Professional Documents
Culture Documents
فاضل خليل
ومثل ما للبحث االدبي – االطروحة او الرسالة – خطة يسير على هديها الباحث – طالب الدراسات العليا – ،كذلك لـ [ المخرج ] يجب
ان تكون خطته الدقيقة الواضحة التي يسير على هديها عبر سلسلة من االفعال المتصلة والمتغلغلة وصوال الى [ الهدف األعلى ] للعرض
المسرحي .أو بصيغة اخرى من أجل ايصال أفكار العرض التي هي [فكر المسرح ] ونعني به :هي ما أراد المؤلف +المخرج +كامل
فريق العمل = ايصاله الى الجمهور[فكر القاعة ] ،أمال في ان يلتقي الفكران .
الخطة االخراجية ،اذن ،تبدأ منذ لحظة اكتشاف االفكار الهامة االساسية ،والهامشية ايضا ،التي تلتقي مع تفكيره واهتماماته المستندة –
بعضا – مع فكر النص [ المؤلف ] ،الواجب ايصالها الى الناس بشكل ملح – كونها هي افكار االفكار السائدة في المجتمع والتساؤالت
الباحثة عن اسئلة والبحث في الخالص عن المخاوف – وعندها يبدأ التفاعل بين االفكار حد االمتزاج والتماهي التام ،ليبدا بعدها ايجاد
الوسائل التي من شأنها التوصيل .حيث تبدا المقترحات التي من شأنها ذلك ،وفي كل قراءة هناك مقترحات وهناك تطوير في الشكل
لمرات عديدة ،تستقر بعدها لتتبلور الى الصيغة شبه النهائية ،لتكون الخاتمة المستقرة لالفكار – شكال ومضمونا – على خشبة المسرح
امام الجمهور .وعندها يقف المخرج على اهمية ودقة قراءته عندما تجد صداها من الجمهور او ال تجده او عندما تتفاوت نسبة
االستقبال ،وفي مختلف انواع التقبل تكون الحالة صحية .يتمكن الخرج خالل ايام العرض من التعديل او التبديل وفق المتغيرات اليومية
.ويستمر الحال بالتعديل والتبديل حتى اخر يوم من ايام العرض امام الجمهور .وهناك العديد من المؤلفين – المخرجين منهم على وجه
الخصوص – يستقر لديه النص مع العرض االخير فيقوم بطباعته ليكون نصا مسرحيا مجربا بحق.
وكما ان للبحث االدبي – كتابة الرسالة او االطروحة – خطته التي يسير على هديها الباحث .كذلك فان للمخرج ،يجب ان تكون له خطته
التي يسير على هديها ،تمكنه من السير بسالم ودقة ووضوح عبر سلسلة متشابكة ومتصلة من الخطوط المتعددة ،هدفها تحقيق [ فكر
المسرح ] للعرض المسرحي وايصاله الى الجمهور او كما نتعارف عليه بـ [ فكر القاعة ] وهو [ الهدف األعلى ] الذي يسعى المخرج
والعاملين الى الوصول اليه .وخطة المخرج ،تبدأ منذ لحظة الكشف عن االفكار الهامة في النص التي تلتقي مع فكر المخرج وبقية
العاملين في العرض .مع البحث عن السبل التي تعتبر الوسيلة األمثل في ايصال العرض الى احسن حاالته.
الخطة االخراجية –اذن– هي جهود طويلة االمد ،البد من ان تدرس ويهيأ لها بعمق وعناية ،لتنفذ على دفعات .فالخطة تمتلك –
استراتيجيتها – و – تكتيكها – وال يمكن لها ان تؤدي اغراضها بمعزل عن جهود كل فريق العمل التي من شأنها ايصال االفكار
والتأثيرات الفنية والفكرية والجمالية والفلسفية الى الجمهور ،وفي هذا نجاح اكيد لعمل الخطة االخراجية .ولكي نتعرف على مدى نجاح
الخطة االخراجية ،يتوجب علينا ان نطرح السؤال التالي :
• متى نبدأ بالتجسيد العملي للخطة ؟
ويكون الجواب في :عندما تبدأ المسرحية بالحركة في االذهان المنفذة بعد قراءتها ،وعندما تبدأ في شحذ فكر المخرج وتحفيز خياله
الذي من خالله يبدأ االنطالق نحو التجسيد .فبدون الخيال اليمكن ان يكون ثمة ابداع ال في الحياة وال في الفن .عندها سيتمكن المخرج
من رؤية الذي يريده في النص .االمر الذي يمكنه بعدها من معرفة النتائج التي يستطيع بعدها معرفة حتى النتائج التي ستؤول اليها افكاره
في المسرحية وما سيوصله اليه خياله كي يستقرأ نتائج العرض أو ما نطلق عليه اصطالحا [ مستقبل العرض ] .
ان الوصول الى التجسيد الفاعل والدقيق ،انما يتم بفعل الدراسة الطويلة الهادفة الجل ايجاد صورة العمل الذي احتلت خيال المخرج والتي
بدونها يستحيل االبداع .ان الكشف عن دواخل النص بعد قراءته اخراجيا قد تثير مشاكل الى المخرجين عليهم الخروج منهاباكتشاف
مالمحها في المضمون والشكل وااليقاع .وعندما ينتهي المخرج الى هذا الوضوح يبدأ بالعل على خلق الصور بايقاعاتها المختلفة ،التي
ستنساب بشكل منتظم ووفقا الشكال متغيرة ومتوازنه تنظم الصراعات .فيبدأ المخرج بالتوجيه والتنظيم للصراعات :مهونا حينا ،مقويا،
محطما ،وخالقا بالتالي الصورة التي يكمن فيها المضمون والشكل اللذان يوصالن خطاب المسرح الى الجمهور.
• الحقائق الثالثة التي يستند عليها عمل المخرج .
ان عمل المخرج يكمن في امتالك الحقائق التالية:
أ -التفكير ،في توحيد الجهود ضمن وحدة فنية واسلوبية وعضوية واحدة في تنفيذ مكونات العرض المسرحي.
ب -قيادة الفريق المسرحي ،وعموم العاملين على تكوين العرض المسرحي.
ت -تنظيم عمل الفريق ،وفق خطة ابداعية موحدة لجهود العاملين.
ان توحيد تلك العناصر ،متعددة االيقاعات والعمل على ان تكون منسجمة في مكوناتها الموضوعية وترتيبها ،امال في الوصول الى
التكامل الفني .على ان نعرف بأن العرض الذي يفتقد الى االنسجام [الهارموني] في المضمون والشكل ،يعتبر العرض هابطا ال محالة.
ان التميز في االسلوب بين مخرج وآخر مسألة البد منها ،وان المخرجون متنوعون كما الممثلين متنوعين ،وان مهمة المخرج تكمن في
الكشف عن الجوهر االبداعي الذي أسس له النص حين اعطاها الكثير من االفكار واالحداث المهمة منها والهامشية .وترك المهمة
االساس على عاتق المخرج ،وهو الي يفرز منها الحيوي المتفق في موازينه ليعمل على تطويره والنهوض اليصال افكاره الى الجمهور
– الذي يعيش وسط التأثيرات الكبيرة والكثيرة وسط االحداث التي تمر امامه فتسرع من ايقاعه او تبطئ حسب الحالة المطلوبة ،وألن
الحياة اصبحت معقدة ،اصبح معها ضرورة االختصار بالخطاب المسرحي .اذ اصبح من المستحيل معها ان تكون المسرحية من خمسة
فصول كما كانت عليها المسرحيات في السابق .ان التغيير في االيقاعات بين مسرحياتـ اليوم واالمس ،هو بسبب التغيير في ايقاعات
العصروما يفرضه هذا االيقاع على كل مجريات العصر ومنها المسرح .وبما ان المخرج هو (مرءآة الممثل) الذي من خالله يصل
العصر الى محاكاة الواقع والمجتمع .وبما ان الممثل هو (المؤلف لقرارات المخرج) وليس منفذا او ناقال غير ابداعي له عليه ان يكون
امينا في التوصيل وان يكون لبصمته سماتها مثلما للمؤلف والمخرج لهم بصمتهم الواضحة.