‪47‬‬
‫لتسكب لها العصير متابعة بعدها‪ :‬كان عليك أن تسلمي على‬

‫أخاك أوال‪..‬فقد فكر فيك وأحضر لك بعض المخبوزات التي‬

‫تحبينها‬

‫نظرت للمخبوزات بلهفة آخذة قطعة منها مردفة‪ :‬أخي‬

‫حبيبي جيد أنك مفيد في حياتي ولو قليال‪،‬‬

‫قلب اآلخر عينيه عليها فهي كعادتها ال تكف عن شقاوتها‬

‫ومشاكستها‪..‬إال أنها تضل أحب الناس إلى قلبه بعد‬

‫والدته‪..‬فهي لم تكن يوما أخته فقط بل كانت إبنته وصديقته‬

‫وبرعمة قلبه الصغيرة‪..‬فمنذ وفاة والده رحمه هللا قبل عشر‬

‫سنوات تاركا إياه هو بعمر الثاني والعشرين وهي بسن‬

‫الثالثة عشر كرس كل وقته ومجهوده لرعايتهم واإلعتناء‬

‫بهم فقد تخرج من جامعة ليواصل عمل والده بمحل السجاد‬

‫التابع لهم ‪ ،‬وبعد سنوات قليلة من الكد والجهد فتح عدة‬

‫‪48‬‬
‫أفرع أخرى بمختلف مناطق بمدينتهم‪..‬فهو ال يريد أن‬

‫ينقص عليهم شيئ خاصة والدته التي ترملت وهي بعمر‬

‫ثالث واألربعين وتحملت عناء اإلعتناء بهما دون زوج‬

‫يسندها‪..‬فقد كانت وال زالت إنسانة حنونة جدا وعطوفة‬

‫تشع دفئا أموميا فطريا‬

‫وجهت والدته أنظارها له مستفهمة ‪ :‬نزار بني ما رأيك‬

‫بإبنة عمك سلمى؟‬

‫رفع اآلخر حاجبه مجيبا إياها بإستغراب‪ :‬رأيي من أي‬

‫ناحية؟؟‬

‫كتمت أخته ريم ضحكتها لتغمغم غامزة له‪ :‬رأيك من حيث‬

‫نظرية إقليدس في علم الرياضيات يا ذكي‪...‬طبعا رأيك‬

‫كعريس لها‬

‫‪49‬‬
‫وضع فنجان قهوته موجها نظراته المتعجبة لوالدته‪ :‬حقا‬

‫هل تقصدين هاذا يا أمي؟‬

‫تبسمت والدته بمحبة مجيبة إياه‪ :‬نعم حبيبي ‪..‬لن أصبر‬

‫أكثر من هم بعمرك األن متزوجون بأطفالهم وأنت ماشاء‬

‫هللا شاب وسيم متعلم مستقل ماديا ودخلك جيد وذا دين‬

‫وخلق لماذا ال تتزوج إذا؟‪..‬أريد أن أفرح بك بأقرب وقت ‪..‬‬

‫همست ريم بخفوت ضاحكة‪ :‬بدأت األسطوانة المعتادة‬

‫تنهد نزار مردفا بهدوء‪ :‬أنا مستعد لزواج في أي لحظة يا‬

‫أمي‪..‬لكن فقط لم أجد الفتاة المناسبة ال غير‬

‫قهقهت ريم بشدة واضعة كأس العصير مخاطبة إياه‪ :‬باهلل‬

‫عليك يا أخي‪..‬عن أي فتاة مناسبة تقصد ؟‪..‬وأنت كل فتاة‬

‫تراها تنكس رأسك أرضا وال ترفعه وكأنها شبح سيلتهمك‬

‫‪50‬‬
‫رفع اآلخر حاجبه متحدثا بسخرية‪ :‬هاذا يسمى غض البصر‬

‫يا عالمة زمانك ‪..‬أنا أغض بصري عن الفتيات كي يغض‬

‫باقي الرجال بصرهم عنك يا غبية‬

‫زمت األخرى شفتيها بعبوس مغمغمة بحنق طفولي‪ :‬وأنا‬

‫التي كنت أتسائل ما سبب عنوستي‪..‬إذا تبين أنه بسببك لم‬

‫يبصرني أي رجل‬

‫رفع األخر حاجبه بتفاجئ فاغرا فاهه على وقاحتها ‪..‬حيث‬

‫كتمت والدته ضحكتها عقب مشاكسة إبنتها‪..‬ليردف نزار‬

‫بعدها‪ :‬يبدو أن لسانك طال وإزدادت وقاحتك يا فتاة وعلي‬

‫أن أعيد تأديبك مجددا‬

‫‪51‬‬
‫قلبت األخرى عينيها واضعة كفها على خدها متابعة تناول‬

‫قطعة المخبوزات مغمغمة بملل‪ :‬أقصى ما تقوم به هو‬

‫الصراخ علي قليال‪ ،‬ثم أذهب أنا باكية أو أمثل البكاء في‬

‫غرفتي وكالعادة تأتيني أنت بحلوى سكاكر الملونة التي‬

‫أحبها لتصالحني بحكم أنك األخ األكبر وعليك إحتوائي بحب‬

‫وحنان‪ ،‬بدل التعنيف وكالعادة سأتدلل قليال لتلبي لي مزيدا‬

‫من الطلبات وهكذا تدور عجلة داللك لي ‪..‬عفوا أقصدك‬

‫تأديبك لي‬

‫توسعت عينيه على كالمها فيبدو أن أخته الصغرى قد‬

‫أدركت أنه ال يستطيع القسوة عليها أبدا ‪،‬فهي أمانة والده‬

‫المتوفى فقد كان دوما يوصيه بأن يحسن لوالدته وأخته‬

‫وأن يكون نعم السند لهما فلطالما كرر على مسامعه منذ‬

‫‪52‬‬
‫صباه أنه ال خير في ذكر يسيئ ألهله ونساء بيته فالرجولة‬

‫الحقيقية تتجلى في ثنايا الرحمة والمودة وحسن اإلحتواء‬

‫لعائلته‬

‫تجاهلها ألنه يدرك تماما أن لسانها طويل ولن يغلبها‬

‫أبدا‪..‬لتخترق مسامعه صوت والدته الراجي‪ :‬هيا بني‬

‫أخبرني ما رأيك بها‪...‬أو ما رأيك بإبنة جارتنا عواطف ‪..‬‬

‫دلك اآلخر جبينه بحيرة فهؤالء اللواتي ذكرتهن والدته ال‬

‫يتذكرهن من األساس بحكم إبتعاده عن جنس النساء وعدم‬

‫إحتكاكه بهن فهو ملتزم ويخشى هللا وال يريد أن ينجر ألي‬

‫أخطاء لها عواقب وخيمة ‪..‬ما ال تعرفه والدته أنه لم يجد‬

‫من تأنس روحه لها‪..‬أو على األقل ينزل هللا راحته بها‪..‬‬

‫‪53‬‬
‫ليردف بحيرة ولين‪ :‬أمي أرجوك ال تصري علي ‪،‬صحيح‬

‫أنني أريد راحتك وتنفيذ رغبتك لكن ال أريد أيضا أن أضلم‬

‫أي فتاة معي ‪..‬الضلم صعب يا أماه‬

‫خاب ظن والدته ليتجلى ذلك على تقاسيمها البهية وهاذا ما‬

‫أحزن نزار بشدة‪..‬فأردفت بعدها بإستفهام ‪:‬حسنا بني إذا‬

‫أخبرني ما نوعك المفضل ‪..‬أي ما تفضله من النساء هل‬

‫النحيفة أو الممتلئة أم البيضاء أو سمراء‪..‬فقط ضع‬

‫مواصفاتك الخاصة وأكيد سأجد لك زوجة تناسبك‬

‫أخذ كف والدته مقبال إياه بحب متحدثا‪ :‬يا غالية ال تهمني‬

‫هذه المواصفات ‪..‬فقط لم أجد فتاة تجعلني أفكر بها‬

‫كزوجة‪..‬لكن أعدك ما إن أجدها سأخبرك فورا بذلك هاذا‬

‫عهدي لك يا أمي‪...‬فقط إدعي لي كعادتك ألوفق في هاذا‬

‫‪54‬‬
‫ربتت والدته بحنو على شعره البني الداكن مهمهمة‬

‫بخفوت‪ :‬حسنا بني كما تريد‪..‬فليرزقك هللا الزوجة الصالحة‬

‫التقية التي تجعلك تسكن لها ويكرمك بالذرية الصالحة‬

‫ياارب‬

‫أردفت ريم بإستفزاز‪ :‬البئس دعيه وشأنه‪..‬هاذا أفضل من‬

‫أن يتزوج‪ ،‬ثم تهرب عروسه منه بسب جهله في التعامل‬

‫معها‪...‬مسكينة من ستتزوجك ستعاملها كضباط الجيش‬

‫رفع حاجبه مغمغما بهدوء‪ :‬أنت فقط إهتمي بجامعتك ودعي‬

‫موضوعي جانبا‪ ،‬فنحن لم ننسى موضوع تراجع عالماتك‬

‫الدراسية بعد‬

‫‪55‬‬
‫تقززت ريم من تذكيره لدراسة لتردف بحنق‪ :‬ييععع ال‬

‫تذكرني أنا أهرب منها وأنت بتذكيرك لي ها قد اعدتني‬

‫لتفكير بها‪..‬يا إالهي لما ال يوجد عالم خالي من سخافة‬

‫الدراسة‪..‬مثال عالم خاص بالنوم واألكل فقط ‪..‬حسنا وبعض‬

‫األكشن ال أمانع‬

‫تجاهل األخير سخافتها شاربا بعض الرشفات من عصيره‬

‫‪..‬لتضحك والدتها على ضجرها الذي ال ينتهي حقا فهي‬

‫تتذمر يوميا بسبب دراستها‪..‬رغم أنها مجدة بها إال أنها‬

‫تمل بسهولة منها مرة بعد مرة‪..‬فخاطبتها والدتها بهدوء‪:‬‬

‫هذه السنة األخيرة يا ريم إجتهدي أكثر لم يبقى أمام تخرجك‬

‫إال اشهر قليلة فقط‪ ،‬ثم سترتاحين منها يا بنيتي‪..‬‬

‫‪56‬‬
‫زمت األخرى شفتيها مغمغمة بخفوت‪ :‬حسنا أمري هلل‬

‫لتتابع والدتها كلماتها الموجهة إلبنها نزار ‪ :‬بني سأذهب‬

‫بعد قليل لشراء بعض مستلزمات البيت إن عدت ولم تجدني‬

‫ال تقلق‬

‫قطب األخير جبينه مردفا‪ :‬دعيني أخذك بسيارتي أمي ‪..‬أو‬

‫أخبريني وأنا سأحضرها بنفسي‬

‫لتنفي والدته مغمغمة بهدوء‪ :‬ال بني ‪...‬أريد أن أذهب‬

‫بنفسي وأتمشى قليال فقد مللت من البيت حقا‬

‫‪57‬‬
‫النت مالمحه البهية الوسيمة متحدثا‪ :‬لكنك تعلمين أنني‬

‫أخاف عليك يا غالية ماذا لو إنخفض ضغطك فجأة‬

‫كوبت والدته خده بكفها مهمهمة‪ :‬ال تقلق سأتصل بك فورا‬

‫إن أحسست بأي تعب أعدك بني‬

‫تنهد بخفوت هامسا‪ :‬حسنا أمي لكن إعتني بنفسك وإتصلي‬

‫بي إن حدث أي شيئ ولو كان بسيطا‬

‫أومئت له والدته باإليجاب‪..‬ليستقيم واقفا مردفا بعدها‪ :‬هل‬

‫تحتاجون شيئا؟‬

‫لتهمس له والدته بمحبة‪ :‬ال حبيبي فليرعاك هللا ويحرصك‬

‫من كل شر ياارب‬

‫ليتحرك هامسا‪ :‬في رعاية المولى إذا‬

‫‪58‬‬
‫إخترق مسامعه صوت أخته المنادي له‪..‬ليستدير لها‬

‫‪..‬فترائى له وجهها الحاني البشوش وصوتها المتحدث‪:‬‬

‫على فكرة شكرا على المخبوزات أيها الوسيم‪..‬‬

‫تابعت كالمها غامزة لها بشقاوة بهية ‪ :‬عسى أن يالقيك هللا‬

‫بنصفك اآلخر اليوم‪..‬والتي ستجعلك تسبح في حبها كسمكة‬

‫قرش ضخمة تسبح في عمق المحيطات‪..‬‬

‫قهقهت والدته إثر كلماتها لتشاركها ريم الضحك‪..‬ليقلب هو‬

‫عينيه على إستفزاز ومشاكسة أخته المعتادة‬

‫•**** •****‬

‫‪59‬‬
‫الفصل األول‬

‫صديق الذي لم يُفلت يَدي أبداً‪ ،‬أ ُحبك 💙‬


‫️☘ إلى ال َ‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫دلفت ميس لتلك المكتبة الضخمة والتي فتحت حديثا‬

‫‪..‬فلطالما كانت وال زالت عاشقة للكتب والمطالعة ‪..‬لتتجه‬

‫بخطواتها الحثيثة نحو عاملة اإلستقبال مردفة بتحيتها‪:‬‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا‬

‫‪60‬‬
‫إبتسمت لها األخرى بلطف رادة تحيتها‪ :‬وعليكم السالم أهال‬

‫بك في مكتبتنا‪..‬تفضلي ما الكتاب الذي تريدينه؟‬

‫لتبادلها ميس البسمة متحدثة بلطف‪ :‬أبحث عن كتاب *‬

‫العبرات* للمنفلوطي هل يتواجد عندكم؟‬

‫ضغطت العاملة ازرار الحاسوب لتجيبها بعد ثواني‪ :‬نعم‬

‫موجود ‪..‬هل ستطالعين هنا أو تشترينه؟‬

‫أردفت ميس بهدوء‪ :‬ال سأشتريه‪..‬‬

‫لتتابع بعدها ميس السؤال‪ :‬هل يتواجد لديكم كتاب الظاهرة‬

‫القرآنية للكاتب مالك بن نبي‪..‬‬

‫لتجيبها العاملة ببسمتها المعتادة‪ :‬نعم متواجد لدينا‪..‬‬

‫غمغمت ميس ببشاشة لها‪ :‬إذا سآخذه هو اآلخر‪...‬‬

‫‪ -‬حسنا سأجهزهم لك ‪..‬ثواني فقط ويكونون جاهزين‬

‫‪61‬‬
‫أجابتها العاملة لتومئ لها ميس باإليجاب‪..‬‬

‫بعد لحظات غادرت ميس المكتبة متوجهة لموقف الحافالت‬

‫عائدة لمحل عملها‪..‬‬

‫تحركت بخطوات هادئة فلمحت إمرأة مستندة على الجدار‬

‫تحاول التشبت به كي ال تقع‪..‬عقدت ميس حاجبيها بتوجس‬

‫لتتابع سيرها ‪..‬إال أن ضميرها أنبها ‪..‬ماذا لو كانت تلك‬

‫المرأة مريضة بحاجة لمساعدة‪..‬لتعود أدراجها لها مقتربة‬

‫منها ‪..‬متحدثة بخفوت مستفهم‪ :‬هل أنت بخير يا خالة؟؟‬

‫أخذت المرأة شهيقا وزفيرا محاولة التنفس‪ ..‬حيث‪ .‬تملك‬

‫الوهن قدميها لتجلس على األرض محاولة إسترجاع ولو‬

‫‪62‬‬
‫شيئا يسيرا من قوتها كي ال يغمى عليها‪..‬لتهمس بتعب‪:‬‬

‫أظن أن ضغطي إنخفض قليال‬

‫جثت ميس على ركبتيها قبالتها مخرجة قارورة ماء صغيرة‬

‫من حقيبتها فاتحة إياها مردفة‪ :‬حسنا يا خالة إشربي‬

‫قليال‪..‬أظن أنه عليك الذهاب للمستشفى القريب من هنا كي‬

‫يهتمو بك‬

‫إرتشفت المرأة رشفات قليلة من الماء لتحس بنغزات‬

‫مؤلمة بصدرها فهمست بخفوت وإرهاق جلي على وجهها‬

‫المصفر‪ :‬أظن أنه سيغمى علي‬

‫أخذت ميس القارورة منها مردفة بتوتر جراء الموقف فهي‬

‫ليست معتادة على تعامل مع هذه الحاالت‪ :‬البئس يا خالة‬

‫‪63‬‬
‫حاولي التنفس ببطئ فقط‪..‬وأنا سأطلب سيارة أجرة توصلنا‬

‫للمستشفى ال تقلقي‬

‫وقفت ميس لتقترب من الطريق العام مشيرة بيدها ألحد‬

‫سيارات األجرة القادمة لتتوقف األخيرة عندها‪..‬فأسرعت‬

‫للمرأة مساعدة إياها في الوقوف مسندة ذراعها على كتفها‬

‫مردفة لها بكلمات مشجعة‪ :‬سنذهب اآلن ألحد المستشفيات‬

‫القريبة يا خالة تحملي قليال ‪..‬حسنا‬

‫أومئت لها األخرى بضعف فال سبيل آخر لها غير ذلك‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫عند خروج الممرضة إقتربت منها ميس مستفهمة ‪ :‬من‬

‫فضلك كيف حالها اآلن؟‬

‫‪64‬‬
‫تبسمت لها األخيرة بود مردفة بهدوء‪ :‬هي بخير ال‬

‫تقلقي‪..‬فقط لقد إنخفض ضغطها وهي حاليا جيدة‪..‬فلترتح‬

‫قليال‬

‫تنهدت ميس براحة شاكرة إياها بلطف‪..‬لتدلف للغرفة‬

‫موجهة نظراتها لتلك المرأة والتي تبدو أنها ببداية‬

‫الخمسينات‪..‬دنت منها بخطوات هادئة مهمهمة‪ :‬الحمد هلل‬

‫على سالمتك يا خالة‪..‬الحمد هلل كل شيئ على ما يرام اآلن‪،‬‬

‫إطمئني‬

‫تبسمت لها األخرى بمحبة خالصة مغمغمة بخفوت‪ :‬بارك‬

‫هللا فيك بنيتي ‪..‬حفظك هللا من كل سوء‪..‬وآسفة ألنني‬

‫أتعبتك معي وعطلت عن أمورك‬

‫‪65‬‬
‫النت مالمح ميس رابتة بهدوء على ذراعها مخاطبة إياها‬

‫ببسمة حانية‪ :‬ال تعتذري من فضلك‪..‬المسلم في خدمة أخيه‬

‫عند الشدة‪..‬يكفي أنك بخير ‪..‬والمهم اآلن أن ترتاحي وال‬

‫ترهقي نفسك كما قالت الطبيبة‪..‬هل تريدين مني أن أتصل‬

‫بأحد أقربائك؟؟‬

‫أومئت لها المرأة بهدوء مغمغمة‪ :‬نعم‪..‬إتصلي بإبني ليأتي‬

‫ألخذي ‪..‬هاتفي في حقيبتي‪..‬‬

‫أخذت ميس الهاتف من حقيبتها لتحدثها بتساؤل‪ :‬ما رقمه‬

‫يا خالة؟‬

‫غمغمت المرأة مجيبة‪ :‬إنه أول القائمة‪..‬تجدين قربه وجه‬

‫قط‬

‫عقدت ميس حاجبها بإستغراب من وضع وجه القط امامه‬

‫‪..‬لتصلها ضحكة المرأة الخافتة والتي يبدو أنها قد فهمت‬

‫‪66‬‬
‫إستغراب ميس لتتحدث‪ :‬إبني يحب القطط ألنها من‬

‫الطوافات بالبيوت لهاذا وضعت وجه القط أمام إسمه فقط‬

‫تبسمت ميس بلطف لتضع الهاتف على أذنها ‪..‬فتهادى‬

‫لسمعها صوت تنبيه أن الرصيد فارغ‪..‬فأردفت بلطف‬

‫مخاطبة السيدة المستلقية على السرير‪ :‬يبدو أن رصيدك‬

‫فارغ يا خالة‪..‬ال بئس سأتصل من هاتفي فقط‬

‫تحرجت المرأة مهمهمة بأسف‪ :‬عذرا يبدو أن إبنتي نسيت‬

‫أن تشحن الرصيد كما أوصيتها‬

‫غمغمت ميس بالبئس محاولة إبعاد الحرج عنها‪...‬سجلت‬

‫ميس الرقم عندها واضعة الهاتف على أذنها ليصلها رنينه‬

‫‪:‬‬

‫‪67‬‬
‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫تقدم نزار نحو إحدى السجادات الموضوعة حديثا بالمحل‬

‫متحسسا إياها مناديا على أحد عماله ليهرع األخير له‬

‫مردفا‪ :‬نعم سيد نزار أتحتاج شيئا؟‬

‫غمغم اآلخر بهدوء‪ :‬هل إنتهى هاذا نوع من السجادات من‬

‫مخزوننا؟‬

‫عاين العامل ببصره السجاد المشار له ليجيب‪ :‬ال ما زال‬

‫القليل منها فقط‬

‫‪68‬‬
‫ليومئ له نزار بهدوء مخاطبا إياه‪ :‬حسنا ذكرني إذا الشهر‬

‫القادم أن نضيف هاذا النوع في عملية اإلستيراد‪..‬‬

‫همهم له العامل باإليجاب ليتحرك نحو عمله إلتمامه‪..‬تحرك‬

‫نزار نحو مكتبه بهدوء جالسا على كرسيه فاتحا حاسوبه‬

‫مباشرا عمله‪...‬بعدها بثواني اخترق السكون صوت رنين‬

‫هاتف فأخرجه من جيب سترته‪ ،‬ليعقد حاجبه في إستغراب‬

‫فهاذا الرقم غريب ال يعرفه‪...‬وضعه على أذنه فاتحا‬

‫المكالمة ‪..‬حيث وصله صوت فتاة متردد رقيق متحدثا‪:‬‬

‫السالم عليكم و رحمة هللا‬

‫قطب نزار جبينه مجيبا بهدوء‪ :‬وعليكم السالم ورحمة هللا‬

‫‪..‬من معي؟‬

‫‪69‬‬
‫عضت ميس على شفتيها بتوتر فهي ليست معتادة على‬

‫محادثة الشباب لكن ال سبيل أخر ‪،‬لتأخذ نفسا هادئا مجيبة‪:‬‬

‫في الحقيقة طلبت مني والدتك أن أتصل بك لتأتي ألخذها‬

‫للبيت‬

‫إستغرب نزار األمر فليس من عادة والدته ان تطلب من‬

‫شخص اخر اإلتصال به فأردف‪ :‬حسنا أين هي اآلن‬

‫وسآتي؟‬

‫توترت ميس فطبعا ابنها سيهلع أن علم أنها‬

‫بالمشفى‪..‬تنهدت بهدوء مجيبة‪ :‬هي بالمستشفى اآلن النها‬

‫شعرت ببعض التعب ‪،‬لكن الحمد هلل هي على خير ما يرام‬

‫اآلن‬

‫‪70‬‬
‫إستقام نزار من مجلسه مرتعبا متحركا بخطوات سريعة‬

‫خارجا من المحل متوجها نحو سيارته مستفهما منها‪ :‬كيف‬

‫حالها؟ وأي مشفى بالضبط هي اآلن؟‬

‫إبتلعت ميس ريقها متحدثة‪ :‬ال تقلق يا سيد هي بخير كما‬

‫أخبرتك‪..‬ونحن بمستشفى السالم قرب مكتبة الشمس‬

‫الجديدة إن كنت تعرفها‬

‫تحرك نزار بسيارته متجها نحو المشفى مغمغما‪ :‬حسنا‬

‫عرفته إنه قريب أنا قادم ‪..‬‬

‫أغلقت ميس المكالمة محولة نظراتها نحو السيدة المستلقية‬

‫والتي كانت تتابعها بنظراتها الواهنة قائلة بإبتسامتها‬

‫العذبة‪ :‬حسنا يا خالة إبنك قادم‪ ،‬فقط دقائق وسيصل‬

‫النت تقاسيم وجه المرأة لتسئلها بخفوت‪ :‬ما إسمك بنيتي؟‬

‫‪71‬‬
‫عمت الفرحة ثنايا قلب ميس لسؤالها فهذه السيدة تشع‬

‫حنانا أموميا وقد ألفتها سريعا‪...‬ربما ألنها يتيمة فهي‬

‫متعطشة للحب األم حيث أجابت ببسمة رقيقة‪ :‬أدعى ميس‬

‫يا خالة‬

‫تبسمت األخرى مغمغة‪ :‬ميس‪...‬إسمك جميل حقا مثلك تماما‬

‫فأنت في غاية الجمال بنيتي ماشاء هللا‬

‫توردت وجنتي ميس بخجل لتهمس‪ :‬شكرا لك‬

‫بعد دقائق دلف نزار للغرفة ليتجلى له مرأى والدته‬

‫المستلقي ليهرع لها مقبال رأسها عدة قبالت حانية هامسا‬

‫بحب‪ :‬أمي هل أنت بخير ‪..‬كيف حالك وماذا حدث بالضبط؟‬

‫‪72‬‬
‫مسحت والدته بكفها الحاني على وجنته الملتحية متأملة‬

‫وجهه البهي الوسيم مردفة بهدوء‪ :‬ال تقلق بني أنا الحمد‬

‫هلل بخير فقط إنخفض ضغطي قليال إطمئن‬

‫تأملت ميس المشهد بين األم وإبنها حامدة هللا أنه ما زال بر‬

‫الوالدين في وقتنا هاذا‪..‬لتستقيم واقفة بهدوء مقررة‬

‫اإلنسحاب تاركة إياهما بمفردهما إحتراما‬

‫للخصوصية‪..‬تحركت بخطوات حثيثة خارج الغرفة‬

‫‪..‬ليتهادى لها صوت رنين هاتفها لترى إسم ليلى على‬

‫شاشته‪..‬ضربت جبينها بحنق فقد نسيت تماما أن تتصل بها‬

‫فأكيد ستقلق من تأخرها‪..‬لتجبيها بهدوء‪ :‬أهال ليلى‬

‫‪73‬‬
‫وصلها صوتها الصارخ ‪..‬لتبعد األخيرة الهاتف عن أذنها‬

‫قليال ثم تعيده‪ :‬أين أنت؟ ؟ قلت أنك ستتأخرين فقط‬

‫سااااعة‪..‬لكنك األن بدل الساعة تأخرت ثالث سااعات ‪..‬هل‬

‫تحفرين نفقا بمسمارا لتقضي كل هاذا الوقت؟‬

‫قلبت األخرى عينيها بتململ لتردف بهدوء‪ :‬هال توقفت عن‬

‫الصراخ أوال ثم إسمعيني ألشرح لك ماذا جرى‬

‫غمغمت األخرى على مضض‪ :‬حسنا أبهريني أنسة ميس‬

‫تحدثت ميس عن ما حدث للسيدة وأنها أضطرت إلحضارها‬

‫للمشفى واإلتصال بإبنها ألخذها ‪..‬ليصلها صوت ليلى‬

‫المتهكم‪ :‬يا لقلبك الطيب يا فتاة ستفنى البشرية لوال وجودك‬

‫أنت وحنانك الفياض هاذا‬

‫‪74‬‬
‫قهقهت ميس بخفة مردفة‪ :‬على أساس أنك لم تكوني‬

‫لتفعلي هاذا لو كنت مكاني؟‬

‫لتجيب األخرى بمكر أنثوي‪ :‬كنت سأسرق حقيبتها وأفر‬

‫هاربة‬

‫تبسمت ميس على تفكيرها الغريب لتغمغم‪ :‬أجل صدقتك‬

‫عند السيدة جيهان كان نزار يواصل سؤاله لها‪ :‬هل متأكدة‬

‫أنك تريدين المغادرة حقا أمي‪..‬لماذا ال تبقي اليوم هنا وغدا‬

‫تعودي أفضل‬

‫تنهدت والدته بهدوء مردفة‪ :‬بني باهلل عليك للمرة العاشرة‬

‫أخبرك أنني تحسنت والحمد هلل ما عدت أشعر بالتعب فقد‬

‫إستقر ضغطي ال تقلق ‪..‬تعلم أنني ال أرتاح اال وانا بمنزلي‬

‫‪75‬‬
‫ساعدها هو على الوقوف ‪..‬فعدلت األخيرة مالبسها ‪..‬و تقدم‬

‫نزار حامال حقيبتها وكيس الكتب حاضنا كتفها مغادرا‬

‫الغرفة معها‪..‬شتت جيهان أنظارها لتلمح ميس من بعيد‬

‫مولية إياهما ظهرها ‪..‬لتلين مالمح األخرى مغمغمة لنزار‪:‬‬

‫تلك الفتاة هي من أحضرتني للمشفى حفظها هللا ‪ ،‬علي أن‬

‫أشكرها‬

‫وجه األخير بصره نحو الفتاة التي تشير لها والدته ليراها‬

‫تتحدث عبر الهاتف ‪..‬أخذت السيدة جيهان خطواتها نحو‬

‫ميس ليتبعها نزار خوفا عليها فهو ما زال غير مطمئن‬

‫عليها ولوال عنادها لما جعلها تغادر المشفى‪..‬لكن كالعادة‬

‫والدته دائما تغلبه‬

‫‪76‬‬
‫حمحمت جيهان جاذبة إنتباه ميس لتهمس األخيرة لليلى‬

‫عبر الهاتف‪ :‬حسنا وداعا اآلن سأعود للمحل فور خروجي‬

‫من المشفى‬

‫أغلقت المكالمة لتستدير نحو السيدة جيهان والتي باشرت‬

‫كالمها ببسمتها الحانية‪ :‬جئت لشكرك على كل ما قمت به‬

‫ألجلي‪..‬حقا بارك هللا فيك وحماك من كل شر‬

‫فأسرعت ميس باإلجابة متحدثة بلطف‪ :‬ال عليك يا خالة‬

‫هاذا واجبي المهم انك بخير‪..‬‬

‫حضنتها السيدة جيهان لتتفاجئ األخرى لكنها بادلتها العناق‬

‫فهي حقا مشتاقة ألمها ‪..‬وروحها ظمأة لرشفة حنان يغدق‬

‫عليها‬

‫بعد لحظات إبتعدتا عن بعض لتربت جيهان على رأسها‬

‫بدفئ هامسة‪ :‬رزقك هللا من فضله‬

‫‪77‬‬
‫لتتابع بعدها مشيرة إلبنها نزار الذي كان واضعا كفيه‬

‫بجيب بنطاله األسود وبصره باألرض‪ :‬هاذا إبني البكر‬

‫نزار‬

‫وجهت ميس بصرها للواقف خلفها لتراه بطوله الفارع‬

‫وجسده العضلي وشعره البني الداكن ولحيته المشذبة‬

‫األنيقة ‪..‬رفع األخير نظره لها بعد كلمات والدته األخيرة‬

‫لتقع عينيه عليها‪..‬‬

‫عيونها الخضراء ذو لمعة البراءة الفطرية‪..‬ووجهها‬

‫األبيض النقي مع شفاهها المكتنزة الوردية وأنفها الصغير‬

‫الشامخ‪..‬تالئم جمالها بحجابها القمحي المنسدل ‪..‬ليراها‬

‫تنزل أنظارها أرضا فيعود هو لواقعه مبتلعا ريقها مشتتا‬

‫بصره حوله في أي شيئ أخر‪..‬فهذه أول مرة ينسى نفسه‬

‫ويتأمل لفتاة هكذا‬

‫‪78‬‬
‫إرتبكت ميس شاعرة بالتوتر مع تورد وجنتيها‪ ،‬فوصلها‬

‫صوت السيدة جيهان مودعة إياها بحبور‪ :‬في حفظ هللا‬

‫بنيتي وبوركت على كل شيئ‬

‫فتبسمت لها األخيرة بمودة مرددة‪ :‬وأنت أيضا يا خالة‬

‫والحمد هلل على سالمتك فقط إحرصي على صحتك‬

‫لتومئ لها األخرى ببسمة حانية متحركة بخطوات حثيثة‬

‫هادئة رفقة إبنها نحو الخارج‪..‬لتتحرك هي األخرى نحو‬

‫نفس المخرج لتتوقف أمام الطريق محاولة البحث عن‬

‫سيارة أجرة لتوصلها لمحل عملها‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫مرت لحظات على ميس منتظرة قدوم أي سيارة األجرة‬

‫‪..‬فتوقفت أمامها سيارة فخمة سوداء لتنفتح النافذة األمامية‬

‫ويتجلى لها وجه السيدة جيهان البشوش مغمغمة‪ :‬إركبي‬

‫السيارة معنا بنيتي سنوصلك لبيتك‬

‫تبسمت لها ميس بلطف مردفة‪ :‬البئس يا خالة‬

‫سأنتظر سيارة أجرة ‪،‬ال تتعبوا أنفسكم بشأني‬

‫النت مالمح جيهان وعم الدفئ تقاسيم وجهها الحاني‬

‫متحدثة‪ :‬أي تعب هاذا بنيتي ‪..‬هل نسيت أنك تركت مشاغلك‬

‫ألجل إصطحابي للمشفى‪..‬لن أرضى إال أن أعيدك للبيت ال‬

‫تحرجيني رجاءا‬

‫‪80‬‬
‫توترت ميس حرجا فهي ال تريد إن تثقل عليهم‪..‬شجعتها‬

‫االخرى مغمغة بهدوء‪ :‬هيا صغيرتي إعتبريني مثل والدتك‬

‫وال ترديني‬

‫إلتمعت مقلتي ميس تأثرا فهي قد مست وترا حساسا‬

‫بقلبها‪..‬ففاض الحب في ثنايا فؤادها ملبية طلبها ‪..‬لتتحرك‬

‫بخطوات هادئة مقتربة منها فاتحة باب السيارة الخلفي‬

‫والجة لها متخذة مجلسا بالمقاعد الخلفية وقد تحرجت من‬

‫الوضع‪..‬تحركت السيارة قليال‪..‬بعد لحظات صمت تهادى لها‬

‫صوته الجاد األجش مستفهما منها دون أن يحيد عيناه عن‬

‫الطريق‪ :‬أين يقع مسكنك بالضبط يا آنسة؟‬

‫ابتلعت ميس ماء حلقها بتوتر مردفة بخفوت‪ :‬شارع‬

‫الزهور قرب مسجد الرحمان ‪..‬لكنني لن أعود للبيت حاليا‬

‫ضعني فقط بداية الشارع لو سمحت‬

‫‪81‬‬
‫‪ -‬إستدارت لها جيهان بإبتسامة تعلو ثغرها مستفهمة‬

‫منها‪ :‬إن كنت لن تعودي لبيتك اآلن‪..‬البئس إخبري‬

‫إبني أين تريدين الذهاب فقط وسيوصلك بطريقنا‬

‫صغيرتي ال تقلقي‬

‫تحرجت ميس مردفة بهدوء‪ :‬أنا أعمل بأحد المحال بحينا‬

‫لهاذا كنت سأعود له قبل العودة لمنزلي‬

‫قطبت سيدة جيهان جبينها متسائلة‪ :‬هل تعملين؟‬

‫أومئت لها ميس مهمهمة‪ :‬نعم يا خالة‬

‫قهقهت األخرى مردفة بلطف‪ :‬فكرتك تدرسين ‪..‬‬

‫تبسمت ميس بحبور متحدثة‪ :‬في الحقيقة أنا تخرجت من‬

‫الجامعة‬

‫‪82‬‬
‫رفعت جيهان حاجبها بإستغراب قائلة‪ :‬حقا‪..‬غريب إعتقدت‬

‫أنك في الثانوية فقط‪ ،‬تبدين أصغر في الواقع‬

‫كتمت األخرى بسمتها مغمغمة‪ :‬نعم الجميع يقول لي هاذا‬

‫إستدارت المرأة مجددا مستفهمة منها‪ :‬قد أكون متطفلة‬

‫قليال لكن هل لي بسؤال شخصي بنيتي‬

‫رمشت ميس عدة مرات هازة كتفيها مغمغمة لها بإيجاب‪:‬‬

‫البئس تفضلي‬

‫قهقهت األخرى بلطف سائلة إياها‪ :‬هل أنت مرتبطة؟ ؟‬

‫عقد نزار حاجبه على سؤال والدته الشخصي‬

‫الغريب‪..‬ليضغط على المقود متجنبا النظر في المرآة‬

‫األمامية‪..‬‬

‫‪83‬‬
‫توترت ميس شابكة كفي يديها ببعضهما البعض مردفة‬

‫بصوتها الرقيق وبخجل أنثوي‪ :‬ال لست كذلك‬

‫هزت جيهان رأسها مغمغة بإستغراب ‪ :‬توقعت هاذا ألنني لم‬

‫أرى خاتما بإصبعك‪..‬لكن غريب كيف لفتاة بمثل جمالك‬

‫وأخالقك أن ال يتنافس الرجال ألجلها‪..‬شباب هاذا الوقت‬

‫عميان حقا‬

‫تنهد نزار بخفوت على كالم والدته الغريب مع فتاة لم‬

‫تتعرف عليها إال قبل بضع ساعات ‪..‬تتوترت ميس أكثر‬

‫وتوردت وجنتيها حياءا ‪..‬فشتت أنظارها بأنحاء السيارة‬

‫متوقفة عند المرآة األمامية لتتجلى لها العيون البنية الداكنة‬

‫ذات الرموش الكثيفة تناظرها بغموض‪..‬فإرتبكت أكثر مبعدة‬

‫بصرها عن مرأى تلك السهام الحادة محولة نظرها خارج‬

‫النافذة بقربها‬

‫‪84‬‬
‫أبعد هو نظره عن المرآة بحرج مستغفرا هللا في سره‪ ،‬دالكا‬

‫جبينه فليس من شيمه أن يناظر الفتيات‪ ،‬لكن هذه المرة لم‬

‫يعد يعرف نفسه حقا فهو خرج عن طبيعته المحافظة‬

‫الملتزمة‬

‫بعد لحظات هادئة صامتة‪..‬تقدمت السيارة بحي الذي تقطن‬

‫به ميس فهتف نزار ببحته الرجولية الهادئة‪ :‬أي محل‬

‫بالضبط تقصدينه يا آنسة ألتوقف بقربه‬

‫إبتلعت ميس ريقها هامسة‪ :‬محل الرحمة إنه بآخر الحي‬

‫بعد ثواني توقفت السيارة أمام المحل المقصود لتهم ميس‬

‫بالترجل هامسة بخجل‪ :‬شكرا ‪..‬في أمان هللا‬

‫لتبتسم السيدة جيهان بمحبة خالصة مهمهمة‪ :‬بل أنا من‬

‫عليها الشكر صغيرتي‪..‬شكرا لك حقا وبارك هللا فيك أينما‬

‫كنت‪..‬في حفظ المولى‬

‫‪85‬‬
‫تبسمت لها ميس بدفئ مترجلة من السيارة متجهة للمحل‬

‫بخطوات حثيثة دالفة له‬

‫‪:‬‬

‫دخلت ميس لتجذبها يد بقوة وتلك لم تكن إال صديقتها ليلى‬

‫لتتحدث بسرعة وكأنها بمراثون للركض ‪ :‬من تلك السيارة‬

‫التي أوصلتك توا؟ تبدو فخمة ‪..‬هل تعرفين صاحبها؟ كيف‬

‫شكله؟ منذ متى تعرفينه؟ وأنا التي توقعتك بريئة ال تفرقين‬

‫بين يدك اليمنى واليسرى و‪...‬‬

‫أبعدت ميس كف األخيرة عنها قالبة عينيها عن سخافتها‬

‫مغمغمة بضجر‪ :‬باهلل عليك يا فتاة دعيني أجلس أوال ثم‬

‫باشري تحقيقك هاذا‪..‬‬

‫‪86‬‬
‫أطبقت ليلى على شفتيها محاولة التحكم في فضولها لتعود‬

‫لمكانها منتظرة كالم األخرى‪..‬حيث تحركت ميس نحو‬

‫جزئها لترضي فضول األخرى هامسة ‪ :‬تلك سيارة إبن‬

‫السيدة التي حدثتك عنها بالهاتف‪..‬أصرت أن توصلني‬

‫للمحل كنوع من الشكر ال غير‬

‫إبتسمت ليلى بمكر مردفة بفضول أكبر‪ :‬كيف كان؟‬

‫قطبت ميس جبينها بتساؤل‪ ،‬مستفهمة منها‪ :‬من بالضبط؟‬

‫زفرت األخرى بملل متحدثة‪ :‬أكيد ال أقصد المشفى‪...‬إبنها‬

‫كيف كان؟‬

‫هزت ميس كتفيها مردفة بهدوء‪ :‬عادي مثل باقي الشباب ال‬

‫جديد به‬

‫‪87‬‬
‫قهقهت ليلى بشدة متحدثة من بين أنفاسها الضاحكة‪:‬‬

‫حقا‪...‬جيد فكرت أنه سيكون له جناحان أو قرني‬

‫إستشعار‪...‬‬

‫لتتابع بعد موجة ضحكها والتي تجاهلته ميس‪ :‬هيا يا‬

‫ميوس‪..‬هل كان وسيما مثال؟‬

‫زفت األخيرة شفتيها بعبوس طفولي مهمهمة‪ :‬وهللا يا سيدة‬

‫ليلى أنا ذهبت للمكتبة وليس ألتأمل الشباب بالشوارع‬

‫ضحكت صديقتها هازة رأسها بيأس متحدثة‪ :‬ال ضير ببعض‬

‫النظرات يا فتاة لكي أطمئن أنك سليمة‪ ،‬وتنجذبين للجنس‬

‫اآلخر‬

‫قطبت ميس جبينها مشتتة أنظارها حولها باحثة عنهم‪..‬لكن‬

‫لم تجدهم‪..‬لتستفهم منها ليلى بسؤالها‪ :‬عم تبحثين؟‬

‫‪88‬‬
‫فأخبرتها ميس محاولة التذكر‪ :‬عن الكتب التي إشتريتها‬

‫صباحا من المكتبة؟‬

‫أجابتها ليلى بهدوء‪ :‬عندما دخلت للمحل لم يكن بيدك إال‬

‫حقيبة يدك تلك ‪..‬لم أرى أي كتب معك‬

‫ضربت ميس جبينها متذكرة أنها أخذتها معها للمشفى لكن‬

‫لم تحملهم معها عند صعودها لسيارة ‪..‬زفرت بتعب جالسة‬

‫على كرسيها مغمغمة بحسرة جلية على وجهها الجميل‪:‬‬

‫يبدو أنني قد نسيتهم بالمستشفى‪..‬يا إلهي كيف نسيت هاذا‬

‫النت مالمح ليلى مردفة بهدوء محاولة مواساتها‪ :‬البئس‬

‫ميوسة هي مجرد كتب ‪..‬سنذهب معا للمكتبة مجددا ونعيد‬

‫شراءها ال تقلقي‬

‫دلكت ميس ما بين عينيها مغمغمة ‪ :‬حسنا‪..‬عساه خيرا‬

‫باذن هللا‬

‫‪89‬‬
‫فشاكستها ليلى قليال متحدثة ‪ :‬البئس فقط أنظري من‬

‫الناحية االجابية يا فتاة‬

‫قطبت األخرى جبينها بإستغراب مستفهمة‪ :‬وما هو الشيئ‬

‫االيجابي في ضياع كتبي؟‬

‫قهقهت األخرى بشقاوة غامزة لها بمكر‪ :‬أنك اصطدت‬

‫عريسا في طريقك اليوم‬

‫قلبت ميس عينيها مخاطبة ليلى بضجر‪ :‬أغربي عن وجهي‬

‫يا فتاة قبل أن أقوم بشتمك‬

‫قهقهت ليلى بتسلي مردفة‪ :‬أتريدين أن أخبرك كيف‬

‫إصطدت خطيبي رائف ‪،‬علك تتعلمين قليال وتتوقفي عن هذه‬

‫البراءة المقيتة‬

‫نظرت ميس لألعلى طالبة العون من هللا لتصبر على سخافة‬

‫صديقتها مغمغمة‪ :‬صبرك يا رب‪..‬‬

‫‪90‬‬
‫لتوجه بعدها نظراتها لها متحدثة بإستفهام‪ :‬منذ متى تغيرت‬

‫مسميات الخطبة و أستبدلت بكلمة صيد العريس؟‬

‫ضحكت ليلى متابعة ترتيب بعض المالبس بطريقة منظمة‬

‫مجيبة صديقتها‪ :‬األسد مثال في الغابة يعتمد في عملية‬

‫بقاءه على صيد الغزالن غالبا‪..‬لهاذا نقيس أنفسنا بهاذا‬

‫المثال فنقوم نحن الفتيات بصيد العريس لنطمئن في عملية‬

‫تخلصنا من شبح العنوسة ‪..‬بإختصار هي عملية تكتيكية‬

‫تخطيطية تحتاج لذكاء أنثوي ومكر للنجاح بها‬

‫هزت ميس رأسها قاطعة األمل منها مغمغمة بهدوء‪ :‬هو‬

‫فقط رزق مثل باقي األرزاق التي يمنحها هللا لنا ‪..‬‬

‫ضربت األخرى كفيها ببعضهما البعض مردفة بحنق‪ :‬لم أقل‬

‫غير هاذا يا ميوسة هانم‪..‬لكن هللا أمرنا بالسعي أيضا‬

‫‪91‬‬
‫فقلدتها ميس بضربها كفيها مهمهمة بتهكم واضح‪ :‬ال‬

‫حبيبتي لم يقل جوبوا الشوارع ساعين لصيد العرسان‬

‫قهقهت ليلى عليها مستفهمة منها‪ :‬أتريدين أن أخبرك كيف‬

‫إصطدت خطيبي‪..‬هيا إسئليني لكي أجيبك يا مملة‬

‫زفرت ميس بخفوت مسايرة إياها متحدثة‪ :‬هيا أبهريني‬

‫كعادتك يا فتاة‬

‫أردفت ليلى بحماس يشع من ثنايا مقلتيها وكأنها تروي‬

‫إحدى بطوالتها القومية‪ :‬حسنا هو كان يدرس بجامعتنا قبل‬

‫دفعتنا نحن بثالث سنوات‪ ..‬عندما كنا نحن في سنتنا االولى‬

‫بالجامعة كان هو بمرحلة التخرج ‪،‬ولطالما كنت اراه رفقة‬

‫بعض الشباب بساحات الجامعة‪..‬تعرفين كان شابا ذكيا‬

‫محترما واالهم ليس زير نساء ييعع‬

‫‪92‬‬
‫وقبل سنة قابلته صدفة في أحد محطات الحافالت فقد كنا‬

‫متجهين لنفس المكان ‪..‬أنا عرفته طبعا فهو لم يتغير وبحكم‬

‫انه ال يعرفني ابدا ‪،‬قررت ان اجرب حظي فربما اصطاده‪،‬‬

‫فهو شاب ال يعوض‪..‬فقمت بالتفكير في فكرة جهنمية وهي‬

‫انني اغلقت هاتفي تماما وخبئته ومثلت مالمح الهلع‬

‫والتوتر واقتربت منو بخجل وتردد محاولة ان امثل انني‬

‫خائفة هامسة له بخفوت شديد ‪..‬من فضلك اخي هال اعرتني‬

‫هاتفك فيبدو انني قد اضعت هاتفي ‪..‬المسكين صدق كالمي‬

‫واعطاني هاتفه‪..‬فسجلت رقمي عنده وقمت بالرنين على‬

‫هاتفي وبما انه مغلق فاكيد لن يرن‪..‬وكررت العملية عدة‬

‫مرات متظاهرة بالتوتر ‪..‬وطبعا تمكنت من انزال بضع‬

‫دمعات درامية ليتأثر اكثر‪..‬فاعطيته الهاتف هامسة بأن‬

‫هاتفي ال يرن فهو اكيد قد ضاع او نسيته في مكان‬

‫ما‪..‬وشكرته بلطف شديد مع بعض بسمة خجلة‬

‫‪93‬‬
‫لطيفة‪..‬واكيد هو إرتبك و توتر ‪..‬بعدها صعدت للحافلة‬

‫ذاهبة لوجهتي ‪..‬وهنا تم الصيد بووم‬

‫رفعت ميس حاجبها على مكر صديقتها وجرأتها‪..‬لتتابع‬

‫األخرى كالمها ضاحكة على مالمح صديقتها المتفاجئة‪:‬‬

‫أتعلمين كيف عرفت أن عملية الصيد تمت بنجاح يا‬

‫ميوسة؟؟‬

‫حركت األخرى برأسها مشيرة بالنفي‪..‬فقهقهت ليلى اكثر‬

‫متحدثة بعدها‪ :‬عندما صعدت للحافلة وهو ال‪..‬فهو كان‬

‫متجها لنفس المكان الذي سأذهب له انا ايضا فقد سمعته‬

‫يتحدث بالهاتف مع صديقه يخبره بذلك‪..‬لكن المسكين نسي‬

‫نفسه وضيع الحافلة ‪..‬‬

‫‪94‬‬
‫استفهمت ميس منها‪ :‬وكيف تقدم لك بعدها؟‬

‫هزت ليلى كتفيها بشقاوة انثوية مغمغمة‪ :‬بما ان رقمي‬

‫مسجل عنده فطبعا اتصل بي مطمئنا ان كنت قد وجدت‬

‫هاتفي فاخبرته انني نسيته بالبيت معتقدة انني احضرته‬

‫معي ‪..‬وبعدها كررت شكري له وهو اخبرني بانني اعجبته‬

‫لكن طبعا اخبرته انني ال اكلم الشباب وال اواعدهم فطلب‬

‫عنوان بيتي للتقدم ‪،‬وبعدها كان عند كالمه وتقدم طبعا‪ ،‬وها‬

‫هو االن خطيبي وحبيب قلبي وسيصبح زوجي قريبا جدا‬

‫ضحكت ميس بخفة قائلة‪ :‬الحمد هلل اذا أن كل مجهودك في‬

‫الصيد لم يذهب سدى‬

‫شاركتها ليلى الضحك مغمغمة بثقة‪ :‬لست انا من تفشل‬

‫خططها يا ميوسة ‪..‬صديقتك صيادة ماهرة اطمئني‬

‫‪95‬‬
‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫كانت ريم بحضن والدتها مرددة كلماتها الشاكرة‪ :‬الحمد هلل‬

‫انك بخير امي وهللا لو حدث لك شيئا لمت قهرا‬

‫ربتت والدتها بحنو على شعرها متحدثة‪ :‬اخبرتك انني بخير‬

‫بنيتي ‪..‬الحق على اخاك ذاك ال اعرف لماذا اخبرك بما حدث‬

‫رفع نزار حاجبة مستفهما‪ :‬اذا تريدين ان اخفي االمر يا‬

‫امي لكي تزداد حالتك سوءا وال تنتبه لك ابنتك هذه عندما‬

‫اكون خارج البيت ‪..‬‬

‫مطت والدته شفتيها وعم العبوس وجهها البهي مردفة‬

‫بحنقها المصطنع‪ :‬انت ال احد يغلبك‬

‫‪96‬‬
‫ضحك نزار برجولية قائال‪ :‬عندما يتعلق االمر بسالمتك يا‬

‫غالية لن تهزميني ابدا‬

‫تبسمت والدته بحنو مغمغمة‪ :‬حفظك هللا يا ولدي وال‬

‫حرمني منك‬

‫لتتحدث ريم موجهة كلماتها لوالدتها‪ :‬أمي أنت‬

‫ارتاحي‪...‬ونزار سيحضر لنا االكل من احد المطاعم‬

‫رفع األخير حاجبه بتهكم متحدثا‪ :‬حقا ؟؟‪..‬لماذا ال تطبخين‬

‫مثل باقي الفتيات بدل اكل المطاعم‬

‫هزت ريم كتفيها بزهو انثوي مغمغمة ‪ :‬الجميالت ال يطبخن‬

‫هز رأسه ساخرا مردفا‪ :‬لقد قلتها الجميالت يا اختي ‪،‬ولسن‬

‫القبيحات‬

‫‪97‬‬
‫عقدت ريم ذراعيها على صدرها زافرة بحنق‪ :‬انت فقط تغار‬

‫مني يا غيور‪ ،‬وألن امي تحبني اكثر منك‬

‫قهقهت السيدة جيهان على مشاكستهم لتستقيم ريم من‬

‫مجلسها متجهة لطاولة الخشبية قرب النافذة فاتحة الكيس‬

‫الورقي مخرجة الكتب‪..‬مقطبة جبينها بإستغراب نحو نزار‬

‫مستفهمة‪ :‬منذ متى وأنت تقرأ للمنفلوطي يا أخي؟؟‬

‫عقد األخير حاجبيه مردفا بتساؤل‪ :‬أنا لست من قراءه في‬

‫الحقيقة‪..‬لماذا؟‬

‫رفعت حاجبيها بتعجب مقتربة منه مغمغمة‪ :‬إذا لماذا‬

‫أحضرت هاذان الكتابان؟‬

‫أخذ نزار الكتاب منها قارئا عنوانه موضحا‪ :‬لست أنا من‬

‫اشتريتهم بل والدتي‬

‫‪98‬‬
‫رمشت السيدة جيهان جفنيها عدة مرات متحدثة‪ :‬لم اشتري‬

‫اي كتب منذ فترة يا ولد‪ ،‬وهاذان الكتابان ليس لي‬

‫عقد نزار حاجباه اكثر متكلما‪ :‬ال امي اتذكر انني حملت‬

‫الكيس هاذا من فوق الطاولة قرب سريرك بالمشفى ذاك‬

‫ضيقت والدته عينيها محاولة التذكر ‪..‬لتتسع عينيها بإدراك‬

‫متحدثة بحسرة جلية ‪ :‬يا الهي ‪..‬اظن انهما ملك لتلك الفتاة‬

‫التي كانت معي‪..‬المسكينة اكيد هي تبحث عنهم االن او‬

‫حزنت لفقدانهم‬

‫تنهد نزار بخفوت دالكا جبينه بحيرة وتشتت‪..‬لتتحدث ريم‬

‫بعد لحظات مغمغمة بهدوء‪ :‬لماذا ال نتصل بها ونعيد امانتها‬

‫لها فقط يا امي‪..‬الم تخبريني انها اتصلت بأخي من هاتفها‬

‫لتخبره بانك بالمشفى ‪..‬اذا فرقمها مازال بهاتف اخي‬

‫‪99‬‬
‫تحمست والدتها بحبور مردفة بفرحة‪ :‬نعم هذه فكرة جيدة‬

‫حقا‪..‬نزار بني كلمها واخبرها‬

‫توتر األخير دالكا رقبة من الخلف مغمغما‪ :‬أظن ان الوقت‬

‫تاخر امي ‪..‬اتركيها غدا افضل‬

‫ضربت امه كفيها ببعضهما البعض مردفة بحنق‪ :‬اين التأخر‬

‫هاذا يا بني ‪..‬نحن بالعصر فقط ‪..‬ماذا لو كانت االن تبحث‬

‫عنهم هذه امانة وال يجوز التأخير في رد االمانة الهلها‬

‫تنهد نزار بخفوت مخرجا هاتف باحثا عن اخر رقم اتصل‬

‫به‪..‬لتغمز له ريم بشقاومة مردفة‪ :‬اضغط على زر مكبر‬

‫الصوت يا اخي لكي نسمع صوتها‪..‬اليس كذلك امي؟‬

‫قهقهت السيدة جيهان موافقة اياها الرأي مهمهمة‪ :‬نعم‬

‫افضل‬

‫‪100‬‬
‫ضغط نزار كما طلبتا منه‪...‬ليتهادى لهم بعد ثواني صوت‬

‫رنين هاتف الطرف اآلخر ‪..‬فوصلهم بعدها بلحظات فتح‬

‫المكالمة ورد صاحبتها بصوتها الرقيق‪:‬‬

‫‪-‬نعم‬

‫تحرج نزار بإرتباك مردفا بصوته الرجولي‪ :‬السالم عليكم‬

‫ورحمة هللا ‪..‬‬

‫بالطرف اآلخر عقدت ميس حاجبيها باستغراب فهاذا الرقم‬

‫ال تعرفه مغمغمة باستغراب‪ :‬وعليكم السالم‪ ،‬من معي؟‬

‫تنهد نزار بخفوت مهمهما‪ :‬أنا ابن السيدة جيهان التي‬

‫أصطحبتها صباحا للمشفى‬

‫‪101‬‬
‫قطبت االخيرة جبينها محاولة عدم التوتر متحدثة بهدوء‪:‬‬

‫نعم يا أخ تفضل‬

‫كتمت ريم إبتسامتها موجهة نظرها لوالدتها والتي واضح‬

‫انها مستمتعة بإرتباك ابنها الواضح ‪..‬‬

‫تابع نزار كالمه بهدوء ‪ :‬في الحقيقة يا انسة اردت ان‬

‫اخبرك انك نسيت كتبك معنا ‪..‬‬

‫عمت الفرحة ثنايا قلب ميس لتردف بسرعة‪ :‬حقا ؟؟‪..‬يا‬

‫الهي ظننت انني اضعتهم بالمشفى‪..‬الحمد هلل‬

‫تحدث بعدها نزار مستفهما‪ :‬حسنا ان كنت اآلن بالمحل يا‬

‫آنسة فسأحضرهم لك فورا‬

‫‪102‬‬
‫تكلمت ميس موضحة ‪ :‬حسنا إتركهم للغد أفضل‪ ،‬فأنا قد‬

‫انهيت عملي لألسف‬

‫تنهد نزار بخفوت مغمغما بعدها‪ :‬حسنا أي وقت يناسبك غدا‬

‫بالضبط؟‬

‫جلست ميس على سريرها بغرفتها الصغيرة مرجعة احد‬

‫خصالت شعرها البني المتوسط خلف اذنها متحدثة‪ :‬حسنا‬

‫بالعاشرة صباحا ان كان هاذا الوقت يساعدك ؟‬

‫تحدث اآلخر بعدها‪ :‬البئس سأمر على المحل اذا بالعاشرة‬

‫همهمت ميس بهدوء‪ :‬حسنا شكرا لك‪..‬في حفظ هللا والسالم‬

‫عليكم‬

‫‪103‬‬
‫اغلقت األخيرة المكالمة مستغربة من توترها فهي عادة ال‬

‫ترتبك عند التكلم مع الغرباء‪..‬اال انها ومنذ الصباح وهي‬

‫تشعر بالتوتر يتملكها خارجا عن ارادتها‪..‬‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫بالطرف االخر اردف نزار موجها نظراته لوالدته ‪ :‬سمعت‬

‫يا امي غدا سأعيد امانتها‪..‬ال تقلقي اذا‬

‫تبسمت والدته بمحبة مغمغمة بحبور جلي‪ :‬نعم هكذا افضل‬

‫بني‪ ،‬تلك الفتاة دينها كبير علي‬

‫جلست ريم حاملة الكتب معها متحدثة‪ :‬العبرات للمنفلوطي‬

‫و"الظاهرة القرآنية" لمالك بن نبي ‪...‬هذه الفتاة ذوقها‬

‫رفيع حقا ‪..‬خاصة الكاتب مالك بن نبي انا شخصيا أفضله ‪..‬‬

‫‪104‬‬
‫فهو احد اهم الكتاب الجزائريين وابرز اعالم العرب‬

‫المتخصصين في مجال الفكر االسالمي خالل فترة القرن‬

‫العشرين‪ ،‬ويعتبر من ابرز المشاركين في احداث نهضة‬

‫فكرية اسالمية بالعالم‪ ،‬وأيضا هو واحد من الذين اكملوا‬

‫مسيرة ابن خلدون في مفكرته‪..‬‬

‫قهقه نزار على اخته مستفزا إياها‪ :‬يبدو انك مثقفة وانا‬

‫التي اعتقدت انك ال تقرئين سوى قصص السندريال تلك‬

‫قلبت االخرى عينيها مردفة بملل‪ :‬لقد درسنا عليه العام‬

‫الماضي ‪..‬وبعدما اخبرنا االستاذ عن سيرته طالعت بعض‬

‫كتبه مثل "تأمالت" و"شروط النهضة" فقط‬

‫واصبحت من قراءه منذ ذلك الوقت‬

‫‪105‬‬
‫وضعت االخيرة الكتاب على المنضدة بجانبها مغمغمة بمكر‬

‫انثوي موجهة كلماتها الخيها‪ :‬بالمناسبة اخي كيف هي‬

‫الفتاة؟‬

‫كتمت والدتها بسمتها مرتشفة من كأس الشاي ‪..‬ليتوتر‬

‫االخر مردفا باستفهام‪ :‬ماذا تقصدين بالضبط؟‬

‫رفعت ريم حاجبها بخبث متحدثة‪ :‬أقصد يا اخي يا حبيب‬

‫قلبي كيف كان شكل الفتاة عندما ذهبت الصطحاب امي من‬

‫المشفى‪..‬هل وصلك معنى سؤالي االن؟‬

‫ابتلع نزار ريقه مشتتا نظره في كل مكان مهمهما‪ :‬لم انتبه‬

‫لها ‪..‬‬

‫‪106‬‬
‫زمت األخرى شفتيها بحنق مردفة‪ :‬ذهبت للمشفى وقابلتها‬

‫هناك ثم اصطحبتها بالسيارة لمكان عملها ‪..‬كل هاذا ولم‬

‫تنتبه لها‬

‫هدر االخر في وجهها بسخط‪ :‬اخبرتك لم انتبه لها‪ ،‬ام‬

‫تريدين مني ان اتأمل كل فتاة تذهب وتأتي من امامي‬

‫تنهدت ريم بضجر متحدثة‪ :‬عذرا‪ ،‬فقد نسيت انه عندما تمر‬

‫بجانبك فتاة تنزل رأسك كي تتأمل األرض لتتأكد ان هناك‬

‫نمل يذهب للبحث عن قوت يومه‬

‫قهقهت والدتها على كالمها ‪..‬ليكتم نزار بسمتة عليها‬

‫متجاهال سخافتها المعتادة‪..‬فأردفت ريم موجهة بصرها‬

‫وكلماتها لوالدتها‪ :‬حسنا امي انت اخبريني بدل ابنك الممل‬

‫هاذا‪..‬كيف كانت الفتاة ؟‬

‫‪107‬‬
‫النت مالمح السيدة جيهان وعم الدفئ تقاسيم وجهها البهي‬

‫مغمغمة‪ :‬ماذا اقول يا بنتي‪..‬فتاة في غاية الجمال واالدب‬

‫والخلق ‪..‬ماشاء مثل القمر ‪..‬عندما تقابلينها ترتاحين لها‬

‫فورا وتحبينها ‪،‬مثلها نادر في زمننا هاذا‪...‬فالبراءة تشع‬

‫من مقلتيها ‪..‬حفظها هللا ورزقها من عظيم فضله‬

‫رفعت ريم حاجبها مستفهمة منها‪ :‬كل هاذا؟ ؟ ماشاء هللا‬

‫حقا‪..‬فليرزقها هللا من فضله كما قلت‪..‬‬

‫لتناظر أخيها نزار متابعة حديثها بمكر‪ :‬خاصة من حيث‬

‫رزق الزوج الصالح‬

‫‪108‬‬
‫ارتبك نزار مستقيما من مجلسه مردفا‪ :‬انا لدي بعض‬

‫االعمال سأغادر ‪...‬في حفظ هللا‬

‫قهقهت ريم بشدة فشاركتها والدتها في ذلك مغمغمة‪ :‬يا‬

‫ابنتي لقد احرجته حقا‬

‫تكلمت األخرى محاولة التحكم في انفاسها‪ :‬يستحق ذلك ‪..‬‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫صباحا دلفت ليلى المحل لتجد ميس هناك فأردفت بحيويتها‬

‫المعتادة‪ :‬وااو اليوم سبقتني بالقدوم قبلي‬

‫‪109‬‬
‫قلبت االخرى عينيها على كالمها متحدثة‪ :‬بل انت من‬

‫تأخرت نصف ساعة يا ذكية عصرك ‪..‬وايضا الناس تقول‬

‫السالم عليكم اوال‪ ،‬وال تدخل هكذا دون احم او دستور‬

‫اتخذت االخيرة مكانها متجاهلة كالم صديقتها مغمغمة‬

‫بهدوء‪ :‬عذرا ميوسة لكن استيقظت متأخرة اليوم لوال ان‬

‫امي ايقظتني لنسيت عملي تماما‬

‫قطبت ميس جبينها مستفهمة منها‪ :‬هل كنت مريضة ام ماذا‬

‫‪،‬او اصابك ارق الزواج المعروف ذاك‬

‫قهقهت ليلى بخفة متحدثة‪ :‬ال هاذا وال ذاك يا فتاة‪..‬فقط نمت‬

‫متاخرة النني بت اقول االشعار لخطيبي‬

‫‪110‬‬
‫تململت ميس مردفة بخفوت‪ :‬سخيفة‬

‫‪-‬بالمناسبة سمعتك‬

‫اخبرتها ليلى بحنق‪...‬لتتحرك هذه االخيرة مستخرجة من‬

‫احد االدراج بعض قطع مالبس االطفال باشكالها الظريفة‬

‫معلقة اياها مع القطع االخرى‪..‬فوصلها صوت ميس‬

‫المتحدث‪ :‬نسيت ان اخبرك ‪..‬لقد وجدت كتبي‬

‫قطبت األخرى جبينها مغمغمة وهي تواصل عملها‪ :‬حقا اذا‬

‫الم تنسيهم بالمشفى؟‬

‫أعلمتها ميس موضحة‪ :‬ال ‪..‬بل كانوا مع السيدة التي‬

‫اخبرتك عنها فيبدو انها اخذتهم معها دون ان تنتبه‬

‫‪111‬‬
‫استدارت لها ليلى مستغربة مردفة‪ :‬وكيف علمت هاذا؟‬

‫هزت ميس كتفيها معلمة اياها‪ :‬لقد اتصل بي ابنها امس‬

‫مخبرا اياي ان الكتب معه وسيحضرهم لي اليوم‬

‫رفعت ليلى حاجبها بخبث متحدثة‪ :‬اتصل بك اذا‪..‬حقا‪..‬جيد‬

‫يبدو انك تجيدين الصيد البئس بك‬

‫لتقهقه بعدها على مالمح ميس الحانقة ‪..‬فتهادى لها‬

‫صوتها مردفة بسخط‪ :‬تابعي عملك واصمتي ‪..‬فعلى االقل‬

‫عمل يديك افضل من عمل لسانك الطويل ذاك‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫دلف نزار للمطبخ فترائى له كل من اخته ووالدته جالستين‬

‫على طاولة االفطار بإنتظاره‪..‬ليهمهم مقبال جبين والدته‬

‫بحب‪ :‬صباح الخير امي‬

‫ربتت جيهان على كفه بحنو مجيبة‪ :‬صباحك ورد وكل خير‬

‫بني‬

‫استقامت ريم مقبلة خده بلطف مع ابتسامة حلوة متحدثة‪:‬‬

‫صباح الخير اخي وحبيب قلبي‬

‫رفع نزار حاجبه بتوجس متخذا مجلسه على راس الطاولة‬

‫‪..‬مستفهما منها‪ :‬هل صرفت كل المال الذي اخذته االسبوع‬

‫الماضي؟‬

‫كتمت جيهان ضحكتها‪...‬ليتهادى له صوت ريم المتململ‪ :‬ال‬

‫‪113‬‬
‫ليعقد حاجبيه اكثر مستفهما‪ :‬هل لديك مشكلة‬

‫بالجامعة‪...‬باألحرى هل ضربت احدا ما هناك؟‬

‫زمت االخيرة شفتيها بعبوس طفولي متحدثة‪ :‬ال تقلق لم‬

‫افعل شيئ ‪ ،‬لما كل هاالسئلة االن؟‬

‫هز نزار كتفيه مرتشفا قهوته مجيبا اياها‪ :‬حسنا بدوت فتاة‬

‫مؤدبة قليال لهاذا استغربت فقط‬

‫عقدت ريم ذراعيها على صدرها بحنق‪..‬فقهقت والدتها و‬

‫شاركها نزار بذلك‪..‬فربت على شعرها بلطف مهمهما‪ :‬حسنا‬

‫يا حبيبة قلب اخيك اخبريني فقط ما تريدين؟‬

‫تبسمت ريم بخجل عاضة على شفتيها مردفة‪ :‬االسبوع‬

‫القادم عيد ميالدي واريد هديتي ال تنساها اياااك ‪..‬وايضا‬

‫اريد حفلة صغيرة بالبيت‬

‫‪114‬‬
‫‪1‬وضع نزار فنجان قهوته متحدثا‪ :‬حسنا كما تريدين بشرط‬

‫ال صخب وال تدعي اال عددا قليال فقط من المقربات منك‪،‬‬

‫واالهم ان ال تطول الحفلة‪..‬‬

‫قبلته مجددا ممتنة له مهمهمة‪ :‬االن اصبحت احبك حقا‬

‫ليهز رأسه مغمغما بتهكم واضح‪ :‬اعلم هاذا في مصالحك‬

‫ستعشقيني دوما‬

‫قرصت ريم وجنته مستفزة اياه‪ :‬من الجيد انك تعلم هاذا يا‬

‫اخي حبيبي‬

‫قاطعتهم السيدة جيهان مستفهمة من نزار‪ :‬بني ستمر على‬

‫الفتاة ميس اليوم اليس كذلك لتعطيها امانتها؟‬

‫اومئ لها نزار بايجاب مردفا‪ :‬باذن هللا امي‬

‫‪115‬‬
‫ابتسمت والدته بحب حاملة كيس بلونه الزهري واضعة اياه‬

‫امام نزار متحدثة بحبور جلي‪ :‬حسنا اذا خذ معك هذه‬

‫الهدية لها ايضا مع امانتها‬

‫عقد نزار حاجبيه متسائال‪ :‬ماهاذا بالضبط؟‬

‫تنهدت والدته موضحة بهدوء‪ :‬هاذا وشاح اكملت خياطته‬

‫منذ اربع ايام في الحقيقة كنت سأعطيه لريم‪ ،‬لكن بعدما‬

‫حدث لي البارحة غيرت رأيي وسأهديها لتلك الفتاة كنوع‬

‫من الشكر لها ‪..‬يبدو انه رزق لها بدل إبنتي ريم‬

‫تحدث نزار بإبتسامته الخالبة‪ :‬تعطين لكل محسن قدره‬

‫كعادتك يا غالية‪..‬حسنا باذن هللا ستصلها هديتك يا امي‬

‫لمعت عيناها بدفئ مردفة بحنو‪ :‬واخبرها انني مدينة لها‬

‫حقا ‪،‬ولن انساها من دعائي باذن هللا‬

‫‪116‬‬
‫إستقام نزار من مجلسه حامال معه ما قدمته والدته‬

‫له‪..‬وإنحنى مقبال جبينها بمحبة خالصة مغمغما‪ :‬ابشري‬

‫سأخبرها امي‪...‬واالن علي ان اذهب فلدي عمل قبل ذلك ‪..‬‬

‫‪117‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫️☘ أحيانًا‪ ،‬تصبح ال ُمعاملة بالمثل أكثر ً‬


‫عدال من العتاب‪...‬‬

‫🥀‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫اوقف سيارته قرب المحل المقصود مترجال منها متوجها‬

‫نحو االخيره بقميصة االسود الذي يحد جسده الرياضي‬

‫فارع الطول وسروال بذات اللون ‪..‬دالفا له مردفا بالتحية‬

‫بصوته الرجولي‪ :‬السالم عليكم ورحمة هللا‬

‫‪118‬‬
‫رفعت ليلى حاجبها متأملة كتلة الوسامة تلك مغمغمة‪:‬‬

‫وعليكم السالم ‪،‬تفضل‬

‫مدت ميس للمرأة مشترياتها مهمهمة بإبتسامتها العذبة‪:‬‬

‫تفضلي يا خالة ‪..‬ونتمنى ان تزورينا مجددا‬

‫بادلتها االخرى بسمتها متحدثة بلطف‪ :‬اكيد ‪...‬في حفظ هللا‬

‫تقدم نزار لألمام مردفا‪ :‬ابحث عن االنسة ميس‬

‫عقدت ليلى حاجبيها بإستغراب‪..‬لترفع ميس رأسها بعد ان‬

‫سمعت اسمها لتراه هناك‪..‬توترت قليال مجيبة بهدوء‪ :‬نعم‬

‫تفضل‬

‫‪119‬‬
‫تقابلت مقلتاه البنية الداكنة بعيناها الخضراء‪..‬فتقدم‬

‫بخطوات بسيطة نحوها رافعا ما يحمله بيده موضحا‪:‬‬

‫احضرت لك امانتك كما اتفقنا يا انسة ‪..‬‬

‫تبسمت ميس بحالوة وبريق خاطف مر بمقلتيها بعد ان‬

‫تذكرت كتبها مرددة‪ :‬شكرا لك سيد نزار ‪..‬اعتقدت انني‬

‫اضعتهم‬

‫أخذت ميس منه الكتب‪..‬ليمد يده مقدما اياها الكيس الوردي‬

‫قائال‪ :‬وهذه االمانة من امي لك‬

‫قطبت ميس جبينها ممسكة الكيس منه مستفهمة‪ :‬ماهاذا‬

‫بالضبط؟‬

‫‪120‬‬
‫أعاد نزار نظره نحوها مغمغما بهدوء‪ :‬هذه هدية من‬

‫والدتي لك كنوع من الشكر واالمتنان منها لما فعلته لها‬

‫امس‪..‬وقالت انها مدينة لك ولن تنساك من دعائها باذن هللا‬

‫تبسمت ميس برقة‪ ،‬فاتحة الكيس مخرجة ما بداخله ليتضح‬

‫انه شال وردي مطرز بزهور صغيرة ذهبية اللون‪ .‬قد‬

‫تمركزت على حوافه‬

‫فغرت فاهها على جماله مردفة دون وعي مع بسمتها‬

‫الخالبة‪ :‬يا إلهي كم هو جميل‪...‬‬

‫‪121‬‬
‫وجهت نظرها لصديقتها ليلى والتي كانت تتابع المشهد منذ‬

‫اوله وبسمة ماكرة تعلو ثغرها ‪..‬متحدثة‪ :‬انظري ليلى كم‬

‫هو جميل‪..‬وباللون الوردي الذي احبه ‪..‬حقا رائع‬

‫هزت االخيرة رأسها بسخرية فيبدو ان صديقتها قد نسيت‬

‫نفسها تماما بسبب الهدية‪..‬مغمغمة بتهكم‪ :‬نعم يا ميوسة‬

‫ارى هاذا‬

‫اعادت ميس بصرها للواقف امامها والذي كان محدقا بها‪،‬‬

‫و يبدو انه كان منفصال عن الواقع متحدثة ببسمتها العذبة‪:‬‬

‫من فضلك اشكر لي السيدة الوالدة وقل لها ان هديتها في‬

‫غاية الجمال وقد احببتها حقا‬

‫لحظات صمت مرت لتتورد وجنتي ميس مخفضة رأسها‬

‫‪..‬فحمحمت ليلى كتنبيه لنزار والذي قد ارتبك مشتتا نظره‬

‫‪122‬‬
‫في ارجاء المحل دالكا رقبته من الخلف هامسا بتوتر‪ :‬حسنا‬

‫‪..‬السالم عليكم‬

‫تحرك مغادرا المحل ‪..‬دنت ليلى من ميس ببطئ مستفز‬

‫والمكر يعلو بسمتها مردفة بخبث‪ :‬مممم سيد نزار اذا‪...‬و‬

‫هدية من والدته‪...‬اتعلمين ان جعل والدته تحبك طريقة جيدة‬

‫كنوع من اساليب الصيد‪..‬صحيح أن هذه الفكرة مبتذلة‬

‫قليال‪ ،‬لكن البئس احيانا تؤتي بثمارها‬

‫فغرت االخرى فاهها مغمغمة بحنق‪ :‬ليلى كفاك سخافة‬

‫‪..‬المرأة فقط شكرتني لمساعدتي لها ال تضخمي االمور‬

‫وتتحدثي عن هراء الصيد هاذا مجددا‬

‫رفعت األخرى حاجبها متحدثة‪ :‬لكن يبدو ان االمر له ابعاد‬

‫اخرى‬

‫‪123‬‬
‫قطبت ميس جبينها متسائلة‪ :‬ماذا تقصدين؟؟‬

‫غمزت لها ليلى بضحكة خفيفة‪ :‬مثال اعجابا يلوح في االفق‬

‫رمشت األخرى بعدم فهم مستفهمة‪ :‬من معجب بمن؟‬

‫زمت ليلى شفتيها محاولة كبح غضبها على غباء صديقتها‬

‫متحدثة بتهكم‪ :‬اعجاب النملة بالصرصور يا حبيبة قلبي‬

‫‪...‬اكيد اعجاب السيد نزار ذاك بك‬

‫توسعت عيني ميس بتفاجئ متوتر ‪،‬مبتلعة ريقها هامسة‪:‬‬

‫ولماذا قد يعجب بي‪..‬توقفي عن هذه التراهات يا ليلى‬

‫رفعت األخرى حاجبيها بتفاجئ مردفة بخفوت مستفهم‪:‬‬

‫ولماذا قد ال يعجب بك يا ميس ‪..‬ما الذي ينقصك يا فتاة‬

‫انظري لنفسك في المرآة‪..‬انت شابة جميلة جدا ومتعلمة‬

‫‪124‬‬
‫وذات اخالق ومؤدبة وسمعتك طيبة والكل يحترمك‪..‬اذا ما‬

‫الخطب؟‬

‫تراجعت األخرى بخطوات للوراء‪ ،‬مشتتة نظراتها الحزينة‬

‫في المحل وفكرها الشارد يجول بحثا عن جواب لتساؤل‬

‫صديقتها‪ ،‬فتحدثت بعدها بحسرة جلية‪ :‬ربما ألنني فتاة‬

‫يتيمة ال اهل لها‪..‬وآخر فرد من عائلتها والذي هو عمها قد‬

‫أبعدها عن أسرته ربما يخشى ان تلوثهم وكأنها مرض‬

‫معدي‬

‫دنت ليلى منها مكوبة وجنتيها بحنو ‪،‬فميس ليست صديقتها‬

‫فقط بل هي اختها التي لم تلدها امها ‪..‬مكانتها عظيمة جدا‬

‫بقلبها ‪،‬فهذه األخيرة لطالما كانت تساعدها وتنصحها إن‬

‫أخطئت وتوجهها وتقبلتها بكل عيوبها وأحبتها بجل‬

‫مميزاتها‪..‬ميس كانت وال زالت رفيقتها وعشريتها منذ‬

‫‪125‬‬
‫الصغر‪..‬ابتسمت بحب مردفة بعدها‪ :‬انت وحدك قوة يا‬

‫ميس‪ ،‬لست بحاجة ال لعمك األبله ذاك وال ألسرته‬

‫الغبية‪...‬بل هم من بحاجة لك‪..‬واليتم لم يكن يوما عيبا ‪،‬‬

‫ألست أنت من كان طوال الوقت يقول هاذا‪..‬ألم تقولي أن‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم قد عاش يتيما منذ نعومة‬

‫أظافره‪..‬أنت ميس رمزا للخلق والطهارة والنقاء‪..‬ومحظوظ‬

‫بك من نالك ‪..‬وايضا عائلتي هنا وتعرفين مقدار حبهم‬

‫لك‪..‬تبا هم يفضلونك علي انا من االساس‬

‫تبسمت ميس إثر كلماتها المواسية الجابرة لخاطرها لتقترب‬

‫منها معانقة إياها بحب هامسة‪ :‬واخيرا أصبحت تتكلمين‬

‫كالما جيدا‬

‫ابعدتها ليلى بحنق مغمغمة بضجر‪ :‬تبا لك يا غبية‬

‫‪126‬‬
‫فقهقت ميس عليها مردفة بإمتنان‪ :‬شكرا لك يا ليلو حقا‬

‫كنت بحاجة لتلك الكلمات‪..‬انت رائعة حقا‬

‫هزت األخرى كتفيها بفخر انثوي ‪:‬طبعا انا كذلك يا فتاة‬

‫قلبت األخيرة عيناها على غرورها متجاهلة الرد‬

‫عليها‪..‬ليتهادى لها بعدها صوتها المستغرب‪ :‬اتعلمين شيئا‬

‫يا ميس ‪..‬ذلك الشاب نزار ال اعلم اين رأيته من قبل‪..‬يبدو‬

‫لي مألوفا‬

‫غمغمت ميس بعدها مجيبة اياها‪ :‬ربما شبهته بشخص ما‬

‫فقط‪..‬او رأيته بالشارع ال ادري‬

‫اومئت لها ليلى مهمهمة‪ :‬ربما‪..‬‬

‫‪127‬‬
‫فتباعت بعدها غامزة لها بمكرها المعتاد مستفهمة‪ :‬لماذا لم‬

‫تخبريني انه وسيم هكذا يا فتاة؟‬

‫ضربت ميس كفيها ببعضهما البعض محولقة على سخافة‬

‫صديقتها متجاهلة كالمها‪ ،‬مانعة نفسها من شتمها‬

‫‪..‬فوصلها قهقهتها لتحاول كتمان بسمتها فهي تضل في‬

‫نهاية المطاف خفيفة الظل جميلة الروح‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫طرقات تدق على الباب فسمح لصاحبها بالولوج متحدثا‪:‬‬

‫تفضلي‬

‫‪128‬‬
‫ادارت والدته المقبض فاتحة الباب متوغلة لغرفته مغمغمة‬

‫بإبتسامتها الحانية‪ :‬نزار بني عدت؟؟‬

‫عدل األخير جلسته مسندا نفسه على ظهر السرير مردفا‬

‫ببسمته الرجولية‪ :‬نعم يا غالية تفضلي‪...‬عندما عدت كنت‬

‫في قيلولة لهاذا لم اشأ إزعاجك‬

‫اتخذت األخرى مجلسا على السرير بجانبه مستفهمة‪ :‬هل‬

‫تغذيت‪..‬او اضع لك الغذاء؟‬

‫أخذ نزار كفي والدته مقبال إياها بحب متحدثا‪ :‬لقد أكلت مع‬

‫العمال امي قبل ان آتي ال تقلقي ‪..‬‬

‫ربتت بحنو على شعره مهمهمة‪ :‬صحا وهناء‪..‬هل اوصلت‬

‫االمانة؟‬

‫‪129‬‬
‫أومئ لها األخير بإيجاب مردفا‪ :‬نعم وقد اعطيتها هديتك‬

‫واحبتها كثيرا وارسلت لك شكرها‬

‫همت والدته لتحدث اال انه قاطعها دخول ريم للغرفة‬

‫متهجمة هادرة بحنق‪ :‬هل احضرت لي ما اوصيتك به؟‬

‫حولق االخير محاوال التحكم في اعصابه مردفا بعتاب‪ :‬اوال‬

‫اطرقي الباب مثل خلق هللا‪..‬ثم اجلسي بهدوء وبعدها اسئلي‬

‫سؤالك بروية يا بنت‪...‬الن تنضجي أبدا؟؟‬

‫ضربت االخرى بقدمها على االرض بسخط متحدثة بغضب‪:‬‬

‫ال داعي لتلك الموشحات االن‪..‬الم تعدني بأن تحضر‬

‫هديتي‪..‬اين هي؟‬

‫عقدت والدتها حاجبيها مردفة بإستفهام‪ :‬الم يبقى على عيد‬

‫ميالدك اسبوع‪..‬الزال الوقت مبكرا بنيتي‬

‫‪130‬‬
‫كتفت ريم ذراعيها على صدرها متحدثة بملل‪ :‬خير البر‬

‫عاجله يا امي‬

‫قلب اآلخر عينيه على تصرفاتها مردفا‪ :‬لم اشتري لك‬

‫اليوم‪..‬اجليها ليوم اخر‪ ،‬او سنذهب سويا واختاري ما‬

‫يعجبك النني فاشل في اختيار الهدايا كما تعلمين ‪،‬فأنت‬

‫تتذمرين كل مرة اشتري لك شيئ ما‬

‫قهقهت ريم متخذة مجلسا معهما على سرير اخيها هامسة‪:‬‬

‫صحيح هادياك مملة دوما‪..‬مثل تلك الساعة الرجالية التي‬

‫اشتريتها لي ‪..‬‬

‫ضحكت والدتها قائلة‪ :‬البئس اذهبي معه واختاري ما‬

‫تشائين حبيبتي‬

‫‪131‬‬
‫لتتابع بعدها متذكرة شيئا ما‪ :‬حسنا لماذا ال تذهبين للمحل‬

‫الذي تعمل به ميس غالبا هو محل يبيع الهدايا حسب ما‬

‫رأيته يوم اوصلناها له‬

‫صفقت ريم بحبور مردفة بحماس مشتعل‪ :‬نعم سنذهب‬

‫له‪،‬إقتراح سديد يا امي‬

‫وجهت انظارها الخيها العاقد لحاجبيه متحدثة‪ :‬خذني له يا‬

‫اخي ‪،‬وستكون فرصة لمقابلتها فقد تشوقت للتعرف عليها‬

‫حولت انظارها نحو والدتها مستفهمة منها بفرحة عارمة‪:‬‬

‫ما رأيك ان ادعوها لحفلة عيد ميالدي امي وهكذا‬

‫ستقابلينها مجددا‬

‫تبسمت والدتها مغمغمة بحبور‪ :‬اجل فكرة جيدة ‪...‬عندما‬

‫تقابلينها قومي بدعوتها بنفسك افضل وحاولي اقناعها‬

‫فغالبا ستتحرج من القبول‬

‫‪132‬‬
‫هزت ريم كتفيها هامسة بفخر يناسب شقاوتها وداللها‪ :‬ريم‬

‫سميح ال احد يقول لها ال ‪...‬ستقتنع طبعا وبسرعة ايضا‬

‫قهقهت والدتها على ثقتها الكبيرة‪..‬لتوجه ريم نظرها نحو‬

‫اخيها مستفهمة منه بمكر‪ :‬وانت نزار ما رأيك؟‬

‫عقد االخير حاحبيه متسائال‪ :‬رأيي في ماذا بالضبط؟‬

‫رفعت ريم حاجبه بخبث مجيبة اياه‪ :‬رأيك في دعوتها للحفل‬

‫طبعا؟‬

‫شتت اآلخر نظره بأنحاء غرفته مهمهما‪ :‬إنها حفلتك وانت‬

‫حرة في اختيار ضيوفها‬

‫لتستفهم منه اكثر‪:‬متأكد؟‬

‫أومئ لها بهدوء متحدثا‪ :‬نعم متأكد‬

‫‪133‬‬
‫ناظرتها والدتها الصامتة المبتسمة لتغمزها متحدثة بتعجب‪:‬‬

‫غريب حسب علمي انك كنت تنصحني سابقا ان ال ادعو اال‬

‫المقربين ‪،‬اما من تعرفت عليهم حديثا فغير معنيين‬

‫بالحضور النهم غرباء ولم نتأكد من معدنهم بعد‬

‫حول نزار بصره نحوها هاتفا بحنق‪ :‬لكنها ساعدت والدتك‬

‫اذا فهي ليست بذلك السوء ‪..‬معدن الناس تبرز عند الشدائد‬

‫الم اعلمك هاذا ايضا‬

‫اومئت االخيرة برأسها مستفزة اياه اكثر‪ :‬ما شاء هللا تدافع‬

‫عنها ايضا ‪..‬‬

‫رماها اآلخر بالوسادة هادرا بسخط‪ :‬غادري الغرفة قبل ان‬

‫اقف لك‪..‬‬

‫‪134‬‬
‫قهقهت والدتها لتشاركها ريم ذلك ايضا ‪..‬فتحدث محاوال‬

‫تمالك هدوءه كي ال ينتف شعرها ذلك بسبب استفزازها‬

‫الذي ال ينتهي‪ :‬غادري من غير مطرود‬

‫اخرجت االخرى لسانها له مردفة‪ :‬حسنا سأغادر لكن لن‬

‫اترك والدتي هنا سآخذها معي ايها الممل‬

‫فأمسكت بكف والدتها والتي لم تكف عن الضحك عليها‪،‬‬

‫لتساير ابنتها مستقيمة معها خارجتين من الغرفة‪..‬تاركين‬

‫صاحبها شاردا في ذكرى عينين خضراوين مستغربا من‬

‫محبة عائلته لها بهذه السرعة‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪135‬‬
‫بعد يومين نزلتا الفتاتان من الحافلة متجهتين للمكان الذي‬

‫اتفقتا عليه‪..‬لتستفهم منها ميس‪ :‬هل تعلمين مكان المحل‬

‫بالضبط او ستجعليننا نجوب كل ارجاء المدينة بحثا عنه؟‬

‫قهقهت ليلى مردفة‪ :‬ال تقلقي ميوسة محالت سجاد هذه‬

‫التي اخبرتك عنها معروفة‪ ،‬فقد وضعوا عنوان المحالت‬

‫بصفحتهم على موقع التواصل اطمئني ‪..‬اظنها بهاذا الشارع‬

‫تحركت معها ميس مسايرة إياها مرتدية حجابها األسود‬

‫ووشاحها بلونه السماوي الباهت ليدلفا لشارع اغلبه‬

‫محالت متنوعة من مالبس وأطعمة وفساتين العرائس‬

‫وموبيليا وغيرها‪..‬فتهادى لمسمعها صوت ليلى المتحمس‪:‬‬

‫‪136‬‬
‫أظنه ذاك المحل قرب تلك الصيدلية حسب علمي هاذا المحل‬

‫الرئيسي بهذه المنطقة وافرعه بالمناطق المجاورة‬

‫تقدمتا نحو المحل لترفع ميس رأسها لألعلى تقرأ الالفتة‬

‫المعلقة فوقه "محل آل سميح للسجاد"‬

‫دلفتا بعدها له فترائى لهما العديد من السجاد بأنواعه‬

‫المختلفة وأحجامه المتنوعة والوانها العديدة ‪..‬لتبتسم ليلى‬

‫بحماس مهمهمة‪ :‬هل رايت ما اجملهم يا ميس‪..‬تبا لو كان‬

‫لدي الكثير من المال لقمت بشراء اغلبهم‬

‫قلبت األخرى عينيها مرددة‪ :‬هال اخترت ما تريدين فقط كي‬

‫ال نتأخر‬

‫‪137‬‬
‫امسكتها ليلى من ذراعها تشدها نحو احدى السجادات‬

‫المعروضة متحدثة‪ :‬انظري لهذه السجادة فقد رأيتها‬

‫بموقعهم واعجبتني حقا‪..‬ما رأيك تناسب غرفة نومي؟‬

‫تلمستها ميس بكفها مغمغمة بإعجاب حقيقي‪ :‬نعم انها‬

‫جميلة حقا‪..‬هل ستختارين اللون الرمادي هاذا؟ ام لون‬

‫اخر؟‬

‫شتتت ليلى انظارها بين مختلف السجاد الذي امامها محتارة‬

‫اي لون ستأخذه ‪،‬فأردفت ميس بهدوء‪ :‬اظن ان اللون‬

‫الرمادي افضل‪،‬فهو يناسب لحاف سريرك الذي اشتريه‬

‫سابقا اليس كذلك؟‬

‫أومئت لها ليلى بموافقة مغمغمة‪ :‬نعم يناسبه بما ان اللحاف‬

‫لونه غير داكن سيكون متناسقا معه‬

‫‪138‬‬
‫صفقت ليلى بعدها بحماس مسترسلة حديثها‪ :‬حسنا سآخذ‬

‫هذه القطعة اذا ‪،‬سأطلب من بائع المحل ان يجهزها لي‬

‫وجهت ليلى بصرها منادية على العامل ليتأتي لها متسائال‬

‫بلطف‪ :‬تفضلي يا آنسة‬

‫تحدثت االخيرة بإبتسامة هادئة‪ :‬سآخذ هذه القطعة ‪..‬كم‬

‫ثمنها؟‬

‫حول الشاب نظره للقطعة المقصودة مجيبا‪ :‬ثمنها **‬

‫توسعت عيني ليلى بتفاجئ هادرة في وجهه بحنق‪ :‬اتكذب‬

‫ام ماذا ؟ رأيت ثمنها أقل من هاذا عندما تفقدت صفحتكم‬

‫بموقع التواصل ام تغيرون االسعار حسب مزاجكم؟‬

‫‪139‬‬
‫هدأتها ميس بلطف هامسة لها بخفوت‪ :‬ال داعي لكل هاذا‬

‫الصراخ يا ليلى اهدئي ما خطبك؟‬

‫ناظرتها ليلى بغضب مردفة بحدة‪ :‬الم تسمعيه ما يقول يريد‬

‫النصب علينا هاذا المحتال ‪..‬انت بنفسك لقد رأيت الثمن‬

‫المعروض على صفحتهم عندما أريتك ذلك حين كنا بالحافلة‬

‫حاول العامل تهدئتها مرددا‪ :‬يا آنسة نحن لم نغير اي سعر‬

‫‪،‬و راجعي صفحتنا وتأكدي بنفسك ‪..‬لماذا قد ننصب على‬

‫الزبائن حاشا هلل ان نأكل الحرام ال انا وال صاحب المحل‬

‫وضعت ليلى يديها على خصرها هادرة بغضب‪ :‬اذا استدعي‬

‫لي صاحب المحل هاذا ألكلمه بنفسي وانصحه أن يتوقف‬

‫عن الغش‪..‬لقد أتيتت من منطقة اخرى بالحافلة الجل‬

‫‪140‬‬
‫الشراء من عند سيادتكم بعد ان ذاع صيتكم ‪،‬واالن تحاولون‬

‫خداعنا برفع االسعار بهذه الطريقة المهولة‬

‫حولق العامل محاوال السيطرة على الموقف مرددا‪ :‬ال حول‬

‫وال قوة اال باهلل‪ ،‬يا آنسة لم نخدع احد والحمد هلل كل زبائننا‬

‫راضين عن التعامل معنا‬

‫رفعت ليلى اصبعها في وجهه هادرة بسخط‪ :‬لست عمياء يا‬

‫هاذا قلت لك لقد رأيت السعر بنفسي على موقعكم الرسمي‬

‫لهاذا اتيت عندكم على هاذا االساس ال تراوغني‬

‫امسكتها ميس من ذراعها هامسة بحدة‪ :‬اخفضي صوتك لقد‬

‫لفتت االنظار لنا‪..‬اكيد هناك خطأ ما ال داعي لكل هاذا‬

‫الصراخ يا ليلى‪..‬فلنغادر افضل‬

‫‪141‬‬
‫استدارت ليلى نحوها مرددة بحنق‪ :‬لن اغادر هل فهمت‬

‫‪،‬سأريهم كيف يتالعبون بالناس وينصبون عليهم هؤالء‬

‫المحتالين‬

‫عقد نزار حاجبيه بتوجس مستغربا من سماعه بعض‬

‫الصراخ والفوضى خارجا‪ ،‬فإستقام من مجلسه مغادرا‬

‫مكتبه ليتحرى ما يحدث خارجا‪...‬فترائى له فتاتان إحداهما‬

‫تجادل البائع ويبدو من مالمحها السخط والغضب ليتقدم‬

‫بخطواته الحثيثة منهم مغمغما بهدوء‪ :‬لماذا كل هذه‬

‫الفوضى؟؟‬

‫إستداروا له فوقعت عيناه على مقلتيها تلك‪..‬‬

‫إرتبك اآلخر محاوال التحدث بهدوء‪ :‬هل هناك خطب يا‬

‫آنسة؟‬

‫‪142‬‬
‫توردت وجنتي ميس مبتلعة ريقها إثر نظراته منزلة بصرها‬

‫عنه حياءا ‪،‬وقد شابكت كفيها ببعضهما البعض مغمغمة‬

‫بخفوت‪ :‬فقط هناك سوء فهم بين العامل وصديقتي ال غير‬

‫تأمل إحمرار وجنتيها اللذيذ فإبتسم دون دراية ‪..‬ليستغفر‬

‫هللا في سره موجها نظره للعامل مستفهما منه‪ :‬ماذا حدث يا‬

‫سهيل؟‬

‫أراد العامل التحدث ‪..‬لتقاطعه ليلى بسخط هادرة‪ :‬اصحاب‬

‫المحل هاذا ينصبون علينا علنا ‪..‬عندما نتصفح موقعهم نجد‬

‫سعر معين وعند زيارة محلهم يفاجئوننا بسعر مغاير‬

‫تماما‪..‬هاذا نصب واضح يأكلون الحرام ويتجبرون على‬

‫الناس‬

‫‪143‬‬
‫رفع نزار حاجبه من جرأتها فتحدث بلهجة رجولية حازمة‪:‬‬

‫ال ترشقي االخرين بهتانا يا أختي‪ ،‬انت اول شخص يتهمنا‬

‫بهذه التهمة الباطلة ‪..‬قد يكون هناك سوء فهم فقط ‪..‬حمد‬

‫هلل طوال حياتي لم آكل فلس حرام‬

‫توترت ميس يبدو انه صاحب المحل لتغمغم بلطف محاولة‬

‫استدراك الموقف‪ :‬هي ال تقصد اي اساءة سيد نزار انا‬

‫وهي نعتذر عن اي تجاوز‬

‫النت مالمح األخير موجها نظره لها هامسا لها‪ :‬البئس ال‬

‫تعتذري‬

‫عقدت ليلى ذراعيها مستفهمة من نزار‪ :‬هل انت صاحب‬

‫المحل يا سيد نزار؟‬

‫‪144‬‬
‫أومئ لها اآلخر بهدوء واضعا كفيه بجيبي بنطاله الجينز‬

‫الداكن مجيبا اياها‪ :‬نعم يا آنسة انا صاحبه‪..‬هال شرحت لي‬

‫سبب كل هذه التهم في حقي وحق المحل وعماله‬

‫أردفت ليلى محاولة الهدوء ‪ :‬انتم عرضتم في صفحتكم على‬

‫مواقع التواصل ان هاذا السجاد سعره *** وعندما اتيتت‬

‫االن لشراءه وجدت ان سعره مرتفع عن ما هو منشور‬

‫بصفحتكم ‪..‬هال اخبرتني لماذا تغيرون اسعاركم‪،‬هل هو‬

‫حسب مزاج الجو او ماذا؟‬

‫وجه نزار بصره للسجاد المقصود ثم للعامل مستفهما منه‪:‬‬

‫هل كالمها صحيح يا سهيل؟‬

‫أجابه اآلخر بهدوء موضحا‪ :‬أبدا يا سيد نزار هاذا السجاد‬

‫الذي قمنا بإستراده الشهر الماضي ووضعنا االسعار كما‬

‫‪145‬‬
‫اخبرتنا تماما حتى بموقع التواصل وضعنا ما امرتنا به دون‬

‫اي خطأ او غش‬

‫أومأ األخير بهدوء محاوال معرفة اين االشكال بالضبط‬

‫ليستفهم من العامل مجددا‪ :‬حسنا وسعر *** الذي تكلمت‬

‫عنه اآلنسة يخص اي نوع من السجاد بالضبط؟‬

‫أجابه األخر محاوال التذكر‪ :‬هاذا السعر يخص فقط القطع‬

‫األصغر من هذه النوعية من السجاد الذي تقصده اآلنسة‬

‫تنهد نزار بخفوت موجها كالمه نحو ليلى موضحا‪ :‬يا آنسة‬

‫نحن عرضنا في صفحتنا السجاد بمختلف األحجام حيث‬

‫هناك األكبر‪ ،‬وهو خاص بالقاعات االكثر حجما ‪،‬والمتوسط‬

‫الخاص بغرف االستقبال غالبا او الغرف ذات الحجم الواسع‬

‫‪،‬وهناك أيضا السجاد األصغر والخاص بغرف النوم ‪..‬يبدو‬

‫‪146‬‬
‫انه اختلط االمر عليك بين الحجم المتوسط واألصغر‪ ،‬وهاذا‬

‫الذي سعره *** الذي امامك اآلن ‪،‬فنحن شرحنا بموقعنا انه‬

‫خاص بالحجم المتوسط وانت بسعر *** الذي تحدثت عنه‬

‫تقصدين الحجم االصغر‬

‫فرحت ميس على انتهاء سوء الفهم لتهمس لصديقتها‪ :‬هل‬

‫رأيت هو فقط سوء فهم البئس‪..‬‬

‫قطبت األخرى جبينها مخرجة هاتفها والجة للصفحة مرددة‪:‬‬

‫حسنا سأتأكد بنفسي‬

‫زفرت ميس بحنق من عناد صديقتها رافعة انظارها فتقابلت‬

‫مع عيناه ‪..‬لتهرب من تحديقه مشتتة بصرها بأرجاء المحل‬

‫والتوتر قد تملكها‪..‬ليبتلع هو ريقه منزال بصره مستغفرا في‬

‫سره يبدو ان أصبح متواقح حقا ‪..‬ليتهادى له صوت ليلى‬

‫مردفا‪ :‬هاذا هو المنشور بصفحتكم أنظر‬

‫‪147‬‬
‫أخذ نزار الهاتف منها قارئا محتواه مغمغما بعدها‪ :‬هاذا‬

‫يثبت ان كالمي صحيح يا آنسة ‪..‬إقرئي أسفل الصور‬

‫موجود التوضيح ‪..‬فهذه الصورة وهي التي تخص السجاد‬

‫هاذا الذي اشرت إليه‪ ،‬وموضوع في االعالن ان طوله يصل‬

‫لسبع امتار وهاذا هو الحجم المتوسط‬

‫اما الصورة التي اسفلها فهو سجاد طوله ألربع امتار فقط‬

‫وهو االقل حجما مع تشابه في كل المميزات اال ان االختالف‬

‫فقط في الطول واالحجام‬

‫اعطاها الهاتف مسترسال حديثه بهدوء‪ :‬اذا الخطأ ليس منا‬

‫يا انسة بل منك النك لم تستوعبي اي حجم تريدينه بالضبط‬

‫‪148‬‬
‫زمت ليلى شفتيها بعبوس شاعرة باالحراج من تسرعها‬

‫‪..‬لتمسح ميس على ذراعها بحنو متحدثة بلطف‪ :‬ال بئس يا‬

‫ليلى هذا خطأ بسيط يحدث دائما‪..‬‬

‫ووجهت نظرها نحو نزار مبتسمة بعذوبة هامسة بلطف‪:‬‬

‫نعتذر سيد نزار فقد فهمنا األمر خطأ‬

‫أومئ برأسه مغمغما برزانة‪ :‬خيرا باذن هللا ال تهتمي يا‬

‫آنسة‬

‫‪ -‬عذرا يبدو انني تسرعت‬

‫همهمت بها ليلى بهدوء محرجة ‪..‬ليهتف لها اآلخر‬

‫بالبئس‪..‬‬

‫وجهت ميس بصره نحوه مستفهمة منه بلين‪ :‬هل نستطيع‬

‫رؤية األقل حجما؟‬

‫ابتسم لها بإبتسامته الرجولية الخالبة هامسا‪ :‬تدللي‬

‫‪149‬‬
‫فتخضبت وجنتيها بحمرة حياءا‪..‬وتحرك هو بخطواته‬

‫الحثيثة نحو الطرف االخر من المحل مرددا‪ :‬هذه هي االقل‬

‫حجما يا آنسات‬

‫تحركتا الفتاتان نحو السجاد‪ ،‬فتلمستها ليلى شاعرة‬

‫بنعومتها مغمغمة‪ :‬جميلة‬

‫فأردف هو بهدوءه‪ :‬ان كنت ستضعينها في غرفة النوم‬

‫فهذه هي االنسب ‪،‬فاربع امتار طول مناسب لغرف النوم‬

‫ذات الحجم المتوسط‪ ..‬اما التي سألت عنها قبل قليل فهي‬

‫خاصة غالبا لغرف النوم ذات الحجم الكبير‬

‫أومئت له ليلى بهدوء مرددة‪ :‬حسنا سآخذ هذه القطعة‬

‫بلونها الرمادي‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫تنهد بخفوت متحدثا‪ :‬حسنا يا انسة سنعطيك قطعتين بثمن‬

‫قطعة واحدة كنوع من تطييب الخاطر كي ال تعودي لبيتك‬

‫وانت حزينة ما رأيك؟‬

‫تحمست ليلى مصفقة بكفيها بفرحة طفولية متحدثة‪ :‬حقا ما‬

‫تقول؟‬

‫كتمت ميس ضحكتها على تحمسها الظريف ‪..‬ليومئ هو لها‬

‫مجيبا اياها بهدوءه المعتاد‪ :‬اكيد طبعا‬

‫فشكرته بكل حرارة من شدة فرحتها‪ :‬شكراا لك سيد نزار‬

‫هز رأسه لها بهدوء ‪..‬ليوجه كلماتها لميس مستفهما منها‪:‬‬

‫وأنت يا آنسة هل تريدين اخذ شيئ ما؟‬

‫توترت األخيرة مردفة بحياء شديد‪ :‬أنا ال ‪..‬هي العروس‬

‫أقصد هي من تحتاجها‬

‫‪151‬‬
‫إبتسم على إرتباكها ليتهادى له صوت ليلى المشاكس‪:‬‬

‫حسنا نعدك عندما تتم خطبة ميس سنجهز بيتها من عندكم‬

‫‪..‬ما رأيك ميوسة؟‬

‫توردت وجنتيها أكثر مشتتة انظارها بأنحاء المحل هاربة‬

‫من عيونه الغامضة وإستفزاز صديقتها المستمر‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫وضعت السيدة صفا صينية الشاي متخذة مجلسا بغرفة‬

‫المعيشة رفقة إبنتها ليلى وصديقتها‪..‬لتقدم الفنجان لميس‬

‫التي شكرتها بدورها‪..‬حيث استفهمت منها ليلى‪ :‬أمي ما‬

‫رأيك بالسجاد‪..‬اليس ذوقي رائعا كالعادة؟‬

‫‪152‬‬
‫ارتشفت والدتها رشفات من شايها لتغمغم بإيجاب‪ :‬نعم‬

‫رائع‪ ،‬فقد احببته حقا بنيتي ما شاء هللا‬

‫لتهز كتفيها بفخر انثوي جذاب هامسة‪ :‬هاذا لكي تعرفي ان‬

‫ذوقي رفيع ‪...‬سجادتين بسعر سجادة واحدة‪...‬حظي كم‬

‫احبك‬

‫قهقهت ميس عليها موجهة كلماتها نحو صفا مرددة‪ :‬كان‬

‫عليك ان تريها كيف تشاجرت مع العامل‪..‬المسكين سببت له‬

‫الرعب حقا‬

‫ضحكت والدتها مغمغمة‪ :‬ابنتي واعرفها‪..‬لسانها طويل وال‬

‫تفكر قبل الكالم ابدا‪...‬تهجم فورا‬

‫‪153‬‬
‫زمت ليلى شفتيها بعبوس مهمهمة‪ :‬وما ذنبي انا؟ تبا لم‬

‫اكن اعرف طول السجاد واحجامه ‪..‬‬

‫رفعت والدتها حاجبها على حجتها الواهية متحدثة‪ :‬عليك‬

‫ا لتأكد قبال او على االقل ناقشي العامل بالهدوء لكي تفهمي‬

‫منه اين الخطب بالضبط ‪،‬وليس التهجم هكذا يا فتاة‬

‫قهقهت ميس على مالمح صديقتها الغاضبة مرددة‪ :‬حسنا يا‬

‫خالة علينا ان نعترف ان الشجار اتى بثماره وها قد اخذت‬

‫سجادتين بسعر منخفض‬

‫ضحكت السيدة صفا مجيبة بحسنا‪..‬لتعقد ليلى ذراعيها على‬

‫صدرها بحنق متحدثة‪ :‬ماذا يا انسة ميس‪.‬هل تريدين ان‬

‫اخبر امي كيف قال نزار ذاك تدللي‬

‫‪154‬‬
‫توسعت عيني ميس لتبتلع ريقها بتوتر ترتشف من شايها‬

‫متجاهلة سخف صديقتها‪..‬فتهادى لها صوتها الماكر‬

‫مستفهما بخبث‪ :‬ماذا يا ميوسة هل اصابك الحياء مجددا؟‬

‫قهقهت صفا متسائلة‪ :‬اخبريني عن االمر يا ليلى ما الذي‬

‫حدث؟‬

‫أسرعت ميس بالحديث مغمغمة‪ :‬ال شيئ يا خالة فقط ابنتك‬

‫سخيفة كعادتها‬

‫رفعت ليلى حاجبها مشيرة الى نفسها مردفة‪ :‬انا سخيفة؟‬

‫حقا؟‬

‫أومئت لها ميس بإيجاب كنوع من االستفزاز‪..‬لتردف‬

‫االخرى بحنق موجهة كلماتها لوالدتها‪ :‬اسمعي يا امي‬

‫ميس هذه طلبت من صاحب المحل الشاب نزار الذي‬

‫‪155‬‬
‫اخبرتك انه ابن تلك السيدة التي ساعدتها ميس واخذتها‬

‫للمشفى‪..‬‬

‫هزت والدتها رأسها لها بنعم حيث تابعت االخرى بمكر‬

‫متجاهلة نظرات ميس الغاضبة‪ :‬طلبت منه ان يرينا السجاد‬

‫ذا الحجم االصغر و قال لها بكل عذوبة تدللي‬

‫وضعت يدها على صدرها بكل حالمية مسترسلة‪ :‬تبا‪..‬انا‬

‫منذ سنة مخطوبة ولم يقل لي خطيبي هذه الكلمة‪..‬وانت يا‬

‫ماكرة قابلته منذ ايام فقط لمدة ال تتعدى ثواني قالها لك‪..‬‬

‫توردت وجنتي ميس مطرقة رأسها ترتشف من شايها بضع‬

‫رشفات‪..‬لتستمع لقهقهات كل من ليلى ووالدتها‬

‫‪156‬‬
‫تابعت ليلى حديثة مصرحة‪ :‬بالمناسبة اتذكرين عندما‬

‫اخبرتك انني رأيته من قبل عندما زار محلنا سابقا؟‬

‫أومئت لها ميس ايجابا بهدوء‪...‬تابعت صديقتها في حديثها‬

‫بعدها‪ :‬تذكرت انني رأيته بموقعهم للعمل ‪،‬لهاذا بدأ مألوفا‬

‫لي‪..‬‬

‫وجهت ليلى نظرها لميس غامزة لها متحدثة‪ :‬هل رأيت‬

‫نظراته لك يا فتاة؟‬

‫ابتلعت االخرى ريقها هامسة بتوتر‪ :‬اي نظرات تقصدين؟‬

‫ضحكت االخيرة مردفة بتهكم صريح‪ :‬اقصد نظرات‬

‫االعجاب‪...‬يبدو ان شاب وقع صريعا لك يا ميوسة‬

‫‪157‬‬
‫فغرت االخرى فاهها مبتلعة ماء حلقها متحدثة بتلعثم‪:‬‬

‫أنت‪..‬أنت تهذين لم ارى هاذا ابدا؟ ؟ هو من االساس يغض‬

‫بصره‬

‫رفعت ليلى حاجباه مهمهمة بملل‪ :‬وكيف ستعرفين نظراته‬

‫ان كنت تتوترين امامه كأنك قطة ترتجف من االسد الذي‬

‫امامها‪..‬وايضا يغض بصره عن جميع اال انت فهو واضح‬

‫انه ينسى نفسه تماما‬

‫شبكت ميس كفيها ببعضهما البعض مغمغمة بخجل‪ :‬لقد‬

‫تأخرت عن البيت علي ان اذهب‪...‬‬

‫‪158‬‬
‫لتستقيم من مجلسها هاربة من نظرات ليلى الماكرة‬

‫مهمهمة بالسالم مغادرة غرفة المعيشة‪..‬ليصلها صوت‬

‫صديقتها المستفز‪ :‬سنرى يا ميس اال متى ستنكرين‬

‫تنهدت ليلى بخفوت هي حقا تتمنى السعادة لها ‪..‬تريد ان‬

‫تطمئن عليها في كنف زوج صالح يحبها ويعوضها عن كل‬

‫ما قاسته سابقا ‪..‬تتمنى ولو كان هاذا الشاب حقا معجبا بها‬

‫فنظراته تفضحه ‪،‬فهي ال تحمل اي خبث فليلى تعرف‬

‫النظرات الخبيثة من مقلتي صاحبها‪..‬لكن عيناه هو تقول‬

‫شيئ اخر‪...‬ينم عن النقاء ربما ‪..‬لترفع رأسها لألعلى تدعو‬

‫لك بالرزق الصالح‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪159‬‬
‫قهقهت السيدة جيهان على كالم ابنها والذي اخبرها بما‬

‫حدث اليوم متابعا تناول طعام العشاء ‪..‬مغمغمة‪ :‬يبدو ان‬

‫تلك الفتاة من النوع العصبي‬

‫وضع نزار الشوكة على الطاولة مرتشفا من كأس الماء‬

‫مردفا بعدها‪ :‬عصبية فقط‪..‬لقد اتهمتني بأنني اخدع ناس‬

‫واغشهم واالجمل اننا نأكل حرام‬

‫ضحكت ريم مستفهمة منه‪ :‬وماذا حدث عندما اخبرتها‬

‫خطئها؟؟‬

‫تنهد نزار واضعا الكأس مرددا‪ :‬حسنا ‪،‬خف لهيب نارها‬

‫قليال‪..‬مثل بالون منتفخ تم تفجيره بإبرة‬

‫قهقهت والدته مجددا على تشبيهه الظريف رابتة على كفه‬

‫بحنو‪ :‬من الجيد انك جبرت بخاطرها واعطيتها بدل السجادة‬

‫‪160‬‬
‫اثنتين ‪..‬احببت تصرفك النبيل هاذا يا بني‪ ،‬بارك هللا فيك‬

‫وزاد في رزقك‬

‫تبسم نزار بدفئ ليأخذ كفها بين يديه الثما اياه بحب خالص‬

‫متحدثا‪ :‬فقط رضاك يا غالية‬

‫ناظرت ريم والدتها غامزة لها ببراءة مصطنعة لتهتف‬

‫بعدها مستفهمة من اخيها‪ :‬هل اتت تلك الفتاة ميس معها يا‬

‫اخي؟‬

‫اجابها اآلخر بهدوء متابعا شرب العصير‪ :‬نعم‬

‫كتمت والدتها بسمتها ‪..‬حيث تابعت ريم السؤال متحدثة‪:‬‬

‫هل تحدثت معك؟‬

‫غمغم اآلخر بخفوت‪ :‬اجل بضع كلمات‬

‫‪161‬‬
‫فرفعت حاجبها بمكر مردفة‪ :‬بضع كلمات فقط؟‬

‫وضع االخر كأس العصير متحدثا بحنق‪ :‬نعم اين االشكال؟‬

‫ام تريدين منا ان نتحدث عن االتحاد السوفياتي والحرب‬

‫العالمية؟‬

‫عضت ريم على شفتيها محاولة عدم الضحك قدر المستطاع‬

‫قائلة‪ :‬ال ابدا‬

‫هزت جيهان رأسها على استفزاز ابنتها قاطعة االمل منها‬

‫‪..‬فتابعت ريم حديثها بخبث‪ :‬يبدو انها رافقت صديقتها‬

‫للمحل كي تجهز‪ ،‬فأغلب العرائس يقصدون محالتنا يا‬

‫اخي‪..‬هل صديقتها تلك عروس؟‬

‫همهم نزار بهدوء مجيبا اياها‪:‬نعم هي كذلك‬

‫‪162‬‬
‫تنهدت ريم بحسرة مصطنعة مرددة‪ :‬مسكينة ميس تلك حقا‬

‫عقد نزار حاجباه مستفهما منها‪ :‬لماذا تقولين ذلك؟‬

‫تابعت األخرى كالمها ممثلة مالمح الحزن‪ :‬يا اخي انت‬

‫شاب ولن تفهم هذه االمور‪..‬لكن نحن الفتيات نتحسس من‬

‫هاذا االمر‪...‬تخيل المسكينة صديقتها تجهز نفسها كعروس‬

‫وتتزوج وهي فقط تتابع بعينيها هاذا محزن حقا‪..‬صحيح لن‬

‫تحسدها واكيد ستتمنى لها الخير والسعادة في زواجها‪..‬لكن‬

‫يضل االمر حساسا لنا الننا عاطفيات‬

‫إرتبك نزار مرددا‪ :‬فليرزقها هللا من فضله‬

‫وضعت السيدة جيهان كفها على فمها كاتمة ضحكتها على‬

‫خبث ابنتها وارتباك ابنها ‪..‬ليتهادى لها صوت ريم مجددا ‪:‬‬

‫معك حق فليرزقها هللا من فضله‪..‬فقط انت كثف لها الدعاء‬

‫يا شيخ ‪....‬‬

‫‪163‬‬
‫تجاهلها نزار مرتشفا من العصير ‪..‬ناظرت ريم والدتها‬

‫غامزة لها بمكر مرددة بهدوء‪ :‬امي ما رأيك في ابن خالتي‬

‫احمد اظنه مناسب لها فهو شاب متعلم‬

‫وخلوق وله عمله الخاص ايضا‪..‬كلميها ربما قد توافق‬

‫تبسمت والدتها بحنو مسايرة شقاوة صغيرتها‪ :‬اذ قابلتها‬

‫سأحاول فتح الموضوع معها‬

‫ضيقت ريم عينيها متابعة سؤالها‪ :‬وابن عمي سعيد البئس‬

‫فهو ال يعيبه شيئ ايضا ‪..‬سيكون مناسب ايضا لها‬

‫كتمت والدتها ابتسامتها‪..‬ليهدر نزار في وجه اخته بحنق‪:‬‬

‫ماذا يا ست ريم اصبحت تخطبين للفتيات وانا ال علم لي‬

‫‪164‬‬
‫رفعت االخرى حاجبها بتعجب مرددة‪ :‬وما الذي يزعجك انت‬

‫يا اخي باالمر‪..‬الفتاة مميزة ما شاء هللا ونحن نخمن فقط ان‬

‫نظمها للعائلة اين االشكال في هاذا؟ ؟‬

‫ابتلع اآلخر ريقه ليهتف بهدوء ‪ :‬هذه االمور اكبر منك ال‬

‫تتدخلي فيها‬

‫زمت االخرى شفتيها بعبوس مغمغمة بضجر‪ :‬حقا ‪..‬من‬

‫الجيد انك ذكرتني بأن عمري خمس سنوات فلم اكن ادري‬

‫ذلك‬

‫تجاهلها االخر ليتهادى له صوتها مرة أخرى مستفهما‪:‬‬

‫بالمناسبة متى ستأخذني لشراء هديتي فقط وعدتني منذ‬

‫يومين ولم تاخذني‬

‫تنهد نزار بخفوت مسايرا دالل اخته مردفا‪ :‬حسنا اختاري‬

‫اليوم وانا سآخذك‬

‫‪165‬‬
‫اردفت االخيرة بسرعة‪ :‬حسنا خذني غدا اذا‬

‫أومئ لها اآلخر بإيجاب هامسا بحسنا‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫صباحا كانت الفتاتان ترتبان بعض األرفف فزفرت ليلى‬

‫بحنق هادرة‪ :‬ايتها المالبس الغبية ال تتحركي‬

‫ناظرتها ميس رافعة حاجبها مستفهمة منها‪ :‬حسب علمي‬

‫ان المالبس تعتبر من الجماد فهي ال تتحرك دون فاعل‬

‫خارجي‬

‫‪166‬‬
‫وجهت ليلى بصرها لها بحدة هادرة في وجهها‪ :‬نصيحة يا‬

‫ميس ال تستفزيني كي ال افرغ كل غضبي بك‬

‫كتمت االخرى ضحكتها متجنبة غضب صديقتها لتبتسم لها‬

‫بحنو متسائلة‪ :‬حسنا يا ليلى ما خطبك‪..‬منذ ان اتيت قبل‬

‫ساعة وانت هكذا حانقة‪..‬ما الذي يزعجك؟‬

‫وضعت األخرى بعض االقمشة المزخرفة في االرفف هادرة‪:‬‬

‫ذلك الغبي خطيبي استفز اعصابي ‪...‬جنس الرجال اللعين ال‬

‫فائدة ترجى منهم‬

‫قطبت ميس جبينها مهمهمة بهدوء‪ :‬رائف خطيبك ال‬

‫يستفزك اال اذا قال شيئا صائبا وانت عارضته ‪..‬صديقتي‬

‫وأعرفك‬

‫‪167‬‬
‫كتفت االخرى ذراعيها بحنق مرددة‪ :‬اذا انت معه هو ‪..‬وانا‬

‫صديقتك منذ سنوات طويلة تتخلين عني لصالحه‬

‫تنهدت ميس بخفوت متحدثة‪ :‬حسنا أخبريني ما االمر فقط‬

‫وانا سأحكم بالعدل كالعادة‬

‫زمت االخرى شفتيها بعبوس طفولي مغمغمة‪ :‬لقد اخبرته‬

‫عن ما حدث البارحة بمحل السجاد‪..‬فأخبرني ان الخطأ‬

‫خطئي‪ ،‬وان اصحاب المحل لم يخطؤوا‬

‫قهقهت ميس بشدة محاولة التحكم في ضحكتها كي ال‬

‫تنزعج صديقتها لتتحدث من بين انفاسها‪ :‬وهل هاذا ما‬

‫‪168‬‬
‫ازعجك‪..‬؟؟ كالمه صائبا ولم يخطأ بشيئ هو عاتبك على‬

‫تسرعك وانصف اصحاب المحل‬

‫هدرت ليلى بغضب‪ :‬انا خطيبته يجب ان يقف معي انا‬

‫‪،‬وليس مع االخرين‬

‫هزت االخرى رأسها معاتبة اياها بحنو ومحاولة تسديد‬

‫رأيها‪ :‬يا ليلى صاحب العقل الناضج والمبادئ السليمة يقف‬

‫في صف الحق فقط ‪،‬وال تأخذه فيها اي رابط دم او عالقة‬

‫شخصية وغيرها من االمور والمصالح‪...‬انت اخطئت وهو‬

‫عاتبك ووقف في صف اصحاب الحق اين الضير في هاذا‪..‬‬

‫زمت االخرى شفتيها بحنق ظريف‪ :‬انا خطيبته‬

‫‪169‬‬
‫تبسمت ميس مهمهمة بحب‪ :‬حتى ولو كنت والدته او ابنته‬

‫عندما تقال كلمة الحق‪ ،‬ال نلتفت لمثل هذه الحجج ‪..‬ال مبدأ‬

‫مهم هنا اال مبدأ الحق‬

‫كانت ليلى ستتحدث اال ان دخول فتاة ذات بشرة قمحية‬

‫وعيون بنية ‪،‬كانت ذات مالمح جميلة حقا ترتدي تنورة‬

‫رمادية واسعة طويلة وبلوزة بيضاء تناسقت مع جسدها‬

‫الرشيق ووشاح يماثل التنورة في لونه يغطي شعرها تحمل‬

‫بيدها حقيبة شبابية بيضاء ‪..‬دلفت للمحل بإبتسامتها العذبة‬

‫مرددة‪ :‬مرحبا‬

‫‪170‬‬
‫إبتسمت لها ميس بعذوبة رادة التحية‪ :‬اهال بك يا آنسة‬

‫تفضلي‬

‫ناظرتها ريم بهدوء لتوجه بصره نحو ليلى أيضا‪،‬ثم تعيده‬

‫لميس بصمت لتتحدث مستفهمة ‪ :‬أنت الفتاة ميس اليس‬

‫كذلك؟‬

‫عقدت االخيرة حاجبيها بتوجس لتناظر صديقتها ليلى والتي‬

‫كانت مالمح وجهها مستغربة فأردفت بعدها بلطف‪ :‬نعم انا‬

‫هي ميس يا آنسة‬

‫ضحكت ريم مصفقة بكفيها مغمغمة بحبور‪ :‬يا إلهي توقعت‬

‫هاذا‪..‬‬

‫‪171‬‬
‫دنت منها بخطوات قليلة تتأمل وجهها البهي متحدثة‪ :‬انت‬

‫جميلة حقا كما اخبرتني امي تماما‬

‫رفعت ميس حاجبيها بإستغراب جلي على تقاسيم وجهها‬

‫الجميل متسائلة‪ :‬والدتك؟؟‬

‫فأردفت االخرى بإبتسامتها الجذابة‪ :‬نعم والدتي هل نسيتها‬

‫بهذه السرعة‪..‬التي ساعدتها وأخذتها للمشفى االسبوع‬

‫الماضي‬

‫تنهدت ميس بخفوت هامسة بحبور‪ :‬نعم تذكرتها والدتك‬

‫تلك السيدة الرائعة‬

‫‪172‬‬
‫دلف نزار للمحل بعد ان تأخرت اخته فهو يعرفها لن تغادر‬

‫اال بعد ساعة كعادتها‪..‬فترائى له شقيقته تتحدث مع‬

‫ميس‪..‬لتستدير له ريم ببسمتها الحلوة مشيرة بيدها له‬

‫قائلة‪ :‬هاذا اخي نزار تعرفينه‬

‫توردت وجنتي ميس مومئة برأسها إيجابا‪..‬تابعت ريم‬

‫كلماتها الماكرة‪ :‬امي حدثتني عنك كثيرا وهي ال تكف عن‬

‫الحديث عنك وبالمناسبة اشكرك حقا لكل ما فعلته ذلك اليوم‬

‫عندما ساعدتها حقا نحن مدينين لك‬

‫تبسمت لها ميس بحنو مردفة بلطف‪ :‬ال تقولي هاذا يا انسة‬

‫لم اقم اال بواجبي‬

‫‪173‬‬
‫مدت لها االخرى كفها غامزة لها بشقاوة‪ :‬ادعى ريم ولست‬

‫انسة‬

‫صافحتها ميس بمحبة فقد دخلت هذه الفتاة لقلبها فهي‬

‫ظريفة حقا مهمهمة‪ :‬اهال بك ريم‬

‫إقتربت من ليلى هي االخرى مصافحة اياها ‪..‬لتبتسم لها‬

‫االخيرة بهدوء متحدثة‪ :‬وانا ليلى صديقتها المقربة‬

‫قهقت ريم بخفة مستفهمة منها‪ :‬اذا انت من تشاجرت‬

‫البارحة بمحلنا‬

‫‪174‬‬
‫كتفت ليلى ذراعيها على صدرها هادرة بحنق‪ :‬ماذا هل‬

‫أصبح هاذا الحدث يذاع في القنوات واالخبار وانا ال ادري؟‬

‫قلب نزار عينيه على سخافة اخته واستفزازها‪..‬لتكتم ميس‬

‫ضحكتها حرجا‪..‬لتغمز ريم بمكر نحو ليلى‪ :‬نعم رأيتها اليوم‬

‫بنشرة الصباح‬

‫زمت ليلى شفتيها بعبوس مغمغمة‪ :‬مبارك لك اذا‬

‫غمزت لها ريم بإستفزاز هامسة‪ :‬مشكورة‬

‫قلبت االخرى عينيها عليها متجاهلة اياها ‪..‬فتحركت ريم‬

‫بالمحل ليخاطبها اخاها بهدوء‪ :‬هيا اختاري شيئا بسرعة‬

‫‪175‬‬
‫إستدارت له االخيرة رافعة حاجبها مهمهمة‪ :‬لما كل هذه‬

‫السرعة ال تشتتني دعني اختار بهدوء‬

‫وجهت بصرها نحو ميس مستفهمة منها‪ :‬هل لديكم هدايا يا‬

‫ميس ؟؟‪..‬ال اعرف انا محتارة اريد شيئا جميال وراقيا مثلي‬

‫تماما‬

‫كتمت ميس بسمتها على غرورها لتهمس بلطف‪ :‬نعم تعالي‬

‫من هاذا الجانب اختاري ما تشائين ‪..‬توجد عطور مختلفة‬

‫واكسساوارات جميلة وميكاب بأنواعه‪ ،‬وبعض التحف ايضا‬

‫‪..‬‬

‫‪176‬‬
‫اقتربت ريم من الجهة المشار لها متأملة المعروضات ببطئ‬

‫وتركيز لتقترب من احد االسوار هامسة باعجاب حقيقي‪:‬‬

‫هذه اإلسوارة بديعة حقا‬

‫ووافقتها ميس مرددة بهدوء‪ :‬نعم هي كذلك ‪..‬ناعمة‬

‫وبسيطة تناسبك تماما‬

‫خجلت ريم من اطرائها لتردف‪ :‬حسنا سآخذ هذه‪..‬وسأخذ‬

‫بعض المكياج ايضا ‪،‬صحيح ال احتاج له بما انني جميلة‪،‬‬

‫لكن كنوع من ارضاء النوثتي فقط‬

‫‪177‬‬
‫هز نزار رأسه على غرور اخته المفرط فتهادى لمسمعه‬

‫قهقهة ميس الرقيقة فناظرها ‪..‬تلك االبتسامة العذبة‬

‫وعيونها البراقة النقية وعفويتها البريئة وارتباكها اللذيذ‬

‫مع حياءها الذي يذيب رجولته ويستفز جموحه‪..‬انزل بصره‬

‫مستغفرا في سره فهو حقا بدأ يفقد زمام اموره‪..‬‬

‫اختارت ريم بعض القطع من مستحضرات التجميل‬

‫واإلكسسوارات ‪..‬لتدنو من قطع فنية على شكل بيانو‬

‫مصنوع من الخشب مزخرف على جوانبه بنقوش ذهبية‬

‫المعة فتبسمت بدفئ مغمغمة بحبور‪ :‬حسنا سآخذ هذه‬

‫القطعة‬

‫‪178‬‬
‫غلفت ميس لها الهدية بغالف زهري ملون مع باقي‬

‫المشتريات واضعة اياها في كيس مقدمة اياها لتدفع االخيرة‬

‫ثمنها ‪..‬لتبستم لها ريم مهمهمة‪ :‬اسمعي يا ميس اريد ان‬

‫اطلب منك طلب وال ترديني رجاءا‬

‫رمشت االخرى عدة مرات بتفاجئ مردفة‪ :‬حسنا تفضلي‬

‫إلتمعت عيني ريم متحدثة بفرحة جلية عمت ثنايا وجهها‬

‫الجميل‪ :‬بعد غد عيد ميالدي وسأقوم بحفلة صغيرة‬

‫لصديقاتي وقريباتي فقط‪ ،‬لهاذا ارجو ان تحضري للحفلة‬

‫‪..‬لقد طلب مني اخي نزار أن نقوم بدعوتك لهاذا ال ترديني‬

‫من فضلك‬

‫‪179‬‬
‫توسعت عيني االخير على كذب اخته‬

‫ومكرها ‪..‬توردت وجنتي ميس خجال محتارة من القبول او‬

‫الرفض لتهتف‪ :‬في الحقيقة ال اريد ان اخجلك لكنني ال‬

‫اعرف مكان بيتكم يا ريم‬

‫تبسمت لها االخيرة بحنو متحدثة‪ :‬ال تقلقي صباحا سأتوجه‬

‫الحضار الحلويات والكعك من محل الحلويات سنمر عليك‬

‫بسيارة اخي إلصطحابك ما رأيك؟ وتستطيع صديقتك ان‬

‫ترافقك البئس فهي مرحب بها ايضا‬

‫احتارت ميس لتدنو منها ليلى مبتسمة بمكر هاتفة‪ :‬حسنا‬

‫ريم سننتظرك ونرافقك لحفلتك ال تقلقي‪..‬يشرفنا هاذا‬

‫‪180‬‬
‫صفقت االخيرة بسعادة آخذة مشترياتها من الطاولة مردفة‪:‬‬

‫حسنا اذا بعد غد سنتقابل ‪..‬الى لقاء يا فتيات‬

‫حيث غادرت المحل رفقة اخيها‪...‬لتستدير ميس نحو ليلى‬

‫مهمهمة‪ :‬هل وضعتني تحت امر الواقع؟‬

‫زفرت االخيرة متحدثة‪ :‬هل كنت ستحرجين الفتاة‬

‫المسكينة‪..‬وأيضا هل سرفضين لقاء تلك المراة الطيبة‬

‫دنت منها اكثر واضعة كفيها على خصرها غامزة لها بخبث‬

‫واضح‪ :‬واالهم كما قالت ان اخيها هو من طلب منهن‬

‫دعوتك اين الضير في هاذا‪..‬يبدو انه واقع تماما‬

‫‪181‬‬
‫ابتلعت ميس ماء حلقها مشتتة نظرها بإرتباك جلي مردفة‬

‫بتلعثم‪ :‬هو‪..‬هو فقط مدين النني ساعدت والدته ال غير‬

‫‪..‬هاذا نوع من االحترام فقط‬

‫رفعت االخرى حاجبها على ارتباكها هاتفة‪ :‬احترام مممم‬

‫غريب لماذا اذا ال يبدو هاذا مقنعا لي ‪..‬او باالحرى لماذا‬

‫تتوردين كل هاذا التورد عند الحديث عنه‪...‬هل وقعت له‬

‫انت ايضا يا ترى؟‬

‫توسعت عيني ميس بتوتر هامسة بخفوت‪ :‬ال يوجد شيئ‬

‫كهذا‪..‬توقفي عن تفاهتك يا ليلى‬

‫‪182‬‬
‫ابتسمت االخيرة على توترها مقتربة منها اكثر مغمغمة‬

‫بخفوت شديد‪ :‬خسارة حقا‪..‬فشاب مثله ال يعوض‪..‬فهو‬

‫وسيم وواضح انه متعلم ومثقف ومتخلق وال يبدو عليه انو‬

‫زير نساء واالهم ملتزم ويعرف حق هللا وحالته المادية‬

‫جيدة ‪..‬مؤسف انك ستضيعينه عليك‬

‫ابتعدت عنها بهدوء عائدة الى مكانها مرددة‪ :‬فليرسل هللا‬

‫اذا له فتاة تقدره وتسعده‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪183‬‬
‫بالسيارة ضرب نزار المقود هادرا في وجه اخته‪ :‬لماذا قلت‬

‫ذلك يا ريم ‪..‬لماذا تكذبين على الفتاة؟‬

‫انكمشت ريم بمقعدها فلم تتوقع ان يغضب لهذه الدرجة‪،‬‬

‫فهمست بخفوت‪ :‬انا لم اقصد الكذب اخي؟‬

‫هتف بعدها بحنق اكبر‪ :‬حقا؟؟‪.‬ان لم يكن كذبا اذا ماذا‬

‫يكون؟ هل هكذا ربيتك ان تكذبي على خلق هللا هل هذه‬

‫اخالقك حقا؟‬

‫زمت االخيرة شفيتها بعبوس لتغرورق عينيها بالدمع‪ ،‬فهي‬

‫ال حجة لها لدفاع عن نفسها ‪ ،‬لقد اخطأت حقا‪..‬خاصة ان‬

‫نزار اشد ما يمقته هو الكذب والخداع‬

‫‪184‬‬
‫تنهد اآلخر محاوال تمالك اعصابك كي ال يضغط عليها‬

‫اكثر‪...‬فهي تضل اخته وابنته واحب الناس اليه‪...‬رغم‬

‫كرهه للكذب اال انه ال يحب ان يعالج الخطأ بخطأ آخر ‪،‬فهو‬

‫عليه فقط احتوائها بحنان وقليل من الحزم ‪..‬دلك جبينه‬

‫متمالكا نفسه ‪..‬فناظرها ليراها مطرقة رأسها بحزن تلعب‬

‫بسحاب حقيبتها البيضاء‪..‬لتلين مالمحه مبتسما بحنو رافعا‬

‫كفة قارصا وجنتها مغمغما بهدوء‪ :‬الف مرة اخبرتك ان ال‬

‫تنزلي رأسك يا شعلة النار ‪..‬ليست اختي من تنكس رأسها‬

‫هكذا‬

‫رفعت راسها تناظره بعبوس طفولي ليمسح على وجنتها‬

‫بخفة هامسا بحب‪ :‬يا حبيبة قلب اخيك انت‬

‫‪185‬‬
‫إنسابت دموعها مغمغمة‪ :‬لم تناديني بشعلة النار منذ فترة‬

‫طويلة‬

‫قهقه على مالحظتها مجيبا‪ :‬كنت افكر باستبدالها بلهيب او‬

‫قنبلة ‪..‬لماذا قد اناديك به فقد كبرت واصبحت عجوز‬

‫كتفت ذراعيها على صدرها هامسة‪ :‬متبج‬

‫إلتفتت له مجددا مستفهمة منه‪ :‬هل ما زالت غاضبا يا‬

‫اخي؟‬

‫‪186‬‬
‫تبسم بحنو موجها نظراته لها هاتفا‪ :‬ابدا يا شعلة‪...‬فقط ال‬

‫تكرريها ‪...‬قد يبدو لك االمر بسيط لكن يا ريم الكذب حرام‬

‫وما كان لمسلم ان يتصف بصفات اهل السوء ابدا‪..‬‬

‫أومئت له بهدوء والراحة تعم ثنايا قلبها‪..‬فنزار اخاها‬

‫ورفيقها وصديقها وبمقام والدها الراحل رحمه هللا وال‬

‫يهون عليها ابدا احزانه ‪..‬فهي تحب ان تضل دوما في نظره‬

‫فخرا له يعتز به‪..‬رددت بعدها‪ :‬لم اقصد االساءة‪..‬فقط اردت‬

‫ان اوصل لها رسالة انك ترحب بها بيننا‪..‬فميس تبدو‬

‫خجولة وقد ترفض حضور الحفلة خجال منك‬

‫عقد حاجبيه بإستغراب مستفهما‪ :‬ولماذا قد ترفض بسببي؟؟‬

‫‪187‬‬
‫تنهدت ريم متابعة حديثها بتوضيح‪ :‬قد تفكر انك تنفر منها‬

‫او تشك بنواياها ان وافقت‪..‬يعني هناك بعض شباب‬

‫يعتقدون ان الفتيات يهدفون إلغرائهم ‪..‬لهاذا هي قد تخشى‬

‫انك تسيئ الظن بها ان وافقت بسهولة‪...‬لهاذا اردت رفع‬

‫االحراج عنها ونسبت الموضوع لك بأنك من اردت دعوتها‬

‫أومئ اآلخر لها بهدوء متمعنا بكالمها فهو يبدو صائبا‬

‫فهتف بعدها‪ :‬لكن هاذا ال يبرر الكذب ابدا يا ريم حاولي ان‬

‫ال تكرري هاذا‬

‫قلبت االخرى عينيها بضجر مغمغمة‪ :‬حسنا فهمت ‪..‬لن‬

‫اكررها مرة اخرى هل ارتحت االن؟‬

‫‪188‬‬
‫قهقه بخفوت على حنقها الظريف قارصا وجنتها بلطف‬

‫هاتفا‪ :‬هكذا احبك يا قطة‬

‫ضربت يديه مردفة بمكرها المعتاد‪ :‬لم تخبرني انها جميلة‬

‫لهذه الدرجة‬

‫توتر محاوال التركيز في قيادته مهمهما‪ :‬حقا هل هي كذلك؟‬

‫لم اركز معها ألخبرك‪..‬‬

‫رفعت ريم حاجبها بخبث مستفهمة‪ :‬حقا لم تالحظ هاذا‪،‬‬

‫فالفتاة مثل القمر كما قالت امي؟‬

‫‪189‬‬
‫ابتلع ريقه هازا كتفيه هاتفا‪ :‬انا ال اركز مع بنات الخلق يا‬

‫فتاة تحشمي‬

‫قهقهت بخفة ملتفتتة نحوه هامسة له بخبث شقي‪ :‬اعلم يا‬

‫اخي انك تغض بصرك احتراما لحرمات الغير‪..‬فقط كثف‬

‫الدعاء لها كي يرزقها هللا الزوج الصالح التقي‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪190‬‬
‫بعد يومين غادرت ميس بيتها او باالصح غرفتها مرتدية‬

‫حجابها الوردي بحزامه الباجي ووشاح يماثله بنفس اللون‬

‫مع حقيبة يدها الصغيرة الوردية‪..‬فتهادى لها صوت رنين‬

‫هاتفها لترى ان صديقتها ليلى تتصل بها ‪..‬عقدت حاجبيها‬

‫في استغراب لتفتح المكالمة‪ :‬اهال ليلى انا قادمة للمحل‬

‫زفرت األخرى بخفوت مغمغمة‪ :‬عذرا ميس لكنني لن أذهب‬

‫معك للحفلة فقط طرأ علي شيئ طارئ‬

‫قطبت األخيرة جبينها بتوجس متسائلة‪ :‬ما األمر اخبريني؟‬

‫‪191‬‬
‫تنهدت ليلى متحدثة بهدوء‪ :‬اخي الصغير لؤي اصيب‬

‫بالحمى سآخذه لطبيب فأبي خارج البيت وامي ال تستطيع‬

‫اخذه الن لها طلبية مستعجلة النهائها‬

‫استفهمت ميس منها‪ :‬حسنا اين انت االن سآتي معك؟‬

‫زفرت ليلى بملل مرددة‪ :‬توقفي عن سخافتك ‪..‬اذهبي للحفلة‬

‫واعتذري من ريم بالنيابة عني واخبريها انه قد طرأ علي‬

‫شيئ مهم‪..‬وبلغي تحياتي لها‬

‫هتفت األخرى بحنق‪ :‬هل تعتقدين انني سأفضل الحفلة عليك‬

‫هل جننت ‪..‬لن اطمئن حتى اقابلك‬

‫‪192‬‬
‫قلبت االخيرة عينيها على مبالغتها‪ ،‬اال انها بذات الوقت‬

‫عمت الفرحة ثنايا قلبها فقد رزقها هللا نعم االخت والصديقة‬

‫المهتمة بها والمحبة لها لتردف بعدها‪ :‬يا ميوسة اقسم لك‬

‫انها مجرد حمى خفيفة ال غير‪..‬وايضا انا االن عند الطبيب‬

‫ننتظر دورنا ومساءا عندما تعودين مري على بيتنا وتأكدي‬

‫بنفسك ‪...‬ارجوك اذهبي ان لم تذهبي صدقيتي سأحزن ولن‬

‫اسامحك ابدا فقد احرجتنا مع ريم ووالدتها الفاضلة‬

‫تنهدت ميس بخفوت مسايرة اياها هامسة‪ :‬حسنا ومساءا‬

‫سأمر عليك لإلطمئنان على لؤي الصغير‬

‫قهقهت ليلى مستفهمة منها‪ :‬هل اخذت لها الهدية التي‬

‫اتفقنا عليها‬

‫‪193‬‬
‫تبسمت ميس بهدوء متابعة سيرها نحو المحل مجيبة اياها‪:‬‬

‫نعم اخذتها‪ ،‬فقط اتمنى ان تعجبها‬

‫وصلها صوت صديقتها المغرور كعادتها‪ :‬ذوقنا الرائع اكيد‬

‫سيعجبها رغما عنها‪..‬حسنا سأغلق اآلن يبدو انه دوري‬

‫‪..‬سالم ميوسة‬

‫تبسمت بحنو مرددة‪ :‬في حفظ هللا‬

‫‪194‬‬
‫• الفصل الثالث •‬

‫ق اَلذُنُوب‬
‫ش َ‬ ‫️☘♡ َوي َح اَلفَت َ ٰى َ‬
‫ع ِ‬

‫غدًا أَتُوب‪!💔..‬‬ ‫أ َ َرا َح َ‬


‫ض ِميرهُ بـ ِ َ‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪195‬‬
‫دلفت ميس للمحل بإبتسامتها الخالبة هاتفة‪ :‬السالم عليكم‬

‫يا سيدة سعاد‬

‫وضعت سعاد الجريدة منزلة نظارتها مغمغمة ببسمتها‬

‫الحانية‪ :‬وعليكم السالم يا ميس اهال‪..‬‬

‫تقدمت منها االخيرة مردفة بحنو‪ :‬عذرا النني سأتركك‬

‫بالمحل ‪،‬تعلمين تحرجت من رفض الدعوة‬

‫أومئت لها سعاد بهدوء هامسة‪ :‬البئس حبيبتي من االساس‬

‫زوجي سافر لشراء بعض العتاد الفالحي لهاذا لن يكون‬

‫‪196‬‬
‫بالحقل اليوم ‪..‬من االفضل ان اضل بالمحل حتى يعود لهاذا‬

‫ال تقلقي يا فتاة‬

‫بعد لحظات صفت سيارة نزار أمام المحل فقهقهت ريم بخفة‬

‫مردفة‪ :‬اخي من فضلك اضغط على بوق السيارة لتخرج لنا‬

‫ميس من المحل‬

‫رفع االخر حاجبه باستغراب مستفهما‪ :‬لماذا ال تذهبين لها‬

‫افضل من هذه المسرحية؟؟‬

‫تمسكت االخرى بذراعه مترجية اياه‪ :‬انه يوم عيد ميالدي‬

‫كيف ترفض طلبي‬

‫‪197‬‬
‫هز رأسه بسخرية عليها منفذا طلبها ‪..‬بعد ثواني غادرت‬

‫ميس المحل بعد ان تأكدت األخيرة من حضورهم لتتوتر‬

‫محاولة تمالك نفسها ‪..‬مقتربة من السيارة بهدوء‪..‬فترجلت‬

‫ريم منها حاضنة ميس بقوة لتستغرب ميس اال انها بادلتها‬

‫الحضن بلطف‪..‬فتحت لها ريم باب السيارة الخلفي مرددة‪:‬‬

‫تفضلي ‪..‬‬

‫تبسمت لها ميس بحبور هامسة لها بشكرا‪..‬‬

‫عادت ريم لمقعدها االمامي ‪..‬وبدأ نزار قيادته محاوال‬

‫التحكم في نظره كي ال ينجرف كعادته لها‪..‬‬

‫استدارت لها ريم مهمهمة بإبتسامة حلوة‪ :‬تبدين في غاية‬

‫الجمال اليوم كعادتك‬

‫توردت وجنتي االخيرة هامسة‪ :‬شكرا لك اخجلتني‬

‫‪198‬‬
‫قهقهت ريم مغمغمة‪ :‬أمي مشتاقة لك كثيرا يا ميس‪..‬تبا انها‬

‫تحبك اكثر مني انا شخصيا‬

‫تبسمت ميس بحب فهي ايضا قد اشتاقت لتلك المرأة‬

‫الحنونة فهي تشع دفئا فطريا هامسة‪ :‬وأنا كذلك اشتقت لها‬

‫ايضا‪...‬والدتك امرأة رائعة حقا ‪،‬انت محظوظة بها جدا‬

‫غمزت لها ريم بشقاوة مردفة‪ :‬ووالدتك محظوظة بك هي‬

‫االخرى انا متشوقة لمقابلتها‬

‫شحب وجهه ميس فجأة مبتلعة ريقها بألم‪ ،‬وساد الحزن‬

‫ثنايا وجهها البهي‪..‬لتتوتر ريم مستفهمة‪ :‬هل قلت شيئا‬

‫خاطئا؟؟‬

‫‪199‬‬
‫تبسمت لها ميس بهدوء محاولة ابتالع غصة االلم هامسة‬

‫بخفوت‪ :‬أبدا لم تخطئي بشيئ فقط‪ ،‬والدتي متوفية منذ‬

‫سنوات‬

‫فغرت ريم فاهها عاضة على شفتيها فهي تتصرف بتسرع‬

‫حقا ‪..‬ال تحب احزان او جرح احد خاصة فتاة طيبة مثل‬

‫ميس ‪..‬لتهمس بلطف معتذر‪ :‬آسفة‪ ،‬لم اكن اعلم‪...‬ال بئس‬

‫المهم ان والدك معك‬

‫شتت ميس نظرها بأرجاء السيارة هامسة بحسرة حاولت‬

‫مداراتها ‪ :‬هو ايضا متوفي رحمه هللا‬

‫توسعت عيني ريم دالكة جبينها بحرج على غبائها‬

‫‪..‬مهمهمة‪ :‬رحمه هللا‬

‫‪200‬‬
‫ناظرها نزار من خالل المرآة االمامية ليراها موجهة بصرها‬

‫خارج النافذة شاردة بأفكارها ومعالم الحزن بادية على‬

‫تقاسيم وجهها الجميل‪...‬‬

‫فإبتلع ريقه محاوال التركيز على قيادته ‪..‬فقد اتضح انها‬

‫يتيمة ‪،‬ال والدين لها ‪..‬احسن بطعم العلقم بحلقة فاليتم مر‬

‫وقاسي وقد عايشه هو بشبابه بعد ان توفي والده قبل‬

‫عشرة سنوات‪..‬وقهر كثيرا اثر ذلك‪..‬فما بالك بفتاة فقدت‬

‫والديها دفعة واحدة تاركين اياها تعاني قسوة‬

‫الحياة‪...‬تسائل بخلده ان كانت يتيمة االبوين فمع من‬

‫تعيش؟؟‪.‬هل هناك وصي عليها ام أنها تعيش لوحدها‪..‬وعند‬

‫هذه الخاطرة تحفزت خالياه ففتاة تعيش منفردة وحيدة‬

‫‪201‬‬
‫فهاذا خطر عليها فهناك العديدة من المجرمين والمرضى‬

‫النفسيين وعديمي الشرف قد يأذونها ويستغلون ضعغها‬

‫تنهد بخفوت محاوال عدم التفكير في االمر ‪..‬ليدلك رقبته من‬

‫الخلف بتوتر فهو مشوش كثيرا هذه االيام‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫دلفت ميس للمنزل رفقة ريم المتحمسة والتي صرخت‬

‫منادية على والدتها‪ :‬امي‪...‬ها قد عدت‬

‫خرجت والدتها من المطبخ تمسح يديها بمنديل هاتفة‪ :‬اهال‬

‫بنيتي‬

‫‪202‬‬
‫حيث ترائت لها ميس فإستبشرت مالمحها بمحبة صادقة‬

‫مقتربة منها ببسمتها الحانية مرحبة بها‪ :‬اهال صغيرتي‪...‬‬

‫حضنتها جيهان بحب لتبادلها ميس هي األخرى بقوة‬

‫متشبتة بها هي االخرى متشربة من حنانها االمومي التي‬

‫كانت تغدقها عليها ‪،‬فروحها عطشة لمثل هاذا الدفئ‬

‫الروحي‪..‬النت تقاسيم وجه ريم بحسرة مشفقة على خسارة‬

‫ميس الموجعة‬

‫فإبتعدت قليال عنها مكوبة وجنتها هامسة‪ :‬كيف حالك يا‬

‫ميس؟‬

‫‪203‬‬
‫إلتمعت مقلتي االخيرة مهمهمة بلطف‪ :‬انا بخير الحمد هلل يا‬

‫خالة‬

‫قهقهت السيدة جيهان مقبلة وجنتيها بحب مرددة‪ :‬يا الهي‬

‫كم انت ظريفة‪..‬ما رأيك فيها يا ريم؟‬

‫غمزت لها االخرى بشقاوة مجيبة‪ :‬نعم وانا ايضا احبيتها‬

‫مثل الكعك المحالة تماما‬

‫توردت وجنتي ميس بخجل هامسة‪ :‬ليس لهذه الدرجة انتما‬

‫تبالغان‬

‫قرصتها السيدة جيهان على خدها بخفة مردفة‪ :‬كفاكا‬

‫تواضعا صغيرتي‪...‬واالن تفضلي للداخل‬

‫‪204‬‬
‫تحركت ميس مسايرة اياها بهدوء نحو غرفة االستقبال‬

‫لتتخذ مجلسا هناك ‪..‬مشتتة انظارها بها فقد كانت حقا‬

‫جميلة مرتبة و تحتوي على اثاث ذا طراز حديث‬

‫جلست االخيرة بجانبها محدثة ابنتها ريم‪ :‬اذهبي للمطبخ‬

‫واحضري الضيافة لها‬

‫قاطعتها ميس مغمغمة‪ :‬ال يا خالة ال داعي لذلك‬

‫عاتبتها جيهان بهدوء‪ :‬انت ضيفتنا وعلينا اكرامك صغيرتي‬

‫فقد تشوقت جدا لقدومك لهاذا ال ترفضي‬

‫وضعت ريم صينية العصير مع العديد من اصناف الحلويات‬

‫مغمغمة‪ :‬كل هذه الحلويات صنعتها والدتي الجلك يا جاللة‬

‫ميس‬

‫‪205‬‬
‫تبسمت لها االخيرة بود شاكرة اياهم‪ :‬شكرا حقا على كل‬

‫هاذا انتم تحرجونني‬

‫ربتت السيدة جيهان بحنو على ذراعها هامسة‪ :‬انت االن‬

‫من اهل البيت صغيرتي ‪..‬ال تتحرجي ابدا‬

‫اخذت كأس العصير مقدمة اياه لها ‪،‬وصفت لها االطباق‬

‫بقربها على المنضدة مشجعة اياها على االكل‬

‫ارتشفت ميس بضع رشفات منه مستفهمة بعدها‪ :‬لماذا لم‬

‫يأتي المدعوين بعد؟‬

‫ناظرتها ريم غامزة ألمها بمكر مرددة‪ :‬ومن قال ان هناك‬

‫مدعويين سيحضرون؟‬

‫عقدت ميس حاجبها باستغراب مردفة‪ :‬أليست هذه حفلة‬

‫عيد ميالدك ‪،‬طبيعي ان يحضروا‬

‫‪206‬‬
‫رفعت ريم حاجبها بخبث مهسهسة بشر مصطنع‪ :‬هاذا ان‬

‫كانت هناك حفلة عيد ميالد اساسا‬

‫وضعت ميس كأس العصير مقطبة جبينها بتوجس هامسة‪:‬‬

‫اذا لماذا دعوتني لبيتك؟‬

‫كتمت والدتها ضحكتها على خبث ابنتها المستفز متابعة اكل‬

‫قطعة الحلوى‪...‬فتهادى لها صوتها‪ :‬ربما كي نزوجك بأخي‬

‫نزار‬

‫إبتلعت ميس ريقها بتوتر مستفهمة بتلعثم‪ :‬ماذا‪..‬ماذا‬

‫تقصدين؟‬

‫انحنت ريم عليها قليال مصطنعة مالمح الشر مردفة‪ :‬اخي‬

‫نزار طوال عمره يرفض فكرة الزواج‪...‬لهاذا اتفقنا انا‬

‫وامي ان نزوجه رغما عنه ونضعه تحت امر الواقع‪..‬ولم‬

‫‪207‬‬
‫نجد سواك كضحية‪..‬والمأذون سيأتي بعد دقائق لهاذا‬

‫نصيحة وافقي وال تجبريننا على استخدام القوة‬

‫تراجعت االخرى برهبة للخلف والرعب يتملكها ‪..‬ليصلها‬

‫صوت السيدة جيهان الضاحك متحدثة‪ :‬انها تمزح فقط‬

‫بنيتي هذه ريم وتصرفاتها ‪..‬‬

‫فشاركتها ابنتها القهقهة مرددة من بين انفاسها‪ :‬هل رأيت‬

‫كيف شحب وجهها؟؟ ‪...‬يا الهي لقد صدقت حقا‬

‫تنهدت ميس براحة فهذه الفتاة اخافتها كثيرا لتناظرها بحنق‬

‫مغمغمة بحدة‪ :‬هاذا ليس مضحك على فكرة‬

‫زفرت ريم ماسحة دموعها من شدة الضحك مهمهمة‬

‫باعتذار صادق‪ :‬عذرا ميس كنت امزح فقط‪ ،‬نحن نعتبر االن‬

‫‪208‬‬
‫صديقات وايضا انت اصبحت فردا من االسرة‪ ،‬لهاذا يجب‬

‫ان اخيفك قليال من آن آلخر‬

‫عبست ميس مكتفة ذراعيها هاتفة‪ :‬من قال انني اقبل‬

‫صداقتك تلك‪...‬تكفيني ليلى وسخافتها لتأتي انت وتزيدي‬

‫الوضع سوءا‬

‫توسعت عيني ريم ‪،‬مغمغمة بتأتأة مشيرة لنفسي‪ :‬اتقصدين‬

‫انني سخيفة؟؟‬

‫أومئت لها ميس بمكر بإيجاب مستفزة اياها أكثر‪ ،‬فصرخت‬

‫ريم مستنجدة بأمها والتي كانت مبتسمة فيبدو ان ميس‬

‫مرتاحة بتواجدها معهم‪ :‬امي هل سمعتيها وصفتني‬

‫بالسخيفة‪..‬‬

‫‪209‬‬
‫قهقهت والدتها بخفة مردفة‪ :‬تستحقين ذلك ما كان عليك‬

‫ازعاجها هكذا‬

‫زفرت ريم بخفوت مغمغمة بحزن مصطنع‪ :‬عرفت انك‬

‫ستفضلينها علي‪..‬رحم هللا مكانتي القديمة عندك‬

‫تبسمت لها ميس بود هامسة‪ :‬لكنك تضلين األصل‬

‫هزت األخري كتفيها بفخر انثوي جذاب هاتفة‪ :‬اكيد فريم‬

‫سميح ال تكون اال االصل والكل ‪..‬‬

‫قهقهت ميس بخفة عليها لتشاركها السيدة جيهان في ذلك‬

‫‪..‬تحدثت ريم بهدوء‪ :‬اجابة على سؤالك‬

‫المدعويين لن يأتوا االن ‪،‬بل بعد حوالي ساعتين‬

‫‪210‬‬
‫استفهمت منها والدتها‪ :‬هل احضرت ما ذهبت ألجله؟‬

‫هزت األخيرة كتفيها مجيبة بضجر‪ :‬ال فقد قررت تغيير‬

‫الطلبية وسيحضرها نزار بعد قليل‬

‫زفرت والدتها بحدة على داللها فهتفت بحدة‪ :‬لماذا عليك‬

‫اتعاب اخيك بالذهاب واإلياب ‪..‬لو اخترت اي نوع من ما هو‬

‫معروض وانتهينا‪..‬كلها ساعتين في الحفلة‬

‫تنهدت ريم بخفوت مغمغمة‪ :‬امي لم تعجبني ما وجدت‪،‬‬

‫اغلبهم مخصصين لحفالت الزفاف وليس لعيد الميالد لهاذا‬

‫طلبت منهم تجهيز ما هو مناسب لحفلة ميالد‬

‫‪211‬‬
‫صغيرة‪...‬وايضا نزار اخبرني انه ما دام اخي فعلي ان اتدلل‬

‫كما اشاء‬

‫ضربت والدتها كفيها ببعضهما البعض هامسة‪ :‬هاذا ما‬

‫اخشاه من دالله المبالغ لك ‪..‬رحم هللا اياما كنا ال نحتفل اال‬

‫بعيد الفطر واالضحى‬

‫كشرت ريم مالمحها هاتفة‪ :‬يا امي هذه حفالت للمرح فقط‬

‫وقضاء وقت مسلي وليس لتجارة المخدرات‬

‫ضحكت ميس بخفة على سخطها مردفة‪ :‬البئس يا خالة‪،‬‬

‫دعيها تتسلى قليال مع رفيقاتها‬

‫تبسمت االخيرة هامسة‪ :‬أمري هلل‬

‫‪212‬‬
‫غمزت لها ريم بشقاوة متحدثة‪ :‬بدأت احبك يا ست ميس‬

‫‪..‬وان احببتك فأنت في غاية الحظ‪ ،‬فأنا حبي نادر الوجود‬

‫بهاذا الكون‬

‫قهقهت ميس عليها متحدثة‪ :‬ادام هللا هاذا الحب اذا‬

‫تأففت والدتها من ابنتها هادرة بسخط‪ :‬صديقاتك على وشك‬

‫الوصول هل جهزت كل شيئ؟؟‬

‫هزت ريم كتفيها مرددة‪ :‬كل شيئ جاهز يا امي كلها حفلة‬

‫بسيطة ال تتجاوز الساعتين‪ ،‬ال تحتاج كل هاذا التعقيد‪..‬فقط‬

‫سأضع بعض االطباق على الطاوالت ال غير‪..‬حسنا ميس‬

‫تعالي ساعديني لكي نصفها‬

‫‪213‬‬
‫استقامت ريم ممسكة بيد ميس كي تستقيم معها‪..‬لتضرب‬

‫والدتها كفيها ببعضهما البعض محولقة بحنق‪ :‬ال حول وال‬

‫قوة اال باهلل ‪..‬هل تطلبين من الضيوف بكل وقاحة ان‬

‫تساعدك بالمطبخ ‪..‬الم تتعلمي االدب؟؟‬

‫ضحكت ميس بلطف مسايرة ريم مرددة‪:‬البئس يا خالة‬

‫دعيني اساعدها قليال‪ ،‬على االقل كي احظى بحبها العظيم‬

‫كما قالت منذ قليل‬

‫هزت االخيرة كتفيها بفخر متحدثة‪ :‬سمعت يا امي ‪..‬على‬

‫االقل ميس هذه تقدر نعمة حبي ليس مثلكم‪..‬‬

‫تحركت الفتاتان نحو المطبخ تاركين السيدة جيهان تهز‬

‫رأسها قاطعة االمل من تصرفات ابنتها‬

‫‪214‬‬
‫دلفت كلتاهما للمطبخ حيث شتتت ميس انظارها به فقد كان‬

‫واسعا وجميال ذا ذوق انثوي بإمتياز‪..‬فتحت ريم احدى‬

‫االدراج مخرجة عدة صحون واضعة اياهم على كانتوير‪،‬‬

‫دنت ميس منها هامسة‪ :‬بماذا اساعدك بالضبط؟‬

‫تبسمت لها ريم مغمغمة بهدوء‪ :‬الشيئ فقط احببت ان‬

‫ترافقيني بالمطبخ فسأشعر بالضجر ان بقيت وحدي‬

‫النت مالمح ميس بود هامسة‪ :‬حسنا سأصف هذه الصحون‬

‫على الطاوالت ‪..‬اين اجدها؟‬

‫اشارت لها ريم هاتفة‪ :‬هناك خارج المطبخ قرب غرفة‬

‫المعيشة تجدين ثالث طاوالت‬

‫‪215‬‬
‫أومئت لها ميس متجهة نحو ما اشارت لها‪..‬لتجد طاوالت‬

‫هناك فقد كانت ذا حجم متوسط حيث وضعت الصحون فوق‬

‫احداهن‪..‬‬

‫دنت منها السيدة جيهان تصف العصائر والمشروبات‬

‫بقربها مغمغمة بأسف‪ :‬عذرا بنيتي على اتعابك فأنت ضيفتنا‬

‫تبسمت لها ميس بمحبة مرددة‪ :‬يا خالة ال داعي لالعتذار‬

‫‪..‬يشهد هللا انني لست منزعجة ابدا‪..‬بالعكس انا في غاية‬

‫السعادة انكم وثقتم بي وجعلتموني كفرد منكم‬

‫ربتت جيهان على ظهرها بلطف هامسة بمودة‪ :‬انت مرحب‬

‫بك دوما بيننا صغيرتي‬

‫تساعدوا فيما بينهم في تجهيز الطاوالت وملئها بشتى‬

‫اصناف المأكوالت التي كانت قد جهزتها السيدة جيهان‬

‫‪216‬‬
‫مسبقا‪..‬وتسامروا فيما بينهم ينتقلون من موضوع آلخر‬

‫وضحكات الفتاتان ترننان بالمنزل ‪..‬فهتفت ريم من بين‬

‫انفاسها‪ :‬تبا‪..‬صديقتك تلك مجنونة حقا يا ميس‬

‫توقفت االخرى عن الضحك محاولة التنفس بهدوء مردفة‪:‬‬

‫لم تري شيئا بعد‪...‬اتذكر مرة في مرحلة المتوسطة طلبت‬

‫منا األستاذة اجراء بحث عن الزواحف وان نحضر تحليالت‬

‫التجربة معنا للقسم ‪..‬و ليلى كعادتها قامت باحضار حلزون‬

‫معها لقاعة الدرس واالستاذة من شدة المفاجئة اغميت‬

‫عليها ‪..‬بعدها األخيرة اصبحت كلما تقابلت مع ليلى تتقزز‬

‫منها‬

‫قهقهت ريم بشدة متحدثة بعدها‪ :‬تلك الفتاة غير معقولة حقا‬

‫‪217‬‬
‫هزت االخرى رأسها موافقة اياها في رأيها متابعة حديثها‪:‬‬

‫هاذا بخالف ما كانت تقوم به من شجارات مع الشباب‬

‫بالمرحلة الثانوية ‪...‬في احد المرات قال لها احد الشباب‬

‫صباح الخير‪ ،‬فقامت بشتمه ووصفته بالمتحرش قليل االدب‬

‫‪..‬المسكين قام باالعتذار لها العديد من المرات ومنذ ذلك‬

‫الوقت اصبح لديه عقدة من النساء‬

‫جلست ريم على الكرسي منهكة من شدة الضحك ماسحة‬

‫دموعها ‪..‬واصلت بعدها ميس حديثها متنهدة بخفوت‪ :‬لكن‬

‫في الحقيقة هي اعظم صديقة واخت حظيت بها‪...‬في غاية‬

‫الطيبة والكرم واللطف‪..‬لكن غالبا ما تخبئ هاذا وراء‬

‫شخصيتها الحادة العصبية‬

‫‪218‬‬
‫وضعت ريم كفها على خدها مغمغمة بضجر‪ :‬اما انا فال‬

‫صديقة لي لالسف ‪..‬اغلب عالقاتي سطحية‪ ،‬بمعنى اخر‬

‫عالقاتي بهن ليست بتلك القوة‪ ،‬صحيح نخرج مع بعض‬

‫ونتسامر ونضحك ‪،‬أيضا غالبا ما نفعل كل شيئ مع بعض‬

‫اال انني لم اصل لدرجة التعمق معهن‬

‫جلست ميس مقابلة اياها مستفهمة منها‪ :‬لماذا ال تعطي‬

‫احداهن فرصة اذا ؟‬

‫تبسمت ريم بلطف مردفة‪ :‬لطالما حذرني اخي نزار ان ال‬

‫اثق في من حولي ثقة عمياء‪ ،‬كي ال يكون بعد ذلك ألمي‬

‫موجعا لهاذا غالبا ما كنت اضع خط فاصل بين التعامل‬

‫السطحي والتعمق ‪،‬وقد كنت اشعر بالراحة هكذا طوال‬

‫الوقت ال انكر‪..‬خاصة ان عالقتي مع اخي ووالدتي جيدة‬

‫‪219‬‬
‫فأي اشكال كان يواجهني اجد نزار يساعدني في كيفية حله‪،‬‬

‫اما امور الفتيات فأمي حبيبتي كانت هي خير معين لي‬

‫‪..‬لهاذا لم اكترث كثيرا لتكوين صداقة تكون عميقة‬

‫التمعت مقلتي ميس من حديثها ‪ ،‬فهي محظوظة حقا بأخ‬

‫يحتويها وام تفهمها‪ ،‬أخذت كفي ريم مهمهمة بهدوء‪ :‬انت‬

‫شعرت باإلكتفاء النفسي بسبب عائلتك يا ريم‪..‬فأخاك اجاد‬

‫احتوائك وتشربت كثيرا من عاطفته فإستندت عليه‪ ،‬النك‬

‫تعلمين انه خلف ظهرك ‪،‬ووالدتك الفاضلة كانت ملجئا دافئا‬

‫لك في كل اوقاتك ‪،‬لهاذا وجدانك لم يكن بحاجة ألي طرف‬

‫خارجي آخر لتأخذي عاطفته فقد تشبعت منها بفضل‬

‫اسرتك‪ ،‬وروحك غالبا مستقرة اآلن ومتوازنة والحمد هلل‬

‫‪220‬‬
‫غمغمت ريم بالحمد لتغمز لها بعد ذلك بشقاوة‪ :‬فقط ادعي‬

‫ان يرزقه هللا الزوجة الصالحة ‪،‬فهو لحد الساعة يرفض‬

‫الزواج بحجة أنه لم يجد من تخطف قلبه‬

‫ابتلعت ميس ريقها بتوتر هامسة بخفوت‪ :‬فليكرمه هللا بكل‬

‫خير ان شاء هللا‬

‫قهقهت ريم بعدها متحدثة‪ :‬ركزي على كلمة عاجال غير‬

‫آجل‬

‫فتح بعدها باب المنزل ليحمحم نزار وصوله ‪..‬استدارت له‬

‫ريم هاتفة بمكر‪ :‬تفضل اخي ‪..‬اآلن فقط كنا نتحدث عليك انا‬

‫وميس‬

‫‪221‬‬
‫توسعت عيني االخيرة وتوردت وجنتيها خجال ‪..‬فإرتبك‬

‫اآلخر مبعدا نظره عنها مستفهما منها‪ :‬خيرا هل حدث‬

‫شيئ؟‬

‫شعرت ميس بالخجل الشديد والتوتر قد عمها لتستقيم واقفة‬

‫مغمغمة‪ :‬سأحضر باقي الحلويات‪..‬‬

‫تحركت بخطواتها السريعة هاربة نحو المطبخ‪..‬لتقهقه ريم‬

‫على خجلها وارتباكها المفرط‬

‫هاتفة‪ :‬تلك الفتاة ظريفة حقا‬

‫اقترب منها نزار بهدوء مستفهما‪ :‬لماذا كنتما تتحدثان‬

‫عني؟‬

‫ناظرته ريم بخبث رافعة حاجبها‪ :‬لماذا تسأل يا اخي؟‬

‫‪222‬‬
‫شتت األخير بصره بأنحاء المنزل مرددا‪ :‬االمر يعنيني‬

‫توقفي عن اللف‬

‫تبسمت له االخيرة بمكر هامسة‪ :‬فقط كنا نتحدث عن‬

‫زواجك‬

‫ارتبك اآلخر دالكا جبينه سائال إياها‪ :‬زواجي؟ ولماذا‬

‫تتحدثان عنه؟‬

‫النت مالمح ريم بحب خالص مجيبة‪ :‬فقط طلبت منها ان‬

‫تدعو لك بالزوجة الصالحة ‪،‬وان تكف انت عن مرحلة‬

‫العزوف عن الزواج هذه التي تمر بها‬

‫حمحم هو مبتلعا ريقه ليستدرك الموقف مرددا‪ :‬لقد احضرت‬

‫لك الطلبية انها بالسيارة سأحضرها‬

‫‪223‬‬
‫تحرك بخطواته المستعجلة وكأنه يفر من شيئ ما‪..‬تنهدت‬

‫ريم بخفوت هامسة‪ :‬ياارب ان كان فيها خيرا فلتكن من‬

‫نصيبه‬

‫‪:‬‬

‫بعدها بلحظات بدأ يتوافد على الحفلة العديد من صديقاتها‬

‫وأخذن باالحتفال والسمر ‪،‬وتبادلن األحاديث المختلفة بينهن‬

‫وعم صوت الضحكات والنكت الجو ‪..‬‬

‫استقامت ميس من مجلسها متجهة إلحدى الطاوالت حاملة‬

‫معها صحن واضعة فيه قطع الفواكه المشكلة بمختلف‬

‫انواعها ‪،‬متجهة بعدها نحو السيدة جيهان والتي كانت‬

‫متخذة مجلسا بمفردها تراقب الفتيات بإبتسامتها الحانية‬

‫‪ -‬تفضلي يا خالة‬

‫‪224‬‬
‫همست بها ميس جالسة بجانبها على االريكة الجلدية ذات‬

‫اللون الخوخي ‪..‬تبسمت لها األخرى بدفئ مردفة‪ :‬شكرا‬

‫بنيتي‬

‫النت مالمح االخرى بحنو مستفهمة‪ :‬عفوا‪..‬لماذا ال تنضمي‬

‫لهن؟‬

‫قهقهت السيدة جيهان بخفوت واضعة قطعة التفاح بفمها‬

‫متحدثة‪ :‬مجالسة بنات هاذا الجيل ال تروقني كثيرا ‪،‬خاصة‬

‫انهن يتكلمن عن امور غالبا ال افهمها ‪..‬‬

‫عقدت ميس حاجبيها مستفسرة منها ‪ :‬حقا ‪..‬الهذه الدرجة‬

‫نحن ممالت يا خالة؟؟‬

‫ضحكت شريكة جلستها بخفة رابتة على كفها بمحبة‬

‫متحدثة‪ :‬ال اقصدك انت يا فتاة‬

‫‪225‬‬
‫رفعت ميس حاجبها بتفاجئ مغمغمة بمشاكسة‪ :‬اذا انا من‬

‫الجيل القديم؟‬

‫هزت االخرى رأسها ضاحكة على ظرافتها لتقرصها من‬

‫خدها مجيبة‪ :‬نعم شخصيتك وافكارك ناضجة وكأنك لست‬

‫من هاذا الجيل والذي يتميز اغلبه بالتهور والسطحية‬

‫تبسمت ميس برقة هامسة لها بهدوء‪ :‬كان عليك اذا ان‬

‫تري صديقتي سحر ستغيرين رأيك تماما‬

‫قطبت االخيرة حاجبيها بإستفهام متسائلة‪ :‬اليست صديقتك‬

‫تدعى ليلى؟‬

‫ابتسمت ميس بحنان مجيبة‪ :‬نعم ليلى صديقتي وايضا لدي‬

‫صديقة اخرى تدعى سحر هي االخرى مقربة مني واحبها‬

‫كثيرا لكن افترقنا حاليا‬

‫‪226‬‬
‫عقدت السيدة جيهان حاجبيها متسائلة‪ :‬هل توفيت؟‬

‫ضحكت ميس بخف قائلة‪ :‬ال يا خالة هي الحمد هلل بخير‬

‫وضعت السيدة جهان صحن الفواكه على المنضدة بقربها‬

‫مستفهمة منها‪ :‬اذا لماذا افترقتما ؟؟‬

‫تنهدت األخيرة براحة عمت ثنايا قلبها لينعكس هاذا على‬

‫مالمحها البهية مجيبة‪ :‬في الحقيقة هي عثرت على والديها‬

‫وأسرتها الحقيقية الحمد هلل‬

‫فغرت االخرى فاهها سائلة إياها بإستغراب‪ :‬حقا؟؟‪...‬ماذا‬

‫تقصدين بعثرت عليهم هل كانت في دور لأليتام ام ماذا‬

‫بالضبط؟‬

‫ناظرتها ميس بلطف لتبتسم لذكرى ما حدث لصديقتها‬

‫الطيبة ‪..‬وتوهجت مقلتيها بلمعة محبة صادقة تكنها لها فقد‬

‫اشتاقتها حقا هامسة‪ :‬بل تم اختطافها وهي صغيرة‪..‬فقامت‬

‫‪227‬‬
‫عائلة من حينا بكفالتها واالهتمام بها ‪،‬و قد كانت لهم نعم‬

‫البنت وهم كانوا نعم االهل لها ‪..‬وقبل ايام عثرت على‬

‫اسرتها البيولوجية وانتقلت للعيش معهم‬

‫التمعت مقلتي السيدة جيهان بتأثر مغمغمة بخفوت وكأنها‬

‫تكلم نفسها‪ :‬يا هللا الحمد هلل عثرت عليهم‪..‬قصتها تشبه ما‬

‫نراه باألفالم ‪..‬المهم ان هللا اعادها لها سالمة‬

‫زفرت ميس بخفوت هامسة‪ :‬نعم الحمد هلل‪...‬هي حقا‬

‫تستحق كل خير ‪..‬اتذكر لطالما كانت تشجعني على حفظ‬

‫القران وتعلمني التجويد ‪..‬وكانت تواسيني عندما تشتد‬

‫األوجاع بي مخبرة إياي أننا نتشارك اليتم معا‪ ،‬ولن يخيب‬

‫أبدا من يقول يا رب‬

‫‪228‬‬
‫ازدرت السيدة جيهان ريقها لتسئلها بحسرة جلية بصوتها‪:‬‬

‫هل والداك متوفيان؟؟‬

‫تنبهت ميس لسؤالها ليعمها التوتر‪ ،‬فيبدو انها قد سهت‬

‫بكلماتها فإبتسمت بحسرة رغم وجع قلبها مغمغمة‪ :‬نعم‬

‫توفيا اثر حادث عندما كنت بسن العاشرة‬

‫توجعت االخرى عليها ففقدان الوالدين دفعة واحدة يدمي‬

‫القلب ويقهر الفؤاد حقا‪..‬لتأخذها بحضنها تضمها إليها‬

‫رابتة على رأسها بحنو مرددة‪ :‬يا صغيرتي انت ‪..‬رحمهما‬

‫هللا واسكنهما فسيح جناته‪..‬انا هنا اعتبريني بمقام امك‬

‫حبيبتي‬

‫بادلتها ميس الحضن مسدلة ستار جفنيها علها تشم ريح‬

‫امها من خاللها‪..‬‬

‫‪229‬‬
‫ابتعدت عنها جيهان قليال مكوبة وجنتيها بحنان علها تبث‬

‫الدفئ لها متحدثة بخفوت وكأنها تعلمها عن سر هام‪ :‬هللا‬

‫يشهد انه منذ تلك اللحظة التي ساعدتني فيها قد بث هللا‬

‫حبك بفؤادي واحترمتك واعتبرتك مثل ريم بالضبط‬

‫‪..‬صدقيني انت عزيزة على قلبي بنيتي وانا هنا دوما واي‬

‫شيئ تريدينه ال تترددي لحظة وسأكون دوما في ظهرك‬

‫اغرروقت عيني ميس من فيض الحب الممنوح لها من هذه‬

‫السيدة الفاضلة لتهمس‪ :‬شكرا لك يا خالة انت حقا امرأة‬

‫رائعة‬

‫ابتسمت لها االخيرة رابتة على كفيها مردفة بحب‪ :‬بل انت‬

‫الرائعة بنيتي حفظك هللا ورعاك واعلمي انه مرحب بك في‬

‫كل وقت في اسرتي المتواضعة‬

‫‪230‬‬
‫توردت وجنتي ميس خجال مهمهمة‪ :‬شكرا‬

‫قهقهت جيهان متحدثة بطيبتها المعتادة‪ :‬ان دعوتك في اي‬

‫وقت للقدوم للبيت وتناول الغذاء اياك ان ترفضي ‪،‬او‬

‫سأحزن كثيرا وانا متأكدة انه لن يهون عليك حزني‬

‫قطبت ميس جبينها مستفهمة منها بمكر‪ :‬ماذا يا خالة هل‬

‫اصبحت تتدللين علي منذ اآلن؟؟‬

‫ضحكت االخرى بشدة ضاربة اياها على يدها بخفة هاتفة‪:‬‬

‫وان يكن ‪،‬اال يحق لي ذلك يا فتاة‬

‫تبسمت االخيرة لها بحنو مغمغمة ‪:‬ابدا وهللا انت سيدة‬

‫الدالل طبعا‬

‫قاطعهم صوت ريم الصارخ بإسمها المنادي عليها‪..‬فتأففت‬

‫جيهان قائلة‪ :‬اذهبي لها يا ميس قبل ان تفقأ لي مرارتي‬

‫بصراخها هاذا‬

‫‪231‬‬
‫ضحكت ميس بخفة مستقيمة من مجلسها متجهة نحو ريم‬

‫وصديقاتها‪..‬لتمسكها االخرى من يدها مجلسة اياها بقربها‬

‫مردفة بفخر‪ :‬هذه ضيفتنا ميس وهي فرد جديد في االسرة‬

‫‪..‬‬

‫رحبو بها الفتيات بفرحة حيث شاركتهم جلستهم مستمعة‬

‫لثرثرتهن المختلفة والتي غالبا ما تنتهي بضحكهن الصاخب‬

‫‪..‬لترتسم بسمة على ثغرها من شخصية ريم االجتماعية‬

‫وخفة ضلها وروحها المرحة ذكرتها بشهد الشقية االخت‬

‫الصغرى لسحر صديقتها‪..‬لتستفيق من سهوها على صوت‬

‫احدى الفتيات تسئلها والتي بالمناسبة لم ترتح لها ميس‬

‫فمنذ جلوسها معهن وهي ترمقها بنظرات غريبة‪..‬كنفور او‬

‫استعالء‬

‫‪232‬‬
‫‪-‬عن ماذا كنتما تتحدثان انت والعمة جيهان؟‬

‫رفعت ميس حاجبها بإستغراب فهاذا تطفل واضح اال انها‬

‫ابت قول ذلك فتبسمت لها بلطف مرددة‪ :‬ال شيئ محدد‬

‫مجرد احاديث عفوية‬

‫رفعت األخرى حاجبها بإستغراب وعم التهكم صوتها‬

‫مرددة‪ :‬احاديث عفوية مع امرأة بعمر الخمسين ‪..‬لماذا ال‬

‫تختصرين الكالم وتقولي انك كنت تتملقينها علك تصبحين‬

‫كنة لها‬

‫توسعت عيني ميس من وقاحتها لتتهيأ للرد‪...‬اال ان ريم‬

‫قاطعتها بحنق موجهة كالمها للفتاة‪ :‬ما خطبك يا سهير‬

‫كيف تكلمينها هكذا؟‬

‫‪233‬‬
‫تفاجئت االخيرة من هجومها فمطت شفتيها بوجوم متحدثة‪:‬‬

‫فقط كنت اسئلها ال غير ‪،‬ال داعي لكل هاذا الهجوم يا‬

‫ريم‪..‬ربما هي تهدف لنصب شباكها على اخاك نزار‬

‫قطبت ميس جبينها على تفكير هذه الفتاة الغريبة‪..‬فهي لم‬

‫يخطر لها هاذا األمر ابدا ‪،‬وال تفكر نهائيا في استغالل هذه‬

‫األسرة الطيبة والتي رحبت بها ألهداف كهذه ‪..‬حيث تملكها‬

‫الحنق حقا هاتفة بحدة‪ :‬يا هذه ان كنت انت تخمنين بهذه‬

‫الطريقة فإسمحي لي ان اخبرك ان ليست كل الفتيات مثلك‪..‬‬

‫تحفزت االخرى بسبب ما احست به من اهانة هادرة في‬

‫وجهها‪ :‬اوه حقا صدقتك‪..‬امثالك من يركضون خلف الشباب‬

‫علهم يفوزون بواحد يقبل بهن‬

‫‪234‬‬
‫صرخت ريم بوجهها والغضب يتملكها حقا هذه المرة بسبب‬

‫وقاحة سهير خاصة انك ميس ضيفتها واصبحت غالية على‬

‫قلبها‪ :‬سهير يكفي‪ ،‬يبدو انك تواقحت كثيرا ونسيت نفسك‬

‫‪..‬ميس ضيفتي واصبحت من اهل البيت وامي تحبها جداا ‪..‬‬

‫فتابعت ريم بعدها مكتفة ذراعيها على صدرها هاتفة بمكر‬

‫انثوي خالب‪ :‬وأيضا اخي نزار معجب بها كثييرا ‪..‬لما بل‬

‫هو مولع بها تماما‪..‬هكذا كي تكففن عن حشر انفسكن في‬

‫ما ال يخصكن‬

‫توردت وجنتي ميس بخجل وعمها االرتباك ‪..‬ليزداد خفقان‬

‫قلبها الهادر وكأنه يريد الخروج من صدرها فإبتلعت ريقها‬

‫بتوتر ‪..‬في حين ان سهير توسعت عينيها بصدمة وشعرت‬

‫‪235‬‬
‫بالحنق الشديد فهي كانت تطمح للفوز بنزار كزوج لها فهو‬

‫مطمح العديد من الفتيات‬

‫لتستقيم واقفة بغضب حاملة حقيبتها مغادرة المجلس‬

‫متمتمة بكلمات غير مسموعة مغادرة البيت كليا‪..‬حيث‬

‫زفرت ريم هاتفة بسخط‪ :‬من غير عودة ان شاء هللا‬

‫كتمت ميس بسمتها على شكل ريم الحانق‪..‬وما هي اال‬

‫ثواني حتى انفجرت الفتيات ضحكا على الموقف‪..‬‬

‫بعدها بلحظات انتهت الحفلة وتفرق الجمع وعادت كل فتاة‬

‫لبيتها بعد ان قدمن الهدايا لها ‪..‬لتتخذ في االخير كل من ريم‬

‫ووالدتها وميس مجلسا بغرفة المعيشة‪..‬تنهدت السيدة‬

‫جيهان براحة مرددة‪ :‬واخيرا انتهت هذه الحفلة ‪..‬سببتن لي‬

‫الصداع بصخبكن‬

‫‪236‬‬
‫قهقهت ريم على ضجر والدتها مستفهمة منها‪ :‬هل‬

‫ازعجناك لهذه الدرجة يا امي كلها ساعتين وقد مرتا‬

‫بسرعة لدرجة أننا لم نحس بالوقت‬

‫مطت والدتها شفتيها بوجوم قائلة‪ :‬انت من االساس ال‬

‫تحسين بالوقت ابدا ان تعلق بالمرح والتجمعات يا ابنتي‬

‫لهاذا كفاك تبريرا‬

‫ضحكت ميس بخفة على مالمح ريم المستنكرة ‪..‬فقدمت لها‬

‫هديتها هامسة‪ :‬حسنا خذي هذه هديتي البسيطة‬

‫والمتواضعة‪..‬‬

‫اخذت ريم الكيس منها بحماس شديد لتفتحه مستخرجة منه‬

‫فستانا كان باللون االرجواني الباهت بدون كمين لتفغر ريم‬

‫فاهها بإنبهار هامسة بصدق‪ :‬وااو انه جميل حقا يا بنت‬

‫‪237‬‬
‫عمت الراحة ثنايا قلب ميس بعد رؤية االعجاب بمقلتيها‬

‫متحدثة‪ :‬في الحقيقة انا التي صممته‪ .‬مستوحية التصميم‬

‫من شخصيتك‪ ..‬والسيدة صفا والدة ليلى قامت بخياطته‬

‫خالل يوم فقط‪..‬اتمنى ان يناسب ذوقك حقا‬

‫توسعت عيني ريم مستفهمة منها‪ :‬هل انت تصممين حقا؟‬

‫قهقهت ميس على مالمحها مومئة لها ايجابا مرددة‪ :‬نعم‬

‫كثير من االحيان اشعر بالفراغ فألجأ لتصميم بعض القطع‬

‫من المالبس لتمضية الوقت‬

‫تحدثت السيدة جيهان بإعجاب جلي على تقاسيم وجهها‪ :‬انه‬

‫جميل حقا بنيتي ما شاء هللا لديك موهبة عظيمة‬

‫‪238‬‬
‫خجلت ميس من اطرائهم فتوردت وجنتيها مرددة‪ :‬حسنا يا‬

‫ريم ما رأيك ان ترتديه االن لكي نراه عليك؟‬

‫إلتمعت مقلتي ريم مستقيمة بسرعة من مكانها‪ ،‬تتسابق‬

‫بخطواتها راكضة لغرفتها بحماس طفولي مضحك‬

‫حقا‪..‬فقهقهت عليها كل من امها وميس ‪..‬لتعود بعد لحظات‬

‫فإنبهرتا بها حقا‪ ،‬فهو ناسب مقاسها تماما‪..‬فقد كان يحد‬

‫قدها الرشيق من الصدر لينساب بإتساع من الخصر ألسفل‬

‫الركبة بقليل بلونه األرجواني والذي الئم لون بشرتها تماما‬

‫مع شعرها البني المنسدل بطوله المتوسط‪..‬لتفرد ذراعيها‬

‫على جانبيها بضحكة شقية مستفهمة منهما‪ :‬كيف ابدو به؟‬

‫تبسمت لها والدتها بحب والن محياها البهي هاتفة بإعجاب‬

‫حقيقي‪ :‬تبارك الرحمان‪ ،‬تبدين به في غاية الجمال بنيتي‬

‫‪239‬‬
‫شاركتها ميس رأيها مردفة بإبتسامة لطيفة‪ :‬كما قالت‬

‫الخالة جيهان‪...‬ما شاء تبدين رائعة به حقا يا ريم‬

‫وضعت ريم كفيها على خصرها لتهتف غامزة لهما بفخر‬

‫أنثوي شقي‪ :‬بل قوال أنني أنا من جعلته جميال عندما‬

‫ارتديته‪..‬فأنا من أضيف الجمال للمالبس وليس العكس‬

‫قلبت والدتها عينها على غرورها هاذا‪...‬وكتمت ميس‬

‫ضحكتها على شقاوتها الظريفة حقا‬

‫لتجلس ريم بجانبها قابضة على كفي ميس سائلة بحيوية‪:‬‬

‫لقد قلت منذ قليل انك إستوحيت هاذا الفستان من شخصيتي‬

‫صحيح‪...‬كيف ذلك اعني كيف ترين شخصيتي؟ ؟‬

‫قهقهت ميس بخفة على فضولها الشديد فتحدثت من بين‬

‫انفاسها‪ :‬حسنا يا فتاة سأخبرك‬

‫‪240‬‬
‫تنهدت بعدها محاولة استجماع انفاسها مردفة بهدوء‪ :‬لكن‬

‫هاذا بنظري فقط ‪...‬اعني قد يراك شخص بعينه هو فتختلف‬

‫الرؤيا‬

‫قلبت ريم عينها هاتفة بضجر‪ :‬تحدثي دون لف يا ميس ‪..‬‬

‫تبسمت االخيرة لها بود مرددة‪ :‬حسنا‪..‬أراك فتاة ظريفة جدا‬

‫ومرحة‪ ،‬وذات شخصية اجتماعية جذابة بمعنى آخر تجذبين‬

‫اآلخرين لك بدون اي تكلف‪..‬ربما ما يميزك اكثر هو‬

‫شقاوتك اللذيذة وإنطالق روحك‪..‬لكنك ناعمة وبسيطة في‬

‫ذات الوقت ‪..‬تشبهين شهد احدى الفتيات اللواتي اعرفن‬

‫‪..‬لكنك تتمزين عليها بطبعك الشرس عكسها فهي جمالها‬

‫يكمن في مسالمتها‪...‬هكذا اراك يا فتاة وبناءا عليه صممت‬

‫الفستان‬

‫‪241‬‬
‫توسعت عيني ريم فاغرة فاهها‪ :‬هل انا رائعة لهذه‬

‫الدرجة؟‪...‬لم اكن اعرف حقا‬

‫قهقهت والدتها ضاربة كفيها ببعضهما البعض قائلة‪ :‬يا‬

‫بنيتي هل هاذا كل ما أهمك‪ ،‬هل نسيت كلمة شرسة كما‬

‫وصفك اخاك تماما شعلة نار موقدة‬

‫تبسمت لها ميس بدفئ مغمغمة‪ :‬ال بئس يا خالة الشراسة‬

‫نحتاجها في وقتنا هاذا‪ ،‬ما دامت توجه بطريقة صحيحة‬

‫وسليمة‬

‫هجمت عليها ريم معانقة اياها بقوة مقبلة وجنتها عدة‬

‫قبالت هاتفة‪ :‬احببتك حقا يا فتاة ‪..‬‬

‫ضحكت ميس عليها مبادلة اياها العناق ‪..‬لتبتعد عنها بعد‬

‫لحظات هازة ريم كتفيها بغرور‪ :‬انا اصل جمال هاذا الكون‬

‫‪242‬‬
‫قدمت لها ميس علبة اخرى مردفة‪ :‬وهذه هدية ليلى‬

‫صديقتي‪ ،‬كما اخبرتك تعتذر منك حقا بسبب مرض اخيها‬

‫الصغير المفاجئ‬

‫تحدثت والدة ريم بهدوء‪ :‬البئس بنيتي المهم ان يكون‬

‫اخيها بخير وعافية اما الباقي فال يهم‪...‬وبلغيها تحياتها‬

‫واننا نتمنى له الشفاء العاجل‬

‫أومئت لها ميس بهدوء ‪..‬لتفتح ريم العلبة كاشفة عن قالدة‬

‫فضية كان في نهايتها فراشة صغيرة ‪،‬كانت لطيفة وناعمة‬

‫جداا فإبتسمت االخيرة هامسة‪ :‬انها في غاية الجمال‬

‫حقا‪...‬اشكريها كثيرا وقولي لها انني احببتها كثيرا‬

‫تبسمت لها ميس مومئة بمحبة صادقة متحدثة‪ :‬باذن هللا‬

‫‪..‬تناسبك تماما‬

‫‪243‬‬
‫التمعت مقلتي ريم هامسة لها‪ :‬بالمناسبة يا ميس سآخذ‬

‫رقمك من هاتف نزار وأسجله عندي بهاتفي وايضا هاتف‬

‫والدتي ‪...‬ان اتصل بك رقم غريب فهذه غالبا ستكون انا او‬

‫والدتي ‪..‬‬

‫أومئت لها ميس بموافقة ‪..‬لتهتف بعدها‪ :‬حسنا واآلن علي‬

‫ان اغادر فقد تأخر الوقت حقا ‪..‬وشكرا كثيرا يا ريم على‬

‫الدعوة لقد استمتعت حقا هنا‬

‫تحسرت ريم وعبست مالمحها بشكل طفولي مغمغمة‪ :‬هل‬

‫ضروري ان تذهبي ابقي هنا فقط‬

‫قهقهت ميس على مالمحها فقرصتها بلطف مردفة‪ :‬سنلتقي‬

‫مجددا يا ريم ال تقلقي‪ ،‬وايضا تعرفين المحل الذي اعمل فيه‬

‫تعالي في كل وقت ‪ ،‬كذلك رقم هاتفي عندك لهاذا ال تترددي‬

‫في االتصال بي ابدا سأكون سعيدة جدا بذلك‬

‫‪244‬‬
‫ابتسمت لها ريم بمودة مهمهمة‪ :‬حسنا كما تريدين يا ميس‬

‫فنحن صديقات اليس كذلك‬

‫هزت االخيرة رأسها لها ايجابا هامسة بإبتسامة حانية‪ :‬اكيد‬

‫واختا لك ايضا يا شعلة النار‬

‫كتفت ريم كتفيها بحنق مصطنع هامسة‪ :‬ادعى رييييم فقط‬

‫دون االلقاب تلك‬

‫استقامت ميس من مجلسها مقهقهة‪ :‬حسنا يا رييم فقط‬

‫امحي تعابير الغضب من وجهك كي اصمم لك فستان اخر‬

‫وقفت ريم هي األخرى بسرعة من مجلسها والحماس يعمها‬

‫لتصفق بيديها مستفهمة‪ :‬هل تقصدين هاذا حقا يا ميس؟‬

‫‪245‬‬
‫غمزت لها ميس بإستفزاز‪ :‬اكيد طبعا فقط ابقي هادئة دون‬

‫شجار مع احد‬

‫زمت االخرى شفتيها واضعة كفها على خصرها سائلة‪ :‬ماذا‬

‫يا آنسة ميس هل اخبروك انني اتاجر باألعضاء البشرية في‬

‫السوق السوداء او ماذا؟‬

‫ضيقت ميس عينيها مستفزة اياها اكثر‪ :‬هل تفعلين هاذا‬

‫حقا؟‬

‫توسعت عيني ريم لتضرب االرض بقدمها مستغيثة بأمها‪:‬‬

‫امي هل سمعتيها؟‬

‫قهقهت والدتها رافعة حاجبيها بإستفهام‪ :‬من حقها ان تتأكد‬

‫يا ريم‬

‫كتمت ميس ضحكتها و فغرت ريم فاهها بتفاجئ لتتلعثم‪:‬‬

‫انا‪..‬تبا انا مالك من االساس‬

‫‪246‬‬
‫ضحكت كل من السيدة جيهان وميس مجددا ‪..‬ليتهادئ لهن‬

‫صوت فتح الباب وحمحمة نزار كإعالن عن وصوله‪..‬‬

‫لتنادي عليه ريم غامزة لوالدتها في الخفاء‪..‬فما كان من‬

‫أمها اال ان هزت رأسها على مكر صغيرتها‪..‬‬

‫‪ -‬نزار اخي تعالى هنا في غرفة المعيشة‬

‫توردت وجنتي ميس بشدة وازداد ارتباكها فقد تذكرت‬

‫كلمات ريم عندما تشاجرت مع سهير تلك‪..‬ففركت كفيها‬

‫ببعضهما البعض خجال‪..‬فدلف نزار‪ .‬برزانة مستفهما‬

‫بهدوء‪ :‬نعم يا ريم‬

‫لتدور ريم حول نفسها مرية اياه الفستان بكل حماس‬

‫وحيوية انثوية سائلة بحالوة‪ :‬ما رأيك في الفستان؟‬

‫‪247‬‬
‫تأملها نزار بهدوء محاوال عدم اختالس النظر للواقفة‬

‫بطرف الغرفة على استحياء‪..‬ليتحشرج صوته مرددا‪ :‬انه‬

‫جميل‬

‫صفقت االخيرة بيديها حماسا مستفسرة منه‪ :‬احقا ما تقول‬

‫‪،‬هل ابدو به جميلة؟‬

‫النت مالمحه الرجولية الوسيمة ليغمغم بصدق‪ :‬نعم تبدين‬

‫فاتنة به‬

‫قهقهت األخيرة بمرح راكضة نحوه بخفة حاضنة اياه بمحبة‬

‫شديدة فبادلها اآلخر الحضن عله يحفظها في صدره ‪،‬فهي‬

‫صغيرته وحبيبة قلبه الشقية‪..‬بعد لحظات ابتعدت عنه‬

‫غامزة له سائلة اياه‪ :‬ماذا تقول لمن صمم هاذا الفستان‬

‫الجميل؟‬

‫‪248‬‬
‫تبسم لها بحنان رابتا على وجنتها مجيبا‪ :‬اقول سلمت يداك‬

‫المبدعة‪.‬‬

‫رفعت حاجبها بخبث مغمغمة‪ :‬المبدعة فقط؟ والناعمة ايضا‬

‫تناسبها‬

‫لتستدير نحو ميس مردفة بشقاوة‪ :‬هل سمعته يا ميس اخي‬

‫قال انك يداك مبدعة حقا‬

‫ارتبكت االخيرة وازداد وقع خفقان قلبها مطرقة انظارها‬

‫بحياء شديد‪..‬ليتوتر نزار ايضا مشتتا نظره بكل مكان اال‬

‫هي فإخترق مسامعه صوت ريم المشاكس‪ :‬ميس هي من‬

‫صممت لي الفستان يا اخي وقالت لي انه يناسب شخصيتي‬

‫المرحة والناعمة والشرسة في ذات الوقت‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫شدت ذراعيه بعدها هاتفة ‪ :‬هل انا كذلك حقا يا اخي؟‬

‫ضحك تلك الضحكة الرجولية الخالبة التي سهت بها ميس‬

‫‪..‬لتصفع نفسها داخليا على سخافتها‪..‬فرفع هو يده لذقنها‬

‫مغمغما بحب‪ :‬اجل انت كذلك‪..‬كما اخبرتك من قبل شعلة‬

‫النار تماما‬

‫لتقفز عدة قفزات مرددة‪ :‬طبعا انا كذلك رائعة ومميزة‬

‫وفاتنة‬

‫فقلب هو عينيه على مبالغتها‪..‬ابتلعت ميس ريقها مردفة‬

‫بهدوء‪ :‬انا تأخرت‪ ،‬اظن انه علي المغادرة قبل ان اتأخر‬

‫اكثر‬

‫التفتت لها ريم هاتفة بمكرها المعتاد‪ :‬حسنا سيوصلك اخي‬

‫يا ميس افضل ‪،‬فالحافالت سترهقك‬

‫‪250‬‬
‫توترت االخرى اكثر مهمهمة بسرعة ‪ :‬ال ابدا‪..‬ال اريد ان‬

‫اتعب السيد نزار‪ ،‬ال بئس انا معتادة على الحافالت‬

‫حمحم هو مطرقا بصره متحدثا‪ :‬ال عليك يا انسة سأوصلك‬

‫بنفسي كما احضرناك‪ ،‬ليس من العشم ان نتركك تعودين‬

‫بمفردك ‪..‬ريم غيري مالبسك وتعالي معنا‬

‫رفعت ريم حاجبها بإستغراب مستفهمة منه‪ :‬ولماذا قد‬

‫ارافقكما؟؟‪.‬اذهبا بمفردكما فقط‬

‫ناظرها اآلخر بحدة متحدثا‪ :‬ريم غيري فورا‬

‫ابتلعت االخرى ريقها مهرولة نحو غرفتها كيف تنفذ ما‬

‫طلب منها‪ ،‬فأخيها عندما يغضب يخيفها حقا‬

‫‪251‬‬
‫ارتدت ريم مالبسها واضعة الوشاح على رأسها لتداري‬

‫شعرها به‪ ،‬زافرة بحنق قابضة على كف ميس متحركة‬

‫معها نحو السيارة هاتفة بسخط‪ :‬هيا تحركي كي ال نتشاجر‬

‫مع اخي ‪...‬تبا احيانا يصبح مرعب ذلك النزار‬

‫ركبت ريم بالكرسي االمامي جانب السائق لتتخذ ميس‬

‫مجلسا بالمقاعد الخلفية ‪،‬حيث شغل نزار سيارته‬

‫عقدت ريم ذراعيها على صدرها بعبوس طفولي فناظرها‬

‫نزار بطرف عينيه هاتفا‪ :‬ولماذا كل هذا العبوس؟‬

‫تجاهلته ريم زامة شفتيها ‪..‬ليبتسم بهدوء مغمغما‪ :‬حسنا اذا‬

‫ال تنالي شيئا من هديتك التي اشتريتها لك منذ قليل‬

‫توسعت عيني االخيرة‪ ،‬فقبضت على ذراعه بقوة مردفة‬

‫بحماس شديد‪ :‬ما هي ‪..‬هيا هيا اخبرني؟؟‬

‫‪252‬‬
‫النت مالمح ميس على حماسها المفرط فيبدو ان عالقتها‬

‫مع اخيها جيدة حقا كما قالت‬

‫ضحك نزار عليها ليربت على رأسها بخفة مرددا‪ :‬احضرت‬

‫لك الشوكوالطة السوداء التي تحبينها‬

‫صفقت ريم بحماس صارخة‪ :‬ياااي تلك التي اعتدت ان‬

‫تحضرها لي من قبل ‪..‬يا الهي اشتقت لها كثيرا‬

‫شدت ذراعه اكثر مستفهمة بمرح‪ :‬حسنا اين هي االن؟‬

‫قلب عينيه على مبالغتها مردفا بهدوء‪ :‬اوال توقفي عن شد‬

‫ذراعي فأنا أقود وعلي التركيز‪..‬‬

‫ابعدت االخرى يديها من على ذراعه هامسة بترجي‪ :‬حسنا‬

‫اخبرني االن‬

‫‪253‬‬
‫ناظرها ببسمة حانية مغمغما‪ :‬انها بصندوق السيارة عندما‬

‫نعود خذيها‬

‫قهقهت ريم بحبور مقتربة لتقبل خده بكل حب ومكر‬

‫هامسة‪ :‬احبك يا نزار عسى هللا ان يرزقك بزوجة صالحة‬

‫تعشقك عشقا لم يعشق من قبل‬

‫ارتبك نزار دالكا جبينه بتوتر ‪..‬فأخته تقول اشياء غريبة في‬

‫مواقف اغرب‪..‬‬

‫شتتت ميس انظارها خارج النافذة مبتلعة ماء حلقها‬

‫‪..‬متجنبة النظر للمرآة االمامية فترتبك‬

‫زمت ريم شفتيها بتفكير باحثة عن شيئ اخر تستفز به‬

‫اخيها فهي لم يخفى عليها نظراته المختلسة لميس‪..‬لتبتسم‬

‫بمكر مدعية البراءة موجهة بصرها له‪ :‬نزار اخي هل‬

‫‪254‬‬
‫البئس ان منحت بعض قطع الشوكوالطة تلك التي احضرتها‬

‫لميس‪..‬فهي تحبها ايضا‬

‫توسعت عيني ميس من ذكر اسمها فتقابلت عيناها‬

‫الزيتونية مع مقلتاه البنية الغامضة فإرتبكت نبضاتها هاربة‬

‫من قيد عيونه‪..‬ليخترق مسامعها صوته الشجي‪ :‬البئس‬

‫طبعا يا ريم‬

‫تبسمت ريم بمحبة هاتفة‪ :‬هل سمعت يا ميس اخي ال يمانع‬

‫اطرقت االخيرة رأسها خجال هامسة‪ :‬شكرا لك وله‬

‫التفتت لها االخرى مصطنعة البراءة متحدثة بإستفهام ومكر‬

‫وصوت تعمدت ان يكون مسموعا‪ :‬ميس اريد ان اسئلك‬

‫سؤال شخصي قليال لو سمحت؟‬

‫اجابتها ميس بهدوء‪ :‬اكيد تفضلي‬

‫‪255‬‬
‫تبسمت لها ريم بحالوة انثوية مغمغمة‪ :‬ان تقدم لك خاطب‬

‫هذه االيام هل ستوافقين؟‬

‫عقد نزار حاجبيه زافرا بخفوت ضاغطا على المقود محاوال‬

‫التركيز في قيادته مبعدا تفكيره عن اخته واسئلتها الخاصة‬

‫لتلك الفتاة ميس‪..‬لكن ال فائدة فعقله قد شغل بها وانتهى‬

‫االمر ‪..‬‬

‫عقدت ميس جبينها بإستغراب من سؤالها فتملكها االرتباك‬

‫والحياء في ذات الوقت شابكة يديها ببعضهما البعض مجيبة‬

‫بهدوء‪ :‬في الحقيقة ال اعرف ‪..‬ال استطيع ان اجزم بالقبول‬

‫او الرفض‪..‬‬

‫رفعت ريم حاجبها سائلة‪ :‬اذا تقصدين ان قبولك يتوقف‬

‫على العريس بنفسه؟؟‬

‫أومئت لها ميس بخجل متحاشية رفع نظرها للمرآة‪...‬‬

‫‪256‬‬
‫تابعت ريم كالمها بمكر مهمهمة‪ :‬اذا ما هي مواصفات‬

‫العريس الذي قد توافقين عليه؟‬

‫توردت وجنتي ميس حياءا فتوترت اكثر‪..‬حيث شجعتها ريم‬

‫بضحكة خفيفة مردفة‪ :‬هيا يا ميس اريد ان ارى ذوقك‬

‫بالرجال ربما اتعلم منك‬

‫لتهمس بخفوت خجال‪ :‬حسنا اوال الصالة ‪،‬ان يكون ملتزما‬

‫بها‪..‬وبارا بوالديه ‪..‬ورحيما ‪..‬واالهم ان يرتاح له قلبي‬

‫ويشعرني باألمان‬

‫قطبت ريم حاجبيها بإستغراب مردفة‪ :‬حسنا الصالة فهمتها‬

‫وهاذا شرط ممتاز طبعا‪ ،‬فمن تهون عليه طاعة هللا فأكيد‬

‫غدا ستهون عليه زوجته‪..‬لكن ما عالقة بر الوالدين‬

‫بموافقتك؟‬

‫‪257‬‬
‫تبسمت لها ميس بحنو موضحة لها‪ ،‬وقد نست نفسها‬

‫تماما‪ :‬من يبر والديه يا ريم غدا عندما يتزوجك صدقيني‬

‫سيكون لك نعم الزوج واالخ والصديق والحبيب في ذات‬

‫الوقت‪..‬فقد امتأل قلبه بالرحمة جراء بره لوالديه وهاذا‬

‫سينعكس في تعامله معك فهو سيكون ودودا رحيما صبورا‬

‫حنونا ‪..‬فاالنسان ال يتجزء ابدا‪..‬‬

‫فغرت ريم فاهها بإنبهار من كلماتها الحكيمة حقا لتقهقه‬

‫بخفة غامزة لها‪ :‬وااو انت ذكية وحكيمة في ذات الوقت يا‬

‫ميس ما شاء هللا تفكيرك راقي حقا‬

‫وضعت ميس كفها على فمها كاتمة ضحكتها مردفة بهدوء‪:‬‬

‫في الحقيقة صديقتي سحر لطالما كانت تنصحني هكذا‬

‫وتحاول توجيه نظري للتفكير الصائب‬

‫تبسمت لها ريم بمودة‪ :‬صديقتك هذه ذكية حقا‪..‬‬

‫‪258‬‬
‫أومئت لها االخرى مجيبة‪ :‬نعم هي كذلك حقا‬

‫هتفت ريم بعدها بحماس‪ :‬حسنا وتلك النقطة الخاصة‬

‫بالراحة‪..‬يعني ماذا تقصدين بكلمة ترتاحين له؟؟‬

‫تنهدت ميس بخفوت هازة كتفيها متحدثة‪ :‬يعني ال تنفرين‬

‫منه ‪..‬بإختصار يسكن قلبك بسهولة دون بذل اي مجهود‬

‫منك‪..‬حتى ولو كان الشخص صالحا احيانا قد تنفرين منه‬

‫وال يتقبله قلبك وال روحك‪ ،‬وكأن هناك حاجز غير مرئي‬

‫يمنعه عنك‪...‬القلوب جنود مجندة بيد الرحمان تحبين‬

‫اشخاصا دون سبب‪ ،‬وفي ذات الوقت قد ال تتحملين‬

‫اشخاصا دون سبب ايضا‪...‬وكذلك العريس عند مقابلته‬

‫تجدين نفسك تألفه بسهولة وتميلين له مرتاحة وكأنك على‬

‫معرفة به منذ سنوات‪..‬وهناك العكس تماما‪ ..‬لهاذا عليك ان‬

‫تسمعي صوت قلبك فغالبا هو ال يخطأ ابدا‬

‫‪259‬‬
‫هام نزار في كلماتها لتخترق عقله وتعود لالستقرار في‬

‫قلبه ‪..‬فكالمها موزون تماما ينم عن شخصية ناضجة‬

‫وواعية وذكية في ذات الوقت‪..‬هذه الفتاة تربكه حقا‬

‫وتستفز رجولته بشدة‪..‬عندما يكون ضمن محيطها كلما‬

‫تملكه التشتت والضعف ‪،‬ويحس وكأن كيانه بأكلمه يرتجف‬

‫مطالبا بشيئ ما ‪..‬رفع يده ماسحا على شعره بخفة محاوال‬

‫استدراك نفسه ‪،‬وان ال يفقد تركيزه اكثر بسببها ‪..‬اال يكفيه‬

‫انه بات يراها في كل مكان وكأنها تتحداه ‪..‬تؤرقه بتلك‬

‫البسمة الفاتنة‪..‬فإستغفر في سره مستعيدا رزانته ووقاره‬

‫ململما شتات روحه‬

‫تأثرت ريم بكلماتها لتهمس بحالمية وعاطفة جياشة‪ :‬اوه كم‬

‫هاذا لطيف‪..‬‬

‫‪260‬‬
‫فتابعت بحيوية تشع من مقلتيها الجميلتين‪ :‬هل رأيت تلك‬

‫الفتاة التي كانت تردتي تنورة خضراء مع قميص ابيض‬

‫‪..‬عائشة تلك فقد عرفتك عليها عند جلوسك معنا‬

‫ضيقت ميس عينيها في محاولة التذكر لتهمس بعدها‪ :‬نعم‬

‫تذكرتها‪...‬ما بها؟‬

‫غمغمت بعدها ريم بمكر‪ :‬لقد اعجبتها حقا‪.. .‬لهاذا طلبت‬

‫مني ان اسئلك عن رأيك في خطبة اخاها لك‬

‫توترت ميس وتوردت وجنتيها بصمت‪..‬فصك نزار على‬

‫اسنانه قابضا على المقود بقوة مردفا بحدة‪ :‬ريييم‬

‫ناظرته األخيرة ببراءة مصطنعة‪ :‬نعم اخي؟‬

‫فتابع كالمه بحدة اكبر‪ :‬توقفي عن اعمالك الخيرية في‬

‫خطبة الفتيات‪..‬‬

‫‪261‬‬
‫رفعت ريم حاجبها بخبث مرددة‪ :‬و اين الخطأ في كالمي يا‬

‫اخي‪..‬عائشة اوصتني وانا بلغت الرسالة فقط‪ ،‬اين االشكال؟‬

‫جز على اسنانه متحدثا ‪ :‬هي لديها لسان فال تكلف غيرها‬

‫بذلك‬

‫قلبت االخيرة عينيها مغمغمة‪ :‬ال تبالغ اخي اكيد خجلت‬

‫فقط‪..‬‬

‫عادت لإللتفاف نحو ميس هاتفة‪ :‬اخاها يعمل شرطيا عمره‬

‫مثل نزار تماما او اكبر بعشر سنوات فقط ‪،‬يعني كهل ال‬

‫غير‪..‬حسنا اتريدين الصراحة‪..‬اخاها جميع الفتيات تعرفه‬

‫انو خبيث لهاذا نصيحة ال توافقي عليه‪ ،‬انت تستحقين من‬

‫هو افضل من ذاك‬

‫‪262‬‬
‫تبسمت لها ميس بهدوء مومئة لها بإيجاب‪..‬فإخترق‬

‫مسامعها صوته الرجولي الجاد األجش ‪ :‬يا آنسة هل‬

‫أوصلك للمحل او بيتك؟‬

‫وجهت انظارها للمرآة األمامية فتقابلت عيناهما في حوار‬

‫صامت وهادئ‪..‬ابتلعت ريقها بتوتر مردفة‪ :‬اوصلني للمحل‬

‫افضل‬

‫أومئ لها بهدوء متوقفا بعد لحظات امام المحل‪..‬لتستدير‬

‫لها ريم والمحبة قد عم محياها البهي مردفة‪ :‬كما اخبرتك يا‬

‫ميس‪..‬سأخذ رقمك من هاتف اخي واتصل بك كل وقت‬

‫عساك اال تنزعجي مني فقط‪..‬‬

‫‪263‬‬
‫النت مالمح ميس متحدثة بلطفها المعتاد‪ :‬ابدا يا ريم اهال‬

‫بك في كل وقت سأتشرف باتصالك انت والخالة جيهان‬

‫كثيرا‪..‬واالن في حفظ هللا‬

‫فتحت ميس باب السيارة مترجلة منها ‪،‬حيث وجه نزار‬

‫نظراته الخته مستفهما‪ :‬الن تعطيها من الشوكوالطة التي‬

‫احضرتها لك ‪،‬هي بصندوق السيارة‬

‫توسعت عيني االخيرة متذكرة ذلك‪ ،‬لتترجل هي االخرى‬

‫بسرعة‪ ،‬فقهقه نزار عليها مغادرا السيارة‪..‬نادت ريم على‬

‫ميس فإستدارت لها االخيرة متقدمة بخطوات حثيثة لها‬

‫مستفهمة منها‪ :‬ما خطبك يا ريم؟‬

‫‪264‬‬
‫ضحكت االخرى قابضة على يدها مرددة‪ :‬نسيت ان تأخذي‬

‫حصتك من الشوكوالطة التي احضرها اخي‪..‬‬

‫لتنحني لها قليال هامسة لها بخفوت شديد مع غمزتها‬

‫الشقية‪ :‬وبالمناسبة هو من ذكرني بأن اعطيك حصتك منها‬

‫توردت وجنتي ميس وإزداد هدير قلبها الخافق‪..‬لتتحرك مع‬

‫ريم نحو خلفية السيارة وترائى لها نزار هناك فاتحا‬

‫صندوقها مخرجا عدة علب صغيرة ‪..‬دنت منه ريم قافزة‬

‫تهتف بحيويتها المعتادة‪ :‬اريد السوداء واعطي ميس ذات‬

‫الكراميل‬

‫تبسم لها نزار بإبتسامته الخالبة مغمغما‪ :‬حسنا يا فتاة‬

‫اعقلي قليال ‪..‬خذي السوداء هناك علبة كبيرة منها‪ ،‬اما‬

‫باقي العلب فهي بالكراميل‬

‫‪265‬‬
‫اخذت ريم ما ارادت ‪..‬لتحمل علبة من الذوق اآلخر مقدمة‬

‫اياها لميس متحدثة‪ :‬وهذه لك يا ميس انها لذيذة حقا لن‬

‫تشبعي منها ابدا‬

‫تبسمت لها ميس بمحبة حاملة العلبة منها قائلة‪ :‬شكرا لك‬

‫رفعت ريم حاجبها بمكر هاتفة‪ :‬اشكري اخي فهو من‬

‫اشتراها ولست انا‬

‫توترت ميس رافعة بصرها له بخجل شديد هامسة‪ :‬شكرا‬

‫لك سيد نزار‬

‫إرتبك اآلخر مشتتا انظاره بعيدا عنها‪..‬او باألحرى عن‬

‫جمال عينيها العشبيتين مستغفرا في سره محمحما بهدوءه‬

‫مجيبا إياها‪ :‬ال بئس يا آنسة‬

‫حضنتها ريم بقوة مقبلة وجنتيها بحب مرددة‪ :‬حسنا الى‬

‫اللقاء ميس سنلتقي قريبا اكيد‬

‫‪266‬‬
‫أومئت لها ميس هامسة برقة ‪ :‬أكيد ‪,‬إلى اللقاء اآلن‬

‫‪267‬‬
‫• الفصل الرابع •‬

‫🥀~ قضى هللا لألخالق أن تتجسدا فقال لها ‪:‬كوني‬

‫فكانت محمدا‪~ 🥀 .‬‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫ابتعدت عنهم بخطواتها الهادئة والجة للمحل‬

‫‪268‬‬
‫متوغلة فيه فوجدت ليلى جالسة هناك بمكانها لتحييها‪:‬‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا‬

‫رفعت ليلى عينيها لها مجيبة‪ :‬وعليكم السالم اهال ميوسة‬

‫قطبت ميس جبينها مقتربة منها وهي تتسائل‪ :‬فكرت انك لن‬

‫تعودي للمحل بما ان اخيك مريض‬

‫تنهدت ليلى بملل مجيبة اياها‪ :‬اطمئني هو بخير فقد‬

‫انخفضت حرارته وتركته مع والدتي‬

‫لتتابع بعدها بحماس مستفهمة منها‪ :‬المهم االن اخبريني‬

‫كيف كانت الحفلة وهل اعجبتها هدايانا؟‬

‫قهقهت ميس على حماسها متخذة مجلسا بمكانها المعتاد‬

‫هاتفة‪ :‬كانت جيدة‪ ،‬هي فقط حفلة بسيطة لمجموعة من‬

‫صديقاتها وقريباتها ال غير‪...‬وقد احبت حقا الهدايا وفرحت‬

‫جدا بها ‪..‬وهي ترسل شكرها لك‬

‫‪269‬‬
‫لتقترب منها ليلى سائلة اياها بفضول انثوي‪ :‬بالمناسبة‬

‫كيف كان بيتهم؟‬

‫هزت ميس رأسها بسخرية على فضولها الال متناهي مجيبة‬

‫اياها بهدوء‪ :‬حسنا كان في غاية الجمال ومرتب ونظيف‬

‫أومئت لها ليلى بهدوء رافعة حاجبها بخبث‪ :‬وكيف حال‬

‫نزار ذاك‪..‬هل هو من اوصلك للمحل؟‬

‫توترت ميس من سؤالها الغريب مردفة‪ :‬هو بخير ‪..‬ونعم‬

‫هو من اوصلني لهنا بعد ان اصروا علي في ذلك‬

‫همست ليلى بمكر‪ :‬ذلك النزار كم هو شهم ووسيم‪.‬‬

‫ناظرتها ميس بحنق تجلى على تقاسيمها الجميلة متحدثة‪:‬‬

‫ماذا يا ليلى هل اصبحت تغازلين الرجال وانت على ذمة‬

‫رجل اخر؟‬

‫‪270‬‬
‫رفعت االخيرة حاجبها مستفهمة منها بخبث‪ :‬واين االشكال‬

‫يا ست ميس ‪ ،‬ألم يقل ذلك الشاعر‪..‬الجمال هو الجمال‬

‫سواء كان باألرض أو البحر‪..‬‬

‫قطبت ميس جبينها بإستغراب مغمغمة‪ :‬من الشاعر الغبي‬

‫الذي قال هاذا الشعر التافه؟‬

‫قهقهت ليلى بشدة محاولة تمالك انفاسها مردفة‪ :‬حسنا انا‬

‫من ألفتها فقط‬

‫ضحكت ميس عليها مغمغمة‪ :‬حسنا لقد احضرت معي علبة‬

‫من الشوكوالطة بالكراميل خذي منها حصتك وحصة اخيك‬

‫الصغير ايضا‬

‫تهللت اسارير ليلى بفرح مرددة‪ :‬وااو شوكوالطة يا الهي‬

‫كم احبها‪..‬لكن من اين احضرتها؟‬

‫‪271‬‬
‫هزت ميس كتفيها مجيبة‪ :‬اشتراها نزار لريم وهي اعطت‬

‫لي بعضها ‪..‬‬

‫رفعت ليلى حاجبها بخبث مهمهمة‪ :‬اشتراها لريم اذا ‪...‬‬

‫قلبت االخرى عينيها على سخافتها محاولة ترتيب بقية‬

‫االغراض على الرفوف ‪..‬متجاهلة ثرثرتها التي ال تنتهي‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫ليال وبعد صالة العشاء جلست ريم مع والدتها بالصالة‬

‫ترتشفان الشاي امام التلفاز ‪..‬فهتفت ريم بضجر‪ :‬اخي افسد‬

‫علي خطتي يا الهي كنت ألفرح لو تحققت‬

‫‪272‬‬
‫سألتها والدتها دون ان تستدير لها متابعة المشاهدة‬

‫مرتشفة من شايها‪ :‬أي خطة هذه يا ريم؟‬

‫زمت األخيرة شفيتها بعبوس طفولي مجيبة‪ :‬اخي الممل‬

‫ذاك ال اعرف لما طلب مني ان اذهب معهم بالسيارة ‪،‬لماذا‬

‫عليه ان يدخلني في كل شيئ‪...‬كان عليه ان يوصلها هي‬

‫فقط بدل جري معهم وكأنني عنزة‬

‫ناظرتها والدتها بحدة متحدثة‪ :‬ما خطبك يا ريم هل اردت‬

‫حقا ان نرسل الفتاة مع اخيك بمفردها هل هذه هي حقا‬

‫اخالقك؟‬

‫قلبت ريم عينيها بملل مرددة‪ :‬يا امي واين االشكال في ذلك؟‬

‫انا تعمدت ان اطلب من اخي ان يوصلها لكي يتسنى لهما‬

‫‪273‬‬
‫االقتراب قليال من بعضهما ربما قد يحدث نصيب بينهما‪...‬أم‬

‫انك ال تثقين في ابنك يا امي؟‬

‫وضعت والدتها فنجان الشاي على الطاولة وهي تحولق‪ :‬ال‬

‫حول وال قوة اال باهلل يا لصغر دماغك يا بنت بطني‬

‫توسعت عيني األخرى مهمهمة بتفاجئ مشيرة لنفسها‪ :‬انا‬

‫دماغي صغير يا امي؟‬

‫أومئت لها والدتها بنعم هادرة بسخط‪ :‬نعم انت‬

‫كذلك‪...‬تتسرعين في تصرفاتك دون ان تحكمي عقلك ‪..‬بدل‬

‫ان تخجلي من تصرفك ذاك‪ ،‬اصبحت تبررين للمنكرات ‪..‬انا‬

‫اثق في ابني ثقة كبيرة ‪ ،‬لكن هاذا ال يعني ان نتهاون في‬

‫حرمات الفتيات األخريات أو نقلل من شأنهن‪..‬أنت بنفسك‬

‫ذهبت إلصطحاب ميس من المحل‪ ،‬اذا كيف تتركينها تعود‬

‫‪274‬‬
‫بمفردها مع اخيك‪...‬حتى ولو كانت نيتك طيبة لكن هاذا ال‬

‫يبرر ان تغضي الطرف انها حرمة مثلك وهذه تعتبر اهانة‬

‫بحقها ‪،‬و نزار تصرف بنضج وشهامة عندما طلب منك‬

‫القدوم معهما كنوع من االحترام لها هل فهمت اآلن‬

‫عبست ريم متحدثة بخفوت‪ :‬لم اقصد هاذا فقط اردت ألخي‬

‫أن تصح له الفرصة معها دون طرف اخر‬

‫النت مالمح والدتها بحنو امومي فها هي ابنتها الصغيرة‬

‫تفكر في اخيها لتردف‪ :‬اخاك يا ريم ليس طفل رضيع‪..‬حتى‬

‫ولو كان يغض بصره ويتجنب الفتيات طاعة هلل تعالى ‪،‬هاذا‬

‫ال يعني أنه غبي أو ال يشعر صدقيني لو اراد ميس لن يقف‬

‫‪275‬‬
‫شيئ في طريقه‪ ،‬فقط فلنمهله فرصة فإن اقتنع بها اكيد‬

‫سيأتي فورا إلخبارنا لهاذا ال تشغلي بالك كثيرا‬

‫وضعت ريم يدها على خدها هامسة بتهكم‪ :‬اذا سننتظر مئة‬

‫سنة ليخبرنا بهاذا‬

‫فتابعت بعدها بحماس طفولي‪ :‬أمي نسيت أن أخبرك‬

‫‪..‬عندما كنا جالسات مع بعضنا أنا وميس وباقي الفتيات‬

‫تخيلي تلك الوقحة سهير تجرأت واتهمت ميس انها تتودد‬

‫لك لكي تكون كنة لنا في بيتنا‬

‫رفعت السيدة جيهان حاجبها بإستغراب مردفة‪ :‬تلك الفتاة ما‬

‫زالت وقحة كعادتها‪...‬لن تنضج ابدا‬

‫‪276‬‬
‫قهقهت ريم غامزة لوالدتها متحدثة‪ :‬لكن ال تقلقي إبنتك ريم‬

‫وضعت حدا لها‬

‫عقدت والدتها حاجبيها مستفهمة‪ :‬حقا‪..‬وماذا قلت لها؟‬

‫هزت األخيرة كتفيها بفخر انثوي بهي هاتفة‪ :‬اخبرتها أن‬

‫اخي معجب بميس ومولع بها ايضا ‪...‬هكذا ستقطع االمل‬

‫نهائيا تلك الحرباء‬

‫ضربت والدتها صدرها بكفها هادرة بغضب‪ :‬يا ولي ماذا‬

‫قلت؟‬

‫طرفت ريم بعينيها هامسة‪ :‬قلت كما اخبرتك توا؟‬

‫دلكت جيهان جبينها بكفها هاتفة بيأس‪ :‬انت ال فائدة منك‬

‫حقا‬

‫تحدثت ريم بسخط بعد أن عبس محياها‪ :‬لماذا يا امي تلك‬

‫العقرب هي تريد الزواج من اخي وتسعى إلبعاد أي فتاة‬

‫‪277‬‬
‫تحبينها أو قد يعجب بها نزار‪...‬لهاذا عليها أن تعلم أن أخي‬

‫لن يفكر بها ابدا؟‬

‫ناظرتها والدتها بحدة قائلة‪ :‬وهل عليك الكذب هكذا‪..‬الم‬

‫تفكري في مشاعر البنت ميس ‪ ،‬فهكذا أنت تصنعين لها‬

‫فقاعة من األحالم‪ ،‬وستحزن ويكسر خاطرها ان لم يتقدم‬

‫لها اخاك وقد تفكر انه احتقرها‪ ،‬او نحن ال نرضى بها‬

‫بيننا‪..‬لو علم اخاك بأنك قلت هاذا لن يصمت لك ابدا هذه‬

‫المرة؟‬

‫‪ -‬اعلم بماذا بالضبط؟‬

‫تسائل نزار دالفا عليهم بعد ان سمع كلمات والدته‬

‫األخيرة‪...‬ليأخذ مجلسا بجوارها مقبال رأسها بحب‪..‬فربتت‬

‫‪278‬‬
‫األخيرة على كفه بحنو صابة له الشاي واضعة فيه بعض‬

‫القرفل‪..‬حيث أخذ الفنجان منها شاكرا اياها متابعا تسائله‪:‬‬

‫ما الذي فعلته هذه المرة يا ريم هيا افحميني كعادتك؟‬

‫ابتلعت ريم ريقها بتوتر شابكة اصابع يديها مع بعضهما‬

‫البعض مغمغمة‪ :‬ال شيئ مهم يا اخي ال تهتم‬

‫ناظرها نزار بسخرية مرددا‪ :‬هيا اخبريني وانا الذي احكم‬

‫إن كان مهم أو ليس كذلك‬

‫وجهت ريم نظرها لوالدتها وكأنها تطلب منها العون ‪،‬إال أن‬

‫االخيرة رفعت حاجبها لها ترسل لها رسائل بأن تتحمل‬

‫نتائج خطئها‪..‬لتبتلع ريقها هامسة‪ :‬لكن عدني اوال انك لن‬

‫تغضب‪ ،‬ولن تصرخ علي‬

‫‪279‬‬
‫ارتشف نزار رشفة من الشاي مغمغما‪ :‬هاذا يعتمد على نوع‬

‫الخطأ‬

‫عبست ريم بطفولية مترجية اياه‪ :‬هيا يا نزار عدني اوال‬

‫تنهد اآلخر بخفوت مردفا بهدوء‪ :‬حسنا اعدك انني لن‬

‫اغضب ولن اصرخ عليك فقط ابهريني كعادتك‬

‫فركت ريم يديها ببعضهما البعض من شدة التوتر متحدثة‪:‬‬

‫حسنا‪...‬اسمع تلك الفتاة سهير انت تعرفها الحرباء الصفراء‬

‫‪،‬قالت لميس أنها تتملق والدتي فقط لكي تثبت وضعها‬

‫بالبيت ‪..‬يعني أنها تهدف لكي تتزوجها‬

‫قطب نزار حاجبيه مغمغما‪ :‬حقا قالت هكذا؟‬

‫‪280‬‬
‫فأردفت ريم بسرعة‪ :‬أجل يا أخي أقسم لك‪..‬لكن لقد اوقفتها‬

‫عند حدها تلك الغبية‪ ،‬فأخبرتها انه ليس من الضروري ان‬

‫تفعل ميس ذلك فأنت من اساس معجب ومولع بها‬

‫توسعت عيني نزار فاغرا فاهه واضعا فنجان الشاي ببطئ‬

‫شديد على المنضدة بجانبه‬

‫عضت ريم على شفتيها مغمضة عينيها بقوة وكأنها تحاول‬

‫الهروب من زلة لسانها الغبي والذي لطالما كان يوقعها في‬

‫المشاكل ‪..‬ففتحت احدى عينيها ليترائى لها اخيها ال يزال‬

‫جالسا بمكانه مغلقا ستار جفنيه بشدة وكأنه يحاول تمالك‬

‫نفسه كي ال يحطم رأسها‬

‫‪281‬‬
‫أخذ شهيق ثم زفير محاوال السيطرة على أعصابه فبسبب‬

‫اخته وشقاوتها المتهورة سيصاب بجلطة قلبية يوما‬

‫ما‪..‬هسهس بكل حدة‪ :‬اعيدي ماذا قلت لها ‪،‬لم اسمع جيدا؟‬

‫ارتبكت ريم اكثر هامسة بخفوت‪ :‬اقسم يا اخي هي اهانت‬

‫ميس امام الجميع وقد استفزتني حقا لهاذا فقط دافعت عن‬

‫ميس وألضع تلك الغبية عند حدها‬

‫لتتسع عينيه اكثر هاتفا‪ :‬تهينها في بيتنا ‪..‬تبا تلك الفتاة‬

‫تواقحت حقا امي ستكلمها ان تتوقف عن تلك‬

‫التصرفات‪...‬لكن كيف تكذبين الم نتحدث عن موضوع الكذب‬

‫هاذا يا ريم؟؟‬

‫ابتلعت ريم ريقها مطرقة بصرها حيث حجرها حرجا‬

‫مهمهمة‪ :‬اسفة يا اخي اقسم انها فقط لحظة غضب‬

‫‪282‬‬
‫دلك نزار جبينه هاتفا‪ :‬انت كارثة حقا ‪..‬‬

‫وضعت والدتها كفها فوق اآلخر مردفة‪ :‬البئس انا سأكلم‬

‫سهير كي تحترم نفسها قليال‪..‬وبخصوص ميس ال اظنها‬

‫ستأخذ االمر بجدية فأكيد قد عرفت شخصية وتسرع ريم‬

‫أومئت لها األخرى بإيجاب تقول بمكر خفي‪ :‬نعم امي معها‬

‫حق يا نزار سأتصل بها واشرح لها االمر كله‪..‬واخبرها ان‬

‫كالمي كله كذب وانك تعتبرها كأخت ال غير اكيد ستتفهم هي‬

‫ذلك‬

‫ارتبك نزار مبتلعا ريقها ماسحا على شعره بتوتر مهمهما‪:‬‬

‫ال تتصلي بها ال داعي لذلك فقد انتهى االمر‬

‫رفعت ريم حاجبها بخبث غامزة لوالدتها بعدها مستفهمة‬

‫منه‪ :‬لماذا قد ال اتصل بها؟‪..‬انا اخطئت وعلي ان اعتذر‬

‫‪283‬‬
‫منها ماذا لو ظنت الفتاة انك مولع بها حقا ‪..‬يجب تصحيح‬

‫الخطأ كي ال نمنح للفتاة امال زائفا‬

‫وافقتها والدتها كاتمة بسمتها مصطنعة الجدية‪ :‬نعم يا نزار‬

‫ريم معها حق عليها ان تصحح خطئها وان تشرح للفتاة كل‬

‫شيئ‬

‫شتت نزار انظاره عاجزا عن الشرح لهما فهو من األساس‬

‫ال يفهم نفسه ‪..‬فقط ال يريد لميس تلك ان تخيب أمالها به‬

‫هاذا إن كانت من األساس تفكر فيه‪..‬زفر بخفوت متنهدا‪:‬‬

‫فقط ال تتصال بها سأحل الموضوع بنفسي حسنا‬

‫ليستقيم بعدها مغادرا المجلس تاركا كل من اخته ووالدته‬

‫تضحكان بصمت على ارتباكه الواضح‬

‫‪284‬‬
‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫صباحا عدة طرقات تطرق على بابها فهرعت االخيرة لفتحه‬

‫كي ال ينكسر من وقع الطرق‪..‬فترائى لها وجه صديقتها‬

‫الحانق التي أردفت من بين اسنانها‪ :‬ميس يا بلهاء لقد‬

‫تأخرنا عن العمل فلتسرعي‬

‫أغمضت ميس عينيها محاولة تمالك اعصابها كي ال تشتمها‬

‫هامسة بخفوت غاضب ‪ :‬اوال الناس تقول صباح‬

‫الخير‪...‬ثانيا ما زال اكثر من ربع ساعة على موعد العمل‬

‫‪..‬ثالثا ألم تخبرنا السيدة سعاد انها ستتولى صباحا الجلوس‬

‫بالمحل بما انها ليست مشغولة‬

‫‪285‬‬
‫كتفت ليلى ذراعيها على صدرها متحدثة بملل‪ :‬قلت تأخرنا‬

‫يعني تأخرنا ال تناقشيني يا فتاة‬

‫قلبت ميس عينيها على سخافتها فدلفت لغرفتها الصغيرة‬

‫حاملة حقيبتها الرمادية اللون والتي ماثلت لون حجابها‬

‫ووشاحها السكري مغادرة إياها مغلقة خلفها الباب‬

‫‪...‬هاتفة‪ :‬هيا تحركي أمامي قبل أن أنفجر في‬

‫وجهك‪...‬سبحان هللا أصبحت فجأة تحبين العمل و مجدة فيه‬

‫ناظرتها ليلى بحنق قائلة‪ :‬اتقان العمل واجب يا ميس‪ ،‬ال‬

‫يجوز أن نتأخر او نتهاون به ‪..‬هاذا ما يسمى باألكل الحالل‬

‫تعلمي اخالقيات العمل‬

‫‪286‬‬
‫قهقهت ميس بخفة عليها هازة رأسها ساخرة منها‪ :‬ما شاء‬

‫هللا كل هذه االخالق لديك وانا ال اعلم‪..‬الحمد هلل شهدت‬

‫بعضها قبل ان اموت يا ليلى‬

‫قلبت االخرى عينيها عليها متجاهلة اياها‪...‬لتضربها ميس‬

‫بكوعها مستفهمة منها بشقاوة‪ :‬هيا اخبريني فقط ما سبب‬

‫هاذا النشاط وأعدك لن أخبر أحد‬

‫ضحكت ليلى عليها بشدة فغمزت لها هاتفة‪ :‬حسنا عديني‬

‫أنك لن تخبري أحد أوال‬

‫كتمت االخيرة بسمتها مومئة لها بإيجاب مرددة‪ :‬حسنا‬

‫اعدك‬

‫‪287‬‬
‫انحنت لها ليلى قليال مقتربة منها فهمست لها بخفوت‬

‫شديد‪ :‬أنا احبك فقط‬

‫قهقهت بعدها بشدة على مالمحها المتململة منها‪...‬حيث‬

‫قلبت صديقتها عينيها على تفاهة صديقتها مردفة‪ :‬مملة‬

‫توقفت ميس فجأة محدقة أمامها بتدقيق وقد تهللت‬

‫اساريرها لتتحدث بإستفهام‪ :‬أليست تلك سحر؟ ؟‬

‫وجهت ليلى بصرها حيث تنظر‪ ،‬فلمحت من بعيد سيارة‬

‫زرقاء فخمة ترجلت منها فتاة بحجابها النيلي ‪..‬فعمت‬

‫مالمح الفرح وجهها هاتفة بسعادة جلية‪ :‬نعم إنها هي‪،‬‬

‫تعالي فلنذهب لها‬

‫‪288‬‬
‫تحركت الفتاتان بخطوات سريعة مشتاقة لصديقتهم‬

‫سحر‪..‬تلك الروح الطيبة النقية محبوبة الجميع و ذات القلب‬

‫الحنون والعطوف ‪..‬فقد كانت هذه األخيرة اختا لهم رغم‬

‫انها وافدة جديدة بالحي قبل سبع سنوات فقط ‪ ،‬إال أنها نالت‬

‫إحترام الكل سواء الكبير منهم أوالصغير ‪..‬والحمد هلل قد َمن‬

‫هللا عليها إيجادها ألسرتها الحقيقية بعد طول فراق‬

‫إقتربتا منها لتنادي عليها ليلى بحيوية‪ :‬سحر يا فتاة اهال‬

‫إستدارت لهما األخيرة بمالمحها الجميلة البهية فبرقت‬

‫مقلتيها العسليتين وقد عمت السعادة محياها مردفة بحماس‬

‫مشتاق‪ :‬ميس وليلى حبيبتاي‪..‬‬

‫دنت منهما بسرعة حاضنة اياهما معا محيطة كلتاهما‬

‫بذراعيها مغمغمة بحب شديد‪ :‬يا الهي اشتقت لكما حقا‪..‬‬

‫‪289‬‬
‫قهقهت ليلى بخفة عليها لتضربها على ظهرها مردفة‬

‫بتهكم‪ :‬لم يمر إال يومان لم نلتقي بهما لهاذا توقفي عن هذه‬

‫الدراجيديا ‪،‬تبا سأتقيأ بسببك أنت وميس‬

‫ضحكت ميس مبادلة سحر الحضن مهمهمة بحب مماثل‪:‬‬

‫وانا ايضا حبيبتي اشتقت لك كثيرا‪..‬‬

‫ليبتعدوا عن بعض بعد لحظات فناظرت ليلى ذلك الشاب‬

‫الواقف بعيدا عنها مشتتا بصره بالحي ‪ ،‬فدنت اكثر من‬

‫سحر هامسة لها بشقاوة والمكر ينبع من ثنايا كلماتها‪ :‬من‬

‫ذلك الوسيم الذي اتيت برفقته يا سحورة ‪،‬هل ذهبت البارحة‬

‫لتصطادي هذه التحفة الفنية‬

‫قرصتها سحر على ذراعها فتألمت األخرى ماسحة بكفها‬

‫على موضع األلم ‪،‬ليتهادى لها صوتها صديقتها سحر‬

‫المعاتب‪ :‬ألن تتوقفي عن وقاحتك يا فتاة غبت يومين فقط‬

‫‪290‬‬
‫وها أنت ما زلت قليلة األدب ‪...‬لو علم خطيبك أنك تتغزلين‬

‫في باقي الشباب لتركك‬

‫هزت ليلى كتفيها مغمغمة بملل‪ :‬تبا كيف نرى الجمال وال‬

‫نغازله يا فتاة ‪،‬انظري لكتلة العضالت التي خلفك ‪...‬سبحان‬

‫من خلق فأبدع‬

‫قهقهت ميس على مالمح سحر الحانقة والتي كتفت‬

‫ذراعيها زامة شفتيها بعبوس طفولي جذاب لتردف بضجر‬

‫بعدها‪ :‬الذي تغازلينه يا فتاة هو أخي على فكرة‬

‫رفعت ليلى حاجبها لتعلو شفتيها إبتسامة ماكرة غامزة لها‪:‬‬

‫إذا كتلة الجاذبية تلك أخاك‪..‬ال أستغرب حقا فأنت فاتنة فأكيد‬

‫أخاك سيكون مثلك‬

‫‪291‬‬
‫قهقهت ميس وسحر في آن واحد لتضع األخيرة كفها على‬

‫ثغرها هامسة لها‪ :‬هاذا أخي زياد األوسط فقط‪ ،‬عليك إذا أن‬

‫تري أخي األكبر أدهم ‪..‬ما شاء هللا هو اآلخر ال يقل وسامة‬

‫عن هاذا الذي بالخلف‬

‫فغرت ليلي فاهها مرددة‪ :‬تبا يبدو أن حياتي أنا وميس كانت‬

‫دون فائدة ما دمنا لم نرى كل هاذا الجمال‬

‫ضربتها ميس بخفة على ذراعها مغمغمة‪ :‬توقفي عن هذه‬

‫السخافة‪..‬فسحر واضح انها أتت إلصطحاب شهد ‪،‬معها‬

‫اليس كذلك؟؟‬

‫أومئت لها األخيرة متنهدة بخفوت وإبتسامة حانية تعلو‬

‫شفتيها الكرزية مجيبة‪ :‬نعم ‪ ،‬فأكيد ال أستطيع ترك شهد‬

‫لوحدها وهي بالذات قطعة من روحي‬

‫‪292‬‬
‫ربتت ميس بحنو على كتفها متحدثة‪ :‬حقا أنت أخت رائعة يا‬

‫سحر ‪،‬ونحن فخورات بك جدا ‪..‬أصيلة كعادتك ومعدنك طيب‬

‫عسى هللا أن يكرمك بكل خير‬

‫التمعت عيني سحر على تشجيعها لتبتسم بود هاتفة‪:‬‬

‫سأدعوكم قريبا لتعرف على أسرتي‪ ،‬و إياكم أن أسمع رفضا‬

‫قهقهت ليلى بحبور جلي قائلة ‪ :‬من هذه الناحية إطمئني‬

‫فنحن متشوقات لرؤية كتلة الجاذبية األخرى‬

‫قلبت سحر عينيها عليها هامسة‪ :‬حسنا ‪،‬أغربي عن وجهي‬

‫اآلن قبل أن أبتلي بك هاذا الصباح‬

‫ضحكت ميس على حنقها لتشد ليلى معها متجهتان لعملهما‬

‫‪،‬مردفة بعدها‪ :‬سنتصل بك مساءا يا سحر‬

‫أومئت لها االخيرة هاتفة‪ :‬أكيد حبيبتي‬

‫‪293‬‬
‫فتنهدت براحة متحركة بخطوات حثيثة نحو أخيها الذي كان‬

‫بإنتظارها والذي أردف بحنق مصطنع‪ :‬كان عليك ان‬

‫تشربي الشاي أيضا البئس ‪ ،‬كما تعلمين فأنا سائقك الخاص‬

‫تبسمت له سحر بشقاوة ناظرة له بزهو انثوي جذاب ‪ :‬ال‬

‫تقلق المرة القادمة باذن هللا يا اخي‬

‫•~• بعد شهرين •~•‬

‫دلفت ميس للمحل بإبتسامتها البهية فألقت التحية على‬

‫ليلى‪ :‬السالم عليكم يا ليلو‬

‫‪294‬‬
‫رفعت االخرى رأسها تزم شفتيها بعبوس مهمهمة‪ :‬ال‬

‫تكلميني‬

‫عقدت األخيرة حاجبها بتفاجئ من مزاجها السوداوي‬

‫متجهة لجزئها المخصص لها مردفة‪ :‬حقا ‪،‬ولماذا؟؟ يا فتاة‬

‫البارحة فقط كنت بخير وتضحكين معي‬

‫تجاهلتها ليلى متابعة ترتيب قطع المالبس فوق بعضها‬

‫البعض‪..‬ضيقت ميس عينيها بتفكير هامسة‪ :‬ماذا هل‬

‫تشارجت مجددا مع خطيبك ‪،‬ووجدتني سبيال انا كالعادة‬

‫لتفريغ شحناتك السلبية علي‪..‬‬

‫إستدارت لها ليلى مكتفة ذراعيها على صدرها ومالمح‬

‫الحنق تعلو محياها ‪...‬فقلبت ميس عينيها بضجر قائلة‪ :‬ال‬

‫‪295‬‬
‫تقولي اثأنك تتدللين علي لكي ارافقك إلحدى المحالت كما‬

‫فعلت االثأسبوع الماضي‬

‫هسهسهت ليلى بغضب متحدثة‪ :‬مع من كنت مشغولة‬

‫البارحة ليال؟؟‬

‫طرفت ميس برمشها عدة مرات بتفاجئ مستفهمة‪ :‬ماذا‬

‫تقصدين بالضبط؟‬

‫إبتسمت ليلى إبتسامة بالستيكية مرددة‪ :‬كما سمعت بالضبط‬

‫هل لديك حبيب وانا ال علم لي؟‬

‫رفعت ميس حاجبها باستغراب مجيبة إياها‪ :‬حبيب؟ هل‬

‫أصاب عقلك عطب ما يا ليلى‪ ،‬انا ال حبيب لي وتعلمين أنني‬

‫ال أدخل في عالقات محرمة كهذه‬

‫ضربت األخيرة بقدمها على األرض هادرة بسخط‪ :‬اذا مع‬

‫من كنت مشغولة البارحة ليال؟؟‬

‫‪296‬‬
‫زفرت ميس بضجر مردفة‪ :‬اسمعي‪ ،‬تكلمي مثل البشر بكالم‬

‫مفهوم أو اصمتي احسن‬

‫تنهدت ليلى بخفوت متحدثة بهدوء‪ :‬اتصلت بك البارحة ليال‬

‫بعد صالة العشاء‪ ،‬اال ان هاتفك كان مشغوال ‪...‬هيا اكشفي‬

‫المستور مع من كنت تتحدثين؟‬

‫قهقهت ميس بخفة عليها هاتفة‪ :‬هكذا اذا‪ ،‬هاذا هو سبب‬

‫مزاجك العصبي ‪..‬يا فتاة اتصلت بي ريم البارحة وانشغلنا‬

‫بالكالم فقط‬

‫مطت ليلى شفتيها زافرة بملل تجلى على تقاسيم وجهها‬

‫الجميل مرددة‪ :‬تلك الفتاة مجددا اال تكف عن االتصال بك‬

‫طوال الوقت‬

‫‪297‬‬
‫ضحكت ميس على غيرتها الطفولية مغمغمة بمحبة‪ :‬الفتاة‬

‫طيبة يا ليلى‪ ،‬وهي ايضا لطيفة جدا واستمتع بصحبتها‬

‫كثيرا‬

‫قلبت االخرى عينيها ضجرا لتتخذ مجلسا على كرسيها‬

‫هاتفة‪ :‬اصبحت اكرهها تلك السارقة ‪...‬لقد اخذتك مني حقا‬

‫قهقهت ميس مقتربة منها بخطوات حثيثة لتنحني لها مقبلة‬

‫وجنتها بحب مردفة‪ :‬هيا يا ليلى تعرفين انك االصل واالغلى‬

‫واالحب عندي انت وسحر ايضا‪...‬وريم تشبهكما في الخلق‬

‫والقلب الطيب لهاذا ارتحت لها‬

‫فهمست بخفوت اكبر‪ :‬واالهم انها تحبك ايضا ‪،‬لهاذا فهي‬

‫تستمتع بإستفزازك وازعاجك ال غير‬

‫‪298‬‬
‫تبسمت لها ليلى هازة كتفيها بزهو انثوي ظريف مهمهمة‪:‬‬

‫اكيد ستحبني‪ ،‬ومن الغبي هاذا الذي ال يعشقني‪...‬تبا انا‬

‫رائعة حقا‪ ،‬سبحان من خلقني‬

‫زفرت ميس بملل عائدة لمكانها قائلة‪ :‬تبا لغرورك هاذا‬

‫وضعت ليلى كفها على خدها غامزة لها بشقاوة مستفهمة‬

‫منها‪ :‬بالمناسبة ألم تحدثك عن أي أمر مهم؟‬

‫ضيقت ميس عينيها بإستغراب متسائلة‪ :‬أمر مهم‪ ،‬مثل‬

‫ماذا؟‬

‫رفعت االخيرة حاجبها مغمغمة‪ :‬مثال أمر يخص المستقبل أو‬

‫مشاريع مستقبلية جدية قادمة في الطريق‬

‫حركت ميس رأسها للجانبين نافية هامسة‪ :‬ال ابدا ‪...‬ولماذا‬

‫قد تخبرني بمشاريعها المستقبلية فأنا صديقة جديدة فقط‬

‫‪299‬‬
‫ولم نصل لذلك العمق من الصداقة لتطلعني على ماهو مهم‬

‫هكذا‬

‫ضربت ليلى جبينها بكفها متحدثة بسخط‪ :‬ومن قال انني‬

‫اقصد مشاريعها هي يا فتاة‪...‬؟‬

‫طرفت ميس بجفنيها هادرة بضجر‪ :‬تكلمي مثل البشر يا‬

‫ليلى أو إصمتي إجسن‪...‬توقفي عن أحجياتك هذه‬

‫تأففت ليلى بحنق على غباء صديقتها مغمغمة‪ :‬مثال‬

‫مشروع خطبة أخيها؟ ؟‬

‫إستدارت لها ميس بسرعة مبتلعة ريقها مستفهمة بتوتر‪:‬‬

‫هل نزار سيخطب؟‬

‫رفعت صديقتها حاجبها بمكر انثوي‪ :‬ال ‪..‬فقط كنت أتسائل‬

‫إن ذكر لها هاذا ‪..‬؟‬

‫‪300‬‬
‫شتتت ميس أنظارها بأرجاء المحل مهمهمة‪ :‬ال لم تذكر لي‬

‫أي شيئ من هذا القبيل‪ ،‬وأيضا هذا شأنهم العائلي ال أظن‬

‫أنها قد تخبرني من األساس‬

‫تبسمت لها ليلى بحنو هامسة لها‪ :‬انت اصبحت فردا منهم‬

‫تقريبا‪ ،‬أنسيتي أنهم دعوك مرتين للغذاء عندهم خالل هاذان‬

‫الشهران ‪..‬ما عدت بغريبة يا فتاة‬

‫صمتت ميس مفكرة بكلماتها لتتنهد بعدها بخفوت مغيرة‬

‫الموضوع‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪301‬‬
‫إرتشف نزار من قهوته شاردا في أفكاره ‪،‬والتي إزدادت‬

‫اآلونة األخيرة‪..‬فأردفت ريم وهي تصب العصير في كأسها‪:‬‬

‫أمي سأمر بعد إنتهاء الجامعة على ميس فقد إشتقت لها‬

‫كثيرا‬

‫تبسمت لها والدتها بحنو رافعة حاجبها بإستفهام‪ :‬حسب‬

‫علمي فقد كنتما تتكلمان طوال الليل ‪،‬هل إشتقت لها بهذه‬

‫السرعة يا إبنتي‬

‫قهقهت ريم واضعة كأسها على طاولة بعد أن إرتشفت منه‬

‫عدة رشفات مجيبة‪ :‬الهاتف ال يغني ابدا عن اللقاءات‬

‫الواقعية يا امي‬

‫‪302‬‬
‫حولت نظراتها نحو أخيها الشارد بتسائل‪ :‬أليس كذلك يا‬

‫أخي؟ ؟‬

‫قطبت ريم حاجبيها بإستغراب فناظرت والدتها والتي بادلتها‬

‫نفس النظرة‪ ،‬لتربت على ذراعه بلطف مغمغمة بحب‬

‫أمومي‪ :‬بني هل انت بخير؟‬

‫إستفاق من شروده قائال‪ :‬نعم أمي هل تحتاجين شيئا؟‬

‫تبسمت له والدته مستفهمة منه‪ :‬كنت شاردا بني وكلمتك‬

‫اختك ولم ترد عليها‪...‬هل انت بخير عزيزي؟‬

‫تنهد نزار بخفوت مومئا برأسه ايجابا مرددا‪ :‬نعم يا غالية‬

‫الحمد هلل‪...‬فقط شردت‬

‫‪303‬‬
‫ضيقت ريم عينيها بتوجس سائلة اياه‪ :‬وفيم شردت يا‬

‫اخي؟؟‪...‬منذ فترة وانا اراك شاردا‬

‫تجاهلها نزار مهمهما بضجر‪ :‬الشيئ يخصك‬

‫قلبت األخيرة عينيها هامسة بخفوت‪ :‬انت ممل‬

‫استقام اآلخر من كرسيه ضاربا اخته على رأسها بخفة‬

‫فصرخت فيه هادرة أن يكف عن ضرب رأسها‪ ..‬فتجاهلها‬

‫الثما جبين والدته مغادرا نحو عمله‬

‫إبتسمت ريم بمكر غامزة لوالدتها‪ :‬هل يفكر فيها يا أمي‬

‫‪..‬أراهن بحياتي كلها أنها هي من تشغل باله وتجعله شاردا‬

‫هائما هكذا‬

‫‪304‬‬
‫تنهدت أمها بخفوت مهمهمة‪ :‬يا ليت يكون األمر‬

‫هكذا‪..‬فليصارحني فقط وسأخطبها له فورا‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫عصرا دلفت ريم للمحل ملقية التحية بأدب‪ :‬السالم عليكم‬

‫ورحمة هللا‬

‫نزعت السيدة سعاد نظارتها مجيبة بمودة‪ :‬وعليكم السالم‬

‫بنيتي ‪...‬تفضلي‬

‫شتتت ريم نظرها بأرجاء المحل باحثة عن ميس‪ ،‬فلم تجدها‬

‫فإستفهمت من السيدة سعاد بهدوء‪ :‬عذرا يا عمة أين ميس‬

‫فأنا صديقتها؟‬

‫‪305‬‬
‫تبسمت لها سعاد بلطف مغمغمة‪ :‬ميس وليلي غادرتا منذ‬

‫نصف ساعة يا بنيتي فقد إنتهى موعد عملهم قبل العصر‬

‫تنهدت ريم بخفوت وعمت الخيبة مالمح وجهها لتستفسر‬

‫منها‪ :‬حسنا من فضلك هل تعرفين أين يقع منزلها بالضبط‬

‫‪،‬فقد سمعت أنها تقطن بهاذا الحي؟‬

‫استقامت سعاد من مجلسها متحركة بخطواتها هادئة‬

‫مجيبة‪ :‬حسنا اتبعيني‬

‫تحركت األخيرة‪ ،‬ورائها مغادرتين المحل فوقفتا على أعتابه‬

‫حيث أشارت لها السيدة سعاد بيدها مردفة‪ :‬هل رأيت ذلك‬

‫البيت األبيض البسيط ‪،‬قرب محل العتاد في نهاية الحي‬

‫تقريبا ذاك هو بيتها‪...‬ستجدين لون بابها رمادي داكن‬

‫‪306‬‬
‫أومئت لها ريم بهدوء شاكرة اياها بإحترام‪ :‬شكرا لك حقا يا‬

‫عمة‪...‬واالن في حفظ هللا‬

‫تبسمت لها األخرى بلطف مهمهمة‪ :‬اهال بك بنيتي‬

‫فعادت نحو محلها متوغلة فيه متابعة عملها به‬

‫طرقات تطرق على بابها‪ ،‬فعقدت حاجبيها مغلقة كتابها‬

‫مستقيمة من سريرها ‪..‬فليلى كانت معها منذ قليل وعمها‬

‫وعائلته ليس من عادتهم أن يطرقوا بابها إال نادرا جدا‬

‫‪..‬إرتدت إسدالها فاتحة الباب بعدها‪ ،‬حيث تجلى لها وجه‬

‫ريم البشوش بمالمحها الجميلة‬

‫تهللت أسارير ميس وعمت الفرحة محياها لتدنو منها‬

‫حاضنة إياها بقوة هامسة لها‪ :‬ما هذه المفاجئة يا ريم‬

‫اشتقت لك حقا يا شقية‬

‫‪307‬‬
‫بادلتها األخرى الحضن مقهقهه بخفة هاتفة‪ :‬طبعا من الغبي‬

‫الذي ال يشتاق لي‬

‫قلبت ميس عينيها على غرورها ضاربة اياها بخفة على‬

‫ذراعها متحدثة‪ :‬باهلل عليك توقفي عن غرورك السخيف‬

‫هاذا‬

‫قبضت على كفها جاذبة اياها للغرفة متابعة حديثها‪ :‬حسنا‬

‫تفضلي أوال‪ ،‬وتوقفي عن الحديث دون توقف خارجا‬

‫دلفت ريم لغرفتها ملقية انظارها بأرجائها‪ ،‬فقد كانت ذات‬

‫اثاث بسيط جدا لكنها مرتبة ونظيفة‪..‬لتعقد حجابيها‬

‫مستغربة فقد أخبرتها ميس من قبل أنها تعيش عند عمها ‪..‬‬

‫فإستدارت لميس مستفهمة منها‪ :‬ألم تقولي انك تعشين‬

‫ببيتك عمك؟؟‬

‫‪308‬‬
‫توترت ميس مجيبة بخفوت أليم‪ :‬نعم انا كذلك‪..‬هذه الغرفة‬

‫كانت تابعة لبيته وأعطاها لي‬

‫قطبت ريم جبينها موجهة أنظارها ألحد الجدران والذي يبدو‬

‫أن وجوده حديث العهد ‪،‬استغربت ريم اكثر وتشوش‬

‫تفكيرها مستفهمة‪ :‬هل فصلت بغرفة خارجية عن بيت عمك‬

‫يا ميس؟؟‬

‫تنهدت ميس مغلقة عينيها بحسرة أدمت قلبها المكلوم‬

‫مسبقا مرددة‪ :‬اجلسي سأحضر لك بعض القهوة يا ريم‬

‫اتخذت ريم مجلسا على احدى الكراسي البالستيكية ‪،‬‬

‫شاعرة بنغزات مؤلمة تدق فؤادها على وضع صديقتها‬

‫‪،‬فواضح أن عمها هاذا قد تخلى عن مسؤوليته تجاه إبنة‬

‫أخيه المتوفى‪...‬فتنهدت زافرة بألم على تفكير بعض عديمي‬

‫‪309‬‬
‫الضمير‪..‬لترتدي قناع المرح مجددا متحدثة‪ :‬انا ال أشرب‬

‫القهوة يا فتاة ‪،‬خاصة عصرا ألنها تجعلني أتأخر بالنوم‬

‫تبسمت لها ميس نازعة إسدالها‪ ،‬لتنسدل تلك الضفيرة‬

‫البنية مغمغمة بحب‪ :‬حسنا حبيبتي سأسكب لك بعض‬

‫العصير‪ ،‬انه بذوق التوت هو لذيذ حقا سيعجبك‬

‫تأملتها ريم بمحبة صادقة هامسة لها بحبور جلي على‬

‫تقاسيم وجهها‪ :‬تبدين جميلة جدا دون حجاب ‪..‬خاصة لون‬

‫شعرك مالئم تماما لبشرتك‬

‫قهقهت ميس بخفة ساكبة لها العصير لتحمل تلك الصينية‬

‫الصغيرة واضعة اياها امامها على المنضدة التي بقربها‬

‫‪310‬‬
‫مغمغمة‪ :‬انت اكثر شخص يبالغ في مدحي يا صغيرة‬

‫‪..‬تفضلي‬

‫كشرت ريم عن مالمحها آخذة كأس العصير ترتشف منه‬

‫بضع رشفات مردفة‪ :‬أخبرتك ألف مرة ال تناديني بلفظ‬

‫الصغيرة‪...‬هل تعانين من صعوبة في اإلدراك؟‬

‫جلست ميس مقابلة لها وهي تضحك بشدة على حنقها‬

‫الظريف متحدثة‪ :‬انا أكبر منك ‪..‬إذا تعتبرين بالنسبة لي‬

‫صغيرة‬

‫قلبت األخرى عينيها مهمهمة بضجر‪ :‬أنت أكبر مني فقط‬

‫بثالث سنوات ‪...‬ال تحسسيني وكأنك في سن اليأس‬

‫‪311‬‬
‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫دلفت ريم حانقة للبيت فرمت حقيبتها على أقرب أريكة‬

‫متحركة جيئا وذهابا ‪ ،‬في محاولة فاشلة لتمالك أعصابها ‪،‬‬

‫هادرة بشتائم قل ما تستخدمها‪ :‬ذلك الوغد الجشع‬

‫الخسيس‪..‬ال‪..‬‬

‫فصرخت ضاربة األرض بقدمها ‪..‬هرعت لها والدتها بعد أن‬

‫تهادى صوتها الساخط لمسمعها ‪..‬إقتربت منها أمها‬

‫متوجسة لتستفهم منها‪ :‬ما خطبك يا ريم‪ ،‬لما كل هاذا‬

‫الغضب بنيتي؟‬

‫‪312‬‬
‫نزعت ريم وشاح رأسها بحنق ‪ ،‬محاولة التنفس وعدم‬

‫اإلختناق من شدة الغضب‪ ..‬أخذت شهيق وزفير كي ال تنهار‬

‫‪..‬فهتفت من بين أنفاسها‪ :‬ذلك الكريه‪...‬ال‪....‬حسنا علي أن‬

‫اتوقف عن شتمه كي ال ينال حسنات مني‪ ،‬بسبب غيبتي له‬

‫ربتت أمها بحنو على ذراعها هامسة بتسائل‪ :‬حسنا حبيبتي‬

‫أخبريني فقط من أغضبك هكذا؟‬

‫أسدلت ريم ستار جفنيها دالكة رقبتها مجيبة‪ :‬عم ميس هو‬

‫من أثار حنقي يا أمي‪..‬فقط لو أقابله سأمسح بكرامته الغبية‬

‫تلك االرض ‪..‬‬

‫قطبت السيدة جيهان جبينها مستفهمة منها بهدوء‪ :‬خيرا‬

‫بنيتي ما األمر الذي فعله حتى يثير حنقك هكذا؟‬

‫‪313‬‬
‫تنهدت ريم جالسة بوهن على أقرب أريكة مرددة‪ :‬كنت منذ‬

‫قليل عند ميس يا أمي ببيتها‪..‬أو باألحرى بغرفتها‬

‫تلك‪..‬تخيلي يا أمي هي ال تعيش مع عمها وعائلته‬

‫إتخذت والدتها مجلسا بجانبها رابتة على ظهرها بحنان‬

‫عاقدة حاجبيها بتوجس سائلة إياها‪ :‬إذا أين تعيش؟‬

‫رفعت ريم أنظارها الحزينة لوالدتها مهمهمة بألم‪ :‬عمها‬

‫الحقير ذاك عزلها بغرفة جانبية لوحدها ‪..‬قام ببناء جدار‬

‫بغرفتها لتنعزل بمفردها‪ ،‬وبالتالي تكون غرفتها مطلة على‬

‫الشارع ‪..‬‬

‫‪314‬‬
‫ضربت والدها صدرها بكفها هادرة‪ :‬عزلها لتكون لوحدها‬

‫مقابلة للشارع‪..‬ويكون بابها مطال على كل غادي ‪..‬ما هذه‬

‫الخسة‬

‫إغرورقت مقلتي ريم بحزن شديد فهي حساسة ضد أي‬

‫ضلم‪ ،‬وتنبذه منذ صغرها خاصة إذا كان الشخص يتيما دون‬

‫سند فهي عاشت كذلك ‪ ،‬لكن هي هللا اكرمها بوالدتها‬

‫الحنونة وأخيها العطوف المحب‪...‬إال أن ميس المسكينة ال‬

‫أحد لها اال هللا ‪..‬لتهمس‪ :‬صحيح أن ميس لم تخبرني ‪،‬إال‬

‫أنني فهمت ذلك بعد أن ولجت لغرفتها امي‪..‬لو رأيت تلك‬

‫النظرات بعينيها عندما سألتها عن موضوع ‪..‬مازلت تلك‬

‫النظرة لم تغب عن مرآي حتى اآلن‬

‫‪315‬‬
‫حضنتها والدتها بحب رابتتة بدفئها المعتاد مغمغمة‪ :‬ال‬

‫تقلقي بنيتي ستفرج اكيد ‪..‬سنجد لها حال ‪..‬ميس جميلها في‬

‫رقبتي ليوم الدين لن نتركها هكذا ابدا إطمئني‬

‫رفعت ريم رأسها نحو والدتها بلهفة ماسحة دموعها‬

‫المنسابة مردفة بإستبشار‪ :‬حقا يا امي‪...‬كيف سنساعدها؟‬

‫تنهدت والدتها بخفوت هاتفة‪ :‬إن كان أخيك يوافق سنخطبها‬

‫له ويتزوجا سريعا‪..‬‬

‫قبضت ريم على ذراع والدتها مقاطعة اياها بحماس‬

‫إنفعالي‪ :‬نعم يا امي هكذا أحسن‪ ،‬ال يوجد افضل من ميس‬

‫ألخي ‪..‬فلنخطبها له افضل‬

‫‪316‬‬
‫قهقهت السيدة جيهان على حماس ابنتها فتحدثت بعدها‬

‫بتوضيح‪ :‬يا ريم األمور ال تأخذ بالعجلة بنيتي‪..‬اوال هناك‬

‫رأي ميس و اخيك أيضا‪ ،‬نأخذ موافقة كالهما اوال ثم نتحرك‬

‫بعدها‪...‬فأكيد لن نضغط أخاك على المضي قدما في موضوع‬

‫الخطبة دون قناعة تامة منه صغيرتي‬

‫زمت ريم شفتيها بعبوس هامسة‪ :‬إن رفض فسيكون غبي‬

‫وأحمق عن جدارة ‪،‬فميس فتاة ال تعوض حقا‬

‫النت مالمح والدتها أكثر مردفة بعدها‪ :‬أو نبحث لها عن‬

‫بيت مناسب لتقيم فيه ‪،‬ويكون قريبا منا هنا بمنطقتنا‪،‬‬

‫وبالتالي تكون تحت اعيننا ونرعاها‬

‫ابتسمت ريم مأل شدقيها هاتفة بتصفيق‪ :‬نعم هذا جيد ايضا‬

‫‪،‬وهكذا ستكون دائما معي ونتسلى مع بعض ‪...‬ياااي‬

‫‪317‬‬
‫ضيقت عينيها فجأة وكأنها أدركت شيئا ما لتستفهم بعدها‪:‬‬

‫لماذا ال تأتي للعيش معنا افضل يا امي‪ ،‬بيتنا واسع جدا‬

‫ونحن فقط ثالثة افراد؟‬

‫تنهدت والدتها محولقة ‪ :‬ال حول وال قوة اال باهلل‪..‬ما خطبك‬

‫يا ابنتي لماذا ال تشغلين دماغك هاذا قليال‪..‬كيف تعيش معنا‬

‫واخوك موجود بنفس البيت‬

‫قطبت األخيرة جبينها متسائلة بسذاجة‪ :‬واين اإلشكال في‬

‫ذلك‬

‫هزت والدتها رأس بيأس على ابنتها مردفة‪ :‬اخوك يضل‬

‫شابا اجنبيا عنها افهمي‬

‫لتستقيم بعدها من مجلسها مسترسلة حديثها‪ :‬سأذهب‬

‫ألنهي إعداد الطعام افضل من البقاء معك‬

‫‪:‬‬

‫‪318‬‬
‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫صباحا غادرت ميس المكتبة فقد إستغلت أن اليوم عطلة‬

‫إلقتناء بعض الكتب التي تشوقت لقراءتها‪..‬بضع رنات‬

‫إخترقت مسمعها فأسرعت إلخراج هاتفها من جيب حجابها‬

‫الالزردي والذي الئم وشاحها الوردي الباهت‪،‬حيث ترائى‬

‫لها اسم صديقتها ليلى‪،‬فإرتفعت زاوية شفتاها الوردية‬

‫بإبتسامة تلقائية مجيبة على الهاتف‪ :‬مرحبا يا ليلو ‪...‬لماذا‬

‫تتصلين بها صباحا هل رأيتني في منامك مثال؟‬

‫قهقهت األخيرة متثائبة مستقيمة من سريرها تمسح عينيها‬

‫من أثر النوم مجيبة‪ :‬تبا حلمت بك انك تأكلين تمرا يا‬

‫فتاة‪..‬اخرجي من دماغي ارجوك‬

‫‪319‬‬
‫ضحكت ميس بخفة مستفهمة منها‪ :‬حقا هل هذه رؤيا‬

‫اذا؟؟؟‬

‫تحركت ليلى بخطوات كسولة نحو المطبخ ملقية التحية على‬

‫والدتها‪ :‬صباح الخير امي‪...‬‬

‫ردت عليها والدتها تحيتها متابعة تحضير الفطور‬

‫إلبنتها‪...‬استرسلت بعدها حديثها مع ميس‪ :‬ال اعرف لهاذا‬

‫اتصلت بك ‪..‬رأيتك في قاعة لالفراح ترتدين فستان ابيض‬

‫كالعرائس تجلسين على كرسي فخم وكان المكان هادئا دون‬

‫اي موسيقى او اغاني ‪،‬وامامك تواجد صحن يحتوي على‬

‫التمر‪ ،‬وكنت تأخذين التمرة تلو االخرى تتناولينها‬

‫وتستلذين بها فقط وانتهى الحلم‬

‫‪320‬‬
‫تهللت اسارير السيدة صفا مستبشرة خيرا من الرؤيا‬

‫مرددة‪ :‬خيرا يااارب‪..‬سأطلب من زوجي خليل ان يطرحه‬

‫على امام الحي كي يفسره لنا‪..‬‬

‫جلست ليلى ترتشف بعض العصير‬

‫تبسمت ميس بحنو وهي تستمع لرؤيا صديقتها التي رأتها‬

‫لها داعية هللا ان يكون خيرا لها ‪..‬لتردف بهدوء‪ :‬عساه‬

‫خيرا ان شاء هللا ‪..‬‬

‫غمغمت بعدها ليلى مستفهمة منها‪ :‬ان شاء هللا ‪...‬اين انت‬

‫اآلن‪ ،‬هل ذهبت للمكتبة كعادتك؟‬

‫اقتربت ميس من محطة الحافالت مجيبة اياها‪ :‬نعم اشتريت‬

‫ما أردت ‪،‬وها أنا ذا عائدة للبيت‬

‫‪321‬‬
‫همست لها ليلى بخفوت‪ :‬جيد اذا‪...‬واآلن اغربي عن وجهي‬

‫اغلقت الهاتف في وجهها‪...‬لتقهقه ميس على وقاحتها التي‬

‫ال تكف عنها ‪..‬فأعادت الهاتف بجيبها‪..‬‬

‫تابعت ميس مسيرها وبعد لحظات قليلة اقترب منها شاب‬

‫غامزا لها متحدثا بنبرته العابثة‪ :‬مرحبا يا جميلة ‪..‬‬

‫توجست منه ميس ‪،‬فواضح انه من الشباب قليلي األدب‬

‫الذين يتطاولون على بنات العالم‪..‬خاصة ان نظراته وقحة‬

‫وجريئة‪..‬استغفرت ميس في سرها مواصلة سيرها نحو‬

‫المحطة متجاهلة إياه‪ ،‬فسد هاذا األخير الطريق عنها‬

‫مسترسال في عبثه‪ :‬ماذا يا فتاة ألن تعطينا فرصة لنتعرف‬

‫على بعض‪ ،‬فقد اعجبتني حقا‪...‬‬

‫‪322‬‬
‫تجاهلته ميس محاولة المرور من الجهة االخرى فقطع‬

‫عنها الطريق مرة اخرى ‪...‬تملك ميس الحنق حقا لتهدر به‪:‬‬

‫ما خطبك ‪،‬ما الذي تريده مني يا هاذا؟‬

‫رفع الشاب حاجبه بتعجب مبتسما تلك االبتسامة السمجة‬

‫مرددا‪ :‬وااو وشرسة ايضا ‪...‬يا جميلة احتاج فقط رقم‬

‫هاتفك وبعض التعارف ال غير‬

‫كتفت ميس ذراعيها على صدرها هاتفة بحنق‪ :‬وانا لست‬

‫من الفتيات اللواتي يتعرفن على الشباب يا هاذا‪...‬لهاذا‬

‫نصيحة إذهب وإبحث عن من توافق على هذه السخافة‬

‫ودعني امر‬

‫يتأمل الطريق و فكره شارد كعادته قابضا على المقود بقوة‬

‫ويده االخرى موضوعة على نافذة السيارة‬

‫‪323‬‬
‫المفتوحة‪..‬مرتديا سرواله األسود الجينز وقميصه البني‬

‫الداكن ‪..‬داعكا جبينه بحيرة خاصة ان تفكيره مشتت هذه‬

‫الفترة ‪..‬بل جوارحه أصبحت مهتاجة على غير عادتها‪..‬كل‬

‫هاذا بسببها هي‪..‬ميس فمنذ ان قابلها وهي ال تفارق تفكيره‬

‫بل اصبح يراها في كل مكان وزمان‪..‬‬

‫زفر بخفوت محاوال استرجاع نفسه من غياهيب الضياع‬

‫التي ما انفكت تراوده ‪..‬لتقع عيناه عليها بإحدى األماكن‬

‫قرب موقع الحافالت‪...‬ماذا هل أصبح يتخيلها في كل فتاة‬

‫تبصرها عيناه او ماذا؟؟‪...‬فضيق عيناه تركيزا ‪،‬لتتسع اكثر‬

‫عندما ابصر احد شباب يقطع طريقها وواضح انها تتجنبه‬

‫‪...‬زاد من سرعة سيارته مغيرا اتجاهها نحو المحطة‬

‫‪324‬‬
‫ليوقفها على مقربة منهما‪ ،‬مترجال منها بعدها والحنق‬

‫يتملكه‪..‬متحركا بخطواته المستعجلة نحو ذلك الشاب العابث‬

‫قابضا على ياقته بقوة هادرا في وجهه ‪ :‬ما الذي تريده‬

‫منها ؟‬

‫ارتعب األخر من مالمح نزار الغاضبة و الذي قد إتضح‬

‫لهاذا األخير أنه ليس سوى مراهق غر ‪..‬ليتلعثم الشاب‬

‫خوفا‪ :‬ال شيئ فقط اردت التعرف عليها‬

‫توترت ميس من الموقف فقد فاجئها قدوم نزار ‪..‬وازداد‬

‫خفقان قلبها فإنتابها ذلك الشعور باإلمتنان لموقفه‬

‫الشهم‪..‬رفع نزار حاجبيه على وقاحته وجرأته ليقربه منه‬

‫‪325‬‬
‫اكثر مهسهسا‪ :‬نصيحة مني أغرب عن وجهي وتعلم أن ال‬

‫تعترض حرمات الغير ‪..‬وكن رجال ال خسيسا يا فتى ‪..‬‬

‫دافعا إياه بقوة بعدها حتى كاد الشاب يسقط ‪،‬‬

‫ليتراجع هاذا األخير للخلف مرتعبا مبتعدا عن المكان‬

‫بسرعة محاوال الحفاظ على ما بقي له من كبرياء‬

‫إستدار لها بعد ان تمالك نفسه كي ال يخيفها‪..‬ناظرها بتلك‬

‫النظرات التي تضعفها وتوهن قلبها‪..‬مستفهما منها بعد ان‬

‫النت مالمحه الوسيمة‪ :‬هل أنت بخير يا آنسة؟‬

‫إرتبكت ميس أكثر مبعدة مقلتيها عن مرآه مبتلعة ريقها‬

‫هامسة بحياء شديد‪ :‬أنا بخير الحمد هلل‪..‬شكرا لك ألنك‬

‫اأبعدته عني‪ ،‬حقا أنا ممنونة لك سيد نزار‬

‫‪326‬‬
‫تنهد بخفوت متأمال ارتباكها وحياءها مغمغما بإبتسامة‬

‫رجولية خالبة‪ :‬ال شكر على واجب ‪..‬تعالي سأوصلك‬

‫بسيارتي لبيتك‬

‫صوبت نظرها نحو مقلتيه الحانية فشبكت كفيها ببعضهما‬

‫البعض خجال من تحديقه مهمهمة‪ :‬ال بئس كنت سأستقل‬

‫الحافلة على كل حال ‪..‬ال تتعب نفسك‬

‫شتت انظاره بعيدا عنها مبتلعا ريقه ماسحا على شعره بخفة‬

‫موضحا‪ :‬الحافلة ستتأخر بالقدوم‪..‬لهاذا يفضل أن أوصلك‬

‫بنفسي كي ال يعود ذلك الشاب إلزعاجك أو اإلنتقام منك بعد‬

‫ذهابي‬

‫ترددت ميس إال أن كالمه صائبا نوعا ما ‪..‬فأومئت له‬

‫بإيجاب‪..‬تنهد بهدوء متحركا نحو السيارة فاتحا لها الباب‬

‫‪327‬‬
‫األمامي فتوردت وجنتيها أكثر هامسة له بالشكر‪..‬وتحرك‬

‫بخطواته الحثيثة نحو الباب اآلخر متخذا مجلسه على مقعد‬

‫السائق‪..‬‬

‫‪328‬‬
‫• الفصل الخامس•‬

‫ّللا في‬
‫جابرا للخواطر ‪ ..‬أدركه ّ‬
‫ً‬ ‫🍁 من عاش بين النّاس‬

‫جوف المخاطر ~🍂‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫توترت ميس بشدة فها هي في حضرته ‪..‬لطالما تملكها‬

‫االرتباك والخجل المفرط امامه ويزداد خفقان قلبها الهادر‬

‫‪329‬‬
‫وكأنها بمراثون ‪..‬شابكت اصابعها مع بعضهما البعض‬

‫محدقة ببصرها خارج النافذة التي بجانبها‬

‫كان نزار يقود بهدوء محاوال عدم التفكير في من بجانبه‪،‬‬

‫فحرك يده مشغال المذياع ليتهادى له صوت احدئ االغاني‬

‫الرومانسية‪...‬حيث أسرع بإغالقه فهاذا الوقت بالذات ليس‬

‫أوانه أبدا‪ ...‬إخترق سكون المكان صوت رنين هاتف وكانت‬

‫صاحبته التي بقربه‪...‬‬

‫أخرجت ميس هاتفها من حقيبتها حيث كانت المتصلة‬

‫صديقتها ريم‪..‬فتحت المكالمة متحدثة بهدوء‪ :‬مرحبا يا ريم‬

‫‪330‬‬
‫جلست األخيرة بسريرها تلعب بخصالت شعرها مردفة‬

‫بمحبة‪ :‬صباحك خير يا سكر‪ ،‬كيف حالك ميوسة؟‬

‫ابتسمت ميس متنهدة بخفوت مجيبة‪ :‬اهال حبيبتي‪...‬انا‬

‫بخير الحمد هلل وانت يا ريم كيف اصبحت؟‬

‫زمت ريم شفتيها بعبوس مهمهمة‪ :‬فقط أشعر بالملل يا فتاة‬

‫قهقهت ميس بخفة لترن ضحكتها بأذني نزار وتراقصت لها‬

‫نبضات فؤاده طربا فإستغفر هللا بسره محاوال تشتيت تفكيره‬

‫عنها وعن صوتها الرقيق الذي المس شغاف روحه‪..‬‬

‫تحدثت ميس بلطف علها تجاريها في شقاوتها‪ :‬في الصباح‬

‫تشعرين بالملل إذا ماذا تركت للمساء ؟‬

‫‪331‬‬
‫قلبت األخرى عينيها ضجرا مستلقية على فراشها هامسة‪:‬‬

‫تبا لو كان أخي نزار هنا إلستمتعت بإزعاجه بدل هاذا الملل‬

‫القاتل‬

‫عضت ميس على شفتيها كاتمة ضحكتها على إحباطها‬

‫المسلي‪ ،‬لتهمهم لها بهمس شديد‪ :‬أخيك معي اآلن خذي‬

‫وقتك في إزعاجه‬

‫توسعت عيني ريم مستقيمة من سريرها بسرعة مستفهمة‬

‫منها بتفاجئ‪ :‬ماذا تقصدين بأنه معك ؟؟ أين أنتم اآلن وماذا‬

‫تفعلون؟؟‬

‫تنهدت ميس زافرة بخفوت على فضولها المضحك حقا‬

‫مجيبة إياها‪ :‬أنا عائدة إلى البيت اآلن ‪،‬كنت بالمكتبة قبل‬

‫قليل لشراء بعض الكتب ‪،‬وحدثت مشكلة لي وصادف أن‬

‫‪332‬‬
‫أخاك كان في نفس الطريق وطلب إيصالي ال غير‪ ،‬ال داعي‬

‫لكل هاذا التحقيق يا صغيرة‬

‫قهقهت ريم بشدة هاتفة بمكر‪ :‬حسنا سأغلق اآلن لدي‬

‫مهمة خطيرة يا ميس وداعا‬

‫أغلقت المكالمة‪ ،‬فهرعت لوالدتها والتي بدورها كانت‬

‫جالسة بغرفتها تمارس هوايتها المفضلة كعادتها بوقت‬

‫فراغها وهي الحياكة فجلست بجانبها بحماس مفرط مردفة‪:‬‬

‫أمي إحزري أين ميس اآلن؟؟‬

‫حولت والدتها نظرها لها مقطبة جبينها بإستغراب جلي‬

‫متسائلة‪ :‬أين هي؟‬

‫ضحكت األخرى مصفقة بحيوية جذابة هاتفة‪ :‬هي مع أخي‬

‫نزار اآلن بسيارته‪ ..‬ال أعرف ما حصل بالضبط لكن الذي‬

‫‪333‬‬
‫فهمته منها أنها تعرضت لمشكلة ما بالطريق وهو بالصدفة‬

‫قابلها هناك وعرض عليها إيصالها للبيت‪..‬‬

‫تبسمت والدتها بحنو متابعة الحياكة هامسة لها‪ :‬بما أن‬

‫ميس صاحبة خير فأكيد سيفوض لها هللا أصحاب الخير كي‬

‫يساعدوها ‪،‬والحمد هلل أن إبني كان من هؤالء‬

‫غمزت لها ريم بشقاوة مغمغمة‪ :‬منذ متى وأخي يرافق‬

‫النساء لوحده ‪ ،‬ال أتذكر أنني رأيته مع إحداهن بمفرده أبدا‬

‫هزت والدتها رأسها على خبث إبنتها متابعة مجيبة إياها‪:‬‬

‫إذا كان األمر يتعلق بمساعدة فتاة في كرب ما فأخيك طبعا‬

‫‪334‬‬
‫لن يتردد في مد يد العون لها طبعا‪...‬وميس كذلك اكيد نزار‬

‫رأى أنها تحتاج لذلك فقام بإيصالها‬

‫ضيقت األخرى عينيها مستفهمة منها‪ :‬أمي هل تكلمت مع‬

‫أخي بخصوص ما تحدثنا عنه آخر مرة‬

‫وجهت والدتها بصرها لها عاقدة حاجبيها متسائلة‪:‬‬

‫بخصوص ماذا بالضبط يا ريم؟‬

‫زفرت األخيرة متضجرة هاتفة بحنق طفولي ظريف ‪ :‬أمي‬

‫باهلل عليك هل نسيت بهذه السرعة‪...‬أخبرتك عن ما قام به‬

‫عم ميس معها بعزلها لوحدها‪ ..‬وقد أخبرتني أننا‬

‫سنساعدها؟‬

‫‪335‬‬
‫تبسمت والدتها على خلق إبنتها الطيب مجيبة بهدوء‪ :‬ال لم‬

‫أكلمه بعد‪..‬أردت أن ننتظر لبعض الوقت أفضل ثم سأحداثه‬

‫‪ ،‬ال أريد التعجل يا بنيتي‪..‬الحكمة ضرورية في كل تصرف‬

‫زمت ريم شفتيها بعبوس عاقدة ذراعيها على صدرها‬

‫مرددة‪ :‬لمتى ننتظر مثال‪...‬؟؟ أليس خير البر عاجله كما‬

‫يقولون ‪،‬و أيضا مساعدة ناس يجب أن تكون بسرعة ال أن‬

‫ننتظر حتى يسقط نيزكا من السماء مثال‬

‫ربتت والدتها بحنو أمومي على رأسها موضحة لها بهدوء‪:‬‬

‫غدا مع التجارب ستصقل شخصيتك أكثر بنيتي‪ ،‬وستعلمين‬

‫أن كالمي لم يكن إال صوابا يا حبيبة قلبي‬

‫‪336‬‬
‫ضحكت ريم بخفة واضعة رأسها على فخذ والدتها متحدثة‪:‬‬

‫حسنا دعيني إذا أستفز أخي قليال علني أستمتع بذلك لحين‬

‫عودته للبيت‬

‫هزت والدتها رأسها على مكر إبنتها الشقي هامسة بتحذير‪:‬‬

‫ريم إعقلي قليال وكفاك إزعاجا له‪ ...‬لطالما أخبرته أن ال‬

‫يدللك كل هاذا الدالل الفاسد كي ال تكوني مستهترة هكذا‪،‬‬

‫لكن هو كالعادة لم يستمع لي وواصل تدليلك المبالغ فيه‬

‫تنهدت ريم بملل قالبة عينيها قائلة بحنق‪ :‬أمي باهلل عليك ما‬

‫عالقة الدالل بإزعاجي له‪ ..‬نزار هو أخي حبيبي وفخري ‪،‬‬

‫وأنا أحبه كثيييرا لهاذا فقط أحب مشاكسته ال داعي للمبالغة‬

‫‪337‬‬
‫تجاهلتها والدتها مواصلة حياكتها‪ ،‬لتتصل ريم بأخيها بغية‬

‫تنفيذ مخططها‬

‫تعالى رنين هاتفه فجأة ليرى المتصل والذي إتضح أنها‬

‫أخته الشقية تلك ‪..‬ألم تكن منذ قليل تتحدث مع ميس؟‬

‫‪..‬تنهد بخفوت مجيبا على إتصالها‪ :‬نعم يا ريم‬

‫عضت األخيرة على شفتيها كاتمة ضحكتها مرددة‪ :‬أهال يا‬

‫أخي لقد إشتقت لك كثيرا‪...‬أتصدق أن التيار الكهربائي قد‬

‫إنقطع منذ أن غادرت البيت يا نزار‪...‬سبحان هللا نورك كان‬

‫يمأل البيت حقا يا حبيب قلبي‬

‫قهقه نزار على مكر أخته الذي ال ينتهي ‪..‬فإخترقت إيقاع‬

‫ضحكته قلب الجالسة بجانبه ‪،‬صوته يسرها كأنه يخرج‬

‫‪338‬‬
‫سربا من الفراشات من فؤادها ليزداد على إثره هدير قلبها‪،‬‬

‫وتوردت وجنتيها خجال وإرتباكا ‪ ،‬ودعت سرا أن ال‬

‫يفضحها توردها أمامه‪..‬فإسترسل كالمه برجولية خالبة‪:‬‬

‫حقا ‪..‬لم أكن أعلم هاذا يا فتاة شكرا ألنك أخبرتني‬

‫هزت ريم حاجبيها بخبث أنثوي جذاب رافعة بصرها‬

‫لوالدتها والتي إزدانت شفتاها ببسمة رقيقة حانية مستمتعة‬

‫بكالم ولديها بعد أن فتحت ريم مكبر الصوت مغمغمة بعدها‪:‬‬

‫العفو ولو تتدلل يا نزار يا عزيزي‪...‬هل صحيح أنك مع‬

‫ميس اآلن بالسيارة؟‬

‫تأمل الطريق أمامه قابضا على المقود محاوال عدم تشتيت‬

‫تفكيره للجالسة بجانبه والتي يصل عبق أنفاسها المنعشة‬

‫‪339‬‬
‫له فيهيج كيانه أكثر وتتمرد جوارحه بصورة لم يعهدها من‬

‫قبل ‪..‬ليبتلع ريقه مجيبا بخفوت‪ :‬نعم‬

‫ابتسمت األخيرة بشقاوة متالعبة بخصالت شعرها البني‬

‫الداكن هاتفة‪ :‬حسنا إفتح مكبر الصوت كي أكلمها‬

‫قلب اآلخر عينيه على سخافتها مهمهما‪ :‬حسب علمي منذ‬

‫ثواني فقط كنت تحدثينها‬

‫زفرت األخرى بسخط مردفة بملل‪ :‬حسنا وخالل هذه‬

‫الثواني إشتقت لها‪..‬هل لديك مانع؟‬

‫‪340‬‬
‫تأفف نزار بحنق على تصرفاتها المستفزة حقا فقام ما‬

‫طلبت هامسا من بين أسنانه‪ :‬ها قد فعلت‬

‫قهقهت ريم بشدة لتتهادى ضحكتها الشقية لمسامع ميس‬

‫فإبتسمت على إثرها ‪..‬حاولت ريم تمالك نفسها آخذة شهيق‬

‫وزفير مردفة بحب‪ :‬ميس حبي أين أنت ‪..‬ال تقولي أنك في‬

‫صندوق السيارة؟؟‬

‫كتمت األخيرة بسمتها بصعوبة مجيبة‪ :‬أنا هنا ريم تفضلي‬

‫تنهدت األخرى بخفوت هاتفة‪ :‬أمي معي اآلن وهي تسلم‬

‫عليك وترسل لك قبالتها الحارة مليئة بالحب واألشواق‬

‫قلب نزار عينيه على حديث لخته السخيف مغمغما‪ :‬ريم‬

‫سأغلق‬

‫‪341‬‬
‫صرخت األخيرة محذرة إياه‪ :‬ال تفعل‪...‬تبا إن كنت أنت بارد‬

‫المشاعر فدعني أنا ال أكون مثلك يا ولد ‪..‬‬

‫إبتسمت ميس بخفة على شقاوتها الظريفة‪...‬ليتحدث نزار‬

‫بهدوء محاوال تمالك أعصابه من إستفزاز أخته الذي ال‬

‫ينتهي‪ :‬أخبريني ماذا تريدين يا ريم أنا أقود اآلن‬

‫زفرت األخرى ضجرا هاتفة بسخط‪ :‬فقط أخبر ميس أنني‬

‫أحبها‬

‫تنهد بخفوت مرددا‪:‬حسنا لقد سمعتك‪...‬هل هناك شيئ آخر؟‬

‫غمزت ريم لوالدتها مردفة‪ :‬وال تزعجها يا أخي فهي رقيقة‬

‫وحساسة مثل الزجاج تماما‬

‫‪342‬‬
‫عضت ميس على شفتيها واضعة كفها برقة كاتمة‬

‫ضحكتها‪ ،‬ناظرها نزار بطرف عينه لتلتقي بعينيها‬

‫العشبيتين الالمعتين ليهيم بهما مغيبا عن عالمة‪..‬لتبتلع‬

‫األخرى ريقها بإرتباك مع تزايد خفقان فؤادها مبعدة عينيها‬

‫عنه بتوتر نحو نافذتها المجاورة لها ‪..‬‬

‫إسترجع هو أنفاسه المسلوبة منه على إثر سحر مقلتيها‬

‫الدافئ ‪..‬مستغفرا في سره ‪..‬تبا يبدو أنه فقد السيطرة على‬

‫نفسه كليا بسببها ‪..‬ليخترق مسامعه صوت ريم الحانق‪:‬‬

‫نزاار‪..‬يا نزار أين ذهبت‬

‫حمحم األخير بخفوت مجيبا بهدوء‪ :‬سأغلق اآلن يا‬

‫ريم‪...‬نتحدث الحقا يا فتاة إلى اللقاء‬

‫‪343‬‬
‫أغلق الهاتف بعدها كي ال تتحجج كعادتها ‪..‬‬

‫تأملت ميس الطريق وقد وصل خفقان قلبها أشده ونبضت‬

‫أوردة روحها ‪..‬ليتضح لها أنهم قد إقتربوا من حيهم‬

‫‪..‬حاولت السيطرة على توترها هامسة بخفوت لمن‬

‫جاورها‪ :‬حسنا هال توقفت على جانب الطريق‪ ..‬قبل‬

‫الوصول للحي من فضلك‬

‫ناظرها نزار بطرف عينه مستفهما بصوته األجش‪ :‬ما زال‬

‫المحل الذي تعملين به بعيدا قليال ‪..‬‬

‫شابكت ميس أصابعها ببعضهما البعض توترا هامسة‪ :‬اليوم‬

‫الجمعة ال عمل لنا‪..‬يفضل أن ال يراني أحد معك بالسيارة‬

‫كي ال يساء لسمعتي بسبب سوء ظنهم‬

‫‪344‬‬
‫تنهد نزار بخفوت فهي معها حق فهناك عقول مريضة ال هم‬

‫لها إال قذف المحصنات وإختالق القصص الكاذبة ‪..‬فهمهم‪:‬‬

‫حسنا‬

‫ركن سيارته على جانب الطريق بعيدا عن حيها ‪..‬توردت‬

‫وجنتي ميس خجال مغمغمة بخفوت وإبتسامة لطيفة أشرقت‬

‫على وجهها البهي‪ :‬شكرا لك سيد نزار وآسفة حقا ألنني‬

‫أتعبتك‪..‬‬

‫ابتلع األخير ماء حلقه مشتتا نظره بكل شيئ عاداها هي‬

‫هاربا من فتنة بسمتها الحانية و سحر عينيها التي أربكته‬

‫كعادتها ‪..‬مجيبا بصوته الرجولي الخالب‪ :‬ال عليك يا آنسة‬

‫فتحت باب السيارة محاولة الترجل ليخترق مسمعها صوته‬

‫المنادي لها ‪ :‬آنسة ميس‬

‫‪345‬‬
‫إلتفتت له لتلتقي عينيها المستفهمة بمقلتيه الغامضة والتي‬

‫لم يخفى عليها إرتباكها مجيبة إياه بهدوء‪ :‬نعم‬

‫أبعد بصره عنها نحو الطريق أمامه قابضا على المقود بقوة‬

‫عله يستمد منه بعض الشجاعة محمحما ‪..‬فإستجمع أنفاسه‬

‫مردفا‪ :‬هل لي بسؤال لو سمحت؟‬

‫طرفت ميس برمشها عدة مرات مستغربة إال أن هاذا لم‬

‫يمنع توترها المتصاعد وال خجلها المتزايد‪..‬فتخضبت‬

‫خدودها بحمرة خفيفة وتراقصت الفراشات بمعدتها هامسة‪:‬‬

‫أكيد تفضل‬

‫زفر نزار وإهتاجت جوارحه بفوضى جاعلة إياه بحرب‬

‫ضروس مع كيانه وقلبه النابض بوتيرة متسارعة ‪..‬دلك‬

‫‪346‬‬
‫رقبته من الخلف فارا من شباك عينيها مبتلعا ريقه أكثر من‬

‫مرة مستفهما بهدوء مصطنع‪ :‬لو ‪..‬تقدمت لخطبتك هل‬

‫ستوافقين؟‬

‫إتسعت عينيها بتفاجئ ‪،‬فهي بأقصى أحالمها لم تتوقع‬

‫هاذا‪..‬وإزداد تورد وجنتيها حياءا وعمها اإلرتباك بالكامل ال‬

‫تدري ما تقول أو كيف تجيب‪..‬وكأنها نسيت أبجديات الكالم‬

‫حيث فرت األحرف من ثغرها‪..‬أو فجأة أصبحت بكماء ال‬

‫تقدر على التحدث‪...‬عضت على شفتها توترا ‪..‬فما كان منها‬

‫إال أن ترجلت من السيارة بسرعة هاربة منه ومن صدمة‬

‫الموقف الذي أربكها تاركة إياه فاغرا فاهه على هروبها‬

‫‪..‬لترتفع زاوية شفتاه بإبتسامة رجولية عذبة نابعة من‬

‫عمق قلبه على حياءها اللذيذ حقا‬

‫‪347‬‬
‫ضاربا قلبه بقبضة يده القوية هامسا له بخفوت‪ :‬فقط إهدأ‬

‫أيها النبض عساها توافق فترقص طربا كما يحلو لك‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫جالسا بالمقهى كعادته كل مساء يرتشف من قهوته السوداء‬

‫ومدخنا للشيشة كما يحلو له هائما في تفكيره ‪ ،‬خاصة بعد‬

‫تدهور وضعه المالي فقد أصبحت سلعه ال تباع وقليال ما‬

‫يأتي زبونا لديه ورغم محاولته بخفض األسعار إال أن األمر‬

‫لم يتغير البتة‪..‬طوال حياته كان جيدا في تجارته إال أنه‬

‫ومنذ أشهر عدة أنقلب حاله للتردي دون أن يعلم السبب‬

‫الحقيقي في ذلك‪...‬تأفف بحنق نافثا الدخان من فمه‬

‫‪..‬ليترائى له صديق عمره وجاره خليل والذي كان يتجنبه‬

‫‪348‬‬
‫منذ أشهر يدلف للمقهى نفسه جالسا على إحدى الطاوالت‬

‫بقربه متجاهال إياه كعادته‪..‬ليبتسم بتهكم موجها كالمه له ‪:‬‬

‫ماذا يا خليل هل نسيت أن تسلم علي كعادتك ؟‬

‫ناظره اآلخر ببرود متنهدا بخفوت مرددا‪ :‬ال فائدة من‬

‫السالم عليك يا أمين‪...‬نصيحة لك ال تكلمني ودع األمر ما‬

‫بيننا على ما يرام‬

‫رفع السيد أمين حاجبه مغمغما بسخرية‪ :‬وهل ما بيننا على‬

‫ما يرام من األساس ‪..‬أنت ضربت كل سنين صداقتنا‬

‫وعشرتنا عرض الحائط ولم تعد تبالي حتى بحق حسن‬

‫الجوار يا خليل‬

‫‪349‬‬
‫تبسم األخير هازا رأسه على حديثه المتناقض قائال بحدة‬

‫الذعة‪ :‬ما شاء هللا أصبحت تتحدث عن حسن الجوار‪...‬يا‬

‫لعجائب الزمن حقا‪..‬‬

‫تجاهله أمين متابعا تدخينه‪ ،‬ليخترق مسامعه تسائل اآلخر‪:‬‬

‫بالمناسبة كيف هي تجارتك في السوق هل ما زالت في‬

‫تراجع حقا كما سمعت؟‬

‫أومأ له أمين إيجابا مردفا بخفوت‪ :‬نعم لألسف‬

‫تبسم اآلخر بتهكم مصرحا‪ :‬ليس بغريب حقا‪...‬لم أتوقع غير‬

‫هاذا‬

‫زفر السيد أمين بحنق هادرا بحدة‪ :‬ماذا يا خليل هل أصبحت‬

‫تشمت بي بعد كل هذه العشرة أو ماذا؟‬

‫‪350‬‬
‫رفع خليل حاجبه على غضبه متحدثا بهدوء‪ :‬وأنت أخبرني‬

‫يا أمين يا من تتشدق بالعشرة وحسن الجوار ماذا كنت‬

‫تتوقع بعد الذي فعلته بتلك اليتيمة؟‬

‫إبتلع اآلخر ريقه بتوتر هامسا‪ :‬ماذا تقصد بالضبط؟‬

‫ناظره خليل بحدة أربكته حقا هاتفا بسخط‪ :‬ما أقصده هو‬

‫أنك كما بنيت ذلك الجدار في غرفة إبنة أخيك المتوفي‬

‫وعزلتها عنكم لوحدها ‪،‬سيبني هللا لك ألف سد وجدار مانعا‬

‫عنك رزقك ورافعا البركة من بيتك‪...‬وكما قطعتها بغرفة‬

‫جانبية بمفردها سيقطع هللا عنك أنت وزوجتك كل رزق كان‬

‫يأتي لك‪...‬لهاذا كنصيحة لك بحق الملح الذي بيننا أنقذ‬

‫نفسك قبل فوات اآلوان ‪..‬فعقاب هللا آت ال محالة‬

‫‪351‬‬
‫ليستقيم بعدها مخرجا من جيبه النقود واضعا إياهم على‬

‫طاولة صديقه الذي عم الرعب ثنايا قلبه وشحب وجهه من‬

‫تصريح خليل ‪..‬ليخترق مسمعه صوته الحازم الساخر‪:‬‬

‫وهذه النقود ثمن قهوتك يا جاري العزيز‬

‫غادر المقهى بعدها تاركا اآلخر يبتلع ريقه دالكا جبينه‬

‫بإرتباك‪..‬سائال نفسه بسذاجة هل أخطأ حقا‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪352‬‬
‫طرقات تدق بقوة على بابها تكاد تخلعه من مكانه فهرعت‬

‫ميس فاتحة إياه ‪..‬فقد كانت هذه ليلى كعادتها مستعجلة‬

‫خاصة بعد إتصلت بها معلمة إياها بطلب نزار ‪..‬فمن شدة‬

‫توترها وإرتباكها هي األخرى لم يكن أمامها إال أن تتصل‬

‫بها متشاركة معها الفرحة‪..‬وصديقتها أغلقت الهاتف‬

‫بوجهها ملقية كلمتها بأنها آتية لها‪..‬‬

‫إقتحمت ليلى الغرفة الهثة قابضة على كلتا ذراعي ميس‬

‫بقوة مستفهمة من بين أنفاسها المتسارعة‪ :‬تبا يا ميس هل‬

‫حقا طلبك لزواج؟؟‬

‫إبلعت ميس ريقها بخجل مومئة لها إيجابا هامسة بخفوت‪:‬‬

‫نعم كما أخبرتك بالهاتف‬

‫‪353‬‬
‫قهقهت ليلى فرحا مصفقة بيديها هاتفة بحبور تجلى على‬

‫محياها البهي‪ :‬يا إلهي كما توقعت تماما ‪..‬هو وقع لك الحمد‬

‫هلل‬

‫حضنتها بقوة مسترسلة كالمها بفرحة عارمة‪ :‬وأخيرا‬

‫ستتزوجين برجل مميز ‪،‬أنت تستحقين األفضل حقا‬

‫بادلتها ميس الحضن بخفة غير قادرة على الرد‪..‬والغصة‬

‫تنخر قلبها‪ ،‬فهي في نهاية المطاف ورغم سعادتها الشديدة‬

‫ألن نزار يراها إمرأة تستحق أن تكون زوجته ‪..‬إال أن‬

‫فرحتها كسيرة ‪...‬فهي في األخير تدرك أنها لن توافق على‬

‫هذه الزيجة‪..‬‬

‫‪354‬‬
‫إبتعدتا عن بعض فتأملت ليلى مقلتي ميس لتبهت فرحتها‬

‫تدريجيا مستفهمة منها‪ :‬ما خطبك يا ميس ‪..‬ألست سعيدة‬

‫باألمر؟‬

‫زفرت األخيرة بخفوت وثمة تنهدات تلتهب بصدرها‪،‬‬

‫متحركة بخطوات واهنة نحو سريرها جالسة عليه مغمغمة‬

‫بحزن ألم بقلبها‪ :‬ال فائدة ترجى من سعادتي إذا كنت لن‬

‫أوافق أساسا‬

‫توسعت عيني ليلى بتفاجئ لتعقد حاجبيها بتوجس سائلة‬

‫اياها ‪ :‬ولماذا لن توافقي‪...‬الشاب يريدك وهو لم يكن‬

‫ليطلبك خصيصا إذ لم تعجبيه‪..‬أصال كيف ترفضين شابا‬

‫مثله‪ ،‬ما شاء هللا دين وخلق و مال ووسامة وله عائلة‬

‫طيبة تحبك‪..‬؟‬

‫‪355‬‬
‫هدرت ميس بها بسخط نابع من ثنايا كيانها المكلوم‪ :‬هو‬

‫كذلك‪..‬لكن أنا ماذا بالضبط يا ليلى؟؟‪..‬أنظري لهذه الغرفة‬

‫كخير مثال فقط‪..‬فتاة يتيمة دون أهل‪ ..‬تعيش بغرفة لوحدها‬

‫وعمها ذاك تخلى عنها كأنها طاعون مؤذي‪..‬أنا لوحدي يا‬

‫ليلى ال أب سيزوجني وال عم كذلك‪..‬ال أملك شيئا‪ ،‬أنا‬

‫معدومة‬

‫إنصدمت ليلى من كلماتها والتي تبث عبرها وجعها وخيبتها‬

‫المريرة التي إلتفت حولها وتعانقت األوجاع مع روحها‬

‫الكسيرة‪..‬فهمست بخفوت‪ :‬وأين ذهبنا نحن يا ميس‪..‬أنا‬

‫وسحر وأمي وأبي ألسنا نحن عائلتك؟؟ أم أنك لم تعتبرينا‬

‫يوما كذلك؟‬

‫‪356‬‬
‫تبسمت ميس بسخرية مريرة مشفقة على حالها مطرقة‬

‫رأسها علها تخفي قهرها عاضة على شفتها بقوة‬

‫‪،‬فتساقطت دموعها الواحدة تلو األخرى كأنها تواسيها‬

‫‪..‬مردفة بخفوت باكي‪ :‬أنتم أصدقائي يا ليلى ‪..‬ال داعي‬

‫للكذب على بعضنا وتزييف الحقائق‪ ..‬أنا ال أنكر فضلكم وال‬

‫محبتكم التي غمرتموني بها دوما لكن الواقع هو الواقع وال‬

‫شيئ سيغيره‬

‫أغمضت ليلى عينيها وجعا على حال صديقتها ‪..‬فهي تدرك‬

‫جيدا أنها تخفي آهاتها دوما خلف ابتسامتها المعتادة‪..‬لكنها‬

‫في ذات الوقت حانقة حقا على تفكيرها الغبي ‪..‬لتأخذ شهيقا‬

‫وزفيرا محاولة تمالك أعصابها كي ال تشتمها بألفاظ منافية‬

‫لألدب ‪..‬فهسهست بحدة‪ :‬اآلن ليس وقت تلك تراجيديا يا‬

‫فتاة‪...‬الشاب يريدك يا ميس إفهمي يريدك ‪..‬فواضح أنه‬

‫‪357‬‬
‫معجب بك جدا ‪..‬لماذا تحطمين حياتك بهذه األفكار‬

‫السوداوية ‪...‬تخطي كل شيئ وعيشي حياتك‬

‫دنت منها متخذة مجلسا بقربها على ذات السرير رابتة على‬

‫ظهرها بحنو مغمغمة بحب ‪ :‬نزار يعجبك أيضا أليس كذلك؟‬

‫أشاحت ميس وجهها عنها للجهة األخرى مخفية مدمعها‬

‫المنساب‪..‬قطبت صديقتها جبينها بتوجس ‪..‬رفعت يدها‬

‫قابضة على ذقنها بخفة مديرة رأسها لها كي تواجه نظراتها‬

‫الباكية الشاكية الصامتة‪..‬عقدت حاجبيها لتتسع مقلتيها‬

‫بتفاجئ هامسة بخفوت شديد كأنها تعلمها بسر خطير‪ :‬هل‬

‫تحبينه يا ميس؟؟‬

‫‪358‬‬
‫أبعدت األخرى وجهها من قبضتها لتبتسم بحسرة مغمغمة‪:‬‬

‫سواء أحبه أو ال ‪..‬فال فائدة من األمر كالهما سواء‬

‫دلكت ليلى جبينها بحيرة على وضع صديقتها وشتات‬

‫تفكيرها الذي يمنعها من إتخاذ القرار الصائب‪..‬صحيح هي‬

‫كانت واعية بإعجاب ميس به لكن لم تدرك أن األمر تطور‬

‫للحب بهذه السرعة‪ ..‬أخذت كفها مرددة‪ :‬ماذا لو كان هو‬

‫يبادلك نفس الشعور يا ميس ‪..‬أليس من الضلم أن ال تعطي‬

‫فرصة لكالكما‬

‫ضحكت ميس بتهكم مرير مهمهمة ‪ :‬هو لم يقابلني إال‬

‫لحظات قليلة فقط فكيف سيحبني ‪..‬بل على أي أساس‬

‫سيفعل ذلك؟‬

‫‪359‬‬
‫زفرت ليلى بحنق جلي على تقاسيم وجهها هادرة‪ :‬مثلما‬

‫أحببته أنت عندما قابلته فقط بضع مرات‪...‬وأيضا لماذا قد‬

‫ال يحبك ما الذي ينقصك يا فتاة ‪...‬أنظري لنفسك إن كنت‬

‫عمياء ‪..‬أنت متعلمة وخلوقة مهذبة وملتزمة وفي غاية‬

‫الجمال والطيبة والكل يحترمك‪..‬إذا ما الخطب؟‬

‫تنهدت ميس بخفوت ومحياها الذابل يعكس ندوب جوارحها‬

‫ومقلتيها مشتتة وكأنها بصراع نفسي أرهقها وإمتص‬

‫طاقتها هامسة‪ :‬الخطب بسيط هو أننا ال ننفع أن نكون مع‬

‫بعض وإنتهى األمر يا ليلى رجاءا ال تضغطي علي‬

‫إستقامت األخيرة بغضب صارخة في وجهها‪ :‬أنت غبية‬

‫حقا‪..‬مرة بعد مرة أتأكد أنك ساذجة ال تنفكين تفسدين عن‬

‫‪360‬‬
‫نفسك أحسن الفرص بسبب الغباء الذي يتملكك ‪...‬بدل أن‬

‫تشكري هللا أنه رزقك بخاطب مثالي يريد وصالك ها أنت‬

‫تتعنتين بأسباب تافهة ال جدوى منها إال أن تفسد فرحتك‬

‫غادرت البيت بعدها بسرعة كي ال تصفعها علها تستفيق‬

‫من هذيانها المرير هاذا‪...‬تاركة ميس تحضن ركبتيها نحو‬

‫صدرها ‪..‬ودموعها المناسبة مبللة وجنتيها الشاحبة‬

‫‪..‬بشهقاتها المتعالية والتي لم تستطع إال أن تكبح جماحها‬

‫فتركت العنان لها‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪361‬‬
‫‪ -‬ماذا قلت لها؟؟‬

‫إستفهمت منه والدته وقد تسللت لها بوادر الفرحة‪ ،‬خاصة‬

‫أنها تفاجئت حقا أن إبنها نزار هو من عرض على ميس‬

‫الزواج ولم يخبرها هي بذاتها كي تخطبها له‪..‬إبتلع األخير‬

‫ريقه مبعدا نظره عنها مغمغما بإرتباك‪ :‬كما أخبرتك يا أمي‬

‫لقد عرضت عليها الخطبة‬

‫قهقهت والدته بخفة رابتة على ظهره بحنان أمومي متحدثة‬

‫بإبتسامتها الدافئة‪ :‬ومتى قررت أن تتقدم لها يا بني ‪..‬أنت‬

‫حتى لم تصرح لي بإعجابك بها قبال‬

‫شتت األخير بصره بأنحاء غرفة والدته ‪..‬فبعد أن صلى‬

‫العصر عاد للبيت ولم يستطع إال أن يعلمها بما أقدم عليه‬

‫عساها تتصل بميس و تتحرى رأيها في‬

‫‪362‬‬
‫الموضوع‪..‬فأجابها‪ :‬ال أعرف يا أمي ‪..‬فقط هي تجذبني لها‬

‫بصورة لم أعهدها من قبل ‪..‬ولم أدرك نفسي إال وأنا أريدها‬

‫لي‪..‬حتى عندما قابلتها في الطريق وأوصلتها ال أعرف كيف‬

‫طلبت خطبتها ‪..‬ما أعلمه فقط أنني لست بنادم على طلبي‬

‫بل أتوق حقا لموافقتها‬

‫النت مالمح والدته أكثر فيبدو أن وليدها قد وقع وبقوة‬

‫لميس وأصبح محبا لها‬

‫لتبتسم بمحبة خالصة نابعة من ثنايا قلبها السعيد سائلة‬

‫إياه‪ :‬هل تحبها يا نزار؟‬

‫ناظرها اآلخر بصدمة ‪..‬فهو لم يسئل نفسه هاذا السؤال من‬

‫قبل‪...‬أو ربما جبن على فعل ذلك‪..‬هربا من حقيقة‬

‫األمر‪..‬ليخلل أصابعه بشعره مشتتا أفكاره أو معيدا بلورتها‬

‫‪363‬‬
‫عله يجد جوابا شافيا ألمه‪..‬أو لنفسه أوال‪..‬فهمهم بحرج و‬

‫تلعثم‪ :‬أنا‪..‬فقط ال أعرف‪..‬حقا‬

‫مسحت األخيرة على ذراعه بحنو مكوبة وجنته الملتحية‬

‫هامسة له‪ :‬عساها توافق يا بني ونسعد بكما أنتما اإلثنين‬

‫فهي حقا مميزة وتستحق كل خير‬

‫كان سيجيبها إال أن إقتحام ريم للغرفة بقوة منع‬

‫ذلك‪..‬فإستفهمت منهما بسخط جلي على تعابير وجهها‬

‫المحمر‪ :‬أنتما في ماذا كنتما تتحدثان ‪...‬هل تستغالن غيابي‬

‫لحياكة المؤامرات من وراء ظهري؟‬

‫ضربت والدتها كفيها ببعضهما البعض محولقة بحدة‪ :‬ال‬

‫حول وال قوة اال باهلل‪..‬هذه الفتاة لن تعقل أبدا‪...‬أوال‬

‫فلتدخلي مثل البشر يا ريم‪...‬ليس مثل البقر‬

‫‪364‬‬
‫توسعت عيني األخيرة فاغرة فاهها مشيرة لنفسها هامسة‪:‬‬

‫أنا مثل البقر يا أمي؟‬

‫أومئت لها األخيرة إيجابا متابعة‪ :‬نعم أنت كذلك‪..‬كيف‬

‫تقتحمين غرفتي بهذه األسلوب الهمجي‬

‫كتفت ريم ذراعيها على صدرها مغمغمة‪ :‬غرفتك هي‬

‫غرفتي يا امي ‪..‬لهاذا ال يعتبر اقتحامي همجيا ‪..‬‬

‫قلب نزار عينيه على سخافة اخته وهزت والدتها رأسها‬

‫قاطعة األمل من تصرفات ابنتها‪...‬دنت األخيرة منها بخفة‬

‫شقية غامزة ألخيها سائلة اياه‪ :‬ها يا أخي لماذا أردت الكالم‬

‫مع والدتي على انفراد‪...‬هيا ابهرني في ماذا اردتها؟‬

‫‪365‬‬
‫حمحم نزار متحرجا ‪..‬لتقهقه والدته على ارتباكه مجيبة بدال‬

‫عنه‪ :‬أخاك طلب من ميس يدها صباحا عندما كانت معه‬

‫توسعت عيني ريم لتجلجل ضحكتها بالغرفة ‪،‬تقفز هنا‬

‫وهناك مصفقة بكفيها من شدة حماسها ‪،‬حيث ضحكت‬

‫والدتها عليها‪..‬فإرتبك نزار أكثر لكن هاذا لم يمنع من ان‬

‫يبتسم ثغره فهو يدرك جيدا ان اخته تحب سعادته خاصة‬

‫انها متوافقة جدا مع ميس وتكن لها كل الحب‬

‫واإلحترام‪...‬لتضع يدها على قلبها محاولة التنفس من فرط‬

‫تحمسها ‪..‬مرددة بعدها بسعادة‪ :‬كنت اعرف ان مآلك في‬

‫النهاية هو الوقوع لها يا اخي‪..‬واخيرا نزار سميح سقط‬

‫صريعا عاشقا هائما في السيدة الحسن والجمال ميس‬

‫‪366‬‬
‫توتر نزار دالكا رقبته من الخلف متهربا من عيني اخته‬

‫الماكرة ‪..‬ليهدر في وجهها‪ :‬توقفي عن سخافتك يا ريم‬

‫انحنت نحوه مستفزة إياه اكثر هاتفة‪ :‬السؤال المطروح هنا‬

‫يا أخي المبجل‪..‬هل ميس وقعت لك أيضا أو ال ؟؟‬

‫ابتلع ريقه مشتتا نظره في انحاء الغرفة متجاهال‬

‫اياها‪...‬وسائال نفسه نفس سؤالها يا ترى هل هي تبادله‬

‫نفس شعوره ‪..‬فقهقهت ريم برقة واضعة كفها على خصرها‬

‫متحدثة بزهو أنثوي بهي‪ :‬تبا دعواتي مستجابة‬

‫حقا‪...‬أتتذكر ذلك اليوم يا أخي‪...‬الذي تقابلت فيه والدتي مع‬

‫ميس‬

‫‪367‬‬
‫أومئ لها األخير بهدوء‪..‬فتابعت بضحكة خفيفة‪ :‬صباحها‬

‫كنت قد اشتريت لي تلك المخبوزات الساخنة بحكم انني‬

‫احبها‪...‬عندما كنت ذاهبا للعمل كنت قد شكرتك ودعوت لك‬

‫ان تقابل يومها فتاة تهيم بها وتغرق في عشقها كما يسبح‬

‫القرش في المحيط‪...‬حينها تقابلت مع ميس ‪...‬تبا كم انا‬

‫رائعة ودعائي استجيب فورا‬

‫ضحكت والدتها على حديثها رابتة على ذراع ولدها‬

‫مهمهمة بحب‪ :‬اتمنى ان توافق يا بني‬

‫صفقت ريم بحيوية طفولية مرددة من فرط حماسها‪ :‬اكيد‬

‫ستوافق فأنا متأكدة انها معجبة بأخي‪...‬فهي ترتبك كلما‬

‫يذكر اسمه‪..‬‬

‫‪368‬‬
‫غمزت ألخيها بمشاكسة بعد ان عمه االحراج والتوتر‬

‫مسترسلة في حديثها‪ :‬ما رأيك ان نتصل بها ونتأكد يا اخي؟‬

‫عاتبتها والدتها بهدوء‪ :‬لم تمض بضع ساعات على طلب‬

‫اخيك لها يا فتاة ‪..‬دعيها تفكر بروية ال ان تستعجليها‬

‫هكذا‪..‬على األقل ثالث أيام أو أربع ثم نتصل بها لمعرفة‬

‫رأيها‬

‫ناظرها نزار بتفاجئ هامسا بإستغراب‪ :‬ثالث أيام؟‪...‬هاذا‬

‫كثير يا امي‬

‫قهقهت والدته على عجلته فتدارك نفسه مشيحا وجهه عنها‬

‫بعد أن إحمرت أذناه خجال‪..‬مغمغمة بمحبة امومية‪ :‬هاذا هو‬

‫‪369‬‬
‫عين المنطق بني‪...‬هاذا مشروع زواج ‪ ،‬لهاذا على كال‬

‫الطرفين أن ال يتعجل في اإلجابة‬

‫رفعت ريم حاجبها هاتفة بضجر‪ :‬وانا لن انتظر أليام اريد‬

‫معرفة رأيها االن‬

‫فأخرجت هاتفها من جيب فستانها الرمادي متصلة بميس‬

‫‪..‬لتهز امها رأسها على تسرع وتهور ابنتها الذي سيجلطها‬

‫يوما ما‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫لم تجف دموعها منذ مغادرة ليلى قبل ساعات ‪...‬ضامة‬

‫قدميها لها مخبئة وجهها في ركبتيها تبكي بصمت‪..‬محاولة‬

‫‪370‬‬
‫كتم أنينها وآهاتها‪...‬قلبها يؤلمها إلنكسار سعادتها و ضجيج‬

‫الوجع حولها يزداد صخبا وكذلك روحها التي تطحن بين‬

‫مطرقة الحب وسندان القهر‪..‬فهي ال يمكنها أن توافق على‬

‫نزار ‪..‬لتسهو متذكرة مالمحه‪..‬بشعره البني وعيونه الحانية‬

‫بذات اللون و قمحية بشرته مع محياه الوسيم‪..‬لتضع كفها‬

‫المرتعش أيسر صدرها هامسة بخفوت مرير‪..‬هل أحببته يا‬

‫قلبي بهذه السرعة‪..‬أما كان لك أن ال تخفق إال له‪..‬‬

‫هي فقط عاجزة عن الموافقة ‪..‬ال تستطيع أن تقبل بوصاله‬

‫فهي وحيدة ال أهل لها‪..‬وعمها خذلها تاركا إياها بمفردها‬

‫تصارع الحياة وخيباتها‪..‬‬

‫إخترق مسمعها صوت رنين هاتفها فرفعت رأسها بمالمحها‬

‫الشاحبة الذابلة ودموعها المنسابة‪..‬لترى المتصل إذ بها‬

‫‪371‬‬
‫ريم ‪..‬فعضت شفتيها توترا فأكيد نزار أخبرهم باألمر وها‬

‫هي تتصل لتتحرى رأيها‪..‬مسحت دموعها آخذة شهيق‬

‫محاولة تمالك أعصابها كي ال تنهار باكية مجددا‪..‬مجيبة‬

‫على اإلتصال ببحة متحشرجة‪ :‬مرحبا يا ريم‬

‫إتخذت األخرى مجلسا بغرفة والدتها مراقبة أخيها الذي‬

‫يحرك قدمه من فرط توتره‪..‬ومالمح والدتها الفرحة‬

‫المبتسمة مردفة‪ :‬ميس يا حبي كيف حالك؟‬

‫إتكئت األخيرة على الجدار مسندة ظهرها عليه علها‬

‫تتماسك به مرددة بخفوت‪ :‬الحمد هلل على خير ما يرام‬

‫وأنت؟‬

‫قهقهت ريم بخفة غامزة ألخيها المرتبك والذي قد تملكه‬

‫الحرج و أشاح بوجهه للجانب اآلخر مداريا إحراجه‪..‬هاتفة‬

‫‪372‬‬
‫بحبور‪ :‬بعد أن أخبرني أخي بما طلبه منك أصبحت في غاية‬

‫السعادة والحمد هلل‪..‬إتضح أن سعادتي مرتبطة حقا بكما‬

‫أنتما اإلثنين‪...‬إذا ما رأيك يا عروس هل أنت موافقة؟‬

‫تسابقت دموع ميس محاولة كتم شهقاتها فهي ال تريد أن‬

‫تخذلهم ‪..‬بل هي متعطشة لمحبتهم التي غمروها بها طوال‬

‫الوقت‪..‬لقد عوضوها حقا بالعائلة المحبة التي طالما حلمت‬

‫بها‪..‬لكن لن تكون أنانية فهي ليست أهال لتكون فردا‬

‫منهم‪..‬لتهمس بخفوت‪ :‬عسى أن يكرم هللا أخاك بعروس‬

‫أفضل يا ريم‬

‫بهتت مالمح األخيرة فجأة عاقدة حاجبيها بتوجس مستفهمة‬

‫منها‪ :‬ماذا تقصدين بالضبط لم أفهم؟‬

‫‪373‬‬
‫راقب نزار مالمح شقيقته بلهفة و التي شحبت فجأة فإرتفع‬

‫نبض قلبه بقوة ‪..‬مدركا أنه رفض‪..‬‬

‫إبتلعت ميس ريقها مهمهمة بمالمح مقهورة منكسرة‪ :‬ال‬

‫نصيب بيننا يا ريم ‪...‬عذرا‬

‫توسعت عيني ريم مستقيمة من مجلسها هاتفة‪ :‬ال نصيب‬

‫بينكما ؟؟‪...‬أهاذا رأيك متأكدة؟؟‬

‫أحس نزار فجأة بنغزات أيسر صدره وقد عمت البرودة‬

‫أوصاله‪ ،‬فإستقام مغادرا الغرفة ‪..‬تاركا والدته متحسرة‬

‫بمالمحها الخائبة الموجوعة عليه‪..‬وريم التي تنصت‬

‫لميس‪ :‬نعم متأكدة يا ريم‪..‬واآلن في حفظ هللا و أعتذر حقا‬

‫على كل شيئ‬

‫‪374‬‬
‫أغلقت المكالمة بعدها مطلقة العنان لشهقاتها المتتابعة‬

‫‪..‬غير قادرة أكثر على كتم وجعها المدمي لقلبها الكسير‬

‫مسبقا‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫صباحا كانت السيدة جيهان تضع الفطور على الطاولة‬

‫فدلفت ريم جالسة على كرسيها بمالمحها الصامتة‬

‫مستفهمة‪ :‬هل فطر أخي؟‬

‫نفت والدتها برأسها مردفة بهدوء‪ :‬ذهب ليشتري بعض‬

‫المخبوزات لك‬

‫النت مالمح األخيرة بمحبة سائلة والدتها‪ :‬هل تناول العشاء‬

‫البارحة ؟‬

‫‪375‬‬
‫سكبت لها والدتها العصير مجيبة إياها‪ :‬ال ‪..‬قال لي أنه‬

‫ليس بجائع‬

‫تنهدت ريم بخفوت مغمغمة بحدة‪ :‬ال أعرف حقا لماذا ميس‬

‫رفضته‪..‬ما الذي يعيبه كي ترفض عريس مثالي كأخي‪..‬تبا‬

‫هو حلم كل فتيات المنطقة‬

‫زفرت والدتها بهدوء مردفة ‪ :‬يا ريم كل شخص حر بالقبول‬

‫أو الرفض بنيتي‪..‬ما ترينه أنت ليس نفسه ما يراه‬

‫غيرك‪...‬هي ليست مجبرة على الموافقة ‪ ،‬علينا إحترام‬

‫قرارها بصدر رحب‪..‬‬

‫رفعت األخيرة أنظارها لها هاتفة بتسائل‪ :‬هل إتصلت بها‬

‫ليال كعادتك أو ال؟‬

‫‪376‬‬
‫زفرت ريم مجيبة إياها‪ :‬ال لم أتصل بها‪..‬‬

‫عقدت والدتها حاجبيها مهمهمة‪ :‬ألم تكوني كل ليلة تتصلين‬

‫بها‪..‬ما الذي تغير اآلن‪...‬هل ألنها رفضت أخاك ستكرهينها‬

‫أو ماذا؟‬

‫نفت ريم برأسها بخفة واضعة كأسها على طاولة متحدثة‪:‬‬

‫طبعا ال يا أمي‪...‬عالقتي مع ميس أكبر من أن أقاطعها‬

‫بسبب هاذا األمر‪..‬فقط أنا حزينة ألنني أردت أن تكون مع‬

‫أخي ألنها مميزة وأعتبرها مثل أختي ال غير ‪..‬باإلضافة‬

‫أنني لم أرد ان أضغط عليها او تحس بالذنب تجاهنا‪..‬‬

‫‪377‬‬
‫قاطعهم صوت فتح الباب وولوج نزار متقدما بخطوات‬

‫حثيثة بمالمح مبهمة ملقي تحيته بصوته الهادئ‪ :‬صباح‬

‫الخير‬

‫ناظرته ريم بلين مخفية حسرتها كي ال تأذيه مجيبة اياه‬

‫بمشاكسة مصطنعة‪ :‬صباح الخيرات والمسرات اخي الوسيم‬

‫تبسم لها متخذا مجلسه المعتاد واضعا المخبوزات امامها‬

‫هاتفا‪ :‬تفضلي كليها كلها‬

‫تأثرت األخيرة كثيرا‪ ،‬فأخيها الطيب رغم خيبته اال أنه لم‬

‫ينسى ان يشتري لها ما تحب‪ ،‬لتستقيم حاضنة اياها مقبلة‬

‫وجنته عدة قبالت متتالية هامسة بحب صادق نابع من‬

‫‪378‬‬
‫اعماق قلبها‪ :‬احبك يا اخي‪..‬احبك كثيرا بحجم المحيطات‬

‫والقارات‬

‫ضحكت والدتها بخفة داعية هللا ان يضل كل منهما يحب‬

‫اآلخر هكذا وان ال يفرقهما شيئا ابدا ‪..‬فإبتسم نزار بمحبة‬

‫رابتا على ذراعها بلطف قائال‪ :‬فهمت حسنا ‪..‬اتركيني االن‬

‫زمت شفيتها بعبوس طفولي جالسة في مكانها مغمغمة‬

‫بخفوت‪ :‬ممل حقا‬

‫فسكبت والدته قهوته وإرتشف منها بضع رشفات شاردا في‬

‫فكره ليستقيم بعدها مهمهما‪ :‬علي ان اذهب اآلن قبل ان‬

‫أتأخر عن العمل‬

‫عقدت والدته حاجبيها مستفهمة منه‪ :‬بني لكنك لم تنهي‬

‫افطارك كله‪..‬‬

‫‪379‬‬
‫قبل رأسها بلطف هامسا‪ :‬ال رغبة لي يا امي صدقا ‪...‬واآلن‬

‫في حفظ هللا‬

‫تحرك بعدها بخطواته مغادرا البيت‪..‬تاركا اخته ووالدته‬

‫تتحسران عليه‪..‬اردفت بعدها امه بوجع جلي‪ :‬طوال حياته‬

‫كان عازفا عن الزواج وعندما وجد من أحبها قلبه و قرر‬

‫ذلك باغته القدر بخيبته ‪..‬اه يا ولدي كم تحسر فؤادك على‬

‫رفضها‬

‫مسحت ريم دمعتها مغمغمة بحزن على اخيها الذي يداري‬

‫ألمه عنهم فواضح انه كان يريدها بشدة‪ :‬فقط ادفع حياتي‬

‫ثمنا لمعرفة لماذا قد رفضته ‪..‬تبا هي من األساس مقلتيها‬

‫كانت تشعان اعجابا كلما تطرق االمر له ‪..‬بل لطالما كانت‬

‫‪380‬‬
‫تخبرني انني محظوظة ألن لي عائلة مثلكم تحبني وتدللني‬

‫‪..‬‬

‫تنهدت والدتها دالكة جبينها بتعب جلي على تقاسيمها‬

‫هامسة بخفوت‪ :‬علها تملك اسبابها الخاصة بنيتي ‪...‬جدي‬

‫لها عذرا‬

‫قطبت ريم جبينها وكأنها تذكرت شيئا ما فأردفت بخفوت‬

‫وكأنها تحادث نفسها‪ :‬أيعقل ان يكون هاذا هو السبب؟‬

‫عقدت والدتها حاحبيها سائلة اياها‪ :‬ما هو بالضبط؟‬

‫تنهدت ريم موضحة لوالدتها‪ :‬اتذكرين عندما ذهبت لزيارة‬

‫ميس ببيتها يا امي ذلك اليوم‪..‬وبعدها اتيتت غاضبة من‬

‫عمها ألنه عزلها بمفردها بغرفة جانبية‪...‬هل يا ترى‬

‫‪381‬‬
‫رفضت لهاذا السبب‪...‬ال اعرف ربما رأت نفسها كأنها‬

‫ليست من مقام اخي أو خجلت ألن عمها تركها وحيدة‪..‬‬

‫ارتشفت والدتها بعض الماء مرددة‪ :‬أيعقل ان تفكر بهذه‬

‫الطريقة؟‪...‬هاذا من األساس ليس سببا منطقيا للرفض‬

‫تنهدت بعدها بتعب مستقيمة من كرسيها هامسة بخفوت‪:‬‬

‫علي ان ارتاح قليال‬

‫توجست ريم من مرآها لتستفهم منها بقلق‪ :‬هل انت بخير يا‬

‫امي؟‬

‫اومئت والدتها ايجابا مردفة‪ :‬نعم بخير‪...‬فقط احتاج للراحة‬

‫ال غير‬

‫‪382‬‬
‫تنهدت االخيرة بحسرة تعض على شفتيها تريد حقا ان‬

‫تذهب لميس تلك وتحطم رأسها‪...‬اال انها في األخير تضل‬

‫صديقتها التي تحبها وتحترمها‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪ -‬السالم عليكم ورحمة هللا‬

‫دلفت ميس للمحل ملقية التحية على صديقتها ليلى ‪،‬هذه‬

‫األخيرة التي لم ترفع رأسها عن مجلتها مجيبة ببرود‪:‬‬

‫وعليكم السالم‬

‫‪383‬‬
‫توجهت ميس نحو جزئها الخاص بمالمحها الجامدة‬

‫الصامتة مبادرة بعملها المعتاد‪..‬رفعت ليلى رأسها متأملة‬

‫إياها بوجهها الشاحب وعيونها المتورمة فيبدو أنها قضت‬

‫ليلة عصيبة‪..‬فالن محياها ورق قلبها عليها ‪..‬صحيح انها‬

‫غاضبة من رفضها لنزار بسبب تفكيرها الغبي ذاك ‪ ..‬اال‬

‫انها تضل صديقتها التي لم تخذلها يوما‪..‬فإستقامت مقتربة‬

‫منها هامسة بحب‪ :‬ميوسة حبي‬

‫استدارت األخيرة بمالمحها المرهقة وابتسامتها المنكسرة‬

‫مجيبة‪ :‬نعم‬

‫تنهدت ليلى مسدلة جفنيها متمالكة غضبها منها ووجعها‬

‫عليها في ذات الوقت‪..‬مقتربة منها اكثر حاضنة اياها بقوة‬

‫فما كان من األخرى اال أن تبادلها فتبادر بعدها لمسمعها‬

‫‪384‬‬
‫صوتها الهادئ‪ :‬آسفة يا ميس ان كنت قسوت عليك ‪..‬ال‬

‫تغضبي مني انت تدرين انني احبك جدا‪،‬فقط افكر بمصلحتك‬

‫لهاذا قد اتصرف بغباء احيانا بناءا على هاذا‬

‫لتبتعد بعدها بثواني عنها فأومئت لها ميس بنعم متحدثة‪ :‬ال‬

‫عليك يا ليلى انا ادرك جيدا انك تفكرين في مصلحتي ال‬

‫غير‪...‬وصدقيني لم اغضب منك ولن افعل لهاذا ال تزعجي‬

‫نفسك‬

‫‪ -‬ما رأيك ان تعطي األمر فرصة يا ميس لن تخسري‬

‫شيئا ‪..‬‬

‫اقترحت عليها ليلى ذلك‪...‬لتتنهد ميس مشيحة وجهها عنها‬

‫قائلة ببرود‪ :‬انتهى الموضوع يا ليلى وقد اخبرتهم بقراري‬

‫ليلة البارحة‬

‫‪385‬‬
‫اتسعت عيني االخيرة هادرة فيها بسخط‪ :‬هل اتصلت فيهم‬

‫مخبرة اياهم رفضك بهذه السرعة يا غبية‬

‫مسحت ميس دمعتها المناسبة مجيبة اياها بمالمحها‬

‫الجامدة‪ :‬ريم اتصلت بي مساءا سائلة إياي عن رأيي وانا‬

‫اخبرتها رفضي وانتهى الموضوع‪...‬من فضلك يا ليلى ال‬

‫تضغطي علي رجاءا‬

‫زمت ليلى شفتيها بغضب حقيقي تريد أن تضربها بسبب‬

‫عنادها المفرط علها تستفيق من هذيانها ‪..‬اال انها تنهدت‬

‫فهي ال تريد حقا الضغط عليها اكثر يكفي ان ارهاقها جلي‬

‫على تقاسيم وجهها الشاحب‪..‬لتتحرك نحو مكانها مردفة‬

‫‪386‬‬
‫بخفوت‪ :‬حسنا انت حرة القرار‪..‬فقط اتمنى ان ال تندمي‬

‫يوما النك تغابيت وضيعت فرصة ال تعوض‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪ -‬غبية يا الهي غبية ماذا نفعل معها‪...‬‬

‫هدرت بها ليلئ وهي تتحرك ذهابا وايابا بغرفة‬

‫المعيشة‪...‬زفرت والدتها السيدة صفا مرددة تحاول تهدئة‬

‫ابنتها المهتاجة منذ ساعات‪ :‬يا ليلى صدعت رأسي‬

‫حقا‪...‬اجلسي مثل البشر وتحدثي بدل هاذا الشتم كله بنيتي‬

‫‪387‬‬
‫جلست األخيرة على األريكة المقابلة ألمها متابعة حديثها‬

‫بحنق‪ :‬أمي ركزي معي‪ ...‬أخبرتك أن ميس تلك رفضت‬

‫نزار ذاك وأخبرتهم رفضها دون أن تعطي نفسها فرصة‬

‫التفكير حتى‪ ...‬تلك الساذجة بدل استغالل الفرص ال هي‬

‫تبعد عنها كل فرصة جيدة متشدقة بحجح تافهة واهية‬

‫تنهدت بخفوت أمها هاتفة‪ :‬حتى ولو كانت اسبابها تافهة‬

‫كما تقولين انت‪ ..‬ليس عليك ان تبتعدي عنها‪ ،‬يبقى هاذا‬

‫قرارها الشخصي‬

‫تأففت األخرى بسخط مردفة من بين اسنانها‪ :‬لوال اشفاقي‬

‫عليها بسبب ارهاقها النفسي لكنت ضربتها تلك الغبية‪ ...‬تبا‬

‫‪388‬‬
‫يا أمي الشاب لم تريه إنه ينسى نفسه عندما يقابلها‪..‬‬

‫أراهن أنه يحبها أساسا‪...‬‬

‫والنقطة الجيدة أكثر هو أن والدته تحبها كثيرا كما اخبرتك‬

‫سابقا ‪،‬وشقيقته ايضا ال تكف عن اإلتصال بها‪...‬بالمختصر‬

‫فرصة مثالية‬

‫‪ -‬اظن انه عليك ان ال تتدخلي اكثر يا ليلى‪ ..‬ال تضغطي‬

‫عليها يكفيها ما تحس به من كسر جراء ما قام به‬

‫عمها سابقا‬

‫تحدثت والدتها بهدوء محاولة ثني ابنتها عن اتخاذ اي‬

‫حركة متهورة قد تخسر صديقتها على اثرها‬

‫‪389‬‬
‫عضت ليلى على شفتيها كاتمة حنقها المتصاعد‪ ..‬لتغمغم‬

‫بهدوء مصطنع‪ :‬حسنا أنا أعرف عالج ميس‪ ..‬ال أحد يقدر‬

‫عليها إال سحر كعادتها‪...‬هاذا ما ينفع معها‬

‫‪390‬‬
‫🍂الفصل السادس🍂‬

‫♡••‬

‫بكـونـك‬
‫ِ‬ ‫"عزيزتي فـي عـالـم مـلـيء بالـنـسـخ تـميـزي‬

‫أنـت"🕊‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪391‬‬
‫عيونه البندقية شاردة بعالم آخر جوهره عيون عشبية‬

‫المعة‪ ..‬كأنها قطعة زبرجدية إقتنصت من عمق‬

‫المحيطات‪..‬كقمرا خجوال ينير عتمات الحياة‪..‬منذ رفضها‬

‫ذاك وهو ال تفكير له سوى بذكرى بسمتها الرقيقة تلك التي‬

‫تطيح بكل ما فيه‪..‬‬

‫وضع رأسه بين كفيه محاوال تشتيت تفكيره عنها‪ ..‬اال انه‬

‫ما ينفك يعود وبقوة طالبا وصالها راغبا بإستنشاق‬

‫شذاها‪ ...‬شد شعره هامسا بخفوته الواهن ‪ :‬فقط أخرجي‬

‫من عقلي يا فتاة‪ ...‬ألم يخلق هللا غيرك من جنس حواء‪..‬‬

‫مازالت لحد اآلن تلك البرودة تعتريه صدمة من رفضها‬

‫المؤذي لقلبه‪ ..‬الذي ما إنفك ينبض لها كل أوان‪..‬أسدل‬

‫‪392‬‬
‫جفنيه بوجع مرير مغمغما لنفسه الخائبة‪ :‬هي ال تريدك يا‬

‫نزار فقط حاول نزعها من عقلك وقلبك‪ ..‬فلست أهال لها‪..‬‬

‫دعها لألحق منك‪..‬‬

‫عند هذه الخاطرة تصلب جسده وجمدت مالمحه‪..‬مهسهسا‬

‫بحدة محاوال تمالك أعصابه‪ ..‬تبا هل ستكون لرجل آخر‪...‬‬

‫تعالى رنين هاتفه مخرجا إياه من شبح أفكاره‪ ..‬مجيبا‬

‫بهدوء حاول إختالقه‪ ..‬فلم تكن هذه إال‬

‫شقيقته الصغرى ريم ‪ :‬نعم يا ريم‬

‫إستقام بهلع مستفهما منها عله يتضح له ما تقول بسبب‬

‫بكائها‪ :‬ما خطبك يا فتاة لما كل هاذا البكاء؟؟‬

‫‪393‬‬
‫بعد ثواني تحرك بسرعة خارجا من المحل مردفا بإرتباك‪:‬‬

‫حسنا أنا قادم ال تقلقي‪ ..‬سآخذها للمشفى فقط إبقي معها‪..‬‬

‫عشر دقائق وسأصل‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫بخطوات حثيثة تدب األرض كانت ليلى صباحا متجهة نحو‬

‫عملها المعتاد ‪،‬تفكر بطريقة ما كي تقنع ميس بقبول عرض‬

‫نزار ذاك‪..‬حتى ولو رفضته أوال ‪..‬البد من طريقة لجمعهما‬

‫معا‪..‬فقد إتصلت بسحر وأعلمتها األمر برمته لتخبرتها‬

‫األخيرة أنها ستتحدث معها‪...‬لكن تخشى أن تعاند ميس أكثر‬

‫وتصر على موقفها السلبي ‪..‬زفرت بحنق لتخطر على بالها‬

‫‪394‬‬
‫فكرة شيطانية إبتسمت على إثرها بمكر أنثوي ‪..‬فلتتصل‬

‫بريم وتوضح لها األمر‪ ،‬و بالتالي هي ستتصرف معها‬

‫‪..‬أخرجت هاتفها باحثة عن رقمها فهي تتذكر أنها إتصلت‬

‫بها عدة مرات إلستفزازها كعادتها وحفظت رقمها بعدها‪..‬‬

‫بعد لحظات من الرنين يتهادى لها صوتها‪ :‬أهال ليلى‬

‫عقدت األخيرة حاجبيها بإستغراب مغمغمة‪ :‬صباح الخير يا‬

‫ريم‪...‬غريب منذ متى وأنت بهذا الخلق والتهذيب لطالما‬

‫كنت تشتمينني كلما تكلمنا بالهاتف‬

‫ليصلها صوت حشرجتها فقطبت ليلى جبينها مستفهمة منها‬

‫بتوجس‪ :‬ما خطبك يا ريم هل أنت تبكين؟؟؟‬

‫‪ -‬أنا بخير ال تقلقي‪..‬فقط والدتي تعبة قليال‬

‫‪395‬‬
‫أجابت ريم متنهدة ببعض التعب‪ ..‬توسعت عيني ليلى مردفة‬

‫بسرعة ‪ :‬ما الذي حدث لها يا ريم و كيف حالها؟ ؟‬

‫دلكت األخرى جبينها جراء الصداع الذي ألم بها هامسة‪:‬‬

‫لقد تعبت فجأة مساءا ونقلناها للمشفى ‪..‬وبقيت الليلة هناك‬

‫والحمد هلل هي اآلن بخير‪ ،‬األطباء يريدون أن يتأكدوا من‬

‫توازن الضغط ليسمحوا لنا بإخراجها‬

‫‪-‬حسنا في أي مستشفى أنتم؟؟‬

‫إستفهمت منها ليلى علها تزورها هي وميس لمؤازرتها‬

‫خاصة أن تلك السيدة إمرأة فاضلة وطيبة جدا‪..‬أخبرتها ريم‬

‫بإسم المشفى فردت بعدها ليلى بهدوء‪ :‬حسنا دقائق‬

‫وسنكون عندك يا ريم اطمئني‬

‫‪396‬‬
‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫بعد لحظات دلفت ليلى للمحل حيث ترائى لها صديقتها ميس‬

‫ملقية عليها التحية بهدوء‪ :‬صباح الخير‬

‫إستدارت لها األخيرة بحجابها الوردي ووشاحها ماثله‬

‫اللون مجيبة‪ :‬صباح النور ‪..‬أهال‬

‫تنهدت ليلى بخفوت دالكة جبينها مستفهمة منها‪ :‬انا‬

‫سأذهب لمشفى المدينة لزيارة السيدة جيهان إن كنت‬

‫تريدين الذهاب معي‬

‫‪397‬‬
‫توسعت عيني ميس بهلع و إزداد هدير قلبها مردفة بقلق‪:‬‬

‫لماذا ما الذي أصابها؟‬

‫‪-‬إتصلت بريم وهي التي أخبرتني ‪..‬حسب ما فهمته من‬

‫حديثها أن ضغطها إرتفع وقد إصطحبوها للمشفى ليلة‬

‫البارحة‬

‫أجابتها ليلى بهدوء متأملة مالمح صديقتها الشاحبة والتي‬

‫واضح أنها مرهقة جدا والقلقة في اآلن نفسه‪..‬إغرورقت‬

‫عيني األخيرة هامسة بحشرجة باكية‪ :‬أنا السبب أكيد هي‬

‫إنزعجت مني وإرتفع ضغطها‪..‬‬

‫‪398‬‬
‫جلست على كرسيها بوهن شديد كاتمة عبراتها وأنين قلبها‬

‫المتزايد‪..‬دنت منها ليلى رابتة على رأسها بحب مغمغمة‪ :‬يا‬

‫ميس توقفي عن تعذيب نفسك‪..‬ال عالقة لك بمرضها ‪..‬هي‬

‫من األساس ممتنة لك فأنت أول من ساعدها عندما وجدتها‬

‫ذلك اليوم بالطريق تعاني التعب‬

‫أومئت لها ميس بشرود واهن ‪..‬فإستقامت ليلى هاتفة‪:‬‬

‫حسنا سأتصل بسعاد كي تبقى بالمحل مؤقتا حتى نعود‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪399‬‬
‫ترجلتا من سيارة األجرة متحركتين بخطوات حثيثة عابرين‬

‫الباب الزجاجي للمشفى ‪ ،‬متجهتين نحو إحدى الغرف‬

‫القريبة بعد أن أخذوا رقمها من اإلستعالمات ‪..‬‬

‫تنفست ميس محاولة أخذ شهيق وزفير بعدها‪ ،‬حيث قد‬

‫تملكها التشتت فهي متوترة من رد فعل السيدة جيهان‬

‫متمنية فقط أن ال تعاملها ببرود ‪ ،‬ألنها إن فعلت ذلك‬

‫ستتحطم كليا فهي حقا تحبها وال تتحمل خسارتها هي‬

‫األخرى‪..‬‬

‫ربتت ليلى على ظهرها بحنو مشجعة إياها بإبتسامتها‬

‫الدافئة على طرق الباب فرفعت األخيرة كفها مستجيبة لها‬

‫لتطرق عدة طرقات خفيفة ‪..‬فتهادى لها صوت ريم السامح‬

‫‪400‬‬
‫لها بالدخول‪..‬أدارت المقبض بإرتباك لتدلف بهدوء هي‬

‫وليلى ‪..‬فوقعت عينيها على السيدة جيهان مستلقية على‬

‫سريرها وريم جالسة على الكرسي بجانبها ‪..‬تحدثت‬

‫بخفوت‪ :‬السالم عليكم‬

‫تبسمت جيهان بلطف مجيبةإياها ‪ :‬وعليكم السالم بنيتي‬

‫أهال‬

‫إغرورقت عيني ميس بالدموع كاتمة عبراتها متقدمة بضع‬

‫خطوات نحو سريرها هامسة بحشرجة خافتة‪ :‬كيف حالك يا‬

‫خالة؟‬

‫النت مالمح جيهان مدركة أن ميس تعاني خطبا ما ‪،‬‬

‫فتحدثت بمحبة خالصة‪ :‬أنا على خير ما يرام بنيتي والحمد‬

‫هلل تحسنت كثيرا‬

‫‪401‬‬
‫دنت ليلى قليال واضعة باقة الزهور على الطاولة بقرب‬

‫السرير هاتفة‪ :‬هذه زهور األوركيد يا خالة هي من إختيار‬

‫ميس‪ ..‬وطبعا ال أحد سيعرفني لهاذا فأنا ليلى‪ ،‬أكيد سمعت‬

‫عني بما أنني مشهورة كثيرا‬

‫قهقهت جيهان بخفة مرحبة بها بحبور‪ :‬شكرا لكما يا آنسة‬

‫‪..‬وأكيد سمعت عنك كثيرا ريم إبنتي لطالما كانت تتكلم عنك‬

‫كتفت ليلى ذراعيها على صدرها مردفة بضجر مصطنع‪ :‬بل‬

‫قولي لطالما كانت تشتمني‪ ،‬إبنتك يا خالة ومع كل إحترامي‬

‫لك إال أنها تغار مني كثيرا‬

‫‪402‬‬
‫قلبت ريم عينيها عليها مغمغمة بإستفزاز‪ :‬لم أغر من جارنا‬

‫أبو جعفر ألغار منك أنت‪...‬الحمد هلل لم أصب بالعمى بعد‬

‫ضحكت والدتها على إجابتها لتشاركها ليلى الضحك لكن‬

‫بتهكم مهمهمة‪ :‬سخيفة‬

‫‪-‬كيف حالك يا ريم؟‬

‫إستفهمت ميس منها لتوجه األخيرة نظراتها لها متأملة‬

‫شحوبها الذي لم يمنع بروز جمالها البهي كعادتها‪..‬فتنهدت‬

‫مستقيمة من كرسيها مقتربة منها حاضنة إياها بقوة مجيبة‬

‫بمحبة‪ :‬بخير حبيبتي ‪..‬الحمد هلل‬

‫بادلتها ميس الحضن وقد غمرتها السعادة حقا ألنهما لم‬

‫يقابالها ببرود أو الحنق ‪..‬لتبتعد عنها بعد لحظات مبتسمة‬

‫‪403‬‬
‫بعذوبة هامسة‪ :‬هيا أبعدي مالمح الحزن هذه عن وجهك يا‬

‫ميس‪ ،‬فال يليق بك إال السعادة يا جميلة‬

‫أومئت لها األخيرة بإيجاب ماسحة دمعتها المنسابة على‬

‫خدها ‪..‬فقاطعتهما ليلى جاذبة ريم من ذراعها مغمغمة‪:‬‬

‫حسنا اآلن فللنترك ميس ووالدتك مع بعض كي تتحدثا على‬

‫إنفراد أفضل ‪..‬هيا‬

‫خرجت كلتا الفتاتان تاركة صديقتهم مع السيدة‬

‫جيهان‪..‬شابكت ميس كفيها ببعضهما البعض توترا موجهة‬

‫نظرها لها‪ ،‬سائلة إياها بخفوت تداري به ألمها المضني‬

‫والذي أرهق فؤادها ‪ :‬هل أنت غاضبة مني يا خالة‬

‫بخصوص رفضي لنزار؟‬

‫‪404‬‬
‫إستقامت شفتي األخيرة ببسمة حانية إنعكس أثرها على‬

‫وجهها البهي فزاده بهاءا أكثر ودفئا لتفتح ذراعيها لها‬

‫مردفة بحب‪ :‬تعالي لحضني صغيرتي وسأخبرك‬

‫زمت ميس شفتيها بحزن تاركة لدموعها حرية التساقط‪،‬‬

‫مرتمية بحضنها مطلقة شهقات بكائها المرير ‪..‬ضمتها‬

‫األخرى بحب دافئ رابتة على ظهرها مقبلة رأسها بعطف‬

‫ناشرة بتالت حنانها بقلب األخيرة ‪..‬‬

‫لم يخفى عليها عيونها الذابلة وال بسمتها المصطنعة‬

‫‪..‬حسها األمومي أعلمها أن لهذه الفتاة خيبة تركتها‬

‫مكسورة الجناح تداري وجعها ببسالة فذة ‪..‬وأن خلف‬

‫رفضها لنزار قصة ما‪ ،‬تمنعها من البوح بها‪..‬بعد لحظات‬

‫‪405‬‬
‫من الحضن إبتعدت عنها ميس قليال ماسحة دمعها هامسة‪:‬‬

‫عذرا يبدو أنني بالغت قليال في إنفعالي اللحظي‬

‫تبسمت جيهان ماسحة على وشاحها مرددة‪ :‬ال عليك بنيتي‬

‫‪..‬وبخصوص سؤالك صدقيني لم أغضب ولن أفعل ذلك‬

‫أبدا‪...‬فحتى ولو رفضت إبني فهذه حرية شخصية وال يحق‬

‫لي ان أتخذ موقفا سلبيا من ذلك ‪..‬لك كل الحق بإختيار ما‬

‫يناسبك ويقنعك صغيرتي لهاذا ال تحملي همي أبدا‪..‬‬

‫قبلت ميس كفها متحدثة بحب‪ :‬ال حرمني هللا منك يا‬

‫خالة‪...‬كنت خائفة حقا أن تغضبي مني و تكرهيني بعدها‬

‫‪406‬‬
‫قهقهت األخيرة على تفكيرها مجيبة إياها‪ x:‬إطمئني إذا من‬

‫هذه الناحية ‪،‬ستضلين كإبنة لي ولك مكانتك الخاصة على‬

‫الدوام ‪..‬وبيتي مفتوح لك كل آن ال تقلقي‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫خارجا كانت كل من ليلى وريم قد إتخذتا مجلسا‪ x‬على إحدى‬

‫الكراسي ‪..‬أسندت ريم ظهرها على الحائط مردفة بتسائل‬

‫نحو ليلى‪ :‬هيا أخبريني ما يلوح في جعبتك يا فتاة‪..‬‬

‫رفعت األخرى حاجبها مستفهمة منها‪ :‬كيف دريت بذلك؟‬

‫‪407‬‬
‫قهقهت ريم محولة نظراتها لها مجيبة‪ :‬مالمحك هذه‬

‫ذكرتني بنفسي عندما كنت أحاول أن أطلب من أخي نزار‬

‫شيئا ما ‪...‬لهاذا فهمت من خالل تعابير وجهك‬

‫مطت ليلى شفتيها بعبوس ظريف هامسة لها‬

‫بالغبية‪...‬ضحكت األخرى ضاربة ذراعها سائلة إياها‪ :‬هيا‬

‫أخبريني ما األمر؟‬

‫تنهدت األخيرة دالكة جبينها بحيرة مردفة‪ :‬لكن عديني أن ال‬

‫تعلمي ميس بما سأخبرك إياه‬

‫قطبت ريم جبينها مجيبة بهدوء‪ :‬حسنا أعدك إطمئني‪..‬لكن‬

‫ما األمر؟‬

‫‪408‬‬
‫‪ -‬بخصوص رفض ميس ألخيك نزار‬

‫تحدثت ليلى بخفوت ‪..‬تاركة األخيرة تعقد حاجبيها هاتفة‪:‬‬

‫صحيح أنني حزنت لرفضها له ألنني أحبها حقا وتمنيت أن‬

‫توافق عليه وتكون فردا جديدا في أسرتنا‪..‬إال أنني إحترمت‬

‫قرارها في آخر المطاف وستضل صديقتي دوما‬

‫تأملتها ليلى لتبستم بلطف مغمغمة‪ :‬نحن محظوظات بك حقا‬

‫يا ريم خاصة ميس هي حقا تحبك ‪...‬لكن الموضوع ليس‬

‫رفض إختياري بل هي كانت مجبرة على ذلك لألسف‬

‫توسعت عيني ريم فاغرة فاهها لتستقيم من كرسيها‬

‫مهسهسة بحدة‪ :‬ال تقولي أن عمها النذل ذاك هو من‬

‫أجبرها على الرفض‪..‬تبا كيف نسيت هاذا‪...‬ذلك اللعين‬

‫‪409‬‬
‫قبضت ليلى على ذراعها مردفة بحنق‪ :‬أصمتي فقط‬

‫وإسمعيني ال أريد لميس أن تعلم أنني أخبرتك‪...‬وإطمئني‬

‫األمر ال عالقة له بإجبار عمها‪...‬‬

‫عادت األخيرة لمقعدها محركة قدمها حنقا فهي ال تتحمل أن‬

‫ترى ميس تتأذى أو تجبر على أمر هي ال تريده‪..‬أردفت‬

‫بعدها بغضب‪ :‬أخبريني فقط ما الذي أجبرها يا ليلى؟؟‬

‫زفرت األخرى متابعة كالمها موضحة‪ :‬ميس عاشت طوال‬

‫حياتها يتيمة وأنت تعلمين ذلك فقط كفلها عمها بعد وفاة‬

‫والديها إثر حادث‪..‬وقبل حوالي سبع أشهر عزلها عمها ذاك‬

‫بغرفة جانبية بعد أن سممت زوجته له أفكاره ‪..‬‬

‫‪410‬‬
‫‪ -‬تلك الخسيسة ‪..‬ال‪..‬ااه يا إلهي أريد ضربها حقا ‪..‬‬

‫تحدثت ريم من بين أسنانها كاتمة حنقها بعد أن إحمر‬

‫وجهها من شدة الغضب‪..‬فعقدت حاجبيها مستفهمة من‬

‫ليلى‪ :‬لكن ما عالقة ذلك برفضها ألخي ‪..‬يعني إن كان عمها‬

‫وغد وزوجته أسوء منه فما ذنب أخي؟ ؟‬

‫ناظرتها ليلى بهدوء متنهدة بعدها مجيبة إياها علها ترضي‬

‫فضولها‪ :‬المشكلة ليست في أخيك يا ريم‪..‬بل في ميس‬

‫‪..‬هي ترى أنها ال تستحق نزار بما أنها يتيمة مرفوضة من‬

‫قبل عمها وعائلته وكأنهم يتبرئون منها ‪ ..‬ترى نفسها أقل‬

‫من أن توافق عليه ‪،‬‬

‫‪411‬‬
‫ألنه مميز من كل نواحي‪..‬هي تريده أن يجد من تستحقه‬

‫أفضل منها خاصة من حيث األسرة‪..‬كأب يزفها لزوجها‬

‫مفتخرا بها ‪...‬هي كسرت يا ريم ووقع هاذا الكسر كان‬

‫مؤلما لها بدرجة كبيرة رغم أنها تتصنع عدم المباالة إال‬

‫أنني أعرفها جيدا ‪..‬وجع الخذالن كان مدميا لقلبها مهما‬

‫إدعت عكس ذلك أن موقنة أن جرحها الزال ينزف ‪..‬لطالما‬

‫تجلى ذلك بعيونها المنطفئة وروحها الذابلة ‪ ..‬فما مرت به‬

‫مؤخرا جعلها تبتعد عن أخيك فغالبا هي تحمي نفسها خشية‬

‫أن يخيبها هو اآلخر‪..‬ألنه إن فعل ذلك فهي تدرك أن قلبها‬

‫لن يتحمل خذالن آخر وستكون نهايتها ‪..‬صحيح أنني‬

‫عاتبتها كثيرا على رفضها ألخيك إال أنني في ذات الوقت‬

‫متفهمة لموقفها ‪،‬هي فقط صنعت فقاعة حتى ولو كانت‬

‫هشة تقوقعت داخلها لتحمي ذاتها من قهر آخر قد يصيبها‬

‫مستقبال‪..‬‬

‫‪412‬‬
‫النت مالمح ريم هامسة بنبرة حزينة باكية‪ :‬تلك الغبية كيف‬

‫تفكر بهذه الطريقة‪..‬يا إلهي أي وجع عاشته لتفكر بهذه‬

‫السوداوية‬

‫ربتت ليلى على كفها بإبتسامة مردفة‪ :‬لهاذا إن كنت حقا‬

‫تحبين ميس ساعديها يا ريم ‪...‬أنا ال أتحمل رؤية الضياع‬

‫والتشتت بعينها كل حين‬

‫تحمست األخيرة مستفهمة منها بعد أن مسحت دمعتها‬

‫المنسابة‪ :‬أي شيئ أفعله بالضبط‪...‬أكيد أريد مساعدتها فأنا‬

‫أحبها حقا كأخت لي‬

‫‪ -‬األمر بسيط فقط علينا أن نجمعها مع أخيك نزار‬

‫‪..‬تعلمين أنها تحبه‬

‫‪413‬‬
‫تحدثت ليلى بخفوت لتفغر ريم فاهها مقهقهة بعدها متحدثة‪:‬‬

‫هل حقا تحبه‪...‬هل هي التي أخبرتك بذلك؟‬

‫نفت ليلى برأسها موضحة لها‪ :‬ال لم تخبرني هاذا‬

‫لفظيا‪...‬لكن علمت من خالل عيناها وتصرفاتها ‪..‬فميس‬

‫ليست ممن يتقنون إخفاء مشاعرهم ‪،‬خاصة المحبة منها‬

‫صفقت األخرى بسعادة هاتفة‪ :‬وأخيرا خبر مفرح خالل هاذا‬

‫اليوم البائس‪..‬حسنا سأخبرك سر أنا أيضا‪ ..‬أظن أن أخي‬

‫يبادلها نفس الشعور هو اآلخر‪..‬فهو يرتبك كلما ذكر إسمها‪،‬‬

‫وأراه شاردا طوال الوقت ‪..‬بل أنا وأمي إستغربنا كثيرا‬

‫عندما باح لنا أنه قد طلب ميس بنفسه فهذه ليست من‬

‫‪414‬‬
‫عاداته خاصة أنه طوال حياته لم يكن له إحتكاك مباشر مع‬

‫الفتيات ‪..‬لندرك أنه وقع حقا‬

‫ضحكت ليلى على تحمسها مرددة ‪ :‬إذا تحركي فورا وقومي‬

‫بجمع عصافير الحب مع بعض بدال عن هاذا الكالم‬

‫زمت ريم شفتيها عاقدة ذراعيها على صدرها متسائلة‪:‬‬

‫كيف بالضبط يا ذكية زمانك؟‬

‫هزت األخرى كتفيها متحدثة‪ :‬ببساطة أجبراها على القبول‬

‫‪..‬يعني أقنعاها أن أسبابها تافهة وحاولوا تغيير رأيها الغبي‬

‫ذاك‪..‬بدل أن يتعذب كالهما ببعدهما عن بعض‬

‫‪415‬‬
‫عضت ريم شفتها السفلى مضيقة عينيها هامسة بخفوت‪:‬‬

‫البئس فكرة جيدة سأبذل قصاري جهدي وإن بقيت على‬

‫رأيها ما عليك سوى إستعمال القوة نخطفها ونقيدها‬

‫ونهددها بالموافقة أو القتل ‪...‬أجل هكذا أفضل‬

‫ضحكت ليلى عليها هازة رأسها بسخرية مرددة‪ :‬ذكائك‬

‫مبهر حقا‪..‬عفكرة إياك أن تعلم ميس بما أخبرتك ‪..‬ستغضب‬

‫مني وتقاطعني وإن فعلت سأضربها ماسحة األرض‬

‫بها‪...‬لهاذا تجنبي نهائيا ذكر إسمي‬

‫رفعت ريم حاجبها هامسة بإستفزاز‪ :‬جبانة‪..‬‬

‫‪416‬‬
‫قلبت األخرى عينيها ملال من سخافتها مغمغمة‪ :‬يا ذكية إن‬

‫علمت أنني أخبرتك ستعاند أكثر ظانة أنني أثير شفقتكم‬

‫عليها ‪..‬صدقيني ميس عندما تقرر العناد ال أحد سيغير‬

‫رأيها لهاذا حاليا دعينا نتجنب إعالمها‪ ،‬وعندما نتأكد أنها‬

‫وقعت في المصيدة كليا وتتزوج أخيك ذلك الوقت سأخبرها‬

‫بنفسي يا فتاة‬

‫كانت ريم ستتحدث إال أن كلمات ليلى قاطعتها مستفهمة‪:‬‬

‫أليس ذلك نزار أخيك؟‬

‫إستدارت األخيرة خلفها فترائى لها أخيها قادما نحو غرفة‬

‫والدته ‪..‬لتبتسم بمكر غامزة لليلى هامسة بخفوت‪ :‬ال‬

‫تذكري إسم ميس حسنا‪..‬‬

‫‪417‬‬
‫كتمت األخرى بسمتها مدركة ما تخطط له هذه الشقية‬

‫مومئة لها بإيجاب‪...‬وصل لهم مبعدا أنظاره إلتجاه اآلخر‬

‫محييا إياهما‪ :‬السالم عليكم ورحمة هللا‪..‬‬

‫ردت الفتاتان التحية‪...‬ليستفهم من ريم بعدها‪ :‬لماذا تركت‬

‫والدتي لوحدها يا ريم ‪..‬؟؟‬

‫تبسمت ريم بمحبة مجيبة بخبث خفي‪ :‬هي بخير يا أخي ال‬

‫تقلق‪..‬أردت جلوس مع ليلى قليال فهي أتت لإلطمئنان عليها‬

‫بعد أن علمت بمكوثها بالمشفى‪..‬إذهب أنت وإجلس معها‬

‫قليال سأوافيك بعد لحظات‬

‫‪418‬‬
‫همس لها بحسنا فتحرك نحو الباب فاتحا إياه دالفا‬

‫للغرفة‪..‬ليتصنم عند التقاء عينيه بعينيها‪..‬هي ‪..‬ليبتلع ريقه‬

‫مشتتا أنظاره بعيدا عن سحر زبرجدها‪..‬متداركا نفسه‬

‫محاوال السيطرة على نبض قلبه الهادر‪..‬شبكت ميس كفيها‬

‫ببعضهما البعض عاجزة عن فعل أو قول شيئ ما‪..‬قاطع‬

‫موجة اإلرتباك التي حلت باألجواء صوت السيدة جيهان‬

‫الحاني مردفة بإبتسامة لطيفة‪ :‬أهال بك بني‪..‬وأخيرا أتيت‬

‫رفع نظره لها فالنت مالمحه الوسيمة مبتسما إبتسامة‬

‫خالبة والتي أربكت قلب ميس الواقع له مسبقا‬

‫دنى منها الثما رأسها بحب متحدثا بهدوء‪ :‬عذرا يا غالية‬

‫فقط حدثت مشكلة مع بعض المستوردين وقد حللتها وأتيت‬

‫فورا‬

‫‪419‬‬
‫ربتت والدته بدفئ على ذراعه قائلة بعطفها األمومي‪ :‬رعاك‬

‫هللا يا ولدي وعسى أن يرضيك بكل خير ‪..‬‬

‫إستقامت ميس من مجلسها محاولة الفرار كي ال تفضح‬

‫نفسها إثر تزايد نبض قلبها الخافق مهمهمة‪ :‬لقد تأخرت يا‬

‫خالة‪..‬علي أن أذهب اآلن ‪..‬وطهورا إن شاء هللا‬

‫تبسمت لها األخرى بمحبة خالصة هاتفة بشكر‪ :‬بارك هللا‬

‫فيك بنيتي وشكرا لقدومك أنا أقدر أخالقك حقا ‪...‬حسنا‬

‫سيوصلك نزار أنت وصديقتك كي ال تتعبوا بالمواصالت‬

‫توسعت عيني ميس مغمغمة بسرعة‪ :‬ال سنستقل سيارة‬

‫أجرة ال ترهقوا أنفسكم‪..‬‬

‫‪420‬‬
‫تحرك نزار نحو الباب هاتفا بهدوء حاول إصطناعه قدر‬

‫اإلمكان‪ :‬تفضلي يا انسة‬

‫تنهدت ميس بخفوت مشتتة نظرها بكل مكان تعاني ضياع‬

‫أفكارها وتمرد جوارحها وكيانها بقربه‪...‬لتقع عينيها على‬

‫وجه السيدة جيهان المبتسم بغموض‪..‬فإرتبكت أكثر‪ ،‬لتقهقه‬

‫األخيرة مردفة‪ :‬البئس بنيتي إذهبا معه فهو لن يرضى إال‬

‫بإيصالكما بنفسه ‪،‬لهاذا ال تحرجيه بالرفض من فضلك‬

‫أومئت لها ميس بهدوء مقتربة منها مقبلة رأسها هي‬

‫األخرى مغمغمة بلطف‪ :‬في حفظ هللا يا خالة عساك تشفين‬

‫بسرعة‬

‫‪421‬‬
‫ربتت جيهان بحب على ذراعها مجيبة إياها‪ :‬بوركت أينما‬

‫كنت صغيرتي‬

‫غادرت بعدها الغرفة مقتربة بخطواتها الهادئة نحو الفتاتان‬

‫الجالستان بإحدى المقاعد مردفة‪ :‬هيا يا ليلى علينا أن‬

‫نغادر اآلن‪..‬سيقلنا نزار للمحل‬

‫رفعت األخرى حاجبها لترى أن ريم بطرف عينيها تكتم‬

‫إبتسامتها الماكرة‪..‬مستفهمة منها‪ :‬نزار يوصلنا‪...‬ولماذا‬

‫طلبت منه ذلك؟‬

‫تنهدت ميس متحدثة بحدة‪ :‬لم أطلب منه بل السيدة جيهان‬

‫هي من فعلت ذلك وهو وافق ‪..‬ولم أستطع اإلعتراض أكثر‬

‫‪422‬‬
‫إستقامت ريم مقهقهة هامسة بخبث مستفز‪ :‬وأين‬

‫الضير في ذلك‪..‬ليست أول مرة سيوصل ميس قبال فعلها‬

‫عدة مرات‬

‫لتستقيم ليلى هي األخرى غامزة لريم بشقاوة‪ :‬أجل فعلها‬

‫عدة مرات وكان لها تأثيرها الخاص حقا‪..‬‬

‫ناظرتها ميس بحنق فرفعت األخيرة حاجبيها بغيظ قابضة‬

‫على ذراعها جاذبة إياها معها مغمغمة نحو ميس‪ :‬وداعا‬

‫أيتها المملة‬

‫ضحكت األخرى عليها بخفة مجيبة إياها‪ :‬إلى اللقاء يا‬

‫جبانة‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫‪423‬‬
‫بالسيارة جلست كلتا الفتاتان بالمقاعد الخلفية والصمت قد‬

‫عم المكان‪..‬وإحداهما مبعدة بصرها خارج النافذة‬

‫بقربها‪..‬فارة من عمق مقلتيه التي تبث لها عتابه المعذب‬

‫لقلبها الخافق بعنف لقربه‪..‬أطرقت رأسها تتالعب بسحاب‬

‫حقيبتها الصغيرة ذات اللون الكحلي‪..‬مسدلة جفنيها محاولة‬

‫إسترجاع أنفاسها المسلوبة من قبله‪..‬هو اآلخر أعلنت‬

‫عيونه إعتزال عينيها العشبية الالمعة‪..‬متداركا نفسه التي‬

‫لطالما تمكنت صاحبة الجواهر الزبرجدية من إرباك أفكاره‬

‫وبعثرة كيانه‪..‬يلوم نفسه كيف له أن يضعف هكذا وبهذه‬

‫الصورة التي ما عهدها مسبقا‪..‬قابضا على المقود بقوة‬

‫مسيطرا على جوارحه المهتاجة كعادتها كلما كانت تلك‬

‫المخلوقة الناعمة الرقيقة بجواره‪ ..‬رائحتها العبقة التي‬

‫داعبت حواسه كانت تزيد األمر سوءا ‪..‬أسند ذراعه‬

‫العضلية على النافذة المفتوحة بقربه متأمال الطريق أمامه‬

‫‪424‬‬
‫مخلال أنامله الغليظة بشعره البني الداكن‪..‬متجنبا قدر‬

‫اإلمكان النظر في المرآة األمامية فإن فعل ذلك سيسهو في‬

‫سحر عينيها ‪..‬‬

‫بعد لحظات صمت تحدثت ليلى بهدوء موجهة كالمها لنزار‪:‬‬

‫هال توقفت عند المحل من فضلك ؟‬

‫أومئ األخير لها بصمت مقتربا من المكان المقصود راكنا‬

‫سيارته أمام المحل ‪..‬تحدثت ليلى شاكرة إياه فهمهم لها‬

‫بالعفو‪..‬لتضرب ميس بكوعها مشيرة لها بأن تشكره‬

‫‪..‬فإرتبكت األخيرة رافعة بصرها لألعلى وتالقت عينيها‬

‫بمقلتيه الدافئة فإبتلعت ريقها وتوردت وجنتيها مع إزدياد‬

‫خفقان قلبها فارة من شباك عينيه هامسة بخفوت مرتبك‪:‬‬

‫شكرا لك‪...‬‬

‫‪425‬‬
‫ترجلت من السيارة بسرعة واضعة كفها أيسر صدرها‬

‫خشية أن تفضح نبضاتها العنيفة ما تعانيه من تشتت في‬

‫حضوره الطاغي المستبد لفؤادها المحب له‬

‫أحنى نزار رأسه على المقود مسترجعا أنفاسه كابحا جماح‬

‫نفسه المنفلتة‪ ،‬متداركا ضعفه موبخا نفسه على إستهتاره‬

‫كلما إمتزجت عينيه بجواهرها الزبرجدية والتي تفقده‬

‫صوابه كليا ‪...‬ضاربا المقود بقوة هادرا لقلبه المقيد بحبها‬

‫أن يتحرر من سحرها المكبل له ‪...‬أخذ شهيقا ثم زفيرا‬

‫متحركا بسيارته عائدا للمشفى حيث والدته وأخته محاوال‬

‫قدر اإلمكان أن ال يغوص كيانه حيث صاحبة القلب ومالكته‬

‫♡•• بعد أيام♡••‬

‫‪426‬‬
‫‪-‬إذا يا أمي ما رأيك ؟؟‬

‫تحدثت ريم مستفهمة بحماس لتقهقه عليها والدتها متابعة‬

‫تحضير القهوة مجيبة إياها‪ :‬ألم نتحدث البارحة في‬

‫الموضوع يا ريم لما كل هاإلستعجال يا بنيتي؟‬

‫تأففت األخيرة ضاربة بقدمها األرض مردفة‪ :‬يا أمي باهلل‬

‫عليك لقد مضى وقت طويل وأنت لم تتحركي ولم تفعلي‬

‫شيئا‪..‬أيرضيك وضع أخي المسكين؟؟‬

‫تبسمت والدتها بحنو وهي تسكب القهوة بالكوب مغمغمة‪:‬‬

‫أنت لم تخبريني سوى البارحة ووعدتك أنني سأتصرف‬

‫لهاذا توقفي عن تذمرك هذا‬

‫‪427‬‬
‫كتفت ريم ذراعيها على صدرها بعبوس طفولي ظريف‬

‫مسترسلة‪ :‬إذا أنت تستمتعين بعذاب إبنك فلذة كبدك دون أن‬

‫ننسى ميس المسكينة يا أمي‪ ،‬أين طيبة قلبك التي عهدناها‬

‫منك‬

‫لتقترب منها قابضة على ذراعها بشقاوة هاتفة‪ :‬هيا يا أمي‬

‫أرجوك‪...‬أرجوك يا حبيبة قلبي‬

‫تنهدت والدتها مغمغمة بحسنا‪ ...‬صفقت ريم بحماس شديد‬

‫مقبلة وجنتها عدة قبالت لتضحك والدتها على ظرافتها‬

‫‪..‬فرفعت والدتها إصبعها محذرة إياها بحزم‪ :‬لكن إياك أن‬

‫تخبري أخاك بخصوص ما فعله عمها حسنا ‪ ،‬أقصد بناءه‬

‫لجدار وعزله لميس بغرفة لوحدها‪..‬تعرفين أخاك قد يذهب‬

‫لشجار معه ‪..‬لهاذا يفضل أن ال يعلم حاليا‬

‫‪428‬‬
‫أومئت لها ريم إيجابا هاتفة بحبور جلي على تقاسيم وجهها‬

‫الجميل‪ :‬حسنا أعدك ‪..‬المهم تصرفي حاال يا أمي أكاد أموت‬

‫شوقا لجمعهما‬

‫أخذت السيدة جيهان فنجان القهوة متجهة نحو غرفة إبنها‬

‫لتكتم ريم ضحكتها بفرحة متحركة بخطوات شقية متتبعة‬

‫أمها‪..‬طرقت والدتها عدة طرقات على باب غرفة وليدها‬

‫فتهادى لها بعدها صوته السامح لها بالدخول ‪..‬فإستدارت‬

‫األخيرة نحو ريم مغمغمة بخفوت‪:‬أنت إبقي هنا وال تدخلي‬

‫معي للغرفة فسيتحرج أخاك أمامك ‪..‬‬

‫زمت األخيرة شفتيها بعبوس عاقدة ذراعيها على صدرها‬

‫مردفة بحنق‪ :‬أريد أن أكون حاضرة يا أمي لماذا تمنعينني؟‬

‫‪429‬‬
‫حولقت والدتها بسخط على عناد‪ .‬إبنتها مجيبة‪ :‬إسمعي‬

‫الكالم وال تجادليني يا ريم‪ ..‬وكفاك عنادا‬

‫دلفت للغرفة بعدها تاركة االخرى تضرب األرض بقدمها‬

‫غضبا ‪..‬فدنت قليال من الباب فاتحة إياه بخفة كي ال ينتبه‬

‫لها أخاها عساها تسمع ما يدور بينهما‬

‫تقدمت والدته بإبتسامتها الحانية جالسة بجانبه على السرير‬

‫بعد أن أغلق األخير مصحفه متما ورده اليومي واضعا إياه‬

‫على المنضدة بجواره‪..‬آخذا من والدته فنجان قهوته مقبال‬

‫كفها شاكرا إياها‪ x:‬بوركت يدك الطيبة يا غالية‪..‬‬

‫همهمت األخيرة بحب‪ :‬فداك يا بني‬

‫‪430‬‬
‫إسترسلت بعدها أمه بهدوء مستفهمة منه‪:‬نزار بني أريد‬

‫الحديث معك بموضوع‬

‫أومئ اآلخر لها مرتشفا من قهوته هاتفا بعدها‪ :‬أكيد أمي‬

‫تفضلي‬

‫تنهدت والدته متأملة وسامة إبنها سندها وفخرها الذي كان‬

‫لها نعم الولد طوال حياته سائلة إياه‪ :‬أجبني بصراحة ‪..‬أال‬

‫زلت تريد ميس يا نزار ؟‬

‫تفاجئ اآلخر من سؤالها فإرتبك مشتتا نظره بعيدا عن‬

‫مرآها مبتلعا ريقه بتوتر متحدثا‪ :‬وما فائدة هاذا الكالم اآلن‬

‫يا أمي ‪..‬لقد إنتهى األمر بعد رفضها‬

‫تبسمت والدته بمحبة أمومية مرددة‪ :‬فقط أخبرني بني هل‬

‫الزلت تريدها‬

‫‪431‬‬
‫وضع فنجان قهوته على طاولة بقربه متنهدا دالكا جبينه‬

‫بحيرة فهو يدرك أنه لن ينساها بسهولة فهي تضعفه‬

‫بطريقة لم يعهدها من قبل ‪..‬تقيده وتبعثر تفكيره وتهيج‬

‫جوارحه فيهيم ضائعا بفلكها ‪..‬فما كان منه إال أن إتخذ‬

‫الصمت سبيال له‪..‬مما جعل والدته توقن أنه ال يزال راغبا‬

‫بها‪ ،‬فربتت على كفه حاضنة إياها بين كفيها متابعة كالمها‪:‬‬

‫إن أخبرتك يا نزار أن ميس كانت مجبرة على رفضك‪..‬وأنها‬

‫ال ترى عيبا فيك بل الظروف أجبرتها على ذلك‪..‬ماذا‬

‫سيكون قرارك؟‬

‫ناظرها اآلخر وقد علت تعابير الصدمة محياه فإرتفع هدير‬

‫فؤاده بأمل‪ x‬مستفهما بخفوت‪ :‬مجبرة؟؟؟ كيف ذلك لم أفهم‬

‫؟‬

‫‪432‬‬
‫النت مالمح أمه متابعة حديثها‪ :‬ميس فتاة يتيمة كما تعلم يا‬

‫ولدي‪..‬وهي تحت رعاية عمها الذي كفلها ‪..‬قد يبدو أن‬

‫األمر سخيف لك‪ ..‬لكن بالنسبة لها وبعد حياة اليتم التي‬

‫عاشتها أثرت عليها سلبا‪ ،‬وجعلتها حساسة لهاذا غالبا ربما‬

‫رأت نفسها أنها ليست أهال لك‪ ،‬وتحرجت من الموافقة‬

‫قطب نزار جبينه مردفا بإستغراب حقيقي‪ :‬ليست أهال لي!!!‬

‫ولماذا قد تفكر بهذه الطريقة أصال‪..‬بل أنا الذي لست ءهال‬

‫لها هي‬

‫قهقهت والدته بخفة رافعة حاجبها بإستفهام‪ :‬إذا ال زلت‬

‫تريدها كما يبدو‬

‫أبعد نزار بصره عنها بحرج قائال‪ :‬إن كانت ستوافق‬

‫فسأتقدم لها مجددا‬

‫‪433‬‬
‫أومئت له والدته بهدوء مردفة‪ :‬حسنا إذا سأتصرف أنا أوال‬

‫‪..‬‬

‫ناظرها إبنها بتسائل مرتبك دالكا رقبته من الخلف متكلما‪:‬‬

‫وأنت من أخبرك بسبب رفضها ؟‪...‬أعني هل متأكدة أن هاذا‬

‫هو السبب الحقيقي‪..‬ربما لم أرق لها‬

‫مسحت األخيرة بكفها على ذراعه مجيبة إياه ببسمة‬

‫حانية‪ x:‬لدينا مصادرنا الخاصة يا نزار‪...‬باإلضافة أنك‬

‫تعجبها إطمئن‪..‬‬

‫تسارعت أنفاسه وتراقصت نبضات قلبه المشتاقة لصاحبة‬

‫الجواهر الزبرجدية وإرتعشت مقلتيه مشتتا بصره عن‬

‫نظراتها المتفحصة وكأنها تريد سبر أغوار نفسه مخلال‬

‫‪434‬‬
‫أصابعه الرفيعة بشعره البني مستفهما بضعف نادرا ما‬

‫يصيبه‪ :‬وكيف علمت ذلك يا أمي؟‬

‫ضحكت ضحكة خفيفة مستقيمة من مجلسها مغمغمة‬

‫بكلماتها اللطيفة‪ :‬قلت لك لدينا مصادرنا الخاصة يا ولدي ‪..‬‬

‫تاركة إياه يتنهد براحة ضاربا أيسر صدره بقبضته القوية‬

‫هاتفا بخفوت لفؤاده الخافق النابض بسرعة‪ :‬ويحك يا قلبي‬

‫توقف عن جنونك ولنأمل فقط أن تكون صاحبة الزبرجد لنا‬

‫ومليكتنا‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫‪435‬‬
‫ترائت لها السيدة جيهان بإبتسامتها العذبة الدافئة بجوارها‬

‫ميس بضحكتها الشقية الجذابة غامزة لها مغمغمة‬

‫بمشاكسة‪ :‬مساء الخير ميوسة‬

‫طرفت األخيرة برموشها عدة مرات متفاجئة من تواجد‬

‫كلتاهما على بابها لتتدارك موقفها مرحبة بسعادة‪ :‬مساء‬

‫الورد اهال‪..‬تفضال‬

‫إقتربت منها جيهان حاضنة إياها بحب فبادلتها األخيرة‬

‫الحضن متشربة من عطفها األمومي المفتقدة إياه منذ‬

‫طفولتها ‪ ،‬لتبتعد عنها بعد ثواني مسلمة على ريم هي‬

‫األخرى والتي تحدثت بقهقهة خفيفة‪ :‬ماذا يا ميس ألن‬

‫ترحبي بنا يا فتاة؟‬

‫‪436‬‬
‫النت مالمح االخرى مرددة بحب صادق‪ :‬في الحقيقة‬

‫تفاجئت بقدومك يا خالة لو أخبرتني لكنت أتيت لك بدل أن‬

‫تتعبي نفسك بالقدوم‬

‫ربتت جيهان على وجنتها بحنو هاتفة‪ :‬أنا من علي أن أفعل‬

‫هاذا حاليا كما تقول األصول يا أبنتي‬

‫فتابعت عنها ريم بمكر خفي‪ x:‬أكيد إال األصول ممنوع‬

‫التنازل عنها‬

‫تبسمت ميس بلطف بهي مردفة‪ :‬حسنا تفضلوا أوال ‪..‬‬

‫أغلقت األخيرة الباب بعد دخولهم ليتخذوا مجلسا على إحدى‬

‫الكراسي البالستيكية‬

‫‪437‬‬
‫لتهرع ساكبة لهما‪ x‬العصير‪ ،‬مقدمة إياه قائلة‪ :‬هاذا عصير‬

‫برتقال طبيعي أعددته بنفسي‪..‬فأنا أفضل المعد طبيعيا على‬

‫الذي يباع‬

‫وافقتها جيهان في حديثها مرددة بعدها‪ :‬كالمك صائب بنيتي‬

‫أنا شخصيا كنت أشتري الفواكه الطازجة وأقوم بعصرها‬

‫بنفسي مع إضافة بعض العسل الطبيعي ليكون ذوقه رائعا‬

‫بعدها‪ ،‬وكذلك إبني نزار يفضله طبيعيا معدا باليد احسن‬

‫إبتلعت ميس ريقها توترا على ذكر إسمه الذي نبض قلبها‬

‫له نبضات متراقصة‪..‬شدتها السيدة جيهان من يدها مجلسة‬

‫إياها بجانبها مغمغمة بهدوء‪ :‬واآلن بنيتي أخبريني بما‬

‫يقض به مضجعك يا ميس؟؟‬

‫‪438‬‬
‫إرتبكت األخيرة مستفهمة بتشتت‪ :‬أنا !! الحمد هلل ال شيئ‬

‫يؤرقني يا خالة وكيف اإستنتجت أن هناك ما يزعجني؟؟‬

‫تنهدت جيهان بهدوء قابضة على كفي ميس بحنو أمومي‬

‫مغمغمة‪ :‬حسب علمي أنك تحت كفالة عمك وعائلته يا ميس‬

‫‪..‬أين هم ال أرى إال أنت بغرفة لوحدها؟؟‬

‫تصلب جسدها وتوسعت عيني األخرى مع إرتعاش مقلتيها‬

‫هاربة من تحديقها مستفسرة منها بخفوت حزين‪ :‬لماذا هاذا‬

‫الكالم يا خالة ‪..‬ال داعي لتقليب المواجع اآلن‬

‫‪ -‬إسمعيني يا ميس أنا بمقام أمك أو ليس كذلك؟‬

‫‪439‬‬
‫إستفهمت السيدة جيهان بهدوء‪..‬فأومئت لها ميس إيجابا‬

‫وقد إغرورقت عينيها قهرا وعجزا وإشفاقا على حالها وقلة‬

‫حيلتها‬

‫كوبت األخرى وجنتها بدفئ رافعة رأسها لتتقابل عيناهما‬

‫مجيبة بحب‪ :‬ربما لنضع بعض النقاط على الحروف يا‬

‫ميس‪..‬ولنسدد رأيك بنيتي‬

‫قطبت األخيرة جبينها بإستغراب مستفهمة بحشرجة‪ x:‬ماذا‬

‫تقصدين بالضبط يا خالة؟؟‬

‫تنهدت جيهان بهدوء هاتفة‪ :‬بشأن رفضك لنزار إبني‬

‫إرتفع هدير قلبها وتراقصت دقاتها المتسارعة فإرتبكت أكثر‬

‫مهمهمة بخفوت‪:‬أظن أنني أعطيت رأيي النهائي يا خالة‪..‬‬

‫‪440‬‬
‫تبسمت جيهان بحنان سائلة‪ :‬هل لي بسؤال يا ميس وفضال‬

‫أجيبيني بصراحة؟‬

‫أومئت لها األخرى إيجابا‪..‬فتابعت جيهان حديثها‪ :‬هل نفرت‬

‫من إبني كرجل؟؟‬

‫توردت وجنتي ميس خجال شابكة كفيها ببعضها البعض‬

‫مطرقة رأسها هامسة بتلعثم‪ :‬ما‪...‬هاذا السؤال ؟؟‬

‫قهقهت ريم بشقاوة غامزة لها مردفة‪ :‬أجيبي على سؤال‬

‫والدتي يا ميس دون لف ودوران‬

‫رفعت جيهان ذقن ميس بلطف معيدة سؤالها بهدوء‪ :‬هيا يا‬

‫ميس أخبريني‪..‬هل هناك ما يعيب نزار كرجل‪...‬أو ربما أنت‬

‫رأيت ما لم نبصره نحن كي ترفضيه؟‬

‫‪441‬‬
‫نفت األخيرة برأسها متحدثة وتوترها قد بلغ أقصاه‪ :‬أبدا يا‬

‫خالة‪..‬نزار ال يعيبه شيئ بل هو نعم الرجل و قد كان طوال‬

‫الوقت مهذبا محترما معي‬

‫رفعت جيهان حاجبها بتساؤل هاتفة‪ :‬اذا لم ترفضي نزار‬

‫لشخصه؟؟‬

‫أطرقت ميس رأسها مومئة لها بنعم‪..‬فربتت األخيرة على‬

‫شعرها بحنو مستفهمة منها‪ :‬إذا ما هو السبب يا‬

‫بنيتي‪.‬؟؟‪.‬من فضلك صارحيني‬

‫تبسمت ميس بمرارة مردفة بحسرة‪ :‬ربما هناك أمور ال‬

‫نبوح بها يا خالة‪..‬يفضل أن تضل طي الكتمان‬

‫‪442‬‬
‫‪ -‬وان كان الكتمان هاذا يؤرقنا ويزيد من نزف الجراح‬

‫يستحسن أن ال نتخذه سبيال‪ ،‬بل نطلق العنان للكالم كي‬

‫نرتاح قليال ويخف الثقل عن كاهلنا بنيتي‬

‫تحدث جيهان بهدوء فناظرتها ميس بتشتت وأفكارها‬

‫بفوضى عاجزة عن التفوه بكلمة ‪...‬فتابعت األخرى كالمها‬

‫حاضنة كفي األخيرة بحب علها تتشرب منها ضياعها وقلة‬

‫حيلتها‪ :‬بنيتي قد وهبك هللا‬

‫اال ودينا وخلقا‪ ،‬واألعظم أنه قد أكرمك بنفوس صادقة تحبك‬

‫لذاتك‪..‬الجميع أحب ميس لشخصها هي‪..‬ببساطة ألنك أنت‬

‫فقط ‪..‬و من يحبك حقا لن يكترث لمن هما والداك أو أين‬

‫وكيف تعيشين ‪..‬ألننا أحببنا روحك الطيبة الطاهرة النقية‬

‫ذات القلب المحب الصادق‬

‫‪443‬‬
‫فغرت ميس فاهها محاولة التحدث إال أن جيهان قاطعتها‬

‫مسترسلة في حديثها‪ :‬عندما علمت رفضك إلبني نزار‬

‫إحترمت رأيك وإعتقدت أنك رأيت فيه ما لم نره نحن ‪،‬‬

‫وبناءا عليه كان رفضك أو لم يرق هو لقلبك ونفرت‬

‫منه‪..‬لكن أن يكون رفضك له ألسباب تافهة وغير منطقية‬

‫بتاتا‪ ،‬خاصة أنك تعذبين نفسك بذلك هاذا الذي جعلني أعتب‬

‫عليك يا ميس‪..‬‬

‫أشاحت ميس وجهها بعيدا عن مرآها متحدثة بخفوت‬

‫موجع‪ :‬فقط ال تضغطي علي يا خالة‪..‬لي أسبابي‬

‫‪ -‬هل سببك هاذا ألنك عزلت بغرفة خارجية لوحدك وال‬

‫أهل لك يسندونك مثال؟‬

‫‪444‬‬
‫إستفهمت منها جيهان بهدوء فناظرتها ميس بسرعة‬

‫متفاجئة من معرفتها لألمر الذي ألم بقلبها المكلوم مسبقا‬

‫لتعقد حاجبيها بتسؤل ‪ :‬من الذي أخبرك بذلك؟؟‬

‫إبتسمت األخيرة ماسحة على شعرها بحب دافئ تبث لها‬

‫حنانها الفياض مرددة‪ :‬هل نبدو لك ممن يفكرون بالتوافه يا‬

‫صغيرتي ‪،‬أو ممن صغرت عقولهم وإتخذوا من السطحيات‬

‫مجاال لنقاشاتهم‪...‬عندما تقابلنا أول مرة ذلك اليوم‪ ،‬رأيت‬

‫فيك فتاة شابة متخلقة مهذبة والتي كنت قد أحببتها حقا‬

‫وإحترمتها جراء مد يد العون لغيرها فقط‪ ،‬ولم نسئلك عن‬

‫أهلك وال مادياتك وال حتى تعليمك‪...‬ألن معادن ناس تعرف‬

‫بالشدائد‪..‬لهاذا بنيتي نحن ال نكترث لما قام به عمك من‬

‫تصرف طائش غابت عنه الحكمة‪ ،‬وال يهمنا إن كانت لك‬

‫‪445‬‬
‫عائلة أو ال ‪،‬فيكفينا أننا نعتبرك فرد منا‪...‬نحن عائلتك يا‬

‫ميس لست بحاجة ألي أحد أنت إبنتي التي لم أنجبها‪..‬‬

‫تأثرت ميس وتقوست شفيتها فإنهمرت دموعها تشهق‬

‫باكية بشدة فضمتها األخيرة بقوة حاضنة إياها باثة لها‬

‫حبها وعطفها األمومي‪..‬فربتت ريم هي األخرى على ظهرها‬

‫بدفئ تشاركها دموعها هامسة بكلماتها الصادقة‪ :‬أنت فرد‬

‫منا حبيبتي وأخت لي وهللا يشهد أن قلوبنا صادقة في حبها‬

‫لك‬

‫تابعت السيدة جيهان حديثها محيطة إياها بذراعيها مقبلة‬

‫أعلى رأسها متحدثة‪ :‬واألهم يا صغيرتي أن نزار ليس بذلك‬

‫الغر الساذج ليفكر بسفاسف األمور‪ ..‬هو إختارك من بين‬

‫عشرات الفتيات بكل قناعته وحكمته ألنك أنت ميس‬

‫‪446‬‬
‫فقط‪...‬ولم يكن ليتقدم لك لو لم تكوني أهال لزواج به‬

‫وإنجاب أطفاله‬

‫لتبتعد عنها قليال مكوبة وجنتيها بحنان ماسحة دموعها‬

‫المنسابة مسترسلة في كالمها موضحة‪ :‬هو أرادك أنت‬

‫لشخصك‪..‬تلك الفتاة الملتزمة الخلوقة التي ساعدت والدته‬

‫دون مقابل‪..‬ببساطة ألنك ميس التي أسرته بشخصيتها‬

‫وجمالها وطيب خلقها‬

‫إبتلعت ميس ريقها بمالمحها الذابلة الواهنة وتشتت مقلتيها‬

‫مغمغمة بخفوت‪ :‬أنا ضائعة يا خالة لم أعد أعرف الصواب‬

‫من الخطأ‪...‬أنا فقط أرى نفسي عاجزة عن التقدم بأي خطوة‬

‫لألمام وكأنني إتخذت العجز سبيال لي‬

‫‪447‬‬
‫النت مالمح السيدة جيهان مهمهمة بحزم أمومي‪ :‬أنت‬

‫تهربين من قدرك يا ميس‪..‬فقط تراوغين في دائرة فارغة ال‬

‫أنت إستفدت شيئا‪ ،‬وال تركت لجروحك فرصة لإللتئام خارج‬

‫أسوار عجزك هاذا‪..‬تتخذين من الهروب حال‪..‬وصدقيني‬

‫بنيتي لم يكن يوما الفرار بحل لتخطي أوجاعنا‬

‫رفعت األخيرة ذقنها تبث العزم لصاحبة الزبرجد‪ :‬ربما شفاء‬

‫قلبك مرتبط بشخص ما تمنحينه الفرصة عله يكون لك‬

‫سبيال مريحا لشخصك‪..‬أتركي الفرصة لقلبك صغيرتي‬

‫وأبعدي أفكارك السوداوية هذه عن سعادتك ‪،‬فغالبا هي‬

‫مرتبطة بمن هو مستعد أن يعوضك عن وجع ما قاسيته‬

‫مسبقا‬

‫‪448‬‬
‫تنهدت ميس بمرارة دالكة جبينها بحيرة‪ :‬ال أعرف يا‬

‫خالة‪..‬أنا تفكيري مشتت‬

‫‪ -‬اذا أتركي بلورة أفكارك إلبني نزار أكيد سيفلح في‬

‫هاذا‬

‫تحدثت السيدة جيهان بهدوء مع تلك البسمة الحانية التي‬

‫تربعت على شفتيها‪..‬فتوردت وجنتي ميس حياءا فارة من‬

‫تحديقهما لتضربها ريم بكوعها غامزة لها بشقاوة ومكر‪:‬‬

‫كما قالت أمي يا ميس دعي لنزار أخي الفرصة أكيد سيبدع‬

‫في بلورة أفكارك الغبية هذه‬

‫إرتبكت ميس أكثر وإزداد خفقان قلبها المشتاق لصاحب‬

‫البسمة الخالبة هامسة بخفوت شديد‪ :‬توقفي يا ريم‬

‫‪449‬‬
‫قهقهت جيهان بخفة متحدثة‪ :‬إذا هل أعتبر أنك موافقة‬

‫لنتقدم لك من جديد يا ميس‬

‫إحمرت خدودها لتطرق رأسها خجال وإرتباكا مغمغمة‪ :‬إن‬

‫كان ال يزال يريدني طبعا‬

‫ضحكت ريم متحدثة بمكر مشاكش‪ :‬يريدك فقط ؟؟ لو كان‬

‫األمر بيده لخطفك اآلن قبل الغد يا فتاة أنت أفقدته صوابه‬

‫كليا‬

‫فدنت منها أكثر هامسة بأذنها‪ x:‬أخي يهيم بك يا ميس ‪..‬‬

‫خبئت األخيرة وجهها بكفيها خجال وإرتباكا مغمغمة‪:‬‬

‫أرجوك توقفي‬

‫قهقهت جيهان فشاركتها إبنتها الضحك أيضا غامزة لها‬

‫مردفة‪ :‬أخبريها يا أمي كيف كان حال أخي بعدما صدمته‬

‫برفضها‬

‫‪450‬‬
‫أبعدت ميس كفيها عن وجهها مستفهمة بحياء وخفوت ‪:‬‬

‫كيف كان؟؟‬

‫تنهدت ريم مجيبة إياها بهدوء‪ :‬في الحقيقة هذه أول مرة‬

‫أراه كهذا‪..‬كان باردا ومنعزال لوحده فقد إبتسامته العذبة‬

‫كليا‪...‬لقد جرح حقا برفضك له مسكين أخي‬

‫توترت ميس والشعور بالذنب قد تسلل لقلبها هامسة‪ :‬لم‬

‫أقصد أن أجرحه أو أسبب له أي ألم‪...‬فقط لم أرى نفسي‬

‫أهال له‬

‫عاتبتها جيهان بصرامة‪ :‬ما هاذا الكالم يا ميس‪...‬هل أنت‬

‫المتعلمة المثقفة تقولين هاذا؟؟ منذ متى يقاس الناس‬

‫هكذا‪..‬بل نزار بني هو الذي يرى نفسه أنه ليس أهال لفتاة‬

‫‪451‬‬
‫مميزة مثلك ‪..‬بكل بهائها وجمالها ‪..‬و إن كان يوما ما‬

‫سيفكر بهذه السطحية فهو عار عليه أن يعد من الرجال‬

‫تبسمت ميس وقد عم السرور ثنايا قلبها سعيدة حقا أن هللا‬

‫أكرمها بمعرفة هذه المرأة الفاضلة ذات الدفئ األمومي‬

‫الفطري والتي ما بخلت عليها به منذ تعارفهما‪...‬غمرتها‬

‫بكل مشاعر المحبة واإلحترام فخورة هي بها وبأن تكون‬

‫حماتها‪..‬عند هذه الخاطرة توترت أكثر تعض على شفتيها‬

‫خجال ‪..‬هل ستكون حقا فردا منه ‪..‬‬

‫ربتت ريم على ظهرها بحب مستفهمة منها بضحكة حلوة‪:‬‬

‫إذا هل نعتبرك قد وافقت بكل رضا يا عروس‪..‬لكي نبشر‬

‫‪452‬‬
‫أخي باألخبار السارة عله يستعيد حيويته وبسمته الغائبة‬

‫عنه‬

‫أومئت لها ميس بخجل شديد غير قادرة على الكالم من فرط‬

‫المشاعر التي إنتابتها مزيج بين السعادة والشوق والرهبة‬

‫واألمل ‪..‬وومضات من وجهه الوسيم بإبتسامته الخالبة‬

‫التي تطيح بكل كيانها‪..‬فتراقصت الفراشات بمعدتها حبا‬

‫وطربا‬

‫قهقهت ريم بسعادة حقيقية مصفقة بفرحة عارمة متحدثة‬

‫بحماس‪ :‬ياااي وأخيرا سنفرح بكما‬

‫تبسمت والدتها برضا حامدة هللا شاكرة إياه أنها تمكنت من‬

‫إقناعها وأخذ موافقتها لتنحني مقبلة جبينها هامسة‪ :‬حفظك‬

‫هللا من كل سوء بنيتي‪...‬إذا بعد ثالثة أيام ستكون الرؤية‬

‫‪453‬‬
‫الشرعية وبعدها بحوالي أسبوعين تكون الخطبة ما رأيك؟‬

‫؟‬

‫تزايدت نبضات قلبها طربا محاولة إسترجاع أنفاسها من‬

‫فرط السعادة الممنوحة لها مغمغمة بإرتباك‪ :‬حسنا كما‬

‫تريدين يا خالة‬

‫ضحكت ريم غامزة لها بإستفزاز‪ :‬تعجبني كلمة يا خالة‬

‫هذه‪...‬لكن عما قريب ستستبدل يا حماتي‪..‬‬

‫ضربتها والدتها على ذراعها بخفة مؤنبة إياها‪ :‬توقفي عن‬

‫سخافتك ‪...‬دعيها تناديني بما تشاء المهم اآلن أن عروستنا‬

‫الجميلة قد وافقت‬

‫‪454‬‬
‫توردت وجنتي ميس لتستقيم جيهان متابعة بهدوء‬

‫واإلبتسامة على محياها البهي‪ :‬اآلن سنذهب بنيتي قد‬

‫تأخرنا‪..‬وكما أخبرتك بعد ثالث ايام سنقوم بالرؤية الشرعية‬

‫ويتم التفاهم على الشروط لكال الطرفين‬

‫أومئت لها ميس بحياء تكاد ال تخفي احمرار وجنتيها‬

‫مستقيمة من مجلسها ‪..‬إبتسمت ريم بحب مغمغمة‪ :‬هل‬

‫رأيتها كيف تبدو ميس دون حجاب يا أمي أليست في غاية‬

‫الجمال‬

‫ربتت جيهان على شعرها ذو الظفيرة متوسطة الطول‬

‫مجيبة‪ :‬نعم أجمل ما شاء هللا مثل القمر ‪..‬‬

‫فتابعت عنها ريم بمكر‪ :‬لو رآها أخي نزار لتزوجها فورا‬

‫‪455‬‬
‫شبكت ميس كفيها ببعضهما البعض خجال‪ ،‬يكاد قلبها أن‬

‫يخرج من قفصها الصدري من فرط نبضه المتزايد هامسة‬

‫بخفوت‪ :‬توقفي يا ريم أنت تخجلينني‬

‫ضحكت األخيرة على حيائها الظريف حقا مقبلة وجنتها‬

‫بحب صادق هامسة بأذنها‪ :‬سأخبر أخي أنك ترسلين له‬

‫أشواقك‬

‫لتبتعد عنها غامزة لها بمشاكسة لتقبض على ذراع ريم‬

‫مردفة ‪ :‬ال تخبريه بشيئ يا ريم من فضلك‬

‫رفعت األخيرة حاجبها بمكر‪ :‬لو وافقت من أول األمر لما‬

‫كنت أخبرته‪..‬لكن بعد أن سببت الحزن ألخي وعذبت نفسك‬

‫معه أيضا‪ ،‬أنت تستحقين يا خطيبة أخي الجميلة‬

‫‪456‬‬
‫•الفصل السابع•‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫الذي ارتضى َ‬
‫لك األذى اليَستحق فرصة ثانية‬ ‫ّ‬ ‫🥀•‬

‫كان أذاه في نَظرة ‪،‬إيماءة أو َ‬


‫صمت كامل •🥀‬ ‫حتى وإن َ‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪457‬‬
‫صفقت ليلى بسعادة كبيرة لتحضن ميس بكل قوة مغمغمة‪:‬‬

‫يا إلهي وأخيرا‪...‬أنا حقا سعيدة يا صديقتي ألنك أعطيت‬

‫فرصة لنفسك‬

‫إبتعدت عنها بعد ثواني تقرص وجنتها بخفة‪ :‬الحمد هلل عاد‬

‫عقلك للعمل وأصبح له فائدة مثل خلق هللا‬

‫ضربت ميس يدها مبعدة إياها عنها هامسة‪ :‬أنت هي الغبية‬

‫‪ -‬مبارك لك يا ميس أنت تستحقين كل خير حقا‬

‫تحدثت السيدة صفا مباركة لميس والراحة قد عمت تقاسيم‬

‫وجهها ‪..‬‬

‫‪458‬‬
‫قبضت ليلى على ذراعها بقوة مجلسة إياها معها على نفس‬

‫األريكة مردفة بحماس‪ :‬ستكون الرؤية الشرعية والخطبة‬

‫ببيتنا يا ميس إتفقنا ‪..‬ال تقلقي سنجهز كل شيئ قبل أوانه‬

‫توترت األخرى بحرج مغمغمة‪ :‬أنا ال أريد إتعابكم ال بئس‬

‫سأقوم بها في غرفتي‪..‬أو ربما سأحدث عمي كي يسمح لي‬

‫بإستقبالهم ببيته فقط‬

‫ضربت ليلى كفيها بعضهما البعض محاولة تمالك أعصابها‬

‫متحدثة بحدة‪ :‬إسمعيني يا ميس تحملت عنادك بما فيه‬

‫الكفاية وليس من خصالي الصبر والتحمل‪...‬لهاذا نصيحة ال‬

‫‪459‬‬
‫تستفزيني كي ال أضربك في نهاية المطاف‪..‬قال تعب قال‬

‫‪..‬خطبتك ببيتنا وإنتهى األمر هل فهمت‬

‫قهقهت والدتها موافقة حديث إبنتها هاتفة‪ :‬ليلى معها حق‬

‫يا ميس ال تعاندي ‪..‬غرفتك ضيقة لن تتسع ألحبائك لهاذا‬

‫سنقيمها ببيتنا‪...‬‬

‫تنهدت ميس غير قادرة على الجدال مرددة بحيرة‪ :‬أخشى‬

‫أن يغضب عمي إذا قمت بها ببيتكم بدل بيته هو‬

‫ضحكت ليلى بتهكم صريح قائلة‪ :‬وااو العم الرائع حقا‪...‬هو‬

‫لم يترك لناس مجاال إلحترامه أتريدين اآلن أن تفكري فيه‬

‫في حين أنه لم يفكر بك عندما عزلك بمفردك‪...‬تبا كم أنت‬

‫مثالية يا فتاة ‪..‬تثيرين حنقي حقا كل مرة‬

‫‪460‬‬
‫‪ -‬لكنه سيكون ولي يا ليلى ال أستطيع تجاهله ‪..‬وأيضا‬

‫يضل عمي الذي أحسن لي طوال إقامتي السابقة عنده‬

‫‪..‬قد يكون أخطأ بما فعله معي عندما عزلني لكن له‬

‫العديد من األفعال الحسنة التي قام بها معي و التي‬

‫جعلتني مدينة له حقا فهو تكفل بتعليمي وكان يصرف‬

‫علي منذ طفولتي ولم يبخلني يوما‪...‬‬

‫ربتت السيدة صفا على كفها مردفة‪ :‬معك حق يا ميس‬

‫المؤمن الحقيقي ال ينسى إحسان اآلخرين له حتى ولو‬

‫أخطؤوا بعدها‪...‬إطمئني يا ميس سيكلمه زوجي خليل‬

‫ويقنعه بأن يكون هو وليك وإن وافق فهاذا هو العشم‪ ،‬وإن‬

‫رفض فخليل زوجي سيكون وليك ال تقلقي‬

‫‪461‬‬
‫تنهدت ميس براحة مرددة بإبتسامتها الحلوة‪ :‬ال أعرف‬

‫كيف سأرد جميلكم هاذا‪ ،‬حقا أنا فخورة أنكم تساندونني في‬

‫كل وقت‬

‫قهقهت ليلى بخفة متحدثة بمكر‪ :‬فقط تزوجي و دعينا‬

‫نتخلص منك‬

‫‪ -‬كما سنتخلص منك أنت أيضا يا إبنتي عندما تتزوجين‬

‫تحدثت السيدة صفا مشاكسة إبنتها‪..‬لتنفجر ميس ضحكا‬

‫على مالمحها الحانقة مشاركة صفا إياها في ضحكها لتقلب‬

‫ليلى عينيها عليهما مستفهمة من ميس‪ :‬هل كلمتك سحر؟ ؟‬

‫أومئت لها األخيرة إيجابا مغمغمة‪ :‬نعم إتصلت بي البارحة‬

‫مساءا تريد إقناعي بعدم رفض نزار وأن ال أبالغ في‬

‫سلبيتي كما تقول‬

‫‪462‬‬
‫فضربتها ليلى على ذراعها هاتفة‪ :‬إذا يبدو أن سحر قد‬

‫أفلحت فيما عجزت أنا عنه ‪..‬إستطاعت أن تقنعك قبل قدوم‬

‫السيدة جيهان لك ‪،‬قلتها سابقا لن يقدر عليك أحد إال هي ‪..‬‬

‫إبتسمت لها األخيرة بلطف مرددة‪ :‬حبيبتي سحر إشتقت لها‬

‫حقا هي وشهد‬

‫غمزت لها ليلى بخبث أنثوي‪ :‬هل رأيت صور إبن عمها‬

‫ذاك؟؟‬

‫قطبت ميس جبينها بإستفهام متسائلة‪ :‬ال ‪..‬وهل تعتقدينني‬

‫مثلك أبحث عن الجميع وكأنني مخابرات أمن الدولة‬

‫قهقهت السيدة صفا على تشبيهها ‪..‬لتزم ليلى شفتيها‬

‫بعبوس مضحك هاتفة‪ :‬ظريفة حقا يا ست ميس‪...‬المهم إبن‬

‫عمها ذاك يدعى رعد عليك أن تري صوره واااو حقا تحفة‬

‫‪463‬‬
‫فنية ‪..‬وهو الحفيد البكر لساللة آل سلطان و الموكل بأغلب‬

‫أعمال العائلة بمساعدة إبني عمه أدهم وزياد بعد إنسحاب‬

‫والد سحر وإخوته لترك الساحة أمام األحفاد إلبراز أنفسهم‬

‫‪..‬صورهم منتشرة بمواقع األعمال ‪..‬تبا كتلة وسامة‬

‫وشخصية ومال قلبي الصغير ال يتحمل حقا‬

‫هزت ميس رأسها على صديقتها قاطعة األمل منها مردفة‪:‬‬

‫ما شاء هللا عليك كل هالمعلومات‪..‬وهل يعلم خطيبك رائف‬

‫أنك تتغزلين في باقي الشباب هكذا‬

‫تأففت صديقتها بضجر هاتفة‪ :‬ستضلين مملة طوال حياتك‬

‫يا فتاة‪..‬أم أن نزار ذاك قد أصابك بالعمى عن باقي‬

‫الرجال‪..‬نسيت أننك بحكم المخطوبة له اآلن‬

‫‪464‬‬
‫توردت وجنتي ميس هامسة‪ :‬ال أعتبر كذلك‪..‬نحن لم نقم‬

‫بالخطوبة لهاذا ال يزال غريبا عني‬

‫قهقهت ليلى بتهكم غامزة لها بمكر ‪ :‬فقط مجرد خاتم ما‬

‫يمنع ذلك‪..‬والدته وأخته تحبانك جدا بل قد جائتا لك خصيصا‬

‫إلقناعك بالعدول عن رفضك الغبي ذاك‪..‬ونزار هائم بك‬

‫ينتظر إشارة منك ليتزوجك فورا‪..‬وأنت تنسين نفسك تماما‬

‫في حضرته‪...‬أراهن أنه لوال خشيته من هللا وخلقه الرفيع‬

‫إلختطفك علنا مجبرا إياك على الزواج منه‪...‬قال غريب‬

‫عني قال‬

‫‪ -‬يا إلهي توقفي يا ليلى أال يكفيني ريم وإستفزازها‬

‫‪465‬‬
‫عاتبتها ميس مع تورد وجنتيها الواضح والذي زادها جماال‬

‫وبهاءا‪..‬فقهقهت ليلى ووالدتها على إرتباكها المفضوح‬

‫فأردفت بعدها صديقتها‪ :‬المهم اآلن يا ميس ما هي شروطك‬

‫التي ستشرطينها عليه؟‬

‫هزت ميس كتفيها بعفوية مجيبة إياها‪ :‬ال شروط لدي‬

‫عقدت األخيرة حاجبيها بإستفهام هاتفة‪ :‬كيف ال شروط‬

‫لديك‪..‬كل فتاة لها شروط خاصة !! مثال مسكن مستقل أو‬

‫العمل بعد زواج وغيرها؟؟‬

‫تنهدت ميس متحدثة‪ :‬أول ما أركز عليه هو صالة ‪..‬ونزار‬

‫مصلي وبار بوالدته وعطوف على أخته يعني تجتمع فيه‬

‫مكارم األخالق الحمد هلل‪. .‬وبخصوص المسكن لو كان لديه‬

‫‪466‬‬
‫إخوة شباب أكيد كنت سأطلب ذلك ‪..‬لكن هو لديه والدته‬

‫وأخته صغرى ال غير وهما يحبانني ويحترمانني وعوضاني‬

‫عن عائلتي الحقيقية لهاذا سأعيش معهم فقط وسيكونون‬

‫عائلة لي‬

‫صفرت ليلى بإعجاب مغمغمة بعدها‪ :‬يبدو أن هناك من‬

‫وقعت كليا ألحدهم‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫دلف نزار البيت مساءا منهكا يدلك جبينه جراء صداع ألم‬

‫به متحركا بخطوات حثيثة نحو غرفة المعيشة فوجد والدته‬

‫هناك مع ريم إقترب منها مقبال رأسها هامسا‪ :‬مرحبا يا‬

‫غالية‬

‫‪467‬‬
‫ربتت والدته بحنو على كفه محية إياه‪ :‬عمت مساءا حبيبي‬

‫‪...‬ما خطبك؟‬

‫جلس مرهقا إلى جوارها مسدال جفنيه هامسا‪ :‬فقط صداع‬

‫خفيف ال تهتمي‬

‫غمغمت ريم بمكرها المعتاد‪ :‬سالمتك يا أخي ‪..‬بما أنك‬

‫متعب إذهب لغرفتك وإرتاح قليال وسنأجل إعالمك بما إتفقنا‬

‫به مع ميس حتى ترتاح‬

‫فتح عينيه معدال جلوسه مبتلعا ريقه وقد عمه التوتر‪ :‬كيف‬

‫تقابلتم بها ومتى؟؟‬

‫النت مالمح والدته وغمرها الحنان ماسحة على ظهره‬

‫بكفها الدافئ موضحة‪ :‬ذهبت لها أنا وريم قبل ساعتين‬

‫تقريبا ‪..‬وعاتبتها على رفضها ألسباب تافهة لم نكن لنهتم‬

‫نحن بها ‪..‬خاصة أنت يا بني لم تكن لتبالي بأي شيئ ما‬

‫‪468‬‬
‫دمت مقتنعا بها قناعة تامة ومتمسكا بفكرة الزواج بها‬

‫‪..‬أليس كذلك نزار؟‬

‫أردف بسرعة بعدها‪ :‬أكيد أمي ‪..‬أنا مقتنع بها تماما‬

‫وأريدها‬

‫قهقهت ريم بخفة غامزة له‪..‬ليحمحم متداركا نفسه‪..‬فتابعت‬

‫والدته حديثها بعد أن حدجت ريم بنظرة حادة مفادها ال‬

‫تحرجي أخيك اكثر مرددة‪ :‬أقنعتها بالقبول يا بني خاصة‬

‫أنها هي أيضا مقتنعة بك وتريدك‪..‬لهاذا أخبرتها أنه بعد‬

‫ثالث أيام ستكون الرؤية الشرعية وبعدها بأسبوعين‬

‫الخطبة ما رأيك؟؟‬

‫تهللت أسارير وجهه الوسيم غير قادر على إخفاء سعادته‬

‫الجلية بموافقة صاحبة الزبرجد البهي هامسا بخفوت وكأنه‬

‫يحادث نفسه‪ :‬هل وافقت حقا؟؟‬

‫‪469‬‬
‫أومئت له أمه إيجابا مهمهمة بحب إلبنها العاشق‪ :‬نعم يا‬

‫بني وافقت‬

‫خفق قلبه متراقصا بفرحة عارمة عمت ثنايا فؤاده المحب‬

‫حامدا هللا في سره على رحمته ليبتسم مغمغما بالشكر‬

‫‪..‬فتهادى له صوت ريم المشاكس بضحكتها الشقية‪ :‬علينا‬

‫تجهيز خاتم الخطوبة منذ اآلن يا أخي والكثير من‬

‫المستلزمات لندلل عروستنا القادمة‬

‫إرتبك مشتتا أنظاره بعيدا عنهما ماسحا على شعره من فرط‬

‫سعادته وتوتره متحدثا‪ :‬البئس أخبروني فقط وأنا سأجهز‬

‫كل شيئ‬

‫رفعت ريم حاجبها مرددة بخبث أنثوي‪ :‬حقا !! منذ متى‬

‫وأنت تجيد التعامل مع أمور الفتيات هذه ؟؟ أخشى أن ال‬

‫‪470‬‬
‫تعجب ميس بذوقك والذي هو بالمناسبة سيئ جدا لطالما‬

‫كنت أنا أول ضحاياه ‪..‬المسكينة أكيد ستشعر انك تحتقرها‬

‫‪ -‬اذا تكفال أنتما بهذه األمور بما أنني فاشل فيها‬

‫تحدث نزار بخفوت محاوال السيطرة على هدير قلبه‬

‫‪..‬فإخترق مسمعه صوت ريم المستفهم مع بسمتها الماكرة‬

‫تلك‪ :‬كيف حال رأسك يا أخي هل ما زال الصداع يالزمك؟؟‬

‫نفى األخير برأسه مجيبا إياها بهدوء شارد‪ :‬ال الحمد هلل قد‬

‫خف‬

‫‪ -‬سبحان هللا بعد أن علمت أن ميس موافقة على الخطبة‬

‫إختفى الصداع فجأة‪...‬يبدو أن كنتنا المستقبلية تعتبر‬

‫صيدلية نافعة ‪..‬عجائب الكون حقا‬

‫‪471‬‬
‫قهقهت األخيرة متحدثة بشقاوة مستفزة كعادتها متجاهلة‬

‫مالمح والدتها الحانقة‪...‬ليستقيم واقفا من مجلسه متجاهال‬

‫سخافة شقيقته ‪..‬‬

‫‪ -‬بالمناسبة ميس أخبرتني برسالة لك أال تريد أن أخبرك‬

‫إياها؟‬

‫إستفهمت ريم منه بشقاوة فتوقف برهة مستديرا لها دالكا‬

‫رقبته من الخلف مرتبكا مع إرتفاع نبضات قلبه المشتاقة‬

‫مغمغما بتساؤل‪ :‬ماذا أخبرتك؟‬

‫غمزت له بمكر مستفزة إياه‪ :‬أتريد أن تعرف حقا؟؟‬

‫ناظرها بحنق هاتفا إسمها بحدة‪ :‬ريييم‬

‫قهقهت األخيرة عليه مبتسمة بحب مجيبة بمشاكسة‪ :‬هي‬

‫فقط ترسل لك أشواقها الحارة‬

‫‪472‬‬
‫توسعت عينيه مبتلعا ريقه ليرتبك أكثر هامسا بتلعثم‪ :‬م‬

‫‪..‬ماذا‬

‫ناظرتها والدتها بغضب على إحراجها ألخيها‪...‬لترفع‬

‫األخرى حاجبها محاولة كتم بسمتها على إرتباكه الظريف‬

‫حقا مرددة‪ :‬كما أخبرتك‪...‬هي ترسل لك أشواقها‬

‫خلل أنامله الغليظة بشعره حرجا وإرتباكا مغادرا الغرفة‬

‫محاوال تمالك أنفاسه المسلوبة بسبب صاحبة الزبرجد‬

‫‪..‬فارا من ضحكات والدته وأخته على خجله‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫طرقات تدق على باب المنزل ففتحه صاحبه ليترائى له جاره‬

‫خليل ‪..‬عقد حاجبيه بإستغراب من قدومه فهما عالقتهما‬

‫‪473‬‬
‫أصبحت رسمية بحتة منذ أشهر فغمغم بترحيب‪ :‬أهال‬

‫خليل‪..‬تفضل للبيت‬

‫نفى اآلخر برأسه هاتفا‪ :‬ال وقت لدي يا أمين ‪..‬المهم أتيت‬

‫ألخبرك بشئ هام جدا ومن فضلك ال تستهتر باألمر وحافظ‬

‫على أخر ما بقي لك من رصيد اإلحترام لك‬

‫قطب األخير جبينه مردفا‪ :‬خيرا إن شاء هللا تفضل‬

‫تنهد السيد خليل بهدوء هاتفا‪ :‬ميس إبنة اخيك هناك شاب‬

‫تقدم لخطبتها‪..‬وحسب علمي هو صاحب خلق ودين‬

‫ومستقر ماديا والحمد هلل ‪..‬لهاذا وبما أنك آخر من بقي لها‬

‫من عائلتها أعلمتك باألمر إن كنت تريد أن تكون وليها وإن‬

‫لم ترضى فال بئس أنا وإمام الحي هنا‬

‫‪474‬‬
‫أومئ له أمين ايجابا هادرا بعدها‪ :‬ما خطبك يا خليل أكيد لن‬

‫تصل بي الحقارة أن أتنازل عن الوالية لك أو لغيرك‪..‬أنا‬

‫عمها وإن كان هاذا الشاب يستحقها فلن تخرج إال من بيتي‬

‫عروسا‬

‫مط اآلخر شفتيه بتهكم صريح‪ :‬نعم ما شاء هللا‪..‬لكن الرؤية‬

‫الشرعية ستكون ببيتي أنا ‪،‬فزوجتي وإبنتاي تتكفالن بهاذا‬

‫األمر ‪..‬وبعدها نقرر‬

‫عقد اآلخر حاجبيه مستفهما‪ :‬ولماذا ليس ببيتي؟؟‬

‫رفع السيد خليل حاجبه مغمغما‪ :‬ميس لن ترتاح‬

‫ببيتك‪...‬لهاذا دعها على راحتها أفضل‪ ،‬يكفيها ما تعانيه من‬

‫توتر يا أمين ‪..‬‬

‫‪475‬‬
‫تحرك مغادرا ليستدير له مجددا مرددا بسخرية مبطنة‪:‬‬

‫بالمناسبة الشاب يدعى نزار سميح هو يسكن بالمدينة وله‬

‫محالت لسجاد إن كنت تكترث لسؤال عنه‪..‬ال تقلق سأتكفل‬

‫أنا بهاذا وبعد ثالث أيام ستكون المقابلة‪ ،‬وبيتي مفتوح لك‬

‫إن أردت الحضور طبعا‬

‫فتركه بعدها مغادرا ‪،‬تاركا أمين يتنهد مغلقا بابه دالفا لبيته‬

‫‪..‬متخذا مجلسه على إحدى االرائك ماسحا وجهه بكف يده‬

‫فجلست زوجته فاطمة بفضول مستفهمة‪ :‬ما الذي أراده‬

‫خليل ذاك منك يا أمين؟‬

‫زفر بهدوء مجيبا إياها مرضيا فضولها‪ :‬أخبرني أن هناك‬

‫من يريد التقدم لميس لخطبتها‪ ،‬وطلب حضوري إن أردت‬

‫هاذا‬

‫‪476‬‬
‫مطت األخيرة شفتيها بتهكم وخبث‪ :‬ما شاء هللا شهم ‪..‬وهل‬

‫ميس إبنته حتى يفكر فيها أو يتدخل بشؤونها‬

‫تجاهلها أمين لتتخذ إبنته الكبرى بسمة مجلسا معهما سائلة‬

‫والدها‪ :‬وهل تعرف العريس يا أبي؟‬

‫هز األخير كتفيه مجيبا‪ :‬في الحقيقة ال أعرفه‪..‬لكنه قال أن‬

‫إسمه نزار سميح وله محالت سجاد وهكذا‬

‫عقدت األخيرة حاجبيها لتتوسع عينيها بعدها فاتحة هاتفها‬

‫بسرعة تبحث عن إحدى الصفحات بموقع التواصل‬

‫‪..‬ضاربة صدرها بكف يدها مردفة بتلعثم مفاجئ‪ :‬هل تقصد‬

‫نزار سميح نفسه‪..‬يا إلهي‬

‫‪477‬‬
‫قطبت والدتها جبينها مستفهمة بإستغراب‪ :‬وهل تعرفين من‬

‫يكون يا بسمة؟؟‬

‫غمغمت األخرى بخفوت مصدوم‪ :‬ومن ال يعرفه يا‬

‫أمي‪..‬محالته مشهورة بالمدينة‪..‬أنظري هاذا موقعهم وتوجد‬

‫حتى بعض صوره بها‬

‫أخذت والدتها الهاتف منها متأملة المعروضات والمحالت‬

‫مهسهسة بحنق‪ :‬تلك المحظوظة‬

‫إقتربت سناء وكوثر من مجلسهم لتتحدث إحداهما‬

‫بإستغراب‪ :‬ما الخطب؟‬

‫‪ -‬ال يوجد أي خطب ‪..‬فقط ميس تقدم لها عريس مثالي‬

‫وال في األحالم حتى‬

‫‪478‬‬
‫تحدثت بسمة على مضض كاتمة غيرتها الواضحة‪..‬جلست‬

‫الفتاتان بقربها فأردفت كوثر‪ :‬حقا؟؟ ومن هو هاذا المثالي؟‬

‫أجابتها األخيرة بحنق‪ :‬خذي الهاتف من أمي وستعلمين‬

‫بنفسك‬

‫عقدت الفتاتان حاجبيهما بإستغراب فإقتربت سناء من‬

‫والدتها آخذة الهاتف منها مطالعة إياه لتفغر فاهها متلعثمة‪:‬‬

‫ماذا؟؟ هل هاذا هو العريس حقا؟؟‬

‫إستقامت كوثر متجهة ألختها مرضية فضولها هي األخرى‬

‫لتتسع عيني األخيرة مشاركة إياهن مفاجئتها هاتفة‪ :‬نزار‬

‫سميح صاحب محالت السجاد حقا !!!‬

‫‪479‬‬
‫ضربت فاطمة فخذها بكفها حنقا وحسدا على حظ ميس‬

‫الممتاز ‪..‬فبناتها لم يتقدم لهن من هو بربع مميزات هاذا‬

‫العريس فكيف بتلك اليتيمة الوحيدة‪..‬لتهسهس بحنق خبيث‬

‫مكلمة زوجها‪ :‬أنت لن توافق عليه بما أنك عمها المسؤول‬

‫عنها؟ لن تحضر لخطبتها أليس كذلك؟؟‬

‫عقد األخير حاجبيه مستفهما منها‪ :‬ولماذا أرفض إن كان‬

‫الشاب جيدا كما قلتم توا؟؟‬

‫عضت األخيرة على شفتيها بغيض مهمهمة‪:‬‬

‫كيف لها أن تخطف عريسا مثاليا هكذا ‪..‬مال وعز وشباب‬

‫وعازب ووسامة‪..‬بناتي لم يحظين بنصف هذه المواصفات‬

‫في عريس واحد‬

‫‪480‬‬
‫عقد اآلخر حاجبيه بإستغراب متحدثا‪ :‬هاذا هو رزقها يا‬

‫فاطمة الذي رزقها هللا به‪..‬سأسأل عنه جيرانه ومقربيه وإن‬

‫كان جيدا بما يكفي سأوافق طبعا لن أفرط في فرصة مناسبة‬

‫هكذا علني أرتاح عليها في عصمة رجل جيد‬

‫هتفت األخيرة بحنق أعمى‪ :‬لن توافق عليه يا أمين هي‬

‫ليست أفضل من بناتي هل فهمت‬

‫إستقام األخير هادرا في وجهها مرعبا إياها‪ :‬إغلقي فمك‬

‫اللعين هاذا ‪..‬وال كلمة لك فيما يخصها سأوافق ولن أتركها‬

‫لوحدها هذه المرة أال يكفيني أنني خذلتها ببناء ذلك الجدار‬

‫‪..‬عسى هللا أن يغفر لي حقارتي ‪..‬وبالمناسبة سأعيدها‬

‫للبيت وستنام بغرفتي انا‬

‫‪481‬‬
‫لتتعلثم زوجته برهبة فهذه أول مرة يفقد زوجها أعصابه‬

‫هكذا ويصرخ في وجهها‪ :‬وأين‪...‬أين سننام نحن يا أمين‬

‫‪-‬سنأخذ غرفة كوثر وهي تنام مع سناء وإياكن أن أسمع‬

‫حرف واحد ‪...‬إياكن‬

‫ليغادر تاركا إياهن صامتات بهلع فهن لم يعتدن عليه بهاذا‬

‫الحنق لطالما كان مسالما ساذجا‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫‪482‬‬
‫بعد ثالث أيام ‪..‬إتخذت ميس مجلسا وقد عمها اإلرتباك‬

‫‪،‬فكانت تحرك قدمها توترا لتهدر ليلى في وجهها بحدة‪:‬‬

‫توقفي عن هز قدمك هكذا يا ميس دعيني أكمل وضع حمرة‬

‫الخدود ومرطب الشفاه ‪..‬‬

‫تأففت ميس مردفة‪ :‬باهلل عليك يا ليلى أنا متوترة جدا‪...‬‬

‫قلبت االخيرة عينيها مغمغمة بضجر متابعة تزيينها‪ :‬أنت‬

‫تبالغين يا ميس وكأن نزار لم تقابليه ولم تتحدثي معه من‬

‫قبل‬

‫تنهدت األخرى مجيبة إياها بإرتباك‪ :‬كلها بضع مرات فقط‬

‫تعد على األصابع‪...‬وأيضا اليوم الوضع مختلف فسنكون مع‬

‫بعضنا البعض بمفردنا ونتحدث عن الزواج ‪..‬أعرف نفسي‬

‫سأخجل كثيرا‬

‫‪483‬‬
‫قهقهت عليها ليلى هامسة بمكر‪ :‬إذا إرفضيه وإنتهى األمر‬

‫هكذا تتجنبين الحرج‬

‫ضربتها ميس على ذراعها هاتفة‪ :‬سخيفة أنت يا ليلى‬

‫إبتعدت عنها قليال متأملة مظهرها ‪..‬فقد ارتدت ميس فستان‬

‫قرمزي دون كمين يحد قدها الممشوق من األعلى يتدرج‬

‫بإتساعه من الخصر لألسفل كان بسيط بقماش الحرير تالئم‬

‫مع بشرتها الناعمة الخمرية ‪..‬وفردت شعرها البني الغجري‬

‫مع اخذ بعض الخصالت من الجانبين تشدهم بدبوس بسيط‬

‫‪..‬لمعت عيني ليلى بإعجاب شديد هامسة‪ :‬وااو تبدين جميلة‬

‫حقا ‪..‬فقط عليك ارتداء كعبك العالي الذي إشتريته البارحة‬

‫‪484‬‬
‫وسأعطيك طقمي الفضي البسيط ذاك سيتناسب مع هاذا‬

‫الفستان ‪..‬‬

‫‪ -‬لقد وصلوا‬

‫دلفت السيدة صفا متحدثة بضع كلمات بفستانها األرجواني‬

‫الجميل واضعة وشاح على رأسها يماثله نفس اللون‬

‫‪..‬ارتبكت ميس أكثر تدلك كفيها ببعضهما البعض و إرتفعت‬

‫نبضات قلبها الذي كاد يخرج من صدرها‪..‬محاولة التنفس‬

‫بهدوء كي ال تزيد األمر سوءا‪...‬تأملتها صفا بإعجاب‬

‫مردفة‪ :‬مشاء هللا بنيتي تبدين في غاية البهاء والجمال‬

‫‪485‬‬
‫تبسمت لها االخيرة بحب صادق شاكرة إياها‪ :‬حفظك هللا يا‬

‫خالة أنت والعم خليل ال أستطيع أن أرد دينكم علي‪...‬لقد‬

‫أكرمتموني بعطفكم حقا‬

‫‪ -‬ال عليك بنيتي أنت بمقام ليلى إبنتي لهاذا ال داعي لكل‬

‫هاذا الشكر‬

‫أردفت صفا بحب‪..‬لتقترب ليلى من ميس ملبسة لها القالدة‬

‫الفضية البسيطة كي يكتمل مظهرها‪..‬فإستفهمت من‬

‫والدتها‪ :‬أمي هل كل شيئ معد وجاهز‬

‫أومئت لها االخيرة ايجابا مغمغمة بهدوء‪ :‬نعم ال تقلقلوا كل‬

‫شيئ جاهز‪..‬السيدة جيهان وريم بغرفة المعيشة الداخلية‬

‫‪..‬ونزار مع زوجي خليل وعمك أمين بالصالة الخارجية‬

‫‪486‬‬
‫‪-‬هل حضر عمي حقا؟؟‬

‫سئلت ميس عاقدة حاحبيها ‪..‬ربتت صفا على ذراعها بحنو‬

‫هاتفة‪ :‬نعم حضر ورفض تركك لوحدك وأصر أن يكون هو‬

‫وليك كما أخبر زوجي خليل وهو سيتكفل بكل شيئ‬

‫‪ -‬شهم حقا هاذا العم أمين‬

‫تهكمت ليلى في حديثها‪...‬فزجرتها والدتها بحدة‪ :‬ليلى‬

‫أصمتي‪...‬أكيد هو عرف خطأه ويريد إصالحه ‪...‬علينا أن‬

‫ندع للغير فرصة ترقيع تصرفاتهم بدل الجلد المستمر لهم‬

‫وكأننا نحن مالئكة معصومين‬

‫النت مالمح ميس متنهدة براحة شاكرة هللا تعالى أن عمها‬

‫لم يخذلها حتى ولو كان أخطأ سابقا فهي ستسامحه إن‬

‫‪487‬‬
‫أصلح خطأه وساندها ‪..‬ليعود لها اإلرتباك والتوتر من جديد‬

‫مستفهمة‪ :‬هل أذهب اآلن لهم ؟؟‬

‫تبسمت صفا مجيبة إياها بلين محاولة تهدئتها‪ :‬نعم يفضل‬

‫اآلن‪...‬أوال ستذهبين معي وليلى حيث السيدة جيهان وريم‬

‫‪،‬ال أظن أنك ستخجلين معهما فهما يعرفانك جيدا يا ميس‬

‫‪...‬وبعدها تذهبين لصالة الخارجية حيث نزار وطبعا زوجي‬

‫خليل وأمين سيتركانك بمفردك معه كي تتحدثا على راحتكما‬

‫دون أي حرج‬

‫توسعت عيني ميس بهلع وإرتباك متزايد‪ :‬أنا وهو بمفردنا‬

‫فقط‬

‫قهقهت ليلى بمكر مرددة‪ :‬ال سيحضر معكما الجيران أيضا‬

‫‪488‬‬
‫حدجتها والدتها بنظرة زاجرة مربتتة بلطف على كف ميس‬

‫متحدثة بهدوء‪ :‬ميس من حق نزار أن يرتاح في الحديث‬

‫معك‪ ،‬ربما لديه بعض الشروط ويتحرج أن يقولها أمام‬

‫زوجي وعمك ‪..‬لكن البئس ما رأيك أن يكون معكما إبني‬

‫الصغير لؤي‬

‫أومئت لها ميس براحة محاولة تمالك نفسها ‪...‬فشجعتها‬

‫صفا وليلى على التحرك نحو غرفة المعيشة حيث السيدة‬

‫جيهان وريم‬

‫دلفت ميس بخجل آخذة شهيق ثم زفير ‪..‬فترائت لها السيدة‬

‫جيهان تلك المرأة الفاضلة ذات الدفئ األمومي التي غمرتها‬

‫دوما به وعاملتها كإبنة لها ‪..‬مع ريم ابنتها بشقاوتها‬

‫‪489‬‬
‫ومرحها الظريف وشخصيتها المهذبة اللبقة‪..‬فإستقامت‬

‫جيهان من مجلسها بعبائتها الرمادية المطرزة ذات الطابع‬

‫العصري الفخم ووشاحها الذي ماثلها اللون مقتربة منها‬

‫ضامة إياها لصدرها بقوة مغمغمة بما شاء هللا وتبارك‬

‫الرحمان ‪..‬بادلتها ميس الحضن غامرة نفسها بها علها‬

‫تتشرب الحنان ككل مرة تحضنها بها ‪..‬لتبتعد عنها بعد‬

‫ثواني مكوبة وجنتيها بحب متأملة وجهها ولمعة اإلعجاب‬

‫تبرز من مقلتيها مردفة بلطف‪ :‬تبدين فاتنة صغيرتي كعادتك‬

‫ما شاء هللا ‪...‬أعوذ باهلل من كل عين حاسدة تصيبك بنيتي‬

‫‪ -‬حفظك هللا يا خالة وأدامك لنا‬

‫‪490‬‬
‫همست بها ميس بخجل ‪...‬دنت منها ريم مبتسمة بمكر‬

‫غامزة لها بشقاوتها المميزة‪ :‬أهال يا زوجة أخي ‪...‬تبدين‬

‫واااو حقا ‪..‬سيفقد أخي صوابه عندما يراك‬

‫توردت وجنتي ميس وإرتفع خفقان قلبها الهادر لذكر إسمه‬

‫‪..‬عانقتها األخيرة بلطف مقبلة وجنتها برقة هامسة لها‬

‫بخفوت‪ :‬أخي العاشق المسكين سيضل يحلم بك ليال‬

‫‪-‬ريم توقفي من فضلك‬

‫تلعثمت ميس معاتبة إياها بعد أن وصل توترها وخجلها‬

‫ألوجه‪...‬قهقهت األخيرة مجلسة إياها بقربهم ‪..‬فضيفتهم‬

‫السيدة صفا واضعة أمامهم مختلف العصائر والحلويات‬

‫مرحبة بهم ببسمتها اللطيفة متحدثة بكالمها‬

‫‪491‬‬
‫الراقي‪...‬وشاركتها السيدة جيهان شاكرة إياها على حسن‬

‫ضيافتها مع مشاكسات كل من ليلى وريم التي ال تنتهي‪،‬‬

‫وميس التي كانت تتورد وجنتيها كلما غمزوا لها بمكر عن‬

‫نزار ‪...‬‬

‫بعد لحظات تحدثت السيدة صفا موجهة كلماتها لميس‬

‫بهدوء‪ :‬أظنه حان الوقت لمقابلتك لنزار يا ميس‬

‫‪ -‬أجل يفضل أن تفعل ذلك بسرعة‪...‬فأحدهم مشتاق‬

‫ألقت ليلى كلماتها العابثة لتقهقه بعدها وشاركتها ريم‬

‫الضحك ‪..‬حيث كتمت السيدة جيهان بسمتها عاتبة على‬

‫‪492‬‬
‫إبنتها وليلى بسبب إحراجهما لميس التي هي أساسا مرتبكة‬

‫قبال‬

‫أومئت ميس إيجابا للسيدة صفا متجاهلة سخافة كل من‬

‫صديقتيها ‪..‬لتستقيم من مجلسها مرتبكة و قد عمها التوتر‬

‫وتراقصت نبضات قلبها المهتاجة للقاءه ‪...‬كيانها مشتاق‬

‫لصاحب البسمة الخالبة والتي لطالما تمكنت من اإلطاحة‬

‫بكل ما فيها‪..‬مسحت صفا على ظهرها بلطف تبث لها‬

‫مشاعر الثقة هامسة لها‪ :‬ال تقلقي لقد غادر زوجي خليل‬

‫وعمك تاركين نزار بمفرده كي ال تتحرجي بوجوهم بنيتي‬

‫‪..‬كوني على طبيعتك وال تهلعي حسنا‪..‬‬

‫أومئت لها ميس بهدوء متمالكة نفسها محاولة التحكم في‬

‫هدير فؤادها ‪.‬‬

‫‪493‬‬
‫‪:‬‬

‫يحرك قدمه بتوتر مخلال أصابعه الغليظة بشعره المصفف‬

‫محاوال إبعاد مزيج مشاعره التي تزيد من إرتباكه فهي‬

‫خليط من البهجة والشوق والرهبة والتوتر‪...‬لطالما كان‬

‫طوال حياته مسيطرا على كل أمور حياته ولم يكن هناك ما‬

‫يقض مضجعه ‪..‬لكن مع دخول صاحبة الزبرجد لحياته‬

‫قلبتها رأسا على عقب ‪..‬فقد أحكمت قيودها عليه وتربعت‬

‫على عرش قلبه والذي كان عازفا عن جنس النساء منذ‬

‫والدته ‪..‬وروحه التي إستكانت مع بسمتها الدافئة التي‬

‫تستفز رجولته‪..‬ببرائتها التي تداعب مهجته فيهيم بها‬

‫مسايرا لها ولفتنتها‪..‬دلفت سيدة تفكيره الصالة ليرفع رأسه‬

‫فاغرا فاهه بعدها‪ ،‬مبتلعا ريقه مستقيما من مجلسه ‪..‬بثوبها‬

‫الفيروزي وشعرها البني الغجري بطوله المتوسط وبشرتها‬

‫‪494‬‬
‫الخمرية الناعمة بدت‪..‬كأنها لوحة أبدع رسام متمكن في‬

‫رسمها فأبدع فيها‪..‬‬

‫أراد إبعاد عينيه عنها إال أن قلبه كان له رأي آخر‪..‬شابكت‬

‫ميس أناملها ببعضهما البعض حياءا لم تستطع أن ترفع‬

‫رأسها فعند حضوره المستبد لقلبها الخافق له تغادرها كل‬

‫أبجديات الكالم‪..‬وتسهو بسحر بسمته الحانية التي تغدق‬

‫عليها بمشاعر الحب التي ما عرفتها مع سواه هو سيد‬

‫روحها‪..‬تنفست بهدوء مستجمعة شجاعتها رافعة رأسها له‬

‫فقد كان يرتدي جنيز أسود مع قميص مماثل اللون يحد‬

‫صدره الرياضي العضلي ولحيته المشذبة ‪..‬لتلتقي عيناهما‬

‫هي بجواهرها الزبرجدية مع مقلتاه كحبات البن البنية‬

‫بصمت مهلك ‪...‬وشعور لذيذ عم كليهما‪..‬فتوردت وجنتي‬

‫‪495‬‬
‫ميس هامسة بصوتها الرقيق المتلعثم والذي أطاح به أكثر‪:‬‬

‫مرحبا‬

‫إستفاق من نشوته على رنة صوتها العذبة ليبتلعم ريقه‬

‫دالكا رقبته من الخلف ‪..‬مستغفرا في سره على مهلكته التي‬

‫ما تنفك تعذبه بها كل وقت و حين‪..‬حمحم محاوال تدارك‬

‫نفسه المشتتة الضائعة مجيبا ببحة رجولية فذة‪:‬‬

‫أهال‪...‬تفضلي‬

‫إحتارت ميس أين تجلس ‪..‬لتقرر أن تتخذ مجلسا على إحدى‬

‫األرائك لتكون مقابلة له تماما‪..‬عاد هو لمجلسه‪..‬حيث تقابله‬

‫هي بكل حسنها وبهائها ‪...‬كمالك ذو هالة نورانية خلق‬

‫لتأمل فقط‪..‬إرتفعت زاوية شفتاة الثخينة بإبتسامة عندما‬

‫الحظ تورد وجنتيها اللذيذ ذاك‪..‬تبدو حقا في غاية الظرافة‬

‫‪496‬‬
‫كمرشاميلو قابل لألكل‪..‬يبدو أنه قد نسي نفسه حقا‪...‬حمحم‬

‫بحرج هامسا بهدوء محاوال خلق حواره عله يبعد الخجل‬

‫عنها‪ :‬كيف حالك؟ ؟‬

‫أومئت له االخيرة بهدوء مغمغمة بخفوت‪ :‬الحمد هلل بخير‬

‫تالعبت بطرف فستانها فارة من تأثير مقلتيه ‪..‬فتابع اآلخر‬

‫حركتها ‪..‬فقط لو تعلم ماذا تفعل به أبسط حركاتها‪..‬فأردف‬

‫بهدوء‪ :‬ال داعي للتوتر والخجل‬

‫أعادت بصرها له متأملة بسمته الخالبة هامسة برقة‪ :‬لست‬

‫متوترة‬

‫قهقهه بخفة لتشرد األخيرة بضحكته مردفا‪ :‬متأكدة أنك‬

‫لست كذلك؟؟‬

‫‪497‬‬
‫هزت كتفيها مبتسمة وقد خف إرتباكها مجيبة ‪ :‬ربما‬

‫‪...‬قليال فقط‪..‬‬

‫تأملت بسمته الدافئة متابعة بخفوت‪ :‬أنت أيضا كذلك‬

‫مرتبك‪..‬أليس كذلك؟؟‬

‫تألمها هو اآلخر بعيون المعة وقلب خافق مغيبا عن واقعه‬

‫هاتفا‪ :‬منذ أن دخلت حياتي وأنا مرتبك طوال الوقت‬

‫إختفت أنفاسها لبرهة حيث إزداد تورد وجنتيها بشدة و قد‬

‫تراقصت الفراشات بمعدتها طربا إثر غزله الغير مباشر‬

‫فشتتت أنظارها بعيدا عنه‪..‬فتدارك اآلخر نفسه شاتما نفسه‬

‫على زلة لسانه و إنفالته الغير معهود ‪..‬ليحمحم دالكا رقبة‬

‫من الخلف مستعيدا سيطرته على نفسه متحدثا بهدوء‪:‬‬

‫تفضلي هل من شروط آنسة ميس؟؟‬

‫‪498‬‬
‫صوبت نظرها لها متنهدة بخفوت مستفهمة منه‪ :‬أنت تصلي‬

‫أليس كذلك؟‬

‫أومئ لها بإبتسامته العذبة التي تبث لها السالم بقلبها فقد‬

‫توقع أن تسأل هاذا حيث يتذكر كلماتها الحكيمة عن‬

‫شروطها في خاطبها المستقبلي ذاك اليوم بالسيارة‪ :‬نعم‬

‫الحمد هلل هدانا هللا‪..‬وأيضا بار بوالدتي قدر اإلمكان وأجاهد‬

‫أن أكون لها ذلك الولد الصالح الذي تعتز به ‪..‬‬

‫طرفت بجفنيها عدة مرات فقد أجاب على ثاني سؤال دون‬

‫أن تطرحه عليه من األساس‪..‬ليقهقه بخفة على محياها‬

‫المستغرب فأردف مرضيا فضولها‪ :‬يوم عيد ميالد أختي‬

‫عندما سألتك ريم عن مواصفات العريس الذي تريدينه‬

‫أتذكر أنك أخبرتها بعض هذه المميزات مثل الصالة وبار‬

‫‪499‬‬
‫الوالدين ألن من يرحم أمه أكيد سيحسن لزوجته‬

‫مستقبال‪...‬فاإلنسان ال يتجزأ أبدا‪...‬أليس كذلك؟‬

‫قهقهت بلطف غير قادرة على كتم بسمتها ‪..‬فيبدو أنه الزال‬

‫يتذكر كلماتها تلك‪..‬‬

‫سرح اآلخر بضحكتها التي تستفز رجولته وتهيج‬

‫جموحه‪..‬ليستغفر هللا في سره كي ال تنفلت أعصابه‬

‫‪..‬محمحما سائال اياها‪ :‬أظن أنني أملك بعض هذه الصفات‬

‫آنسة ميس ؟‬

‫تالعبت بطرفت فستانها هامسة ببسمة رقيقة‪ :‬أظن هاذا‪...‬‬

‫طالعها بحب مفضوح وتألألت مقلتيه مستفهما‪ :‬هل من‬

‫أسئلة أخرى تودين طرحها؟؟‬

‫‪500‬‬
‫نفت برأسها وقد النت مالمحها البهية مغمغمة‪ :‬ال شيئ مهم‬

‫آخر‬

‫فأومئ برأسه مستفسرا منها بهدوء بصوته الرجولي‬

‫األجش‪ :‬وأنت هل تصلين؟‬

‫خفق قلبها عدة خفقات متتالية مبتلعة ريقها مجيبة‪ :‬الحمد‬

‫هلل نحاول أن نرضي هللا تعالى علينا‬

‫‪ -‬وبخصوص العمل؟ ؟‬

‫إستفهم منها بهدوء ‪..‬فعقدت حاجبيها بإستغراب سائلة إياه‪:‬‬

‫تقصد عملي بالمحل؟؟ ما خطبه؟‬

‫‪501‬‬
‫تنهد بخفوت مسندا ذراعيه العضليتين على ركبتيه متحدثا‪:‬‬

‫هل ترغبين المواصلة بالعمل هناك؟؟‬

‫نفت برأسها سلبا مردفة‪ :‬في الحقيقة عندما تخرجت من‬

‫الجامعة لم أجد عمال مناسبا لشهادتي الجامعية‪...‬لكن‬

‫الظروف في آخر فترة أرغمتني على العمل بالمحل حتى‬

‫إشعار آخر؟ ؟‬

‫قطب جبينه متسائال ماهي الظروف التي قد تجبرها على‬

‫العمل دون مستوى تعليمها ما دامت تحت كفالة عمها إال‬

‫أنه لم يرد إحراجها وأرجع الموضوع بمؤخرة ذهنه مرددا‪:‬‬

‫في الحقيقة صحيح أن عملك شريف وال لبس فيه‪ ،‬إال أنني‬

‫ال أرضى لزوجتي والتي ستكون تحت جناحي بهاذا العمل‬

‫‪502‬‬
‫‪...‬رغم أنه شريف وال يعيبه شيئ‪..‬لكنني سأكون ملبيا لكل‬

‫إحتياجاتها المادية دون أن تحتاج للعمل وإرهاق نفسها‬

‫توردت وجنتيها عند ذكر كلمة زوجتي وإستخدامه لياء‬

‫التملك تلك‪..‬زاد األمر صعوبة في تحكمها بنبضات فؤادها‬

‫الخافق بشدة‪...‬لتشبك كفيها ببعضهما البعض فارة من‬

‫نظراته المتفحصة والتي تزيدها حياءا وتوردا‪..‬ليبتسم‬

‫اآلخر مطالعا خدودها المحمرة وعيونها الهاربة من‬

‫عينيه‪..‬ليهمس‪ :‬هل تمانعين األمر آنستي؟‬

‫نفت برأسها مغمغمة بخفوت شديد‪ :‬ال‪..‬من األساس كما قلت‬

‫لك أنني أعمل فقط إلشعار آخر‬

‫‪503‬‬
‫تنهد براحة فهو ال يرضيه أن تتعب مادام هو سيبذل‬

‫قصارى جهده في تدليلها كما يدلل أمه وأخته الشقية تلك‪..‬‬

‫‪ -‬حسنا هل هناك ما تخبرينني به؟‬

‫إستفهم منها بلطف كي ال يخجلها أكثر فواضح أنه سيغمى‬

‫عليه من شدة الحياء‪..‬وجهت األخيرة نظرها له متأملة‬

‫وجهه الوسيم ذاك تستشف منه بوادر األمان لتعمها الحيرة‬

‫مجددا وتسللت لها مشاعر الخوف ‪..‬إستغرب اآلخر لتغيرها‬

‫المفاجئ من الفتاة الخجلة الظريفة إلى أخرى ضائعة‬

‫مشتتة‪..‬ليخترق مسمعه صوتها المرتبك المتسائل‪ :‬هل‬

‫أستطيع أن أثق بك مستقبال؟‬

‫قطب جبينه بإستغراب على سؤالها المفاجئ له فهو لم‬

‫يتوقع مثل هاذا السؤال ‪..‬فما كان منه إال أن يومئ لها‬

‫إيجابا مجيبا إياها بهدوء‪ :‬بإذن هللا ستفعلين ذلك مع الوقت‬

‫‪504‬‬
‫مسحت ذراعها األيسر بكفها اليمنى وكأنها تعاني بردا أو‬

‫تداري نفسها من شيئا ما مغمغمة بخفوت مشتت‪ :‬هل‬

‫يمكنك أن تشعري باألمان مستقبال؟‬

‫تأملها بضعفها الواضح ووهنها الذي إستغربه‪ ،‬إال أنه أرجع‬

‫ذلك ليتمها وطفولتها التي عاشتها دون والديها‪ ..‬فهو رجل‬

‫ما زال يعاني وجع فقدان والده فما بالك بفتاة رقيقة كبتالت‬

‫الزهور تفقد اإلثنين من أم وأب بذات الوقت عند‬

‫صغرها‪..‬ليرق قلبه لها عاجزا عن إجابتها‪..‬لو كانت حالله‬

‫اآلن لحفظها بصدره عساها تخترق ضلوعه فتتخذ قلبه‬

‫ملجئا لها لألبد‪..‬‬

‫ليستدل جفنيه قابضا بقوة على ركبتيه‪ ،‬مسيطرا على‬

‫مشاعره وقلبه الذي يطالبه بحضنها وإحتوائها إال أنه‬

‫‪505‬‬
‫إستغفر هللا في سره متحكما في نفسه ‪..‬ليفتحهما بعد برهة‬

‫وقد النت مالمحه مبتسما لها بحنو هامسا بخفوت‪ :‬لست‬

‫ممن يكثرون الكالم يا ميس‪...‬أنا مبدأي فقط األفعال فهي‬

‫أصدق تعبيرا وأوثق عهدا‪...‬‬

‫إستكانت روحها الضائعه ورفرفت الفراشات بمعدتها ونبض‬

‫قلبها خافقا مرتاحا إثر كلماته الدافئة ‪..‬خاصة عندما نطق‬

‫إسمها مجردا ‪..‬لم تعلم أن جمال إسمها يكمن في صوته‬

‫األجش الذي تغنى به طربا‪..‬إبتسمت له بدفئ ‪..‬فقطع لحظات‬

‫صمتهما طرقات الباب وفتحه من طرف لؤي شقيق ليلى‬

‫الصغير ‪..‬لترتبك ميس ويستدرك نزار نفسه‪..‬فتقدم الصغير‬

‫منها مخبرا إياها أن النساء يطلبن حضورها‪..‬لتستقيم بخجل‬

‫مغادرة الغرفة تاركة اآلخر شاردا بها هائما في بسمتها تلك‬

‫‪506‬‬
‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫‪ -‬وااو إنها جميلة حقا‬

‫‪-‬‬

‫تحدثت ليلى بإنبهار شديد بعد أن فتحت بعض علب‬

‫الشوكوالطة الفخمة والتي من الواضح أنها مستوردة‬

‫‪...‬لتناظر ميس بخبث غامزة لها مردفة‪ :‬نزار منذ اآلن‬

‫يدللك حقا يا ميوسة‬

‫توردت وجنتي األخيرة نازعة الكعب العالي متنهدة بخفوت‬

‫جالسة على األريكة ‪...‬متأملة الهدايا التي أحضروها فقد‬

‫كانت فخمة حقا ‪..‬تابعت ليلى حديثها‪ :‬ما شاء هللا باقة من‬

‫الورد الجوري البهي‪..‬وعلب من الشوكوالطة الفخمة‬

‫‪507‬‬
‫المستوردة‪..‬وعطور تبارك الرحمان منذ متى الناس تحضر‬

‫كل هاذا في الرؤية الشرعية فقط‪...‬ماذا تركوا لحفل‬

‫الخطوبة و الزفاف إذا‬

‫قهقهت ميس بخفة مخفية خجلها‪ :‬ال تبالغي يا ليلى هذه من‬

‫العادات فقط‬

‫رفعت األخرى حاجبها مغمغمة‪ :‬حقا !! عادات إذا ؟؟ لماذا‬

‫ال تقولي أن نزار يدللك ويريدك أن تفتخري به ألنه ال يدخر‬

‫شيئا لترضي به‬

‫‪ -‬أكيد سيدللني ولما ال‪ ،‬فأنا بحكم خطيبته اآلن‬

‫‪508‬‬
‫تحدثت ميس بزهو مستفزة ليلى التي توسعت عينيها‬

‫‪..‬فقهقهت كلتاهما على بعض لتجلس ليلى بجانبها مستفهمة‬

‫منها بخبث‪ :‬أخبريني عن ماذا تحدثتما؟ ؟‬

‫زفرت ميس بضجر مجيبة اياها‪ :‬باهلل عليك يا ليلى أكيد‬

‫تحدثنا عن شروط كالنا فقط‬

‫كتفت األخرى ذراعيها على صدرها مستفسرة بحنق طفولي‬

‫ظريف‪ :‬أريد أن اعرفها هذه الشروط‬

‫تبسمت ميس بلطف متالعبة بسلسالها الفضي مردفة‪:‬‬

‫سئلته عن صالته وبره بوالدته‪...‬واجابني بأنه يحاول أن ال‬

‫يقصر فيهما‪..‬وسئلني عن العمل بالمحل إن كنت سأواصل‬

‫‪509‬‬
‫العمل هناك ‪..‬وأجبته بالنفي‪ ،‬فأخبرني أنه ال داعي للعمل به‬

‫ما دام سيوفر لي كل ما أحتاجه وأكثر‪...‬واألهم أنني حاولت‬

‫أن أستشف منه إن كنت سأثق به كليا وأن ال يخذلني‬

‫فطمئنني أنني سأعرف ذلك بالعشرة‬

‫‪ -‬ما شاء هللا عليك يا فتاة قمت بالتحقيق معه‪..‬‬

‫هتفت ليلى لها مقهقهة بعدها‪..‬فضربتها ميس على ذراعها‬

‫مغمغمة بسخيفة‬

‫دلفت السيدة صفا الغرفة لتجد الفتاتان تتشاكسان فإتخذت‬

‫مجلسا قريبا متحدثة والفرحة تعم محياها ‪ :‬السيدة جيهان‬

‫حقا إمرأة رائعة ما شاء هللا أحببتها حقا ‪...‬وريم أيضا تبدو‬

‫‪510‬‬
‫فتاة طيبة ومحترمة هكذا سنطمئن عليك معهم يا ميس‬

‫‪..‬فواضح جدا أنهما تكنان لك الكثير من الحب‬

‫عمت الراحة ثنايا قلب ميس مرددة بهدوء‪ :‬نعم هما كذلك‬

‫حقا‪...‬تشعرين باأللفة فورا عندما تتحدثين معهما وكأننا‬

‫على معرفة قديمة بهما‪...‬‬

‫‪ -‬باشرت بدور الكنة المثالية منذ اآلن‪..‬أليس الوقت‬

‫مبكرا قليال عليه يا ميوسة‬

‫استفزتها ليلى بمكر ‪..‬لتهمس لها ميس بإستفزاز مماثل‪:‬‬

‫عندما قلت لك أنك سخيفة لم أخطئ يا ليلو‬

‫‪511‬‬
‫‪ -‬ميس عمك أمين و خليل زوجي إتفقا مع نزار على‬

‫المهر وغيره والحمد هلل ال يوجد إشكال‪...‬لهاذا الخطبة‬

‫ستكون بموعدها بعد أسبوعين‬

‫غمغمت ميس بالحمد ‪..‬فتابعت صفا حديثها موضحة‪ :‬وقد‬

‫إقترح نزار أن تكون الخطبة وقراءة الفاتحة في ذات الوقت‬

‫‪..‬ما رأيك أنت يا ميس؟؟‬

‫‪-‬أووه يبدو أن أحدهم مستعجل جدا كي تكوني زوجته شرعا‬

‫هتفت بها ليلى بخبث غامزة لميس ‪..‬فتوردت وجنتي‬

‫األخيرة وإزداد خفقان قلبها الخائن الذي ما ينفك أن‬

‫تتراقص نبضاته عند ذكر إسمه مطالبا بقربه ووصاله‬

‫‪..‬لتهز كتفيها مرددة‪ :‬البئس كما يريد‬

‫‪512‬‬
‫قهقهت ليلى بخفة منحنية على ميس هامسة بخفوت‪:‬‬

‫موافقتك تعني أنك لن تكوني خطيبته فقط يا ذكية‪...‬بل‬

‫زوجته أي حالله كليا‪..‬ضعي هاذا في الحسبان يا ميوسة‬

‫إبتلعت االخيرة ريقها وإزداد نبض فؤادها وتالعبت‬

‫الفراشات بمعدتها دالكة كفيها بيعضهما البعض مغمغمة‬

‫بخفوت مرتبك‪ :‬ليلى ال تخجليني أرجوك‬

‫ربتت األخيرة على ذراعها بلطف ضاحكة متحدثة‪ :‬ال تقلقي‪،‬‬

‫كلها قبلة أو إثنتين فقط أكيد لن يتجاوز الحد كثيرا‬

‫توسعت عيني األخيرة وفغرت فاهها متلعثمة بصدمة جلية‪:‬‬

‫م‪..‬ماذا؟؟‬

‫‪513‬‬
‫رفعت األخرى حاجبها بمكر مردفة‪ :‬ماذا توقعت أنت‬

‫ستكونين زوجته شرعا أمام هللا والناس‪..‬وهو مولع بك‬

‫وأنت كذلك‪ ،‬أكيد لن تتحدثا عن كيفية صناعة السالح‬

‫النووي‬

‫لتنفجر ضحكا بعدها تاركة األخرى تعاني الخجل واإلرتباك‬

‫والكثير من الشوق له‬

‫‪-‬توقفي عن قلة أدبك يا ليلى‬

‫زجرتها والدتها بحدة‪..‬لتكتم األخيرة ضحكتها على مالمح‬

‫ميس الخجلة ‪..‬فتابعت السيدة صفا حديثها مستفهمة من‬

‫ميس‪ :‬بالمناسبة بنيتي هل أخبرتك ليلى عن تفسير الرؤيا‬

‫التي رأتها لك منذ أيام؟‬

‫‪514‬‬
‫عقدت ميس حاجبيها متسائلة بهدوء‪ :‬أتقصدين رؤيتها لي‬

‫في قاعة حفل أتناول التمر؟؟؟ ال لم تخبرني تفسيرها ‪..‬هل‬

‫قمتم بذلك ؟‬

‫أومئت لها صفا بإيجاب مجيبة إياها ببسمة لطيفة على‬

‫وجهها‪ :‬نعم زوجي خليل ذهب إلمام الحي قبل يومان وقد‬

‫فسره لنا‬

‫تابعت عنها ليلى حديثها مغمغمة بغمزة ماكرة‪ :‬كان‬

‫تفسيرها أن صاحبته سوف تعم األفراح حياتها وتتزوج‬

‫برجل صالح يسعدها ويكرمها ويكون نعم الزوج لها‬

‫إستبشرت ميس خيرا حامدة هللا في سرها أن تفسيرها جيد‬

‫وليس بسوء‪..‬‬

‫‪515‬‬
‫ضربتها ليلى بكوعها مورددة بشقاوتها األنثوية‪ :‬يبدو أن‬

‫تفسيرها تحقق بسرعة‪..‬فواضح أن الزوج المقصود هو‬

‫نزار بحد ذاته ‪...‬أظن أن أيام السعادة والدالل تنتظرك رفقته‬

‫يا ميوسة‬

‫عضت األخرى شفتها خجال داعية هللا أن يسرع بقدوم هذه‬

‫األيام ‪،‬فهي حقا بحاجة لجبر الخاطر بعد اليتم والعزل الذي‬

‫عاشته‪..‬‬

‫فأردفت بهدوء شاكرة إياهما بصدق‪ :‬في الحقيقة ال أعرف‬

‫كيف سأشكرك يا خالة أنت والعم خليل حقا بارك هللا فيكم‬

‫وجزاكم كل خير‪...‬جميلكم هاذا دين في رقبتي سأضل مدينة‬

‫لكما طوال عمري‬

‫‪516‬‬
‫النت مالمح صفا عاتبة اياها‪ :‬ما هاذا الكالم اآلن يا ميس‬

‫أخبرناك أنك مثل ليلى إبنتي ‪...‬يشهد هللا أن مقامك كبير‬

‫عندنا لهاذا من فضلك ال تحرجيننا بالشكر‬

‫‪-‬ييعع وصلة درامية مملة حقا‬

‫غمغمت ليلى بضجر قالبة عينيها عليهما ‪..‬تجاهلتها ميس‬

‫مردفة ‪ :‬بخصوص ما أحضروه يا خالة أعطي بعض من‬

‫علب الشكوالطة تلك لزوجة عمي وبناتها والباقي لكم‬

‫وإفعلي نفس الشيئ مع باقي االشياء‬

‫‪ -‬ال يا بنيتي هذه األشياء أحضرت لك أنت ألنك‬

‫المقصودة‪...‬خذيها معك لبيتك وتمتعي بها بنيتي‬

‫‪517‬‬
‫تحدثت صفا موجهة كلماتها لميس‪..‬لتنفي األخرى بلطف‪:‬‬

‫من فضلك يا خالة ال تحرجيني فأنتم تكفلتم بكل شيئ رجاءا‬

‫ال ترفضي ‪...‬‬

‫تنهدت األخيرة مومئة لها إيجابا ‪..‬فعقدت ليلى حاجبيها‬

‫مستفهمة‪ :‬ولماذا قد ترسلي بعضها لزوجة عمك العقرب‬

‫تلك وبناتها الحمقاوات‪..‬‬

‫ناظرتها والدتها بعتاب ‪..‬فإبتسمت ميس بهدوء مرددة‪:‬‬

‫البئس يا ليلى سأعتبرها صدقة لوجه هللا كي يسعدني هللا‬

‫في زواجي القادم ‪...‬‬

‫‪ -‬هناك الكثير من الفقراء صدقي عليهم بدل تلك الحرباء‬

‫وبناتها‬

‫‪518‬‬
‫هتفت ليلى بسخط‪،‬فضربت والدتها كفيها ببعضهما البعض‬

‫محولقة على حديثها إبنتها المستفز حقا‪ :‬ال حول وال قوة إال‬

‫باهلل ‪...‬يا ليلى توقفي عن هاذا الكالم يا بنيتي إعقلي قليال‬

‫قهقهت ميس على مالمح ليلى الحانقة فأردفت بلطف‪ :‬ال‬

‫بئس يا خالة‪..‬تعرفين ليلى كل ما بقلبها تترجمه عبر‬

‫كلماتها الحانقة ‪..‬‬

‫ناظرت صديقتها بعدها مهمهمة‪ :‬حسنا يا ليلي أظن أن‬

‫االقربون أولى بالمعروف‬

‫‪ -‬قلت لك من قبل يا ميس مثاليتك مقززة حقا‬

‫تضجرت ليلى هاتفة بحنق عليها ‪..‬فقرصتها األخيرة بحب‬

‫متذكرة أن ليلى كانت تحمل همها طوال الوقت مثل صديقتها‬

‫‪519‬‬
‫سحر التي لم تكف عن اإلتصال بها منذ أن علمت أنها‬

‫وافقت بل شجعتها كثيرا مباركة متمنية لها السعادة وأن‬

‫يجبر هللا تعالى خاطرها فأردفت مشاكسة اياها‪ :‬أحبك حقا يا‬

‫ليلو‬

‫ناظرتها األخرى بتوجس مستفهمة منها‪ :‬إختصري سخافتك‬

‫واأخبريني ماذا تريدين يا فتاة؟‬

‫ضحكت ميس بشدة متحدثة من بين أنفاسها‪ :‬أقسم لك ال‬

‫شيئ ‪،‬فقط أشكر هللا أنك أنت وسحر كنتما بجواري طوال‬

‫الوقت ودعمتماني‬

‫‪520‬‬
‫حركت األخيرة كتفيها بزهو مرجعة شعرها للخلف مغمغمة‪:‬‬

‫طبعا نحن األفضل ‪..‬‬

‫قلبت األخيرة عينيها عليها وعلى غرورها الالمتناهي‬

‫‪521‬‬
‫• الفصل الثامن •‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫" الذي ال يقاسمك وحدتك ‪ ،‬حزنك ‪ ،‬حتى ألمك ؛ ال تأخذه‬

‫على محمل الحب "🍂‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪522‬‬
‫•♡ بعد أيام ♡•‬

‫تأملت ليلى الفستان بإنبهار شديد فقد كان ذا لون أخضر‬

‫بدون أكمام ويتدرج بإتساعه من الخصر حتى األسفل ‪..‬كان‬

‫مصمما بطريقة عصرية جميلة وواضح جدا أنه من أفخم‬

‫المحالت ‪..‬غمغمت بأعجاب صريح‪ :‬تبا ‪...‬هاذا أجمل فستان‬

‫رأيته يا ميس مبهر حقا‬

‫تألألت عيني األخيرة مبتسمة بسعادة ‪ :‬نعم وأنا أيضا‬

‫أحببته كثيرا‪...‬أنظري إلى باقي الهدايا هي ال تقل روعة عن‬

‫عنه‬

‫‪523‬‬
‫فتحت صديقتها إحدى العلب المخملية ليترائى طقم من‬

‫الذهب األبيض‪ ،‬كانت قالدة بسيطة وناعمة بآخرها فراشة‬

‫صغيرة مع سوار و حلقين يتماثالن في نعومته‬

‫فغرت فاهها هامسة بحب ‪ :‬هاذا الطقم رائع حقا ‪...‬هل هو‬

‫من الذهب يا ميس؟؟‬

‫أومئت لها االخيرة إيجابا مجيبة إياها بهدوء‪ :‬نعم هو‬

‫كذلك‪...‬أخبرتني سحر أنه ذهب‬

‫قهقهت ليلى بفرح مصفقة بيدها هاتفة‪ :‬سحر رائعة حقا‬

‫‪...‬أرسلت لك كل هذه الهدايا بما أن غدا خطبتك‪...‬يا إلهي‬

‫لقد إزددت حبا لها‬

‫‪524‬‬
‫تنهدت ميس بهدوء والسعادة تغمرها ألنها ليست وحيدة‪،‬‬

‫فعائلة ليلى إحتوتها حقا وسحر ضلت تتصل بها وتدعمها‬

‫معنويا ‪،‬وقد إصرت عليها أن ترسل لها الفستان‬

‫والمجوهرات لها لكي ال تشغل نفسها بالتجهيزات‪...‬وجهت‬

‫نظرها لمختلف العلب الموضوعة بغرفة ليلى من عطور‬

‫وماكياج وإكسسوارات وغيرها حامدة هللا أن لها إخوة‬

‫يساندونها في كل موقف دون أن يبخلوا عليها سواء ماديا‬

‫أو معنويا ‪..‬‬

‫فهتفت بإمتنان‪ :‬دين سحر يزداد مرة بعد أخرى ال أعرف‬

‫حقا كيف أكافئها على كل أفضالها علي‪..‬‬

‫‪525‬‬
‫تململت ليلى مرددة بحنق‪ :‬باهلل عليك يا ميس ال تثيري‬

‫إستفزازي وإتركي خطبتك تمر على خير‪..‬سحر صديقتنا أين‬

‫اإلشكال إن أرادت دعمك والوقوف معك لهاذا ال تكثري من‬

‫الموشحات الدرامية ألنها تغضبني‬

‫ضحكت ميس على ضجرها مغمغمة‪ :‬أظن أن هناك بعض‬

‫المستلزمات لك أنت أيضا وللخالة صفا ‪...‬أوصتني سحر‬

‫بها لكم‬

‫توسعت عيني األخيرة بحماس طفولي مستفسرة‪ :‬حقا أين؟‬

‫هزت األخيرة كتفيها مهمهمة‪ :‬لست متأكدة فقد أرسلت‬

‫الكثير من العلب والهدايا المختلفة ‪..‬إبحثي عنها بينهم فقط‬

‫‪526‬‬
‫هجمت األخرى تفتح مختلف العلب واألكياس لتنبهر بالهدية‬

‫ألخرى‪ ،‬فقهقهت عليها ميس مشاركة إياها اإلعجاب فقد‬

‫كان كل شيئ فخم و ثمنه مرتفع جدا‪..‬أردفت ليلى بإنبهار‬

‫على إحدى العباءات والتي كانت بلون النيلي ومطرزة‬

‫بالفضي الالمع ‪ :‬هذه العباءة واااو رائعة حقا‪...‬أظنها ألمي‬

‫فنحن فتيات ال نرتديها‬

‫شاركتها ميس اإلعجاب هاتفة ‪ :‬جميلة حقا ‪...‬تناسب الخالة‬

‫صفا‬

‫صرخت ليلى تنادي على والدتها ‪..‬لتهرع األخيرة ماسحة‬

‫كفيها بمنديل مردفة‪ :‬لماذا تصرخين يا ليلى ‪...‬ما األمر؟‬

‫قهقهت ليلى بخفة مجيبة إياها‪ :‬أنظري هذه العباءة المطرزة‬

‫أرسلتها لك سحر مع بعض الهدايا األخرى‬

‫‪527‬‬
‫النت مالح السيدة صفا مقتربة منهما معجبة بالمستلزمات‬

‫الموضوعة أمامها مرددة‪ :‬بارك هللا فيها‪...‬سحر كعادتها‬

‫الزالت نقية وذات قلب مهتم بمن حولها وطيبة‪...‬حفظها هللا‬

‫لوالديها ‪..‬لماذا أتعبت نفسها اهكذا؟‬

‫‪ -‬صدقيني يا خالة رفضت أن ترسل لي كل هاذا إال أنها‬

‫أقسمت علي بل هددتني أنني إن رفضتها ستقاطعني‬

‫لألبد ‪..‬تعرفينها عنيدة جدا‪..‬فما كان مني إال الموافقة‬

‫كي ال أجرحها‬

‫تحدثت ميس بلطف ‪..‬فإبتسمت صفا بحب مغمغمة‪ :‬ال عليك‬

‫بنيتي من حق سحر أن تشعر أنها تساندك لهاذا إقبلي‬

‫‪528‬‬
‫هداياها وال تشعريها برفضك أبدا‪..‬مثلما هي تجبر خاطرك‬

‫بمواقفها إجبري أنت خاطرها بموافقتك‬

‫أومئت لها األخيرة بصمت‪..‬فإتخذت صفا مجلسا بقربها‬

‫مستفهمة منها بهدوء‪ :‬ميس هل كلمك عمك بخصوص‬

‫عودتك لبيته؟‬

‫رفعت ميس رأسها لها هاتفة‪ :‬نعم قبل أيام حدثني وطلب‬

‫مني العودة للبيت وأخبرني أنه سيعطيني غرفة نومه‬

‫الخاصة‬

‫‪ -‬وأنت ماذا قررت؟؟‬

‫‪529‬‬
‫سألتها صفا بلطف‪..‬فزفرت ميس مجيبة إياها‪ :‬في الحقيقة‬

‫يا خالة رفضت‪..‬ال أريد العودة لبيته وال أريد أن يزيل ذلك‬

‫الجدار من األساس‪..‬‬

‫قطبت ليلى جبينها بإستغراب هاتفة‪ :‬ولماذا يا ميس‪..‬هل‬

‫تعجبك تلك الغرفة؟؟‬

‫أومئت لها ميس إيجابا متحدثة‪ :‬ربما تستغربان ‪..‬لكنني حقا‬

‫أجد راحتي بها منعزلة لوحدي دون ضوضاء أو كلمات‬

‫مزعجة أرشق بها ‪...‬أمارس هوايتي بهدوء دون‬

‫تطفل‪...‬هكذا أفضل صراحة‪..‬باإلضافة سأتزوج قريبا لهاذا‬

‫ال داعي لسكن معهم من جديد‬

‫‪530‬‬
‫تحدثت صفا بخفوت بعدها‪ :‬لكن موضوع قد يكون خطرا‬

‫عليك يا ميس‪..‬تعلمين قد يزعجك بعض قليلي الشرف‪...‬في‬

‫الحقيقة نحن غير مطمئنين عليك‬

‫تبسمت لها ميس مطمئنة اياها‪ :‬ال تقلقي يا خالة تعلمين ان‬

‫حينا آمن‪..‬إطمئني سأكون بخير بإذن هللا ‪..‬ال تكوني مثل‬

‫سحر فقد طلبت مني العيش معها تلك المجنونة‬

‫قهقهت آخر حديثها لتشاركها صفا الضحك مغمغمة بحسنا‬

‫‪،‬مستقيمة من مجلسها عائدة لمطبخها تتابع طبخها هناك‬

‫ناظرتها ليلى بمكر مستفهمة منها‪ :‬سأتزوج قريبا هاه؟؟؟‬

‫ومن قال لك ذلك حسب علمي لم يحددو موعدا لذلك‪...‬أو‬

‫أنك أنت من ستخبريهم بأن يسرعوا في الزواج‬

‫‪531‬‬
‫هزت األخيرة كتفيها مغمغمة‪ :‬ريم أخبرتني ذلك‪..‬فغالبا لن‬

‫تتجاوز فترة الخطوبة ستة أشهر‬

‫أومئت لها ليلى مستفهمة منها‪ :‬وأنت ما رأيك هل ستة‬

‫أشهر كافية لك لتجهيز نفسك ؟‬

‫تنهدت ميس بخفوت مجيبة إياها‪ :‬أظن ذلك‪ ،‬فطبعا لن آخذ‬

‫معي إال الضروريات‬

‫قهقهت ليلى غامزة لها مردفة‪ :‬يبدو أن أحدهم مستعجل جدا‬

‫على الزواج‪...‬أو باألحرى متشوق لنوم بين ذراعي حبيب‬

‫القلب‬

‫‪532‬‬
‫توترت ميس مبتلعة ريقها هامسة بخجل‪ :‬توقفي يا ليلى‬

‫أنت تربكينني‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪ -‬كيف أبدو؟؟‬

‫إستفهم نزار بتوتر جلي من أخته التي كانت معه‬

‫بغرفته‪..‬لتكتم ريم ضحكتها على إرتباكه فنادرا ما كانت تراه‬

‫هكذا‪ ،‬فطوال الوقت كان واثقا من نفسه وغير مبالي برأي‬

‫الغير لكن بعد ظهور ميس أصبح مرتبكا دوما كأنه طفل‬

‫صغير يتعلم خطوات المشي األولى‪...‬تصنعت الجدية متأملة‬

‫إياه بقميصه األبيض الناصع الذي يحد جسده العضلي‬

‫‪533‬‬
‫الرياضي وجينز أسود بساعته الفخمة السوداء بمعصمه‬

‫األيسر وشعره المصصف بعناية مع لحيته المشذبة بدى في‬

‫غاية الوسامة حقا ‪..‬أخيها فخرها وعزوتها‪..‬هتفت محاولة‬

‫إرباكه أكثر‪ :‬ال بئس بك‪...‬لكن ال أظن أنك قد تعجب ميس‬

‫تبدو وكأنك كهل بهاذا القميص‬

‫طرف بجفنه عدة مرات متفاجئا ليزداد توتره أكثر دالكا‬

‫جبينه بحيرة متسائال‪ :‬حقا هل أبدو كذلك ؟؟ هل علي أن‬

‫أغير القميص اذا بآخر ذا اللون األسود أو الرمادي الداكن‬

‫أفضل؟ ؟‬

‫تبسمت ريم بلين مشفقة عليه من حيرته لتقترب منه اكثر‬

‫حاضنة إياه بقوة مردفة بإعجاب شديد‪ :‬أمزح أخي حبيبي‬

‫‪534‬‬
‫بل تبدو ساحرا كعادتك‪...‬خاصة مع عطرك الجديد هاذا أؤكد‬

‫لك أن ميس سيغمى عليه من قوة جاذبيتك‬

‫إبتسم األخير بحنو على شقيته الصغيرة فبادلها الحضن‬

‫مقبال أعلى رأسها ‪...‬دلفت والدته غرفته بعباءتها الفاخرة‬

‫الباجية المطرزة باللون الذهبي على مختلف جوانبها‬

‫فأعطتها طابع الرقي والفخامة مغمغمة ‪ :‬بني هل‬

‫نتحرك‪..‬؟؟‬

‫أومئ لها نزار هاتفا‪ :‬نعم يا غالية أظن أن الوقت قد حان‬

‫إستفهمت ريم التي كانت بثوبها السكري الذي يحد قدها‬

‫الرشيق ذو كمين طويلين لحد المرفق بياقته المرتفعة لرقبة‬

‫مع وشاح يماثله اللون ‪ :‬أخي هل أحضرت الخاتم معك؟؟‬

‫‪535‬‬
‫تلمس جيوبه عاقدا حاجبيه مستفهما‪ :‬يا إلهي أين وضعته‬

‫لقد رأيته منذ دقائق فقط‬

‫توسعت عيني والدته ضاربة صدرها بهلع مرددة‪ :‬هل‬

‫أضعت الخاتم يا نزار؟‬

‫تبسمت ريم بخفة هازة رأسها على تشتت أخيها بسبب‬

‫خطبته هاتفة‪ :‬أتقصد هاذا؟‬

‫أخرجت علبة صغيرة مخملية بلونها األزرق الداكن من‬

‫حقيبتها ذات اللون الفضي‬

‫‪536‬‬
‫تنهدت والدته براحة‪ ،‬ونزار الذي ضربها على رأسها بخفة‬

‫هادرا بها‪ :‬سحقا لك يا ريم سقط قلبي حقا ‪...‬ظننت أنني‬

‫أضعته وقد تأخر الوقت ألشتري آخر يكون مناسبا‬

‫قلبت األخيرة عينيها هاتفة بضجر‪ :‬أنت مرتبك كثيرا وكأنك‬

‫العروس ولست العريس‪...‬يا أخي األمر بسيط نذهب للحفلة‬

‫وتجلس مع رجال قليال لقراءة الفاتحة بحضور المأذون ثم‬

‫تدخل على ميس وتلبسها الخاتم ونعلنها خطيبتك و زوجة‬

‫لك في اآلن ذاته ‪...‬إسترخي قليال كي ال تحرج نفسك‬

‫تحرك مغادرا الغرفة هامسا‪ :‬أتركي محاضرتك لك وتحركي‬

‫تأففت ريم ضاربة األرض بكعب حذائها الفضي اللون بحنق‬

‫هاتفة‪ :‬ممل أنت يا نزار‬

‫‪537‬‬
‫فلحقته مع والدته التي قطعت اإلمل من مشاكسة ابنتها‬

‫للجميع طوال الوقت‪...‬‬

‫نادت األخيرة عليهم نازلة الدرج خلفهم‪ :‬أمي هل جهزتم كل‬

‫شيئ ؟؟‬

‫أجابتها والدتها بهدوء مواصلة النزول‪ :‬نعم ال تقلقي‬

‫‪...‬أطباق الحلويات أرسلت مع عامل المحل المتفق معه‪..‬أما‬

‫باقي الهدايا سنأخذها معنا أفضل‬

‫تنهدت األخيرة بشوق لتردف بحماس شديد بعدها‪ :‬يا إلهي‬

‫كم أنا متشوقة لرؤية ميس إشتقت لها حقا تلك الفتاة‬

‫‪538‬‬
‫‪ -‬على أساس أنك لم تكلميها طوال الفترة الماضية‪...‬أنت‬

‫تتصلين بها صباحا ومساءا يا ريم ‪،‬أكيد الفتاة ملت‬

‫منك‬

‫تحدثت والدتها بعتاب موجه إلبنتها التي تضل تتصل بميس‬

‫كل وقت ‪..‬لتزفر األخرى هاتفة بحنق ‪ :‬يا أمي ميس ال‬

‫تنزعج مني أبدا هي تحبني وتحب صحبتي كثيرا ‪...‬وأيضا‬

‫أشعر بالملل وال أحد لي غيرها صديقة وإن إستفززت أخي‬

‫قليال تعاتبينني بأن أكف عن ذلك‪...‬إذا ما الحل؟ هل أكلم‬

‫الجدران مثال‬

‫تجاهلتها والدتها معدلة وشاحها الباجي فال رغبة لها في‬

‫النقاش مع ريم ألنها تعرف لسانها الطويل الذي سيغلبها‬

‫‪539‬‬
‫‪..‬لكنها تحمد هلل أن صغيرتها وجدت صديقة مثل ميس‬

‫تأنسها وتتوافق معها كليا متمنية من هللا أن يديم التفاهم‬

‫والمحبة بينهما‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫جالسة على كرسيها أمام طاولة التسريحة تتأمل مالمح‬

‫وجهها البهي والذي زادته لمسات التجميل رغم بساطتها‬

‫جماال ‪..‬مرتبكة وخفق قلبها الهادر يزيد األمر‬

‫سوءا‪..‬وضعت كفها أيسر صدرها مسدلة جفنيها هامسة‬

‫لنفسها ألهذه الدرجة أنت مشتاق له يا قلبي ‪..‬تبسمت‬

‫ساهمة في ومضات من جلستها معه قبل أسبوعين كل شيئ‬

‫فيه مثالي يدعوها لحبه أكثر والتعلق به أعمق‪..‬بسمته‬

‫‪540‬‬
‫الحانية وخلقه الرفيع ودينه الواضح ورجولته الفذة تجد‬

‫نفسها أمامه تغرق به يوما بعد آخر‪..‬نظرت لنفسها فقد‬

‫إرتدت الفستان األخضر الفخم ‪،‬عاري الكتفين الذي أرسلته‬

‫لها سحر مع قالدة ذهبية بسيطة ببريق جوهرتها التي‬

‫ماثلت لون عينيها الخضراء‪ ..‬حيث سرحت شعرها بطريقة‬

‫ناعمة ككعكة بسيطة أعلى رأسها ولم تكثر من المساحيق‬

‫فقد إستخدمت حمرة خفيفة على خديها مع ضالل العيون‬

‫البسيط والتي تالئمت مع زبرجد مقلتيها والكحل األسود‬

‫أضاف رونقا خاصا وجاذبية لعينيها‪ ،‬ءما شفافها فقد جعلت‬

‫الحمرة الفاقعة تعتليهم‬

‫طرقات على الباب تدق بغرفة صديقتها ليلى هذه األخيرة‬

‫التي أصرت أن تتجهز بها وتستعملها بأريحية فقد طلب‬

‫‪541‬‬
‫منها عمها أن تقيم الخطبة ببيته إال أنها رفضت ذلك‪،‬‬

‫صحيح خيبت ظنه إال أنها ال تستسيغ فكرة إقامتها هناك‬

‫فهي لن ترتاح فيه وال ضيوفها ‪،‬فزوجته وبناته سيعاملون‬

‫الجميع بجفاء وهي األدرى بطباعهن‪..‬تنهدت بخفوت‬

‫مغمغمة‪ :‬تفضلي‬

‫فتح الباب وأطلت ليلى برأسها بضحكتها التي تصدح بكل‬

‫الغرفة هاتفة‪ :‬ميوسة حبيبتي إحزري من الذي أتى توا؟‬

‫قطبت األخيرة حاجبيها بإستغراب مرددة‪ :‬من؟ ؟‬

‫فتح الباب أكثر لتظهر من خلفه صديقتها سحر وأختها‬

‫الصغرى شهد‪...‬إتسعت عينيها وعمت الفرحة تقاسيم‬

‫وجهها الجميل لتصرخ‪ :‬سحر هذه أنت؟‬

‫‪542‬‬
‫إستقامت بسرعة متجهة بخطوات متعثرة نحوها فقهقهت‬

‫األخرى عليها تدنو منها حاضنة إياها بقوة‪...‬بادلتها ميس‬

‫مردفة‪ :‬يا إلهي يا سحر إشتقت لك حقا ‪...‬‬

‫تبسمت األخرى بحنو ماسحة على ظهرها بكف يدها متحدثة‬

‫بحب‪ :‬وأنا أيضا يا ميس ‪...‬هللا يشهد كم إشتقت لحضنك‬

‫حبيبتي‬

‫بعد لحظات إبتعدتا عن بعض فكوبت سحر وجنتي ميس‬

‫متأملة محياها مغمغمة بعدها‪ :‬ما شاء هللا‪ ،‬ما كل هاذا‬

‫الجمال يا ميمي تبدين في غاية البهاء حقا‪...‬‬

‫توردت وجنتي األخيرة مردفة بخجل‪ :‬كل هاذا بفضلك بعد‬

‫هللا طبعا يا سحر ‪..‬ال أعرف كيف أشكرك بعد المستلزمات‬

‫التي أرسلتها ‪،‬حقا لم أتعب نفسي في شيئ‬

‫‪543‬‬
‫قهقهت سحر بخفة محتوية كفها بين كفيها وقد النت‬

‫مالمحها الرقيقة‪ :‬ميس أنت اختي وال شكر بيننا ‪..‬ولم أكن‬

‫يوما ألتركك وحدك عاهدتك قبال أنني سأضل في ظهرك‬

‫دوما لهاذا رجاءا توقفي عن الشكر‪...‬صدقا تكفيني دراما‬

‫التي تحدثها أختي شهد‬

‫‪-‬إحم أحم أنا هنا إن كنتم نسيتم ذلك؟‬

‫تحدثت شهد بضجر ‪..‬فضحكت ميس على ظرافتها فهي‬

‫تشبه ريم كثيرا في مرحها وخفة ضلها‪ ،‬لتقترب منها هي‬

‫األخرى حاضنة إياها مقبلة وجنتها مرحبة بها‪ :‬شهودة‬

‫حبيبة القلب أهال بك‬

‫تبسمت شهد بلطف مرددة‪ :‬إشتقنا لك حقا ميوسة‬

‫‪544‬‬
‫أصدرت األخيرة صوتا لطيفا قارصة وجنتها بخفة مردفة‪ :‬يا‬

‫شهدي اللطيف ‪ ،‬أتعرفين أن ريم أخت نزار تشبهك كثيرا‬

‫أؤكد لك عندما تتقابالن ستتفقان بسرعة‬

‫هزت سحر رأسها مغمغمة بسخط‪ :‬ال تقولي فقط هي‬

‫األخرى لديها هوس بالمسلسالت مثل شهد‬

‫كتفت األخيرة ذراعيها على صدرها بحنق طفولي هاتفة‪:‬‬

‫سحر أنت تجرحينني هكذا‪...‬كلها ست مسلسالت التي‬

‫أشاهدها ال تبالغي‬

‫ضربتها ليلى على ظهرها مستفزة إياها‪ :‬متأكدة ليس أكثر‬

‫يا شوشو؟‬

‫‪545‬‬
‫قهقهت األخيرة بشقاوتها الظريفة‪ :‬ربما أكثر قليال فقط‬

‫‪..‬عشرة ال غير‬

‫ضحكت الفتيات على الموقف فتحدثت ليلى مستفهمة من‬

‫شهد‪ :‬بالمناسبة من الذي أحضركم لهنا هل هو ذلك‬

‫الوسيم؟‬

‫عقدت شهد حاجبيها مغمغمة بإستغراب‪ :‬من تقصدين‬

‫بالضبط؟‬

‫غمزت لها ليلى بمكر هاتفة‪ :‬ذلك الشاب الذي حضر مع‬

‫سحر ألخذك معهم لبيتهم‪..‬شقيقها األوسط أظن زياد إسمه‬

‫توردت وجنتي شهد مومئة بإيجاب مختصر‪ :‬نعم هو من‬

‫أحضرنا توا‬

‫‪546‬‬
‫ضحكت ليلى بخفة ضاربة إياها بكوعها‪ :‬يا فتاة عليك‬

‫التحرك فورا كي ال تضيع كتلة الوسامة تلك من بين يديك‬

‫قطبت شهد جبينها متسائلة بجهل‪ :‬لم أفهم ماذا تقصدين يا‬

‫ليلى؟‬

‫تأففت األخيرة بضجر هاتفة بسخط‪ :‬لماذا وال واحدة بينكن‬

‫لديها قليل من الذكاء ‪..‬قصدي يا ذكية قومي بصيده فهو‬

‫يبدو عريس مثالي لك‬

‫توترت شهد فتهادى لها صوت سحر الحاد والحازم‪ :‬ليلى‬

‫توقفي عن وقاحتك هذه‪..‬‬

‫ضيقت األخيرة عينيها بمكر واضعة كفها على خصرها‬

‫هاتفة‪ :‬ما خطبك يا أنسة سحر‪..‬فقط أنا أنصح أختك هذه‬

‫على الظفر بمن يناسبها من طبقتكم المخملية ما شاء هللا‬

‫‪547‬‬
‫رفعت سحر حاجبها متحدثة‪ :‬حقا؟؟ ال تدخلي لعقلها تلك‬

‫السخافات هي لديها دراستها تهتم بها فقط‪...‬وإذهبي‬

‫أحضري لي كأس ماء فأنا عطشة‬

‫زفرت األخيرة بملل متحركة بخطوات حانقة تتمتم‪ :‬سأضع‬

‫لك السم فيه‬

‫‪-‬بالمناسبة لقد سمعتك‬

‫تحدثت سحر من بعدها ضاحكة على حنقها بخفة‬

‫تابعت حديثها نحو ميس بإبتسامتها العذبة‪ :‬أنت واثقة من‬

‫قرارك يا ميس أليس كذلك؟‬

‫أومئت لها األخرى إيجابا مع تورد وجنتيها كأنهما حبتي‬

‫تفاح ناضج ‪..‬النت مالمح سحر بدفئ عم ثنايا قلبها سعيدة‬

‫أن صديقتها وجدت نصفها اآلخر و قطعة كيانها المفقودة‬

‫‪548‬‬
‫التي ستسكن لها روحها‪ ،‬رفعت كفها محتوية وجنتها‬

‫الناعمة هامسة‪ :‬حقا سعيدة لك يا ميس ‪..‬الحمد هلل إستجاب‬

‫هللا لدعائي وأكرمك برجل تقي وصالح عساه يكون لك سندا‬

‫قويا تركنين له دوما‪..‬وأنا التي تسائلت سبب بريق عينيك‬

‫هاذا ‪،‬يبدو أن الحب طرق باب أحداهن‬

‫قهقهت شهد بخفة قارصة خد ميس هاتفة‪ :‬أووه هناك من‬

‫وقعت ألحد ما ‪..‬من هي يا ترى؟‬

‫إرتبكت األخيرة أكثر وإزداد خفقان قلبها مشتتة نظرها بعيدا‬

‫عنهم من فرط الخجل عاتبة عليهم‪ :‬باهلل عليكما توقفا‪...‬أال‬

‫تكفيني شقاوة ريم وليلى التي تجنناني طوال الوقت‬

‫‪549‬‬
‫حضنت سحر كفي ميس مشجعة إياها‪ :‬كما قلت سابقا لك يا‬

‫ميس أنا هنا دوما وفي أي وقت ال تتحرجي مني أبدا‬

‫‪..‬سأكون أختك وصديقتك ورفيقتك كما عهدتني سابقا لهاذا‬

‫رجاءا ال تترددي في طلب مساعدتي أي كانت حبيبتي‪،‬‬

‫حسنا‬

‫أومئت لها األخيرة بحب جلي وقد رقت مالمحها حامدة هللا‬

‫في سرها أنه رزقها خير صحبة تؤنسها وتخفف عنها‬

‫مصاعب الحياة هامسة‪ :‬أعرف يا سحر‪ ،‬كنت وال زلت خير‬

‫صديقة لي ال أعرف حقا كيف أشكرك على ما أرسلته لي‬

‫من هدايا وتجهيزات حفظك هللا أنت وعائلتك ‪...‬بوركتم حقا‬

‫‪550‬‬
‫مسحت األخيرة على ذراعها بعطف ‪..‬قاطعتهم دخول ليلى‬

‫بحماس شديد حاملة كأس الماء مقدمة إياه لسحر التي‬

‫إرتشفت منه ‪...‬هاتفة‪ :‬ميوووسة لقد أتي نزار وعائلته ‪..‬‬

‫إبتلعت ميس ماء حلقها مرتبكة‪ ،‬مستفهمة بتوتر وخجل‬

‫شديد‪ :‬حقا؟؟‬

‫غمزت لها ليلى بمكر أنثوي جذاب مرددة‪ :‬نعم ‪ ،‬عليك أن‬

‫تريه كان في غاية الوسامة حقا‪...‬وحسب علمي أحضر‬

‫خاله معه وبعض األفراد القليلين من أقاربه و قد دلف‬

‫لصالة الخارجية أما ريم ووالدتها فإصطحبتهم أمي لغرفة‬

‫المعيشة الداخلية‪...‬واألهم عليك أن تري الهدايا التي‬

‫أحضروها مبهرة حقا‪...‬ما شاء هللا ال يقصرون أبدا‬

‫‪551‬‬
‫‪ -‬هل أحضروا معهم المأذون يا ليلى؟؟‬

‫إستفسرت منها شهد ‪..‬نفت ليلى مجيبة إياها‪ :‬ال المأذون‬

‫أحضره والدي وهو إمام حينا و قريب منا ‪..‬‬

‫قهقهت شهد بخفة موجهة نظراتها المشاكسة نحو ميس‬

‫المتوترة مسبقا‪ :‬يبدو أن هناك من ستتزوج اليوم‬

‫شاركتها ليلى الضحك غامزة لشهد بمكر‪ :‬أكيد نزار هاذا‬

‫ذكي حقا‪...‬يريد الظفر بقبلة او إثنيتين لكن ضمن ايطار‬

‫الحالل طبعا‬

‫لتنفجرا ضحكا على مالمح ميس المتوردة والتي تصاعد‬

‫هدير قلبها كأنه سيخرج من قصفها الصدري ‪..‬فأجلستها‬

‫‪552‬‬
‫سحر على األريكة هادرة في وجه شهد وليلى بحدة‪ :‬توقفا‬

‫عن قلة أدبكما أال ترونها مرتبكة ‪...‬لتزيدا الوضع سوءا‬

‫بسخافتكما ‪..‬‬

‫كتمت الفتاتان الضحك كي ال يغمى على ميس من فرط‬

‫الخجل والتوتر ‪..‬‬

‫تحدثت ليلى من بين أنفاسها معتذرة‪ :‬حسنا أعتذر كنت‬

‫أمزح فقط‪..‬المهم يا سحر هل ستغيرين ثيابك أو تضلين‬

‫بالحجاب‬

‫تنهدت األخرى مجيبة بهدوء‪ :‬أحضرت أنا وشهد فستانين‬

‫بسيطين سنرتديهما‬

‫أومئت لها ليلى إيجابا مغمغمة‪ :‬حسنا إذا ‪...‬أنا اآلن سأذهب‬

‫لمساعدة والدتي وأنت وشهد غيرا ثيابكما وبعد ربع ساعة‬

‫أحضرا ميس لحيث مجلس النساء‬

‫‪553‬‬
‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫بعد لحظات عديدة دلفت رفقة شهد و سحر بعد أن أصرت‬

‫ميس أن تتمسك بكفها حياءا وإرتباكا‪ ،‬هي بفستانها الفخم‬

‫وإطاللتها الراقية تخطو داخل الغرفة بخجل شديد وسط‬

‫النساء المنبهرات بها ‪،‬مقتربة من مجلسها على األريكة‬

‫المنفردة ‪،‬فإستقامت السيدة جيهان ببسمتها الحانية المعجبة‬

‫بكنتها المستقبلية فخورة أنها ستكون زوجة إبنها وشبلها‬

‫الوحيد ‪،‬دنت منها حاضنة إياها تضمها لصدرها وسط‬

‫زغاريد المدعوات ‪..‬حيث بادلتها األخيرة الحضن متشربة‬

‫من حبها الالمشروط وحنانها األمومي متمنية لو بقت هكذا‬

‫بحضنها لألبد‪..‬لتبتعد عنها جيهان بعد ثواني مقبلة جبينها‬

‫‪554‬‬
‫الندي بحب مكوبة وجنتيها بعطف مرردة‪ :‬ما شاء هللا‬

‫كعادتك بنيتي بديعة الجمال حقا‬

‫خجلت األخيرة من إطرائها وقد توردت وجنتيها فزادتها‬

‫بهاءا جذابا مغمغمة بخفوت‪ :‬شكرا يا خالة ‪..‬وحماك هللا لنا‬

‫إقتربت منها ريم بفستانها السكري تعانقها فبادلتها ميس‬

‫محيطة ظهرها بذراعيها ‪،‬فقبلتها األخرى عدة قبالت على‬

‫خدها جعلت ميس تقهقه عليها ‪،‬فأردفت ريم بحماسها‬

‫المعتاد‪ :‬حقا أنت في غاية الجمال ميوستي ‪...‬لو كنت رجال‬

‫لتزوجتك‬

‫ضربتها والدتها على ذراعها هادرة في وجهها‪ :‬إخجلي يا‬

‫ريم‬

‫‪555‬‬
‫قلبت األخيرة عينيها مرددة بملل‪ :‬أمي قلت لو كنت‬

‫رجال‪...‬لكن لألسف أنا فتاة لهاذا ال داعي لكل هاذا الحنق‬

‫هزت والدتها رأسها على تصرفات إبنتها ‪..‬فأمسكت يد‬

‫ميس متحركة معها نحو مجلسها‬

‫على األريكة ذات اللون الخوخي إتخذت مجلسا معها حاضنة‬

‫كفها بين كفيها الدافئتين ‪..‬تأملتها ميس بعبائتها الفخمة‬

‫والتي جعلتها تبدو أصغر سنا وكأنها في األربعينيات فقط‬

‫‪..‬محظوظة هي بحماة حنونة ومحبة مثلها ‪..‬جلست ريم‬

‫بقربها على الجانب اآلخر مشاكسة إياها ‪..‬‬

‫وتكفلت السيدة صفا بعبائتها الراقية وتسريحتها البسيطة‬

‫الناعمة مع ابنتها ليلى بفستانها الليلكي بطوله المتوسط‬

‫والذي كان يحد صدرها من األعلى متدرجا بإتساع من‬

‫‪556‬‬
‫خصرها لركبتها بدت جميلة حقا ‪،‬مع سحر التي أصرت على‬

‫مد يد العون لهم بتقديم الحلويات والمشروبات وأصناف‬

‫المأكوالت المختلفة والتي أثارت اعجاب الضيفات ‪..‬‬

‫إنحنت ريم نحو ميس هامسة لها بأذنها متسائلة‪ :‬ميس من‬

‫تلك النسوة‪ ،‬هناك بالجهة اليسرى من الغرفة‪..‬يبدوا عليهن‬

‫التجهم وكأنهن أكلن ضفدعا ميتا‬

‫كتمت ميس ضحكتها على تشبيهها المضحك ووجهت‬

‫نظرها إلى من تقصد بالضبط‪..‬وترائت لها زوجة عمها‬

‫وبناتها الثالثة‪..‬فزمت شفتيها مدارية خيبتها خلف بسمتها‬

‫‪،‬فهي تعلم أنهن لن يسعدن لها بما أن نزار هو خطيبها‬

‫فغالبا كن يتمنين لها زيجة سيئة أو على األقل ليست جيدة‬

‫‪557‬‬
‫‪..‬فهي أصرت على دعوتهن رغم معارضة ليلى إكراما‬

‫لعمها فقط وإحتراما لصلة الرحم تنهدت بخفوت مجيبة‬

‫إياها‪ :‬تلك زوجة عمي وبناتها يا ريم‬

‫رفعت األخيرة حاجبها بتهكم مغمغمة‪ :‬وأنا التي استغربت‬

‫جمود مالمحهن تلك‪...‬تبا لهن أكيد يشعرن بالغيرة منك ألنك‬

‫بدوت فاتنة وستزوجين أخي نزار الرائع‬

‫قهقهت ميس بخفة عليها وعلى مزاجيتها التي ما تنفك‬

‫تراودها من حين آلخر‪..‬إنحنت عليها مردفة‪ :‬ريم أنظري‬

‫الى تلك الفتاة هناك التي ترتدي الفستان الذهبي على جهتك‬

‫اليسرى‬

‫‪558‬‬
‫وجهت األخيرة بصرها حيث تشير لتالحظ فتاة شابة‬

‫بفستانها الذهبي الطويل الذي يحد جسمها الرشيق ذاك‪ ،‬مع‬

‫كمين طويلين لمرفقيها وشعرها البني ذو الطول المتوسط‬

‫بتجعيداته الجميلة وبشرتها الحنطية التي تالمئت مع‬

‫عيونها البنية تبدو في غاية الجمال والرقة حقا ‪..‬فأجابت‬

‫على ميس بهدوء‪ :‬تبدو جميلة تلك الفتاة و رقيقة ‪..‬ما بها؟‬

‫إبتسمت األخرى بحنو رابتة على ظهرها بخفة متحدثة‪ :‬تلك‬

‫هي شهد التي كلمتك عنها شقيقة سحر الصغرى‬

‫إبتسمت األخيرة ال إراديا رافعة حاجبها مقهقهة بعدها‪ :‬تلك‬

‫الشقية التي لطالما حدثتني عنها ‪...‬ال عجب أنني أحببتها‬

‫دون معرفتها‬

‫‪559‬‬
‫أومئت ميس بهدوء مرددة‪ :‬نادي عليها كي تجلس بقربك‬

‫وتعرفي عليها‪ ،‬أراهن أنك ستحبينها كثيرا ‪..‬كما تقول سحر‬

‫هي مالك بريئ وقردتها الصغيرة في اآلن ذاته‬

‫أومئت لها ريم لتنادي عليها من بعيد‪ :‬أنت‪ ..‬أنت يا شهد‬

‫تعالي هنا‬

‫إلتفتت لها المعنية باألمر فإرتبكت بخجل مستفهمة منها‪:‬‬

‫هل‪..‬هل ناديتني يا أنسة؟‬

‫قهقهت ريم على إرتباكها الظريف متحدثة ببسمتها‬

‫اللطيفة‪:‬وهل هناك من تدعى شهد هنا غيرك؟‬

‫إستقامت األخيرة مقتربة منها بهدوء مغمغمة‪:‬نعم تفضلي‬

‫‪560‬‬
‫قبضت ريم على مرفقها مجلسة إياها قربها‪ ،‬حيث صدمت‬

‫شهد على إثرها‪ ،‬فضحكت األخرى على تفاجئها هاتفة‬

‫بغمزة‪ :‬يا فتاة لما كل هاذا التوتر وكأنك في‬

‫معتقل‪...‬إسترخي قليال‪..‬حسنا إسمعيني ميس أخبرتني عنك‬

‫سابقا كثيرا لهاذا أردت التعرف عليك ‪..‬بالمناسبة أنا ريم‬

‫سميح شقيقة نزار خطيب ميس يعني هي كنتنا المستقبلية‪..‬‬

‫مدت لها يدها‪ ،‬فالنت مالمح شهد بلطف مسلمة عليها‬

‫مجيبة‪ :‬وأنا شهد إبراهيم‬

‫إنحنت األخرى عليها مهمهمة‪ :‬أجل أعرفك يا قردة‬

‫صغيرة‪...‬أليست هاذا ما تدعوك به أختك الكبرى بعد أن‬

‫سببت لها الصداع طوال الوقت‬

‫‪561‬‬
‫عقدت االخيرة ذراعيها على صدرها بحنق ظريف مرددة‪:‬‬

‫هل سمعتي سيئة لهذه الدرجة‬

‫ضربتها ريم على ذراعها بخفة مستفزة إياها‪ :‬أسوء مما‬

‫تعتقدين يا شهد‪...‬‬

‫عبست شهد بطفولية جذابة فإنحنت عليها ريم هامسة لها‪:‬‬

‫لكن أتعلمين أمرا‪...‬أخبرتني ميس أيضا أنها لم تقابل أخت‬

‫تحب أختها مثلما تحبك سحر‪..‬قالت لي أحيانا تشك أنك‬

‫إبنتها المدللة ولست أختها الصغرى‬

‫بريق خاطف مر بعيني شهد عنوانه الحب نحو أختها‬

‫قدوتها والتي كانت لها نعم األخت والرفيقة واألم وكل شيئ‬

‫في هاذا الكون‪..‬مرددة بعاطفة جياشة‪ :‬نعم هي كذلك‬

‫‪562‬‬
‫وأكثر‪..‬فليحفظها هللا لي‪ ،‬فبعد وفاة والدينا رحمهما هللا لم‬

‫يبقى لي غيرها‬

‫ترحمت ريم عليهما بخفوت‪..‬مبصرة تلك الفتاة التي تضيف‬

‫النساء والتي كانت ترتدي ثوب ناعم وراقي بلونه التوتي‬

‫الذي الئم جسدها الرشيق فقد كان بدون كمين يحد جسدها‬

‫من األعلى متدرجا بإتساعه لألسفل ببشرتها البيضاء‬

‫وعيونها العسلية ‪،‬ذات شعر بندقي طويل جدا المنساب‬

‫ألسفل ظهرها مع بسمتها الدافئة وكأنها مزيج بين األنوثة‬

‫الطاغية والبراءة المشعة كانت فاتنة حقا‪..‬إنحنت على ميس‬

‫والتي كانت تحدث والدتها مستفهمة منها ‪ :‬ميس من تلك‬

‫الفتاة ذات الثوب التوتي التي توزع الحلويات؟‬

‫‪563‬‬
‫تبسمت ميس بلطف بعد معرفتها بالمقصودة مستفزة إياها‪:‬‬

‫لماذا تسئلين عنها يا ريم ليس من عادتك السؤال عن أحد‬

‫؟؟‬

‫هزت األخيرة كتفيها متابعة تأمل الفتاة بإنبهار مجيبة‬

‫بهدوء‪ :‬ال أعرف حقا بها شيئ ما يشدني ‪..‬باإلضافة أنها‬

‫سبحان هللا جميلة حقا ‪،‬بل لم أرى بمثل جمالها‬

‫قهقهت ميس مجيبة إياها بخفوت‪ :‬نعم هي هكذا لها جاذبية‬

‫مفرطة الجميع ينجذب لها من أول لقاء ‪،‬كنا نسميها‬

‫المغناطيس سابقا‪...‬بالمناسبة إسمها سحر التي كلمتك عنها‬

‫‪،‬شقيقة شهد يا ريم‬

‫طرفت األخيرة برمشها عدة مرات متفاجئة فحسب ما‬

‫أخبرتها به ميس‪ ،‬فهي حاليا تعتبر من الطبقة البرجوازية‬

‫‪564‬‬
‫أصحاب الثراء الفاحش لتستفهم منها‪ :‬ال أقصد اإلهانة طبعا‬

‫يا ميس لكن لماذا تضيف النساء بشخصها‪...‬يعني بما أنها‬

‫تعتبر مليارديرة ال يتوقع منها أن تتعامل هكذا؟‬

‫قهقهت ميس بخفة محاولة أن ال تُفض َح بضحكتها متحدثة‬

‫من بين أنفاسها‪ :‬يا إلهي يا ريم هذه سحر !! ‪..‬إسمعي‬

‫سحر ليست تلك الشخصية المتكلفة ذات التصنع والتكبر‬

‫على خلق هللا أو التعالي عليهم‪...‬بل هي متواضعة جدا رغم‬

‫التغير الجذري الذي حدث في حياتها منذ أشهر إال أن‬

‫شخصيتها الزالت على برائتها وبساطتها ‪ ،‬فهي طوال سبع‬

‫سنوات كانت تعيش في حينا هاذا المتواضع لم نرى منها إال‬

‫خيرا‪...‬عندما تتعرفين عليها ستدركين حقا أنها مالك طيب‬

‫‪565‬‬
‫وحنون لن تقابلي أحد بمثل شخصيتها الفريدة أو قلبها‬

‫الكبير صدقيني‬

‫أومئت لها ريم متشوقة لتعرف على هذه الفتاة التي يمدحها‬

‫الجميع‬

‫إقتربت صفا من السيدة جيهان وميس متحدثة‪ :‬الحمد هلل‬

‫لقد تم اإلتفاق وقرأت الفاتحة بحضور المأذون والشهود‬

‫مبرووك عليك بعروسك ميس يا جيهان فقد أصبحت زوجته‬

‫شرعا‪ ..‬واآلن سوف يدخل نزار ليلبس لها الخاتم ‪..‬‬

‫زغردت جيهان بسعادة جلية على محياها لتشاركتها النسوة‬

‫الزغاريد ‪..‬فإرتفعت نبضات قلب ميس فرحا وترقبا لحبيب‬

‫قلبها وسيد فؤادها ‪،‬حامدة هللا بسرها أنها أصبحت زوجته‬

‫‪566‬‬
‫وملكه ‪..‬فتوردت وجنتيها بشدة وإرتفع وقع هيجان كيانها‬

‫لتسدل جفنيها دالكة كفيها ببعضهما البعض حياءا وفرحا‬

‫عم ثنايا قلبها ‪..‬حضنتها صفا مباركة لها بفرحتها الصادقة‬

‫فتتابعت األحضان من صديقاتها الواحدة تلو األخرى ‪..‬بعد‬

‫لحظات تسترت الفتيات ليدلف نزار للغرفة وكله حرج مع‬

‫جبينه المتعرق خجال فليس من عاداته أن يكون محاط بهاذا‬

‫الكم الهائل من النساء‪..‬وجهته والدته قرب ميس لترفع‬

‫رأسها وتقابلت أعينهما فتوقف العالم هنا‪..‬ليشرد بها ‪..‬هي‬

‫‪..‬صاحبة الزبرجد الساحر ‪..‬ملكته وآسرة روحه‪..‬التي خفق‬

‫القلب لها أول خفقة‪...‬ونبض لها الفؤاد المتيم مليون‬

‫نبضة‪..‬بدت جميلة‪..‬بهية‪..‬ساحرة كعادتها‪ ،‬فقط لو تعلم ماذا‬

‫يقول القلب في هواها‬

‫‪567‬‬
‫إبتلع ريقه محاوال السيطرة على نفسه كي ال ينفلت جموحه‬

‫فهي أصبحت زوجته وحالله‪..‬دنى منها يتأملها بفتنتها‬

‫المذيبة لألعصاب ‪..‬تبسمت له بحب تجلى خالل بريق‬

‫مقلتيها الجذاب ‪..‬حمحم متداركا نفسه المفضوحة مشتتا‬

‫نظره في األرض ‪..‬إقتربت والدته منه رابتة بحنو على‬

‫ذراعه مدركة إرتباك إبنها مشجعة إياه بعد أن فتحت العلبة‬

‫المخملية مقدمة إياها له كي يلبسها الطقم الذهبي‪..‬تنحنح‬

‫مادا يده للعقد حامال إياه منحنيا إلى ميس قليال ملبسا إياه‬

‫حول رقبتها الناعمة لتداعب رائحتها العطرية حواسه‬

‫فتناغش روحه الضمأة لوصالها ‪..‬حاول إغالق العقد من‬

‫الخلف إال أنه عجز فرفعت ميس عينيها الزبرجدية له‬

‫وتقابلتا في حوار صامت الهب من فرط العواطف لتزيد من‬

‫األمر سوءا ‪..‬فساعدته ريم وأغلقت له العقد خلف رقبة‬

‫ميس ‪..‬فتنفس براحة فقد أنقضته أخته حقا بسبب توتره‬

‫‪568‬‬
‫ونبضه المرتفع‪..‬فشكرها بعينيه وأومئت له األخيرة إيجابا‬

‫ببسمتها العذبة‬

‫قدمت له والدته الخاتم الذهبي والذي كان مبهرا حقا ‪..‬رفع‬

‫كفه نحو ميس مطالبا بيدها فرمشت األخيرة بخفة مقدمة له‬

‫كفها لتنطلق شرارات من يديهما على طول عامودهما‬

‫الفقري بعد تالمس كفيهما فتوردت وجنتي ميس حياءا‪،‬‬

‫حيث ألبسها الخاتم ببنصرها الرفيع محاوال تمالك زمام أمره‬

‫متأمال جمال الخاتم به‪ ،‬الذي يأكد ملكيته لها بروحها‬

‫وكيانها وجسدها أصبحت له وحده‪...‬هي مالكة قلبه الفريدة‬

‫‪..‬لم يستطع إفالت يدها مبصرا تلك الورود الجورية على‬

‫خديها فإرتفعت شفتيه الغليظة ببسمة حانية مدركا خجلها‬

‫‪569‬‬
‫اللذيذ ذاك‪ ..‬تهادى لهما صوت ليلى الماكر ‪ :‬هيا سلم على‬

‫زوجتك يا عريس‬

‫شتتت ميس أنظارها بعيدا عن عيونه المتأملة لها وقد‬

‫تراقصت الفراشات بمعدتها طربا ‪،‬غير قادرة على إبعاد‬

‫كفها من قيد يده الدافئة‪ ،‬فأبصرته ينحني لها مسلما عليها‬

‫على وجنتيها مقبال وجنتها اليمنى حيث تسارعت أنفاسها‬

‫عند شعورها بشفتيه الثخينة تالمس نعومة خدها لتنكمش‬

‫مسدلة جفنيها بقوة حياءا وشوقا وحبا ‪،‬مع تراقص أنامله‬

‫مع أناملها الرقيقة مرسال لها وعود وعهود حب‪ ،‬ليرتفع‬

‫قليال منحنيا مرة أخرى على وجنتتها اليسرى واضعا‬

‫بصمته هناك بقبلته الرقيقة التي أسرت أنفاسها بعد تسلل‬

‫عطره الفخم لحواسها ليقترب من أذنها وداعبت حرارة‬

‫أنفاسه رقبتها الناعمة هامسا بكلماته الحارقة ‪،‬تاركا‬

‫‪570‬‬
‫األخيرة يكاد يغمى عليها من فرط الخجل والنبض الهادر‬

‫لقلبها المعذب بحبه‬

‫إبتعد بعدها مبتلعا ريقه مستدركا نفسه التي غابت في عالم‬

‫جديد لم يعهده قبال مليئ بالمشاعر الجياشة واألحاسيس‬

‫المرهفة ‪..‬ليخترق اللحظة التصفيق الحار من الضيفات‬

‫والتي إرتبك أكثر على إثره‬

‫حمحم مغادرا بحرج فعمت الزغاريد مجددا بالغرفة وتوالت‬

‫التهاني والمباركات من الحاضرات‪ ،‬فإنفض الجمع بعدها‬

‫بلحظات مغادرين‪..‬وقضت ساعتان مع تبادل المشاكسات‬

‫بين الفتيات لتهتف ليلى بمشاكسة‪ :‬باهلل عليك يا ميس هيا‬

‫أخبرينا ماذا همس لك زوجك بأذنك ‪..‬هذه المرة األلف التي‬

‫أسئلك فيها وتتهربين من اإلجابة؟؟‬

‫‪571‬‬
‫توردت وجنتي األخيرة مغمغمة بخفوت مرتبك‪ :‬توقفي يا‬

‫ليلى أنت تحرجينني ‪...‬أال يكفيك أنك طلبت منه أن يسلم‬

‫علي وأخجلتنا كثيرا‬

‫قهقهت ريم مصفقة بيديها مرددة‪ :‬هاذا طبيعي يا ميس‬

‫الجميع يفعل ذلك عند قراءة الفاتحة فيسلم الخطيب على‬

‫خطيبته بإعتبارها زوجته‪ ،‬وهاذا من باب اإلحترام‬

‫والمباركة والمحبة فقط ال تخجلي كل الزيجات كانت تفعل‬

‫هاذا‬

‫ربتت شهد على ذراع ميس بحنو متحدثة بخبث شقي‬

‫يناسبها‪ :‬فقط كلها قبلتين يا ميسو لهاذا ال تخجلي هكذا‬

‫‪572‬‬
‫فإنفجرت الفتيات ضحكا لتبتسم ميس على مكرهن فتهادت‬

‫لها ومضات بتالمسها مع حبيبها تمنت لو يتوقف العالم كله‬

‫على تلك اللحظة الدافئة التي جمعتهما بلذة الموقف ‪..‬‬

‫جلست سحر معهن بعد أن أنهت عملها لتستفهم منها شهد‬

‫بهدوء‪ :‬سحر أين كنت منذ ساعة وأنت غائبة؟ ؟‬

‫تبسمت األخيرة بحنو مجيبة إياها‪ :‬فقط كنت مع الخالة صفا‬

‫أساعدها بالترتيب المطبخ وغسل األواني‬

‫تأففت ليلى بضجر مردفة‪ :‬سحر باهلل عليك أخبرتك أنني بعد‬

‫أن تغادر كل النساء سوف نرتب المطبخ وغيره‪ ،‬لماذا‬

‫تتعبين نفسك أنت ضيفة يا فتاة‬

‫‪573‬‬
‫رفعت األخرى حاجبها بسخرية متحدثة‪ :‬تريدين منا نحن‬

‫الفتيات أن نجلس نتسامر ونضحك‪ ،‬ونترك الخالة صفا‬

‫وأختك مريم وحدهما بالمطبخ بعد أن تعبتا في التجهيز‬

‫والضيافة ليرهقا أكثر مع ترتيبه !! ‪...‬أليست هذه قلة ذوق‬

‫وأنانية يا ليلى‬

‫قلبت األخيرة عينيها مجيبة بتهكم ‪ :‬أمي ال تجلس أساسا‬

‫في مكان واحد حتى ولو كان البيت كله يشع بريقا من شدة‬

‫النظافة وأنت خير من يعرفها‪...‬وأيضا باهلل عليك المطبخ لن‬

‫يهرب‪ ،‬لكن جلستنا هذه نحن الخمسة لن تتكرر كثيرا لهاذا‬

‫دعينا نستغل الفرصة قليال‪ ،‬بدال من مثاليتك الزائدة هذه‬

‫‪574‬‬
‫هزت سحر رأسها قاطعة األمل منها لتقع عينيها على تلك‬

‫الفتاة الشابة التي حسب ما سمعت تدعى ريم فإبتسمت لها‬

‫بدفئ‪ ،‬لترتبك األخرى مردفة‪ :‬مرحبا‬

‫قهقهت ميس عليها حاضنة كتفها هاتفة من بين أنفاسها‪ :‬يا‬

‫إلهي يا ريم أول مرة أراك هكذا مرتبكة‪ ،‬لطالما كنت‬

‫إجتماعية جريئة‬

‫شاركتها ليلى الضحك مستفزة ريم‪ :‬أووه اآلنسة ريم‬

‫الجريئة تبدو كقطة مبللة تحت المطر‬

‫قطبت شهد جبينها بعدم فهم مستفهمة‪ :‬ما األمر لم أفهم؟ ؟‬

‫ضحكت سحر بخفة مجيبة شقيقتها‪ :‬أنا مثلك ال علم لي‪...‬‬

‫‪575‬‬
‫فتحدثت ميس بهدوء بعد أن توقفت عن نوبة الضحك‪ :‬األمر‬

‫فقط أن ريم أرادت التعرف عليك قبال ‪،‬لكنها اآلن خجلت‬

‫منك وليست من عاداتها الخجل أو اإلرتباك فهي دوما‬

‫مندفعة وجريئة‬

‫عبست ريم بطفولية‪ ،‬لتضحك سحر بخفة وقد النت مالمحها‬

‫بحنان مرحبة بها‪ :‬أهال بك يا ريم تشرفت حقا بمعرفتك‬

‫‪..‬لقد حدثتني ميس عنك كثيرا سابقا‬

‫برقت عيني األخيرة مستفهمة منها بحماس‪ :‬هل كلمتك‬

‫عني أنا؟؟‬

‫أومئت لها االخيرة إيجابا متابعة حديثها‪ :‬نعم ومدحتك كثيرا‬

‫وسعدت ألنها وجدت فيك تلك الصديقة الطيبة وأختا‬

‫حانية‪..‬صدقا هي محظوظة بك حقا‬

‫‪576‬‬
‫توردت وجنتيها ريم خجال مغمغمة ‪:‬شكرا لك أخجلتني‬

‫حقا‪...‬وميس أحبها كثيييرا فعال هي إنسانة راقية‬

‫تبسمت لها سحر وقد عمت الفرحة ثنايا قلبها ألن صديقتها‬

‫وجدت مكانا دافئا بين عائلة خطيبها المحبة مرددة‪ :‬هي‬

‫أمانة في رقبتك إذا ‪..‬أوصيك بها خيرا يا ريم‪ ،‬فيبدو من‬

‫سمات وجهك أنك فتاة صالحة وإن أزعجتك هي‪ ،‬فقط‬

‫إتصلي بي وأعدك سآخذ حقك منها‬

‫‪-‬مشهد مبتذل حقا‬

‫هتفت بها ليلى متململة ‪..‬فضربتها ريم على ذراعها‬

‫مردفة‪:‬أنت تغارين فقط ألن ميس تحبني‬

‫‪577‬‬
‫قهقهت ريم بخفة غامزة لسحر مغمغمة‪ :‬حقا أحببتك يا‬

‫سحر أنت وأختك شهد تلك‪...‬لهاذا أعدك أن أهتم بميس‬

‫حبيبة قلبي وسآخذ رقمك من عندها إذ لم يكن لديك مانع؟‬

‫‪ -‬البئس أهال بك دوما‬

‫تحدثت سحر بلطف ‪..‬فضربتها شهد بكوعها مصطنعة‬

‫الحنق‪ :‬سحورة حبي أطلبي من ميس أن تخبرنا بماذا همس‬

‫لها خطيبها ذاك أرجووك‬

‫تحمست ليلى مصفقة بحيوية هاتفة‪ :‬نعم ذكرتني يا شهد‬

‫‪..‬هيا يا سحر أقنعيها أن تخبرنا فال أحد يقدر عليها غيرك‬

‫‪578‬‬
‫توردت وجنتي ميس خجال محركة أناملها تتالعب بفستانها‬

‫‪...‬فقهقهت ريم بشدة مغمغمة‪ :‬يا إلهي سيمتن من الفضول‬

‫تنهدت سحر عاتبة عليهن‪ :‬هاذا يسمى تطفل وليس‬

‫فضول‪...‬هي حرة في إخباركن أو ال ‪...‬ربما شيئ خاص‬

‫ومحرج يخصهما فقط توقفن عن إحراجها‬

‫تأففت ليلى بضجر ساخطة‪ :‬يا سحر نحن صديقاتها نريد أن‬

‫نعرف فقط من باب التسلية ال غير‪...‬ييععع مثاليتك تقززني‬

‫حقا‬

‫ضربتها شهد على ظهرها هادرة بها‪ :‬ال تكلمي أختي هكذا‬

‫يا مملة‬

‫‪579‬‬
‫قلبت األخيرة عينيها متململة‪ :‬تبا لكن أنتن تسببن الصداع‬

‫حقا‬

‫قهقهت الفتيات فهمست ميس بتوتر وقد تخضبت وجنتاها‬

‫بالحمرة‪ :‬في الحقيقة هو قال لي "كنت كاتم النفس وبعد أن‬

‫أصبحت ملكي وأخيرا تنهدت"‬

‫‪ -‬اوووه ما هاذا يا هاذا هل أصبح شاعر عصره أم هاذا؟‬

‫‪-‬‬

‫صفقت ليلى بإعجاب شديد ‪..‬فضحكت ريم بشدة مغمغمة من‬

‫بين أنفاسها‪ :‬سحقا منذ متى وأخي نزار يجيد الغزل هكذا‬

‫‪...‬هذه أول مرة أسمعه يقول كالما معسوال‬

‫‪580‬‬
‫غمزت لها بعدها مسترسلة في حديثها بشقاوة‪ :‬يبدو حقا‬

‫أنه هائم بك ميوسة‬

‫صفقت شهد بحيوية مرددة بحالمية‪ :‬وااو هاذا النزار‬

‫رومانسي ‪...‬أريد عريسا مثله يا إلهي‬

‫غمزت لها ليلى متحدثة بمكرها‪ :‬ميوسة حبي هل تعلمين أن‬

‫نزار إشترط أن يكون زفاف خالل ستة أشهر فقط ‪..‬يعني‬

‫أنك ستتزوجين قبلي‬

‫تبسمت سحر بلطف وقد عمتها مشاعر السعادة ألجل‬

‫صديقتها الطيبة‪..‬لتناغش شهد ميس مستفزة إياها‪:‬أوو يبدو‬

‫أن هناك شخص عاشق مستعجل على زفاف‬

‫‪581‬‬
‫فتابعت ريم بعد أن رأيت تورد وجنتي ميس وإرتباكها‬

‫الواضح مغمغمة‪ :‬أجل وهاذا الشخص هو أخي‬

‫نزار‪...‬غريب ليس من عادته العجلة‬

‫عضت ميس على شفتيها خجال مطرقة رأسها مخفية‬

‫نظراتها عنهم وعن إستفزازهن فعاتبتهم سحر مردفة بحدة‪:‬‬

‫توقفوا عن سخافتكم‪...‬دعوها وشأنها أال ترون أنها في‬

‫غاية الخجل‬

‫قهقهت ريم موافقة إياها هاتفة‪ :‬حسنا سحر معها‬

‫حق‪...‬أتركوا زوجة أخي وشأنها ‪..‬‬

‫تعالى رنين هاتف سحر فأخذته مجيبة على اإلتصال‪ :‬زياد‬

‫حبيبي أهال‬

‫‪582‬‬
‫قهقه األخير متابعا القيادة متحدثا‪ :‬سنفورتي ماذا هل‬

‫أعجبتك الحفلة لدرجة نسيانك أن لك عائلة تنتظرك‬

‫‪...‬البئس حبيبتي تستطيعين العيش معهم وهكذا أستطيع أن‬

‫أستعيد مكانتي القديمة لدى والداي‬

‫ضحكت األخيرة بخفة مردفة‪ :‬أنتم ال تستطيعون العيش‬

‫بدوني ‪..‬وأنت على رأس القائمة ال يمكنك اإلبتعاد عني‬

‫زفر اآلخر بملل متابعا تأمل الطريق أمامه هاتفا‪ :‬سنفورة‬

‫مغرورة ‪..‬أعطيت لنفسك قدرا أكبر من طولك النصف المتر‬

‫ذاك الذي تتحلين به‬

‫‪583‬‬
‫قلبت األخيرة عينيها عليه ملال مغمغمة‪ :‬لماذا إتصلت بي‬

‫إختصر؟‬

‫ضحك مجددا بقوة غير قادر على كتمانها أكثر متحدثا من‬

‫بين أنفاسه‪ :‬تبا أنت الوحيدة التي تحطم غروري وهيبتي‬

‫‪...‬إتصلت بك بعد أن أحسست أنك مشتاقة ألخيك زياد ال‬

‫غير‬

‫تململت سحر هاتفة بضجر‪ :‬زياد حبيبي إختصر قلت‬

‫تنهد األخير بخفوت هاتفا بهدوء‪ :‬حسنا إسمعي ‪،‬جائني‬

‫عمل مستعجل خارج مدينتنا وأنا في الطريق له‬

‫اآلن‪...‬لألسف ال أستطيع أن آتي لكما أنت وشهد‬

‫إلصطحابكما لهاذا سوف يأتي رعد ليقلكما بدل مني بما أنه‬

‫متفرغ اآلن‬

‫‪584‬‬
‫جمدت مالمح سحر فجأة هاتفة بحنق تحاول التحكم فيه‪ :‬ألم‬

‫تجد غير رعد بالذات‪...‬لماذا ال يأتي أدهم أو أبي البئس‬

‫بالسائق أيضا‬

‫دلك زياد جبينه مدركا أن أخته ال تتحمل رعد واآلخر نفس‬

‫الشي ‪،‬ليغمغم بهدوء موضحا لها‪ :‬أدهم مثلي خارج‬

‫المدينة‪ ،‬وأبي تركته بالشركة لمراجعة بعض المستجدات‬

‫‪...‬وال أحبذ فكرة السائق في الحقيقة كما تعرفين‪..‬وبما أن‬

‫رعد كان عائدا للبيت طلبت منه أن يمر عليك أفضل من أن‬

‫أتعب أبي ‪...‬هيا سنفورتي كلها ساعة بالطريق كوني مهذبة‬

‫زفرت األخيرة بيأس مردفة‪ :‬أمري هلل فقط‪..‬حسنا‬

‫‪585‬‬
‫قهقه عليها بخفة متحدثا بمحبة‪ :‬سنفورتي أنت وحبيبة قلب‬

‫أخيك ‪..‬ال تستفزيه كي ال يقتلك ويدفنك في مكان خالي ‪،‬‬

‫إلجمي لسانك الحاد ذاك ‪...‬كي أشتري لك عند عودتي‬

‫الحلويات التي تحبينها‬

‫هزت األخيرة رأسها على أخيها الذي لم يتوانى عن تدليلها‬

‫منذ أن عادت لهم متحدثة‪ :‬حسنا‬

‫ليردف بعدها منبها إياها‪ :‬سيأتي لك بعد عشر دقائق لهاذا‬

‫إستعدي أنت وشهد كي ال ينتظر طويال فيغضب‬

‫‪ -‬حسنا إذا ال تقلق سنتجهز اآلن‪..‬إلى اللقاء‬

‫فهمهم بعدها وداعا مغلقا المكالمة‬

‫‪586‬‬
‫إلتفتت سحر ألختها شهد مردفة‪ :‬فلنجهز أنفسنا سيأتي رعد‬

‫إلصطحابنا‬

‫توسعت عيني األخرى بهلع متلعثمة‪ :‬رعد‪...‬إبن عمك‬

‫تقصدين؟‬

‫أومئت لها سحر إيجابا متحدثة‪ :‬نعم ‪..‬زياد خارج المدينة‬

‫بعمل مستعجل وكذلك أدهم ‪...‬لهاذا سيأتي هو إلصطحابنا‬

‫بحكم أنه كان عائدا للقصر‬

‫قهقهت ليلى غامزة لسحر بمكر‪ :‬رعد سلطان إذا‪...‬ذلك‬

‫الحفيد البكر لساللة آل سلطان ‪...‬الوسيم العازب المسؤول‬

‫األول عن أعمال األسرة وشركاتها ‪..‬‬

‫‪587‬‬
‫رفعت سحر حاجبها مستفهمة بإستخفاف‪ :‬ماشاء هللا ‪..‬هل‬

‫قمت بالبحث عن عائلتي يا ليلو ‪..‬‬

‫قهقهت األخيرة متالعبة بخصالت شعرها األسود القصير‪:‬‬

‫ليس بحث يا حبي‪..‬لكنني دائما ما أتصادف بأخبار أبرز‬

‫رجال األعمال لهذه السنة‪ ،‬ومن بينهم إبن عمك ذاك‬

‫وأخويك‪ ،‬لهاذا فقط أتأمل كتلة الوسامة التي تقابلينها صباح‬

‫مساء‬

‫زفرت سحر بملل هاتفة‪ :‬ظريفة حقا‬

‫قهقهت ليلى فشاركتها كل من ميس وريم على مالمحها‬

‫المتململة والتي تزاداد جماال لتستقيم سحر متحدثة بهدوء‪:‬‬

‫سأرتدي حجابي ‪...‬هيا يا شهد وأنت كذلك أسرعي ال داعي‬

‫لكي نثير حنق رعد‬

‫‪588‬‬
‫إستقامت األخرى بسرعة مغادرة المجلس نحو الغرفة كي‬

‫ترتدي مالبسها ‪...‬فأمسكت ميس مرفق سحر مستفسرة‬

‫منها بخفوت‪ :‬سحر هل إستطاعت شهد التأقلم مع عائلتك؟‬

‫النت مالمح األخيرة رابتة على كفها بحنو مجيبة إياها‪ :‬نعم‬

‫والحمد هلل‪..‬فالجميع يدللها أولهما والداي اللذان ال يكفان‬

‫عن المبالغة في اإلهتمام بها وأخواي كذلك رغم تحفظهم‬

‫معها إال أنهما يعاملناها كأخت صغيرة لهم ‪...‬كما أنها‬

‫وجدت صحبة مسلية مع إبنة عمي منى التي تدرس معها‬

‫بنفس الجامعة ونور أيضا التي كلمتك عنها سابقا‬

‫تنهدت ميس براحة هاتفة‪ :‬الحمد هلل‪..‬سعيدة حقا أنها‬

‫تأقلمت بسرعة مع العائلة ‪..‬‬

‫‪589‬‬
‫أومئت لها األخيرة مرددة‪ :‬الحمد هلل على كل حال‪...‬أنا اآلن‬

‫سوف أغير ثيابي كي أعود للبيت‬

‫إستقامت ميس لتفعل ذلك أيضا كل من ريم وليلى فتحدثت‬

‫بلطف ومحبة خالصة‪ :‬شكرا لقدومك يا سحر ‪...‬أنت ال‬

‫تعرفين حقا كم يعني لي هاذا‪ ،‬سعيدة كثيرا أنك شاركتني‬

‫فرحتي يا صديقة ‪...‬وشكرا مجددا على كل ما أرسلته من‬

‫تجهيزات حقا أقدر ذلك ‪..‬‬

‫إبتمست سحر مكوبة وجنتيها بحنان مرددة‪ :‬باهلل عليك يا‬

‫ميس أخبرتك ألف مرة أنك أخت لي لهاذا رجاءا ال‬

‫تزعجيني بسخافة الشكر ‪...‬المهم أن أرى مقلتيك هذه تشع‬

‫سعادة وفرحا‬

‫‪590‬‬
‫حضنتها األخرى بقوة هامسة لها‪ :‬أنت حقا رائعة يا سحر‬

‫بادلتها األخيرة الحضن رابتة بحنو على ظهرها ‪...‬لتبتعدا‬

‫بعد ثواني عن بعض لتضم سحر ريم لها هي األخرى والتي‬

‫تفاجئت األخيرة بهاذا إال أنها شاركتها الحضن فتهادى لها‬

‫همس سحر‪ :‬ميس أمانة عندك يا ريم رجاءا ال تخذليني‬

‫أومئت ريم لها إيجابا متمتمة‪ :‬ال تقلقي هي بأمانتي أعدك‬

‫لن أخذلك‬

‫بعد ثواني إبتعدا عن بعض ‪..‬فزمت ليلى شفتيها بعبوس‬

‫هاتفة بحنق مصطنع‪ :‬وأنا سأضل هنا واقفة أتوسل قليال‬

‫من هذه األحضان‬

‫‪591‬‬
‫قهقهت سحر مقتربة منها قارصة وجنتها بخفة معاتبة‬

‫إياها‪ :‬حسب علمي أنك تكرهين األحضان وتتقززين من هذه‬

‫المشاعر‬

‫كتفت األخرى ذراعيها على صدرها هادرة‪ :‬أكيد مشاعركم‬

‫مثيرة للقرف ‪...‬لكنني أحب القرف طبعا‬

‫ضحكت الفتيات على جوابها الغريب فحضنتها سحر مقبلة‬

‫وجنتها برقة مرددة‪ :‬ليلو يا حبيبة القلب يا طيبة ‪...‬حقا‬

‫أحبك فأنت ال تتركين من هم بحاجتك أبدا‬

‫إبتعدتا بعدها عن بعض لتهز ليلى كتفيها بفخر أنثوي جذاب‬

‫مجيبة‪ :‬طبعا أنا كذلك ‪...‬رائعة طوال الوقت‬

‫‪592‬‬
‫قلبت األخرى عينيها على غرورها الذي ال ينتهي‬

‫أبدا‪...‬والذي في حقيقة األمر يزيدها جماال ال غير‬

‫‪593‬‬
‫• الفصل التاسع •‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫ربما التبرج يأتي بعريس ‪ ،‬ولكن الحياء يأتي برجل !💛‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪594‬‬
‫بالبيت فتحت ريم علبة الهدية ففغرت فاهها هاتفة بحيوية‪:‬‬

‫يا إلهي هاذا عطر "الحسناء" الذي ظهر مؤخرا‬

‫رشت بعض منه على معصمها تشمه مسدلة جفنيها بإنبهار‬

‫متحدثة‪ :‬واااو رائحتها رائعة حقا‬

‫إبتسمت والدتها بحنو متأملة بعض الهدايا التي أهدتها لهم‬

‫ميس‪ ،‬فقد قدمت عطر فاخر وسوار ذهبي إلبنتها ريم وهي‬

‫قدمت لها كذلك عطر وعبائة فخمة ووشاح نسائي جميل‬

‫حقا ‪..‬‬

‫‪ -‬إن هاذا العطر ثمنه مرتفع جدا حسب ما رأيته في‬

‫موقع التواصل‪ ...‬أظن أن ميس بالغت في الهدايا‬

‫‪595‬‬
‫تحدثت ريم بعتاب على صديقتها ‪..‬النت مالمح والدتها‬

‫السيدة جيهان مغمغمة‪:‬حفظها هللا حقا‪...‬ربما أرادت أن‬

‫تحسسنا بأنها تحترمنا ‪...‬لكن هاذا ال يمنع العتب عليها بعد‬

‫أن كلفت نفسها كل هاذا‬

‫‪ -‬و أنت ما رأيك يا أخي بخاتمك الفضي ذاك؟‬

‫غمزت له ريم بشقاوة فأحرج مبعدا نظره عنها متأمال‬

‫الخاتم الفضي ببنصره األيمن ‪،‬فقد أرسلته له مع الهدايا‬

‫التي قدمتها لوالدته‪..‬اآلن أيقن فقط أن قطعة الفضة هذه لها‬

‫معنى عظيم عنده‪..‬مزيج بين الحب والشوق والملكية‬

‫الخاصة لتلك الجواهر الزبرجدية‪..‬ومضات من سحر تقبيله‬

‫‪596‬‬
‫لها وتراقص أناملهما فقط لو توقف العالم هناك عند تلك‬

‫البرهة لكان جد سعيد ‪..‬‬

‫‪-‬هااااي يا أخي أنا هنا‪ ،‬عد إلى األرض و أجب على سؤالي‬

‫إستفاق من غفوة مشاعره على صراخ أخته المنادي‬

‫له‪...‬فحمحم مردفا‪ :‬ما الذي تريدنه يا ريم؟‬

‫رفعت األخرى حاجبها على شروده متحدثة‪ :‬لقد سألتك‬

‫سؤال ‪...‬ما رأيك في خاتمك الذي إشترته لك ميس ؟؟‬

‫تنحنح مجيبا بهدوء يداري إرتباكه به‪ :‬جيد‬

‫‪ -‬ممممم أكيد ستقول كذلك بما أنه من حبيبة القلب‬

‫ميوسة‬

‫‪597‬‬
‫تنحنح متجاهال إستفزازها‪..‬لتتابع ريم حديثها غامزة‬

‫لوالدتها‪ :‬أمي أتعرفين اليوم قرأت شعرا في غاية الروعة‬

‫قالها الشاعر العاشق‪...‬أتريدين أن اخبرك إياه؟‬

‫عقدت والدتها حاجبيها بإستغراب مغمغمة‪ :‬حسنا‬

‫حمحمت ريم متحدثة بحالمية‪ :‬هناك عاشق تقدم لخطبة‬

‫حبيبته فهمس لها بأذنها بوله" كنت كاتما نفسي وبعد أن‬

‫أصبحت ملكي أخيرا تنهدت"‬

‫توسعت عينيه موجها نظراته لريم والتي كانت البسمة‬

‫الماكرة تعلو شفتيها محاولة كتم ضحكتها‪..‬فقلب عينيه على‬

‫تطفلها فهو يدرك جيدا أنها أحرجت ميس كي تعرف ما‬

‫‪598‬‬
‫أخبره بها‪..‬متذكرا رائحتها العطرة التي داعبت أنفه لو‬

‫أعيدت تلك الهنيهة ما كان ليمل منها طوال الدهر‪..‬‬

‫‪ -‬حسنا هذه الكلمات جميلة حقا ويبدو صاحبها محبا‬

‫صادقا‬

‫تحدثت والدتها بحنو مدركة أن نزار هو من قالها لميس‬

‫بعدما ألبسها الخاتم خاصة بعد إبتسامة ريم‬

‫الماكرة‪..‬فقهقهت األخيرة هاتفة‪ :‬أكيد يا أمي الحب شيئ‬

‫جميل حقا يغير الشخصيات تماما ويجبر المحبين على‬

‫مخالفة طباعهم‬

‫‪599‬‬
‫ضحكت والدتها بخفة بعد أن الحظت إرتباك إبنها و تالعبه‬

‫بهاتفه متجاهال إستفزاز أخته‪..‬‬

‫‪ -‬أمي أظن أنه علينا اإلتصال بميس وشكرها على‬

‫الهدايا التي قدمتها لنا‪...‬خاصة أنها ثمينة جدا لقد‬

‫أتعبناها حقا‬

‫إستفهمت ريم من والدتها فهمهمت والدتها بهدوء بحسنا‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪600‬‬
‫وضعت المشط على المنضدة بقربها بعد أن سرحت شعرها‬

‫ساهية في عالمها الدافئ والذي كان صاحب األعين البندقية‬

‫سببا رئيسيا في ذلك‪ ،‬تعض على شفتها مشتاقة له كاتمة‬

‫بسمتها على كل إرتباك تمر به عندما تكون في‬

‫حضرته‪...‬سحقا لم يمضي سوى ساعات قليلة على‬

‫مغادرتهم لها وها هي اآلن تحن له بسرعة‪..‬تنهدت براحة‬

‫متأملة الخاتم بيدها والذي أصبح يأكد وبشدة أنها أصبحت‬

‫كلها له ‪..‬ملكه وطوع يديه‪..‬زوجته هي وقريبا ستكون ببيته‬

‫وبين ذراعيه‪..‬فتوردت وجنتيها خجال من الفكرة ‪..‬مسدلة‬

‫جفنيها زافرة بهدوء داعية هللا أن يديم فرحتها فال تنتكس‬

‫حياتها مجددا ‪..‬فقد تشبعت حقا من مرارة الخذالن‪..‬فتحت‬

‫ستار جفنيها متأملة غرفة ليلى البسيطة والمرتبة في اآلن‬

‫ذاته فقد أصرت عليها السيدة صفا إصرارا شديدا أن تنام‬

‫الليلة معهم بما أنها حفلة خطبتها و أن تشاركهم المبيت وال‬

‫‪601‬‬
‫تعود لغرفتها المنفردة تلك‪..‬فتهادى لها صوت رنين هاتفها‬

‫فحملته لتلين مالمحها على إسم صاحب االتصال فقد كانت‬

‫ريم تلك الشقية‪..‬فتحت المكالمة متحدثة‪ :‬مرحبا عزيزتي‬

‫قهقهت األخرى بخفة هاتفة بمكر وعلى مسمع أخيها‪:‬‬

‫مرحبا زوجة أخي كيفك حالك‪...‬أكيد إشتقت لنا أليس كذلك؟‬

‫قهقهت ميس بخفة وإرتفع هدير قلبها المحب وكم راقها أن‬

‫تناديها بزوجة أخيها ‪،‬حقا هذه الكلمة تداعب ترانيم روحها‬

‫العطشة‪..‬لتجيبها بضحكة خفيفة‪ :‬طبعا إشتقتم لكم فأنتم‬

‫عائلتي الجديدة‬

‫‪602‬‬
‫أصدرت ريم صوتا لطيفا متأثرة هاتفة‪ :‬حقا ‪...‬وأخي نزار‬

‫هل هو أيضا من المقصودين أيضا بشوقك ذاك؟‬

‫توتر األخير مشتتا نظره عنها وقد إحمرت أذناه‪..‬فتالعبت‬

‫ميس بخصالتها عاتبة بخفوت‪ :‬ريم توقفي‬

‫ضحكت األخيرة بشدة مشجعة إياها‪ :‬هيا ميوسة حبي هو‬

‫زوجك اآلن ال ضير في إخباري بذلك‬

‫توردت وجنتي األخرى مغمغمة بخفوت متلعثم‪ :‬أجل هو‬

‫كذلك‬

‫أومئت ريم بمكر مستفهم متأملة إرتباك أخيها الجلي‪ :‬لم‬

‫أفهم ماذا تقصدين ميوسة ماذا تقصدين بهو كذلك؟؟‬

‫‪603‬‬
‫إرتفعت نبضات قلب ميس هامسة‪ :‬طبعا إشتقت له‬

‫‪-‬أوووه يبدو أنك مشتاقة إذا‬

‫تحدثت بها ريم بصوت مرتفع كي تحرج أخيها المتجاهل لها‬

‫والذي يتالعب بهاتفه ‪..‬غمزت لوالدتها بمكر والتي كتمت‬

‫األخيرة ضحكتها على إرتباك إبنها وتحرجه ‪...‬فقد إبتلع‬

‫اآلخر ريقه و تزايد نبض فؤاده المحب لسيدة قلبه‬

‫الزبرجدية‬

‫‪ -‬بالمناسبة يا ميس نحن عاتبون عليك حقا بسبب‬

‫الهدايا التي أرسلتها معنا ‪...‬ما كان عليك أن تكلفي‬

‫نفسك كل هاذا خاصة أنهم من مرتفعي الثمن‬

‫عاتبها ريم بهدوء فتنهدت ميس متالعبة بخيوط الوسادة‬

‫األرجوانية في حضنها متبسمة بحنو بعد أن تذكرت تلك‬

‫‪604‬‬
‫الهدايا قد إقتنتها سحر لها ‪،‬مصرة عليها أن تقدمها لعائلة‬

‫نزار و أقسمت عليها أن ال ترفض وكعادتها تستخدم‬

‫تهديدها بأن تقاطعها طوال العمر ‪..‬جميل سحر يزداد يوما‬

‫بعد آخر ‪..‬فتنهدت بخفوت مردفة‪ :‬تستحقون أكثر من ذلك يا‬

‫ريم أنتم عائلتي اآلن ‪...‬باإلضافة أنكم قدمتم لي الكثير سابقا‬

‫وحتى في الخطبة كلفتم أنفسكم كثيرا‬

‫‪ -‬ال شيئ يغلى عليك يا ميوسة حبي‪...‬بالمناسبة أخي‬

‫بقربي هل تريدين الحديث معه؟‬

‫هتفت األخيرة بخبث شقي ليناظرها نزار بصدمة على‬

‫جرأتها ‪..‬صحيح هو متشوق لصاحبة الزبرجد لكنه ما زال‬

‫يتحرج قليال معها ‪..‬إرتبكت ميس خجلة محتارة مشتاقة في‬

‫‪605‬‬
‫اآلن ذاته لصوته األجش الرجولي الذي يبث الدفئ لقلبها‬

‫مغمغمة بخفوت ‪ :‬البئس‬

‫إستقامت ريم رافعة حاجبيها بإستفزاز و ضحكتها الرقيقة‬

‫الشقية تتالعب على ثغرها متقدمة نحو اخيها مقدمة له‬

‫الهاتف مرددة‪ :‬خذ‪..‬زوجتك مشتاقة لك‬

‫أبتلع ريقه وقد عمه اإلرتباك آخذا الهاتف منها واضعا إياه‬

‫على أذنه فتهادى له صوت أنفاسها ‪..‬فأدرك أنها خجلة‬

‫كعادتها متذكرا إحمرار وجنتيها اللذيذ ذاك كحبتي تفاح‬

‫شهية تدعوه لقضمها‪..‬فحمحم مجليا صوته هاتفا‪ :‬السالم‬

‫عليكم ورحمة هللا‬

‫‪606‬‬
‫أغمضت عينيها بتوتر وقد تراقصت الفراشات بمعدتها‬

‫‪،‬فصوته الرجولي العذب الذي يوهن نفسها المحبة له‬

‫فغمغمت بخفوت‪ :‬وعليكم السالم ورحمة هللا‪...‬أهال‬

‫ناظرته والدته ببسمتها الدافئة متأملة شبلها فخرها‬

‫واإلرتباك الذي يمر به فهي تدرك جيدا أنه طوال حياته كان‬

‫مبتعدا عن العالقات العابرة وال يكلم النساء إال للضرورة‬

‫‪..‬سعيدة هي حقا أنه وجد أنسه الذي ينتمي له خاصة مع‬

‫فتاة طيبة وحنونة المتمثلة بشخصية ميس الجذابة‪..‬‬

‫دلك رقبة من الخلف متوترا فصوتها الرقيق يزيد األمر‬

‫سوءا بالنسبة له ويذيب أعصابه مرددا‪ :‬آمل أنك‬

‫بخير‪..‬أعني لم تتعبي بالخطبة‬

‫‪607‬‬
‫قهقهت األخيرة بخفة لم تستطع كتمها على سؤاله المهتم‬

‫‪..‬ليبتلع اآلخر ماء حلقه مستغفرا في سره ليتذكر أنها حالله‬

‫فيحمد هللا ‪..‬متحدثة بلطف‪ :‬الحمد هلل أنا كذلك‪..‬كل شيئ مر‬

‫على خير ما يرام ‪..‬ال تقلق‬

‫تنحنح بإرتباك متحدثا‪ :‬جيد‪..‬‬

‫عم الصمت بينهما وال يسمع اال صدى‬

‫انفاسهما‪..‬فإستفسرت ميس بخفوت متعلثم ‪ :‬هل ‪..‬هل‬

‫أعجبك الخاتم؟‬

‫تبسم اآلخر متأمال الخاتم بإصبعه مجيبا عليها‪ :‬نعم كثيرا‬

‫عضت على شفتيها خجال وشاكرة هللا أنه نال إستحسانه‬

‫مردفة‪ :‬في الحقيقة أنا لست جيدة في إختيار الهدايا‬

‫‪608‬‬
‫الرجالية‪..‬لم أقدم هدية للجنس اآلخر سابقا‪..‬لهاذا فقد‬

‫ساعدتني صديقتي ليلى قليال‬

‫إستقام من مجلسه مغادرا الغرفة فارا من تحديق أخته‬

‫الماكر ووالدته التي تكتم بسمتها قائال بهدوء‪ :‬البئس ‪..‬أنا‬

‫أيضا فاشل في هاذا الجانب أيضا فيما يخص الهدايا‬

‫النسائية وكثيرا ما إعتمدت على والدتي وريم خاصة‬

‫لمساعدتي في إقتنائها‬

‫قطبت جبينها بإستغراب مستفهمة منه‪ :‬لمن كنت تهدي تلك‬

‫الهدايا؟؟‬

‫فتح باب غرفته والجا لها مبتسما على سؤالها والذي يحمل‬

‫بين ثناياه فضول أنثى فجلس على سريره مستندا على‬

‫‪609‬‬
‫ظهره مجيبا إياها بمكر‪ :‬هدايا نسائية ‪،‬أكيد ستكون لنساء‬

‫طبعا وليس لرجال مثال‬

‫زمت ميس شفتيها بعبوس طفولي فهو قد تهرب من اإلجابة‬

‫مردفة بسرعة‪ :‬أعرف‪...‬أقصد من النساء بالضبط؟ خالفا‬

‫لوالدتك وأختك ريم طبعا‬

‫قهقه بخفة على إصرارها لمعرفة مقصوده لتسهو األخرى‬

‫بضحكته تلك التي تطيح بها أكثر من قبل‪ ،‬هاتفا بلطف‪:‬‬

‫أتحدث عن نساء العائلة كلهن‬

‫حاولت كتم فضولها إال أنها لم تستطع فأردفت‪ :‬قصدك‬

‫خاالتك وعماتك أليس كذلك؟‬

‫‪610‬‬
‫هز رأسه عليها هي حقا ظريفة يبدو أن غيرتها بدأت تطفو‬

‫على السطح وهاذا الذي داعب رجولته وراقه كثيرا‬

‫ليناغشها مستفزا إياها‪ :‬نساء العائلة ال تقتصر فقط على‬

‫العمات والخاالت هناك أطراف أخرى أيضا‬

‫مطت شفتيها بحنق متمتمة ب "تبا" فهو يراوغ ‪...‬لينفجر‬

‫ضاحكا بشدة فضربت األخرى جبينها بحرج شديد فقد نسيت‬

‫تماما أنه يسمعها‪...‬‬

‫عضت على شفتها إحراجا ‪..‬فتهادى لها صوته الذي يحاول‬

‫التحدث من بين أنفاسه الضاحكة‪ :‬حسنا يا ميس كي أريحك‬

‫أنا ال أهدي إال خاالتي طبعا وعماتي بحكم أنهن األكبر سنا‬

‫بالعائلة و أيضا كنوع من اإلجالل والتقدير فقط‪..‬أما بنات‬

‫‪611‬‬
‫خاالتي وبنات العم فال ‪ ،‬أنا أساسا ال أكلمهن إال نادرا جدا‬

‫من باب التحية فقط عندما نتقابل بإحدى التجمعات أو‬

‫المناسبات ‪...‬بالمختصر عالقتي محافظة مع الجنس اآلخر‬

‫فرحت ميس جدا حامدة هللا أن زوجها ملتزم وال يخالط‬

‫الفتيات فهمست‪ :‬الحمد هلل إذا‬

‫رفع حاجبه بإبتسامة تعلو ثغره مستفهما بمكر‪ :‬على ماذا‬

‫الحمد بالضبط؟‬

‫إرتبكت األخرى أكثر تشتم نفسها على تسرعها في الكالم‬

‫مغمغمة ‪ :‬ال شيئ‬

‫‪ -‬لكنني أريد أن أعرف‬

‫‪612‬‬
‫أصر أكثر مستفزا إياها فتوردت خدودها فعاتبته بتمتمة‪:‬‬

‫نزار توقف‬

‫أسدل جفنيه متنعما بمسمع إسمه على لسانها هاتفا بعدها‪:‬‬

‫أتوقف عن ماذا بالضبط؟‬

‫تالعبت األخيرة بخصالت شعرها بخجل فطري مرددة‪ :‬عن‬

‫إحراجي‬

‫فضحك بخفة تراقصت على إثرها فراشات معدتها هاتفا‪:‬‬

‫فقط سئلت سؤال بريئ ال غير‪...‬ويجدر بك اإلجابة ببساطة‬

‫‪613‬‬
‫عضت شفتيها حياءا وقد إرتفع هدير قلبها لسيده متحدثة‪:‬‬

‫وإن لم اجب؟‬

‫تنهد بخفوت مستمتعا بمناغشتها الظريفة والتي تزيده تعلقا‬

‫بها‪ :‬حسنا ‪،‬طبعا لن أجبرك‪..‬لكنني سأنام حزينا ألنك كسرت‬

‫خاطري‬

‫رق قلبها له فإبتسمت على مكره المستفز ألنثوتها هامسة‬

‫بلطف‪ :‬حسنا قلت الحمد هلل ألنني لطالما أردت زوجا ملتزما‬

‫ومحترما نفسه‪ ،‬وال يكون زير نساء مائع‪..‬والحمد هلل‬

‫أكرمني هللا بك رجال متخلقا بحق‬

‫‪614‬‬
‫فقد أنفاسه لوهلة مستمعا لكلماتها المادحة له وكأن عالمه‬

‫توقف عن الدوران فجأة إثر حروفها تلك التي تهيج جموحه‬

‫وتفقده صوابه كليا ليبتلع ريقه محشرجا صوته‪ :‬هل ترينني‬

‫هكذا حقا يا ميس؟‬

‫وضعت األخيرة كفها على خدها من شدة توهج وجنتيها‬

‫وتسارع أنفاسها وإرتفاع نبضات قلبها لصوت محبوبها‬

‫مجيبة بخفوت‪ :‬نعم وأكثر‬

‫ليلعن اآلخر نفسه لم يدرك أن الوضع صعب لهذه الدرجة‬

‫فدلك جبينه مسيطرا على نفسه مهمهما بخفوت مماثل‪:‬‬

‫وأنت أيضا كذلك يا ميس‪...‬أنت أروع فتاة رأيتها بحياتي‬

‫ومحظوظ أنا بك حقا‬

‫‪615‬‬
‫توسعت عيني األخيرة وإبتلعت ماء حلقها فنسيت أبجديات‬

‫الكالم فجأة ‪،‬وتراقص فؤادها طربا لغزل حبيبها وزوجها‬

‫فتلعثمت بإرتباك مفضوح‪ :‬أنا‪...‬إن الوقت تأخر‪..‬وداعا‬

‫أغلقت المكالمة بسرعة قبل أن تسمع رده‪..‬رامية الهاتف‬

‫على السرير واضعة كفها أيسر صدرها الخافق بقوة‪..‬‬

‫صدم األخير من فعلتها برهة لينفجر ضحكا على تصرفها‪،‬‬

‫كعادتها عندما تعجز عن الرد تهرب مثلما فعلت ذاك اليوم‬

‫حين طلب يدها للزواج بالسيارة فقد إرتبكت وفرت من شدة‬

‫خجلها‪...‬ليهز رأسها متخيال تورد وجنتيها اللذيذ والذي كان‬

‫دوما يهدد حصونه‬

‫‪616‬‬
‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫♡ بعد شهر‬
‫♡‬

‫دلفت ليلى للمحل بزهو صارخة‪ :‬ميوسة حبي‬

‫فزعت األخرى واضعة كفها على قلبها من شدة الخوف‬

‫صارخة بسخط‪ :‬تبا ما خطبك تدخلين وكأنك حمار هجم على‬

‫زريبة‪...‬‬

‫توسعت عيني األخيرة فاغرة فاهها هاتفة بصدمة‪ :‬أتقصدين‬

‫أنني حمار؟ ؟‬

‫‪617‬‬
‫كتفت األخرى ذراعيها على صدرها هادرة بمالمحها‬

‫الحانقة‪ :‬أجل حمار و بقرة أيضا هل لديك مانع؟؟‪...‬كدت‬

‫تسببين لي أزمة قلبية بسبب دخولك المفاجئ وصراخك‬

‫المفزع ذاك‬

‫زمت ليلى شفتيها بعبوس متجاهلة غضب صديقتها المخيف‬

‫متوجهة لجزئها المخصص لها فأردفت بخفوت‪ :‬مرعبة ‪..‬ال‬

‫أعرف كيف سيتحملك نزار‬

‫رفعت ميس حاجبها مستفهمة منها‪ :‬هل قلت شيئا‬

‫ما‪...‬ألنني لم أسمعك جيدا؟؟‬

‫‪618‬‬
‫إبتسمت األخرى إبتسامة بالستيكية مصطنعة مجيبة إياها‪:‬‬

‫ال أبدا حبي ‪..‬لم أقل شيئا إطمئني‬

‫ضحكت ميس هازة رأسها على صديقتها فشاركتها األخرى‬

‫الضحك مغمغمة بعدها‪ :‬سخيفة حقا‬

‫‪-‬أجل مثلك أنت تماما‬

‫قصفتها ميس بضحكة صفراء ماكرة‪...‬فغمزت لها ليلى‬

‫بمشاكسة خبيثة هاتفة‪ :‬يبدو أن الزواج نفعك حقا سيدة‬

‫ميس فقد أصبحت أكثر إنطالقا وشراسة ‪..‬هل هاذا بسبب‬

‫الزواج أو الحب يا ترى؟‬

‫‪619‬‬
‫إبتسمت ميس متابعة ترتيب الرفوف مجيبة بزهو‪ :‬طبعا‬

‫الحب هو من يفعل هاذا‬

‫قهقهت ليلى بشدة مصفقة بكفيها على صراحتها المفاجئة‬

‫لها متحدثة من بين أنفاسها‪ :‬أووو عشت حقا ‪،‬وقد أصبحت‬

‫تتشدقين بالحب يا ميس ‪..‬وأنا التي كنت اعتقد أنك ال‬

‫تتفاعلين مع الجنس اآلخر‬

‫هزت ميس كتفيها مردفة‪ :‬أكيد أنا كذلك‪..‬لكن نزار شيئ أخر‬

‫يجبرك على أن تتفاعلي معه ‪..‬‬

‫‪-‬أوووه يبدو أن هناك من غرقت كليا في حب أحدهم‬

‫‪620‬‬
‫شاكستها ليلى بغمزة ماكرة ‪..‬فتوردت وجنتي ميس خجال‬

‫ممتنعة عن الرد‪...‬فإقتربت صديقتها منها مضيقة عينيها‬

‫بإستفهام‪ :‬هل حقا تحبينه يا ميس؟ ؟‬

‫شتتت األخيرة بصرها بعيدا عنها وقد إرتفعت نبضاتها‬

‫معلنة هديرها ككل مرة عند ذكره‪ ،‬هو حبيبها و زوجها‬

‫مهمهمة‪ :‬ليلى توقفي عن إحراجي‬

‫ضربتها األخرى بكوعها متابعة حديثها المستفهم منها‪ :‬هيا‬

‫ميوسة دعيني أطمئن عليك فقط‪...‬هل متأكدة أنك تحبينه؟‬

‫‪..‬ربما يكون مجرد إعجاب فقط‬

‫‪621‬‬
‫ناظرتها ميس بهدوء نافية برأسها هامسة بخفوت‪ :‬أبدا هو‬

‫أكثر من اإلعجاب وحتى أكثر من الحب‪...‬ربما عشق‬

‫‪ -‬وااو حقا لهذه الدرجة‪..‬كيف تأكدت من ذلك؟‬

‫إستفسرت ليلى منها رافعة حاجبها ‪..‬فتنهدت ميس جالسة‬

‫على مقعدها تتالعب بخاتم خطوبتها مجيبة إياها بشرود‪:‬‬

‫عندما يكلمني أحس أنني في عالم آخر‪...‬عالم يغشاه األمان‬

‫‪..‬صوته يلفني أينما كنت وكأنه يحرسني ‪...‬سابقا كنت‬

‫أحسب إلي خطوة أخطو بها ألف حساب ‪..‬أما اآلن فأصبحت‬

‫ال أخشى شيئا ألنني أعرف أنه بقربي سيسندني ويمدني‬

‫بأواصر القوة التي أحتاجها‪...‬حياتي كلها أصبحت تتمحور‬

‫‪622‬‬
‫حوله فقط‪...‬ضحكته تلك تغنيني عن العالم أجمع‪...‬أريده بكل‬

‫جوارحي يا ليلى ‪..‬أشعر أنني مكتفية به وحده‬

‫عانقتها ليلى بقوة سعيدة حقا أن صديقتها وجدت من‬

‫يستحق عاطفتها وحبها مردفة‪ :‬أنا حقا سعيدة من أجلك‬

‫ميوسة حبي‪..‬سعيدة جدا‬

‫قهقهت ميس بخفة رابتة على ذراعها بحب فهي تدرك جيدا‬

‫أن ليلى تحمل همها دوما وتطمح لرؤيتها فرحة ‪..‬إبتعدت‬

‫عنها األخيرة مستفهمة منها‪ :‬هل يتصل بك دوما؟‬

‫أومئت لها إيجابا مع تورد وجنتيها الذي يزيدها بهاءا‬

‫مغمغمة‪ :‬نعم كل ليلة يتصل بي‬

‫‪623‬‬
‫غمزت لها األخرى بشقاوة سائلة إياها‪ :‬حقا؟؟ وبماذا‬

‫تتحدثان يا ترى؟‬

‫هزت ميس كتفيها مردفة بخفوت‪ :‬كل شيئ وأي شيئ‬

‫‪...‬يعني ننتقل من موضوع آلخر‬

‫‪ -‬هل ما زال يتحرج أو قد إعتاد عليك؟‬

‫‪-‬‬

‫إستفهمت ليلى بهدوء ‪..‬لتبتسم ميس مع بريق عينيها‬

‫الجذاب هاتفة‪ :‬في األسبوع األول فقط أحسست أنه يحاول‬

‫إزالة اإلحراج‪..‬أما اآلن فهو منفتح كليا معي‪..‬بل إكتشفت‬

‫جوانب أخرى من شخصيته يا ليلى كنت أجهلها من قبل‬

‫‪624‬‬
‫‪،‬مثل أنه مراعي جدا ومهتم ‪،‬بل مضحك ومرح كثيرا من‬

‫المرات يجلعني ال أتوقف عن الضحك ‪..‬هو رائع حقا‬

‫قهقتت ليلى بخفة متحدثة بسعادة عارمة ألجل حبيبتها‬

‫وصديقة عمرها مرددة‪ :‬إذا الحمد هلل أن له جوانب حيوية‬

‫ذلك النزار‪..‬هل إعترف لك بحبه يا ميس؟‬

‫ناظرتها األخيرة تزم شفتيها بعبوس طفولي ظريف حقا‬

‫مغمغمة‪ :‬ال ‪...‬صحيح أنني أشعر بل موقنة بحبه لي‪..‬لكنه‬

‫لم يتلفظها حرفيا ‪..‬‬

‫تنهدت ليلى هاتفة بتشجيع لها‪ :‬ما رأيك أن تعترفي له أنت‬

‫أوال‪...‬ربما هكذا تشجعينه على البوح بمشاعره‬

‫‪625‬‬
‫توسعت عيني األخيرة مرتبكة بشدة هادرة بتلعثم‪ :‬ال‬

‫مستحيل‪..‬أنا‪..‬ال أستطيع ‪..‬يا إلهي أنا أخجل حقا يا ليلى إن‬

‫إعترفت له أوقن لك أنني لن أكلمه مجددا‬

‫ضحكت ليلى بخفة تهز رأسها على خجلها المبالغ به‬

‫مستفزة إياها‪ :‬ال تعترفي إذا‪...‬لكنك ربما قد تنتظرين‬

‫إعترافه ذاك لسنوات وقد ال يحدث‬

‫عضت األخرى على شفتها خجال و توترا معاتبة صديقتها‪:‬‬

‫شكرا لك يا ليلى أنت حقا تدعمينني‬

‫‪626‬‬
‫ضربت األخيرة كفيها ببعضهما البعض هاتفة بسخط‪ :‬هو‬

‫يتحرج منك‪ ،‬وأنت كذلك تذوبين خجال وإرتباكا وترفضين‬

‫اإلعتراف‪...‬ما العمل إذا؟ ؟ على أحدكما أن يكون جريئا‬

‫فقط‪...‬أين اإلشكال في اإلعتراف؟‬

‫تأففت ميس بحنق لتعبس مالمحها الجميلة مغمغمة‪ :‬هو‬

‫الرجل وليس أنا ‪،‬إذا عليه أن يعترف هو أوال ‪..‬‬

‫هزت األخرى رأسها عليها مردفة بملل‪ :‬إعتمدي إذا على‬

‫تلك القاعدة الغبية لتنتظري إعترافه سنوات ضوئية‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪627‬‬
‫‪:‬‬

‫حضنته ريم من الخلف مقبلة وجنته عدة قبالت هاتفة‬

‫بشقاوتها المعهودة‪ :‬صباحك سكر يا أخي الوسيم حبيب‬

‫قلبي‬

‫قهقه نزار بشدة قارصا ذراعها بخفة متحدثا‪ :‬صباحك خير‬

‫صغيرتي‪...‬لكن ال مصروف لك فقد أعطيتك األسبوع‬

‫الماضي ما يكفي لشهر‬

‫تبسمت والدته على مكر إبنتها متابعة سكب العصير لها‬

‫‪...‬لتزم األخرى شفتيها بعبوس متخذة مجلسها المعتاد‬

‫هاتفة بحنق مصطنع‪ :‬لماذا كلما أقبلك تشك أنني قد أطلب‬

‫منك شيئا‪...‬سحقا أال أستطيع أن أحب أخي على راحتي دون‬

‫تلك األفكار السوداوية التي تعشعش برأسك ذاك‬

‫‪628‬‬
‫هز األخير رأسه على أسطوانتها المعتادة التي تبهره بها كل‬

‫مرة تتدلل فيها ألجل مصالحها‬

‫مغمغما بمكر مماثل‪ :‬إذا ال تريدين أي شيئ مني اآلن‪...‬جيد‬

‫يبدو أنني ظننت السوء بك شعلتي ‪،‬عذرا‬

‫عضت األخرى على شفتيها كاتمة حنقها تريد حقا ضربه‬

‫بكأس العصير ‪..‬إرتشفت بضع رشفات من عصيرها هي‬

‫األخرى ‪..‬فتهادى لها قهقهة أخيها رابتا على شعرها بحنو‬

‫مردفا بهدوء‪ :‬حسنا ماذا تريد أختي الشقية؟‬

‫كتفت األخيرة ذراعيها بغضب عاتبة عليه‪ :‬ال شيئ‬

‫مهم‪...‬أنا فقط الغبية التي كنت أفكر بطريقة تجعلك تسعد‬

‫‪629‬‬
‫ميس وتكسب ودها مثل باقي الخاطبين‪...‬لكنني لن أخبرك‬

‫إرتحت اآلن؟‬

‫وضع فنجان قهوته مبتلعا ريقه بإرتباك مستفهما‪ :‬حقا وما‬

‫هي هذه الطريقة؟‬

‫‪-‬لن اخبرك عقابا لك على اإلستخفاف بي مرة بعد أخرى‬

‫تحدثت ريم بإستفزاز متابعة شرب عصيرها‪.‬‬

‫‪ -‬أحسن‬

‫رد اآلخر بجفاء متجاهال إياها‪..‬فغمزت ريم لوالدتها التي‬

‫كانت مبتسمة تواصل تقشير البرتقال ‪..‬مردفة بحزن‬

‫مصطنع‪ :‬ميس مسكينة حقا أكيد تشعر بالحسرة والقهر فال‬

‫خطيب يهتم بها و يسعدها بمواقف تبقى ذكرى جميلة‬

‫بقلبها‪...‬صديقتها ليلى تلك لديها خاطب كل فترة يفاجئها‬

‫‪630‬‬
‫بشيئ ما ويدعوها لموعد تزيدها سعادة وتعلقا به ‪...‬واضح‬

‫أن ميس تشعر بالغبطة من صديقتها التي لها عريس مثالي‬

‫عكسها هي‪ ،‬فقد إبتالها هللا بشخص بارد وجامد ال يجيد ال‬

‫الغزل وال رومانسية ‪...‬حظها عاثر حقا ال تسعد أبدا تلك‬

‫الفتاة‬

‫تنهدت بمالمح خائبة مصطنعة ‪...‬جاعلة نزار يدلك رقبته‬

‫من الخلف محتارا هل هو فاشل لهذه الدرجة في إسعادها‬

‫‪..‬لكن هو ليس معتاد على مثل هذه األمور فال خبرة له بما‬

‫تقول أخته‬

‫تنحنح بإرتباك مستفهما منها‪ :‬هل هي أخبرتك ذلك؟‬

‫ناظرته األخيرة بتسلية مجيبة إياه‪ :‬ليس شرط أن تعلمني‬

‫ذلك‪...‬أخي وأعرفك تفشل وبجدارة معها‬

‫‪631‬‬
‫شتت أنظاره بعيدا عنها متابعا شرب عصيره مرددا بحرج‪:‬‬

‫إذا كيف أفعل تلك األشياء التي تتحدثين عنها ؟؟‬

‫رفعت ريم حاجبها بمكر متحدثة‪ :‬و ما المقابل يا أخي يا‬

‫حبيب قلبي؟‬

‫حمحم بحرج مجيبا إياها‪ :‬ما رأيك في أن أشتري لك علب‬

‫الشوكوالطة السوداء تلك التي تحبينها‬

‫تحمست األخيرة هاتفة بحيوية جذابة ‪:‬هل حقا ستحضرها‬

‫لي؟‬

‫‪632‬‬
‫أومئ لها نزار بهدوء قائال‪ :‬إن ساعدتني في تلك األمور‪،‬‬

‫أعدك سأحضر لك العديد من تلك العلب‬

‫صفقت بكفيها حماسا مشعا هاتفة بضحكة شقية‪ :‬حسنا يا‬

‫أخي إن نفذت ما أطلبه منك ستعشقك ميس عشقا لم يعشق‬

‫من قبل ‪...‬فقط نفذ ما أخبرك به‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫وضعت الخضار في القدر الصغير مضيفة رشات من الملح‪،‬‬

‫فإخترق سكون غرفتها رنين هاتفها ‪..‬مسحت كفيها‬

‫‪633‬‬
‫بالمنديل متجهة للهاتف حيث ترائى لها إسمه هو‪..‬زوجها‬

‫‪..‬عضت شفتيها خجال آخذه شهيقا كعادتها قبل أن تجيب‬

‫على إتصاالته المعتادة‪ ،‬ونبضات قلبها المرتفعة المشتاقة له‬

‫ال تساعد أبدا في تمالك نفسها ‪ ،‬إتلعت ريقها مجيبة بخفوت‬

‫مرتبك‪ :‬مرحبا‬

‫تهادى لها صوت أنفاسه مردفا بعد برهة‪ :‬أهال‬

‫تبسمت بلطف وكأنها تتخيله أمامها واقفا بسحره وجاذبيته‬

‫المفرطة مستفهمة منه‪ :‬كيف حالك؟؟‬

‫همهم بخفوت‪ :‬الحمد هلل على خير ما يرام‬

‫تحركت نحو الموقد محركة الخضار بالقدر كي تنضج سائلة‬

‫إياه بحنو‪ :‬هل كان العمل متعبا اليوم‪..‬؟؟‬

‫‪634‬‬
‫تنهد مستلقيا على سريره مسدال جفنيه مستمتعا بنبرة‬

‫اإلهتمام التي تغدقه بها هامسا‪ :‬ليس كثيرا فقد إعتدت على‬

‫األمر ولم يعد يسبب لي أي تعب‬

‫‪ -‬أعانك هللا ورزقك من خيره‬

‫‪-‬‬

‫همست له بدعوتها الصادقة لتخترق قلبه حيث إرتفعت‬

‫زاوية شفتاه بإبتسامة خالبة مغمغما‪ :‬تعجبني دعواتك‬

‫هذه‪..‬إدعي لي أيضا بأن يرزقني هللا بالزوجة الصالحة‬

‫زمت شفتيها بعبوس طفولي متالعبة بالملعقة بيدها سائلة‬

‫إياه‪ :‬أولست أنا زوجتك؟‬

‫‪635‬‬
‫‪ -‬ال لست كذلك‬

‫أجابها بهدوء وال زال مغمض العينين ‪..‬رمشت األخيرة‬

‫بجفنيها بإستغراب فتهادى لها صوته متابعا حديثه‪ :‬أنت‬

‫أكثر من ذلك يا ميس‪...‬فأنت أميرة القلب وسيدته‬

‫توسعت عينيها ووهنت ساقيها وقد تخضبت وجنتيها بحمرة‬

‫خجلة ‪ ،‬فجلست على أقرب كرسي تسند جسدها الضعيف‬

‫عليه ‪..‬مرتبكة وقد إرتفع هدير قلبها وتسارعت أنفاسها‬

‫واضعة كفها على وجنتها من شدة حرارتها ‪..‬فأدرك اآلخر‬

‫أنها تعاني من خجلها المفرط متخيال إياها منكمشة بتورد‬

‫وجنتيها اللذيذ ذاك الذي يستفز جموحه ويداعب رجولته تبا‬

‫كم يعشق إرتباكها وحيائها ‪..‬‬

‫‪636‬‬
‫فقرر إبعاد اإلحراج عنها متنحنحا سائال إياها‪ :‬ماذا تفعلين‬

‫اآلن؟؟‬

‫وضعت بعض خصالت شعرها خلف أذنها محاولة تمالك‬

‫نفسها المرتبكة جراء كلماته المتغزلة بها والتي تراقصت‬

‫لها أنوثتها الظمأة مجيبة بخفوت‪ :‬أنا أطبخ اآلن‬

‫فتح ستار جفنيه ضاحكا بخفة مستفزا اياها ‪ :‬أنت تجيدين‬

‫الطبخ إذا؟؟‬

‫عبست بحنق ظريف مرددة‪ :‬ومن قال لك أنني فاشلة به‬

‫أساسا؟ ؟‬

‫إبتسم ملئ شدقيه متحدثا‪ :‬ال أعرف‪ ،‬خمنت أنه ربما فتاة‬

‫ناعمة ورقيقة مثلك قد ال تجيده كنوع من الدالل األنثوي‬

‫‪637‬‬
‫إبتلعت ريقها مغمضة عينيها وكأنها تفر من وقع كلماته‬

‫المذيبة لقلبها الصغير مغمغمة بتلعثم مرتبك‪:‬‬

‫ن‪..‬نزار‪..‬توقف‬

‫قهقه برجولية فذة هامسا لها بحرارة تزيد الوضع سوءا‪:‬‬

‫أتوقف عن ماذا بالضبط يا ميسي؟؟‬

‫‪ -‬أنت تعلم ماذا أقصد ال تراوغ‬

‫غمغمت بخفوت متوتر خجل ‪..‬دلك جبينه محاوال تمالك زمام‬

‫نفسه هاتفا‪ :‬أين الخطب إن مدحتك قليال؟ ؟ أنا ال أكذب‪،‬‬

‫فأنت حقا مخلوق ناعم ورقيق ال يناسبك إال أن تكوني‬

‫سلطانة في القصر وحولها الخدم والجواري‬

‫‪638‬‬
‫قهقهت برقة متخيلة الوضع وهي سلطانة كما أخبرها تاركة‬

‫األخير يشتم نفسه بسبب ضحكتها التي تهدم حصونه‬

‫وتربكه أكثر فحمحم مسترجعا سيطرته على نفسه والتي‬

‫تنفلت فقط مع حبيبته الزبرجدية هاتفا‪ :‬بالمناسبة أريد أن‬

‫أطلب منك شيئا يا ميس؟‬

‫أومئت له األخيرة وكأنه يراها مرددة بهدوء‪ :‬أكيد تفضل‬

‫تنهد بخفوت متحدثا بإرتباك‪ :‬غدا صباحا سأمر عليك في‬

‫المحل كي نتجول قليال‪..‬وأيضا هناك بعض األماكن التي‬

‫فتحت حديثا ما رأيك أن نزورها مع بعض؟؟‬

‫عمت الفرحة قلبها معلنا شوقه الكبير له ‪،‬لكنها خجلة في‬

‫اآلن ذاته‪ ،‬فهي األعلم بنفسها عندما تكون بقربه تنسى‬

‫‪639‬‬
‫أبجديات الكالم كليا‪..‬أخذت نفسا متحكمة بنبضاتها الصاخبة‬

‫متحدثة‪ :‬لكنني صباحا أعمل‬

‫إستقام جالسا على سريره هاتفا بهدوء‪ :‬ألم نتحدث بشأن‬

‫العمل يا ميس ‪..‬أنت أخبرتني أنك ستتوقفين عنه‬

‫تنهدت األخيرة واقفة متجهة نحو القدر متفحصة الحساء إن‬

‫كان قد نضج مجيبة‪ :‬نعم سأفعل ذلك ‪..‬لكن حاليا ال أستطيع‬

‫فأنا بحاجة له لتجهيز نفسي خاصة أنه لم يبقى سوى خمس‬

‫أشهر على الزفاف‬

‫‪640‬‬
‫‪ -‬ال تقلقي سأضاعف لك المهر لتجهيز نفسك وشراء كل‬

‫مستلزمات العرائس تلك‪..‬وكما أخبرتك سابقا فقط‬

‫أحضري حقيبة مالبسك ال غير‪ ،‬المهم ال ترهقي نفسك‬

‫كتمت األخيرة بسمتها وقد داعب إهتمامه روحها المحبة له‬

‫‪..‬يثيرها بكل ما فيها فيجعلها ترنو في سماءه متشربة من‬

‫حنانه وعطفه الالمشروط ‪،‬فتهيم به أكثر مرة بعد أخرى‬

‫كطفلة شقية صغيرة متعلقة بكف والدها المراعي لها‬

‫ولداللها‪ ،‬فأردفت‪:‬‬

‫ال بئس كلها أشهر قليلة وسأتوقف عن العمل‪..‬باإلضافة‬

‫العمل ليس مرهقا بتاتا إطمئن ‪،‬كما أنني أتسلى مع ليلى‬

‫وصخبها‪ ،‬بدل الجلوس بالغرفة لوحدي أعاني الملل ‪..‬‬

‫‪641‬‬
‫زفر دالكا جبينه بكف يده مرددا‪ :‬حسنا إذا ‪..‬هل تستطيعين‬

‫أن تاخذي إجازة غدا؟‬

‫قهقهت بخفة لتهتاج جوارحه مجددا بسبب رنة ضحكاتها‬

‫المعذبة له متحدثة بهدوء‪ :‬بإذن هللا‪..‬سأطلب من ليلى أن‬

‫تأخذ مكاني بدال عني غدا ‪..‬وأنت مر على المحل صباحا‬

‫سأكون في إنتظارك‬

‫‪ -‬حسنا لقد أذن المغرب اآلن‪ ،‬علي أن أتحرك نحو‬

‫المسجد‬

‫همهم بها مستقيما من سريره مغادرا غرفته‪..‬فإبتسمت‬

‫بحنو مردفة بخفوت‪ :‬ال بئس ال تنسى أن تدعو لي معك‬

‫‪642‬‬
‫قهقه بخفة متابعا سيرة نازال على الدرج مرددا‪ :‬حسنا‬

‫سأدعو أن يقرب هللا زفافنا أكثر ‪...‬فأنا أرى أن خمس أشهر‬

‫مدة طويلة‬

‫ضحكت األخيرة على مشاغبته فإبتلع اآلخر ريقه طالبا في‬

‫من هللا الصبر‪ ،‬عازما أن يخبرها أن تتوقف عن تلك‬

‫الضحكات التي ترديه عاشقا لها أكثر لتهتف‪ :‬خمسة أشهر‬

‫ال شيئ مقارنة بباقي الخاطبين الذين يضلون سنة وما فوق‬

‫ال تبالغ‬

‫‪-‬ال أبالي لهم‪...‬إن كانوا هم ليسوا مستعجلين أو ال يتلهفون‬

‫لخطيباتهم فأنا عكسهم تماما‬

‫تحدث بها غير مدرك أن األخيرة قد فقدت أنفاسها لبرهة‬

‫من الزمن عاضة على شفتها فهو أصبح يغازلها بحرأة آخر‬

‫‪643‬‬
‫فترة وهاذا يربكها ويزيد من شوقها له فتعجز عن مجاراته‬

‫في حديثه ‪..‬إستدرك اآلخر نفسه عاتبا عليها فقد أصبح‬

‫منفلت األعصاب معها وكل هاذا بسبب داللها اللذيذ الذي‬

‫يرهقه‪ ،‬فتنحنح مبعدا اإلحراج عنها هاتفا ‪ :‬سأغلق اآلن كي‬

‫ألحق بصالة الجماعة ‪..‬في حفظ هللا‬

‫‪-‬إلى اللقاء‬

‫همست بها تداري خجلها المفرط غالقة المكالمة ‪..‬مقبلة‬

‫الهاتف مغمغمة بضحكة خفيفة‪ :‬تبا أنت ال تزيدني إال تعلقا‬

‫بك يا حبيب قلبي ‪..‬‬

‫‪644‬‬
‫وضعت كفها أيسر صدرها متحسسة نبضها الهادر وقلبها‬

‫الخافق بشدة داعية هللا أن يديم سعادتها وال يريها في نزار‬

‫أي بأس‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪ -‬إمممم إذا تكرم عليك ودعاك ذلك النزار ‪..‬ال بئس لديه‬

‫عقل يفكر به إذا وأنا التي إعتقدت أنه عبارة عن لوح‬

‫خشب‬

‫تحدثت ليلى مقهقه فزفرت ميس بحنق هاتفة بإرتباك‬

‫يعمها‪ :‬أنا الغبية التي أخبرتك ‪،‬كان علي أن أتحجج بحجة‬

‫أخرى‬

‫‪645‬‬
‫رفعت األخيرة حاجبها بخبث شقي مرددة‪ :‬حقا ؟؟ إذا جدي‬

‫لك فتاة بلهاء تغطي عليك غيابك يا ميوسة حبي‬

‫تخصرت األخيرة هاتفة بإستفزاز‪ :‬وأنت أيضا جدي لك فتاة‬

‫بلهاء أخرى ترافقك للمحالت األسبوع القادم‬

‫‪-‬تبا لك يا سخيفة‬

‫غمغمت بها ليلى حانقة منها‪..‬فضحكت ميس بخفة قارصة‬

‫وجنتها مرددة‪ :‬أحبك يا ليلو يا حبيبة القلب‬

‫رفعت األخيرة حاجبها بتوجس مستفهمة منها‪ :‬ماذا تريدين‬

‫اآلن يا ميس ‪...‬إختصري‬

‫‪646‬‬
‫ضحكت ميس بشقاوة هاتفة بهدوء‪ :‬ال شيئ فقط أخبريني‬

‫كيف أبدو ‪..‬دون مجاملة رجاءا‬

‫تأملتها ليلى بحجابها ذو اللون الكشميري الذي يتدرج‬

‫بإتساع من خصر لألسفل بحزامه الرقيق األبيض الالمع‬

‫‪..‬مع وشاحها األبيض الذي الئم بشرتها القمحية وأبرز‬

‫بشدة خضار عينيها الفاتن وحذائها الرياضي البسيط‬

‫وحقيبتها الصغيرة على كتفها اللذان تماثال في نفس اللون‬

‫األبيض‪..‬كانت محافظة جميلة حقا ‪..‬فإبتسمت مستفزة إياها‬

‫مرددة‪ :‬ممم هل تريدين حقا الحقيقة أو أجاملك أفضل؟‬

‫ضربت ميس بقدمها األرض حانقة وقد عمها التوتر من أن‬

‫تكون ليست أنيقة هاتفة‪ :‬ليلى باهلل عليك ال توتريني أكثر‬

‫‪647‬‬
‫قهقهت األخيرة مشفقة على توترها مردفة بحنو وإعجاب‬

‫صادق‪ :‬حسنا تبدين في غاية الجمال تبارك هللا‬

‫ضيقت ميس عينيها مأكدة عليها بسؤالها‪ :‬هل تقولين‬

‫الحقيقة يا ليلى؟‬

‫أومئت لها األخرى إيجابا متحدثة بهدوء‪ :‬أقسم لك تبدين‬

‫حقا في غاية الجمال يا ميس‪..‬أشفق على نزار حقا كيف‬

‫سيتحمل كل هاذا الجمال‬

‫تخضبت وجنتي ميس بحمرة الخجل هامسة بخفوت‪:‬‬

‫حقا؟‪..‬الحمد هلل طمئنت قلبي خفت أن أكون لست أنيقة‬

‫غمزت لها ليلى مستفزة إياها مردفة‪ :‬أتمنى أن ال يتحرش‬

‫بك فقط جراء هاذا الجمال‬

‫‪648‬‬
‫‪ -‬ت‪..‬توقفي يا ليلى‬

‫تلعثمت ميس بحرج وقد سخنت وجنتيها خجال من الفكرة‬

‫ضحكت ليلى بشدة مصفقة بيديها على حياءها المضحك‬

‫حقا‪..‬فميس ال تتغير أبدا‬

‫عبست األخيرة على ضحك صديقتها المستفز فهمت‬

‫بالحديث إال أن صوت بوق السيارة قاطعها‪..‬فأيقنت أن هاذا‬

‫نزار فإرتبكت أكثر متحدثة بتوتر‪ :‬هاذا نزار أكيد علي‬

‫المغادرة يا ليلى إلى اللقاء‪..‬أكلمك مساءا ليلو‬

‫‪649‬‬
‫هزت األخرى رأسها هاتفة بمكر‪ :‬هيا يا ميوسة حبي‬

‫أركضي لزوجك حبيب القلب بسرعة‬

‫تجاهلتها ميس مغادرة المحل وروحها تهفو للقاء من نبض‬

‫له قلبها المرهف العاشق‬

‫‪650‬‬
‫• الفصل العاشر•‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫"شخصآ واحد حقيقي بجانبك يكفي لمواجهة العالم كل‬

‫يوم🖤‪".‬‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪651‬‬
‫فتحت باب السيارة للمقعد األمامي فتجلى هو لها بكل‬

‫رجوليته الفذة وحضوره المستبد لروحها الضمأة‪ ،‬حيث كان‬

‫قد إرتدى سرواله الجينز األسود وقميصه الرمادي الداكن‬

‫الذي أبرز صدره العضلي الصخري بتسريحة شعره الراقية‬

‫ولحيته المشذبة‪..‬هاذا كثير على قلبها حقا‪..‬جلست على‬

‫الكرسي ملقية التحية بلطف وإرتباك‪ :‬صباح الخير‬

‫إبتسم بعذوبة مدركا خجلها فإنحنى مسلما عليها على كلتا‬

‫وجنتيها المتوردة مقبال كالهما برقة متناهية وقد داعب‬

‫عطره المسكي حواسها فتهتاج على إثره فهمس‪ :‬صباح‬

‫النور ‪..‬أهال‬

‫‪652‬‬
‫إبتلعت ريقها متالعبة بسحاب حقيبتها وتوهج وجنتيها ال‬

‫يساعد أبدا ‪..‬فتهادى لها صوته األجش مستفهما‪ :‬كيف‬

‫حالك يا ميس؟‬

‫رفعت عينيها له فترائى لها بسمته الحانية تلك التي تذيبها‬

‫وتسكن أالمها فبادلته اإلبتسامة هامسة بلطف‪ :‬الحمد هلل‬

‫بخير‬

‫تأمل إبتسامتها الفاتنة مع بريق مقلتيها الزبرجدية فإرتبك‬

‫مبتلعا ماء حلقه ‪..‬تبا فقط لو تعلم ماذا تفعل تلك البسمة‬

‫به‪..‬فحمحم مشغال السيارة مغادرا الحي‬

‫سائال إياها بهدوء‪ :‬أين تريدين الذهاب؟‬

‫‪653‬‬
‫هزت كتفيها بجهل مرددة بلطف عكس الهدير الذي بقلبها‬

‫جراء قربه المهلك مردفة‪ :‬ال شيئ محدد‪...‬ألم تقل أنك تريد‬

‫زيارة بعض األماكن الجديدة؟ ؟‬

‫ضحك بخفة تراقصت لها الفراشات بمعدة ميس هاتفا‪:‬‬

‫ظننت أنك قد تفضلي الذهاب لمكان ما ترغبين به شخصيا‬

‫نفت برأسها مغمغمة بهدوء‪ :‬في الحقيقة ال ليس لدي أي‬

‫مكان مفضل‬

‫تنهد بخفوت مردفا بلطفه المعتاد‪ :‬إذا ستعتمدين علي في‬

‫هاذا األمر؟ ؟‬

‫‪654‬‬
‫قهقهت برقة إرهقت أعصابه حقا هاتفة‪ :‬يبدو ذلك ‪...‬لهاذا‬

‫دعني أرى ذوقك‬

‫إبتلع ريقه دالكا رقبته من الخلف بتوتر مستفهما‪ :‬ماذا إن‬

‫لم تعجبك إختياراتي؟ ؟‬

‫النت نظراتها بحنو مشفقة عليه من تخوفه وحيرته متأملة‬

‫جانب وجهه الوسيم هامسة بخفوت‪ :‬ال تقلق يكفيني أنني‬

‫معك و ال تهمني أبدا باقي األماكن‬

‫ناظرها بصدمة جلية على تقاسيم وجهه لتستدرك نفسها‬

‫بخجل عاضة على شفتيها فقد نست نفسها تماما معه‪..‬‬

‫تفرك كفيها ببعضهما البعض حياءا وإرتباكا‪..‬فإبتسم بجانبية‬

‫‪655‬‬
‫وقد تسللت الحمم الساخنة ألوردته وتسارعت أنفاسه ‪..‬ال‬

‫هي وال كلماتها تساعد أبدا‪..‬أال يكفيها وجودها بجانبه‬

‫فتصعب األمر عليه أكثر بحروفها تلك‪..‬‬

‫فهتف بهدوء مبعدا الخجل عنها‪ :‬حسنا إذا هناك مكان‬

‫أريدك أن تريه أوال‪ ..‬أنا متاكد أنه سيعجبك‬

‫أومئت له األخيره إيجابا ونبضاتها المهتاجة تنبض بطريقة‬

‫جنونية وحرارة الخجل تذيبها مستنشقة رائحة عطره العذبة‬

‫التي تزيدها تعلقا به‬

‫بعد لحظات صمت مربك لكالهما قررت ميس قطعه بسؤالها‬

‫‪ :‬هل أخذت إجازة من عملك اليوم؟‬

‫‪656‬‬
‫ناظرها بحنو ليبتسم لها تلك اإلبتسامة المهلكة ألعصابها‬

‫مجيبا بهدوء‪ :‬نعم تستطيعين قول هاذا‪..‬تركت المحالت‬

‫برعاية أحد العمال الموثوقين وتفرغت لك‬

‫تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل هامسة‪ :‬لم أكن ألنزعج إذا‬

‫لم نتقابل أنا أتفهم إنشغاالتك حقا‬

‫إرتفعت شفتاه الغليظة ببسمة لطيفة وقد النت مالمحه‬

‫قابضا على المقود متأمال الطريق أمامه مردفا‪ :‬ال يوجد أي‬

‫إنشغال أهم من زوجتي ‪..‬كل شيئ يؤجل ألجلك ‪،‬ال ضير في‬

‫ذلك‬

‫خفق قلبها بعنف مشيحة بوجهها عنه تداري حيائها إثر‬

‫كلماته المهتمة المداعبة ألنوثتها ‪،‬أال يكفي حضوره الطاغي‬

‫‪657‬‬
‫فيزيد من إرتباكها كلماته العذبة تلك ‪..‬ناظرها بطرف عينيه‬

‫ليتضح له تورد خديها اللذيذ ذاك المستفز لرجولته ليبتلع‬

‫ريقه محاوال عدم إرباكها أكثر فقد تذوب أمام عينيه من‬

‫فرط الخجل‬

‫بعد دقائق صمت ركن سيارته مغمغما بلطف‪ :‬ها قد وصلنا‬

‫تبسمت األخيرة بحماس طفولي جذاب موجهة بصرها خارج‬

‫النافذة علها تتعرف على المكان إال أنها فشلت في‬

‫ذلك‪..‬عقدت حاجبيها مستفهمة من نزار بهدوء‪ :‬أين نحن؟‬

‫نزع مفتاح سيارة فاتحا الباب بقربه مبتسما مجيبا إياها‪:‬‬

‫حسنا إنزلي من سيارة وإعرفي يا فضولية‬

‫‪658‬‬
‫قهقهت األخيرة بخفة مترجلة هي األخرى ‪،‬فإتضح لها‬

‫طريق عام وعلى أطرافه عدة محالت متنوعة‬

‫فإقترب منها نزار رافعا حاجبه بمكر ظريف أحبته سائال‬

‫إياها‪ :‬هل تمكنت من معرفة أين نحن متجهون؟‬

‫قطبت جبينها محاولة التذكر إن كانت قد صادفته قبال‪ ،‬إال‬

‫أنها عجزت عن ذلك لتتنهد بخفوت زامة شفتيها ببؤس‬

‫مصطنع هاتفة ‪ :‬لألسف ال ‪،‬لم آتي قبال هنا‬

‫ضحك مأل شدقيه على عبوسها الفاتن متأمال وجهها الترح‬

‫وها قد بدأت تلك الوجنتين بالتورد خجال مردفا‪ :‬حسنا‬

‫أنظري هناك قرب ذلك المطعم على جانب اآلخر من الطريق‬

‫‪659‬‬
‫وجهت األخيرة أنظارها حيث إشار ليتضح لها أنها مكتبة‬

‫فإبتسمت بنشاط كان قد دب بأعضائها فجأة هاتفة‪ :‬إنها‬

‫مكتبة‬

‫أومئ بهدوء متحدثا بلطفه المعهود‪ :‬نعم هي كذلك‪ ،‬هذه‬

‫المكتبة المركزية والكبرى بمدينتنا‪،‬خمنت أنك من عشاق‬

‫المكتبات والكتب لهاذا قررت أخذك لها وشراء ما تحبين من‬

‫الكتب‬

‫صفقت ميس بحيوية متناسية نفسها قائلة بحماس شديد‪ :‬يا‬

‫إلهي كم أحب المكتبات ‪..‬عندما ألج لها أنسى نفسي تماما‬

‫بين زوايا أرففها وثنايا كتبها ‪.‬‬

‫‪660‬‬
‫هز رأسه عليها مقهقها على حماسها البهي فمد يده لها‬

‫متحدثا‪ :‬هات يدك دعينا نعبر الطريق أوال‪ ،‬ثم تمتعي‬

‫بالمكتبة كما تريدين‬

‫أبصرت يده الممتدة لها فإبتلعت ماء حلقها وتوترت إال أنها‬

‫رفعت كفها ممسكة بكفه لتسري شرارة كهربائية على طول‬

‫ذراعيهما مخترقة قلبهما النابض بعنف هستيري‬

‫إلتحمت كفيهما مع بعض وتشابكت أناملهما ‪،‬فرفعت ميس‬

‫رأسها له حيث إلتقت مقلتيهما لتعزف دقات الفؤاد لحن‬

‫الحب وترانيم الهوى ‪،‬همس العشق وسحر المنى‪ ،‬ليتحرك‬

‫هو بخطوات حثيثة وأعصاب مشدودة من جمال عينيها‬

‫‪661‬‬
‫الزبرجدي وتبعته األخيرة مسايرة لخطواته الهادئة عابرين‬

‫الطريق بسرعة تفاديا ألي سيارة قد تفاجئهم‬

‫فدلفا للمكتبة ليرتفع اإلدريالين بجسمها وفغرت ميس فاهها‬

‫فهذه األخيرة حقا فخمة وكبيرة جدا فغالبا ستضيع بها ‪..‬وقد‬

‫كانت هناك عدة طاوالت منتشرة تحتوي على العديد من‬

‫األشخاص الذين كانوا يطالعون كتبا ما‪ ،‬قهقه نزار على‬

‫صدمتها لتبتسم األخيرة بحرج ‪،‬فتحرك لألمام معها متوقفا‬

‫عند أحد الجدران حليبية اللون معلق به لوح إلكتروني‬

‫متحدثا‪ :‬هاذا اللوح يحتوي على كل معلومات المكتبة من‬

‫الكتب ومجاالتها ومكانها وأي رواق توجد به‪ ،‬وهو موجود‬

‫بالجدران أو على طاوالت المطالعة المنتشرة بالمكتبة‬

‫‪،‬لتسهيل على القراء عملية البحث هنا أو مساعدة الزوار‬

‫في إيجاد ما يبحثون عنه بسهولة ‪..‬حسنا هات عنوانا‬

‫لكتاب ما وسنبحث عنه مع بعض ما رأيك؟‬

‫‪662‬‬
‫برقت عينيها بحيوية أنثوية جذابة هامسة‪ :‬حسنا كتاب‬

‫وجهة العالم االسالمي لمالك إبن نبي‬

‫رفع اآلخر حاجبه بمشاكسة لطيفة‪ :‬كاتبك المفضل‬

‫كالعادة‪..‬توقعت أنك ستختارين إحدى كتبه‬

‫ضحكت االخيرة بخفة واضعة كفها على ثغرها ليسهو هو‬

‫بحالوتها المذيبة لألعصاب‪ ،‬فيغدو كروح هائمة تسبح في‬

‫فلكها اآلخاذ ‪..‬ليحمحم مسترجعا نفسه المسلوبة منه من‬

‫قبل صاحبة الزبرجد مردفا‪ :‬حسنا دعيني نضعه في خانة‬

‫البحث‬

‫‪663‬‬
‫بعد ثواني معدودة تجلى لهما حصيلة بحثهم ليبتسم نزار‬

‫هاتفا بعدها‪ :‬حسنا كما هو مكتوب إنه في الرواق الخامس‬

‫‪،‬اإلتجاه األيمن منه عند الرف الثامن‪ ،‬الجزء األيسر منه‪.‬‬

‫‪-‬يا إلهي أنا متحمسة حقا‬

‫تحدثت ميس بشقاوة ظريفة ‪،‬ليهز األخير رأسه عليها‬

‫متحركا معها نحو المكان المقصود منحنيا لها قليال هامسا‪:‬‬

‫صدقيني أعلم هاذا‪ ،‬فمظهرك وحده يدل أنك كذلك ‪،‬تكادين‬

‫أن تحلقي من الحماس‬

‫ناظرته األخيرة متأملة عيونه البندقية الخالبة ولحيته‬

‫المشذبة والتي تزيد من مظهره الرجولي البهي فأشاحت‬

‫‪664‬‬
‫ببصرها عن مسار مقلتيه مغمغمة بخفوت مرتبك‪ :‬فقط أنا‬

‫أحب الكتب‪ ،‬لطالما كنت أنسى نفسي عندما أقرا كتابا ما‬

‫خاصة إذا كان ممتازا ‪..‬كعالم إختزل بين جنبات أوراقه‬

‫تمعن في إحمرار وجنتيها الشهي ذاك مع إرتباكها الفاتن‬

‫وهربها الدائم من عينيه فهمس بكلماته الخافتة‪ :‬أراهنك أنه‬

‫لو كان للكتاب لسان ألبدى حبه هو اآلخر لك‪،‬يكفيه فخرا‬

‫أنه بين يديك‬

‫توقفت أنفاسها لبرهة وأعلنت نبضات قلبها تمردها المعتاد‬

‫وتالعبت الفراشات المحلقة بمعدتها لتخفي وجهها بكفيها‬

‫هاتفة بخجل شديد وإرتباك‪ :‬نزار‪،‬أرجوك ت توقف عن هاذا‬

‫‪665‬‬
‫قهقه اآلخر على حياءها ليدنو منها أكثر مستفهما منها‬

‫بمكر جذاب‪ :‬أتوقف عن ماذا بالضبط يا ميس لم أفهم؟‬

‫تلعثمت األخيرة منزلة كفيها تتالعب بسحاب حقيبتها‬

‫البيضاء مشيحة بوجهها المتورد عن مرأى عينه مهمهمة‪:‬‬

‫أنت‪...‬أنت تعلم ما أقصد ال تراوغ‬

‫ناظرها نزار بحنو‪ ،‬فهذه الفتاة تخترق قلبه بسهولة‬

‫مستغربا من نفسه كيف ألفها بهذه السرعة وتربعت على‬

‫عرش فؤاده فارضة هيمنتها هناك‪ ،‬وهو بهاذا راضي‬

‫وسعيد‪ ،‬ال يدري متى أو كيف أحبها ‪،‬الذي يدركه جيدا أنها‬

‫أصبحت زوجته وحبيبته وقطعة من روحه وجزءا ال يتجزء‬

‫من حياته القادمة ‪،‬ويتوق كثيرا لرسم البسمة على ثغرها‬

‫‪666‬‬
‫الوردي ذاك‪ ،‬ليردف بشقاوة مستفزة ألعصابها‪ :‬حقا ال‬

‫أدرك ما تقصدين‬

‫هتفت بحنق أنثوي مضحك حقا وشهي في اآلن ذاته‪ :‬أنت‬

‫تتعمد إرباكي لهاذا توقف رجاءا ‪،‬أنا أخجل جدا وقد إخبرتك‬

‫قبال بهاذا‬

‫رفع حاجبه على حنقها والذي بدى له وكأنه غضب فتاة‬

‫ذات خمس سنوات تتصارع مع صديقتها ألجل دميتها ‪،‬ليكتم‬

‫إبتسامته كي ال ترتبك أكثر فيكفي أنها قد تفقد وعيها من‬

‫شدة الخجل ‪،‬مردفا بهدوء مصطنع‪ :‬حسنا يا أنسة ميس‬

‫أعتذر ألنني أخجلك وأربكك‪ ،‬سأصمت كليا كي ال تذوبي‬

‫حياءا‬

‫‪667‬‬
‫تابع التحرك بصمت وهي تسير بجانبه تتجول بنظراتها‬

‫المنبهرة في أنحاء المكتبة وأروقتها المختلفة ‪،‬والتي كانت‬

‫تحتوي على العديد من األرفف بكتبها المتنوعة ‪،‬فتوقفت‬

‫بعد أن توقف نزار ملتفتا لها بإبتسامته العذبة التي تعلو‬

‫ثغره متحدثا‪ :‬هاذا هو رواق الخامس كما هو مشار بالالفتة‬

‫التي باألعلى فقط علينا أن ندخل له‬

‫أومئت له ميس إيجابا بعد أن أنزلت نظرها من الالفتة‬

‫الزرقاء المعلقة باألعلى والتي كانت تحتوى على الرقم‬

‫خمسة فتهادى لها صوت نزار القائل‪ :‬حسب ما أتذكر أنه‬

‫الجانب األيمن من الرواق أي حيث ذراعك اليمنى‪ ،‬فقط‬

‫علينا إيجاد الرف الثامن من الجهة اليسرى من الرفوف‬

‫‪668‬‬
‫إقتربت ميس هي األخرى من الرفوف باحثة عن الرقم‬

‫ثمانية فأبصرته حيث وضعت الفتة صغيرة هناك تشير له‬

‫لتصفق بيديها هاتفة بحيوية‪ :‬إنه هناك وجدته يا نزار‬

‫كتم األخير ضحكته على تصفيقها وكأنها بحفل زفاف‬

‫وليست مكتبة تحتاج للهدوء التام تجنبا إلزعاج القراء‬

‫الموجودين بها‪ ،‬ناظرها متأمال تحركها بخطوات سريعة‬

‫شقية كفراشة ذات ألوان ربيعية تنشر بهائها أينما حلت‪،‬‬

‫فإقترب منها بعد توقفها أمام الرف المقصود هامسا بحنو‪:‬‬

‫هيا إختاري ما تريدين‬

‫وضعت إصبع السبابة على شفتها متمعنة النظر في‬

‫العناوين الكتب المطروحة على الرف‪ ،‬ليمر بريق خاطف‬

‫‪669‬‬
‫بعينيها هاتفة‪ :‬ها هو قد وجدته‪ ،‬كتاب "وجهة العالم‬

‫اإلسالمي" لمالك إبن نبي‬

‫رفعت يدها مخرجة الكتاب من فوق الرف متأملة إياه بين‬

‫يديها بسعادة جلية على مالمحها الجميلة‬

‫وضع نزار كفيه بجيبي بنطاله مبتسما على محياها الفرح‬

‫ليعم الحنان قلبه‪ ،‬فقط لو تدري ما تفعله إبتسامتها تلك به‪،‬‬

‫فأردف متسائال‪ :‬هل هو فقط ما ستأخذينه؟ أظن أن باقي‬

‫كتب هاذا الكاتب موجودة على نفس الرف إختاري باقي‬

‫أعماله أيضا‬

‫وجهت بصرها نحوه وقد علت مالمح الفرح تقاسيم وجهها‬

‫الفاتن هاتفة بحماس متسائل‪ :‬حقا هل أستطيع ذلك؟‬

‫‪670‬‬
‫قهقه اآلخر بشدة على إستغرابها فتوردت وجنتي األخيرة‬

‫كحبتي تفاح طازج متأملة ضحكته الخالبة التي تدغدغ‬

‫أنوثتها وتتالعب بنبضات قلبها الهادرة‪ ،‬فتحدث هو بتأكيد‬

‫بعد أن توقف عن ضحكه‪ :‬طبعا خذي ما تشائين‪ ،‬المكتبة‬

‫تحت أمرك يا سيدتي‬

‫لتهز كتفيها بدالل متفاخر يستفز رجولته هامسة بعذوبة‬

‫حلوة‪ :‬حسنا إذا‪ ،‬ال تنسى أنك من طلب هذا‬

‫فإستدارت باحثة عن مطلبها ليهز رأسها على شقاوتها فها‬

‫هي بعد أن ألفته وإرتاحت له ‪،‬قد بدأت تظهر له شخصيتها‬

‫الحقيقية بداللها ومرحها إال أن أكثر ما يشده فيها هو ثقلها‬

‫ودينها و كم حمد هلل كثيرا أنه لم يخيبه‪ ،‬وقد أكرمه بهذه‬

‫‪671‬‬
‫الزوجة الصالحة التقية‪ ،‬فهي مزيج من براءة الطفولة‬

‫ونضج الشباب‬

‫ليستفيق من وصلة شروده بها على صوتها الرقيق الهاتف‬

‫‪ -‬أظن أنني سآخذ أيضا هاذان الكتابين "مشكلة ثقافة"‬

‫و "كتاب دور المسلم" هكذا اصبحوا ثالث كتب من‬

‫مجموعة إبداعات مالك إبن نبي‬

‫ناظرها وهي تحمل الكتب ليردف بهدوء‪ :‬هناك كتب أخرى‬

‫له بالرف خذيها هي أيضا‬

‫تنهدت ميس بعبوس طفولي متحدثة‪ :‬ال سأتركها لفرصة‬

‫أخرى أفضل‪ ،‬تكفيني هذه الثالثة كتب‪ ،‬ألن كثرة الكتب من‬

‫‪672‬‬
‫حولي تشتتني وتحمسني كثيرا فال أستوعب ما أقرأه من‬

‫معلومات‪،‬لهاذا سأكتفي بما أخذته حتى أنتهي منها‬

‫النت مالمحه بدفئ آخذا الكتب منها يحملهم نيابة عنها وقد‬

‫إستحسنت هذه الحركة منه وراقتها فهمس‪ :‬حسنا كما‬

‫تريدين ‪،‬عندما تنتهين منهم أخبريني فقط كي أصطحبك لهنا‬

‫مجددا لشراء بقية الكتب‬

‫أومئت له بإيجابا مغمغمة بلطف‪ :‬ما رأيك أن تستعيرهم مني‬

‫لقرائتها أنت بعدي‪ ،‬صدقني هذه الكتب رائعة حقا‬

‫تبسم بحنو مسايرا داللها الشقي ذاك قائال‪ :‬بإذن هللا البئس‬

‫دنت منه بخفة مستفهمة ‪ :‬أتعلم هناك مقولة قالها مالك إبن‬

‫نبي أعجبتني حقا يومها وال زالت راسخة في ذهني ليومنا‬

‫هاذا‬

‫‪673‬‬
‫إستند نزار على خزانة الرفوف مقطبا حاجبيه بإستفهام‬

‫جلي على محياه الوسيم مستفسرا بهدوء‪ :‬وما هي هذه‬

‫المقولة؟‬

‫تحركت األخيرة بخطوات حثيثة رافعة أناملها نحو الرفوف‬

‫تقرأ ما تحتويه من عناوين مختلفة فأردفت بلطف‪ :‬قال " ال‬

‫تصمت عن قول الحق‪..‬فعندما تضع لجاما على‬

‫فمك‪،‬سيضعون سرجا على ظهرك" حكمته هذه حقا تخط‬

‫بماء الذهب‪ ،‬أبدعت كلماته كثيرا في قول الصواب‬

‫فإستدارت له ببسمتها الدافئة تلك التي تخترق قلبه مرة بعد‬

‫أخرى فتجعله منتشيا بها عن الكون أجمع سائلة إياه برقة‪:‬‬

‫ما رأيك في مقولته؟‬

‫‪674‬‬
‫أومئ نزار لها بإيجاب مردفا‪ :‬حسنا‪ ،‬لقد أصاب عين‬

‫الحقيقة‪ ،‬ما قاله صحيح تماما‪ ،‬طبعا من يرضخ للباطل مرة‬

‫سيكون دوما منبطحا ألهله أكيد‬

‫إقتربت منه متنهدة بخفوت عابس هامسة‪ :‬حسنا أظن أنه‬

‫علينا الخروج من هنا سريعا قبل أن أغير رأيي وأشتري‬

‫المزيد من الكتب‬

‫ضحك األخير عليها هازا رأسه على عبوسها الظريف‬

‫فسئلها بهدوء‪ :‬ألن تشتري روايات ما؟‬

‫زمت اإلخرى شفتيها بتفكير فإبتهجت مالمحها فجأة وكأنها‬

‫تذكرت شيئا ما‪ ،‬لتتحدث بحماس شديد‪ :‬ذكرتني‪ ،‬كنت منذ‬

‫‪675‬‬
‫مدة شراء بعض روايات أجاثا كريستي‪ ،‬حقا أتوق لقراءة‬

‫بعضا من أعمالها‬

‫النت تقاسيم وجه نزار فهمس بخفوت‪ :‬تدللي سيدتي‪،‬‬

‫سأشتريها لك إن كان هاذا يسعدك ويرسم تلك اإلبتسامة‬

‫على ثغرك ذاك‬

‫إرتبكت ميس لتعلن وجنتيها توردها المعتاد إثر كلماته‬

‫العابثة فأشاحت وجهها عنه لتردف بخجل لذيذ ‪ :‬نزار توقف‬

‫قهقه اآلخر بخفة عليها هاتفا بهدوء‪ :‬حسنا توقفت‪ ،‬تعالي‬

‫معي لنبحث عن رواياتها‬

‫‪676‬‬
‫قدم لها كفه فأمسكت بكفه الدافئة وحمل بذراعه األخرى‬

‫الكتب عائدين حيث يوجد العمال‪ ،‬فتحدث نزار مستفهما‬

‫منها‪ :‬لم أكن أعلم أنك من هواة قراءة الروايات البوليسية؟‬

‫ضحكت ميس بحالوة مردفة‪ :‬في الحقيقة أنا كذلك لست من‬

‫قراء هاذا النوع ال أنكر‪ ،‬لكنني مؤخرا سمعت كثيرا من‬

‫القراء في مواقع التواصل عن هذه الكاتبة فتحمست‬

‫لمطالعة بعض أعمالها‬

‫ناظرها نزار لبرهة متابعا سيره نحو األمام مغادرا الرواق‬

‫قائال‪ :‬البئس من الجيد أنك تنوعين في طبيعة الكتب التي‬

‫تطالعينها‬

‫‪677‬‬
‫ليقتربا من مكتب اإلستقبال فترائى له شاب هناك يقوم‬

‫بكتابة بعض الكلمات على الحاسوب ليضع نزار الكتب على‬

‫مكتبه مردفا بصوته األجش الرزين‪ :‬ضع هذه الكتب في‬

‫اإلنتظار سنأخذها عندما نغادر‪..‬ومن فضلك أخبرني أين نجد‬

‫روايات أجاثا كريستي‬

‫أومئ لها الشاب بعد أن إستقام مبتسما بهدوء ليقول‪ :‬حسنا‬

‫ثواني فقط‬

‫فخطت أنامله بعض الكلمات على الحاسوب فأردف برزانة‬

‫بعدها‪ :‬رواياتها بالرواق الحادي عشر الجانب األيسر منه‪،‬‬

‫في الرف العشرون‬

‫‪678‬‬
‫شكره نزار بهدوء ليجذب ميس بكفه بحنو متحركا معها‬

‫حيث أخبرهم العامل‪ ،‬فتحدثت ميس مستفهمة‪ :‬كيف عرفت‬

‫أن روايات أجاثا أغلبها بوليسية هل قرأت لها؟‬

‫نفى نزار برأسه ملتفتا لها والبسمة تعلو ثغره مجيبا إياها‪:‬‬

‫في الحقيقة ال لست من هواة الروايات‪ ،‬لكن سمعت عنها‬

‫قبال خاصة أنها مشهورة جدا يعني ليس باألمر الصعب‬

‫معرفته‬

‫أومئت له األخرى بهدوء مردفة بعدها‪ :‬أجاثا كريستي تعد‬

‫أعظم مؤلفة روايات بوليسية في التاريخ‪ ،‬حيث بيعت أكثر‬

‫من مليار نسخة من رواياتها والتي ترجمت إلى أكثر من‬

‫مئة لغة‬

‫‪ -‬رائع حقا أن تصل لهاذا القدر من الشهرة ‪،‬فهاذا يدل‬

‫على تمكنها في الكتابة واإلبداع في ثنايا رواياتها‬

‫‪679‬‬
‫تحدث نزار بهدوء ليرفع رأسه األعلى وقد وصل للمكان‬

‫المقصود مسترسال‪ :‬ها قد وصلنا إنه الرواق الحادي عشر‬

‫فلندخل له‬

‫سايرته األخيرة وكفه الزالت محتكرة كفها لتبستم إثر هاذا‬

‫فإخترق مسامعها صوته ‪ :‬الجانب األيسر من الرواق ‪،‬‬

‫والرف العشرين‪ ،‬أظن أنه في األخير‬

‫تحدثت ميس بهدوء بعده‪ :‬أجل أظن أنه هناك في أخر‬

‫الرواق‬

‫فتحركا بهدوء ليتوقفا عند الالفتة الخضراء الموضوعة عند‬

‫الرف والذي كان قد كتب فيها العدد عشرون‬

‫‪ -‬ها هي معظم رواياتها على ما أظن‬

‫‪680‬‬
‫تحدث نزار وقد برز أمامه على الرف مجموعة روايات‬

‫مختلفة‪ ،‬فإقتربت ميس أكثر من الرف مطالعة العناوين‬

‫أمامها هاتفة بحماس‪ :‬أجل هي‪..‬يا إلهي ماذا سأختار اآلن؟‬

‫قهقه نزار على حيرتها الجذابة حقا‪ ،‬ليدنو منها رابتا على‬

‫رأسها بحنو قائال‪ :‬حسنا خذيها كلها‪ ،‬ما الضير في ذلك؟‬

‫زمت ميس شفتيها بطفولية متحدثة‪ :‬أخبرتك أنني سأتشتت‬

‫يا نزار‪ ،‬ال أحب كثرة الكتب الجديدة من حولي ستجعلني‬

‫أسرع بقراءة الكتاب دون أن أستوعب ما يحتويه‬

‫هز رأسه عليها بلطف مردفا‪ :‬حسنا إذا‪،‬إختاري اآلن بعضها‬

‫وبعد أن تكملي مطالعتهم سأحضرك مجددا لشراء الباقي‬

‫إطمئني‬

‫‪681‬‬
‫ناظرته األخيرة بحب ‪،‬فهام هو بزبرجد عينيها الساحر‬

‫لتبتسم بلطف مذيب لألعصاب وما هو بقادر على مقاومة‬

‫فتنة إبتسامتها تلك فتهادئى له صوتها الرقيق‪ :‬شكرا لك‬

‫حقا يا نزار أنا في غاية اإلمتنان لك‬

‫إبتلع ريقه مردفا بهدوء مصطنع ليداري إرتباكه بسببها‬

‫بهائها المفرط‪ :‬البئس المهم أن تكوني سعيدة ال غير‬

‫بريق خاطف مر بمقلتيها إثر كلماته الرابتة و المحتوية‬

‫لروحها التي كانت متعطشة للحب واإلهتمام ‪،‬فأعادت‬

‫أنظارها للرف أمامها فارة من دفئ مقلتيه التي يربكها أكثر‬

‫‪..‬رفعت أناملها الرقيقة حيث الروايات فأردفت بعد لحظات‪:‬‬

‫حسنا أظن أنني سآخذ هذه الرواية بعنوان" لم يبقى احد"‬

‫‪682‬‬
‫وهذه أيضا "جريمة في قطار الشرق" و رواية "األربعة‬

‫الكبار" سأكتفي بهؤالء حاليا حتى أتمهم ثم أكمل شراء‬

‫الباقي‬

‫إبتسم نزار ملئ شدقيه مستفهما منها بمشاكسة‪ :‬أمتأكدة‬

‫أنك ال تريدين شراء الباقي من رواياتها؟‬

‫إستدارت له ميس حاملة بين ذراعيها الكتب الثالثة لتمط‬

‫شفتيها بعبوس لطيف مغمغمة‪ :‬عفكرة سخريتك هذه‬

‫تجرحني كثيرا سيد نزار‬

‫ضحك األخير على كلماتها الحانقة فأخرج كفيه من جيبي‬

‫بنطاله آخذا الكتب عنها قائال‪ :‬أين التجريح في كالمي يا‬

‫‪683‬‬
‫بنت الحالل‪،‬هل ألنني طلبت منك أن تتأكدي بأنك كنت‬

‫ستكتفين بهذه الكتب فقط أو تريدين أخذ المزيد منهم‬

‫عقدت األخيرة ذراعيها على صدرها هاتفة‪ :‬أخبرتك أن‬

‫كثرة الكتب من حولي ستشتت أفكاري وتجعلني غير‬

‫مستوعبة لما أتلقاه‬

‫النت مالمحه بحنو متأمال وجهها البهي ليهمس بلطف‪:‬‬

‫البئس كما تريدين سيدتي‬

‫قهقهت األخيرة بخفة مستفهمة منه‪ :‬أتعلم عندما سئلت‬

‫أجاثا كريستي عن كيفية كتابتها لحبكاتها البوليسية إحزر‬

‫ماذا أجابت؟‬

‫‪684‬‬
‫تبسم نزار عاقدا حاجبيه بإستغراب مجيبا إياها‪ :‬حسنا‪،‬‬

‫أبهريني ماذا قالت‬

‫وضعت كفها على ثغرها ضاحكة بشقاوة مهلكة ألعصابه‬

‫وهو بالكاد يتمالك نفسه بحضرتها الملوكية‪ ،‬لتتابع كلماتها‪:‬‬

‫كانت تقول "حبكات روايتي البوليسية أهتدي إليها وأنا‬

‫أغسل الصحون‪ ،‬ألن هاذا العمل الغبي يدفعك بشكل ال إرادي‬

‫للتفكير في القتل"‬

‫ضحك نزار بخفة هازا رأسه على كالمها مغمغما‪ :‬حقا؟‬

‫وهل عملية غسل األواني والصحون مزعج لهذه الدرجة‬

‫حتى تفكر بهاذا اإلجرام‬

‫تنهدت األخيرة بعد أن توقفت عن الضحك مومئة إيجابا‬

‫برأسها متحدثة‪ :‬في الحقيقة جزء كبير من النساء يمقتون‬

‫غسل األواني ال أنكر‬

‫‪685‬‬
‫رفع حاجبه بمكر مستفسرا منها‪ :‬وأنت من أي نوع‬

‫بالضبط؟‬

‫هزت االخرى كتفيها متالعبة بصفحات الكتاب بين يديها‬

‫مردفة‪ :‬في الحقيقة لست محبة لغسل األواني طبعا‪ ،‬وفي‬

‫ذات الوقت لست ممن يمقتون هاذا الفعل‪ ،‬تستطيع القول أنه‬

‫أمر عادي بالنسبة لي مجرد عمل بسيط أستطيع مزاولته‬

‫دون كراهة‬

‫تمعن في أناملها الرفيعة المتراقصة على جوانب الكتاب‬

‫كأنها تعزف سمفونية الهوى المداعبة لقلبه النابض بإسمها‬

‫‪،‬فرقت تقاسيم وجهه الوسيم مردفا‪ :‬بعد زواج سأحضر لك‬

‫خادمة لكي تساعدك في أشغال البيت ال تقلقي‬

‫‪686‬‬
‫رفعت ميس وجهها له عاقدة حاجبيها قائلة‪ :‬ولماذا قد‬

‫تحضرها لمساعدتي بالبيت‪،‬أستطيع أن أتكفل بكل شيئ دون‬

‫مساعدة أحد‬

‫تنهد نزار بخفوت قائال‪ :‬ال أريدك أن ترهقي نفسك بمشاغل‬

‫البيت يا ميس‪ ،‬باإلضافة الحمد هلل حالتي المادية جيدة‬

‫بفضل هللا‪ ،‬لهاذا ال ضير بإحضار من تساعدك في هاذا‬

‫األمر‪ ،‬أمي طلبت منها عدة مرات سابقا أن تسمح لي‬

‫بإحضار واحدة لمساعدتها ‪،‬لكنها تضل ترفض هاذا كل مرة‬

‫متحججة بأنها ال تأتمن لوجود غريبة تصول وتجول بالبيت‬

‫النت تعابير وجهها متحدثة بلطف‪ :‬معها حق‪ ،‬فلو إحتاجت‬

‫لمن يساعدها أكيد ستطلب منك ذلك‪ ،‬وأنا كذلك إذا أردت‬

‫يوما هاذا سأطلب أيضا ال تقلق‪ ،‬أحب أن اهتم بتفاصيل‬

‫‪687‬‬
‫مملكتي الصغيرة بنفسي دون دخول أي غريب‪ ،‬باإلضافة أن‬

‫والدتك وريم معي أكيد لن أتعب أبدا بل سأستمتع بكل ما‬

‫سأقدمه عن محبة وطيب خاطر‬

‫قهقه نزار بجاذبية رجولية أربكت دقات قلبها المهتاج‬

‫لسحره األخاذ فأردف بعدها‪ :‬أمي يعتمد عليها حقا‪،‬أما ريم‬

‫ال أشك‪ ،‬فهي ال تجيد سلق بيضة‬

‫شاركته األخرى الضحك متحدثة‪ :‬ال أظن ذلك رأيتها عدة‬

‫مرات عندما زرتكم سابقا فهي تتقن عدة أشياء‪،‬ليست‬

‫ماهرة ربما‪ ،‬لكنها أيضا ليست فاشلة تماما‪.‬‬

‫تحرك نزار مع ميس بخطوات هادئة قائال‪ :‬لطالما كنت‬

‫أطلب منها أن تطبخ لي أي شيئ وكانت تدعي أنها ال‬

‫‪688‬‬
‫تجيده‪،‬تلك الماكرة إذا كانت تتالعب بي طوال الوقت‪ ،‬لقد‬

‫أفسدها داللي حقا كما تقول أمي‬

‫ناظرته األخيرة بفخر حقيقي مغمغمة بحنو‪ :‬هي محظوظة‬

‫حقا بأخ محب ومراعي مثلك‬

‫وجه نزار نظراته لها ليرق محياه هامسا بخفوت شديد‬

‫وحار‪ :‬أعدك أنني سأكون لك زوجا محبا ومراعيا أيضا يا‬

‫ميسي‬

‫توردت وجنتيها فجأة وإزداد هدير قلبها فأشاحت بوجهها‬

‫عن مرأى عيناه شابكة أصابعها مع بعضهما البعض بحياء‬

‫شهي حقا‪ ،‬ليبتسم بخفة على خجلها ذاك الذي يستفز‬

‫رجولته كل مرة‪ ،‬وصال عند مكتب اإلستقبال واضعا الكتب‬

‫‪689‬‬
‫أمام العامل هاتفا برزانة‪ :‬سآخذ هذه الكتب أيضا مع الكتب‬

‫السابقة‬

‫أومئ له األخير بهدوء واضعا ياهم في كيس مقدما إياهم‬

‫له‪ ،‬حيث قام نزار بأخذهم دافعا ثمنهم بعد أن أخبره العامل‬

‫بالسعر الكلي‪.‬‬

‫غادرا المكتبة فتوقف نزار على بعد منها موجها نظراته‬

‫لميس مسستفهما منها بإستفزاز‪ :‬هل متأكدة أنك ال تريدين‬

‫شراء كتابا آخر يا ميس؟‬

‫زمت األخرى شفتيها بحنق ظريف مهسهسة بحدة‪ :‬نعم يا‬

‫سيد نزار متأكدة جدا‬

‫‪690‬‬
‫قهقه األخير على حنقها ماسكا كفها بلطف لتتشابك أناملهما‬

‫بدفئ تراقصت له قلوب المحبين فأردف بمشاكسة‪ :‬حسنا إذا‬

‫سيدتي‬

‫ليقطعا الطريق بخطوات سريعة متجهين نحو السيارة ففتح‬

‫لها الباب لتشكره بلطف ‪،‬متخذة مجلسا بالكرسي األمامي‪،‬‬

‫ليعود هو لكرسي القيادة واضعا الكتب بالخلف مشغال‬

‫سيارته منطلقا لمكان آخر‬

‫رفع معصمه لمعرفة الوقت متحدثا بعدها‪ :‬إنها الحادية‬

‫عشر ونصف ‪،‬ما رأيك أن نذهب للغداء بإحدى المطاعم ثم‬

‫نتجه بعدها للمسجد ألداء صالة الظهر‬

‫‪691‬‬
‫تبسمت له األخيرة بمحبة مومئة له بإيجاب هاتفة‪ :‬حسنا‬

‫البئس‬

‫ناظرها بطرف عينه ليردف‪ :‬أعرف مطعما راقيا قرب‬

‫شاطئ البحر ‪،‬لقد زرته سابقا متأكد أنه سيعجبك‬

‫وجهت األخيرة نظراتها له فعقدت حاجبيها بحيرة متسائلة‬

‫في عقلها مع من زاره قبال يا ترى‪ ،‬لتنهر نفسها على‬

‫غبائها متنهدة بخفوت محاولة كبح فضولها فتهادى لها‬

‫صوته المستفهم‪ :‬ميس ما خطبك؟‬

‫زمت شفتيها كاتمة تلك الدودة الفضولية التي تنهش كيانها‪،‬‬

‫مردفة بخفوت‪ :‬ال شيئ‬

‫‪692‬‬
‫ضيق عينيه مبصرا توترها ‪،‬كيف تفرك كفيها ببعضهما‬

‫البعض ليعيد بصره لألمام مركزا على الطريق مغمغما‪ :‬هل‬

‫أنت متأكدة؟‬

‫‪ -‬مع من كنت تذهب لذاك المطعم ؟‬

‫سئلت بسرعة غير قادرة أكثر على التحكم في فضولها‬

‫قطب جبينه محاوال فهم مقصودها فهمس‪ :‬ماذا تقصدين ؟‬

‫ليستوعب تسائلها فإنفجر ضاحكا‪ ،‬ضاربا المقود بكفه‬

‫محاوال التركيز على قيادته‪ ،‬فعقدت ميس ذراعيها على‬

‫‪693‬‬
‫صدرها بحنق مشيحة برأسها للنافذة بقربها محاولة التحكم‬

‫بنبضات قلبها المتراقصة طربا لسمفونية ضحكته الرنانة‪.‬‬

‫هز رأسه عليها وكأنه قد قطع األمل منها‪ ،‬محاوال التحكم‬

‫في ضحكته‪ ،‬فحول نظراته لها ليراها مبعدة وجهها عنه‬

‫لجهة األخرى من النافذة‪ ،‬فهتف بمشاكسة بعد توقفه عن‬

‫موجة الضحك‪ :‬ماذا تقصدين بتساؤلك ذاك يا ميس؟‬

‫تمتمت بخفوت والزالت عيناها تخاصم عيناه‪ :‬الشيئ مهم‬

‫تأملها كيف تمارس داللها المستفز لرجولته فإبتسم بحب‬

‫فضحته مقلتاه قابضا بقوة على المقود معيدا نظراته لألمام‬

‫‪694‬‬
‫هاتفا‪ :‬حقا؟؟ أظن أن إستفهامك كان لغاية في نفسك أليس‬

‫كذلك يا ميسي‬

‫هزت كتفيها متالعبة بسحاب حقيبتها البيضاء مهمهمة‪:‬‬

‫إنسى األمر‪،‬فقط لحظة غباء ال تكترث لها‬

‫النت مالمح وجهه الوسيمة متنهدا بخفوت مدركا فضولها‬

‫ذاك والذي ينم عن غيرة أنثوية وقد راقته هذه الخاطرة‬

‫حقا‪،‬فهو ينتشي من غيرتها تلك وتداعب رجولته المغذية‬

‫لروحه المتعطشة ألدنى إهتمام توليه له خاصة‪ ،‬فأردف‪:‬‬

‫لحظة غباء أو لحظة فضول أنثوي لزوجتي العزيزة‬

‫‪695‬‬
‫توردت وجنتيها خجال وقد أحبت مناداته لها بزوجته فهذه‬

‫الكلمة رغم بساطتها إال أنها ترفعها لسابع سماء من‬

‫السعادة والحبور‪ ،‬فناغشها مجددا سائال بقهقهة خفيفة‪ :‬هيا‬

‫يا ميسي أعيدي ما قلت‪ ،‬صدقا لم أفهم قصدك‬

‫تهربت األخرى من عيناه هامسة بخجل‪ :‬ال تراوغ أنت تعلم‬

‫جيدا ما أعنيه‬

‫تنهد بخفوت كاتما بسمته مركزا على الطريق أمامه قائال‪:‬‬

‫إذا أنت تلمحين أنني زرت المطعم مع فتاة ما سابقا أليس‬

‫كذلك؟‬

‫وجهت بصرها نحوه متأملة جانب وجهه مردفة بخفوت‪:‬‬

‫أبدا ‪..‬أنا أثق بك وبحسن أخالقك كثيرا‬

‫‪696‬‬
‫عم الحنان ثنايا قلبه فتحدث بهدوء‪ :‬إذا هل أعتبره فضول‬

‫أنثى تريد معرفة تحركات زوجها؟‬

‫هزت كتفيها مغمغمة‪ :‬ال يهم هاذا لن يغير من الحقيقة شيئا‬

‫ضحك بخفة ناظرا لها بطرف عينه مستفهما‪ :‬أي حقيقة‬

‫بالذات؟‬

‫زفرت بحنق مردفة‪ :‬حقيقة أنك زرته سابقا مع شخص ما‬

‫هزا رأسه ضاحكا عليها‪ ،‬هذه الفتاة تخرجه عن طوره حقا‬

‫ال تكف أبدا عن مفاجئته كل مرة‪ ،‬فأردف من بين أنفاسه‪ :‬يا‬

‫بنت الحالل وأين اإلشكال إن كنت قد زرته سابقا مع شخص‬

‫ما‪ ،‬أليس كل البشر يفعلون هاذا؟‬

‫‪697‬‬
‫‪ -‬مع من زرته وال تراوغ؟‬

‫إستفسرت منه ميس بسرعة‪ ،‬والفضول قد وصل أوجه‪،‬هي‬

‫تثق به أكيد لكن غيرتها ال تستطيع التحكم فيها‪ ،‬فتنهد‬

‫مبتسما على إصرارها ليردف بهدوء مسايرا لها‪ :‬حسنا يا‬

‫سيدتي إرضاءا لك سأخبرك‪ ،‬فقد زرته منذ سنة تقريبا مع‬

‫والدتي وريم بعد أن رشحه لي أحد العمال مادحا إياه‪ ،‬هل‬

‫إرتحت اآلن؟‬

‫زفرت براحة متمتمة بجيد‪ ،‬لينفجر نزار ضاحكا‬

‫عليها‪،‬فشتمت األخرى نفسها بسرها على زلة لسانها فهي‬

‫حقا أصبحت غير متحكمة بنفسها خاصة عندما تكون‬

‫بمحيطه‪ ،‬تنهار حصونها وتكثر زالتها وإنفالتها الالمعهود‬

‫بحضرته‪.‬‬

‫‪698‬‬
‫‪-‬لم أفهم ما هو الجيد يا ميسي؟‬

‫زمت شفتيها بعبوس عاقدة ذراعيها على صدرها فهو ال‬

‫يكف عن إستفزازها كل حين لتغمغم‪ :‬ال شيئ‬

‫رفع حاجبه بمكر ناظرا لها بشقاوة قلما يتبعها مستفهما‪:‬‬

‫متأكدة؟‬

‫نفخت خديها بحنق طفولي هاتفة‪ :‬نزار قلت الشيئ‪ ،‬أنت‬

‫تتعمد إحراجي‬

‫قهقه بخفة متابعا قيادته متحدثا‪ :‬فقط أردت اإلستفسار ما‬

‫الخطب في هاذا؟‬

‫‪699‬‬
‫وجهت نظراتها صوبه قائلة بعتاب حاني‪ :‬الخطب يا سيد‬

‫نزار أنك تحرجني كل مرة‪ ،‬و أنت فقط تركز على زالت‬

‫لساني لتربكني‬

‫ابتسم بحنو مماثل متأمال زبرجد عينيها الفاتن فإرتفعت‬

‫نبضاتها وتراقصت تلك الفراشات بمعدتها طربا لسحر‬

‫بسمته الخالبة‪ ،‬حيث شبكت كفيها ببعضهما البعض خجال‬

‫هاربة من دفئ مقلتيه‪ ،‬فإرتفعت زاوية شفتيه أكثر مستمتعا‬

‫بإحمرار وجنتيها الشهي ذاك‪،‬ليعود مركزا على طريق أمامه‬

‫هامسا بخفوت‪ :‬زالت اللسان تكشف الكثير من الخبايا يا‬

‫ميسي‪ ،‬لهاذا أحب أن أعتمد عليها ألتعرف عليك أكثر‬

‫‪700‬‬
‫تأملت األخيرة ذراعه العضلية المرتكزة على المقود والتي‬

‫كانت بنهاية معصمة ساعة تبدو فخمة‪ ،‬مغمغمة بتساؤل‪ :‬لو‬

‫سئلتني لكنت أجبتك ببساطة‪ ،‬ال داعي ألسلوب المحققين‬

‫هاذا‪،‬لم أكن ألكذب عليك في إجاباتي أبدا‬

‫ضحك ملئ شدقيه موقفا سيارته قرب إحدى المطاعم راكنا‬

‫إياها على جانب الطريق‪ ،‬ليستدير بكليته نحو ميس هاتفا‬

‫بحنو‪ :‬إذا أنت ترين أنني محقق يا ميسي؟‬

‫هزت كتفيها متالعبة بسحاب حقيبتها فارة من تأمالته لها‬

‫مجيبة إياه بخفوت‪ :‬أنت قلتها بنفسك‪ ،‬تحب أن تركز على‬

‫زالتي وفلتات لساني لتكتشف خبايا نفسي ‪،‬أليس هذا من‬

‫صفات المحققين أيضا‬

‫‪701‬‬
‫رفع حاجباه هازا رأسه عليها وعلى ظرافتها المذيبة‬

‫لألعصاب والمهلكة للفؤاد مغمغما بصوته األجش‪ :‬وما‬

‫الضير إن كانت هذه الوسيلة الوحيدة لمعرفتك بتفاصيلك‬

‫رفعت عينيها فتعانقت مع مقلتيه في حوار صامت‪،‬وكان‬

‫وقعه كبهاء اللقاء األول‪،‬برعشاته اللذيذة‪ ،‬وسمفونية نبض‬

‫الكيان والقلوب المهتاجة‪ ،‬تمازجت بأهازيج الجوارح‬

‫وتراقصت طربا مع ترنيمة الروح العاشقة‪ ،‬فإزداد وقع‬

‫توترها مشيحة بوجهها عن مرآه مغمغمة بخفوت‪ :‬إسئلني‬

‫ببساطة وسأخبرك بكل شيئ طبعا‬

‫طالعها بجمالها البريئ وخجلها اللذيذ المستفز لرجولته‪،‬‬

‫فقط لو تعلم ما تفعله به‪ ،‬لرحمته من كل هاذا العذاب‪،‬كمالك‬

‫‪702‬‬
‫ذو هالة نورانية مقدسة يحيم باألجواء فيمأل الكون نورا‪،‬‬

‫وإشراقا‪ ،‬بهاءا خالبا وضياءا ‪ ،‬فإستقامت شفتاه الغليظة‬

‫بإبتسامة دافئة متأمال إصبعها البنصر الرفيع الذي يحتوي‬

‫خاتم الخطبة والذي يؤكد ملكيته لها‪،‬هي بكليتها له‪ ،‬روحا‬

‫وكيانا وقلبا وجسدا‪ ،‬زوجته هي‪ ،‬مليكته وسيدة قلبه‬

‫الفاتنة‪،‬فإمتدت كفه نحو كفها قابضا عليها بحنو وتشابكت‬

‫أصابعهما‪ ،‬فعم األخرى اإلرتباك وها هي خدودها تتعانق‬

‫بحمرة الخجل‪ ،‬فرفع كفها نحو ثغره مقبال أصابعها الرقيقة‪.‬‬

‫تبعثر كيان ميس وإهتاجت الفراشات بمعدتها‪ ،‬ففقدت‬

‫أنفاسها لوهلة‪ ،‬مبتلعة ماء حلقها‪ ،‬وإرتفعت تلك النبضات‬

‫الهادرة أيسر صدرها ‪ ،‬لتحس بشفتاه الثخينة تلثم أصابعها‬

‫برقة متناهية وكأنه يخشى عليها حتى من دفئ أنفاسه‪،‬‬

‫‪703‬‬
‫ليعود بعينيه البندقية نحو عينيها الزبرجدية‪ ،‬محاوال تمالك‬

‫زمام نفسه مسترجعا سيطرته على ذاته المسلوبة من قبلها‬

‫محمحما‪ ،‬تاركا إياها تستعيد كفها من قيد يده هاربة من‬

‫أسر مقلتيه‪ ،‬فرفع كفه دالكا رقبته من الخلف مغمغما‬

‫بإرتباك مفضوح‪ :‬حسنا لقد وصلنا للمطعم فلننزل‪.‬‬

‫فتح الباب بقربه مترجال من السيارة‪،‬فأسدلت األخيرة‬

‫جفنيها مبتسمة بحياء أنثوي جذاب واضعة كفها على قلبها‬

‫معاتبة إياه‪ :‬توقف عن الهدير هكذا‪،‬أخشى أن تتوقف عن‬

‫النبض مستقبال بسببه هو وسحره يا قلبي‬

‫فإزدرت ريقها مترجلة هي األخرى حركة بخطوات هادئة‬

‫نحو نزار الواقف بالقرب من السيارة‪ ،‬داعية هللا في سرها‬

‫‪704‬‬
‫أن ال تفضحها نبضاتها المتراقصة طربا من جاذبية زوجها‬

‫المفرطة‬

‫فمد يده لها قاصدا كفها لتبتسم له بحنو قابضة هي األخرى‬

‫على كفه ‪،‬فدلفا عبر الباب الزجاجي للمطعم والذي كان‬

‫فخما حقا بطابعه العصري الراقي‪ ،‬ليغادراه بعد ساعة ونزار‬

‫يقهقه هازا رأسه على ميس وحركاتها العفوية والتي تزيده‬

‫جنونا به‪ ،‬والتي كانت األخيرة تزم شفتيها بعبوس ظريف‬

‫عاقدة ذراعيها على صدرها هاتفة بحنق‪ :‬أتعلم أمرا‪ ،‬أظن‬

‫أن الموضوع ال يستحق كل هذه القهقهة يا سيد نزار‬

‫تحركت بخطوات حثيثة متجاهلة إياه‪ ،‬فلحق بها مردفا من‬

‫بين أنفاسه‪ :‬إنتظري لم يبقى على آذان الظهر إال دقائق في‬

‫نهاية الشارع يوجد مسجد دعينا نتجه له ألداء الصالة‪.‬‬

‫‪705‬‬
‫تابعت األخرى سيرها في صمت‪ ،‬فجاورها نزار ماشيا‬

‫بقربها متأمال جانب وجهها البهي ذاك‪ ،‬ليتنهد بخفوت قائال‪:‬‬

‫ال تنزعجي مني يا ميسي‪،‬فقط تفاجئت من األمر ال غير‬

‫طرفت األخرى برمشها تهز كتفيها بالمباالة مجيبة‬

‫بإستفزاز‪ :‬أنا أخاصمك اآلن‪ ،‬لهاذا ال تحدثني‬

‫ضحك بخفة على شقاوتها‪ ،‬فهو كل حين يكتشف جانبا من‬

‫شخصيتها والتي إتضح أنها شقية ومستفزة كحلوى‬

‫المرشاميلو التي تدعوك ألكلها‪ ،‬فأردف بحنو متسائل‪ :‬حقا‬

‫أريد أن أعلم أين اإلشكال به لكي تكرهوه هكذا‬

‫تنهدت ميس متوقفة عن المسير ملتفتة له مضيقة عينيها‬

‫بتسائل مماثل‪ :‬بل أنت أخبرني أين اإلشكال إن لم أحبه‬

‫‪706‬‬
‫وضع نزار كفيه بجيبي بنطاله يهز كتفيه بجهل هاتفا‪ :‬ربما‬

‫ألنه أبيض ولذيذ‬

‫رفعت األخيرة حاجبها متحدثة بإستغراب‪ :‬اللفت أيضا أبيض‬

‫لكن نصف ‪،‬بل أغلب البشرية ال تحبه‬

‫فقهقه مرة أخرى عليها مغمغما من بين أنفاسه‪ :‬حسنا‪ ،‬هنا‬

‫علي أن أعترف لقد هزمتني يا ميسي‪ ،‬أنا أيضا ال أحبذ‬

‫اللفت ذاك‬

‫رفعت األخيرة كتفيها بزهو أنثوي جميل قائلة‪ :‬جيد إذا‪ ،‬لكل‬

‫شخص وذوقه الخاص يا سيد نزار‬

‫قطب جبينه متسائال بهدوء‪ :‬لكن األرز لذيذ ومفيد جدا‪،‬‬

‫أستغرب حقا كيف تكرهينه‬

‫تابعت األخيرة سيرها نحو المكان الذي أشار له‪،‬موضحة‬

‫بهدوء‪ :‬أوال أنا لم أقل أنني أكره‪،‬هو نعمة من نعم هللا‬

‫‪707‬‬
‫والحمد هلل رزقنا إياه‪ ،‬أنا فقط ال أستسيغه‪ ،‬يعني لست ممن‬

‫يفضلون أكله ال غير‬

‫أومئ لها برفق متحدثا‪ :‬ريم أيضا كذلك ال تفضله‪ ،‬لطالما‬

‫كانت تتذمر عندما تطبخه أمي لنا‬

‫‪-‬كلها أذواق خاصة‬

‫تحدثت ميس بلطف‪ ،‬ليصدح صوت آذان الظهر ‪ ،‬فأمسك‬

‫نزار بكف ميس متابعا السير نحو المسجد من الجهة‬

‫الخلفية ‪،‬حيث برز أمامهما باب عليه الفتة كتب عليها‬

‫"مصلى النساء" فهمس بصوته األجش‪ :‬أنا سأصلي صالة‬

‫الجماعة مع الرجال‪،‬وأنت يا ميسي مصلى نساء مفتوح هنا‬

‫صلي به وإنتظريني أمام المدخل حتى أوافيك‪ ،‬حسنا‬

‫‪708‬‬
‫أومئت له االخيرة بإبتسامة رقيقة أربكت دواخله‪،‬ليطمئن‬

‫عليها أوال بعد أن دلفت للداخل‪،‬فتحرك هو اآلخر لتأدية‬

‫صالته داعيا هللا في سره أن يلهمه الصبر على جمال‬

‫زبرجدها المهلك لألعصاب‬

‫بعد أن أدت ميس صالة غادرت المصلى منتظرة نزار‬

‫متأملة البحر من بعيد‪ ،‬متمنية زيارته فهي لم تزره منذ‬

‫الصيف الماضي رفقة عائلة ليلى حينما أصروا على دعوتها‬

‫للقدوم معهم لإلستجمام قليال‪،‬قاطع شرودها وقوف نزار‬

‫بقربها بإبتسامته الحانية والتي ال تغيب عن محياه الوسيم‬

‫أبدا‪ ،‬تتمنى لو تتلمس لحيته تلك وتخلل أناملها فيها‪،‬لكنها‬

‫بطبيعة الحال تخجل وترتبك معه وتعجز عن الصمود أمام‬

‫دفئ مقلتيه‪،‬فمد يده لها هامسا بلطف‪ :‬هيا يا ميسي‬

‫‪709‬‬
‫فشبكت األخيرة كفه معها ليتحركا عائدين لسيارة‪،‬فإخترق‬

‫مسامعها صوته الرنيم مغمغما‪ :‬أظن أن الجو أصبح باردا‬

‫قليال‬

‫أومئت له بخفة متحدثة‪:‬نعم نحن في بداية الشتاء تقريبا‬

‫‪،‬أشك أنه سيكون باردا جدا هذه السنة‬

‫رفع حاجبه ناظرا إياها متحدثا بعتاب‪ :‬إذا كان عليك أن‬

‫ترتدي معطفا أو شيئا يقيك من البرد يا ميس‪،‬هكذا أنت‬

‫تستهترين بصحتك‬

‫قهقهت ميس بخفة واضعة كفها اآلخر على ثغرها‪،‬تاركة‬

‫األخير يهيم بتلك الضحكة الخالبة التي تسلب كل ما فيه‪،‬‬

‫وتناغش روحه طربا‪ ،‬فأردفت بعدها‪ :‬في الحقيقة ال أحب‬

‫‪710‬‬
‫لبس المعاطف أو أي شيئ أخر ثقيل‪ ،‬ال أحبذهم بتاتا‪ ،‬أجد‬

‫صعوبة في التحرك بهم‪،‬وأجبر على إرتدائهم فقط إن كان‬

‫الجو ممطرا بغزارة ال غير‬

‫‪ -‬إذا تهلكين صحتك وتسببين المرض لنفسك‪،‬فقط‬

‫إرضاءا لذاتك التي تمقت اللبس الثقيل يا آنسة ميس‬

‫!!‬

‫تحدث نزار بإستغراب على تهورها بشأن صحتها‪ ،‬فإبتسمت‬

‫األخيرة له برقة هامسة‪ :‬ال تقلق أنا دوما أرتدي المالبس‬

‫التي تقيني البرد وتدفئني من داخل‪،‬وإن أضطررت صاغرة‬

‫فسأرتدي المعطف إن شعرت بالبرد يتخلل عضامي‬

‫‪711‬‬
‫هز رأسه عليها هاتفا بلوم حاني‪ :‬البئس‪ ،‬عندما تكونين‬

‫ببيتي وتحت جناحي سأريك كيف تهملين نفسك بهذه‬

‫الطريقة‪.‬‬

‫ضيقت ميس عينيها مستفهمة بإبتسامة مستفزة له‪:‬‬

‫حقا‪،‬وماذا ستفعل مثال يا سيد نزار‬

‫وصال لسيارة فاتحا الباب الخلفي منها جاذبا من داخلها‬

‫معطفه األسود مغلقا الباب مرة أخرى‪ ،‬مردفا بمكر‪ :‬عندما‬

‫تشرفين بيتك ستعرفين‬

‫ليدنو منها بخطواته السلسة رافعا المعطف حولها واضعا‬

‫إياه على كتفيها‪،‬لتبتلع ريقها وتالعبت فراشات بمعدتها‬

‫عازفة أهازيج الحب‪،‬وقد نالت هذه الحركة روقانها‪،‬فتوردت‬

‫وجنتها حياءا متمتمة بالشكر له‪،‬ليقبض نزار على كفها‬

‫‪712‬‬
‫بحنو متحركا معها نحو الشاطئ هاتفا بهدوء‪ :‬إن لم تمانعي‬

‫ما رأيك أن نمشي قليال على شاطئ البحر‬

‫بريق خاطف مر بمقلتيها فتسرب الحماس ألوردتها مردفة‬

‫بحيوية جذابة‪ :‬هل سنذهب له حقا؟‬

‫أومئ لها إيجابا متسائال برزانة‪ :‬هاذا إن لم تمانعي طبعا يا‬

‫ميسي‬

‫ضحكت األخرى بخفة نافية برأسها قائلة‪ :‬أبدا‪ ،‬بالعكس‬

‫كنت أتوق حقا له‪ ،‬وتحرجت أن أطلب منك ذلك‬

‫توقف عن المسير مستديرا لها مقطبا جبينه بإستفهام‬

‫مردفا‪ :‬ولماذا تحرجت من طلب ذلك ما دمت قد رغبت فيه؟‬

‫‪713‬‬
‫هزت ميس كتفيها متمسكة بمعطفه الدافئ مجيبة إياه‪ :‬ال‬

‫أعرف‪،‬فقط خجلت من طلب ذلك‪ ،‬لم أرد أن أثقل عليك‬

‫رقت مالمحه وعم الحنان ثنايا قلبه‪ ،‬فرفع كفه محتويا‬

‫وجنتها الباردة‪،‬ليمسح بإبهامه برقة على بشرتها الناعمة‪،‬‬

‫حيث ثقلت أنفاس ميس وتقلبت معدتها بلطف لتعلن‬

‫نبضاتها كعادتها تمردها في حضرته‪ ،‬فتأمل اآلخر زبردجها‬

‫الساحر هامسا بلين‪ :‬ميس أنا زوجك اآلن ال تتحرجي أبدا‬

‫من طلب أي شيئ مهما كان‪ ،‬أنت مهمتك فقط الدالل وأنا‬

‫أنفذ فورا وعن طيب خاطر‪،‬إيااك أن تخجلي من التصريح‬

‫برغابتك أي كانت‪ ،‬عديني من فضلك كي أرتاح‬

‫قلب ميس إرتعد بدفئ مرسال رعشة على طول عامودها‬

‫الفقري‪،‬باعثا بشرارات دافئة لكل أنحاء جسدها الذي تشرب‬

‫‪714‬‬
‫من حنان الواقف أمامها بسطوته المهيبة والمغيبة لكل‬

‫معاني المنطق بقربه‪،‬فأومئت له بحياء‪ .‬إنعكس جليا في‬

‫إحمرار وجنتيها والتي الزال كف اآلخر يداعبها بإبهامه‪،‬‬

‫فإبتسم بجاذبية مفرطة أهلكت قلب األخيرة‪،‬ليدرك وضعها‬

‫المرتبك بشدة‪،‬فأبعد كفه قابضا على كفها اآلخر‪،‬مبتلعا ماء‬

‫حلقه‪ ،‬مداريا تلك النبضات المبعثرة بفؤاده وسببها األوحد‬

‫سيدة الزبرجد بقربها الساحر‪ ،‬فحمحم مستعيدا سيطرته‬

‫على نفسه‬

‫سارا بصمت حتى وصال لمجموعة من الدرجات المؤدية‬

‫لرمال الشاطئ فإلتفت لها نزار بإبتسامته المليحة قائال‪ :‬ما‬

‫رأيك أن ننزع أحذيتنا لكي يسهل المشي على الرمل‬

‫‪715‬‬
‫أومئت له بهدوء منحية نحو األسفل نازعة حذائها‪،‬‬

‫فشاركها اآلخر نفس األمر ‪ ،‬متحدثا بخفوت‪ :‬فلنضع األحذية‬

‫أسفل الدرج أفضل ثم نعود إلرتدائهم عندما نعود للمغادرة‬

‫ضحكت ميس برقة مستفهمة ‪:‬وماذا إن سرقوا؟‬

‫قهقه اآلخر مردفا من بين أنفاسه‪ :‬حسنا‪،‬أظن أنه سيجدر‬

‫بنا حينئذ أن نعود حفاة إذا‪.‬‬

‫رفعت حاجبها مستقيمة بعد أن خلعت حذائها مغمغمة‬

‫بتهكم‪ :‬حقا لقد طمئنتني شكرا لك كثييرا‬

‫ضحك اآلخر بخفة عليها حامال حذائهما نازال عتبات الدرج‬

‫بهدوء هاتفا‪ :‬ال تقلقي الشاطئ خالل هذه الفترة يكون خاليا‬

‫من الناس ‪،‬لهاذا نادرا ما يمر شخص من هنا‪ ،‬قد يمر فقط‬

‫‪716‬‬
‫بعض الباعة المتجولون لهاذا ال تقلقي على حذاءك يا‬

‫سندريال‬

‫لحقت به األخرى متخطية الدرجات لتجاوره‪،‬حيث وضع‬

‫األحذية قرب الدرج‪،‬فمد كفه لها لتتمسك به األخيرة‬

‫وإبتسامة خجلة تعلو ثغرها‬

‫لحظات مرت يتجاذبان فيها أطراف الحديث‪ ،‬يتضاحكان حينا‬

‫ويتشاكسان حينا أخرى‪،‬برهة من شقاوة ميس‪،‬وأخرى من‬

‫إستفزاز نزار لها‬

‫وتشابك أناملهما مع بعض في دفئ تراقصت لها أوتار‬

‫قلبهما المحبة‪،‬‬

‫‪-‬ما األمر هل إستغربت القصة؟‬

‫‪717‬‬
‫إستفهمت ميس من نزار بمالمح مبتسمة‪ ،‬فأومئ لها اآلخر‬

‫موافقا آياها في تسائلها ليغمغم‪ :‬في الحقيقة نعم‪ ،‬تبدو‬

‫القصة مثل أحداث الروايات وقصص األفالم التي نسمعها‬

‫قهقهت ميس بحبور متابعة السير معه على رمال الشاطئ‬

‫والذي كان قد خال من الناس‪ ،‬فأردفت بعدها‪ :‬نعم معك‬

‫حق‪،‬لكن الحمد هلل أنها عثرت على أسرتها بعد طول غياب‪،‬‬

‫كما أن عائلتها معروفة جدا فهي من الطبقة المخملية‪ ،‬آل‬

‫سلطان لهم وزن كبير في البلد وبمجال التجارة وغيرها‬

‫حسب ما سمعت‬

‫ناظرها نزار بهدوء متوقفا عن المسير هاتفا‪ :‬نعم هذه‬

‫األسرة معروفة سمعت عنها كثيرا وكذلك بعض من أفرادها‬

‫‪718‬‬
‫فهم يعدون من كبار رجال األعمال ‪،‬يبدو أنك سعيدة جدا ألن‬

‫صديقتك عثرت على أسرتها‬

‫أومئت له ميس بسعادة بالغة وقد إنعكس ذلك في لمعة‬

‫مقلتيها الزبرجدية متحدثة بحب كبير‪:‬أكيد طبعا‪ ،‬فصديقتي‬

‫سحر إنسانة رائعة جدا ولطالما كانت لي أختا وسندا قويا‬

‫أعتمد عليه في كثير من األحيان‪ ،‬هي الحضن الدافئ الذي‬

‫يغمرني عطفا طوال الوقت‪ ،‬جميلها ال أستطيع أن أوفيه أبدا‬

‫تبسم نزار وقد الن محياه أكثر مأخوذا بزبرجدها الفاتن‬

‫متحدثا‪ :‬وهي أيضا محظوظة بك يا ميسي‪،‬فأنت ال تقلين‬

‫روعة كذلك‬

‫إرتبكت األخيرة وقد أعلن قلبها صخبه المعتاد مرسال‬

‫رعشات محببة لمعدتها التي تهتاج هي األخرى بالفراشات‬

‫‪719‬‬
‫المتراقصة عند كل مديح يخصها به‪،‬فأبعدت زمردتيها عن‬

‫مرآه بخجل لذيذ متأملة البحر أمامها‪.‬‬

‫تأملها اآلخر كيف تهرب من عينيه حياءا أنثويا فطريا‬

‫يزيدها بهاءا وضياءا‪ ،‬ونورا فوق نور‪ ،‬كلؤلؤة براقة تشع‬

‫جماال فتبهر أعين الناظرين بها‪ ،‬فتوشحت شفتاة الثخينة‬

‫بإبتسامة رجولية وسيمة‪ ،‬ليبصر من قريب إمرأة تحمل‬

‫سلة الفطائر لبيعها‪ ،‬فأردف بحنو‪ :‬تعالي فلنشتري بعض‬

‫الفطائر‪.‬‬

‫وجهت األخيرة نظرها حيث يشير فترائت لها بائعة متجولة‪،‬‬

‫فتحركت بخطوات سلسلة مع نزار حيث المرأة‬

‫‪720‬‬
‫فألقيا عليها السالم‪ ،‬و تبسمت لها األخرى مرحبة‬

‫بهما‪،‬فغمغم نزار برزانة‪ :‬نريد فطيرتين من فضلك‬

‫أومئت لهما بإحترام‪ ،‬مقدمة لهما ما أرادا‪ ،‬فأخرج ورقة‬

‫نقدية هامسا‪:‬تفضلي‪ ،‬وأتركي الباقي لك‬

‫همهمت بالشكر والدعاء له بكل خير متابعة مسيرها‪.‬‬

‫أخذت ميس منه الفطيرة شاكرة إياه بخفر‪ ،‬تقضم منها‬

‫متحدثة بعدها‪ :‬أتدري لقد أعجبتني تلك الحركة حقا‬

‫قطب جبينه ماسحا فتاة الفطيرة من جانب شفتيه متسائال‪:‬‬

‫أي حركة بالضبط لم أفهم؟‬

‫‪721‬‬
‫تابعت األكل هازة كتفيها بإستفزاز شقي مغمغمة‪:‬ليس شرط‬

‫أن تعلم‬

‫هز رأسه على مكرها متابعا المسير وقد المست مياه البحر‬

‫قدميهما‪ ،‬فأردف بعدها‪ :‬أنت تلعبين بخبث‪،‬مدركة ذلك أليس‬

‫كذلك؟‬

‫قهقهت ميس رافعة حجابها عن موجات البحر خوفا من‬

‫تبلله‪،‬فحدقت به هاتفة بحالوة أهلكت قلبه‪ :‬حقا؟ غريب لم‬

‫أكن أدري أنني أفعل‬

‫توقف اآلخر عن السير متابعا قضم الفطيرة متأمال تلك‬

‫الحورية بداللها اللذيذ والذي يربك نبضات الفؤاد فيرديه كل‬

‫مرة عاشقا‪،‬محبا‪،‬مفتونا بها‪،‬مبهورا بسحرها‪،‬‬

‫‪722‬‬
‫لتستدير األخرى له بعد أن نفضت كفيها من فتاة الفطيرة‬

‫التي أنهتها‪ ،‬متحدثة مع بريق زمردتيها البراقة‪:‬ماذا هل‬

‫أكل القط لسانك يا نزار؟‬

‫فمسح اآلخر فمه بمنديله ‪،‬مقتربا منها بإبتسامة خالبة‬

‫تراقصت لها فراشات معدة األخرى وعزف قلبها سمفونية‬

‫الحب‪،‬فإنحنى لها قليال مغمغما بأنفاس حارة‪ :‬يبدو أنك بدأت‬

‫تألفينني بشدة لهاذا تستمرين في إستفزازي‬

‫تأملته األخيرة عن قرب وقد غاصت بعمق بندقتيه الباهرة‬

‫‪،‬وتمازجت أنفاسهما بحديث صامت كان لمقلتيهما الكالم‬

‫األكبر‪،‬فعضت ميس على شفتيها هاربة من تحديقه الذي‬

‫يوهن روحها فتطالبه بضمها له علها تتشرب من حنانه‬

‫أكثر فأكثر‪،‬ليرفع اآلخر كفه بعد أن إبتلع ريقه طالبا من هللا‬

‫‪723‬‬
‫العون على سحرها‪،‬محتويا خدها الناعم ماسحا بإبهامه‬

‫بخفة أسفل ثغرها محررا شفتها من قيد أسنانها‪ ،‬هامسا‬

‫بخفوت تداعت له جوارح األخرى‪ :‬لم تجيبي على سؤالي‬

‫بعد‬

‫رفعت عينيها له وقد داعب عطره المسكي حواسها متحدثة‬

‫بخجل وتلعثم جلي‪ :‬أي‪،‬أي سؤال تقصد؟‬

‫حدق بإرتباكها وبوجنتيها التي أعلنت توردها المعتاد‬

‫مغمغما‪ :‬ماذا قصدت عند قولك أن تلك الحركة أعجبتك؟‬

‫هزت كتفيها بدالل شقي غافلة عن األخير الذي أهلك بقربها‬

‫مهمهمة‪ :‬هناك أسرار ال تقال‬

‫‪724‬‬
‫تبسم ملئ شدقيه والزالت كفه محتوية خدها يداعب بشرتها‬

‫بحنان فياض هاتفا بهدوء‪ :‬هل رأيت‪ ،‬ها أنت تلعبين‬

‫بشقاوة مستفزة إياي‪،‬في أول األمر تلمحين لشيئ ما‬

‫وعندما أستفسر منك عنه تتدللين بكتمانه‪،‬أليس هاذا يسمى‬

‫مكرا يا ميسي‬

‫قهقهت بخفة فارة من عينيه هاربة من قربه الدافئ‬

‫متراجعة بضع خطوات للخلف‪ ،‬هاتفة بحيوية جذابة‪ :‬أوال‬

‫أمسك بي‪،‬وحينئذ أعدك أنني سأخبرك‬

‫رفع اآلخر حاجبه على شجاعتها قائال بضحكة خفيفة‪ :‬أوو‬

‫حقا‪،‬وكأنني ال أستطيع اإلمساك بك لتتحديني هكذا‬

‫‪725‬‬
‫ضحكت األخرى بشدة تقبض بقوة على المعطف كي ال يقع‬

‫متحدثة بحماس بهي‪ :‬من يدري ربما أنت كالحلزون في‬

‫الجري‪ ،‬فتعجز عن اللحاق بي وإمساكي‬

‫أومئ بهدوء متقدما ببطئ لتعود األخرى للوراء أكثر رافعة‬

‫إصبع السبابة في وجهه هاتفة‪ :‬كن عادال وال تخادع‪ ،‬وافق‬

‫أوال على التحدي ثم سأعد لثالثة وهكذا الفائز هو من يعجز‬

‫عن اإلستمرار في الركض‬

‫هز اآلخر رأسه على مشاكستها فأومئ لها مسايرا داللها‬

‫مغمغما‪ :‬حسنا إذا يا سيدتي لك ذلك‪،‬تفضلي عدي لرقم ثالثة‬

‫وأركضي بعدها وسنرى من يصمد‬

‫صفقت بيديها متحمسة‪ ،‬فأخذت شهيقا متحدثة‪ :‬حسنا إذا‪،‬‬

‫سأعد اآلن‪ ،‬ركز وإستعد‬

‫‪726‬‬
‫فأومئ لها بإبتسامة خفيفة بعد أن جال بنظره بأنحاء المكان‬

‫متأكدا من خلوه من أي جنس ذكر آخر‪ ،‬كي ال ترى زوجته‬

‫بهاذا الوضع من الدالل واإلنسياب‪،‬‬

‫فأردف بضحكة‪ :‬لك الخط تفضلي‬

‫قهقهت األخرى هاتفة ‪:‬هيا إذا‪،‬واحد‪ ،‬ثالثة‬

‫لتركض بسرعة بعد أن رفعت حجابها قليال عن األرض كي‬

‫ال تعيق الرمال حركتها‪،‬فقطب اآلخر جبينه متمتما‬

‫بإستغراب‪ :‬لكن أين رقم إثنان؟ ؟‬

‫فقهقه بشدة راكضا خلفها بعد أن تيقن أن تلك الماكرة قد‬

‫خدعته‪.‬‬

‫تمسكت األخرى بالمعطف كي ال يقع مواصلة الركض وقد‬

‫بلغت رنة ضحكاتها عنان السماء‪،‬غير قادرة على كتمانها‬

‫‪727‬‬
‫أكثر‪ ،‬خاصة بعد أن خدعته‪ ،‬لتدير رأسها ناظرة للخلف‬

‫فبرز لها نزار راكضا ورائها‪ ،‬فتفاجئت من سرعته‪،‬لتسرع‬

‫أكثر قدر اإلمكان فرمال شاطئ تعيق حركتها وتبطئ من‬

‫جريها‪ ،‬فإخترقت قهقة نزار طبلة أذنها وصوته األجش‬

‫المداعب لمسمعها هاتفا‪ :‬أيتها المخادعة سأريك كيف‬

‫تتالعبين بي‬

‫فضحكت أكثر مراوغة إياه بعد أن كاد يمسكها‪ ،‬متابعة‬

‫الجري صارخة بحماس‪ :‬أمسكني أوال يا زوجي العزيز‬

‫إبتسم اآلخر بحبور تجلى على تقاسيم وجهه الوسيم‪ ،‬وقد‬

‫تراقصت دقات قلبه على كلمة "زوجي" التي قالتها ميس‪،‬‬

‫حبيبة الفؤاد‪ ،‬فإزداد حماسه بشدة وأسرع في الركض فقد‬

‫‪728‬‬
‫سايرها في البداية كي تطلق العنان لراحتها بالجري وكي ال‬

‫تتوقف اللعبة من الثواني األولى‪،‬أما اآلن وخاصة بعد تلك‬

‫الكلمة فقد إنتهت اللعبة‪،‬فأقترب أكثر كخفة نمر وقبض على‬

‫خصرها بكلتا ذراعيه العضليتين وقد إرتطم ظهرها بصدره‬

‫رافعا إياها من على األرض‪ ،‬فهلعت األخرى صارخة بخوف‬

‫بعد أن وجدت نفسها شبه تطير‪ ،‬ليديرها عدة دورات حول‬

‫نفسه‪،‬فرفعت رأسها مقهقه بشدة ألهبت سمفونية ضحكتها‬

‫قلب األخر‪ ،‬ليصلها همسه الحار قرب أذنها هاتفا بلهاث‪ :‬ها‬

‫قد أمسكت بك يا زوجتي المصون‬

‫جلجلت ضحكتها بأرجاء المكان هاتفة من بين أنفاسها‬

‫المتسارعة‪ :‬واااو مبهر حقا يا بطل‪،‬لكنك كنت كالبطريق في‬

‫ركضك‬

‫‪729‬‬
‫قهقه نزار بشدة على تشبيهها الظريف ليسند ذقنه على‬

‫كتفها مردفا‪ :‬غريب‪ ،‬حسب ما أتذكر أنني أمسكت بك خالل‬

‫دقيقة أو أقل فقط‬

‫وعت األخرى على وضعيتها بين ذراعيها اللذان يشدانها‬

‫بقوة نحو صدره‪،‬لتعلن نبضاتها تمردها كعادتها‪ ،‬وثقلت‬

‫معدتها بطريقة محببة وإرتفع هدير فؤادها الذي إنعكس في‬

‫إحمرار وجنتيها بخفر‪،‬لعجزها عن اإلبتعاد عنه فحضنه في‬

‫غاية الدفئ‪،‬فأطرقت رأسها بخجل‬

‫تأملها نزار بحب والذي كان هو اآلخر قد أعلن قلبه‬

‫الصخب‪،‬وإندفعت الحمم بأوردته‪،‬ليبتلع ريقه محاوال‬

‫السيطرة على نفسه وهي بين ذراعيه وأخيرا‪ ،‬ببهائها‬

‫وحالوتها‪ ،‬هي ميس مليكة قلبه بفتنتها وجمالها‬

‫‪730‬‬
‫فوصلها همسه الحار وقد داعب وجنتها‪ :‬ألم يعلموك في‬

‫المدرسة يا ميسي أن هناك رقم يدعى إثنان بعد الواحد‪،‬ألن‬

‫رقم ثالثة ال يلي الرقم واحد أبدا‬

‫ضحكت األخرى هاتفة من بين أنفاسها‪ :‬عذرا لكن لم‬

‫يعلموني أن اإلثنان يلي الواحد‪ ،‬ما ذنبي إن كانوا فشلوا في‬

‫تعليمي جيدا بصغري بالمدرسة‬

‫قهقه اآلخر مجددا على مراوغتها ليداعب جانب خصرها‬

‫أسفل المعطف بأنامله وقد وهنت قدمي األخرى لحركة‬

‫أنامله الباعثة برعشات حلوة لكل جسدها‪ ،‬فقربه مستنزف‬

‫لطاقتها حقا‪ ،‬فأسندت نفسها على صدره ‪،‬ليحتويها أكثر بين‬

‫ذراعيه غارسا رأسه في عنقها‪ ،‬مستنشقا عبيرها المنشع‪،‬‬

‫المدغدغ لألعصاب‪ ،‬فهمس بحرارة ناغشت خوالجها‪ :‬لم‬

‫‪731‬‬
‫أكن أعلم أن زوجتي ماكرة تجيد اللعب والشقاوة‪،‬كفراشة‬

‫تتالعب ببتالت الزهور‬

‫أسدلت جفنيها متنعمة بحنانه الفياض‪ ،‬وروحها قد إستكانت‬

‫بحضرته‪،‬مغمغمة بصوت هامس‪ :‬زوجة تتدلل على‬

‫زوجها‪،‬ألديك مانع بذلك؟؟‬

‫أبعد رأسه من تجويف عنقها فإحتوى وجنتها بكفه الدافئة‬

‫رافعا وجهها له وقد النت مالمحه‪ ،‬فتحت األخرى عينيها‬

‫متأملة وجهه الوسيم بتقاسيمه الرجولية التي أنهكت قلبها‬

‫الصغير‪،‬فغاص اآلخر بسحر زمردتيها هامسا بأنفاسه‬

‫الحارة والتي داعبت بشرتها‪ :‬تدللي كما تشائين يا‬

‫ميسي‪،‬فأنت زوجتي وضلعي‪ ،‬خلقت فقط لدالل يا سيدتي‬

‫‪732‬‬
‫تسارعت أنفاس األخرى وكأنها بمراثون وقد تراقصت‬

‫الفراشات العاشقة بجولتها المعتادة بمعدتها‪ ،‬محدثة‬

‫صخبا‪،‬وحربا‪،‬وإحتفاال وإبتهاجا‪ ،‬كلماته الشافية لجرح‬

‫روحها‪،‬جمالية أحرفه تلثم كيانها برقة فتنصاع هي بكليتها‬

‫كعاشقة ‪،‬محبة له ‪ ،‬أوليس هو زوجها حبيبها‪،‬نزارها سيد‬

‫قلبها‬

‫فإرتبكت أكثر مدركة تأمله لها‪ ،‬وعيناه البنديقة تتجول‬

‫بمحياها متوقفة عند شفتاها الوردية المغرية‪،‬فإزداد تورد‬

‫وجنتيها بخجل شديد‪ ،‬وإرتفع إيقاع قلبها الهادر‪ ،‬لتشيح‬

‫بوجهها عنه هربا من عواطف مقلتاه الموهنة لها‪.‬‬

‫‪733‬‬
‫ليداعب وجنتها بأصابعه عله يتشرب منها خجلها اللذيذ‬

‫ذاك‪ ...‬ومقلتاها العشبيتين والتي ما تنفك تهرب عن مرماه‬

‫كل حين ‪..‬فإرتفعت زاوية شفتاه الغليظة بإبتسامة رجولية‬

‫خالبة لطالما نجحت في بعثرة كيان األخيرة ضمن حدود‬

‫حضرته‪..‬لتنزل أنامله لموضع ذقنها الناعم يرفع رأسها له‬

‫مجددا‪...‬بوجنتيها المتوردة حياءا كعادتها والتي تستفز‬

‫رجولته فينصاع لها ضعيفا ‪،‬واهنا‪ ،‬محبا ‪،‬عاشقا لصطوتها‬

‫الجامحة‪..‬لينحي لها فيزداد هدير قلبها هيجانا وكأنه يريد‬

‫الخروج من أيسر صدرها ‪..‬مقتربا منها فتتعانق عينيهما‬

‫في حوار صريح للقلوب المشتاقة ومكوبا وجنتها بكفه‬

‫الحانية هامسا لها بخفوت ‪ :‬لماذا تواصل عينيك الهرب من‬

‫درب مقلتي ؟ أما علمت أنه ال مفر لك مني بعد اآلن‬

‫عزيزتي‬

‫‪734‬‬
‫إبتلعت ريقها وقد توهجت روحها لتتلعثم بحياء خلب لب‬

‫اآلخر‪ :‬نزار‪ ،‬أر‪...‬أرجوك توقف‪،‬أنت‪،‬أنت تربكني‬

‫أسند اآلخر جبينه على جبينها وقد تمازجت أنفاسها بحرارة‬

‫متأمال زبرجدها المهلك فهمس بخفوت‪ :‬أنت توقفي عن‬

‫بهاءك‪ ،‬أعدك سأتوقف أنا اآلخر‪.‬‬

‫أغمضت عينيها مستمتعة بدفئ كفه المحتوي لوجنتها‪،‬‬

‫وأنفاسه الساخنة تلفح وجهها مستفهمة منه بإرتباك وخجل‬

‫شديد ‪:‬هل حقا تراني كذلك؟‬

‫إبتسم بحنو فأدارها لتقابله بكليتها وذراعاه تشدانها له بقوة‬

‫حيث كفيها تستندان على صدره العضلي‪ ،‬وجبينه الزال‬

‫مستندا على جبينها مجيبا إياها‪ :‬أراك كمالك فر من السماء‬

‫ليستوطن قلبي‬

‫‪735‬‬
‫رفعت عينيها له منتشية من سحر كلماته التي تراقصت مع‬

‫ترانيم روحها العطشة للحب‪ ،‬فرفعت أناملها الرقيقة بتردد‬

‫نحو ذقنه الملتحي ففتح هو اآلخر ستار جفنيه و قد تشابكت‬

‫مقلتيهما‪ ،‬حيث تلمست ميس ذقنه لترتفع كفها الحاني نحو‬

‫خده تفرده هناك محتوية إياه‪ ،‬نبض قلبه بوتيرة هستيرية‬

‫معلنا تمرده وإنسابت الحمم ساخنة بشرايينه‪ ،‬بقربها‬

‫المهلك‪،‬وسحرها الفاتن‪،‬هي زوجته حبيبته‪،‬ميس فراشته‬

‫البهية‪ .‬ومليكته الزبرجدية ‪،‬فإبتسمت بخفر هامسة بخفوت‬

‫وكأنها تخبره بسر خطير‪ :‬هل تعلم وأنا كيف أراك؟‬

‫إرتفعت شفتاه الثخينه بإبتسامة رجولية خالبة مجيبا‬

‫بخفوت مماثل مسايرا داللها‪ :‬ال‪،‬أخبريني كيف ترينني؟‬

‫‪736‬‬
‫ضحكت بخفة‪ ،‬فتن بها اآلخر‪،‬لتبعده فجأة هاربة من قيد‬

‫ذراعيه‪ ،‬هازة كتفيها بدالل هاتفة بحيوية‪ :‬لن أخبرك‬

‫لألسف‪،‬دع الفضول ينخر عقلك‬

‫صدم من مباغتتها له وهروبها من حصاره‪،‬فرفع حاجبه‬

‫مقهقها بخفة على مكرها الذي ال ينتهي فوضع كفيه بجيبي‬

‫بنطاله مرددا‪ :‬حقا تبهرينني كل مرة يا ميسي‪ ،‬ما رأيك أن‬

‫تكوني رحيمة بزوجك المسكين هاذا‪ ،‬وتخبريني دون لف‬

‫وضعت كفها على ثغرها ضاحكة على تمسكنه الذي رق‬

‫قلبها له‪،‬إال أنها تحاملت على مشاعرها رافضة اإلنصياع‬

‫لجماليتة بسمته الفذة‪ ،‬فأردفت بمشاكسة‪ :‬تؤ تؤ يا سيد‬

‫نزار لن أتراجع‪،‬أحب رؤية الفضول وهو يقض مضجعك‬

‫‪737‬‬
‫أومئ لها ببطئ منبهرا بداللها و تألق روحها الذي انعكس‬

‫ايجابا على شخصيتها وقد برز في بريق زبرجدها‪ ،‬فغمغم‬

‫بمسكنة مصطنعة‪ :‬هكذا إذا يا زوجتي المصون‪،‬هل‬

‫سترتاحين إذا عانيت أنا ألم السهاد واألرق‬

‫هزت كتفيها ضاحكة مومئة له إيجابا ‪،‬ليشاركه هو اآلخر‬

‫الضحك يهز رأسه على ظرافتها وشقاوتها اللذيذة حقا‪،‬لم‬

‫يخطئ إبدا عندما شبهها بحلوى المارشميلو ‪.‬‬

‫تبادال المشاكسات‪ ،‬وإستفزاز كل منهما لآلخر لينتهي‬

‫الموضوع برنة ضحكتهما بالمكان‪ ،‬تمازجت نبضاتهما‬

‫عازفة لحن الحب‪،‬متناغمة مع سمفونية دقات الهوى‬

‫‪738‬‬
‫ركن سيارته قرب المحل بعد إنتهاء موعدها قبل آذان‬

‫العصر‪،‬كي يلحق نزار بالمسجد ألداء صالة الجماعة‪،‬‬

‫ليستدير لها مبتسما بهدوء هاتفا‪ :‬ها قد وصلنا للمحل‬

‫أومئت برزانة مرتبكة وها قد عمها الخجل مجددا كلما حدق‬

‫بها‪ ،‬فهي تنهار حصونها الواحد تلو اآلخر امام عيونه‬

‫البندقية المتوشحة بالدفئ‪ ،‬مغمغمة بخفوت‪:‬شكرا لك‬

‫الن محياه الوسيم مرددا بصوته األجش‪:‬ال تشكريني أبدا يا‬

‫ميس‪،‬أنت زوجتي أي إنك تنتمين لي وسعادتك هي واجب‬

‫علي‪ ،‬لهاذا ال تبادري بالشكر مجددا‬

‫تراقصت الفراشات المحبة بمعدتها وأعلن قلبها الصخب‬

‫مجددا‪ ،‬لتبتلع ريقها شابكة كفيها ببعضهما البعض فارة من‬

‫‪739‬‬
‫جذابيته الطاغية‪ ،‬مردفة‪ :‬كالمك صحيح طبعا‪،‬لكن عندما‬

‫تمنح اآلخرين سعادة تنغرس بقلبوهم و تغمرهم من فيض‬

‫شهامتك جابرا بخاطرهم‪ ،‬هنا يوجب اإلمتنان والشكر ألنهم‬

‫منحونا شعورا جميال وآحساسا بهيا‬

‫فغر فاهه على كلماتها التي إخترقت فؤاده وتموقعت‬

‫بعقله‪،‬حاجزة حيزا هناك‪،‬فخورا بتفكيرها وكبر عقلها‪،‬ليبتسم‬

‫بحنان رافعا كفه محتويا وجنتها‪ ،‬متأمال زبرجدها الفاتن‬

‫مهمهما بدفئ‪:‬أنت رائعة حقا يا ميسي‬

‫توترت األخرى وقد تخضب خديها بحمرة محببة خجال‬

‫وحياءا على مديحه المداعب ألنوثتها‪،‬فأشاحت بعينيها‬

‫عنها‪ ،‬لتصلها قهقهته الخفيفة متحدثا‪ :‬إفتحي الصندوق‬

‫الصغير قرب ركبتك يا ميس‬

‫‪740‬‬
‫قطبت جبينها بعدم فهم مستفهمة منه‪:‬ماذا تقصد؟‬

‫أشار لها بيده هاتفا بعدها‪:‬هناك صندوق قرب ركبتك‪ ،‬إفتحي‬

‫غطائه وخذي حاجتك منه هناك‬

‫عقدت حاجبيها بحيرة فإنحنت قليال قرب ركبتها لتجد هناك‬

‫صندوق لتضغط على زر به‪ ،‬منزلة غطائه فترائى لها كيس‬

‫هدايا أرجواني اللون‪،‬فمدت يدها مخرجة إياه من‬

‫الصندوق‪،‬لتعيد إغالقه مرة أخرى‪،‬فصوبت بصرها نحو‬

‫نزار المبتسم مستفسرة منه بحيرة‪ :‬ما هاذا؟‬

‫ضحك بخفة فقد كان الكيس يحتوي بداخله على علبة‬

‫مغلفة‪ ،‬قائال‪ :‬إكتشفي األمر بنفسك عندما تعودين‬

‫للبيت‪،‬لست وحدك ما تجيد زرع الفضول بعقول الناس‬

‫ضحكت بخفة‪ ،‬زامة شفتيها بعدها بعبوس مرددة بعتاب‪:‬‬

‫ماذا هل سترد لي الصاع صاعين اآلن أو ماذا؟‬

‫‪741‬‬
‫قهقه اآلخر غامزا لها‪ ،‬أربكت األخرى على إثرها‪ ،‬هاتفا‪:‬‬

‫نعم‪،‬شيئ من هاذا القبيل‬

‫هزت كتفيها هامسة بدالل أنثوي خالب‪ :‬أنت الخاسر على‬

‫كل حال يا سيد نزار‪..‬في حفظ هللا اآلن‬

‫لتهم بمغادرة السيارة‪ ،‬فقبض اآلخر على ذراعها‪ ،‬لتلتفت‬

‫ناظرة له بإستفهام‪ ،‬فهمس بخفوت‪ :‬ألم تنسي شيئا‬

‫تبسمت بخفة عاضة على شفتها لتنفي برأسها بشقاوة‬

‫ألهبت حواس اآلخر‪ ،‬بعد أن ادركت ما يلمح له‪،‬فرفع حاجبه‬

‫على مشاكستها هامسا بأنفاس حارة‪ :‬هل أنت متأكدة يا‬

‫ميسي؟‬

‫أشاحت بوجهها عن مرآه وقد توهجت وجنتيها‪،‬لتومئ له‬

‫إيجابا بصمت ‪،‬كاتمة ضحكتها عليه‪.‬‬

‫‪742‬‬
‫فقهقه نزار بخفة‪ ،‬رافعا يده نحو كتفها واضعا كفه هناك‬

‫مرددا‪ :‬غريب‪،‬حسب علمي أن هاذا المعطف لي‪ ،‬وأنا أريد‬

‫إستعادته لو تكرمت طبعا يا سيدتي‬

‫نفت األخرى برأسها هامسة بخفوت‪ :‬بل كان‪،‬هنا اآلن‬

‫أصبح لي وملكي‬

‫رفع حاجبه عليها‪ ،‬فضحك مستفهما منها‪ :‬هل تريدينه؟‬

‫حولت بصرها له‪،‬مغمغمة بإيجاب‪ :‬نعم أريده‬

‫قطب جبينه بإستغراب جلي مرددا‪ :‬لكنه معطف رجالي‪،‬‬

‫حسنا سأشتري لك معطف آخر لكن نسائي‬

‫تبسمت له بحنو متمسكة بالمعطف الذي كان حوله أكثر‬

‫مرددة‪ :‬ال حاجة لي بأي معطف آخر‪،‬أنا فقط أريد معطفك‬

‫أنت بالذات هاذا الذي أرتديه‬

‫‪ -‬لكن لماذا هو بالذات؟‬

‫‪743‬‬
‫إستفسر نزار بهدوء‪،‬وقد رقت مالمحه مدركا السبب في‬

‫طلبها‪،‬فهزت األخرى كتفيها بدالل هامسة‪ :‬هاذا سر خاص‬

‫بي‬

‫قهقه بخفة مستفهما منها‪ :‬سر !!‪ ،‬وعلي أنا؟؟‬

‫أومئت له ايجابا متحدثة بهدوء‪:‬أجل‪،‬سر يخصني فقط لهاذا‬

‫ال تسئلني رجاءا‬

‫رفع حاجبه مبتسما عليها وعلى مشاكستها المنعشة للروح‬

‫واألعصاب مرددا‪ :‬لكنه معطفي أنا؟‬

‫تنهدت هاتفة بشقاوة شهية‪ :‬وأنا قلت لك كان معطفك‪،‬واآلن‬

‫أصبح من أمالكي الخاصة يا نزار‪.‬‬

‫هز رأسه على داللها‪ ،‬فخضع لسحرها المعتاد‪ ،‬وأنى له أن‬

‫ال يفعل ذلك‪،‬فال شيئ غالى عليها ‪ ،‬يهون الكون كله فداءا‬

‫‪744‬‬
‫لبسمتها فقط‪ ،‬مليكة قلبه الزبرجدية‪،‬فردد‪ :‬البئس يا‬

‫زوجتي‪ ،‬هو لك خذيه‪ ،‬أفديك به وبمصنع للمعاطف إن أردت‬

‫قهقهت بحالوة أنهكت قلبه العاشق لها‪،‬هامسة من بين‬

‫أنفاسها‪ :‬شكرا‪،‬لكن يكفيني معطفك أنت فقط‪،‬هاذا ما‬

‫أريده‪،‬واآلن علي أن أذهب‪ ،‬وداعا‬

‫همت بالمغادرة فقبض مرة أخرى على ذراعها رافعا حاجبه‬

‫بإستفهام‪ :‬ألم تنسي شيئ أخيرا يا زوجتي المصون؟‬

‫عقدت حاجبيها في حيرة متسائلة‪ :‬ماذا بالضبط؟‬

‫فهمس لها بحرارة تداعت لها نبضات قلبها الهادرة‪ :‬مثال‬

‫كأن تسلمي علي قبل المغادرة‬

‫‪745‬‬
‫توسعت عينيها وإرتبكت أنفاسها لوهلة‪،‬مع تورد وجنتيها‪،‬‬

‫فأشاحت بوجهها عن مرمى بصره‪،‬متلعثمة بقولها‪ :‬هل‪..‬هل‬

‫هاذا ضروري؟‬

‫فقبض على ذقنها بحنان رافعا رأسها له‪ ،‬فتشابكت عينيهما‬

‫بحوار عاشق صامت‪ ،‬ليداعب خدها بإبهامه باعثا بشرارات‬

‫كهربائية لكل جسدها‪،‬منحنيا لها‪ ،‬ولم يفصلهما إال إنشات‬

‫قليلة مستفهما منها بأنفاسه الساخنة‪ :‬ماذا ترين أنت يا‬

‫ميسي؟‬

‫إبتلعت ريقها وقد تقلبت معدتها صخبا وتلك الفراشات‬

‫المتمردة أقامت حفال بها‪،‬غارقة بعمق مقلتيه‬

‫البندقيتين‪،‬بسحرهما الفذ‪ ،‬وجمالهما الخالب‪،‬هامسة‬

‫بأنفاسها المسلوبة‪ :‬أراك أنت يا نزاري‬

‫‪746‬‬
‫أربكت كلماتها دواخله‪،‬هي ببسمتها الحانية‪،‬وروحها‬

‫الدافئة‪،‬ميس بسحرها اآلخاذ‪ ،‬وفتنتها الطاغية‪،‬ترهق روحه‬

‫فيغدو في فلكها هائما‪ ،‬محبا‪،‬خاضعا لها ولكل ما‬

‫يخصها‪،‬فأسند جبينه على جبينها وكفيه محتويان لوجنتيها‬

‫هامسا بأنفاس ساخنة‪ :‬أنت ترهقينني يا ميسي‬

‫تسارعت أنفاس األخرى مسدلة جفنيها عاجزة عن التصرف‬

‫في مثل هاذا الموقف‪ ،‬فتركت العنان لقلبها‪ ،‬رافعة كفها نحو‬

‫كفه على خدها مغمغمة بأنفاس حارة مثله‪ :‬وأنت ال تساعد‬

‫أبدا‬

‫تبسم ملئ شدقيه متأمال عينيها المغلقتين مغمغما بخفوت‪:‬‬

‫أنت فاتنة يا زبرجديتي‬

‫‪747‬‬
‫رفعت ستار جفنيها لتلتقي بمقليته الدافئة فإبتسمت بحب‬

‫هامسة‪ :‬وأنت يا نزاري ال تقل فتنة عني‬

‫إرتفعت زاوية شفتاة الغليظة في إبتسامة رجولية جذابة‪،‬‬

‫تراقصت لها نبضات قلب األخيرة‪ ،‬فأردف وقد تسربت‬

‫الحمم الساخنة ألوردته‪ :‬هل تقصدين هاذا حقا؟‬

‫أومئت له بهدوء وقد داعب عطره المسكي حواسها‬

‫المرهفة‪،‬لينحني لها أكثر وإستوطنت شفاهه بقبلة رقيقة‬

‫دافئة على خدها األيسر‪.‬فإرتفع صدرها وإنخفض بإنفاس‬

‫متسارعة وقلب نابض على وشك الخروج من‬

‫مكانه‪،‬فأغمضت عينيها مستمتعة بعبق أنفاسه‬

‫الدافئة‪،‬لتتحرك شفتاه على خدها متوقفة بجانب شفتيها‬

‫مقبال إياها قبلة ثانية هناك‪ ،‬فإبتعد عنها قليال‪ ،‬مداعبا خدها‬

‫‪748‬‬
‫بحنو‪ ،‬ففتحت عينيها متأملة محياه الوسيم‪ ،‬لتبتلع ريقها‪،‬‬

‫هاربة من سطوته الجامحة كعادته‪،‬مترجلة من السيارة‬

‫بسرعة‪ ،‬فضرب اآلخر أيسر صدره الهادر مغمغما بعتاب‬

‫لقلبه النابض بقوة‪ :‬إصبر قليال يا قلبي‪،‬قريبا جدا ستكون‬

‫ملكنا لألبد‪ ،‬وحينئذ لن تغادر فلكنا أبدا‬

‫فحرك السيارة مغادرا المكان بعد أن سيطر على نفسه‬

‫العاشقة في وهج الزبرجد‬

‫‪749‬‬
‫• الفصل الحادي عشر•‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫الء‪,‬‬ ‫ف ذَ َه ُ‬
‫اب البَ ِ‬ ‫"وال يُشت َ َرطُ في اللُّط ِ‬

‫س ِكينَة‪💛".‬‬
‫يَك ِفي نُ ُزو ُل ال َّ‬

‫‪750‬‬
‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫دلفت ميس للمحل بأعين المعة وروح متوجهة‪ ،‬فترائت لها‬

‫ليلى تتحدث مع إمرأتين ‪،‬لتغمز لها األخيرة متابعة حديثها‬

‫معهما‪،‬لتغادرا بعد لحظات مودعتين‪ ،‬فرفعت ليلي حاجبها‬

‫واضعة كفيها على خصرها مرددة‪ :‬وأخيرا أتيت يا سيدة‬

‫ميس‪،‬لو ذهبت معه لبيته أفضل‪،‬‬

‫‪751‬‬
‫قهقهت األخيرة متخذة مجلسا بمكانها المخصص هاتفة‬

‫بحبور جلي على تقاسيم وجهها البهي‪ :‬ماذا يا ليلو هل‬

‫إشتقت لي لهذه الدرجة؟‬

‫قلبت األخرى عينيها بضجر مهمهمة‪ :‬أشتاق لإلصابة‬

‫بمرض كورونا وال أشتاق لك أنت عزيزتي‬

‫ضحكت ميس بشدة مرددة من بين أنفاسها‪:‬‬

‫البئس‪،‬سأتظاهر بأنني صدقتك يا صديقتي‬

‫زفرت االخرى بملل رافعة إصبع سبابتها بتحذير متحدثة‬

‫بحنق‪ :‬هيا أخبريني بكل شيئ‪،‬دون تجاوز أي تفصيلة‪،‬إياااك‬

‫‪752‬‬
‫تنهدت األخيرة براحة وقلبها الخافق بين أضلعها الزال‬

‫يعزف لحنه الخاص ‪ ،‬لحن الحب‪،‬و سمفونية الهوى‪،‬‬

‫مهمهمة بوجنتين متوردتين‪ :‬ماذا أخبرك بالضبط‪،‬كان يوما‬

‫رائعا بحق‪،‬إستمتعت به كله‪،‬كل ثانية كانت تمر تزيدني‬

‫سعادة‬

‫صفرت ليلى بإعجاب وقد عمت الفرحة قلبها‪ ،‬بعد رؤية‬

‫صديقتها بهذه السعادة البادية على وجهها‪،‬فأردفت‪ :‬وااو‬

‫يبدو أن روحك أشرقت مع نزار هاذا حقا‪،‬هناك من وقعت‬

‫كليا لخطيبها ونحن ال ندري‬

‫ضحكت ميس متالعبة بسحاب حقيبتها هامسة‪ :‬هو زوجي‬

‫على سنة هللا ورسوله يا ليلى وليس خاطبي‪،‬‬

‫‪753‬‬
‫إقتربت األخرى بضع خطوات منها عاقدة ذراعيها على‬

‫صدرها قائلة بإستفهام ماكر‪ :‬وما هو الفرق يا ترى؟‬

‫تخضبت وجنتي ميس بحمرة خفيفة هاربة من تحديق‬

‫صديقتها موضحة‪ :‬الخطبة هي وعد بالزواج فقط ويبقى‬

‫الخاطب أجنبيا عن مخطوبته حتى يتم عقد القران‪،‬أما‬

‫الزواج فأنت تعلمين معناه‬

‫ضيقت ليلى عينيها منحنية لها قليال مستفسرة بخبث‬

‫وفضول أنثوي‪ :‬إذا وبناءا على قولك هاذا‪،‬هل أعطيته بعض‬

‫من حقوقه اليوم يا ميوسة‬

‫‪754‬‬
‫توسعت عيني األخيرة هاتفة بحنق‪:‬بماذا تهذين أنت‪،‬لست‬

‫رخيصة لهاذا الحد يا ليلى‬

‫ضحكت األخرى ضاربة كفيها ببعضهما البعض هاتفة‪ :‬يا‬

‫إلهي‪ ،‬أليس هو بزوجك شرعا كما قلت‪،‬أين الضير في‬

‫حضن أو قبلة فقط‪،‬كنوع من التصبيرة لحين إتمام الزواج‬

‫إرتبكت ميس هاتفة بحنق وخجل شديد‪:‬كل شيئ بموعده‬

‫يكون أفضل‪.‬‬

‫أومئت لها األخيرة مشيرة بإصبعها نحو المعطف األسود‬

‫حول كتفي ميس مستفسرة بهدوء‪ :‬هل هاذا معطف نزار‪.‬؟؟‬

‫‪755‬‬
‫أومئت لها األخرى إيجابا لتبتسم بخفر بعد مرور ومضات‬

‫من وداعه لها قبل لحظات‪،‬فأردفت ليلى عاقدة‬

‫حاجبيها‪:‬ولماذا أعطاك إياه؟‬

‫إبتسمت ميس ملئ شدقيها هاتفة بحب‪ :‬عندما برد الجو‬

‫قليال ألبسني إياه لتدفئتي‪،‬و أنا أخذته منه قبل قليل‬

‫رفعت األخيرة حاجبها مبتسمة على تفكير صديقتها‬

‫مغمغمة‪:‬ولماذا أخذته يا ترى؟‬

‫قهقهت ميس برقة مجيبة إياها‪ :‬نفس السؤال الذي سئلني‬

‫إياه نزار‪،‬وقد إمتنعت عن إجابته كي أثير فضوله‬

‫ضحكت ليلى على مشاكستها مردفة بمكر‪:‬الرجال ال يفهمون‬

‫حركاتنا‪ ،‬كان عليك إخباره ليتعلق بك أكثر‪ ،‬كنت أعلمته أنك‬

‫‪756‬‬
‫ستعانقين المعطف ليال عندما تنامين وتشمين عطره من‬

‫خالله كي تهنئي بنومك ويعمك األمان من خالله‬

‫قهقهت ميس بشدة هاتفة بعدها‪ :‬سحقا‪،‬أنت فهمتيها‬

‫بسهولة‪،‬ال بئس دعيه يفكر مرارا وتكرارا كي يفهم األمر‬

‫تنهدت األخرى مرددة بهدوء بعد أن إتخذت مجلسا بقربها‪:‬‬

‫واآلن هيا أخبريني أين ذهبتما بالضبط؟‬

‫تبسمت ميس بحنان فياض برز في مقلتيها قائلة‪ :‬بداية‬

‫أخذني للمكتبة الكبرى بمدينتنا وطلب مني شراء الكتب التي‬

‫أريدها‪ ،‬كانت المكتبة كبيرة جدا ورائعة‪ ،‬وإخترت بعض‬

‫الكتب التي رغبت قبال في قتناءها‪ ،‬وبعدها ذهبنا لمطعم‬

‫فاخر قرب شاطئ البحر وتناولنا طعامنا هناك‪ ،‬ثم توجهنا‬

‫‪757‬‬
‫للمسجد لنصلي صالة ظهر وتوجهت أنا لمصلى النساء‬

‫وأديتها هناك‪ ،‬وبعد أن أتممنا الصالة‪ ،‬أخذني نزار لشاطئ‬

‫البحر وقمنا بنزع أحذيتنا والمشي على رماله وقد تحدثنا‬

‫بمواضيع شتى وأغلبها كان ينتهى بالضحك وإستفزاز أحدنا‬

‫لآلخر وإشترا لنا فطائر وتناولناها‪ ،‬وبعدها تحديته وركض‬

‫خلفي ليمسك بي وهكذا إنتهى باقي اليوم بالحديث والمشي‬

‫على شاطئ‪ ،‬وها قد أعادني قبل آذان العصر‪.‬‬

‫‪ -‬واااو مبهر حقا‪ ،‬يبدو أن نزار ذاك لديه ذوق في‬

‫المواعيد‬

‫تحدثت ليلى بعدها بإعجاب صادق‪ ،‬لتعقد حاجبيها مستفهمة‬

‫منها‪:‬قلت أنك اشتريت مجموعة كتب من المكتبة‪،‬أين هي‬

‫‪758‬‬
‫فأنت عندما دخلت لم تحضري معك سوى هاذا الكيس‬

‫الصغير‬

‫توسعت عيني ميس متذكرة كتبها لترتبك فجأة مستقيمة من‬

‫مجلسها‪ ،‬ضاربة جبينها بكفها هاتفة بحنق‪ :‬يا إلهي‪ ،‬لقد‬

‫نسيتهم في سيارة نزار‪ ،‬تبا‬

‫قهقهت ليلى هازة رأسها على تصرفات صديقتها المضحكة‬

‫لتغمغم‪:‬وااو‪،‬أنت لديك إشكال مع الكتب حقا يا ميوسة‬

‫زمت األخرى شفتيها بعبوس مرددة بحسرة‪ :‬هاذا بسبب‬

‫نزار‪،‬فهو يربكني طوال الوقت ويشتت تفكيري عندما أكون‬

‫بحضرته‪،‬فأنسى نفسي وكل ما يخصني معه‬

‫‪759‬‬
‫تبسمت ليلى إبتسامة ماكرة قائلة ‪:‬لم أخطئ إذا عندما قلت‬

‫أنك غرقت فيه كليا‬

‫قهقهت ميس برقة واضعة كفها أيسر صدرها النابض بقوة‬

‫هاتفة بسعادة بالغة‪ :‬نعم صدقت‪،‬غرقت كليا فيه‪،‬ولم أعد‬

‫أرى لغرقي أي شاطئ أو مرفأ‬

‫رقت مالمح ليلى وعمت تقاسيم الحنان محياها الجميل‬

‫مستقيمة هي األخرى من كرسيها تدنو منها‪ ،‬شاكرة هللا‬

‫بسرها أن صديقتها وجدت في نزار غيثا طيبا قد أروى‬

‫عطش روحها‪ ،‬فحضنتها بشدة هامسة براحة‪ :‬أنا حقا‬

‫سعيدة لسعادتك يا ميس‪،‬تستحقين كل خير فعال‬

‫بادلتها األخرى الحضن مهمهمة بحب‪ :‬مثلك أنت‬

‫تماما‪،‬تستحقين كل طيب يا ليلى حبيبتي‬

‫‪760‬‬
‫أبعدتها األخيرة عنها هاتفة بتهكم مصطنع‪:‬حسنا ال داعي‬

‫للتراجيديا اآلن‬

‫قهقهت ميس بخفة عليها‪ ،‬فليلى طوال عمرها تخفي‬

‫مشاعرها بالسخرية والنزق والعصبية ولسانها طويل‪،‬لكنها‬

‫في حقيقة األمر هي روح نقية ال مثيل لها‪ ،‬فأردفت األخيرة‬

‫قاطعة شرودها‪ :‬ألن تريني تلك الهدية التي أحضرتها معك‬

‫يا ميسو‬

‫تفطنت األخرى لما تقصده‪ ،‬فأخذت الهدية مخرجة إياها من‬

‫الكيس ‪،‬فترائى لها علبة متوسطة الحجم على شكل مكعب‬

‫مغلفة بغالف وردي من األعلى ‪،‬فقط قطبت حاجبيها متمتمة‬

‫بتساؤل‪:‬ما هاذا؟‬

‫‪761‬‬
‫تململت ليلى بجوارها مرددة بتهكم‪:‬إنزعي الغطاء وإفتحي‬

‫العلبة وستعرفين‪،‬فأكيد لن يهديك نزار قنبلة يا ذكية زمانك‬

‫تجاهلتها ميس نازعة الغطاء ليتضح لها علبة خشبية‬

‫مزخرفة كلها بزخارف ذهبية اللون ‪،‬عبارة عن خط‬

‫كوفي‪،‬ففتحت الغطاء من األعلى‪ ،‬وتوسعت عينيها‬

‫بعدها‪،‬مسرعة بإخراجها‪،‬هامسة بعدها بإنبهار شديد‪" :‬كرة‬

‫الثلج"‪،‬يا إلهي كم هي بديعة الجمال‪،‬لطالما أردت حقا‬

‫إقتناءها‬

‫ضحكت ليلى رافعة حاجبها بخبث قائلة‪:‬هاذا النزار حقا هو‬

‫ليس بسهل أبدا‬

‫‪762‬‬
‫حملتها ميس بين يديها متأملة إياها بحب كبير مقهقهة‬

‫بعدها بسعادة كبيرة‪ ،‬متحدثة‪:‬بل هي رائعة‪،‬أنظري يا ليلى‬

‫الثلج يتحرك بالداخل‪،‬أحببتها بشدة‬

‫حضنت الكرة لصدرها وكأنها تريد حفظ الهدية داخل فؤادها‬

‫المتراقصة نبضاته مسبقا‪ ،‬فغمغمت ليلى بهدوء‪ :‬كيف كان‬

‫نزار معك اليوم يا ميسو؟‬

‫تنهدت ميس وترائت لها ومضات من موعد اليوم هاتفة‬

‫بحبور وفرحة‪ :‬ماذا أقول يا ليلى‪،‬كان رائعا بحق ‪ ،‬طوال‬

‫اليوم كان يعاملني كزجاج هش يخشى إنكساره‪،‬تصرفاته‬

‫الرجولية كانت تغذي أنوثتي المتعطشة لكل إهتمام ورعاية‪،‬‬

‫تصرفاته كانت تستفز جانبي األنثوي‪ ،‬فكنت أتدلل عليه‬

‫‪763‬‬
‫بشدة وهو طوال الوقت يساير داللي ويدفعني بقوة كي أزيد‬

‫في جرعة الشقاوة والدالل‪،‬وهو بهاذا راضي وسعيد‪،‬‬

‫غطت وجهها بكفيها حياءا وقد توهجت وجنتيها بشدة‬

‫وتسارعت أنفاسها هامسة بشرود عند ذكر سيد‬

‫قلبها‪،‬وغيث حياتها‪ :‬عندما أكون معه يا ليلى صدقيني‪،‬‬

‫أتصرف تصرفات مخالفة تماما لشخصيتي التي إعتدتها‪،‬ال‬

‫إعرف بالضبط‪،‬الشيئ األوحد الذي أعلمه هو أنني أكون‬

‫بحضرته بكامل عفويتي وراحتي‪ ،‬أغوص بمقلتيه البندقيتين‬

‫وتغمرني أحاسيس األمان‪ ،‬وال أبالي لباقي العالم في‬

‫محيطه‪،‬فقط يكفيني هو‪ ،‬نزار أصبح يغنيني عن العالم أجمع‬

‫‪-‬وااو رومانسيتك جميلة حقا‬

‫‪764‬‬
‫تحدثت ليلى بعدها مقهقهة وقد غمرتها الراحة على سعادة‬

‫ميس ونزار حامدة هللا كل حين أنه جيد ويحسن تعامل‬

‫معها‪ ،‬خاصت أنها عانت مسبقا من اليتم وتبعاته‬

‫دلف نزار البيت ملقيا السالم‪ ،‬فهرعت له ريم راكضة‬

‫بحماس شديد هاتفة بحنقها المعتاد‪ :‬لماذا تأخرت يا نزار كل‬

‫هاذا الوقت‪،‬وأيضا لما لم ترد على إتصاالتي طوال اليوم‪.‬‬

‫حولق اآلخر غالقا الباب من وراءه‪ :‬ال حول وال قوة إال‬

‫باهلل‪،‬دعيني أجلس أوال وأتنفس ثم مارسي تحقيقك معي يا‬

‫ريم‪.‬‬

‫زفرت األخرى بضجر مغمغمة بسخط‪ :‬أخبرني أين كنت كل‬

‫هاذا الوقت‪،‬فقد إتصلت عصرا بميس وأخبرتني أنك‬

‫‪765‬‬
‫أوصلتها للمحل ثم غادرت فورا‪،‬وزوجتك الجاحدة رفضت‬

‫إخباري بموعد اليوم نهائيا‪،‬وقالت لي دعي أخيك المبجل‬

‫يعلمك‬

‫قهقه نزار بخفة على عناد ميس وشقاوتها متوجها للغرفة‬

‫المعيشة متخذا مجلسا هناك‪ ،‬فتبعته األخرى شاتمة بسرها‬

‫أخيها نزار وميس الغبية تلك متوعدة إياها بأصناف الشتائم‬

‫والسباب‪ ،‬فجلست بقربه تشد ذراعه متحدثة برجاء‬

‫مصطنع‪:‬هيا‪،‬هيا يا أخي حبيبي‪ ،‬أين كنت طوال اليوم‪،‬ليس‬

‫من عادتك أن تغيب هكذا دون الحضور باكرا أو على موعد‬

‫الغذاء‬

‫تنهد اآلخر بخفوت مردفا بهدوء‪ :‬كما تعلمين سابقا أخذت‬

‫ميس بمشوار ‪،‬وقبل آذان العصر أرجعتها للمحل‪،‬ثم توجهت‬

‫للمسجد لصالة العصر‪ ،‬وبعدها ذهبت للمحل لمتابعته عن‬

‫‪766‬‬
‫قرب بعد أن غبت عليه وتأكدت من السير الجيد له من قبل‬

‫العمال ولباقي المحالت وبقيت هناك حتى آذان المغرب‬

‫فأديت صالة وقد دعاني أحد األصدقاء للعشاء عنده وأصر‬

‫علي كثيرا فلبيت الدعوة بحرج‪ ،‬وصليت العشاء وها قد‬

‫عدت‪،‬هذه هي تفاصيل يومي يا ريم يا وجع رأسي‬

‫مطت األخرى شفتيها مغمغمة بتهكم صريح‪:‬وااو‪ ،‬أفدتني‬

‫حقا بمعلومات ال فائدة منها‪،‬و ما الذي سأستفيده أنا من كل‬

‫هذه المشاوير‪ ،‬أقصد أخبرني عن موعدك مع حسناءك‬

‫ميس فقط‬

‫قهقه األخير بخفة قارصا خدها مستفهما منها‪ :‬أخبريني أين‬

‫امي أوال؟‬

‫‪767‬‬
‫زفرت ريم بحنق ضاربة كفه مبعدة إياه عن وجهها‬

‫مرددة‪:‬هي اآلن تصلي العشاء بغرفتها‬

‫رفع حاجبه مستفسرا‪ :‬وأنت هل صليته‪،‬أو تأخرينه كعادتك؟‬

‫رفعت األخرى بصرها لسقف طالبة العون من هللا على‬

‫أخيها فأردفت بحدة‪ :‬نعم يا موالنا الشيخ صليته‪،‬إطمئن لن‬

‫أضيع صالتي والحمد هلل‬

‫ضحك بخفة عليها مهمهما بإستفزاز‪ :‬فتاة جيدة‬

‫رفعت ريم حاجبها عليه مبتسمة بشقاوة خبيثة قائلة‪ :‬تبدو‬

‫اليوم على غير عادتك يا أخي‪ ،‬ما األمر؟‬

‫ضيق عينيه مبتسما بحنان مستفسرا بخفوت‬

‫شديد‪:‬حقا‪،‬كيف أبدو يا ترى؟هيا أبهريني‬

‫‪768‬‬
‫هزت كتفيها بجهل مردفة بهدوء‪ :‬ال أعرف‪،‬تبدو مرتاحا و‬

‫مبتهجا بشدة‪،‬وعيناك متأللئة‪،‬هل هاذا كله عائد لتأثير ميس‬

‫عليك؟‬

‫تبسم اآلخر بحنو‪ ،‬شاردا في حبيبة الفؤاد ومالكته‬

‫األزلية‪،‬التي كانت والزالت تراقص روحه طربا‪،‬فضربته ريم‬

‫بخفة على ذراعه مستفهمة منه بفضول شديد‪:‬هل نفذت كل‬

‫ما أخبرتك به يا أخي؟‬

‫أومئ لها نزار برزانة مبتسما والراحة تعم قلبه العاشق بعد‬

‫أن مر المشوار على خير ما يرام ‪،‬وسعادة ميس الجلية‬

‫على وجهها وضحكاتها الرنانة التي تعانق السماء ال‬

‫تنتهي‪،‬فهو بحكم تجنبه لنساء وعدم اإلحتكاك بهن أصبح‬

‫جاهال لرغباتهن ‪،‬هو فقط يتعامل بمبدأ المودة والرحمة‬

‫‪769‬‬
‫واإلحترام لجنس حواء‪،‬وحمد هللا كثيرا أن ميس مدركة‬

‫لطبيعته المحافظة وجانبها لين بهاذا الخصوص‪،‬لكنه وعد‬

‫نفسه أنه سيسعى جاهدا لتدليلها قدر المستطاع‪،‬يكفيه تلك‬

‫البسمة التي ترسمها على ثغرها كل حين‪،‬ترفعه عاليا حتى‬

‫يالمس غيوم السماء‬

‫تحمست ريم هاتفة بحيويتها الخالبة‪:‬هيا أخبرني بالتفاصيل‬

‫أرجوووك يا نزار‪،‬أعدك إن أخبرتني سأعطيك طرق أخرى‬

‫أجمل لن تنساها هي األخرى أبدا‬

‫ضحك اآلخر على حماسها‪،‬ليضرب رأسها بخفة‪،‬جعلتها‬

‫ترغي وتزبد‪،‬فقص عليها تفاصيل المشوار‪،‬بدءا من المكتبة‬

‫ثم المطعم ثم البحر وكيف أجبرته بمكرها على الركض‬

‫‪770‬‬
‫خلفها‪ ،‬وتمشيا على البحر‪،‬وفي ختام أعادها للمحل وأخذها‬

‫لمعطفه وهو فقط إنصاع لداللها‪ ،‬وأعطاها هديتها الصغيرة‬

‫صفقت ريم بسعادة هاتفة بفضول‪ :‬أكيد كانت سعيدة جدا‪،‬‬

‫فلو كنت مكانها طبعا كنت سأطير فرحا‪،‬فالمشوار جميل جدا‬

‫وبسيط‪ ،‬أوال اخذتها للمكان الذي تعشقه وهو المكتبة فهي‬

‫من روادها بكثرة حسب ما أخبرتني به سابقا‪ ،‬ثم للمطعم‬

‫فاخر ‪،‬وثم صالة أي أن عالقتكما أساسها رضا هللا والتعاون‬

‫مع بعض للفوز بالجنة ولنزول البركة في زواجكما‪ ،‬ثم‬

‫البحر وهو مكان شاعري ورومانسي‪،‬وشقاوتكما مع بعض‬

‫دليل واضح أن ميس مرتاحة لك جدا وقد أطلقت العنان‬

‫لشخصيتها العفوية وهاذا ممتاز‪،‬يعني لم تعد تتكلف معك‪ ،‬ثم‬

‫‪771‬‬
‫موضوع المعطف‪،‬ميس تلك ليست سهلة ابدا‪ ،‬يا إلهي‬

‫تفكيرها رومانسي ‪.‬‬

‫قهقه نزار مستفهما منها بمكر‪:‬هال أخبرتني لماذا أخذت‬

‫المعطف يا ريم‪ ،‬الفضول يكاد يقتلني؟‬

‫ضحكت األخرى بشدة مغمغمة بعناد‪:‬إكتشف األمر بمفردك‬

‫يا أخي الذكي‬

‫قلب عينيه على شقاوتها أال تكفيه ميس في ذلك‪ ،‬فأردف‬

‫بغية نيل مراده منها‪ :‬وإن قلت لك أنني أحضرت لك علبا‬

‫من الشوكوالطة التي تحبينها‬

‫توسعت عينيها هاتفة بحماس وشوق‪:‬حقا أين هي؟ هيا أنا‬

‫أريدها‪،‬لقد إشتقت لها حقا‬

‫‪772‬‬
‫ضحك نزار عليها قارصا وجنتها بعند مماثل‪ ،‬هاتفا‬

‫بعدها‪:‬أبدا‪،‬أخبريني أوال ثم وعد ستأخذينها‬

‫زمت ريم شفتيها بعبوس طفولي‪ ،‬عاقدة ذراعيها على‬

‫صدرها مرددة‪:‬تبا‪،‬هاذا ليس عادال أبدا‪،‬هذه رشوى يا أخي‬

‫غمز لها اآلخر فاردا ذراعيه على األريكة مهمهما‬

‫بإستفزاز‪:‬ال بئس إعتبريها كذلك‬

‫قلبت األخرى عينيها على مكره مغمغمة بسخط‪:‬حسنا األمر‬

‫بسيط‪،‬كل فتاة عندما تحب شابا ما ستأخذ قطعة من مالبسة‬

‫وغالبا يكون قميصا قد لبس قبلها بفترة‪،‬أي ليس‬

‫مغسوال‪،‬لترتديه هي وتشم عطرك من خالله‪،‬فتحس أنه‬

‫معها وبقربها طوال الوقت‪،‬فترتاح روحها ودواخلها بهاذا‬

‫‪773‬‬
‫الشعور‪ ،‬في األفالم والمسلسات يعرضون دوما مثل هذه‬

‫المشاهد ألم ترها قبال؟‬

‫إبتلع نزار ريقه‪ ،‬وقد نبض فؤاده نبضات هادرة لهذه‬

‫الخاطرة‪ ،‬فمسح على شعرة بإرتباك مفضوح سائال إياها‬

‫مشيحا وجهه عنها مشتتا نظره في أنحاء الصالة‪ :‬هل‬

‫تعتقدين ذلك حقا؟‬

‫ضحكت األخرى برقة على حرجه و إرتباكه ‪،‬مستفهمة منه‬

‫بخبثها الشقي‪:‬أعتقد ماذا بالضبط يا أخي‪،‬هل تقصد ما تفعله‬

‫بمعطفك؟أو شيئ آخر مثال؟‬

‫توتر أكثر مستفسرا بإرتباك وحنق‪ :‬أقصد عن ما قلته‪ ،‬عن‬

‫الحب‪،‬هل تضنين إنها تفعل ذلك لحبها لي؟‬

‫‪774‬‬
‫النت مالمحها بحنان رابتة على ذراعها بمحبة أخوية‬

‫خالصة‪،‬فهي حقا سعيدة أن فتاة رائعة مثل ميس أصبحت‬

‫من نصيبه‪،‬مرددة بصدق‪ :‬واضح أنها تحبك يا أخي‪،‬لطالما‬

‫كانت مقلتاها تشعان بريقا عند ذكر إسمك والحديث عنك‬

‫إنزعج نزار مردفا بعدم رضى‪ :‬هاذا ليس بكافي يا‬

‫ريم‪،‬وليس بدليل قوي أيضا‪،‬ربما إعجاب وإحترام فقط‪ ،‬ألن‬

‫تعاملي معها كان محترما ولبقا كأي شاب إبن عائلة آخر‬

‫قهقهت ريم على طمعه بحبها ويبدو أنه لن يرضى بغير‬

‫هاذا‪،‬فأردفت بهدوء‪:‬لماذا ال تختصر عليك وتسألها بنفسك‬

‫يا نزار‬

‫‪775‬‬
‫ضحك اآلخر بخفة على إقتراحها‪،‬مرددا بتوضيح‪:‬ميس‬

‫ترتبك وتحمر جدا إذا تعانقت أعيننا مع بعض‪،‬أتريدين منها‬

‫أن يتوقف قلبها نهائيا بعد هاذا السؤال يا ريم‪،‬الفتاة تذوب‬

‫حياءا معي‪ ،‬لن إخاطر بسالمتها‪،‬وأيضا أنا أتحرج من هاذا‬

‫السؤال أيضا‪ ،‬ال أريد فرض نفسي عليها أو إحراجها‬

‫فتجيبني بنعم فقط خوفا من حزني‬

‫قهقهت ريم مقبلة خد أخيها فرحة هي حقا على هاذا الثنائي‬

‫الرائع والمميز بكل ما يخصهما‪،‬فأردفت بشقاوة ظريفة‪:‬إذا‬

‫عليك أن تصبر حتى تتجرأ هي‪ ،‬أو ستنتهي حياتك مع‬

‫أحفادك منها متشوقا إلعترافها يا روميو‬

‫‪776‬‬
‫زم اآلخر شفتيه بعبوس محتارا حقا‪ ،‬يريد أن يعلم طبيعة‬

‫مشاعرها نحوه‪،‬هو واثق أنها ترتاح معه وال تنفر منه‪،‬بل‬

‫شخصيتها أصبحت منطلقة وعفوية بحضرته‪،‬لكن هاذا ال‬

‫يشبع روحه‪،‬هو يريد أكثر‪،‬وأكثر‪،‬لم يعد يشبع وال يرتوي‬

‫منها‪،‬يريدها بكل ما فيها‪ ،‬أولهم قلبها ذاك‪ ،‬لن يرضى بغير‬

‫إمتالكه له‪،‬وأن يبصم بصمته هناك‪ ،‬بسببها أصبح مشتاقا‬

‫لها وبشدة‪،‬سحقا لم يمر على مغادرته لها إال بضع ساعات‬

‫قليلة‪،‬إال أنها لم تغادر تفكيره أبدا منذ ذلك الحين‪،‬فدلك‬

‫صدغه محتارا من سرعة إقتحامها لقلبه‪ ،‬بل لقد إستعمرته‬

‫وإنتهى األمر‪،‬كأن هللا تعالى جزاه على صبره وإحترامه‬

‫لحرمات الغير وبعده عن العالقات المحرمة‪،‬بزوجة رائعة‬

‫وغرس حبها بسرعة بين ثنايا قلبه‪ ،‬فارضة هيمنتها هناك‪،‬‬

‫بكل بهائها وداللها‪،‬أليست هي صاحبة الزبرجد وفاتنته‬

‫المهلكة‬

‫‪777‬‬
‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫تبسمت ميس بخجل متالعبة بإحدى خصالتها البنية‬

‫المنسابة على كتفها مغمغمة بإرتباك‪:‬نزار توقف عن‬

‫المراوغة‬

‫قهقه اآلخر متكئا على ظهر سريره بغرفته متحدثا‬

‫بإستفزاز‪ :‬عن أي مراوغة تتحدثين يا بنت الحالل لم أفهم‬

‫مقصدك بالضبط؟‬

‫‪778‬‬
‫تنهدت األخرى بخفوت وقد داعبت قهقهاته الرنانة حواسها‬

‫فوهنت قواها لتجلس هي أيضا على سريرها واضعة‬

‫الوسادة بحضنها مردفة‪:‬أنت تعلم ما أريد‪ ،‬لهاذا ال تلف كل‬

‫مرة كعادتك‬

‫زفر نزار بأنفاس ساخنة متشحا بصبره المعتاد عندما يتصل‬

‫بها‪،‬فهي كلها بحد ذاتها تضعفه فتزداد لهفته لها كل‬

‫حين‪،‬هاتفا بحنو‪ :‬أي لف يا ميسي‪،‬أنت طلبت طلبا مني وأنا‬

‫فعلت نفس الشيئ منك‪،‬لهاذا لكي تحصلي على ما تريدين‬

‫نفذي ما أريد أوال يا زوجتي المصون‬

‫‪779‬‬
‫ضحكت ميس بخفة تداعت لها نبضات قلب اآلخر مرددة‪ :‬ال‬

‫‪،‬أخبرتك سابقا أنني سأترك الفضول يقض مضجك ولن‬

‫أخبرك أبدا‪،‬واآلن أريد كتبي لقد مرت أكثر من عشرة أيام‬

‫منذ أن نسيتهم عندك‬

‫ضحك اآلخر على شقاوتها متحدثا من بين ضحكاته‪ :‬أنت‬

‫حقا عادلة‪،‬يعني تريدين مني أن ألبي طلبك ذاك وأحضر‬

‫كتبك والتي في الحقيقة لحد اآلن لم أفهم سبب نسيانك‬

‫لكتبك كل مرة‪ ،‬هل تعانين من خطب معهم يا ميسي؟‬

‫قهقهت األخرى بخفة محاولة كتمانها دون جدوى‪ ،‬ليبتسم‬

‫هو في الجانب اآلخر على جمال صوتها ورقته‪ ،‬فأردفت‬

‫بمكر أنثوي‪:‬طوال حياتي لم أنسى كتبي أبدا‪،‬لكن في كلتا‬

‫‪780‬‬
‫المرتين السابقتين عندما نسيتهم كنت أنت في محيطي‪،‬‬

‫لهاذا فأنا ال ذنب لي‪،‬هاذا بسببك أنت‬

‫صمت لبرهة مستمعا ألنفاسها ‪ ،‬هامسا بصوت واهن‪:‬‬

‫هل‪،‬هل أنا سبب حقا يا ميسي‪ ،‬ماذا يعني هاذا بالضبط؟‬

‫توردت وجنتي األخيرة متالعبة بخيوط وسادتها الملونة‬

‫مهمهمة بحياء شديد‪ :‬أنت تربكني جدا‪ ،‬وتشتت عالمي‪،‬‬

‫فأنسى نفسي وكل ما حولي‬

‫إبتلع ريقه‪،‬دالكا رقبته من الخلف‪ ،‬كالمها ال يساعد بتاتا في‬

‫تهدئة أعصابه‪ ،‬كلماتها تلك تزيد األمر سوءا‪ ،‬وقد تسربت‬

‫‪781‬‬
‫الحمم ألوردته مستفهما بهدوء مصطنع‪ :‬هل أربكك لهذه‬

‫الدرجة حقا‬

‫أومئت األخرى بخفة عاضة على شفتيها وكأنه يراها‬

‫هامسة‪ :‬نعم وأكثر‬

‫تنهد محاوال تمالك أعصابه مستفسرا بخبث خفي‪:‬وهل يعني‬

‫هاذا شيئا معينا لك؟‬

‫كتمت ميس ضحكتها على مراوغته هازة كتفيها بخبث‬

‫مماثل‪:‬إحزر يا ترى ماذا يعني؟‬

‫زفر اآلخر بحنق عابسا على مكرها الذي ال ينتهي مغمغما‬

‫بعتاب‪ :‬هيا يا ميسي‪ ،‬أنت ال تساعدين أبدا‬

‫وضعت األخرى كفها على ثغرها ضاحكة على فضوله‬

‫الشديد قائلة بإستفزاز‪ :‬أساعدك في ماذا بالضبط لم أفهم يا‬

‫نزاري؟‬

‫‪782‬‬
‫إستقام األخير من سريره يجول في غرفته ماسحا على‬

‫شعره بتشتت‪ ،‬فقط لو كانت بقربه اآلن سريها كيف تستفز‬

‫تلك الزبرجدية الساحرة‪ ،‬مرددا‪:‬أنت تعلمين مقصدي‪ ،‬لهاذا‬

‫هذه المرة توقفي أنت عن المراوغة‬

‫تبسمت ملئ شدقيها هاتفة بدالل أنثوي عشقه اآلخر مسبقا‬

‫وال زال يغوص في عشقه‪ :‬أي مراوغة هذه يا زوجي‪،‬صدقا‬

‫ما هو قصدك يا نزاري‬

‫ضحك االآخر بخفة على مشاكستها المستفزة والمذيبة‬

‫لألعصاب‪ ،‬مرددا‪ :‬أنت مشاغبة حقا يا ميسي‬

‫‪783‬‬
‫قهقهت مرة أخرى متالعبة بخصالت شعرها مجددا قائلة‬

‫برقة‪:‬جيد أنك عرفت هاذا‪ ،‬وأخيرا‪،‬واآلن أخبرني متى‬

‫ستحضر لي كتبي؟‬

‫جلس نزار على أريكته الرمادية مجيبا إياها بإستفزاز‬

‫مماثل‪:‬إن أخبرتني بسؤالي األول أعدك سأحضرهم لك‬

‫صباحا‪،‬هيا أخبريني كيف ترينني؟‬

‫زمت ميس شفتيها بعبوس طفولي هاتفة بشقاوة‪ :‬ال تحلم‬

‫بهاذا‪،‬إصبر بعد زواج أعدك أيضا سأخبرك‬

‫تذمر هو اآلخر هاتفا بحنق‪ :‬هاذا كثير يا ميسي‪،‬ما زالت‬

‫أشهر لذلك‪،‬كيف سأصبر كل هذه المدة باهلل عليك؟‬

‫‪784‬‬
‫قهقهت األخيرة على إستعجاله‪،‬فهمت بالحديث‪،‬إال أنه تهادى‬

‫لها أصوات خارج غرفتها‪،‬فإستقامت بهدوء فاتحة نافذتها‬

‫قليال‪،‬ليترائي لها ضلين لرجلين ملثمين يحاوالن فتح‬

‫النافذة‪،‬فإرتعبت ميس بشدة‪،‬غالقة إياها بهدوء شديد‪،‬‬

‫متراجعة للخلف بضع خطوات‪،‬عاجزة عن الرد على نزار‬

‫المنادي لها عبر الهاتف‪،‬فهمست بهلع متلعثم‪:‬هناك‬

‫شخصين أمام نافذة غرفتي‪،‬ال أعرف‪ ،‬هما يريدان نزع‬

‫الحاجز الحديدي‬

‫إستقام نزار بخوف مستفسرا برعب هو اآلخر لكن عليها‪:‬‬

‫ماذا تقصدين بالضبط‪،‬أنت بالبيت أليس كذلك؟‬

‫همهمت ميس إيجابا‪ ،‬متحركة بخطوات سريعة نحو الباب‬

‫بعد أن سمعت صوتا هناك بقربه‪ ،‬وقد إرتفع هدير قلبها‬

‫‪785‬‬
‫الخائف وإرتعشت أوصالها ‪،‬لتتأكد من إقفاله جيدا‪ ،‬سمعت‬

‫بالطرف اآلخر نزار هادرا عليها عدة مرات‪،‬فتلعثمت برعب‪،‬‬

‫وأصوات محاولة فتح الباب متواصلة‪:‬إنهما‪..‬هما يريدان‬

‫إقتحام الغرفة يا نزار‬

‫أخذ اآلخر مفتاح سيارته‪ ،‬متحركا بسرعة شديدة خارجا من‬

‫البيت‪،‬بعد أن تجاهل نداءات ريم المتتالية‪،‬فأردف بخوف‬

‫كبير عليها‪:‬البئس عزيزتي أنا قادم‪،‬كلها عشر دقائق‬

‫وسأكون هناك ال ترتعبي حسنا‪،‬فقد تأكدي من إغالق كل‬

‫شيئ‪.‬‬

‫إبتلعت األخرى ريقها مرتدية إسدالها بسرعة‪ ،‬بعد أن تأكدت‬

‫من غلق النافذة‪ ،‬حامدة هللا أنها تحتوي على سياج حديدي‬

‫خارجي يمنع أي إقتحام من الخارج‪،‬بعد أن تأكدت من الباب‬

‫‪786‬‬
‫أيضا‪،‬مستغربة من وجود لصوص يردون التهجم‬

‫عليها‪،‬فحيهم لطالما كان مسالما‪ ،‬إال نادرا ما تحدث مثل هذه‬

‫األمور من إقتحامات وسرقة‪ ،‬أكيد علموا أنها بمفردها لهاذا‬

‫يريدون إستغالل الفرصة‪،‬و عند هذه الخاطرة وهنت ركبتها‬

‫جالسة على سريرها ضامة قدميها لصدرها بفزع‪ ،‬تريد‬

‫التحكم في سرعة أنفاسها مرددة أذكارها حتى يحضر نزار‪،‬‬

‫فهمهمت مجيبة بخفوت شديد‪:‬نعم‪ ،‬لقد تأكدت من غلق كل‬

‫منافذ‪.‬‬

‫تابع نزار قيادة السيارة بسرعة هاتفا بحنق وهلع‪ :‬جيد‪،‬أين‬

‫هو عمك وأسرته‪،‬كيف تركوك هكذا بمفردك في هاذا‬

‫الليل‪،‬أين هم اآلن؟؟‬

‫‪787‬‬
‫قطبت ميس جبينها مجيبة بتلعثم متوتر‪:‬عمي بمنزله مع‬

‫عائلته‪ ،‬وأنا بغرفتي يا نزار‪ ،‬هل نسيت؟‬

‫عقد اآلخر حاجبه بإستغراب‪ ،‬كيف يكون عمها بمنزله‪،‬وهي‬

‫بغرفتها‪،‬أليست تعيش عندهم‪،‬فزفر بإرتياع محاوال السيطرة‬

‫على أعصابه التي ستنفلت توترا وخوفا عليها‪،‬فهتف‬

‫مصطنعا الهدوء‪:‬حسنا‪ ،‬أنا قادم قربت لم يتبقى إال بضع‬

‫أحياء سأصل قريبا جدا‪،‬ال تقلقي‪ ،‬إبقي بمكانك وال تفتحي‬

‫ألحد مهما كان‪،‬إتفقنا‬

‫أومئت له األخيرة بإرتعاش‪ ،‬واألصوات قرب بابها إنخفضت‬

‫وكأن أصحابها قد يؤسوا وغادروا‪،‬فهمست بخفوت‬

‫مرتبك‪:‬إتفقنا‬

‫‪788‬‬
‫بعد لحظات عديدة مرت‪،‬إخترق سكون غرفتها صوت‬

‫طرقات على بابها‪،‬فإرتفع هدير قلبها بشدة‪،‬لتهادى لها‬

‫صوت نزار المستفسر‪:‬ميس هاذا أنا فقط إفتحي الباب‬

‫تهللت أسارير األخيرة واضعة كفها أيسر صدرها الصاخب‬

‫بتوتر و قد زفرت براحة كبيرة وعم قلبها السرور‬

‫واألمان‪،‬لتهرع لفتح الباب بفرحة جلية ‪،‬فدلف نزار مغلقا‬

‫الباب خلفه‪،‬جاذبا إياها من ذراعها حاضنا إياها بين ذراعيه‬

‫بقوة‪،‬مطمئنا نفسه قبلها على سالمتها‪،‬وأنها هنا على خير‬

‫ما يرام‪،‬فقد كاد قلبه أن يتوقف من فكرة أن يتهجم عليها‬

‫أي شخص وهي بفردها‬

‫‪789‬‬
‫تصلبت اإلخرى بين ذراعيه متفاجئة من إحتضانه‪،‬إال أنها‬

‫النت تقاسيمها مدركة خوفه عليها‪ ،‬فرفعت ذراعيها هي‬

‫األخرى تحيط جذعه بلطف‪،‬مغرقة نفسها بصدره الصلب‬

‫الدافئ‪،‬الذي يرسل لها شرارات األمن واألمان‪،‬ويبث لها كل‬

‫رسائل الحنان والرعاية التي كان وال زال يغدقه بها دون‬

‫تردد‬

‫قبل أعلى رأسها بحب حامدا هللا بسره أنها سليمة‬

‫معافاة‪،‬ليبعدها قليال يناظرها كلها هامسا بتوتر‪:‬أنت بخير‬

‫أليس كذلك‪،‬لم يدخل أحد للبيت يا ميس طمنيني؟‬

‫تبسمت األخرى برقة وقد توردت وجنتيها بشدة هامسة‬

‫بخفوت‪:‬ال تقلق‪ ،‬يبدو أنهما يئسا من إقتحام الغرفة‪ ،‬فغادرا‬

‫خاليا الوفاض‬

‫‪790‬‬
‫تنهد نزار براحة‪،‬مستفسرا بإستغراب ‪:‬أين عمك وأسرته يا‬

‫ميس‪،‬كيف يتركونك بمفردك بالبيت هكذا‪،‬هاذا إستهتار؟‬

‫عقدت األخيرة حاجبيها بإستغراب على إستفساره‪،‬كيف‬

‫يسئلها هاذا السؤال فهو يعلم بحالها‪ ،‬فهي صرحت بكل‬

‫شيئ لوالدته السيدة جيهان ولريم‪،‬لم تخدعه ولم تكذب عليه‬

‫إذا لماذا يبدو وكأنه جاهل باألمر‪ ،‬فأرفدت بإرتباك‪:‬نزار أنت‬

‫تعلم أن عمي بمسكنه مع أسرته‪ ،‬وأنا أعيش هنا بغرفتي‬

‫بمفردي‬

‫قطب حاجبيه بعدم فهم‪،‬كيف عمها بمسكنه وهي بغرفتها‬

‫لوحدها‪ ،‬أال تعيش بينهم ومع عائلته‪ ،‬فرفع رأسه متأمال‬

‫البيت‪،‬فترائي له مجرد غرفة صغيرة الحجم‪،‬تحتوي على‬

‫‪791‬‬
‫نافذة بإحدى جدرانها‪ ،‬وسرير وخزانة تبدو قديمة‪،‬وباب‬

‫آخر باجي اللون يبدو وكأنه حمام‪ ،‬أما على أحد أركان‬

‫الغرفة تواجدت طاولة بالستيكية تحتوي على األواني وقد‬

‫شكلت كأنها مطبخ صغير‪ ،‬ضيق عينيه أكثر متأمال ذاك‬

‫الباب والذي يبدو أنه قد شيد حديثا بالطوب بدى كأنه كان‬

‫باب لمسكن آخر لكنه أغلق على صاحبه‪،‬عند هذه الخاطرة‬

‫أيقن حقيقة األمر‪،‬يبدو أن ميس فصلت بغرفة خارجية مطلة‬

‫على شارع الحي ‪،‬تعيش بها لوحدها‪،‬بعيدا عن عمها ذاك‬

‫وأفراد أسرته‬

‫فرفع كفه مشيرا للباب المقصود مهسهسا بحدة‪:‬ماذا يعني‬

‫ذلك الباب يا ميس‪،‬هل فصلت بغرفة خارجية عن البيت‬

‫لوحدك‪،‬هل هاذا ما كنت تعنينه أنك تعيشين بغرفة بمفردك؟‬

‫‪792‬‬
‫توترت األخيرة وارتفع هدير قلبها المرتجف مسبقا‪،‬فأومئت‬

‫له ببطئ مشتتة أنظارها بعيدا عنها‪،‬فصعق اآلخر من‬

‫إجابتها‪،‬مستغربا‪ ،‬مصدوما‪،‬متفاجئا من الوضع‪،‬كيف ومتى‬

‫ولماذا هي بمفردها‪،‬أين الوغد عمها وكيف تجرأ أساسا‬

‫على أن يفعل بها ذلك‪ ،‬فتسائل وقد عمه الغضب األعمى‬

‫لحالها هاذا‪ :‬منذ متى وأنت تعيشين بمفردك؟‬

‫رفعت عينيها المرتبكتين‪ ،‬المشتتين‪،‬عاجزة عن‬

‫مواجهته‪،‬ألم يكن يعلم بهاذا قبال‪،‬ما الذي جد اآلن‪،‬فتلعثمت‬

‫بتوتر جلي‪:‬نزار توقف عن سؤالي‪،‬أنت تعلم جيدا متى حدث‬

‫هاذا‬

‫‪793‬‬
‫هدر اآلخر بها‪ ،‬ضاربا الكرسي الذي كان بقربه بقدمه‬

‫ليرتطم بالجدار منشطرا على نصفين‪ :‬أجيبي‬

‫فإرتعبت ميس بشدة متراجعة للخلف بضع خطوات‪،‬وقد‬

‫تملكها الهلع من حاله هاذا‪،‬فهذه أول مرة تراه بهاذا‬

‫الغضب‪ ،‬فلطالما كان صدره رحب معها فإبتلعت ريقها‬

‫بتوتر‪ ،‬مغمغمة بضياع وقد شحب وجهها‪ :‬منذ‪،‬منذ حوالي‬

‫ثماني أشهر أو أكثر‪،‬لم أعد أعرف‬

‫توسعت عينيه على أوجها‪،‬وإرتفع الغضب بشرايينه وجز‬

‫على أسنانه‪ ،‬إذا زوجته وعرضه تفصل هكذا لوحدها وكأنها‬

‫كلب أجرب‪ ،‬عمها ذلك الخسيس يتخلى عن عرضه وحرمه‬

‫بهذه الوقاحة‪،‬زوجة نزار آل سميح يتم تركها بمفردها‬

‫‪794‬‬
‫بغرفة معزولة مطلة على الحي وسكانه بأشكالهم‪،‬منهم‬

‫الوغد والحقير والمريض النفسي وخبيث القلب‪،‬فيصبح‬

‫شرفه عرضة لكل غادي‪،‬حبيبته الزبرجدية تهان هكذا وهو‬

‫كالغبي األبله جاهل لحالها‪ ،‬هي تعاني وتتألم وهو ال علم له‬

‫بأالمها ووجعها‪ ،‬فأومئ لها ببطئ شديد وقد تعالت أنفاسه‬

‫الهادرة بقلبه‪،‬غضبا‪،‬وحنقا‪،‬وغلت الدماء بأوردته مهسهسا‬

‫بحدة شرسة‪:‬ال بئس‪،‬إذا عمك ذاك عزلك لوحدك‪،‬زوجتي أنا‬

‫تصبح عرضة لكل أهل الشارع هكذا دون حسيب أو رقيب‬

‫عليها‪،‬سأريه ذلك اللعين‪ ،‬فهو عار أن يعد أساسا من‬

‫الرجال‬

‫إرتعبت ميس من حاله ذاك‪،‬ليس خوفا على نفسها‪،‬بل فزعا‬

‫عليه من أن يحدث له شيئ ما جراء هاذا الغضب‬

‫‪795‬‬
‫األعمى‪،‬فركضت خلفه بعد أن هم بالتهجم على بيت‬

‫عمها‪،‬فقبضت على ذراعه هاتفة بسرعة‪ :‬أرجوك يا نزار‪،‬ال‬

‫داعي لكل هاذا فقد مر وقت طويل على عيشي بمفردي‬

‫وإعتدت حقا على هذه الغرفة‪ ،‬رجاءا ال ترتكب فضائح‬

‫بسبب غضبك من فضلك‪،‬هو يضل عمي على كل حال‬

‫قبض على ذراعها بقوة هادرا بحدة في وجهها‪:‬ليس بعمك‬

‫يا ميس‪ ،‬من يتخلى عن حرمات بيته ليس بأهال أن يكون‬

‫رجال أساسا‪،‬من يترك عرضه هكذا مهمل بهذه القسوة‬

‫والنذالة ليس إال خسيس ووغد‪ ،‬هل فهمت‬

‫إرتجفت شفتاها بخوف واأللم إستوطن قلبها‪ ،‬فهي مدركة‬

‫تماما لصحة كالمه‪،‬لكنها ال قوة لها على المواجهة‪،‬فقد‬

‫‪796‬‬
‫تعبت حقا وإستنزفت طاقتها كلها ‪،‬فقد فوضت أمرها هلل منذ‬

‫وقت طويل‪،‬باإلضافة أيضا أن عمها أحس بخطئه وتراجع‬

‫عنه طالبا منها العودة ‪،‬وعوضها بغرفته هو‬

‫األصلية‪،‬فسامحته لوجه هللا‪ ،‬مزيلة كل حنق من قلبها‬

‫عليه‪،‬فهي ال تنسى أبدا أنه أحسن لها يوما عندما كانت في‬

‫كنفه‪،‬تنهدت بتوتر مغمغمة‪ :‬ال بئس يا نزار‪،‬أرجوك أنت‬

‫هكذا توترني‪،‬وقد أعتذر عمي مني مسبقا طالبا مني العودة‬

‫إال أنني رفضت‪،‬لهاذا الداعي ألي كالم معه‪،‬رجاءا‬

‫صك على أسنانه محاوال كتم غضبه كي ال يحزنها هي‬

‫األخرى‪ ،‬فهتف بقوة أربكتها أكثر‪ :‬أتركي ذراعي يا‬

‫ميس‪،‬يجب أن أؤدبه كي يتعلم أن ال يتالعب بزوجتي‬

‫عرضي‪.‬‬

‫‪797‬‬
‫همت ميس بالحديث لتهدأته والحد من غضبه هاذا‪،‬إال أن‬

‫طرقات الباب أوقفتها‪،‬فإخترق صوت عمها الباب هاتفا‬

‫بها‪:‬ميس ما بك ما كل هاذا الصراخ والفوضى‪،‬هل أنت‬

‫بخير؟‬

‫توسعت عيني األخيرة فهاذا ليس بوقته أبدا‪،‬فإبتلعت ريقها‬

‫برعب متخوفة من رد فعل نزار‪،‬هاذا األخير الذي فتح الباب‬

‫بسرعة‪ ،‬فترائي له عمها ذاك الذي إحترمه يوما‪،‬فتفاجئ‬

‫األخر من تواجد نزار هنا بغرفة ميس‪،‬فقبض نزار على‬

‫ياقته جاذبا إياه لغرفة األخيرة‪،‬‬

‫فهسهس بغضب شديد‪:‬أيها اللعين هل تريد حقا معرفة ما‬

‫يحدث‪،‬ال بئس سأتكرم بذلك‪،‬ميس إبنة أخيك عرضك‬

‫‪798‬‬
‫وشرفك كانت منذ لحظات مرت فقط مرعوبة بسبب لصين‬

‫على وشك التهجم على غرفتها‪،‬وأنت كاألبله الغبي ال تدري‬

‫بما يحدث لها‪،‬وأنا األحمق اآلخر كنت واثقا أن زوجتي‬

‫بمكان آمن ببيتك وبين أفراد أسرتك‬

‫توسعت عيني العم أمين رعبا وخوفا من شكل نزار المفزع‬

‫فتلعثم‪:‬أنا‪،‬أنا لم أكن أعلم‪،‬لقد طلبت منها العودة لكنها‬

‫أصرت على البقاء بمفردها‪،‬أقسم هي شاهدة على ذلك‬

‫قبضت ميس على ذراع نزار مترجية إياه بخوف هي‬

‫األخرى على حال زوجها التي إنفلتت أعصابه بغضب‬

‫أعمى‪:‬أرجوك نزار توقف‪ ،‬هاذا يبقى عمي‪،‬وهو صادق أنا‬

‫من رفضت العودة‪،‬دعه أرجووك‬

‫‪799‬‬
‫قبض بقوة على رقبته هادرا في وجهه الذي إحمر لنقص‬

‫األكسجين‪:‬يا لشهامتك حقا‪،‬بعد ماذا تريد عودتها ؟ ها‪ ،‬بعد‬

‫أن خيبت ظنها و خذلتها أيها اللعين‪،‬ما كسر ال يتصلح أبدا‬

‫يا عبقري زمانك‪.‬‬

‫حاولت ميس إبعاد كفي نزار عن ياقة عمها الذي خافت‬

‫عليه حقا من غضب نزار‪،‬صارخة عليه‪:‬نزار أتركه‪،‬توقف‬

‫عن هاذا‪،‬توقف باهلل عليك‪،‬أنت تخنقه‪،‬أرجووك‬

‫لتنفجر بعدها ببكاء مرير‪ ،‬أوجع قلب نزار عليها‪،‬فترك‬

‫عمها‪،‬حيث سقط هاذا األخير على األرض ملتقطا أنفاسه‬

‫المسلوبة‪،‬فهتف نزار بها بحدة‪ :‬تعالي معي للبيت يا ميس‪،‬‬

‫ال مكان لك في هذه الغرفة مرة أخرى ‪،‬إنسيها كليا‬

‫‪800‬‬
‫تلعثمت ميس ببكاء مرتبك مستفهمة ‪:‬ماذا تقصد بالضبط؟‬

‫هدر اآلخر بها محاوال التحكم قدر اإلمكان بغضبه‪ ،‬كي ال‬

‫يخيفها أكثر‪ ،‬مشفقا على حالها بعد ما عانته منذ لحظات من‬

‫رعب وإستنزاف لألعصاب‪:‬كما سمعت تماما‪،‬لن تبقي هنا‬

‫ثانية أخرى‪ ،‬تعالي فورا معي‬

‫همت باإلعتراض‪ ،‬إال أنه صرخ بها بقوة أربكتها أكثر‪ :‬اآلن‬

‫يا ميس‬

‫فغادر الغرفة موجها نظراته المتقززة لعمها الجالس على‬

‫األرض بتعب‪،‬لتتبعه األخرى بعد أن أحكمت إسدالها حول‬

‫رأسها‪ ،‬حاملة هاتفها معها‪،‬متحركة بخطوات مهزوزة‬

‫تعبة‪،‬لتنحي لعمها هامسة بخفوت‪:‬أعتذر حقا على كل ما‬

‫حدث لك يا عمي‪،‬إعذرني رجاءا‬

‫‪801‬‬
‫ناظرها اآلخر بعتاب مغمغما بخفوت نادم وخجل‪:‬أبدا يا‬

‫إبنتي‪،‬زوجك معه ألف حق‪ ،‬أنا أخطئت وأستحق ما يحدث‬

‫لي ‪،‬اآلن حقا لقد إطمئننت أنك بكنف رجل شهم وصالح ال‬

‫يرضى لك إال العزة والكرامة‪،‬هيا إذهبي خلفه‪ ،‬كي ال يغضب‬

‫مجددا‬

‫همهمت ميس بالشكر‪،‬مغادرة الغرفة‪،‬لتبصر سيارة‬

‫نزار‪،‬لتبتلع ريقها بخوف وقلبها الهادر المرتعب من فكرة‬

‫إنفصاله عنها‪ ،‬فأكيد لن يكمل هذه الزيجة بعدما‬

‫حدث‪،‬ففتحت الباب األمامي بأعصاب مرهقة وجسد واهن‬

‫متخذة مجلسها هناك‪.‬‬

‫‪802‬‬
‫تنهد نزار مواصال قيادة سيارته‪ ،‬محاوال قدر اإلمكان التحكم‬

‫في أعصابه المشتعلة غضبا وحنقا من حقيقة األمر الذي‬

‫كان يجدر أن يكون على علم مسبق به‪ ،‬فأردف بحدة أقل‬

‫شفقة بميس‪ :‬كان عليك أن تخبريني قبال يا زوجتي‬

‫المصون‪ ،‬بدل أن أكتشف األمر بهذه الطريقة‪ ،‬وأبدو كاألبله‬

‫هكذا‬

‫قوست ميس شفتيها المرتعشة بحزن ووجع ألم بقلبها‬

‫المكلوم‪ ،‬مدركة أن عالقتهما لم يبقى لها الكثير وتنهار‪ ،‬هي‬

‫لم تكذب أبدا عليهم‪ ،‬إذا ألهاذا وافق على خطبتها ألنه كان‬

‫جاهال لوضعها الحقيقي‪،‬فهمست بحشرجة متلعثمة‪ :‬أنت‬

‫كنت تعلم‪،‬أنا لم أكذب عليكم في شيئ‪،‬لقد صارحتكم بحالي‬

‫وبوضعي في بيت عمي مسبقا‪ ،‬وأنتم قررتم إتمام الزيجة‪،‬لم‬

‫أخفي شيئا عليك‪ ،‬ووالدتك وريم حضرتا لغرفتي و عرفتا‬

‫كل شيئ‪،‬لهاذا توقف عن لومي هكذا‬

‫‪803‬‬
‫ضرب المقود هادرا بعصبية وغضب كبير‪ ،‬إرتجفت لها‬

‫أوصال األخيرة‪ :‬للمرة األلف أخبرك انني ما كنت أعلم‬

‫بوضعك هاذا يا ميس‪ ،‬هل تعتقدين أنني كنت سأوافق على‬

‫هاذا األمر وأنت تعيشين بتلك الصورة السيئة لوحدك‬

‫عضت على شفتها‪ ،‬وعجزت عن الرد‪ ،‬وغاصت ضمن ثنايا‬

‫وجعها‪،‬رغم حقيقة األمر المرة كمرارة العلقم‪،‬إال أنه معه‬

‫حق‪،‬قالها بنفسه كيف سيوافق عليها وعلى اإلرتباط بها إن‬

‫كانت هذه حقيقتها يتيمة منبوذة من قبل عمها‬

‫وأسرته‪،‬فإنفجرت مرة أخرى ببكاء مرير‪،‬حيث رفعت قدميها‬

‫لصدرها محيطة نفسها بذراعيها غارسة رأسها‬

‫بركبتيها‪،‬مواصلة هستيرية بكاءها‪،‬األمر مؤلم جدا‪،‬وقلبها ال‬

‫يتحمل فكرة إنفصاله عنها‪،‬لن تصمد أمام خذالن آخر‪،‬‬

‫‪804‬‬
‫توسعت عيني نزار على وضعها هاذا‪،‬فركن على جانب‬

‫الطريق بسرعة‪،‬قلبه إرتعب على حالها هاذا‪ ،‬هو ال يحتمل‬

‫أبدا بكاءها‪،‬دموعها تلك تقتله وترديه صريعا‪ ،‬فتضعف‬

‫عزيمته‪ ،‬يبدو أنه قسى عليها حقا‪،‬فخفق فؤاده الملتاع لها‬

‫هامسا بإرتباك وتشتت ‪ :‬ميس أرجوك ال تبكي‪ ،‬أنا آسف ‪،‬لم‬

‫أقصد الغضب عليك‪ ،‬فقط هذه المفاجئة صدمتني وشتتت‬

‫تفكيري إعذريني من فضلك‬

‫رفع كفه المسا كتفها من فوق إسدالها األبيض الذي تغرق‬

‫داخله بصورة مالئكية بهية رغم هالتها الحزينة‪ ،‬فإنكمشت‬

‫األخيرة في جلستها أكثر‪ ،‬ملتصقة بباب السيارة‬

‫فأخفض األخير كفه وتملكه األلم الفظيع في قلبه‪ ،‬لم يرد‬

‫هاذا أبدا‪ ،‬ميسه زوجته وحبيبة قلبه متوجسة منه‪ ،‬هاربة‬

‫‪805‬‬
‫من كفه الذي لطالما كانت تأمنه وترتاح به‪،‬فزفر بتعب‬

‫وإرهاق عصبي مستندا برأسه على المقود‪ ،‬وشهقاتها‬

‫تخترق فؤاده كسهم سام فتفتته لحطام وخراب يعجزه ويشل‬

‫تفكيره‪،‬فتمتم بوهن مرير‪:‬فقط إعذريني يا ميسي‬

‫رفع رأسه من المقود داعكا صدغه بضياع‪،‬مشغال سيارته‬

‫بشرود متابعا القيادة عائدا لبيته‪ ،‬مستنزفا كليا لحزنها‪،‬‬

‫ألمها‪ ،‬قهرها‪ ،‬وعجزه الفاشل في إخماد لهيبها‪ ،‬وغبائه‬

‫الذي أدركه توا‪ ،‬أنه فشل حقا في حماية محبوبته الزبرجدية‬

‫••‬

‫فتح الباب لها لتدلف ميس بإرهاق ووجه شاحب‪،‬فنادى‬

‫اآلخر على أمه مغلقا إياه خلفه مسندا جسده المهموم عليه‪،‬‬

‫‪806‬‬
‫هذه األخيرة التي هرعت له مع ريم بعد أن كانتا على‬

‫أعصابهما بعد خروجه بتلك السرعة من البيت وعدم رده‬

‫على إتصالهما‪ ،‬فعقدت أمه حاجبيها بأستغراب متوجس بعد‬

‫رؤية ميس‪،‬فإستفهمت بخوف‪:‬ميس هذه أنت بنيتي‪.‬ما‬

‫الخطب؟‬

‫إرتعشت شفتي األخرى ببكاء‪ ،‬راكضة لحضنها تضم نفسها‬

‫لها‪،‬والتي لم تمانع السيدة جيهان ذلك‪،‬فأحاطت جذعها رابتة‬

‫عليها بحنو‪،‬هامسة بدفئ بعد إن تعالت شهقات ميس‬

‫الباكية‪:‬ما بك يا إبنتي‪،‬لماذا كل هاذا البكاء؟‬

‫توترت ريم هي األخرى من المشهد‪ ،‬موجهة بصرها نحو‬

‫أخيها نزار الذي كان صامتا بوجوم‪ ،‬شاردا في فلكه‬

‫لوحده‪،‬فتقدمت بهدوء نحو ميس المتقوقعة بحضن أمها‬

‫‪807‬‬
‫ماسحة على ظهرها بخفة‪ ،‬وقد هالها منظرها المنكسر هاذا‬

‫وبكاءها الممزق لنياط القلب مرددة‪ :‬ميس حبيبتي ما بك‪،‬‬

‫ما سبب بكائك هاذا؟‬

‫همست األخيرة من بين شهقاتها مخبئة نفسها بصدر‬

‫حماتها الحاني‪،‬متلعثمة بحديثها‪ :‬أنتم‪...‬أنتم كنتم تعرفون‬

‫أنني أعيش لوحدي بغرفتي المنفصلة‪..‬أنا لم أكذب عليكم‬

‫أبدا‪...‬لم أخدع أحد منكم وهللا‪..‬إذا لماذا نزار يجهل وضعي؟‬

‫أدركت السيدة جيهان ما حدث فأبعدتها قليال عن حضنها‬

‫‪،‬مكوبة وجنتها بحب وقد رقت مالمحها المحبة لها‪،‬ماسحة‬

‫مدمعها هاتفة بهدوء‪:‬أنت لم تكذبي أبدا يا ميس‪ ،‬وأنا وريم‬

‫كنا نعلم هاذا‪ ،‬لهاذا ال تنزعجي بنيتي‪ ،‬فقط إبني نزار من‬

‫كان غير عالم بالموضوع‪.‬‬

‫‪808‬‬
‫إرتعشت مقلتي ميس‪ ،‬وإرتجفت شفتاها بتوتر‪،‬وهلع‪،‬إذا هو‬

‫وافق على زواج بها ألنه كان غير عالم بوضعها‪،‬هاذا هو‬

‫السبب إذا‪ ،‬أكيد هو لن يرغب بها بعد اآلن‪،‬فتمتمت بخفوت‬

‫باكي‪:‬لماذا لم تخبريه يا خالة‪،‬أنا وضعت بموضع الكاذبة‬

‫المخادعة‪ ،‬وأنا أبدا لست هكذا‪.‬‬

‫تنهدت جيهان مقبله رأسها مرددة بهدوء‪،‬محاولة تهدئتها‬

‫كي ال تنهار أكثر‪ :‬لم تكوني يوما هكذا يا ميس‪،‬هو فقط‬

‫سوء فهم‪،‬وسيحل بإذن هللا‪ ،‬إطمئتي صغيرتي‬

‫وجهت السيدة جيهان نظرها نحو ريم إبنتها التي كانت هذه‬

‫األخيرة حزينة على الوضع الراهن واأللم الذي تعاني منه‬

‫ميس‪ ،‬مردفة‪ :‬ريم خذي ميس نحو غرفتك‪،‬وإصنعي لها‬

‫شرابا مهدئا ألعصابها‪،‬وأنا سأكلم أخيك‪.‬‬

‫‪809‬‬
‫أومئت لها األخرى بصمت وطاعة‪،‬محيطة كتف ميس‬

‫بذراعها‪ ،‬مهمهمة بلين‪:‬ميس حبيبتي تعالي معي لغرفتي‬

‫وإرتاحي قليال‪،‬حسنا‬

‫زفرت ميس بتعب‪،‬وأنفاس متسارعة‪،‬بجسد واهن ووجه‬

‫شاحب‪،‬متحركة بشرود تساير ريم في خطواتها نحو غرفتها‬

‫صوبت جيهان نظرها نحو إبنها المستند على الباب‪،‬‬

‫ووجهه الذي كساه البرود والغموض‪ ،‬فأردف بهدوء حاول‬

‫التحكم فيه‪:‬أنت كنت تعلمين ذلك يا أمي‪،‬ميس كانت تعيش‬

‫بمفردها بغرفة مطلة على الشارع عرضة لكل وغد حقير قد‬

‫تسول له نفسه المريضة إقتحام غرفتها‪،‬وأنا كالغبي المغفل‬

‫ال خبر لدي بذلك‬

‫‪810‬‬
‫تنهدت والدته‪ ،‬مدركة غضب إبنها‪،‬والتي تفهمته بصدر‬

‫رحب‪،‬فشبلها لم يكن يوما ال رجال حقيقيا شهما‪،‬ال يرضى‬

‫بالضلم وال بالتجبر على خلق هللا‪،‬خاصة فيما يخص مقربيه‪،‬‬

‫فتحدثت بحنو وهدوء‪:‬تعال بني‪،‬فلنتحدث بغرفتي أفضل من‬

‫الوقوف هكذا‬

‫تحركت نحو غرفتها‪،‬فما كان منه إال أن يلحق بها‪،‬فهو رغم‬

‫غضبه الهادر وحرقة دمه‪،‬إال أنها تضل والدته الحنون‪،‬‬

‫ووصية هللا تعالى‪ ،‬داعيا في سره أن يلهمه هللا الصبر‬

‫وحسن التصرف كي ال يخسر أكثر‪،‬أال يكفيه تصرفه الغبي‬

‫مع ميس حبيبته‪.‬‬

‫‪811‬‬
‫دلف الغرفة بعدها مغلقا الباب من ورائه‪،‬فترائت له والدته‬

‫جالسة على األريكة‪ ،‬رابتة بجانبها مهمهمة بلطف‪ :‬إقترب‬

‫بني‪،‬وإجلس بجانبي وسأخبرك بكل شيئ‬

‫زفر اآلخر بتعب دالكا جبينه‪ ،‬متخذا مجلسا بقربها مغمغما‬

‫بخفوت‪:‬تفضلي يا غالية‬

‫تبسمت السيدة جيهان بمحبة خالصة‪ ،‬فإبنها ورغم ضغطه‬

‫النفسي إال أنه يضل يناديها بلقبها المحبب‪ ،‬فقبضت على‬

‫كفه بحنو متحدثة بهدوء‪ :‬تذكر جيدا أنك قمت بخطبة ميس‬

‫وهي رفضت‪ ،‬قبل أن أتدخل أنا‪،‬وقد أعلمتك أن سبب‬

‫رفضها كان آجبارا يعني ليست بكامل إرادتها‪،‬وقد ألححت‬

‫عليك السؤال إن كنت تريد ميس لشخصها‪ ،‬فأخبرتني بثقة‬

‫‪812‬‬
‫تامة أنها هي وحدها ما يعنيك‪،‬وبناءا عليه تقدمنا لها‬

‫وأصبحت اآلن زوجتك وعلى ذمتك‬

‫ناظرها نزار بتشتت مغمغما بتخبط مستفهم‪ :‬هل كان سبب‬

‫رفضها األول‪،‬هاذا السبب‪،‬ألن عمها أبعدها عن‬

‫أسرته‪،‬وتركها بغرفة منفردة؟‬

‫أومئت له والدته برزانة مضيفة بتوضيح أكبر‪:‬نعم‪،‬الفتاة‬

‫تحرجت من األمر وأحست بجرح كرامتها وخشيت أن تتأذى‬

‫مشاعرها من نظرتنا لها‪ ،‬وخاصة أنت يا بني لهاذا رفضت‬

‫تجنبا ألي تجريح أو تقليل من كبريائها‪ ،‬وبعد أن علمت من‬

‫صديقتها تلك التي تدعى ليلى أن رفضها كان لهاذا السبب‬

‫خاصة أنك متعلق بها قررت التدخل فكلمتها و أقنعتها أننا‬

‫لسنا سطحيين لهذه الدرجة‪،‬ونقدر ظروف الغير وأخبرتها‬

‫أنك تريدها هي ألنها ميس فقط وال يهمك غير هاذا‪ ،‬وبعدها‬

‫‪813‬‬
‫أتممنا الخطبة كما تعلم‪ ،‬وهي ال علم لها أنك اساسا كنت‬

‫جاهال لوضعها‬

‫إستقام نزار من مجلسه ماسحا على وجهه بحنق‪ ،‬محاوال‬

‫تمالك أعصابه‪ ،‬فإستدار لها مغمغما بغضب‪:‬ولماذا لم‬

‫تخبريني بوضعها يا أمي بعد الخطبة إذا‪،‬كيف لي أن أبقى‬

‫مبعدا عن الصورة بهذه الطريقة المشوهة لرجولتي‬

‫ونخوتي‪،‬زوجتي أنا وعرضي تكون بهاذا الوضع‬

‫المخزي‪،‬هل يرضيك أنني اذيتها قبل لحظات‬

‫توسعت عيني والدته بخوف ضاربة صدرها بكفها لترن‬

‫أساورها الذهبية مستفهمة بجزع‪ :‬هل أذيت الفتاة يا نزار؟‬

‫ما الذي فعلته لها بالضبط ‪..‬إياك أن تكون قد تطاولت عليها‬

‫‪814‬‬
‫تنفس اآلخر مغلقا عينيه‪ ،‬آخذا شهيقا ثم زفيرا‪،‬واضعا كفيه‬

‫على خصره كي يسيطر على غضبه‪،‬لكن هذه المرة من‬

‫نفسه فأردف بتعب‪ :‬أمي باهلل عليك ال تزيدي الوضع‬

‫سوءا‪،‬لقد أربكت وإنصدمت من وضعها عندما كنت هناك‬

‫عندها‪،‬عجزت كليا وأحسست بسكاكين من الجمر تخترق‬

‫روحي‪،‬لم أتحمل فكرة أنها كانت بتلك الوضعية‪،‬فصرخت‬

‫عليها‪،‬وتشاجرت مع عمها‪،‬وإنهارت هي في البكاء بعدها‬

‫إستقامت األخرى بخوف مستفسرة بهدوء حاولت التحكم‬

‫فيه‪:‬هل تجاوزت حدودك بحق عمها يا نزار‪ ،‬أجننت؟لهاذا‬

‫السبب رفضت إخبارك كي ال تتهور وتفتعل المشاكل معه‬

‫‪815‬‬
‫ناظرها نزار بصدمة جلية‪،‬ليعقد حاجبيه هاتفا بإستغراب‪:‬‬

‫ماذا توقعت مني أن أفعل مثال‪ ،‬ها‪ ،‬هل أصفق له على‬

‫صنيعه وعلى تصرفه الرجولي المبهر حقا يا أمي‬

‫!!‪.‬فليشكر هللا أنني لم أكسر عظامه وأرسله محموال نحو‬

‫المسشفى‬

‫هدرت والدته به رافعة إصبعها السبابة في وجهه‪ ،‬مستعينة‬

‫بصبرها وحكمتها كأم كي ال تخرج األمور عن سيطرتها‬

‫وحماية إلبنها الغاضب وزوجته ميس‪ :‬إسمعني جيدا يا‬

‫نزار‪،‬كلمة واحدة ولن أكررها‪،‬إياك أن تتجاوز حدك مع‬

‫عمها هل فهمت‪ ،‬ها أنا ذا أحذرك اياك‬

‫قطب نزار جبينه مغمغما بتساؤل‪:‬هل يرضيك وضعها يا‬

‫أمي‪،‬كيف لك أن تمنعيني من أخذ حقها من ذلك النذل‪ ،‬إنها‬

‫زوجتي تنتمي لي‪ ،‬إنا إبنك نزار‬

‫‪816‬‬
‫تنهدت أمه مدركة حقه وغيرته على ما تعرضت له ميس‪،‬‬

‫لكن تضل الحكمة في التصرف فوق كل إعتبار‪،‬فدنت منه‬

‫محتوية وجنته بكفها الحاني متحدثة بهدوء بغية إقناعه‪:‬‬

‫بني عمها أدرك خطئه بعدها‪،‬وإعتذر لها‪ ،‬بل أصر عليها كي‬

‫تعود وتعيش معه‪ ،‬لهاذا أنا صمتت ولم أبلغك بحالها كي ال‬

‫يكون تصرفك مثل هاذا التهور‪،‬صحيح أنني أعذرك تماما‬

‫وال عتب عليك ما دام األمر يخصها فهي زوجتك في النهاية‬

‫وعرضك الذي يجب أن تصونه‪،‬لكنني أردت أن تبقى عالقتك‬

‫طيبة معه وال تتوتر الرابطة بينكما فقط‪ ،‬نزار حبيبي هو‬

‫إرتكب غلط ال أحد ينكر هاذا ‪،‬لكنه تراجع عنه وأراد‬

‫ترميمه‪،‬لهاذا تجاوز عن األمر مادامت ميس قد سامحته‬

‫وعفت عنه وال ترعب الفتاة أكثر‪،‬أال يكفيك وضعها المنهار‬

‫قبل قليل‪.‬‬

‫‪817‬‬
‫إرتعشت مقلتاه بضعف متذكرا حالها‪،‬وقد وهنت قدماه‬

‫مجددا فأسند نفسه على سرير والدته جالسا عليه منحنيا‬

‫بتعب والهم سيطر عليه تماما‪ ،‬واضعا رأسه بين‬

‫كفيه‪،‬متمتما بعجز‪ :‬لقد أخفتها يا أمي‪،‬حالها ذلك قتلني‬

‫حقا‪،‬صوت بكاءها ذبحني‪ ،‬أقسم أنني أحسست بأوردتي‬

‫تتمزق داخلي‪،‬فقط لم أحتمل فكرة أنها كانت تنام بتلك‬

‫الغرفة لوحدها‪،‬سئلت نفسي كم مرة بكت بمفردها‪،‬كم من‬

‫شخص أخافها ليال‪،‬لم أستطع أن أعد مرات تخيلي لها كم‬

‫إرتعبت من صوت الرعد خارجا بالشتاء وهي لوحدها‪،‬أال‬

‫يكفيها اليتم من والديها‪،‬لكي يقهرها عمها بفعلته تلك‪،‬متت‬

‫عند ذلك التخيل أماه‪ ،‬تذكرت يوم الرؤية الشرعية عندما‬

‫سئلتني إن كنت أستطيع أن أشعرها باألمان مستقبال وهل‬

‫سأكون أهال لثقتها يوما إستغربت سؤالها حقا ‪،‬لكنني‬

‫أرجعت ذلك لليتم التي عاشته فقط‪ ،‬لكنني األن أيقنت أنها‬

‫‪818‬‬
‫ببساطة هي خذلت فما عادت تثق بمن حولها‪ ،‬هي ال تريد‬

‫سوى األمان فقط‪ ،‬شعور فقدته لهاذا تبحث عنه في كل‬

‫مكان علها ترتشف ولو قليال منه‪،‬إلى أي مدى قهرت حتى‬

‫باتت تتحرى سندا تعتمد عليه يا أمي‪ ،‬هل تصدقين أنها‬

‫إتصلت بي هلعة عندما أراد قتحام لصين لغرفتها‪،‬تخيلي فقط‬

‫لو تمكنا من الولوج لها في مثل هاذا الليل وهي‬

‫بمفردها‪،‬أقسم لم أتحمل الفكرة فقط‪ ،‬ذبحت عند هذه‬

‫الخاطرة‬

‫جلست والدته بقربه ماسحة بحنان على ظهره مردفة بحب‬

‫وحنانها المعتاد تريد تخفيف الوجع من قلبه‪:‬نزار بني ال‬

‫أحد يلومك إطمئن‪،‬وميس بالذات لم تكن لتعتب عليك‬

‫لتصرفك ‪،‬هاذا رد فعل طبيعي تماما ألي زوج شهم يكتشف‬

‫‪819‬‬
‫أن زوجته وحرمه عرضة ألي مكروه‪،‬ال تعتب على نفسك‬

‫حبيبي‬

‫ناظرها بضياع‪ ،‬متحدثا بألم كبير إخترق جنبات صدره‪ :‬ماذا‬

‫لو كرهتني يا أمي‪،‬ألم تري حالتها تلك‪،‬لن أحتمل فكرة‬

‫كرهها لي‪،‬سأموت حينها‬

‫النت مالمح والدته مدركة أن إبنها عاشق لميس‪،‬فقبلت‬

‫رأسه رابتة على شعره بحنان أمومي قائلة‪ :‬من هذه الناحية‬

‫إطمئن يا بني‪،‬ميس لن تكرهك أبدا‪،‬نحن النساء ال نكره أبدا‬

‫الزوج الغيور والشهم وذا العزة والشرف‪،‬بل هي ستفتخر‬

‫بصنيعك هاذا رغم تهوره قليال‬

‫قطب حاجبيه مستفهما منها وقد الح له األمل قليال‪:‬هل أنت‬

‫متأكدة حقا من ذلك؟‬

‫‪820‬‬
‫أومئت له األخيرة مبتسمة بحب هامسة بكلماتها المؤكدة‪:‬‬

‫نعم كلي تأكيد في هاذا‪ ،‬أبشر‬

‫هم بالحديث‪،‬إال أن دخول ريم قاطعه‪ ،‬فأسرع بالسؤال‪ :‬كيف‬

‫حالها يا ريم‪،‬هل الزالت تبكي‪ ،‬هل هي بخير؟؟‬

‫زفرت ريم بهدوء هاتفة‪ :‬ال تقلق هي بخير‪ ،‬وقد شربت‬

‫مشروبا هدأت أعصابها على إثره‪،‬‬

‫إستقام من مجلسه مرددا‪ :‬حسنا سأكلمها إذا‪ ،‬وأطمئن‬

‫عليها بنفسي أفضل‬

‫أوقفته ريم قابضة على ذراعه رابتة عليها بحب‪ ،‬مرددة‪:‬‬

‫هي نائمة اآلن يا أخي‪ ،‬أتركها وكلمها غدا أفضل‬

‫‪821‬‬
‫هم باإلعتراض إال أن والدته إستقامت هي األخرى متحدثة‬

‫بلطف‪:‬أختك معها حق بني‪،‬دعها ترتاح فهي مرهقة‪،‬وكذلك‬

‫أعصابها في مثل هذه الحالة لن تتحمل نقاش بل ستتوتر‬

‫أكثر‪ ،‬إرتح أنت أيضا‪ ،‬وغدا تكلما بهدوء أفضل‪.‬‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫‪822‬‬
‫صباحا دلف نزار للبيت حامال معه المخبوزات الساخنة‬

‫كعادته‪ ،‬واضعا إياها في المطبخ بعد أن قبل جبين والدته‬

‫محيا اياها‪،‬فأردفت امه بحب‪:‬بني إجلس سأضع لك اإلفطار‬

‫تنهد اآلخر متحدثا بضيق شديد‪:‬أمي ال حاجة لي بأي‬

‫إفطار‪،‬فقط أريد أن أكلم ميس وأطمئن عليها بنفسي‪،‬أقسم‬

‫أنه لم يغمض لي جفن منذ أمس‪.‬‬

‫رقت تقاسيم والدته رابتة على ذراعه بحنو أمومي‬

‫مغمغمة‪:‬ال بئس يا نزار‪،‬هي اآلن بغرفة ريم سأذهب لها‬

‫وأطلب منها أن تتحدثا بمفردكما ال تقلق‪،‬فقط إفطر أوال‬

‫‪823‬‬
‫نفى برأسه قائال بهم تملكه ولم يستطع التخلص منه‪:‬أبدا يا‬

‫أمي‪،‬لن أتناول أي شيئ قبل أن أطمئن عليها تماما‪ ،‬وأرى‬

‫أنها عادت لطبيعتها العفوية‬

‫زفرت والدته على عناده الطفولي‪،‬فتحدثت بحنق‪ :‬ال أعرف‬

‫من أين تحضرون هاذا العند كله‪،‬صبرك يا رب‪،‬حسنا‬

‫سأذهب لها اآلن وإنتظرني بغرفة المعيشة وسأوافيك بها‬

‫غادرت والدته المطبخ متوجهة نحو غرفة ريم إبنتها‪،‬تاركة‬

‫نزار يعاني من اإلرتباك والتخوف من أن يرى نفورها‬

‫منه‪،‬هو لن يحتمل هاذا أبدا‪ ،‬صدقا لن يحتمل هاذا‬

‫‪824‬‬
‫أغلقت ميس المصحف بعد أن نتهت من وردها‬

‫الصباحي‪،‬واضعة إياه بالمنضدة بقربها‪،‬شاردة بأفكارها‬

‫وصراع جوارحها‪،‬هو معه حق‪ ،‬لقد وافق على خطبتها‬

‫جاهال لوضعها‪،‬إذا لماذا قد تلومه‪،‬تبسمت بحسرة كسيرة‬

‫وقد إنسابت دمعة حارقة على وجنتها‪ ،‬لن تكون أنانية أبدا‬

‫معه‪،‬ستحرره بإرادتها التامة من هذه الزيجة‪ ،‬لم تكن‬

‫لترضى أن يغصب على شيئ هو غير مقتنع به‪،‬فقط ليرزقه‬

‫هللا بخير منها ومن تكون أهال له‪ ،‬رفعت ركبتيها لصدرها‬

‫حاضنة نفسها فتواصلت دموعها سقوطها مدركة أنها لن‬

‫تتخلص أبدا من حبه‪،‬هاذا نزارها زوجها الشرعي وحبيبها‪،‬‬

‫هو من خفق قلبها له‪،‬وحده من إستطاع إختراق قوقعتها‬

‫على ذاتها‪ ،‬سيد قلبها الذي غذى أنوثتها وساير داللها‬

‫وإحترمها وأكرمها بكل المشاعر اإليجابية‪،‬كان رجال نبيال‬

‫وشهما معها بحق‪،‬عضت على شفتها كاتمة بكاءها‬

‫‪825‬‬
‫ووجعها‪ ،‬هي فقط لن تستطيع نسيانه‪،‬هاذا صعب‬

‫حقا‪،‬فلتصبرني يا هللا‬

‫إستفاقت من شرودها على خروج ريم من الحمام ماسحة‬

‫وجهها بمنشفتها‪ ،‬مغمغمة بحماس‪ :‬ميوسة حبي‪،‬كيف‬

‫أبدو؟‬

‫ناظرتها األخيرة بوجه شاحب وإبتسامة حاولت إختالقها‬

‫قدر اإلمكان هاتفة‪ :‬تبدين ريم التي أعرفها‪،‬أين اإلختالف‬

‫فقط لقد غسلت وجهك؟‬

‫‪826‬‬
‫زمت األخرى شفتيها بعبوس ظريف‪ ،‬ضاربة إياها‬

‫بالمنشفة‪ ،‬مرددة بحنق مصطنع‪ :‬أنت مملة حقا‪،‬عليك أن‬

‫تعلمي إذا أن غسل الوجه صباحا يعتبر إنجاز أنثوي كبير‪،‬‬

‫وأيضا هو يغير من مظهر الفتاة‪،‬من وضع النعاس والتعب‬

‫إلى النشاط والحيوية‬

‫سايرتها ميس‪ ،‬فهي حقا ستشتاق لريم وستضل صديقتها‬

‫لألبد حتى ولو إفترقت عن أخيها‪،‬هاتفة بخفوت‪ :‬وااو حقا‬

‫إنبهرت بهذه المعلومة القيمة‪.‬‬

‫دلفت السيدة جيهان للغرفة بعد أن طرقت الباب مستفهمة‬

‫ببسمتها الحانية‪ :‬ميس بنيتي هل لنا بحديث قصير لو‬

‫تكرمت‬

‫‪827‬‬
‫أومئت لها األخيرة بإيجاب هامسة بخفوت متحشرج‪ :‬طبعا‬

‫يا خالة تفضلي‬

‫دنت منها جيهان جالسة بقربها موجهة حديثها نحو إبنتها‬

‫ريم‪ :‬أتركينا بمفردنا يا ريم‪،‬وإذهبي للمطبخ وأكملي تجهيز‬

‫اإلفطار‬

‫زمت األخرى شفتيها بعبوس هاتفة بتبرم ظريف‪ :‬حسنا‬

‫سأترك الحماة الموقرة مع كنتها المبجلة‪،‬وأنا كسندريال‬

‫سأذهب للمطبخ كخادمة مطيعة‬

‫غادرت الغرفة تاركة ميس مبتسمة على شقاوتها المحببة‬

‫لقلبها‪،‬فأمسكت جيهان بكفيها هاتفة بحنو‪ :‬هل أنت بخير‬

‫اآلن يا ابنتي‬

‫‪828‬‬
‫تنهدت ميس بإرهاق قائلة هدوء‪:‬نعم يا خالة ال تقلقي أنا‬

‫على خير ما يرام الحمد هلل‬

‫مسحت السيدة جيهان على شعرها بحب مستفسرة‪ :‬هل أنت‬

‫عاتبة علي ألنني لم أخبر نزار إبني بوضعك؟‬

‫ناظرتها ميس بوهن‪ ،‬مشتتة بصرها بأنحاء الغرفة‬

‫مهمهمة‪ :‬فقط لم أرد أن أخفي األمر عنه يا خالة‪،‬تدركين‬

‫تماما أنني قبلت بهذه الزيجة فقط إن كان هو بذاته موافق‬

‫عليها تماما‪،‬وليس جاهال لها‪،‬هكذا سيبدو األمر مبهما له‬

‫وهاذا حقه طبعا لم أكن ألعتب عليه إذا غضب لهاذا‬

‫أومئت لها األخرى موضحة بكلماتها الحانية‪ :‬كنت طبعا‬

‫سأعلمه يا صغيرتي‪،‬لكن بعد أن أخبرتني أن عمك ذاك‬

‫‪829‬‬
‫إعتذر منك و أصر على عودتك لبيته فضلت الصمت‬

‫محافظة على العالقة الطيبة بينه وبين نزار إبني‪،‬كي ال‬

‫تتوتر الرابطة بينهما خاصة أنني أعلم جيدا أن نزار لن‬

‫يصمت أبدا لهاذا‬

‫نكست ميس رأسها‪ ،‬مردفة بحشرجة‪ :‬ال بئس‪ ،‬على كل حال‬

‫لقد عرف باألمر‪ ،‬وإطمئني لست بغاضبة منك أبدا‪،‬فأنا أثق‬

‫أن نيتك كانت سليمة تماما يا خالة‬

‫تنهدت جيهان براحة عمت قلبها‪ ،‬مردفة بعدها‪ :‬بارك هللا‬

‫فيك يا ميس حقا أنا أفتخر بك وبحسن أخالقك‪،‬واآلن تعالي‬

‫معي فنزار لم يهدأ له بال حتى يكلمك بنفسه ويحل األمر‬

‫توجست ميس مبتلعة ريقها بخوف من معرفة قراره‪،‬ماذا لو‬

‫قرر إبطال الزواج‪،‬يا إلهي ستتحطم كليا‪،‬فإستقامت بتعب‬

‫‪830‬‬
‫وقد وهنت ساقاها‪،‬مرتدية إسدالها بأصابع مرتعشة‪،‬طالبة‬

‫من هللا الصبر والعون فقط‪،‬‬

‫فتبسمت لها حماتها بحنان أمومي مشيرة لها برأسها أن‬

‫تتبعها‪،‬فقامت ميس بالتحرك بخطوات بطيئة‪،‬واضعة كفها‬

‫أيسر صدرها وكأنها تريد تهدئته كي ال ينفلت من مكانه‬

‫فيخرج من صدرها هلعا وخوفا من األمر القادم‬

‫دلفت السيدة جيهان رفقة ميس لغرفة المعيشة‪،‬فترائي لها‬

‫نزار‪،‬حبيبها وزوجها‪،‬مستندا بذراعيه على ركبتيه محركا‬

‫قدمه بتوتر على األرض‪ ،‬فغمغمت حماتها بلطف‪ :‬هاهي ذي‬

‫ميس يا بني‬

‫‪831‬‬
‫رفع نزار رأسه بسرعة متأمال إياها بأعين مشتتة‬

‫ومرتبكة‪،‬وقد تسارعت أنفاسه وخفق قلبه بين‬

‫أضلعه‪،‬فأشاحت هي ببصرها عن مرآه‪،‬فتألم هو لذلك‪،‬‬

‫تقدمت والدته محيطة كتفي ميس بذراعها مردفة‬

‫بحب‪:‬تفضلي يا ميس وإجلسي وتحدثا براحة‪ ،‬ولن يقاطعكما‬

‫أحد‪ ،‬حسنا‬

‫أومئت لها ميس بهدوء‪،‬فتحركت جيهان مغادرة الغرفة‬

‫تاركة إياهما لوحدهما‬

‫إستقام نزار بهدوء متأمال وجهها الشاحب وعيونها‬

‫المتورمة‪،‬فمزقت نياط قلبه عليها‪،‬هل هو عاجز لهذه‬

‫‪832‬‬
‫الدرجة عن بثها األمان كما وعدها‪ ،‬ألم يعهد لها أنه سيثبت‬

‫لها أن االمان أفعال تجسد وليست بأقوال تقال‪ ،‬فإبتلع ماء‬

‫حلقه محاوال تجميع أفكاره‪،‬فهمس بتوتر تملكه‪ :‬ميس في‬

‫الحقيقة أنا اردت أن اقول‪...‬‬

‫قاطعته األخرى بسرعة غير قادرة على الصبر لمعرفة‬

‫رفضه لها‪،‬هاتفة بحشرجة وصوت واهن‪ :‬أنت لم تخطأ ال‬

‫تقلق ‪ ،‬لست بعاتبة وال غاضبة منك‪،‬فأنت كنت جاهل‬

‫بوضعي فقط‪ ،‬لهاذا ال تبرر لي رجاءا‪ ،‬وما دمت كنت غير‬

‫مدرك لألمر فلن أحزن أبدا إطمئن ‪،‬معك كل الحق في‬

‫قرارك‪،‬صدقني أنا متفهمة تماما لما قررته‬

‫‪833‬‬
‫عمت الراحة ثنايا قلبه شاكرا هللا أنها ليست بحانقة على‬

‫تهوره وغضبه‪ ،‬كعادتها متفهمة ولينة في تعاملها وحكيمة‬

‫في تصرفاتها‪،‬فأردف مستفسرا منها‪:‬حقا لست غاضبة مني‬

‫يا ميسي؟‬

‫نفت برأسها‪ ،‬وقد إرتعشت أوصالها محاولة مداراة ألمها‬

‫عنه‪،‬مرددة بصوت هادئ مصطنع ووجه جاد‪ :‬طبعا ال‪،‬لهاذا‬

‫أنا قررت أن أتصرف بدال عنك‪ ،‬كي ال أحرجك‬

‫قطب جبينه غير قادر على فهم حديثها‪،‬ليتسائل بجهل‪:‬‬

‫تتصرفين بدال عني؟ ماذا تقصدين بالضبط؟‬

‫إبتلعت ريقها‪،‬متوشحة بقوة مصطنعة شابكة كفيها ببعضهما‬

‫البعض مرتبكة‪ ،‬عاجزة عن إيقاف صخب قلبها الهادر من‬

‫‪834‬‬
‫األلم‪ ،‬هاتفة بحشرجة‪ :‬سأحررك من هاذا الوضع‪،‬أنا أريد‬

‫الطالق يا نزار‬

‫توسعت عينيه على أوجعهما‪ .‬فاغرا فاهه مصعوقا من‬

‫قرارها‪ ،‬كيف تفكر بهذه الطريقة‪،‬هل حقا هان هو عليها‬

‫لكي تتركه بهذه البساطة وتتخلى عن كل ما بينهما لسبب‬

‫سخيف كهذا‪ ،‬فقطب حاجبيه مبصرا إياها تتهرب من النظر‬

‫إليه‪،‬مغمغما بتلعثم‪ :‬أعيدي ‪...‬كرري ماذا قلت لم أسمع‬

‫جيدا؟‬

‫إرتعشت شفتيها ودموعها منسابة على وجنتها‪،‬فمسحتها‬

‫بكرامة متورمة هاتفة من بين أنفاسها المتالحقة غير قادرة‬

‫أكثر على الصمود أمام هاذا الوضع المألم لها‪ :‬كما سمعت‬

‫تماما‪ ،‬أريد أن نفسخ هذه الزيجة‪،‬لن أجبرك على البقاء‬

‫معي أبدا‪،‬لك كل الحرية في اإلنفصال لهاذا أنا أجنبك أي‬

‫‪835‬‬
‫إحراج قد يتملكك‪ ،‬أو قد تدفعك شهامتك إلتمام هاذا الزواج‬

‫وأنت غير مقتنع بي تمام القناعة‪،‬لهاذا فلتطلقني وليرتح‬

‫كالنا من هاذا الوضع‬

‫أغمض عينيه محاوال تمالك أعصابه المرهقة مسبقا‪،‬مصبرا‬

‫نفسه على غبائها ذاك‪ ،‬مهدئا نفسه ومسايرا لحالها‬

‫المستنزف واضعا كفيه على خصره مسيطرا على حنقه‪،‬‬

‫فتنفس ببطئ كي ال يجرحها فأردف بهدوء مصطنع‪ :‬إذا يا‬

‫زوجتي المصون‪،‬تريدين الطالق ألنك ببساطة تعتبرين ما‬

‫بيننا أنها مجرد عالقة زواج تافهة تكسر وتبطل ألي سخافة‬

‫قد ت َ ِجد على الساحة أليس كذلك؟‬

‫‪836‬‬
‫ناظرته ميس بتشتت وإرتباك‪ ،‬غير قادرة على فهمه‪،‬هاتفة‬

‫بخفوت‪:‬أبدا‪،‬الزواج هو رابطة مقدسة وميثاق غليظ‬

‫طبعا‪،‬وهو أسمى العالقات بين الجنسين‪،‬ولست ممن‬

‫يستهينون بهاذا الرابط‬

‫أومئ لها اآلخر ببطئ مقتربا منها بهدوء مستفسرا منها‬

‫بلطف وقد رقت تقاسيم وجهه المرهق‪ :‬هل ستتخلين عني‬

‫فقط ألنني عرفت بوضعك يا ميسي‪،‬هل هذه مكانتي‬

‫عندك‪،‬صغيرة وتافهة لهذه الدرجة وأنا الذي كنت أتعشم‬

‫بأنني أمتلك مكانة ولو جيدة عندك‬

‫نفت ميس برأسها ودموعها مواصلة إنسيابها هاتفة بألم‬

‫حقيقي‪ :‬أبدا‪ ،‬أقسم لك أن مكانتك كبيرة جدا عندي‪ ،‬أنا‬

‫فقط‪..‬ال أعرف‪ ،‬ال أريد أن أجبرك على ما ال تريده ال غير‬

‫‪837‬‬
‫إقترب منها أكثر ولم يفصله إال إنشات عنها متأمال خضار‬

‫عينيها‪،‬وجمالها الخالب والذي لم يختفي رغم إرهاق‬

‫مقلتيها‪،‬زبرجدها الساحر‪ ،‬هامسا بخفوت‪:‬إذا لماذا تنسحين‬

‫من أول َخطب يمر بعالقتنا؟ أنت هكذا جرحتني حقا يا ميسي‬

‫تأملت وجهه الوسيم رغم إرهاقه الجلي‪ ،‬مشتتة أنظارها‬

‫عنه ‪،‬هاربة من تحديقه عاجزة عن الرد‪،‬هي لم تقصد أن‬

‫تأذيه أبدا‪،‬تموت ألف ميتة وال ترضى له أن ينجرح‬

‫‪،‬فهمست بضياع‪ :‬فقط لم أرد أن أرغمك على إتمام ما لست‬

‫بمقتنع به يا نزار‪،‬لن أرضى لك أبدا هاذا‪،‬من حقك أن‬

‫تنسحب ما دمت كنت جاهال لحقيقة وضعي‪.‬‬

‫‪838‬‬
‫تنهد اآلخر رافعا كفه محتويا وجنتها متشربا منها برودتها‪،‬‬

‫فإلتقت مقلتاهما الزبرجدية الساحرة والبندقية الحانية في‬

‫حوار عاشق صامت‪ ،‬متحدثا بخفوت‪ :‬ومن قال لك أنني‬

‫أريد أن أنسحب وأتخلى عنك يا ميسي‪ ،‬هل أبدو لك سطحيا‬

‫وتافها لهذه الدرجة‪،‬كي أتخلى عنك وعن ما بيننا فقط ألنني‬

‫إكتشفت أنه تم التخلي عنك ‪ ،‬وأنه ال حول وال قوة لك‬

‫باألمر‪ ،‬هل حقا ترينني بهذه الحقارة والسخف؟‬

‫توسعت عينيها وقد خفق قلبها بين أضلعها‪،‬رافعة كفها نحو‬

‫شفته الثخينة موقفة هذيانه ذاك‪ ،‬هاتفة بسرعة موضحة‪:‬‬

‫أبدا وهللا يا نزار‪،‬أنت فخري ورجلي الذي أفتخر به‬

‫دوما‪،‬ولم أرى في حياتي من هو بمثل شهامتك ونبل أخالقك‬

‫وهللا شاهد على ما أقول‪،‬لم أكن ألظن هاذا الظن السوء بك‬

‫‪839‬‬
‫أبدا‪ ،‬بل أن ثقتي تامة بك ‪،‬فقط لم أرد إحراجك أو الضغط‬

‫عليك‬

‫تبسم بحب إرتبكت على إثرها نبضات قلب األخيرة‪،‬فرفع‬

‫كفه هو اآلخر قابضا على كفها الموضوع على ثغره‪،‬فقبل‬

‫سطح كفها بحب ممرغا وجهه هناك‪،‬باثا عدة قبالت حانية‬

‫به‪،‬فوهنت قدمها وتالعبت تلك الفراشات بمعدتها محدثة بها‬

‫صخبا‪ ،‬وإرتفع هدير فؤادها العاشق عازفا نغم الحب‬

‫كعادته‪،‬فجلست بوهن على األريكة خلفها‪،‬فركع نزار معها‬

‫على ركبتيه أسفلها قابضا على كلتا كفيها الدافئين ‪ ،‬موجها‬

‫نظراته المحبة بأنحاء وجهها البهي ذاك‪،‬هامسا بصوته‬

‫األجش‪ :‬ميسي إعلمي أنني إخترتك من كل النساء‪ ،‬فقط‬

‫ألنك ميس بشخصها‪ ،‬لم أكن ألبالي بأي شيئ آخر يخصك‬

‫مادمت ميس تلك الفتاة الطيبة المتخلقة العفيفة النقية‪،‬ال‬

‫يهمني ال عمك ذاك وال تلك الغرفة التي كنت تعيشين بها‬

‫‪840‬‬
‫‪،‬أريدك أنت فقط ميس بلحمها وشحمها وكيانها‬

‫وشخصيتها‪،‬التي فرضت إحترامها وشخصيتها علي‬

‫وأرغمتني قصرا على أن أختارها زوجة لتصونني وتكون‬

‫أما ألطفالي‪ ،‬كأنني أختار قمرا وسط النجمات ‪ ،‬والباقي‬

‫صدقا تبا له‬

‫طرفت بعينها متفاجئة من كلماته الشافية لجراح قلبها‬

‫المكلوم‪ ،‬إذا هو لم يكن ليتخلى عنها‪،‬هاذا ما توقعته‬

‫منه‪،‬وثقت به ولم يخذل ثقتها والحمد هلل‪،‬زوجها سندها‬

‫وحبيب قلبها وسيده‪،‬فإرتعشت شفتاها مغمغمة بخجل‪ :‬إذا‬

‫أنت ما زلت تريدني؟‬

‫‪841‬‬
‫كوب وجنتيها بحنان عارم ماسحا آللئ عينيها المنسابة من‬

‫عليهما هامسا بأنفاسه الحارة التي تداعب بشرة وجهها عن‬

‫قرب‪ :‬حتى آخر دقيقة من حياتي يا ميسي‪،‬سأضل أريدك‬

‫ومتلهفا لوصالك يا سيدتي‪،‬أنت قطعة من روحي وجزء من‬

‫كياني‪ ،‬زوجتي أنت وعرضي وضلعي الذي أحيا به‪،‬وال حياة‬

‫آلدم بغياب ضلعه المفقود النابض من حواءه‪.‬‬

‫عضت على شفتيها غير قادرة على كتمان سعادتها جراء‬

‫كلماته الرائعة المغذية ألنوثتها المتعطشة‪ ،‬فارة من عيونه‬

‫التي تبث لها كل رسائل الحب والشوق والحنين‪ ،‬فرفع كفه‬

‫لشفتها محررا إياها من اسنانها‪ ،‬وقد تسربت الحمم ساخنة‬

‫ألوردته هاتفا بأنفاس حارة‪ :‬فقط أريد أن أعتذر لك على كل‬

‫ما بدر مني البارحة‪،‬فقد فقدت أعصابي بعد رؤية وضعك‬

‫‪842‬‬
‫ذاك الذي قسم ظهري يا ميسي‪،‬صدقا لم أحتمل ما كنت‬

‫تمرين به وأنا كنت جاهال له‪،‬أحسست أنني عديم الرجولة‬

‫وزوجتي تعاني بصمت دون دراية مني‪.‬‬

‫وضعت كفها على خده مخللة أناملها الرقيقة بلحيته مقاطعة‬

‫إياه‪ :‬ششش‪ ،‬أرجوك ال تقل هاذا يا نزار‪،‬أنت سيد الرجال‬

‫بنظري‪ .‬لو كنت أشك بك لم أكن ألوافق أبدا على اإلنتماء‬

‫لك‪ ،‬أنت زوجي الذي كان وال زال يصونني من كل‬

‫سوء‪،‬حقا أفتخر بك و َر ُد فعلك كلها طبيعية تصدر من رجل‬

‫شهم غيور وذا نخوة كبيرة‬

‫‪843‬‬
‫إبتلع ريقه مقبال كفها الموضوع على خده‪،‬فتوردت وجنتيها‬

‫بحياء لذيذ أرهق أعصابه أكثر‪،‬محاوال التحكم في مشاعره‬

‫كي ال تنفلت في حضرتها‪،‬مغمغما‪ :‬إذا أنت ترينني هكذا‪،‬‬

‫رجلك الشهم الغيور‪،‬و أنت التي كنت تعذبينني طوال األيام‬

‫السابقة عندما أسئلك عن طبيعة رؤيتك لي؟‬

‫تبسمت بلطف‪ ،‬تراقصت لها نبضات اآلخر‪ ،‬نافية برأسها‬

‫بدالل وشقاوة عادت لها بعد أن تنفست الصعداء جراء‬

‫كالمها مع نزار‪،‬هاتفة بمكر أنثوي جذاب‪ :‬ليس هكذا‪،‬بل‬

‫أكثر بكثير‪،‬هذه الكلمات بسيطة ومبتذلة‪،‬الصورة التي أراك‬

‫بها مختلفة تماما عن ما يخطر ببالك يا زوجي العزيز‬

‫‪844‬‬
‫إبتلع ريقه مستفهما منها بأنفاس حارة‪ :‬ما رأيك أن ترحمي‬

‫زوجك يا ميسي‪ ،‬وتخبريني بسهولة دون لف ودوران‪،‬أال‬

‫تشفقين علي؟‬

‫قهقهت األخرى بخفة نافية برأسها بمشاكسة شهية‪،‬أجبرت‬

‫اآلخر على تحكم في نفسه كي ال ينهال عليها بقبالته‬

‫الساخنة موقفا إياها عن كل هاذا الدالل المهلك للروح و‬

‫الفؤاد ‪،‬مرددة بخبث جميل‪:‬أبدا‪،‬ليس اآلن‪ ،‬قلت لك سابقا‬

‫أريد أن يقض مضجعك فضوال لمعرفة األمر‪،‬تحمل حتى بعد‬

‫حفل الزواج وأعدك حينها سأخبرك‬

‫هم اآلخر بالحديث إال أن طرقات ريم على الباب قاطعته‪،‬‬

‫فجز على أسنانه على إستفزاز أخته له‪،‬فدخلت بخيالء‬

‫‪845‬‬
‫متأملة المشهد الرومانسي أمامها‪،‬واضعة كفها على‬

‫خصرها بوقفة إستعراضية‪ :‬وااو مبهر حقا‪،‬إن كنتما أنهيتما‬

‫المشهد الختامي للفيلم التراجيدي هاذا‪ ،‬فللنفطر يا‬

‫عشاق‪،‬فقد برد الفطور بسببكما مسبقا‬

‫قلب نزار عينيه على سخافة أخته هاتفا بحنق‪:‬إذهبي‬

‫وسألحقك مع ميس‬

‫نفت األخرى برأسها محركة حاجبيها بإستفزاز له‪ ،‬قائلة‪:‬‬

‫ال‪،‬سآخذ ميس معي لتفطر بغرفتي وأنت افطر مع أمي يا‬

‫حبيب أمك‬

‫‪846‬‬
‫قبضت ريم على ذراع ميس التي كانت تكتم ضحكتها على‬

‫مالمح نزار الحانقة‪ ،‬لتستقيم من مجلسها متحركة معها‬

‫بخطوات هادئة‪،‬مع ضحكات ريم الرنانة على منظر أخيها‬

‫العابس المتبرم والذي كان يتوعدها بسره‬

‫‪:‬‬

‫‪:‬‬

‫‪847‬‬
‫الفصل الثاني عشر ( االخير)‬

‫"أمك تدخلُك الجنَّة‪َّ ،‬‬


‫زوجتك نصف دينك وابنتك تح ُجب عنك‬

‫النار‪ ،‬هكذا نظر اإلسالم إلى ال َمرأة‪👌 ❤️".‬‬

‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫‪848‬‬
‫تسارعت األيام متسابقة فيما بينها‪ ،‬يوم تلو اآلخر‪ ،‬و ها قد‬

‫حضر موعد الزفاف‪ ،‬فإزداد إرتباك ميس ‪ ،‬وتوترها وصل‬

‫أوجه ‪ ،‬ال تدري كيف سارت األيام الماضية بهذه الوتيرة‬

‫المتسارعة‪ ،‬أم أن اللهفة والشوق هما من كانا لهما األثر‬

‫األكبر في ركض أيامها‪ ،‬نظرت لبنصرها متأملة خاتمها‬

‫لتعض على شفتيها خجال و قد عمتها كل مشاعر الترقب‬

‫والحب لخليلها نزار‪.‬‬

‫وضعت كفها أيسر صدرها علها توقف هدير فؤادها وصخبه‬

‫وجنون دقاته الهائمة‪ ،‬وومضات خاطفة تمر بمخيلتها‬

‫متذكرة كيف مضى األسبوعان السابقان‪ ،‬بعد أن إلتفت‬

‫صديقاتها من سحر وليلى وشهد حولها مؤازيرنها أشد‬

‫‪849‬‬
‫األزر‪ ،‬ولم يتركنها لوحدها أبدا‪ ،‬فقد كانوا ملتفين حولها كما‬

‫تلتفت القطة حول صغارها‪.‬‬

‫لن تنسى أبدا تعاونهم في إسعادها والتخفيف من وقع‬

‫توترها المتزايد رغم سعادتها العارمة‪ ،‬وتكفلوا بكل‬

‫شيئ‪،‬خاصة سحر التي أقسمت عليها أن تتكفل بفستانها‬

‫الفخم الذي حقا إنبهرت بجماله ورونقه‪ ،‬وكذلك إهتمت‬

‫بمستلزمات تحضيرها وتجهيزها‪ ،‬فأحضرتها ألشهر‬

‫صالونات الكوافير‪ ،‬تأملت نفسها بثوبها األبيض ذا الطابع‬

‫العصري الراقي‪ ،‬وتلك الطرحة التي تعلو تسريحتها‬

‫البسيطة والتي أصرت أن تكون ناعمة كي تالئم شخصيتها‬

‫الهادئة الرقيقة‪ ،‬وقد تكفلت خبيرة التجميل بذلك فهي موجت‬

‫بعض خصالتها تاركة إياها منسابة على ظهرها وصدرها‬

‫‪850‬‬
‫ليعلو شعرها تاج مرصع براق أضاف لها هالة نورانية‬

‫بهية‪ ،‬فبدت كمالك مشرق فاتن يدعوك لتأملها فقط منبهرا‬

‫بطلتها الملوكية‪ ،‬أخذت شهيق ثم زفير محاولة تنظيم‬

‫أنفاسها المرتبكة‪ ،‬فإرتفعت زاوية شفتيها المكتنزة والتي‬

‫تعلوها حمرة قانية كحبة كرز شهي لتبتسم بوجنتين‬

‫متوردتين على حالها خالل األيام التي سبقت‪ ،‬فهي حرفيا‬

‫تعرضت لحصار شديد من حماتها وريم ولم تقابل نزار أبدا‬

‫خالل الفترة المنصرمة‪ ،‬فحتى اإلتصاالت منعت منها وذلك‬

‫بناءا على إستفزاز ريم‪ ،‬فهي قد إستعمرت هاتفها ومنعت‬

‫نزار من الحديث معها‪،‬هاذا األخير الذي كان يتوعدها كثيرا‬

‫ويبرطم حنقا من حصارهم عليها‪ ،‬و قد طرد كليا من البيت‬

‫طوال اليوم إال ليال فهو ينام بغرفته العلوية مجبرا على‬

‫إحترام وعده لوالدته التي هددته بغضبها عليه إن قابلها‪،‬‬

‫‪851‬‬
‫فوافق صاغرا مسايرا إياها مفوضا إمره هلل على جبروت‬

‫النساء كما وصفها‬

‫ضحكت بخفة واضعة كفها على وجنتها المشتعلة حياءا‬

‫على شقاوة ريم والتي كانت تتصل بأخيها من هاتف ميس‬

‫مخبرة إياه أن عروسه تموت شوقا مرسلة كل عبارات‬

‫الحب والغزل له‪ .‬فيرد عليها قاسما لها أنه سينتقم منها شر‬

‫إنتقام فيما بعد‪ ،‬ونادرا ما كانت تشفق عليهما فتترك لهما‬

‫دقيقة فقط لسماع صوت بعضهما ‪،‬ليرتوي كل منهما بصوت‬

‫أنفاس اآلخر وهي التي قد عجزت أن تنبس ببنت شفة‬

‫وصوت أنفاسه الحارة يخترق قلبها وجوارحها قبل مسمعها‬

‫هامسا بعذاب يبدو أنه هو اآلخر قد أضناه‪ :‬إشتقت لك يا‬

‫ميسي‬

‫‪852‬‬
‫صوته ذاك المسكر لحواسها‪ ،‬والمخدر لقوائمها‪ ،‬حديثه‬

‫حتى ولو كان بكلمة واحدة منفردة يذيب كيانها فتتحول‬

‫تلقائيا لحبة شوكوالطة على وشك اإلنصهار جراء جمال‬

‫العواطف العاصفة التي يبثها لها‪ ،‬فتفر من تلك األحاسيس‬

‫المهتاجة بروحها مغلقة الهاتف كي ال تركض له مطالبة‬

‫بدفئ صدره وإحتواء ذراعيه القويتين‪..‬‬

‫‪ -‬ها قد انتهينا يا عروس‬

‫إستفاقت من غمرة شرودها اللذيذ على صوت الكوافيرة‬

‫والتي كانت تعلو ثغرها إبتسامة سمحة ودودة‪ ،‬لتبصر‬

‫نفسها في المرآة أمامها فإبتسمت بسعادة كبيرة‪،‬فقد كانت‬

‫حقا في غاية الجمال والفخامة‪ ،‬فغمغمت بلطف‪ :‬شكرا لك يا‬

‫آنسة‪،‬عملك رائع حقا‬

‫‪853‬‬
‫‪ -‬بل أنت الجميلة كثيرا يا آنسة‪ ،‬نحن فقط أبرزنا جمال‬

‫محياك فقط‬

‫تحدثت الكوافيرة ببسمة رقيقة‪ ،‬خجلت ميس على إثرها‪،‬‬

‫فتابعت األخرى كالمها‪ :‬صديقاتك ينتظرنك منذ ساعتين وقد‬

‫أنهين هن أيضا تجهيز أنفسهن ‪..‬ما رأيك أن ننادي عليهن؟‬

‫أومئت لها ميس بخفة هامسة‪ :‬ال بئس‪ ،‬شكرا لك‬

‫همهمت األخيرة بالعفو‪ ،‬فتحركت نحو الغرف األخرى‬

‫المخصصة لتجهيز أهل العروس كي تنادي عليهن‬

‫‪854‬‬
‫بعد لحظات معدودة دلفت الفتيات األربعة بحماس وشوق‬

‫لرؤيتها‪،‬ليفغرن فاههن بإنبهار كبير على صورتها النهائية‬

‫بذلك الثوب العرائسي المبدع‪ ،‬فقد تجلت بصورة جميلة جدا‬

‫وناعمة وفي قمة البهاء حقا‪ ،‬فإقتربن منها والبسمة تعلو‬

‫محياهن السعيد‪ ،‬فدمعت عيني سحر تأثرا هذه األخيرة التي‬

‫كانت بثوبها الالزوردي بأكمامه الطويلة للمرفقين والتي‬

‫انساب يتدرج بإتساعه من الخصر لباقي جسدها مع وشاح‬

‫رأسها ماثله اللون كعادتها سحر في غاية الفتنة ‪ ،‬فإنسابت‬

‫دمعة من مقلتيها وهي تتأمل ميس صديقتها التي شاركتها‬

‫اليتم يوما ما‪،‬وتذوقت من نفس كأسها الذي كان ميزاجه‬

‫مرا وعلقما‪ ،‬فحضنتها بقوة علها تأكد لنفسها أنها وأخيرا‬

‫ستتزوج من رجل صالح عله يعوضها بكرمه ورجولته ما‬

‫أفقدتها لها األيام السابقة‪ ،‬فبادلتها ميس الحضن مسدلة‬

‫جفنيها مدركة طبيعة سحر العاطفية والمهتمة بالجميع‪ ،‬كأم‬

‫‪855‬‬
‫صغيرة ترعى الكل و تغدق عليهم من فيض حنانها ودفئها‬

‫السخي‪ ،‬سحر إسم على مسمى حقا‪ ،‬شخصية ال تتكرر أبدا‬

‫فهي منفردة بصفاتها وروحها النقية البريئة‪ ،‬لتبتعد بعدها‬

‫عن بعضهما‪ ،‬وقد إحتوت كفها وجنة ميس هامسة بسعادة‬

‫عارمة‪ :‬وأخيرا ها قد أتى اليوم وسنزفك لحبيبك يا‬

‫ميس‪،‬الحمد هلل عوضك جميل العوض بنزار‪.‬‬

‫إنسابت دمعات من مقلتي ميس وقد غمرتها كل مشاعر‬

‫الحب واإلمتنان لصديقاتها‪ ،‬مجيبة بتحشرج باكي‪ :‬أنا حقا ال‬

‫أعرف كيف أشكركن على هاذا الدعم الكبير الذي أحطتموني‬

‫به‪،‬صدقا ال كلمات تصف فرحتي العظيمة بكن‪ ،‬بارك هللا‬

‫فيكن عساني أرد هاذا الدين يوما ما‪.‬‬

‫‪856‬‬
‫ربتت شهد بحنو على ظهرها مقبلة وجنتها برقة مردفة‬

‫بتأثر‪ :‬أنت أختنا يا ميوسة وجزء منا‪ ،‬كنت وال زلت القلب‬

‫الطيب الذي كان لنا يوما ملجئا‬

‫أبصرتها ميس متأملة جمال شهد الرقيق والتي كانت قد‬

‫توشحت بفستان أرجواني يحد جسدها من األعلى لألسفل‬

‫مع زخارف المعة على أطرافه السفلية وقد تزينت بوشاح‬

‫يغطي شعرها ماثل لون فستانها ‪،‬فقبضت ميس على كفها‬

‫ممتنة لها بعيناها‬

‫تأففت ليلى متصنعة الضجر هاتفة بسخط‪ :‬سحقا لو بقيت‬

‫في المنزل أرعى األغنام أفضل من هذه الموشحات الدرامية‬

‫التي فقئتم كبدي بها‪،‬توقفن عن البكاء وكأنكن تحاربن في‬

‫جيش الصراصير‬

‫‪857‬‬
‫قهقهت ريم غامزة لليلى مستفزة إياها‪ :‬وااو تجيدين حقا‬

‫إخفاء مشاعرك يا ليلو‪ ،‬سأتظاهر أنني صدقت عدم تأثرك‬

‫بزواج ميس‬

‫رفعت ليلى حاجبها الرقيق واضعة كفها على خصرها الذي‬

‫إكتسى بفستان ذهبي طويل مع وشاح مماثل وزينة راقية‬

‫برزت جمالها الجذاب لتهتف بعدم مباالة حاولت إصطناعها‬

‫قدر اإلمكان كي ال تبكي حزنا على فراق صديقتها المقربة‪:‬‬

‫صدقي أو آضربي رأسك الغبي ذاك بأقرب جدار يا عزيزتي‬

‫ضحكت ريم بشدة‪ ،‬مقتربة من ميس بهدوء كي ال تتعثر‬

‫بسبب طول كعبها وفستانها الوردي الطويل الذي حد قدها‬

‫الممشوق ذاك ليتدرج بإتساعه من الركبة حتى كعبيها فبدت‬

‫كحورية رقيقة ناعمة‪ ،‬مقبلة خدها بحب قارصة على‬

‫‪858‬‬
‫وجنتها بخفة إستفزت األخيرة مردفة بحب صادق‪ :‬إنسي‬

‫ميس اآلن‪،‬فقد أصبحت فرد منا ولن تتركنا أبدا‪ ،‬ضاع‬

‫مجدك يا ليلو‪،‬لم تعد لك أي فائدة يا مملة‬

‫ضحكت الفتيات بخفة‪،‬لتقلب ليلى عينيها على سخافة‬

‫األخيرة‪ ،‬فإقتربت ميس من ليلى العابسة‪ ،‬لتفاجئها بحضن‬

‫دافئ‪ ،‬تأثرت له األخرى والتي ما عادت تتحمل فكرة‬

‫فراقها‪ ،‬فهما كانت أختين وصديقتين‪ ،‬إحداهما سند‬

‫لألخرى‪،‬وكلتاهما كتفا حانية للثانية‪ ،‬فسقطت دمعة حارقة‬

‫من مقلتي ليلى محاولة السيطرة على مشاعرها كي ال تفسد‬

‫مكياجها مغمغمة‪ :‬حسنا‪ ،‬إبتعدي توقفي عن هذه العاطفة يا‬

‫فتاة‪ ،‬سأصبح مثلك درامية كئيبة‬

‫‪859‬‬
‫إبتعدت عنها األخرى مبتسمة بحب جلي على تقاسيمها‬

‫الناعمة البهية مصرحة‪ :‬حقا أنت أعظم صديقة وأخت‬

‫حظيت بها يا ليلى‪،‬كنت وال زلت أنت وأسرتك جدارا صلبا‬

‫أتكئ عليه كلما خانتني قدماي ووهنتنا‪ ،‬جزاكم هللا كل خير‬

‫وعساه أن يكرمكم بخير الجزاء في الدنيا قبل اآلخرة‪ ،‬فأنا‬

‫ال أستطيع رد دينكم أبدا‬

‫مسحت ليلى مدمعها هادرة بنزق وعصبية‪ :‬حسنا حسنا لقد‬

‫فهمنا‪،‬واآلن هال إكرمتنا كي نغادر المركز هاذا ونذهب‬

‫للحفل فلقد جعت بسبب هذه المشاعر‬

‫لتناظر ريم بعدها رافعة إصبعها السبابة في وجهها‬

‫مهسهسة بحدة محذرة‪ :‬وأنت يا ريم إيااك أن تحزني‬

‫‪860‬‬
‫ميس‪،‬صدقيني سأشرب من دمك وأكل لحمك والذي واضح‬

‫مسبقا أنه مر‪ ،‬لهاذا تجنبي غضبي يا غبية‬

‫قلبت األخرى عينيها بضجر هاتفة بتهكم صريح‪:‬باهلل عليك‬

‫يا ليلى إنها المرة المليون منذ خطوبة ميس التي تهدديني‬

‫فيها‪ ،‬فهمنا يا فتاة فهمنا‪ ،‬ميس أختي وحبيبتي وزوجة أخي‬

‫طبعا لن أزعجها بإستثناء بعض اإلستفزازات ال غير‬

‫لتقهقه في نهاية الكالم غامزة لها بإستفزاز‪،‬فتنهدت األخرى‬

‫قاطعة األمل منها‪،‬رغم يقينها أن ريم فتاة رائعة حقا وذات‬

‫روح سمحة محبة معطاءة‬

‫‪861‬‬
‫تبسمت سحر برقة حاضنة كفي ميس بين كفيها متشربة‬

‫منها توترها ‪،‬باعثة لها كل مشاعر الدعم والعون مغمغمة‬

‫بحنو‪ :‬عمك هو من سيأخذك للفندق يا ميس والحمد هلل كل‬

‫شيئ جاهز لك‪ ،‬وهو أيضا تكفل بمصاريفه كي ال نجرحه‬

‫كما إتفقنا‪ ،‬و الهدايا التي أرسلها هي ببيت زوجك اآلن‪ ،‬هو‬

‫يريد اإلعتذار لك وتعويضك ولو قليال‪ ،‬لهاذا اقبلي و إعفي‬

‫ولك عظيم األجر حبيبتي‬

‫النت مالمح ميس متذكرة إصرار عمها على أن ال تخرج إال‬

‫من بيته زافة لبيت عريسها‪،‬وقد عارض نزار بداية األمر‬

‫فهو ما زال حانقا‪ ،‬لكن والدته تدخلت موقفة عنده‪ ،‬فإنصاع‬

‫لها مفوضا أمره هلل كعادته‪ ،‬وعادت لبيت عمها إكراما له‬

‫لتنام هناك إستعدادا لحفل الزفاف‪ ،‬ولن تنسى أبدا ليلة‬

‫‪862‬‬
‫البارحة التي خصصها لها معتذرا منها طالبا منها العفو‬

‫حتى دمعت مقلتاه‪ ،‬لتنهار بحضنه مقبلة جبينه مطمئنة إياه‬

‫بأنها سامحته وال تحمل إال كل خير له في قلبها‪ ،‬فحتى ولو‬

‫اخطأ بحقها يوما ما‪ ،‬فهو كان سابقا مكرما إياها وتكفل‬

‫بدراستها وملبسها وحاجياتها منذ طفولتها‪ ،‬فال خير في‬

‫إمرئ ينسى فضل الغير سابقا إذا ما إرتكب خطئا بعدها‪.‬‬

‫فأردفت بهدوء‪ :‬ال تقلقي أنا قد سامحته سابقا وال ضغينة‬

‫عندي له‪ ،‬وهللا شاهد على ما أقول‬

‫بعد لحظات دلف عمها فبرقت عيناه بفخر إلبنة أخيه‬

‫المتوفي والتي كان غبيا أحيانا بتصرفاته معها‪،‬عسى هللا أن‬

‫يغفر له عما بدر منه‪،‬فدنى منها مقبال جبينها رابتتا على‬

‫‪863‬‬
‫رأسها بحنو متكلما‪ :‬أسعدك هللا يا إبنتي‪ ،‬وجعلك زوجة‬

‫صالحة ورزقك من فضله‪،‬كما أخبرتك سابقا أنا هنا دوما إذا‬

‫ما إحتجت لي لن أخذلك أبدا مستقبال هاذا عهد أمام هللا‬

‫وعباده‬

‫أومئت له ميس بأعين دامعة متأثرة وقد خالجتها كل‬

‫مشاعر السعادة متحدثة بخفوت‪ :‬رعاك هللا يا عمي وحماك‬

‫من كل سوء يا رب‬

‫تبسم لها اآلخر بلين‪ ،‬ليمد لها ذراعه فقبضت عليه بلطف‪،‬‬

‫فأسرعت سحر إلنزال طرحتها ووشاحها العرائسي كي‬

‫تغطيها كليا عن أعين من هم خارج المركز‪ ،‬فتحركت‬

‫الفتيات خلفها بعد أن تقدمت ميس وعمها نحو‬

‫الخارج‪،‬لتطلق ليلى زغرودة عالية أطربت مسامع كل من‬

‫كان هناك‪،‬فشاركتها ريم ذلك مقهقهة عليها‪ ،‬زغرودة تلو‬

‫‪864‬‬
‫األخرى‪،‬فرحا لزفاف رفيقتهن الطيبة‪،‬ذات الحسن والجمال‬

‫وطيب الخلق والمعشر‬

‫سار حفل الزفاف كما تمنت تماما‪،‬بسيطا وراقيا وفخما كما‬

‫تكفل زوجها نزار بذلك‪ ،‬فهي عارضت التبذير واإلحتفال‬

‫المبهرج المبالغ فيه‪ ،‬إال أنه أصر مع والدته أن يحتفلوا بها‬

‫كأي عروس تستحق اإلجالل واإلكرام‪ ،‬فقد حضر العديد من‬

‫المدعوين لم تتعرف على أغلبهم‪ ،‬يبدو أنهم من أقارب نزار‬

‫من عماته وخاالته وبناتهن‪ ،‬والجارات‪ ،‬لكن هي يكفيها‬

‫حضور مقربيها من أسرة ليلى وعمها وأسرته‪ ،‬وكم سعدت‬

‫كثيرا عند حضور والدي سحر شخصيا السيد عصام آل‬

‫سلطان وزوجته‪ ،‬وأخوي سحر كذلك كل من أدهم وزياد‪،‬‬

‫رغم عدم معرفتهم الشخصية بميس وال نزار أال أنهما‬

‫حضروا إحتراما لصديقة سحر التي سمعوا عنها كل خير‪،‬‬

‫‪865‬‬
‫متخذة مجلسها بقلب القاعة الفخمة والمدعويين حولها‬

‫متخذين أماكنهم يرقصون ويضحكون‪ ،‬الحمد هلل أن الحفل‬

‫لم يكن مختلطا‪ ،‬فنزار رفض كليا تواجد الرجال مع النساء‬

‫بقاعة واحدة‪،‬وهاذا ما إستحسنه الجميع أولهم سحر كي‬

‫تكون النساء على راحتهن‪ ،‬لتعض على شفتها شوقها‬

‫لنزار‪ ،‬فهي لم تره حتى اآلن فبحكم إنشغاله بالحفل ومع‬

‫أصدقائه الملتفين حوله‪ ،‬أصبحت تشتاقه بصورة كبيرة‬

‫تفوق إحتمال قلبها العاشق له ‪،‬وهي متأكدة أنه يعاني مثلها‬

‫وأكثر ‪ ،‬داعية هللا بسرها أن تكون له خير الزوجة‬

‫والحبيبة‪.‬‬

‫‪866‬‬
‫إستفاقت من شرودها بعد جلوس ريم قربها بأنفاسها‬

‫المتقطعة وذلك بعد أن أفرغت طاقتها المكبوتة بالرقص‬

‫والزغاريد‪ ،‬فقد أشعلت الحفل مع ليلى وشهد برقصهن الذي‬

‫خلب لب من حضرن العرس‪ ،‬فأردفت بشقاوة‪ :‬ماذا يا‬

‫عروس هل تفكرين في أخي يا ترى؟‬

‫قهقهت ميس بخجل رقيق مجيبة بإستفزاز ماكر‪ :‬طبعا‬

‫سيكون هو من يشغلني‪ ،‬فأكيد لن أفكر فيك أنت‬

‫زمت األخرى شفتيها بعبوس طفولي قائلة‪ :‬يا ناكرة الجميل‬

‫‪،‬وأنا التي كنت أرسل صورك منذ قليل ألخي كي يصبر قليال‬

‫ناظرتها ميس بخدين متوردين وعيون المعة مشتاقة‬

‫مستفهمة منها‪ :‬هل حقا أرسلت صوري له؟‬

‫‪867‬‬
‫تجاهلتها ريم مستفزة إياها‪،‬فضربتها األخرى بكوعها سائلة‬

‫برجاء كطفلة صغيرة‪ :‬هيا يا ريم يا حبيبة قلبي‪ ،‬ماذا قال‬

‫عن شكلي بالفستان؟‬

‫نظرت لها األخرى بطرف عينها‪ ،‬متصنعة الحنق مجيبة‬

‫بمكر خفي‪ :‬قال أنك عادية كأي عروس أخرى‬

‫طرفت ميس برمشها لتعقد حاجبيها بشك هاتفة‪ :‬هل أنت‬

‫متأكدة أنه قال هكذا؟‬

‫رفعت األخيرة حاجبها بخبث أنثوي ظريف متحدثة‪ :‬ولماذا‬

‫قد أكذب عليك‪،‬عندما تقابليه إسئليه بنفسك وأكيد‬

‫سيصارحك‬

‫عبست ميس وقد شعرت بخيبة أمل‪،‬فهي كانت تطمح أن‬

‫تبهره بطلتها العرائسية‪،‬فتهادى لها قهقهة ريم التي تكلمت‬

‫‪868‬‬
‫بعد أن غمزت لها‪ :‬كنت أمزح فقط ال تعبسي هكذا يا فتاة‪،‬‬

‫هل تريدين حقا أن أخبرك ما قال يا ميوسة ؟‬

‫تبسمت األخرى بعد أن أدركت مزاحها مردفة بأمل‪ :‬طبعا‬

‫ماذا قال؟‬

‫إنحنت لها ريم مقتربة من أذنها هامسة بمكرها المعتاد‪ :‬قال‬

‫أنه متشوق لك كثيرا الليلة‬

‫توسعت عيني ميس وتوردت وجنتها بخجل كبير‪ ،‬وتقلبت‬

‫معدتها بلطف محبب‪ ،‬وتراقصت نبضاتها الهادرة أيسر‬

‫صدرها لتتلعثم‪ :‬ريم‪...‬توقفي عن هاذا‪...‬نزار لن يتواقح‬

‫معك هكذا‪..‬هاذا كذب‬

‫ضحكت األخرى بشدة على ارتباكها وخجلها الجذاب‪،‬‬

‫فرددت من بين أنفاسها المسلوبة من الضحك‪ :‬طبعا لن‬

‫يقول هاذا لي‪،‬لكنني خمنت أنه قالها بسره فقط‬

‫‪869‬‬
‫فضربتها األخرى بخفة على كفها مغمغمة بسخط‪ :‬غبية‬

‫غمزت لها ريم بحالوة طفولية مستفهمة منها‪ :‬وأنت يا‬

‫ميوسة هل متشوقة له الليلة أو ال‪،‬اخبريني كي أعلمه أن‬

‫يوقف الحفل ويأخذك فورا لعشكما الزوجي‬

‫رفعت ميس حاجبها بإستفزاز رغم حمرة الخجل التي كانت‬

‫تعتري خديها قائلة‪ :‬ما رأيك أن أخبر أخاك أنك وقحة كي‬

‫يتصرف معك؟‬

‫أخرجت لها ريم لسانها بصبيانة قائلة‪ :‬هو أساسا يعلم أنني‬

‫كذلك يا ذكية‪ ،‬لهاذا وفري على نفسك هذه المعلومات القيمة‬

‫‪870‬‬
‫همت ميس بالحديث إال أن حضور ليلى قاطعها‪،‬هذه األخيرة‬

‫التي كانت متحمسة كثيرا فهتفت بحيوية‪ :‬ميس هل رأيت‬

‫الهدايا التي أحضروها عائلة سحر ‪ ،‬واااو حقا‬

‫عقدت ميس حاجبيها متسائلة بجهل‪ :‬أي هدايا هذه‪،‬ألم‬

‫تتكفل سحر بتجهيزي بعد أن صدعت رأسي بقسمها ذاك‬

‫قهقهت ليلى متكلمة بإعجاب شديد‪ :‬ذاك كان من سحر فقط‪،‬‬

‫أنا أتحدث عن والديها وأخويها‪ ،‬فوالدتها أحضرت العديد‬

‫من أطقم الذهب الفخم ووالدها فتح حساب لك بالبنك‬

‫وأخويها هناك هدايا كثيرة أحضروها لم أعرف ماهي فقد‬

‫كانت مغلفة‬

‫توسعت عيني ميس بصدمة مستفهمة بتفاجئ جلي‪ :‬ما كل‬

‫هاذا‪ ،‬هذه مبالغة كبيرة‬

‫‪871‬‬
‫غمزت لها ليلى متحدثة بحالمية‪ :‬يا ليت كل ناس يبالغوا‬

‫معنا هكذا يا فتاة‬

‫زفرت ميس قاطعة األمل من صديقاتها‪،‬إال أنها من الداخل‬

‫كانت في غاية السعادة والفرحة بسبب أن لها ناس‬

‫يكرمونها هكذا وال يبخلون عليها في مشاركتها سعادتها‬

‫ودعمها سواء كان ماديا أو معنويا‪ ،‬هي حقا ممنونة لكل‬

‫من كان خلف ظهرها ولو بكلمة طيبة‪.‬‬

‫بعد فتح الموائد وتناول العشاء‪ ،‬ها قد أتت اللحظة المنتظرة‬

‫وهو دخول العريس للقاعة المخصصة للعروس إستعدادا‬

‫إلخراجها منها متجهين نحو بيتهم‪ ،‬فقد عزفت جوارحها‬

‫لحن الحب‪ ،‬و همس كيانها بنغم العشق‪ ،‬وهدير قلبها‬

‫المرتفع الذي بث لجسمها كل رعشات الهوى و جمال‬

‫‪872‬‬
‫المنى‪ ،‬إبتلعت ريقها منتظرة ولوجه ‪،‬والذي أكيد سيكون‬

‫طاغيا مهيبا ملوكيا‪،‬جذابا كعادته‪،‬فهو زوجها وحبيبها‪،‬نزار‬

‫خليلها وسيد قلبها‪ ،‬لتحس بيد حانية تمسك كفها باعثة لها‬

‫كل مشاعر الدعم والحب‪ ،‬وهذه لم تكن إال كف سحر‬

‫الدافئة‪ ،‬فالنت تقاسيم ميس بإمتنان كبير لها هامسة‬

‫بخفوت‪ :‬سحر صدقا لقد كلفتم أنفسكم اليوم‪،‬ما كل هاذا‬

‫أخبرتك ألف مرة أن ال تحضري أكثر مما أحضرت‪،‬لقد‬

‫أخجلتني حقا‪ ،‬والديك أيضا بالغا كثيرا‬

‫تبسمت األخرى رافعة حاجبها مرددة‪ :‬ميس حبي أنت‬

‫أختي‪ ،‬إفهمي ‪..‬أخت لي مثل شهد‪ ،‬وما فعلناه لك‪ ،‬تفعله أي‬

‫عائلة إلبنتهم‪ ،‬أين اإلشكال في هاذا‪ ،‬أم أنك أصبحت‬

‫تعتبريننا أغراب بعد أن سيطر نزار ذاك على قلبك وعقلك؟‬

‫‪873‬‬
‫قهقهت ميس بخفة مدركة أن سحر تريد أن تجعل األمر‬

‫وكأنه بسيط فشاكستها‪ :‬نعم إنتهى دوركن اآلن من‬

‫حياتي‪،‬أصبحت متزوجة طبعا‪،‬لماذا قد أصاحب العازبات‬

‫الممالت‬

‫ضحكت سحر برقة قارصة ذراعها بخفة مسايرة داللها‪:‬‬

‫البئس يا ست ميس‪ ،‬سأتظاهر أنني صدقتك طبعا‬

‫بعد لحظات معدودة دلف‪ ،‬هو راحتها وأمنها وآمانها‪،‬‬

‫فإبتلعت ريقها بعد أن وقعت عيناه البندقية عليها‪ ،‬وإلتقت‬

‫مقلتاها الزبرجدية بطلته الفتاكة‪ ،‬طقمه األسود الكامل زادته‬

‫جاذبية مفرطة أهلكت قلبها الصغير النابض بين أضلعها‪،‬‬

‫فدنى منها بكل رجولية فذة‪ ،‬رغم حرجه العارم من النساء‬

‫المحاطات به‪،‬إال أن كل حواسه كانت منصبة على عروسه‬

‫‪874‬‬
‫الفاتنة‪،‬ميسه الزبرجدية تلك‪ ،‬معذبته وساكنة فؤاده‪ ،‬أميرة‬

‫روحه ومليكة كيانه‪ ،‬بدت ساحرة حقا‪ ،‬مالك أبيض بهي‬

‫يخطف األبصار ويبهر األنظار‪ ،‬فإقترب منها أكثر وسط‬

‫تصفيق الحاضرات والزغاريد المتعالية وصخب‬

‫المعازف‪،‬متأمال إياها ليرفع ذقنها كي تتقابل أعينهما بحوار‬

‫صريح عاشق‪،‬ومشاعر ملتهبة حارة‪ ،‬لتبتسم له برقة‬

‫أطاحت بحصونه‪ ،‬فلثم جبينها الندي بكل حب‪ ،‬وإزدادت‬

‫أصوات التأثر من الحاضرات وقهقهات صديقاتها عليها‬

‫بسبب خجلها المرتبك‪ ،‬فألبستها السيدة جيهان وشاحها‬

‫المخفي لها كليا بعد أن قبلت وجنتيها بحب محيطة كتفيها‬

‫بمحبة أمومية مردفة لولدها‪ :‬خذ عروسك يا بني‪ ،‬وبارك‬

‫هللا لكما وجمع بينكما بكل خير‬

‫‪875‬‬
‫تبسم نزار بحب بعد أن قبضت ميس على ذراعه التي مدها‬

‫لها برقة ‪،‬ليغادر بعدها القاعة وسط األهازيج المنبعثة‬

‫والقبالت التي أمطرنها صديقاتها عليها‪ ،‬فركبت معه سيارته‬

‫المزينة التي قادها نحو بيته بعد أن أصرت ميس أن تكون‬

‫أيامها بها فقط ‪،‬بدل الفندق أو غيره‪ ،‬فإنصاعت لها حماتها‬

‫بسبب إصرارها الكبير‪ ،‬هذه األخيرة التي تحرجت من البقاء‬

‫معهم أول أسبوع بالبيت فقد آثرت أن تجلس مؤقتا مع ريم‬

‫عند أخيها حتى تعود بعد أيام لبيتها‪،‬‬

‫فتح نزار الباب بهدوء فولجت ميس بإرتباك هاذا الذي شعر‬

‫به هاذا األخير‪ ،‬فهمس بحب محاوال إزاحة توترها‪ :‬أهال بك‬

‫ببيتك يا عروس‪،‬وأخيرا قد أضاء بقدومك‬

‫‪876‬‬
‫تبسمت ميس بخجل فطري مغمغمة بلطف‪ :‬هاذا بفضل‬

‫نوركم فقط‬

‫دنى منها رافعا طرحتها من عليها‪ ،‬متأمال جمالها ومتشربا‬

‫من فتنتها المعذبة لفؤاده‪،‬فإبتلع ريقه هامسا بأنفاسه‬

‫الحارة‪ :‬سبحان من خلقك فصورك يا ميس‬

‫إنصدمت األخيرة وخجلت على إثر كلماته المغذية ألنوثتها‪،‬‬

‫لترتفع نبضاتها العنيفة حتى كاد قلبها أن يخرج من‬

‫صدرها‪،‬ففرت من سحر مقلتيه‪ ،‬ليبتسم اآلخر بحب فإنحنى‬

‫حامال إياها بين ذراعيه‪ ،‬لتتفاجئ األخرى بأنها محمولة‬

‫فقبضت تلقائيا على رقبته متمسكة به‪ ،‬فهتف نزار بحب‬

‫مفضوح‪ :‬أظن أنه هكذا تحمل العرائس يا زوجتي أليس‬

‫كذلك؟‬

‫‪877‬‬
‫تبسمت ميس برقة متالعبة بياقته وربطة عنقة الحمراء‬

‫مغمغمة‪ :‬نعم أظنها هكذا‬

‫صعد بخفة على الساللم نحو الدور العلوي المخصص لهما‪،‬‬

‫متجها لغرفتهما فدفع الباب بقدمه لينفتح بابها بهدوء‪،‬‬

‫فظهرت غرفتهما بطابعها الراقي العصري والتي قد تكفل‬

‫بها نزار تماما كي تبدو أهال إلستقبال ميس حبيبة قلبه‪،‬وقد‬

‫تركها بمعية أخته ريم التي أصرت أن تزينها بالشموع‬

‫والورود كي تكون رمانسية كما إدعت‬

‫فغرت ميس فاهها على جمال الغرفة فحقا كانت في غاية‬

‫الجمال‪ ،‬وضعها نزار بلطف على السرير فجلست بحياء‪،‬‬

‫ليتخذ هو مجلسا بقربها متأمال بهائها‪ ،‬محاوال قدر اإلمكان‬

‫‪878‬‬
‫السيطرة على جموح مشاعره وأعصابه المنفلتة بسبب‬

‫سحرها وحبها المتجذر بفؤاده‪ ،‬فهتف محاوال إزاحة‬

‫توترها‪ :‬يبدو أن الغرفة أعجبتك يا ميسي؟‬

‫ناظرته األخيرة لتبتسم برقة مصرحة‪ :‬كثيرا‪،‬حقا إنها في‬

‫غاية الجمال‪،‬ذوقك حقا مبدع‬

‫رفع حاجبه بمكر مستفهم‪ :‬أكيد‪ ،‬فها قد إخترتك أنت من بين‬

‫أالف نساء‬

‫تبسمت ميس بشقاوة ودالل قائلة‪ :‬طبعا ستختارني فلن تجد‬

‫أفضل مني يا زوجي العزيز‬

‫قهقه اآلخر على ثقتها فإنحنى قليال مشاكسا إياها‪ :‬قطتي‬

‫الشرسة تبدو واثقة كثيرا من نفسها‬

‫‪879‬‬
‫توردت وجنتي ميس مستفهمة برقة‪ :‬أال أستحق هاذا؟‬

‫النت تقاسيمه الوسيمة مردفا و أنفاسه الحارة تلفح بشرة‬

‫وجهها وقد سلبت أنفاسها على إثرها‪ :‬تستحقين كل الكون‬

‫يا ميسي وأكثر‬

‫نبض قلب األخيرة معلنا تمرده المعتاد في حضرة حبيبها‪،‬‬

‫لتشيح بوجهها عن مرآه ‪،‬حياءا لذيذا كم راقه و دعته نفسه‬

‫أن يمطرها حبا وعشقا كي تتوقف عن بهائها ذاك‪ ،‬فغمغم‪:‬‬

‫ما رأيك أن نصلي مع بعض أوال يا ميسي؟‬

‫رفعت األخرى عينيها له مومئة بإيجاب‪ ،‬فإستقام بهدوء‬

‫وفعلت هي المثل فهمست بخجل‪ :‬أخرج أوال‪ ،‬دعني أغير‬

‫مالبسي وأجهز نفسي‬

‫‪880‬‬
‫رفع نزار حاجبه بإستفزاز شقي هاتفا‪ :‬أنا زوجك يا ميسي‪،‬‬

‫لماذا هاذا الخجل؟‬

‫إرتبكت ميس مغطية وجهها بكفيها مرددة بخجل‪ :‬أرجوك‪،‬‬

‫لم أعتد على األمر بعد‪،‬أحتاج لبعض الوقت يا نزار‬

‫ضحك األخير بخفة مدركا حياءها‪،‬فإنصاع لها ملبيا رغبتها‬

‫تاركا إياها على راحتها كي ال يضغط عليها أكثر‪ ،‬هامسا‬

‫بحب‪ :‬كما تريدين يا ميسي‪ ،‬سأذهب لدور السفلي وأتوضأ‬

‫وأغير ثيابي وأنت خذي راحتك ‪،‬حقائبك كلها موضوعة‬

‫هناك جانب الغرفة كي تغيري مالبسك‬

‫‪881‬‬
‫عمت الراحة ثنايا قلبها شاكرة هللا لين طبعه وتفهمه‪ ،‬فهي‬

‫حقا الزالت ترتبك وتخجل رغما حبها الكبير له‪.‬‬

‫ليستدير لها متأمال إياها بذلك الفستان العرائسي فهمس‬

‫بخفوت منبهر‪ :‬تبدين في غاية الجمال يا ميسي‪ ،‬أنت أروع‬

‫عروس رأيتها بحياتي كلها‬

‫خفق فؤادها بسعادة بالغة على مديحه‪ ،‬فتوردت وجنتيها‬

‫حياءا فليس هناك أجمل من أن تكون جميلة في عيني‬

‫زوجها‪ ،‬وصل هدير قلبها أوجه فغطت وجهها بكفيها هربا‬

‫من تحديقه فقهقه بخفة على خجلها ذاك الذي يستفز‬

‫رجولته‬

‫‪882‬‬
‫غادر تاركا إياها تسرع بقلب خافق متلهف مغيرة فستانها‬

‫ذاك‪،‬والذي عانت معه حقا في نزعه بمفردها‪ ،‬فتوضأت‬

‫مزيلة مساحيق تجميل كلها ‪،‬وتجملت فقط بحمرة خفيفة‬

‫على شفتيها ومسكرة‪ ،‬وذلك العطر النفاذ الذي رشته على‬

‫نفسها ‪،‬وإرتدت إحدى قمصانها التي إشترتها مؤخرا بلونه‬

‫السكري الذي كان يعلو ركبتيها وذا حماالت رقيقة أبرزت‬

‫جمال كتفيها وذراعيها ببشرتها البيضاء‪ ،‬وتركت شعرها‬

‫منسدال براحة‪ ،‬فتأملت نفسها بالمرآة أمامها عاضة على‬

‫شفتها بخجل كبير و إرتباك وشوقها المرتفع لحبيبها نزار‪،‬‬

‫فوضعت كفها أيسر صدرها هامسة بحب‪ :‬أحبك يا نزاري‪،‬ما‬

‫الذي فعلته بقلبي كي ينبض لك بهاذا الجنون‬

‫‪883‬‬
‫طرقات خفيفة قطعت شرودها فتهادى لها صوت نزار‬

‫المستفهم‪ :‬ميس هل أستطيع الدخول‬

‫توردت وجنتها أكثر وقد عمها الحياء‪ ،‬فأردفت بعد أن‬

‫تمالكت أنفاسها المتالحقة‪ :‬نعم تفضل‬

‫أدار المقبض فاتحا الباب فبرز هو بمنامته الرمادية الداكنة‬

‫التي فصلت صدره العضلي والتي تمنت أن تغوص فيه‬

‫متخذة إياه وطنا لها‪ ،‬فتسمر هو اآلخر متأمال جمالها الذي‬

‫جف ريقه لها‪،‬و ألهبت حواسه على إثره‪ ،‬ليبتلع ماء حلقه‬

‫وقد تسربت الحمم الساخنة نحو أوردته‪ ،‬مبصرا إياها من‬

‫األعلى لألسفل بذلك الثوب الرقيق القصير مبرزا ساقيها‬

‫األبيضين الناعمين وكتفيها وذراعيها ناصعا البياض‬

‫بشعرها الغجري المموج منسدال برقة‪ ،‬تبا تزيد األمر‬

‫سوءا‪ ،‬أال يكفيها جمالها وسحر زبرجدها لكي ترهقه إكثر‬

‫‪884‬‬
‫بفتنتها تلك‪ ،‬فأغلق الباب ببطئ من خلفه‪ ،‬فإرتبكت األخرى‬

‫فارة من تحديقه متسائلة بفضول أنثوي قد غلبها بسرها‪،‬‬

‫هل أعجبته يا ترى‪.‬‬

‫دنى منها بخطوات هادئة متمهلة هائما بهذه المخلوقة‬

‫الناعمة التي إلتفت حول فؤاده مجبرة إياه أن ينصاع لها‬

‫ولرقتها المذيبة لألعصاب‪ ،‬ليقترب منها أكثر حتى الصقها‬

‫فرفع كفه محتويا وجنتها بحنان‪،‬لتلتقي عيناهما وكان وقعه‬

‫كالسحر األول والنبض األوحد ‪،‬هامسا ‪ :‬فاتنة أنت حد‬

‫الهالك يا ميسي‪ ،‬من اي جنة نزلت كي ترهقي الفؤاد‬

‫والكيان بسحرك‬

‫إرتفع صدرها بوتيرة تنفس متسارعة‪ ،‬وقد تملك قدميها‬

‫الوهن جراء وقع أحرف كلماته تلك‪،‬التي تداعب روحها‬

‫طربا‪،‬وتراقص قلبها حبا وأمال‪.‬‬

‫‪885‬‬
‫فإستدارت بخجل هاربة من حضوره وسطوته الشرسة على‬

‫كيانها وعلى قلبها الصاخب‪،‬فدنى أكثر منها من الخلف‬

‫محاصرا إياها بقوة بين ذراعيه فإلتصق ظهرها بصدره‬

‫الصخري‪ ،‬لينحني لها قليال مخبئا وجهه في تجويف عنقها‬

‫األبيض المرمري‪ ،‬محاوال تمالك نفسه المطالبة بوصال‬

‫معشوقته الزبرجدية‪ ،‬مقبال عنقها برقة تداعت لها جوارح‬

‫األخيرة‪،‬لتسند نفسها على صدره كي ال تقع أرضا‪ ،‬فصدقا‬

‫ساقاها أصبحت كالهالم لم تعد تحمالنها من فرط المشاعر‬

‫المهتاجة بروحها‪ ،‬فهمس بأنفاس حارة‪:‬‬

‫" لم يكن الوصول إليك سهال أبدا يا ميسي‪،‬فقد جئت بك‬

‫عبر دعوة في منتصف الليل‪،‬وبصدقة بين يدي فقير‪ ،‬فزت‬

‫بك بغض البصر عن كل ما هو محرم يا وهج الزبرجد‪ ،‬أنت‬

‫‪886‬‬
‫إنتصاري الذي جنيته بعد دعوة ثابتة في كل سجدة ب‬

‫"اللهم ميس فقط" ‪ ...‬كم دعوت في صالواتي هامسا يا رب‬

‫أكرمني بميس سيدة النساء وقد إستجاب لي والحمد هلل‬

‫فرزقني بك وطيب خاطري بعد أن أصبحت من نصيبي‬

‫أسدلت جفنيها وقد إنسابت دمعتها فرحا وتأثرا‪،‬إمتنانا‬

‫وراحة‪ ،‬تراكمت مشاعر الحب بقلبها الخافق الذي ما عادا‬

‫يتسع للحب أكثر‪ ،‬قبضت بتردد على ذراعيه التي تحتويانها‬

‫بقوة‪ ،‬رابتة عليها بحنان فياض‪ ،‬شاعرة بأنفاسه الحارة‬

‫التي تلفح رقبتها‪ ،‬فتمالكت أنفاسها المتسارعة مستديرة له‪،‬‬

‫رافعة كفيها باسطة إياهما على صدره الدافئ‪ ،‬فرفعت‬

‫عينيها له متأملة وجهه الوسيم الحاني‪ ،‬عيونه تلك التي‬

‫تبث لها كل ما هو جميل‪ ،‬فتبتسم برقة وقد إستطالت على‬

‫‪887‬‬
‫أصابع قدميها محتوية خديه بين كفيها بمحبة‪ ،‬منحنية‬

‫رأسه قليال لها مقبلة جبينه بحب جارف ‪،‬فغمغم اآلخر‬

‫بهمس حار‪ :‬ميسي‪،‬‬

‫فأسندت جبينها على جبينه مداعبة خده بأناملها الرفيعة‬

‫هامسة بخفوت خجل ومشاعر مهتاجة ألهبت حواس اآلخر‪:‬‬

‫أنت أجمل أرزاقي يا نزاري‪،‬أنت وطني وموطني‪ ،‬كنت وال‬

‫زلت أرضا طيبة رحبة تثمر بكل الخيرات‪ ،‬أنت عوض من‬

‫هللا بعد طول تشتت وضياع‪ ،‬تمنعت من منح قلبي لذكر آخر‬

‫قبلك ألن ثقتي باهلل كانت كبيرة بعطائه بعد جفاف فؤادي‪،‬‬

‫آمنت بالجبر العظيم من الرحمان ‪،‬فأتيت أجمل مما توقعت‪،‬‬

‫حبيبي أنت الذي ترائى لي كفجر بازغ في نهاية درب‬

‫موحش‪ ،‬أنت نصري وإنتصاري ‪ ،‬نزاري أنيسي وخليل‬

‫قلبي‪ ،‬الحمد هلل رزقت بك وكنت جزاءا باهرا مبهرا لصبر‬

‫سنين طوال ‪.‬‬

‫‪888‬‬
‫رقت تقاسيم وجهه متأمال عيناها المنسدلة‪ ،‬أال تعلم هذه‬

‫المخلوقة الناعمة أن كلماتها تلك تثير جنونه وتفلت زمام‬

‫أموره‪ ،‬أال يكفيها برائتها ونعومتها تلك ‪،‬حتى تصرح بهذه‬

‫األحرف التي تفتت صموده‪ ،‬ضمها له أكثر لينهال عليها‬

‫بقبالت رقيقة على جبينها الندي ذاك‪ ،‬فنزل يبث باقي‬

‫سمفونية الحب على سائر وجهها مقبال عينيها‬

‫المغمضتين‪،‬وأنفها ‪ ،‬مرورا بوجنتيها التي لطالما استفزت‬

‫رجولته بخجلها وحياءها الشهي ذاك ‪،‬و الذي تشوق لتذوقه‬

‫فقد بدتا كحبي تفاح طازج لذيذ‪ ،‬تمسكت به اإلخيرة بقوة‬

‫قابضة على ذراعيه كي ال تسقط أرضا من وقع قبالته‬

‫الحارقة والتي كان يضعها برقبتها المرمرية الناعمة‪،‬‬

‫ليتوقف برهة عن سيل عشقه هامسا بأنفاس حارة‬

‫متسارعة‪ :‬ما رأيك أن نصلي أوال يا ميسي‬

‫‪889‬‬
‫أفاقت األخيرة من غمرة مشاعرها على شجن صوته‪،‬‬

‫فرفعت ستار جفنيها وقد عمها الحياء اللذيذ‪،‬فتهربت من‬

‫عينيه الراغبتين مومئة بنعم‪ ،‬فإبتعدت قليال عن حصار‬

‫ذراعيه مغمغمة بصوت هارب مبحوح‪ :‬سوف‪..‬حسنا‬

‫سأرتدي إسدالي وأوافيك فورا‬

‫تبسم لها نزار بحب تجلى ببريق مقلتيه الخاطف‪،‬متحركا‬

‫بصدر مهتاج بمشاعر عديدة لم يألفها قبال مع فتاة أخرى‪،‬‬

‫حامال السجادة فارشا إياها على األرض مستقبال القبلة‬

‫فأسرعت هي بخفة فراشة مرتدية إسدالها األبيض الطويل‬

‫الذي ينساب حتى كعبيها ذو النقوش الذهبية البراقة فبدت‬

‫به كريشة ناعمة تناغش الفؤاد برقتها‪ ،‬ليفرش لها هي‬

‫األخرى سجادتها لتكون من ورائه كي يأمها هو‪ ،‬فدنى‬

‫‪890‬‬
‫منها قابضا على كفها رافعا إياه لثغره يلثمه بدفئ إرتعشت‬

‫له أوصال األخيرة و إختفت أنفاسها على إثره‪ ،‬هامسا بلين‪:‬‬

‫وإخيرا ستصلين معي يا ميسي‪ ،‬حلم تحقق والحمد هلل‬

‫همهمت األخيرة بالحمد مشيحة عيناها عنه بخفر شديد‪،‬‬

‫فتقدم للبدأ ففعلت األخرى مثله وقامت الصالة‪ ،‬بعد لحظات‬

‫خشعت فيها الجوارح وصدقت المشاعر بها وحمد هللا تعالى‬

‫ضمن ثناياها‪ ،‬كالهما كانا قد سلما إتماما لها‪ ،‬فإستدار نزار‬

‫لها بوضعية جلوسه متأمال عروسه بإسدالها الجذاب الذي‬

‫خطف عقله قبل بصره‪ ،‬وتبسم بحب كبير ممتنا لهذه البرهة‬

‫التي تجلت فيها هي من خلفه تصلي معه‪ ،‬فرفع كفه واضعا‬

‫إياه على رأسها هامسا بهدوء‪( :‬اللهم إني أسألك خيرها‬

‫‪891‬‬
‫وخير ما جبلتها عليه‪ ،‬وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها‬

‫عليه) ‪،‬‬

‫تبسمت ميس برقة وخجل فشاركها اآلخر بسمتها‪ ،‬ليشير‬

‫لها نحو حضنه هامسا بحرارة ملتهبة‪ :‬تعالي هنا‪ ،‬حيث‬

‫حضني يا ميسي‬

‫إرتبكت األخيرة بخجل جذاب‪ ،‬وتراقصت الفراشات بمعدتها‬

‫معلنة صخبا معتادا‪ ،‬ونبضاتها أعلنت هديرها المتعالي‪،‬‬

‫فإبتلعت ريقها مقتربة منه بحياء متخذة حضنه مجلسا لها‬

‫مخبئة نفسها بصدره العضلي‪ ،‬مستنشقة عطره النفاذ الذي‬

‫تسرب لحواسها فألهبت مشاعرها بسببه ‪،‬قابضة برقة على‬

‫نسيج قميص منامته‪ ،‬متنعمة بهدير قلبه النابض لها‪ ،‬فهي‬

‫قد تفردت به وتملكته كليا‪،‬وأصبح فؤاده وطنها األول‬

‫واألوحد‪ ،‬ليحيطها نزار بذراعيه بقوة عله يدخلها صدره‬

‫‪892‬‬
‫فيحفظها هناك مخفيا إياها عن كل العيون فال تغادره أبدا‪،‬‬

‫فأنحنى قليال غارسا وجهه برقبتها مناديا عليها بهمس‬

‫ساخن‪ ،‬فرفعت بصرها نحو مقلتيه‪ ،‬فغمغمت بخفوت شديد‬

‫وكأنه سر‪ :‬نزار قلبي‬

‫كسرت حصونه وأفلتت أعصابه مهاجما ثغرها ذاك الذي‬

‫يهمس بأحرف الهوى المغذية لرجولته‪ ،‬لينهال من سكر‬

‫شفتيها مرتشفا لذة الحب‪ ،‬نازعا إسدالها بلطف كاشفا عن‬

‫فستانها الرقيق ذاك فتساقطت خصالتها حولها ‪،‬فحملها بين‬

‫ذراعيه واضعا إياها بخفة على السرير ليجثو فوقها متابعا‬

‫بث موجات عشقه الجنوني لها‪ ،‬فرفعت ميس كفيها نحو‬

‫صدره متلمسة إياه بخجل فغمغمت بتلعثم الهث‪:‬‬

‫نزار‪...‬إسمعني ‪...‬أنا أريد أن أخبرك بشيئ‬

‫‪893‬‬
‫رفع رأسه من رقبتها بأنفس الهثة وقلب صاخب‪ ،‬ليمسح‬

‫بحنان على وجهها مبعدا شعرها عن محياها البهي ذاك‪،‬‬

‫إبتلع ماء حلقه هامسا بحرارة‪ :‬نعم يا ميسي‪ ،‬ماذا تريدين‬

‫القول‬

‫إرتفع صدرها بشهيق وزفير متالحق جراء المشاعر‬

‫المتسربة لروحها العاشقة‪ ،‬محاولة التحكم في نبض فؤادها‬

‫الهائم في سيد كيانها‪ ،‬فرفعت كفها الحاني نحو وجهه‬

‫الوسيم ذاك‪،‬مخللة أناملها بدفئ بلحيته المشذبة متفرسة‬

‫مالمحه علها تتشرب منها الشجاعة‪ ،‬فهتفت بخفوت خجل‪:‬‬

‫أنت سابقا سئلتني كيف أراك يا نزار‪..‬ولم أجد أفضل من‬

‫هذه اللحظة كي إخبرك بمرآي لك‬

‫‪894‬‬
‫النت تقاسيم وجهه وبريق خاطف مر بمقلتيه فإنحنى مقبال‬

‫كتفها بحب هامسا بإستفهام‪ :‬وكيف تراني سيدة النساء يا‬

‫ترى؟‬

‫رقت مالمحها وإرتفع هدير قلبها‪ ،‬وخفق الفؤاد معلنا‬

‫سمفونية الهوى ‪ ،‬لتبتسم بحنان أحرق أعصاب اآلخر‪،‬‬

‫فرفعت أناملها نحو شعره مداعبة إياه بهيام ليسند جبينه‬

‫المشتعل على جبينها الندي هامسا بإسمها‪ ،‬فأفصحت هي‬

‫عن خبايا الروح مصرحة بصدق تجلى ضمن ثنايا أحرفها‪:‬‬

‫فأروى‬
‫َ‬ ‫إنهمر من كب ِد السماء ‪،‬‬
‫َ‬ ‫"نزاري أنت كنتَ كغيثًا‬

‫َ‬
‫بحبك كواح ٍة خضراء‪..‬مررت‬ ‫صحراء قلبي القاحلة ‪،‬لتغدو‬

‫بروحي مخلفا أثرا جميالً وبصمتَ هناك خفية ‪ ،‬و تسللتَ‬

‫‪895‬‬
‫َ‬
‫حضورك السرمدي به ‪،‬‬ ‫إستئذان فارضًا‬
‫ٍ‬ ‫ت صدري بال‬
‫لجنبا ِ‬

‫لك وطنًا وأصب َح َ‬


‫قلبك لي ملجئ ًا ‪".‬‬ ‫فغدَى فؤادي َ‬

‫تأمل جمال زبرجدها عاجزا عن الرد‪ ،‬وكيف له أن يجيب‬

‫بعد هاذا الكالم‪،‬فقد فرت األحرف من لسانه وغابت الكلمات‬

‫عن ثغره‪ ،‬فهي قد أشعلت لهيب قلبه لينصاع لها مجسدا‬

‫رده بقبالت حارة بثها على سائر وجهها هامسا بأنفاس‬

‫متالحقة‪ :‬ماذا أقول لك يا ميسي اآلن‪ ،‬لم أكن أدري أن‬

‫سحر الكلمات يكمن فقط عندما تهمسين بها أنت‬

‫حضنت جذعه برقة مغمغمة بدفئ كبير‪ :‬أحبك يا نزار‪...‬‬

‫أنزل حمالة فستانها باثا قبالت رطبة بكتفها المرمري‪ ،‬لو‬

‫علمت ما فعلته أحرفها لما صرحت بذلك أبدا‪ ،‬فهمس بأنفس‬

‫‪896‬‬
‫متسارعة الهثة‪ :‬أحبك يا ميس قلبي‪ ،‬يا سيدة القلب‬

‫ومليكته‬

‫فترك بعدها العنان لروحه كي يبث لها باقي شفرات عشقه‬

‫الجنوني‪ ،‬وهي التي إستقبلت موجات حبه الشرسة بكل قلب‬

‫محب سعيد‪ ،‬لم تكن تدري أن جمال الهوى يكمن بين‬

‫ذراعي المحبوب‪ ،‬واألن فقط أيقنت أنها قد وجدت سما ًءا‬

‫رحبة إستقبلتها‪ ،‬وأرضًا طيبة أزهرت بها‪ ،‬بعد سنين عجاف‬

‫من اليتم والتشتت‪ ،‬ها قد عثرت على مالذها‪ ،‬زوجها سكنها‬

‫وواحتها الخضراء‬

‫"هي فوضت أمرها هلل فقط وما كان هللا ليخيب عبدا صالحا‬

‫أبدا"‬

‫‪897‬‬
‫‪:‬‬

‫♡••‬

‫‪:‬‬

‫** تمت ( بحمد هللا ) **‬

‫‪898‬‬
‫غ َ‬
‫يث ال َهوى " هي عبارة عن نوفيال‪ ،‬وهي الجزء‬ ‫رواية " َ‬

‫األول من السلسلة "قَب ً‬


‫سا من نور" ‪ ،‬وأنا قريبا وبعون هللا‬

‫تعالى سأبدأ في تنزيل فصول روايتي الثانية بعنوان " ِلتَسك َُن‬

‫إلَ ّ‬
‫ي " وستكون بإذن هللا رواية طويلة حيث أن أبطالها‬

‫األساسيين هم من ظهروا بشخصيات ثانوية بأول جزء‬

‫بغيث الهوى‬

‫🍂‪🍂 Yasmina Messaoud‬‬

‫‪899‬‬
900

You might also like