Professional Documents
Culture Documents
إصلاح النظام القضائي الإداري الجزائري على ضوء دستور 2020 - التحديات و الآفاق
إصلاح النظام القضائي الإداري الجزائري على ضوء دستور 2020 - التحديات و الآفاق
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
تاريخ نشر المقال2022/05/12 : تاريخ قبول المقال2022/04/10 : تاريخ إرسال المقال2022/01/01 :
الملخص:
يعرف القضاء اإلداري في الجزائر تطورات ملحوظة خاصة عندما يتدخل مجلس الدولة من خالل نخبة
المستشارين المنتمين إليه في عملية اقتراح النصوص و األفكار التي تحسن من العمل القضائي في المادة اإلدارية
والجدير بالذكر هو ما نص عليه دستور 2020في المادة 179منه على ان مجلس الدولة هو الجهة المقومة ألعمال
المحاكم االدارية لالستئناف والمحاكم اإلدارية،حيث يفهم من خاللها ان الجزائر عازمة على إنشاء محاكم ادارية
لالستئناف و هذا ما يعتبر تحدي جديد لقضاة مجلس الدولة من أجل المساهمة في تخفيف العبء القضائي الواقع
على عاتقهم نتيجة لكثرة المنازعات المطروحة امامهم خاصة ما تعلق باالستئنافات المرفوعة ضد أحكام المحاكم
اإلدارية،لهذا فإن هذه الدراسة تسلط الضوء على أهم النصوص الواجب تعديلها لتتماشى مع آفاق اصالح العدالة في
الجزائر.
الكلمات المفتاحية :التنظيم القضائي اإلداري،القاضي اإلداري،محاكم االستئناف اإلداري.
Abstract:
The administrative judiciary in Algeria knows remarkable developments especially when
the state council through with his judge intervenes in the process and proposing texts ideas that
improve judicial work in the administrative matter, the constitution of 2020 states in his article
179 construction the administrative court of appeal this is considered a new challenge for the
state council in order to contribute in easing the judicial burden on them as a result of the many
disputes befor them especially those related to appeals against the rulings of the administrative
courts so this study sheds light on the most important texts that must be amended to be line with
the prospects of justice reform I, Algeria.
Key words: the administrative judiciry, the administrative judge, the administrative court of
appeal.
* املؤلف املرسل
400
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
المقدمة:
عرف القضاء اإلداري الجزائري العديد من التطورات منذ االستقالل حيث أن صدور القانون -62
157المؤرخ في 31ديسمبر 1962في الجريدة الرسمية عدد 2لسنة 1963باللغة الفرنسية،والذي ينص
على استم اررية العمل بالتشريعات الفرنسية إال ما عارض منها مبادئ السيادة الوطنية،كان أول بوادر
االصالح القضائي لدولة الجزائر ومن بين ما يعارض سيادة الجزائر آن ذاك هو تحويل الطعون المرفوعة
من المحاكم االدارية قسنطينة الجزائر وهران إلى مجلس الدولة في باريس،و هذا عندما كان الفرنسيون
يعتبرون الجزائر جزء ال يتج أز من فرنسا،هنا تم اصالح القضاء اإلداري بإنشاء الغرفة االدارية بالمجلس
األعلى،وهذا بموجب المادة 2من القانون 218-63الذي قسم من خالله المجلس األعلى ألربع غرف غرفة
مدنية و غرفة اجتماعية و غرفة جزائية و غرفة ادارية،هذا النظام الذي اختلف الفقه في اعتباره ازدواجية من
عدمها إلى غاية صدور دستور 1996الذي فصل في تبني الجزائر لنظام االزدواجية القضائية بإنشاء مجلس
دولة و محكمة تنازع.
في سنة 1998بدأت بوادر تطبيق دستور 1996في شقه المتعلق بالتقاضي في المادة االدارية
بإصدار القانونين العضويان 1 01-98و 032-98و القانون 023-98المتعلقون على التوالي بقانون تنظيم و
اختصاص مجلس الدولة و تنظيم و عمل محكمة التنازع و تنظيم واختصاصات المحاكم االدارية،و في ذلك
الحين كنا نعتمد على قانون اجرائي ال يذكر المادة االدارية و هو قانون االجراءات المدنية الذي تم ادخال
اجراءات المادة االدارية فيه في سنة 2008ليصبح قانون إجراءات مدنية وادارية ،و تستقل بذلك بعض
االجراءات الخاصة بالقضاء اإلداري و الذي تم نص على هيئاته قبل ذلك في القانون العضوي 11-05
المتعلق بالتنظيم القضائي الجزائري .
القاضي اإلداري كذلك عرف تطو ار في نظامه القانوني خاصة من خالل القانون العضوي 11-04
المتعلق بالقانون األساسي للقضاء ،إال أن تطبيق نظام خاص بالقاضي اإلداري عرف تأخ ار كبي ار خاصة مع
عدم تحيين النصوص القانونية المنظمة للمدرسة العليا للقضاء من اجل إخراج قاضي إداري متخصص،
وهذا ما يجعل من هذه الورقة البحثية تهتم بدراسة آفاق القضاء اإلداري في الجزائر على ضوء دستور 2020
الذي من خالله يتضح أن الجزائر تسير نحو التخصص في القضاء مثلما هو عليه في باقي القطاعات .
لهذا فإن هذه الورقة البحثية تجيب على اشكالية تتمحور حول ما هو مجال االصالحات التي يجب
أن تمس القضاء اإلداري لتحقيق التحديات و اآلفاق المرجوة من خالل التعديل الدستوري لسنة 2020؟
لإلجابة على هذه االشكالية و بإتباع المنهج الوصفي في مجال وصف الهيكل القضائي اإلداري في
الجزائر ،والمنهج التحليلي بتحليل مختلف النصوص واآلراء الفقهية المتعلقة بالقضاء اإلداري والمقارن في
بعض المواضع كون التشريع الجزائري في كثير من األحيان يعتمد على النموذج التشريعي الفرنسي السباق
في وضع اإلطار العام للقضاء اإلداري يمكننا تقسيم الورقة البحثية لمبحثين االول يتعلق بإصالح الهيكل
401
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
القضائي اإلداري والذي بدوره قسمناه لمطلبين االول يتعلق بإصالح المنظومة التشريعية للتنظيم القضائي
اإلداري والمطلب الثاني إصالح المنظومة التشريعية الخاصة بالقاضي اإلداري أما المبحث الثاني فيتناول
بالدراسة إصالح العمل القضائي اإلداري و الذي بدوره نقسمه لمطلبين األول يتعلق بإصالح معيار
االختصاص في المادة اإلدارية و المطلب الثاني إصالح إج ارءات التقاضي في المادة االدارية.
402
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
403
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
باعتبارها محاكم موجودة بنص الدستور الذي يعتبر أسمى قانون،لهذا يجب علينا مراجعة هذا النص في
اآلجال القانونية التي نصت عليها المادتين " 224مدة سنة " و " 225أجل معقولة "من الدستور الحالي.8
المطلب الثاني :إصالح المنظومة التشريعية الخاصة بالقاضي اإلداري
القاضي في الجزائر هو عون من أعوان الدولة يعمل داخل مرفق من مرافق السلطة القضائية،له قانون
خاص يحكمه،ويطلق اسم قاضي على كل شخص خاضع ألحكام القانون العضوي 11-04المتضمن
القانون االساسي للقضاء،فهل هذا القانون ينص على تسمية القاضي اإلداري؟،
ال يوجد أي نص في هذا القانون يذكر تسمية القاضي االداري انما هي تسمية أطلقها الفقه على
القاضي العامل داخل الهيئات القضائية االدارية وهذا ما سيتم دراسته في هذا المطلب في فرعين األول يدرس
نظام تكوين القضاة في الجزائر ،والفرع الثاني يتناول نظام ترقية القضاة في الجزائر وهذا لتسليط الضوء على
ما يجب إصالحه في المنظومة التشريعية الخاصة بالقاضي االداري.
الفرع األول :تكوين القاضي في الجزائر
القاضي في الجزائر هو نتيجة لتكوين عالي المستوى يبدأ بنيل القاضي لشهادة البكالوريا واختيار
دراسة الحقوق،أو العلوم القانونية و اإلدارية في الجامعة الجزائرية،التي تتوج بنيله لشهادة ليسانس في الحقوق
أو ما يعادلها ،ثم المشاركة في مسابقة وطنية من تنظيم و ازرة العدل على مستوى المدرسة العليا للقضاء
المنظمة بموجب المرسوم التنفيذي 159-16المؤرخ في 23شعبان عام 1437الموافق 30مايو 20169
والذي يحدد مدة التكوين بـ أربع سنوات نصفها نظري والنصف اآلخر تكوين تطبيقي ليتوج بإجازة المدرسة
التي يعين من خاللها في منصب عمله.
ال يتوقف تكوين القاضي في الجزائر عند التكوين القاعدي بل يشمل كذلك التكوين المستمر،الذي
تضمنه المدرسة العليا للقضاء،وهذا بناء على طلب و ازرة العدل،وهذا ما يتضح من خالله أمرين مهمين،األول
هو المتابعة الدورية لهيكل و ازرة العدل للمستوى العلمي للقضاة و هذا ببرمجة تكوين مستمر للقضاة خاصة
في المواضيع المستجدة و المتخصصة واألمر الثاني هو الترخيص للقضاة بمزاولة تكوينات متخصصة بناء
على طلباتهم.
تكوين القاضي في ال مادة االدارية من بين أهم التكوينات الواجب أن يهتم بها مرفق المدرسة العليا
للقضاء خاصة في ظل اعتماد االزدواجية القضائية،و هذا ما ال يظهر من خالل برامج التكوين في المدرسة
العليا للقضاء،فرغم التكوين المستمر لمستشاري الدولة بمجلس الدولة فإن مستشاري المحاكم االدارية حاليا
ومستشاري محاكم االستئناف االداري مستقبال يحتاجون لتكوين في المادة االدارية خاصة مع التطورات
الملحوظة في الترسانة القانونية اإلدارية المتنوعة والمتخصصة.
404
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
405
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
اإلجراءات لهذا ومن خالل هذا المبحث سنخصص مطلبا إلصالح معيار االختصاص في المادة اإلدارية في
المطلب االول أما المطلب الثاني فيتناول بالدراسة إصالح إجراءات التقاضي في المادة اإلدارية .
المطلب األول :إصالح معيار االختصاص في المادة اإلدارية
اصالح معيار االختصاص اساسه وضوح المعيار المتبع في تحديد االختصاص سواء بين الهيئات
القضائية التي تنتمي لنفس النظام القضائي أوالهيئات القضائية التي ال تنتمي لنفس النظام القضائي والمعلوم
أن نص المادة 800من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية هي أساس المعيار الذي من خالله ننظر ألطراف
النزاع فبساطة المعيار هي أن يكون أحد أطراف الدعوى سواء مدعي أومدعى عليه إدارة عامة سواء كانت
إدارة مركزية " الدولة كشخص معنوى " أوادارة ال مركزية طرف في النزاع.
تتجسد بساطة المعيار العضوي وتظهر من خالل نقص المنازعات المتعلقة بتنازع االختصاص التي
عرضة على محكمة التنازع ،باعتبارها الجهة القضائية الفاصلة في تنازع االختصاص فبالرغم من وجود
بعض الق اررات القضائية الصادرة عن محكمة التنازع فصال في االختصاص بين الجهات القضائية اإلدارية
والجهات القضائية العادية ،إال أنها لم تصل للعدد الكبير الذي يتطلب تدخل المشرع وتغيير معيار
االختصاص كما هو الحال في النماذج المقارنة ،التي عرف تطورها العديد من االشكاالت المتعلقة
باالختصاص النوعي الذي يظهر في اإلجراءات من خالل الصفة في الدعوى والصفة في اإلجراءات حيث
أن الصفة في الدعوى ال تثير الكثير من االشكاالت كون النصوص المؤسسة لمختلف اإلدارات العامة تحدد
صفة الشخص المعنوي الذي سيكون مدعي او مدعى عليه في نزاع إداري.
تثير الصفة في اإلجراءات الكثير من اإلشكاالت المتعلقة باالختصاص والتي تظهر من خالل كثرة
االحكام الفاصلة في الدعوى اإلدارية برفضها شكال،خاصة وأن التنظيم اإلداري الجزائري يعرف الكثير من
اآلليات اإلدارية التي تجعل من تحديد صفة ممثل اإلدارة العامة الطرف في النزاع صعبا في ظل وجود تقنية
التفويض اإلداري. 12
المصالح الخارجية للدولة أو ما يطلق عليها في نص المادة 801من قانون االجراءات المنية
واإلدارية المصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الوالية من أهم الهيئات اإلدارية المستفيدة من األحكام
القضائية اإلدارية التي تقضي برفض الدعوى شكال،حيث أن الصفة في الدعوى تعود للشخص المعنوي وهو
الدولة إال أن تمثيل الدولة خاضع لفكرة التفويض وهنا يمكننا الرجوع لنصوص مواد قانون االجراءات المدنية
واإلدارية والتي تنص في المادة 828منه على مايأتي ":مع مراعاة النصوص الخاصة،عندما تكون الدولة أو
الوالية أو البلدية أو المؤسسة العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا في الدعوى بصفة مدعي أو مدعى عليه
تمثل بواسطة الوزير المعني ،الوالي ،رئيس المجلس الشعبي البلدي على التوالي و الممثل القانوني بالنسبة
للمؤسسات ذات الصبغة اإلدارية ".13
406
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
من خالل هذا النص يتضح لنا أن المشرع الجزائري لم يشمل في فكرة التمثيل امام الهيئات القضائية
كل من المصالح غير الممركزة للدولة ككل و المصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الوالية على اعتبار
أن المصالح غير الممركزة للدولة ال تكون فقط على مستوى الوالية بل قد تشمل العديد من الواليات و على
سبيل المثال المديريات الجهوية والتي لم يشر إليها النص.
لهذا فإن من المستحسن مراجعة المواد المتعلقة باالختصاص القضائي اإلداري خاصة فيما يتعلق
بالصفة في الدعوى والصفة في اإلجراءات بما يتماشى والتأسيس لقاعدة عامة مفادها أن الدولة يمكن أن
تمثل بأي شخص له صفة الرئيس اإلداري لهيئة إدارية مركزية أوغير ممركزة للدولة قصد التقليل من رفض
الدعاوى شكال و تخفيف العبء على مصالح الوالية التي تتحمل مسؤولية منازعات الكثير من المصالح غير
الممركزة للدولة على أساس تطبيق القضاة اإلداريين لنص المادة 110من قانون الوالية والتي تعتبر الوالي
ممثال لهذه المصالح.14
المطلب الثاني :إصالح إجراءات التقاضي في المادة االدارية.
تبدأ إجراءات الدعوى اإلدارية بتسجيل العريضة لدى أمانة ضبط المحكمة اإلدارية ومن هنا يأتي
اتصال القاضي اإلداري بالنزاع حيث تظهر المبادئ الكبرى لإلجراءات اإلدارية التي تكون كتابية بإشراف من
القاضي المقرر يتبادل من خاللها أطراف الدعوى مختلف العرائض و الوثائق التي يؤسس عليها الن ازع،ونظ ار
لغياب منصبي القاضي محضر العرائض لدى المحكمة اإلدارية والذي يظهر دوره جليا في النماذج المقارنة
من خالل إشرافه على التدقيق في قبول العرائض شكال قبل االنطالق في دراستها موضوعا فإن ما يجب
إصالحه إجرائيا في القضاء اإلداري هو تنصيب القضاة محضري العرائض من أجل تخفيف العبء على
مستشاري المحاكم اإلدارية في القضايا الممكن رفضها شكال من جهة،وابراز مواطن عدم القبول الشكلي
للدعاوى من أجل تداركها من طرف المتقاضين من جهة ثانية.
تبرز أهمية وجود قضاة محضري العرائض لدى المحكمة اإلدارية في تحقيق مبادئ المحاكمة العادلة
في المادة اإلدارية خاصة في فكرة األجل المعقول فآلية تصحيح العرائض أثناء سير الدعوى والمنصوص
عليها في المادة 817من قانون االجراءات المدنية واالدارية ،15ال تكفي من أجل قبول الدعوى اإلدارية شكال
بل البد من إضافة مهام لقضاة المادة اإلدارية خاصة في ظل غياب التكوين المتخصص للمتقاضين أومن
يمثلهم وحداثة الهياكل القضائية االدارية لتخفيف األعباء اإلجرائية القضائية اإلدارية التي تسببت في خسارة
الكثير من القضايا بسبب أخطاء إجرائية تؤدي لطول الوقت للفصل في موضوع النزاع .
تظهر كذلك ضرورة إصالح إجراءات التقاضي في المادة اإلدارية من خالل وسائل اإلثبات والتي
من السهل جدا على اإلدارة العامة تقديمها امام الجهات القضائية االدارية،غير أن خصم اإلدارة العامة يجد
من الصعوبة بمكان إيجاد دليل يعزز به إدعاءاته،وهذا في ظل كثرة النشاطات اإلدارية في كل التخصصات
سواء صفقات عمومية أو ض ارئب أوتفويضات لمرافق عامة وغيرها من النشاطات المتخصصة والتي يثار
407
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
فيها النزاع على مسائل دقيقة جدا تفرض في كثير من األحيان على القاضي اإلداري اللجوء للخبرة القضائية
وهذا ما يتطلب من المشرع الجزائري تداركه في إصالح اإلجراءات القضائية اإلدارية بأن تستقل المادة
االدارية بمواد إجرائية خاصة بوسائل اإلثبات واالبتعاد عن القواعد المشتركة التي ال يتصور تطابقها مع
النشاطات المتخصصة لإلدارة العامة.
بالنسبة لألحكام والق اررات القضائية في المادة اإلدارية ،فإن أهم ما تجب اإلشارة إليه هي سلطات
القاضي اإلداري في منطوق األحكام والق اررات القضائية اإلدارية ،بحيث يجب االبتعاد عن فكرة المناطيق
المحددة بنص قانوني للقاضي العادي والتي نجدها كثي ار في أحكام وق اررات الجهات القضائية اإلدارية حيث
يجب أن يلقى القاضي اإلداري نوعا من االستقاللية المبنية على االجتهاد في إيجاد الحلول التي يوازن من
خاللها بين أهداف تحقيق المصلحة العامة التي تسعى لها اإلدارة العامة والحقوق الخاصة المطالب بها من
الخصوم الخواص في المادة اإلدارية فالمنطوق القضائي هو محل التنفيذ وكلما كان المنطوق واضحا ودقيقا
ويتماشى مع التقنيات اإلدارية للتنفيذ كلما كان الفصل في النزاع مفيدا ألطرافه ومنفذيه.
تنصيب محاكم االستئناف اإلدارية و تخصيص إجراءات قضائية خاصة بها هو أهم إصالح إجرائي
يواكب هذه المراحل فمن غير المتوقع تنصيب محكمة دون النص على االجراءات المتبعة أمامها في قانون
اإلجراءات واختصاصها في نظر اإلستئنافات القضائية كطريق من طرق الطعن العادية كما يدل عليه اسمها
هو في حد ذاته ظلم للهيئة القضائية فمن الموصى به منح هذه الجهات القضائية اختصاصا قضائيا ابتدائيا
خاصة في ظل وجود مصالح إدارية غير ممركزة للدولة على المستوى الجهوي .
الخاتمة:
أصبح إصالح المنظومة القضائية اإلدارية من أهم متطلبات النظام القضائي الجزائري فمن خالل ما
سبق ذكره تظهر ضرورة استقالل النظام القضائي اإلداري بمجموعة من النصوص القانونية الخاصة به سواء
من حيث الهيكل التنظيمي أو الهيكل اإلجرائي فقانون التنظيم القضائي لم ينص في فحواه على تنظيم
واختصاصات الهيئات القضائية اإلدارية بل ترك ذلك للقانون العضوي 01-98والقانون 02-98المنظمان
على التوالي لمجلس الدولة و المحكمة اإلدارية و هذا ما يتطلب جمع هذه النصوص و إضافة نص جديد
لتنظيم محاكم االستئناف اإلداري في نص قانوني واحد قصد وضوح الهيكل القضائي اإلداري .
إن القانون األساسي للقضاء الصادر بموجب القانون العضوي 11-04هو كذلك من بين النصوص
الواجب تفعيلها فيما يتعلق بالقاضي اإلداري سواء من حيث تنصيب القضاة اإلداريين في المناصب
المنصوص عليها في المجموعات واحد واثنان و ثالثة من الرتبة الثانية وفقا لنص المادة 47من القانون
األساسي للقضاء ومن حيث تنظيم المسار المهني للقاضي اإلداري الذي يفصل في قضايا جد متخصصة
في المادة اإلدارية.
408
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية من بين النصوص الواجب مراجعتها فيما يخص إجراءات التقاضي
أمام الجهات القضائية اإلدارية ولما ال استقالل هذه االجراءات عن إجراءات التقاضي أمام الهيئات القضائية
العادية فالموقع الممتاز لإلدرة العامة التي تعتبر طرفا في المنازعة االدارية وجوبا وهذا تطبيقا لمعيار
االختصاص يجعل من دور القاضي اإلداري مهم جدا لخلق التوازن المشروع بين ما تحققه اإلدارة العامة من
مصلحة عامة و حماية حقوق و حريات المتعاملين معها.
لهذا فإن فتح ورشات لدراسة تقنيات و سبل جمع النصوص القانونية المنظمة للقضاء اإلداري و
إصالحها بما يتماشى والتعديل الدستوري الجديد لسنة 2020أصبح ضرورة ملحة لتصور آفاق بارزة لهذا
النظام القضائي الحامي للمشروعية القانونية داخل الدولة الحديثة و الفاعل الهام إلرساء دولة القانون خاصة
في ظل وجود إرادة سياسية وقانونية للنهوض بالجزائر كدولة رائدة في المجال القانوني و القضائي.
الهوامش:
1القانون العضوي 01-98المؤرخ في 4صفر عام 1419الموافق 30مايو 1998يتعلق باختصاصات مجلس الدولة
وتنظيمه و عمله ،ج.ر.ج.ج.د.ش عدد 37لسنة 1998
2القانون العضوي 03-98المؤرخ في 8صفر عام 1419الموافق 3يونيو 1998يتعلق باختصاصات محكمة التنازع
وتنظيمها و عملها ،ج.ر.ج.ج.د.ش عدد 39لسنة . 1998
3القانون 02-98المؤرخ في 4صفر عام 1419الموافق 30مايو 1998يتعلق بالمحاكم اإلدارية ،ج.ر.ج.ج.د.ش عدد
37لسنة 1998
4بك ار إدريس ،المبادئ العامة للقانون الدستوري والنظم السياسية،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2016،ص 45وما
بعدها.
-5القانون العضوي 11-05المؤرخ في 10جمادى الثانية عام 1426الموافق 17يوليو سنة ،2005يتعلق بالتنظيم القضائي
ج.ر.ج.ج.د.ش عدد 51لسنة .2005
6القانون العضوي رقم 11-04المؤرخ في 21رجب عام 1425الموافق 06سبتمبر سنة 2004يتضمن القانون االساسي
للقضاء ج.ر.ج.ج.د.ش عدد 57لسنة .2004
7الدستور الجزائري ،الصادر بتاريخ 30ديسمبر 2020ج.ر.ج.ج.د.ش عدد 82لسنة .2020
8الدستور الجزائري ،الصادر بتاريخ 30ديسمبر 2020ج.ر.ج.ج.د.ش عدد 82لسنة ،2020المرجع نفسه
9المرسوم التنفيذي رقم 159-16المؤرخ في 19شعبان عام 1437الموافق 30مايو سنة 2016يحدد تنظيم المدرسة العليا
للقضاء وكيفيات سيرها و شروط االلتحاق بها و نظام الدراسة فيها وحقوق الطلبة القضاة وواجباتهم ،ج.ر.ج.ج.د.ش عدد 33
لسنة .2016
10 les Articles L133-4 L133-5 L133-6 du code de justice administratif France .
11القانون 09-08المتضمن قانون االجراءات المدنية واإلدارية.
12محمد فتوح محمد عثمان،التفويض في االختصاصات اإلدارية دراسة مقارنة،دار المنار،مصر.1976،
13القانون 09-08المتضمن قانون االجراءات المدنية واإلدارية.
409
( ص ص )410 ،400 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
" إصالح النظام القضائي اإلداري الجزائري على ضوء دستور " 2020التحديات واآلفاق"
14تنص المادة 110من القانون 07-12المؤرخ في 28ربيع األول عام 1433الموافق 21فبراير سنة 2012يتعلق
بالوالية ج.ر.ج.ج.د.ش عدد 12لسنة 210éعلى ما يأتي ":الوالي ممثل الدولة على مستوى الوالية ،وهو مفوض الحكومة"
-15القانون 09-08المتضمن قانون االجراءات المدنية واإلدارية.
410