You are on page 1of 1

‫*)ﺎﺭﺓ ﺩﻳﺎﺭ ﺛﻤﻮﺩ‬

‫ﺇﻫﻼﻙ ﺍ‪ .‬ﻟﻘﻮﻡ ﺛﻤﻮﺩ‬


‫أرسل ا‪ #‬نبيه صالحا ً عليه الس‪4‬م إلى ثمود الذين آتاهم ا‪ #‬من‬

‫القوة والبأس ما كانوا به يقطعون الصخر وينحتون الجبال‬

‫ويتخذونها بيوتًا‪ ,‬وأرسل معه الناقة آية بينة مبصرة على صدق‬

‫نبوته‪ ،‬فكذبوه واستهزئوا بعذاب ا‪ #‬وقتلوا الناقة‪ ,‬فعاقبهم ا‪ #‬بما‬

‫أخبر في كتابه‪ ,‬فأمهلهم صالح عليه الس‪4‬م ث‪4‬ثة أيام أصابهم‬


‫ص ْي َح ًة َو ِ‬
‫اح َدةً فَ َكانُوا‬ ‫بعدها عذاب ا‪ #‬وانتقامه }إِن‪h‬ا أ َ ْر َ‬
‫س ْلنَا َع َل ْي ِه ْم َ‬
‫صبَ ُحوا ِفي‬
‫الر ْجفَ ُة فَأ َ ْ‬ ‫شيم ِ ْا‪ْ ُ l‬حت َ ِ‬
‫ظر{‪ .‬وقال تعالى‪} :‬فَأ َ َ‬
‫خذَتْ ُه ُم ‪h‬‬
‫َك َه ِ‬

‫اث ِم‪" {o‬وإنما عنى بـ)الرجفة( ها هنا الصيحة التي‬


‫َدا ِر ِه ْم َج ِ‬

‫زعزعتهم وحركتهم لله‪4‬ك‪r ،‬ن ثمود هلكت بالصيحة‪ ،‬فيما ذكر أهل‬

‫العلم" )الطبري ‪.(12/545‬‬

‫وقال تعالى‪} :‬فَأ َ ‪h‬ما ثَ ُمو ُد فَأ ُ ْهلِ ُكوا ِبالط‪ِ h‬‬
‫اغيَة{ أي بالصيحة التي طغت‬

‫وفاقت كل الصيحات كما رجح ابن جرير‪ ،‬فكان عذابهم بالصيحة‬

‫اث ِم‪ {o‬أي‪ :‬صرعى { أرواح فيهم‬


‫صبَ ُحوا ِفي َدا ِر ِه ْم َج ِ‬
‫}فَأ َ ْ‬
‫شيم ِ ْا‪ْ ُ l‬حت َ ِ‬
‫ظر{ قال السدي‪" :‬هو ا‪l‬رعى بالصحراء ح‪o‬‬ ‫وكانوا} َك َه ِ‬

‫يبيس ويحرق وتنسفه الريح" )ابن كثير ‪.(7/480‬‬

‫ﺣﻜﻢ *)ﺎﺭﺓ ﺩﻳﺎﺭ ﺛﻤﻮﺩ‪:‬‬


‫أمر ا‪ :‬عز وجل عموما ً بالسير في ا‪,‬رض وا(عتبار من‬

‫أحوال من سبقنا ممن كذبوا رسلهم ل?عتبار والعظة‪:‬‬

‫ف َكا َن َع ِ‬
‫اقبَ ُة‬ ‫ض ثُ ‪h‬م انْظُ ُروا َك ْي َ‬ ‫يروا ِفي ْ‬
‫ا‪ْ َ r‬ر ِ‬ ‫ِ‬
‫• قال تعالى‪ُ } :‬ق ْل س ُ‬
‫ْا‪َ ُ l‬كذ‪ِ Å‬ب‪.{o‬‬

‫اقبَ ُة ا ‪h‬ل ِذي َن ِم ْن‬


‫ف َكا َن َع ِ‬ ‫يروا ِفي ْ‬
‫ا‪ْ َ r‬ر ِ‬
‫ض فَيَنْظُ ُروا َكيْ َ‬ ‫ِ‬
‫• وقال‪} :‬أ َ َو َل ْم يَس ُ‬
‫ض َو َع َم ُرو َها أ َ ْكث َ َر ِم ‪h‬ما‬ ‫َقبْلِ ِه ْم َكانُوا أ َ َ ِ‬
‫ا‪ْ َ r‬ر َ‬ ‫ش ‪h‬د من ْ ُه ْم ُق ‪h‬وةً َوأَثَ ُ‬
‫اروا ْ‬
‫َع َم ُرو َها{ "أي‪ :‬أولم يسر هؤ{ء ا‪l‬كذّبون با‪ ،#‬الغافلون عن ا‪É‬خرة‬

‫تجارا‪ ،‬فينظروا إلى آثار ا‪#‬‬


‫ً‬ ‫من قريش في الب‪4‬د التي يسلكونها‬

‫فيمن كان قبلهم من ا‪r‬مم ا‪l‬كذّبة‪ ،‬كيف كان عاقبة أمرها في‬

‫تكذيبها رسلها")انظر‪ :‬تفسير الطبري ‪.(20/78‬‬

‫• وقال عن مكان عذاب قرية لوط التي أمطرت مطر السوء‪َ } :‬و إِن‪ُ h‬ك ْم‬
‫‪َ - o‬و ِبال ‪h‬ل ْي ِل أَفَ َ‪ 4‬تَ ْع ِق ُلون{‪.‬‬ ‫ص ِب ِ‬
‫ح َ‬ ‫َلت َ ُم ‪à‬رو َن َع َل ْي ِه ْم ُم ْ‬

‫خصوصا‪:‬‬
‫ً‬ ‫وورد النهي عن دخول ديار قوم ثمود‬

‫• عن ابن عمر رضي ا‪ #‬عنه أن النبي صلى ا‪ #‬عليه وسلم ‪l‬ا مر‬

‫بالحجر قال‪ {" :‬تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم‪ ،‬أن يصيبكم‬

‫ما أصابهم‪ ،‬إ{ أن تكونوا باك‪ "o‬ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى‬

‫أجاز الوادي‪) .‬البخاري ‪ ,4419‬مسلم ‪ (2980‬ومعنى تقنع‪ :‬أي‬

‫تستر بردائه‪.‬‬

‫• وعن ابن عمر ً‬


‫أيضا‪" :‬أن الناس نزلوا مع رسول ا‪ #‬صلى ا‪#‬‬

‫عليه وسلم على الحجر أرض ثمود‪ ,‬فاستقوا من آبارها وعجنوا به‬

‫العج‪ ,o‬فأمرهم رسول ا‪ #‬صلى ا‪ #‬عليه وسلم أن يهريقوا ما‬

‫استقوا ويعلفوا ا‪è‬بل العج‪ ,o‬وأمرهم أن يستقوا من البئر التي‬

‫كانت تردها الناقة" )البخاري ‪ ,3379‬مسلم ‪.(2981‬‬

‫ﺃﺣﻮﺍﻝ *)ﺎﺭﺓ ﺩﻳﺎﺭ ﺛﻤﻮﺩ‪:‬‬


‫ويمكن القول بأن زيارة ديار ثمود في الحجر لها حالتان‪:‬‬

‫‪ -1‬زيارتها ‪W‬صلحة راجحة كالتفكر وا(عتبار‪ ،‬أو التوثيق‬

‫والتعلم والتعليم‪ ،‬أو الوعظ والتذكير‪:‬‬

‫فهذا يجوز بشرط أن يكون السائح أو الزائر لها على حالة من‬

‫الخشوع والتفكر وا{عتبار والبكاء‪ ،‬وليس ‪l‬جرد ا‪l‬تعة بمشاهدة‬

‫ا‪l‬باني والقصور‪.‬‬

‫دليل جواز زيارتها للمصلحة أمور‪:‬‬

‫• عموم ا‪r‬دلة الداعية للسير في ا‪r‬رض وا‪É‬مرة به مع التفكر والنظر‬

‫يروا ِفي‬ ‫ِ‬


‫في مصارع ا‪r‬قوام السابقة‪ ,‬مثل قوله تعالى‪} :‬أ َ َو َل ْم يَس ُ‬
‫ش ‪h‬د ِمن ْ ُه ْم‬ ‫اقبَ ُة ا ‪h‬ل ِذي َن ِم ْن َقبْلِ ِه ْم َكانُوا أ َ َ‬
‫ف َكا َن َع ِ‬ ‫ض فَيَنْظُ ُروا َكيْ َ‬ ‫ا‪ْ َ r‬ر ِ‬
‫ْ‬

‫ض َو َع َم ُرو َها أ َ ْكث َ َر ِم ‪h‬ما َع َم ُرو َها َو َجا َءتْ ُه ْم ُر ُ‬


‫س ُل ُه ْم‬ ‫ا‪ْ َ r‬ر َ‬ ‫ُق ‪h‬وةً َوأَثَ ُ‬
‫اروا ْ‬

‫س ُه ْم يَظْلِ ُمون{‪ ,‬وقوله‪:‬‬ ‫ات فَ َما َكا َن ال ‪h‬ل ُه لِيَظْلِ َم ُه ْم َو َل ِك ْن َكانُوا أَنْفُ َ‬
‫ِبا ْلبَي‪Å‬ن َ ِ‬

‫ف َكا َن َع ِ‬
‫اقبَ ُة ْا‪َ ُ l‬كذ‪ِ Å‬ب‪ ,{o‬ومعنى‬ ‫ض ثُ ‪h‬م انْظُ ُروا َكيْ َ‬ ‫يروا ِفي ْ‬
‫ا‪ْ َ r‬ر ِ‬ ‫ِ‬
‫} ُق ْل س ُ‬
‫السير هو السير الحقيقي والسفر لتلك ا‪r‬ماكن‪ ,‬قال البغوي في‬

‫السيْر ا‪l‬ذكور‪" :‬أولم يسافروا في ا‪r‬رض فينظروا إلى‬


‫تفسير ‪h‬‬
‫مصارع ا‪r‬مم قبلهم فيعتبروا" )تفسير البغوي ‪.(6/262‬‬

‫وإن كان يدخل فيه السير با‪r‬فهام والتفكر في ما يسمعه من الناس‬

‫عن أحوال ا‪r‬مم السابقة وه‪4‬كها‪.‬‬

‫• أن النبي صلى ا‪ #‬عليه وسلم لم ينه عن زيارتها مطلقا ً بل أباحه‬

‫بشرط التفكر والخوف وا{عتبار فقال‪ {" :‬تدخلوا مساكن الذين‬

‫ظلموا إ{ أن تكونوا باك‪ ,"o‬قال ابن الجوزي رحمه ا‪ #‬في معنى‬

‫البكاء الوارد في الحديث‪" :‬إنما ينشأ البكاء عن التفكر‪ ,‬فكأنه‬

‫أمرهم في التفكر في أحوال توجب البكاء" )كشف ا‪l‬شكل {بن‬

‫الجوزي ‪.(2/483‬‬

‫وهذا هو معنى النظر في عاقبة الظا‪ ol‬ا‪l‬كذب‪ o‬كما ورد في‬

‫ا‪É‬يات‪ ،‬وأكمل ا{عتبار والتفكر يكون بالبكاء من خشية ا‪.#‬‬

‫‪ -2‬زيارتها ‪W‬جرد التسلية والتعرف وربما تعظيم ما كانوا‬

‫عليه بدون اعتبار و( تفكر‪ ،‬مثل ما يقع لكثير من الناس‪ :‬ف‪4‬‬

‫شك في مخالفته لحديث رسول ا‪ #‬صلى ا‪ #‬عليه وسلم‪ ،‬ونهيه عن‬

‫الدخول إ{ على حالة الخوف وا{عتبار والتفكر في قوله‪ {" :‬تدخلوا‬

‫مساكن الذين ظلموا إ{ أن تكونوا باك‪ o‬أن يصيبكم ما أصابهم"‬

‫أي حتى { يصيبكم ما أصابهم‪.‬‬

‫والراجح أن هذا النهي للتحريم كما عليه جمهور أهل العلم خ‪4‬فا ً‬

‫‪l‬ن قال بالكراهة؛ فقد نهى الصحابة وهم في الجهاد عن الدخول إ{‬

‫على هذه الصفة‪ ،‬فكيف ‪l‬ن كان قصده النزهة { غير‪ ،‬فا‪r‬صل في‬

‫النهي التحريم و{ صارف له عن ذلك‪ ,‬ثم إن مخالفة النهي مخوفة‬

‫بوقوع العذاب كما في الحديث‪) .‬انظر‪ :‬فتح الباري {بن رجب‬

‫‪.(2/433‬‬

‫قال شيخ ا‪è‬س‪4‬م ابن تيمية‪" :‬فأي تحريم أب‪ o‬من هذا! قوم‬

‫مجاهدون في سبيل ا‪ #‬في غزوة العسرة التي غلب عليهم فيها‬

‫الحاجة‪ ,‬وهي غزوة تبوك التي لم يكن يحصي عددهم فيها ديوان‬

‫حافظ‪ ,‬وخرجوا في شدة من العيش وقلة من ا‪l‬ال‪ ,‬ومع هذا يأمرهم‬

‫أن { يأكلوا عجينهم الذي هو أعز أطعمتهم عندهم‪ ,‬فلو كان إلى‬

‫ا‪è‬باحة سبيل لكان أولئك القوم أحق الناس با‪è‬باحة" )شرح العمدة‬

‫‪.(4/511‬‬

‫ﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫ما معنى التفكر وا(عتبار الذي يشترط لزيارة ديار ثمود؟‬

‫‪ -1‬التفكر في عظمة ا‪ #‬سبحانه وشدة نقمته وعذابه ‪l‬ن كفر به وأنه‬

‫مر بها فينبغي عليه‬


‫شديد ا‪l‬حال‪ ,‬فكل من دخل أماكن العذاب أو ّ‬
‫أن يستصحب الخوف من ا‪ ،#‬وا{ستشعار لعظيم نقمة ا‪ #‬عز‬

‫خذَ عزي ٍز مقتد ٍر }إِن‪َ h‬ما أ َ ْم ُرهُ‬


‫خذَ أ َ ْ‬
‫وجل‪ ،‬وأنه الجبّار ا‪l‬نتقم‪ ,‬فإذا شاء أ َ َ‬

‫ول َل ُه ُك ْن فَيَ ُكون{‪.‬‬ ‫إِذَا أ َ َرا َد َ‬


‫شيْئًا أ َ ْن يَ ُق َ‬

‫‪ -2‬ا{عتبار بحال ثمود ‪l‬ا كفروا مع ما آتاهم ا‪ #‬من النعم والقوة‪,‬‬

‫فاستحبوا العمى على الهدى‪ ,‬وضلوا بعد ما أرسل ا‪ #‬لهم ا‪É‬يات‬

‫والرسل‪ ,‬فما أغنت عنهم قوتهم وجبروتهم ‪l‬ا كفروا با‪ ,#‬وكيف تعدى‬

‫أثر وشؤم معصيتهم إلى ا‪l‬كان وا‪l‬اء والتراب‪.‬‬

‫‪ -3‬ا{عتبار بحال الزائر نفسه‪ ،‬وعظم نعمة ا‪ #‬عليه بتوفيقه ل‪õ‬يمان‪،‬‬

‫واعتباره بغيره‪ ،‬وتمكينه من ا{ستدراك‪ ،‬وإمهاله مع العصيان‪،‬‬

‫ومسامحته مع الزلل‪ ،‬فيستدرك ما فاته ويحاسب نفسه )انظر‪:‬‬

‫كشف ا‪l‬شكل {بن الجوزي ‪.(484-2/483‬‬

‫وينبغي أن يكون ا{عتبار والتفكر مصاحبا ً للزائر طوال زيارته‬

‫ويذكر نفسه به‪ ,‬قال ابن حجر‪" :‬قوله‪) :‬إ{ أن تكونوا باك‪ (o‬ليس‬

‫دائما عند كل جزء‬


‫ً‬ ‫ا‪l‬راد ا{قتصار في ذلك على ابتداء الدخول‪ ،‬بل‬

‫من الدخول‪ ،‬وأما ا{ستقرار فالكيفية ا‪l‬ذكورة مطلوبة فيه با‪r‬ولوية"‬

‫)فتح الباري ‪.(1/530‬‬

‫ﻣﻮﻗﻊ ﺩﻳﺎﺭ ﺛﻤﻮﺩ‪:‬‬


‫• ديار ثمود في مدينة الحجر على بعد ‪22‬كم‪ ,‬شمال شرق مدينة‬

‫الع‪ ,4‬وهو ا‪l‬كان ا‪l‬عروف عند الناس بمدائن صالح‪ ,‬وما زال اسم‬

‫الحجر منتشرا ً ب‪ o‬أهل تلك ا‪l‬نطقة إلى اليوم‪ ,‬وقد ذكر الحجر في‬

‫سلِ‪ ,{o‬ومذكور في السنة‬ ‫اب ا ْل ِ‬


‫ح ْج ِر ْا‪ْ ُ l‬ر َ‬ ‫القرآن } َو َل َق ْد َكذ‪َ h‬‬
‫ب أَ ْ‬
‫ص َح ُ‬
‫كما في صحيح البخاري عن نافع أن عبد ا‪ #‬بن عمر رضي ا‪#‬‬

‫عنهما أخبره‪" :‬أن الناس نزلوا مع رسول ا‪ #‬صلى ا‪ #‬عليه وسلم‬

‫أرض ثمود الحجر فاستقوا من بئرها واعتجنوا به فأمرهم رسول ا‪#‬‬

‫صلى ا‪ #‬عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها وأن يعلفوا‬

‫ا‪è‬بل العج‪ o‬وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة"‬

‫)البخاري ‪.(3379‬‬

‫• وهذه هي ا‪l‬نطقة ا‪l‬عروفة ا‪l‬شهورة من قديم إلى يومنا‪ ,‬وهي‬

‫أظهر وأشهر ما يراه السائر من الشام للحجاز‪ ,‬قال ابن كثير‪:‬‬

‫"وثمود قوم صالح كانوا يسكنون الحجر قريبا ً من وادي القرى‪,‬‬

‫وكانت العرب تعرف مساكنهما جيدا ً‪ ,‬وتمر عليها كثيرا ً " )تفسير‬

‫ابن كثير ‪.(6/278‬‬

‫بل قال البلقيني إن معرفة بئر الناقة معلوم بالتواتر إذ { يشترط فيه‬

‫ا‪è‬س‪4‬م )انظر‪ :‬فتح الباري ‪.(6/380‬‬

‫• الحجر مدينة معروفة في طريق الحجاج‪ ,‬يعرف الناس بئر الناقة‬

‫ويردون عليها ويستقون منها‪ ,‬إلى أن اندرس العلم ببئر الناقة في‬

‫أزمان متأخرة‪ ,‬فصاروا يمرون على ديار ثمود و{ يعلمون أين هي‬

‫بئر الناقة‪.‬‬

‫قال السفاريني رحمه ا‪" :#‬جزم علماؤنا أنه { يباح من آبار ثمود‬

‫إ{ بئر الناقة‪ ,‬قال شيخ ا‪è‬س‪4‬م ابن تيمية‪ :‬هي البئر الكبيرة التي‬

‫يردها الحجاج في هذه ا‪r‬زمنة –يعني أزمنته‪ .-‬قلت‪ :‬هي ا‪É‬ن‬

‫مجهولة فقد سألت عنها )أي بئر الناقة( ‪l‬ا مررنا بها في ذهابنا‬

‫وإيابنا سنة حجنا‪ ،‬وهي سنة ألف ومائة وثمانية وأربع‪ ،o‬فلم‬

‫يخبرني بها أحد" )شرح ث‪4‬ثيات أحمد ‪.(1/52‬‬

‫• ثم هي تشمل جميع ا‪l‬باني في تلك ا‪l‬نطقة وما حولها كما قال‬


‫ابن جرير‪" :‬وكانت مساكنها ِ‬
‫الح ْجر‪ ،‬ب‪ o‬الحجاز والشأم‪ ،‬إلى وادي‬

‫ال ُق َرى وما حوله" )جامع البيان ‪.(12/524‬‬

‫وصف ا‪l‬ؤرخ‪ o‬وعلماء البلدان للمنطقة وبنائها كله يشير إلى ما‬
‫• ْ‬
‫ِ‬
‫"والح ْجر‪ :‬اسم‬ ‫هو معروف اليوم بمدائن صالح‪ ,‬قال ياقوت الحموي‪:‬‬

‫ديار ثمود بوادي القرى ب‪ o‬ا‪l‬دينة والشام‪ ,‬قال ا‪è‬صطخري‪ :‬الحجر‬

‫قرية صغيرة قليلة السكان‪ ,‬وهو من وادي القرى على يوم ب‪ o‬جبال‪,‬‬
‫حتُو َن ِم َن ا ْلجِبَ ِ‬
‫ال بُيُوتًا‬ ‫وبها كانت منازل ثمود‪ ,‬قال ا‪ #‬تعالى‪َ } :‬وتَن ْ ِ‬

‫فَا ِر ِه َ‬
‫‪ ,{o‬قال‪ :‬ورأيتها بيوتا مثل بيوتنا في أضعاف جبال‪ ,‬وتسمى‬

‫تلك الجبال ا‪r‬ثالث‪ ،‬وهي جبال إذا رآها الرائي من بعد ظنها‬

‫متصلة‪ ،‬فإذا توسطها رأى كل قطعة منها منفردة بنفسها‪ ،‬يطوف‬

‫بكل قطعة منها الطائف وحواليها الرمل‪ { ،‬تكاد ترتقى كل قطعة‬

‫منها قائمة بنفسها‪ { ،‬يصعدها أحد إ{ بمشقة شديدة‪ ،‬وبها بئــــر‬

‫ب يَ ْوم ٍ‬ ‫ب َو َل ُك ْم ِ‬
‫ش ْر ُ‬ ‫ثمــــود التي قال ا‪ #‬فيهــا وفي الناقة } َل َها ِ‬
‫ش ْر ٌ‬
‫َم ْع ُلوم ٍ{" )معجم البلدان ‪.(2/221‬‬

‫فثبت لنا أنها بنايات في الجبال في مدينة الحجر في طريق‬

‫ا‪l‬سافر من الحجاز للشام‪ ,‬ومر بها النبي صلى ا‪ #‬عليه وسلم في‬

‫غزوة تبوك‪ ,‬وأنها هي ديار ثمود قوم صالح عليه الس‪4‬م‪ ,‬وما زال‬

‫الناس يتناقلون الخبر عنها جي‪ ً4‬بعد جيل من قبل ا‪è‬س‪4‬م‪ ،‬على‬

‫الظن الجازم الذي تحول إلى القطع بعد مرور النبي صلى ا‪ #‬عليه‬

‫وسلم منها‪.‬‬

‫ﺇﺷﻜﺎﻻﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ‪:‬‬


‫يستشكل بعض الناس ما يقوله بعض علماء ا‪É‬ثار من معلومات قد‬

‫يظن ‪r‬ول وهلة أنها تدفع أن تكون مدينة الحجر ‪-‬أو ما يسمى اليوم‬

‫مدائن صالح‪ -‬هي ديار ثمود وقوم نبي ا‪ #‬صالح عليه الس‪4‬م‪ ,‬ومن‬

‫تلك ا‪è‬شكا{ت‪:‬‬

‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻧﺒﻄﻴﺔ‬


‫يستشكل بعض الناس كون الرسوم والكتابات في الحجر من صنع‬

‫ا‪r‬نباط في القرن الثاني قبل ا‪l‬ي‪4‬د فكيف تكون هي ديار ثمود؟‬

‫{ مانع من أن يكون سكن الحجر بعد ثمود اللحيانيون قبل مي‪4‬د‬

‫ا‪l‬سيح عليه الس‪4‬م بتسعة قرون‪ ,‬ثم احتلها ا‪r‬نباط في القرن‬

‫الثاني قبل ا‪l‬ي‪4‬د‪ ,‬واتخذوا من بيوت الحجر معابد ومقابر وأعادوا‬

‫زخرفتها ونسبوها ‪r‬نفسهم في نقوشهم وكتاباتهم‪ ,‬وجعلوها‬

‫عاصمتهم الجنوبية‪ ,‬والبتراء عاصمتهم الشمالية‪.‬‬

‫ومع ذلك يبقى لها أحكامها وتنسب ‪r‬هلها ا‪r‬وائل؛ كما نسبها لهم‬

‫النبي صلى ا‪ #‬عليه وسلم "أن الناس نزلوا مع رسول ا‪ #‬صلى ا‪#‬‬

‫عليه وسلم أرض ثمود الحجر‪ ....‬فقال‪ {:‬تدخلوا بيوت الذين ظلموا‬

‫أنفسهم" )البخاري ‪.(3379‬‬

‫ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺁ‪Q‬ﺎﺭ ‪P‬ﻟ‪O‬ﺍﻝ ﻓﻲ‬


‫ﺍﻟﺤﺠﺮ‬
‫يقول البعض إنه { توجد آثار زلزال في منطقة الحجر وما يسمى‬

‫مدائن صالح‪ ،‬مع وجود آثار لزلزال في منطقة أخرى قريبة من‬

‫الساحل‪.‬‬

‫ولتوضيح ذلك يقال‪ :‬إن ديار ثمود التي مر عليه رسول ا‪ #‬صلى ا‪#‬‬

‫اب‬
‫ص َح ُ‬ ‫عليه وسلم في الحجر‪ ،‬كما قال ا‪ #‬تعالى‪َ } :‬و َل َق ْد َكذ‪َ h‬‬
‫ب أَ ْ‬
‫سلِ‪ {o‬وعرفها الناس قبل ا‪è‬س‪4‬م وبعده إلى اليوم‪.‬‬ ‫ا ْل ِ‬
‫ح ْج ِر ْا‪ْ ُ l‬ر َ‬

‫وعذاب ا‪ #‬لثمود قوم صالح كان الصيحة وليست الزلزلة‪ ،‬كما في‬

‫ا‪É‬يات الصريحة الدالة على ذلك‪.‬‬

‫الر ْجفَة{ فمعناه الصيحة القوية التي‬ ‫أما قوله تعالى‪} :‬فَأ َ َ‬
‫خذَتْ ُه ُم ‪h‬‬
‫زعزعتهم وحركتهم لله‪4‬ك‪ ,‬وهو قول مجاهد والسدي وجمهور‬

‫ا‪l‬فسرين‪ ,‬كما يسمي العرب الشيء العظيم بأسماء مختلفة‪ ,‬كل‬

‫اسم دال على معنى فيه‪ ,‬كما سميت الصيحة أيضا ً بالطاغية؛ ‪r‬نها‬

‫طغت وتجاوزت غيرها‪.‬‬

‫الر ْجفَ ُة فَأ َ ْ‬


‫صبَ ُحوا‬ ‫قال ابن جرير"القول في تأويل قوله‪} :‬فَأ َ َ‬
‫خذَتْ ُه ُم ‪h‬‬
‫اث ِم‪.{o‬‬
‫ِفي َدا ِر ِه ْم َج ِ‬

‫قال أبو جعفر‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬فأخذت الذين عقروا الناق َة من‬

‫ثمود الرجفة‪ ،‬وهي الصيحة‪.‬‬

‫رجفًا‪ ،‬وذلك‬
‫ف ْ‬‫يرج ُ‬
‫رجف بف‪4‬ن كذا ُ‬
‫والرجفة‪ :‬الفعلة‪ ،‬من قول القائل‪َ :‬‬
‫حركه وزعزعه‪ ...‬وإنما عنى بـ)الرجفة( ها هنا الصيحة التي‬
‫إذا ‪h‬‬
‫زعزعتهم وحركتهم لله‪4‬ك؛ ‪r‬ن ثمود هلكت بالصيحة‪ ،‬فيما ذكر أهل‬

‫العلم" )جامع البيان ‪.(12/545‬‬

‫وإذا قيل بأن الرجفة هي الزلزلة كما قال بعض ا‪l‬فسرين‪ ،‬فا‪ #‬قادر‬

‫على إبقاء الديار كآية‪ ,‬وظاهر القرآن أن دورهم لم يصبها شيء‪,‬‬

‫صبَ ُحوا ِفي َدا ِر ِه ْم‬


‫على الخ‪4‬ف في معنى الدار في قوله تعالى‪} :‬فَأ َ ْ‬
‫اث ِم‪) {o‬انظر‪ :‬الطبري‪ .(2/545‬وربما أصلح ا‪r‬نباط بعض آثار‬
‫َج ِ‬

‫الزلزال‪ ،‬على أن الراجح أن الرجفة بمعنى الصيحة كما سبق‪.‬‬

‫ً‬
‫ﻃ‪)X‬ﻘﺎ ﻟﻠﺤﺠﺎﺝ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺠﺮ‬
‫يشكل على البعض وجود عدد من أمارات التواجد والحراك‬

‫السكاني في الحجر‪ ,‬كوجود سكة الحديد والقلعة‪ ،‬إضافة إلى أن‬

‫فيها محطة لقوافل الحجيج واستراحاتهم‪ ,‬فكيف تكون هي ا‪l‬نطقة‬

‫ا‪l‬نهي عن دخولها إ{ على حال البكاء؟‬

‫ولتوضيح ذلك يقال‪ :‬أما كونها طريقا ً للحجاج ف‪ 4‬مانع من ذلك‪ ،‬وقد‬

‫مر بها النبي صلى ا‪ #‬عليه وسلم ‪-‬وإن لم ينزل‪ ,-‬وزيارة الناس‬
‫‪h‬‬
‫لديار ثمود وكون الحجاج يقصدونها أثناء سيرهم ل‪4‬عتبار والعظة {‬

‫بأس فيه كما ذكرنا‪ ,‬بل قال تعالى عن موقع عذاب قوم لوط‪َ } :‬و إِن‪ُ h‬ك ْم‬
‫س ِبي ٍل ُم ِقيم{‪ ,‬ووجود‬
‫‪َ • o‬و ِبال ‪h‬ليْ ِل{ } َو إِن‪َ h‬ها َل ِب َ‬ ‫ص ِب ِ‬
‫ح َ‬ ‫َلت َ ُم ‪à‬رو َن َع َليْ ِه ْم ُم ْ‬
‫عدد من الق‪4‬ع هناك { شك في جوازه إذا وجدت مصلحة راجحة‪,‬‬

‫كا‪l‬حافظة على ماء بئر الناقة‪ ,‬أو حماية قوافل الحجاج‪ ,‬وجعل‬

‫القلعة كمحطة راحة لهم‪.‬‬

‫ثم إنه { يسوغ ا{ستد{ل بفعل الناس على الحكم الشرعي‪ ,‬فقد‬

‫ضيع البعض أهم شعائر الدين وأصوله‪ ،‬و{ يستدل أحد على صحة‬

‫الفعل بوقوعه وكثرة فاعليه‪ ,‬فتجد الشركيات تنتشر في كثير من‬

‫ا‪r‬صقاع‪ ,‬و{ يمكن بحال ا{ستد{ل بانتشار الطواف على القبور‬


‫ض يُ ِ‬
‫ض ‪à‬ل َ‬
‫وك َع ْن‬ ‫طعْ أ َ ْكث َ َر َم ْن ِفي ْ‬
‫ا‪ْ َ r‬ر ِ‬ ‫مث‪ ً4‬على جواز ذلك } َو إِ ْن تُ ِ‬

‫س ِبي ِل ال ‪h‬له{‪ ,‬فا‪l‬رجع في ذلك للكتاب والسنة‪.‬‬


‫َ‬

‫ﺃﻥ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﻤﺪﺍﺋﻦ ﺻﺎﻟﺢ‬


‫ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ‬
‫ِ‬
‫بالح ْجر‪ ,‬وهو اسمها القديم ا‪l‬عروف إلى اليوم‪,‬‬ ‫سمى ا‪ #‬ا‪l‬نطقة‬

‫صبَ ُحوا ِفي‬


‫ويمكن تسميتها بديار ثمود كما نسبها إليهم القرآن {فَأ َ ْ‬
‫اث ِم‪ ،}o‬ويسميها كثير من الناس اليوم مدائن صالح‪ ,‬وهي‬
‫َدا ِر ِه ْم َج ِ‬

‫تسمية حادثة في العصور ا‪l‬تأخرة‪ ،‬وقد يكون ذلك من نسبة العوام‬

‫ا‪l‬باني لنبي ا‪ #‬صالح عليه الس‪4‬م ا‪l‬رسل إلى ثمود‪ ،‬أو يكون ما‬

‫ذكره البرزالي صحيحا ً في أنها نسبة لرجل اسمه صالح من بني‬

‫العباس‪ ,‬وا‪ #‬أعلم بالصواب‪.‬‬

‫قال ابن ناصر الدين‪" :‬ومدائن صالح التي بالقرب من الع‪ 4‬في‬

‫طريق الحاج من الشام بلد إس‪4‬مي‪ ,‬وصالح ا‪l‬نسوبة إليه من بني‬

‫العباس بن عبد ا‪l‬طلب‪ ,‬وفيها قبور عليها نصائب تاريخها بعد‬

‫الث‪4‬ث مئة‪ ,‬ذكره الحافظ أبو محمد القاسم ابن البرزالي فيما‬

‫وجدته بخطه" )توضيح ا‪l‬شتبه ‪.(8/97‬‬

‫ﺗﺬﻛﺮ‬

‫‪ .1‬أمر ا‪ #‬بالسير في ا‪r‬رض وا{عتبار من أحوال من سبقنا‬

‫من ا‪r‬مم‪.‬‬

‫‪ .2‬ورد النهي عن دخول ديار ثمود‪.‬‬

‫‪.3‬تباح زيارة ديار ثمود إذا كانت ‪l‬صلحة راجحة؛ كالتعلم‬

‫والتوثيق مع ا{عتبار وا{تعاظ‪.‬‬

‫‪ .4‬تحرم زيارة ديار ثمود ‪l‬جرد التسلية والترويح بدون اعتبار‬

‫واتعاظ‪.‬‬

‫‪ .5‬ديار ثمود في مدينة الحجر ‪ ،‬شمال شرق مدينة ال ُع‪،4‬‬

‫وتعرف بـ)مدائن صالح(‪.‬‬

‫‪ُ { .6‬يلتفت إلى ا‪è‬شكا{ت التي أوردها بعض علماء ا‪É‬ثار‬

‫بأن مدائن صالح ليست ديار ثمود‪è ،‬قرار النبي صلى ا‪#‬‬

‫عليه وسلم بأن هذه ديارهم‪.‬‬

‫وجهات تاريخية‬

‫ﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ‬ ‫ﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺋﺢ‬


‫ا‪l‬سلم الجديد‬ ‫مقدمات‬

‫دعوتك‬ ‫عبادات‬

‫ع‪4‬قتك‬ ‫فعاليات‬

‫وجهات‬

‫‪‬‬
‫من نحن‬

‫عن الكتب‬

You might also like