You are on page 1of 1

‫العادة والتكرار‬

‫ض ُع لِلتِّ ْك َرا ِر َو ْح َدهُ ؟ ]‬ ‫وج َريَانِ َها ‪ ،‬اَل تَ ْخ َ‬ ‫ِ‬


‫ادةَ ‪ ،‬في تَ َك ُّون َها َ‬ ‫الع َ‬
‫أن َ‬ ‫[ َماالَّ ِذي يُ ِّبر ُر ال َق ْو َل بِ َّ‬
‫الع َم ِل ‪َ .‬فلَ ْو ُكنَّا نُ َكِّر ُر َداِئ ًما‬ ‫الف ْع ِل بِعْينِ ِه ‪َ ،‬وفِكْر ِة اِ ْكتِس ِ‬
‫اب َكي ِفِّ ٍَة ج ِد َ ٍ‬ ‫اك َتناقُضا ب فِكْر ِة التِّكْرا ِر بَِأدقِّ معىن تِكْرا ِر ِ‬ ‫ِإ‬
‫يدة يِف َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ َ َ‬ ‫« َّن ُهنَ َ َ ً َنْي َ َ‬
‫ات الن ِ‬
‫َّاج َعةَ يِف‬ ‫الفع ِل ‪،‬مل ْحَي صل َتغَُّير َومل ْ َنَتعلَّم َشي ا َأب ًدا ‪ .‬فََأِلنَّنَا اَل َنَت َقيَّ ُد مِب ُجَّر ِد التِّكْرا ِر ‪ ،‬حَنْن َنَتعلَّم و َنَت َقدَّم َو َنتَ َكيَّف ‪ِ .‬إ َّن احلر َك ِ‬ ‫َن ْف ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س ْ َ ْ ُ ْ ٌ َ َ ْ ًْئ َ‬ ‫َ‬
‫ت تِكَْر ًارا‬ ‫القراءةُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هِنَاي ِة التَّعلُّ ِم مِب ا فِيها ِمن اقْتِ ٍ ِ ِ ِ‬
‫صاد ل ْل ُج ْهد و ل ْل َحَر َكات َغرْيِ النَّاف َعة ‪ ،‬اَل تُ َكِّر ُر َتلَ ُّم َسات البِ َدايَة َغرْيِ املَُو َّف َقة ؛ فَ َ َ َ‬
‫العادَّيةُ لَْي َس ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ‬
‫ات الطَّا ِرَئِة يِف فِ ْعلِ ِه ‪.‬‬
‫يذ هو رسم بيايِن ٌّ لِلتَّغَُّير ِ‬
‫َ‬ ‫الت ْلم ُ َ َ ْ ٌ ََ‬
‫ط ِعْن َد ِّ ِ ِ‬ ‫اس اخلَ ِّ‬‫َّهجَئة ‪َ .‬و ُكَّر ُ‬
‫لِلت ِ ِ‬
‫ْ‬
‫ات ‪َ .‬ولَ ِك َّن‬ ‫الفع ِل ِمن َتغَُّير ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِإل ِ‬ ‫ِِ ِ ِ ِ ِ‬
‫َأح ٌد َعلَى ا طْاَل ق َما يَطَْرُأ َعلَى ْ ْ َ‬ ‫اه ُل َ‬ ‫اح َعلَى َهذه احلَقي َقة البَدي ِهيَّة ؛ ِإ ْذ اَل َيتَ َج َ‬ ‫َويَظْ َهُر َأنَّهُ اَل َيْن َف ُع اِإل حْلَ ُ‬
‫س بِ َشكْلِ ِه َْأو‬ ‫َّد ‪ ،‬بِالنِّسبَ ِة ِإلَْي ِه ‪ ،‬بِامل ْق ُ ِ ِ‬
‫صو ِد الذي يُْله ُمهُ َولَْي َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وجيَّ ِة ‪ِ .‬إ َّن ِ‬
‫الف َْع َل َيتَ َحد‬ ‫الفيزيولُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الن ْف ِسيَّ ِة َو ِ‬
‫ث َّ‬ ‫س امل ْشَتر َك ‪ 1‬اَل يهتَ ُّم بِاحْل و ِاد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫احلِ َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫هِل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ث َأ ْن‬ ‫صود ‪َ .‬ه َذا ‪َ ،‬وقَ ْد حَيْ ُد ُ‬ ‫يمة َأ ْكَثَر فَأ ْكَثَر ََذا املَْق ُ‬‫ب ُشُروطه ‪ .‬فَالطِّْف ُل الذي َيتَ َمَّر ُن َعلَى َر ْس ِم احلَْرف " َألف " يَص ُل ىَل حَتْقي َقات َسل َ‬
‫ول َعلَى‬ ‫وط َن ْفس امل ْدلُ ِ‬ ‫ف ما ‪ ،‬سهل الْمنَ ِال لَيس َف َق ْط بِالنِّسب ِة ِإىَل الطِّْف ِل َن ْف ِس ِه ‪َ ،‬وِإمَّنَا ِإىَل ال ُقَّر ِاء َأيضا ‪ِ :‬إ َّن لِْلخطُ ِ‬ ‫صري امل ْقصود ‪ ،‬يِف ظَر ٍ‬ ‫يِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ًْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ْغ ِم ِم ْن اِ ْختِاَل فَاهِتَا ‪. ]...[ 2‬‬ ‫َّ‬
‫َأي تَطَابٍُق َح ِق ِيق ٍّي لَِأل ْف َع ِال بِ َعْينِ َها ؛‬
‫الع َاد ِة ‪َّ ،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬
‫َّعبِيَّةَ ال َقا لَةَ " ِإنَّنَا َنَت َعلَّ ُم بِالتِّكَْرا ِر" ال َت ْقتَضي ‪ ،‬يِف َم ْر َحلَة تَ َك ُّون َ‬
‫‪3‬‬ ‫ِ‬
‫صا ٍر ‪ِ ،‬إ َّن العبَ َارةَ الش ْ‬ ‫اخت َ‬
‫َوبِ ِ‬
‫ْ‬
‫َّح ُّو ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرس ِ ِإ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإنَّها تُع ِرب َف َق ْط عن ِوح َد ِة امل ْق ِ‬
‫وخ ‪ ،‬فَ َّن الف ْع َل يَ ُكو ُن قَ ْد ا ْسَت َقَّر َوالتِّكَْر َار َيْب ُدو َأنَّهُ آخ ٌذ يِف الت َ‬ ‫صود َوالْ َم ْدلُول ‪ََّ .‬أما يِف َم ْر َحلَة ُّ ُ‬ ‫َْ ْ َ ُ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ت يِف البِ َدايَِة اِل ْكتِ َسابِِه ‪ 4‬؛ َو َم َع‬ ‫ات ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلُ َح ْ‬ ‫الومهيَّة اليت َ‬ ‫ِ‬
‫الواقعيَّة ل ْلف ْع ِل املُكْتَ َسب ‪َ ،‬والتِّكَْر َار َ‬ ‫ني التِّكَْر َار َ‬ ‫ِإىَل َواق ٍع ‪َ .‬وااللْتبَاسُ َيْن َشُأ بِ ُس ُهولَة بَ َ‬
‫اختَبَا ٍر َسطْ ِح ٍّي ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َن ْف َسهُ َعلَْينَا َحىَّت يِف َحالَة ْ‬ ‫ك ‪ ،‬فَِإ َّن مَتْيِ َيزمُهَا َي ْف ِر ُ‬‫َذل َ‬
‫ِ‬ ‫اصلَةَ ب مرحلَ تَ ْك ِوي ِن العاد ِة َورس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْش ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ َّن ِ‬
‫صطََن َعةٌ ‪.‬‬ ‫ود ُم ْ‬ ‫وخ َها ‪ِ ،‬إمَّنَا ه َي ُح ُد ٌ‬ ‫ََ ُُ‬ ‫ود ال َف َنْي َ َ ْ َ يَت ْ‬ ‫ُأخَرى ‪َ ،‬أ ّن احلُ ُد َ‬ ‫ف م ْن ج َهة ْ‬ ‫اختبَ ًارا َأ ْكَثَر َت َع ُّم ًقا يَك ُ‬ ‫ْ‬
‫ب َشهاد ًة تَسمح لَه مِب ُمارس ِة َفن ِِّه َو َن ُق ُ ِإ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاحي ِة العملِيَّ ِة ‪َ ،‬أ ْن نُ َق ِّسم التَّعلِ مِب‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ مِب ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫اسةَ‬‫ول ‪َّ :‬ن د َر َ‬ ‫يم َْن ِح املَُت َعلِّ ِم ‪َ ،‬أ ِو الطَّال ِ َ َ ْ َ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َوم َن اَألمَه يَّة َ َكان ‪ ،‬م َن الن َ َ َ‬
‫َأن َت َعلُّ َم ُهم قَ ْد ا ْنَت َهى‪ِ . 5‬إن َُّه ْم‬ ‫السيَّار ِ‬ ‫الساِئق فَاز بِرخ ٍ ِ ِ‬ ‫صانًِعا ‪َ ،‬و َّ‬ ‫الطَالِ ِ‬
‫ات ؛ َف َه َذا اَل َي ْعيِن َّ‬ ‫صة لقيَ َادة َّ َ‬ ‫َأن َّ َ َ ُ ْ َ‬ ‫ص َار َ‬ ‫َأن املَُت َعلِّ َم َ‬
‫ت ‪َ ،‬و َّ‬ ‫ب قَ ْد ا ْنَت َه ْ‬
‫ي َأ ْن حُتَد َ‬
‫ِّد‬ ‫الن ْف ِسيَّ ِة َبنْي َ امل ْر َحلََتنْي ِ ‪َ .‬وِإنَّهُ لَ ِم َن الضَُّرو ِر ِّ‬
‫استِ ْمَرا ِريَّةٌ ِم ْن ِو ْج َه ِة النَّظَ ِر َّ‬
‫ْ‬ ‫يَ ْستَ ِمُرو َن ُكلُّ ُه ْم يِف التَّعَُّل ِم ِخاَل َل مُمَ َار َستِ ِه ْم ‪َ .‬ف ُهنَ َ‬
‫اك‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجيَّةٌ َونَ ْف ِسيَّةٌ َدقِي َقةٌ مَىَت َتْب َدُأ َم ْر َحلَةُ ُّ‬
‫ِدراسةٌ فِيزيولُ ِ‬
‫ت ب َدايَةً‬ ‫وج ُد ‪ِ .‬إ َّن بِ َدايَةَ التِّكَْر َارات احلَقيقيَّة ‪ ،‬ذَا َكانَ ْ‬
‫ِإ‬
‫ت َستُ َ‬ ‫وخ ‪ ،‬اَل بَ ْل ِإ ْن َكانَ ْ‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫َ ُْ‬
‫ك َأ ْكثر ت ُّ مِم‬ ‫واقِعِيَّةً ‪ِ ،‬هي بِ ُد ِ‬
‫س امل ْشَتَر ُك » ‪ 6.‬بول غيوم‬ ‫َأخراً َّا يَظُ ُّن احلِ ُّ‬ ‫ون َش ٍّ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬

‫‪ 1‬ـ الحس المشترك = يرادف مفهوم الرأي العام األكثر ذيوعا وتداوال ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فإذا أخذنا أنواع الخط التي يكتب بها الحرف " أ" في العربية من ريحاني وكوفي ‪..‬إلخ ‪ ،‬نراها ال تغير من المقصود منه في شيء ؛ وهذا‬
‫يعززفكرة أن التكرارلديهم ترديدـ آلي يتعلق دائما بهذا المقصود ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ هذه العبارة تلخص مبدأ كان معموال به في مناهج التربية التقليدية على نطاق واسع منذـ عصور خلت‪ .‬و حتى في التراث التربوي اإلسالمي ال‬
‫نجد سوى بعض االستثناءات النادرة التي تل ّح على ضرورة تجاوز التكرار الساذج إلى استبصار و تفقه الكلمات (كما كان الحال عند الغزالي وابن‬
‫خلدون مثال) ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إن التكرار الواقعي يتعلق بالعادة بعدـ رسوخها ؛ أي من حيث هي إجراء يُعاد الإراديا كلما اقتضى الواقع ذلك ‪ .‬أما التكرار الوهمي فيخص‬
‫العادة أثناء تكونها ؛ وهو وهمي ألنه ليس تكرارا فقط بل استبصار للمقصود والمعنى ‪ .‬ومن هنا أتت هذه التفرقة بين نوعي التكرار ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ و معنى ذلك أن العادة ‪ ،‬التي نعتقد بأن جريانها بعد اكتسابها يت ّم بإعادتها وتكرارها ‪ ،‬ال تنفصم عالقتها أبدا بالتعلم ؛ واألمثلة التي ساقها بول‬
‫غيوم تثبت قابليتها للتغير من الوجهة النفسية على األقل ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- Paul Guillaume, La formation des habitudes, PUF, Collection SUP, Paris 1968, p. (25-26).‬‬

You might also like