Professional Documents
Culture Documents
مقدمـــة
تهتم المجتمعات على اختالف درجات رقيها في الحضارة بطلبتها وشبابها ،ألنها تعقد
عليهم اآلمال في استقرارها وتطويرها وتقدمها وتزداد أهمية هذه الفئة في المجتمعات
النامية لسببين ( :التميمي ( )203: 2009،خلف )10: 2003،
أولهما :حاجة هذه المجتمعات إلى اإلسـراع في عمليـة التنمية القوميـة الشاملة التي
تقع مسؤوليتها بالدرجة األولى على شبابها وطلبتها ،
وثانيهما :ارتفاع نسبة هذه الفئة العمرية بالقياس على بقية الفئات العمرية األخرى وهذا ما
يجعلنا نرى في وجوه الجيل الجديد مستقبل األمم والحضارات ومستقبل اإلنسان نفسه .
واذا كانت التربية عملية بناء واعداد للفرد في المجتمع ،والوسيلة الوحيدة التي تنقل
اإلنسان من مجرد فرد إلى إنسان يشعر باالنتماء إلى المجتمع ،وله قيمته ( عرفات
( )21 : 1982،مصطفى ، )2009،63،وينصب االهتمام على التربية ،ألنها تزود
الفرد بأنماط سلوكية تمكنه من التكيف مع المحيط االجتماعي الذي يعيش فيه ،وهي
تعرف حاجات الفرد والمجتمع ومشكالتهم ،وايجاد الحلول المنطقية
تسعى دائماً إلى ّ
المناسبة لها بوسائل مختلفة انطالقاً من القول ( :أن التربية هي الحياة نفسها ).
( المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( )1 :1987،عريفج)2011،73،
وتعــد المدرسـة من وسائط النظام التربــوي ،ومن أحــد الدعائم الرئيسة في المجتمع فهي
وسيلة استم ارره ،وبقائه ،وتطوره ،وتقدمه في جميع المجاالت ،فقد أدركت هذه
المجتمعات أهمية المدرسة وأولتها العناية واالهتمام ،حيث إنها تعد واحدة من أهم
أساليب الضبط االجتماعي (.عطيوي( )2011،82،العمايرة)2010،84،
وتعد ظاهرة الغي ــاب المتكرر للطلبـ ــة عن المدارس -وبخاصة في المرحلة الثانوية -
سببا في إحداث الكثير من الخلل في التوازن الوظيفي في العملية التعليمية ،فيصبح
حجم مدخالتهــا أكثر بكثير من حجم مخرجاتها ،األمر الذي يعني عبئاً إضافياً على
131
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
ويمثل تحدياً كبي اًر يواجه الجهات المشرفة على التعليم . ميزانية التعليم ،
(المطوع( )2007،86،بلواني( )2008،73،الجدي)2008،156،
وعلى ذلك ،فإن الغياب المتكرر للطالب عن مدارسهم له انعكاساته وآثاره السلبية على
كل من الطالب ،وأسرته ،بل وعلى المجتمع ككل ،بحيث يكون مستوى المعلومات
لديهن ضعيف بعد التخرج ،أو بعد انتقالهم من مرحلة إلى مرحلة أعلى منها ،وربما
يتسبب في رسوبهم المتكرر .
وتعد ظاهرة غياب الطالب عن مدارسهم من أهم المشكالت التي تهدد كيان العملية
التعليمية ،وبخاصة عندما تصل وتتضخم إلى حد الغياب الجماعي في أوقات معينة
من السنة الدراسية ،مثل التي تعقب افتتاح السنة الدراسية ،أو ما قبل االمتحانات .
(جابر( )345 :1980 ،عبود( )59-1995،58،سليمان)2001،54،
وغياب الطالب عن مدارسهم بشكل متكرر يشكل ظاهرة تستحق الدراسة لمالها من أثر
في االستثمار التعليمي في البشر ،ذلك بأنها تقلل من عائد العملية التربوية كما ونوعا
ومن ثم إهدا ار للمال العام ( .العباس1433 ،هـ ( )9 ،حسين)2014،96،
وتعد المدرسة هي المؤسسة المعنية والمنوط بها االهتمام بهذه المشكلة وتحقيق الضبط
االجتماعي داخلها بين جميع عناصرها البشرية ،لما لها من دور كبير في فرض
الضبط ،والبيئة المناسبة التي تساعد كل من هم داخل المؤسسة التعليمية للتكيف مع
البيئة المدرسية ،والشعور باالنتماء إليها .
مشكلة الدراسة ،وأسئلتها
تمثل مشكلة غياب الطالب المتكرر عن مدارسهم جانباً خطي اًر في المراحل الثانوية نظ اًر
لطبيعة هذه المرحلة ،باإلضافة إلى قابلية الطالب لالستهواء ،وتعد عرضاً لوجود
مشكالت أخرى دراسية أو أسرية أو اقتصادية ،وقد أصبحت هذه المشكلة ظاهرة من
الظواهر الواضحة في مجتمعنا المصري ،وأصبحت تشكل خط اًر كبي اًر علي المجتمع ،
واهدا ار كبي ار لميزانيات الدولة .
132
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
133
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
أهمية الدراسة
تتمثل أهمية الدراسة فيما يأتي :
-1أن مشكلة غياب الطالب بشكل متكرر من أهم تلك المشكالت التي يعاني منها
المجتمع المدرسي ،وذلك لما لها من تأثير سلبي على حياة الطالب الدراسية ،وسبباً
في كثير من إخفاقاته التحصيلية وانحرافاته السلوكية ،ومن هنا تتأكد أهمية دراسة هذا
الموضوع.
اء واضافة للمكتبة التربوية ،ومددا للباحثين الجدد الذين
-2يمكن أن تكون الدراسة إثر ً
قد يقومون باختيار مثل هذا الموضوع ،فيفيدون من نتائجها ،وما تقدمه من رؤية .
-3يمكن للدراسة بما تقدمه من رؤية مقترحة أن تكون عونا للمدارس في إيجاد ما هو
مناسب لمحاولة التغلب على أسباب غياب طالب المدارس الثانوية عن مدارسهم .
-4أن و ازرة التربية والتعليم قد تفيد من الدراسة -نتائجها ورؤيتها -في عمل كتيب
بخصوص هذا الموضوع ،وتوزيعه على اإلدارات التعليمية المختلفة ،ومن ثم على
المدارس لإلفادة مما تتضمنه الدراسة .
أهداف الدراسة
بناء على ما طرحته المشكلة من أسئلة ،فإن الدراسة الحالية تهدف إلى ما يلي :
-1التعرف على أسباب الغياب المتكرر للطالب في األدبيات التربوية .
-2التعرف على أسباب الغياب المتكرر للطالب من وجهة نظر عينة الدراسة .
-3التعرف على الفروق بين استجابات الطالب ونظرائهم من الطالبات حول أسباب
الغياب المتكرر عن مدارسهم .
-4تقديم مقترحات يمكن االسترشاد بها لمواجهة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
في مصر .
134
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
حدود الدراسة
الحد المكاني :طبقت الدراسة في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية .
الحد الموضوعي :ركزت الدراسة على األسباب التعليمية المدرسية ،واألسباب
االجتماعية النفسية .
الحد البشري :طبقت أداة الدراسة على طالب المرحلة الثانوية .
مصطلح الدراسة
الغياب المتكرر :ويقصد به إجرائيا :عدم ذهاب الطالب إلى مدارسهم أليام أو أسابيع
متفرقة أو متتالية ،وبشكل متكرر على مدار العام الدراسي .
منهج الدراسة
استخدمت الدراسة المنهج الوصفي ،حيث إنه :المنهج الذي يهدف إلى وصف الظاهرة
أو تحديد المشكلة ،أو تبرير الظروف والممارسات ،أو التقييم والمقارنة ،أو التعرف
على ما يعمله اآلخرون في التعامل في الحاالت المماثلة ،لوضع الخطط المستقبلية
( القحطاني وآخرون ، )205 : 2010 ،أو المقترحات لحل مشكلة ما .
الدراسات السابقة
-1نخلة ،ناجى شنودة ،وآخرون ( : )2013تفعيل دور المدرسة الثانوية العامة
في مواجهة ظاهرة غياب الطالب عن الدراسة (دراسة ميدانية) :
هدف هذه الدراسة إلى تحليل ظاهرة غياب الطالب عن المدرسة الثانوية فى إطار
عالقتها بعناصر المنظومة التعليمية ،واستجالء أسبابها وتداعياتها بالنسبة للطالب
والمدرسة والمجتمع ،ومتطلبات مواجهتها ،وقـ ــد تم اختيار عينة الدراسة على أساس
طبقى عش ـ ـوائى من القـ ــائمين على إدارة المدرسة الثانوية والمعلمين واإلخصائيين بلغ
عددهم ( ، ) 914وعين ــة من طالب التعليـ ــم الثانوى العام بلغ عددهم ( )889طالبا
135
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
التحليلي ،ولتحقيق أهداف الدراسة اعتمد الباحثون على ( استبانه) ،وقد توصلت
الدراسة إلى أن من أسباب االنقطاع أسباب ترجع إلى المجتمع المرتبة األولى ،في
حين احتلت األسباب المتعلقة بولي األمر واألسرة المرتبة األخيرة.
-3دراسة :أبو عسكر ( : )2009دور اإلدارة المدرسية في مدارس البنات الثانوية
في مواجهة ظاهرة التسرب الدراسي بمحافظات غزة وسبل تفعيله :
هدفت الدراسة للتعرف على دور اإلدارة المدرسية في مدارس البنات الثانوية في مواجهة
ظاهرة التسرب الدراسي بمحافظات غزة وسبل تفعيله ،والوقوف على واقع التسرب في
هذه المدارس ومعرفة درجة ممارسة اإلدارة المدرسية لدورها في الحد من هذه الظاهرة .
وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي كما استخدم أداة ( االستبانة ) ،وقد
توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج ،والتي كان من بينها ،أن أكثر المجاالت التي
كانت تقوم بها المدرسة في مواجهة ظاهرة التسرب الدراسي هو المجال التربوي ،يليه
المجال االجتماعي .
-4دراســـة :هيثر مالكوم وآخري (Malcolm , Heather, and etl )2013
التغيب من المدرسة دراسة األسباب ،ومسبباتهــا في سبعة هيئات تعليمية محلية
في انجلت ار من وجهــة نظر المعلمين ،والمدراء :
هدفت هذه الدراسة لالطالع على األدبيات ذات الصلة بمشكلة الغياب من المدرسة
التحقيق من وجهات نظر الطالب حول أسباب ومسببات غيابهم من المدرسة ،التحقق
من وجهات نظر اآلباء والمعلمين وكل العاملين في العملية التعليمية حول قضية الغياب
من المدرسة وأسبابها وكيفية عالجها ،والتحقق من دور األباء ،والمعلمين ومدراء
المدارس حول كيفية عالج قضية الغياب من المدرسة .
واستخدم الباحثون منهج دراسة الحالة ،وتكونت عينة الدراسة من معلمين ،ومدراء
في ( )27مدرسة ،ولجمع البيانات استخدم الباحثون ،االستبيانات ،والمقابالت
والتقارير
137
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
وبعد جمع البيانات وتحليلها أشارت نتيجة الدراسة إلى :أن البنين أكثر غيابا من البنات
في المدارس ،واختلفت معدالت الغياب من منطقة إلى أخرى ،وأنه عندما يستخدم
المدراء أساليب إدارية فاعلة ونشطة تقل نسبة الغياب المدرسي ،كما اختلفت رغبات
مديري المدارس في السماح للطالب بالغياب ألكثر من عشرة أيام طول أشهر الدراسة
،كلما كانت اإلدارة المدرسية نشيطة كلما انخفضت نسبة الغياب من المدرسة .
كما أكدت الدراسة على أن دور اآلباء في متابعة أبنائهم أثناء دراستهم يعد من أهم
األمور التي يمكن بها مواجهة مشكلة غياب األبناء عن مدارسهم .
-5دراسة :ويلنجتون سامكانجي ( : Wellington , Samkange ( 2013
اإلدارة في التربيـــة :ماذا يفعـــل مـــدراء المدارس ؟ دراســـة حـــالــــة على مـــدراء
المدارس االبتـــدائيـــة في زيمبابوي :
هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على أراء ،واتجاهات مدراء المدارس االبتدائية في
زمبابوي لإلجابة على السؤال الرئيس وهو ما مدى استجابة مدراء المدارس للواجبات
والمسؤوليات المكلفين بها .أجريت هذه الدراسة في عشرون مدرسة ابتدائية في اإلدارة
التعليمية في زيمبابوي.
وقد استخدم الباحث المنهج الكيفي ،وصمم بعض األدوات لجمع البيانات ،كان منها
( االستبانة ) ذات األسئلة المفتوحة النهاية ،ومقابالت شخصية مع المدراء ،باإلضافة
لتحليل الوثائق ،وخلصت الدراسة بعد جمع البيانات وتحليلها إلى :أهمية الجانب
النفسي في تحقيق االستقرار للطالب ،ومن ثم تشجيعه على مواصلة دراسته بنجاح ،
كما أكدت الدراسة عدم تركيز المدراء على الدور التربوي ،ضعف استجابة المدراء
لمسؤولياتهم وواجباتهم ،وخصوصا واجباتهم تجاه وضع الحلول المناسبة لبعض
المشكالت ،ومنها مشكلة التسرب ،والغياب ،نتيجة لعدم وجود المحفزات .
138
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
139
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
المعرفي وتحاكي بيئة الطالب واهتماماته وتبحث عن مشكالت تالمس واقعة االجتماعي
واالقتصادي -بقدر ما تعطي نتائج افضل وتريح الطالب وتنفس طاقاته ،فالتطور
يجب أن يشمل جميع أجزاء العملية التعليمية بما فيها المناهج الدراسية 0
ج -طرائق التدريس :إن انتشار وسيادة التعليم التلقيني ،يؤدي إلي عدم الجاذبية
للتعلم ،كما أن محدودية استخدام الوسائل البصرية والسمعية ،وأجهزة عرض الصور
المتحركة مثل التلفزيون ،والفيديو ،يجعل الدروس وطرائقها بعيدة عن التشويق ،فاآلن
حدث انقالب في أصول التدريس من المعلم إلى المتعلم بحيث أصبح قائما علي منهجية
علمية ينتقل من العفوية إلي القصد ،ومن الجزئية إلي الشمول ،ومن اللفظية إلي
الوظيفية 0
إن االتجاهات الحديثة تركز علي اعتبار الدرس نظاماً متكامالً يبرز فيه مفهوم التغذية
الراجعة أو التقويم النهائي وعدم االعتماد علي الكتاب المدرسي بمفردة واستخدام مسارات
وطرق أكثر فاعلية 0
د -االمتحانات :االمتحانات التقليدية تشجع علي الحفظ السريع الذي ال يمنح الفهم
بالمقدار الالزم من العناية فيما يتم تعليمه ،بينما االمتحانات الحديثة تعتبر مقياس
لمعارف الطالب وأداة للفهم وليس لالستظهار والحفظ ،وال تخفي محاوالت الغش والنقل
في االمتحانات الفصلية 0
هـ -المعلم :إن نجاح التربية في تحقيق أهدافها يرتبط بوجود المعلم الكفء المتصف
باألخالق العالية ،والمتمسك بالمبادئ والمثل العليا والمتقن للمادة العلمية التي يدرسها
والمتعاون مع الزمالء واإلدارة المدرسية والمتمتع بالتكيف الشخصي واالنفعالي 0
فتوافر هذه الصفات في المعلم يساهم في تكيف الطالب مع المدرسة ،ولكن حتى يؤدي
المعلم واجبه علي أكمل وجه علي المجتمع أن يشعره بالمحبة واالحترام والراحة النفسية
والمجتمعات المتقدمة تعمل جاهدة علي توفير خير الظروف المادية والمعنوية لمعلميها
لتمكنهم من أداء عملهم 0
141
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
و -التأخر الدراسي :إن التأخر الدراسي قد يكون سببه المدرسة ،وقد يرجع إلي أسباب
ذاتية ( للطالب ) سواء كانت نفسية ،أو عقلية ،أو جسدية وقد تكون األسرة أو البيئة
الخارجية سبباً لها ،كما يعد التأخر الدراسي من أهم المشكالت التي يشكو منها الوالدان
والمعلمون ،ومن أهم مظاهره التأخر الدراسي ،وتكرار الرسوب في مادة دراسية واحدة
أو أكثر ،والهروب من المدرسة وكرهها والخوف منها ،وشرود الذهن واالستغراق في
أحالم اليقظة ،والشعور بالخجل والنقص وعدم الثقة بالنفس ،وممارسة السلوك العدواني
ضد اآلخرين ،والثورة على النظام المدرسي ،والسرقة من اآلخرين .
ز -التعرض للعقاب الجسدي أو المعنوي من قبل المعلمين :فقد تصدر من بعض
الطالب سلوكيات غير مرغوب فيها ،كالتأخير والتغيب عن المدرسة ،وعدم احترام
معلميهم ،والنوم أثناء الحصة الدراسية ،واثارة الفوضى داخل الفصل ،وع ــدم المشارك ــة
س ـ ـواء مع زمالئهم أو مع المعلمين ،وعدم إحضار لوازم الدراسة ( كتب ،أقالم ،حل
الواجبات ...إلخ ) ،مما قد يدفع بعض المعلمين لمعاقبة الطالب على مثل هذه
السلوكيات بالعقاب البدني ( الضرب ) بالعقوبة الكتابية ،أو بالعقاب البدني من خالل
التوبيخ وتوجيه اإلهانات لهم ،وهو األمر الذي قد يدفع الطالب للتفكير في االبتعاد
واالنصراف عن التعليم ،وقلة االنتظام في الدراسة من خالل المدرسة .
ومثل هذه السلوكيات يمكن أن تتسبب في إعادتهم العام الدراسي نتيجة رسوبهم ،أو
على أحسن تقدير نجاح ضعيف ال يعبر عن أن الطالب على مستوى عال من التعليم
،وقد يصل األمر في بعض الحاالت إلى مما يطلق عليه ( الهدر التربوي ) إذا ما
فكر الطالب الذين يتعرضون للعقاب في الهروب من الدراسة ،وعدم الذهاب إلى
المدارس بشكل منتظم ،وربما مطلقا ،مما قد يؤثر سلبا على حركة تنمية المجتمع .
وفي إطار المدرسة ،ال يتم اللجوء إلى العقاب إال في حاالت الضرورة القصوى ،ألنه
باإلضافة إلى ما يحققه العقاب -وبخاصة البدني منه -من أضرار جسدية على
الطالب ،فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى وجود عقد نفسية لديه ،وتظهر أعراضها عليه
142
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
كلما أخذ بالنمو وبدأت تظهر شخصيته الثابتة المستقلة ،وللعقاب أشكاله وصوره
المتعددة ،فمنها ما هو جسدي ( قطامي ، ) 391 ، 2012 ،مثل ( :الضرب
إيقاف التالميذ مطوال في آخر الصف ) ،ومنهـا ما هو معنوي ،مثل ( الزجــر والتوبيخ
العقوبات الكتابية ،الشتـم واإلهانـة ،اإلهمــال ،السخريـ ــة واالسـتهـ ـزاء ) ،ومنها ما يتم
بطريقة جماعية ( اإلبعـاد والعــزل ،الحرمان ) (الفتالوي)2010،312،
(الزعبي( )2012،207،نصر اهلل)149 ،2014 ،
وقـ ــد عارض كونتيـ ــالن ( ) KWNTLIANالعقاب البدني بشدة بقوله :ال أرضى بالعقوبة
البدنية ،وال انصح باستخدامها على أن ــها وسيلة من وسائل التعليم بالمدارس ،فهي
عقوبـ ــة للعبيد ،وفيها ذل ــة ومهان ـ ــة للطالب ( صالحي ، ) 33 ، 2003،وقد أوضح
(رماكارنكور) انعكاسات استخدام العقاب البدني الذي يمكن أن يمارس على الطلبة في
إعاقة حرية الطالب في التعبير عن رأيه ،وتشكيل السلوك العدواني لدى بعض الطالب
( جامعة حلب ) 8 ، 2010 ،
كما أن العقاب المعنوي أكثر قسوة على الطالب من العقاب الجسدي ،حيث إن العقــاب
الجســدي يمكن مالحظـ ــة آثـ ــاره على الطـ ــالب بشكل مباشر وحين توقيع العقوبة ،في
حين يترك العقاب المعنوي في نفس الطالب آثا ار بشكل أعمق وأكثر سلبية ،حيث "
يعد العقاب المعنوي من أقسى العقوبات التي يتعرض لها المتعلم ،إذ أنه يحطم
شخصية المتعلم بسبب ما يعانيه من قلق وتوتر وخوف .
فعقاب الطالب فيه احــتقـار لشخصياتهم ،حيث إن الطالب الذين يتعرضون للعقاب
يصبحون أكثر عدوانية ،ويسبب لهم اثا ار سيئة جانبية ،مثل المشاكل العاطفية ،والندم
وال يتعلمون شيئا مما يدرسونه في مدارسهم ،مما يجعلهم يشعرون بالملل من الدراسة
األمر الذي قد يؤدي بهم إلى ترك المدرسة .
ويضيف ( الدوسري ) إلى األسباب السابقة مجموعة أخرى من األسباب ،والتي من
أهمها :قلة الدافعية للتحصيل الدراسي ،وصعوبة الفهم والتركيز واالهتمام بالمواد
143
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
الدراسية ،وضعف كفاءة المدرسين ،وصعوبة المناهج وعدم مالءمتها ،الشعور العام
بعدم جدوى الدراسة (.الدوسري ) 69 ، 2009 ،
وباإلضافة إلى ما سبق ،فإن هناك مجموعة أسباب أخرى لها دور كبير في انصراف
الطالب عن مدرسته في الكثير من األوقات ،مثل :السرحان ،والنسيان ،واالفتقار
للتخطيط وتنظيم الوقت ،ونقص الضبط والربــط في المدرســة ،ونـقص اإلرشاد التربوي
وتمييز المدرسين لبعض التالميذ دون اآلخرين .
ولذلك فإنه إذا استطاع المعلم الحفاظ على نظام الفصل دون أن يفرض عقوبة على
طالبه ،فإن هذا يتوافق مع التربية ،وأبعد ما يمكن أن يصل إليه المعلم مع طالبه .
-2المشكالت االجتماعية النفسية :
إن دور األسرة ال يختلف عن بقية المؤسسات في نقل التراث الحضاري ،وتدريب وتعليم
األفـ ـ ـراد والجماعات على المهارات والخبرات إن لم يكن أكث ــر أهميــة في بعض األحيان
وفي بعض المجاالت على بقية المؤسسات ،فالتربية تهدف إلى تهيئة حياة سعيدة
لألفراد ،كما ينظر إليها (لوك) أنها تصنع السعادة لألفراد ،وكما يعتقد (أفالطون) أن
التربية تهتم بتكوين أفراد يصنعون المجتمع العادل ،لذا يجب معاملة كل فرد حسب
إمكانياته وكيفية استغالل قدرته لتكوين النظام االجتماعي.
وال يمكن غض الطــرف عم ــا تلعبه أسرة الطالب من دور أساس في زرع وتكوين القي ــم
التربــوي ــة التي تع ــد المواطن الصالح ،أو تعلمه األنماط السلوكية التربوية األخرى
ف ـ ــإذا كانت التربيــة تعنــي العمل اإلنسـ ــاني اله ــادف بشكل عام ،وتهت ــم بالوسائل
واألهداف المرغوب ــة في حي ــاة الطالب ،فإن األسرة تعد من أول المؤسسات ،وأكثرها
خطورة وتأثي اًر على سيره في العملية التعليمية .
وما نالحظه من تأخر الطالب دراسيا ،وضعف تحصيلهم العلمي يرجع إلى عدة أسباب
لعل من أهمها المشاكل األسرية ،وانعدام األمن واالستقرار في المنزل ،مما يؤدي
ينعكس على الطالب ،ويؤثر فيه نفسيا ،فيجد نفسه تحت التهديد دائما ،حيث إن
144
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
المنزل المكتظ بالمشاكل يؤثر على سلوك الطالب ،فيصبح عدوانيا ،وهذا ما يظهر
عند احتكاكه بزمالئه في المدرسة ،وطريقة تعامله مع المعلم ،حيث يود الطالب أن
يفرغ غضبه ،ويعبر عما في نفسه التي تواجه الضغوطات في المنزل .
إن كثي ار من مشكالت الطفولة المبكرة والمتأخرة ينجم عن الشعور باعتبار الذات
فالشعور الذي يحمله المراهقون نحو أنفسهم هو أحد محددات السلوك البالغة األهمية
وشعور المراهق بأنه شخص بال قيمة يفتقر إلى احترام الذات يؤثر على دوافعه واتجاهاته
وسلوكه ،فهو ينظر إلى كل شي من ناحية تشاؤمية(.دويك)2008،187،
(العيسوي)2001،71،
فالمراهق الذي يفتقر إلى الثقة بالذات ال يكون متفائال بنتائج ما يقوم به من جهد وعمل
فهو يشعر بالعجز والنقص والتشاؤم ،ويفقد الحماية بسرعة ،وتتبدد األشياء بالنسبة له
كأنها تسير دائما بشكل خاطئ ،وهو يستسلم بسهولة ،وغالبا ما يشعر بالخوف.
)بيبي ( ) 151 ، 2011 ،حسين( )1982،71،الخراشي1425،هـ)99،
والمراهق الذي فقد أحد والديه سواء أكان ذلك أثناء طفولته ،أو في نفس فترة المراهقة
أو لم يفقد أحدا ،ولكن نتيجة انشغال الوالدين عنه ،ولم يجد من يحتويه ،فإنه يجد
انخفاضا شديدا في تقديره لذاته ،فيعتقد أنه شخص ال قيمه له ،ويكون احترامه لذاته
ضعيف جدا ،فهذا الشعور ناجم عن المراهق بسبب أن أقرب الناس له تركوه
واآلخرون يتعاملون معه بعين الشفقة والرحمة ،وليس لشخصه نفسه وذاته ،األمر
الذي يظهر أعراضا عاطفية سلبية ،وتزداد تلك األعراض عند المراهق المحروم بسبب
اإلهمال من أحد الوالدين ،أو بانفصالهما ،ومن تلك األعراض ،ما يلي :
ا -الـــخــوف :قد يكون الخوف نتاج موقف أو مجموعة من المواقف الطبيعية أو غير
الطبيعية ،باإلضافة إلى أن المراهقين قد يشعرون بالخوف من أشياء غامضة قد تذكرهم
من قريب أو بعيد بالموقف المفزع ،أو تذكرهم بالخوف األصلي الذي يرتبط بالطفولة
( .أبوهين ( ) 37 ، 2013 ،عقل( )2011،59،النغميشي1430،هـ)114،
145
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
وتعد أعراض الخوف متعلمة ،وخصوصا إذا كان هناك أحد أفراد العائلة يعاني من
أعراض الرهاب ،وفي بعض األحيان تظهر تلك األعراض في المراهقين الذين يعانون
من نقص في قدراتهم على االجتماع باآلخرين ،ويمكن أن يظهر الخوف ضمن أعراض
نفسية أخرى مثل االكتئاب ،وبعض أنواع الخوف يمكن أن يكون نتيجة لتعرض
المراهق لكثير من الخوف في تجربة أو تجارب مؤلمة ( .ثابت )45 ، 2008 ،
( الزعبي ) 183 ، 2012 ،
كما تظهر أعراض الخوف لدى األطفال في خوفهم من بعض األشياء البسيطة التي
ال تثير فيه الخوف ،ولم يسبق أن أثارت فيه خوفا ،أو من األصوات العالية ،أو من
الحيوانات ،ويظهر أيضا في التصاق المراهق بأحد إخوانه األكبر سنا منه ،وعدم
افتراقه عنه منذ طفولته ،أو عدم التحدث وتكوين صداقات مع غيره ،والبقاء في المنزل
ويظهر على شكل أوجاع مثل االرتجاف وضربات القلب وشحوب الوجه .
( أبو هين ( ) 35 ، 2013 ،المناعي)2014،131،
وفي المواقف التربوية التعليمية يظهر مثل ذلك األمر في خوف الطالب المراهق من
أحد زمالئه الطالب في الفصل أو المدرسة ،أو بسبب تسلط طالب أو بعض الطالب
عليه بالضرب ،أو باالستهزاء منه من قبل .
ب -االكتئــــاب :هناك بعض المراهقين هادئون ،وغير اجتماعيين بطبيعتهم ،فيكونون
غالبا متسامحين مع المواقف االجتماعية ،ولكن لو ارتبطت الكآبة بموقف ضاغط
تعرض له أيام الطفولة ،فغالبا ما يكون سبب الكآبة هو نتاج مرور المراهق بالموقف
الصعب والضاغط.
فإذا ظهرت الكآبة على المراهق وهو في األصل غير كئيب ،فإن هذا العرض يكون
نتاجا ألحداث ضاغطة تعرض لها وأدت إلى تغيرات ظاهرة في انفعاالته ،ومن هذه
التغيرات ( :أبو هين )41 ،2013 ،
146
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
منزوين في غرفة الدراسة بدال من احتمال تعرضهم لقول المعلم بأن إجاباتهم خاطئة
أو سماع تعليق سخيف من زمالئهم ( .لجنة التعريب والترجمة)2007،16،
وهذا الخجل يؤثر -بطبيعة الحال -تأثي ار بالغا في مسيرتهم التعليمية ،حيث يتجنب
الطالب المشاركة والتفاعل الصفي مع معلميه وزمالئه داخل الفصل ،فال تكون عنده
المبادءة في طلب اإلجابة على أسئلة المعلمين خوفا من اإلحراج ،وال يبادر بطرح
أسئلة على موضوعات لم يتأكد له فهمها خوفا من احتمالية توبيخ المعلم له ،أو
التعرض للسخرية من زمالئه .
كما تعد مشكالت الطالب المراهقين مع أقرانهم الم ارهـ ــق في هذه الحالة ال يضطهـ ــد
إخوان ــه فقط ،بل يضطهد كل الناس ،سـ ـ ـواء أكان ذلك داخ ــل الحي أو داخ ــل المدرسـ ــة
،من المشكالت االجتماعية التي تسيطر كثي ار وبشكل سلبي على الطالب ،حتى إذا
عوقبوا فإن ـ ــهم ال يـ ـرتدعون ،بل يتمادون في إيذاء زمالئهم اآلخرين متلذذين بذلك
وعادة ما ينشأ توتر بين هذا المراهق وبين والديه ومعلميه بسبب ممارسته مثل تلك
األفعال ( .مختار ( )97 ،1999 ،الزعبالوي)2010،101،
وعادة ما تبدأ مشكالت الطالب المراهقين في المدرسة بسبب مشكالتهم مع أقرانهم الذين
يشعرون بعدم توافقهم معهم ،وتتفرع حتى تصل إلى األقارب ،وتعد مثل هذه المشكالت
األكثر شيوعا بين المراهقين ،نظـ ـ ار لما يعانــونه داخل البيئة التعليمية غير المهيئة
األمر الذي يعد عائقا أساسيا أمام تعليمهم .
إجراءات الجانب الميداني من الدراسة :
يهدف الجانب الميداني من الدراسة إلى التعرف على أسباب الغياب المتكرر لطالب
المرحلة الثانوية ،للمساعدة في وضع المداخل المقترحة لمواجهة هذه الظاهرة .
148
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
أداة الدراسـة
استخدمت الدراسة أداة االستبانة ،لتحقيق أهدافها في التعرف على أسباب الغياب
المتكرر لطالب المرحلة الثانوية .
صدق األداة :صدق االستب ــانة يعني التأكد من أنها -بكل محاورها وعباراتها -سـوف
تـقيس ما أعدت لقياسه ( العساف ، )429 ،2010 ،ويعني أيضا شمول االستمارة لكل
العناصر التي يجب أن تدخل في ال تحليل من ناحية ،ووضوح فقراتها ومفرداتها من
ناحية ثانية ،بحيث تكون مفهومة لكل من يستخدمها ( .عبيدات واخرون،2012 ،
، )179وقد تم عرض أداة الدراسة علي مجموعة من المحكمين ،وذلك لمعرفة مناسبة
عبارات االستبانة ومحاورها وسالمتها لغويا ووضوحها ومناسبتها للمحاور .
ثبات األداة :المقصود بثبات االستبانة أنها تعطي النتائج نفسها تقريباً لو تكرر تطبيقها
أكثر من مرة على نفس األشخاص في ظروف مماثلة (العساف ، )369 ،2010 ،فقام
– Split الباحث بعمل اختبار للداللة على ثبات االستبانة بطريقة التجزئة النصفية
( Halfالسيد ، )1979،527،وذلك بالتطبيق على عينة عشوائية من الطالب بلغت
18طالبا ،وحساب معامل الثبات باستخدام معادلة ( رولون ) :
معامل الثبات راا = -1تباين الفروق ع2ق
تباين الدرجات ع2
وبتطبيق المعادلة تبين أن معامل الثبات راا = ، 0.91وهي نسبة تعد مؤش ار على
ثبات األداة ،وبالتالي تم التطبيق الميداني لالستبانة على العينة الكلية للدراسة .
149
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
عينة الدراسة
تم اختيار عينة الدراسة من الطالب الذين يتغيبون عن مدارسهم بشكل متكرر في ست
من مدارس المرحلة الثانوية في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية .
وقد تم اختيار المدارس والطالب بطريقة عمدية ،بحيث وقع االختيار على المدارس
التي تتجاوز نسبة غياب الطالب فيها ، %20أما الطالب فقد تم اختيارهم من تلك
المدارس ،وممن يتغيبون بشكل متكرر ،وتتجاوز نسبة غيابهم %25من بداية الفصل
الدراسي األول حتى موعد إجراء التطبيق الميداني والذي تم ما بين 27- 23من مارس
، 2014بناء على سجالت وكشوف الغياب في كل مدرسة منها ، ،وقد أمكن التطبيق
على عينة بلغ عدد أفرادها 153طالبا 132 +طالبة ،بمجموع ( )285طالبا وطالبة
هم كل أفراد العينة ،وذلك على النحو الذي يبينه الجدول التالي :
جدول ()1
المدارس التي تم التطبيق الميداني فيها
وعدد طالبها* ،ونسبة الغياب فيها ،وعدد الطالب ( أفراد العينة ) في كل منها
عدد الطالب % متوسط عدد المحافظة المدرســـــــــة م
أفراد العينة لغياب عدد طالب
الطالب المدرسة الغياب
48 27,6 452 1634 حلوان القاهرة مدرسة 1
الثانوية للبنين
41 21,3 310 1457 حلوان القاهرة مدرسة 2
للبنات الثانوية
بحلوان
54 28,9 517 1783 الجيزة الجــيزة مدرسة 3
الثانوية للبنين
150
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
151
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
الحرية التي سوف يتم الكشف عن قيمة كا 2عندها لمعرفة ما إذا كانت دالة أو غير
دالة سوف تساوي . 1 = 1 – 2
ثانيا :أسباب الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية من وجهة نظر أفراد العينة :
أفرزت نتائج التطبيق الميداني عن وجود العديد من األسباب التي تؤدي لغياب طالب
مدارس المرحلة الثانوية بشكل متكرر ،وقد أمكن تصنيف هذه األسباب ومناقشتها على
النحو التالي :
-1أسباب تعليمية مدرسية :
ويقصد بهذه األسباب ما يتعلق بالعملية التعليمية أو ما يتعلق بالمناخ والبيئة التعليمية
التي توفرها لهم المدرسة ،ويمكن عرض هذه األسباب على النحو الذي جاءت به نتائج
الجدول التالي :
جدول ()2
استجابات أفراد العينة حول األسباب التعليمية المدرسية لغيابهم المتكرر عن المدارس
ال أحيانا نعم
م األســـــــــباب
% ك % ك % ك
1,3 7,6
9,1 26 52 207 1االعتماد على الدروس الخصوصية
8 2
1,1 3,5 5,4
43 87 2االفتقار للعقاب من قبل المدرسة نتيجة الغياب 155
5 0 4
2,4 3,9 4,7
58 91 136 3المدرسة ليس فيها أنشطة تشجع للذهاب إليها
0 1 7
2,6 2,7 4,7
73 79 133 4صعوبة الدراسة
5 7 6
152
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
وتأتي ( كثرة الواجبات المدرسية ) كآخر األسباب التعليمية ( )%39,6التي تدفع طالب
المرحلة الثانوية للغياب بنسبة قليلة ،وهو ما قد يكون بسبب أن تكرار غيابهم يؤثر
على متابعتهم للتكليفات التي يكفهم بها معلموهم ،أما الطالب الذين يرون أنها سبب
من أسباب غيابهم ،فإن ذلك قد يكون سببه أن الطالب يرون أن كثرة الواجبات المدرسية
تحد كثي ار من حريتهم في االستمتاع بحياتهم وأوقات فراغهم ،وال تعطي لهم الفرصة
لممارسة أنشطتهم التي يفضلونها خارج المدرسة .
وهي هذه النتائج جميعا تتوافق ما جاءت به دراسة ( أبو عسكر ) التي أكدت وخرجت بنتيجة
مؤداها أن المجال التربوي يعد من أكثر المجاالت المتسببة في تغيب الطالب عن مدارسهم .
ب -أسباب مدرسية :
توضح بيــانات الجــدول السابق أن األســباب المدرسية التي تتمثل في البيئة المدرسية أو
التعليمية المناسبة كانت ثاني األسبـاب التي تــدفع طـالب المـرحـلة الث ــانوية للغياب بش ــكل
متكرر عن المدارس ،حــيث كان ( االفتقار للعقاب من قبل المدرسة ) بنسبة ()%54,4
ولعل هذا السبب يتيح الحرية للطالب حرية البقاء في منازلهم أو استغالل هذا الوقت في
الذهاب للمجموعات الدراسية في المراكز المعدة لهذا األمر ،أو الدروس الخصوصية في
المنازل ،وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على سير العملية التعليمية في المدارس ، ،وهذه النتيجة
تتفق مع ما جاءت به دراسة ( نخلة )2013 ،من نتيجة مؤداها أن هناك عوا ار تشريعيا يتعلق
بمواجهة ظاهرة الغياب يتمثل في وجود ثغرة أو مخرج للطالب المتغيبين بعد المدة المسموح
بها .
كما أن غي ــاب الطــالب المتــكرر عن مـدارســهم كان بسبب أن ( المدرسـة ليــس فيها أنش ــطة
تشجــع للــذه ــاب إليهــا ) بنسبـ ــة ( ، )%47,7وقـ ــد ي ــدل ذلك على ح ــالــة الت ــردي التي وصلت
إليهـ ــا المدرسـ ــة المصريـ ــة ،وافــتق ــاره ــا للبنية األساسية السليمة من مبان ،وأجهزة ،وأدوات
تساعد الطالب على ممارسة أنشطتهم الفنية والثقافية والرياضية واالجتماعية ،ولعله يمكن
تفسير ذلك بنقص الموارد والميزانيات المخصصة لكل مدرسة من قبل إدارات التعليم المختلفة
154
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
ويأتي ( غياب المعلمين بشكل متكرر ) بنسبة ( )%33,7آخر األسباب المدرسية التي تدفع
الطالب للغياب المتكرر عن مدارسهم ،وقد يفسر غياب بعض المعلمين عن المدارس بذهابهم
إلى مراكز الدروس الخصوصية ،والدروس الخاصة في المنازل ،كما أنها مؤشر على ضعف
إدارة المدرسة في اتخاذ الق اررات والمواقف الحاسمة تجاه المعلمين الذين يتغيبون عن الحضور
إلى المدارس في المواعيد المحددة .
واذا كان ( دورات المياه في المدرسة غير مناسبة لالستخدام ) جاءت بنسبة ( )%21,8فإن
ذلك قد يكون راجعا إلى أن بعض المدارس قد ال تقوم بأحد أهم أدوارها في تهيئة البيئة التعليمية
المناسبة الجاذبة لطالبها ،فتهمل عمل الصيانة الالزمة للمبنى المدرسي والمرافق الخدمية فيه
بالشكل الالئق ،والذي يتيح للطالب استخدامها دون شعور بالضيق ،وهو األمر الذي إذا ما
تم إهماله ،كان دافعا للكثير من الطالب للهروب من مدارسهم أو الغياب عنها .
أما ( ازدحام الفصول ) فقد جاء بنسبة ( )%20,0كأحد األسباب المدرسية في غياب الطالب
عن مدارسهم يأتي بنسبة قليلة ،وقد يكون ذلك راجعا إلى أن الكثير من الطالب حينما يتغيبون
عن مدارسهم يتسببون في تخفيف االزدحام داخل الفصول ،وهو ما ال يجعل الكثير من
الطالب يشعرون بازدحام الفصول .
وهـ ــذه كلها نتائج تتفـ ــق مع ما جاءت به دراسة ( ) Welingtonالتي ت ـ ــؤكد عـ ــلى ضرورة
اتخـ ــاذ الم ــدارس القـ ـ ـ اررات التي من شـ ــأنها توف ــير المنـ ــاخ المناسب ال ــذي من شـ ــأنه تسيير
شئـ ــون العمليـ ــة التعليمي ــة ،ومن بينها معاقبة المعلمين ،وتوفير األنشطة الالصفية الالزمة
للطالب ،كما تتفق هذه الدراسة مع ما جاءت به دراسة ( نخلة )2013 ،من نتيجة مؤداها
أن المناخ المدرسي والبيئة المدرسية تعد سببا من أسباب غياب الطالب عن دراستهم في
المدارس ،وهو ما يعني افتقار المدارس للخدمات التي يمكن أن تشجع الطالب على االستمرار
في الدراسة ،ومن ثم استمرار تواجدهم في المدارس .
155
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
بالتأمل في الجدول السابق يمكن تناول األسباب االجتماعية النفسية التي تؤدي لغياب
طالب المرحلة الثانوية للغياب عن مدارسهم بشكل متكرر على النحو التالي :
-1أسباب اجتماعية :
جاء ( وجود مشكالت في األسرة ) بنسبة ( )%42,4من أهم األسباب االجتماعية التي تؤثر
تأثي ار كبي ار في حياة الطالب ،وتشتت تفكيرهم ،وتجعلهم غير قادرين على التركيز في الدراسة
،األمر الذي يجعلهم يترددون في الذهاب إلى المدرسة .
وتتفق هذه النتيجة مع ما جاءت به دراسة كل من ( ، )Malcomودراسة (Frank F.
) Furstenberd , Jr & othersمن أهمية دور الوالدين في متابعة كل ما يتعلق بأمور
الدراسة مع أوالدهم ،األمر الذي يمكن أن يسهم كثي ار في إقبال األبناء على المدارس ،وهو
ما أكدته أيضا دراسة ( )Rothmanمن أن الحالة االجتماعية لها دور كبير في ظاهرة تغيب
الطالب عن المدرسة .
156
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
والغريب أن دراسة ( عطوان ) جاءت نتائجها لتؤكد أن األسباب المتعلقة بولي األمر
واألسرة تأتي في المرتبة األخيرة من بين أسباب تغيب الطالب عن مدارسهم .
وقد جاء ( الشعور بالوحدة في المدرسة ) بنسبة ( ، )%26,0وهو سبب اجتماعي
نفسي ،فهـ ــو سبب اجتماعي بعدم قدرة بعض الطالب االنخراط في مجموعات من
األصدقاء ،والدخول في أسر األنشطة المدرسية ،كما أنه سبب نفسي يدل على الشعور
باالنزواء واالكتئاب ،وهو ما يشعر معه بعض الطالب من اإلحساس بعدم التكيف مع
الغير ،ومن ثم عدم الرغبة في تكوين صداقات معهم .
-2أسباب نفسية :
ي ـرتبــط بهـ ــذه األسباب ( أتعرض لإلهانة من المعلمين ) بنسبة ( )%62,5في الترتـ ــيب
األول من بين ما يعتـ ــرض الطالب من أسبـ ــاب نفسي ــة تلعب دو ار خطيـ ـ ـ ار في غي ـ ــاب
الطالب عن مدارسهم ،وقد يفسر هذا األمر بأن الكثي ــر من المعلمـيـ ــن ينقصهـ ـ ــم الحـ ــس
الن ـف ــسي والــوعي التـربوي في التعـامل مع طــالبــهم داخـل الفصول أو حتى خارجهـ ــا ،
كما ق ـ ــد يكـ ــون السبب وراء ذلك إرغ ــام الطالب ألخــذ دروس خصوصية في مجموع ــاتهم
ويلي ذلك أن ( المعلمون يهتمون بالطالب المتفوقين أكثر ) بنسبة ( ، )%50,2وارتفاع
هذه النسبة إلى حد ما يمكن تفسيره برغبة الكثير من المعلمين في إبراز قدراتهم ،حتى
يلفتوا نظر الطالب العاديين ألخذ دروس خصوصية ،وال يدركون أن مثل هذا الميل
تجاه نوعية معينة من الطالب يترك آثا ار نفسية سيئة وسلبية تجاه غيرهم ،األمر الذي
قد يجعلهم يشعرون أنهم منبوذون ،وأنه غير مرغوب في وجودهم ،وهو ما يجعلهم
يكرهون فصول الدراسة ،ومن ثم الغياب عن المدرسة بشكل متكرر أو بشكل نهائي .
وهذه النتيجة تتفق مع ما جاءت به دراسة ( نخلة )2013 ،من نتيجة مؤداها أن هناك
نقص في كفاءة المعلمين المهنية ،وهو ما يعني أنهم غير مؤهلين للعمل كمعلمين ،
أو للتعامل مع نوعيات مختلفة من الطالب .
157
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
تشير نتائج الجدول السابق إلى أن نظرة الطالب إلى أن ( التعليم ليس شرطا للعمل
والحصول على المال ) بنسبة ( ، )%53,0وهي نتيجة قد يكون لها داللة على ضعف
وفشل التعليم في إقناع الطالب بأهميته في بناء شخصية الفرد والمواطن الذي يلتحق
به ،وأن له دو ار في تأمين مستقبل الطالب ،كما يضاف إلى ذلك أن التحاق الطالب
بالجامعات وتخرجهم منها لم يعد يعني ضمان الحصول على فرصة عمل ،حيث تم
إلغاء التكليف بالنسبة لخريجي معظم الكليات .
ثم يأتي اختيار الطالب أفراد العينة (أسهر كثي ار ،وأستيقظ متأخ ار عن موعد المدرسة)
بنسبة ( ، )%47,0ويمكن تفسير هذه النتيجة بأن تعود الطالب على هذا األمر قد
صار من العادات ذات التأثير السلبية على حياة الكثير من الناس ،ومن بينهم الطالب
وهي ع ــادة تفقد الكثير ممن يتبعونها القدرة على تنظيم أم ـ ــور حياتهم ،وقـ ــد يكون
158
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
ألجهزة اإلع ــالم وما فيهــا من ب ارم ــج تليفزيوني ــة وأف ــالم ومسلسالت تج ــذب انتب ــاه األف ـراد
وهـذه كلها أمور تغير من طبيعة الساعة البيولوجية للفرد ،وتجعل الطالب ارغبين في
تعويض ما فاتهم من سهر بالنوم ،والتجاوز عن الذهاب إلى المدرسة .
ثم يأتي السبب ( أسباب الصحية) بنسبة ( ( ، )%36,1تأخر المواصالت ) بنسبة
( ( ، )%31,7بعد المدرسة عن السكن ) بنسبة ( ، )%8,1وهذه النتائج تعد من
األسباب التي تدفع بعض الطالب للغياب عن مدارسهم ،وان لم تكن نسبة هذه األسباب
عالية من بين األسباب األخرى ،وقد يفسر ذلك بأن األسباب التعليمية والمدرسية تعد
األكثر تأثي ار في غياب الطالب عن مدارسهم بشكل متكرر .
وقد خالفت دراسة ) )Welingtonنتيجة ( بعد المدرسة عن السكن ) ،حيث تبين أن
طالب البلدة التي توجد فيها المدرسة كانوا أقل التزاما بالحضور إليها من نظرائهم قاطني
البالد المجاورة ،وهي نتيجة مخالفة للنتيجة التي خرجت بها هذه الدراسة ،وقد يرجع
ذلك الختالف البيئتين التي أجريت فيهما الدراستان .
ثالثا :الفروق بين استجابات الطالب والطالبات :
وللمقارنـ ــة بين استجابات أفراد العينة من الطالب ،واستجابات نظرائهم من الطالبات
حول أسباب غيابهم المتكرر عن مدارسهم ،فقد تمت المقارنة بين ( نعم ) في
االستجابتين ،لمعرفة ما إذا كانت الفروق بينهما دالة أو غير دالة ،وهذا ما يوضحه
الجدول التالي :
159
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
جدول ()5
الفروق بين استجابات كال من الطالب والطالبات حول أسباب غيابهم المتكرر عن
المدارس
مستو الطالبات الطالب
دال/غ
ى كا2 132 153 السبب م
ير دال
الداللة % ك % ك
غير 7,5 11
0,80 0,1160 70,4 93 1االعتماد على الدروس الخصوصية
دالة 4 4
غير 6,4
0,90 0,0353 61,3 81 97 2أتعرض لإلهانة من بعض المعلمين
دالة 3
غير 5,6
0,90 0,0265 55,3 73 3االفتقار للعقاب من قبل المدرسة نتيجة الغياب 82
دالة 3
,001 1,0714 7,2 10
دالة 31,8 42 4التعليم ليس شرطا لعمل والحصول على المال
0 5 1 9
غير 4,1
0,30 1,1956 56,1 74 69 5المعلمون يهتمون بالطالب المتفوقين أكثر
دالة 5
غير 4,7
0,70 0,1932 50 66 6المدرسة ليس فيها أنشطة تشجعني للذهاب إليها 70
دالة 5
غير 4,7
0,90 0,0239 46,2 61 7أسهر كثي ار ،وأستيقظ متأخ ار عن موعد المدرسة 73
دالة 7
غير 4,8
0,30 1,1716 52,3 69 64 8صعوبة الدراسة
دالة 1
غير 4,8
0,90 0,0230 43,2 57 64 9وجود مشكالت في األسرة
دالة 1
غير 3,9 1
0,95 0,0031 39,4 52 61 كثرة الواجبات المدرسية
دالة 9 0
,001 2,8 1
دالة 8,0454 49,2 65 38 أسباب صحية
0 4 1
160
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
161
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
ب -كانت الفروق بين استجابات الطالب ،واستجابات نظرائهم من الطالبات فيما
يتعلق بعب ــارة ( أسبـ ــاب صحي ــة ) دال ـ ــة إحصائيا لصالح الطالبات ،وقد يكون ذلك
راجعا للطبيعـ ــة البيولوجيـ ــة للفتاة التي قد تتغيب عن المدرسة نتيجة ما تشعر به من
آالم خالل فترة الـ ــدورة الشهريـ ــة بشكل منتظـ ــم ،وعلى الرغ ـ ــم من أن هذا األمر ال
يخص الطالب ،إال أنه ــم قـ ــد يضطرون على فت ـ ـرات متقطعـ ــة ألسب ـ ــاب مرضيـ ــة
مختلفة على مدار العام الدراسي .
ج -كانت الفروق بين استجابات الطالب ،واستجابات نظرائهم من الطالبات فيما يتعلق
بعبارة ( الشعور بالوحدة في المدرسة ) دالة إحصائيا لصالح الطالبات ،ولعله يمكن
تفسير ذلك بأن الطالب أكثر قدرة على التكيف والتواصل مع نظرائهم من الطالبات ،
وربما يعود ذلك أيضا لما تعانيه الفتاة المصرية من الشعور بالخجل والحياء الذي قد
يكون سببا في إحجامها عن التواصل بنفس القدر لدى الطالب ،حتى ولو كان ذلك مع
نظيراتها من الطالبات .
د -كانت الفـ ــروق بين استجابات الطالب ،واستجابات نظرائهم من الطالبات فيما يتعلق
بعبـ ــارة ( أتعرض للضرب والسخريـ ــة من بعض الطالب ) دالة إحصائيا لصالح الطالب
،ولعل ذلك يمكن أن يكون بسبب الطبيعة البشرية الذكورية ،حيث إن الطالب أكثر
ميال الستخدام العنف وتوجيه اإلهانات لبعضهم البعض أكثر من الطالبات الالئي يملن
أكثر إلى الهدوء والبعد عن العنف وعدم إثارة المشكالت .
-2أنه وجد أربعة عشر سببا من األسباب كانت الفروق بين استجابات الطالب
واستجابات الطالبات غير دالة إحصائيا ،ويمكن تفسير هذه الدالالت على النحو التالي
ا -فيما يتعلق بسبب ( االعتماد على الدروس الخصوصية ) ،كانت استجابات أفراد
العينة من الطالب ( ، )%74,5في حين كانت استجابات نظ ارئهم من الطالبات
( ، )%70,4ويمكن تفسير ذلك بأن الطالب قد يكونون أكثر حرصا على تحصيل
الدرجات من الطالبات ،نظ ار إلحساسهم أكثر بالمسئولية الملقاة على عاتقهم ،سواء
162
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
أكان ذلك على المستوى الشخصي أو على المستوى األسري ،باإلضافة إلى أن الطالب
قد يكونون أكثر قدرة على الهروب من المدرسة نظ ار لطبيعة تكوينهم ،مما يجعلهم
قادرين على الذهاب إلى الدروس الخصوصية .
ب -فيما يتعلق بسبب ( أتعرض لإلهانة من بعض المعلمين ) ،كانت استجابات أفراد
العينة من الطالب ( )%63,4أكبر من نسبة استجابات الطالبات ،وقد يفسر ذلك بأن
الكثير من الطالب ال يقدرون على تحمل توجيه اإلهانات لهم من قبل المعلمين ،فال
يجدون بدا من اتخاذ موقف حيال ذلك ،باعتبار أن ذلك يمكن أن ينتقص من رجولتهم
ويعد الغياب عن المدرسة هو خيارهم تجاه هذا األمر ،في حين أن الطالبات قد ال
يواجـ ـه ــن كثي ـ ـ ار من اإلهـ ــانات مثلما يواج ــه الطالب ،باعتبـ ــار أن المعلمي ــن يكــونون
أكث ــر حــرصــا في التعــامل مع الطالب ــات لحساسي ــة تع ــامل الرجــال مع اإلناث في
المجتمع المصري .
وربما تكون نتائج العبارة ( )16من عبارات االستبانة ( أتعرض للضرب من بعض
الطالب ) دليال على ذلك ،فقد يضطر الطالب للدخول في عراك مع غيره من الطالب
إذا ما قام بضربه أو إهانته أو السخرية منه ،في حين تقل مثل هذه األمور بالنسبة
للطالبات ،باعتبار أن األنثى أكثر هدوءا ،وأقل ميال للعنف .
ج -فيما يتعلق بسبب ( االفتقار للعقاب من قبل المدرسة نتيجة الغياب ) ،كانت
استجابات أفراد العينة من الطالبات ( )%55,3أكبر من استجابات الطالب ()%53,6
ويمكن تفسير ذلك أن الطالبات يضطررن للغياب عن المدرسة لمساعدة أمهاتهن في
أعمال البيوت طالما أنهن بأمان من عقاب المدرسة التي قد ال يوجد فيها نظام للعقاب
أو أن القائمين على شئون المدرسة ال يملكون الجرأة على تطبيق نظام العقوبات إن
وجد ،في حين أن مدارس البنين قد تكون أكثر حزما وقسوة في تطبيق العقوبات ،
والتعامل مع الطالب المتغيبين .
163
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
د -فيما يتعلق بسبب ( المعلمون يهتمون بالطالب المتفوقين أكثر ) ،كانت استجابات
أفراد العينة من الطالبات ( )%56,1أكبر من استجابات نظرائهن من الطالب
( ، )%45,1وربما يمكن تفسير ذلك أن طبيعة الطالبات غالبا ال تستطي ــع تحمـ ــل
اإلهمال ،واذا ما تعرضن له من قبل المعلمين ،فإن ذلك يجعلهن في حالـ ــة من الشرود
الذهني بعيدا عن شرح المعلمين ،األمر الذي يدفعهن لالنصراف عن المدرسة والغياب
عنها ،سـواء أكان ذلك بشكل متكرر ،أو بشكل دائم .
رابعا :المقترحات التي يمكن أن تسهم في مواجهة ظاهرة الغياب المتكرر
لطالب المرحلة الثانوية الحكومية :
على ضوء ما جاء في اإلطار النظري ،وما خرجت به نتائج الجانب الميداني من
الدراسة ،فإنه يمكن تقديم مجموعة من المقترحات لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر
لطالب المرحلة الثانوية ،وذلك على النحو التالي :
-1المنطلقات األساسية للمقترحات :
إصدار قـ ـ اررات من قبل الدولة تكون ملزمة لجميع عناصر العملي ــة التعليمي ــة داخل
المدرسة .
إعادة النظر في المناهج والمقررات الدراسية .
العالقة بين المدرسة ،وكل من األسرة ،والمؤسسات التربوية األخرى .
المدارس لها الحرية في اختيار األساليب التي يمكن أن تزيد بها مواردها ،من أجل
اإلنفاق على أنشطتها وأنشطة طالبها الصفية والالصفية .
البيئة التعليمية النشطة ،هي الجاذبة ،القادرة على استقطاب الطالب .
-2المقترحات المرتبطة بالمدرسة :
إن مشكالت الطالب في هذه المرحلة تحتاج إلي جهود مدروسة من المؤسسات المختلفة
لخلق جيل مؤمن ومتسلح بالعلم والقيم والمبادئ السليمة ،فال يخفى على أحد أن الشباب
164
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
هم نصف الحاضر ،وكل المستقبل ،وعصب األمة ،وان صلح صلحت األمة ،وعلى
ذلك يمكن تحويل منطلقات الرؤية إلى آليات وخطوات قابلة للتنفيذ على النحو التالي :
-1تخصيص نسبة من درجات كل مقرر :
إذا كانت الدولة قد أصدرت ق ار ار بخصم درجات من الطالب الذين يتغيبون عن مدارسهم
إال أنها عادت وعدلت عن قرارها بعد أن اعترض عليه الكثير من الطالب وأسرهم ربما
رغبة منهم في التفرغ للدروس الخصوصية ،ولتحقيق مجموع كبير ،واستفادة أكبر .
والحقيقة أنه ال بد من إعادة النظر في هذا القرار ،ليعود إلى التطبيق من جديد وبشكل
حاسم ،وعدم الرضوخ للفوضى االجتماعية التي نادت بإلغائه ،ألن في تطبيق هذا
النظام إجبار للطالب على التواجد في المدارس ،األمر الذي سيجعل المعلمين أيضا
مضطرين للبقاء في المدارس طالما ال يوجد طالب متفرغون للدروس الخصوصية .
-2تنوع مصادر تمويل التعليم في المدرسة :
من األهميــة بمكان أن تصدر الدولة ق اررات تتيح للمدارس حرية تسيير وتدبير شئونها
وعدم االعتماد على الميزانيات المخصصة لها من قبل الدولة ،ومثل هذه الق اررات
سوف يكون مردودها إيجابيا بشكل كبير ،حيث تتيح لها دعم األنشطة الطالبية المختلفة
وتطوير مكتباتها ،ومعاملها ،ومقاصفها ،وأدواتها التكنولوجية والتقنية ،وأثاثها وتقديم
الحوافز المادية والمعنوية للطالب والمعلمين ،األمر الذي قد يكون عامال هاما من
عوامل ارتباطهم بالمدرسة .
-3توفير األنشطة :
ال ب ــد للمسئولين في المدرس ــة من التعـ ــرف على مواه ــب وقدرات ومهارات واحتياجات
الطالب ،على أن تسعى لتوفي ــر األنشطة التي يمكن أن تنمي تلك المواهب ،أو لتفريغ
طاقات الطالب ،على أن يكون ذلك في أطر تنافسية تحدد لها مكافآت وجوائز ،من
أجل إضفاء مزيد من التشويق بين الطالب ،وهي كلها أمور تشجع الطالب على
الذهاب إلى المدارس .
165
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
األقل خالل اليوم الدراسي ،على أن تتنوع تلك الوجبات من فترة ألخرى ،بل ومن يوم
آلخر ،حتى ال يشعر الطالب بالملل تجاه وجبة بعينها .
كما يمكن للمدرسة استغالل فترتين على مدار اليوم ألن يدخل كل طالب من الطالب
إلى مجموعة دراسية ألحد المعلمين في مقرر معين يرى أنه يحتاج إلى تقوية فيها كما
يمكن للمدرسة أن تزيد من وقت الحصة ،لمتابعة المعلمين طالبهم بشكل أفضل
-7الفصل بين الطالب ذوي المستويات العلمية المتباينة :
يعد الطالب المتفوقون أو المتأخرين دراسياً من أفراد المجتمع الذين يلزم كل من يعملون
في المنظومة التعليمية أن يتعاوم معهم ،لتقديم الخدمات المناسبة لكل منهم ،حسب
ما يواجهه من مشكالت ،ولتقديم المساهمة في تقديم الخدمات لهاتين الفئتين .
ولعل من أهم األمور -في هذا المجال -أنه يجب على المدرسة تحديد مستويات
الطالب ،ومن ثم الفصل بين الطالب المتأخرين وغيرهم من الطالب المتفوقين ووضع
كال منهم في فصول دراسية خاصة ،ووضع مناهج خاصة لكل منهم ،بحيث تتناسب
مع العمر التحصيلي لكل منهم ،وليس بناء على عمرهم الزمني ،وتخصيص المدرسين
المؤهلين لتعليمهم ،والقادرين على التعامل مع مشكالت وظروف كل منهم على حدة.
-8تدريب المعلمين على التعامل مع الطالب المتأخرين دراسيا :
إذا كان الـ ـواجب على المعل ــم عن ــدما ي ــكون في فصله طــالب متأخر في تحصيله
الدراسي أن يج ـ ــد األس ـب ــاب التي أث ـ ــرت علي ــه ،ويعمـ ــل على حله ــا بمساع ــدة أسرة
الط ــالب ،وتوفير المعلومات الكافية لهم ،وأن يبين لهم كيف أن المشاكل األسرية تؤثر
على الطالب وبش ـ ــكل كبي ـ ــر ،وك ــيف أن الـطـ ــالب يـ ـ ــوق ـ ــع نفسه في مخاطر ومشاكل
حتى يشد انتباه والديه ومعلمه في المدرسة ،فإن ذلك يحمل المدرسة أو و ازرة التربية
والتعليم مسئولية تدريب وتأهيل المعلمين تدريبا جادا وهادفا ،كي يتمكنوا من القيام
بمسئولياتهم تجاه طالبهم ،سواء أكان ذلك داخل الفصول أو خارجها.
167
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
168
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
169
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
المراجـــــع
أوال :المراجع العربية
-1أبو عسكر ،محمد فؤاد سعيد ( : )2014دور االدارة المدرسية في مدارس البنات
الثانوية في مواجهة ظاهرة التسرب الدراسي بمحافظات غزة وسبل تفعيلة ،رسالة
ماجستير (غير منشورة) ،كلية التربية ،الجامعة االسالمية ،غزة .
-2أبو هين ،فضل ( )2013األطفال تحت الظروف الصعبة ،دليل االباء والمدرسين،
و ازرة التربية والتعليم ،غزة.
-3بلواني ،نجود شحادة ( : )2008دور االدارة المدرسية في تنمية االبداع في
المدارس الحكومية في محافظات شمال فلسطين ومعيقاتها من وجهة نظر مديريها،
رسالة ماجستير ( غير منشورة ) ،جامعة النجاح .
-4بيبي ،هدى حسيني ( : )2011المرجع في االرشاد التربوي ،دار أكاديميا ،
بيروت
-5التميمي ،محمود كاظم ( : )2009مركز السيطرة وعالقته بتحمل المسؤولية
االجتماعية لدى طلبة الجامعة ،مجلة آداب المستنصرية العدد ( )33مجلة علمية
تصدرها كلية اآلداب ،جامعة المستنصرية ،بغداد .
-6ثابت ،عبدالعزيز موسى ( )2008الطب النفسي لألطفال والمراهقين ،ط ، 1مكتبة
اليازجي ،غزة .
-7جــابر ،جابر عبــد الحميــد ،والخضري ،سليمان ( : )1980بعض العامل المرتبطة
بالغش المدرسي ،عالم الكتب ،القاهرة .
-8جامعة حلب ( : )2010العقاب وعالقته بالتحصيل الدراسي ،كلية التربية ،قسم
تربية الطفل ،حلب .
170
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
171
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
172
العدد الحادى والثالثون 2015 مجلة دراسات فى التعليم الجامعى
173
د .ظالل محمد عادل سليمان رؤية مقترحة لمواجهة ظاهرة الغياب المتكرر لطالب المرحلة الثانوية
174
2015 العدد الحادى والثالثون مجلة دراسات فى التعليم الجامعى