Professional Documents
Culture Documents
المحور الثالث السلطة المختصة بتوقيع الجزاء
المحور الثالث السلطة المختصة بتوقيع الجزاء
ثانيا :وظائف السلطة التأديبية :تقوم السلطة التأدیبیة بدورین رئیسین :
یتمثل الدور األول في تحدید الجریمة التأدیبیة من حیث اعتبار أو عدم اعتبار األفعال
والتصرفات المرتكبة من قبل الموظف العام خطأ تأدیبیا یعاقب علیه القانون ،تبعا لما
ینطوي علیه هذا التصرف من اعتداء أو عدم اعتداء على النظام المقرر في نطاق جماعة
بذاتها.
أما الدور الثاني فیتمثل في اختیار العقوبة المناسبة من بین العقوبات التي حددها المشرع.
الفرع الثاني :سلطة التأديب في ظل األمر 03/06
لم یأخذ المشرع الجزائري في إطار التأدیب بالنظام اإلداري وال بالنظام القضائي،
وإنما انتهج ما یعرف بالنظام شبه القضائي سواء في األمر 133/66أو المرسوم رقم /85
59و حتى األمر األخیر 03/06ساري المفعول مع إدخال بعض التعدیالت البسیطة في
هذا المجال .
ویتجلى هذا النظام بتخویل سلطة توقیع بعض العقوبات التأدیبیة إلى السلطة اإلداریة
الرئاسیة ،وإحالة البعض األخر إلى المجالس التأدیبیة ،وهذا ما یعتبر أول خصوصیات
النظام شبه القضائي للتأدیب بشأن رسم العالقة بین الرئیس اإلداري والمجالس التأدیبیة،
بمناسبة ممارسة حق التأدیب .
فیكون بذلك المشرع الجزائري قد أناط اإلختصاص في إصدار القرار التأدیبي
المتضمن العقوبات التأدیبیة لجهتین هما :السلطة الرئاسیة ومجالس التأدیب.
أوال :السلطة الرئاسية (الرئيس اإلداري) :إن سلطة التأدیب في الوظیفة العمومیة هي جزء
من السلطة الرئاسیة ومظهر من مظاهرها ،كما أن اختصاص الرؤساء اإلداریین بسلطة
التأدیب في الوظیفة العامة هو إختصاص أصیل یمارسه الرؤساء على أشخاص مرؤوسیهم
داخل اإلدارة إذا اقتضى األمر ،من أجل ضمان حسن سیر المرافق العامة بانتظام
واضطراد ،وهذا عمال بمبدأ تالزم المسؤولیة والسلطة ،الذي یقرر أنه ال مسؤولیة بدون
سلطة وال سلطة بدون مسؤولیة .
األستاذة :مهيدي سوماية
فاإلجراءات التأدیبیة تنطلق من الرئیس اإلداري الذي یعتبر محركها ،وإن كان ال ینفرد
إال بتوقیع العقوبات التي هي لیست على درجة من الشدة وهو ما سیتم بیانه كاآلتي:
:/1اتخاذ اإلجراء التأديبي من قبل سلطة التعيين :لقد خص المشرع الجزائري السلطة
التي لها صالحیة التعیین بتحریك دوالیب إتخاذ اإلجراءات التأدیبیة .
وهذا یعني أن سلطة التأدیب في نظام تأدیب الوظیف العمومي الجزائري هي من اختصاص
السلطة الرئاسیة التي لها حق التعیین.
وحسب المادة 95من األمر 03/06المتضمن القانون األساسي العام للوظیفة العمومیة
فإنه »:تعود صالحیة تعیین الموظف إلى السلطة المخولة بمقتضى القوانین والتنظیمات
المعمول بها«
وإذا كانت السلطة المختصة بإتخاذ العقوبات التأدیبیة هي السلطة التي لها حق التعیین ،فإنه
ال مانع من تفویض سلطة التعیین وما یترتب عنه من تفویض سلطة التأدیب.
:/2نطاق اختصاص الرئيس اإلداري :لقد أطلق المشرع الجزائري ید السلطة الرئاسیة
اإلداریة في توقیع العقوبات التأدیبیة ،غیر أنه میز حسب األمر 03/06بین عقوبات
الدرجة األولى والثانیة من جهة وعقوبات الدرجة الثالثة والرابعة من جهة أخرى.
أ – عقوبات الدرجة األولى والثانية :حسب المادة 165من األمر 03/06فإنه تتخذ
السلطة التي لها صالحیة التعیین بقرار مبرر ،العقوبات التأدیبیة من الدرجة األولى والثانیة
بعد حصولها على توضیحات كتابیة من المعني ،فهنا المشرع لم یلزم السلطة الرئاسیة
اإلداریة باستشارة أي هیئة ،وربما یرجع ذلك لقلة أهمیة وبساطة هذه العقوبات .
ب – عقوبات الدرجة الثالثة والرابعة :أما بالنسبة لهاته العقوبات فتتخذها السلطة المكلفة
بالتعیین بقرار مبرر ،بعد اخذ الرأي الملزم للجنة اإلداریة المتساویة األعضاء المنعقدة
كمجلس تأدیبي ،والتي یجب أن تبت في القضیة المطروحة علیها في أجل ال یتجاوز خمسة
وأربعین یوما ) ( 45من تاریخ إخطارها .
وهنا قد وفر المشرع للموظف المعني بعقوبات الدرجة الثالثة والرابعة ضمانة القرار
الجماعي فكأننا أمام محكمة تأدیبیة ذات تشكیلة جماعیة .
األستاذة :مهيدي سوماية
وقد رتب األمر 03/06بموجب المادة 166منه أثرا أو جزاءا سلبیا في حال عدم
مراعاة أجل إحالة الملف التأدیبي على اللجنة اإلداریة المتساویة األعضاء وهو خمسة و
أربعین یوما ) ( 45متمثل في سقوط الخطأ.
ثانيا :مجالس التأديب :لقد أنشأ المشرع الجزائري إلى جانب السلطة الرئاسیة التأدیبیة
هیئات على مستوى كل سلك إداري تشاركها في اتخاذ القرارات التأدیبیة ،إذا ما تعلق األمر
بعقوبات على درجة من الشدة وقد أطلق علیها األمر رقم 03/06تسمیة" اللجنة اإلداریة
المتساویة األعضاء" ،وهذه اللجان أو المجالس عبارة عن تشكیلة متساویة األعضاء من
ممثلین عن اإلدارة وممثلین عن الموظفین یرأسها أحد اإلداریین.
وقد صدر بشأنها المرسوم 11/84الذي یحدد كیفیات تعیین ممثلین عن الموظفین في
اللجان المتساویة األعضاء.
كما أصدرت المدیریة العامة للوظیفة العمومیة نصوص تفسیریة متعلقة باللجان اإلداریة
المتساویة األعضاء .
وقد اعتبر الدكتور محمد أنس قاسم أنه بوجود اللجان المتساویة األعضاء أخذ المشرع
الجزائري بمبدأ دیمقراطیة اإلدارة وحق الموظفین في المشاركة في تنظیم أمورهم وما
یصدر بشأنهم من قرارات عن طریق هذه اللجان .
وإذا كان المشرع قد جسد منطق الضمان عند إنشائه اللجان اإلداریة المتساویة
األعضاء إلى جانب الرئیس اإلداري اللذان یجتمعان كمجلس تأدیبي ،حیث ال یسع الرئیس
اإلداري اإلنفراد بتوقیع العقوبات التي هي على درجة من الخطورة ،لیصبح من الضروري
د راسة هذا األخیر – المجلس التأدیبي – على مستویین ،اإلطار العضوي الذي رصده له
المشرع واإلطار الوظیفي كإختصاص محدد على سبیل الحصر كما یلي:
/1اإلطار العضوي :وفي إنتظار صدور النصوص التنظیمیة المحددة إلختصاصات هذه
اللجنة وتشكیلها وتنظیمها وسیرها ونظامها الداخلي والنموذجي وكیفیة سیر االنتخابات كما
نصت على ذلك المادة 73من األمر 03/06یبقى العمل ساریا بالنصوص التنظیمیة
السابقة ،خاصة المرسوم 10/84و 11/84والتعلیمات الصادرة عن المدیریة العامة
للوظیفة العمومیة.
األستاذة :مهيدي سوماية
فطبقا للمادة 5من المرسوم 10/84فإن عهدة أعضاء اللجنة المتساویة األعضاء هي
ثالث ) ( 03سنوات قابلة للتجدید ،ویمكن تقصیر مدة العضویة أو تطویلها في فائدة
المصلحة ،بقرار من الوالي بعد موافقة المدیریة العامة للوظیفة العمومیة.
حیث تتكون هذه اللجان على مستوى اإلدارة المركزیة والوالیات والمنشآت العامة،
بالتساوي من عدد من الموظفین یمثل العمال ،وعدد آخر یمثل اإلدارة .
أما بالنسبة لرئاسة هذه اللجان فقد أنیط بها حسب ما نصت علیه المادة 63من
األمر 03/06والمادة 11من المرسوم 10/84إلى السلطة التي وضعت على مستواها.
وهذا ما یجعلنا نتساءل عن قیمة هذه اللجان والفائدة من إنشائها مادام أن الرئیس ینتمي
إلى اإلدارة ،وفي حالة تساوي األصوات یرجح صوته وهذا ما یجعل صوت الرئیس یخدم
دائما مصالح اإلدارة على حساب مصالح الموظف .
/2اإلطار الوظيفي :نصت المادة 09من المرسوم رقم 10/84على أنه یمكن الرجوع
إلى اللجان المتساویة األعضاء في جمیع المسائل ذات الطابع الفردي ،وحسب المادة 64
من األمر 03/06
»:تستشار اللجان اإلداریة المتساویة األعضاء في المسائل الفردیة التي تخص الحیاة
المهنیة للموظفین ،وتجتمع زیادة على ذلك كلجنة ترسیم وكمجلس تأدیبي«
كما أن المشرع في األمر 03/06قد نص على إلزامیة األخذ برأي اللجنة اإلداریة
المتساویة األعضاء المجتمعة كمجلس تأدیبي ،وذلك بقوله »تتخذ السلطة التي لها صالحیات
التعیین بقرار مبرر العقوبات التأدیبیة من الدرجة األولى والثانیة بعد حصولها على
توضیحات كتابیة من المعني ،وتتخذ السلطة التي لها صالحیات التعیین العقوبات التأدیبیة
من الدرجة الثالثة والرابعة بقرار مبرر ،بعد أخذ الرأي الملزم من اللجنة اإلداریة المتساویة
األعضاء المختصة ،المجتمعة كمجلس تأدیبي "
فحسبه یصدر القرار التأدیبي المتضمن تأدیب الموظف العام:
أ – من السلطة اإلداریة الرئاسیة التأدیبیة من دون استشارة أو أخذ رأي اللجنة اإلداریة
المتساویة األعضاء في عقوبات الدرجة األولى والثانیة.
األستاذة :مهيدي سوماية
ب – من السلطة اإلداریة الرئاسیة التأدیبیة بعد أخذ الرأي الملزم للجنة اإلداریة المتساویة
األعضاء في عقوبات الدرجة الثالثة والرابعة.
وانطالقا من أن رأي اللجنة اإلداریة المتساویة األعضاء ملزم لإلدارة ویجب إتباعه فیما
یتعلق بالعقوبات من الدرجة الثالثة والرابعة ،فهذا یعكس إلزامیة إشراك ممثلي الموظفین
في إتخاذ القرار المناسب الذي ال تنفرد به اإلدارة ،ویكون قرار اللجنة مبر را حتى ال تثار
حوله الشكوك .