You are on page 1of 14

‫‪ISSN :2602-7380‬‬

‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬


‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪* 2020‬‬ ‫تفعيل الرقابة الدستورية‬

‫د‪ .‬عراش نورالدين‬


‫أستاذ متعاقد‪ ،‬جامعة بجاية‬
‫دكتوراه في القانون الدستوري‬
‫البريد اإللكتروني‪arrachenouredine@gmail.com :‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫يعد التعديل الدستوري لسنة ‪ 2020‬حتمية فرضتها الظروف الحرجة التي تعيشها‬
‫الدولة الجزائرية سياسيا‪ ،‬أو ما تعلق منها بالتأثيرات الخارجية أو الداخلية وتداعياتها على‬
‫مختلف األصعدة واملستويات‪ ،‬ولعلى أهم ما مسه التعديل الدستوري األخير هو الفصل‬
‫الخاص املتعلق بآلية الرقابة الدستورية‪ ،‬بإحداث املحكمة الدستورية كهيئة تسهر على سمو‬
‫الدستور واحترامه باعتبارها عنوانا للمصداقية والشرعية في شقه الوطني والدولي‪ ،‬لكن تفعيل‬
‫دورها لن يتأتى إال بتكريس ضمانات استقالليتها‪.‬‬
‫الكلمات االفتتاحية‪:‬‬
‫تفعيل الدور الرقابي‪ ،‬املحكمة الدستورية‪ ،‬دستور ‪ ،2020‬الجزائر‬

‫‪The implementation of the monitoring role of the Constitutional Court in‬‬


‫‪Algeria in the light of the 2020 constitutional amendment‬‬

‫‪Summary:‬‬
‫‪The constitutional amendment of the year 2020 is considered a fatality‬‬
‫‪imposed by the critical political conditions in which the Algerian state lives, or‬‬
‫‪what is related to it on external or internal influences and their repercussions at‬‬
‫‪different levels. The constitution and its respect, because it is the title of‬‬
‫‪credibility and legitimacy at the national and international level, but the‬‬

‫*تاريخ إرسال املقال ‪ ،2020-12-13‬تاريخ قبول نشر املقال ‪.2020-12-23‬‬


‫‪209‬‬
ISSN :2602-7380
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
2020-02 ‫ العدد‬،04 ‫املجلد‬
.222-209 ‫ ص ص‬،2020 ‫ تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري‬، ‫عراش نورالدين‬

activation of its role will only be possible by establishing guarantees of its


independence.

Keywords :
Implementation, Constitutional control, Constitutional Court, Constitution of
2020, Algeria.

La mise en œuvre du rôle de surveillance de la Cour


constitutionnelle en Algérie à la lumière de l'amendement constitutionnel
2020
Résumé:
L'amendement constitutionnel de l'année 2020 est considéré comme une
contrainte imposée par les conditions politiques critiques que traverse l’Algérie,
ou ce qui y est lié sur les influences externes ou internes et leurs répercussions à
différents niveaux .

Parmi les sujets, objet de cet amendement, il y a le volet concernant le


contrôle constitutionnel par la création d’une cour constitutionnelle comme un
organe chargé de veiller à la suprématie de la constitution et son respect du fait
qu’elle est l’incarnation de la légitimité des institutions au double niveau national
et international.

Mais l'activation de son rôle ne sera possible qu'en établissant des


garanties de son indépendance.

Mots clés:
La mise en œuvre, Contrôle constitutionnel, Cour constitutionnelle,
Constitution de 2020, Algérie.

210
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫مقدمة‬

‫يحتل موضوع الرقابة الدستورية الصدارة الهامة في ظل اإلصالحات التي جاء بها‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ ،2020‬وهو من األمور التي ما فتئت كل الفعاليات الحقوقية‬
‫والسياسية تنادي به‪ ،‬باعتبارها الضمانة الفعلية والحقيقية لتدعيم أسس دولة القانون‪1.‬‬

‫حيث تضمن التعديل الدستوري إحداث املحكمة الدستورية وذلك إلدراك املؤسس‬
‫الدستوري حقيقة دورها في ضمان الرقابة على دستورية‪ ،‬واستقرار املؤسسات الدستورية‪،‬‬
‫وتقويم حدود العالقة بينها سيما بين نشاط الحكومة والبرملان‪ .‬إن القراءة األولية لنصوص‬
‫التعديل الدستوري املتعلقة بهذه املؤسسة الدستورية تكشف أخيرا عن استجابة سياسية‬
‫للمطالبات امللحة واملتكررة من قبل الفاعلين القانونيين والسياسيين بضرورة االعتماد على‬
‫املحكمة الدستورية باعتبارها صرحا لتجسيد دولة القانون‪ ،‬وكفالة الديمقراطية‪.‬‬

‫وقد نص التعديل الدستوري لسنة ‪2020‬على استقالل املحكمة الدستورية وحصانة‬


‫أعضائها‪ ،‬بحيث نص في املادة ‪ 185‬على أن‪" :‬املحكمة الدستورية هيئة مستقلة مكلفة بضمان‬
‫احترام الدستور‪2".‬والذي يدل على أن املحكمة الدستورية مؤسسة دستورية مستقلة عن‬
‫السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية‪ .‬وإذا كان هذا املوقف من املؤسس الدستوري في‬
‫النص الصريح عن استقاللية املحكمة الدستورية يبدو عاديا كونه يستند على مبدأ دستوري‬
‫يتضمن الفصل بين السلطات‪ ،‬حيث اعتبر املحكمة الدستورية مؤسسة دستورية شأنه شأن‬
‫بقية املؤسسات الدستورية األخرى‪.‬‬

‫‪1‬سعيد بوالشعير‪ ،‬املجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪-‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 2‬املادة ‪ 185‬من التعديل الدستوري لسنة ‪2020.‬‬
‫‪211‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫وبالتالي فإن أي مساس باختصاصات أو استقاللية املحكمة الدستورية هو مساس‬


‫بمبدأ الفصل بين السلطات‪ .‬الذي يقتض ي أن تستقل كل سلطة من سلطات الدولة الثالثة‬
‫باختصاصات محددة‪ 3،‬مما ال يحول دون تجاوز أحدها لنصيبها املقدور من هذا االختصاص‪،4‬‬
‫وقد نادى الفيلسوف الفرنس ي " مونتيسكيو " في القرن الثامن عشر بمبدأ الفصل بين‬
‫السلطات وذلك ضمانا ملصالح الدولة وضمانا للحريات الفردية والحيلولة دون استبداد الحكام‬
‫وذلك ألن من لوازم فن السياسة أال تركز السلطات كلها في هيئة واحدة ولو كانت هيئة نيابية‬
‫تعمل باسم الشعب‪.5‬‬

‫وعلى هذا األساس يمكن للمحكمة الدستورية في الجزائرأن تؤدي دورا مهما ومؤثرا في‬
‫املنظومة القانونية الوطنية‪ ،‬فهي التي تسهر على ضمان احترام أحكام الدستور وضمان‬
‫تطبيقه‪ ،‬كما أنها الجهة الذي يفترض أن يلجأ إليها كل من مست حقوقه الدستورية وعجزت‬
‫وسائل التقاض ي العادية عن إنصافه‪.‬‬

‫سنتطرق من خالل هذا البحث إلى خمس نقاط أساسية‪ ،‬هي‪ :‬عدد قضاة املحكمة‪،‬‬
‫آلية اختيار القضاة‪ ،‬شروط العضوية في املحكمة‪ ،‬مدة العضوية وإمكانية التجديد‪ ،‬عزل‬
‫القضاة‪ .‬وهي التي ستظهر مدى مصداقية هذه املحكمة واستقالليتها وحيادها هذا ما دفع بنا‬
‫للبحث حول حقيقة تفعيل األداء الرقابي للمحكمة الدستورية في الجزائر؟‬

‫‪3‬‬
‫‪Thomas Weigend, la nation du tribunal impartial et indépendant fédérale d’Allemagne,‬‬
‫‪revue de science criminelle, 1990, p 742.‬‬
‫‪ 4‬حامد كامل عبيد‪ ،‬استقالل القضاء‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات نادي القضاة ‪ ،‬ط‪ ، 1‬القاﻫرة ‪ ، 1991،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ 5‬نور شحاتة‪ ،‬استقالل القضاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1987 ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫ستكون دراستنا لهذا البحث وفقا لخطة مكونة من مبحثين وخاتمة‪ ،‬حيث تضمن‬
‫املبحث األول تشكيل املحكمة الدستورية ودورها في فعالية املحكمة الدستورية‪ ،‬حيث قمت‬
‫بتوزيع مضمون هذا املبحث على مطلبين‪ ،‬تناولت في األول تحديد عدد قضاة املحكمة‬
‫الدستورية ‪ ،‬وفي املطلب الثاني آلية اختيار قضاة املحكمة الدستورية ‪.‬‬

‫بينما املبحث الثاني وتبعا ملا اقتضاه عنوانها‪ ،‬استوجب األمر أن يشمل ضمانات‬
‫استقاللية املحكمة الدستورية وحياد أعضائها ودورها في فعالية املحكمة الدستورية‪ .‬وحفاظا‬
‫على توازن البحث منهجيا‪ ،‬قسمت هذا املبحث إلى مطلبين‪ .‬درست من خالل املطلب األول‬
‫شروط العضوية في املحكمة الدستورية‪ ،‬بينما املطلب الثاني خصصته تحديد مدة العضوية‬
‫والتجديد النصفي‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تشكيل املحكمة الدستورية‬

‫نظرا لالنتقادات املوجهة للمجلس الدستوري في الجزائر في ظل الدساتير السابقة عند‬


‫النظر إلى طريقة تشكيل أعضائه وحظ رئيس الجمهورية املتميز في ذلك مقارنة بباقي السلطات‪،‬‬
‫وكذا صالحيته الحصرية في تعيين رئيس املجلس الدستوري وهذا ما يؤكد عدم االستقاللية‬
‫التامة‪ ،‬ويجعل تبعيته للسلطة التنفيذية أمرا واردا لتفوق هذه السلطة مقارنة بباقي السلطات‬
‫في إجراءات التشكيل العددي للمجلس الدستوري‪ ،‬بل إن انتفاء ضمانات حقيقية الستقاللية‬
‫املجلس الدستوري من شأنها وضع مصداقية اجتهادات املجلس الدستوري في املحك‪،6‬مما دفع‬
‫باملؤسس الدستوري الجزائري في التعديل الدستوري األخير إلى إعادة النظر في مسألة االنتساب‬

‫‪ 6‬أوكيل محمد أمين‪ ،‬استقاللية املجلس الدستوري كضمانة لفعالية الرقابة الدستورية مداخلة برسم فعالية امللتقى‬
‫الوطني حول تعديل الدستور وأثره على قوانين الجمهورية املنعقد بكلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة اإلخوة منتوري‬
‫يومي ‪ 24‬و ‪25‬افريل ‪.2016‬‬
‫‪213‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫للعضوية في املؤسسة الدستورية املكلفة بالرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬إلى حد إقراره الرقابة‬
‫عن طريق محكمة دستورية‪.‬‬

‫علما أن هذه املسألة كانت قد حظيت بنقاشات حادة أثناء اجتماعات اللجنة‬
‫التأسيسية لصياغة مشروع دستور‪ ،2020‬وهو الدستور الجزائري الذي استخدم ألول مرة‬
‫مصطلح املحكمة الدستورية بدال من املجلس الدستوري‪.‬‬

‫تستدعي أهمية وصعوبة املهام الرقابية املسندة للمحكمة الدستورية إحاطة هذا‬
‫األخيرة بضمانات فعالة جديرة بضمان استقالليتها وحياد أعضاءها في أداء تلك الصالحيات‬
‫املنوطة لها دستوريا‪ .‬وبالتالي جعلها أداة فعالة في هيكلة النظام القانوني واملؤسساتي في الدولة‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تحديد عدد قضاة املحكمة الدستورية‪:‬‬

‫فقد تم تحديد عدد قضاة املحكمة الدستورية في الجزائر باثني عشر(‪ )12‬عضوا‪ ،7‬تبين‬
‫الدراسة عند املقارنة مع دساتير بعض الدول التي تبنت الرقابة القضائية أن عدد قضاة‬
‫املحاكم الدستورية يختلف من دولة إلى أخرى‪ ،‬و ذلك باختالف عدد سكانها‪ ،‬و دور املحكمة‬
‫وطبيعة املهام امللقاة على عاتقها‪ ،‬ففي اسبانيا على سبيل املثال‪ "،‬تتألف املحكمة الدستورية‬
‫من أثنى عشر (‪ )12‬عضوا"‪ ،‬و في البرتغال تتكون املحكمة الدستورية من ثالثة عشر (‪)13‬‬
‫قاضيا"‪ ،‬و في تركيا " تتكون املحكمة الدستورية من خمسة عشر (‪ )15‬عضوا"‪ ،‬وعلى الصعيد‬

‫‪ 7‬املادة ‪ 186‬من التعديل الدستوري لسنة ‪. 2020‬‬


‫‪214‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫العربي نجد أن املحكمة الدستورية في املغرب "تتألف من اثني عشر (‪ )12‬عضوا"‪ ،‬و في تونس "‬
‫من اثني عشر (‪ )12‬عضوا"‪ ،‬و في الكويت " تؤلف املحكمة الدستورية من خمسة مستشارين"‪.8‬‬

‫إن أغلبية دساتير دول العالم‪ ،‬فيما يخص عدد قضاة املحكمة الدستورية تنص على‬
‫عدد محدد و دقيق غير قابل للزيادة أو النقصان بموجب نصوص دستورية واضحة‪ ،‬ألن غياب‬
‫النصوص الواضحة و املعايير الصارمة التي تحدد بدقة عدد قضاة املحكمة الدستورية هو أمر‬
‫سيفتح املجال أمام إمكانية قيام السلطة التنفيذية‪ ،‬أو الجهة التي تتولى عملية التعيين‪،‬‬
‫بالتحكم بعدد قضاة املحكمة وزيادته أو إنقاصه لضمان أغلبية معينة‪ ،‬أو لضم عناصر جديدة‬
‫منحازة مسبقا‪ ،‬أو بهدف التخلص من بعض الشخصيات "غير املرغوب ببقائها" في املحكمة‪.‬‬
‫وهو ما يؤدي بمجمله إلى املساس باستقاللية املحكمة وحيادها‪ ،‬ويفقدها الثقة كما يجهض‬
‫الغرض من إنشائها‪ .9‬وعليه فان تحديد عدد قضاة املحكمة الدستورية في الجزائر بنص‬
‫دستوري يمكن أن يفعل املهام املنوطة باملحكمة الدستورية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬آلية اختيارقضاة املحكمة الدستورية‪:‬‬

‫هناك طرق مختلفة لجأت إليها العديد من دول العالم فيما يخص اختيار قضاة‬
‫املحكمة الدستورية‪ ،‬ففي بعض البلدان كبلجيكا وسويسرا وأملانيا‪ ،‬ينتخب البرملان القضاة‪،‬‬
‫دون سواهم‪ .‬وفي ايطاليا‪ ،‬من بين خمسة عشر (‪ )15‬عضوا في املحكمة الدستورية‪ ،‬ينتخب‬

‫‪ 8‬إبراهيم دراجي‪ ،‬املحكمة الدستورية السورية اشكالياتها وكيف يمكن أن تكون ضامنة ملبادئ الشرعية واملواطنة‪،2020،‬‬
‫ص‪ ،7‬انظر املوقع االلكتروني‪ https://raseef22.net/article/1079270 :‬تم االطالع عليه يوم الثالثاء ‪ 11‬أغسطس‬
‫‪.49 :09 ،2020‬‬
‫‪ 9‬سوجيتشودري‪ ،‬كاترين غلين بايس‪ ،‬املحاكم الدستورية بعد الربيع العربي‪ :‬آليات التعيين و االستقالل القضائي النسبي‪،‬‬
‫مركز العمليات االنتقالية الدستورية في كلية الحقوق ‪ -‬جامعة نيويورك‪ ،‬املؤسسة الدولية للديمقراطية واالنتخابات‪-‬‬
‫‪ 2014‬ص‪.31‬‬
‫‪215‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫البرملان خمسة منهم‪ ،‬وخمسة تختارهم السلطة القضائية من بين قضاة الجهات القضائية‬
‫العليا‪ ،‬وخمسة يعينهم رئيس جمهورية‪.10‬‬

‫ففي بعض البلدان العربية يتم اختيار ثمانية(‪ )8‬نواب لعضوية هذه املحكمة على أن‬
‫ينتخبهم مجلس النواب في بداية كل سنة‪ ،‬و سبعة(‪ )7‬قضاة يشغلون أعلى مناصب القضاة‬
‫بحسب درجات التسلسل القضائي أو باعتبار التقدم عند تساوي الدرجات‪ ،‬و تعيينهم محكمة‬
‫التمييز بهيئتها العامة كل سنة‪.‬‬

‫نالحظ أن املؤسس الدستوري الجزائري جعل تعيين األعضاء االثنى عشر(‪ )12‬بموجب‬
‫املادة ‪ 186‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 2020‬بطريقتين‪:‬‬

‫‪‬التعيين املباشر من طرف رئيس الجمهورية الذي يعين أربعة أعضاء (‪ )4‬من بينهم‬
‫رئيس املحكمة‪.‬‬

‫‪‬االنتخاب من طرف السلطة القضائية حيث عضو واحد (‪ )1‬تنتخبه املحكمة العليا‬
‫من بين أعضائها‪ ،‬وعضو واحد (‪ )1‬ينتخبه مجلس الدولة من بين أعضائه‪.‬‬

‫‪‬ستة (‪ )6‬أعضاء ينتخبون باالقتراع العام من أساتذة القانون الدستوري‪ .‬يحدد‬


‫رئيس الجمهورية شروط وكيفيات انتخابهم‪.‬‬

‫والحل فيما يخص عملية تعيين األعضاء الذي تختص السلطة التنفيذية فيجب تقيد‬
‫هذه الهيئة في عملية اختيارها‪ ،‬كأن يفرض املؤسس الدستوري أن تختار هؤالء األعضاء من بين‬
‫الشخصيات التي يشهد لها بدرجة علمية عالية كأساتذة التعليم العالي والدكاترة في القانون‪،‬‬

‫‪ 10‬حسن مصطفى البحري‪-‬القضاء الدستوري‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬املجلد رقم ‪ ،2‬ط ‪ ،2‬دمشق‪ ، 2019 ،‬ص ‪.129‬‬

‫‪216‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫وعلى املحكمة العليا ومجلس الدولة أن تختاران األعضاء ذوي الكفاءة العالية‪ ،‬ذوي الخبرة‬
‫الطويلة في املجال القانوني‪ ،‬هذا ما يمكن كل األعضاء في املحكمة الدستورية من تأدية مهام‬
‫العضوية بكل نزاهة وحياد وكفاءة‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬ضمانات استقاللية املحكمة الدستورية وحياد أعضاءها‬

‫على هذا األساس‪ ،‬وبالنظر إلى األهمية املرموقة التي تتضمنها مهمة الرقابة على‬
‫دستورية القوانين‪ ،‬يستدعي األمر إسنادها إلى مؤسسات وهيئات دستورية تتوفر على شروط‬
‫وعوامل تضمن استقالليتها وحيادها‪ ،‬وبالتالي جعلها أداة فعالة في هيكلة النظام القانوني‬
‫واملؤسساتي في الدولة حيث نتطرق في املطلب األول إلى الشروط العضوية في املحكمة الدستورية‬
‫وكمطلب ثاني نتناول مدة العضوية وعزل القضاة‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬شروط العضوية في املحكمة الدستورية‬

‫انتقد املجلس الدستوري في الجزائر كثيرا في تشكيلته الفتقاده لشرط التخصص‬


‫والكفاءة‪ ،‬السيما وأن نشاطه تقني يقتض ي اإلملام بجوانب القانون والتخصص في‬
‫مضامينه‪11،‬عادة ما تشترط الدساتير شروط معينة في املترشحين لعضوية الهيئة املكلفة‬
‫بالرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬كشرط سن معين أو التأهيل العلمي‪ ،‬مما يعطي ضمانة لتوفير‬
‫الكفاءة واالستقاللية لدى أعضائها‪.12‬‬

‫‪ 11‬علي الباز‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في مصر واألنظمة العربية واألجنبية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة الشعاع الفنية‬
‫مصر‪ ،‬ط ‪ ،2001‬ص ‪.99‬‬
‫‪12‬انظر كل من‪ :‬فوزي أوصديق‪ ،‬الوافي في شرح القانون الدستوري‪ :‬النظرية العامة للدساتير‪ ،‬ج ‪،2‬ط ‪،1‬د م ج الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1994‬ص ‪ 193‬إلى ‪.199‬‬
‫‪- L. Favoreu, le conseil constitutionnel régulateur de l’activité normative des‬‬
‫‪pouvoirs public, R .D . P. N° 1, janvier, Février 1967, p 73.‬‬
‫‪217‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫وعلى هذا األساس عمل املؤسس الدستوري الجزائري استدراك الخلل الذي كان قائما‬
‫في طريقة تكوين املجلس الدستوري وشروط العضوية فيه‪ ،‬وذلك بإحداث إصالحات جديدة‬
‫تمثلت في تضمين التعديل الدستوري لسنة ‪ 2020‬شروطا جديدة للعضوية في املحكمة‬
‫الدستورية حددتها املادة ‪ 187‬من التعديل الدستوري والتي تعكس رغبة املؤسس الدستوري في‬
‫اعتماد معايير الكفاءة والتخصص والخبرة‪.‬‬

‫هذا يدخل في إطار تعزيز رقابة فعالة لدستورية القوانين والتي تؤدي إلى جدارة املحكمة‬
‫في القيام بمهام الرقابة الدستورية‪ ،‬بحيث يسهم عامل الكفاءة والخبرة القانونية املحددة في‬
‫الدستور الحالي‪ ،‬في تكريس تخصص املحكمة الدستورية سيما في مجال الفكر القانوني وكل ما‬
‫يتصل بمقتضيات تفسير الدستور باعتبارها املهمة التقنية ألعضاء املحكمة الدستورية‪ ،‬وهو‬
‫ما يعزز من دور األعضاء في حماية الدستور و يمنحهم استقاللية في مجال عملهم الرقابي ضد‬
‫أشكال التأثير بحكم تخصصهم الوظيفي‪ ،‬وينطبق ذلك أيضا على عامل السن القانونية‬
‫املحددة بخمسين (‪ )50‬سنة فما فوق‪ ،‬وهو ما يعكس جوانب النضج والتأهيل والخبرة للعضوية‬
‫في املحكمة الدستورية ألهمية املسؤولية املنوطة بأعضائها املتمثلة في حماية الدستور‪.13‬‬

‫فتنظيم شروط التعيين أو االنتخاب لعضوية املحكمة الدستورية بهذه الدقة في‬
‫الدستور كفيل باإلفصاح عن املكانة املميزة التي تحض ى بها عملية تكوين مؤسسة املحكمة‬
‫الدستورية‪ ،‬مقارنة بشروط تكوين املؤسسات األخرى التي يتولى القانون عادة تنظيم مسائلها‬
‫التفصيلية وشروط االنتساب لها‪ .14‬نجد الدستور التونس ي فقد أشترط في األعضاء أن يكونوا‬

‫‪- D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, 3 éditions, Montchrestien, Paris, 1993,‬‬


‫‪p 39.‬‬
‫‪13‬املادة ‪ 187‬من الدستور ‪.2020‬‬
‫‪ 14‬كشروط الترشح لالنتخابات التشريعية‪ ،‬القانون العضوي رقم ‪ ،10-16‬املؤرخ في ‪ 25‬أوت ‪ ،2016‬يتعلق بنظام‬
‫االنتخابات‪ ،‬ج ‪ .‬ر‪ .‬ج‪ .‬ج‪ ،‬عدد ‪ ،50‬الصادر في ‪ 28‬أوت ‪.2016‬‬
‫‪218‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫من ذوي الكفاءة على أن يكون ثالث أرباع منهم من املختصين في القانون‪ ،‬والذين ال تقل خبرتهم‬
‫عن عشرين سنة‪ ،15‬في حين يختار أعضاء املحكمة الدستورية املغربية‪ ،‬من بين الشخصيات‬
‫املتوفرة على تكوين عالي في مجال القانون‪ ،‬وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية‪ ،‬والذين‬
‫مارسوا مهنتهم ملدة تفوق خمسة عشر سنة‪ ،‬واملشهود لهم بالتجرد والنزاهة‪.16‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تحديد مدة العضوية والتجديد النصفي‬

‫يعد تحديد مدة العضوية في املحكمة الدستورية ضمانا مهما في استقاللية العضو‬
‫وحياده بحكم عدم قابليته للعزل من قبل السلطة التي عينته أو انتخبته طيلة املدة املحددة‬
‫دستوريا‪ ،‬وهذا ما يجعله يعمل بنزاهة غير متأثر بأي ضغط أو خوف من العزل‪ ،17‬وعدم إمكانية‬
‫تجديد العضوية يجعله أكثر استقاللية في اتخاذ القرار ويحرره من مسألة إرضاء السلطة من‬
‫أجل التجديد له‪ .18‬ما يساهم في ضمان االستقرار في تأدية املهام من جهة وعدم الخضوع لتأثير‬
‫السلطات األخرى بحكم تحديد مدة العضوية بنص الدستور وانتفاء أي سبيل للتصرف فيها‪،‬‬
‫أما تقنية التجديد النصفي فإنها تضمن عدم جمود االجتهاد الدستوري وضمان االستمرارية في‬
‫العمل الرقابي ونقل التجربة بين األعضاء عقب كل عملية تجديد‪ ،19‬بحيث يضمن تحديد‬
‫العضوية عدم تبعية األعضاء للسلطات القائمة بالتعيين أو االنتخاب‪ ،‬كما تجنب تقنية‬

‫‪15‬املادتان ‪ 190‬و ‪ 191‬من الدستور التونس ي لسنة ‪.2014‬‬


‫‪16‬الفصل ‪ 118‬من الدستور التونس ي لسنة ‪.2014‬‬
‫‪17‬الفصل ‪ 130‬من الدستور املغربي لسنة ‪.2011‬‬
‫‪18‬‬
‫‪« Le pouvoir de nomination ne comporte pas le pouvoir de révocation, cette règle est‬‬
‫‪fondamentale, car elle montre bien la volante des constitutions, de ne mettre le conseil sous la‬‬
‫‪tutelle oppressante du chef de l’État … Louis FAVOREAU, les cours constitutionnelles, op, p‬‬
‫‪1050.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪François LUCHAIRE, le conseil constitutionnel, Economica, France, 1980, p 76.‬‬
‫‪219‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫التجديد الدوري التواطؤ أو الضغوطات‪ ،20‬وهذا ما يضمن بالنتيجة استقاللية هيئة املحكمة‬
‫الدستورية ويسهم في فعالية الرقابة الدستورية‪.‬‬

‫يضطلع أعضاء املحكمة الدستورية في الجزائر بمهامهم لفترة واحدة مدتها ست (‪)6‬‬
‫سنوات غير قابلة للتجديد و هو ما يعادل املدة املتوسطة املعمول بها في محاكم دستورية أخرى‪.‬‬
‫فست(‪ )6‬سنوات تمثل فترة زمنية طويلة بما فيه الكفاية حتى تتمكن املحكمة الدستورية من‬
‫القيام بعمل طويل املدى يبرز بوضوح االتجاهات الكبرى لفقه قضائها‪ .‬أما مبدأ عدم التجديد‬
‫فهو يهدف إلى تعزيز استقاللية القضاة تجاه الجهات التي قامت باختيارهم لتفادي أية محاولة‬
‫أعزاء أو ضغط في عالقة بالتمديد‪ .‬ويتم تجديد ثلث أعضاء املحكمة الدستورية كل ثالث ويحدد‬
‫النظام الداخلي للمحكمة الدستورية شروط وكيفيات التجديد الجزئي‪.21‬‬

‫على صعيد املمارسات الدولية فإننا نجد أن أغلبية الدساتير و قوانين املحاكم‬
‫الدستورية تنص على منح القاض ي في املحكمة الدستورية مدة والية واحدة طويلة‪ ،‬و لكن غير‬
‫قابلة للتجديد‪ ،‬و هذا ما هو مطبق في أملانيا على سبيل املثال حيث مدة والية القاض ي في املحكمة‬
‫الدستورية الفيدرالية هي اثنا عشر (‪ )12‬عاما غير قابلة للتجديد‪ ،‬و في ايطاليا هي تسعة (‪)9‬‬
‫أعوام غير قابلة للتجديد‪ ،‬و في تركيا اثنا عشر (‪ )12‬عاما غير قابلة للتجديد‪ ،‬وفي املغرب وتونس‬
‫وفرنسا و البرتغال و بولندا تكون مدة العضوية تسع (‪ )9‬سنوات غير قابلة للتجديد‪ .‬و هو ما‬
‫يمكن تفسيره بأن هذه السنوات تمثل فترة زمنية طويلة بما فيه الكفاية حتى تتمكن املحكمة‬
‫من القيام بعمل طويل املدى يبرز بوضوح االتجاهات الكبرى لفقه قضائها‪ ،‬أما مبدأ عدم‬

‫‪ 20‬أحمد كريوعات‪ ،‬حماية املجلس الدستوري للحقوق والحريات األساسية‪ ،‬مذكرة مقدمة للحصول على شهادة املاجستير‬
‫في القانون العام‪ ،‬تخصص " حقوق االنسان والحريات العامة"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة‪ ،2016 ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Bertrand MATHIEU et Michel VERPEAUX, contentieux constitutionnel des droits‬‬
‫‪Fondamentaux, L G D J, Paris, 2002, P 86.‬‬
‫‪220‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫التجديد فهو يهدف إلى تعزيز استقاللية القضاة تجاه الجهات التي قامت باختيارهم لتفادي أية‬
‫محاولة إغراء أو ضغط‪.22‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫نظرا لألهمية التي يكتسيها موضوع الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬باعتبارها كآلية‬
‫مبدئية وجوهرية في تجسيد نظام ديمقراطي وتأسيس األطر القانونية‪ ،‬يقتض ي األمر إسنادها‬
‫إلى هيئة دستورية تتوفر فعال على مقومات استقالليتها وحيادها وبالتالي جعلها أداة فعالة في‬
‫هيكلة النظام القانوني واملؤسساتي في الدولة‪ ،‬فاملحكمة الدستورية بذلك تكتس ي أهمية بالغة‪،‬‬
‫حيث خول له الدستور صراحة مراقبة جميع القوانين‪ ،‬وهذا لتفادي وجود أي تناقض فيما‬
‫بينها وبين الدستور‪ ،‬كما خول لها في نفس الوقت مهام الحفاظ الحقوق والحريات األساسية‪،‬‬
‫حيث جاء التعديل الدستوري لسنة ‪ 2020‬حامال معه بوادر التجديد من خالل اإلصالحات‬
‫العميقة والضرورية ملوضوع الرقابة الدستورية‪ ،‬إلعطاء نفس جديد وقوي لتفعيل الدور‬
‫الرقابي للمؤسسة الدستورية املكلفة بمهمة الرقابة الدستورية‪ .‬لقد جاء هذا التعديل في وقت‬
‫حساس جدا تعالت فيه األصوات تطالب بضرورة إحداث إصالحات جوهرية في النظام‬
‫السياس ي ومؤسسات الدولة وغيرها من املسائل ذات الصلة باملصلحة العامة‪ ،‬ومن بين املسائل‬
‫التي أضحت باهتمام املؤسس الدستوري الجزائري في هذا التعديل محاولة رد االعتبار ملوضوع‬
‫الرقابة الدستورية من خالل تكريس جملة من الضمانات القانونية بهدف تعزيز استقاللية‬
‫املحكمة الدستورية ومن ثمة تمكينها من أداء الدور املنوط بهاعلى أحسن وجه وبالفعالية‬
‫الالزمة‪.‬‬

‫‪22‬املادة ‪ 188‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.2020‬‬


‫جنان االمام ‪ ،‬لنتحدث عن املحكمة الدستورية‪ ،‬املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية‪ ،‬مكتب تونس‪ ،‬مارس ‪– 2018‬‬
‫ص‪.30‬‬
‫‪221‬‬
‫‪ISSN :2602-7380‬‬
‫جملة الدراسات حول فعلية القاعدة القانونية‬
‫املجلد ‪ ،04‬العدد ‪2020-02‬‬
‫عراش نورالدين ‪ ،‬تفعيل الرقابة الدستورية في الجزائر في ظل التعديل الدستوري ‪ ،2020‬ص ص ‪.222-209‬‬

‫ومما ال ريب فيه أن إسناد مهمة التحقق من مدى مطابقة القوانين املختلفة ألحكام‬
‫الدستور إلى القضاء يحقق مزايا عديدة لم تتوافر من قبل في حالة اضطالع هيئة سياسية بهذه‬
‫املهمة‪ ،‬إذ تتوافر عادة في رجال القضاء ضمانات الحيدة واملوضوعية‪ ،‬واالستقالل في مباشرة‬
‫وظيفتهم من ناحية‪ ،‬كما أن من ناحية أخرى مؤهلين بحكم تكوينهم القانوني لالضطالع بمهمة‬
‫فحص القوانين للتعرف على مدى موافقتها ألحكام الدستور‪ ،‬وفضال عن ذلك كله‪ ،‬فان‬
‫اإلجراءات التي تتبع أمام القضاء تنطوي على كثير من الضمانات التي تكفل العدالة ( مثل‬
‫العالنية وحرية الدفاع ومناقشة الشهود والخصوم وضرورة تسبيب األحكام القضائية)‪ ،‬وتبعث‬
‫الثقة واالطمئنان ألحكامه مما يكفل بالتالي لرقابة الدستورية موضوعيتها وسالمتها‪.‬‬

‫اقتراحات‪:‬‬

‫إذا كان الشطر األهم من االنتقادات قد تجاوزه املؤسس الدستوري في ظل التعديل‬


‫الدستوري السنة ‪ ،2020‬فإن مجموعة أخرى من القيود التزال موجودة ويمكن أن تؤثر في‬
‫فعالية املحكمة الدستورية ومكانتها‪ ،‬ونعني بها طريقة تعيين رئيس املحكمة الدستورية الذي‬
‫يمكن تجاوزه عن طريق السماح ألعضاء املحكمة الدستورية بانتخاب رئيسهم بصفة مستقلة‬
‫مما يحقق قدرا من االستقاللية لهذه الهيئة‪ ،‬وبعض القيود املتعلقة باإلجراءات املتبعة أمام‬
‫املحكمة الدستورية التي يمكن تجاوزها عند سن نصوص النظام الداخلي للمحكمة الدستورية‬
‫بتكريس مبدأ الوجاهية في إجراءات التحقيق أمام املحكمة الدستورية‪.‬‬

‫‪222‬‬

You might also like