You are on page 1of 33

‫المحور األول‪ :‬األسس النظرية لدراسة الرأي العام‬

‫احملاضرة األوىل‪ :‬مفهوم الرأي العام‪:‬‬

‫‪ -‬الرأي العام والحكم و االتجاه والسلوك‪:‬‬

‫الرأي‪opinion :‬وهو ما يستدل به الفرد استجابة لسؤال مطروح حول موقف معني‪ ،‬مبعىن أنه ميثل وجهة نظر متغرية تبعا‬
‫ملواقف متعددة يلتقي مع االجتاه يف كونه تعبري عن هذا األخري بالكلمات‪.‬‬

‫الحكم‪ judgment:‬وهو الرأي النابع من دراسات معمقة للمربرات و األسباب (سلبا وإجيابا)‪ ،‬ويفرتض يف الرأي العالنية‬
‫أما يف احلكم اليشرتط اإلعالن عنه فقد يصل الفرد إىل حكم حول فكرة معينة ويعلن رأيا خمالفا لذلك‪ ،‬وهو صورة تقريرية‬
‫تقوم على احلجج والرباهني تعطي تأكيدا عن موضوعات معينة بالصدق أو التكذيب‪.1‬‬

‫االتج&&اه‪ attitude :‬هو املص در احلقيقي للرأي وهو استعداد ذايت للفع ل ول ردة الفعل بطريق ة مميزة‪ ،‬ميد الفرد برص يد داخلي‬
‫جاهز يستعني به على تقدير األشياء‪ ،‬وهو حالة نفسية أو عصبية باطنية يتم التعبري عنها قوال أو سلوكا واإلمياء أو رمز‪ ،‬وهو‬
‫تعبري عن نزعة اإلنسان لالستجابة إىل حادث معني أو فكرة معينة بطريقة حمددة سلفا‪ ،‬وتتصف هذه االستجابة بثبوهتا النسيب‬
‫إىل ح د م ا وتش تمل على توق ع جترب ة م ا واالس تعداد الس تجابة دائم ا س واءا ك انت اجيابي ة أو س لبية‪ .2‬وجتدر اإلش ارة إىل أن‬
‫الباحثني مل يتفقوا على تعريف واحد لالجتاه بل أن بعضهم ال يرى فروقا بينه وبني الرأي العام كاصطالح علمي متميز لذلك‬
‫يستعمل االصطالحني أحيانا استعماال يف معنا واحد‪.3‬‬

‫السلوك‪:‬‬

‫هناك عالقة ارتباطية بني الرأي كظاهرة فردية والسلوك فالرأي ما هو إال سلوك كالمي ومبجرد اإلعالن عنه يصبح واقعة‬
‫وبالتايل هو سلوك يف جوهره‪ ،‬فالفرد كإحدى مكونات اجلماعة اليت تعكس الصفة الغالبة لسلوك الفرد يف السلوك االجتماعي‬
‫وهو ما يظهر يف عالقة السلوك السياسي الفردي باجتاهات الرأي العام كتعبري عن السلوك السياسي يف مستواه اجلماعي‪.4‬‬

‫تعريف الرأي العام‪public opinion:‬‬

‫يضع ليون&&ارد دوب ‪ Leonard Dob‬يف مؤلفه ال&&رأي الع&&ام والدعاي&&ة تعريفا حمددا للرأي العام‪ " :‬اجتاهات ومواقف‬
‫الناس إزاء موضوع يشغل باهلم بشرط أن تكون هذه اجلماهري يف مستوى اجتماعي واحد"‪ .5‬ويريد دوب من خالل هذا الطرح‬
‫الرتكيز‬
‫‪6‬‬
‫تعريف جولت ‪ " Gualtr‬فهم معني للمصاحل العامة األساسية يتكون لدى كافة أعضاء اجلماعة"‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬
‫وتخلص ه&&ذه التع&&اريف إلى أن ال&&رأي الع&&ام م&&ا ه&&و إال اتف&&اق مجموع&&ة من الن&&اس( ال&&رأي الغ&&الب) أو االعتق&&اد الس&&ائد في‬
‫المجتمع تجاه ظاهرة معينة أو قضية معينة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ذات طابع محلي أو ق&&ومي أو إقليمي أو دولي‬
‫محل جدل جماهيري واسع‪ ،‬هذا اإلجماع له قوة تأثيرية على القضية محل النقاش‪.7‬‬

‫أم ا ألب&&ورت فلويد ‪ ALPORT FLOYD‬يعرفه على أنه "تعب ري مجع كبري من األف راد عن آرائهم يف موقف معني‬
‫هبم غالبي ة هلا تأثري يف املوق ف"‪.8‬وه ذا التحدي د للمفه وم يتعل ق أساسا ب امليوالت أي تعب ري األف راد عن القض ايا املهم ة يف اجملتمع‬
‫سواءا كان هذا التعبري يف شكل رأي صريح أو سلوك واضح‪.‬‬

‫وقد حدد مسري حسني جمموعة من القواعد املرتبطة بالرأي العام واملؤثرة فيه‪:9‬‬

‫الرأي العام هو جمموع أراء الناس ووجهة نظرهم يف احلياة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫الرأي العام يف وجهات نظر وتيارات خمتلفة وأفكار متعددة ولكل تيار حجته‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرأي العام له أثره يف احلياة السياسية وهذا يؤدي إىل تطور احلياة االجتماعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يتمتع الرأي العام حبساسية عالية جتاه األحداث العامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرأي العام يتأثر بالعوامل االقتصادية والثقافية والرتبوية وحياة اجلماعة وموقف الفرد منها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرأي العام ديناميكي أي دائم احلركة والتبدل والتطور‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرأي العام نتاج اجتماعي لعملية اتصالية وتأثري متبادل بني األفراد‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وبالنظر هلذه التعاريف املقدمة جند أن الرأي العام يتكون من محددات أساسية‪:‬‬

‫مسائل عامة خمتلف عليها‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تكتل بشري ومجاعات انتخابية وغريها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تعبري حر ونقاش وعصف فكري‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫متنوعة يف نطاقها اجلغرايف ويف جماهلا التخصصي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القدرة على التأثري يف السياسة العامة وحتقيق مصاحل عامة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يعرب عن رأي األغلبية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫رضا األقلية وعدم إمهال حقوقهم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪0i1‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬
‫المحاضرة الثالثة‪ :‬أهمية الرأي& العام‬
‫يف الكثري من احلاالت يعترب مقي اس لق وة الدول ة فاملكانة اليت حضي هبا ال رأي العام عرب األزمنة املختلفة يف أوق ات السلم‬
‫واحلرب جعلت من ه عنص را أساس يا يف بن اء و إرس اء قواع د احلكم يف األنظم ة السياس ية على اختالف أمناطه ا‪ ،‬وذل ك ألمهيت ه‬
‫البالغ ة يف وض ع قواع د االس تقرار االجتم اعي ومن مثة حماول ة فهم ه من قب ل ص ناع الق رار واس تمالته إلجناح أه داف السياس ات‬
‫العامة أو السيطرة عليه وحتويل اجتاهه‪ ،‬وبعض األنظمة تسعى إىل إضعافه ملا يشكله من خطورة على بقائها‪.‬‬

‫ميكننا فهم هذه الظاهرة من خالل الطلب املتزايد يف اجملتمعات الغربية اليت تتمسك مبخرجات العملية الدميقراطية على‬
‫دور الرأي العام من أجل محاية احلياة السياسية واالجتماعية من االضطرابات وتأسيس أسباب االستقرار‪ ،‬حيث يصبح الرأي‬
‫العام يف عرف هذه األنظمة قوة توازن ضرورية يف حياة اجملتمع بوصفه جماال عموميا وال ميكن اعتباره مصدر إزعاج الستقرارها‬
‫كما يعامل يف النظم السياسية األخرى (الشمولية)‪ ،‬حيث ينظر إليه كأحد أهم ركائز صناعة االستقرار يف اجملتمعات احلديثة‬
‫وبالتايل حتقيق املشاركة يف احلياة السياسية وصناعة القرار( معيار لتقييم عمل احلكومة)‪.10‬‬

‫كما يعترب قوة تنظيمية عند جتميع املصاحل املشرتكة ويكون أكثر فاعلية عند ارتباطه بقيادات واعية توجهه لتحقيق أهداف‬
‫نبيلة‪ ،‬ولعل أن أهم حدث ساهم وبشكل بارز يف التأكيد على أمهية الرأي العام وعالقته بالظاهرة السياسية هو ما جاءت به‬
‫الثورة الفرنسية من معطيات يف األدوار جديدة للمفهوم من خالل مايلي‪:11‬‬

‫‪ -‬يف الفرتات السابقة للثورة الفرنسية ظل الرأي العام يستند إىل الرأي الفردي يف احلكم السياسي وهو ما يقرتب من ظاهرة‬
‫قائ د ال رأي الع ام‪ ،‬إال أن ه ذه الث ورة أعطت بع دا آخ ر ه و دور التنظيم ات السياس ية واالجتماعي ة يف ص ناعة ال رأي والتي ارات‬
‫اإليديولوجية اليت ظهرت يف تلك الفرتة دليل واضح على ذلك‪ ،‬مبعىن أن الرأي العام أصبح رأي جتمعات خيضع لتأثرياهتا‪.‬‬

‫‪ -‬أص بح ال رأي الع ام يش كل تعب ريا عن املمارس ة اجلماهريي ة وج وهرا حمددا لطبيعته ا مما أدى إىل انتق ال الظ اهرة السياس ية إىل‬
‫ظاهرة مجاهريية و انتقال صناعة وقيادة الرأي العام من املستوى الفردي إىل املستوى اجلماعي‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية فصل الرأي العام عن عنصر الشرعية والوالء للدولة‪.‬‬

‫إن أمهية وقوة الرأي العام يف اجملتمعات احلديثة والديناميكية اليت فرضها يف الواقع جعلت من ضرورة االهتمام به واللجوء‬
‫إىل أساليب قياسه امرأ ضروريا جتاه خمتلف القضايا بشكل علمي ومستمر للوصول إىل وجهات النظر حول القضايا احلساسة مما‬
‫ميكن من صناعة القرارات وفق املعطيات احلقيقية وتوجيه الرأي العام حنو الوجه ة املطلوبة لتحقيق أهداف التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعي ة والسياس ية‪ ،‬وذل ك ع رب زي ادة وفعالي ة القن وات ال يت تس اهم يف رف ع ال وعي اجملتمعي خلل ق جماالت للتعب ري متكن من‬
‫معرفة االجتاهات قبل البث يف القرارات‪.‬‬

‫ولألمهية املتزايدة للرأي العام على مستوى صناعة القرار على خمتلف املستويات أصبح ضرورة ملحة يف خمتلف نواحي احلياة‬
‫خاصة بالنسبة لرجال السياسة الذين يعودون إليه يف كل مناسبة الستمالته وإضفاء الشرعية على سلطتهم عن طريق االستفتاء أو‬

‫‪10‬‬

‫‪11‬‬
‫العملية االنتخابية حيث ينظر إليه على أنه صاحب السيادة‪ ،‬هذا بالنسبة لألنظمة الدميقراطية أما يف األنظمة الشمولية فإن الرأي‬
‫العام يبقى دائما حمل ريبة وحذر‪.‬‬

‫أما من الناحية االقتصادية فهو ذو أمهية ال يستهان هبا يف جمال التسويق‪ ،‬حيث يعتمد عليه يف دراسة السوق للحصول على‬
‫حجم اكرب هلا يف توزيع املنتجات وذلك بالرتكيز على احتياجات ورغبات األفراد ودراسة ميوالهتم حنو املنتجات وهو ما يعرف‬
‫بدراسة السوق من حيث‪:‬‬

‫‪ -‬حيدد مصري القيادة السياسية ومستقبلها سواءا يف هرم السلطة أو على مستوى املنظمات السياسية األخرى مثل األحزاب‬
‫والنقابات ويظهر األمر جليا يف املناسبات االنتخابية وإثناء األزمات‪.‬‬

‫‪ -‬تتوقف استمرارية العديد من املنظمات اإلنتاجية واخلدماتية على حد السواء واملرتبطة بصفة مباشرة مع املصلحة العامة مبدى‬
‫كسب ثقة الرأي العام من خالل قدراهتا يف التعامل معه‪.‬‬

‫وحيدد عطوف ياسني أهداف الرأي العام مبايلي‪:12‬‬

‫‪ /1‬اهلدف السياسي‪ :‬معرفة اجتاهات الرأي العام حول قضايا معينة أو برامج أو خطط مستقبلية‪.‬‬

‫‪/2‬اهلدف االقتص ادي‪ :‬يس اعد دراس ات ال رأي الع ام على فهم نفس ية املس تهلك واجتاهات ه‪ ،‬والوس ائل املؤثرة في ه وال رتويج‬
‫والتسويق‪.‬‬

‫‪ / 3‬اهلدف االجتماعي‪ :‬تشخيص مشكالت اجملتمع وعالجها‪ :‬تنظيم النسل‪ ،‬الطالق‪ ،‬اجلرمية‪ ،‬الرتبية‪ ،‬االنتحار‪...‬‬

‫‪ /4‬اهلدف االتصايل‪ :‬مساعدة الرأي العام على ختطيط برامج العالقات العامة بني املؤسسات ومجهورها‪ ،‬وحتددي طرق التأثري‬
‫ووسائل االتصال واجلذب‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة ‪ :‬أنواع وتقسيمات الرأي العام‬

‫‪12‬‬
‫تعددت تقسيمات الرأي العام إىل أنواع عدة حيث يتم تقسيمه وفقا لطبيعته وثباته‪ ،‬وقدرته على املشاركة‪ ،‬أو انتشاره اجلغرايف‪،‬‬
‫حجم اجلمه ور‪ ،‬أو عنص ر ال زمن ودرج ة الوض وح واىل غ ري ذل ك من التص نيفات و ه ذه األن واع والتقس يمات‪ ،‬م ا هي إال‬
‫تقس يمات معنوي ة فق ط وال ميكن للف رد الع ادي مالحظ ة الف ارق بني ن وع وآخ ر منه ا نتيج ة لت داخلها م ع بعض ها‪ ،‬أو تك رار‬
‫وجودها‪ -‬نوعني أو أكثر‪ -‬يف جمتمع واحد‪ ،‬أو يف الزمان واملكان نفسه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الرأي الشخصي و الخاص‪:‬‬

‫الرأي الشخصي‪ :‬يكونه الفرد لنفسه يف موضوع معني بناءً على خرباته ويرغب يف اإلعالن عنه دون خوف أو خشية‪.‬‬
‫الرأي الخاص ‪ :‬يكونه الفرد لنفسه وحيتفظ به وال يبوح به خشية اخلطر وغالبا ما يظهر يف االنتخابات السرية واللقاءات اخلاصة‬
‫بعيداً عن اإلعالم‬
‫ثانيا ‪ :‬التقسيم الجغرافي‪ :‬االنتشار‬

‫الرأي العام المحلي‪ :‬هو الرأي السائد يف احملافظة أو املدينة أو منطقة‪.‬‬


‫الرأي العام الوطني‪ :‬هو املرتبط بالوطن الواحد ككل ميتاز خبصائص منها‪:‬التجانس‪ ،‬إمكانية التنبؤ‪ ،‬معاجلة املشكالت‬
‫القومية‪.‬‬
‫ال&&رأي الع&&ام اإلقليمي‪ :‬ويك ون على نط اق جمموع ة من الش عوب املتج اورة واملقارب ة جغرافي ا يف ف رتة معين ة حنو قض ية‬
‫معينة‪ ،‬مثل الرأي العام املغريب‪ ،‬الرأي العام األوريب‪....‬‬
‫الرأي العام الدولي أو العالمي‪ :‬كل تعبري تلقائي عن وجهة نظري معينة ال تقتصر على أنه إثبات وجودها على جمتمع‬
‫حملي معني ‪ ،‬وإمنا تتعدى احلدود بني اجلماعات السياسية لتعرب عن نوع معني من التوافق بني بعض الطبقات أو الفتات‬
‫ال يت تنتمي إليه ا أكثر من دولة واح دة س واء أك انت تلك ال دول يف جمموعه ا تك ون جمتمع ا إقليمي ا دولي ا ‪ ،‬أو كانت‬
‫تنتمي إىل أك ثر من جمتم ع دويل ويك ون على نط اق أغلبي ة ش عوب الع امل يف ف رتة معين ة حنو قض ية حمددة‪ ،‬وه و رأي‬
‫جمموعات وليس رأي حكومات‪.13‬‬
‫ثالثاً‪:‬الرأي العام حسب الحجم الجماهيري ‪-‬درجة التمثيل‪:-‬‬

‫‪ -‬رأي األغلبية‪ :‬وهو رأي اجلماعة اجملتمعية الفعالة ‪-‬ذات التأثري‪ -‬وهو جتميع اآلراء الشخصية اليت يزيد عددها عن‬
‫نصف اجلماعة‪ ،‬وهو الرأي الذي يعتد به يف التقومي واإلحصاء‪ ،‬إال أن ما يأخذ علية أنه قد يركن إىل الكسل واخلمول‬
‫تاركا أموره إىل الفئة الغري أكفاء إلدارة أموره والتعبري عنه‪.‬‬

‫رأي األقلي&&ة‪ :‬وهو الرأي الذي يكون عليه أفراد اجلماعة يقلون يف العدد عن نصف اجلماع‪ ،‬إال أنه ميكن يضم من‬ ‫‪-‬‬
‫ميتازون برجاحة العقل والرأي السديد‪ ،‬مما جعل األغلبية تضع يف حسبأهنا دائما أمهية األقلية‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫ال &&رأي االئتالفي‪ :‬ه و حتالف ت آلفي لبعض آراء اجلماع ة جتاه مش كلة حمددة يف وقت معني حتت ض غط ظ رف معني‬ ‫‪-‬‬
‫أوجب قيام هذا االئتالف ويتم اللجوء إليه يف حاالت التحالف السياسية أو التعاون اجملتمعي ويف حال عدم قدرة أي‬
‫مجاع ة على الوص ول على رأي األغلبي ة‪ ،‬ويف اغلب احلاالت يك ون نتاج ا ملعطي ات وض غوطات خارجي ة‪ ،‬إال أن بقائ ه‬
‫مرتبط إىل حد كبري ببقاء هذه العوامل‪.‬‬
‫الرأي الساحق أو الرضا العام ‪:‬وهو ميثل األكثرية و األغلبية الساحقة‪ ،‬وهو شبيه جدا باإلمجاع‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫رابعا‪:‬الرأي العام وفقا& لعنصر الزمن‪":‬اإلستمرار"‬

‫الرأي العام اليومي‪:‬‬


‫وه و ال رأي ال ذي يت أثر باألح داث وجمري ات األم ور اليومي ة‪ ،‬وحتركه املعلوم ات والفعالي ات اليومي ة وه و يف نفس‬
‫ال وقت ميثل ردة فعل هلذه املعلوم ات‪ ،‬تغذيه األح داث السياسية وم ا ينشر غرب وس ائل اإلعالم‪ ،‬وم ا ت روج الشائعات‬
‫واملصاحل املباشرة للجماهري ويتغري يوميا‪.‬‬

‫الرأي العام المؤقت‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫الذي يزول بزوال األثر املسبب له كحادثة أو ظرف طارئ‪ ،‬وهو أيضا متغري ومتقلب وال تبىن عليه سياسات‪،‬‬
‫يقوم حول حدث طارئ لظريف ينتهي بانتهاء التفاف اجلماعة حوله‪.‬‬
‫الرأي العام الدائم‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫هو الثابت الذي يدوم فرتة طويلة ويكون مستقرا ويكون مرتبط اً بالثوابت الوطنية والعوامل االجتماعية كالدين‬
‫واألخالق والعادات والتقاليد واألسس التارخيية وثقافية والدينية ويشرتك فيه السواد األعظم‪ ،‬ميتاز بكونه أكثر رسوخا‬
‫من األنواع األخرى لدميومته‪ ،‬وكذلك يعتنقه اجلزء األكرب من اجلماعة وال تؤثر فيه األحداث اجلارية أو تقلل من شأنه‬
‫إال يف احلاالت النادرة ألنه وليد التفاعل الدائم بني مقومات الفرد وأساسيات اجملتمع ما جيعله ميتاز بالثبات والرسوخ‬
‫والقوة والعمق‪.‬‬

‫خامساً ‪ :‬الرأي العام حسب درجة الوضوح‪:‬‬

‫الرأي العام الفعلي والواقعي‪ (:‬الظاهر)‬


‫املوجود فعليا يف الواقع احليايت والقائم فعال وما يعرب عنه األفراد وتتبادله وسائل اإلعالم وخمتلف املنظمات السياسية‬
‫واالجتماعية والثقافية ميارس تأثريا فعليا على خمتلف أفراد اجملتمع وينعكس على السياسات العامة للحكومة‪ ،‬ويظهر من‬
‫خالل املناقشات اليومية والتعليقات وما يرتتب عنه من سلوكات وتصرفات‪.‬‬

‫الرأي العام الكامن‪(:‬املسترت)‬


‫خفي داخلي حيتف ظ ب ه الف رد خوف ا من بطش سياس ي أو عوام ل خارجي ة‪ ،‬حيث ال ميكن للف رد التعب ري عن ه تعب ريا‬
‫ص رحيا ص ادقا‪ ،‬جنده يف ش كل ن ربات خافت ه ال تلبث أن تتح ول إىل احتجاج ات عنيف ة يف ح االت كث رية‪ ،‬وجنده يف‬
‫اجملتمعات اليت تعاين من قبضة السلطة السياسية اليت ختضع األمور العامة إىل الرقابة الشديدة‪.14‬‬
‫وي رى العدي د من املهتمني هبذا احلق ل املع ريف أن ه جيب أن تت وفر جمموع ة من الش روط و ال دوافع االجتماعي ة‬
‫والسيكولوجية تساهم يف حتويل الرأي العام الكامن إىل رأي عام ظاهر أمهها‪:‬‬
‫أ‪ /‬ال&&دافع االجتم&&اعي‪ :‬عندما يتمكن أفراد اجملتمع من رفع احلواجز االجتماعية والقانونية اليت كانت تقف أمام إبداء‬
‫أرائهم والتعبري عنها‪.‬‬
‫ب‪ /‬ال &&دافع الس &&يكولوجي‪ :‬ع دم ق درة األف راد على كتم ان رأيهم ح ول قض ية م ا‪ ،‬حيث ي زداد التح رر من القي ود‬
‫استجابة للعامل النفسي‪.‬‬

‫سادساً ‪ :‬الرأي العام حسب درجة تأثيره وتأثره‪:‬‬

‫الرأي العام القائد‪ :‬املسيطر‬ ‫‪-‬‬


‫هو رأي الصفوة من القادة واملفكرين والعلماء واإلعالميني والساسة وهؤالء يؤثرون وال يتأثرون بوسائل اإلعالم‬
‫مبا حيملونه من أفكار‪ ،‬نسبتهم قليلة يف اجملتمع يعملون على توجيهه حنو الوجهة املطلوبة‪.‬‬
‫الرأي العام المثقف‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫هو رأي املتعلمني واملثقفني يف اجملتمع على اختالف درجة التعليم سواءا كان تعليمهم متوسطا أم عاليا وهي الفئة‬
‫الوسطى بني فئة العامة والقادة‪ ،‬ويؤثرون مبن هم أقل منهم علم اً وثقاف ةً ويتأثرون بوسائل اإلعالم حسب مستوى النضج‪ ،‬هذا‬
‫التأثري مرتبط بدرجة اختالف درجة التعليم يف اجملتمع ذلك أهنا الفئة املسؤولة عن فهم وختزين املعلومات كما ميكنها بفضل هذه‬
‫الثقافة التأثري على وسائل اإلعالم من خالل طريقة التعرض للمعلومات واختيار مضامينها‪.15‬‬

‫ال &&رأي الع &&ام المنق &&اد‪ :‬وه و رأي الس واد األعظم من ذوي العلم القلي ل أو األم يني ويت أثر بك ل ش يء ويعيش حال ة من‬ ‫‪-‬‬
‫التلقي والتأثر الكبري خاصة من وسائل اإلعالم يتقبلون ما يذاع دون متحيص‪ ،‬هذا املستوى التعليمي يساهم بشكل كبري‬
‫يف خلق وسط أو بيئة مهيأة ومساعدة لنشر الشائعات وتروجيها وهم كذلك عرضة للحمالت الدعائية‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬الرأي العام حسب درجة ثباته‬

‫الرأي العام الثابت‪ :‬نسبيا‪ :‬هو حمصلة العادات والتقاليد واألعراف ويسترت وال يتغري إال بعد وقت طويل‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫‪15‬‬
‫ال&&رأي الع&&ام المتغ&&ير‪ :‬هو الرأي الذي يسهل التأثري فيه وتغريه يف فرتة زمنية قصرية خاصة من قبل وس ائل اإلعالم والدعاية‬
‫والشائعات وبذلك فهو ال ميتلك عنصر االستمرارية‪.‬‬

‫ثامنا‪:‬الرأي العام حسب حركيته‬

‫ال &&رأي الع &&ام الس &&تاتيكي ‪ -‬الغ ري متح رك‪ : -‬يس تمد فاعليت ه وقوت ه من القيم االجتماعية املتع ارف عليه ا واألع راف‬ ‫‪-‬‬
‫والع ادات والتقالي د يق رتب من اإلمجاع الع ام وه و حص يلة اآلراء املعتنق ة م ا جيعل ه مس تقر إىل ح د كب ري على ال رغم من‬
‫مجوده‪.‬‬
‫ال&&رأي الع&&ام ال&&ديناميكي‪ -‬النش ط‪ :-‬ه و الن اتج عن رغب ة األف راد يف التغي ري يرتك ز على عام ل التعق ل إىل ج انب عنص ر‬ ‫‪-‬‬
‫احليوية والتمحيص أكثر من اعتماده على القيم واألعراف والعادات والتقاليد‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬الرأي العام حسب وجوده‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -1‬ال &&رأي الع &&ام الموج &&ود بالفعل‪ :‬تظه ر أث اره من خالل املناقش ات والتعليق ات ال يت تفرزه ا بعض األح داث متث ل‬
‫املنظمات السياسية كاألحزاب ألهنا متتلك برامج‪ ،‬بذلك واحد من ثالث أنواع‪:‬‬
‫الرأي العام الدائم يتميز باالستمرارية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الرأي العام املؤقت يظهر عندما بوجود مشكلة وقتية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الرأي العام احملدد بعوامل زمنية ومكانية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -2‬ال&&رأي الع&&ام المتوق&&ع ظه&&وره‪ :‬مل يكن موج ود أصال إال أن بعض املواض يع احلساس ة أو مش كلة معين ة حمل اهتم ام‬
‫الرأي العام جتعل من املمكن توقع ظهوره وتلعب مراكز البحث حول الرأي العام دورا مهما يف التنبؤ بظهور الرأي العام‬
‫يف جمتمع معني‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬الرأي العام حسب درجة تأثيره –املشاركة السياسية‪:-‬‬

‫الرأي العام السلبي‪ :‬هذا احلكم ناتج عن درجة تأثريه ومشاركته يف صناعة القرار والسياسات العامة‪ ،‬هذه امليزة كانت‬ ‫‪-‬‬
‫نتيجة لوجود جزء معترب من اجملتمع سليب يكتفي بالتلقي وال يناقش‪ ،‬وينساق وراء وجهات نظر دون متحيصها‪.‬‬
‫ال&رأي الع&ام االيج&ابي‪ :‬وهو اجلزء الذي ميثله املثقفون وقادة الرأي هلم القدرة على فهم احلقائق وتفسريها وال يتأثرون‬ ‫‪-‬‬
‫بوسائل اإلعالم وإمنا يؤثرون فيها ملا ميتلكونه من خلفية فكرية تساعد على التأثري يف اآلخرين‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫إحدى عشر‪:‬الرأي العام حسب طريقة التوافق واإلجماع‬

‫‪16‬‬
‫رأي عام عن طريق التراضي‪ :‬حيث تتنازل فيه كل فئة عن رأيها حول موضوع معني على الرغم من أن رأيها صواب يف سبيل‬
‫حتقيق رأيا واحدا حلل مشكلة مطروحة خاصة يف القضايا االقتصادية‪.‬‬

‫رأي ع&&ام عن طري&&ق التص&&ويت‪ :‬يف هذه احلالة يسود رأي األغلبية ويف املقابل جند كبت لآلراء اخلفية املعارضة خوفا من عدم‬
‫استقرار اجملتمع‪.‬‬

‫رأي عام عن طريق الضغط ‪ :‬عندما يضغط القائد على أفراد مجاعته وحيملهم قبول رأي معني وال ميكن اعتباره يف العديد من‬
‫احلاالت رأيا عاما ألنه مبين على الكبت والضغط وليس على حرية الفكر والرأي وهذا النوع جنده يف اجملتمعات التقليدية أين‬
‫ميارس قادة الرأي نفوذا قويا على أفراد اجلماعة‪.‬‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬عوامل تشكيل الرأي& العام‬


‫يواج ه اإلنس ان من ذ نش أته جمموع ة من املؤثرات ال يت تش كل أمناط ا خمتلف ة من التفاع ل الس لوكي كالتع اون الص راع‪،‬‬
‫السيطرة‪ ،‬التنافس‪ ،‬ومبا أن الرأي العام ميثل غالبية آراء اجلماعة داخل اجملتمع فمن الواضح أنه يتأثر جبملة من العوامل املتفاعلة‬
‫واملتص لة فيم ا بينه ا نتيج ة لتواج د األف راد يف مجاع ة م ا كالع ادات والتقالي د‪ ،‬الرتبي ة والتعليم‪ ،‬ال دين‪ ،‬النظ ام السياس ي‪ ،‬املن اخ‬
‫االقتصادي واالجتماعي السائدين‪ ،‬وسائل االتصال‪...‬واليت متثل خمتلف التأثريات اليت تساهم كل على حدى يف تشكيل الرأي‬
‫العام‪.‬‬

‫ي رى دافيدسن ‪ 17Davidson‬أن ال رأي الع ام يتك ون من خالل التفاع ل املس تمر جملموع ة من العوام ل االجتماعي ة‬
‫والنفسية بني الفرد واجلماعة املكونة للمجتمع بفعل النقاش حول القضايا حمل االختالف مما يؤدي إىل وجود رأي عام يسود‬
‫بفعل االتفاق يف اآلراء حول القضية املطروحة للنقاش‪ ،‬إال أن هذا ال مينع من وجود آراء أخرى تعارض رأي األغلبية السائدة‪،‬‬
‫وهو ما جيعلنا خنلص إىل أن الرأي العام هو التفاعل الذي حيدث بني أفراد اجملتمع على إحدى املشكالت املطروحة‪.‬‬

‫ويتكون رأي اجلماعة كتعبري عن التفاعل املوجود بني مجيع املواقف والذي ال ميكن أن يتخذ شكال واضحا إال من خالل‬
‫وجود اختالف يف الرأي‪ ،‬مما يعين أن الرأي العام ليس هو رأي مجيع األفراد وال يتشكل من رأي اجلماعات اخلاصة فقط وإمنا‬
‫هو ذلك النسيج املتكامل للتفاعل بني العام واخلاص‪ ،‬اجلماعي والفردي ويتضمن املعارضة واملوافقة‪.‬‬

‫أ‪/‬مناهج تشكيل الرأي العام‪ :18‬هناك مناهج ميكن االعتماد عليها يف دراسة الرأي العام‪.‬‬

‫‪ -1‬منهج العامل الواحد‪:‬‬

‫هناك جمموعة من االجتاهات الفكرية ركزت على أن عامال واحدا وأساسيا يف تكوين الرأي العام‪ ،‬فاالجتاه املاركسي يعتقد‬
‫أن العامل االقتصادي هو السبب الوحيد يف تشكيله‪ ،‬أما التيار النفسي الذي ميثله فرويد يعطي أولوية للدوافع اجلنسية‪ ،‬بينما‬

‫‪17‬‬

‫‪18‬‬
‫هناك اجتاه أخر يقدم العامل العرقي على غريه من العوامل األخرى يف تشكيل الرأي العام‪ ،‬والبعض األخر يقلل من أمهية هذا‬
‫املنهج يف دراسة الرأي العام‪.‬‬

‫‪ -2‬منهج المراحل المحددة‪:‬‬

‫حياول هذا املنهج تقدمي عملية تكوين الرأي العام على أهنا عملية كلية ويفضلون عدم الرتكيز على عوامل حمددة‪ ،‬ذلك أن‬
‫الرأي العام يف مرحلة تكوينه مير من خالل مراحل متعددة حول قضية معينة‪ ،‬ومن هذه املراحل كما حيددها كاليد كينج ‪:‬‬

‫المرحلة األولى وهي مرحلة الشعور باالستياء من قضية ما حيث يسود االعتقاد أنه باإلمكان معاجلة القضية يف إطار اجلماعة‪،‬‬
‫أم ا يف المرحل &&ة الثاني &&ة هي ال يت يعم فيه ا االس تياء ويظه ر وعي بض رورة العم ل اجلم اعي إلجياد ح ل للقض ية أو املش كلة‪ ،‬و‬
‫المرحلة الثالثة تتبلور فيها القضايا من خالل املناقشات وطرح وجهات النظر عرب خمتلف وسائل االتصال اجلماهريي‪ ،‬وأخريا‬
‫المرحلة الرابعة مرحلة احلكم واختاذ القرار‪.‬‬

‫أما جيمس ب&&رايس يعتق د أن ال رأي الع ام يتك ون من خالل انتقال ه من مرحل ة ال رأي الع ام الس ليب إىل مرحل ة ال رأي الع ام‬
‫االجيايب (النشط أو الواعي) وال يسود فقط بل حيكم كذلك‪.19‬‬

‫‪ -3‬منهج العوامل المتعددة‪:‬‬

‫ويعد من أكثر املناهج استخداما يف دراسة تكوين الرأي العام‪ ،‬ينفي هذا املنهج وجود عامل واحد فقط يتحكم يف تكوين‬
‫الرأي العام وإمنا عوامل متعددة‪ ،‬ويرى الزرسفيلد يف دراسته عن السلوك االنتخايب أثناء االنتخابات الرئاسية للواليات املتحدة‬
‫األمريكية سنة ‪ 1940‬واليت مكنته من حتديد ثالث عوامل تتحكم يف تكوين الرأي العام األمريكي‪:‬‬

‫‪ -‬الوضع االجتماعي واالقتصادي‬

‫‪ -‬حمل اإلقامة‪ :‬قروي‪ ،‬حضري‬

‫‪ -‬الديانة‪ :‬كاثوليكي‪ ،‬بروتستانيت‬

‫ب‪/‬مقومات تشكل الرأي العام‪:‬‬

‫‪ -1‬القضية‪ :‬هي العنصر األساسي يف تشكيل الرأي العام فوجود قضية أمر ضروري وتكون حمل اهتمام اجلمهور‬

‫‪ -2‬اجلمهور‪ :‬هو العنصر الذي يتكون الرأي العام يف ظله‪.‬‬

‫‪-3‬احلوار والنقاش‪:‬فمن دون حوار بني اجلمهور لن يتمكن اجلمهور من الوصول إىل حكم–رأي‪-‬حول قضية ما‪.‬‬

‫‪ -4‬الزمن‪ :‬شرط أن يكون النقاش واحلوار حول قضية ما وقت حدوثها‪.‬‬

‫‪ -5‬حتقيق املصلحة العامة‪ :‬أن يكون النقاش حول قضية ما يصب يف اجتاه املصلحة العامة‪.‬‬
‫حازم جري الشمري نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪19‬‬
‫ج‪/‬عوامل تكوين الرأي العام‬

‫‪ /1‬الجماعة األولية‪:‬‬

‫ال ي زال الف رد يت أثر باجلماع ة ال يت ينتمي إليه ا ( االنتم اء الط ائفي‪ ،‬القبلي‪ )..‬يش كل يف الكث ري من احلاالت ع امال مهم ا يف‬
‫تشكيل الرأي العام على العكس منه يف بعض اجملتمعات اليت غريت من هذه الوالءات التقليدية إىل والءات جديدة مثل‪ :‬احلزب‪،‬‬
‫النقابة‪...‬واليت وكلت هلا مهمة تشكيل الرأي العام وتوجيهه‪ ،‬وينطوي مفهوم اجلماعة يف الكثري من احلاالت على األفراد الذين‬
‫ينتمون إىل هيئة واحدة كاألسرة‪ ،‬املدرسة‪ ،‬مجاعة الرفاق‪ ،‬النقابة‪ ،‬احلزب‪...‬‬

‫وختتلف فيما بينها من حيث درجة ودقة التنظيم واحلجم وجمال النشاط‪ ،‬واخلاصية املشرتكة ألعضائها هي التصور املشرتك‬
‫بالوحدة والشعور باالنتماء إىل التنظيم ودرجة اإلخالص له‪ ،‬أي تشرتك يف املصاحل واالهتمامات وتلعب دورا حيويا يف تشكيل‬
‫اجتاهات الرأي العام وتساعد الفرد على منو تفكريه واكتساب اخلربة داخل اجلماعة جتعل منه قادرا على حل مشكالته باكتسابه‬
‫فلسفة خاصة تعطيه معىن ومربر لوجوده‪ ،‬من خالل تنتقل األفكار عرب شبكات اتصال متنوعة إىل هذه اجلماعات من خالل ما‬
‫تطرحه من أفكار ومقرتحات ومعلومات وحقائق تتناغم مع اجتاهاهتا‪.20‬‬

‫واجلماع ة وح دة اجتماعي ة تق وم على عالق ات تتح دد فيه ا األدوار لألف راد تعتم د على ص ور التفاع ل من جه ة والعالق ة‬
‫الدائمة القائمة على االتصال املباشر من جهة ثانية مع وجود إحساس مستمر باالنتماء والتجاوب النفسي مع هذه اجلماعة دون‬
‫غريها‪ ،21‬وهلا جمموعة من املعايري اخلاصة هبا يكون فيها وجود األفراد مشبع حلاجات بعضهم البعض‪.‬هذه املعايري هي اليت توجه‬
‫سلوك اجلماعة وهي الرأي التقييمي العام القابل أو الرافض لسلوك معني‪ ،‬وتتميز اجلماعة جمموعة من اخلصائص إال أن املعايري‬
‫اليت حتكمها ختتلف من مجاعة إىل أخرى ومن هذه اخلصائص‪:‬‬

‫‪ -‬وحدة املعايري والقيم‬

‫‪ -‬وحدة اهلدف املراد حتقيقه‬

‫‪ -‬الديناميكية‬

‫‪ -‬ثبات منط التفاعل وتنظيمه‬

‫‪ -‬هيكل اجلماعة املبين على األدوار واملراكز‬

‫‪ .‬منط االتصال‬

‫‪ .‬القيم واملعايري املشرتكة‬

‫‪20‬‬

‫‪21‬‬
‫وتساهم األسرة كإحدى املؤسسات االجتماعية األساسية يف التأثري على الرأي العام حيث أن التأثريات املكتسبة يف تلك‬
‫املراحل املبكرة من العمر تتسم بالثبات والقوة‪ ،22‬حيث تعترب كجماعة أولية كأول مؤسسة للتنشئة االجتماعية املسؤولة عن‬
‫غرس الكثري من امليوالت واألمناط السلوكية‪ ،‬الوعاء األول الذي حيصل فيه الفرد على مقوماته الشخصية استعدادا للتكيف مع‬
‫احملي ط ال ذي يتواج د في ه مبا يأخ ذه من أس س وقواع د الرتبي ة والتعليم ويكتس ب الف رد يف بداي ة نش أته الكث ري من خصوص يات‬
‫سلوكياته بتنمية استعداداته و ميوالته عرب االستجابة لتلك القواعد االجتماعية والرتبوية‪.‬‬

‫على اعتبار أهنا متثل املؤثر األول يف كافة التغريات اليت حتصل يف اجملتمع يتعلم من خالهلا كيفية التعبري عن الرأي يف مرحلة‬
‫أوىل مث يف مرحلة ثانية يتشكل منط تعبري عن تكوين الرأي العام على املستويني القصري والطويل يف خمتلف املواقف اليت تصادفه‬
‫يف بيئت ه‪ ،‬ه ذا الت أثري األس ري يتض من غ رس القيم االجتماعي ة واالقتص ادية والديني ة يف املراح ل املبك رة ملرحل ة النم و ويبقى ه ذا‬
‫التأثري مستمرا إىل مراحل متقدمة من عمر الفرد‪ ،‬حيث أن جناح األسرة يف ذلك ميكن للفرد أن ينجح يف تكيفه مع حميطه‪ ،‬ومن‬
‫التأثريات األخرى مسامهتها يف تشكيل االجتاهات حنو السلطة بنوعيه ا‪ :‬الس لطة السياسية القائمة على تدبري شؤون اجملتمع أو‬
‫السلطة األسرية‪.‬‬

‫إال أن اختالف اجملتمع ات ي ؤدي بالض رورة إىل اختالف األدوار األس رية حيث أن ك ل جمتم ع يرك ز يف على مظ اهر دون‬
‫األخرى يف تشكيل الوعي لدى األطفال ومواقفهم على العكس منه يف اجملتمعات التقليدية واحملافظة اليت ال تويل اهتماما لبعض‬
‫املواقف اليت ال تتالءم واملكونات الثقافية للمجتمع‪ ،‬باالضافة أن بعض األسر ال تتضح هلا الرؤية يف تنشئتها ألبنائها ألهنا تعيش‬
‫مزيج بني ثقافات خمتلفة‪.‬‬

‫‪ /2‬العوامل الثقافية‪:‬‬

‫متثل جمموع العادات والتقاليد والقيم وأساليب احلياة اليت تقوم على تنظيم حياة الفرد داخل البيئة املتواجد فيها‪ ،‬فالعادات‬
‫واألمناط السلوكية املكتسبة يف املراحل املختلفة لعملية التنشئة االجتماعية هلا أثر على ما يصدر من أحكام وأراء وأفكار تنبع من‬
‫نفسية الفرد‪ ،‬فالرأي العام يتأثر كثريا باجتاهات اجلماعات األولية وقيمها‪.‬‬

‫ويقصد بالعادات األمناط السلوكية املكتسبة بفعل التعود والتكرار‪ ،‬وتصبح بذلك صورة من صور السلوك االجتماعي اليت‬
‫استقرت يف الوسط االجتماعي لفرتة زمنية طويلة وأخذت الصفة الرمسية يف شكل أساليب التفكري والعمل‪ .23‬وهبذا املعىن فإن‬
‫هذا النمط السلوكي يزداد حدة خاصة يف اجملتمعات البدائية اليت جندها أكثر اجنذاهبا إىل النمط التقليدي الذي يرتكز إىل حد‬
‫بعيد على (األساطري واخلرافات)‪ ،‬وهي الوعاء الوحيد الذي ينهل منه أفكاره وسلوكياته‪.‬‬

‫يشكل هذا املوروث الثقايف عنصرا هاما من عناصر تشكيل الرأي العام ألنه حيدد النمط السلوكي للفرد كما ميكن اعتباره‬
‫املرأة العاكس ة للقيم الفكري ة ال يت تس تمدها اجلماع ة من منظوم ة اجملتم ع احلض ارية والثقافي ة وه و م ا تؤك ده خمتل ف الدراس ات‬
‫خاص ة الدراس ة ال يت ق دمها عب د الرمحان ابن خل دون يف مقدمت ه الش هرية‪ ،‬ولإلش ارة فق ط جند الكث ري من ال دول االس تعمارية‬

‫‪22‬‬

‫‪23‬‬
‫عمدت إىل دراسة املوروث احلضاري والثقايف للشعوب من أجل أحكام السيطرة على الرأي العام ومن مثة توجيهه حنو الوجهة‬
‫املطلوبة وخري مثال على ذلك ما قام املستعمر الفرنسي يف اجلزائر‪.‬‬

‫‪ -‬تزداد اجملتمعات التقليدية بتمسكها بالعادات والتقاليد ما جيعل من مسالة التغيري امرأ مستعصيا نتيجة لتعلقها الكبري باملوروث‬
‫الثقايف هذا األخري يأخذ مبحاسنه ومساوئه على أساس أنه أمر بديهي وال ميكن اخلوض يف نقاش حوله أو إبداء الرأي فيه‪ ،‬هذه‬
‫املعتقدات أخذت شكل معايري أخالقية اجتماعية عرب فرتات زمنية سابقة وانتهت إىل الصورة احلالية اليت ال تقبل اجلدل حوهلا‬
‫وأصبحت يف شكل سلوكيات وأخالقيات وتقاليد اجملتمع‪.‬‬

‫‪ -‬أصبحت هذه العادات والتقاليد تراثا حضاريا وثقافيا يلعب دورا مهما يف تشكيل الرأي العام حيث تشكل حلقات ثقافية‬
‫تسهم إىل حد كبري يف طرق التفكري اليت تعلمها الفرد يف البيئة اليت نشأ فيها‪.‬‬

‫‪ -‬يعتقد خمتار التهامي ضرورة عدم اخللط بني الرأي العام وجممل العادات والتقاليد والقيم املوروثة يف اجملتمع‪ ،‬الن الرأي العام‬
‫يتأسس حول قضايا أثري حوهلا اجلدل والنقاشات الواسعة أما املعتقدات ترسخت لدى األفراد عرب مراحل زمنية طويلة ومل تعد‬
‫تقبل النقاش حوهلا‪.24‬‬

‫إال أن ه ذه الع ادات والقيم والتقالي د يص نفها البعض يف خان ة املوروث الثق ايف واحلض اري ال ذي يش مل" ط راز ونظم من‬
‫الع ادات ال يت ميارس ها الراش دون ب درجات متفاوت ة تس اعدهم على التكي ف والتواف ق م ع البيئ ة احمليط ة هبم فض ال عن التكي ف‬
‫والتوافق فيما بينهم‪ ،‬هذه العادات تنتقل من اآلباء إىل األبناء باإلضافة إىل اكتساهبا بفعل عالقاهتم االجتماعية يف الوسط الذي‬
‫يعيشون فيه‪"25‬‬

‫وللع ادات التقالي د ت أثريات على األف راد خاص ة منه ا اجلام دة ال يت تفتق ر إىل خاص ية االس تجابة للمتغ ريات اجلدي دة‪ ،‬حيث‬
‫يكون الفرد رأيه بناءا عليها سواءا باملوافقة أو الرفض كما قد ميثل اخلروج عنها يف بعض اجملتمعات سلوكا اجتماعيا مرفوضا‬
‫ألهنا متثل اآلراء املركزية على املستوى اجملتمعي للثقافة‪ ،‬ويكون ذلك يف إطار الصراع بني القيم املستجدة والقيم املوروثة لوجود‬
‫رأي ع ام س ليب حلرك ة النظ ام االجتم اعي الع ام‪ ،‬مما يس تدعي إىل إجياد رأي ع ام مس تنري حيل حمل ال رأي الع ام اجلام د من خالل‬
‫تشكيل اجتهات األفراد ومعتقداهتم حنو القيم اجلديدة‪ ،‬فهذه القواعد الثقافية هلا تأثري على عملية تكوين الرأي العام حيث تعمل‬
‫على تنظيم السلوك اإلنساين (ما جيب أن يكون وما ال جيب أن يكون)‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪-‬يضع فاروق يوسف نواحي تأثري القيم يف الرأي العام على الشكل التايل‪:‬‬

‫‪ .‬تؤثر يف النظرة االجيابية أو السلبية للفرد أو اجلماعة إىل األفراد اآلخرين أو اجلماعة‪.‬‬

‫‪ .‬متارس تأثريا على قرارات الفرد واختياراته بني البدائل واحللول للمشاكل اليت تواجهها اجلماعة اليت ينتمي إليها‪.‬‬

‫‪.‬حتدد لفرد النمط السلوكي للرأي املرغوب واملرفوض‪.‬‬


‫‪24‬‬

‫‪25‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ .‬حتدد املدى الذي يقوم فيه الفرد باملوافقة أو رفض الضغوط املفوضة عليه‪.‬‬

‫‪ .‬تأثر على إدراك الفرد للمواقف احمليطة به‪.‬‬

‫‪ .‬النسق القيمي يعمل على تنظيم عملية اإلدراك بتحديد أولويات احلاجات اليت يتم إشباعها باإلضافة إىل علمية انتقاء وتنظيم‬
‫املدركات‪.‬‬

‫‪ /3‬الدين‪:‬‬

‫للدين تأثريا واضحا على الرأي العام وحتديد اجتاهاته حنو املسائل املثارة للنقاش ملا حيمله من قيم روحية متارس تأثريا قويا‬
‫على اجلماعة‪ ،‬فالدين اإلسالمي مبا حيمله من قيم وحقوق وقواعد حتفظ الكرامة اإلنسانية رسخت كذلك مبادئ حرية العقيدة‬
‫واحلري ة الفكري ة وحري ة ال رأي‪ ،‬باإلض افة إىل أن العام ل ال ديين ميارس على الف رد واجلماع ة وبص فة مس تمرة رقاب ة على خمتل ف‬
‫املمارس ات والس لوكيات من خالل تنظيم العب ادات والش عائر الديني ة ومع امالت األف راد وض بط األخالق العامة‪ ،‬وتعترب املع ايري‬
‫الدينية مرجعية أساسية يف إصدار الرأي يف خمتلف اجملاالت السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫هذه القيم الدينية تشكل دوافع للسلوك اجلماعي والفردي حيث تلعب دورا جوهريا يف التأثري على الرأي العام أو تغيريه‬
‫باستعمال احلجة الدينية يف التأييد واملعارضة يف القضايا حمل االختالف‪ ،‬وهو ما جيعل من إمكانية تغري أي فكرة تتعارض مع‬
‫القيم واملعتقدات الدينية الراسخة سواءا للفرد أو اجلماعة‪.27‬‬

‫وي ؤدي املس جد يف اجملتمع ات اإلس المية دورا ب ارزا يف الت أثري على ال رأي الع ام من خالل ع دة أس اليب أو اس رتاتيجيات‬
‫يستعملها رجال الدين باستخدام اإلقناع باحلجج‪،28‬فضال عن كوهنا مؤسسة تعليمية تربوية قادرة على تكوين الرأي العام مبا‬
‫متتلكه من مكانة يف نفوس املسلمني حيث يعد من اجملمع الذي تلتقي فيه روافد العقيدة اإلسالمية وتتمثل املظاهر الدينية‪.‬‬

‫كما ميكن أن يؤدي دورا أكثر فاعلية من بعض املؤسسات اإلعالمية األخرى فيما تعلق بالقدرات االتصالية اليت ميكن أن‬
‫حيققها من خالل استهدافه إقناع وتشكيل الرأي العام وفق ما متليه الدعوة اإلسالمية كما ميكن توجيهه والتأثري فيه بفعل املناخ‬
‫ال روحي الس ائد والرس ائل املختلف ة املتمثل ة يف اخلطبة‪ ‬احملاض رات والن دوات ودروس الوع ظ واإلرش اد مبختل ف ص ورها حيث‬
‫يتلقاها األفراد يف شكل مفاهيم ومعلومات تكون املنطلق األساسي لتشكيل أرائهم حول القضايا املطروحة‪.‬‬

‫‪ /4‬التربية والتعليم‪:‬‬

‫‪ .‬تعترب الزيادة يف القدرات التعليمية عامال مهما يف توسيع األفق املعريف للفرد الذي ميكنه من التحرر من األفكار ووجهات‬
‫النظر السابقة اليت أصبحت ال تتوافق وهذا األفق املعريف‪.‬‬

‫‪ .‬يرى جريوسي أن املدرسة ميارس تأثريا قويا من خالل غرس القيم السياسية على الفرد بطرق خمتلفة‪:29‬‬

‫‪27‬‬

‫‪28‬‬

‫‪‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ .‬املضمون املنهجي وحده‬

‫‪ .‬املضمون املنهجي ونوعية الدراسة‬


‫‪ .‬التعبري املعلن للمدرسني عن قيمهم الشخصية داخل الفصول‬
‫‪ .‬التعبري العرضي للمدرسني عن قيمهم الشخصية خارج الفصول‬
‫‪ .‬تشبه التالميذ مبدرسيهم وتبنيهم للقيم اليت يعتنقها املدرسني‬
‫ويرى التهامي أن االجتاهات السائدة تلعب يف قطاع التعليم دورا مها يف التأثري على مستقبل الرأي العام داخل اجملتمع خاصة‬
‫إذا تعدت هذه االجتاهات على أسست ألجلها مثل بث التفرقة والعنصرية وإذكاء وروح التعصب والطبقية‪ ،‬ذلك أن الفرد يف‬
‫مراحل ه التعليمي ة األوىل ال ميل ك الق در الك ايف من التمعن والتمحيص للتفرق ة بني اخلط أ والص واب‪ ،‬حيث تك رب مع ه أمناط من‬
‫السلوك تبلغ يف املستقبل مبلغ العقيدة اليت تتحدد على أساسها أفكاره وآراءه‪ ،‬خاصة إذا سيطرت عليه جهات خارجية جتعل‬
‫من ه جي ل مش تت التفك ري واالنتم اء وغ ري حمدد األه داف ومن األمثل ة على ذل ك التفرق ة العنص رية‪ ،‬التف وق اجلنس ي‪ ،‬ت أثري‬
‫املناخ‪...‬اخل‪.30‬‬

‫فاملؤسس ات التعليمي ة هتدف إىل غ رس اجتاه ات بطريق ة هادئ ة وبطيئ ة حيث تق وم على تلقني الف رد املقوم ات األساس ية‬
‫لشخصيته من تربية وتعليم إلعداده للتفاهم والتكيف مع احمليط الذي يعيش فيه وتعدت املؤسسة التعليمية الدور التعليمي هلا‬
‫وأص بحت مرك زا لتب ادل األفك ار واملواق ف وتك وين االجتاه ات خاص ة املؤسس ة اجلامعي ة ال يت أض حت ن واة حقيقي ة يف تك وين‬
‫النخبة وخلق اجتاهات علمية جديدة‪.31‬‬

‫كما يعترب التعليم مدخال طبيعيا إلجناح التغيري يف اجملاالت السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪ 32،‬كما يساهم يف االنفتاح‪ ،‬على‬
‫العامل وإزالة اهلوة بني اجملتمعات من خالل التجديد املعريف وهتيئة سبل التفكري املوضوعي مبا ميكن أن يساهم يف عملية االنتقال‬
‫من جمتمعات تقليدية إىل مستوى أكثر حتضر‪ ،‬واالنتشار اإلجباري للتعليم يف الكثري من اجملتمعات ساعد إىل حد بعيد الفئات‬
‫املتعلمة على املشاركة يف احلياة العامة من خالل زيادة متطلباهتم واحتياجاهتم اليت تعمل يف الوقت نفسه على تطوير أساليب‬
‫التعبري عن اآلراء اليت تنعكس على الرأي العام الذي يصبح فعاال وذو تأثري كبري ‪.33‬‬

‫‪ /4‬المناخ السياسي‪:‬‬

‫تلعب النظم السياسية دورا يف مهما يف تشكيل الرأي العام لكسب تأييده لتدعيم شرعيتها السياسية ومشروعية قوانينها‬
‫وسياساهتا العامة‪،‬وكانت احلاجة املاسة إىل إجراء حبوث الرأي العام ونتائجها ملسامهتها الفعالة يف حتديد ورسم اخلطوط العريضة‬
‫للسياسات العامة‪ ،‬وتأيت نتائج هذه البحوث من حجم تدفق قيمة املعلومات واملقرتحات املطروحة نتيجة النقاشات املطروحة‬

‫‪30‬‬

‫‪31‬‬

‫‪32‬‬

‫‪33‬‬
‫حلل مش كلة م ا‪ ،‬وجند أن اغلب الدول تعتم د يف صناعة الق رارات يف خمتل ف اجملاالت على املعلوم ات ال واردة من مراك ز الرأي‬
‫العام للمصداقية اليت تتمتع هبا حبوثها‪.‬‬

‫وتعترب حبوث الرأي العام يف النظم احلديثة مقياس للدميقراطية األمر الذي جعل فيها مراكز البحوث اخلاصة بالرأي العام‬
‫وذلك بسبب‪:‬‬

‫‪ -‬تساهم يف تعزيز الرقابة الشعبية على أعمال السلطة السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬تعمل عل خلق جسور الثقة بني األطراف املتعارضة داخل اجملتمع حيث تعمل نتائج البحوث على خلق بيئة مستقرة‪.‬‬

‫‪ -‬تق وم مبهم ة قي اس ال رأي الع ام ح ول من خالل مناقش ة القض ايا حمل االختالف حيث تث ل قن اة مالئم ة لنق ل رس ائل الس لطة‬
‫السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬خزان املعلومات الضرورية حول القضايا السياسية واالجتماعية والثقافية واالقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬تقدم توضيحات قيمة الهتمامات اجلمهور وبصورة مفصلة لصناع القرار‪.‬‬

‫وهناك اجتاهات يف تقدير إمكانية تأثري الرأي العام على صناعة القرار السياسي‪.34‬‬

‫االتج &&اه األول‪ :‬ينفي وج ود أي ت أثري لل رأي الع ام على ص نع السياس ة ذل ك أن دور املواطن منحص ر فق ط يف اختي ار ص انع‬
‫السياسة‪ ،‬أما التأثري فأنه منحصر يف النخب واملؤسسات السياسية من خالل املسامهة يف تشكيل السياسة العامة‪ ،‬ويرجع السبب‬
‫يف ذلك أن اجتاهات اجلمهور معقدة تصعب من إجياد عالقة سببية بني الرأي العام وصنع السياسة‪.‬‬

‫االتج&&اه الث&&اني‪ :‬على النقيض من األول فأنه يفرتض أن الرأي العام ال يؤثر فقط على صناعة السياسة العامة بل على تفاصيلها‬
‫وطرقة تنفيذها‪ ،‬فالرأي العام هو اإلطار الذي يتحرك داخله صانع القرار حيث ميكنه أن حيدد ما هو مرفوض وما هو مقبول‪،‬‬
‫كما حيدد األسلوب الذي يتعامل به اجلمهور مع خمرجات السياسة العامة عند وصوهلا إىل حيز التطبيق‪.‬‬

‫يبني الواقع السياسي لكل اجملتمعات عرب التاريخ أن الرأي العام حقيقة موجودة لكنه يتباين يف دوره من نظام سياسي ألخر‪،‬‬
‫فالرأي العام ميكن أن يكون سندا وداعما خليارات السلطة ومواقفها‪ ،‬إذا كانت تعتمد يف وجودها على شرعية حقيقية أي ممثلة‬
‫ل رأي ألغلبي ة التي ارات يف اجملتم ع‪ ،‬وق د يك ون ال رأي الع ام على النقيض من ذل ك ويق ف موق ف املع ارض هلا ويس ود مش حون‬
‫بينهما قائم على تربص األخطاء الن هذه السلطة ال متثل اغلب تياراته بل هي سلطة أقلية ذات شرعية ناقصة‪ ،‬وأخري احلالة اليت‬
‫يكون فيها الرأي العام غري مبايل مبا يدور يف احلياة السياسية وبأعمال السلطة فهو يف هذه احلالة ال يعادي السلطة وال يقف‬
‫موقف املؤيد هلا وملواقفها‪.‬‬

‫صبحي عسيلة‪ :‬الرأي العام ‪ ،‬املوسوعة السياسية للشباب‪ ،‬هنضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪،2006،‬ص ‪.100‬‬ ‫‪34‬‬
‫فالنظ ام السياس ي على اختالف ش كله يلعب دورا حامسا يف تش كيل ال رأي الع ام‪ ،‬ذل ك أن اإليديولوجي ة السياس ية الس ائدة‬
‫تف رض هيمنته ا على املواطن بوس ائل اإلعالم والدعاي ة ال يت متارس من خالهلا ت أثريا على املواق ف واآلراء لتب ين االجتاه السياس ي‬
‫واحملافظة على استمراريته‪.‬‬

‫وهناك اتفاق بني املهتمني حبقل الرأي العام على أنه ظاهرة هلا قوة كبرية يف احلياة السياسية غري أن االختالف انصب بينهم‬
‫ح ول قيم ة ه ذا ال رأي يف القض ايا املهم ة واحلساس ة‪ ،‬حيث يعت ربه اللي رباليون ص ماما ض د االحنراف ات السياس ية‪ ،‬ففي النظم‬
‫الدميقراطية حيث جيد املناخ املالئم للتشكل بكل حرية والتعبري عن خمتلف التوجهات واألفكار وهو ما متليه طبيعة القوانني اليت‬
‫تقوم عليها املؤسسات من استقاللية وتوزيع للسلطات إضافة إىل احلرية اإلعالمية اليت متكن للرأي العام من التعبري عن أفكاره‬
‫وميوالت ه السياس ية‪ ،‬األم ر ال ذي ينعكس على املواطن حيث حيف زه املن اخ السياس ي على االهتم ام بالش أن الع ام وارتف اع نس بة‬
‫املشاركة السياسية‪ ،‬مما جيعل الرأي العام يف هذه النظم يتمتع بنوع من الثبات والوضوح باالضافة إىل عمقه‪ ،‬كما ميتاز يف العديد‬
‫من املناسبات بالتعبري السلمي‪.‬‬

‫أما يف النظم التسلطية تكاد تنعدم فيها حبوث الرأي العام نتيجة الشح يف املعلومات اليت يستند إليها العام حول القضايا‬
‫اليت يثار حوهلا النقاش‪ ،‬ويرجع ذلك إىل طبيعة هذه األنظمة التسلطية اليت تعتمد يف صناعة قراراهتا بصفة انفرادية استبدادية‪،‬‬
‫نظ را النع دام تع دد املؤسس ات السياس ية وان وج دت فهي تفتق د لالس تقاللية وخاض عة للس يطرة كوس ائل اإلعالم‪ ،‬حيث حيرم‬
‫املواطن من مناقشة القضايا املصريية وكل أنواع املشاركة مما جيعل الرأي العام يتسم بالسلبية واخلوف والسخط العام ويصبح‬
‫رأيا عاما كامنا‪.‬‬

‫كما ميكن اعتبار الصراعات السياسية اليت حتدث يف اجملتمع بني األحزاب السياسية املتعارضة يف براجمها وجمموعات الضغط‬
‫وتضارب املصاحل بينها له اثر بالغ يف تشكيل الرأي العام حيث ينعكس ذلك يف تبين طرح دون غريه من العوامل السياسية املهمة‬
‫يف تشكيل الرأي العام‪.‬‬

‫وتس عى ه ذه النظم إىل وض ع سياس ات وتنفي ذها دون اس تجابة وال مش اركة إال يف احلدود الض يقة‪ ،‬لتح ل بع دها سياس ة‬
‫اإلرغام حمل القناع واإلقصاء بدل املشاركة‪ ،35‬وميكن توضيح العالقة بني السلطة السياسية من خالل جمموعة من النشاطات اليت‬
‫تقوم هبا السلطة السياسية اليت تستعمل من خالهلا وسائل اإلعالم لتشكيل الرأي العام وتطويعه‪:‬‬

‫السلطة السياسية كأداة رقابة على اإلعالم ‪-‬كأداة منظمة لوسائل اإلعالم‪ -‬كأداة مسهلة للنشاط اإلعالمي‪ -‬كأداة مشاركة‬
‫يف العمل اإلعالمي‪.‬‬

‫وتؤثر طبيعة النظام السياسي على تشكيل الرأي العام وفق النماذج التالية‪:36‬‬

‫النموذج األول‪:‬‬

‫‪35‬‬

‫‪36‬‬
‫يتن اول ه ذا النم وذج ق وة وض عف الس لطة السياس ية واجملتم ع مع ا‪ ،‬وت أثري األوىل على الثاني ة من خالل األداة القانوني ة‬
‫والسياسية عرب القيادة السياسية للقيادة حيث يتم من خالهلا تأصيل املمارسات السياسية للسلطة والعمل على إحالل قناعة لدى‬
‫الرأي العام بان السلطة السياسية على حياد تام جتاه كل الظواهر السياسية‪ ،‬كما ضم هذا النموذج أجزاء تتعلق بإبعاد السيطرة‬
‫والغزو احلضاري اخلارجي للمجتمعات املتخلفة‪.‬‬

‫النموذج الثاني‪:‬‬

‫يتعلق هذا النموذج باحنراف السلطة السياسية من الناحية التشريعية من خالل توظيف األداة القانونية أي التحكم يف املسلك‬
‫الرقايب‪.‬‬

‫النموذج الثالث‪:‬‬

‫وهو منوذج ينسب إىل املفكر األمريكي نعوم تشومسكي " صناعة املوافقة "وكيفية توظيف الدعاية السياسية يف صناعة رأي‬
‫األغلبية ومن مثة خلق الرضا السياسي‪.‬‬

‫إن الواقع السياسي أثبت أن السلطة السياسية تقوم على إمداد الرأي العام بأدق التفاصيل واملعلومات والوقائع اليت يعيشها‬
‫اجملتمع مما يساهم إىل حد ما يف تنويره ومساعدته على تكوين مدركاته وتصوراته عنها ومنه الوصول إىل تكوين وعيا ذاتيا‪،‬‬
‫وتتفاوت األنظمة اإلعالمية من بلد إىل أخر يف هذه الوظيفة اليت متثل أول نقطة يف تكوين الرأي العام‪.‬‬

‫‪ /5‬المناخ االقتصادي‪:‬‬

‫يس اهم املن اخ االقتص ادي يف تش كيل مواق ف واجتاه ات ال رأي الع ام حيث أن ه ي ؤثر بالض رورة على العوام ل األخ رى‬
‫االجتماعية والثقافية والسياسية وهو ما أكدته النظرية املاركسية يف حتليالهتا لبنية اجملتمع وتطوره‪ ،‬فالظروف االقتصادية هي اليت‬
‫تتحكم يف توجهات النظام السياسي واحلالة نفسها بالنسبة لألسرة اليت تتأثر بالظروف االقتصادية ومن مثة تأثر على اجملتمع‪ ،‬ففي‬
‫الفرتات اليت تعاين فيها اجملتمعات من أزمات اقتصادية وتدهور للوضع املعيشي تنعكس بشكل جلي على الرأي العام‪.‬‬

‫ويظهر العامل االقتصادي جليا يف التفاوت يف توزيع الثروة داخل اجملتمع والزيادة يف التفاوت الطبقي الذي يدفع باألفراد‬
‫إىل االهتمام مبا يضمن هلم احلد األدىن من األجر الذي يكفل هلم مستوى معيشي مقبول‪ ،‬وهو ما يصرفهم عن االهتمام بالقضايا‬
‫العامة ومناقشتها‪ ،‬ومنه العزوف عن املشاركة يف احلياة العامة وعدم اإلكرتاث مبا يشغل الرأي العام‪.‬‬

‫ويك ون لل رأي الع ام دورا ف اعال يف حركي ة اجملتم ع خاص ة الق رارات احلكومي ة االقتص ادية خاص ة يف اجملتمع ات املتقدم ة‬
‫اقتصاديا‪ ،‬حيث ال ميكن للحكومة وضع برامج اقتصادية ترهن فيها حياة اجملتمع دون أن جتس نبض اجلماهري ومعرفة اجتاهاهتم‪،‬‬
‫وتستعني يف هذه املهمة بوسائل اإلعالم املختلفة‪ .37‬حيث يتأثر الرأي العام بالعوامل االقتصادية من ناحيتني‪:38‬‬

‫‪37‬‬

‫‪38‬‬
‫األولى وهي املصلحة اخلاصة بالفرد واليت تعد من احملددات الرئيسية لتشكيل أرائهم‪ .‬والثانية أن الوضع االقتصادي قد يفضي‬
‫أثاره على الثقافة العامة للمجتمع وبالتايل على التفضيالت اخلاصة بأفراده ومن ذلك ميكننا أن نفسر االختالفات بني اجملتمعات‬
‫الرأمسالية واالشرتاكية‪.‬‬

‫وتأخذ العالقة بني العامل االقتصادي والرأي العام شكلني رئيسيني‪:39‬‬

‫األول أنه يرى كما ترى الغالبية أن الرأي يباع ويشرتى‪ ،‬حيث أن الكثري من اآلراء يف احلياة اخلاصة والعامة مدفوعة الثمن‬
‫مثل‪ :‬النفاق االجتماعي والدعاية االنتخابية‪ ،‬بيع األصوات يف االنتخابات‪.‬‬

‫الث&&اني وهو األهم فالظروف اإلقتصادية هي املسؤولة عن حتديد أراء لناس فمن النادر أن جتد أن العامل االقتصادي ال يؤثر يف‬
‫الرأي العام‪ ،‬فتتشكل الراء بناءا على املصاحل الفردية ومصاحل اجلماعة ومصاحل اجلماعات اليت ينتمون إليها‪.‬‬

‫‪ /6‬الثورات والتجارب الهامة‪:‬‬

‫تعترب خمتلف األحداث اهلامة والتجارب واألزمات اليت متر عليها الشعوب من أهم العوامل املساعدة على تشكل الرأي‬
‫الع ام من حيث انس جامها م ع املزاج اجملتمعي‪ ،‬حيث يتك ون تفاع ل الن اس ح ول موض وع معني يتك ون حول ه رأي ع ام ومنه ا‪:‬‬
‫الك وارث الطبيعي ة‪ ،‬والفيض انات وال زالزل واالكتش افات العلمي ة خاص ة إذا ارتبطت ه ذه األح داث مبعطي ات متس املاض ي أو‬
‫ترتابط معه‪ ،‬ذلك أن نتائج األحداث السابقة الزالت راسخة يف عقول الناس وبالتايل فأنه يتم يف اغلب احلاالت إسقاطها على‬
‫احلاضر‪ ،‬وقد يستثمر تأثريها ملدة طويلة‪ ،‬خاصة إذا كانت هلا تأثريات سياسية واقتصادية واجتماعية‪.‬‬

‫أن ال رأي الع ام بطبيعت ه يتح دد خبص وص ك ل مش كلة وه و ن وع من اخلربة واخلربة ج زء من الت اريخ والت اريخ ه و اخللفي ة‬
‫احلقيقية اليت تنطلق منها القوى الشعورية والالشعورية‪ ،40‬إن تشابك األحداث واملواضيع من العوامل اليت تدفع الناس للتفاعل‬
‫حوهلا كم ا ميكن لبعض الشعوب أن تستفيد من جتارب شعوب أخرى وبالتايل فهي تساعد على توجيه الرأي العام وفق نتائج‬
‫التج ارب الس ابقة‪ ،‬كم ت رتك الث ورات الك ربى يف ت اريخ األمم اث أرا ال متحى يف حي اة الش عوب حيث ميت د املن اخ الث وري ح ىت‬
‫خ ارج األق اليم اجلغرافي ة مثلم ا ح دث للث ورة الفرنس ية‪ ،‬فاملش روع الث وري يه دف إىل تغي ري الواق ع الق ائم والت أثري يف الش عوب‬
‫اجملاورة خاصة فيما تعلق باألخبار االجيابية للثورات وما حتمله من شعارات حترك أحاسيس اجلماهري‪ ،‬فالرأي العام يصنعه وقع‬

‫‪39‬‬

‫‪40‬‬
‫احلاضر على إنسان احلاضر‪ ،‬والذاكرة يصنعها وقع املاضي يف إنسان احلاضر‪ ،‬ألهنا هي املاضي يف احلاضر والذاكرة رأي ليس إال‬
‫يصرف بوسائل التعبري املختلفة‪.41‬‬

‫‪ /7‬الزعامة والقيادة السياسية‪:‬‬

‫تتمث ل الزعام ة يف الق درة على قي ادة اجلم اهري والت أثري يف معتق داهتا حنو األه داف املرج وة‪ ،‬ملا ميتلكون ه من اطالع على‬
‫أحاسيس اجلماهري ومعرفة أرائهم‪ ،‬إىل جانب الثقة اليت يتمتعون هبا يف األوساط االجتماعية جتعل منهم أداة قوية وفعالة يف التأثري‬
‫فيهم وتغيري اجتاهاهتم‪ ،‬لذلك فان الزعامة ترتبط ارتباطا عضويا بتشكيل الرأي العام والتأثري فيه‪.42‬‬

‫وك ل الف رتات التارخيي ة ال يت عرفته ا الش عوب على اختالف ألواهنا ع رفت وج ود زعام ات لعبت دورا حموري ا يف تش كيل‬
‫الرأي العام واجتاهاته الفكرية وتغيريها بفعل ما يتمتع به القائد أو الزعيم قوة تأثريية جتلب له تأييدا مجاهرييا‪ ،‬هذه القوة ترتكز‬
‫بالدرجة األوىل على معركة الوعي السياسي والثقافة السياسية السائدة‪.‬‬

‫أم ا أس اليب الزعام ة وعملياهتا فأهنا ختتل ف من ثقاف ة إىل أخ رى األم ر ال ذي تع ذر من وض ع مواص فات موح دة للقي ادة‪،‬‬
‫باإلضافة إىل أن النظرة االجتماعية للزعامة ينظر إليها من زوايا خمتلفة باختالف املواقف والثقافات‪ ،‬إال أن هذا االختالف بني‬
‫الثقافات ال مينع من وجود بعض القواسم املشرتكة ملواصفات الزعامة نذكر منها‪:‬‬

‫يتميز بالقدرة على استكشاف االجتاهات والتعبري عنها‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫حتتوي أفكاره على املنفعة العامة للمجتمع مبا ميكن أن يقوي الروح املعنوية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االعتماد على الربامج والبيانات للتمكن من احلديث بلغة اجيابية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ضرورة االعتماد على الفرق املتخصصة يف كل اجلوانب اليت هتم اجملتمع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫جيب أن تتميز بعض املواقف والسلوكات بالغموض‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫املبادرة وفهم القوى املؤثرة يف تلبية حاجيات الناس‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اإلدالء بالرأي بكل وضوح إىل جانب الثقة بالنفس والكتابات النوعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬التعبري عن مشاعر ومهوم وأحاسيس اجلماهري‪.‬‬

‫‪ /8‬األوضاع الدولية القائمة‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫يشكل املناخ الدويل السائد عامال مهما يف تشكيل الرأي العام احمللي إىل درجة التعديل وبعض اخلاالت إىل تغيريه هذا التقارب‬
‫احلاصل بني الرأي العام احمللي والدويل يرجع بالدرجة األوىل إىل التطورات احلاصلة يف جمال االتصاالت بني خمتلف مناطق العامل‪،‬‬
‫باإلضافة إىل التغريات السريعة اليت مست جمرى العالقات الدولية وأدت إىل تغريها خاصة فيما تعلق بانفراد الواليات املتحدة‬
‫األمريكية بقيادة العامل وحماولتها لفرض النموذج الليربايل على خمتلف األصعدة‪ ،‬واهنيار املنظومة االشرتاكية وجدار برلني يؤكد‬
‫تفاعل املشكالت الدولية خاصة منها ما تعلق باحلد من األسلحة النووية‪ ،‬ومشكالت التقارب‪ ،‬تقرير املصري ‪..‬وهي من األمور‬
‫ال يت تش غل ال رأي الع ام على كاف ة مس توياته‪ .43‬فالنقل ة النوعي ة يف حق ل االتص االت جعلت من أح داث الع امل مرتبط ة ببعض ها‬
‫البعض حيث ليس مبقدور أي دولة من عزل نفسها عما جيري من أحداث وتطورات يف العامل‪.‬‬

‫‪ /9‬اإلعالم والدعاية‪:‬‬

‫‪-1‬اإلعالم‪:‬‬

‫لوس ائل اإلعالم دور ه ام يف تن وير ال رأي الع ام وتوجيه ه من خالل إقام ة جس ور التخ اطب وتب ادل املعلوم ات بني ص انع‬
‫القرار والرأي العام‪ ،‬حيث أن للمعلومات اليت تزودها وسائل اإلعالم–كقنوات للتعبري السياسي عن املواقف الرمسية واملعارضة‪-‬‬
‫للرأي العام حول البيئة السياسية أمهية كبرية يف تكوينه وطريقة معاجلتها لألحداث تساهم إىل حد كبري يف إدراكهم هلا‪ ،‬وقد ميز‬
‫روب &&رت دال بني الت أثري والس لطة حيث وض ع منوذج ا لالتص االت حيدد من خالل ه حجم ت دفق املعلوم ات وحمت وى الرس ائل‬
‫والوسائط اإلتصالية املختلفة من صحافة وتلفزيون وإذاعة واإلستجابة هلذه املعلومات‪.44‬‬

‫إن االرتباط اجلذري احلاصل ملفهوم الرأي العام بالظاهرة اإلنسانية من جهة وعالقاته باجلماعة اليت ينتمي إليها من جهة ثانية‬
‫بفضل التعامل من خالهلا ودينامية اجلماعة البشرية وانتظامات السلوك الفردي واجلماعي على حد السواء‪ ،‬باالضافة إىل أن هذه‬
‫الرتكيبة للظاهرة تزداد من خالل كوهنا ظاهرة اجتماعية وسياسية معا‪ ،‬إال أن اجلانب االتصايل يأيت ليعطي بعدا مشوليا لظاهرة‬
‫ال رأي الع ام من حيث عالقته ا ب أدوات االتص ال اجلم اهريي وه و م ا جيع ل من ال رأي الع ام ظ اهرة مركب ة –نفس ية‪ ،‬اجتماعي ة‪،‬‬
‫اقتصادية سياسية‪ ،- 45‬وهو ما ميكن من حتديد األصول الفكرية لظاهرة الرأي العام مبتغريين أساسني مها‪:46‬‬

‫أ ‪ /‬أن ظاهرة الرأي العام تتبع من خصائص اجملتمع السياسي وتعكس هذه اخلصائص بوضوح وتبعا لطبيعة اجملتمع نفسه‪.‬‬

‫ب ‪ /‬باإلضافة إىل الصفة السياسية اليت تتميز هبا ظاهرة الرأي العام إال أهنا كذلك تعترب ظاهرة حضارية من خالل ما تعكسه من‬
‫مظاهر ومناخ حضاري ميتاز به الرأي العام الذي ينتمي إليه هذا اجملتمع‪.‬‬

‫غري أن هناك بعض احلاالت تأكد على أن اإلعالم ال ميارس تأثريا على الرأي العام واختياراته ومنها االنتخابات األمريكية‬
‫‪ 1940‬حيث متكن املرشح الدميقراطي فرانكلني روزفلت من اكتساح األصوات والفوز مبنصب الرئيس ‪ 32‬للواليات املتحدة‬
‫األمريكي ة على ال رغم من املوق ف املع دي من ط رف وس ائل اإلعالم‪ ،‬ويف املقاب ل اخلس ارة ال يت م نيت هبا املرش حة الدميقراطي ة‬

‫‪43‬‬

‫‪44‬‬

‫‪45‬‬

‫‪46‬‬
‫هيالري كليننت على ال رغم من املس اندة اإلعالمية الكبرية هلا‪ ،‬وهو م ا ميكن أن يعطي مؤش را لعدم جناعة الوسيلة اإلعالمية يف‬
‫التأثري على الرأي العام دون وجود عوامل أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية‪.‬‬

‫ووفقا للسياسة اإلعالمية واإليديولوجية اليت حتكم السلطة السياسية فان وســائل اإلعالم تقــوم بــدور مهــم وجــوهري من‬
‫خالل حص ول الفــرد علــى املعلومــات واآلراء واملواق ف من وس ائل اإلعالم وال يت تس اهم يف تك وين ص ورة واض حة للمف اهيم‬
‫والظواهر واألحداث‪ ،‬حيث تقدم وسائل اإلعالم املعلومات واملواقف الرمسية وغري الرمسية عن كافة القضايا اجملتمعية‪.‬‬

‫فاألمهية اليت تتمتع هبا وسائل اإلعالم يف الدول احلديثة جعلت من هذه األخرية ختصص أقساما ودوائـر ووزارات إعـالم تتـوىل‬
‫حتقيـق أهـداف داخليـة وخارجيـة‪ ،‬منها رفـع املسـتوى الثقـايف لألفـراد وتطـوير أوضـاعهم االجتماعيـة واالقتصـادية (داخليـا)‪ ،‬أمـا‬
‫مـن جانـب األهـداف اخلارجيـة فتمثل يف تعريف العامل حبضارة الشعوب‪ ،‬ووجهات النظر للحكومات يف املسائل الدولية‪ ،‬ولــم‬
‫يقتصــر االهتمــام بوســائل اإلعالم مــن طــرف احلكومــات فقــط بــل تعــدي ذلــك إلــى املؤسســات االجتماعي ة والسياس ية‬
‫واالقتصادية فوجدت هذه األخرية أن تلك الوسائل ختدمها وختدم أهدافها‪.‬‬

‫يضع ‪ 47 Bernard Berelson‬يف مقال بعنوان " االتصال والرأي العام" معادلة ملناقشة تأثريات وسائل اإلعالم على‬
‫الرأي العام – بعض أنواع االتصال جتذب انتباه بعض الناس لبعض أنواع القضايا حتت بعض أنواع من الظروف‪ ،‬ويكون هلا‬
‫بعض األنواع من التأثريات‪ -‬حيث يقدم خالل هذه املعادلة مخس جمموعات من العوامل املرتبطة بعمليات االتصال واليت تؤثر‬
‫على الرأي العام‪.‬‬

‫‪ -1‬أن&&واع االتص&&ال‪ :‬كلم ا زادت الطبيع ة الشخص ية لوس ائل االتص ال ت زداد فعاليته ا يف حتوي ل اآلراء‪ ،‬فحجم الشخص انية يف‬
‫العم ل اإلتص ايل من املف رتض أن حيق ق فعالي ة أك ثر ألن أراء األف راد يتم تش كيلها يف س ياق رواب ط اجتماعي ة رمسية وغ ري رمسية‪،‬‬
‫وفعالية الراديو أكثر من فعالية اجلريدة ألنه أكثر شخصانية يتحدث إليك أكثر مما تفعله اجلريدة‪.‬‬

‫‪ -2‬أن &&واع القض &&ايا‪ :‬يك ون مض مون اإلتص ال أك ثر فعالي ة يف الت أثري يف ال رأي الع ام إذا اعتم د على املواض يع اجلدي دة والغ ري‬
‫متكررة‪ ،‬وتكون سرعة تأثريه يف القضايا اهلامشية أكثر فاعلية من تأثريه يف القضايا احليوية‪ ،‬كما ميكن تأثريها يف اآلراء حول‬
‫الشخصيات أكثر فاعلية من تأثريها يف اآلراء حول القضايا‪.‬‬

‫‪ -3‬أن&واع الن&اس‪ :‬هناك جمموعة من املتغريات اليت تؤثر يف أراء الناس خصوصا من حيث ثقافتهم ودرجة اقتناعهم ومعرفتهم‬
‫بالقضية‪ ،‬ومستواهم االقتصادي واالجتماعي وشخصية الفرد وتنشئته االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -4‬أنواع الظروف المحيطة باالتصال‪ :‬تتنوع فعالية االتصال يف التأثري على الرأي العام باختالف طبيعة الظروف احمليطة هبا‪،‬‬
‫فتأثري االتصال يف تغيري الرأي العام يف ظرف يكون فيه احتكار االتصال أعظم من تأثريه ظروف تنافس االتصال‪.‬‬

‫‪ -5‬أنواع التأثيرات‪ :‬هناك تأثريات قصرية املدى وتأثريات طويلة األجل فمن السهل تتبع ما حتدثه وسائل اإلعالم على الرأي‬
‫العام من تغريات على االجتاهات على املدى القصري‪ ،‬لكن التأثريات على املدى الطويل تكون مراوغة وخفية ومعمرة مثل تأثري‬

‫‪47‬‬
‫األفالم على انتب اه اجلمه ور السياس ي على املدى الطوي ل بتقوي ة القيم األساس ية حبيث يق ررون فيم ا بع د أي القض ايا السياس ية‬
‫خيتاروهنا‪.‬‬

‫وميكن حتديد جوهر الوظيفة االتصالية يف تكوين الرأي العام فيما يلي‪:48‬‬

‫‪-1‬الوظيف&&ة اإلعالمية‪ :‬وتفرتض هذه الوظيفة على املواطن يكون على علم بأدىن املعلومات والتفاصيل يف احلياة اليومية أو ما‬
‫يع رف حبق االتص ال من خالل اس تعمال خط اب حيق ق درج ة من املص داقية ال يت ترب ط بني احلاكم واحملك وم‪ ،‬وال ذي من ش أنه‬
‫تدعيم نوع من املثالية السياسية السائدة‪ ،‬وقد شاع استخدام مصطلح إعالم السلطة الذي يعين التوظيف السياسي لإلعالم يف‬
‫تشكيل الرأي العام مبا ميكنه من تدعيم توجهات النظم السياسية ومواقفها واختياراهتا‪ ،‬ويف بعض األحيان احلشد والتعبئة والتأييد‬
‫واملساندة يف وقت األزمات احلادة‪.‬‬

‫كما ميكن اعتبار "إعالم السلطة" إح دى األدوات املهمة يف صناعة السلطة وتكريس وضعية ومصاحل القائمني عليها عن‬
‫طريق املسلك الدعائي (وهو ما ميكن تصنيفه يف خانة االحنراف عن املمارسة احلقيقية لألدوار اإلعالمية إىل األدوار الدعائية)‪.‬‬

‫إن الواقع السياسي أثبت أن السلطة السياسية تقوم على إمداد الرأي العام بأدق التفاصيل واملعلومات والوقائع اليت يعيشها‬
‫اجملتمع مما يساهم إىل حد ما يف تنويره ومساعدته على تكوين مدركاته وتصوراته عنها ومنه الوصول إىل تكوين وعيا ذاتيا‪،‬‬
‫وتتفاوت األنظمة اإلعالمية من بلد إىل آخر يف هذه الوظيفة اليت متثل أول نقطة يف تكوين الرأي العام‪.‬‬

‫الوظيفة الثقافية‪ :‬حيث تتحرك الدولة يف اجتاهني لتحقيق هذه الوظيفة‬

‫األول‪ :‬يوصف بأنه داخلي موجه حنو عملية التثقيف السياسي الذي يساهم يف عملية االندماج واىل حد ما التوافق االجتماعي‬
‫وتوحيد اإلدراك اجملتمعي حنو قضايا وجود السياسي األساسية يف اجملتمع يف مرحلة معينة‪.‬‬

‫الث&&اني‪ :‬خ ارجي يتم يز باالجتاه حنو ت دعيم السياس ة اخلارجي ة للنظ ام السياس ي حيث أن أش كال التواج د الثق ايف يف اجملتم ع من‬
‫(جامعات‪ .‬املراكز الثقافية‪ .‬البعثات التعليمية) اليت من شأهنا أن تقوم على تعزيز توجهات السياسة اخلارجية للدولة‪.‬‬

‫ه ذه الوظيف ة ت ربز من خالل األدوار ال يت هتيمن عليه ا الدول ة من خالل تك وين م دركات عام ة موح دة منس قة حول‬
‫جمموع القضايا اليت تدور حول طبيعة اجملتمع الذي حتكمه وحول كليات الوجود السياسي حيث ان اجملتمع ميتلك حدا‬
‫أدىن من االتف اق الع ام أو اإلمجاع الوط ين ح ول املوض وعات األساس ية املش كلة جلوهر الوج ود السياس ي مما ميكن ه من‬
‫تق دمي االس تجابة الس ليمة يف ظ ل وج ود التح ديات املس تجدة ومن ش أنه أن يق دم احلد األدىن من املس اعدة يف وقت‬
‫األزمات ‪.‬‬

‫الوظيفة الحضارية‪ :‬تتحدد من خالل وجود حد أدىن من اإلمجاع الوطين حول القضايا األساسية املتعلقة باجملتمع ومنط حياته‪،‬‬
‫وإميانه بأنه ميلك رسالة حضارية يف جمال التعامل مع اخلارج‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الوظيف &&ة العقائدية‪ :‬وه و من املف اهيم القدمية حتم ل يف طياهتا مثالي ة معين ة ديني ة أو أيديولوجي ة تس عى إىل ص بغ عملي ة التط ور‬
‫السياس ي هبا وهي من أهم الوظ ائف املع ربة عن الوج ود املعن وي للدول ة وهي حمور وجوده ا داخلي ا حيث تق ود عملي ة‬
‫التطوير السياسي جملتمعها والذي جتعله عقيدة سياسية مفرغة من أي خطة أو برنامج تقيم جمتمعها بكافة نظمه وأنساقه‬
‫عليها ومنه تكون عملية تكوين للرأي العام حقيقية‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫الوظيفة الدعائية‪ :‬هي إحدى أشكال عملية اإلتصال ويلخصها وريفورد يف نشر املعلومات واآلراء لتحقيق هدف أو مصلحة‬
‫من خالل تغيري مواقف واجتاهات األفراد على النحو الذي يتفق مع اخلط الفكري ‪ /‬السياسي للجماعة السياسية مبا ميكن من‬
‫حتقيق أهدافها‪ ،‬وهو ما يؤكده نورمان بأهنا نشر لآلراء ووجهات النظر اليت تؤثر على األفكار والسلوكات أو كليهما معا‪ .‬أما‬
‫فيليب ت ايلور يف كتاب ه الش هري "قص ف العق ول" بأهنا احملاول ة املتعم دة املدبرة إلقن اع الن اس ب ان يفك روا ويس لكوا بالطريق ة‬
‫املطلوبة‪.50‬‬

‫ه ذا الت أثري يع ين عملي ة إث ارة العواط ف باس تخدام أن واع من التالعب يق وم على فلس فة معين ة لتولي د جمموع ة منظم ة من‬
‫املواقف لتعديل أحكامهم و إدراكاهتم وغرس قيم يف وعي اجلماهري ميكن أن تؤثر على سلوكها على النحو الذي رمسته جهة‬
‫الدعاية القائمة على تأكيد مجلة من املبادئ هتدف إىل حتريك وتأييد خطة العمل املستهدفة للتأثري على الرأي العام حىت يصبح‬
‫هذا الدور الدعائي مرجعا يف النشاط السياسي الذي يزيد من مكانة القائم بالدعاية‪.‬‬

‫ومتث ل أقص ى مس تويات ممارس ة األبع اد املعنوي ة حيث أن الدول ة جتردت من عن معنوياهتا تتجه لتطبيق أدواره ا للخ ارج من‬
‫خالل أسلوبني‪ :‬القضاء على اخلصم بأسلوب احلرب النفسية وعملية التسميم السياسي‪.‬‬

‫فالدولة تتجه إىل الرأي العام اخلارجي متخلية عن قيم الصدق واجتهت إىل منطق التضليل والدعاية لتقوم بعلية تشكيل على‬
‫أوسع‪ ،‬واجلوهر احلقيق هلذه الوظائف االتصالية للدولة هو تشكيل الرأي العام وبنائه وتكوينه داخليا وخارجيا‪.‬‬

‫د‪ /‬العوامل المؤثرة في اتجاهات الرأي العام‬

‫‪/1‬األحزاب السياسية‪:‬‬

‫هناك عدة عوامل تساعد أدت إىل تنوع الوظائف اليت تقوم هبا األحزاب السياسية يف اجملتمع منها سياسية ومنها اجتماعية‬
‫وأيديولوجية اليت فرضتها البيئة اليت تتواجد فيها األحزاب منها مستوى التقدم االقتصادي واالجتماعي وطبيعة النظام السياسي‬
‫(دميق راطي‪ ،‬مشويل) ‪ ،‬جمتم ع متع دد ال ديانات والثقاف ات مما جيعله ا موح دة أو عرض ة للت وترات واالنقس امات‪ ،‬إال أن هن اك من‬
‫يستبعد هذه العوامل وحيدد حجم والصفة التمثيلية واملشروع السياسي يف إطار إيديولوجية احلزب‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫‪50‬‬
‫ويع د احلزب السياس ي منظم ة اجتماعي ة هلا جه از إداري وهيئ ة م وظفني دائمني‪ ،‬وهلا أنص ار من أف راد الش عب من بيئ ات‬
‫متع ددة هلم ع ادات خمتلف ة‪ ،‬وه ذا التب اين بني أبن اء الش عب ي دفعهم إىل تش كيل األح زاب السياس ية والعم ل بامسها لتحقي ق‬
‫أهداف حمددة‪.51‬‬

‫وتعرف األحزاب السياسية على أهنا " جمموعة منظمة تبحث عن الدعم الشعيب وختتلف بشكل واضح عن مجاعات املصاحل"‪،52‬‬
‫وهناك من يقدم تعريفا من حيث ارتباطها بتكوين الرأي العام قبل الوصول إىل السلطة‪ " :‬منظمات هلا هدف واضح هو ممارسة‬
‫ت أثري ث ابت على تك وين ال رأي الع ام‪ ،‬هلذا ف ان حتقي ق ه ذا اهلدف حيت اج إىل إش كالية تنظيمي ة وب رامج ثابت ة وممارس ة‬
‫االقرتاع هو احد اجلوانب اهلامة لألحزاب السياسية من أجل الوصول إىل السلطة وإحداث التغيري املنشود"‪.53‬‬

‫فال وجود حلزب سياسي هدفه األساسي واحلصري التبشري لفكرة عليا أو الدفاع عن مبدأ أخالقي وثقايف‪،‬بقدر ما يكون ه ذا‬
‫التبشري جزء من عملية سياسية مشدودة إىل هدفها النهائي (السلطة) حيث متلك السياسة هنا أن تستثمر يف الثقافة واألخالق‬
‫والقيم الدينية وتدخلها مجيعها يف مشروعها‪ ،‬وال تكاد تستطيع أن تبلغ حد الفعالية والتأثري دون أن تستند إىل فكرة عليا ودون‬
‫أن تنتصر لقيمة عليا من منظومة القيم‪.54‬‬

‫إن الوظائف احلقيقية لألحزاب السياسية متكننا إىل حد بعيد يف معرفة العالقة اجلوهرية بني األحزاب السياسية والدميقراطية‬
‫يف اجملتمعات الغربية على العكس منه يف اجملتمعات االستبدادية‪ ،‬فجوهر قيامها هو حماولة كبح استبداد السلطة مما عزز يف تنامي‬
‫الدميقراطي ة حيث أص بح إنش اء منظم ات تق وم على محاي ة اإلرادة العام ة أم را طبيعي ا من خالل عملي ات االنتخ اب والتمثي ل مبا‬
‫ميكن لألفراد من حتقيق رغباهتم وطموحاهتم‪.‬‬

‫فمن ضمن الوظائف اليت تقوم هبا األحزاب السياسية إثارة الرأي العام جتاه املواقف اليت يتخذها احلزب‪ ،‬باالضافة إىل أهنا‬
‫تعم ل على متثي ل املص احل وجتميعه ا‪ ،‬حبيث تك ون ق وة ض اغطة على الس لطة وأحيان ا أخ رى تعم ل كوس يلة من وس ائل الرقاب ة‬
‫السياسية على خمتلف السلطات السياسية وخاصة نشاط احلكومة‪.55‬‬

‫ومن بني األهداف األساسية للحزب السياسي هي الوصول إىل السلطة ولتحقيق ذلك البد من خلق حراك واسع وجدي‬
‫بينه وبني اجلماهري جيعل من أفكار وبرنامج احلزب وتوجهاته عبارة عن انعكاس ألفكار فئة عريضة من فئات اجملتمع‪ ،‬مما يظهر‬
‫فاعليتها يف تشكيل توجهات الرأي العام من خالل األساليب املختلفة يف عمليات اإلقناع والتأثري‪ ،‬واملناخ الدميقراطي جيعل من‬
‫األحزاب السياسية أكثر قدرة ودميومة يف التأثري على توجهات الرأي العام عن طريق اإلقناع باستعمال كافة الوسائل املتاحة‬
‫منها اللقاءات والندوات الفكرية‪.56‬‬

‫‪51‬‬

‫‪52‬‬
‫‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫‪55‬‬

‫‪56‬‬
‫‪.‬‬
‫ويتوىل احلزب السياسي مهمة الربط بني املصاحل الفردية يف حماولة لتجميعها يف صبغة سياسية‪ ،‬حيث يتوىل عملية التوعية‬
‫واق رتاح احلل ول املمكن ة‪ ،‬مما ي ؤدي إىل تك وين وعي سياس ي وثق ايف ل دى األف راد جيعلهم يش اركون يف العملي ة السياس ية وص نع‬
‫السياسات العامة‪ ،‬فهذه االجتاهات الفردية املتباينة ال ميكن هلا أن تعطي نتيجة إال إذا قامت األحزاب بإعطائها اجتاها سياسيا‪.57‬‬

‫وظيفة التنشئة السياسية وتعين يف أوسع معانيها نقل الثقافة السياسية يف اجملتمع من جيل ألخر عرب العديد من املؤسسات‬
‫اإلجتماعية كاألسرة‪،‬دور العبادة‪،‬أدوات اإلعالم اجلماهريي‪ ،‬تقوم على بناء شخصية الفرد وفق منوذج معياري يعمم من خالله‬
‫القيم السياس ية الس ائدة يف اجملتم ع‪ ،‬وتعزي ز قدرات ه وتنمي ة مهارات ه ليتمكن من التعب ري عن أفك اره بواس طة س لوكات ينتجه ا‬
‫باحتكاكه بالبيئة السياسية‪،‬ومن مثة إمكانية إسناد جمموعة من األدوار السياسية لألفراد بعد إكساهبم اخلربات الالزمة وتتم هذه‬
‫الوظيفة عرب مؤسسات مثل األحزاب السياسية والنقابات‪.‬‬

‫وتدخل التنشئة السياسية يف إطار الدور البيداغوجي للحزب من خالل ترسيخ جمموعة من القيم السياسية بني املنخرطني‬
‫بش كل ت درجيي ع رب النش اط احلزيب املوج ه‪ ،‬ه ذا النش اط ينص ب ح ول ج ذب املواطن لالهتم ام باملس ائل العام ة ب دل املس ائل‬
‫الفردية‪ ،‬إضافة إىل تزويد املواطن باملعلومات املتعلقة باحمليط السياسي خللق ثقافة سياسية تسمح بتقدمي إضافة من خالل املشاركة‬
‫السياسية الفعالة‪.‬‬

‫ويش ري الس&&ويل إىل أهنا العملي ة ميكن بواس طتها تش كيل الثقاف ة السياس ية أو احملافظ ة عليه ا أو تغيريه ا‪ ،‬وتتس م بأهنا مس تمرة‬
‫مدى احلياة‪ .58‬وتركز وسائل اإلتصال يف هذه الوظيفة باعتبارها مصدرا مهما من مصادر التنشئة السياسية‪ 59‬على املعلومات‬
‫اليت تقدمها حول البيئة السياسية على تغيري االجتاه واملعتقد وتك وين القيم السياسية واحملافظة عليها واكتساب املعرفة لتكوين‬
‫املواقف وخلق اتفاق عام حوهلا أو العمل على تغيريها‪ ،‬ومن خالهلا يكتسب الفرد خصائص اجلماعة واالهتمام هبا وخصائصها‬
‫وأفكارها السائدة‪ ،‬مبا يضمن مشاركة سياسية فعالة وتوسيع جماهلا يف عملية اختاذ القرار‪.‬‬

‫‪/2‬جماعات الضغط‪:‬‬

‫هتدف اجلماعات الضاغطة التأثري على قرارات وتشريعات احلكومة مبا يتناسب ومصاحلها‪ ،‬وهذا التأثري مرتبط إىل حد كبري‬
‫بوج ود قن وات لتعبئ ة ال رأي الع ام وتوجيه ه‪ " ،‬هي مجاع ات تس عى لتحقي ق ه دف أو أه داف مرتبط ة مبص احل أعض ائها بكاف ة‬
‫‪60‬‬
‫الوسائل املمكنة"‬

‫وختتلف فيما بينها من األهداف املرجوة من تكوينها وبالتايل املصلحة هي اليت حتدد توجهات هذه اجلماعات "تنظيمات غري‬
‫حكومية‪ ،‬جمازة من السلطة املختصة بأن تعمل علنا ويكون هلا غطاء قانوين تسعى لتحقيق منافع مادية أو مزايا نقابية ألعضائها‪،‬‬
‫فتكون ذات توجه مهين وقد تكون ذات توجه إيديولوجي أو إنساين عندما تسعى حلماية حقوق اإلنسان أو محاية البيئة أو منع‬

‫‪57‬‬

‫‪58‬‬

‫‪59‬‬

‫‪60‬‬
‫‪.‬‬
‫انتشار األسلحة‪ ،‬وقد تكون ذات توجه سياسي عندما تدافع عن أهداف سياسية حبتة مثل اللويب الصهيوين يف الواليات املتحدة‬
‫األمريكية"‪. 61‬‬

‫‪  ‬يرى ‪ Jean meynaud‬أنه ال توجد مجاعات املصلحة يف شكل تنظيم الضغط إال ابتداءا من اللحظة اليت يبدأ فيها‬
‫املسئولون استخدام التأثري على اجلهاز احلكومي وذلك من أجل حتقيق مطاحمها أو مطالبها"‪.62‬‬

‫ويعرفها جون هومانز بأهنا "منظمة تظم جمموعة من الناس يعرف بعضهم بعضا متام املعرفة"‪.63‬‬

‫وتصنف إىل أنواع عديدة منها‪:‬‬

‫مجاعات الضغط السياسية يطلق عليها ‪ ، lobbies‬مجاعات الضغط شبه سياسية مثل النقابات‪ ،‬مجاعات الضغط اإلنسانية‪،‬‬
‫مجاعات الضغط ذات اهلدف‪ ،‬مجاعات الضغط للدفاع عن مصاحل الدول األجنبية داخل الدولة ‪.64‬‬

‫فاحلكومات على اختالف أنواعها تعتمد بصورة واضحة على تأييد الرأي العام فمن الضروري أن تويل اجلماعات الضاغطة‬
‫اهتماما كبريا لتعبئة الرأي العام وتوجيهه يف اغلب احلاالت بغرض حتقيق أهدافها‪ ،‬ونظرا ملا متلكه هذه اجلماعات من وسائل‬
‫مادية يف مقدمتها األموال فهي قادرة على توجيه الرأي العام يف االجتاه الذي خيدم مصاحلها وحتميل السلطة السياسية ممثلة يف‬
‫احلكومة على تبين قضاياها‪.‬‬

‫وإىل جانب الوسائل املادية فقد تلجا كذلك إىل خمتلف الوسائل اليت من شأهنا أن تأثر على خمتلف شرائح اجملتمع وبلورهتا‬
‫منها إصدار النشرات وتوزيعها‪ ،‬وعقد الندوات واحملاضرات واستخدام الوسائل السمعية البصرية لالتصال بالرأي العام‪ ،‬عرب‬
‫إشراك خمتصني يف مناقشتها‪ ،‬ونشر البحوث والدراسات ليتيح جتهيز وصياغة مشاريع والضغط على احلكومة لتنفيذها‪ ،‬فإذا ما‬
‫حتقق هذا اإلقناع بقضيتها حثته على كتابة الرسائل والربقيات للحكومة حىت يتم التعديل املطلوب لسياسة احلكومة‪ ،‬وتسمى‬
‫هذه الوسيلة " الضغط اجلذري" أي ضغط الرأي العام‪.65‬‬

‫كما ميكنها يف العديد من احلاالت اللجوء إىل هتديد احلكومة وكبار املسؤولني بنشر أسرار عن احلكومة أو بعض أفرادها يف‬
‫وسائل اإلعالم املختلفة‪ ،‬واليت من شأهنا زعزعة الثقة بني املواطن واحلكومة‪ ،‬أو حتريض الرأي العام على تبين مواقف سلبية من‬
‫احلكوم ة أو الق رارات الص ادرة عنه ا من أج ل كس ب تع اطف ال رأي الع ام وه ذا كل ه يتم باس تغالل املال والدعاي ة ألطروحاهتا‬
‫والرتويج هلا عرب خمتلف وسائل اإلعالم‪ ،‬وقد تصل يف بعض احلاالت إىل التهديد بإسقاط احلكومة من خالل سحب الثقة‪.‬‬

‫المحاضرة السادسة‪ :‬مراحل تشكيل الرأي العام‪:66‬‬


‫‪61‬‬
‫‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫‪.‬‬
‫‪64‬‬

‫‪65‬‬
‫‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫إن مسالة تشكيل الرأي العام هي يف األساس وجهة نظر اجملتمع جتاه مسالة حساسة ومهمة جتري حوهلا مناقشات عديدة‬
‫تطرح فيها خمتلف وجهات النظر واالقرتاحات وتشارك يف تشكيلها العديد من العوامل واليت تتشابك يف أدوارها وتتفاعل فيما‬
‫بينها للوصول إىل رأي عام‪ .‬ومن خالل التعاريف املقدمة سابقا حول مفهوم الرأي العام جند أن اجلماعة تصل إىل تكوين رأي‬
‫حول قضية معينة إذا حتققت الشروط التالية‪:‬‬

‫وجود مناقشات وافية حول القضية حمل اخلالف‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫إثارة كل احلقائق حول القضية من طرف قادة الرأي واألجهزة اإلعالمية واهليئات العامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يكون االجتاه الذي تتخذه اجلماعة يف القضية املطروحة للنقاش متطابق متاما مع املعتقدات العامة للناس‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.‬و حيددها املهتمون بالرأي العام يف جمموعة من اخلطوات اليت جيب أن متر عليها قضية ما ليتشكل حوهلا رأي عام‪:67‬‬
‫نشأة القضية حمل اهتمام اجلمهور‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إدراك املشكلة كخطوة أوىل للتعرف عليها وحماولة فهمها بوضوح ودقة استعدادا للتصرف حنوها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫املناقشات اليت تظهر خالهلا جمموعة من التساؤالت حول أمهية القضية للوصول إىل بعض احلقائق اليت تساهم يف تكوين‬ ‫‪-‬‬
‫احللول‪.‬‬
‫ظهور املقرتحات من خالل املناقشات وطرح البدائل املمكنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صراع اآلراء نتيجة الختالف وجهات النظر حول املقرتحات وتلعب اإلشاعات دورا مهما يف هذه الصراعات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تبلور اآلراء على ضوء املعرفة والتفكري واليت تنقسم بني أراء مؤيدة وأراء معارضة أو حمايدة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كثرة املناقشات اليت تزيد من تقارب وجهات النظر حول القضية مع استبعاد اآلراء ذات احلجج الضعيفة واالجتاه حنو‬ ‫‪-‬‬
‫الرأي الوسط‪.‬‬
‫اإلتفاق اجلماعي وتصل اجلماعة فيه إىل االتفاق على بديل ميثل حال وسطا بني املواقف املتعارضة حيث يكون هو الرأي‬ ‫‪-‬‬
‫األكثر قوة واعتداال وواقعية ويأخذ به ويصبح رأيا عاما ميثل اجلماعة‪.‬‬
‫ترويج الرأي يتم االتفاق على قبول الرأي أو احلل البديل مما يؤدي إىل زيادة وعي اجلماعة وإدراكها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫السلوك اجلماعي هو التعبري عن الرأي العام بعد متام تكوينه واالستمرار فيه حىت الوصول إىل النتيجة املرجوة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كما حيدد صبحي عسيلة ثالث مراحل أساسية لتكوين الرأي العام وهي‪:68‬‬
‫‪ -1‬مرحل&&ة االن&&دماج‪ :‬ال يت يتج ه فيه ا الف رد ال ش عوريا الس تيعاب م ا اتفقت علي ه اجلماع ة ليص بح عنص را من عناص ر‬
‫الوجود العقيدي للفرد‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحل&&ة االس&&تقرار‪ :‬أن تنتهي يف األمد الطويل عمليتا الرضا واالندماج إىل خلق نوع من الرتابط بني خمتلف قوى‬
‫اجملتم ع وخمتل ف الق وى االقتص ادية واالجتماعي ة املؤثرة يف اجملتم ع‪ ،‬يعم ل خالهلا اجلمي ع وف ق رأي متج انس وحمل رض ا‬
‫مجيع الفئات‪.‬‬

‫‪67‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -3‬مرحل &&ة الش &&مول‪ :‬هي ارتف اع تل ك اجلزئي ة من جزئي ات ال رأي الع ام ‪-‬حمل الرض ا واالن دماج‪ -‬لرتتب ط ب اجملتمع‬
‫السياسي كحقيقة كلية تعرب عن إحدى مساته‪.‬‬
‫أما حامد عبد اهلل ربيع فيحددها يف مخسة مراحل كما يلي‪:69‬‬
‫مرحلة اإلدراك‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫وهي حماولة التجرد من اإلدراك الذايت و امليوالت الشخصية وان ميتلك الفرد قوة االنطالق اليت جتعل منه قدرة‬
‫قابل ة على أن تلقى بنظره ا يف أبع اد املس تقبل مق درة اخلفاي ا احلقيقي ة ال يت تس ترت خل ف ك ل ت أزم‪ ،‬ف الزعيم السياس ي يف‬
‫إدراكه للمشاكل جيب أن يتجرد من مجيع الظروف الذاتية وجيب أن يصل إىل هذا التجرد إىل درجة من اإلطالق حىت‬
‫ميكن القول أنه قد جترد من ظله‪.‬‬
‫مرحلة الصراع‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫مرحلة اإلدراك مرحلة ذاتية فردية نسبية‪ ،‬أما مرحلة الصراع تعين االنتقال املتتايل من إدراك املشكلة كتصور ذايت‬
‫إىل التعبري عن املشكلة يف شكل موقف فردي لكنه يرتبط بالقوى اجلماعية‪ ،‬والصراع هبذا املعىن يأخذ صورا متعددة‬
‫ومتتالية فهو أوال صراع ذايت‪ ،‬مث يتحول إىل صراع مصلحي‪ ،‬مث يأخذ صورة الصراع النظامي‪.‬‬

‫مرحلة التركيز‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ينتهي الرأي العام بعد املرحلة الثانية أي الصراع إىل التعبري عن نفسه حيث مل يعد خاصا أو فئويا وإمنا رأيا عاما‬
‫خبروجه من حيز الباطنية إىل العالنية وإبراز القوى احلقيقية واملفاهيم األساسية اليت تدور حوهلا املشكلة‪ ،‬وينتهي األمر بشيء‬
‫من التوفي ق والتق ريب بني املواق ف وإب راز نق اط التالقي وإلغ اء املواق ف ملتعص بة على األق ل‪ ،‬وه و م ا ي ؤدي إىل الرتك يز يف‬
‫اجتاهات الرأي العام أو هتذيب وبلورة اآلراء الفرعية لتتجمع يف رأي عام رئيسي‪.‬‬

‫مرحلة الرضا‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫يك ون ال رأي الع ام يف ه ذه املرحل ة ق د أدى وظيفت ه ب املعىن احلقيقي من خالل الرب ط بني الس لوك الف ردي واملواق ف‬
‫اجلماعية يف صورة سلوك مجاعي يسمى مبرحلة الرضا اليت تعين أقصى صورة لتكتل الرأي العام وللتوافق اجلماعي يف‬
‫تعبريات سلوكية قولية أو فعلية‪.‬‬
‫مرحلة اإلندماج واالستقرار والشمول‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫أ‪ /‬مرحل&&ة اإلن&&دماج‪ :‬ه و ذل ك القسط ال ذي اتفق علي ه اجملتم ع وع رب عنه يف ش كل رض ا وتواف ق ع ام مجاعي يرت د حنو‬
‫املواطن أو الفرد لينساب يف وعائه الالشعوري‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫ب‪ /‬مرحل &&ة االس &&تقرار‪ :‬يف األم د الطوي ل خيل ق الرض ا واالن دماج نوع ا من الرتاب ط بني ق وى اجملتم ع وأج زاء اجلس د‬
‫السياس ي‪ ،‬وبني الق وى االجتماعي ة والق وى النظامي ة‪ ،‬وبني الق وى احلاكم ة والق وى احملكوم ة حبيث تك ون متجانس ة‬
‫ومرتابطة ومتناسقة وهو ما يسمى باالستقرار السياسي‪.‬‬
‫ج‪ /‬الشمول‪ :‬الرأي العام هو وجهة النظر خبصوص مشكلة معينة وهو النتيجة النهائية اليت جيب أن تصادفها الظاهرة‪،‬‬
‫والشمول يعين عندما يكون الرأي العام مصدرا للطابع القومي عندما ترتفع تلك اجلزئية من جزئيات الرأي العام وقد‬
‫ارتبطت باجملتمع السياسي كحقيقة كلية أضحت معربة عن إحدى مساته‪.‬‬

‫ويربى جيمس برايس أن الرأي العام يتكون عند انتقاله من مرحلة الرأي العام السليب إىل الرأي العام الواعي النشط مير مبراحل‬
‫أربعة‪:70‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬تعرب عن األشكال الكبرية والبسيطة للمجتمعات السلبية حيث يكون الرأي العام سلبيا وراض بالسلطة مهما‬
‫كانت أخطاؤها ألنه ال يعرف شيئا أفضل منها أو رمبا لوجود وازع ديين جيعله حيرتم هذه السلطة وهذا االحرتام مرتبط إىل حد‬
‫بعيد من اخلوف منها‪.‬‬

‫المرحلة الثانية متتاز بالتصادم والصراع بني إدارة احلكم املستبد والفئات املعارضة ويف هذه املرحلة يبدأ الرأي العام يف البحث‬
‫عن أجوب ة جملموع ة من األس ئلة تتعل ق حبقوق ه وواجب ات الس لطة احلاكم ة حنوه‪ ،‬وينظم نفس ه يف ش كل ق وى معارض ة إص الحية‬
‫وغالبا ما تنتهي هذه الصراعات باملفاوضات أو العنف‪.‬‬

‫المرحل&&ة الثالث&&ة‪ :‬يع رتف يف ه ذه املرحل ة احلك ام ب أهنم وكالء للمواط نني ال أك ثر وحتال املنازع ات إىل الق وى ص احبة الس يادة‬
‫( الشعب) اليت تعرب عن إرادهتا يف العمليات االنتخابية‪.‬‬

‫المرحلة الرابعة‪ :‬وهي اليت تتأكد فيها إرادة أغلبية املواطنني دون احلاجة للمرور باجملالس التمثيلية ودون احلاجة كذلك للعملية‬
‫االنتخابية وتوصف هذه املرحلة مبرحلة حكم الرأي العام‪.‬‬

‫وهناك اتفاق عام على وجود أربعة مراحل أساسية هي‪:‬‬

‫‪ -1‬مرحلة اإلحساس اإلدراك‪:‬‬

‫اإلدراك هو العملية العقلية اليت نعرف بواسطتها العامل اخلارجي عن طريق املثريات احلسية املختلفة وال يقتصر‪  ‬على جمرد‬
‫إدراك اخلصائص الطبيعية لألشياء املدركة عقليا ولكن يشمل إدراك املعىن والرموز اليت هلا داللة بالنسبة للمثريات احلسية من‬
‫حيث تصور حقيقة معينة بطريقة ذاتية‪ ،‬هذه املثريات اليت تعد مفاتيح املعرفة واتصاله بالعامل اخلارجي وبدا الفرد يف إدراكها‬
‫حسيا مث حياول إدراكها كرموز مث يعطيها معنا معينا‪.71‬‬

‫‪70‬‬

‫مصطفى يوسف كايف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬ ‫‪71‬‬


‫فإدراك املشكلة يعتمد بالضرورة على مدى أمهية املشكلة أو التعرف عليها من الناحية املبدئية وفهمها فهما صحيحا مع‬
‫األخذ بعني االعتبار ضرورة اختاذ موقف حنوها أو الفصل فيها‪ ،‬ويف هذه احلالة فان وسائل اإلعالم تلعب دورا مهما يف كيفية‬
‫عرض ها وتقدميها على النحو الذي يلفت االنتباه‪ ،‬مث يأيت دور منظمات اجملتمع املدين اليت تعمل على إثارة االنتباه‪ ،‬مث دور قادة‬
‫الرأي الذين يتولون املناقشة والشرح لتهيئة اجلميع على إدراك خمتلف اجلوانب احمليطة بالقضية املطروحة‪.72‬‬

‫وكما رأينا سابقا من خالل التعاريف املقدمة لظاهرة الرأي العام على أنه التعبري العلين والصريح الذي يعكس وجهة نظر‬
‫أغلبية اجلماعة جتاه قضية معينة يف وقت معني حول قضية معينة‪ ،‬ويتكون هذا الرأي يف صورته األوىل يف شكل تصور فردي هلا‬
‫من خالل اخللفية اليت كوهنا يف اجملتمع السياسي الذي ينتمي إليه‪ ،‬وفقا خلرباته املاضية وطريقة فهمه للحياة‪ ،‬املفاهيم‪ ،‬التقاليد‪،‬‬
‫الرتاث واليت وتبدأ يف التكامل مع شخصيته‪ ،‬يبدأ بالتعبري اللفظي باإلشارة إىل ميوالته واجتاهاته النفسية حول املوضوع‪ ،‬فهي‬
‫حصيلة مجلة من العوامل املوضوعية اخلارجية و أخرى ذاتية تنبع من اخلربات السابقة يف حدود اإلطار الداليل والقيم واالجتاهات‬
‫واملعايري املكتسبة من البيئتني الثقافية واالجتماعية‪.‬‬

‫فطاملا أن املوض وع ه و حمل ج دال وس جال بني جمموع ة من اآلراء ف ان الف رد يق وم باالختي ار وب ذلك فأن ه يق وم حتدي د موق ف‬
‫خاص به من خالل البحث عن بدائل خمتلفة لعالج هذه املشكلة‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة الرأي الفردي‪:‬‬

‫وهو ما انتهى إليه ليبمان ‪ W.Lippman‬من أن التصرفات واالستجابات ال تكون نتيجة للمالحظات املوضوعية عن‬
‫العامل اخلارجي‪ ،‬وإمنا مبنية على التصرفات الذاتية والصور الذهنية يف نفوس األفراد‪ ،‬ومعىن ذلك أن املؤثرات وصورهتا يف ذهن‬
‫اإلنسان هي املسؤولة عن االستجابة‪ .73‬فيقوم الفرد بالتعبري اللفظي عن ميوالته وأحاسيسه حول القضية‪ ،‬وهذا التعبري مبين على‬
‫أساس اختيار موقف معني طاملا أن القضية حمل النقاش القت جدال بني خمتلف االجتاهات املؤيدة واملعارضة واحملايدة‪ ،‬فالعالقة‬
‫بني السلوك واإلدراك تظهر من خالل استجابة الفرد للبيئة بالطريقة اليت يدرك أمهيتها‪.‬‬

‫‪ -3‬مرحلة صراع الفرد مع أراء الجماعة‪:‬‬

‫تلعب خمتل ف وس ائل اإلعالم دورا ب ارزا يف خل ق ج و من املناقش ات واحلوارات ح ول القض ية حمل االهتم ام وال يت يك ثر‬
‫حوهلا اجلدل ح ىت ميكن الوص ول إىل أك ثر اآلراء عقالني ة‪ ،‬ولكن بع د ص راع بني خمتل ف وجه ات النظ ر ح ول كيفي ة األخ ذ‬
‫باملقرتحات‪.‬‬

‫فمن ميزات هذه املرحلة أهنا مرحلة تصادم حيث يبدأ الرأي العام يف التحقق من قوته وحتسم هذه الصراعات يف الغالب‬
‫باملفوضات وقد تلجأ للعنف يف إطار اجلماعة املهتمة باملوضوع اليت حياول كل فصيل فيها الدفاع عن رأيه مستخدما يف ذلك‬
‫كل ما ميلك من أدلة ومعلومات وأفكار تدعم رأيه‪.‬‬

‫مشتاق طلب فاضل‪ :‬دور مواقع التواصل االجتماعي يف تكوين الرأي العام احمللي‪ ،‬جملة تكريت للعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪،12‬ص ‪.211‬‬ ‫‪72‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -4‬مرحلة تحول أراء األفراد إلى أراء الجماعة‪:‬‬

‫من خالل املناقشات العديدة بني اجلمهور يتم التقريب بني وجهات النظر املتباينة وتنحو املناقشات منحى تثبيت رأي حمدد‬
‫مييل إليه اغلب أعضاء اجلمهور‪ ،‬ويصبح بذلك هذا الرأي رأيا عاما على الرغم من وجود بعض اآلراء األخرى املتبناة من طرف‬
‫األقلي ة‪ ،‬وم ا ميكن مالحظت ه يف ه ذه املرحل ة ه و تض حية وتن ازل الف رد عن رأي ه الشخص ي يف س بيل الوص ول إىل رأي خيدم‬
‫اجلماعة‪ .‬وتتداخل يف هذه العملية جمموعة من العوامل مع بعضها البعض منها رغبة الفرد يف خلق توافق لتحقيق صفة االنتماء‬
‫مع اجلماعة‪.74‬‬

‫‪74‬‬
‫‪.‬‬

You might also like