You are on page 1of 2

‫الخطة االخراجية‬

‫فاضل خليل‬

‫الحوار المتمدن‪-‬العدد‪22:25 - 25 / 7 / 2021 - 6969 :‬‬


‫المحور‪ :‬االدب والفن‬

‫ومثل ما للبحث االدبي – االطروحة او الرسالة – خطة يسير على هديها الباحث – طالب الدراسات العليا – ‪ ،‬كذلك لـ [ المخرج ] يجب‬
‫ان تكون خطته الدقيقة الواضحة التي يسير على هديها عبر سلسلة من االفعال المتصلة والمتغلغلة وصوال الى [ الهدف األعلى ] للعرض‬
‫المسرحي‪ .‬أو بصيغة اخرى من أجل ايصال أفكار العرض التي هي [فكر المسرح ] ونعني به ‪ :‬هي ما أراد المؤلف ‪ +‬المخرج ‪ +‬كامل‬
‫فريق العمل = ايصاله الى الجمهور[فكر القاعة ] ‪ ،‬أمال في ان يلتقي الفكران ‪.‬‬
‫الخطة االخراجية ‪ ،‬اذن ‪ ،‬تبدأ منذ لحظة اكتشاف االفكار الهامة االساسية ‪ ،‬والهامشية ايضا ‪ ،‬التي تلتقي مع تفكيره واهتماماته المستندة –‬
‫بعضا – مع فكر النص [ المؤلف ] ‪ ،‬الواجب ايصالها الى الناس بشكل ملح – كونها هي افكار االفكار السائدة في المجتمع والتساؤالت‬
‫الباحثة عن اسئلة والبحث في الخالص عن المخاوف – وعندها يبدأ التفاعل بين االفكار حد االمتزاج والتماهي التام ‪ ،‬ليبدا بعدها ايجاد‬
‫الوسائل التي من شأنها التوصيل ‪ .‬حيث تبدا المقترحات التي من شأنها ذلك ‪ ،‬وفي كل قراءة هناك مقترحات وهناك تطوير في الشكل‬
‫لمرات عديدة ‪ ،‬تستقر بعدها لتتبلور الى الصيغة شبه النهائية ‪ ،‬لتكون الخاتمة المستقرة لالفكار – شكال ومضمونا – على خشبة المسرح‬
‫امام الجمهور ‪ .‬وعندها يقف المخرج على اهمية ودقة قراءته عندما تجد صداها من الجمهور او ال تجده او عندما تتفاوت نسبة‬
‫االستقبال ‪ ،‬وفي مختلف انواع التقبل تكون الحالة صحية ‪ .‬يتمكن الخرج خالل ايام العرض من التعديل او التبديل وفق المتغيرات اليومية‬
‫‪ .‬ويستمر الحال بالتعديل والتبديل حتى اخر يوم من ايام العرض امام الجمهور ‪ .‬وهناك العديد من المؤلفين – المخرجين منهم على وجه‬
‫الخصوص – يستقر لديه النص مع العرض االخير فيقوم بطباعته ليكون نصا مسرحيا مجربا بحق‪.‬‬
‫وكما ان للبحث االدبي – كتابة الرسالة او االطروحة – خطته التي يسير على هديها الباحث‪ .‬كذلك فان للمخرج‪ ،‬يجب ان تكون له خطته‬
‫التي يسير على هديها‪ ،‬تمكنه من السير بسالم ودقة ووضوح عبر سلسلة متشابكة ومتصلة من الخطوط المتعددة‪ ،‬هدفها تحقيق [ فكر‬
‫المسرح ] للعرض المسرحي وايصاله الى الجمهور او كما نتعارف عليه بـ [ فكر القاعة ] وهو [ الهدف األعلى ] الذي يسعى المخرج‬
‫والعاملين الى الوصول اليه‪ .‬وخطة المخرج‪ ،‬تبدأ منذ لحظة الكشف عن االفكار الهامة في النص التي تلتقي مع فكر المخرج وبقية‬
‫العاملين في العرض‪ .‬مع البحث عن السبل التي تعتبر الوسيلة األمثل في ايصال العرض الى احسن حاالته‪.‬‬
‫الخطة االخراجية –اذن– هي جهود طويلة االمد ‪ ،‬البد من ان تدرس ويهيأ لها بعمق وعناية‪ ،‬لتنفذ على دفعات‪ .‬فالخطة تمتلك –‬
‫استراتيجيتها – و – تكتيكها – وال يمكن لها ان تؤدي اغراضها بمعزل عن جهود كل فريق العمل التي من شأنها ايصال االفكار‬
‫والتأثيرات الفنية والفكرية والجمالية والفلسفية الى الجمهور ‪ ،‬وفي هذا نجاح اكيد لعمل الخطة االخراجية‪ .‬ولكي نتعرف على مدى نجاح‬
‫الخطة االخراجية ‪ ،‬يتوجب علينا ان نطرح السؤال التالي ‪:‬‬
‫• متى نبدأ بالتجسيد العملي للخطة ؟‬
‫ويكون الجواب في ‪ :‬عندما تبدأ المسرحية بالحركة في االذهان المنفذة بعد قراءتها ‪ ،‬وعندما تبدأ في شحذ فكر المخرج وتحفيز خياله‬
‫الذي من خالله يبدأ االنطالق نحو التجسيد‪ .‬فبدون الخيال اليمكن ان يكون ثمة ابداع ال في الحياة وال في الفن ‪ .‬عندها سيتمكن المخرج‬
‫من رؤية الذي يريده في النص‪ .‬االمر الذي يمكنه بعدها من معرفة النتائج التي يستطيع بعدها معرفة حتى النتائج التي ستؤول اليها افكاره‬
‫في المسرحية وما سيوصله اليه خياله كي يستقرأ نتائج العرض أو ما نطلق عليه اصطالحا [ مستقبل العرض ] ‪.‬‬
‫ان الوصول الى التجسيد الفاعل والدقيق‪ ،‬انما يتم بفعل الدراسة الطويلة الهادفة الجل ايجاد صورة العمل الذي احتلت خيال المخرج والتي‬
‫بدونها يستحيل االبداع‪ .‬ان الكشف عن دواخل النص بعد قراءته اخراجيا قد تثير مشاكل الى المخرجين عليهم الخروج منهاباكتشاف‬
‫مالمحها في المضمون والشكل وااليقاع‪ .‬وعندما ينتهي المخرج الى هذا الوضوح يبدأ بالعل على خلق الصور بايقاعاتها المختلفة‪ ،‬التي‬
‫ستنساب بشكل منتظم ووفقا الشكال متغيرة ومتوازنه تنظم الصراعات‪ .‬فيبدأ المخرج بالتوجيه والتنظيم للصراعات ‪ :‬مهونا حينا‪ ،‬مقويا‪،‬‬
‫محطما‪ ،‬وخالقا بالتالي الصورة التي يكمن فيها المضمون والشكل اللذان يوصالن خطاب المسرح الى الجمهور‪.‬‬
‫• الحقائق الثالثة التي يستند عليها عمل المخرج ‪.‬‬
‫ان عمل المخرج يكمن في امتالك الحقائق التالية‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬التفكير ‪ ،‬في توحيد الجهود ضمن وحدة فنية واسلوبية وعضوية واحدة في تنفيذ مكونات العرض المسرحي‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬قيادة الفريق المسرحي‪ ،‬وعموم العاملين على تكوين العرض المسرحي‪.‬‬
‫ت‌‪ -‬تنظيم عمل الفريق‪ ،‬وفق خطة ابداعية موحدة لجهود العاملين‪.‬‬
‫ان توحيد تلك العناصر‪ ،‬متعددة االيقاعات والعمل على ان تكون منسجمة في مكوناتها الموضوعية وترتيبها‪ ،‬امال في الوصول الى‬
‫التكامل الفني‪ .‬على ان نعرف بأن العرض الذي يفتقد الى االنسجام [الهارموني] في المضمون والشكل‪ ،‬يعتبر العرض هابطا ال محالة‪.‬‬
‫ان التميز في االسلوب بين مخرج وآخر مسألة البد منها‪ ،‬وان المخرجون متنوعون كما الممثلين متنوعين‪ ،‬وان مهمة المخرج تكمن في‬
‫الكشف عن الجوهر االبداعي الذي أسس له النص حين اعطاها الكثير من االفكار واالحداث المهمة منها والهامشية‪ .‬وترك المهمة‬
‫االساس على عاتق المخرج ‪ ،‬وهو الي يفرز منها الحيوي المتفق في موازينه ليعمل على تطويره والنهوض اليصال افكاره الى الجمهور‬
‫– الذي يعيش وسط التأثيرات الكبيرة والكثيرة وسط االحداث التي تمر امامه فتسرع من ايقاعه او تبطئ حسب الحالة المطلوبة‪ ،‬وألن‬
‫الحياة اصبحت معقدة‪ ،‬اصبح معها ضرورة االختصار بالخطاب المسرحي‪ .‬اذ اصبح من المستحيل معها ان تكون المسرحية من خمسة‬
‫فصول كما كانت عليها المسرحيات في السابق‪ .‬ان التغيير في االيقاعات بين مسرحياتـ اليوم واالمس‪ ،‬هو بسبب التغيير في ايقاعات‬
‫العصروما يفرضه هذا االيقاع على كل مجريات العصر ومنها المسرح‪ .‬وبما ان المخرج هو (مرءآة الممثل) الذي من خالله يصل‬
‫العصر الى محاكاة الواقع والمجتمع‪ .‬وبما ان الممثل هو (المؤلف لقرارات المخرج) وليس منفذا او ناقال غير ابداعي له عليه ان يكون‬
‫امينا في التوصيل وان يكون لبصمته سماتها مثلما للمؤلف والمخرج لهم بصمتهم الواضحة‪.‬‬

You might also like