You are on page 1of 29

‫وزارة التكوين و التعليم المهننين‬

‫مديرية التكوين و التعليم المهننين‬

‫المعهد الوطني المتخصص‬

‫بريني قويدر‬

‫عين تموشنت‬

‫مفهوم الموظف العمومي‬

‫‪:‬تحت إشراف األستاذ‬

‫بن عيسى محمد أمين‬

‫التخصص‪ :‬توثيق و أرشيف‬


‫‪02:‬أعضاء الفوج‬

‫عقبي فاطمة الزهراء‬

‫قاسم شيماء‬

‫فياللي سميرة‬

‫‪1‬‬
‫‪:‬السنة الدراسة‪2021 /2022‬‬

‫مقدمة‬

‫‪2‬‬
‫‪:‬مقدمة‬
‫إن مكانـــة الوظيفـــةـ العموميـــة مرهونـــة بقيمـــة وحجـــم الوظـــائف والمهـــام التـــي‬
‫تقـــدمها فـــي التشكيلة المؤسســاتية للدولــة‪ .‬فازديــاد مهــام الدولــة‪ ،‬وظهــور وظــائف‬
‫جديــدة لــم تكــن موجــودة مــن قبــل فــي الســنوات الماضية يتطلب استعمال عددا متزايد‬
‫من األعـوان والموظفين فتزايد هؤالء كـون بقـدر ظهـور مؤسسـات إدارية ووظائف‬
‫‪.‬مستحدثة تتماشى مع العصر الحديث‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬فإن الموارد البشرية التي تعتمد عليها تلك المؤسسات اإلدارية‪ ،‬ال بد أن تكون‬
‫في مستوى هــذه التغيرات و التطورات التي طرأت علــى الوظيفــة العموميــة‪ .‬وعليــه‬
‫أضــحى مــن الضــروريـ علــى اإلدارة االنتقال بأفرادها إلى مرحلة التطوير قدراتهم‬
‫‪.‬وكفاءاتهم لتستجيب لمتطلبات الوظيفية الجديدة‬

‫وال يتســنى هــذا إال عــن طريــق التأهيــل وتــدريب الموظــف العمــومي‪،‬ـ ألنــه العامــل‬
‫األساســي لتنميــة الوظيفــة للعموميــة‪ .‬فالعنصــر البشــري لــه مكانــة مميــزة فــي معادلــة‬
‫تحقيــق األهــداف المســطرة فــي اإلدارة العموميــةـ و ال يمكن ألي مرفــق عمــومي‬
‫الوصــولـ إلــى غايتــه المنشــودةـ والنجــاح فــي تأديــة رســالته‪ ،‬بعيــدا عــن االســتغالل‬
‫‪.‬األمثل لموارده البشرية‬
‫فلتأهيــل أهميــة كبــرى فــي رفــع قــدرات و مؤهالت الموظــف العمــومي‪،‬ـ وهــو المفتــاح‬
‫الــذي يســمح لــه بتنميــة خدماتــه‪ ،‬ويجعلــه ذو فعاليــة فــي حياتــه المهنيــة‪ ،‬ويرقــى‬
‫بقدراته الفكريــة التــي تجعلــه فــي مســتوى التحــديات وتغيرات وتطورات مناهج العمل‬
‫فال بد من اهتمام الدولة بالعنصـر البشـري واالسـتثمار فيـه‪ ،‬بـالحجم الـذي توليــه فــي‬
‫اإلنفــاق علــى المنشآت‪ ،‬فالدولــة تنفــق أمــواال طائلــة فــي بنــاء المؤسســات اإلداريــة‬
‫‪ .‬وهياكلهــا‪ ،‬بينمــا تنفق القليل في تكوين من يسير هذه المرافق العمومية‬

‫فالوســائل التــي انتهجتهــا الوظيفــة العموميــة‪،‬ـ مــن خــ ل القــوانين التشــريعيةـ المعمــول‬
‫بهــا لمعرفــة مــا إذا كــان‬
‫التأهيل والتدريب وتكوين المـوظفين ناجعـة‪ ،‬يقتضـي عمليـة تقييميـة‪ ،‬مـن خاللهـا يـتم تقيـيم‬
‫برنـامج التأهيل كما يتم تقييم درجة نجاح أو عدم نجاح التكوين والتأهيل‪ ،‬كما نقوم بتقييم مدى‬

‫‪3‬‬
‫فاعلية التأهيل وأثرها على الوظيفة العمومية‪ .‬من خالل موضوع التأهيل وتقييم الموظـف‬
‫العمـومي فـي ظـل األمـر‪ 06 / 03‬المتضـمن القـانون األساسـي للوظيفة العمومية محل‬
‫الدراسة تظهر أهمية التأهيل والتكوين في مجابهة التغيرات و التطورات التي طرأت على‬
‫الوظيفة العمومية و كذا مدى تأثير التأهيل على فاعلية الموظف العمومي وعلى أدائه المهني‪.‬‬

‫كــذلك دراسة مــدى موضــوعيةـ المعــايير التــي تبناهــا المشــرع ‪ ،‬لتقيــيم الموظــف‬
‫العمــومي‪،‬ـ وشــموليتها وقــدرتها على تثمين مجهودات الموظف‪ ،‬ومدى كفايتها لتحسين‬
‫‪.‬أدائه‬

‫إن مسألة الوظيفة العامة لم يعد أمرا استثنائيا في حياة الموظفين كما كان الحال عليه في‬
‫الماضي و لم يعد في وسع أي شخص أن يتجنب التعامل مع الموظف العام‪ .‬فقد أصبحت‬
‫الوظيفة العامة جزءا من حياة المواطن من ميالده إلى وفاته‪ ،‬يدخل الحياة بشهادة ميالد و‬
‫يخرج منها بشهادة وفاة‪ ،‬و كالهما يقوم بتحريرهما موظف عام بصفة رسمية‪ ،‬حتى تترتب‬
‫عليها اآلثار القانونية و قد نصت أغلب الدول في دساتيرها على أن الوظائف العامة حقا‬
‫للموظفين ‪ ،‬يطبق على قدم المساواة‪ ،‬و ذلك بموجب إلعالن العالمـي لحـقوق اإلنسان في‬
‫‪1948‬الذي نص على حق التوظيف والمساواة في تولي الوظائف العامة دون تمييز بينهم لغير‬
‫كفاءتهم‪.‬‬

‫و الجزائر كغيرها من بقية الدول‪ ،‬حث دستورها الصادر في ‪ 1996‬في مادته ‪51‬منه‬
‫على هذا المبدأ بنصها "تساوى جميع الموظفين في تقلد المهام و الوظائف في الدول دون أية‬
‫شروط‪ ،‬غير الشروط التي يحددها القانون"‬

‫و الجزائر في كل مرة تقوم بإصالح أجهزها اإلدارية محاولة تحقيق أفضل النتائج في رفع‬
‫الكفاءة اإلنتاجية في هذه األجهزة يمكن تقسيم تطبيق نظام الوظيفة العامة إلى مرحلتين في‬
‫لجزائر‪ ،‬فالمرحلة األولى في عهد االستعمار والمرحلة الثانية بعد الستقالل‬

‫‪:‬مرحلة االستعمار‬

‫في هذه الفترة عرفت الجزائر النظام الفرنسي حيث امتد تطبيق القانون المتعلق هذه‬
‫الوظيفة الصادر في‪19/10/1946‬إلى الجــزائر‪ ،‬مع بعض االستثناءات راجعة إلى عدة‬
‫عوامل و أسباب ‪ ،‬منها أن الوظيفة العامة كانت حكرا على الفرنسيين فقط و في عام‬
‫‪1956‬وضعت بعض النصوص في نظام التوظيف لتصل التحاق الجزائريين بالوظيفة العامة‬
‫استمر الوضع على هذه الحالة إلى غاية‪1959‬حيث صدر نظام جديد لها في فرنسا في‪4‬فيفري‬

‫‪4‬‬
‫من نفس العام‪ ،‬و قد امتــد تطبيقه إلى الجزائر أيضا بموجب المرسوم الصادر في‪2‬أوت‬
‫‪ ،1960‬و الذي استمر به العمل إلى غاية االستقالل‬

‫‪:‬مرحلة االستقالل‬
‫بعد االستقالل بدأت الحكومة مهامها‪ ،‬و كان األمر جد صعب و من المهام الصعبة التي‬
‫واجهت الحكومة ‪ ،‬مهمة اإلصالح اإلداري في الدولة‪ ،‬فاإلدارة لم تكن قد تهيأت بعد‬
‫لتحقيق هذا اإلصالح ‪،‬حيث لم يكن هناك من الموظفين العموميين الجزائريين إال عدد‬
‫قليل جدا تنقصهم الخبرة و الكفاءة‪ ،‬وقد كلفوا بتطبيق التشريعات الفرنسية الكثيرة و‬
‫المعقدة بالنسبة لهم‪ ،‬مما أدى إلى تفشي البيروقراطيةـ في أعمال الوظيفة العامة‪.‬و من‬
‫ثم بدأ التفكير لتنظيم جديد لهذه الوظيفة‪ ،‬فشكلت لجنة وزارية تتكون من وزارتي‬
‫المالية و الداخلية لوضع القانون األساسي للوظيفة العامة فأعدت مشروع قانون‬
‫عرض في جانفي ‪1965‬على مختلف الوزاراتـ ‪ ،‬و حزب جبهة التحرير الوطني ‪ ،‬و‬
‫كذا النقابات المهنية إلبداء رأيها في المشروع ‪ ،‬ثم عرض بعد ذلك على مجلس‬
‫الوزراء للمناقشة في أفريل‪ ،1966‬ثم ناقشه مجلس‬
‫قيادة الثورة في ماي‪ ،1966‬و صدر في‪2‬جوان‪ ،1966‬و هو ما يعرف بالمرسوم رقم‬
‫‪133/66‬المتضمن قانون الوظيفة العمومية هذا القانون تضمن األسس و المبادئ‬
‫العامة للوظيفة العامة تاركا مهمة تحديد نماذج التطبيق للقطاعات المعنية يمكن القول‬
‫أن أول تشريع للوظيف العمومي في فترة االستقالل كان في سنة‪ ،19661‬و هو‬
‫المرسوم الشهير‪ 133/66‬بتاريخ‪ ،1966-06-02‬و قد كان ساري المفعول و النفاذ‬
‫إلى غاية سنة‪1985‬حيث بدأت في أوائل الثمانينات تصدر القوانين و التشريعات‬
‫محاولة وضع انسجام في الرؤية بين القوانين التي تحكم عالم الشغل بين قانون‬
‫الوظيف العمومي‪ ،‬و هذا ما ظهر في المرسوم‪59/85‬المتضمن القانون األساسي‬
‫النموذجي لعمال المؤسسات و اإلدارات ‪.‬‬

‫والحديث عن الوظيفة العامة‪ ،‬يقودنا حتما للحديث عن الموظف العام‪ ،‬إذ أن كليهما‪،‬‬
‫مفهومين في اإلدارة والقانون‪ ،‬يتالزمان بقدر كبير من ناحية الوصف والتحليل‪ ،‬أياﹰ كان العلم‬
‫الذي يتولى تنظيمها ‪،‬أو الزاوية التي ينظر منها للوظيفة العامة إذ ال يمكن بأي حال ‪،‬أن تقوم‬
‫الوظيفة عمليا ‪،‬إال إذا وجد هناك موظف عام يشغلها فعال‪ ،‬تحت عدد من الضوابط السلوكية‬
‫والتنظيمية والتأديبية‪ ،‬فال يمكن أن نصف موظف عام‪ ،‬دون أن يتبادر إلى أذهاننا‪ ،‬أن هذا البد‬
‫أن يشغل موقعا محددا في التنظيم اإلداري للدولة‪ ،‬ضمن سلم عريض من الواجبات‬
‫والمسؤوليات التي تحدد نشاطه في الوظيفة التي يشغلها بيد أن هذا ال يعني‪ ،‬نظرياﹰ‪،‬أن ليس‬

‫‪5‬‬
‫هناك نظاما يصف الوظيفة العامة في حقل معين ‪،‬إذ يحدد واجبات ومهام ومؤهالت من يتقدم‬
‫لها‪ ،‬دون أن يتم إمالؤها فعال‪.‬‬
‫كما أن هذا ال يعني أيضا أن ليس باإلمكان بناء مفهوم الوظيفة العامة‪ ،‬على معيار‬
‫موضوعي ينظر للوظيفة العامة ذاتها وهي مجردة‪ ،‬على مفهوم شخصي ينظر للموظف العام‪،‬‬
‫في مدى توافر المؤهالت والقدرة لديه على ملئ الوظيفة العامة‪ ،‬على أن يبقى للتمييز بين‬
‫سماة كل مفهوم قائما للدفع باختيار أي نظام يالئم دولة ما‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬فليس مستغرباﹰ‪ ،‬أن يقع االهتمام بالوظيفة العامة وشاغلها معا‪ ،‬خصوصا في ظل اتساع‬
‫وظائف الدولة وتنوع نشاطاها‪ ،‬مما أدى إلى زيادة واضحة وملموسة في عدد الموظفين‬
‫العمومين أو في إعــداد هؤالء الذي يسعون إليها وذلك طبعا في ضوء تغير النظرة للوظيفة‬
‫والموظف العام معا لذا فإن القوانين التي تحكم الوظيفة العامة تنطلق في هذا من محورين‪،‬‬
‫المحور االول هو الموظف والمحور الثاني هو الوظيفة؛ في كل األحوال بحث الوظيفة العامة‬
‫إضافة لمعناها الشخصي ‪،‬أي باعتبارها األشخاص الذي يعملون في خدمة أحد المرافق العامة‬
‫للدولة والتي تخضع لنظام قانوني معين‪ ،‬دراسته‬
‫الوظيفة العامة أيضا‪ ،‬باعتبارها عددا من االختصاصات التي يمارسها موظف عام تحت‬
‫شروط معينة ولغاية عامة وذلك فنيا‪ ،‬غايته فهم طبيعة إنشاء الوظيفة العامة وترتيبها ‪ ،‬تم في‬
‫النظام القانوني الذي ينظم المركز القانوني للموظف‪ ،‬منذ توليه الوظيفة وحتى خروجه منها‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬يبدو جليا‪ ،‬وجود تالزم وصفي وتنظيمي متقارب للوظيفة العامة وهي‬
‫تحدد شروط وامتيازات الموظف العام الذي يشغلها ثم في الجزاءات التي يمكن أن تطاله وهو‬
‫يخل فيها وفي حدود هذا البحث المتواضع‪،‬ـ سوف نحاول أن نلم‪ ،‬قدر المستطاع‪ ،‬ببعض‬
‫المفاهيم والمبادئ التي تؤسس عليها الوظيفة العامة؛ وسنحاول من خالل هذه الدراسة تسليط‬
‫الضوء على النظام القانوني للتأديب موظف العام مبرزين مختلف الضمانات المقررة قبل‬
‫وأثناء وبعد توقيع العقوبة التأديبية وكذا الضمانات المتصلة بضوابط الجزاء التأديبي ومدى‬
‫امتداد رقابة القاضي اإلداري على القرارات التأديبية في ظل األنظمة التأديبية المختلفة هذا‬
‫التمهيد يرتبط ارتباطا عضويا بالخطة العامة للدراسة و عليه يتم تحديد المفاهيم الواردة في‬
‫العنوان يقتضي تقسيمه إلى مبحثين‪:‬‬
‫‪-‬المبحث األول‪ :‬مدخل لقانون الوظيفة العامة في الجزائر‬
‫–المبحث الثاني‪ :‬التنظيم القانوني للوظيفة العامة في الجزائر‬

‫‪6‬‬
‫المبحث األول ‪:‬مدخل لقانون الوظيفة العامة في الجزائر‬
‫المطلب األول ‪:‬تعريـف الموظف العام‪:‬‬
‫تمارس الدولة نشاطها المرفقي من خالل موظفيها فهم أداة الدولة لتحقيق‬
‫أهدافها ‪،‬وتحظى الوظيفة العامة بعناية المشرع والفقهاء في مختلف الدول ‪،‬ويتحدد دور‬
‫الموظف العام ضيقا واتساعا حسب الفلسفة االقتصادية واالجتماعية لكل دولة فاتساع نشاط‬
‫الدولة وعدم اقتصار دورها على حماية األمن الداخلي والخارجي وحل المنازعات بين‬
‫األفراد وقيامها ببعض األشغال العامة وازدياد تدخلها في مجاالت اقتصادية واجتماعية‬
‫شتى ‪ ،‬قاد بالضرورةـ إلى ازدياد عدد الموظفين واهتمام الدولة بتنظيم الجهاز‬
‫اإلداري‪.‬والوقوف على ماهية الفساد اإلداري يستدعي تعريف وتحديد المقصود بالموظف‬
‫العام وبيان طبيعة العالقة التي تربطه باإلدارة‪.‬‬
‫لم يرد في معظم التشريعات تعريف منظم يحدد المقصود بالموظف العام‪.‬ويرجع ذلك إلى‬
‫اختالف الوضع القانوني للموظف العام بين دولة وأخرى وللقانون إلى صفة التجدد المضطرد‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫واكتفت أغلب التشريعات الصادرة في ميدان الوظيفة العامة بتحديد معنى الموظف العام في‬
‫مجال تطبيقها‪.‬‬
‫فقد نصت المادة األولى من نظام الموظفين الفرنسي على أن"هذا النظام يطبق على الموظفين‬
‫الذين يعينون في اإلدارات المركزية للدولة والمصالح التابعة لها والمؤسسات العامة للدولة ‪،‬‬
‫وال يطبق على القضاة والعسكريين والعاملين في اإلدارات والمصالح والمؤسسات العامة‬
‫ذات الطابع الصناعي والتجاري ‪" .‬‬

‫ويبدو أن المشرع قد ترك أمر تعريف الموظف العام للفقه القضاء ويختلف هذا التعريف في‬
‫مجال القانون اإلداري عنه في المجاالت األخرى كالقانون المدني والقانون الجنائي واالقتصاد‬
‫السياسي فإن معناه في هذه المجاالت قد يكون أوسع أو أضيق من معناه في القانون اإلداري ‪.‬‬
‫ونبين فيما يلي مفهوم الموظف العام في التشريعات والفقه المقارن‪:‬‬
‫بعكس التشريع الذي لم يولي عناية خاصة لتعريف الموظف العام وتحديد ماهيته فإن الفقه‬
‫والقضاء المقارنين عرفا عدة تعاريف للموظف العام‬

‫الفصل األول ‪:‬مدخل لقانون الوظيفة العامة في الجزائر‬

‫‪7‬‬
‫نتناول في هذا العنوان كل من التطور التاريخي ومحاولة تعريف الموظف العام في القانون‬
‫الجزائري‬

‫أوال ‪ :‬التطور التاريخي لنظام الوظيفة العامة في الجزائر‬


‫‪-‬المرحمة االنتقالية ‪ :‬اعتمدت الجزائر في تنظيم نظام الوظيفة العامة بعد االستقالل على‬
‫تطبيق القانون الفرنسي في هذا المجال في الفترة االنتقالية التي تلت الحصول على‬
‫االستقالل في سنة ‪ 1962‬وتاريخ ضع أول تشريع وطني خاص بنظام الوظيفة العامة في‬
‫سنة‪.1966‬وذلك استنادا إلى القانون المؤرخ في‪ 1962-12-31‬الذي نص على مواصلة‬
‫تطبيق القوانين الفرنسية التي كانت سارية في الجزائر‬
‫قبل االستقالل ما لم تكن متنافية مع مقتضيات هذا االستقالل ونتيجة لذلك استمر تطبيق‬
‫األمر رقم‪59/ 244‬المؤرخ في ‪1959-2-4‬الذي كان ينظم الوظيفة العامة في فرنسا آنذاك‬
‫‪.‬‬

‫مرحلة التشريعات الوطنية‪ :‬بمقتضى األمر ‪ 133-66‬المؤرخ‪ 1966-6-2‬الذي تم‬


‫بموجبه تنظيم الوظيفة العامة في الجزائر من جديد بتشريع وطني مستقل أنهى العمل باألمر‬
‫‪244-59‬المنوه عنه أعاله الذي إن كان قد استلهم من القانون الفرنسي اإلطار القانوني‬
‫األساسي الذي ينظم الوظيفة العامة فمثال في تبني نظام الوظيفة الدائمة إلى جانب تبني كثير‬
‫من التقنيات الخاصة بالجوانب المهنية‬
‫للموظف باعتبار أن مثل هذا النظام يتماشى مع الواقع السياسي واالجتماعي واالقتصادي‬
‫للدولة الجزائرية الفتية من حيث أنو يضمن تثبيت دعائمها من جهة ويلبي احتياجات الدولة‬
‫لمأل الفراغ الذي تركته عملية النزوح الجماعية للموظفين األوروبيين الذين كانوا في‬
‫غالبيتيهم يستغلون الوظائف اإلدارية في جزائر ما قبل‬
‫االستقالل من جية ثانية وهو ما يضفي على هذا القانون وفقا لقول البعض مضمونا ذو طابع‬
‫وطني أكيد رغم ت أثره بالمعطيات التاريخية التي مر بها البلد باعتبار هذه المعطيات تشكل‬
‫ظروفا موضوعية يتأثر بها ال محالة مضمون أي قانون الذي يخضع إعداده وتنفيذه‬
‫لمظروف الواقعية المحيطة به والتي تهدف إلى‬
‫معالجتها ‪.‬وبعد أكثر من‪10‬سنوات صدر القانون‪ 12-78‬المؤرخ في ‪-8-5‬‬
‫‪1978‬المتضمن القانون األساسي العام لمعامل الذي كان أحد أهدافه توحيد المنظومة‬
‫القانونية الخاصة ''بعالم الشغل'' من خالل وضع قانون واحد يخضع له جميع عمال الدولة‬
‫بغض النظر عن القطاع الذي يشتغلون فيه إداريا كان أو اقتصاديا ومن بين العوامل‬
‫المبررة لهذا الطموح تأتي نتائج تطور األرضية االقتصادية واالجتماعية في الدولة في‬
‫ظل النهج اإلشتراكي الذي تجسد بمختلف برامج التنمية والبناء في جميع المجاالت‬
‫وهو ما يتطلب في نظرالمشرع آنذاك إدماج نظام الوظيفة العامة الذي كان قائما‬
‫‪8‬‬
‫ضمن نظرة أوسع مع عالم الشغل الذي تديره الدولة الناتج عن عملية البناء الوطني‬
‫الشامل ‪،‬وفي هذا اإلطار صدر‬
‫القانون‪12-78‬الذي حدد الخطوط العريضة األساسية التي يخضع ليا كل الشغل‬
‫تاركا تفاصيل األوضاع الخصوصية التي تحكم كل قطاع على حدا إلى نصوص‬
‫تطبيقية تصدر في مرحمة الحقة‬
‫إال أن هذه النصوص التطبيقية الخاصة بكل قطاع شغل لم يكتب لها الظهور بالشكل‬
‫الذي أعلنه القانون‪12-78‬لظروف غير معلنة قد تكون متعمقة ال بتغير قمة السلطة‬
‫التنفيذية بسبب وفاة الرئيس هواري بومدين وما تبعها من تغيير النظر إلى كيفية‬
‫تنظيم عالم الشغل‬
‫في كل األحوال فقد تم االقتصار على إصدار نص تطبيقي واحد بمقتضى المرسوم‬
‫‪59-85‬المؤرخ في‪23‬مارس‪1985‬‬
‫بقي هذا المرسوم ساري المفعول تستند إليه عملية تنظيم وتسيير الوظيفة العامة‬
‫رغم المحاوالت العديدة إلعادة تنظيم بعض جوانبه بما يتماشى مع التطور الذي‬
‫عرفته البالد في جميع المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية السيما نجد‬
‫تبني دستور ‪ 1989‬والتشريعات الكثير التي صدرت بعده مالءمة الواقع القانوني‬
‫مع أحكام هذا الدستور غير أن هذه المحاوالت بقيت على مستوى النقاشات الداخلية‬
‫والمشاريع التمهيدية بين الحكومة والبرلمان والتي لم يكتب ليا الخروج إلى العلن‬
‫في سنة‪2006‬أين صدر األمر‪03-06‬خ المؤرخ في‪15‬جويلية ‪ 2006‬الذي تضمن‬
‫القانون األساسي العام للوظيفة العامة كقانون ينظم العاملين في القطاع اإلداري‬
‫للدولة ‪,‬في حين أن العاملين في القطاع االقتصادي للدولة ينظم شؤونهم المهنية‬
‫قانون العمل‬
‫ومنو سنتطرق في العنصر الموالي للحديث عن ‪:‬‬
‫ماهية الوظيفة العامة وماهو الموظف العام في ظل األمر‪06-03‬‬
‫‪-‬ماهية الوظيفة العامة ‪:‬‬
‫الوظيفة العامة هي مصطلح يطلق على العمل الذي يتم انجازه في هياكل الدولة‬
‫والمرافق التابعة لها‪ .‬واذا كان العمل في إطار هياكل الدولة ال يزال يصدق عليه‬
‫هذا المصطلح وفقا للقانون الوضعي الجزائري فإن التطورات التي لحقت بمفهوم‬
‫‪9‬‬
‫المرفق العام الذي بعد أن كان مفهومه مفهوما موحدا في ظل الدولة الحارسة فقد‬
‫ومنذ أوائل القرن الماضي (حكم الشركة التجارية لمغرب إفريقيا‪ )1921‬وحدته‬
‫وتجانسه وأصبح المرفق العام لو أكثر من مدلول أو معنى إذ صار هناك مرفق عام‬
‫ذو طبيعة إدارية ومرفق عام ذو طبيعة صناعية وتجارية ومع فقدان المرفق العام‬
‫لوحدته أصبحت الوظيفة العامة تعني العمل في هياكل الدولة المركزية والالمركزية‬
‫وكذا في المرافق العامة ذات الطبيعة اإلدارية فقط أي دون المرافق الطبيعة‬
‫الصناعية والتجارية التي أخضعت لمجال القانون الخاص (قانون العمل) ‪.‬وهو ما‬
‫تؤكده القوانين المتتابعة المنظمة للوظيفة العامة في الجزائر‬

‫وبالنظر إلى أحكام المادة‪2‬‬


‫التي تحدد مجال تطبيق قانون الوظيفة ‪06-03‬من األمر‬

‫‪10‬‬
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
‫ة‬

‫‪29‬‬

You might also like