Professional Documents
Culture Documents
بريني قويدر
عين تموشنت
قاسم شيماء
فياللي سميرة
1
:السنة الدراسة2021 /2022
مقدمة
2
:مقدمة
إن مكانـــة الوظيفـــةـ العموميـــة مرهونـــة بقيمـــة وحجـــم الوظـــائف والمهـــام التـــي
تقـــدمها فـــي التشكيلة المؤسســاتية للدولــة .فازديــاد مهــام الدولــة ،وظهــور وظــائف
جديــدة لــم تكــن موجــودة مــن قبــل فــي الســنوات الماضية يتطلب استعمال عددا متزايد
من األعـوان والموظفين فتزايد هؤالء كـون بقـدر ظهـور مؤسسـات إدارية ووظائف
.مستحدثة تتماشى مع العصر الحديث
وبناء على ذلك ،فإن الموارد البشرية التي تعتمد عليها تلك المؤسسات اإلدارية ،ال بد أن تكون
في مستوى هــذه التغيرات و التطورات التي طرأت علــى الوظيفــة العموميــة .وعليــه
أضــحى مــن الضــروريـ علــى اإلدارة االنتقال بأفرادها إلى مرحلة التطوير قدراتهم
.وكفاءاتهم لتستجيب لمتطلبات الوظيفية الجديدة
وال يتســنى هــذا إال عــن طريــق التأهيــل وتــدريب الموظــف العمــومي،ـ ألنــه العامــل
األساســي لتنميــة الوظيفــة للعموميــة .فالعنصــر البشــري لــه مكانــة مميــزة فــي معادلــة
تحقيــق األهــداف المســطرة فــي اإلدارة العموميــةـ و ال يمكن ألي مرفــق عمــومي
الوصــولـ إلــى غايتــه المنشــودةـ والنجــاح فــي تأديــة رســالته ،بعيــدا عــن االســتغالل
.األمثل لموارده البشرية
فلتأهيــل أهميــة كبــرى فــي رفــع قــدرات و مؤهالت الموظــف العمــومي،ـ وهــو المفتــاح
الــذي يســمح لــه بتنميــة خدماتــه ،ويجعلــه ذو فعاليــة فــي حياتــه المهنيــة ،ويرقــى
بقدراته الفكريــة التــي تجعلــه فــي مســتوى التحــديات وتغيرات وتطورات مناهج العمل
فال بد من اهتمام الدولة بالعنصـر البشـري واالسـتثمار فيـه ،بـالحجم الـذي توليــه فــي
اإلنفــاق علــى المنشآت ،فالدولــة تنفــق أمــواال طائلــة فــي بنــاء المؤسســات اإلداريــة
.وهياكلهــا ،بينمــا تنفق القليل في تكوين من يسير هذه المرافق العمومية
فالوســائل التــي انتهجتهــا الوظيفــة العموميــة،ـ مــن خــ ل القــوانين التشــريعيةـ المعمــول
بهــا لمعرفــة مــا إذا كــان
التأهيل والتدريب وتكوين المـوظفين ناجعـة ،يقتضـي عمليـة تقييميـة ،مـن خاللهـا يـتم تقيـيم
برنـامج التأهيل كما يتم تقييم درجة نجاح أو عدم نجاح التكوين والتأهيل ،كما نقوم بتقييم مدى
3
فاعلية التأهيل وأثرها على الوظيفة العمومية .من خالل موضوع التأهيل وتقييم الموظـف
العمـومي فـي ظـل األمـر 06 / 03المتضـمن القـانون األساسـي للوظيفة العمومية محل
الدراسة تظهر أهمية التأهيل والتكوين في مجابهة التغيرات و التطورات التي طرأت على
الوظيفة العمومية و كذا مدى تأثير التأهيل على فاعلية الموظف العمومي وعلى أدائه المهني.
كــذلك دراسة مــدى موضــوعيةـ المعــايير التــي تبناهــا المشــرع ،لتقيــيم الموظــف
العمــومي،ـ وشــموليتها وقــدرتها على تثمين مجهودات الموظف ،ومدى كفايتها لتحسين
.أدائه
إن مسألة الوظيفة العامة لم يعد أمرا استثنائيا في حياة الموظفين كما كان الحال عليه في
الماضي و لم يعد في وسع أي شخص أن يتجنب التعامل مع الموظف العام .فقد أصبحت
الوظيفة العامة جزءا من حياة المواطن من ميالده إلى وفاته ،يدخل الحياة بشهادة ميالد و
يخرج منها بشهادة وفاة ،و كالهما يقوم بتحريرهما موظف عام بصفة رسمية ،حتى تترتب
عليها اآلثار القانونية و قد نصت أغلب الدول في دساتيرها على أن الوظائف العامة حقا
للموظفين ،يطبق على قدم المساواة ،و ذلك بموجب إلعالن العالمـي لحـقوق اإلنسان في
1948الذي نص على حق التوظيف والمساواة في تولي الوظائف العامة دون تمييز بينهم لغير
كفاءتهم.
و الجزائر كغيرها من بقية الدول ،حث دستورها الصادر في 1996في مادته 51منه
على هذا المبدأ بنصها "تساوى جميع الموظفين في تقلد المهام و الوظائف في الدول دون أية
شروط ،غير الشروط التي يحددها القانون"
و الجزائر في كل مرة تقوم بإصالح أجهزها اإلدارية محاولة تحقيق أفضل النتائج في رفع
الكفاءة اإلنتاجية في هذه األجهزة يمكن تقسيم تطبيق نظام الوظيفة العامة إلى مرحلتين في
لجزائر ،فالمرحلة األولى في عهد االستعمار والمرحلة الثانية بعد الستقالل
:مرحلة االستعمار
في هذه الفترة عرفت الجزائر النظام الفرنسي حيث امتد تطبيق القانون المتعلق هذه
الوظيفة الصادر في19/10/1946إلى الجــزائر ،مع بعض االستثناءات راجعة إلى عدة
عوامل و أسباب ،منها أن الوظيفة العامة كانت حكرا على الفرنسيين فقط و في عام
1956وضعت بعض النصوص في نظام التوظيف لتصل التحاق الجزائريين بالوظيفة العامة
استمر الوضع على هذه الحالة إلى غاية1959حيث صدر نظام جديد لها في فرنسا في4فيفري
4
من نفس العام ،و قد امتــد تطبيقه إلى الجزائر أيضا بموجب المرسوم الصادر في2أوت
،1960و الذي استمر به العمل إلى غاية االستقالل
:مرحلة االستقالل
بعد االستقالل بدأت الحكومة مهامها ،و كان األمر جد صعب و من المهام الصعبة التي
واجهت الحكومة ،مهمة اإلصالح اإلداري في الدولة ،فاإلدارة لم تكن قد تهيأت بعد
لتحقيق هذا اإلصالح ،حيث لم يكن هناك من الموظفين العموميين الجزائريين إال عدد
قليل جدا تنقصهم الخبرة و الكفاءة ،وقد كلفوا بتطبيق التشريعات الفرنسية الكثيرة و
المعقدة بالنسبة لهم ،مما أدى إلى تفشي البيروقراطيةـ في أعمال الوظيفة العامة.و من
ثم بدأ التفكير لتنظيم جديد لهذه الوظيفة ،فشكلت لجنة وزارية تتكون من وزارتي
المالية و الداخلية لوضع القانون األساسي للوظيفة العامة فأعدت مشروع قانون
عرض في جانفي 1965على مختلف الوزاراتـ ،و حزب جبهة التحرير الوطني ،و
كذا النقابات المهنية إلبداء رأيها في المشروع ،ثم عرض بعد ذلك على مجلس
الوزراء للمناقشة في أفريل ،1966ثم ناقشه مجلس
قيادة الثورة في ماي ،1966و صدر في2جوان ،1966و هو ما يعرف بالمرسوم رقم
133/66المتضمن قانون الوظيفة العمومية هذا القانون تضمن األسس و المبادئ
العامة للوظيفة العامة تاركا مهمة تحديد نماذج التطبيق للقطاعات المعنية يمكن القول
أن أول تشريع للوظيف العمومي في فترة االستقالل كان في سنة ،19661و هو
المرسوم الشهير 133/66بتاريخ ،1966-06-02و قد كان ساري المفعول و النفاذ
إلى غاية سنة1985حيث بدأت في أوائل الثمانينات تصدر القوانين و التشريعات
محاولة وضع انسجام في الرؤية بين القوانين التي تحكم عالم الشغل بين قانون
الوظيف العمومي ،و هذا ما ظهر في المرسوم59/85المتضمن القانون األساسي
النموذجي لعمال المؤسسات و اإلدارات .
والحديث عن الوظيفة العامة ،يقودنا حتما للحديث عن الموظف العام ،إذ أن كليهما،
مفهومين في اإلدارة والقانون ،يتالزمان بقدر كبير من ناحية الوصف والتحليل ،أياﹰ كان العلم
الذي يتولى تنظيمها ،أو الزاوية التي ينظر منها للوظيفة العامة إذ ال يمكن بأي حال ،أن تقوم
الوظيفة عمليا ،إال إذا وجد هناك موظف عام يشغلها فعال ،تحت عدد من الضوابط السلوكية
والتنظيمية والتأديبية ،فال يمكن أن نصف موظف عام ،دون أن يتبادر إلى أذهاننا ،أن هذا البد
أن يشغل موقعا محددا في التنظيم اإلداري للدولة ،ضمن سلم عريض من الواجبات
والمسؤوليات التي تحدد نشاطه في الوظيفة التي يشغلها بيد أن هذا ال يعني ،نظرياﹰ،أن ليس
5
هناك نظاما يصف الوظيفة العامة في حقل معين ،إذ يحدد واجبات ومهام ومؤهالت من يتقدم
لها ،دون أن يتم إمالؤها فعال.
كما أن هذا ال يعني أيضا أن ليس باإلمكان بناء مفهوم الوظيفة العامة ،على معيار
موضوعي ينظر للوظيفة العامة ذاتها وهي مجردة ،على مفهوم شخصي ينظر للموظف العام،
في مدى توافر المؤهالت والقدرة لديه على ملئ الوظيفة العامة ،على أن يبقى للتمييز بين
سماة كل مفهوم قائما للدفع باختيار أي نظام يالئم دولة ما.
لذا ،فليس مستغرباﹰ ،أن يقع االهتمام بالوظيفة العامة وشاغلها معا ،خصوصا في ظل اتساع
وظائف الدولة وتنوع نشاطاها ،مما أدى إلى زيادة واضحة وملموسة في عدد الموظفين
العمومين أو في إعــداد هؤالء الذي يسعون إليها وذلك طبعا في ضوء تغير النظرة للوظيفة
والموظف العام معا لذا فإن القوانين التي تحكم الوظيفة العامة تنطلق في هذا من محورين،
المحور االول هو الموظف والمحور الثاني هو الوظيفة؛ في كل األحوال بحث الوظيفة العامة
إضافة لمعناها الشخصي ،أي باعتبارها األشخاص الذي يعملون في خدمة أحد المرافق العامة
للدولة والتي تخضع لنظام قانوني معين ،دراسته
الوظيفة العامة أيضا ،باعتبارها عددا من االختصاصات التي يمارسها موظف عام تحت
شروط معينة ولغاية عامة وذلك فنيا ،غايته فهم طبيعة إنشاء الوظيفة العامة وترتيبها ،تم في
النظام القانوني الذي ينظم المركز القانوني للموظف ،منذ توليه الوظيفة وحتى خروجه منها.
من هذا المنطلق ،يبدو جليا ،وجود تالزم وصفي وتنظيمي متقارب للوظيفة العامة وهي
تحدد شروط وامتيازات الموظف العام الذي يشغلها ثم في الجزاءات التي يمكن أن تطاله وهو
يخل فيها وفي حدود هذا البحث المتواضع،ـ سوف نحاول أن نلم ،قدر المستطاع ،ببعض
المفاهيم والمبادئ التي تؤسس عليها الوظيفة العامة؛ وسنحاول من خالل هذه الدراسة تسليط
الضوء على النظام القانوني للتأديب موظف العام مبرزين مختلف الضمانات المقررة قبل
وأثناء وبعد توقيع العقوبة التأديبية وكذا الضمانات المتصلة بضوابط الجزاء التأديبي ومدى
امتداد رقابة القاضي اإلداري على القرارات التأديبية في ظل األنظمة التأديبية المختلفة هذا
التمهيد يرتبط ارتباطا عضويا بالخطة العامة للدراسة و عليه يتم تحديد المفاهيم الواردة في
العنوان يقتضي تقسيمه إلى مبحثين:
-المبحث األول :مدخل لقانون الوظيفة العامة في الجزائر
–المبحث الثاني :التنظيم القانوني للوظيفة العامة في الجزائر
6
المبحث األول :مدخل لقانون الوظيفة العامة في الجزائر
المطلب األول :تعريـف الموظف العام:
تمارس الدولة نشاطها المرفقي من خالل موظفيها فهم أداة الدولة لتحقيق
أهدافها ،وتحظى الوظيفة العامة بعناية المشرع والفقهاء في مختلف الدول ،ويتحدد دور
الموظف العام ضيقا واتساعا حسب الفلسفة االقتصادية واالجتماعية لكل دولة فاتساع نشاط
الدولة وعدم اقتصار دورها على حماية األمن الداخلي والخارجي وحل المنازعات بين
األفراد وقيامها ببعض األشغال العامة وازدياد تدخلها في مجاالت اقتصادية واجتماعية
شتى ،قاد بالضرورةـ إلى ازدياد عدد الموظفين واهتمام الدولة بتنظيم الجهاز
اإلداري.والوقوف على ماهية الفساد اإلداري يستدعي تعريف وتحديد المقصود بالموظف
العام وبيان طبيعة العالقة التي تربطه باإلدارة.
لم يرد في معظم التشريعات تعريف منظم يحدد المقصود بالموظف العام.ويرجع ذلك إلى
اختالف الوضع القانوني للموظف العام بين دولة وأخرى وللقانون إلى صفة التجدد المضطرد
اإلداري.
واكتفت أغلب التشريعات الصادرة في ميدان الوظيفة العامة بتحديد معنى الموظف العام في
مجال تطبيقها.
فقد نصت المادة األولى من نظام الموظفين الفرنسي على أن"هذا النظام يطبق على الموظفين
الذين يعينون في اإلدارات المركزية للدولة والمصالح التابعة لها والمؤسسات العامة للدولة ،
وال يطبق على القضاة والعسكريين والعاملين في اإلدارات والمصالح والمؤسسات العامة
ذات الطابع الصناعي والتجاري " .
ويبدو أن المشرع قد ترك أمر تعريف الموظف العام للفقه القضاء ويختلف هذا التعريف في
مجال القانون اإلداري عنه في المجاالت األخرى كالقانون المدني والقانون الجنائي واالقتصاد
السياسي فإن معناه في هذه المجاالت قد يكون أوسع أو أضيق من معناه في القانون اإلداري .
ونبين فيما يلي مفهوم الموظف العام في التشريعات والفقه المقارن:
بعكس التشريع الذي لم يولي عناية خاصة لتعريف الموظف العام وتحديد ماهيته فإن الفقه
والقضاء المقارنين عرفا عدة تعاريف للموظف العام
7
نتناول في هذا العنوان كل من التطور التاريخي ومحاولة تعريف الموظف العام في القانون
الجزائري
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
ة
29