You are on page 1of 31

‫ عفاف مسعي‬................................

‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‬

‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‬

*
‫عفاف مسعي‬
**
‫ محمد بن سباع‬:‫إشراف الدكتور‬
ّ
Abstract :‫ملخص‬
This study seeks to indicate the ‫تسعى هذه الدراسة إلى ِتبيان أهمية‬
importance of the read Presented "‫قدمها "هشام جعيط‬ ّ ‫القراءة التي‬
by "Hisham Djait" about the
Prophet's biography,
‫ل‬
Wher ‫ حيث حاو‬،‫حو السيرة النبوية‬
‫ل‬
heattempted to present a new ‫تقديم قراءة علمية جديدة لسيرة‬
scientific reading of a Prophet's ‫نبوية مبنية على العقل باالعتماد على‬
biography based on the mind
relying on the Holy Quran as well ‫القرآن الكريم وكذلك من خالل‬
as by relying on a range of ‫الاعتماد على مجموعة من املناهج‬
scientific approaches which the
most important is the comparative ‫العلمية أهمها املنهج التاريخي املقارن‬
history of religions, anthropology ‫لألديان وألانثروبولوجيا والثقافة‬
and historical and philosophical ّ ّ
culture, here aches that the name of
‫فتوصل إلى أن‬ ،‫التاريخية والفلسفية‬
the Prophet Muhammad since his ‫اسم النبي محمد منذ والدته وقبل‬
birth and before the mission is ‫ومحمد هو ترجمة‬ ّ َُ
"‫البعثة هو "قثم‬ ِ
"Quthum" and Muhammad is a
translation of the word ‫لكلمة "البراكليتس" التي تطلق على‬
"consolatory" Which calls on the ‫وأن محمد‬ ّ ‫الرجل ذو الشأن العظيم‬
man of great interest, and that َّ
Muhammad was for ciblyd is ‫تم تهجيره بالقوة من مكة ولم يهاجر‬
َّ
placed from Mecca and did not ‫توصل إلى أن‬ ّ ‫ كما‬،‫هو وأتباعه بإرادتهم‬
emigrate he and his followers by ‫بعثة محمد لم تكن في غار حراء حسب‬
their will ,He also found that the
َ
mission of Muhammad was not in ‫ما ورد في املصادر التراثية إلاسالمية‬
the cave of Hira according to the ‫تؤكد‬ ّ
‫وإنما كانت في ألافق املبين كما‬
sources of the Islamic heritage, but َ
it was in the horizon shown as ‫ باإلضافة إلى‬،‫سورتي النجم والتكوير‬
confirms Surah Al-Najm and Al- ‫ميزت‬ ّ ‫مجموعة من النتائج ألاخرى التي‬
Takwir, In addition to a set of other

142
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬
‫القراءة العلمية للسيرة النبوية عند ‪results that characterized the‬‬
‫‪scientific reading of the Prophet's‬‬
‫‪biography according to ‘’hicham‬‬ ‫"هشام جعيط"‪.‬‬
‫‪Djait’’.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬‫ّ‬
‫لقد حاول "هشام جعيط" من خالل مشروعه حول إعادة قراءة السيرة‪،‬‬
‫تقديم قراءة علمية جديدة لسيرة نبوية مبنية على العقل باالعتماد على‬
‫مقدسا وصحيحا كما أنه متزامن مع النبي‪،‬‬ ‫نصا ّ‬ ‫القرآن الكريم وحده باعتباره ّ‬
‫ومن خالل الاعتماد أيضا على الكثير من املعارف واملناهج العلمية أهمها‬
‫التاريخ املقارن لألديان‪ ،‬باإلضافة إلى الانفتاح على أفق الثقافة التاريخية‬
‫ّ‬
‫متشبع بالثقافة التاريخية‬ ‫وألانثروبولوجية والفلسفية‪ ،‬ف ـ "هشام جعيط"‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫والفلسفية الحديثة‪ ،‬وباملقابل فقد قلل من قيمة ما كتب عن النبي ألنه جاء‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫متأخرا زمنيا وكتب نقال عن مصادر شفوية (وذلك حوالي ‪051‬عام بعد‬
‫الهجرة)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫لعل قراءة "هشام جعيط" تعد أول دراسة جادة للسيرة النبوية في العالم‬
‫العربي وإلاسالمي –بعد دراستها والتفصيل في قضاياها من طرف‬
‫املستشرقين‪ ،-‬باعتبارها محاولة من أجل الوصول إلى نتائج علمية تتعلق‬
‫بسيرة محمد ونشأة إلاسالم‪ ،‬عكس تلك الدراسات التقليدية التي ترتكز على‬
‫العاطفة الدينية وال ّتتصف باملوضوعية‪ ،‬فلقد ّ‬
‫تبين لـ ـ "جعيط" بأنه ال ّ‬
‫يهم‬
‫املفكر مؤمنا أو غير مؤمن وإنما املهم هو أن ّ‬ ‫ّ‬
‫يقدم أفكا ًرا عقلية‬ ‫أن يكون‬
‫بعيدة عن العاطفة‪ ،‬وأن يحاول دراسة السيرة من منطلق الباحث املحايد‪،‬‬
‫وبما ّأن شخصية محمد أثرت كثيرا في تاريخ إلانسانية وال تزال تؤثر‪ ،‬فإنه ال‬
‫فإن "هشام‬ ‫توجد شخصية أخرى تستحق الد اسة أكثر من محمد‪ ،‬لذلك ّ‬
‫ر‬

‫‪143‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫جعيط" حاول دراسة موضوعة السيرة النبوية دراسة علمية بعدما قام‬ ‫ّ‬
‫بدراستها املستشرقون فقط مع ّأن دراساتهم يغلب عليها الطابع إلايديولوجي‬
‫أمثال‪" :‬تيودور نولدكه" ‪ Noldeke Theodor‬و"ريجيس بالشير"‪،Régis Blachère‬‬
‫"منتغمري وات"‪ Montgomery Watt William‬وغيرهم‪ ،...‬كما أن "هشام جعيط"‬
‫يهدف إلى كتابة سيرة نبوية خالية من ألاكاذيب وألاساليب ألادبية التي‬
‫كتاب السيرة في القديم أمثال "ابن إسحاق" و"الطبري" و"ابن‬ ‫استعملها ّ‬
‫هشام" وغيرهم‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن املشكلة الرئيسة التي نطرحها في هذه الدراسة‬
‫هي‪ :‬ما هي القراءة الجديدة التي قدمها "هشام جعيط" للسيرة النبوية؟ وما‬
‫أهم الاستنتاجات التي ّ‬
‫توصل إليها من خالل هاته القراءة؟‬
‫أوال‪ :‬املرحلة املكية‪:‬‬
‫‪-1‬شخصية النبي‪:‬‬
‫تغير العالم تدور حولها العديد من‬ ‫ّإن الشخصيات العظمى في التاريخ والتي ّ‬
‫ُ‬
‫الخرافات وألاكاذيب‪ ،‬وتنسج حولها أحداث ميثية من أجل تقديمها بصورة‬
‫خارقة ملا هو طبيعي‪ ،‬وشخصية النبي محمد من الشخصيات التاريخية‬
‫العظيمة‪ ،‬إذ أسس دينا عامليا انطالقا من وسط عربي َب َدو ّ ِي منغلق على‬
‫ُ‬
‫ذاته‪ ،‬ولهذا نسجت ألاساطير والخرافات حول حياته‪ ،‬ومن هنا أراد "هشام‬
‫جعيط" من خالل إعادة قراءته للسيرة النبوية بأدوات ومناهج البحث العلمي‬
‫املعاصرة أن يستقرئ املصادر التراثية ويقدم لنا شخصية محمد ألاقرب إلى‬
‫املنطق منها إلى الخرافة‪:‬‬
‫أ‪/‬اسمه ُّ‬
‫وسنه‪:‬‬
‫ينتسب النبي محمد إلى قريش وكل الشواهد تؤكد على هذا النسب‪ ،1‬إذ‬
‫ينتمي إلى بني هاشم من جهة أبيه‪ ،‬وإلى بني ُزهرة من جهة أمه‪ ،‬أما أعمامه‬
‫فتذكرهم قصيدة موضوعة‪ 2‬وهي‪:‬‬
‫اذكر ضرارا إن عددت فتى ندى والليث حمزة واذكر َّ‬
‫العباسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫‪144‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬
‫جال والفتى َّ‬ ‫ّ َ ً‬ ‫ّ‬ ‫واعدد ز ً‬
‫الرآس ـ ـ ـ ــا‬ ‫واملقوم بع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده والصم َح‬‫ِ‬ ‫بيرا‬
‫الجساسـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ّ‬ ‫وأبا عتيبة فاذكرنه ثامن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا والقرم عبد مناف‬
‫َ‬
‫العدو الناسـا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫جحاجح ـ ـ ـ ـ ــا سادوا على رغم‬ ‫والقوم غيداقا ت َع ُّد‬
‫ولي ماج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـدا أيام نارعه الهمام الكاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫الفياض ّ‬ ‫والحارث َّ‬
‫يذهب "هشام جعيط" من خالل تحليله لهاته ألابيات إلى ّأن أب النبي لم‬
‫ُيذكر هنا‪ ،‬بل ُيشار إليه من دون تأكد كامل ب ـ ـ "الفتى الرآسا"‪ ،‬وأنه من‬
‫املستحيل أن يكون اسمه "عبد هللا"‪ ،‬بل محمد هو من قام بتعويض اسم‬
‫أبيه باسم إسالمي‪ ،‬كما فعل مع أسماء أصحابه الوثنية‪ .3‬واملشكل نفسه‬
‫فيرجح "جعيط" أن اسم النبي‬ ‫َيطرحه "جعيط "بالنسبة إلى اسم النبي ذاته‪ّ ،‬‬
‫ألن تسمية "محمد" ترد إلاشارة‬ ‫محمدا"‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫بعد والدته وقبل البعثة لم يكن "‬
‫إليها في القرآن أربع مرات في الفترة املدنية من نزول الوحي‪ُ ﴿ :‬م َح َّم ٌد َر ُسو ُل‬
‫الر ُس ُل﴾‪َ ﴿ ،5‬ما‬ ‫ين َم َع ُه﴾‪َ ﴿ ،4‬و َما ُم َح َّم ٌد إ َّال َر ُسو ٌل َقد َخ َلت ِمن َقب ِل ِه ُّ‬ ‫الله َو َّالذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ ّ َ ‪6‬‬ ‫َ ُ َ ََٰ َ ُ َل َّ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َك َ‬
‫ان ُم َح َّم ٌد أ َبا أ َح ٍد ِمن ِرج ِالكم ول ِكن رسو الل ِه وخاتم الن ِب ِيين﴾ ‪﴿ ،‬وآمنوا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِب َما ن ّ ِز َل َعل َٰى ُم َح َّم ٍد َو ُه َو ال َح ُّق ِمن َرِّب ِهم﴾‪ ،7‬أما اسم "أحمد" فيرد مرة واحدة‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وفي سورة مدنية أيضا‪َ ﴿ :‬و ُم َب ِش ًرا ِب َر ُسو ٍل َيأ ِتي ِمن َبع ِدي اس ُم ُه أح َم ُد﴾‪ ،8‬ففي‬
‫هذه آلاية إشارة واضحة إلى العالقة بين إلاسالم واملسيحية‪ ،‬فعبارة‬
‫املواس ي بعدي (‪ )consolateur‬في الفرنسية‪ ،‬أما‬ ‫"الباراكليتس" في الانجيل تعني‪ِ :‬‬
‫محمدان" وتعني ألامجد وألاشهر‪ّ .‬إن عبارة "محمد"‬ ‫بالسريانية فتترجم بـ ـ " َّ‬
‫بالعربية تعني املحمود كثيرا‪ ،‬وهي ترجمة لكلمة "الباراكليتس" اتخذها محمد‬
‫في املدينة بعد أن ارتفع مقامه‪ ،9‬وهذا خالفا للتصور الشائع القائل بأن‬
‫نبي اسمه‬ ‫أبناءهن الذكور باسم "محمد" انتظارا لوالدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫كن ّ‬
‫يسمين‬ ‫النساء َّ‬
‫محمد من العرب‪.10‬‬
‫ألن أباه كان يدعى‬ ‫بأن اسم النبي في الفترة املكية هو " ُق َثم"‪ّ ،‬‬ ‫يرى "جعيط" ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫"أبا قثم"‪ ،11‬حيث يقول "جعيط"‪« :‬إن من أبناء عبد املطلب من اسمه قثم‬

‫‪145‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫توفي في الصغر وأن أباه كان يحبه كثيرا‪ .‬فمن املعقول أن نستنتج أن النبي‬
‫تلقب النبي بمحمد‬ ‫سمي على اسم عمه املفقود وهذا من عادات قريش‪ ،‬وملا َّ‬
‫َ‬
‫أو باألحرى ّلقبه الوحي بذلك‪َ ،‬س َّمى العباس ابنا له ُبقثم ألن لقب محمد نزع‬
‫الاسم ألاصلي عن الرسول‪ .‬هذا أيضا استنتاج مقبول (‪ )...‬وهكذا يكون اسم‬
‫تم انتقاده من طرف العديد من‬ ‫النبي أصال هو ُق َثم»‪ ،12‬ولكن هذا الرأي َّ‬
‫املفكرين إلاسالميين‪ ،‬إذ ذهبوا إلى أن ما قاله "جعيط" مجرد خرافة باطلة‬
‫شرعا وعقال وتاريخا‪ ،‬إضافة إلى أنه ال يستند إلى دليل عقلي ومنطقي يثبت‬
‫يصح عند العلماء املسلمين‪ ،‬ألنه‬ ‫به رأيه‪ ،‬كما أن استشهاده ب ـ "البالذري" ال ّ‬
‫أسند خبرا دون إسناد يمكن التحقق من صحته أو خطئه‪ .13‬ولكن على الرغم‬
‫من أن الحجج التي قدمها "جعيط" ليست كافية إلثبات فكرة لم يألفها‬
‫التاريخ إلاسالمي إال أنه ال يمكن ّاتهامه بمحاولة تزييف الحقيقة التاريخية‪،‬‬
‫ألنه ال يوجد من كان حاضرا وشاهدا على الحقيقة‪ ،‬كما ّأن ما نقلته لنا‬
‫إن كل الاحتماالت واردة ويمكن‬ ‫الكتب التراثية لم يكن معاصرا للنبي‪ ،‬ولهذا ف ّ‬
‫ألاخذ بها‪.‬‬
‫بما أن الجديد الذي جاء به "هشام جعيط" ال يتوقف عند اسم النبي‬ ‫ّ‬
‫بأن النبي محمد لم يولد قبل‬ ‫فإن "جعيط" يرى ّ‬ ‫بسنه كذلك ّ‬ ‫وإنما يتعلق ّ‬
‫سنة ‪581‬م أو حواليها أو بعدها‪ ،‬وذلك ألن هجمة أبرهة على العرب وقعت‬
‫صح أن البعثة كانت سنة‬ ‫سنة ‪545‬م حسب النقوش‪ ،‬باإلضافة إلى أنه لو َّ‬
‫البردي التي‬‫‪001‬م والهجرة إلى املدينة كانت سنة ‪066‬م حسب شهادة أوراق ُ‬
‫لدينا‪ ،14‬فمن املستحيل أن يكون محمدا قد ُبعث في سن ألاربعين من عمره‪،‬‬
‫بسن كهولة‪ ،‬كما ّأن‬‫ألن سن ألاربعين في ذلك الزمن هو سن شيخوخة وليس ّ‬
‫ََ َ‬
‫الرقم ‪ 41‬هو رقم سحري عند الساميين‪ ،15‬حيث جاء في القرآن‪﴿ :‬فقد ل ِبث ُت‬
‫َ ََ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِفيكم ُع ُم ًرا ِمن قب ِل ِه أفال تع ِقلون﴾‪ ،16‬فاملقصود بالعمر هنا كما يؤكد‬
‫فإن محمد ُبعث في الثالثين من‬ ‫"جعيط" هو الجيل‪ 17‬أي ثالثين سنة‪ ،‬ولهذا ّ‬

‫‪146‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫عمره أو قبلها‪ ،‬ولم يعش سوى خمسين سنة ونيف‪ ،‬ألنه أثناء الغزوات كان‬
‫شابا قويا‪.‬‬
‫ب‪/‬زواجه وخروجه للتجارة‪:‬‬
‫تؤكد جميع املصادر التراثية على أن محمد عاش حياة الفقر والهامشية‬
‫قبل زواجه من "خديجة بنت خويلد" (‪08‬ق ه‪550/‬م‪3-‬ق ه‪061/‬م)‪ ،‬وبعد‬
‫تتيسر حياته القاسية وشديدة املعاناة‪،‬‬ ‫أن أصبح أجيرا عند "خديجة" بدأت ّ‬
‫ً ََ‬
‫إذ يذكر القرآن‪َ ﴿ :‬و َو َج َد َك َعا ِئال فأغ َن َٰى﴾‪ ،18‬فعائل تعني فقير‪ ،‬ونظرا ألمانته‬
‫وأخالقه العالية طلبت منه الزواج وهي أرملة وصاحبة ثمان وعشرين عاما‬
‫وهو في الثالثة والعشرين من عمره‪ ،19‬وفي رواية أخرى هي في ألاربعين من‬
‫ويرجح "جعيط" الرواية ألاولى ألن‬ ‫ّ‬ ‫عمرها والنبي في الخامسة والعشرين‪،‬‬
‫خديجة فيما بعد أنجبت العديد من ألاوالد‪ ،‬ولو كانت في ألاربعين من عمرها‬
‫لكانت عجوزا وملا أمكنها ذلك‪ ،20‬ثم تغيب املعلومات حول تفاصيل حياة‬
‫خديجة مع النبي بعد زواجهما‪ ،21‬وكل ما يتم ذكره هو من فعل ألاسطورة‬
‫واملخيال الديني‪.‬‬
‫ّإن أهم مرحلة في زواج محمد من خديجة هي خروجه إلى التجارة وسفره‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫إلى الشام وربما إلى اليمن أيضا‪ ،‬وهنا تطرح مشكلة تأثره باملسيحية وألاديان‬
‫ّ‬
‫ألاخرى‪ ،‬ولكن النبي قبل سفره إلى الشام فقد تأثر في محيطه وبيئته‪ ،‬ب ـ ـ‬
‫ّ‬
‫"ورقة بن نوفل" (القرن ‪0‬م) ابن عم "خديجة" زوجة النبي‪ ،22‬وبالتالي تأثره‬
‫بأن القرآن أرقى بكثير من أن يكون تأثر‬ ‫باملسيحية‪ ،‬ولكن "جعيط" يرى ّ‬
‫بمسيحيي مكة في تلك الفترة‪ ،23‬إال ّأن ألاهم في هذا هو أن محمدا كان على‬
‫َ ُ َّ‬
‫ان ال ِذي‬ ‫علم باللغة ألاعجمية (السريانية مثال!!؟)‪ ،‬حيث جاء في القرآن‪ِ ﴿ :‬لس‬
‫ُيلح ُدو َن إ َليه َأع َجم ٌّي َو ََٰه َذا ل َس ٌ‬
‫ان َع َرِب ٌّي ُم ِب ٌين﴾‪24‬؛ أي كانت له اتصاالت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وحوارات مع ألاعاجم حول الدين الجديد‪ ،‬ومجادلتهم أيضا في أديانهم‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫ج‪/‬تهجير محمد‪:‬‬
‫إن الهجرة حدث كبير في التاريخ إلاسالمي‪ ،‬إذ قام التأريخ عليها عند‬
‫وتمت تسميته بها (التأريخ الهجري)‪ ،25‬ونظرا ألهمية الحدث فقد‬ ‫املسلمين ّ‬
‫طرح "هشام جعيط" إزاءه عدة مشكالت أهمها‪ :‬هل حصلت هجرة أم تهجير‬
‫وإخراج للنبي محمد من مكة‪26‬؟؛ أي هل هاجر محمد من مكة بمحض إرادته‬
‫تم إخراجه وتهجيره منها بالقوة؟‪ ،‬هنا "جعيط" ومن خالل تحليله ملا جاء‬ ‫أم ّ‬
‫في بعض آلايات املدنية التي تتحدث عن الهجرة‪ ،‬رأى بأن محمدا تم تهجيره‬
‫وإخراجه بالقوة والتهديد من مكة ولم يخرج منها بإرادته‪ ،‬عكس ما قالت به‬
‫خصوصا عند املؤرخين املسلمين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫القراءات السابقة للسيرة النبوية‬
‫ّإن الدالئل التي يقدمها القرآن حول تهجير محمد وأصحابه كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُّ ُ َّ ً‬ ‫﴿ َو َك َأ ّ‬
‫اص َر‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫اه‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ه‬‫أ‬ ‫ك‬‫ت‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ة‬‫و‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ة‬‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫ِ ِ‬ ‫ي‬
‫َ َ َ ُ َّ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ َ ُ َّ‬ ‫َ‬
‫ل ُهم﴾‪ِ ﴿ ،27‬إال تنصروه فقد نصره الله ِإذ أخرجه ال ِذين كفروا﴾ ‪،‬‬
‫‪28‬‬ ‫ُ‬
‫َ ُ َ َ ُ ُ ‪ُ ُ َ َ َ َّ َ ُ َّ ُ ُ َ َ َ َّ 29‬‬ ‫﴿ َو َأخر ُج ُ‬
‫ين قاتلوكم‬ ‫وهم ِمن حيث أخرجوكم﴾ ‪ِ ﴿ ،‬إنما ينهاكم الله ع ِن ال ِذ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ‪َ َ ُ ُ ُ َ َ َ َّ َ ُ ُ َ َ 30‬‬ ‫ّ ََ َ ُ ُ‬
‫الد ِين وأخرجوكم ِمن ِدي ِاركم﴾ ‪﴿ ،‬وِإذ يمكر ِبك ال ِذين كفروا ِليث ِبتوك أو‬ ‫ِفي ِ‬
‫ُ‬ ‫َيق ُت ُلوك أو ُيخر ُجوك﴾ ‪﴿ ،‬فالذين ه َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اج ُروا َوأخ ِر ُجوا ِمن ِد َيا ِر ِهم ﴾ ‪،‬‬
‫‪32‬‬
‫ِ‬
‫‪31‬‬

‫‪33‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ َ ِ َ َّ َ ُ‬


‫﴿ ِللفقر ِاء امله ِاج ِرين ال ِذين أخ ِرجوا ِمن ِديا ِر ِهم﴾ ؛ نالحظ من خالل آلايتين‬
‫ألاخيرتين أن مفهوم الهجرة مقرون بمفهوم إلاخراج‪ ،‬أي نفي وتهجير محمد‬
‫وجماعته التي آمنت به‪.‬‬
‫ّ‬
‫لقد ترتب عن تهجير محمد من مكة نتائج خطيرة جدا مادية ونفسية‪،‬‬
‫ُ‬
‫فمن بين النتائج املادية‪ :‬فراق بلده إثر طرده من أرض وطنه وفقدان أهله‬
‫وماله وأصدقائه وربما فقره أيضا‪ ،‬وهذا ألامر ليس بالنسبة ملحمد فقط بل‬
‫حتى أصحابه يعانون من هذا‪ ،‬فهم آلان الجئون في بالد أجنبية‪ ،‬أما النتائج‬
‫النفسية فهي أكثر خطورة‪ ،34‬وتتمثل خاصة في إحساس النبي بالفشل إلقناع‬

‫‪148‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫سادة قريش من أجل الدخول في الدين الجديد‪ ،‬وهو قلق نفس ي صعب‬
‫عاشه النبي في فترة حساسة جدا من تبليغ هذا الدين الجديد آنذاك‪.‬‬
‫ولكن هذا القلق وهذه املعاناة ستكون سببا رئيسا فيما بعد في نجاح‬
‫الدعوة املحمدية‪ ،‬ألنه على الرغم من هذا الطرد والتهجير ملحمد وأصحابه‪،‬‬
‫فإن إيمانه بالدين الجديد‪ ،‬وقوة إرادته من أجل الرجوع إلى بلده ودخول‬
‫سيعوضانه عن كل خسائره ومحنته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مكة مرة أخرى‪،‬‬
‫‪-2‬الوحي‪:‬‬
‫ّإن للوحي أهمية كبيرة في الدراسات العربية إلاسالمية بصفة عامة‬
‫وأهميته أيضا في قراءة السيرة النبوية بصفة خاصة‪ ،‬حيث يعرفه صاحب‬
‫الوحي‪ :‬إلاشارة والكتابة والرسالة وإلالهام والكالم الخفي‬ ‫"اللسان" بقوله‪ُ « :‬‬
‫وكل ما ألقيته إلى غيرك»‪ ،35‬والوحي‪" :‬ما أنزله هللا تعالى على أنبيائه عن طريق‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫الرؤيا الصادقة (‪ )...‬أو إلالهام‪ ،‬أو أصوات تبعث في أمكنة مختلفة‪ ،‬أو جبريل‬
‫الذي كان يتمثل ملحمد صلى هللا عليه وسلم على صورة رجل"‪ ،36‬وكلمة‬
‫"وحي" وردت مرات عديدة في القرآن من أجل وصف جوهر الخطاب القرآني‪،‬‬
‫املوجه من هللا إلى‬ ‫ّ‬ ‫وعالقة السيادة العليا (هللا) بالنبي محمد‪ ،‬إلى إلالهام‬
‫وح َٰى﴾‪ 37‬كما ورد في‬ ‫ألانبياء السابقين عليه‪ ،‬فالقرآن‪﴿ :‬إن ُه َو إ َّال َوح ٌي ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن للوحي عبارات ومفاهيم أخرى ترادفه هي‪ :‬التنزيل والكتاب‬ ‫القرآن‪ ،‬ولهذا ّ‬
‫والحكمة والذكر‪ .‬أما الوحي كلفظة إسالمية خالصة فتعني‪" :‬العملية التي ّ‬
‫تم‬
‫بها التبليغ إلى الرسول والتجربة الفريدة التي عاشها"‪.38‬‬
‫املبسطة ملفهوم "الوحي"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ينتقد "محمد أركون" النظرة ألارثوذوكسية‬
‫ِ‬
‫املنزل على محمد‪ ،‬فعندما يتم الاستشهاد‬ ‫فالوحي بالنسبة لهم هو كالم هللا َّ‬
‫بآية من القرآن دوما يبدأها قائال‪« :‬قال هللا تعالى» وينهي كالمه بـ ـ ـ‪« :‬صدق هللا‬
‫العظيم»‪ ،39‬فالوحي بالنسبة لهذه الفئة هو أمر بديهي ال يحتاج إلى بحث وال‬
‫ُ‬
‫إلى تساؤل وطرح مشكالت‪ ،‬ومن هنا تم إغالق الفضاء الذي فتح للتفكير في‬

‫‪149‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬
‫ُ‬
‫كالم هللا املوحى‪ ،‬وأدرج في مجال املستحيل التفكير فيه‪ .‬وليس ببعيد عن‬
‫موقف "محمد أركون" يرى "نصر حامد أبو زيد" أن العقل العربي قبل إلاسالم‬
‫ََ‬
‫تقبل فكرة نزول امللك من السماء‬ ‫إال َملا أمكنه ُّ‬ ‫ّ‬
‫كان على دراية بظاهرة الوحي‪،‬‬
‫ّ‬
‫بالجن‪،‬‬ ‫بأن العرب كانوا ّيتصلون‬ ‫على هيئة بشر مثله‪ ،‬ويستدل على أيه هذا ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫من خالل إدراكهم لظاهرتي الشعر والكهانة‪ .40‬في حين أن "الجابري" يرى‬
‫سهل‬ ‫مما ّ‬ ‫العكس‪ ،‬إذ يؤكد أن العرب في الجاهلية لم يعهدوا مفهوم الوحي‪ّ ،‬‬
‫على خصوم الدعوة املحمدية الدعاية ضدها وصرف الناس عنها‪ ،41‬لكن‬
‫"جعيط" له رأي آخر إذ يؤكد على أنه سواء َع َرف العرب في الجاهلية الوحي‬
‫يتعرفوا عليه‪ ،‬فإنه كان لهم والقرشيون بصفة خاصة مستوى عقالني‬ ‫أم لم ّ‬
‫بعيد عن السذاجة‪ ،‬وبهذا يمكن تفسير صعوبة الدعوة في هذا الوسط‬
‫املعقلن الرافض لكل أشكال الخرافة‪.42‬‬
‫وأن لكل شاعر‬ ‫يتميزون بصناعة الشعر منذ القديم‪ّ ،‬‬ ‫من املعلوم ّأن العرب َّ‬
‫تم رفض ما جاء به النبي من‬ ‫الجن‪ ،‬وبناء عليه فقد ّ‬ ‫تابعه أو شيطانه أو ّ‬
‫الوحي على أساس أنه من هللا‪ ،‬ووصفوه بأنه شاعر أو ساحر مجنون؛ أي أن‬
‫الجن‪ .‬ويرى "جعيط" أن تكرار وصف‬ ‫الوحي ليس من هللا بل من الشيطان أو ّ‬
‫النبي بالجنون هو تصديق لنبوته إلى حد ما‪ ،‬والجنون نقيض الافتراء؛ أي أن‬
‫والجن حسب ما ورد في‬ ‫ّ‬ ‫بكل وعي وعقالنية‪،43‬‬ ‫النبي هو من أبدع القرآن ّ‬
‫القرآن تمت أسلمتهم ألنهم سمعوا القرآن وفهموه ومنهم من آمن بالوحي‪:‬‬
‫فالجن لم‬ ‫ّ‬ ‫َ ََٰ ُ َ‬ ‫َ‬
‫الص ِال ُحون َو ِم َّنا ُدون ذ ِل َك ك َّنا ط َرا ِئ َق ِق َد ًدا﴾‪ ،44‬وهكذا‬‫﴿ َو َأ َّنا م َّنا َّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫يوحوا إلى محمد‪ ،‬والقرآن يشدد كثيرا على هذا‪ ،‬فيؤكد أن الوحي‪ِ ﴿ :‬إنه لقو ُل‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ص ِاح ُبكم ِب َمج ُنو ٍن (‪َ )...‬و َما ُه َو ِبقو ِل شيط ٍان َر ِج ٍيم﴾‪.45‬‬ ‫َر ُسو ٍل ك ِر ٍيم (‪ )...‬وما‬
‫ّإن الجنون الذي ُوصف به النبي من طرف قومه ال يعني الخبال أو غياب‬
‫جنا يسكنه هو الذي يملي عليه‬ ‫العقل كما نعرفه آلان‪ ،‬وإنما يعني ّأن له ًّ‬
‫وأن له عالقة بالقوى املاورائية الخفية‪ ،‬فمحمد لم يغب عنه عقله‬ ‫الوحي‪ّ ،‬‬

‫‪150‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫ألن القرآن الذي يقرؤه على قومه عقالني وحصيف إلى أبعد الحدود‪.46‬‬
‫َ‬
‫والجنون بمعنى اختالل في القوى العقلية لإلنسان ُيف ّسر بأنه مرض نفس ي أو‬
‫اضطراب يصيب إلانسان فيؤدي به إلى قول أمور ماورائية ال عالقة لها‬
‫بالواقع؛ كما الحال عند املتصوفة مثال‪ ،‬وفي الجنون يوجد رابط‪" :‬بين‬
‫الالعقل‪ ،‬باعتباره معنى أخير للجنون‪ ،‬وبين العقالنية باعتبارها شكال‬
‫لحقيقته"‪ ،47‬وهذا املعنى ال ينطبق على ألانبياء‪.‬‬
‫يرى "هشام جعيط" أن النبي كان قبل البعثة يبحث في اتجاهات عدة عن‬
‫يقدم "جعيط" قراءة جديدة للقرآن‬ ‫هداه إليها‪ ،48‬وهنا ّ‬‫ُ‬ ‫الحقيقة‪ّ ،‬‬
‫وأن هللا‬
‫مكنته من تحديد ّ‬ ‫ّ‬
‫تصور جديد حول ظاهرة‬ ‫كمصدر صحيح للسيرة النبوية‬
‫الوحي‪ ،‬حيث رفض قصة غار حراء الذي نزل فيه الوحي على النبي ألول مرة‬
‫السير عن عائشة‪" :‬كان أول ما بدئ به رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫كما تذكر َّ‬
‫ََ‬
‫وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة‪ ،‬فكان ال يرى رؤيا إال جاءت مثل فلق‬
‫فمكث على ذلك ما شاء هللا‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫وح ّب َب إليه الخلوة فلم يكن‬ ‫ُّ‬
‫الصبح‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫فيتزود ملثلها حتى َفجئه ُّ‬
‫الحق وهو‬ ‫ّ‬ ‫أحب إليه منها‪ ،‬وكان يخلو بغار حراء‬ ‫ش يء ُّ‬
‫في غار حراء"‪ .49‬فعلى الرغم من ّأن القرآن يشير إلى املحطات الكبرى من حياة‬
‫النبي‪ :‬صفته القرشية ُويتمه وفقره ثم غناه‪ ،‬تجلي امللك أو هللا ذاته له‬
‫ُ‬
‫والتكذيب واملعاناة والهجرة وبدر وأ ُحد واملنافقون والفتح‪ ،‬وغير ذلك‪" :‬إال أن‬
‫البتة إلى غار حراء وما جرى فيه حسب َّ‬
‫السير"‪.50‬‬ ‫القرآن ال يشير ّ‬
‫إن كتب السيرة التراثية تذكر لنا لحظتين لنزول الوحي على النبي‪ ،‬ألاولى‬
‫ََ‬
‫للملك في ألافق املبين‪ ،51‬وهذا حتى ال تتضارب‬ ‫رؤيا في غار حراء ثم رؤية ثانية‬
‫الرواية مع ما جاء في القرآن‪ ،‬وبالتحديد في سورتي النجم والتكوير‬
‫بالتفصيل‪ ،‬فيذكر "ابن اسحاق" الرؤيا في الغار نقال عن النبي إذ قال‪« :‬جاءني‬
‫وأنا نائم فقال‪ :‬اقرأ‪ ،‬فقلت‪ :‬وما أقرأ؟ حتى ظننت أنه املوت‪ ،‬ثم كشطه عني‬
‫فقال‪ :‬اقرأ‪ ،‬فقلت‪ :‬وما أقرأ؟ فعاد لي بمثل ذلك ثم قال‪ :‬اقرأ‪ ،‬فقلت‪ :‬وما‬

‫‪151‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫تنجيا أن يعود لي بمثل الذي صنع بي فقال‪﴿ :‬اق َرأ ِباس ِم‬ ‫أقرأ؟ وما أقولها إال ًّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّب َك َّالذي َخ َل َق ‪َ 0‬خ َل َق إلان َس َ‬
‫ان ِمن َعل ٍق ‪ 6‬اق َرأ َو َر ُّب َك ألاك َر ُم ‪ 3‬ال ِذي َعل َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫‪52‬‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ََّ‬ ‫ِ ََ‬
‫ِبالقل ِم ‪ 4‬علم ِإلانسان ما لم يعلم﴾ ثم انتهى فانصرف عني‪ ،‬وهببت فكأنما‬
‫صور في قلبي كتاب»‪53‬؛ فمن خالل استقراء النص يبدو واضحا ّأن محمدا ال‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫يرفض القراءة وإنما يتساءل َّ‬
‫عما سيقرأ أو ماذا يقرأ؟‪ ،54‬وهنا تطرح مسألة‬
‫أمية النبي‪.‬‬
‫ّإن لفظ "ألامية" الوارد في القرآن يتم تأويله من طرف املفسرين املسلمين‬
‫القدامى بأنه يعني الجهل بالقراءة والكتابة‪ ،‬حيث جاء في سورة ألاعراف‪:‬‬
‫َّ َ َ َّ ُ َ َّ ُ َ َّ َّ ُ‬
‫ألا ّم َّي َّالذي َيج ُد َون ُه َمك ُت ًوبا عن َد ُهم في َّ‬
‫التو َر ِاة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ال ِذين يت ِبعون الرسول الن ِبي‬
‫َّ ّ ُ ّ ّ ‪55‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َو ِإلان ِج ِيل (‪ )...‬ف ِآم ُنوا ِبالل ِه َو َر ُس ِول ِه الن ِب ِي ألا ِم ِي﴾ ‪ ،‬فكلمة "أمي" تعني نقيض‬
‫"أهل الكتاب" وال تعني الجهل‪ ،‬فالكلمة ليست عكس القادرين على الكتابة‪،‬‬
‫وإنما عكس من يعرفون الكتاب املقدس (العرب)‪ ، 56‬ويرى "جعيط" أنه من‬
‫أميون يجهلون القراءة والكتابة‪ ،‬ألنهم كانوا‬ ‫املستحيل أن يكون كل العرب ُّ‬
‫تجارا والكتابة كانت عندهم من شروط الرجل الكامل‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬ ‫قوما َّ‬
‫«"النبي ألامي" يعني النبي املبعوث من غير بني اسرائيل‪ ،‬وهو حدث استثنائي‬
‫في التقليد التوحيدي السامي (‪ )...‬ولكلمة "أمي" و"أميين" مقابل بالعبرية‪ ،‬وهي‬
‫"أمم ُعالم"‪ ،‬أي أمم العاملين من غير بني اسرائيل»‪ ،57‬ولكن "جعيط" يتردد في‬
‫يتيما خالفا‬ ‫تربى ً‬ ‫محمدا ال يعرف القراءة ألنه َّ‬ ‫ً‬ ‫رأيه هذا وال يستبعد أن يكون‬
‫ألبناء ألارستقراطية القرشية‪ ،‬كما ّأن القرآن لم يكن مكتوبا بل شفويا‬
‫يحفظه في قلبه‪ ،‬إذ يقول في تفسيره لآلية ألاولى من سورة العلق‪« :‬واملقصود‬
‫ََ‬ ‫َّ‬
‫في الحقيقة باآلية ﴿اق َرأ ِباس ِم َرِّب َك ال ِذي خل َق﴾‪ 58‬هو التبشير الشفوي بما‬
‫سيكون القرآن وتالوته على الغير وتبليغه‪ .‬فالقراءة ليست بقراءة نص مكتوب‬
‫وبتالوة في الخلوة‪ ،‬وإنما استخراج الوحي من القلب وقراءته بالصوت باسم‬
‫هللا‪ ،‬أي نيابة عن هللا»‪ ،59‬فالقرآن أتى من قلب الوحي والضمير‪ ،‬إال أن الرأي‬

‫‪152‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫الذي يرجحه "جعيط" أكثر هو أن النبي كان ُيحسن القراءة والكتابة نظرا‬
‫للزمن والوسط الذي عاش فيه‪ ،‬كما أنه كان يتمتع بالذكاء والنبوغ‬
‫والعبقرية‪ ،‬وهنا ينتقد بعض املستشرقين الذين ينسبون القرآن إلى النبي‪.60‬‬
‫وعودة إلى رفض "هشام جعيط" لقصة غار حراء‪ ،‬فهو يؤكد بأنها ُمختلقة‬
‫َ‬
‫ألن سورتي النجم والتكوير ترد فيهما لحظة‬ ‫من طرف ُك َّتاب السيرة القدامى‪ّ ،‬‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫النبي تنعت بـ ـ‬ ‫التجلي بكل دقة ووضوح‪ ،‬إذ ّأن‪" :‬الشخصية املاورائية التي رآها‬
‫ّ ُ‬ ‫َّ‬
‫يؤوله ك َّتاب‬ ‫«ذي القوة» و«شديد القوى»"‪ ،61‬علمه ثم َّلقنه الوحي‪ ،‬وهو ما‬
‫السيرة على أنه حدثان متتاليان‪ ،‬ولكنه في الحقيقة حدث واحد لنزول الوحي‬
‫على النبي محمد‪.‬‬
‫َإن سورة التكوير نزلت قبل سورة النجم حسب الترقيم التاريخي‬
‫الاستشراقي للسور القرآنية‪ ،‬والسورتان تعودان إلى الحدث نفسه‪ ،‬حيث جاء‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫في سورة التكوير ما يصف لحظة التجلي‪﴿ :‬إ َّن ُه لقو ُل َر ُسو ٍل ك ِر ٍيم ‪ِ 01‬ذي ق َّو ٍة‬
‫ََ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ص ِاح ُبكم ِب َمج ُنو ٍن ‪َ 66‬ولقد‬ ‫ِعن َد ِذي ال َعر ِش َم ِك ٍين ‪ُ 61‬مط ٍاع ث َّم أ ِم ٍين ‪ 60‬وما‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫األ ُفق املُبين ‪َ 63‬و َما ُه َو َع َلى ال َغيب ب َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ض ِن ٍين ‪َ 64‬و َما ُه َو ِبقو ِل شيط ٍان‬ ‫ِ ِ‬ ‫رآه ِب ِ ِ ِ‬
‫َر ِج ٍيم ‪62﴾65‬؛ فالوحي هو قول بالكالم وليس كتابا كما ذكر "ابن اسحاق" ‪،‬‬
‫‪63‬‬

‫املرسل وهو "الرسول الكريم" أي جبريل‪ ،‬ولكن جبريل كإسم‬ ‫وح َّدد لنا أيضا َ‬ ‫َ‬
‫واملرسل أيضا وهو هللا؛‬ ‫ِ‬ ‫ظهر في الفترة املدنية وليس في مكة وفي بداية الوحي‪،‬‬
‫إذ أن الوحي ليس من الشيطان بل هو من هللا وهو حقيقي وليس شعرا قاله‬
‫النبي‪ ،‬كما ّأن املقطع املهم في سورة التكوير‪ ،‬يشير إلى املكان الذي نزل فيه‬
‫فصله أكثر سورة‬ ‫ست ّ‬ ‫الوحي للمرة ألاولى على النبي‪ ،‬وهو ألافق املبين‪ ،‬الذي ُ‬
‫ألي إشارة إلى حراء‪.‬‬ ‫النجم عند نزولها فيما بعد‪ ،‬وبالتالي فال وجود ّ‬
‫وتوضح ما كان غامضا في سورة التكوير‪ ،‬إذ‬ ‫ّ‬ ‫ثم تأتي سورة النجم ّ‬
‫لتبين‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫جاء فيها‪َ ﴿ :‬و َّ‬
‫ص ِاح ُبكم َو َما غ َوى ‪َ 6‬و َما َين ِط ُق َع ِن‬ ‫النج ِم ِإذا َه َوى ‪ 0‬ما ضل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬
‫وحى ‪َ 4‬عل َم ُه ش ِد ُيد ال ُق َوى ‪ 5‬ذو ِم َّر ٍة فاس َت َوى ‪َ 0‬و ُه َو‬ ‫ال َه َوى ‪ 3‬إن ُه َو إ َّال َوح ٌي ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪153‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ َّ‬ ‫ُُ َ َ‬
‫اب قو َسي ِن أو أدنى ‪ 1‬فأو َحى ِإلى َعب ِد ِه‬ ‫ِباألف ِق ألاعلى ‪ 5‬ث َّم َدنا ف َت َدلى ‪ 8‬فكان ق‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َما أو َحى ‪َ 01‬ما كذ َب ال ُفؤ ُاد َما َرأى ‪ 00‬أف ُت َم ُارون ُه َعلى َما َي َرى ‪َ 06‬ولقد َر ُآه‬
‫ّ َ‬
‫السد َرة‬ ‫ى‬ ‫ش‬
‫َ َ‬
‫غ‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫‪05‬‬ ‫ى‬ ‫و‬‫َن َزل ًة ُأخ َرى ‪ 03‬عن َد سد َرة املُن َت َهى ‪ 04‬عن َد َها َج َّن ُة املَأ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ َ َ َُ ََ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬ ‫َما يغش ى ‪ 00‬ما زاغ البصر وما طغى ‪ 05‬لقد رأى ِمن آي ِ‬
‫‪64‬‬
‫ات رِب ِه الكبرى ‪، ﴾08‬‬
‫ّ‬
‫وهنا يؤكد "هشام جعيط" ّأن النبي رأى لحظة التجلي بالبصر وليس عن‬
‫طريق الرؤيا في املنام‪ ،‬إذ كان في كامل قواه العقلية وليس في الخيال‪.65‬‬
‫ّ‬
‫ّإن الفترة ألاولى للتجلي وانطالق الوحي كما توضحه لنا سورتي التكوير‬
‫والنجم‪ ،‬مليئة بالغموض‪ ،‬إذ ّأن املفسرين أنفسهم احتاروا في كيفية تفسير‬
‫الضمائر الكثيرة الواردة في بعض آلايات وعلى من تعود‪ ،‬فاهلل أوحى إلى محمد‬
‫يحدثه مباشرة‪ ،‬ويرى "جعيط" بأنه من املستحيل أن‬ ‫عن طريق جبريل ولم ّ‬
‫ّ‬
‫يكون النبي قد اتصل باهلل مباشرة‪ ،‬وإنما عن طريق َج ْب َر‪-‬إيل؛ أي قوى هللا‬
‫بالعبرية‪ ،‬ولذا يصفه القرآن ب ـ ـ «ذي القوة» و«شديد القوة»‪ ،66‬كما ّأن النبي‬
‫ّ‬
‫لحظة التجلي كان في حالة نفسية هادئة ولم يتصارع قد مع الشخص‬
‫تدل عليه آلايات التي تكشف لنا‬ ‫املاورائي الذي أنزل عليه الوحي‪ ،‬وهذا ما ُّ‬
‫عن لحظة نزول الوحي‪ .‬وعند الاسترسال في قراءة سورة النجم‪ ،‬هناك مسألة‬
‫ُ‬
‫تطرح علينا وبإلحاح‪ ،‬هي مشكلة "آلايات الشيطانية" التي نزلت ضمن هاته‬
‫السورة‪ ،‬وقصة آلايات الشيطانية كما يسميها املستشرقون‪ ،‬أو قصة‬
‫الغرانيق معناها ّأن‪" :‬الشيطان‪ ،‬حسب التقليد‪ ،‬ألقى على لسان النبي آيتين‬
‫ف ي مدح آلهة قريش أو أن النبي‪ ،‬حسب الاستشراق‪ ،‬عن دبلوماسية وإعراضا‬
‫يتقرب من قريش‪ .‬وحصل فيما بعد فسخ‬ ‫عن أفكاره في التوحيد‪ ،‬أراد أن ّ‬
‫لهذه آلايات ورجوع إلى التوحيد الصارم"‪ّ .67‬إن هذه القصة تذكرها املصادر‬
‫التراثية‪ ،68‬ولكن "هشام جعيط" يرفضها خالفا للمستشرقين‪ 69‬الذين‬
‫ُ‬
‫واحتفوا بها‪.‬‬ ‫صدقوها‬ ‫ّ‬

‫‪154‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اشتد إعراض وعداوة القوم للنبي محمد‪ ،‬نزلت سورة النجم‪ ،‬وتالها‬ ‫ملا‬
‫َّ‬ ‫ََ َ‬
‫عليهم وهم مجتمعين إلى أن وصل إلى آلايتين‪﴿ :‬أف َرأي ُت ُم الال َت َوال ُع َّزى ‪01‬‬
‫َ َّ َ َ ُ‬
‫َو َم َناة الث ِالثة ألاخ َرى ‪ ،70﴾61‬وفي املصحف الذي بين أيدينا يتم إكمال النص‬
‫َ ُ ُ َّ َ َ ُ‬
‫الذك ُر َول ُه ألان َثى ‪ِ 60‬تل َك ِإ ًذا ِقس َم ٌة ِض َيزى‬ ‫القرآني على هذا النحو‪﴿ :‬لكم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪ 71﴾66‬إلى آخر السورة‪ ،‬أما قصة الغرانيق فتحدثنا عن أن النبي ملا وصل‬
‫َ َّ َ َ ُ‬
‫إلى‪َ ...﴿ :‬و َم َناة الث ِالثة ألاخ َرى﴾ ألقى الشيطان على لسانه آيتين هما‪« :‬تلك‬
‫رجى» بدل آلاية ‪ ،60‬وواصل إلى نهاية السورة‬ ‫فاع َت ُه َّن ُلت َ‬
‫وإن َش َ‬ ‫العال‪َّ ،‬‬
‫الغرانيق ُ‬
‫فسجد النبي وسجدت معه قريش‪ ،72‬إال أنه بعد نزول جبريل على النبي‬
‫واشتد غضبهم وعدوانهم عليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتصحيحه لآليات‪ ،‬انقلب القرشيون عليه‬
‫سب آلهتهم‪ ،‬وهنا هاجر أتباع النبي إلى املدينة‪.‬‬ ‫ألنه َّ‬
‫َ‬
‫ّإن املفسرين حين يوردون هذه القصة يستدلون عليها باآلية‪َ ﴿ :‬و َما أر َسل َنا‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ُ ُ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ان ِفي أم ِن َّي ِت ِه ف َين َس ُخ الل ُه‬ ‫ِمن قب ِل َك ِمن َر ُسو ٍل َوال ن ِب ّ ٍي ِإال ِإذا ت َم َّنى ألقى الشيط‬
‫يم َح ِك ٌ‬ ‫الل ُه َع ِل ٌ‬‫َّ َ ُ ُ َّ ُ ُ َّ ُ َ َ َّ‬
‫يم﴾‪ ،73‬كما يستشهد‬ ‫َما ُيل ِقي الشيطان ثم يح ِكم الله آيا ِت ِه و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بآيات أخرى هي‪َ ﴿ :‬وِإن ك ُادوا ل َيف ِت ُنون َك َع ِن ال ِذي أو َحي َنا ِإلي َك ِل َتفت ِر َي َعلي َنا‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ ً َ َّ َ ُ َ َ ً‬
‫اك لقد ِكد َت ترك ُن ِإلي ِهم شي ًئا‬ ‫وك خ ِليال ‪ 53‬ولوال أن ثبتن‬ ‫غيره وِإذا التخذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات ث َّم ال ت ِج ُد ل َك َعلي َنا‬
‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ً َََ َ َ‬ ‫َ ً‬
‫ق ِليال ‪ِ 54‬إذا ألذقناك ِضعف الح َي ِاة و ِضعف املم ِ‬
‫َ‬
‫ن ِص ًيرا ‪.74﴾55‬‬
‫ُ‬
‫تؤيد القصة كثيرا‬ ‫ستشهد بها ّ‬ ‫َ‬ ‫يرى "جعيط" أنه على الرغم من ّأن آلايات امل‬
‫وتجعلها تبدو منطقية في ظاهرها‪ ،‬إال ّأن إخضاعها للنقد التاريخي الحصيف‬
‫يجعلها غير مقبولة في خطوطها العريضة كما في تفاصيلها‪ ،‬ويورد مجموعة‬
‫من الحجج التي يبرهن بها عن رأيه هي‪:‬‬
‫َّ ُ‬ ‫العال‪َّ ،‬‬ ‫‪ ‬آلايتان املنحولتان‪« :‬تلك الغرانيق ُ‬
‫شفاعتهن لترجى» أسلوبهما‬ ‫وإن‬
‫ركيك‪ ،‬ومن املستحيل أن يكون القرآن عاجزا عن وصف آلالهة بنوع من‬

‫‪155‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫وأن لفظة الشفاعة ليس لها معنى ألناس ال يؤمنون‬ ‫أنواع الطيور (الغرانيق)‪ّ ،‬‬
‫بالحساب‪.‬‬
‫املفسرون كشاهد على الرواية‪ ،‬هي آية مدنية وتشير‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬آلاية التي يعتمد عليها‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫بوضوح إلى املنافقين واليهود وليس إلى القرشيين‪ ،‬كما أن آلايات املستشهد‬
‫بها تريد عرض فكرة غواية الشيطان للنبي‪ُ ،‬لت َب ّين ّأن الشك قد يعتري حتى‬
‫النفوس الكبيرة‪.‬‬
‫‪ ‬يرفض "جعيط" أن يكون القرشيون قد سجدوا مع النبي بعد تالوة سورة‬
‫ألن سورة النجم لم تنزل دفعة واحدة‪ ،‬بل هي مركبة من‬ ‫النجم عليهم‪ ،‬وذلك ّ‬
‫مجموعة مقاطع‪ً ،75‬‬
‫تبعا للوزن والقافية واملوضوع‪.‬‬
‫‪ّ ‬إن أهم برهان على عدم صحة قصة الغرانيق هو التناقضات املوجودة بين‬
‫الروايات‪ ،‬حول سبب تهجير محمد من مكة ووقوع الفتنة ألاولى‪ ،‬فما تذكره‬
‫السيرة ش يء‪ ،‬وما نجده في رسالة عروة بن الزبير إلى عبد امللك ش يء آخر‪.76‬‬
‫‪ّ ‬إن سورة النجم هي السبب في النزاع مع أهل قريش ألنها ُ‬
‫تس ُّب آلهتهم بصفة‬
‫واضحة‪ ،‬كما ّأن السورتين اللتين نزلتا بعدها يؤكدان القطيعة مع دين‬
‫قريش نهائيا‪ 77‬وهما سورتا إلاخالص والكافرون‪.‬‬
‫فإن "جعيط" يرفض قصة الغرانيق أو آلايات الشيطانية بالحجة‬ ‫وهكذا ّ‬
‫املنطقية والبرهان العقلي املقنع‪.‬‬
‫َو َر َد في القرآن ّأن الوحي ثالثة مستويات حددتها آلاية القرآنية على النحو‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ّ َ ُ َّ ُ َّ َ ً َ‬
‫اب أو ُير ِس َل‬‫التالي‪﴿ :‬وما كان ِلبش ٍر أن يك ِلمه الله ِإال وحيا أو ِمن ور ِاء ِحج ٍ‬
‫َ‬
‫وح َي ِب ِإذ ِن ِه َما َيش ُاء﴾‪ 78‬هي‪:‬‬ ‫ُ ً َُ‬
‫َرسوال في ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫‪-0‬الوحي (إلالهام)‪ :‬سواء تعلق ألامر بالجماد‪َ ﴿ :‬وأو َحى ِفي ك ِ ّل َس َم ٍاء أم َر َها﴾‪،79‬‬
‫َّ‬ ‫َ َ َ َ ُّ َ َ َّ َ‬
‫النح ِل أ ِن َّات ِخ ِذي ِم َن ال ِج َب ِال ُب ُي ًوتا َو ِم َن الش َج ِر‬ ‫أو بالحيوان‪﴿ :‬وأوحى ربك ِإلى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َوم َّما َيعر ُشو َن﴾‪ ،80‬أو باإلنسان‪َ ﴿ :‬وأو َحي َنا إلى أ ّم ُم َ‬
‫وس ى أن أر ِض ِع ِيه﴾‪.81‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪156‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬
‫َ َ َّ َ َّ ُ ُ َ َ‬
‫وس ى تك ِل ًيما﴾‪ ،82‬وهذا النوع عرفه‬ ‫‪-6‬الكالم من وراء حجاب‪﴿ :‬وكلم الله م‬
‫اليهود وعرب ما قبل إلاسالم‪ ،‬ويدخل في إطار السحر والكهانة والعرافة‪.83‬‬
‫‪-3‬عن طريق جبريل‪ :‬الذي ينقل كالم هللا إلى النبي‪ ،84‬وحتى جبريل كان يأتي‬
‫للنبي على أشكال مختلفة‪ ،‬كما تذكر لنا املصادر التراثية‪ ،‬ومن بين هاته‬
‫ألاشكال الرؤيا في املنام‪ ،‬وبالنسبة للنبي محمد فهي رؤيا صادقة؛ أي "املعبرة‬
‫الرؤ َيا‬‫الل ُه َر ُس َول ُه ُّ‬
‫‪َّ َ َ َ َ َ 85‬‬
‫عن الواقع والحقيقة بدون تزييف وترميز" ﴿لقد صدق‬
‫عبر عنه القرآن بـ ـ ـ‪:‬‬ ‫بال َح ّق﴾‪ ،86‬وترد الرؤيا كمقابل للمنام العادي أو ما ّ‬
‫ِ ِ‬
‫‪87‬‬ ‫َ َ ُ َ َ‬
‫﴿أضغاث أحال ٍم﴾ ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املرحلة املدنية‪ ،‬أو الانتصار السياس ي للنبي‪:‬‬
‫‪-1‬استقبال محمد في املدينة‪:‬‬
‫عد املنعطف املديني ودخول محمد إلى املدينة بعد تهجيره من مكة بلده‬ ‫ُي ّ‬
‫سي ِقيم فيها‬ ‫ألاصلي‪ ،‬مرحلة هامة وحاسمة في تاريخ الدين الجديد‪ ،‬حيث ُ‬
‫نمو الدين‬ ‫النبي على مدى عشر سنوات إلى غاية وفاته‪ ،‬وفيها َس َيك َتمل ّ‬
‫ِ‬
‫الجديد ويمتد إلى غرب الجزيرة العربية‪ ،‬فهذا النجاح الباهر انطلق من هنا؛‬
‫من املدينة‪ ،‬إذ حدث انقالب تام لألمور‪ ،‬وفشل مكة تحول إلى نجاح‪.‬‬
‫لقد ورد اسم "املدينة" في القرآن أربعة عشر مرة‪ ،88‬وتسمية "قرية"‬
‫مذكورة في القرآن أكثر من كلمة املدينة‪ ،89‬وهي تدل أيضا على مفهوم‬
‫فإن "هشام جعيط" يذهب إلى ّأن املدينة كانت تعني‪" :‬املركز‪،‬‬ ‫املدينة‪ ،‬ولهذا ّ‬
‫هناك حيث أقام النبي‪ ،‬وحيث أقام مسجده‪ ،‬مكانا للصالة واملناقشات‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫والقرارات (‪ )...‬ما كان ُمحاطا باألسوار والقلع"‪90‬؛ وسواء كانت تدعى املدينة أو‬
‫تدل على مكان إقامة النبي واملهاجرين معه من مكة‪.‬‬ ‫يثرب‪ ،‬فهي ّ‬
‫تتميز املدينة عن مكة في كل ش يء تقريبا‪ ،‬فمكة ذات رقعة صغيرة غير‬ ‫ّ‬
‫صالحة للزرع وجافة موحدة دينيا وغنية جدا‪ ،‬لها العديد من املراكز‬
‫السياسة والدينية‪ :‬الكعبة ودار الندوة ونوادي العشائر وغيرها‪ ،‬أما املدينة‬

‫‪157‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫فعلى العكس تماما‪ ،‬فهي عبارة عن واحة رقعتها كبيرة جدا تفيض باملاء‬
‫وغنية باملحاصيل الزراعية‪ ،‬ولكنها أقل غنى من مكة‪ ،‬فيها العديد من‬
‫الجماعات الدينية إال أنها تفتقد للمراكز السياسية والدينية‪ ،91‬وبهذه‬
‫الطريقة كانت الحياة الاقتصادية في املدينة تعتمد على الزراعة فقط‪.92‬‬
‫لقد كانت املدينة مكونة من ثالث مجموعات كبرى هي‪ :‬ألاوس‪ ،‬والخزرج‪،‬‬
‫واليهود‪ ،‬املجموعتين ألاولى والثانية كانتا وثنيتين وذات أصل وهوية عربية‬
‫خالصة‪ ،‬أما اليهود فيتبعون الدين اليهودي القائم على التوحيد وأصلهم غير‬
‫عربي‪ ،‬فأهل املدينة كانوا مفككين منذ وقعة ُبعاث‪ ،‬ألن القبيلتين الكبيرتين‬
‫ألاوس والخزرج كانتا على خالف دائم‪ ،‬وبما ّأن الخزرج كانوا أكثر عددا ّ‬
‫فإن‬
‫ألاوس استنجدوا باليهود وربحوا املعركة‪.‬‬
‫في هذه الظروف الاقتصادية العادية والاجتماعية املمزقة‪/‬الهادئة‪ّ ،‬‬
‫تم‬
‫استقبال محمد وأتباعه في املدينة‪ ،‬حيث يقول "جعيط"‪« :‬إن شئنا فهم عمل‬
‫ّ‬
‫محمد‪ ،‬ينبغي أال ننس ى ّأن املدينة كانت فيما يختص بالعرب‪ ،‬قابلة ألن‬
‫تتوحد؛ لكنها ظلت متنافرة بيهودها‪ ،‬كما كانت مطبوعة بخمسين سنة من‬ ‫ّ‬
‫أعمال العنف والنزاعات»‪93‬؛ أي ّأن محمد هو من سيقوم بالتأليف بين‬
‫الفرقة والحروب املتوالية‪ ،94‬حتى‬ ‫دمرتهم ُ‬ ‫قلوب وعقول أهل املدينة الذين ّ‬
‫يؤمن أهل املدينة بدين محمد الجديد‪ ،‬وفي هذا قال "جعيط"‪َّ « :‬إن محمدا‬
‫لكن هذا‬‫جوا من التسالم‪َّ ،‬‬ ‫عي إلى إلاقامة في يثرب لكي ُيشيع بين الجماعات ًّ‬ ‫ُد ّ‬
‫ثم بالرابط‬ ‫ممكنا من دون الترحيب بمطلب إلايمان وبرسالته‪ ،‬ومن ّ‬ ‫ً‬ ‫ليس‬
‫ّ‬ ‫‪95‬‬ ‫ُ‬
‫الديني‪ ،‬من جانب أولئك الباحثين عن دعاة للوئام» ‪ ،‬ومن هنا فإن محمدا‬
‫كان بمثابة املحافظ أو الحاكم الوسيط بين أهل املدينة‪ ،‬بهدف إرساء السلم‬
‫وألامن‪ .‬وهنا تحديدا يخالف "هشام جعيط" الكثير من قراءات السيرة النبوية‬
‫حبا فيه وإنما ألنهم‬ ‫السابقة تبين لنا ّأن أهل املدينة لم يدخلوا في إلاسالم ًّ‬
‫وجدوا في محمد الشخص الذي يساعدهم على تحقيق السلم بينهم‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫وهكذا نالحظ بداية التطور التدريجي للدين الجديد‪ ،‬من خالل ربطه‬
‫بالسياس ي‪ ،‬حيث يصبح للنبي عملين‪ ،‬ألاول هو تبليغ الرسالة‪ ،‬والعمل الثاني‬
‫له عالقة بمحمد البشر‪ 96‬وهو محاولة إنشاء دولة يقودها محمد وفق نظام‬
‫سيفرضه على أتباعه من املؤمنين‪.‬‬
‫‪-2‬دستور املدينة (الصحيفة)‪:‬‬
‫ّ‬
‫تمثل "صحيفة املدينة" ّأول عمل سياس ي رسمي للنبي محمد في يثرب‪،‬‬
‫حيث قامت على إرساء مفاهيم حقوقية جديدة ذات أهمية كبيرة‪ ،‬وهذا من‬
‫أجل تنظيم ألامة إلاسالمية الناشئة حديثا‪ ،‬وكذا تنظيم عالقتها مع اليهود‬
‫الذين يخالفونها في الدين‪ ،‬ومن بقي من عرب ألاوس غير املؤمنين بالدين‬
‫الجديد‪ ،‬حيث يقسمها "هشام جعيط" إلى قسمين كبيرين‪ ،97‬وفي هذا ينتقد‬
‫بأن النبي جعل‬‫"منتغمري وات" الذي فهم عبا ة "أمة مع املؤمنين" أنها تعني ّ‬
‫ر‬
‫اليهود أمة واحدة بالتشارك مع املسلمين‪ ،‬إال أن ألاصح هو ّأن اليهود بدينهم‬
‫ّ‬
‫يشكلون أمه مماثلة ألمة املؤمنين‪.98‬‬
‫ّ‬
‫ّإن أهمية الصحيفة باعتبارها دستورا منظما للمدينة‪ ،‬استطاعت تغير‬
‫غيرت العديد من املفاهيم‪،‬‬ ‫العديد من ألامور ّ‬
‫السيئة السائدة في املدينة‪ ،‬كما ّ‬
‫تم إلغاء كل الثارات التي تتصل باملعارك السابقة‬ ‫مثل مفهوم الثأر‪ ،‬حيث ّ‬
‫بين ألاوس والخزرج‪ ،‬إذ أصبحوا أمة واحدة بفضل الدين الجديد‪ ،‬فال يمكن‬
‫ملؤمن أن يثأر لرجل بقيت عشيرته على الكفر‪ ،99‬وهذا من أجل ضمان ألامن‬
‫الجماعي لألمة الجديدة‪.‬‬
‫يهتم القسم ألاول من الصحيفة بتعريف مفهوم ألامة وهي فكرة أساسية‬
‫جدا‪ ،‬وكلمة "أمة" ترد في العديد من آلايات القرآنية بمعاني مختلفة‪،100‬‬
‫وتعني هذه اللفظة‪ :‬مجموعة من ألافراد‪ ،‬يشعرون أنهم متحدين تربطهم‬
‫معا‪ ،101‬يربط بين‬ ‫صالت مادية ومعنوية وتجمع بينهم الرغبة في العيش ً‬
‫أفرادها إما الجنس‪ ،‬أو اللغة والدين والتاريخ واملصالح املشتركة‪ ،‬أما لفظ‬

‫‪159‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫عبر عن ذلك الكيان‬ ‫"ألامة" باملعنى الذي تحمله وثيقة صحيفة املدينة فهي ُت ّ‬
‫الاجتماعي السياس ي القائم على وحدة الدين (املؤمنون) مقابل ألامم ألاخرى‪:‬‬
‫يدل على التجمعات املتراصة‬ ‫اليهود واملشركين من العرب؛ أي أنه لفظ ّ‬
‫بالرباط الديني‪.102‬‬
‫فإن النبي أعلن أمة جديدة وسط ألامم القائمة آنذاك‪ ،‬أمة‬ ‫ومن هنا ّ‬
‫عربية مؤمنة بالدين إلاسالمي وقائدها نبي عربي‪ ،‬ولكن ليس بتلك السهولة‬
‫ألن محمدا في بداية هجرته إلى املدينة القى‬ ‫التي ُتصورها لنا املصادر التراثية‪ّ ،‬‬
‫صعوبات كبيرة إلقناع أهلها برسالته‪ ،‬كما أنه بداية ألامر لم يتبعه إال نفر‬
‫قليل جدا‪ ،‬في حين وجد معارضة من طرف القبائل واليهود‪ ،‬مما اضطر‬
‫محمد إلى تنظيم العالقات مع املعارضين وخاصة اليهود (الطائفة اليهودية)‬
‫في القسم ألاول من صحيفة املدينة‪ ،‬فهو يعترف بوجودهم ًّ‬
‫دينيا وهو ما‬
‫توضحه املواد ‪ 30-64‬من الصحيفة‪.103‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أما القسم الثاني من الصحيفة فكتب بين معركتي بدر وأحد‪ ،‬أثناء بداية‬
‫التعمق السياس ي لعمل النبي‪ ،‬حيث يتحدث عن ضرورة دفع النفقات من‬
‫طرف اليهود‪ ،‬كما يدعوهم إلى ضرورة الدفاع عن املدينة مثل املؤمنين‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬
‫تخص كل‬ ‫الحرب هنا سياسية وليست لها عالقة بالدين الجديد فقط‪ ،‬فهي‬
‫أهل املدينة على اختالف طوائفهم‪.‬‬
‫‪-3‬العمل السياس ي ملحمد ونجاح الدين الجديد‪:‬‬
‫يواصل "هشام جعيط" تحليله للمرحلة املدنية من عمر السيرة النبوية‪،‬‬
‫تحوال في موقفه من الكتب التراثية التي أصبح يعتبرها‬ ‫حيث الحظنا ّ‬
‫صحيحة‪ ،‬حيث يقول‪« :‬هنا أيضا تأتي املصادر ملساعدتي‪ ،‬ليس بتأويالتها‪ ،‬بل‬
‫بمعلوماتها الخام‪ ،‬وهي صحيحة‪ ،‬يجب البدء بعرضها للوقائع‪ ،‬املقرون‬
‫بشروحاتها»‪104‬؛ أي ّأن "جعيط" على الرغم من تحليله الجيد للمصادر‪،‬‬
‫واعتماده املباشر على القرآن‪ ،‬فهو ال يطرح تلك ألاسئلة الكبرى فيما يخص‬

‫‪160‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫العمل الحربي للنبي‪ ،‬إلى غاية انتصار الدين الجديد‪ ،‬ألن السرد التاريخي ال‬
‫يهمنا أبدا‪ ،‬ولهذا سنتحدث فقط على ألامور الهامة‪ ،‬والخطوط الكبرى التي‬
‫جاء فيها "جعيط" بآراء وتحليالت جديدة فيما يخص هاته املرحلة‪.‬‬
‫ّإن التطور السياس ي للنبي بدأ منذ العام الثاني للهجرة إلى املدينة‪ ،‬وتعميق‬
‫تم تغيير ِقبلة الصالة من القدس إلى الكعبة‪،‬‬ ‫الدين الجديد أيضا‪ ،‬حيث َّ‬
‫وهذا حدث عميق جدا‪ ،‬إذ يعلن عن امتداد الدين الجديد إلى إلابراهيمية‪،‬‬
‫ألنه يعترف بدين اليهود ونبوة موس ى‪ ،‬ولكن اليهود استمروا على عنادهم ولم‬
‫ّ‬
‫الترغيبية إزاءهم‪.105‬‬ ‫يعترفوا بنبوته وال بدينه‪ ،‬على الرغم من كل املحاوالت‬
‫وبما ّأن الدين الجديد أعلن عن تغيير القبلة إلى الكعبة‪ ،‬فهو إعالن عن‬
‫املطالبة بالبيت املوجود عند أهل مكة‪ ،‬وهنا بداية الحرب مع قريش من أجل‬
‫استعادة املكان املقدس‪ ،‬وبعد أكثر من عشر سنوات من الدعوة بالكلمة‪،106‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تحول إلى الدعوة بالعنف والحرب‪ ،‬وأول واقعة هي بدر باعتبارها حادثا‬
‫حاسما في تاريخ الدين إلاسالمي‪ ،‬وهذا بعد أن قام هو وأتباعه بسلب‬ ‫ً‬
‫القوافل املكية القادمة من الشام‪ ،‬من أجل قطع خطوط تجارة قريش‪ ،‬وهي‬
‫خطة منهجية من طرف محمد‪ ،‬وكانت السبب في غزوة بدر‪ ،‬التي يخصص‬
‫لها القرآن سورة كاملة‪ ،107‬حيث أطاح فيها محمد بكبار قريش‪ ،108‬كما نال‬
‫غنيمة كبرى كذلك‪.‬‬
‫هنا بالضبط ينتقد "جعيط" املصادر التراثية‪ ،‬ويصف ّأن ما تنقله مبالغ‬
‫تمجد الروايات بعض ألابطال املسلمين سواء في‬ ‫فيه جدا‪ ،‬حيث قال‪ّ « :‬‬
‫صفوف املهاجرين أو في عداد ألانصار (‪ ،)...‬هذه أسطرة خالصة ذات تأثيرات‬
‫علي منذ العصر العباس ي‪.‬‬‫فعالة في العقول لجهة ما قيل عن ّ‬ ‫صارت حقيقية‪ّ ،‬‬
‫ذلك ّأن ابن اسحاق رغب في إرضاء صريح للخلفاء العباسيين»‪.109‬‬
‫بعد بدر حاول محمد الاستفادة من هالة النصر على القرشيين‪ّ ،‬‬
‫فتم أوال‬
‫تم إعدام العديد من‬ ‫اخراج "بني َق ُينقاع" من املدينة‪ ،110‬وفي آلان نفسه ّ‬

‫‪161‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫تم إعدام "كعب بن ألاشرف" (ت ‪064‬م) من‬ ‫العناصر املؤيدة لليهود‪ ،‬حيث ّ‬
‫قبيلة بني النضير اليهودية‪ ،‬ألنه قام برثاء السادة القرشيين الذين ماتوا في‬
‫ُ‬
‫بدر‪ ،‬وكذلك أعدمت "العصماء بنت مروان" (ت ‪064‬م)؛ بسبب القصيدة‬
‫التي َهجت بها النبي‪ ،‬وأيضا بسبب منع عشيرتها من اعتناق إلاسالم نظرا‬
‫لسلطتها العالية عليها‪.‬‬
‫قاسيا جدا على محمد‪ ،‬حيث أنفقت ماال وفيرا‬ ‫ًّ‬ ‫لقد كان رد القرشيين‬
‫ُ‬
‫على حملة الثأر ملن قتل ببدر‪ ،‬فألحقوا بالنبي خسارة كبيرة جدا في غزوة‬
‫أحد‪ ،‬ولوال الصدفة ملات محمد وكل تابعيه‪ ،‬ويرى "جعيط" أن الحرب كانت‬
‫ستنتهي بهذه الطريقة حتى ولو بقي الجنود في أماكنهم‪ 111‬حيث أمرهم النبي‪،‬‬
‫ألن القوى غير متكافئة من البداية‪ ،‬إضافة إلى أن أهل املدينة ليسوا‬
‫موحدين خلف النبي كما الحال بالنسبة لقريش‪ ،‬كما ّأن هدفهم هو الغنائم‬ ‫ّ‬
‫وليس العمل الحربي لكن رغم هذه الهزيمة إال ّأن النبي واصل حروبه ضد‬
‫ويتعمق أكثر‪ ،‬وبفضل الحماس‬ ‫ّ‬ ‫قريش وفي الوقت نفسه ّ‬
‫يتطور الدين الجديد‬
‫الديني ألصحاب النبي استطاع النجاح دينيا وسياسيا‪ ،‬وفرض نفسه ودينه‬
‫في كامل الجزيرة العربية‪.‬‬
‫قدمها "هشام جعيط" للسيرة النبوية جعلته ّ‬
‫يتعرض‬ ‫ّإن هذه القراءة التي ّ‬
‫ألن قراءته الجديدة ال تتفق‬ ‫للنقد من طرف أتباع التيار السلفي إلاسالمي‪ّ ،‬‬
‫مع ما جاء في الكتب التراثية القديمة‪ ،‬إضافة إلى انتقاده من طرف بعض‬
‫ّ‬
‫املستشرقين مثل "جاكلين شابي" ‪ )0143( Jacqueline Chabbi‬التي أكدت أنه‬
‫من املستحيل كتابة سيرة تاريخية للنبي محمد‪ ،‬ألن املوارد املادية قليلة‪ ،‬وفي‬
‫شك كبير في املصادر التاريخية‪،‬‬ ‫القرآن توجد إشا ات فقط‪ ،‬كما أنه يوجد ّ‬
‫ر‬
‫أمرا شبه مستحيل‪.‬‬ ‫والتي لم ُتكتب في عهد النبي‪ ،‬جعلت من التأريخ للسيرة ً‬

‫‪162‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫يتبين لنا ّأن القراءة الجديدة للسيرة النبوية عند‬ ‫من خالل كل ما سبق ّ‬
‫ّ‬
‫"هشام جعيط" تتمثل في تطبيقه ملجموعة من املناهج املعاصرة في حقل‬
‫العلوم إلانسانية والعلوم الاجتماعية على التاريخ العربي إلاسالمي وبالتحديد‬
‫وأهم منهج استخدمه هو منهج ألانثروبولوجيا التاريخية‬ ‫على السيرة النبوية‪ّ ،‬‬
‫من خالل تطبيقه على الفترة التي عاش فيها النبي محمد‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تطبيقه للمنهج الفينومينولوجي على ظاهرة الوحي التي ّ‬
‫تميز بها النبي محمد‬
‫ألن القرآن الذي اعتمده "جعيط" كمرجع رئيس ي لقراءة السيرة النبوية ينبغي‬ ‫ّ‬
‫قراءته في الظاهر كما توحي به آلايات وال ينبغي الدخول في صراع التأويالت‬
‫الذي يبعدنا عن معناه الحقيقي‪.‬‬
‫لقد انتهى "هشام جعيط" إلى مجموعة من النتائج من خالل تحليله لحياة‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫محمدا‪ ،‬بل كان‬ ‫النبي‪ ،‬حيث أكد ّأن اسمه منذ والدته وقبل البعثة لم يكن‬
‫ُ‬
‫ق ًثما ومحمد لقب وليس اسم وهو ترجمة لكلمة "البراكليتس" التي تطلق على‬
‫وأن ِس ُّنه أثناء البعثة كان ثالثين سنة وليس‬ ‫الرجل ذو الشأن العظيم‪ّ ،‬‬
‫تم تهجيره بالقوة من مكة ولم يهاجر‬ ‫أربعين‪ ،‬إضافة إلى استنتاجه ّأن محمد ّ‬
‫توصل إلى ّأن ِبعثة محمد لم تكن في غار حراء‬ ‫هو وأتباعه بإرادتهم‪ ،‬كما ّ‬
‫حسب ما ورد في املصادر التراثية إلاسالمية‪ ،‬وإنما كانت في ألافق املبين كما‬
‫وأن النبي محمد لم يكن يجهل‬ ‫تؤكد سورتي النجم والتكوير بالتفصيل‪ّ ،‬‬
‫القراءة والكتابة كما يذكر املفسرين ألن كلمة " ّأمي" في القرآن تعني ألامة التي‬
‫ليس فيها نبي وليس معناها الجهل بالقراءة والكتابة‪.‬‬
‫ّ‬
‫إنه وبعد تهجير محمد إلى املدينة من طرف القرشيين القى صعوبات كبيرة‬
‫من أجل التأليف بين عقول وقلوب عرب املدينة من أوس وخزرج‪ ،‬بعد أن‬
‫دمرتهم الحروب لسنوات طويلة‪ ،‬لكنه بفضل الدين الجديد استطاع أن‬ ‫ّ‬
‫يجعلهم أمة واحدة‪ ،‬ومن خالل التحول إلى الدعوة بالحرب والغزوات‬

‫‪163‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫استطاع فتح مكة وفرض الدين إلاسالمي في كامل الجزيرة العربية‪ ،‬ولهذا‬
‫ُ‬
‫فإن النبي محمد رجل كارزمي‪ ،‬بفضل السياسة املحكمة وإيمانه الشديد‬
‫برسالته‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫* طالبة دكتوراه (ل م د) بقسم الفلسفة‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،6‬عبد الحميد مهري‪.‬‬


‫* * أستاذ بقسم الفلسفة‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،6‬عبد الحميد مهري‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫ً‬
‫‪ 0‬جاء في القرآن‪َّ ﴿ :‬رب َنا َواب َعث ِف ِيهم َر ُسوال ِمن ُهم َيتلو َعلي ِهم َآيا ِت َك﴾‪ .‬سورة البقرة‪ ،‬آلاية‬
‫‪ .061‬وهي دعوة إبراهيم ألهل مكة أو قريش بالتحديد‪.‬‬
‫‪ 6‬ابن جرير الطبري‪ ،‬تاريخ الطبري (تاريخ الرسل وامللوك)‪ ،‬ج ‪ ،16‬تح‪ :‬محمد أبو الفضل‬
‫ابراهيم‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ‪.641‬‬
‫‪ 3‬هشام جعيط‪ ،‬في السيرة النبوية (تاريخية الدعوة املحمدية في مكة)‪ ،‬ج ‪ ،16‬دار‬
‫الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت‪ ،6115 ،‬ص ‪.040‬‬
‫‪ 4‬سورة الفتح‪ ،‬آلاية ‪.61‬‬
‫‪ 5‬سورة آل عمران‪ ،‬آلاية ‪.044‬‬
‫‪ 6‬سورة ألاحزاب‪ ،‬آلاية ‪.41‬‬
‫‪ 7‬سورة محمد‪ ،‬آلاية ‪.16‬‬
‫‪ 8‬سورة الصف‪ ،‬آلاية ‪.10‬‬
‫‪ 9‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪.048‬‬
‫املحبر‪ ،‬تح‪ :‬إيلزه ليختن شتيتر‪ ،‬دار آلافاق الجديدة‪( ،‬د‪.‬ط)‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 10‬محمد بن حبيب‪،‬‬
‫بيروت‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ‪.031‬‬
‫‪ 11‬أحمد بن يحي البالذري‪ ،‬أنساب ألاشراف‪ ،‬تح‪ :‬محمد حميد هللا‪ ،‬دار املعارف‪،‬‬
‫(د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج ‪ ،10‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 12‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪.041‬‬
‫‪ 13‬خالد كبير عالل‪ ،‬أباطيل وخرافات حول القرآن الكريم والنبي محمد عليه الصالة‬
‫والسالم (دحض أباطيل عابد الجابري وخرافات هشام جعيط حول القرآن ونبي‬
‫إلاسالم)‪ ،‬دار املحتسب‪ ،‬ط‪ ،0‬الجزائر‪ ،6118 ،‬ص ‪.064‬‬
‫‪ 14‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪.043‬‬
‫‪ 15‬هشام جعيط‪ ،‬السيرة النبوية (الوحي والقرآن والنبوة)‪ ،‬ج ‪ ،10‬دار الطليعة للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬ط‪ ،6‬بيروت‪ ،6111 ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪165‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫‪ 16‬سورة يونس‪ ،‬آلاية ‪.00‬‬


‫‪ 17‬عدد السنين الكافية لكي ينجب إلانسان ولكي ينجب أبناؤه إنسانا آخر‪.‬‬
‫‪ 18‬سورة الضحى‪ ،‬آلاية ‪.18‬‬
‫‪ 19‬البالذري‪ ،‬أنساب ألاشراف‪ ،‬ج‪ ،10‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 20‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪.051‬‬
‫‪ 21‬سلوى بالحاج صالح‪ ،‬دثريني‪...‬يا خديجة (دراسة تحليلية لشخصية خديجة بنت‬
‫خويلد)‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،6‬بيروت‪ ،6100 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 22‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪ 23‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪.054‬‬
‫‪ 24‬سورة النحل‪ ،‬آلاية ‪.013‬‬
‫‪ 25‬تتخذ الهجرة معاني أخرى‪ ،‬مثل "الهجرة في هللا"؛ أي املجاهدة في سبيل هللا واملوت‬
‫من أجله‪ ،‬ومن أجل نبيه‪ ،‬ولها أجر عظيم بعد الشهادة‪.‬‬
‫‪ 26‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪.610‬‬
‫‪ 27‬سورة محمد‪ ،‬آلاية ‪.03‬‬
‫‪ 28‬سورة التوبة‪ ،‬آلاية ‪.41‬‬
‫‪ 29‬سورة البقرة‪ ،‬آلاية ‪.010‬‬
‫‪ 30‬سورة املمتحنة‪ ،‬آلاية ‪.11‬‬
‫‪ 31‬سورة ألانفال‪ ،‬آلاية ‪.31‬‬
‫‪ 32‬سورة آل عمران‪ ،‬آلاية ‪.015‬‬
‫‪ 33‬سورة الحشر‪ ،‬آلاية ‪.18‬‬
‫‪34‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪ .610‬وهشام جعيط‪ ،‬الوحي‬
‫والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 35‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬تح‪ :‬عبد هللا علي الكبير ومحمد أحمد حسب هللا‬
‫وغيرهما‪ ،‬دار املعارف‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪ .4585‬واملفهوم نفسه نجده في‬
‫"املحيط"‪ :‬الفيروز آبادي‪ ،‬القاموس املحيط‪ ،‬تح‪ :‬مكتب تحقيق التراث في مؤسسة‬

‫‪166‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫الرسالة بإشراف‪ :‬محمد نعيم العرقسوس ي‪ ،‬مؤسسة الرسالة ودار الريان للتراث‪،‬‬
‫ط‪ ،8‬بيروت‪ ،6115 ،‬ص ‪.0346‬‬
‫‪31‬محمد أركون‪ ،‬القرآن (من التفسير املوروث إلى تحليل الخطاب الديني)‪ ،‬تر‪ :‬هاشم‬
‫صالح‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،6‬بيروت‪ ،6115 ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪ 36‬املوسوعة العربية امليسرة‪ ،‬مج ‪ ،15‬شركة أبناء شريف ألانصاري للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،3‬بيروت‪ ،6111 ،‬ص ‪.3553‬‬
‫‪ 37‬سورة النجم‪ ،‬آلاية ‪.14‬‬
‫‪ 38‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪ 39‬محمد أركون‪ ،‬القرآن (من التفسير املوروث إلى تحليل الخطاب الديني)‪ ،‬تر‪ :‬هاشم‬
‫صالح‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،6‬بيروت‪ ،6115 ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪ 40‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬مفهوم النص (دراسة في علوم القرآن)‪ ،‬املركز الثقافي العربي‬
‫ومؤسسة مؤمنون بال حدود‪ ،‬ط‪ ،0‬الدار البيضاء‪ ،6104 ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 41‬محمد عابد الجابري‪ ،‬مدخل إلى القرآن الكريم‪ :‬في التعريف بالقرآن‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت‪ ،6110 ،‬ج ‪ ،10‬ص ‪.006‬‬
‫‪ 42‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪ 43‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ 44‬سورة الجن‪ ،‬آلاية ‪.00‬‬
‫‪ 45‬سورة التكوير‪ ،‬آلايات‪.65 ،66 ،01 :‬‬
‫‪ 46‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 47‬ميشيل فوكو‪ ،‬تاريخ الجنون (في العصر الكالسيكي)‪ ،‬تر‪ :‬سعيد بن كراد‪ ،‬املركز‬
‫الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،0‬الدار البيضاء‪ ،6110 ،‬ص ‪.650‬‬
‫‪ 48‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪ 49‬ابن سعد‪ ،‬كتاب الطبقات الكبير‪ ،‬ج ‪ ،10‬تح‪ :‬علي محمد عمر‪ ،‬مكتبة الخانجي‪،‬‬
‫ط‪ ،0‬القاهرة‪ ،6116 ،‬ص ‪.005‬‬
‫‪ 50‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 51‬ألاولى رؤيا في املنام والثانية رؤية في اليقظة‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫‪ 52‬سورة العلق‪ ،‬آلايات‪.5-0 :‬‬


‫‪ 50‬تيودور نولدكه‪ ،‬تاريخ القرآن‪ ،‬تر‪ :‬جورج تامر‪ ،‬دار نشر جورج أملز هيلدسهايم‪-‬‬
‫زوريخ‪ -‬نيويورك‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت‪ ،6114 ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪ 53‬ابن إسحاق‪ ،‬السيرة النبوية‪ ،‬ص ‪ .008‬عبد امللك ابن هشام‪ ،‬السيرة النبوية‪ ،‬ج‬
‫‪ ،10‬تح‪ :‬محمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬دار الفكر‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬بيروت‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‬
‫ص ‪ .653-656‬أما الطبري فيذكر القصة باقتضاب دون تفصيل مع بعض‬
‫التغيير‪ :‬الطبري‪ ،‬تاريخ الطبري‪ ،‬ج ‪ ،16‬ص ‪ .618‬عائشة بنت الشاطئ‪ ،‬التفسير‬
‫البياني للقرآن الكريم‪ ،‬ج ‪ ،16‬دار املعارف‪ ،‬ط‪ ،5‬القاهرة‪ ،0108 ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪ 54‬في رواية "ابن إسحاق‪/‬ابن هشام" و"الطبري" يقول النبي لجبريل‪ :‬وما أقرأ؟ أي‬
‫أن رواية "ابن كثير" ترد فيها عبارة‪" :‬لست‬ ‫يتساءل عن ماذا سيقرأ‪ ،‬في حين ّ‬
‫ً‬
‫بقارئ"‪ ،‬أي أرفض القراءة أو ال أعرف القراءة أصال‪ .‬إسماعيل ابن كثير‪،‬‬
‫الفصول (ي سيرة الرسول صلى هللا عليه وسلم)‪ ،‬تح‪ :‬محمد العيد الخطراوي‬
‫ومحي الدين منو‪ ،‬مؤسسة علوم القرآن ومكتبة دار التراث‪ ،‬ط‪ ،3‬دمشق‪-‬املدينة‬
‫املنورة‪ ،0186 ،‬ص ‪.15‬‬
‫ُ َ َّ‬
‫‪ 55‬سورة ألاعراف‪ ،‬آلاية ‪ .058-055‬وترد كلمة " ّأمي" في مواضع أخرى هي‪﴿ :‬هو ال ِذي‬
‫ُ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َب َعث ِفي ألا ِّم ِّي َين َر ُسوال ِمن ُهم َيتلو َعلي ِهم َآيا ِت ِه﴾‪ .‬سورة الجمعة‪ ،‬آلاية ‪ .16‬وأيضا‪:‬‬
‫َّ ُ َ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫ُ َ َ َ َ‬
‫اب ِإال أ َما ِن َّي َوِإن ُهم ِإال َيظ ُّنون﴾‪ .‬سورة البقرة‪،‬‬‫﴿ َو ِمن ُهم أ ِّم ُّيون ال َيعل ُمون ال ِكت‬
‫آلاية ‪.58‬‬
‫‪ 56‬تيودور نولدكه‪ ،‬تاريخ القرآن‪ ،‬تر‪ :‬جورج تامر‪ ،‬دار نشر جورج أملز هيلدسهايم‪-‬‬
‫زوريخ‪ -‬نيويورك‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت‪ ،6114 ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪ 57‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ 58‬سورة العلق‪ ،‬آلاية ‪.10‬‬
‫‪ 59‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ 60‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ 61‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 62‬سورة التكوير‪ ،‬آلايات‪.65 -01 :‬‬

‫‪168‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫‪ 63‬ابن إسحاق‪ ،‬السيرة النبوية‪ ،‬ص ‪.008‬‬


‫‪ 64‬سورة النجم‪ ،‬آلايات ‪.68 -10‬‬
‫‪ 65‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن والنبوة‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 66‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ص ‪.53-56‬‬
‫‪ 67‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ص ‪.653-656‬‬
‫‪ 68‬الطبري‪ ،‬تاريخ الطبري‪ ،‬ج ‪ ،16‬ص ‪ .338‬وذلك نقال عن "ابن اسحاق" والتي حذفها‬
‫"ابن هشام" حين قام بتهذيب السيرة‪ .‬وابن سعد‪ ،‬كتاب الطبقات الكبير‪ ،‬ج ‪،10‬‬
‫ص‪.054‬‬
‫‪69‬تيودور نولدكه‪ ،‬تاريخ القرآن‪ ،‬ص ص ‪.10-81‬‬
‫‪ 70‬سورة النجم‪ ،‬آلاية ‪.61-01‬‬
‫‪ 71‬سورة النجم‪ ،‬آلاية ‪.66-60‬‬
‫‪ 72‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪.654‬‬
‫‪ 73‬سورة الحج‪ ،‬آلاية ‪.56‬‬
‫‪ 74‬سورة إلاسراء‪ ،‬آلايات ‪.55 -53‬‬
‫‪ 75‬املقطع ألاول‪ :‬من آلاية ‪ 10‬املقطع ألاول‪ :‬من آلاية ‪ 10‬إلى آلاية ‪.65‬‬
‫املقطع الثاني‪ :‬من آلاية ‪ 60‬إلى آلاية ‪.36‬‬
‫املقطع الثالث‪ :‬من آلاية ‪ 33‬إلى آلاية ‪.50‬‬
‫‪ 76‬هشام جعيط‪ ،‬تاريخية الدعوة املحمدية في مكة‪ ،‬ص ‪.658‬‬
‫‪ 77‬سورتا إلاخالص والكافرون‪ .‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.651‬‬
‫‪ 78‬سورة الشورى‪ ،‬آلاية ‪.50‬‬
‫‪ 79‬سورة فصلت‪ ،‬آلاية ‪.06‬‬
‫‪ 80‬سورة النحل‪ ،‬آلاية ‪.08‬‬
‫‪ 81‬سورة القصص‪ ،‬آلاية ‪.15‬‬
‫‪ 82‬سورة النساء‪ ،‬آلاية ‪.004‬‬
‫‪ 83‬محمد عابد الجابري‪ ،‬في التعريف بالقرآن‪ ،‬ص ‪.003‬‬

‫‪169‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫‪ 84‬محمد رشيد رضا‪ ،‬الوحي املحمدي‪ ،‬مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪ ،0185‬ص ‪.86‬‬
‫‪ 85‬هشام جعيط‪ ،‬الوحي والقرآن و النبوة‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ 86‬سورة الفتح‪ ،‬آلاية ‪.65‬‬
‫‪ 87‬سورة يوسف‪ ،‬آلاية ‪.44‬‬
‫‪ 88‬في ألاعراف؛ ‪ -063‬التوبة؛ ‪ 010‬و‪ -061‬يوسف؛ ‪ - 31‬الحجر؛ ‪ - 05‬الكهف؛ ‪01‬‬
‫و‪ - 86‬النمل؛ ‪ - 48‬القصص؛ ‪ 05‬و‪ 08‬و‪ - 61‬ألاحزاب؛ ‪ - 01‬يس؛ ‪ - 61‬املنافقون؛‬
‫‪.18‬‬
‫‪ 89‬ورد ذكر كلمة القرية في القرآن في ستة وخمسين موضعا‪ ،‬ونظرا لكثرتها سنقدم‬
‫أمثلة فقط على هاته آلايات‪ :‬النساء؛ ‪ -55‬ألانعام؛ ‪ -16‬إلاسراء؛ ‪ -58‬النحل؛‬
‫‪ -006‬محمد؛ ‪.13‬‬
‫‪90‬هشام جعيط‪ ،‬في السيرة النبوية‪ :‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ج ‪،13‬‬
‫دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت‪ ،6105 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 91‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ص ‪.36 ،31‬‬
‫‪ 92‬هناك بعض املراجع التي تتساءل حول ألاموال التي تركتها خديجة بعد وفاتها‪ّ ،‬‬
‫وترجح‬
‫أن يكون النبي قد استخدمها من أجل تنمية اقتصاد يثرب بعد أن هاجر إليها‪،‬‬
‫ألنه هو وبناته الوريث الوحيد لخديجة‪ .‬شاكر النابلس ي‪ ،‬املال والهالل (املوانع‬
‫والدوافع الاقتصادية لظهور إلاسالم)‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت‪ ،6116 ،‬ص‬
‫‪.065‬‬
‫‪ 93‬هشام جعيط‪ ،‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ 15‬هشام جعيط‪ ،‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ 94‬هنا استحدث محمد مؤسسة جديدة‪ ،‬وهي مؤسسة املؤاخاة بين ألانصار واملهاجرين‬
‫من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى آخى بين قبيلتي ألاوس والخزرج‪ ،‬إذ جاء في القرآن‪:‬‬
‫ُُ ُ ََ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫﴿ ِإذ ك ُنتم أع َداء فألف َبي َن قل ِوبكم فأص َبح ُتم ِب ِنع َم ِت ِه ِإخ َو ًانا﴾‪ .‬سورة آل عمران‪،‬‬
‫آلاية ‪ .013‬وهي تدل على التآخي بين أهل املدينة‪.‬‬
‫‪ 95‬هشام جعيط‪ ،‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ص ‪.55‬‬

‫‪170‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫ّ‬ ‫‪ 96‬وما ّ‬
‫يعبر عنه "جعيط" ب ـ‪ :‬محمد النبي (املبشر) ومحمد البشر (املحارب)‪ .‬هشام‬
‫جعيط‪ ،‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ 97‬تحتوي الصحيفة على ‪ 45‬مادة‪ ،‬القسم ألاول‪ :‬من املادة ‪ 10‬إلى املادة ‪ ،30‬أما‬
‫ً‬
‫ابتداء من السنة ألاولى‬ ‫القسم الثاني‪ :‬من املادة ‪ 35‬إلى املادة ‪ ،45‬ويؤرخ لها‬
‫للهجرة خالفا للمستشرقين الذين َي َرون أنها ُوضعت بعد معركة بدر‪ .‬املصدر‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪98 W. M. Watt‚ Mahomet à Médine‚ S.N.E.D )le monde islamique(‚ Alger‚ p 267-‬‬
‫‪272.‬‬
‫وقد ورد حديث الصحيفة كامال في سيرة "ابن اسحاق"‪ ،‬أما الروايات التراثية ألاخرى‬
‫فتم ّر عليه فقط‪ .‬ابن هشام‪ ،‬السيرة النبوية‪ ،‬ص ص ‪ .063-001‬وأيضا‪ :‬حميد بن‬ ‫ُ‬
‫زنجويه‪ ،‬كتاب ألاموال‪ ،‬تح‪ :‬شاكر ذيب فياض‪ ،‬مركز امللك فيصل للبحوث‬
‫والدراسات إلاسالمية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ ،0180 ،0‬ص ص ‪.451 -400‬‬
‫‪99 W. M. Watt‚ Mahomet à Médine‚ p 268.‬‬
‫‪ 100‬رضوان السيد‪ ،‬ألامة والجماعة والسلطة (دراسة في الفكر العربي املعاصر)‪ ،‬دار‬
‫اقرأ‪ ،‬ط‪ ،6‬بيروت‪ ،0180 ،‬ص ص ‪.44-43‬‬
‫‪ 101‬أحمد قائد الشعيبي‪ ،‬وثيقة املدينة (املضمون والداللة)‪ ،‬وزارة ألاوقاف والشؤون‬
‫إلاسالمية‪ ،‬ط‪،0‬الدوحة‪ ،6110 ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ 102‬هشام جعيط‪ ،‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪ 103‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪ 104‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ 105‬وتطور النزاع مع اليهود تصوره سورة البقرة بالتفصيل في آلايات‪ ،061-065 :‬أي‬
‫أن ابراهيم هو مؤسس الدين ألاصلي (إلاسالم)‪.‬‬
‫‪ 106‬هشام جعيط‪ ،‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ 107‬سورة ألانفال‪.‬‬
‫‪ 108‬محمد بن عمر الواقدي‪ ،‬كتاب املغازي‪ ،‬ج ‪ ،10‬تح‪ :‬مرسدن جونس‪ ،‬دار عالم‬
‫الكتب‪ ،‬ط‪ ،3‬بيروت‪ ،0184 ،‬ص ‪.030‬‬

‫‪171‬‬
‫إعادة قراءة السيرة النبوية عند هشام جعيط‪ ................................‬عفاف مسعي‬

‫‪ 109‬هشام جعيط‪ ،‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ص ‪.88‬‬


‫‪ 110‬هي قبيلة يهودية‪ ،‬تخصص املصادر للحادثة ثالث آيات من سورة ألاعراف هي‪:‬‬
‫َ ُ َ َ َ ُ ُ َّ َ ً َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ص ّ ِرف‬ ‫﴿ َوال َبل ُد الط ِّي ُب َيخ ُر ُج ن َبات ُه ِب ِإذ ِن َرِّب ِه َوال ِذي خبث ال يخرج ِإال ن ِكدا كذ ِلك ن‬
‫َّ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ََ َ َ َ ُ ً َ َ‬ ‫آلايات ل َقوم َيش ُك ُر َ‬
‫ال َيا قو ِم اع ُب ُدوا الل َه َما‬ ‫وحا ِإلى قو ِم ِه فق‬ ‫ون ‪ 58‬لقد أرسلنا ن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫اف َع َلي ُكم َع َذ َ‬‫َُ ّ َ َ ُُ َّ َ َ ُ‬
‫ال املأل ِمن قو ِم ِه ِإ َّنا‬ ‫اب َيو ٍم َع ِظ ٍيم ‪ 51‬ق‬ ‫لكم ِمن ِإل ٍه غيره ِإ ِني أخ‬
‫الل ُّم ِب ٍين ‪ .﴾01‬سورة ألاعراف‪ ،‬آلايات‪ ،01-58 :‬وسبب طردهم هو‬ ‫َ‬ ‫َََ َ‬
‫لنراك ِفي ض ٍ‬
‫إنكارهم لنبوة محمد‪.‬‬
‫‪ 111‬هشام جعيط‪ ،‬مسيرة محمد في املدينة وانتصار إلاسالم‪ ،‬ص ‪.010‬‬

‫‪172‬‬

You might also like