Professional Documents
Culture Documents
محاضرات مقياس تقييم الرأي العام 2023
محاضرات مقياس تقييم الرأي العام 2023
الرأيopinion :وهو ما يستدل به الفرد استجابة لسؤال مطروح حول موقف معني ،مبعىن أنه ميثل وجهة نظر متغرية تبعا
ملواقف متعددة يلتقي مع االجتاه يف كونه تعبري عن هذا األخري بالكلمات.
الحكم judgment:وهو الرأي النابع من دراسات معمقة للمربرات و األسباب (سلبا وإجيابا) ،ويفرتض يف الرأي العالنية
أما يف احلكم اليشرتط اإلعالن عنه فقد يصل الفرد إىل حكم حول فكرة معينة ويعلن رأيا خمالفا لذلك ،وهو صورة تقريرية
تقوم على احلجج والرباهني تعطي تأكيدا عن موضوعات معينة بالصدق أو التكذيب.1
االتج&&اه attitude :هو املص در احلقيقي للرأي وهو استعداد ذايت للفع ل ول ردة الفعل بطريق ة مميزة ،ميد الفرد برص يد داخلي
جاهز يستعني به على تقدير األشياء ،وهو حالة نفسية أو عصبية باطنية يتم التعبري عنها قوال أو سلوكا واإلمياء أو رمز ،وهو
تعبري عن نزعة اإلنسان لالستجابة إىل حادث معني أو فكرة معينة بطريقة حمددة سلفا ،وتتصف هذه االستجابة بثبوهتا النسيب
إىل ح د م ا وتش تمل على توق ع جترب ة م ا واالس تعداد الس تجابة دائم ا س واءا ك انت اجيابي ة أو س لبية .2وجتدر اإلش ارة إىل أن
الباحثني مل يتفقوا على تعريف واحد لالجتاه بل أن بعضهم ال يرى فروقا بينه وبني الرأي العام كاصطالح علمي متميز لذلك
يستعمل االصطالحني أحيانا استعماال يف معنا واحد.3
السلوك:
هناك عالقة ارتباطية بني الرأي كظاهرة فردية والسلوك فالرأي ما هو إال سلوك كالمي ومبجرد اإلعالن عنه يصبح واقعة
وبالتايل هو سلوك يف جوهره ،فالفرد كإحدى مكونات اجلماعة اليت تعكس الصفة الغالبة لسلوك الفرد يف السلوك االجتماعي
وهو ما يظهر يف عالقة السلوك السياسي الفردي باجتاهات الرأي العام كتعبري عن السلوك السياسي يف مستواه اجلماعي.4
يضع ليون&&ارد دوب Leonard Dobيف مؤلفه ال&&رأي الع&&ام والدعاي&&ة تعريفا حمددا للرأي العام " :اجتاهات ومواقف
الناس إزاء موضوع يشغل باهلم بشرط أن تكون هذه اجلماهري يف مستوى اجتماعي واحد" .5ويريد دوب من خالل هذا الطرح
الرتكيز
6
تعريف جولت " Gualtrفهم معني للمصاحل العامة األساسية يتكون لدى كافة أعضاء اجلماعة".
1
2
3
4
5
6
وتخلص ه&&ذه التع&&اريف إلى أن ال&&رأي الع&&ام م&&ا ه&&و إال اتف&&اق مجموع&&ة من الن&&اس( ال&&رأي الغ&&الب) أو االعتق&&اد الس&&ائد في
المجتمع تجاه ظاهرة معينة أو قضية معينة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ذات طابع محلي أو ق&&ومي أو إقليمي أو دولي
محل جدل جماهيري واسع ،هذا اإلجماع له قوة تأثيرية على القضية محل النقاش.7
أم ا ألب&&ورت فلويد ALPORT FLOYDيعرفه على أنه "تعب ري مجع كبري من األف راد عن آرائهم يف موقف معني
هبم غالبي ة هلا تأثري يف املوق ف".8وه ذا التحدي د للمفه وم يتعل ق أساسا ب امليوالت أي تعب ري األف راد عن القض ايا املهم ة يف اجملتمع
سواءا كان هذا التعبري يف شكل رأي صريح أو سلوك واضح.
وقد حدد مسري حسني جمموعة من القواعد املرتبطة بالرأي العام واملؤثرة فيه:9
وبالنظر هلذه التعاريف املقدمة جند أن الرأي العام يتكون من محددات أساسية:
7
8
9
المحاضرة الثالثة :أهمية الرأي& العام
يف الكثري من احلاالت يعترب مقي اس لق وة الدول ة فاملكانة اليت حضي هبا ال رأي العام عرب األزمنة املختلفة يف أوق ات السلم
واحلرب جعلت من ه عنص را أساس يا يف بن اء و إرس اء قواع د احلكم يف األنظم ة السياس ية على اختالف أمناطه ا ،وذل ك ألمهيت ه
البالغ ة يف وض ع قواع د االس تقرار االجتم اعي ومن مثة حماول ة فهم ه من قب ل ص ناع الق رار واس تمالته إلجناح أه داف السياس ات
العامة أو السيطرة عليه وحتويل اجتاهه ،وبعض األنظمة تسعى إىل إضعافه ملا يشكله من خطورة على بقائها.
ميكننا فهم هذه الظاهرة من خالل الطلب املتزايد يف اجملتمعات الغربية اليت تتمسك مبخرجات العملية الدميقراطية على
دور الرأي العام من أجل محاية احلياة السياسية واالجتماعية من االضطرابات وتأسيس أسباب االستقرار ،حيث يصبح الرأي
العام يف عرف هذه األنظمة قوة توازن ضرورية يف حياة اجملتمع بوصفه جماال عموميا وال ميكن اعتباره مصدر إزعاج الستقرارها
كما يعامل يف النظم السياسية األخرى (الشمولية) ،حيث ينظر إليه كأحد أهم ركائز صناعة االستقرار يف اجملتمعات احلديثة
وبالتايل حتقيق املشاركة يف احلياة السياسية وصناعة القرار( معيار لتقييم عمل احلكومة).10
كما يعترب قوة تنظيمية عند جتميع املصاحل املشرتكة ويكون أكثر فاعلية عند ارتباطه بقيادات واعية توجهه لتحقيق أهداف
نبيلة ،ولعل أن أهم حدث ساهم وبشكل بارز يف التأكيد على أمهية الرأي العام وعالقته بالظاهرة السياسية هو ما جاءت به
الثورة الفرنسية من معطيات يف األدوار جديدة للمفهوم من خالل مايلي:11
-يف الفرتات السابقة للثورة الفرنسية ظل الرأي العام يستند إىل الرأي الفردي يف احلكم السياسي وهو ما يقرتب من ظاهرة
قائ د ال رأي الع ام ،إال أن ه ذه الث ورة أعطت بع دا آخ ر ه و دور التنظيم ات السياس ية واالجتماعي ة يف ص ناعة ال رأي والتي ارات
اإليديولوجية اليت ظهرت يف تلك الفرتة دليل واضح على ذلك ،مبعىن أن الرأي العام أصبح رأي جتمعات خيضع لتأثرياهتا.
-أص بح ال رأي الع ام يش كل تعب ريا عن املمارس ة اجلماهريي ة وج وهرا حمددا لطبيعته ا مما أدى إىل انتق ال الظ اهرة السياس ية إىل
ظاهرة مجاهريية و انتقال صناعة وقيادة الرأي العام من املستوى الفردي إىل املستوى اجلماعي.
إن أمهية وقوة الرأي العام يف اجملتمعات احلديثة والديناميكية اليت فرضها يف الواقع جعلت من ضرورة االهتمام به واللجوء
إىل أساليب قياسه امرأ ضروريا جتاه خمتلف القضايا بشكل علمي ومستمر للوصول إىل وجهات النظر حول القضايا احلساسة مما
ميكن من صناعة القرارات وفق املعطيات احلقيقية وتوجيه الرأي العام حنو الوجه ة املطلوبة لتحقيق أهداف التنمية االقتصادية
واالجتماعي ة والسياس ية ،وذل ك ع رب زي ادة وفعالي ة القن وات ال يت تس اهم يف رف ع ال وعي اجملتمعي خلل ق جماالت للتعب ري متكن من
معرفة االجتاهات قبل البث يف القرارات.
ولألمهية املتزايدة للرأي العام على مستوى صناعة القرار على خمتلف املستويات أصبح ضرورة ملحة يف خمتلف نواحي احلياة
خاصة بالنسبة لرجال السياسة الذين يعودون إليه يف كل مناسبة الستمالته وإضفاء الشرعية على سلطتهم عن طريق االستفتاء أو
10
11
العملية االنتخابية حيث ينظر إليه على أنه صاحب السيادة ،هذا بالنسبة لألنظمة الدميقراطية أما يف األنظمة الشمولية فإن الرأي
العام يبقى دائما حمل ريبة وحذر.
أما من الناحية االقتصادية فهو ذو أمهية ال يستهان هبا يف جمال التسويق ،حيث يعتمد عليه يف دراسة السوق للحصول على
حجم اكرب هلا يف توزيع املنتجات وذلك بالرتكيز على احتياجات ورغبات األفراد ودراسة ميوالهتم حنو املنتجات وهو ما يعرف
بدراسة السوق من حيث:
-حيدد مصري القيادة السياسية ومستقبلها سواءا يف هرم السلطة أو على مستوى املنظمات السياسية األخرى مثل األحزاب
والنقابات ويظهر األمر جليا يف املناسبات االنتخابية وإثناء األزمات.
-تتوقف استمرارية العديد من املنظمات اإلنتاجية واخلدماتية على حد السواء واملرتبطة بصفة مباشرة مع املصلحة العامة مبدى
كسب ثقة الرأي العام من خالل قدراهتا يف التعامل معه.
/1اهلدف السياسي :معرفة اجتاهات الرأي العام حول قضايا معينة أو برامج أو خطط مستقبلية.
/2اهلدف االقتص ادي :يس اعد دراس ات ال رأي الع ام على فهم نفس ية املس تهلك واجتاهات ه ،والوس ائل املؤثرة في ه وال رتويج
والتسويق.
/ 3اهلدف االجتماعي :تشخيص مشكالت اجملتمع وعالجها :تنظيم النسل ،الطالق ،اجلرمية ،الرتبية ،االنتحار...
/4اهلدف االتصايل :مساعدة الرأي العام على ختطيط برامج العالقات العامة بني املؤسسات ومجهورها ،وحتددي طرق التأثري
ووسائل االتصال واجلذب.
12
تعددت تقسيمات الرأي العام إىل أنواع عدة حيث يتم تقسيمه وفقا لطبيعته وثباته ،وقدرته على املشاركة ،أو انتشاره اجلغرايف،
حجم اجلمه ور ،أو عنص ر ال زمن ودرج ة الوض وح واىل غ ري ذل ك من التص نيفات و ه ذه األن واع والتقس يمات ،م ا هي إال
تقس يمات معنوي ة فق ط وال ميكن للف رد الع ادي مالحظ ة الف ارق بني ن وع وآخ ر منه ا نتيج ة لت داخلها م ع بعض ها ،أو تك رار
وجودها -نوعني أو أكثر -يف جمتمع واحد ،أو يف الزمان واملكان نفسه.
الرأي الشخصي :يكونه الفرد لنفسه يف موضوع معني بناءً على خرباته ويرغب يف اإلعالن عنه دون خوف أو خشية.
الرأي الخاص :يكونه الفرد لنفسه وحيتفظ به وال يبوح به خشية اخلطر وغالبا ما يظهر يف االنتخابات السرية واللقاءات اخلاصة
بعيداً عن اإلعالم
ثانيا :التقسيم الجغرافي :االنتشار
-رأي األغلبية :وهو رأي اجلماعة اجملتمعية الفعالة -ذات التأثري -وهو جتميع اآلراء الشخصية اليت يزيد عددها عن
نصف اجلماعة ،وهو الرأي الذي يعتد به يف التقومي واإلحصاء ،إال أن ما يأخذ علية أنه قد يركن إىل الكسل واخلمول
تاركا أموره إىل الفئة الغري أكفاء إلدارة أموره والتعبري عنه.
رأي األقلي&&ة :وهو الرأي الذي يكون عليه أفراد اجلماعة يقلون يف العدد عن نصف اجلماع ،إال أنه ميكن يضم من -
ميتازون برجاحة العقل والرأي السديد ،مما جعل األغلبية تضع يف حسبأهنا دائما أمهية األقلية.
13
ال &&رأي االئتالفي :ه و حتالف ت آلفي لبعض آراء اجلماع ة جتاه مش كلة حمددة يف وقت معني حتت ض غط ظ رف معني -
أوجب قيام هذا االئتالف ويتم اللجوء إليه يف حاالت التحالف السياسية أو التعاون اجملتمعي ويف حال عدم قدرة أي
مجاع ة على الوص ول على رأي األغلبي ة ،ويف اغلب احلاالت يك ون نتاج ا ملعطي ات وض غوطات خارجي ة ،إال أن بقائ ه
مرتبط إىل حد كبري ببقاء هذه العوامل.
الرأي الساحق أو الرضا العام :وهو ميثل األكثرية و األغلبية الساحقة ،وهو شبيه جدا باإلمجاع. -
هو رأي املتعلمني واملثقفني يف اجملتمع على اختالف درجة التعليم سواءا كان تعليمهم متوسطا أم عاليا وهي الفئة
الوسطى بني فئة العامة والقادة ،ويؤثرون مبن هم أقل منهم علم اً وثقاف ةً ويتأثرون بوسائل اإلعالم حسب مستوى النضج ،هذا
التأثري مرتبط بدرجة اختالف درجة التعليم يف اجملتمع ذلك أهنا الفئة املسؤولة عن فهم وختزين املعلومات كما ميكنها بفضل هذه
الثقافة التأثري على وسائل اإلعالم من خالل طريقة التعرض للمعلومات واختيار مضامينها.15
ال &&رأي الع &&ام المنق &&اد :وه و رأي الس واد األعظم من ذوي العلم القلي ل أو األم يني ويت أثر بك ل ش يء ويعيش حال ة من -
التلقي والتأثر الكبري خاصة من وسائل اإلعالم يتقبلون ما يذاع دون متحيص ،هذا املستوى التعليمي يساهم بشكل كبري
يف خلق وسط أو بيئة مهيأة ومساعدة لنشر الشائعات وتروجيها وهم كذلك عرضة للحمالت الدعائية.
الرأي العام الثابت :نسبيا :هو حمصلة العادات والتقاليد واألعراف ويسترت وال يتغري إال بعد وقت طويل.
14
15
ال&&رأي الع&&ام المتغ&&ير :هو الرأي الذي يسهل التأثري فيه وتغريه يف فرتة زمنية قصرية خاصة من قبل وس ائل اإلعالم والدعاية
والشائعات وبذلك فهو ال ميتلك عنصر االستمرارية.
ال &&رأي الع &&ام الس &&تاتيكي -الغ ري متح رك : -يس تمد فاعليت ه وقوت ه من القيم االجتماعية املتع ارف عليه ا واألع راف -
والع ادات والتقالي د يق رتب من اإلمجاع الع ام وه و حص يلة اآلراء املعتنق ة م ا جيعل ه مس تقر إىل ح د كب ري على ال رغم من
مجوده.
ال&&رأي الع&&ام ال&&ديناميكي -النش ط :-ه و الن اتج عن رغب ة األف راد يف التغي ري يرتك ز على عام ل التعق ل إىل ج انب عنص ر -
احليوية والتمحيص أكثر من اعتماده على القيم واألعراف والعادات والتقاليد.
تاسعا :الرأي العام حسب وجوده -
-1ال &&رأي الع &&ام الموج &&ود بالفعل :تظه ر أث اره من خالل املناقش ات والتعليق ات ال يت تفرزه ا بعض األح داث متث ل
املنظمات السياسية كاألحزاب ألهنا متتلك برامج ،بذلك واحد من ثالث أنواع:
الرأي العام الدائم يتميز باالستمرارية. -1
الرأي العام املؤقت يظهر عندما بوجود مشكلة وقتية. -2
الرأي العام احملدد بعوامل زمنية ومكانية. -3
-2ال&&رأي الع&&ام المتوق&&ع ظه&&وره :مل يكن موج ود أصال إال أن بعض املواض يع احلساس ة أو مش كلة معين ة حمل اهتم ام
الرأي العام جتعل من املمكن توقع ظهوره وتلعب مراكز البحث حول الرأي العام دورا مهما يف التنبؤ بظهور الرأي العام
يف جمتمع معني.
الرأي العام السلبي :هذا احلكم ناتج عن درجة تأثريه ومشاركته يف صناعة القرار والسياسات العامة ،هذه امليزة كانت -
نتيجة لوجود جزء معترب من اجملتمع سليب يكتفي بالتلقي وال يناقش ،وينساق وراء وجهات نظر دون متحيصها.
ال&رأي الع&ام االيج&ابي :وهو اجلزء الذي ميثله املثقفون وقادة الرأي هلم القدرة على فهم احلقائق وتفسريها وال يتأثرون -
بوسائل اإلعالم وإمنا يؤثرون فيها ملا ميتلكونه من خلفية فكرية تساعد على التأثري يف اآلخرين.
16
إحدى عشر:الرأي العام حسب طريقة التوافق واإلجماع
16
رأي عام عن طريق التراضي :حيث تتنازل فيه كل فئة عن رأيها حول موضوع معني على الرغم من أن رأيها صواب يف سبيل
حتقيق رأيا واحدا حلل مشكلة مطروحة خاصة يف القضايا االقتصادية.
رأي ع&&ام عن طري&&ق التص&&ويت :يف هذه احلالة يسود رأي األغلبية ويف املقابل جند كبت لآلراء اخلفية املعارضة خوفا من عدم
استقرار اجملتمع.
رأي عام عن طريق الضغط :عندما يضغط القائد على أفراد مجاعته وحيملهم قبول رأي معني وال ميكن اعتباره يف العديد من
احلاالت رأيا عاما ألنه مبين على الكبت والضغط وليس على حرية الفكر والرأي وهذا النوع جنده يف اجملتمعات التقليدية أين
ميارس قادة الرأي نفوذا قويا على أفراد اجلماعة.
ي رى دافيدسن 17Davidsonأن ال رأي الع ام يتك ون من خالل التفاع ل املس تمر جملموع ة من العوام ل االجتماعي ة
والنفسية بني الفرد واجلماعة املكونة للمجتمع بفعل النقاش حول القضايا حمل االختالف مما يؤدي إىل وجود رأي عام يسود
بفعل االتفاق يف اآلراء حول القضية املطروحة للنقاش ،إال أن هذا ال مينع من وجود آراء أخرى تعارض رأي األغلبية السائدة،
وهو ما جيعلنا خنلص إىل أن الرأي العام هو التفاعل الذي حيدث بني أفراد اجملتمع على إحدى املشكالت املطروحة.
ويتكون رأي اجلماعة كتعبري عن التفاعل املوجود بني مجيع املواقف والذي ال ميكن أن يتخذ شكال واضحا إال من خالل
وجود اختالف يف الرأي ،مما يعين أن الرأي العام ليس هو رأي مجيع األفراد وال يتشكل من رأي اجلماعات اخلاصة فقط وإمنا
هو ذلك النسيج املتكامل للتفاعل بني العام واخلاص ،اجلماعي والفردي ويتضمن املعارضة واملوافقة.
أ/مناهج تشكيل الرأي العام :18هناك مناهج ميكن االعتماد عليها يف دراسة الرأي العام.
هناك جمموعة من االجتاهات الفكرية ركزت على أن عامال واحدا وأساسيا يف تكوين الرأي العام ،فاالجتاه املاركسي يعتقد
أن العامل االقتصادي هو السبب الوحيد يف تشكيله ،أما التيار النفسي الذي ميثله فرويد يعطي أولوية للدوافع اجلنسية ،بينما
17
18
هناك اجتاه أخر يقدم العامل العرقي على غريه من العوامل األخرى يف تشكيل الرأي العام ،والبعض األخر يقلل من أمهية هذا
املنهج يف دراسة الرأي العام.
حياول هذا املنهج تقدمي عملية تكوين الرأي العام على أهنا عملية كلية ويفضلون عدم الرتكيز على عوامل حمددة ،ذلك أن
الرأي العام يف مرحلة تكوينه مير من خالل مراحل متعددة حول قضية معينة ،ومن هذه املراحل كما حيددها كاليد كينج :
المرحلة األولى وهي مرحلة الشعور باالستياء من قضية ما حيث يسود االعتقاد أنه باإلمكان معاجلة القضية يف إطار اجلماعة،
أم ا يف المرحل &&ة الثاني &&ة هي ال يت يعم فيه ا االس تياء ويظه ر وعي بض رورة العم ل اجلم اعي إلجياد ح ل للقض ية أو املش كلة ،و
المرحلة الثالثة تتبلور فيها القضايا من خالل املناقشات وطرح وجهات النظر عرب خمتلف وسائل االتصال اجلماهريي ،وأخريا
المرحلة الرابعة مرحلة احلكم واختاذ القرار.
أما جيمس ب&&رايس يعتق د أن ال رأي الع ام يتك ون من خالل انتقال ه من مرحل ة ال رأي الع ام الس ليب إىل مرحل ة ال رأي الع ام
االجيايب (النشط أو الواعي) وال يسود فقط بل حيكم كذلك.19
ويعد من أكثر املناهج استخداما يف دراسة تكوين الرأي العام ،ينفي هذا املنهج وجود عامل واحد فقط يتحكم يف تكوين
الرأي العام وإمنا عوامل متعددة ،ويرى الزرسفيلد يف دراسته عن السلوك االنتخايب أثناء االنتخابات الرئاسية للواليات املتحدة
األمريكية سنة 1940واليت مكنته من حتديد ثالث عوامل تتحكم يف تكوين الرأي العام األمريكي:
-1القضية :هي العنصر األساسي يف تشكيل الرأي العام فوجود قضية أمر ضروري وتكون حمل اهتمام اجلمهور
-3احلوار والنقاش:فمن دون حوار بني اجلمهور لن يتمكن اجلمهور من الوصول إىل حكم–رأي-حول قضية ما.
-5حتقيق املصلحة العامة :أن يكون النقاش حول قضية ما يصب يف اجتاه املصلحة العامة.
حازم جري الشمري نفس الصفحة. 19
ج/عوامل تكوين الرأي العام
/1الجماعة األولية:
ال ي زال الف رد يت أثر باجلماع ة ال يت ينتمي إليه ا ( االنتم اء الط ائفي ،القبلي )..يش كل يف الكث ري من احلاالت ع امال مهم ا يف
تشكيل الرأي العام على العكس منه يف بعض اجملتمعات اليت غريت من هذه الوالءات التقليدية إىل والءات جديدة مثل :احلزب،
النقابة...واليت وكلت هلا مهمة تشكيل الرأي العام وتوجيهه ،وينطوي مفهوم اجلماعة يف الكثري من احلاالت على األفراد الذين
ينتمون إىل هيئة واحدة كاألسرة ،املدرسة ،مجاعة الرفاق ،النقابة ،احلزب...
وختتلف فيما بينها من حيث درجة ودقة التنظيم واحلجم وجمال النشاط ،واخلاصية املشرتكة ألعضائها هي التصور املشرتك
بالوحدة والشعور باالنتماء إىل التنظيم ودرجة اإلخالص له ،أي تشرتك يف املصاحل واالهتمامات وتلعب دورا حيويا يف تشكيل
اجتاهات الرأي العام وتساعد الفرد على منو تفكريه واكتساب اخلربة داخل اجلماعة جتعل منه قادرا على حل مشكالته باكتسابه
فلسفة خاصة تعطيه معىن ومربر لوجوده ،من خالل تنتقل األفكار عرب شبكات اتصال متنوعة إىل هذه اجلماعات من خالل ما
تطرحه من أفكار ومقرتحات ومعلومات وحقائق تتناغم مع اجتاهاهتا.20
واجلماع ة وح دة اجتماعي ة تق وم على عالق ات تتح دد فيه ا األدوار لألف راد تعتم د على ص ور التفاع ل من جه ة والعالق ة
الدائمة القائمة على االتصال املباشر من جهة ثانية مع وجود إحساس مستمر باالنتماء والتجاوب النفسي مع هذه اجلماعة دون
غريها ،21وهلا جمموعة من املعايري اخلاصة هبا يكون فيها وجود األفراد مشبع حلاجات بعضهم البعض.هذه املعايري هي اليت توجه
سلوك اجلماعة وهي الرأي التقييمي العام القابل أو الرافض لسلوك معني ،وتتميز اجلماعة جمموعة من اخلصائص إال أن املعايري
اليت حتكمها ختتلف من مجاعة إىل أخرى ومن هذه اخلصائص:
-الديناميكية
.منط االتصال
20
21
وتساهم األسرة كإحدى املؤسسات االجتماعية األساسية يف التأثري على الرأي العام حيث أن التأثريات املكتسبة يف تلك
املراحل املبكرة من العمر تتسم بالثبات والقوة ،22حيث تعترب كجماعة أولية كأول مؤسسة للتنشئة االجتماعية املسؤولة عن
غرس الكثري من امليوالت واألمناط السلوكية ،الوعاء األول الذي حيصل فيه الفرد على مقوماته الشخصية استعدادا للتكيف مع
احملي ط ال ذي يتواج د في ه مبا يأخ ذه من أس س وقواع د الرتبي ة والتعليم ويكتس ب الف رد يف بداي ة نش أته الكث ري من خصوص يات
سلوكياته بتنمية استعداداته و ميوالته عرب االستجابة لتلك القواعد االجتماعية والرتبوية.
على اعتبار أهنا متثل املؤثر األول يف كافة التغريات اليت حتصل يف اجملتمع يتعلم من خالهلا كيفية التعبري عن الرأي يف مرحلة
أوىل مث يف مرحلة ثانية يتشكل منط تعبري عن تكوين الرأي العام على املستويني القصري والطويل يف خمتلف املواقف اليت تصادفه
يف بيئت ه ،ه ذا الت أثري األس ري يتض من غ رس القيم االجتماعي ة واالقتص ادية والديني ة يف املراح ل املبك رة ملرحل ة النم و ويبقى ه ذا
التأثري مستمرا إىل مراحل متقدمة من عمر الفرد ،حيث أن جناح األسرة يف ذلك ميكن للفرد أن ينجح يف تكيفه مع حميطه ،ومن
التأثريات األخرى مسامهتها يف تشكيل االجتاهات حنو السلطة بنوعيه ا :الس لطة السياسية القائمة على تدبري شؤون اجملتمع أو
السلطة األسرية.
إال أن اختالف اجملتمع ات ي ؤدي بالض رورة إىل اختالف األدوار األس رية حيث أن ك ل جمتم ع يرك ز يف على مظ اهر دون
األخرى يف تشكيل الوعي لدى األطفال ومواقفهم على العكس منه يف اجملتمعات التقليدية واحملافظة اليت ال تويل اهتماما لبعض
املواقف اليت ال تتالءم واملكونات الثقافية للمجتمع ،باالضافة أن بعض األسر ال تتضح هلا الرؤية يف تنشئتها ألبنائها ألهنا تعيش
مزيج بني ثقافات خمتلفة.
/2العوامل الثقافية:
متثل جمموع العادات والتقاليد والقيم وأساليب احلياة اليت تقوم على تنظيم حياة الفرد داخل البيئة املتواجد فيها ،فالعادات
واألمناط السلوكية املكتسبة يف املراحل املختلفة لعملية التنشئة االجتماعية هلا أثر على ما يصدر من أحكام وأراء وأفكار تنبع من
نفسية الفرد ،فالرأي العام يتأثر كثريا باجتاهات اجلماعات األولية وقيمها.
ويقصد بالعادات األمناط السلوكية املكتسبة بفعل التعود والتكرار ،وتصبح بذلك صورة من صور السلوك االجتماعي اليت
استقرت يف الوسط االجتماعي لفرتة زمنية طويلة وأخذت الصفة الرمسية يف شكل أساليب التفكري والعمل .23وهبذا املعىن فإن
هذا النمط السلوكي يزداد حدة خاصة يف اجملتمعات البدائية اليت جندها أكثر اجنذاهبا إىل النمط التقليدي الذي يرتكز إىل حد
بعيد على (األساطري واخلرافات) ،وهي الوعاء الوحيد الذي ينهل منه أفكاره وسلوكياته.
يشكل هذا املوروث الثقايف عنصرا هاما من عناصر تشكيل الرأي العام ألنه حيدد النمط السلوكي للفرد كما ميكن اعتباره
املرأة العاكس ة للقيم الفكري ة ال يت تس تمدها اجلماع ة من منظوم ة اجملتم ع احلض ارية والثقافي ة وه و م ا تؤك ده خمتل ف الدراس ات
خاص ة الدراس ة ال يت ق دمها عب د الرمحان ابن خل دون يف مقدمت ه الش هرية ،ولإلش ارة فق ط جند الكث ري من ال دول االس تعمارية
22
23
عمدت إىل دراسة املوروث احلضاري والثقايف للشعوب من أجل أحكام السيطرة على الرأي العام ومن مثة توجيهه حنو الوجهة
املطلوبة وخري مثال على ذلك ما قام املستعمر الفرنسي يف اجلزائر.
-تزداد اجملتمعات التقليدية بتمسكها بالعادات والتقاليد ما جيعل من مسالة التغيري امرأ مستعصيا نتيجة لتعلقها الكبري باملوروث
الثقايف هذا األخري يأخذ مبحاسنه ومساوئه على أساس أنه أمر بديهي وال ميكن اخلوض يف نقاش حوله أو إبداء الرأي فيه ،هذه
املعتقدات أخذت شكل معايري أخالقية اجتماعية عرب فرتات زمنية سابقة وانتهت إىل الصورة احلالية اليت ال تقبل اجلدل حوهلا
وأصبحت يف شكل سلوكيات وأخالقيات وتقاليد اجملتمع.
-أصبحت هذه العادات والتقاليد تراثا حضاريا وثقافيا يلعب دورا مهما يف تشكيل الرأي العام حيث تشكل حلقات ثقافية
تسهم إىل حد كبري يف طرق التفكري اليت تعلمها الفرد يف البيئة اليت نشأ فيها.
-يعتقد خمتار التهامي ضرورة عدم اخللط بني الرأي العام وجممل العادات والتقاليد والقيم املوروثة يف اجملتمع ،الن الرأي العام
يتأسس حول قضايا أثري حوهلا اجلدل والنقاشات الواسعة أما املعتقدات ترسخت لدى األفراد عرب مراحل زمنية طويلة ومل تعد
تقبل النقاش حوهلا.24
إال أن ه ذه الع ادات والقيم والتقالي د يص نفها البعض يف خان ة املوروث الثق ايف واحلض اري ال ذي يش مل" ط راز ونظم من
الع ادات ال يت ميارس ها الراش دون ب درجات متفاوت ة تس اعدهم على التكي ف والتواف ق م ع البيئ ة احمليط ة هبم فض ال عن التكي ف
والتوافق فيما بينهم ،هذه العادات تنتقل من اآلباء إىل األبناء باإلضافة إىل اكتساهبا بفعل عالقاهتم االجتماعية يف الوسط الذي
يعيشون فيه"25
وللع ادات التقالي د ت أثريات على األف راد خاص ة منه ا اجلام دة ال يت تفتق ر إىل خاص ية االس تجابة للمتغ ريات اجلدي دة ،حيث
يكون الفرد رأيه بناءا عليها سواءا باملوافقة أو الرفض كما قد ميثل اخلروج عنها يف بعض اجملتمعات سلوكا اجتماعيا مرفوضا
ألهنا متثل اآلراء املركزية على املستوى اجملتمعي للثقافة ،ويكون ذلك يف إطار الصراع بني القيم املستجدة والقيم املوروثة لوجود
رأي ع ام س ليب حلرك ة النظ ام االجتم اعي الع ام ،مما يس تدعي إىل إجياد رأي ع ام مس تنري حيل حمل ال رأي الع ام اجلام د من خالل
تشكيل اجتهات األفراد ومعتقداهتم حنو القيم اجلديدة ،فهذه القواعد الثقافية هلا تأثري على عملية تكوين الرأي العام حيث تعمل
على تنظيم السلوك اإلنساين (ما جيب أن يكون وما ال جيب أن يكون).
26
-يضع فاروق يوسف نواحي تأثري القيم يف الرأي العام على الشكل التايل:
.تؤثر يف النظرة االجيابية أو السلبية للفرد أو اجلماعة إىل األفراد اآلخرين أو اجلماعة.
.متارس تأثريا على قرارات الفرد واختياراته بني البدائل واحللول للمشاكل اليت تواجهها اجلماعة اليت ينتمي إليها.
25
26
.حتدد املدى الذي يقوم فيه الفرد باملوافقة أو رفض الضغوط املفوضة عليه.
.النسق القيمي يعمل على تنظيم عملية اإلدراك بتحديد أولويات احلاجات اليت يتم إشباعها باإلضافة إىل علمية انتقاء وتنظيم
املدركات.
/3الدين:
للدين تأثريا واضحا على الرأي العام وحتديد اجتاهاته حنو املسائل املثارة للنقاش ملا حيمله من قيم روحية متارس تأثريا قويا
على اجلماعة ،فالدين اإلسالمي مبا حيمله من قيم وحقوق وقواعد حتفظ الكرامة اإلنسانية رسخت كذلك مبادئ حرية العقيدة
واحلري ة الفكري ة وحري ة ال رأي ،باإلض افة إىل أن العام ل ال ديين ميارس على الف رد واجلماع ة وبص فة مس تمرة رقاب ة على خمتل ف
املمارس ات والس لوكيات من خالل تنظيم العب ادات والش عائر الديني ة ومع امالت األف راد وض بط األخالق العامة ،وتعترب املع ايري
الدينية مرجعية أساسية يف إصدار الرأي يف خمتلف اجملاالت السياسية واالجتماعية واالقتصادية.
هذه القيم الدينية تشكل دوافع للسلوك اجلماعي والفردي حيث تلعب دورا جوهريا يف التأثري على الرأي العام أو تغيريه
باستعمال احلجة الدينية يف التأييد واملعارضة يف القضايا حمل االختالف ،وهو ما جيعل من إمكانية تغري أي فكرة تتعارض مع
القيم واملعتقدات الدينية الراسخة سواءا للفرد أو اجلماعة.27
وي ؤدي املس جد يف اجملتمع ات اإلس المية دورا ب ارزا يف الت أثري على ال رأي الع ام من خالل ع دة أس اليب أو اس رتاتيجيات
يستعملها رجال الدين باستخدام اإلقناع باحلجج،28فضال عن كوهنا مؤسسة تعليمية تربوية قادرة على تكوين الرأي العام مبا
متتلكه من مكانة يف نفوس املسلمني حيث يعد من اجملمع الذي تلتقي فيه روافد العقيدة اإلسالمية وتتمثل املظاهر الدينية.
كما ميكن أن يؤدي دورا أكثر فاعلية من بعض املؤسسات اإلعالمية األخرى فيما تعلق بالقدرات االتصالية اليت ميكن أن
حيققها من خالل استهدافه إقناع وتشكيل الرأي العام وفق ما متليه الدعوة اإلسالمية كما ميكن توجيهه والتأثري فيه بفعل املناخ
ال روحي الس ائد والرس ائل املختلف ة املتمثل ة يف اخلطبة احملاض رات والن دوات ودروس الوع ظ واإلرش اد مبختل ف ص ورها حيث
يتلقاها األفراد يف شكل مفاهيم ومعلومات تكون املنطلق األساسي لتشكيل أرائهم حول القضايا املطروحة.
/4التربية والتعليم:
.تعترب الزيادة يف القدرات التعليمية عامال مهما يف توسيع األفق املعريف للفرد الذي ميكنه من التحرر من األفكار ووجهات
النظر السابقة اليت أصبحت ال تتوافق وهذا األفق املعريف.
.يرى جريوسي أن املدرسة ميارس تأثريا قويا من خالل غرس القيم السياسية على الفرد بطرق خمتلفة:29
27
28
29
.املضمون املنهجي وحده
فاملؤسس ات التعليمي ة هتدف إىل غ رس اجتاه ات بطريق ة هادئ ة وبطيئ ة حيث تق وم على تلقني الف رد املقوم ات األساس ية
لشخصيته من تربية وتعليم إلعداده للتفاهم والتكيف مع احمليط الذي يعيش فيه وتعدت املؤسسة التعليمية الدور التعليمي هلا
وأص بحت مرك زا لتب ادل األفك ار واملواق ف وتك وين االجتاه ات خاص ة املؤسس ة اجلامعي ة ال يت أض حت ن واة حقيقي ة يف تك وين
النخبة وخلق اجتاهات علمية جديدة.31
كما يعترب التعليم مدخال طبيعيا إلجناح التغيري يف اجملاالت السياسية واالجتماعية واالقتصادية 32،كما يساهم يف االنفتاح ،على
العامل وإزالة اهلوة بني اجملتمعات من خالل التجديد املعريف وهتيئة سبل التفكري املوضوعي مبا ميكن أن يساهم يف عملية االنتقال
من جمتمعات تقليدية إىل مستوى أكثر حتضر ،واالنتشار اإلجباري للتعليم يف الكثري من اجملتمعات ساعد إىل حد بعيد الفئات
املتعلمة على املشاركة يف احلياة العامة من خالل زيادة متطلباهتم واحتياجاهتم اليت تعمل يف الوقت نفسه على تطوير أساليب
التعبري عن اآلراء اليت تنعكس على الرأي العام الذي يصبح فعاال وذو تأثري كبري .33
/4المناخ السياسي:
تلعب النظم السياسية دورا يف مهما يف تشكيل الرأي العام لكسب تأييده لتدعيم شرعيتها السياسية ومشروعية قوانينها
وسياساهتا العامة،وكانت احلاجة املاسة إىل إجراء حبوث الرأي العام ونتائجها ملسامهتها الفعالة يف حتديد ورسم اخلطوط العريضة
للسياسات العامة ،وتأيت نتائج هذه البحوث من حجم تدفق قيمة املعلومات واملقرتحات املطروحة نتيجة النقاشات املطروحة
30
31
32
33
حلل مش كلة م ا ،وجند أن اغلب الدول تعتم د يف صناعة الق رارات يف خمتل ف اجملاالت على املعلوم ات ال واردة من مراك ز الرأي
العام للمصداقية اليت تتمتع هبا حبوثها.
وتعترب حبوث الرأي العام يف النظم احلديثة مقياس للدميقراطية األمر الذي جعل فيها مراكز البحوث اخلاصة بالرأي العام
وذلك بسبب:
-تعمل عل خلق جسور الثقة بني األطراف املتعارضة داخل اجملتمع حيث تعمل نتائج البحوث على خلق بيئة مستقرة.
-تق وم مبهم ة قي اس ال رأي الع ام ح ول من خالل مناقش ة القض ايا حمل االختالف حيث تث ل قن اة مالئم ة لنق ل رس ائل الس لطة
السياسية.
وهناك اجتاهات يف تقدير إمكانية تأثري الرأي العام على صناعة القرار السياسي.34
االتج &&اه األول :ينفي وج ود أي ت أثري لل رأي الع ام على ص نع السياس ة ذل ك أن دور املواطن منحص ر فق ط يف اختي ار ص انع
السياسة ،أما التأثري فأنه منحصر يف النخب واملؤسسات السياسية من خالل املسامهة يف تشكيل السياسة العامة ،ويرجع السبب
يف ذلك أن اجتاهات اجلمهور معقدة تصعب من إجياد عالقة سببية بني الرأي العام وصنع السياسة.
االتج&&اه الث&&اني :على النقيض من األول فأنه يفرتض أن الرأي العام ال يؤثر فقط على صناعة السياسة العامة بل على تفاصيلها
وطرقة تنفيذها ،فالرأي العام هو اإلطار الذي يتحرك داخله صانع القرار حيث ميكنه أن حيدد ما هو مرفوض وما هو مقبول،
كما حيدد األسلوب الذي يتعامل به اجلمهور مع خمرجات السياسة العامة عند وصوهلا إىل حيز التطبيق.
يبني الواقع السياسي لكل اجملتمعات عرب التاريخ أن الرأي العام حقيقة موجودة لكنه يتباين يف دوره من نظام سياسي ألخر،
فالرأي العام ميكن أن يكون سندا وداعما خليارات السلطة ومواقفها ،إذا كانت تعتمد يف وجودها على شرعية حقيقية أي ممثلة
ل رأي ألغلبي ة التي ارات يف اجملتم ع ،وق د يك ون ال رأي الع ام على النقيض من ذل ك ويق ف موق ف املع ارض هلا ويس ود مش حون
بينهما قائم على تربص األخطاء الن هذه السلطة ال متثل اغلب تياراته بل هي سلطة أقلية ذات شرعية ناقصة ،وأخري احلالة اليت
يكون فيها الرأي العام غري مبايل مبا يدور يف احلياة السياسية وبأعمال السلطة فهو يف هذه احلالة ال يعادي السلطة وال يقف
موقف املؤيد هلا وملواقفها.
صبحي عسيلة :الرأي العام ،املوسوعة السياسية للشباب ،هنضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع،2006،ص .100 34
فالنظ ام السياس ي على اختالف ش كله يلعب دورا حامسا يف تش كيل ال رأي الع ام ،ذل ك أن اإليديولوجي ة السياس ية الس ائدة
تف رض هيمنته ا على املواطن بوس ائل اإلعالم والدعاي ة ال يت متارس من خالهلا ت أثريا على املواق ف واآلراء لتب ين االجتاه السياس ي
واحملافظة على استمراريته.
وهناك اتفاق بني املهتمني حبقل الرأي العام على أنه ظاهرة هلا قوة كبرية يف احلياة السياسية غري أن االختالف انصب بينهم
ح ول قيم ة ه ذا ال رأي يف القض ايا املهم ة واحلساس ة ،حيث يعت ربه اللي رباليون ص ماما ض د االحنراف ات السياس ية ،ففي النظم
الدميقراطية حيث جيد املناخ املالئم للتشكل بكل حرية والتعبري عن خمتلف التوجهات واألفكار وهو ما متليه طبيعة القوانني اليت
تقوم عليها املؤسسات من استقاللية وتوزيع للسلطات إضافة إىل احلرية اإلعالمية اليت متكن للرأي العام من التعبري عن أفكاره
وميوالت ه السياس ية ،األم ر ال ذي ينعكس على املواطن حيث حيف زه املن اخ السياس ي على االهتم ام بالش أن الع ام وارتف اع نس بة
املشاركة السياسية ،مما جيعل الرأي العام يف هذه النظم يتمتع بنوع من الثبات والوضوح باالضافة إىل عمقه ،كما ميتاز يف العديد
من املناسبات بالتعبري السلمي.
أما يف النظم التسلطية تكاد تنعدم فيها حبوث الرأي العام نتيجة الشح يف املعلومات اليت يستند إليها العام حول القضايا
اليت يثار حوهلا النقاش ،ويرجع ذلك إىل طبيعة هذه األنظمة التسلطية اليت تعتمد يف صناعة قراراهتا بصفة انفرادية استبدادية،
نظ را النع دام تع دد املؤسس ات السياس ية وان وج دت فهي تفتق د لالس تقاللية وخاض عة للس يطرة كوس ائل اإلعالم ،حيث حيرم
املواطن من مناقشة القضايا املصريية وكل أنواع املشاركة مما جيعل الرأي العام يتسم بالسلبية واخلوف والسخط العام ويصبح
رأيا عاما كامنا.
كما ميكن اعتبار الصراعات السياسية اليت حتدث يف اجملتمع بني األحزاب السياسية املتعارضة يف براجمها وجمموعات الضغط
وتضارب املصاحل بينها له اثر بالغ يف تشكيل الرأي العام حيث ينعكس ذلك يف تبين طرح دون غريه من العوامل السياسية املهمة
يف تشكيل الرأي العام.
وتس عى ه ذه النظم إىل وض ع سياس ات وتنفي ذها دون اس تجابة وال مش اركة إال يف احلدود الض يقة ،لتح ل بع دها سياس ة
اإلرغام حمل القناع واإلقصاء بدل املشاركة ،35وميكن توضيح العالقة بني السلطة السياسية من خالل جمموعة من النشاطات اليت
تقوم هبا السلطة السياسية اليت تستعمل من خالهلا وسائل اإلعالم لتشكيل الرأي العام وتطويعه:
السلطة السياسية كأداة رقابة على اإلعالم -كأداة منظمة لوسائل اإلعالم -كأداة مسهلة للنشاط اإلعالمي -كأداة مشاركة
يف العمل اإلعالمي.
وتؤثر طبيعة النظام السياسي على تشكيل الرأي العام وفق النماذج التالية:36
النموذج األول:
35
36
يتن اول ه ذا النم وذج ق وة وض عف الس لطة السياس ية واجملتم ع مع ا ،وت أثري األوىل على الثاني ة من خالل األداة القانوني ة
والسياسية عرب القيادة السياسية للقيادة حيث يتم من خالهلا تأصيل املمارسات السياسية للسلطة والعمل على إحالل قناعة لدى
الرأي العام بان السلطة السياسية على حياد تام جتاه كل الظواهر السياسية ،كما ضم هذا النموذج أجزاء تتعلق بإبعاد السيطرة
والغزو احلضاري اخلارجي للمجتمعات املتخلفة.
النموذج الثاني:
يتعلق هذا النموذج باحنراف السلطة السياسية من الناحية التشريعية من خالل توظيف األداة القانونية أي التحكم يف املسلك
الرقايب.
النموذج الثالث:
وهو منوذج ينسب إىل املفكر األمريكي نعوم تشومسكي " صناعة املوافقة "وكيفية توظيف الدعاية السياسية يف صناعة رأي
األغلبية ومن مثة خلق الرضا السياسي.
إن الواقع السياسي أثبت أن السلطة السياسية تقوم على إمداد الرأي العام بأدق التفاصيل واملعلومات والوقائع اليت يعيشها
اجملتمع مما يساهم إىل حد ما يف تنويره ومساعدته على تكوين مدركاته وتصوراته عنها ومنه الوصول إىل تكوين وعيا ذاتيا،
وتتفاوت األنظمة اإلعالمية من بلد إىل أخر يف هذه الوظيفة اليت متثل أول نقطة يف تكوين الرأي العام.
/5المناخ االقتصادي:
يس اهم املن اخ االقتص ادي يف تش كيل مواق ف واجتاه ات ال رأي الع ام حيث أن ه ي ؤثر بالض رورة على العوام ل األخ رى
االجتماعية والثقافية والسياسية وهو ما أكدته النظرية املاركسية يف حتليالهتا لبنية اجملتمع وتطوره ،فالظروف االقتصادية هي اليت
تتحكم يف توجهات النظام السياسي واحلالة نفسها بالنسبة لألسرة اليت تتأثر بالظروف االقتصادية ومن مثة تأثر على اجملتمع ،ففي
الفرتات اليت تعاين فيها اجملتمعات من أزمات اقتصادية وتدهور للوضع املعيشي تنعكس بشكل جلي على الرأي العام.
ويظهر العامل االقتصادي جليا يف التفاوت يف توزيع الثروة داخل اجملتمع والزيادة يف التفاوت الطبقي الذي يدفع باألفراد
إىل االهتمام مبا يضمن هلم احلد األدىن من األجر الذي يكفل هلم مستوى معيشي مقبول ،وهو ما يصرفهم عن االهتمام بالقضايا
العامة ومناقشتها ،ومنه العزوف عن املشاركة يف احلياة العامة وعدم اإلكرتاث مبا يشغل الرأي العام.
ويك ون لل رأي الع ام دورا ف اعال يف حركي ة اجملتم ع خاص ة الق رارات احلكومي ة االقتص ادية خاص ة يف اجملتمع ات املتقدم ة
اقتصاديا ،حيث ال ميكن للحكومة وضع برامج اقتصادية ترهن فيها حياة اجملتمع دون أن جتس نبض اجلماهري ومعرفة اجتاهاهتم،
وتستعني يف هذه املهمة بوسائل اإلعالم املختلفة .37حيث يتأثر الرأي العام بالعوامل االقتصادية من ناحيتني:38
37
38
األولى وهي املصلحة اخلاصة بالفرد واليت تعد من احملددات الرئيسية لتشكيل أرائهم .والثانية أن الوضع االقتصادي قد يفضي
أثاره على الثقافة العامة للمجتمع وبالتايل على التفضيالت اخلاصة بأفراده ومن ذلك ميكننا أن نفسر االختالفات بني اجملتمعات
الرأمسالية واالشرتاكية.
األول أنه يرى كما ترى الغالبية أن الرأي يباع ويشرتى ،حيث أن الكثري من اآلراء يف احلياة اخلاصة والعامة مدفوعة الثمن
مثل :النفاق االجتماعي والدعاية االنتخابية ،بيع األصوات يف االنتخابات.
الث&&اني وهو األهم فالظروف اإلقتصادية هي املسؤولة عن حتديد أراء لناس فمن النادر أن جتد أن العامل االقتصادي ال يؤثر يف
الرأي العام ،فتتشكل الراء بناءا على املصاحل الفردية ومصاحل اجلماعة ومصاحل اجلماعات اليت ينتمون إليها.
تعترب خمتلف األحداث اهلامة والتجارب واألزمات اليت متر عليها الشعوب من أهم العوامل املساعدة على تشكل الرأي
الع ام من حيث انس جامها م ع املزاج اجملتمعي ،حيث يتك ون تفاع ل الن اس ح ول موض وع معني يتك ون حول ه رأي ع ام ومنه ا:
الك وارث الطبيعي ة ،والفيض انات وال زالزل واالكتش افات العلمي ة خاص ة إذا ارتبطت ه ذه األح داث مبعطي ات متس املاض ي أو
ترتابط معه ،ذلك أن نتائج األحداث السابقة الزالت راسخة يف عقول الناس وبالتايل فأنه يتم يف اغلب احلاالت إسقاطها على
احلاضر ،وقد يستثمر تأثريها ملدة طويلة ،خاصة إذا كانت هلا تأثريات سياسية واقتصادية واجتماعية.
أن ال رأي الع ام بطبيعت ه يتح دد خبص وص ك ل مش كلة وه و ن وع من اخلربة واخلربة ج زء من الت اريخ والت اريخ ه و اخللفي ة
احلقيقية اليت تنطلق منها القوى الشعورية والالشعورية ،40إن تشابك األحداث واملواضيع من العوامل اليت تدفع الناس للتفاعل
حوهلا كم ا ميكن لبعض الشعوب أن تستفيد من جتارب شعوب أخرى وبالتايل فهي تساعد على توجيه الرأي العام وفق نتائج
التج ارب الس ابقة ،كم ت رتك الث ورات الك ربى يف ت اريخ األمم اث أرا ال متحى يف حي اة الش عوب حيث ميت د املن اخ الث وري ح ىت
خ ارج األق اليم اجلغرافي ة مثلم ا ح دث للث ورة الفرنس ية ،فاملش روع الث وري يه دف إىل تغي ري الواق ع الق ائم والت أثري يف الش عوب
اجملاورة خاصة فيما تعلق باألخبار االجيابية للثورات وما حتمله من شعارات حترك أحاسيس اجلماهري ،فالرأي العام يصنعه وقع
39
40
احلاضر على إنسان احلاضر ،والذاكرة يصنعها وقع املاضي يف إنسان احلاضر ،ألهنا هي املاضي يف احلاضر والذاكرة رأي ليس إال
يصرف بوسائل التعبري املختلفة.41
تتمث ل الزعام ة يف الق درة على قي ادة اجلم اهري والت أثري يف معتق داهتا حنو األه داف املرج وة ،ملا ميتلكون ه من اطالع على
أحاسيس اجلماهري ومعرفة أرائهم ،إىل جانب الثقة اليت يتمتعون هبا يف األوساط االجتماعية جتعل منهم أداة قوية وفعالة يف التأثري
فيهم وتغيري اجتاهاهتم ،لذلك فان الزعامة ترتبط ارتباطا عضويا بتشكيل الرأي العام والتأثري فيه.42
وك ل الف رتات التارخيي ة ال يت عرفته ا الش عوب على اختالف ألواهنا ع رفت وج ود زعام ات لعبت دورا حموري ا يف تش كيل
الرأي العام واجتاهاته الفكرية وتغيريها بفعل ما يتمتع به القائد أو الزعيم قوة تأثريية جتلب له تأييدا مجاهرييا ،هذه القوة ترتكز
بالدرجة األوىل على معركة الوعي السياسي والثقافة السياسية السائدة.
أم ا أس اليب الزعام ة وعملياهتا فأهنا ختتل ف من ثقاف ة إىل أخ رى األم ر ال ذي تع ذر من وض ع مواص فات موح دة للقي ادة،
باإلضافة إىل أن النظرة االجتماعية للزعامة ينظر إليها من زوايا خمتلفة باختالف املواقف والثقافات ،إال أن هذا االختالف بني
الثقافات ال مينع من وجود بعض القواسم املشرتكة ملواصفات الزعامة نذكر منها:
41
.
42
يشكل املناخ الدويل السائد عامال مهما يف تشكيل الرأي العام احمللي إىل درجة التعديل وبعض اخلاالت إىل تغيريه هذا التقارب
احلاصل بني الرأي العام احمللي والدويل يرجع بالدرجة األوىل إىل التطورات احلاصلة يف جمال االتصاالت بني خمتلف مناطق العامل،
باإلضافة إىل التغريات السريعة اليت مست جمرى العالقات الدولية وأدت إىل تغريها خاصة فيما تعلق بانفراد الواليات املتحدة
األمريكية بقيادة العامل وحماولتها لفرض النموذج الليربايل على خمتلف األصعدة ،واهنيار املنظومة االشرتاكية وجدار برلني يؤكد
تفاعل املشكالت الدولية خاصة منها ما تعلق باحلد من األسلحة النووية ،ومشكالت التقارب ،تقرير املصري ..وهي من األمور
ال يت تش غل ال رأي الع ام على كاف ة مس توياته .43فالنقل ة النوعي ة يف حق ل االتص االت جعلت من أح داث الع امل مرتبط ة ببعض ها
البعض حيث ليس مبقدور أي دولة من عزل نفسها عما جيري من أحداث وتطورات يف العامل.
/9اإلعالم والدعاية:
-1اإلعالم:
لوس ائل اإلعالم دور ه ام يف تن وير ال رأي الع ام وتوجيه ه من خالل إقام ة جس ور التخ اطب وتب ادل املعلوم ات بني ص انع
القرار والرأي العام ،حيث أن للمعلومات اليت تزودها وسائل اإلعالم–كقنوات للتعبري السياسي عن املواقف الرمسية واملعارضة-
للرأي العام حول البيئة السياسية أمهية كبرية يف تكوينه وطريقة معاجلتها لألحداث تساهم إىل حد كبري يف إدراكهم هلا ،وقد ميز
روب &&رت دال بني الت أثري والس لطة حيث وض ع منوذج ا لالتص االت حيدد من خالل ه حجم ت دفق املعلوم ات وحمت وى الرس ائل
والوسائط اإلتصالية املختلفة من صحافة وتلفزيون وإذاعة واإلستجابة هلذه املعلومات.44
إن االرتباط اجلذري احلاصل ملفهوم الرأي العام بالظاهرة اإلنسانية من جهة وعالقاته باجلماعة اليت ينتمي إليها من جهة ثانية
بفضل التعامل من خالهلا ودينامية اجلماعة البشرية وانتظامات السلوك الفردي واجلماعي على حد السواء ،باالضافة إىل أن هذه
الرتكيبة للظاهرة تزداد من خالل كوهنا ظاهرة اجتماعية وسياسية معا ،إال أن اجلانب االتصايل يأيت ليعطي بعدا مشوليا لظاهرة
ال رأي الع ام من حيث عالقته ا ب أدوات االتص ال اجلم اهريي وه و م ا جيع ل من ال رأي الع ام ظ اهرة مركب ة –نفس ية ،اجتماعي ة،
اقتصادية سياسية ،- 45وهو ما ميكن من حتديد األصول الفكرية لظاهرة الرأي العام مبتغريين أساسني مها:46
أ /أن ظاهرة الرأي العام تتبع من خصائص اجملتمع السياسي وتعكس هذه اخلصائص بوضوح وتبعا لطبيعة اجملتمع نفسه.
ب /باإلضافة إىل الصفة السياسية اليت تتميز هبا ظاهرة الرأي العام إال أهنا كذلك تعترب ظاهرة حضارية من خالل ما تعكسه من
مظاهر ومناخ حضاري ميتاز به الرأي العام الذي ينتمي إليه هذا اجملتمع.
غري أن هناك بعض احلاالت تأكد على أن اإلعالم ال ميارس تأثريا على الرأي العام واختياراته ومنها االنتخابات األمريكية
1940حيث متكن املرشح الدميقراطي فرانكلني روزفلت من اكتساح األصوات والفوز مبنصب الرئيس 32للواليات املتحدة
األمريكي ة على ال رغم من املوق ف املع دي من ط رف وس ائل اإلعالم ،ويف املقاب ل اخلس ارة ال يت م نيت هبا املرش حة الدميقراطي ة
43
44
45
46
هيالري كليننت على ال رغم من املس اندة اإلعالمية الكبرية هلا ،وهو م ا ميكن أن يعطي مؤش را لعدم جناعة الوسيلة اإلعالمية يف
التأثري على الرأي العام دون وجود عوامل أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية.
ووفقا للسياسة اإلعالمية واإليديولوجية اليت حتكم السلطة السياسية فان وســائل اإلعالم تقــوم بــدور مهــم وجــوهري من
خالل حص ول الفــرد علــى املعلومــات واآلراء واملواق ف من وس ائل اإلعالم وال يت تس اهم يف تك وين ص ورة واض حة للمف اهيم
والظواهر واألحداث ،حيث تقدم وسائل اإلعالم املعلومات واملواقف الرمسية وغري الرمسية عن كافة القضايا اجملتمعية.
فاألمهية اليت تتمتع هبا وسائل اإلعالم يف الدول احلديثة جعلت من هذه األخرية ختصص أقساما ودوائـر ووزارات إعـالم تتـوىل
حتقيـق أهـداف داخليـة وخارجيـة ،منها رفـع املسـتوى الثقـايف لألفـراد وتطـوير أوضـاعهم االجتماعيـة واالقتصـادية (داخليـا) ،أمـا
مـن جانـب األهـداف اخلارجيـة فتمثل يف تعريف العامل حبضارة الشعوب ،ووجهات النظر للحكومات يف املسائل الدولية ،ولــم
يقتصــر االهتمــام بوســائل اإلعالم مــن طــرف احلكومــات فقــط بــل تعــدي ذلــك إلــى املؤسســات االجتماعي ة والسياس ية
واالقتصادية فوجدت هذه األخرية أن تلك الوسائل ختدمها وختدم أهدافها.
يضع 47 Bernard Berelsonيف مقال بعنوان " االتصال والرأي العام" معادلة ملناقشة تأثريات وسائل اإلعالم على
الرأي العام – بعض أنواع االتصال جتذب انتباه بعض الناس لبعض أنواع القضايا حتت بعض أنواع من الظروف ،ويكون هلا
بعض األنواع من التأثريات -حيث يقدم خالل هذه املعادلة مخس جمموعات من العوامل املرتبطة بعمليات االتصال واليت تؤثر
على الرأي العام.
-1أن&&واع االتص&&ال :كلم ا زادت الطبيع ة الشخص ية لوس ائل االتص ال ت زداد فعاليته ا يف حتوي ل اآلراء ،فحجم الشخص انية يف
العم ل اإلتص ايل من املف رتض أن حيق ق فعالي ة أك ثر ألن أراء األف راد يتم تش كيلها يف س ياق رواب ط اجتماعي ة رمسية وغ ري رمسية،
وفعالية الراديو أكثر من فعالية اجلريدة ألنه أكثر شخصانية يتحدث إليك أكثر مما تفعله اجلريدة.
-2أن &&واع القض &&ايا :يك ون مض مون اإلتص ال أك ثر فعالي ة يف الت أثري يف ال رأي الع ام إذا اعتم د على املواض يع اجلدي دة والغ ري
متكررة ،وتكون سرعة تأثريه يف القضايا اهلامشية أكثر فاعلية من تأثريه يف القضايا احليوية ،كما ميكن تأثريها يف اآلراء حول
الشخصيات أكثر فاعلية من تأثريها يف اآلراء حول القضايا.
-3أن&واع الن&اس :هناك جمموعة من املتغريات اليت تؤثر يف أراء الناس خصوصا من حيث ثقافتهم ودرجة اقتناعهم ومعرفتهم
بالقضية ،ومستواهم االقتصادي واالجتماعي وشخصية الفرد وتنشئته االجتماعية.
-4أنواع الظروف المحيطة باالتصال :تتنوع فعالية االتصال يف التأثري على الرأي العام باختالف طبيعة الظروف احمليطة هبا،
فتأثري االتصال يف تغيري الرأي العام يف ظرف يكون فيه احتكار االتصال أعظم من تأثريه ظروف تنافس االتصال.
-5أنواع التأثيرات :هناك تأثريات قصرية املدى وتأثريات طويلة األجل فمن السهل تتبع ما حتدثه وسائل اإلعالم على الرأي
العام من تغريات على االجتاهات على املدى القصري ،لكن التأثريات على املدى الطويل تكون مراوغة وخفية ومعمرة مثل تأثري
47
األفالم على انتب اه اجلمه ور السياس ي على املدى الطوي ل بتقوي ة القيم األساس ية حبيث يق ررون فيم ا بع د أي القض ايا السياس ية
خيتاروهنا.
وميكن حتديد جوهر الوظيفة االتصالية يف تكوين الرأي العام فيما يلي:48
-1الوظيف&&ة اإلعالمية :وتفرتض هذه الوظيفة على املواطن يكون على علم بأدىن املعلومات والتفاصيل يف احلياة اليومية أو ما
يع رف حبق االتص ال من خالل اس تعمال خط اب حيق ق درج ة من املص داقية ال يت ترب ط بني احلاكم واحملك وم ،وال ذي من ش أنه
تدعيم نوع من املثالية السياسية السائدة ،وقد شاع استخدام مصطلح إعالم السلطة الذي يعين التوظيف السياسي لإلعالم يف
تشكيل الرأي العام مبا ميكنه من تدعيم توجهات النظم السياسية ومواقفها واختياراهتا ،ويف بعض األحيان احلشد والتعبئة والتأييد
واملساندة يف وقت األزمات احلادة.
كما ميكن اعتبار "إعالم السلطة" إح دى األدوات املهمة يف صناعة السلطة وتكريس وضعية ومصاحل القائمني عليها عن
طريق املسلك الدعائي (وهو ما ميكن تصنيفه يف خانة االحنراف عن املمارسة احلقيقية لألدوار اإلعالمية إىل األدوار الدعائية).
إن الواقع السياسي أثبت أن السلطة السياسية تقوم على إمداد الرأي العام بأدق التفاصيل واملعلومات والوقائع اليت يعيشها
اجملتمع مما يساهم إىل حد ما يف تنويره ومساعدته على تكوين مدركاته وتصوراته عنها ومنه الوصول إىل تكوين وعيا ذاتيا،
وتتفاوت األنظمة اإلعالمية من بلد إىل آخر يف هذه الوظيفة اليت متثل أول نقطة يف تكوين الرأي العام.
األول :يوصف بأنه داخلي موجه حنو عملية التثقيف السياسي الذي يساهم يف عملية االندماج واىل حد ما التوافق االجتماعي
وتوحيد اإلدراك اجملتمعي حنو قضايا وجود السياسي األساسية يف اجملتمع يف مرحلة معينة.
الث&&اني :خ ارجي يتم يز باالجتاه حنو ت دعيم السياس ة اخلارجي ة للنظ ام السياس ي حيث أن أش كال التواج د الثق ايف يف اجملتم ع من
(جامعات .املراكز الثقافية .البعثات التعليمية) اليت من شأهنا أن تقوم على تعزيز توجهات السياسة اخلارجية للدولة.
ه ذه الوظيف ة ت ربز من خالل األدوار ال يت هتيمن عليه ا الدول ة من خالل تك وين م دركات عام ة موح دة منس قة حول
جمموع القضايا اليت تدور حول طبيعة اجملتمع الذي حتكمه وحول كليات الوجود السياسي حيث ان اجملتمع ميتلك حدا
أدىن من االتف اق الع ام أو اإلمجاع الوط ين ح ول املوض وعات األساس ية املش كلة جلوهر الوج ود السياس ي مما ميكن ه من
تق دمي االس تجابة الس ليمة يف ظ ل وج ود التح ديات املس تجدة ومن ش أنه أن يق دم احلد األدىن من املس اعدة يف وقت
األزمات .
الوظيفة الحضارية :تتحدد من خالل وجود حد أدىن من اإلمجاع الوطين حول القضايا األساسية املتعلقة باجملتمع ومنط حياته،
وإميانه بأنه ميلك رسالة حضارية يف جمال التعامل مع اخلارج.
48
الوظيف &&ة العقائدية :وه و من املف اهيم القدمية حتم ل يف طياهتا مثالي ة معين ة ديني ة أو أيديولوجي ة تس عى إىل ص بغ عملي ة التط ور
السياس ي هبا وهي من أهم الوظ ائف املع ربة عن الوج ود املعن وي للدول ة وهي حمور وجوده ا داخلي ا حيث تق ود عملي ة
التطوير السياسي جملتمعها والذي جتعله عقيدة سياسية مفرغة من أي خطة أو برنامج تقيم جمتمعها بكافة نظمه وأنساقه
عليها ومنه تكون عملية تكوين للرأي العام حقيقية.
49
الوظيفة الدعائية :هي إحدى أشكال عملية اإلتصال ويلخصها وريفورد يف نشر املعلومات واآلراء لتحقيق هدف أو مصلحة
من خالل تغيري مواقف واجتاهات األفراد على النحو الذي يتفق مع اخلط الفكري /السياسي للجماعة السياسية مبا ميكن من
حتقيق أهدافها ،وهو ما يؤكده نورمان بأهنا نشر لآلراء ووجهات النظر اليت تؤثر على األفكار والسلوكات أو كليهما معا .أما
فيليب ت ايلور يف كتاب ه الش هري "قص ف العق ول" بأهنا احملاول ة املتعم دة املدبرة إلقن اع الن اس ب ان يفك روا ويس لكوا بالطريق ة
املطلوبة.50
ه ذا الت أثري يع ين عملي ة إث ارة العواط ف باس تخدام أن واع من التالعب يق وم على فلس فة معين ة لتولي د جمموع ة منظم ة من
املواقف لتعديل أحكامهم و إدراكاهتم وغرس قيم يف وعي اجلماهري ميكن أن تؤثر على سلوكها على النحو الذي رمسته جهة
الدعاية القائمة على تأكيد مجلة من املبادئ هتدف إىل حتريك وتأييد خطة العمل املستهدفة للتأثري على الرأي العام حىت يصبح
هذا الدور الدعائي مرجعا يف النشاط السياسي الذي يزيد من مكانة القائم بالدعاية.
ومتث ل أقص ى مس تويات ممارس ة األبع اد املعنوي ة حيث أن الدول ة جتردت من عن معنوياهتا تتجه لتطبيق أدواره ا للخ ارج من
خالل أسلوبني :القضاء على اخلصم بأسلوب احلرب النفسية وعملية التسميم السياسي.
فالدولة تتجه إىل الرأي العام اخلارجي متخلية عن قيم الصدق واجتهت إىل منطق التضليل والدعاية لتقوم بعلية تشكيل على
أوسع ،واجلوهر احلقيق هلذه الوظائف االتصالية للدولة هو تشكيل الرأي العام وبنائه وتكوينه داخليا وخارجيا.
/1األحزاب السياسية:
هناك عدة عوامل تساعد أدت إىل تنوع الوظائف اليت تقوم هبا األحزاب السياسية يف اجملتمع منها سياسية ومنها اجتماعية
وأيديولوجية اليت فرضتها البيئة اليت تتواجد فيها األحزاب منها مستوى التقدم االقتصادي واالجتماعي وطبيعة النظام السياسي
(دميق راطي ،مشويل) ،جمتم ع متع دد ال ديانات والثقاف ات مما جيعله ا موح دة أو عرض ة للت وترات واالنقس امات ،إال أن هن اك من
يستبعد هذه العوامل وحيدد حجم والصفة التمثيلية واملشروع السياسي يف إطار إيديولوجية احلزب.
49
50
ويع د احلزب السياس ي منظم ة اجتماعي ة هلا جه از إداري وهيئ ة م وظفني دائمني ،وهلا أنص ار من أف راد الش عب من بيئ ات
متع ددة هلم ع ادات خمتلف ة ،وه ذا التب اين بني أبن اء الش عب ي دفعهم إىل تش كيل األح زاب السياس ية والعم ل بامسها لتحقي ق
أهداف حمددة.51
وتعرف األحزاب السياسية على أهنا " جمموعة منظمة تبحث عن الدعم الشعيب وختتلف بشكل واضح عن مجاعات املصاحل"،52
وهناك من يقدم تعريفا من حيث ارتباطها بتكوين الرأي العام قبل الوصول إىل السلطة " :منظمات هلا هدف واضح هو ممارسة
ت أثري ث ابت على تك وين ال رأي الع ام ،هلذا ف ان حتقي ق ه ذا اهلدف حيت اج إىل إش كالية تنظيمي ة وب رامج ثابت ة وممارس ة
االقرتاع هو احد اجلوانب اهلامة لألحزاب السياسية من أجل الوصول إىل السلطة وإحداث التغيري املنشود".53
فال وجود حلزب سياسي هدفه األساسي واحلصري التبشري لفكرة عليا أو الدفاع عن مبدأ أخالقي وثقايف،بقدر ما يكون ه ذا
التبشري جزء من عملية سياسية مشدودة إىل هدفها النهائي (السلطة) حيث متلك السياسة هنا أن تستثمر يف الثقافة واألخالق
والقيم الدينية وتدخلها مجيعها يف مشروعها ،وال تكاد تستطيع أن تبلغ حد الفعالية والتأثري دون أن تستند إىل فكرة عليا ودون
أن تنتصر لقيمة عليا من منظومة القيم.54
إن الوظائف احلقيقية لألحزاب السياسية متكننا إىل حد بعيد يف معرفة العالقة اجلوهرية بني األحزاب السياسية والدميقراطية
يف اجملتمعات الغربية على العكس منه يف اجملتمعات االستبدادية ،فجوهر قيامها هو حماولة كبح استبداد السلطة مما عزز يف تنامي
الدميقراطي ة حيث أص بح إنش اء منظم ات تق وم على محاي ة اإلرادة العام ة أم را طبيعي ا من خالل عملي ات االنتخ اب والتمثي ل مبا
ميكن لألفراد من حتقيق رغباهتم وطموحاهتم.
فمن ضمن الوظائف اليت تقوم هبا األحزاب السياسية إثارة الرأي العام جتاه املواقف اليت يتخذها احلزب ،باالضافة إىل أهنا
تعم ل على متثي ل املص احل وجتميعه ا ،حبيث تك ون ق وة ض اغطة على الس لطة وأحيان ا أخ رى تعم ل كوس يلة من وس ائل الرقاب ة
السياسية على خمتلف السلطات السياسية وخاصة نشاط احلكومة.55
ومن بني األهداف األساسية للحزب السياسي هي الوصول إىل السلطة ولتحقيق ذلك البد من خلق حراك واسع وجدي
بينه وبني اجلماهري جيعل من أفكار وبرنامج احلزب وتوجهاته عبارة عن انعكاس ألفكار فئة عريضة من فئات اجملتمع ،مما يظهر
فاعليتها يف تشكيل توجهات الرأي العام من خالل األساليب املختلفة يف عمليات اإلقناع والتأثري ،واملناخ الدميقراطي جيعل من
األحزاب السياسية أكثر قدرة ودميومة يف التأثري على توجهات الرأي العام عن طريق اإلقناع باستعمال كافة الوسائل املتاحة
منها اللقاءات والندوات الفكرية.56
51
52
.
53
.
54
55
56
.
ويتوىل احلزب السياسي مهمة الربط بني املصاحل الفردية يف حماولة لتجميعها يف صبغة سياسية ،حيث يتوىل عملية التوعية
واق رتاح احلل ول املمكن ة ،مما ي ؤدي إىل تك وين وعي سياس ي وثق ايف ل دى األف راد جيعلهم يش اركون يف العملي ة السياس ية وص نع
السياسات العامة ،فهذه االجتاهات الفردية املتباينة ال ميكن هلا أن تعطي نتيجة إال إذا قامت األحزاب بإعطائها اجتاها سياسيا.57
وظيفة التنشئة السياسية وتعين يف أوسع معانيها نقل الثقافة السياسية يف اجملتمع من جيل ألخر عرب العديد من املؤسسات
اإلجتماعية كاألسرة،دور العبادة،أدوات اإلعالم اجلماهريي ،تقوم على بناء شخصية الفرد وفق منوذج معياري يعمم من خالله
القيم السياس ية الس ائدة يف اجملتم ع ،وتعزي ز قدرات ه وتنمي ة مهارات ه ليتمكن من التعب ري عن أفك اره بواس طة س لوكات ينتجه ا
باحتكاكه بالبيئة السياسية،ومن مثة إمكانية إسناد جمموعة من األدوار السياسية لألفراد بعد إكساهبم اخلربات الالزمة وتتم هذه
الوظيفة عرب مؤسسات مثل األحزاب السياسية والنقابات.
وتدخل التنشئة السياسية يف إطار الدور البيداغوجي للحزب من خالل ترسيخ جمموعة من القيم السياسية بني املنخرطني
بش كل ت درجيي ع رب النش اط احلزيب املوج ه ،ه ذا النش اط ينص ب ح ول ج ذب املواطن لالهتم ام باملس ائل العام ة ب دل املس ائل
الفردية ،إضافة إىل تزويد املواطن باملعلومات املتعلقة باحمليط السياسي خللق ثقافة سياسية تسمح بتقدمي إضافة من خالل املشاركة
السياسية الفعالة.
ويش ري الس&&ويل إىل أهنا العملي ة ميكن بواس طتها تش كيل الثقاف ة السياس ية أو احملافظ ة عليه ا أو تغيريه ا ،وتتس م بأهنا مس تمرة
مدى احلياة .58وتركز وسائل اإلتصال يف هذه الوظيفة باعتبارها مصدرا مهما من مصادر التنشئة السياسية 59على املعلومات
اليت تقدمها حول البيئة السياسية على تغيري االجتاه واملعتقد وتك وين القيم السياسية واحملافظة عليها واكتساب املعرفة لتكوين
املواقف وخلق اتفاق عام حوهلا أو العمل على تغيريها ،ومن خالهلا يكتسب الفرد خصائص اجلماعة واالهتمام هبا وخصائصها
وأفكارها السائدة ،مبا يضمن مشاركة سياسية فعالة وتوسيع جماهلا يف عملية اختاذ القرار.
/2جماعات الضغط:
هتدف اجلماعات الضاغطة التأثري على قرارات وتشريعات احلكومة مبا يتناسب ومصاحلها ،وهذا التأثري مرتبط إىل حد كبري
بوج ود قن وات لتعبئ ة ال رأي الع ام وتوجيه ه " ،هي مجاع ات تس عى لتحقي ق ه دف أو أه داف مرتبط ة مبص احل أعض ائها بكاف ة
60
الوسائل املمكنة"
وختتلف فيما بينها من األهداف املرجوة من تكوينها وبالتايل املصلحة هي اليت حتدد توجهات هذه اجلماعات "تنظيمات غري
حكومية ،جمازة من السلطة املختصة بأن تعمل علنا ويكون هلا غطاء قانوين تسعى لتحقيق منافع مادية أو مزايا نقابية ألعضائها،
فتكون ذات توجه مهين وقد تكون ذات توجه إيديولوجي أو إنساين عندما تسعى حلماية حقوق اإلنسان أو محاية البيئة أو منع
57
58
59
60
.
انتشار األسلحة ،وقد تكون ذات توجه سياسي عندما تدافع عن أهداف سياسية حبتة مثل اللويب الصهيوين يف الواليات املتحدة
األمريكية". 61
يرى Jean meynaudأنه ال توجد مجاعات املصلحة يف شكل تنظيم الضغط إال ابتداءا من اللحظة اليت يبدأ فيها
املسئولون استخدام التأثري على اجلهاز احلكومي وذلك من أجل حتقيق مطاحمها أو مطالبها".62
ويعرفها جون هومانز بأهنا "منظمة تظم جمموعة من الناس يعرف بعضهم بعضا متام املعرفة".63
مجاعات الضغط السياسية يطلق عليها ، lobbiesمجاعات الضغط شبه سياسية مثل النقابات ،مجاعات الضغط اإلنسانية،
مجاعات الضغط ذات اهلدف ،مجاعات الضغط للدفاع عن مصاحل الدول األجنبية داخل الدولة .64
فاحلكومات على اختالف أنواعها تعتمد بصورة واضحة على تأييد الرأي العام فمن الضروري أن تويل اجلماعات الضاغطة
اهتماما كبريا لتعبئة الرأي العام وتوجيهه يف اغلب احلاالت بغرض حتقيق أهدافها ،ونظرا ملا متلكه هذه اجلماعات من وسائل
مادية يف مقدمتها األموال فهي قادرة على توجيه الرأي العام يف االجتاه الذي خيدم مصاحلها وحتميل السلطة السياسية ممثلة يف
احلكومة على تبين قضاياها.
وإىل جانب الوسائل املادية فقد تلجا كذلك إىل خمتلف الوسائل اليت من شأهنا أن تأثر على خمتلف شرائح اجملتمع وبلورهتا
منها إصدار النشرات وتوزيعها ،وعقد الندوات واحملاضرات واستخدام الوسائل السمعية البصرية لالتصال بالرأي العام ،عرب
إشراك خمتصني يف مناقشتها ،ونشر البحوث والدراسات ليتيح جتهيز وصياغة مشاريع والضغط على احلكومة لتنفيذها ،فإذا ما
حتقق هذا اإلقناع بقضيتها حثته على كتابة الرسائل والربقيات للحكومة حىت يتم التعديل املطلوب لسياسة احلكومة ،وتسمى
هذه الوسيلة " الضغط اجلذري" أي ضغط الرأي العام.65
كما ميكنها يف العديد من احلاالت اللجوء إىل هتديد احلكومة وكبار املسؤولني بنشر أسرار عن احلكومة أو بعض أفرادها يف
وسائل اإلعالم املختلفة ،واليت من شأهنا زعزعة الثقة بني املواطن واحلكومة ،أو حتريض الرأي العام على تبين مواقف سلبية من
احلكوم ة أو الق رارات الص ادرة عنه ا من أج ل كس ب تع اطف ال رأي الع ام وه ذا كل ه يتم باس تغالل املال والدعاي ة ألطروحاهتا
والرتويج هلا عرب خمتلف وسائل اإلعالم ،وقد تصل يف بعض احلاالت إىل التهديد بإسقاط احلكومة من خالل سحب الثقة.
65
.
66
إن مسالة تشكيل الرأي العام هي يف األساس وجهة نظر اجملتمع جتاه مسالة حساسة ومهمة جتري حوهلا مناقشات عديدة
تطرح فيها خمتلف وجهات النظر واالقرتاحات وتشارك يف تشكيلها العديد من العوامل واليت تتشابك يف أدوارها وتتفاعل فيما
بينها للوصول إىل رأي عام .ومن خالل التعاريف املقدمة سابقا حول مفهوم الرأي العام جند أن اجلماعة تصل إىل تكوين رأي
حول قضية معينة إذا حتققت الشروط التالية:
67
68
-3مرحل &&ة الش &&مول :هي ارتف اع تل ك اجلزئي ة من جزئي ات ال رأي الع ام -حمل الرض ا واالن دماج -لرتتب ط ب اجملتمع
السياسي كحقيقة كلية تعرب عن إحدى مساته.
أما حامد عبد اهلل ربيع فيحددها يف مخسة مراحل كما يلي:69
مرحلة اإلدراك: -
وهي حماولة التجرد من اإلدراك الذايت و امليوالت الشخصية وان ميتلك الفرد قوة االنطالق اليت جتعل منه قدرة
قابل ة على أن تلقى بنظره ا يف أبع اد املس تقبل مق درة اخلفاي ا احلقيقي ة ال يت تس ترت خل ف ك ل ت أزم ،ف الزعيم السياس ي يف
إدراكه للمشاكل جيب أن يتجرد من مجيع الظروف الذاتية وجيب أن يصل إىل هذا التجرد إىل درجة من اإلطالق حىت
ميكن القول أنه قد جترد من ظله.
مرحلة الصراع: -
مرحلة اإلدراك مرحلة ذاتية فردية نسبية ،أما مرحلة الصراع تعين االنتقال املتتايل من إدراك املشكلة كتصور ذايت
إىل التعبري عن املشكلة يف شكل موقف فردي لكنه يرتبط بالقوى اجلماعية ،والصراع هبذا املعىن يأخذ صورا متعددة
ومتتالية فهو أوال صراع ذايت ،مث يتحول إىل صراع مصلحي ،مث يأخذ صورة الصراع النظامي.
ينتهي الرأي العام بعد املرحلة الثانية أي الصراع إىل التعبري عن نفسه حيث مل يعد خاصا أو فئويا وإمنا رأيا عاما
خبروجه من حيز الباطنية إىل العالنية وإبراز القوى احلقيقية واملفاهيم األساسية اليت تدور حوهلا املشكلة ،وينتهي األمر بشيء
من التوفي ق والتق ريب بني املواق ف وإب راز نق اط التالقي وإلغ اء املواق ف ملتعص بة على األق ل ،وه و م ا ي ؤدي إىل الرتك يز يف
اجتاهات الرأي العام أو هتذيب وبلورة اآلراء الفرعية لتتجمع يف رأي عام رئيسي.
ويربى جيمس برايس أن الرأي العام يتكون عند انتقاله من مرحلة الرأي العام السليب إىل الرأي العام الواعي النشط مير مبراحل
أربعة:70
المرحلة األولى :تعرب عن األشكال الكبرية والبسيطة للمجتمعات السلبية حيث يكون الرأي العام سلبيا وراض بالسلطة مهما
كانت أخطاؤها ألنه ال يعرف شيئا أفضل منها أو رمبا لوجود وازع ديين جيعله حيرتم هذه السلطة وهذا االحرتام مرتبط إىل حد
بعيد من اخلوف منها.
المرحلة الثانية متتاز بالتصادم والصراع بني إدارة احلكم املستبد والفئات املعارضة ويف هذه املرحلة يبدأ الرأي العام يف البحث
عن أجوب ة جملموع ة من األس ئلة تتعل ق حبقوق ه وواجب ات الس لطة احلاكم ة حنوه ،وينظم نفس ه يف ش كل ق وى معارض ة إص الحية
وغالبا ما تنتهي هذه الصراعات باملفاوضات أو العنف.
المرحل&&ة الثالث&&ة :يع رتف يف ه ذه املرحل ة احلك ام ب أهنم وكالء للمواط نني ال أك ثر وحتال املنازع ات إىل الق وى ص احبة الس يادة
( الشعب) اليت تعرب عن إرادهتا يف العمليات االنتخابية.
المرحلة الرابعة :وهي اليت تتأكد فيها إرادة أغلبية املواطنني دون احلاجة للمرور باجملالس التمثيلية ودون احلاجة كذلك للعملية
االنتخابية وتوصف هذه املرحلة مبرحلة حكم الرأي العام.
اإلدراك هو العملية العقلية اليت نعرف بواسطتها العامل اخلارجي عن طريق املثريات احلسية املختلفة وال يقتصر على جمرد
إدراك اخلصائص الطبيعية لألشياء املدركة عقليا ولكن يشمل إدراك املعىن والرموز اليت هلا داللة بالنسبة للمثريات احلسية من
حيث تصور حقيقة معينة بطريقة ذاتية ،هذه املثريات اليت تعد مفاتيح املعرفة واتصاله بالعامل اخلارجي وبدا الفرد يف إدراكها
حسيا مث حياول إدراكها كرموز مث يعطيها معنا معينا.71
70
وكما رأينا سابقا من خالل التعاريف املقدمة لظاهرة الرأي العام على أنه التعبري العلين والصريح الذي يعكس وجهة نظر
أغلبية اجلماعة جتاه قضية معينة يف وقت معني حول قضية معينة ،ويتكون هذا الرأي يف صورته األوىل يف شكل تصور فردي هلا
من خالل اخللفية اليت كوهنا يف اجملتمع السياسي الذي ينتمي إليه ،وفقا خلرباته املاضية وطريقة فهمه للحياة ،املفاهيم ،التقاليد،
الرتاث واليت وتبدأ يف التكامل مع شخصيته ،يبدأ بالتعبري اللفظي باإلشارة إىل ميوالته واجتاهاته النفسية حول املوضوع ،فهي
حصيلة مجلة من العوامل املوضوعية اخلارجية و أخرى ذاتية تنبع من اخلربات السابقة يف حدود اإلطار الداليل والقيم واالجتاهات
واملعايري املكتسبة من البيئتني الثقافية واالجتماعية.
فطاملا أن املوض وع ه و حمل ج دال وس جال بني جمموع ة من اآلراء ف ان الف رد يق وم باالختي ار وب ذلك فأن ه يق وم حتدي د موق ف
خاص به من خالل البحث عن بدائل خمتلفة لعالج هذه املشكلة.
وهو ما انتهى إليه ليبمان W.Lippmanمن أن التصرفات واالستجابات ال تكون نتيجة للمالحظات املوضوعية عن
العامل اخلارجي ،وإمنا مبنية على التصرفات الذاتية والصور الذهنية يف نفوس األفراد ،ومعىن ذلك أن املؤثرات وصورهتا يف ذهن
اإلنسان هي املسؤولة عن االستجابة .73فيقوم الفرد بالتعبري اللفظي عن ميوالته وأحاسيسه حول القضية ،وهذا التعبري مبين على
أساس اختيار موقف معني طاملا أن القضية حمل النقاش القت جدال بني خمتلف االجتاهات املؤيدة واملعارضة واحملايدة ،فالعالقة
بني السلوك واإلدراك تظهر من خالل استجابة الفرد للبيئة بالطريقة اليت يدرك أمهيتها.
تلعب خمتل ف وس ائل اإلعالم دورا ب ارزا يف خل ق ج و من املناقش ات واحلوارات ح ول القض ية حمل االهتم ام وال يت يك ثر
حوهلا اجلدل ح ىت ميكن الوص ول إىل أك ثر اآلراء عقالني ة ،ولكن بع د ص راع بني خمتل ف وجه ات النظ ر ح ول كيفي ة األخ ذ
باملقرتحات.
فمن ميزات هذه املرحلة أهنا مرحلة تصادم حيث يبدأ الرأي العام يف التحقق من قوته وحتسم هذه الصراعات يف الغالب
باملفوضات وقد تلجأ للعنف يف إطار اجلماعة املهتمة باملوضوع اليت حياول كل فصيل فيها الدفاع عن رأيه مستخدما يف ذلك
كل ما ميلك من أدلة ومعلومات وأفكار تدعم رأيه.
مشتاق طلب فاضل :دور مواقع التواصل االجتماعي يف تكوين الرأي العام احمللي ،جملة تكريت للعلوم السياسية ،العدد ،12ص .211 72
73
-4مرحلة تحول أراء األفراد إلى أراء الجماعة:
من خالل املناقشات العديدة بني اجلمهور يتم التقريب بني وجهات النظر املتباينة وتنحو املناقشات منحى تثبيت رأي حمدد
مييل إليه اغلب أعضاء اجلمهور ،ويصبح بذلك هذا الرأي رأيا عاما على الرغم من وجود بعض اآلراء األخرى املتبناة من طرف
األقلي ة ،وم ا ميكن مالحظت ه يف ه ذه املرحل ة ه و تض حية وتن ازل الف رد عن رأي ه الشخص ي يف س بيل الوص ول إىل رأي خيدم
اجلماعة .وتتداخل يف هذه العملية جمموعة من العوامل مع بعضها البعض منها رغبة الفرد يف خلق توافق لتحقيق صفة االنتماء
مع اجلماعة.74
74
.