You are on page 1of 29

‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية‬


‫كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫‪ISSN 2588-1671 / EISSN 2661-7811‬‬

‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬


‫‪2‬‬
‫د‪ .‬إسالم إبراهيم شيحة‪ ، *1‬أ‪.‬د‪ .‬مهند نوح خمتار‬

‫‪ 1‬كلية القانون جامعة قطر( قطر ) ‪islamshiha@hotmail.com‬‬


‫‪ 2‬كلية القانون جامعة قطر ( قطر ) ‪Mouhannad.nouh@qu.edu.qa‬‬

‫اتري القبول‪2020/02/13 :‬‬ ‫اتري االستالم‪2019/12/11 :‬؛‬

‫ملخص‪:‬‬
‫احتياجا للحماية‪.‬‬
‫ً‬ ‫متثل إشكالية الالجئني أحد أهم وأكرب التحدايت على املستويني الدويل واحمللي كوهنا تتعلق أبحد أكثر الفئات املستضعفة‬
‫وقد حظيت قضية الالجئني بعناية واهتمام اجملتمع الدويل يف أعقاب احلرب العاملية األوىل حبسباهنا أحد أهم القضااي املهددة لألمن والسلم الدوليني‪،‬‬
‫إال أن الزايدة املطردة يف أعداد الالجئني يف العقد األخري‪ ،‬وتردي أوضاعهم اإلنسانية واملعيشية دفعت كثريين إىل التشكيك يف جدوى احلماية اليت‬
‫يوفرها التنظيم القانوين الدويل لالجئني حول العامل‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬فقد تعالت األصوات بضرورة إجياد بديل آخر لنظام احلماية الدولية‪ ،‬ومن هنا ظهر التفكري يف احلماية الدستورية كبديل عن نظام‬
‫احلماية الدولية‪ ،‬حيث تقع املسئولية األوىل عن محاية الالجئني ومساعدهتم على عاتق الدول‪ ،‬السيما البلدان اليت ينزح إليها الالجئون‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬يعين هذا البحث بتحديد أساس احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪ ،‬ومدى جدواها يف محاية الالجئني وأتمني حقوقهم‪.‬‬
‫الكلمات املقتاحية ‪ :‬احلق يف اللجوء – الطبيعة القانونية للحق يف اللجوء ‪ -‬تسليم الالجئني – امللجأ ‪ -‬احلماية الدولية للحق يف اللجوء – احلماية‬
‫الدستورية للحق يف اللجوء‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪The refugee issue is deemed one of the most important challenges at the national and‬‬
‫‪international levels, as it relates to one of the most vulnerable groups due to the fear and‬‬
‫‪persecution they are exposed to.‬‬
‫‪It is perhaps why this issue has received the attention of the international community in the‬‬
‫‪aftermath of the First World War, as being threatening the international peace and security.‬‬
‫‪Nevertheless, the effectiveness of the international protection for the refugees has been seriously‬‬
‫‪contested over the last years due to the number of refugees and the deterioration of their‬‬
‫‪humanitarian and living conditions.‬‬
‫‪Therefore, serious concerns were raised regarding the need to look up for alternative means to‬‬
‫‪protect the refugees and their rights, and hence arose the constitutional protection as an alternative‬‬
‫‪to the international protection system, given that the main responsibility for protecting and assisting‬‬
‫‪refugees lies within the states jurisdiction.‬‬
‫‪Accordingly, this research aims to identify the legal basis for the constitutional protection of the‬‬
‫‪right to asylum, and its adequacy to protect the refugees and securing their rights.‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫* املؤلف املرسل‪ :‬اإلمييل‪islamshiha@hotmail.com :‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫متثل إشكالية الالجئني أحد أهم وأكرب التحدايت على املستويني الدويل واحمللي كوهنا تتعلق أبحد أكثر الفئات املستضعفة‬
‫احتياجا للحماية بسبب اخلوف واالضطهاد املعرضة له‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد حظيت قضية الالجئني بعناية واهتمام اجملتمع الدويل يف أعقاب احلرب العاملية األوىل حبسباهنا أحد أهم القضااي املهددة‬
‫لألمن والسلم الدوليني‪ ،‬فتعامل معها اجملتمع الدويل ‪ -‬حتت رعاية عصبة األمم ومن بعدها األمم املتحدة ‪ -‬من خالل‬
‫التوصيات واإلعالانت الدولية اترة‪ ،‬ومن خالل االتفاقيات واملواثيق الدولية اترة أخرى‪.‬‬

‫وابلرغم من النجاحات اليت استطاع اجملتمع الدويل إحرازها يف املاضي يف جمال محاية الالجئني‪ ،‬وكفالة حقوقهم وحرايهتم‬
‫األساسية‪ 1،‬إال أن الزايدة املطردة يف أعداد الالجئني يف العقد األخري‪ ،‬وتردي أوضاعهم اإلنسانية واملعيشية دفعت كثريين إىل‬
‫التشكيك يف جدوى أو فاعلية احلماية اليت يوفرها التنظيم القانوين الدويل لالجئني حول العامل‪.‬‬

‫وقد تعالت األصوات‪ ،‬نتيجة ملا تقدم‪ ،‬على الصعيدين الدويل واحمللي بضرورة إجياد بديل آخر لنظام احلماية الدولية‪ ،‬يكفل‬
‫لألشخاص املنتمني إىل هذه الفئات املستضعفة احلماية الالزمة من املخاطر اليت هتدد أشخاصهم وحرايهتم‪.‬‬

‫ومن هنا ظه ر التفكري يف احلماية الدستورية كبديل عن نظام احلماية الدولية‪ ،‬حيث تقع املسئولية األوىل عن محاية الالجئني‬
‫ومساعدهتم على عاتق الدول‪ ،‬السيما البلدان اليت ينزح إليها الالجئون‪ .‬واحلماية الدستورية ليست ابجلديدة‪ ،‬بل سبقت نظريهتا‬
‫الدولية يف الظهور‪ ،‬إذ يرتد اتريخ ظهور هذه احلماية يف األنظمة املقارنة إىل ما يزيد عن قرنني من الزمان‪.‬‬

‫وتتعاظم أمهية احلماية الدستورية للحق يف اللجوء مع االزدايد املطرد ألعداد الالجئني يف مجيع أرجاء املعمورة‪ ،‬حيث من املتوقع‬
‫أن تزيد أعداد الالجئني حول العامل حبلول عام ‪ 2050‬لترتاوح ما بني مخسني ومئتني ومخسني مليوان بسبب تفاقم اجلفاف يف‬
‫‪2‬‬
‫بعض املناطق من انحية‪ ،‬وغرق مناطق أخرى أبكملها بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إشكالية البحث‪:‬‬


‫ً‬

‫وبناء عليه‪ ،‬تتعلق اإلشكالية األساسية اليت يتناوهلا هذا البحث بتحديد أساس احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪ ،‬ومدى‬
‫جدواها يف محاية الالجئني وأتمني حقوقهم‪.‬‬

‫‪61‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫اثنيًا‪ :‬منهج البحث‪:‬‬

‫ملا تقدم‪ ،‬سنتبع املنهج الوصفي التحليلي القائم على حتليل الكتاابت الفقهية حول تعريف احلق يف اللجوء وطبيعته القانونية‪.‬‬
‫كما سنتبع كذلك املنهج املقارن القائم على مقارنة ومقاربة النصوص الدستورية اليت كرست احلق يف اللجوء للوقوف على موقف‬
‫األنظمة املقارنة من أساس احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪ ،‬وجدوى احلماية الدستورية هلذا احلق‪.‬‬

‫اثلثًا‪ :‬خطة البحث‪:‬‬

‫يستدعي التطرق ملوضوع احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪ ،‬التعرض بدايًة ملفهوم احلق يف اللجوء‪ ،‬مث بيان أساس احلماية‬
‫الدستورية هلذا احلق‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬سوف نقسم هذا البحث إىل مبحثني رئيسيني‪ :‬نتناول يف أوهلما مفهوم احلق يف اللجوء من خالل بيان مضمون هذا‬
‫احلق وطبيعته القانونية‪ ،‬ويف اثنيهما‪ ،‬نتناول أساس احلماية الدستورية للحق يف اللجوء من خالل بيان موقف النظم املقارنة من‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪ ،‬وجدوى هذه احلماية‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬

‫‪ -‬املبحث األول‪ :‬مفهوم احلق يف اللجوء‪.‬‬

‫‪ ‬املطلب األول‪ :‬تعريف احلق يف اللجوء‪.‬‬

‫‪ ‬املطلب الثاين‪ :‬الطبيعة القانونية للحق يف اللجوء‪.‬‬

‫‪ -‬املبحث الثاين‪ :‬أساس احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪.‬‬

‫‪ ‬املطلب األول‪ :‬موقف األنظمة املقارنة من احلق يف اللجوء‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬جدوى احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪.‬‬

‫املبحث األول‪:‬‬
‫مفهوم حق اللجوء وأساسه الدستوري‬

‫ابلرغم من تزايد االهتمام منذ بداايت القرن العشرين حبق األفراد يف اللجوء على املستويني الدويل والوطين‪ ،‬فإن الغالبية‬
‫العظمى من التشريعات الوضعية واملواثيق الدولية اليت تناولت هذا احلق قد افتقرت لتعريف جامع مانع ملصطلح "اللجوء" ‪ -‬أو‬
‫عوضا عن ذلك على بيان مفهوم الالجئ‪،‬‬ ‫"امللجأ" كما يسميه البعض ‪ -‬الذي يتعلق به هذا احلق‪ ،‬حيث ركزت أحكامها ً‬
‫‪3‬‬
‫ونطاق حق اللجوء‪.‬‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪62‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫ويرجع السبب الرئيسي يف اعتقادان لغياب تعريف موحد أو متفق عليه ملصطلح اللجوء إىل عدم رغبة الدول ذاهتا يف تبين‬
‫مثل هذا التعريف‪ ،‬خشية أن يؤدي ذلك فيما بعد إىل تقييد سلطتها يف قبول أو رفض من يلتمسون محايتها‪ ،‬السيما‪ ،‬وأن‬
‫املمارسات الدولية يف هذا اخلصوص قد أثبتت أن استجابة احلكومات إىل طلبات توفري احلماية الالجئني غالبًا ما تكون مدفوعة‬
‫بتحقيق مصاحلها الذاتية أو الشخصية‪ ،‬وليست حمض استجابة لدوافع إنسانية كما قد يتبادر إىل ذهن البعض‪4.‬‬

‫وعلى أية حال‪ ،‬فقد جنم عن هذا الغياب على املستويني الوطين والدويل انقسام حاد بني الفقه حول مسألتني رئيسيتني؛‬
‫تتعلق أوالمها بتعريف حق امللجأ‪ ،‬واثنيهما بتحديد الطبيعة القانونية هلذا احلق‪ ،‬وسوف نتناول اخلالف الفقهي حول هاتني‬
‫املسألتني يف مطلبني رئيسيني على النحو التايل‪:‬‬

‫‪ -‬املطلب األول‪ :‬تعريف احلق يف اللجوء‪.‬‬

‫‪ -‬املطلب الثاين‪ :‬الطبيعة القانونية للحق يف اللجوء‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف احلق يف اللجوء‬

‫أدى غياب التعريفات الوضعية لفكرة "اللجوء" أو "امللجأ" يف التشريعات الداخلية واملواثيق الدولية – كما أشران سل ًفا ‪-‬‬
‫إىل انقسام حاد يف الفقه حول مسألة إجياد تعريف موحد ومتفق عليه هلذه الفكرة‪ ،‬وبناء عليه فسوف حناول من خالل هذا‬
‫أوال‪ ،‬مث التطرق إىل املفهوم االصطالحي لذات الفكرة من خالل استعراض أهم‬
‫املطلب بيان املفهوم اللغوي لفكرة امللجأ ً‬
‫االجتاهات الفقهية املقول هبا يف هذا اخلصوص‪.‬‬

‫أوال‪ :‬املفهوم اللغوي للملجأ‬


‫‪ً -‬‬

‫"اللجوء" يف اللغة العربية هو اسم مشتق من كلمة "جلأ"‪ ،‬ويعىن أحتمى أو أوي‪ ،‬فيقال جلأ الشخص إىل املكان‪ ،‬أي‬
‫‪5‬‬
‫قصده واحتمى به‪ ،‬أو جلأ الشخص إىل فالن‪ ،‬أي استند إليه واعتضد به‪.‬‬

‫صن ‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬


‫سبق‪ ،‬فهو اسم مكان مشتق كذلك من "جلَأَ"‪ ،‬ويعىن يف اللغة املَْعقل ‪ ،‬أو احل ْ‬
‫وال خيتلف معىن "امللجأ" عما ً‬
‫‪6‬‬
‫املالذ ؛ أو املكا ٌن الذي حُْيتَمى به‪.‬‬
‫َ‬
‫ويف اللغة اإلجنليزية‪ ،‬يعرف اللجوء بلفظ ‪ ،Asylum‬وهو لفظ مشتق من املصطلح اليوانين القدمي ‪ Asylon‬مبعىن‬
‫احلماية من املصادرة أو ‪ ،“freedom from seizure”7‬وقد استخدم هذا اللفظ قدميًا للداللة على امللجأ أو احلصن‬
‫‪8‬‬
‫الذي أيوي إليه الشخص بقصد االحتماء ممن يطارده‪.‬‬

‫‪63‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫ويرتتب على ما تقدم من معاين أن املفهوم اللغوي للملجأ أو اللجوء إمنا ينصرف يف األساس إىل احلماية اليت يسعى‬
‫شخص ما يف احلصول عليها ملواجهة املخاطر اليت تالحقه‪ ،‬سواء متثلت هذه احلماية يف وجوده مبكان ما ُيتمى بداخله ويتحصن‬
‫به‪ ،‬وإما ابالستعانة بشخص ما يستند عليه ويعتضد به‪.‬‬

‫‪ -‬اثنيًا‪ :‬املفهوم االصطالحي للملجأ‬

‫كثريا عن‬
‫وإذا كان ما تقدم بعكس املفهوم اللغوي لفكرة امللجأ‪ ،‬فإن املفهوم االصطالحي لذات الفكرة‪ ،‬وإن مل يبتعد ً‬
‫اسعا بني الفقه نتيجة اختالفهم بشأن العناصر األساسية اليت يتعني أن يشتمل عليها التعريف‪.‬‬
‫جدال و ً‬
‫املفهوم اللغوي‪ ،‬قد شهد ً‬

‫ومن أهم االجتاهات الفقهية اليت تطرقت إىل تعريف امللجأ‪ ،‬ذلك االجتاه الذي يرى أن حق اللجوء ما هو إال " محاية‬
‫متنحها إحدى الدول لفرد أو جملموعة من األفراد التمسوا احلصول عليها على إقليمها‪ ،‬أو أي إقليم آخر خاضع ألحد أجهزهتا‪".‬‬
‫‪9‬‬

‫ويعيب هذا االجتاه كونه قد جاء بعبارات واسعة وفضفاضة يصعب معها استخالص العناصر األساسية اليت يتكون منها‬
‫امللجأ‪ .‬فمن انحية‪ ،‬مل ُيدد هذا التعريف نوعية احلماية اليت متنحها الدولة أو سندها القانوين‪ .‬ومن انحية أخرى‪ ،‬مل يتطرق هذا‬
‫التعريف إىل األشخاص اليت ميكنها االستفادة من هذه احلماية أو ح ى الشرو الواجب توافرها يف حقهم‪ ،‬وهو ما يتعارض مع‬
‫‪10‬‬
‫الغاية من فكرة اللجوء ذاهتا اليت تفرتض توافر شرو معينة يف أشخاص من ميكنهم احلصول على هذا احلق‪.‬‬

‫ويرى اجتاه آخر أن امللجأ ينصرف إىل "احلماية القانونية اليت متنحها إحدى الدول داخل إقليمها أو داخل أي إقليم آخر‬
‫‪11‬‬
‫خارج حدودها متارس عليه والية فعلية ألحد األجانب يف مواجهة االضطهاد الذي متارسه ضده أي دولة أخرى‪".‬‬

‫وقد تعرض هذا الرأي بدوره للنقد بسبب عدم إملامه جبميع العناصر اجلوهرية لفكرة امللجأ‪ ،‬حيث قصر تعريف امللجأ على‬
‫جماال‬
‫حاالت االضطهاد السياسي وحدها دون غريها‪ ،‬وذلك الرغم من أن املمارسات الدولية هلذا احلق قد أثبتت مبا ال يدع ح‬
‫للشك اتساع مفهوم اللجوء ليشمل ليس فقط مرتكيب اجلرائم السياسية‪ ،‬أو املعارضني حلكوماهتم‪ ،‬وإمنا ليشمل كذلك النازحني‬
‫‪12‬‬
‫عن دايرهم بسبب الكوارث البيئية أو الصراعات الداخلية أو احلروب أهلية‪.‬‬

‫وقد ذهب جانب اثلث من الفقه إىل تعريف امللجأ أبنه من " االختصاصات املقصورة على الدولة وحدها‪ ،‬وأنه ‪ -‬يف‬
‫أوال‪ :‬املأوى الذي هو أكثر من مالذ مؤقت‪ ،‬واثنيًا‪ :‬درجة من احلماية اإلجيابية تقوم‬
‫املفهوم املعاصر ‪ُ -‬يتوي على عنصرين ومها؛ ً‬
‫‪13‬‬
‫هبا السلطة املشرفة على إقليم امللجأ‪".‬‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪64‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫وهذا التعريف مل يقوى هو اآلخر على الرد‪ ،‬حيث خال كسابقيه من العناصر األساسية اليت يتعني أن يشتمل عليها تعريف‬
‫حق اللجوء‪ .‬فلم يبني من انحية أوىل مضمون أو طبيعة "احلماية اإلجيابية" اليت تلتزم الدولة بتوفريها لالجئني‪ .‬كما مل يبني من‬
‫‪14‬‬
‫انحية أخرى أشخاص املستفيدين من هذه احلماية‪.‬‬

‫وعرف جانب رابع من الفقه حق اللجوء أبنه "محاية قانونية ذات طابع مؤقت متنحها دولة‪ ،‬تسمى دولة امللجأ‪ ،‬سواء يف‬
‫داخل إقليمها املادي أو يف أماكن معينة تقع خارجه‪ ،‬ألجنيب تتوافر فيه صفة "الجئ" يف نظر القانون الدويل‪ ،‬وذلك يف مواجهة‬
‫‪15‬‬
‫أعمال دولة أخرى تسمى الدولة األصلية أو دولة االضطهاد‪".‬‬

‫وابلرغم من الوجاهة الظاهرة هلذا الرأي بسبب تالفيه لبعض املثالب اليت شابت التعريفات السابقة‪ ،‬فقد تعرض بدوه للنقد‬
‫لسببني رئيسيني؛ يكمن أوهلما يف كونه ال مينح امللجأ إال ملواجهة املخاطر أو األعمال اليت تقوم هبا دولة أخرى‪ ،‬سواء أكانت‬
‫دولة الالجئ األصلية أو الدولة اليت تقوم ابضطهاده‪ ،‬ومن مث ينكر هذا االجتاه صفة امللجأ على احلماية املمنوحة يف مواجهة‬
‫املخاطر أو األعمال ال ميكن اسنادها إىل دولة بعينها‪ ،‬كتلك املخاطر الناشئة عن الكوارث الطبيعية أو احلروب والصراعات‬
‫شديدا مع الغاية من إقرار حق اللجوء أال وهي "إقرار احلماية واألمن لألشخاص‬
‫تعارضا ً‬
‫الداخلية‪ ،‬وهو ما رأي فيه بعض الفقه َ‬
‫الذين تتعرض حياهتم ‪.‬وحقوقهم للخطر داخل دولتهم األصلية‪ .‬إذ أن العربة هنا هي هدم قدرة الدولة أو عدم رغبتها يف توفري‬
‫احلماية أو األمان لطاليب اللجوء"‪ 16.‬أما السبب اآلخر‪ ،‬فيكمن بشكل أساسي يف غياب تعريف موحد ومتفق عليه على مستوى‬
‫‪17‬‬
‫االتفاقات الدولية والعرف الدويل ملضمون مصطلح الالجئ الذي تطلبها هذا الرأي كشر أساسي لالستفادة من احلماية‪.‬‬

‫ونعتقد أن من أفضل التعريفات اليت قيل هبا يف تعريف امللجأ‪ ،‬ذلك التعريف الذي ذهب إىل أن مفهوم امللجأ ينصرف إىل‬
‫"احلماية القانونية اليت تقررها دولة معينة يف إقليمها أو يف منطقة خاضعة لسيادهتا‪ ،‬لشخص يوجد خارج دولة جنسيته أو حمل‬
‫إقامته العادية إذا كان عدمي اجلنسية مبناسبة تعرضه لالضطهاد بسبب عرقه‪ ،‬أو دينه‪ ،‬أو جنسيته‪ ،‬أو آراءه السياسية‪ ،‬أو انتمائه‬
‫إىل فئة اجتماعية‪ ،‬أو بسبب وجود عدوان مسلط على هذه الدولة أو احتالله أو السيطرة عليه أو لوقوع كوارث طبيعية أو‬
‫أحداث جسيمة ترتب عليها إخالل جسيم ابلنظام العام‪ ،‬يف ظل عدم قدرة أو رغبة دولة جنسيته أو حمل إقامته على توفري‬
‫‪18‬‬
‫احلماية املالئمة له‪".‬‬

‫ويكمن السبب الرئيسي من وجهة نظران يف تفضيل ذلك التعريف على سابقيه يف كونه قد جاء متف ًقا مع التطورات الراهنة‬
‫ألوضاع الالجئني على املستوى الدولة‪ ،‬حيث اشتمل على العناصر األساسية اليت أفرزها تطور مفهوم فكرة امللجأ يف ظل أحكام‬
‫القانون الدويل ابلتطبيق ألحكام االتفاقية اخلاصة أبوضاع‬

‫‪65‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫الالجئني لعام ‪ 19،1951‬وبروتوكوهلا اإلضايف لعام ‪ 20،1967‬وما تالها من اتفاقيات دولية أو إقليمية الحقة ذات صلة‬
‫‪22‬‬
‫ابحلق يف اللجوء‪ ،‬وعلى رأسها‪ ،‬كاالتفاقية اخلاصة مبشاكل الالجئني يف أفريقيا‪ 21،‬واالتفاقية األمريكية للجوء اإلقليمي‪.‬‬

‫ويتألف هذا التعريف من أربعة عناصر أساسية‪ ،‬أال وهي؛‬

‫أوال‪ :‬احلماية القانونية‪ ،‬وهي تلك احلماية اليت يرتتب على منحها عدد من اآلاثر القانونية جتاه املستفيد منها من انحية‪،‬‬
‫ً‬
‫وجتاه الدولة ذاهتا ماحنة احلماية من انحية أخرى‪ ،‬فينشأ لكل منهما حقوق ويتحمل كل منهما ابلتزامات‪ ,‬وختتلف احلماية‬
‫القانونية على هذا النحو عما يطلق عليه البعض احلماية املادية‪ ،‬وهي تلك احلماية اليت قد يتمتع هبا الشخص بسبب حتصنه أو‬
‫‪23‬‬
‫احتمائه يف مكان ما ضد املخاطر اليت تالحقه‪.‬‬

‫اثنيًا‪ :‬سبب منح امللجأ؛ وقد توسع التعريف يف شأن أسباب منح احلماية‪ ،‬إذا مل يقصر حاالت منح امللجأ على حاالت‬
‫مواجهة املخاطر أو األعمال اليت تقوم هبا دولة أخرى‪ ،‬وإمنا وسع من مفهوم امللجأ ليشمل احلماية املمنوحة يف مواجهة غري ذلك‬
‫من املخاطر‪ ،‬كتلك املخاطر الناشئة عن الكوارث الطبيعية أو احلروب والصراعات الداخلية‪.‬‬

‫اثلثًا‪ :‬مكان منح امللجأ‪ ،‬وقد وسع التعريف من مفهوم مكان احلماية‪ ،‬حيث مل يقصره فحسب على األقاليم التابعة للدولة‬
‫املاحنة‪ ،‬وإمنا مده ليشمل كذلك حق الدولة يف منح احلماية على أي مكان أو منطقة خاضعة لسيادهتا‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬األشخاص املستفيدين من امللجأ‪ ،‬وهو العنصر الرابع واألخري يف التعريف‪ .‬وقد جاء تعريف أشخاص املستفيدين‬
‫رً‬
‫من هذا احلق مواف ًقا ملا استقر عليه القانون الدويل يف شان الشرو اخلاصة الكتساب صفة الالجئ‪ ،‬فاشرت يف الالجئ – على‬
‫اجدا خارج دولة جنسيته‪ ،‬أو خارج حمل‬
‫غرار ما قضت به االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني لعام ‪ - 1951‬إما أن يكون متو ً‬
‫إقامته العادية إذا كان عدمي اجلنسية‪ 24.‬بل وقد وسع التعريف من نطاق األشخاص املستفيدين من احلق يف امللجأ‪ ،‬فلم يقصر‬
‫حق امللجأ على من كانوا عرضة لالضطهاد بسبب العرق‪ ،‬أو الدين‪ ،‬أو اجلنسية‪ ،‬أو آراءهم السياسية‪ ،‬أو االنتماء إىل فئة‬
‫اجتماعية معينة كما نصت االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني‪ 25،‬وإمنا أدخل يف مفهوم الالجئ كذلك النازحني بسبب وجود‬
‫‪26‬‬
‫عدوان‪ ،‬أو احتالل‪ ،‬أو سيطرة‪ ،‬أو كوارث طبيعية‪ ،‬أو أحداث جسيمة مسلطة على إقليم دولتهم األصل‪.‬‬

‫وجتدر اإلشارة يف هناية حديثنا عن هذه اجلزئية‪ ،‬إىل أنه ابلرغم من االختالف الفقهي الواسع حول مصطلح امللجأ أو‬
‫اللجوء‪ ،‬فإن هذا اخلالف سرعان ما يتالشى عند تناول مفهوم فكرة اللجوء كحق من احلقوق األساسية لإلنسان وليس كمجرد‬
‫فكرة أو مصطلح‪ ،‬حيث يتفق الفقه على أن متتع األفراد هبذا احلق يلقي على عاتق الدولة ماحنة اللجوء مبجموعة من االلتزامات‬
‫يكمن أمهها فيما يلي؛‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪66‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫‪ -1‬السماح لالجئ بدخول إقليمها‬

‫‪ -2‬السماح لالجئ ابلبقاء واإلقامة يف إقليمها‬

‫‪ُ -3‬يظر على الدولة طرد الالجئ أو إبعاده من إقليمها‬

‫‪ُ -4‬يظر على الدولة تسليم الالجئني إىل دوهلم األصلية‬

‫‪ُ -5‬يظر على الدولة تقييد حرية الالجئ أو اختاذ أية إجراءات قانونية وقضائية يف مواجهته بسبب أعمال ارتكبها يف دولته‬
‫‪27‬‬
‫األصلية‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬الطبيعة القانونية للحق يف اللجوء‬

‫مل يقف اخلالف الفقهي عند حد االختالف حول إجياد تعريف موحد لفكرة اللجوء أو امللجأ – كما بينا يف املطلب‬
‫املتقدم – وإمنا أاثرت كذلك مسألة الطبيعة القانونية هلذا احلق حفيظة واهتمام الفقه منذ بداايت القرن العشرين‪ ،‬حيث انقسم‬
‫الفقه إىل ثالثة اجتاهات رئيسية؛ يذهب األول منها إىل أن احلق يف اللجوء هو حق من حقوق األفراد‪ ،‬ويذهب االجتاه الثاين إىل‬
‫أن احلق يف اللجوء هو حق مقرر للدول دون األفراد‪ ،.‬أما االجتاه الثالث‪ ،‬فريى أن اللحق يف اللجوء هو من قبيل احلقوق املركبة‬
‫معا‪ .‬وسوف نبني فيما يلي مضمون وأساس كل من هذه االجتاهات‪:‬‬
‫اليت حتتوي بداخلها على حق للدول واألفراد ً‬

‫االجتاه األول‪ :‬حق اللجوء هو حق من حقوق األفراد‪.‬‬

‫يذهب أنصار هذا االجتاه‪ ،‬وينتمي أغلبيتهم إىل أنصار املدرسة الطبيعية‪ ،‬إىل أن احلق يف اللجوء هو حق من احلقوق‬
‫املقررة للفرد يف مواجهة الدولة‪ ،‬فيكون له مبوجبه أن ينعم حبماية الدولة اليت يسعى للجوء إليها م ى استويف للشرو والضوابط‬
‫‪28‬‬
‫املقررة دوليًا الكتساب صفة "الالجئ"‪.‬‬

‫غري أن أنصار هذا االجتاه قد اختلفوا فيما بينهم حول أساس هذا احلق؛ ففي حني ذهب جانب منهم إىل أن هذا احلق‬
‫جيد أساسه يف فكرة "اجملتمع العاملي" اليت تحلزم كل دولة عضو يف اجملتمع الدويل‪ ،‬ابعتبارها انئبة عن اجملتمع العاملي يف محاية كرامة‬
‫الفرد واحملافظة على السلم والنظام الدوليني‪ ،‬مبنح األفراد الفارين من االضطهاد أو الطغيان يف بلداهنم حق امللجأ يف أقاليمها‪،‬‬
‫ذهب جانب آخر من الفقه إىل أن أساس حق األفراد يف امللجأ هو القانون الطبيعي‪ ،‬وذلك على اعتبار ان احلق يف امللجأ ما هو‬
‫‪29‬‬
‫مجيعا‪.‬‬
‫إال أحد احلقوق املنبثقة من حق األفراد يف اختيار مكان إقامتهم‪ ،‬وهو أحد احلقوق الطبيعية اليت يتمتع هبا البشر ً‬

‫‪67‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫كما اختلف أنصار هذا الرأي كذلك حول نطاق هذا احلق؛ فبينما ذهب بعض منهم أن احلق يف امللجأ هو حق "اتم" أو‬
‫"كامل" ميكن لألفراد التمسك به واملطالبة ابقتضائه يف مواجهة أي دولة‪ ،‬ويتعني حينها على هذه الدولة إجابته إىل طلبه ومنحه‬
‫احلماية الالزمة‪ ،‬ذهب بعض آخر‪ ،‬إىل ان احلق يف اللجوء هو حق انقص‪ ،‬مرهون يف املقام األول واألخري مبشيئة الدولة اليت‬
‫‪30‬‬
‫يسعى الالجئ يف احلصول على محايتها‪.‬‬

‫االجتاه الثاين‪ :‬حق اللجوء هو حق من حقوق الدولة‪.‬‬

‫يذهب أنصار هذا االجتاه‪ ،‬وهم من أنصار املدرسة التقليدية‪ ،‬إىل أن احلق يف اللجوء إمنا هو حق خالص للدولة خيوهلا‬
‫سلطة واسعة يف قبول أو رفض طلبات األفراد ابللجوء إليها‪ ،‬وف ًقا ملا متليه عليها مصاحلها اخلاصة‪ ،‬ودون أن يكون هلؤالء األفراد‬
‫التمسك أو املطالبة ابقتضاء هذا احلق يف مواجهة الدول‪ 31.‬مبعىن آخر‪ ،‬فإن احلق يف اللجوء ال يعدو أن يكون منحة متلك الدولة‬
‫‪32‬‬
‫منحها ملن تشاء على أراضيها وف ًقا لسلطنها التقديرية‪.‬‬

‫مصدرا هلذا احلق‪ ،‬حيث يستندون يف دعم وجهة نظرهم على‬


‫ً‬ ‫ويرى أنصار هذا االجتاه يف قواعد القانون الدويل العام‬
‫النظرية اإلرادية املعروفة يف قواعد القانون الدويل العام‪ ،‬واليت ترى أن قواعد القانون الدويل إمنا تستمد قوهتا اإللزامية من رضاء‬
‫الدول – الصريح أو الضمين ‪ -‬أعضاء اجملتمع الدويل‪ ،‬وأهنا لذلك تتوجه ابخلطاب يف األساس إىل الدول وليس األفراد‪ ،‬وابلتايل‪،‬‬
‫فإن الدول وحدها دون األفراد هي من تتمتع بصالحية اكتساب احلقوق الناشئة عن هذا القانون ويف مقدمتها احلق يف‬
‫‪33‬‬
‫اللجوء‪.‬‬

‫االجتاه الثالث‪ :‬حق اللجوء هو حق مركب‪.‬‬

‫يرى االجتاه الثالث‪ ،‬والذي منيل إىل األخذ به‪ ،‬أن احلق يف اللجوء إمنا هو حق مركب‪ ،‬يتكون يف حقيقته من ثالثة حقوق‬
‫أوال‪ ،‬حق الدولة يف منح‬
‫متميزة‪ ، the three faceted conception of the right of asylum‬أال وهي؛ ح‬
‫‪34‬‬
‫امللجأ‪ ،‬واثنيًا‪ ،‬حق الفرد يف التماس امللجأ‪ ،‬واثلثًا‪ ،‬حق الفرد يف احلصول على امللجأ‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬حق الدولة يف منح امللجأ ‪:the right of a state to grant asylum‬‬
‫‪ً -‬‬

‫هو من احلقوق الثابتة واملستقر عليها يف القانون الدويل‪ ،‬حيث خيول هذا احلق الدولة اختصاص مقصور يف قبول طلبات‬
‫اللجوء أو رفضها طب ًقا ملشيئتها احلرة‪ ،‬ومبا يتفق وحتقيق مصاحلها‪ 35.‬وجيد هذا احلق أساسه يف املبدأ القانوين القائل ابن كل‬
‫الدولة هلا سلطة سيادية على إقليمها وعلى املقيمني داخل إقليمها ‪“every sovereign state is deemed to‬‬
‫‪have exclusive control over its‬‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪68‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫‪36‬‬
‫”‪.territory and hence over persons present in its territory‬‬

‫ومن أهم الواثئق الدولية اليت كفلت هذا احلق للدول اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ ،‬حيث يذهب غالبية فقه القانون‬
‫الدويل العام إىل تفسري نص املادة الرابعة عشر من اإلعالن ‪ -‬والذي ينص على "يكون لكل فرد احلق يف التماس ملجأ يف بلدان‬
‫خالصا من االضطهاد"‪ - 37‬على حنو مينح الدول أعضاء اجملتمع الدويل سلطة تقديرية واسعة يف منح اللجوء‬
‫ً‬ ‫أخرى والتمتع به‬
‫‪38‬‬
‫أو رفضه‪.‬‬

‫ومن الواثئق الالحقة اليت كفلت هذا احلق للدول بشكل أكثر صراحة إعالن اللجوء اإلقليمي ‪Declaration of‬‬
‫‪ Territorial Asylum‬الصادر من اجلمعية العامة لألمم املتحدة عام ‪ ،1967‬حيث أكد اإلعالن يف مادته األوىل ضرورة‬
‫‪39‬‬
‫احرتام حق الدول يف منح امللجأ مبا هلا من سلطة سيادية كاملة‪ ،‬وعلى كامل سلطتها يف تقدير مربرات منح هذا امللجأ‪.‬‬

‫ومن الواثئق اإلقليمية اليت كفلت هذا احلق على حنو صريح االتفاقية اخلاصة مبشاكل الالجئني يف أفريقيا‪ ،‬حيث حثت‬
‫املادة الثانية منها الدول أعضاء منظمة الوحدة األفريقية على بذل "أقصى مساعيها ومبا يتفق مع تشريعاهتا اخلاصة الستقبال‬
‫الالجئني‪ 40".‬وتضمنت االتفاقية األمريكية للجوء اإلقليمي نص مماثل للنص األفريقي‪ ،‬حيث نصت املادة األوىل منها على حق‬
‫كل دولة يف االتفاقية‪ ،‬مبا هلا من سلطة وسيادة‪ ،‬يف منح اللجوء ملن تشاء من األفراد‪ ،‬ودون أن يكون لغريها من الدول االعرتاض‬
‫على املمارسات املرتبطة هبذا احلق‪ 41.‬وأكدت الدول األوروبية حقها يف منح اللجوء ملن تشاء من األفراد مبوجب اإلعالن اخلاص‬
‫‪42‬‬
‫ابللجوء اإلقليمي والصادر من جلنة الوزراء التابع جمللس االحتاد األورويب‪.‬‬

‫‪ -‬اثنيًا‪ ،‬حق األفراد يف التماس امللجأ ‪:the right of an individual to seek asylum‬‬

‫وهذا احلق هو حق فردي‪ ،‬يتمتع به كل الجئ يف مواجهة دولته األصلية‪ ،‬حيث مينحه حرية مغادرة دولته حبثًا عن اللجوء‬
‫مقابال على عاتق هذه األخرية بقبوله أو منحه احلماية‪ 43.‬ويرتبط هذا احلق ارتباطًا وثي ًقا‬
‫يف دولة أخرى‪ ،‬دون أن يفرض التز ًاما ً‬
‫حبق األفراد يف التنقل‪ ،‬وجيد سنده الرئيسي يف املبدأ القانوين القائل أبن الدول ال متتلك مواطنيها أو املقيمني فيها ‪“a state‬‬
‫‪may not claim to own its nationals or residents.”44‬‬

‫وقد كرست هذا احلق عديد من املواثيق الدولية واإلقليمية كاإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ ،‬والعهد الدويل للحقوق‬
‫املدنية والسياسية‪ ،‬والربوتوكول رقم ‪ 4‬امللحق ابالتفاقية األوروبية حلماية حقوق اإلنسان وحرايته األساسية‪ ،‬واالتفاقية األمريكية‬
‫حلقوق اإلنسان‪ ،‬وامليثاق العريب حلقوق اإلنسان‪ ،‬حيث اشتملت هذه الواثئق على نصوص تؤكد حق كل فرد "يف مغادرة أي‬
‫‪45‬‬
‫بلد‪ ،‬مبا يف ذلك بلده"‪.‬‬

‫‪69‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫‪ -‬اثلثًا‪ ،‬حق الفرد يف احلصول على امللجأ ‪the right of an individual to be granted‬‬
‫‪:asylum‬‬

‫يقصد حبق الفرد يف احلصول على اللجوء حق الالجئ يف اقتضاء امللجأ أو التمسك به يف مواجهة الدولة اليت يسعى إىل‬
‫احلصول على محايتها‪ 46.‬مبعىن آخر‪ ،‬فإن هذا احلق املقرر لألفراد يقابله التز ًاما على عاتق الدولة مبنح امللجأ داخل أقاليمها‬
‫‪47‬‬
‫لالجئني‪.‬‬

‫وهذا احلق ابلرغم من أمهيته وارتباطه الوثيق مبقتضيات محاية حقوق اإلنسان وحرايته األساسية‪ ،‬فإنه مل ُيظى ‪ -‬على‬
‫خالف سابقيه ‪ -‬بقبول يف األوسا الدولية واحمللية‪ ،‬إذ الزالت الغالبية العظمى من الدول وفقه القانون الدويل العام تنكر على‬
‫‪48‬‬
‫األفراد وجود مثل هذا احلق يف مواجهة الدول ملا فيه من تقييد إلرادة الدول‪ ،‬وانتقاص من اعتبارات سيادهتا على إقليمها‪.‬‬

‫ويدعم هذا االستنتاج من انحية أوىل خلو الغالبية العظمى من املواثيق الدولية واإلقليمية املعنية حبقوق اإلنسان على وجه‬
‫احة أو ضمنًا‪ ،‬وليس أدل على ذلك من أن االتفاقية‬
‫العموم أو حق اللجوء على وجه اخلصوص من النص على هذا احلق صر ً‬
‫متاما من أية نصوص‬
‫اخلاصة أبوضاع الالجئني لعام ‪ ،1951‬واليت تعترب أساس النظام القانوين الدويل حلماية الالجئني‪ ،‬قد خلت ً‬
‫‪49‬‬
‫ختول الالجئني مثل هذا احلق أو تقيد من نطاق سلطة الدولة التقديرية يف هذا اخلصوص‪.‬‬

‫كما يؤكد هذا االستنتاج كذلك رفض الغالبية العظمى من الدول أعضاء اجملتمع الدويل للمقرتح األويل لنص املادة الرابعة‬
‫عشر من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ ،‬والذي اعرتف صراحة لألفراد ابحلق يف احلصول على امللجأ‪ ،‬حيث كانت الصياغة‬
‫نظرا العرتاض‬
‫املقرتحة تنص على "حق كل فرد احلق يف أن يلتمس‪ ،‬وأن حمينح امللجأ يف بلدان أخرى هرًاب من االضطهاد"‪ ،‬ولكن ً‬
‫غالبية الدول آنذاك على الصياغة املتقدمة‪ ،‬بدعوى أهنا تنطوي على انتهاك صارخ لسيادهتا وإهدار فادح حلقها يف منح اللجوء‪،‬‬
‫فقد استبدلت عبارة "أن مينح امللجأ ‪ "the right to be granted asylum‬بعبارة "أن يتمتع ابمللجأ ‪to enjoy‬‬
‫مرهوان إبرادة‬
‫‪ ،"asylum‬وهو ما يعين أن اإلعالن العاملي ال يعرتف لألفراد ابحلق يف احلصول على امللجأ‪ ،‬وإمنا يظل هذا ً‬
‫‪50‬‬
‫الدولة ماحنة اللجوء‪ ،‬واليت هلا كامل السلطة التقديرية يف منح اللجوء من عدمه‪.‬‬

‫املبحث الثاين ‪:‬‬

‫أساس احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‬

‫مل ُيظى احلق يف اللجوء ابالهتمام على مستوى القانون الدويل فحسب‪ ،‬وإمنا كرسته كذلك عديد من الدساتري املقارنة يف‬
‫صلب نصوصها منذ ما يزيد على قرنني من الزمان‪51.‬‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪70‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫وقد اكتسبت احلماية الدستورية أمهية خاصة يف ظل عدم فاعلية النظام الدويل يف احلد من ظاهرة انتشار الالجئني‪،‬‬
‫وأتمني حقوقهم وحرايهتم األساسية‪ .‬كما تزداد أمهية هذه احلماية يف ظل ما أشارت إليه بعض التقارير واإلحصائيات العاملية من‬
‫زايدات غري مسبوقة يف أعداد الالجئني خالل األعوام املقبلة بسبب تغري الظروف املناخية يف كثري من بلدان العامل‪.‬‬

‫وسوف نتوىل من خالل هذا املبحث بيان موقف األنظمة املقارنة من احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪ ،‬مث جدوى هذه‬
‫احلماية‪ ،‬وذلك يف مطلبني رئيسيني على النحو التايل‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬موقف األنظمة املقارنة من احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬جدوى احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬موقف األنظمة املقارنة من احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‬

‫ظهر احلق يف امللجأ كحق دستوري ألول مرة يف دستور دولة كولومبيا السابق الصادر يف ‪ 4‬إبريل عام ‪ 1811‬كنظام‬
‫لتعميق وتعزيز عالقات السالم والصداقة مع مجيع األمم ‪“a system of peace and amity with all‬‬
‫”‪ ،nations‬وقد منح الدستور احلق يف اللجوء ألي أجنيب يبتغي العيش بسالم حتت قوانني وأحكام االحتاد‪52".‬‬

‫جمددا يف دستور دولة نيكاراجوا‪ ،‬حيث نصت املادة‬


‫ويف عام ‪ ،1893‬أي م بعد قرابة مثانني عام تقريبًا‪ ،‬ظهر حق امللجأ ً‬
‫‪ 9‬منه على "أن مجهورية نيكاراجوا متثل مال ًذا آمنًا جلميع الالجئني املتواجدين على أقاليم الدولة‪ 53"،‬واعرتفت املادة ‪ 11‬منه‬
‫لالجئني يف ابحلق يف التملك والتمتع بكامل احلقوق املدنية اليت كفلها الدستور‪54".‬‬

‫وحبلول عام ‪ ،1946‬بلغ عدد الدساتري اليت كرست احلق يف امللجأ يف ثنااي نصوصها حواىل ‪ %11‬من دساتري دول‬
‫العامل‪ ،‬وقد زادت هذه النسبة يف عام ‪ 1950‬إىل ما يقرب من ‪ % 19‬من دول العامل‪ ،‬ويرتبط السبب الرئيسي هلذه الزايدة‬
‫امللحوظة يف هذه الفرتة الوجيزة بظروف احلرب العاملية الثانية‪ ،‬حيث حرصت كثري من الدول إابن هذه الفرتة على تكريس حق‬
‫امللجأ يف دساتريها كنوع من رد اجلميل أو العرفان للدول اليت استضافت مواطنيها وقت احلرب‪ 55.‬أما اليوم‪ ،‬فقد وصل عدد‬
‫‪56‬‬
‫الدساتري اليت كرست احلق يف امللجأ‪ ،‬سواء بشكل صريح أو ضمين‪ ،‬إىل ما يقارب ‪ %35‬من الدساتري املقارنة‪.‬‬

‫وإذا كان مفاد ما تقدم أن احلق يف اللجوء صار أحد احلقوق األساسية يف أكثر من ثلث دول العامل‪ ،‬إال أن الدساتري اليت‬
‫موحدا من احلق يف امللجأ‪ ،‬وإمنا تباينت فيما بينها بشأن كيفية كفالة هذا احلق‪ ،‬وكذا خبصوص‬
‫كرست هذا احلق مل تتبىن موق ًفا ً‬
‫نطاق احلماية الدستورية اليت يكفلها هذا احلق‪.‬‬

‫‪71‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫فعن التمييز بني الدساتري على أساس كيفية كفالة احلق يف اللجوء‪ ،‬ميكننا التمييز يف هذا اخلصوص بني ثالثة اجتاهات‬
‫رئيسية‬

‫االجتاه األول‪ :‬وفيه ذهبت الدساتري املنتمية هلذا االجتاه إىل كفالة هذا احلق صراحة يف نصوصها مع‬ ‫‪‬‬

‫بيان مضمونه‪ ،‬ومن الدساتري اليت أخذت هبذا االجتاه دستور دولة ابراغواي‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 43‬منه على أن‬

‫"تكفل ابراغواي احلق يف اللجوء السياسي والدبلوماسي جلميع األشخاص املضطهدين ألسباب أو جرائم سياسية‪،‬‬

‫أو جلرائم عادية مرتبطة هبا‪ ،‬أو آلرائهم أو معتقداهتم‪ .‬وجيب على السلطات يف احلال منح واثئق التعريف الشخصي‬

‫ودولة البيرو‪ 59،‬ودولة هايتي‪ 60،‬ودولة‬ ‫وضمان املرور‪ 57".‬وقد سلكت هذا االجتاه دساتري كل من دولة فنزويال‪58،‬‬

‫صربيا‪ 61‬ودولة أذربيجان‪62.‬ودولة البريو‪ 63،‬ودولة هاييت‪ 64،‬ودولة صربيا‪ 65‬ودولة أذربيجان‪66.‬‬

‫االجتاه الثاين‪ :‬وفيه كفلت الدساتري هذا احلق بصورة صرُية كذلك‪ ،‬ولكنها أحالت بشأن مضمون هذا احلق وتنظيمه‬
‫إىل القانون أو املواثيق واالتفاقيات الدولية ذات الصلة‪ ،‬ومن الدساتري املنتمية إىل هذا االجتاه دستور دولة بوليفيا‪ ،‬حيث نصت‬
‫املادة ‪ 29‬منه على حق األجانب يف طلب اللجوء السياسي واحلصول عليه بسبب االضطهاد األيديولوجي أو السياسي املعرتف‬
‫‪70‬‬
‫به طبقاً للقوانني واملعاهدات الدولية‪ 67".‬وقد أخذ هبذا االجتاه كذلك دساتري كل من دولة صربيا‪ .68،‬بولندا ‪ 69‬وأوكرانيا‪،‬‬
‫‪72‬‬
‫وإيران‪ 71،‬وإسبانيا‪.‬‬

‫االجتاه الثالث‪ :‬وفيه مل تكفل الدساتري احلق يف اللجوء بشكل صريح على حنو ما سلف يف االجتاهني السابقني‪ ،‬وإمنا‬
‫كفلته بشكل ضمين‪ ،‬حيث نصت على عدم جواز تسليم الالجئني‪ ،‬وهو املبدأ املعروف دوليحا مببدأ ‪Non-refoulement‬‬
‫والذي ُيظر على دولة امللجأ تسليم الالجئ أو إعادته مرة أخرى إىل دولته األصلية‪ 73.‬ومن قبيل هذه الدساتري الدستور الكوييت‪،‬‬
‫حيث نصت املادة ‪ 46‬منه "على أن تسليم الالجئ السياسي حمظور‪ 74".‬ومن قبيل الدساتري األخرى املنتمية إىل هذا االجتاه‬
‫كذلك دساتري دول كل من قطر‪ 75،‬وعمان‪ 76،‬واألردن‪ 77،‬والبحرين‪ 78.‬واملؤكد يف هذا اخلصوص أن نية املشرع الدستوري يف‬
‫هذه الدول قد انصرفت إىل ضمان حق اللجوء لألجانب‪ ،‬إذ أنه من الغري منطقي النص على حظر تسليم الالجئني دون ضمان‬
‫‪79‬‬
‫هذا احلق هلم من األساس‪.‬‬

‫كذلك تباينت الدساتري اليت كرست احلق يف اللجوء حول نطاق احلماية اليت مينحها الدستور هلذا احلق‪ ،‬وميكننا التمييز يف‬
‫ذلك اخلصوص أيضاً بني ثالثة اجتاهات أساسية‪:‬‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪72‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫االجتاه األول‪ :‬هو ذلك االجتاه الذي يقصر نطاق احلماية الدستورية للحق يف امللجأ على طائفة واحدة فقط من‬
‫األشخاص‪ ،‬وهي طائفة املضطهدين أو املعرضني إىل االضطهاد بسبب آرائهم السياسية‪ .‬ومن قبيل الدساتري اليت اعتنقت هذا‬
‫‪80‬‬
‫االجتاه دستور دولة أملانيا‪ ،‬حيث نصت الفقرة األوىل من املادة ‪ 16‬على حق األجانب املضطهدين سياسيًا يف اللجوء‪".‬‬
‫‪83‬‬
‫كذلك فقد اعتنقت ذلك االجتاه دستور دول كل من التشيك‪ 81،‬سلوفاكيا‪ 82،‬وغالبية الدساتري العربية‪.‬‬

‫االجتاه الثاين‪ :‬وفيه صيغت النصوص الدستورية على حنو يكاد يكون متطاب ًقا مع االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني لعام‬
‫‪ ،1951‬فاقتصرت يف منح امللجأ على األسباب اخلمسة اليت أوردهتا املادة األوىل من االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني‪،‬‬
‫وابلتايل‪ ،‬فقد مدت نطاق احلماية لتشمل ليس فقط الالجئني السياسيني‪ ،‬وإمنا لتشمل كذلك كل من يتعرض لالضطهاد بسبب‬
‫عرقه‪ ،‬أو دينه‪ ،‬أو جنسيته‪ ،‬أو انتمائه إىل فئة اجتماعية معينة‪ .‬ومن قبيل الدساتري اليت اعتنقت هذا االجتاه دولة اجملر‪ ،‬حيث‬
‫نصت املادة الرابعة عشرة من دستورها على حق األجانب "الذين يتعرضون لالضطهاد أو اخلوف من التعرض لالضطهاد يف‬
‫بلدهم األم أو يف بلد إقامتهم املعتادة ألسباب تتعلق ابلعرق‪ ،‬اجلنسية أو العضوية يف جمموعة اجتماعية معينة أو معتقدات دينية‬
‫‪85‬‬
‫أو سياسية‪ ،‬إذا مل يتلقوا احلماية من بلدهم األصلي أو أي بلد آخر‪ 84".‬كما اعتنقت ذات االجتاه كذلك دستور دولة صربيا‪.‬‬

‫االجتاه الثالث‪ :‬وفيه وسعت الدساتري من نطاق احلماية الدستورية حلق اللجوء‪ ،‬فلم تقصره على طائفة واحدة أو طوائف‬
‫بعينها‪ ،‬وإمنا مدت نطاق هذه احلماية لكل شخص قد يتعرض لالضطهاد‬

‫بسبب دفاعه عن حقوقه وحرايته األساسية‪ ،‬أو احلقوق واحلرايت املعرتف هبا دوليًا‪ ،‬أو احلرايت الدميقراطية‪ ،‬أو غري ذلك‬
‫من املصطلحات املماثلة‪ .‬وتتجلى أمهية هذا االجتاه الدستوري بوجه خاص‬

‫يف كونه يتسع ليستوعب حاالت اللجوء لغري األسباب اليت تضمنتها االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني‪ ،‬كحاالت اللجوء‬
‫‪86‬‬
‫بسبب النزاعات املسلحة أو احلروب األهلية أو الكوارث الطبيعية‪.‬‬

‫ومن قبيل الدول اليت حذت حذو هذا االجتاه دولة فرنسا‪ ،‬حيث اعرتفت ديباجة دستور ‪ 1946‬ألي أجنيب يتعرض‬
‫لالضطهاد بسبب دفاعه عن احلرايت ابحلق يف اللجوء على أراضي اجلمهورية‪ 87.‬مث‬

‫جاءت املادة ‪ 1 – 53‬من دستور اجلمهورية اخلامسة لعام ‪ 1958‬لتوسع أكثر من نطاق احلق يف امللجأ‪ ،‬حيث خولت‬
‫سلطات اجلمهورية الفرنسية صالحية منح اللجوء السياسي ليس فقط لألجانب املضطهدين‬

‫بسبب دفاعهم عن احلرايت‪ ،‬وإمنا لكل من يلتمس محاية دولة فرنسا على أي أساس آخر‪ 88.‬وقد أكد اجمللس الدستوري‬
‫يف حكم له عام ‪ 1993‬الطبيعة الدستورية حلق اللجوء صراحة عندما قضى أبن حق اللجوء هو أحد احلقوق األساسية اليت ُيق‬

‫‪73‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫لألجانب التمسك هبا بوصفها أحد احلقوق احملمية مبوجب النظام الدستوري الفرنسي‪ ،‬وأكد اجمللس كذلك أن هذا احلق خيول‬
‫األجانب بشكل عام حق اإلقامة بصفة مؤقتة على األراضي الفرنسي ح ى تبت السلطات املختصة يف طلب جلوئه‪ 89.‬ومن‬
‫التطبيقات القضائية احلديثة ذات الصلة حبق اللجوء حكم حديث للمحكمة اإلدارية مبدينة ‪ Nantes‬الفرنسية قررت فيه أن‬
‫القرار الصادر برفض منح أحد الالجئني السوريني أتشرية زايرة قصرية بغرض التقدم إىل السلطات الفرنسية املختصة بطلب‬
‫احلصول على اللجوء ينطوي على انتهاك صارخ للحق الدستوري يف امللجأ‪ 90.‬كذلك من الدساتري اليت اعتنقت ذات االجتاه‬
‫دستور دولة إيطاليا‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 10‬منه على حق األجنيب "الذي حُيرم أو حمينع يف بلده األصلي من املمارسة الفعلية‬
‫للحرايت الدميقراطية اليت يكفلها الدستور اإليطايل يف اللجوء‪ ،‬وذلك طب ًقا للشرو املنصوص عليها يف القانون‪ 91".‬ومن مث يكفي‬
‫وف ًقا هلذا النص للتقدم بطلب اللجوء إىل دولة إيطاليا أن يكون الالجئ قد ححرم أو حمنع من ممارسة إحدى‬

‫احلقوق الدستورية اليت يكرسها الدستور اإليطايل‪ .‬وال يشرت يف هذا اخلصوص أن يثبت الالجئ تعرضه لالضطهاد أو‬
‫حيت خوفه املربر من التعرض لالضطهاد‪ ،‬فالنص اإليطايل‪ ،‬خالفًا لالتفاقية‬

‫الدولية اخلاصة أبوضاع لالجئني‪ ،‬وكثري من الدساتري السابق اإلشارة إليها‪ ،‬مل يعلق منح امللجأ على مثل هذا القيد‪ ،‬وهو‬
‫ما من شأنه توسيع نطاق احلماية الدستورية اليت يكفلها الدستور اإليطايل هلذا احلق مقارنة مع املواثيق الدولية والدساتري‬
‫‪92‬‬
‫املقارنة‪.‬‬

‫وقد اعتنقت هذا االجتاه دساتري عدد كبري من الدول‪ ،‬ومنها على سبيل املثال؛ دستور مجهورية مصر العربية‪ 93،‬دولة‬
‫‪96‬‬
‫أجنوال‪ 94،‬ودستور دولة بلغاراي‪ 95،‬ودستور دولة الكونغو‪،‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬جدوى احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‬

‫ظهرت احلماية الدستورية للحق يف اللجوء كبديل عن نظام احلماية الدولية الذي ثبت عدم فاعليته بسبب الزايدة املطردة‬
‫يف أعداد الالجئني نتيجة احلروب والنزاعات املسلحة‪ ،‬وتردي أوضاعهم املعيشية واإلنسانية‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫ويرى البعض أن فكرة التنظيم الدستوري للحق يف امللجأ قد اكتسبت أمهية خاصة يف حالتني رئيسيتني‪ ،‬أال ومها؛‬

‫‪ -‬احلالة األوىل‪ :‬يف الدول اليت كرست دساتريها هذا احلق‪ ،‬ولكنها مل تنضم إىل االتفاقية الدولية اخلاصة أبوضاع‬
‫الالجئني لعام ‪ ،1951‬حيث ينشأ لألجنيب حينها يف مواجهة هذه الدول حق يف طلب احلصول على اللجوء‪ ،‬ال‬
‫على أساس قواعد القانون الدويل‪ ،‬وإمنا على أساس أحكام دستورها الوطين الذي يكفل هذا احلق‪.‬‬

‫‪ -‬احلالة الثانية‪ :‬يف الدول اليت وسعت دساتريها من نطاق احلماية الدستورية هلذا احلق ابملقارنة‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪74‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫مع نطاق احلماية الدولية املعرتف هبا مبوجب االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني‪ ،‬حيث قصرت هذه األخرية حق امللجأ‬
‫فقط على من هم قادرين على إثبات تعرضهم لالضطهاد أو اخلوف املربر من التعرض لالضطهاد بسبب العرق‪ ،‬أو الدين‪ ،‬أو‬
‫اجلنسية‪ ،‬أو االنتماء إىل فئة اجتماعية معينة‪ ،‬أو اآلراء السياسية‪ ،‬وابلتايل تعجز هذه االتفاقية عن مد حق امللجأ للنازحني عن‬
‫‪98‬‬
‫بلداهنم‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬بسبب النزاعات املسلحة‪ ،‬أو احلروب األهلية‪ ،‬أو التغريات البيئية واملناخية‪.‬‬

‫وحنن‪ ،‬إذ نتفق مع الفقه السابق‪ ،‬إال أننا نرى أن احلماية الدستورية للحق يف اللجوء ال تقتصر أمهيتها على احلالتني‬
‫السابقتني فحسب‪ ،‬وإمنا نرى أن احلماية الدستورية هلذا احلق تفوق نظريهتا الدولية من حيث األمهية لكثري من األسباب‪ ،‬نورد‬
‫أمهها فيما يلي‪:‬‬

‫• عجز النظام القانوين الدويل يف توفري احلماية الالزمة لالجئني وإخفاقه يف االعرتاف لالجئني ح ى هذه اللحظة ابحلق يف‬
‫احلصول على اللجوء يف مواجهة الدول‪ .‬إذ أنه الرغم من أوجه احلماية املتنوعة اليت تكفلها املواثيق الدولية واإلقليمية لالجئني يعد‬
‫‪99‬‬
‫متاما من أية نصوص تعرتف لالجئني ابحلق يف احلصول على اللجوء أو‬
‫قبوهلم يف دول امللجأ‪ ،‬إال أن هذه املواثيق قد خلت ً‬
‫‪100‬‬
‫حتمل دول امللجأ أبية التزامات يف هذا اخلصوص‪.‬‬

‫• الدستور هو التشريع األمسى واألعلى يف أي نظام قانوين‪ ،‬فهو تعبري عن إرادة السلطة التأسيسية اليت ارتضت أحكامه‪،‬‬
‫ومن مث فإن تكريس هذا احلق يف الوثيقة الدستورية جيعل التعامل مع مسألة قبول الالجئني مسالة داخلية مقبولة من السلطات‬
‫‪101‬‬
‫عموما‪ ،‬وليست جمرد التز ًاما دوليًا فرضته اجلماعة الدولية أو اعتبارات املصاحل الدولية على الدولة‪.‬‬
‫خصوصا والشعب ً‬
‫ً‬ ‫العامة‬

‫• إن االعرتاف لألجانب ابحلق اللجوء يف الدساتري من شأنه أن يقيد على حنو فعال سلطات الدولة التقديرية يف منح‬
‫اللجوء ‪ ،‬دون أن ينطوي هذا التقييد على أي مساس ابعتبارات السيادة الوطنية‪ ،‬لصدوره من السلطة التأسيسية اليت تعلو حبكم‬
‫موقعها على السلطتني التشريعية والتنفيذية‪ .‬فالنص الدستوري يفرض نفسه على القانون الذي يتعني أن يرتسم خطاه ويقتفي أثره‪،‬‬
‫‪102‬‬
‫كما يفرض نفسه على السلطات األخرى اليت ال متلك إصدار أية قرارات فردية أو تنظيمية ابملخالفة ألحكام الدستور‪.‬‬

‫• تكريس هذا احلق يف الدستور جيعل من الصعب تعديل مضمونه ونطاقه داخليًا حبسب أهواء ورغبات السلطات‬
‫السياسية احلاكمة‪ ،‬ذلك أن النص الدستوري يتصف ابلثبات واالستقرار‪ ،‬ويتمتع غالبًا بنوع من احلصانة واجلمود يف مواجهة‬
‫السلطتني التشريعية والتنفيذية‪ ،‬فال جيوز تناوله ابلتعديل أو اإللغاء أو التغيري إال ابتباع إجراءات صعبة‪ ،‬وهو ما مييز احلماية‬
‫الدستورية بوجه عام عن احلماية الناشئة عن االتفاقيات الدولية أو التشريعات الوطنية‪ 103.‬ويدعم هذا احلجة‪ ،‬حكم حديث‬
‫للمحكمة الدستورية العليا يف دولة‬

‫‪75‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫اإلكوادور عام ‪ 2012‬كانت قد انتهت فيه إىل عدم دستورية املرسوم رقم ‪ 1041182‬الصادر من رئيس الدولة بتقليص‬
‫اآلجال الزمنية احملددة للتقدم بطلبات اللجوء‪ ،‬وإلغاء نظام التظلم من القرارات الصادرة برفض منح صفة الالجئ لألجانب‪،‬‬
‫سيسا على انتقاصه من مضمون ونطاق احلماية الدستورية اليت يكفلها دستور دولة اإلكوادور للحق يف امللجأ مبوجب املادة رقم‬
‫أت ً‬
‫‪105‬‬
‫‪ 41‬من الدستور‪.‬‬

‫• إن االعرتاف الدستوري حبق األجانب يف اللجوء غالبًا ما يعود ابلنفع على اقتصاد الدول اليت كفلت هذا احلق يف‬
‫دساتريها‪ ،‬السيما إذا كانت هذه الدول مما تقل فيها معدالت النمو السكاين أو تزيد فيها معدالت الشيخوخة‪ ،‬حيث تواجه‬
‫هذه الدول حتدايت عظيمة لسد العجز يف متطلبات سوق العمل‪ ،‬ومن مث فإن االعرتاف لألجانب حبق اللجوء يف هذه الدول‬
‫‪106‬‬
‫ميكن أن يكون حالً مناسبًا ملواجهة هذه التحدايت‪.‬‬

‫• كذلك‪ ،‬قد تستخدم الدول النصوص الدستورية اليت كرست احلق يف اللجوء لتحقيق منافع سياسية‪ ،‬كتصدير صورة‬
‫مثالية هلا على املستوى الدويل يف جمال احلقوق واحلرايت‪ ،‬السيما إذا كان سجل حقوق اإلنسان اخلاص هبذه الدول يوحي بغري‬
‫‪107‬‬
‫ذلك‪.‬‬

‫أخريا‪ ،‬قد تستخدم الدول النصوص الدستورية املتعلقة حبق اللجوء لبث ونشر القيم واألسس اليت يقوم عليها النظام‬
‫•و ً‬
‫اضحا على صياغة املادة رقم‬
‫الدستوري يف الدولة‪ ،‬كما هو احلال يف دستور االحتاد السوفييت‪ ،‬حيث بدا أتثري األفكار االشرتاكية و ً‬
‫‪ 38‬منه‪ ،‬فقصرت حق امللجأ على األجانب املضطهدين بسبب الدفاع عن حقوق العمال‪ ،‬أو املنتمني إىل احلركات الثورية‬
‫‪108‬‬
‫وحركات التحرير الوطنية‪ ،‬أو بسبب انشطتهم االجتماعية‪ ،‬أو السياسية‪ ،‬أو العلمية‪ ،‬أو غري ذلك من األنشطة اإلبداعية‪".‬‬

‫اخلامتة ‪:‬‬

‫عنينا يف هذا البحث بدراسة موضوع احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪ ،‬وقد اقتضي منا دراسة هذا املوضوع تقسيم‬
‫أوال‪ ،‬والطبيعة‬
‫الدراسة إىل مبحثني رئيسيني‪ .‬تناولنا يف أوهلما مفهوم احلق يف اللجوء‪ ،‬فعرضنا من خالله لتعريف احلق يف اللجوء ً‬
‫القانونية هلذا احلق اثنيًا‪ .‬أما اثنيهما‪ ،‬فعرضنا فيه ألساس احلماية الدستورية للحق يف اللجوء‪ ،‬حيث بينا موقف األنظمة املقارنة‬
‫أوال‪ ،‬وجدوى احلماية الدستورية للحق يف اللجوء اثنيحا‪.‬‬
‫من احلماية الدستورية للحق يف اللجوء ً‬

‫واتساقًا مع قناعتنا‪ ،‬فقد خلصنا من خالل هذه الدراسة إىل عدد من النتائج والتوصيات جنملها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬على الرغم من اختالف الفقه حول إجياد تعريف موحد لفكرة اللجوء‪ ،‬فإننا نري أن أفضل‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪76‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫التعريفات املقول هبا يف هذا اخلصوص هو ذلك التعريف الذي يوسع من مفهوم هذا احلق‪ ،‬سواء من حيث نوعية احلماية‬
‫املقدمة‪ ،‬أو أسباب منح امللجأ‪ ،‬أو مكان منح امللجأ‪ ،‬أو أشخاص املستفيدين من هذا احلق‪.‬‬

‫‪ -‬من حيث الطبيعة القانونية للحق يف اللجوء‪ ،‬نري أن احلق يف اللجوء إمنا هو حق مركب‪ ،‬يتكون يف حقيقته من ثالثة‬
‫أوال‪ ،‬حق الدولة يف منح امللجأ‪ ،‬واثنيًا‪ ،‬حق الفرد يف التماس امللجأ‪ ،‬واثلثًا‪ ،‬حق الفرد يف احلصول على‬
‫حقوق متميزة‪ ،‬أال وهي؛ ح‬
‫امللجأ‪ .‬وبينما تعرتف الغالبية العظمي من االتفاقيات واملواثيق الدولية ابحلقني األول والثاين‪ ،‬تكاد ختلو مجيع املواثق الدولية من‬
‫النص على احلق الثالث‪ ،‬ملا فيه من تقييد إلرادة الدول‪ ،‬وانتقاص من اعتبارات سيادهتا على إقليمها‪.‬‬

‫‪ -‬إن احلماية الدستورية للحق يف اللجوء قد سبقت نظريهتا الدولية يف الظهور‪ ،‬وقد اكتسبت احلماية الدستورية أمهية‬
‫خاصة يف ظل عدم فاعلية النظام الدويل يف احلد من ظاهرة انتشار الالجئني‪ ،‬وأتمني حقوقهم وحرايهتم األساسية‪.‬‬

‫‪ -‬يصل عدد الدول اليت كرست احلق يف امللجأ يف صلب دساتريها‪ ،‬سواء بشكل صريح أو ضمين‪ ،‬إىل ما يقارب من‬
‫‪ %35‬من دول العامل‪.‬‬

‫‪ -‬تباينت الدساتري اليت كرست احلق يف اللجوء فيما بينها بشأن كيفية كفالة هذا احلق‪ ،‬فمنها ما ذهب إىل كفالة هذا احلق‬
‫صراحة يف نصوصها مع بيان مضمونه‪ ،‬ومنها ما كفل هذا احلق بصورة صرُية‪ ،‬ولكنه أحال بشأن مضمونه وتنظيمه إىل القانون‬
‫أو املواثيق واالتفاقيات الدولية ذات الصلة‪ ،‬ومنها ما كفل هذا احلق بشكل ضمين‪ ،‬حيث حظرت نصوصه تسليم الالجئني‪ ،‬وهو‬
‫املبدأ املعروف دوليحا مببدأ ‪Non-refoulement‬‬

‫‪ -‬كذلك تباينت الدساتري اليت كرست احلق يف اللجوء بشأن نطاق احلماية اليت مينحها الدستور هلذا احلق‪ .‬فمنها ما قصر‬
‫نطاق احلماية على طائفة واحدة فقط من األشخاص‪ ،‬وهم الالجئني السياسيني‪ .‬ومنها ما وسع نطاق احلماية الدستورية ليشمل‬
‫عالوة على الالجئني السياسيني‪ ،‬كل من يتعرض لالضطهاد بسبب عرقه‪ ،‬أو دينه‪ ،‬أو جنسيته‪ ،‬أو انتمائه إىل فئة اجتماعية‬
‫معينة‪ .‬أما الفئة الثالثة واألخرية من الدساتري‪ ،‬فوسعت أكثر من نطاق احلماية‪ ،‬حيث مدت نطاق هذا احلق لكل شخص قد‬
‫يتعرض لالضطهاد بسبب دفاعه عن حقوقه وحرايته األساسية‪ ،‬أو احلقوق واحلرايت املعرتف هبا دوليًا‪.‬‬

‫‪ -‬تكتسب فكرة التنظيم الدستوري للحق يف امللجأ أمهية خاصة يف حالتني رئيسيتني‪:‬‬

‫• احلالة األوىل‪ :‬يف الدول اليت كرست دساتريها هذا احلق‪ ،‬ولكنها مل تنضم إىل االتفاقية الدولية اخلاصة أبوضاع الالجئني‬
‫لعام ‪.1951‬‬

‫‪77‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫• احلالة الثانية‪ :‬يف الدول اليت وسعت دساتريها من نطاق احلماية الدستورية هلذا احلق ابملقارنة مع نطاق احلماية الدولية‬
‫املعرتف هبا مبوجب االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني‪،‬‬

‫‪ -‬تفوق احلماية الدستورية للحق يف اللجوء نظريهتا الدولية من حيث األمهية لعدة أسباب‪:‬‬

‫• عجز النظام القانوين الدويل يف توفري احلماية الالزمة لالجئني وإخفاقه يف االعرتاف لالجئني ح ى هذه اللحظة ابحلق يف‬
‫احلصول على اللجوء يف مواجهة الدول‪.‬‬

‫• تكريس احلق يف اللجوء يف الوثيقة الدستورية جيعل التعامل مع مسألة قبول الالجئني مسالة داخلية مقبولة من السلطات‬
‫عموما‪ ،‬وليست جمرد التز ًاما دوليًا فرضته اجلماعة الدولية أو اعتبارات املصاحل الدولية على الدولة‪.‬‬
‫خصوصا والشعب ً‬
‫ً‬ ‫العامة‬

‫• إن االعرتاف لألجانب ابحلق اللجوء يف الدساتري من شأنه أن يقيد على حنو فعال سلطات الدولة التقديرية يف منح‬
‫اللجوء‪.‬‬

‫• تكريس هذا احلق يف الدستور جيعل من الصعب تعديل مضمونه ونطاقه داخليًا حبسب أهواء ورغبات السلطات‬
‫السياسية احلاكمة‪.‬‬

‫• تستطيع الدول اليت كرست احلق يف اللجوء يف صلب دساتريها استخدام هذا احلق لتحقيق منافع اقتصادية أو سياسية‪،‬‬
‫أو لبث القيم واألسس اليت يقوم عليها النظام الدستوري يف الدولة‪.‬‬

‫قائمة املراجع‬

‫املراجع العربية‪:‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬أمحد املهتدي ابهلل‪ ،‬اللجوء البيئي‪ :‬مقرتح نظام قانوين دويل حلماية النازحني خارج احلدود اإلقليمية بسبب الكوارث البيئية‪ ،‬جملة احلقوق للبحوث القانونية واالقتصادية‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق جامعة اإلسكندرية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬اجمللد األول‪.2018 ،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬برهان أمر هللا‪ ،‬حق اللجوء السياسي – دراسة يف نظرية حق امللجأ يف القانون الدويل‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1983 ،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬صالح الدين عامر‪ ،‬مقدمة لدراسة القانون الدويل العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬على يوسف الشكري‪ ،‬التنظيم الدستوري حلق اللجوء السياسي‪ ،‬دراسة مقارنة يف الدساتري العريب‪ ،‬جملة مركز دراسة الكوفة‪ ،‬العدد الثامن عشر‪.2010 ،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حممد طلعت الغنيمي‪ ،‬االحكام العامة يف قانون األمم املتحدة – قانون السالم – منشأة املعارف‪ ،‬بدون سنة طبع‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حممود سالمة‪ ،‬احلماية الدستورية والقضائية خلصوصية البياانت الشخصية للعامل‪ ،‬مطبعة أبناء وهبة حممد حسان‪.2016 ،‬‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪78‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫ مهند نوح خمتار‬/‫د‬.‫ إسالم إبراهيم شيحة و أ‬/‫د‬

:‫املراجع اإلجنليزية‬

- Anna Edwards, Life on the next Atlantis: Doomed Pacific Island which will be Swallowed by the Sea within 60
years, Daily Mail (July 17, 2019).

- Atle Grahil-Madsen:

• TERRITORIAL ASYLUM, Oceana Publications, 3 .)1980(

• THE STATUS OF REFUGEES IN INTERNATIONAL LAW, Leyden, 3 .)1972(

- Felice Morgenstern, The Right of Asylum, 26 Brit. Y.B. Int’l L. 327.)1949(

- Guy S. Goodwin-Gill:

• THE REFUGEE IN INTERNATIONAL LAW, Clarendon Press .)1983(

• INTERNATIONAL LAW AND THE MOVEMENT OF PERSONS BETWEEN STATES .)1978(

- Hersch Lauterpacht, The universal Declaration of Human Rights, 25 Brit. Y. B. Int’l L. 354.)1948(

- Lucas Kowalczyk and Mila Versteeg, The Political Economy of the Constitutional Right to Asylum, 102 Cornell
L. Rev. 1219.)2017(

- Paul Weis:

• The Present State of international Law of International Law on Territorial asylum Annuaire Suisse, vol. 31
.)1975(

• The United Nations Declaration on Territorial Asylum, 7 Can. Y.B. Int’l L. 92 .)1969(

- Suraya Prakash Sinha:

• ASYLUM AND INTERNATIONAL LAW, Martinus Nijhoff – Hague.)1971(

• An Anthropocentric View of Asylum in International Law, and 10 Colum. J. Transnat’l. L.78.)1971(

- Stefan Heuser, Is there a Right to have Rights, the Case of the Right of Asylum, 11 Ethical Theory and Moral
Prac. 3.)2008(

- Stephen Meili, the Constitutional right to asylum: the wave of the future in international refugee law, 41
Fordham International Law Journal 383 .)2018(

- Roman Boed, The State of the Right of Asylum in International Law, 5 Duke J. Comp. & Int'l L. 1 .)1994(

- Tom Clark, Human Rights and Expulsion: Giving Content to the Concept of. Asylum, 4 Int’l J. Refugee L. 189
.)1992(

79 ‫ كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬- ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية‬
2020 :‫ جوان سنة‬:‫) شهر‬01( :‫) العدد‬04( :‫اجمللد‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫ مهند نوح خمتار‬/‫د‬.‫ إسالم إبراهيم شيحة و أ‬/‫د‬

: ‫اهلوامش‬

- 7 ‫ بتاريخ‬،A/AC.96/830 ‫ رقم‬،‫ أنظر يف أتكيد ذلك مذكرة اللجنة التنفيذية لربانمج املفوضية السامية ابألمم املتحدة بشأن احلماية الدولية لالجئني‬1
:‫ متوفرة على الرابط التايل‬.7-1 ‫ الفقرات من‬،1994-9
https://www.unhcr.org/ar/4caaf100c.pdf (last accessed 3-12-2019)
2

Anna Edwards, Life on the next Atlantis: Doomed Pacific Island which will be Swallowed by the
Sea Within 60 years, Daily Mail, (July 17, 2019) https://www.dailymail.co.uk/news/article-
2340804/Beautiful-Pacific-island-nation-Kiribati-claimed-sea-60-years-rising-ocean-levels.html
‫ جملة احلقوق للبحوث القانونية‬،‫ مقرتح نظام قانوين دويل حلماية النازحني خارج احلدود اإلقليمية بسبب الكوارث البيئية‬:‫ اللجوء البيئي‬،‫ أمحد املهتدي ابهلل‬.‫ د‬3
.1367‫ ص‬،2018 ،‫ اجمللد األول‬،‫ العدد األول‬،‫ كلية احلقوق جامعة اإلسكندرية‬،‫واالقتصادية‬
:‫أنظر كذلك يف هذا اخلصوص‬
Atle Grahil-Madsen, TERRITORIAL ASYLUM, Oceana Publications, 3 (1980) who voiced the common
observation of authors that “the term asylum has no clear or agreed definition.”; Roman Boed, The
State of the Right of Asylum in International Law, 5 Duke J. Comp. & Int'l L. 1, 3, 1994 who
insisted that “the term asylum still awaits a universally accepted definition”; Guy S. Goodwin-Gill,
THE REFUGEE IN INTERNATIONAL LAW, Clarendon Press, 101 (1983) observing that “the
meaning of the word ‘asylum’ tends to be assumed by those who use it, but its content is rarely
explained.”
4

Boed, Supra note 3, at 1 quoting Ian Martin, the former secretary General of Amnesty International
who observed that “ governments … are more often motivated by self-interest than by
considerations of humanity, and this provides a further reason for those seeking to combat human
rights violations to insist upon the right of asylum”; Goodwin-Gill, THE REFUGEE IN
INTERNATIONAL LAW, supra note 3, at 104 opining that “ the refusal of states to accept an
obligation to grant asylum, in the sense of residence and lasting protection against the jurisdiction of
another state, is amply evidenced by the history of international conventions and other instruments.”
،‫ العدد الثامن عشر‬،‫ جملة مركز دراسة الكوفة‬،‫ دراسة مقارنة يف الدساتري العريب‬،‫ التنظيم الدستوري حلق اللجوء السياسي‬،‫ على يوسف الشكري‬.‫أنظر كذلك د‬
.172 .‫ ص‬،2010
‫؛ خمتدار الصدحاح حملمدد بدن‬152 .‫ ص‬،‫ اجمللدد األول‬،‫ بريوت‬،‫ دار صادر‬،‫ أنظر لسان العرب حملمد بن مكرم بن منظور اإلفريقي املصري مجال الدين أبو الفضل‬5
.247 .‫ ص‬،1986 ،‫ مكتبة لبنان‬،‫أيب بكر بن عبد القادر الرازي‬
.‫ املراجع السابقة‬6
7
Atle Grahil-Madsen, THE STATUS OF REFUGEES IN INTERNATIONAL LAW, Leyden, 3 (1972).
8

Boed, Supra note 3, at 2, affirming that “Historically, asylum has been regarded as a place of
refugee where one could be free from the reach of pursuer.”; Lucas Kowalczyk and Mila Versteeg,
The Political Economy of the Constitutional Right to Asylum, 102 Cornell L. Rev. 1219, 1231
(2017).

‫ كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬- ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية‬ 80
2020 :‫ جوان سنة‬:‫) شهر‬01( :‫) العدد‬04( :‫اجمللد‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫‪9‬‬

‫‪This definition was adopted by the Institute of International Law at its Bath Session: “Asylum is the‬‬
‫‪Protection which a state grants on its territory or in some other place under the control of its organs‬‬
‫‪to a person who comes to seek it” 1 Annuaire (1950) 167, art. 1.‬‬
‫‪10‬د‪ .‬برهان أمر هللا‪ ،‬حق اللجوء السياسي – دراسة يف نظرية حق امللجأ يف القانون الدويل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ 1983 ،‬ص‪128 .‬؛ أنظر د‪ .‬أمحد املهتدي‬
‫ابهلل‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.1371 .‬‬
‫‪11‬‬
‫‪Paul Weis, The Present State of international Law of International Law on Territorial asylum‬‬
‫‪Annuaire Suisse, vol. 31 1975. pp 71-96, quoting Victor Lieber “Asylum is the legal protection‬‬
‫‪which a state affords in its territory or in another territory outside its boundaries on which it‬‬
‫”‪exercises jurisdiction, to an alien against political persecution by organs of another state.‬‬
‫‪12‬د‪ .‬برهان أمر هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129-128 .‬‬
‫‪13‬د‪ .‬حممد طلعت الغنيمي‪ ،‬االحكام العامة يف قانون األمم املتحدة – قانون السالم – منشأة املعارف‪ ،‬ص‪.721-720 .‬‬

‫‪15‬د‪ .‬برهان أمر هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.131-130 .‬‬


‫‪ ،16‬د‪ .‬أمحد املهتدي ابهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1368‬‬
‫‪17‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،1372‬ويستطر الكاتب يف نقده للتعريف السابق للملجأ بقوله إن "مفهوم امللجأ وفقاً للرأي السابق يتعارض مع التطور الراهن ابلنسبة‬
‫لوضع الالجئني يف القانون الدويل‪ .‬فعلى الرغم من أن اتفاقية عام ‪ 1951‬تعترب أساس النظام القانوين الدويل حلماية الالجئني‪ ،‬إال أن الظروف اليت وضعت فيها‬
‫تلك االتفاقية قد تطورت بشكل ملحوظ خالل العقود السابقة لتشمل فئات أخرى من األشخاص قد تتعرض أرواحهم وحقوقهم وحرايهتم األساسية للخطر‪،‬‬
‫على حنو جيعلهم مستحقني للحماية بشكل ال يقل أمهية عن الفئات اليت تشملها اتفاقية عام ‪ . 1951‬وقد انعكس ذلك بوضوح يف االتفاقيات الدولية املعنية‬
‫حبقوق الالجئني اليت وضعت بعد اتفاقية عام ‪ 1951‬وبروتوكول عام ‪ ،1967‬وحتديداً االتفاقية اليت حتكم اجلوانب املختلفة ملشاكل الالجئني يف أفريقيا لعام‬
‫‪ ،1969‬واالتفاقية العربية اليت تنظم وضع الالجئني يف البلدان العربية لعام ‪".1994‬‬
‫‪ 18‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.1368 .‬‬
‫‪19‬‬
‫‪UN High Commissioner for Refugees (UNHCR), The 1951 Convention Relating to the Status of‬‬
‫‪Refugees‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪its‬‬ ‫‪1967‬‬ ‫‪Protocol,‬‬ ‫‪September‬‬ ‫‪2011,‬‬ ‫‪art.‬‬ ‫‪1,‬‬ ‫‪available‬‬ ‫‪at:‬‬
‫‪https://www.refworld.org/docid/4ec4a7f02.html [accessed 8 July 2019].‬‬
‫‪20‬‬
‫‪UN General Assembly, Protocol Relating to the Status of Refugees, 31 January 1967, United‬‬
‫‪Nations,‬‬ ‫‪Treaty‬‬ ‫‪Series,‬‬ ‫‪vol.‬‬ ‫‪606,‬‬ ‫‪p.‬‬ ‫‪267,‬‬ ‫‪available‬‬ ‫‪at:‬‬
‫‪https://www.refworld.org/docid/3ae6b3ae4.html [last accessed 8 July 2019].‬‬
‫‪21‬‬
‫‪OAU Convention Governing the Specific Aspects of Refugee Problems in Africa, Sept. 10, 1969,‬‬
‫‪1001 U.N.T.S. 45, 48.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪Organization of American States (OAS), Convention on Territorial Asylum, 29 December 1954,‬‬
‫‪OAS, Treaty Series, No. 19, UN Registration: 03/20/89 No. 24378, available at:‬‬
‫‪https://www.refworld.org/docid/3ae6b36614.html [last accessed 8 July 2019].‬‬
‫وجتدر اإلشارة يف هذا السياق إىل أ ن هذا التعريف يتفق مع تعريف الالجئ الوارد يف االتفاقية العربية لتنظيم أوضاع الالجئني يف الدول العربية‪ ،‬واليت مل تدخل بعد‬
‫حيز النفاذ‪ .‬أنظر يف ذلك املادة رقم (‪ ) 1‬من االتفاقية العربية لتنظيم أوضاع الالجئني يف الدول العربية لعام ‪.1994‬‬
‫‪23‬‬
‫‪Suraya Prakash Sinha, Asylum and International Law, Martinus Nijhoff – Hague, 66-68 & 155-158‬‬
‫‪(1971).‬‬

‫‪81‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫ مهند نوح خمتار‬/‫د‬.‫ إسالم إبراهيم شيحة و أ‬/‫د‬

24
UN High Commissioner for Refugees (UNHCR), The 1951 Convention Relating to the Status of
Refugees and its 1967 Protocol, supra note 17, at art. 1
25
Id. art. 1
‫) من اتفاقية منظمة الوحدة األفريقية اليت حتكم اجلوانب املختلفة ملشاكل الالجئني يف‬1( ‫ فقرة‬1 ‫ تتفق هذه التوسعة مع تعريف الالجئ الوارد ابملادة رقم‬26
‫ أنظر يف ذلك‬.‫أفريقيا‬
OAU Convention Governing the Specific Aspects of Refugee Problems in Africa, supra note 19 at
art. 1.
27
Boed, supra note 3, at 3; See also Tom Clark, Human Rights and Expulsion: Giving Content to the
Concept of. Asylum, 4 Int’l J. Refugee L. 189, 190 (1992) (citing a United Nations report by
Special Rapporteur Mubanga-Chipoya).

.‫وما بعدها‬140 .‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ برهان أمر هللا‬.‫ راجع د‬،‫ ملزيد من التفصيل حول آراء الفقه املنتمي إىل هذا االجتاه‬28
Grahil-Madsen, Territorial Asylum, supra note 3, at. 2.
.‫وما بعدها‬140 .‫ ص‬،‫ مرجع اسابق‬،‫ برهان أمر هللا‬.‫ د‬29
.147- 146 .‫ ص‬،‫املرجع السابق‬30
See also Paul Weis, The United Nations Declaration on Territorial Asylum, 7 Can. Y.B. Int’l L. 92,
119 (1969) revealing the opinion of Suarez and Grotius who recognized the right of asylum as the
natural right of an individual entailing a corresponding state duty to grant asylum.
Goodwin-Gill, The Refugee in International Law, supra note 3, 101 quoting Wolff who observed
that “ exiles do not cease to be men … by nature the right belongs to them to dwell in any place in
the world which is subject to some other nation.” Goodwin-gill further noted that this was a right
which "even Wolff tempered with recognition of the fact of sovereignty.”
.‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ أمحد املهتدي ابهلل‬.‫؛ د‬139-135 .‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ برهان أمر هللا‬.‫ أنظر د‬،‫للمزيد حول آراء الفقه املنتمي إىل هذا االجتاه‬31
.1373
Goodwin-Gill, THE REFUGEE IN INTERNATIONAL LAW, supra note 3, at. 101-103, quoting a
number of legal scholars who favored this position such as Moore who noted in 1908 that the right
to grant asylum is to be exercised “ is to be exercised by the government in the light of its own
interests, and of its obligations as a representatives of social order” and Hackworth who observed
that “freedom of each sovereign state to deal with refugees as its domestic policy or its international
obligations may seem to dictate.”
.1373 .‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ أمحد املهتدي ابهلل‬.‫ د‬32
.137-136 .‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ برهان أمر هللا‬.‫ د‬33
See also in that respect: Suraya Prakash Sinha, An Anthropocentric View of Asylum in
International Law, and 10 Colum. J. Transnat’l. L.78, 88 (1971) opining that “ customary
international law does not make it a duty of the state to admit aliens into its territory, and if it
chooses to admit them it may do so on whatever terms and conditions its national interests may
require.”;
34
Grahil-Madsen, Territorial Asylum, supra note 3 at. 2; Boed, Supra note 3, at. 3; Kowalczyk and
Versteeg, supra note 8 at 1230-38.
35

‫ كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬- ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية‬ 82
2020 :‫ جوان سنة‬:‫) شهر‬01( :‫) العدد‬04( :‫اجمللد‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫ مهند نوح خمتار‬/‫د‬.‫ إسالم إبراهيم شيحة و أ‬/‫د‬

See generally on states’ powers over entry and exclusion, Guy S. Goodwin-Gill, International Law
and the Movement of Persons between States (1978); See also in that respect Goodwin-Gill, supra
note 1, at. 121 noting that the right of asylum “is in the form of a discretionary power. The state has
a discretion whether to exercise its right, as to whom it will favour, as to the forma and content of
the asylum to be granted.”
1950 ‫أنظر كذلك يف هذا أتكيد هذا االجتاه حكم حمكمة العدل الدولية عام‬
Asylum Case, International Court of Justice Reports (1950); 266 at. 274.
36
Grahil-Madsen, Territorial Asylum, supra note 3, at. 23 noting that “the right of a state to grant
asylum flows from its territorial integrity, which is a pillar of international law.”
37
Universal Declaration of Human Rights, art. 14(1), G.A. Res. 217 A(III),U.N. GAOR, 3 d Sess., at.
71, U.N. Doc. A/180(1948).
‫ وقد‬،‫ قد مت اقرتاحها من قبل الوفد الربيطاين إابن وضع اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‬14 ‫ جتدر اإلشارة إىل أن الصياغة الواردة يف الفقرة األويل من املادة‬38
‫“ على أنه يعين حق الدولة يف منح امللجأ‬the right to enjoy … asylum” ‫حرض املندوب الربيطاين آنذاك على تفسري احلق يف التمتع ابمللجأ‬
.‫للمضطهدين وأن ترفض املطالب املتعلقة بتسليمهم‬
See also Hersch Lauterpacht, The universal Declaration of Human Rights, 25 Brit. Y. B. Int’l L.
354, 373 (1948) explaining that the wording of art. 14 (1) was introduced by the British Delegation,
interpreting it as meaning “the right of every state to offer refuge and to resist all demands for
extradition.” Boed, Supra note3, at. 4; Felice Morgenstern, The Right of Asylum, 26 Brit. Y.B. Int’l
L. 327, 327 (1949) viewing that “a competence to grant asylum … derives directly from the
territorial sovereignty of states.”
39
Declaration on Territorial Asylum, art. 1 (1&3), G.A. Res. 2312, U.N. GAOR, 22 Sess., Supp. No.
16, at. 81, U.N. Doc. A/6912 (1967).
40
OAU Convention Governing the Specific Aspects of Refugee Problems in Africa, Sept. 10, 1969,
art. II (1), 1001 U.N.T.S. 45, 48.
41
Convention on Territorial Asylum, Mar. 28, 1954, OEA/Ser.X/1, art. 1.
42
Declaration on Territorial Asylum, Adopted by the Committee of Ministers on 18 November 1977,
at the 278th meeting of the Ministers' Deputies, Article 2 reads “The member states of the Council
of Europe … reaffirm their right to grant asylum.”
43
Grahil-Madsen, Territorial Asylum, supra note 3, at. 2 noting that this individual right does not
impose any obligation on potential or actual receiving states.
44
Grahil-Madsen, The Status of Refugees in International Law, supra note 7, at. 26.
45
Universal Declaration of Human Rights, Supra note 37, at. Art. 13(2); International Covenant on
Civil and Political Rights, G.A. Res. 2200 (XXI), U.N. GAOR, 21st Sess., 183d plen.mtg, Supp.
No. 16, at 52 U.N. Doc. A/6316, art. 12(2) (1966); Council of Europe Agreement No. 46; Protocol
No. 4 to the European Convention on the Protection of Human Rights and Freedoms, Sept. 16,
1963, 7L.L.M. 978, ART. 2(2) (1968). American Convention on Human Rights, Nov. 22, 1969,
O.A.S. Off. Rec, OEA/Ser.K./XVI/1.1, Doc. 65 (Rev.1), Corr.2, art. 22 (2) (1970).

83 ‫ كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬- ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية‬
2020 :‫ جوان سنة‬:‫) شهر‬01( :‫) العدد‬04( :‫اجمللد‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫أنظر يف أتكيد نفس االجتاه كذلك امليثاق العريب حلقوق اإلنسان‪ ،‬والذي اعتمد من قبل القمة العربية السادسة عشرة اليت استضافتها تونس يف‪ 23‬مايو‪/‬أاير‬
‫‪ ،2004‬املادة ‪.)2( 27‬‬
‫‪46‬‬
‫‪Weis, The United Nations Declaration on Territorial Asylum, supra note at 119.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪Boed, supra note 3, at. 8.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪Kowalczyk and Versteeg, supra note 8 at 1239. Morgenstern, supra note 37, at 335 opining that‬‬
‫‪“there can be no doubt that the individual has no general right of asylum against the state.”; Ranjana‬‬
‫‪Khanna, Asylum, Texas International Law Journal, Vol 41:471, 2006, p. 474; Goodwin-Gill, THE‬‬
‫‪REFUGEE IN INTERNATIONAL LAW, supra note 3, 121 observing that “state practice, however,‬‬
‫‪permits only one conclusion: the individual still has no right to be granted asylum. The right‬‬
‫‪appertains to states and the correlative duty, if any, is that which obliges other states to respect the‬‬
‫”‪grant of asylum.‬‬
‫‪49‬‬
‫‪Boed, supra note 3, at. 9-11 & 26 ; Lauterpacht, supra note 37 at 373; the American Society of‬‬
‫‪International Law, The Movement of Persons across Borders, Louis B. Sohn & Thomas‬‬
‫‪Buergenthal eds., 106, 1992 “there are no international conventions which require the admission of‬‬
‫‪refugees and displaced persons, nor has there arisen any such requirement under customary‬‬
‫”‪international law.‬‬
‫أنظر كذلك يف هذا اخلصوص‪ ،‬د‪ .‬أمحد املهتدي ابهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،1378 .‬حيث يري أن "اتفاقية األمم املتحدة لعام ‪ 1951‬اخلاصة بوضع الالجئني‬
‫وبروتوكوهلا لعام ‪ 1967‬مل تتضمن نصاً صرُياً بشأن حق اللجوء‪ ،‬وذلك ابستثناء ما ورد يف ديباجتها أبن "منح احلق يف امللجأ قد يلقي أعباء ابهظة على عاتق‬
‫بلدان معينة"‪ ،‬وال يتضح من هذه الصيغة‪ ،‬فيما إذا كان املقصود "مبنح احلق يف امللجأ" هو إقرار حق اإلنسان يف اللجوء‪ ،‬أم منح اللجوء لألفراد الذين تتوافر‬
‫كدا أن االتفاقية وبروتوكوالهتا قد "أقرت ما استقر عليه اجتاه غالبية الدول‪ ،‬عند إقرار اإلعالن العاملي‬
‫بشأهنم وصف الالجئني‪ ،‬وفقاً للسلطة التقديرية للدول‪ ".‬مؤ ً‬
‫حلقوق اإلنسان‪ ،‬من أن للفرد فقط حق التماس امللجأ‪ ،‬ويكون لكل دولة‪ ،‬وفقاً لسيادهتا املطلقة‪ ،‬تقدير مقتضيات منح هذا امللجأ‪".‬‬
‫وجتدر اإلشارة هنا إىل أن آخر احملاوالت الدولية لالعرتاف حبق األفراد يف احلصول على اللجوء كانت عام ‪ 1993‬مبناسبة املؤمتر العاملي حلقوق اإلنسان والذي‬
‫انعقد مبشاركة ممثلني عن ‪ 171‬دولة‪ ،‬حيث بني الدكتور برتوس غايل أمني عام األمم املتحدة يف الكلمة االفتتاحية هلذا املؤمتر" أن العامل يف هذه احلقبة من الزمن‬
‫مل يعد حباجة إىل حقوق ج ديدة بقدر حاجته إىل إقناع الدول بضرورة االنضمام إىل املواثيق الدولية الكائنة وضرورة تفعيل ما تضمنته من حقوق وحرايت لألفراد‬
‫على أرض الواقع‪ .‬ولكن ابلرغم من ذلك فإن إعالن فيينا الصادر عن هذا املؤمتر مل أييت أبي جديد يف هذا اخلصوص‪ ،‬وإمنا اكتفى بتبين صياغة مقاربة لتلك‬
‫الواردة يف اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 23‬منه " يؤكد املؤمتر العاملي حلقوق اإلنسان من جديد أن كل إنسان‪ ،‬دون متييز من أي نوع‪،‬‬
‫ميلك حق التماس اللجوء والتمتع به يف بلدان أخري خالصا من االضطهاد فضال عن احلق يف العودة إىل بلده‪ ".‬أنظر يف ذلك اخلصوص‪:‬‬
‫‪Boutros Boutros-Ghali, Human Rights: The Common Language of Humanity, Opening‬‬
‫‪Statement of the World Conference on Human Rights (June 14, 1993), in UNITED NATIONS,‬‬
‫‪WORLD CONFERENCE ON HUMAN RIGHTS 13 (1993).‬‬
‫جتدر اإلشارة كذلك يف هذا السياق إىل أن إعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان يف اإلسالم لعام ‪ 1990‬يكاد يكون امليثاق الدويل الوحيد الذي كرس حق‬
‫األفراد يف احلصول على اللجوء‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 12‬منه على أن "لكل إنسان احلق يف إطار الشريعة يف حرية التنقل‪ ،‬واختيار حمل إقامته داخل بالده أو‬
‫خارجها وله إذا اضطهد حق اللجوء إىل بلد آخر‪ ،‬وعلى البلد الذي جلأ إليه أن جيريه ح ى يبلغه مأمنه‪ ،‬ما مل يكن سبب اللجوء اقرتاف جرمية يف نظر الشرع‪".‬‬
‫‪50‬د‪ .‬أمحد املهتدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 1375-1374 .‬؛ د‪ .‬صالح الدين عامر‪ ،‬مقدمة لدراسة القانون الدويل العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪-439 ،2007 ،‬‬
‫‪.440‬‬
‫‪Boed, supra note 3, at 10; See also Sinha, Asylum and International Law, supra note 23, at 109‬‬
‫‪noting that the drafting history of the UN Declaration demonstrates that “refugees would not have a‬‬
‫”‪right to be admitted.‬‬

‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬ ‫‪84‬‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫ مهند نوح خمتار‬/‫د‬.‫ إسالم إبراهيم شيحة و أ‬/‫د‬

51
Stephen Meili, the Constitutional right to asylum: the wave of the future in international refugee
law, 41 Fordham International Law Journal 383, 384 (2018).
52
Constitution of Columbia, 1811, art. 39 grants asylum to “all aliens who wish to live peacefully
among us, subjecting themselves to the laws of the Union.”
53
Constitution of Nicaragua, 1893 art 9 reads, as “the Republic of Nicaragua is a sacred asylum to all
persons taking refuge in its territory.”
54
Ibid. at art. 11.
55
Kowalczyk and Versteeg, supra note 8 at 1260.
56
Ibid. at 1260; See also Meili, supra note 51 at 392.
57
Constitution of Paraguay, 1992 (rev. 2011), art. 43.
58
Constitution of Venezuela, 1999 (rev. 2009), art. 69.
59
Constitution of Peru, 1992 (rev. 2003), art. 36.
60
Constitution of Haiti, 1987 (rev. 2012), art. 57.
61
Constitution of Serbia, 2006, art. 57.
62
Constitution of Azerbaijan, 1995 (Rev.2016), art. 70.
63
Constitution of Peru, 1992 (rev. 2003), art. 36.
64
Constitution of Haiti, 1987 (rev. 2012), art. 57.
65
Constitution of Serbia, 2006, art. 57.
66
Constitution of Azerbaijan, 1995 (Rev.2016), art. 70.
67
Constitution of Bolivia, 2009, art. 29.
68
Constitution of Romania, 1991 (rev. 2003) art. 18(2).
69
Constitution of Poland 1997 (rev. 2009), art. 56.
70
Constitution of Ukraine, 1996 (rev. 2016), art. 26
71
Constitution of Iran 1979 (rev. 1989), art. 155.
72
Constitution of Spain, 1978 (rev. 2011) art. 4.

85 ‫ كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬- ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية‬
2020 :‫ جوان سنة‬:‫) شهر‬01( :‫) العدد‬04( :‫اجمللد‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫ مهند نوح خمتار‬/‫د‬.‫ إسالم إبراهيم شيحة و أ‬/‫د‬

‫ جتدر اإلشارة إىل أن الغالبية العظمى من املواثيق الدولية واإلقليمية املعنية حبق اللجوء قد حرصت على تكريس هذا املبدأ بوصفه أحد أهم االلتزامات امللقاة‬73
‫) من االتفاقية‬2( 28 ‫ واملادة‬،‫) من االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني‬1( 33 ‫ أنظر يف أتكيد ذلك على سبيل املثال املادة‬.‫على عاتق الدولة ماحنة اللجوء‬
.‫ من االتفاقية الدولية ملناهضة التعذيب‬3 ‫ واملادة‬،‫األمريكية حلقوق اإلنسان‬
.46 ‫ املادة‬،1962 ‫دستور دولة الكويت لعام‬74
.58 ‫ املادة‬2004 ‫ دستور دول قطر لعام‬75
.36 ‫ املادة‬.2011 ‫ واملعدل عام‬1996 ‫دستور دولة عمان لعام‬76
.21 ‫ املادة‬،2016 ‫ واملعدل عام‬1952 ‫دستور دولة األردن لعام‬77
.21 ‫ املادة‬،2002 ‫دستور دولة البحرين لعام‬78
.‫ وما بعدها‬187 .‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ علي يوسف الشكري‬.‫د‬
80
Constitution of Germany, 1949 (rev. 2014) art. 16(1).
81
Constitution Czech Republic, 1993 (rev. 2013) art. 34.
82
Constitution of Slovakia, 1992 (rev. 2017) art. 53.
‫ لللث بل عب‬1952 ‫ دسبور دللبا لأ د ل ب‬،21 ‫ للثب د‬،2002 ‫أنظر في ذلك على سبيل للثاب دسبور دللبا للييبرلع ل ب‬83
.36 ‫ للث د‬.2011 ‫ لللث ل ع‬1996 ‫ دسور دللا عث ل‬،21 ‫ للث د‬،2016
84
Constitution of Hungary, 2011 (rev. 2016), art. XIV, Sec. 3.
85
Constitution of Serbia, 2006, art. 57.
86
Meili, supra note 51, at 389.
87
Constitution of France, 1946, Pmbl. « Tout homme persécuté en raison de son action en faveur de la
liberté a droit d'asile sur les territoires de la République. »
88
Constitution of France, 1958 (rev. 2008), art. 53-1. “les autorités de la République ont toujours le
droit de donner asile à tout étranger persécuté en raison de son action en faveur de la liberté ou qui
sollicite la protection de la France pour un autre motif.”
89
Décision 93-325 DC - 13 août 1993 - Loi relative à la maîtrise de l'immigration et aux conditions
d'entrée, d'accueil et de séjour des étrangers en France - Non-conformité partielle, «Considérant que
le respect du droit d'asile, principe de valeur constitutionnelle, implique d'une manière générale que
l'étranger qui se réclame de ce droit soit autorisé à demeurer provisoirement sur le territoire jusqu'à
ce qu'il ait été statué sur sa demande ; que sous réserve de la conciliation de cette exigence avec la
sauvegarde de l'ordre public, l'admission au séjour qui lui est ainsi nécessairement consentie doit lui
permettre d'exercer effectivement les droits de la défense qui constituent pour toutes les personnes,
qu'elles soient de nationalité française, de nationalité étrangère ou apatrides, un droit fondamental à
caractère constitutionnel . »
90
M et autres v. France, N. 1407765 (Sept. 16,2014) « considérant que le droit constitutionnel d’asile,
qui a le caractère d’une liberté fondamentale, a pour corollaire de droit de solliciter le statut de
refugie : que l’appréciation des risques auxquels est expose un demandeur de bénéfice du statut de
refugie ne peut être opérée que par l’OFPRA et La CNDA ; que par suite, l’appréciation par

‫ كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬- ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية‬ 86
2020 :‫ جوان سنة‬:‫) شهر‬01( :‫) العدد‬04( :‫اجمللد‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫د‪ /‬إسالم إبراهيم شيحة و أ‪.‬د‪ /‬مهند نوح خمتار‬

‫‪l’autorité consulaire du bien-fondé de la demande d’asile des requérants et le refus subséquent de‬‬
‫‪leur délivrer un visa de court séjour sur le territoire national, méconnait les obligations prévues en‬‬
‫‪matière d’accueil des demandeurs d’asile ; qu’elle fait, dans les circonstances particulières de‬‬
‫‪l’espèce, apparaitre une atteinte grave et manifestement illégale a une liberté fondamentale et‬‬
‫» ‪comporte des conséquences graves pour les demandeurs d’asile concernes.‬‬
‫‪91‬‬
‫‪Constitution of Italy, 1947 (rev. 2012), art. 10.‬‬
‫‪92‬‬
‫‪Meili, supra note 51, at 399.‬‬
‫‪93‬دستور مجهورية مصر العربية لعام ‪ 2012‬واملعدل ‪ ،2014‬مادة رقم ‪.91‬‬
‫‪94‬‬
‫‪Constitution of Angola, 2010, art. 71.‬‬
‫‪95‬‬
‫‪Constitution of Bulgaria, 1991 (rev.2015), art. 27(2).‬‬
‫‪96‬‬
‫‪Constitution of Democratic Republic of Congo, 2005 (rev. 2011), art. 33.‬‬
‫‪97‬‬
‫‪Meili, supra note 51, at 394.‬‬
‫‪98‬‬
‫‪Kowalczyk and Versteeg, supra note 8, at 1223.‬‬
‫‪99‬‬
‫‪Meili, supra note 51, at 384.‬‬
‫جتدر اإلشارة يف هذا اخلصوص‪ ،‬إىل أن االتفاقيات الدولية واإلقليمية املعنية حبق اللجوء‪ ،‬ويف مقدمتها االتفاقية اخلاصة أبوضاع الالجئني لعام ‪ ،1951‬قد كفلت‬
‫لألجنيب الذي يكتسب وصف الالجئ احلق يف التمتع بكامل احلقوق واحلرايت اليت ميتع هبا املواطنون يف الدولة ماحنة اللجوء وعلى األخص احلق يف املساواة‪،‬‬
‫واحلق يف التقاضي‪ ،‬واحلق يف العمل واحلق يف التعليم‪ ،‬واحلق يف التنقل‪ .‬كما ألقت هذه املواثيق الدولية واإلقليمية على عاتق الدولة جموعة من االلتزامات يف‬
‫مواجهة الالجئ‪ ،‬وعلى رأسها؛ السماح لالجئ بدخول إقليمها‪ ،‬الس ماح لالجئ ابلبقاء واإلقامة يف إقليمها‪ ،‬عدم طرد الالجئ أو إبعاده من إقليمها‪ُ ،‬يظر‬
‫على الدولة تسليم الالجئني إىل دوهلم األصلية‪ ،‬عدم تقييد حرية الالجئ أو اختاذ أية إجراءات قانونية وقضائية يف مواجهته بسبب أعمال ارتكبها يف دولته‬
‫األصلية‪.‬‬
‫ولذا فإن هناك من يرى أن اكتساب األجنيب لصفة الالجئ هو مبثابة بوابة العبور إىل جمموعة متميزة من احلقوق‪ .‬انظر يف ذلك‬
‫‪Kowalczyk and Versteeg, supra note 8 at 1245 opining that “the granting of asylum acts as a‬‬
‫‪gateway to a new set of rights”; Stefan Heuser, Is there a Right to have Rights, the Case of the Right‬‬
‫‪of Asylum, 11 Ethical Theory and Moral Prac. 3, 5 (2008) viewing that “the right to asylum aims at‬‬
‫‪reinstating civil rights on individuals or smaller social groups of persons who have lost citizenship‬‬
‫”‪in their countries of origin.‬‬
‫‪100‬‬
‫‪Kowalczyk and Versteeg, supra note 8 at 1239-40 affirming that “while the Refugee Convention‬‬
‫‪places the obligation upon states to extend certain protections to those who meet the definition of‬‬
‫”‪refugee, there is no international legal obligation to grant asylum.‬‬
‫‪ 101‬جتدر اإلشارة يف هذا السياق إىل أن احملكمة الدستورية يف دولة أملانيا قد فسرت املادة ‪ )2(16‬من دستور أملانيا لعام ‪ 1949‬واليت كانت تنص – قبل‬
‫تعديلها ‪ -‬على "حق الالجئني السياسيني يف التمتع ابحلق يف اللجوء" على حنو مينح الالجئ حق دستوري يف اللجوء يف مواجهة احلكومة األملانية‪ .‬أنظر يف ذلك‬
‫‪Kowalczyk and Versteeg, supra note 8 at 1224-25.‬‬
‫‪102‬‬
‫‪Meili, supra note 51, at 387.‬‬
‫د‪ .‬حممود سالمة‪ ،‬احلماية الدستورية والقضائية خلصوصية البياانت الشخصية للعامل‪ ،‬مطبعة أبناء وهبة حممد حسان‪ ،2016 ،‬ص‪.131 .‬‬

‫‪87‬‬ ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية ‪ -‬كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬
‫اجمللد‪ )04( :‬العدد‪ )01( :‬شهر‪ :‬جوان سنة‪2020 :‬‬
‫احلماية الدستورية للحق يف اللجوء – دراسة مقارنة‬ ‫ مهند نوح خمتار‬/‫د‬.‫ إسالم إبراهيم شيحة و أ‬/‫د‬

103
Ibid. at 389 & 406; Kowalczyk and Versteeg, supra note 8 at 1247-48 opining that “when the
requirements for asylum are defined in ordinary law, the state retains a large amount of flexibility to
alter its policies in the face of changing refugees’ flows. Statutory rights limit the discretion of
immigration officers: yet, they can be amended by a simple majority of the legislator … By
contrast, where a right toasylum is constitutionalized, a state pre-commits to granting asylum to
certain groups and makes it harder for future popular majorities to renege on these commitments
when political sentiments change.”
.142 .‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ حممود سالمة‬.‫د‬
104
Decreto Presidencial No. 1182 (June 19, 2012), Registro Oficial 727 (Ecuador).
105
Sentencia N. 002-14-Sin-CC, Case No.: 0056-12-IN y 0003-12-IA, August 14, 2014 cited by Meili,
supra note 51, at 395.
106
Ibid. at. 1255; David E. Bloom et al., Implications of Population Ageing for Economic Growth, 26
Oxford Rev. Econ.Pol’y 583, 583 (2010).
107
Kowalczyk and Versteeg, supra note 8 at 1256; Daniel A. Farber, Rights as Signals, 31 J. Legal
Stud. 83, 87 (2002).
108
USSR Constitution, art. 38 granted the right to asylum to “foreigners, persecuted for defending the
interests of the working people and the cause of peace, for participating in revolutionary or national
liberation movements, or for progressive sociopolitical, scientific, or other creative activities.”
1976 ‫من الدساتري اليت اعتنقت ذات االجتاه دستور دولة كواب لعام‬
Constitution of Cuba, 1976 (rev.2002), art. 13 stipulates that “the Republic of Cuba grants asylum
to those persecuted for their ideals or struggles for democratic rights against imperialism, fascism,
colonialism and neocolonialism; against discrimination and racism; for national liberation; for the
rights and demands of the workers, peasants, and students; for their progressive political, scientific,
artistic, and literary activities; and for socialism and peace.”

‫ كلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة حيي فارس املدية‬- ‫جملة املنار للدراسات والبحوث القانونية والسياسية‬ 88
2020 :‫ جوان سنة‬:‫) شهر‬01( :‫) العدد‬04( :‫اجمللد‬

You might also like