Professional Documents
Culture Documents
ماستر الدراسات القانونية المدنية الفوج الخامس
ماستر الدراسات القانونية المدنية الفوج الخامس
2
مقدمة :
تعتبر مادة التنظيم القضائي مادة إجرائية بامتياز ،وذلك كإضافة للمواد
اإلجرائية األخرى كالمسطرة المدنية ،إذ بها يتم تحريك النصوص القانونية من
جمودها إلى حركتها داخل المحاكم على مختلف درجاتها ،كما أن بها يتم تحديد
السبيل إلى الحق و الدفاع عنه .
و كما هو معلوم فقد عرف التنظيم القضائي في المغرب عدة تطورات ،وهذا بفعل
حركة التنمية بمختلف أشكالها التي يعرفها المجتمع ،هذا من جهة و من جهة أخرى
بفعل االحتكاك او التأثر بالقوانين الغربية ،و كنتيجة لهذه العوامل أصدر المشرع
المغربي قانونا جديدا للتنظيم القضائي و هو قانون رقم 38:15الصادر في 30
يونيو ، 2022حيث أصدر المشرع هذا القانون من أجل سد الثغرات او النواقص
التي يحملها القانون السابق رقم ،42:10و من أجل السير و النهوض بنظام قضائي
ضامن لتحقيق العدالة االجتماعية سواء على المشكل الشكلي و حتى على المستوى
الموضوعي.
و في هذا اإلطار قد تضمن قانون 38:15التنظيم القضائي الجديد عدة مستجدات
قانونية ابتداء من المبادئ العامة للتنظيم القضائي (كمبدأ استقاللية السلطة القضائية
و مبدأ وحدة القضاء )...حيث أضاف المشرع مبدأ جديدا و هو مبدأ التخصيص،
كما تضمن هذا القانون مستجدات أخرى تندرج ضمن الشكل كقواعد التنظيم ،و
تشكيل الهيئات القضائية كهيئة الحكم و تنظيم الجلسات و اختصاص المحاكم ،و كذا
اضافة بعض األقسام المتخصصة في القضايا التجارية و القضايا اإلدارية ،باإلضافة
إلى منظومة التدبير .
ان موضوع مستجدات قانون 38:15التنظيم القضائي له أهمية قانونية بامتياز ،و
التي تتمثل في معرفة اإلضافات القانونية التي أتى بها المشرع المغربي في هذا
القانون سواء على مستوى الشكل او على المستوى الموضوع ،و ذلك مقارنة
بقوانين التنظيم القضائي خاصة قانون رقم 42:10الصادر سنة .2011
ان المستجدات القانونية التي أتى بها المشرع في قانون 38:15التنظيم القضائي
الجديد تطرح إشكاال متعلقا بالتقييم القانوني لهذه المستجدات ،أي البحث عن
3
اإليجابيات و السلبيات الخاصة بهذا القانون سواء على مستوى الشكل او على
مستوى الموضوع ،ولهذا يتم طرح مسألة مدى نهوض المشرع المغربي بهذا
القانون للمنظومة القانونية ،او البقاء عليها كما هي في القوانين السابقة للتنظيم
القضائي.
و عليه فإن معالجة موضوع التنظيم القضائي الجديد و ميزان التقييم يقتضي منا
اتباع منهج تحليلي يتم من خالله تحليل النصوص القانونية الواردة في القانون رقم
38:15من أجل تحديد المستجدات الواردة في هذا القانون و بالتالي تقييمها.
و يتفرغ عن هذا اإلشكال عدة أسئلة فرعية تندرج حول المستجدات و مسألة التقييم
:
ـ ماهي مستجدات قانون التنظيم القضائي الجديد؟ سواء على مستوى المبادئ
العامة أو المستجدات المتعلقة بقواعد التنظيم؟
ـ و ماهي ايجابيات قانون التنظيم القضائي الجديد؟ و ماهي سلبياته ،سواء على
المستوى الشكلي أو على المستوى الموضوعي؟.
و لإلجابة على اإلشكال المطروح و مختلف التساؤالت الفرعية ،إرتأينا تقسيم
الموضوع حسب التقسيم التالي:
المبحث االول :مستجدات التنظيم القضائي الجديد
المبحث الثاني :تقييم التنظيم القضائي الجديد
4
خطة البحث:
سنعالج موضوع التنظيم القضائي الجديد و ميزان التقييم وفق خطة بحث تتمثل في
تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين:
المبحث األول المعنون بمستجدات التنظيم القضائي الجديد ،و الذي قسمناه إلى
مطلبين ،المطلب األول و الذي عنوناه بالمبادئ العامة للتنظيم القضائي (الفقرة
االولى) و اإلجراءات المسطرية المستحدثة (الفقرة الثانية) ،في حين تناولنا في
المطلب الثاني المستجدات المتعلقة بقواعد التنظيم (الفقرة األولى) و تشكيل الهيئات
القضائية و اختصاص المحاكم و منظومة التدبير.
و بخصوص المبحث الثاني فيحمل عنوان تقييم التنظيم القضائي الجديد ،و الذي
قسمناه إلى مطلبين ،المطلب االول تناولنا فيه ايجابيات التنظيم القضائي من حيث
التنصيص على المبادئ العامة (الفقرة األولى) ،و من حيث التنظيم الدقيق لمحل
الهيئات القضائية ،في حين تناولنا في المطلب الثاني سلبيات التنظيم القضائي الجديد
سواء على مستوى الشكل (الفقرة األولى) ،أو على مستوى الموضوع (الفقرة
الثانية).
5
المبحث األول :مستجدات التنظيم القضائي الجديد
سوف نتحدث في هذا المبحث عن المبادئ األساسية للتنظيم القضائي الجديد (
المطلب األول) ،ثم نتحدث عن اإلجراءات المسطرية المستحدثة (المطلب الثاني).
المطلب األول :المبادئ األساسية التنظيم القضائي واإلجراءات
المسطرية المستحدثة.
يكتسي قانون 15.38أهمية بالغة ،السيما فيما يتعلق باستكمال البناء المؤسساتي
للسلطة القضائية ببالدنا ،وإعادة ضبط آليات العمل وتنظيم العالقة بين مختلف
المكونات داخل المحاكم ،وفقا ً للوضع المؤسساتي الجديد الذي أفرزه دستور 2011
والقانون التنظيمي رقم 100.13المتعلق بالمجلس األعلى للسلطة القضائية .لذلك
تضمن القانون الجديد مستجدات عديدة شملت قواعد تنظيم عمل الهيئات القضائية
واختصاصاتها ومنظومة تدبير المحاكم وتنظيمها الداخلي ،وحقوق المتقاضين،
إضافة إلى إجراءات مسطرية مستحدثة تهم بعض مجاالت التنظيم القضائي .وهي
ض على السلطة القضائية بكل مكوناتها التعبئة الكاملة لضمان تنزيلهامستجدات ت َ ْف ِر ُ
بكل سالسة ،وبما يتماشى مع مبادئ التنظيم القضائي.
وسأخصص هدا المطلب للحديت عن المبادئ األساسية التي جاء بها التنظيم
القضائي (الفقرة األولى) ,تم أهم اإلجراءات المسطرية المستحدثة (الفقرة الثانية ).
الفقرة األولى :المبادئ األساسية التنظيم القضائي
يقوم التنظيم القضائي بالمغرب على غرار القوانين المقارنة على عدة مبادئ أساسية
تعتبر بمثابة التوجه والموقف اللذين تبناهما المشرع المغربي في ما له عالقة بتنظيم
المحاكم أيا كان نوعها ،ويظهر من خالل المبادئ المتبناة ،أن قانوننا يسير وأغلب
القوانين ال سيما التي تنتمي للنظام الالتيني الذي يتزعمه القانون الفرنسي وغني عن
البيان أن مبادئ التنظيم القضائي تساهم إلى حد كبير في فهم النموذج الذي يعتمده
كل قانون وذلك من خالل الضمانات التي يضعها لحماية حقوق الدفاع وجعل
القضاء يتمتع بالهبة واالستقاللية التي يفترض أن يتميز بها.
6
وكما هو متعارف عليه ،ثمة مبادئ كثيرة تعمل بها جل القوانين منها :استقالل
الفضاء ،والتقاضي على درجتين ،ووحدة القضاء والقاضي الفرد وتعدد القضاة
ومجانية القضاء ،وعلنية الجلسات وشفوية المرافعات والمساعدة القضائية.
أوال -مبدأ استقالل السلطة القضائية
يقصد بمبدأ استقالل السلطة القضائية أن تتمتع هذه السلطة باالستقالل عن الهيات
الدستورية األخرى والسلط التي نص عليها الدستور ،ونعني بذلك أساسا السلطة
التشريعية والسلطة التنفيذية .ويراد بهذا المبدأ أيضا تمتع القضاة كأفراد موكول
إليهم أمر البت في الملفات التي تعرض عليهم ،بنوع من الحياد واالستقالل وعدم
التأثر أوالخضوع ألية جهة كيفما كانت.
وإذا كان استقالل السلطة القضائية حيال السلطتين التشريعية والتنفيذية يعني عدم
تدخل هاتين األخيرتين في عمل السلطة القضائية ،أي أن السلطة التشريعية مكلفة
دستوريا بسن القوانين ووضعها ،وكذا القيام بمراقبة العمل الحكومي عن طريق
األسئلة الكتابية أو األسئلة الشفوية أو غيرها من اآلليات التي وضعها الدستور
لتحقيق هذه المراقبة فإن االستقالل المذكور يتحقق بعدم تجاوز الحدود المرسومة
دستوريا للسلطةالتشريعية.
ويعني االستقالل أيضا ،عدم تدخل السلطة التنفيذية في االختصاص والصالحيات
المعهود بها للسلطة القضائية .ومؤدى ما نقول أن الحكومة كهيأة تنفيذية ليس لها
سوى القيام بتنفيذ القوانين وفق ما ينص على ذلك الدستور .وإذا كان األمر كذلك،
فإن مبدأ االستقالل يفرض عدم تدخل القضاء في أعمال السلطتين المذكورتين.
أما استقالل القاضي كفرد وهو المعنى الثاني لمبدأ االستقالل -فيتوقف على تمتيع
القاضي بهامش واسع من القناعة في اتخاذ ما يراه مناسبا من قرارات ومواقف من
النزاعات التي تعرض عليه في إطار النصوص والمقتضيات القانونية المطبقة على
النوازل.
وال شك أن استقالل السلطة القضائية استأثر بأهمية وعناية خاصين من قبل كل
مكونات المجتمع المغربي ،سواء تعلق األمر بهيأت عمومية أو خاصة أو تعلق
بالمجتمع المدني سيما الجمعيات التي جعلت هدف قانونها األساسي هو تحقيق
7
استقالل القضاء .بل إن استقالل القضاء من أولويات سياسة صاحب الجاللة الملك
محمد السادس الذي ال يفوته كلما كانت الفرصة مناسبة أن يركز على ضرورة
إصالح القضاء وجعله فعال رائعة للنمو االقتصادي واالجتماعي بالمملكة.
وقد انطلقت بالفعل التدابير واآلليات واألدوات التي تمكن من النهوض بوضع
القضاء ببالدنا وبتحقيق مبدأ استقالل القضاء المكرس في أعلى وأسمى قانون في
البالد المتمثل في الدستور.
غير أن عدة معيقات منها ما هو قانوني أو سياسي ،أو واقعي تجعل تجسيد هذا
المبدأ على أرض الواقع من األمور التي تتميز بنوع من الصعوبة التي ال ترقى إلى
مستوى االستحالة طبعا .فأما المعيقات ذات الطابع القانوني فيمكن تلخيص أهمها في
النقاط اآلتية:
ال يمكن أن يتحقق استقالل القضاء ما دام أن ترقية القضاء تتوقف على التنقيط الذي
يتولى رئيس المحكمة القيام به ونقصد رؤساء المحاكم بكافة درجاتها وأنواعها) .
ألن االستقالل يقتضي أال يكون القاضي محكوما بالمنطق الرئاسي ،أي التسلسل
الرئاسي ألن القناعة القضائية هي أهم ما يميز عمل القضاة ،وهي مسألة قررها
المشرع لهم وهم يقومون بالمساطر واإلجراءات ويبتون في النوازل والقضايا التي
تعرض عليهم .وتعتقد أن تجاوز هذا العائق الذي قد يقف أمام إحساس القاضي
باستقالليته .ويكونه ال يختلف كثيرا عما هو معمول به في كثير من الوظائف
العمومية األخرى أمر ضروري .ومن ثم نقترح أن يكون القضاة كاألساتذة
الجامعيين ،غير مرهونين في ترقيهم بأسلوب التنقيط وسيكون هذا في نظرنا ضمانا
إلعمال الضمير والقناعة الشخصية والستقالل القضاة في اتخاذهم لما يرونه مناسبا
من قرارات وتدابير.
من بين األمور التي تعد في اعتقادنا سببا في عدم فعالية مبدأ استقالل القضاء اقتران
ترقية القضاة باإلنتاج السنوي .أي أن تمييز قاض عن آخر ال يتم من خالل جودة
األحكام والقرارات التي يصدرها ،وإنما من حيث عدد الملفات التي استطاع أن
يبت فيها خالل السنة،وفي اعتقادنا المتواضع ،ال يمكن لهذا األسلوب الكمي الذي ال
يعطي لالكيف أهميته الالزمة .أن يتخذ معيارا لتقييم عمل القضاة ،ألنه من جهة
أولى يفتح المجال أمام ترقية قضاة ال يولون أية أهمية للتقنيات الفنية للقضاء،
8
ويعتمدون على الكم دون الكيف والنه من جهة ثانية يستبعد قضاة هم أولى بالترقية
من غيرهم بناء على األحكام الرفيعة واإلجراءات السليمة والناجعة التي قاموا بها.
ومن جهة ثالثة ألن مثل هذا األسلوب ال يشجع على اإلبداع واالجتهاد القضائي وهو
األمر الذي توخاه المشرع من خالل متعه القضاة عدة صالحيات إبان نظرهم في
الملفات ال شك أن النظام األساسي للقضاة على الرغم من تضمنه لكثير من الجوانب
اإليجابية في ما يتعلق بوضعية القضاة وسير عملهم ،فإنه ينطوي على العديد من
الجوانب التي تطال مبدأ استقالل القضاء من ذلك على سبيل المثال ،السلطات
والصالحيات التي يتمتع بها الرؤساء األولون لمحاكم االستئناف والوكالء العامون
للملك لديها في انتداب القضاة المنتمين للدوائر االستثنافية التابعة لهم في حال وجود
خصاص طارئ يستدعي ذلك ،وكذا إمكانية ممارسة الرئيس األول لمحكمة النقض
والوكيل العام للملك لديها لنفس الصالحيات على مستوى دواثر نفوذ محاكم
االستئناف بالملكة مع االلتزام طبعا بما تفرضه المواد 73وما يليها من القانون
التنظيمي المتعلق بالنظام استقالل القضاء ونعتقد أنه على الرغم من تحويل
الصالحيات التي كانت ممنوحة لوزير العدل إلى المسؤولين القضائيين الموما ً إليهم
أعاله ضمانا لحقوق أكثر للقضاة ،تبقى بعض اإلشكاالت مطروحة سيما في تطبيق
معايير االنتداب وتجديد مدته.
يضاف إلى ما سبق أنه من بين األمور التي كانت تدخل في خانة عوائق تحقيق
استقالل القضاء رئاسة وزير العدل للنيابات العامة التي تتكون من أعضاء يدخلون
في خانة القضاء ،غير أن المادة 25من القانون التنظيمي الخاص بالنظام األساسي
للقضاة تجاوزت بحق عددا من االنتقادات التي كان يثيرها هذا األمر يجعل النيابة
العامة تحت سلطة ومراقبة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض عوضا عن
الوزير طبقا لما كان معموال منذ 1974تاريخ إصدار النظام األساسي لرجال
القضاء الملغي .وال يمكن تحقيق استقالل القضاء إن لم يكن القاضي يشعر بالفعل
بنوع من الهبة والتميز في السلم االجتماعي .فمن الضروري إعادة النظر في
وضعية القضاة المادية وتوفير الشروط المالئمة للعمل .واستتباعا ،ينبغي الزيادة في
رواتب القضاة بما يليق ودورهم الحيوي والتنموي ،وتهييء الظروف المناسبة
للعمل شأن إعادة النظر في بنايات المحاكم ألن عددا غير يسير من المحاكم بالمملكة
ال تعكس الهبة التي من المفروض أن يتمتع بها القضاء سيما وأن المتقاضين
9
ينطلقون من ظروف عمل القضاة (المكاتب والبنايات والتجهيزات وقاعات الجلسات
......للحكم على هبتهم وقيمتهم االجتماعية ودورهم داخل المجتمع.
ثانيا -مبدأ التقاضي على درجتين:
من المبادئ األساسية التي تضمن حقوق الدفاع مبدأ التقاضي على درجتين
فبالرجوع إلى القانون المغربي يمكن التأكيد على أن تشريعنا حرص على احترام
هذا المبدأ على مستوى التنظيم القضائي الصادر في 15يوليوز 1974أو على
صعيد قانون المسطرة المدنية الصادر في 28شتنبر 1974وهكذا أكد المشرع
المغربي على أن للمتقاضين الحق في رفع قضاياهم والدفاع عنها موضوعا وقانونا
على درجتين ،األولى أمام محاكم أول درجة ،والثانية أمام محاكم ثاني درجة ما لم
يكن الحكم انتهائيا غي قابل لالستئناف ،ولم يغير المشرع موقفه من احترام التقاضي
على درجتين رغم إحداثه للمحاكم اإلدارية في 10شتنبر ،1993وللمحاكم التجارية
في 12فبراير 1997دون أن ننسى محاكم االستئناف اإلدارية ومحاكم االستئناف
التجارية التي تم إنشاؤها إلبراز تمسك تنظيمنا القضائي بهذا المبدأ الهام والضامن
لحقوق المتقاضين.
ويقصد بمبدأ التقاضي على درجتين السماح لكل طرف من أن يعرض نزاعه
وقضيته أمام محاكم الدرجة األولى (المحاكم االبتدائية ،والمحاكم اإلدارية ،والمحاكم
التجارية) قبل أن يسلك الطعن باالستئناف كطريق طعن يعكس إمكانية التقاضي مرة
أخرى ولنفس األسباب ونفس الموضوع ونفس األطراف أمام محاكم الدرجة الثانية
(محاكم االستئناف ،ومحاكم االستئناف التجارية ،ومحاكم االستئناف اإلدارية).
ومن النصوص الواردة في قانون المسطرة المدنية المؤيدة للمبدأ موضوع هذه
النقطة .الفصل 18الذي جاء فيه أن المحاكم االبتدائية تختص بالنظر في القضايا
التي أوكلها إليها المشرع ابتدائيا وانتهائيا أو ابتدائيا مع حفظ حق االستئناف،
والفصل 19الذي نص على أنه:
تختص المحاكم االبتدائية ابتدائيا مع حفظ حق االستئناف أمام غرف االستثنافات
بالمحاكم االبتدائية إلى غاية عشرين الف درهم 20000درهم) وابتدائيا مع حفظ
حق االستئناف أمام المحاكم االستثنافية في جميع الطلبات التي تتجاوز عشرين ألف
10
درهم ( 20000درهم) وكما يالحظ من خالل النصين المشار إليهما ،يظهر أن
القاعدة المعمول بها في القانون المغربي تتمثل في المحافظة على مبدأ التقاضي على
درجتين وعدم سن أحكام مخالفة له إال استثناء .وبالفعل ففي جل القضايا ،يجوز
للمتقاضين ممارسة االستئناف أي االنتقال إلى عرض النزاع أمام جهة الدرجة
الثانية (غرف االستينافات بالمحاكم االبتدائية أو محاكم االستيناف باستثناء ما ينص
عليه الفصل 21من قانون المسطرة المدنية بشأن القضايا االجتماعية التي لم يطلها
التعديل بشكل صريح ).
أما القضايا التي جعلها المشرع تشذ عن القاعدة المذكورة ،فقليلة بالنظر أوال إلى
قيمتها الزهيدة التي ال تتجاوز المبلغ القيمي المحدد للقول بإمكانية االستئناف ،وثانيا
على اعتبار أن النزاعات التي ال تتجاوز خمسة آالف درهم ال تقبل أي طعن عاديا
كان أو استثنائيا ،وهي كما تنص على ذلك المادة 10من قانون قضاء القرب
الصادر في 17غشت 2011تدخل في المفهوم الواسع الختصاص المحاكم
االبتدائية.
وعلى مستوى المحاكم التجارية ،وإلى حدود سنة ،2002تبنى المشرع المغربي في
المادة السادسة لقانون إحداث هذه المحاكم نفس النهج في ما يتعلق بالتمييز بين
األحكام التي تخضع لالستيناف أي التي تعد تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين،
حيث يمكن استئناف القضايا التجارية التي ال تقل قيمتها عن تسعة آالف .درهم.
وبين األحكام االنتهائية التي ال تتجاوز قيمتها المبلغ المذكور.
غير أنه انطالقا من سنة ،2002أدخل قانون المحاكم التجارية تعديال مبدئيا مفاده
تحويل كل األحكام الصادرة عن المحاكم التجارية صبغة القابلية لالستئناف ،ومن ثم
يمكن اإلقرار بأن المشرع المغربي تبنى مبدأ التقاضي على در جنين دون استثناء
يرد على ذلك خالف ما عليه األمر بالنسبة للمحاكم االبتدائية كما مر بنا.
وتأكيدا لتيني نفس المبدأ الواقي لحقوق المتقاضين ،كرس قانون المحاكم اإلدارية
رقم 41-90الصادر في 10شتنبر 1993وبعده قانون محاكم االستئناف اإلدارية
رقم 03-80الصادر في 14فبراير 2006نفس المبدأ المشار إليه أعاله ،إذ تكون
11
األحكام على درجتين الصادرة في المادة اإلدارية قابلة لالستئناف ،أي أنها تعد
مجاال لتطبيق مبدأ التقاضي.
ثالثا -مبدأ القاضي الفرد وتعدد القضاة:
وتعدد بعد مبدأ القاضي الفرد وتعدد القضاة من أكثر المبادئ التي عرف فيها
المشرع تأرجحا وتقلبا ،فتارة يجعل مبدأ القاضي الفرد هو القاعدة العامة ،المغربي
القضاة هو المتمثل في التشكيلة الجماعية للقضاة وهم ينظرون في النوازل
المعروضة عليهم .و االستثناء ،وتارة ال يعتبر القضاء الفردي سوى استثناء على
المبدا العام ففي سنة 1974أثر التنظيم القضائي جعل مبدأ القاضي الفرد هو المبدأ
األمل المتبع في البت في القضايا أمام المحاكم االبتدائية ،وذلك تبسيطا للمسطرة
وتيسيرا على المتقاضين وضمانا للسرعة في البت غير أن االنتقادات التي وجهت
المبدا القاضي الفرد سيما احتمال وقوع القاضي الفرد في الخطأ إلى جانب تشعب
بعض الملفات التي تستلزم أكثر من رأي فضال عن وجود بعض الحاالت التي قد
يسجل فيها بعض االنحراف أثناء تفسير النصوص القانونية ،أدت إلى العدول عن
هذا المبدأ واعتماد مبدأ القضاء الجماعي الذي يجعل المحاكم االبتدائية ال تنظر في
القضايا إال بحضور ثالثة قضاة وكاتب الضبط وممثل النيابة العامة عند االقتضاء.
وفي 11نونبر 2003أصدر المشرع القانون رقم 103الذي عاد إلى القضاء
الفردي كقاعدة عامة .فقد نص الفصل 4من ظهير التنظيم القضائي المعدل على ما
يلي :تعقد المحاكم االبتدائية جلساتها بحضور ثالثة قضاة بمن فيهم الرئيس،
وبمساعدة كاتب الضبط مع مراعاة االختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى
نصوص خاصةفي الدعاوي اآلنية:
ـدعاوي األحوال الشخصية والميراث باستثناء النفقة
ـالدعاوي العقارية العينية والمختلطة.
ـدعاوي نزاعات الشغل.
تعقد هذه المحاكم جلساتها بقاض منفرد ومساعدة كاتب الضبط في باقي
القضايا.....
12
وسيرا على نفس التوجه أكد الفصل 4من القانون 34.10الصادر في 17غشت
2011والمغير والمتمم لظهير 15يوليوز 1974على أنه:
تعقد المحاكم االبتدائية بما فيها المصنفة جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص
عليها في الفصل ، 5بعده ،وكذا االختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى
نصوص خاصة بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط ما عدا الدعاوى العقارية
العينية والمختلطة وقضايا األسرة والميراث التي بيت فيها بحضور ثالثة قضاة بمن
فيهم الرئيس وبمساعدة كاتب الضبط.
انطالقا من هذا النص يتبين أن التنظيم القضائي بالمغرب عاد إلى مبدأ القاضي
الفرد كقاعدة لتشكيلة المحاكم االبتدائية نظرا للمزايا التي سبق ذكرها .أما القضايا
التي تم إيرادها في الفصل الرابع أعاله على سبيل الحصر ،فيتبع فيها القضاء
الجماعي.
ومن النتائج التي تترتب مسطريا على األخذ بهذه القاعدة أو تلك ،أن القاضي الذي
يقوم بكافة اإلجراءات والتحقيقات التي يستلزمها النزاع وتجهيز الملف تمهيدا للبت
فيه ،يعرف بالقاضي المكلف بالقضية .وهو األمر الذي يجعل المشرع في قانون
المسطرة المدنية كلما أراد تناول إجراءات الدعوى الخاصة بالمحاكم االبتدائية
التمييز بين اصطالحين القاضي المكلف بالقضية (القضاء الفردي والقاضي المقرر
(القضاء الجماعي) .أما القاضي الذي يعهد إليه بتجهيز القضية متى تعلق األمر
بالتشكيلة الجماعية فيعرف بالقاضي المقرر.
وقد يعتقد أن التمييز بين االصطالحين المشار إليهما أعاله ال .شكلية ولغوية .لكن
الحقيقة خالف ذلك .فالبون القائم بين االصطالحين شاسع ،فإذا كان القاضي المكلف
بالقضية ال يقوم بتجهيز الملف فحسب ،وإنما يبت أيضا في النزاع زه للتأمل ،فإن
القاضي المقرر في التشكيلة الجماعية يقتصر دوره على القيام بإجراءات التحقيق
الخاصة بالدعوى دون إمكانية بته وحده في النزاع ،ألن الفصل فيه يعدو كونه
مسألة بعد جحزه
يعود إلى الهيأة الجماعية التي تتداول قبل إصدار الحكم.
13
من ناحية ثانية يقوم القاضي المكلف بالقضية بحجز القضية للتأمل .وهذا يعني أنه
يتأمل الوقائع والمجريات والوسائل التي تضمنتها الدعوى وذلك قبل أن يصدر
الحكم المناسب للنزاع .أما القاضي المقرر فينتقل من ذلك القاضي الذي قام بكل
اإلجراءات التي تطلبتها الدعوى إلى عضو في الهيأة يشارك إلى جانب زمالئه في
المداولة تمهيدا إلصدار الحكم.
وتجدر اإلشارة إلى أن التمييز بين القضاء الفردي وتعدد القضاة ال وجود له
بالمحاكم االبتدائية وهي ثبت كفرقة استثنافية وبمحاكم االستئناف وبياقي المحاكم
األخرى شان المحاكم اإلدارية والمحاكم التجارية ،ومحاكم االستئناف التجارية،
ومحاكم االستئناف اإلدارية السبب مؤداه أن األسلوب المعتمد بهذه المحاكم هو مبدأ
تعدد القضاة وحده دون غيره،
ومما يمكن تسجيله أن ثمة تقاطعا بين مبدأ القاضي الفرد والمسطرة الشفوية وأحيانا
وعدم تنصيب المحامي وهذا على عكس القضاء الجماعي الذي ينسجم مع المسطرة
الكتابية وانتداب محامي للقيام باإلجراءات هذا طبعا مع أن لكل مسألة مبدأها
واستثناءاتها .فقضايا النفقة مثال تخضع للمسطرة الشفوية كاستثناء على المسطرة
الكتابية المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية ،وتعفى من تنصيب المحامي
ابتدائيا وأمام محكمة االستئناف ،وطبعا تكون التشكيلة في البت فيها فردية .غير أنه
كما قلنا ليس بالضرورة أن تتحقق كل هذه األمور في القضايا التي أوردها الفصل
45من قانون المسطرة المدنية.
وأيا كان األمر فاالنسجام الذي قلنا أنه ال يتحقق بطريقة تلقائية وأوتوماتيكية بالنظر
إلى عدم مراعاة المشرع ألهميته ،يمكن بلوغه بإعادة النظر في عدد من األحكام
الواردة في العديد من القوانين التي لها عالقة بالقانون القضائي الخاص وباستحضار
كل القوانين والنصوص التي تنظم مسألة واحدة حتى ال يقع التنازع والتضارب بين
مختلف هذه النصوص وبالتالي التأثير على حقوق المتقاضين.
رابعا -مبدأ علنية الجلسات وشفوية المرافعات:
نص قانون المسطرة المدنية لسنة 1974على مبدأ علنية الجلسات في الفصول 43
و 50و 345و 375والمادة 7من قانون قضاء القرب ،إذ أكد أنه يتعين أن تصدر
األحكام في جلسة علنية سواء تعلق األمر بالمرحلة االبتدائية (ف ،)50أو بمرحلة
14
االستئناف ف ( )345أو أمام محكمة النقض (ف .)375وبالنظر إلى أن قواعد
قانون المسطرة المدنية تعد الشريعة العامة في المادة اإلجرائية ،فإن نفس المبدأ
يؤخذ به بالنسبة لمحاكم الدرجتين األولى والثانية في المادتين التجارية واإلدارية.
وال شك أن مبدأ علنية الجلسات آلية مهمة أوجدها المشرع لتحقيق حماية أكثر
الحقوق المتقاضين واالطراف أثناء الدعاوي ،بحيث يظهر لكل طرف بل وللكافة
كيف تسير الدعوى وربما قد يظهر من خالل العلنية حتى التوجه والمسار الذي
يمكن أن تسيرأو تؤول إليه الدعوى.
غير أنه تجدر اإلشارة إلى أنه يتعين التمييز بين علنية الجلسات وعلنية النطق
باألحكام في الجلسة ،فأما المراد بعلنية الجلسات فهو جريان الدعوى بشكل علني
حيث يحضر الجلسات األطراف أو ممثلوهم وكافة من يهتم بمتابعة الدعاوى .وهذا
يستلزم انضباط الجميع لنظام الجلسة تحت طائلة العقوبات التي يمكن الرئيس
الجلسة أن يصدرها في حق كل من لم يلتزم باالحترام الواجب للقضاء.
وقد نص الفصل 43من قانون المسطرة المدنية على أنه لرئيس الجلسة أن يحفظ
النظام بها ،ويجوز له أن يطرد كل من تسبب في الضوضاء أو االضطراب .وفي
حالة امتناع الشخص المخل بنظام الجلسة االنسحاب من الجلسة أو رجوعه إليها
رغم طرده منها ،يمكن للرئيس أن يتخذ اإلجراءات المناسبة في حقه.
ولم يقتصر المشرع في تنظيمه لحفظ نظام الجلسات على ما يسببه األطراف أو
وكالؤهم من ضوضاء فحسب ،بل مدده ليشمل المحامين أنفسهم إذ يمكن للرئيس أن
يحرر محضرا باإلخالل الذي قام به المحامي ،وأن يبعثه إلى نقيب المحامين (ف
44من ق.م.م) .وتأكيدا لإلجراءات التي يمكن أن تتخذ في حق المحامين الذين لم
يلتزموا بنظام الجلسة ،جاء في الفصل 341من نفس القانون ما يلي:
إذا صدرت من محامين أقوال تتضمن سبا أو إهانة أمكن لمحكمة االستئناف أن
تطبق عليهم بقرار مستقل العقوبات التأديبية باإلنذار والتوبيخ وحتى الحرمان
المؤقت من مزاولة المهنة لمدة ال تتجاوز شهرين ،أو ستة أشهر في حالة العود في
نفس السنة..
15
وعلى الرغم من أن المبدأ العام أن تكون الجلسات علنية ،فإنه يجوز لهيأة الحكم أن
تأمر بمناقشة القضية في جلسة سرية إذا اقتضتها الضرورة أو طلب أحد األطراف
ذلك.
أما علنية النطق باألحكام بالجلسة ،فتتميز بخصوصيات عدة منها ،أنه ال يمكن فتح
باب االستثناء أمام إصدار الحكم بصورة سرية .وهو عكس ما تطرقنا إليه بالنسبة
المبدأ علنية الجلسات .وفي حالة صدور الحكم بشكل سري يجوز للطرف المعني أن
يطعن في الحكم ويثير الدفع بإخالل مسطري وذلك وفقا للفصل 49من قانون
المسطرة المدنية الذي نحن على أنه:
يجب أن يثار في آن واحد وقبل كل دفاع في الجوهر الدفع بإحالة الدعوى على
محكمة أخرى لتقديمها أمام محكمتين مختلفتين أو الرتباط الدعويين والدفع بعدم
القبول وإالكان الدفعان غير مقبولينتقبلها المحكمة إال إذا كانت مصالح الطرف قد
تضررت فعال
يسري نفس الحكم بالنسبة لحاالت البطالن واإلخالالت الشكلية والمسطرية التي ال
وغني عن البيان أن ثمة ترابطا قويا بين مبدأ علنية الجلسات ومبدأ شفوية
المرافعات فشفوية المرافعات تجد مجاال مناسبا لتطبيقها متى كانت الجلسات علنية
بحيث يكون كل من حضر بالجلسة على علم بما يثيره كل طرف من مالحظات ولو
انه من المنصور القيام بالمرافعة الشفوية حتى خالل الجلسات التي تجري بسرية.
وعلى غرار مبدأ القاضي الفرد وتعدد القضاة عرف موقف المشرع المغربي
تأرجعا
بين األخذ بالشفوية أو بالمسطرة الكتابية.
فبعدما تبنى قانون المسطرة المدنية المسطرة الشفوية أمام المحاكم االبتدائية كقاعدة
عامة في الفصل 45الصادر في 28شتنبر ،1974باستثناء بعض القضايا التي
قرر فيها سلوك المسطرة الكتابية كما هو الحال مثال بالنسبة للقضايا التي تكون فيها
الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية طرفا ،والقضايا المدنية العقارية.
والقضايا التي تتعلق بالشركات المدنية والتجارية ...تراجع ليأخذ بالمسطرة الكتابية
كأصل وبالمسطرة الشفوية كاستثناء.
16
وهكذا نص الفصل 45بعد تعديله في 1993و 2004و 2011على أنه:
تطبق أمام المحاكم االبتدائية وغرف االستئنافات قواعد المسطرة الكتابية المطبقة
أمام محاكم االستئناف وفقا ألحكام الفصول 329و 331و 332و 334و355
و 206و11
و 344اآلتية بعده.
تمارس المحكمة االبتدائية ورئيسها أو القاضي المقرر ،كل فيما يخصه،
االختصاصات المخولة حسب الفصول المذكورة لمحكمة االستئناف ولرئيسها األول
أو للمستشار المقرر.
غير أن المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية:
القضايا التي تختص فيها المحاكم االبتدائية ابتدائيا وانتهائيا.
-فضايا النفقة والطالق والتطليق
القضايا االجتماعية
قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء
قضايا الحالة المدنية.
وال ينبغي أن يفهم من خالل الطابع العام الذي وردت به القضايا التي حرص فيها
المشرع على تبني مبدأ الشفوية أنه قصد تعميم شفوية المرافعات ،وإنما جعل األمر
ينحصر في جزء منها فحسب ،فحين يتحدث الفصل عن القضايا االجتماعية فإن
ذلك ال يعني كل ما يدخل في المادة االجتماعية ،بل يقتصر األمر على حوادث
الشغل واألمراض
المهنية دون نزاعات الشغل التي يلزم فيها سلوك المسطرة الكتابية.
نفس الشيء يقال بخصوص قضايا الحالة المدنية .فالمقصود ليس كل هذه القضايا
وإنما التصريح بالوالدات والوفيات فحسب.
17
ويترتب عن األخذ بهذه المسطرة أو بتلك التمييز بين حضور وغياب األطراف.
فمتى كانت المسطرة الشفوية يتحقق غياب الطرف بعدم حضوره شخصيا هو أو من
ينوب عنه.
أما في المسطرة الكتابية فيكفي للقول بالغياب عدم اإلدالء بالمذكرات والمستندات
التي
يتطلبها سير الدعوى.
خامسا -مبدأ وحدة القضاء:
تعتبر وحدة القضاء من المبادئ التي تأخذ بها كثير من القوانين المقارنة ،وقلما نجد
من يتبنى مبدأ ازواجية القضاء .وبالنسبة للقانون المغربي ومنذ إصدار ظهير
التنظيم القضائي الجديد في 15يوليوز ، 1974فإن االختيار وقع على مبدأ وحدة
القضاء.ولوحدة القضاء عدة معان فهو أوال يفيد أن هناك جهة قضائية واحدة في
كافة تراب أو إقليم الدولة والجهة القضائية كما هو معلوم هي وجود محاكم
منسجمةوشاملة تنظر في كافة القضايا التي تعرض على القضاء تنطلق من مرحلة
أول درجةالتبلغ مرحلة النقض .
أما المعنى الثاني لوحدة القضاء فيراد به مساواة كافة المواطنين والمتقاضين ولو
كانوا أجانب أمام القضاء .فال يعتد بلغتهم ،وال يحنس يتهم ،وال بغير ذلك مما قد
يميلو الثقة فيها بين كافة من يقصد القضاء بهدف إنصافه وتمكينه من حقه .شخصا
عن آخر .وهذا طبيعي أن يساهم في استقرار المؤسسات القضائية بالدولة ،وبث
وعلى عكس مبدأ وحدة القضاء ثمة أسلوب آخر يعتمد من طرف بعض القوانين
المقارنة كما هو الشأن بخصوص القانون الفرنسي الذي يعد مصدرا تاريخيا
والمرجع األساسي للتشريع المغربي الحديث .ففي فرنسا يميز بين جهتين قضائيتين
:القضاء العادي المعروف بالقضاء المدني باعتبار هذا األخير هو أم كل فروع
القانون األخرى حتى تلك التي تدخل فيما يعرف بالقانون العام والقضاء اإلداري
الذي ينظر فقط في النزاعات ذات الطابع اإلداري أي التي تكون الدولة طرفا فيها.
وهكذا نجد في فرنسا جهة القضاء العادي -المدني ،التي تتكون من المحاكم
االبتدائية ومحاكم االستئناف ،ومحكمة النقض كمحكمة قانون تبت في الجانب
18
القانوني لألحكام .ونجد جهة القضاء اإلداري المشكلة من المحاكم اإلدارية ومحاكم
االستئناف اإلدارية و مجلس الدولة الفرنسي الذي ينزل منزلة محكمة النقض في
المادة اإلدارية.
أما بالمغرب وكما سبق أن أكدنا في مطلع هذه الفقرة ،فلم يتين قانوننا إال مبدأ وحدة
القضاء .حيث ال وجود لقضاء ثان مستقل كلية من حيث مساطره ،وشروطه
وموارده البشرية وإمكاناته المادية واللوجيستيكية ،عن القضاء العادي ،وذلك على
الرغم من أن ائمة إرهاصات وتوجهات في هذا المنحى االزدواجي بالنظر إلى
إحداث المحاكم التجارية ومحاكم االستئناف التجارية في 12فبراير ،1997وإلى
إنشاء المحاكم اإلدارية في 10
شتنبر ، 1993ومحاكم االستئناف اإلدارية في فبراير 2006
وعلى الرغم من إنشاء المحاكم المتخصصة المذكورة فإنه ال وجود لجهات قضائية
بالمغرب رغم قول البعض بتميز قضائنا باالزدواجية .وما يؤيد وجهة نظرنا وبكل
تواضع ان مفهوم الجهة القضائية لم يتحقق لحد اآلن بسبب غياب محاكم متسلسلة
ومرتبة كما هو الحال بالنسبة للقضاء المدني ( المحكمة االبتدائية ومحكمة
االستئناف ومحكمة النقض.
فرغم إحداث المحاكم التجارية كما حكم أول درجة ومحاكم االستئناف التجارية
کمحاكم ثاني درجة في القضايا ذات الصبغة التجارية ،فال وجود لمحكمة قانون
محكمة النقض التجارية مختصة في مراقبة محاكم الموضوع التجارية من حيث
تطبيقها للقانون .ورغم إنشاء المحاكم اإلدارية كمحاكم أول درجة ،ومحاكم
االستئناف اإلدارية كمحاكم ثاني درجة في المادة اإلدارية ،فإن غياب مجلس دولة
يبت في القضايا اإلدارية وحدها على غرار مجلس الدولة الفرنسي ،يجعل القول
بأخذ المغرب بازدواجية القضاء محل نظر وغير مستند إلى أساس سليم )،يضاف
إلى ما سبق ،أن المجلس األعلى الذي تم إحد هللا لي شتنبر 1957والذي أصبح
يعرف بمحكمة النقض هو المحكمة الوحيدة التي تنظر في الطعون المقدمة ضد
األحكام االنتهائية الصادرة عن كل محاكم الموضوع أيا كان تخصصها ،مدنية ،أو
إدارية ،أو تجارية طبقا للفصل 353من قانون المسطرة المدنية ولعل الغرف الست
التي تتكون منها محكمة النقض خير دليل على تبني قانوننا مبدأ وحدة القضاء فهناك
19
غرف لها أولوية في النظر في بعض القضايا بناء على نوع القضية المطعون فيها
بالنقض ،كما هو الشأن بخصوص الغرفة اإلدارية التي تنظر على سبيل األولوية في
القضايا اإلدارية وإن كان يجوز لكافة الغرف أن تنظر في كل القضايا التي تحال
على المحكمة للبت في مدى التزامها بالتطبيق السليم للقانون ..وكما هو الحال بشأن
الغرفة التجارية التي تبت في القضايا التجارية وفقا لنفس المبادئ المشار إليها.
وعليه فإن المشرع المغربي ،وإلى حين إحداث محكمة نقض تقوم بدور المراقبة
القانونية ألحكام المحاكم المتخصصة ،ال يسعنا إال أن نؤكد أن مبدأ وحدة القضاء هو
المعمول به ،وأن ازدواجية القضاء لم تستجمع لحد اآلن الشروط والمقومات الالزمة
لها .وحين سيتم إنشاء محكمة متخصصة في القضايا اإلدارية ،أو في القضايا
التجارية ،فإنه
يمكن أنذاك الحديث عن ازدواجية القضاء بالمغرب.
سادسا -مبدأ مجانية القضاء ومبدأ المساعدة القضائية:
ثمة ترابط قوي بين مبدأ مجانية القضاء ومبدأ المساعدة القضائية .فإذا كان األول
يعني أن فصل القاضي في النزاعات ال يتطلب أداء مقابل لذلك من األطراف .أي
أن المتقاضين ال يؤدون الرواتب وال أي مقابل للقضاة الذين يبتون في نزاعاتهم.
وهذا فيه تشجيع اللجوء إلى المحاكم من أجل تمكين أصحاب الحقوق من حقوقهم.
فإن الثاني يفيد بمفهوم المخالفة أن هناك نفقات يتعين أداؤها من قبل المتداعين .وقد
يبدو أن مبدأ المجانية أصبح فارغ المحتوى .لكن من الضروري التمييز بين
المجانية وأداء المصاريف .الالزمة للدعوى انطالقا من تقييدها بكتابة الضبط إلى
حين البت فيها ،بل وإلى أن المجانية لها عالقة بمبدأ دستوري هام يتمثل في الحق
في التقاضي ،ولها عالقة كذلك بالمهمة الموكولة دستوريا للقضاء كسلطة ثالثة
بالدولة إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية .إذ من المنطقي أن تتكفل الدولة
باداء رواتب القضاة ال المتقاضي ،حفاظا .على مبدأ استقالل القضاء .وتالفيا
لالنحياز الذي قد يكون أداء األطراف الرواتب القضاة سببا فيه.
أما المصاريف والرسوم القضائية الالزمة إلجراءات الدعاوي فتقع على المتقاضي
دون أن يتعارض ذلك مع مبدأ المجانية المتعارف عليه في الكثير من األنظمة
القضائية المقارنة ،ومرد وجوب مصاريف ونفقات الدعوى على المتقاضين إلى
20
عدم استقامة إلزام الدولة بدفعها ألن صاحب المصلحة هو المفروض فيه القيام
بذلك.
من ناحية أخرى إن تم تمديد مبدأ مجانية القضاء إلى المصاريف الالزمة لسير
الدعوى ( مصاريف تقييد الدعوى والتبليغات وأجور الخبراء ،وأتعاب المحامين،
وأجور التراجمة ،ومصاريف تنقل الشهود ومصاريف المعاينات ،والتنفيذات .....
فيه تشجيع على تكاثر الدعاوي الكيدية ،وعلى التقاضي بسوء نية ما دام أن
المتقاضي يعلم مسبقا ً أنه غير ملزم بأي أداء وال متبوعا بأي جزاء حتى ولو ثبت أن
رفعه للدعوى أو قيامه بإجراء ما لم يكن يرمي إال إلى الكيد بغريمه وتطويل
اإلجراءات دون وجه حق.
ومن ثم يكون المشرع قد وفق وإلى حد بعيد في جعل المصاريف المختلفة التي
تتطلبها الدعاوي على نفقة المتقاضين ال الدولة .وهكذا نظم قانون المسطرة المدنية
هذا الجانب
في الفصول من 124إلى 129ومما ورد في هذا اإلطار أنه:
يحكم بالمصاريف على كل طرف خسر الدعوى سواء كان من الخواص أربابية
عمومية.
يجوز الحكم بحسب ظروف القضية بتقسيم المصاريف بين األطراف كال أو بعضاء
وبذلك يكون المشرع قد حسم بشكل ال لبس فيه أن المصاريف أيا كان نوعها تقع
على األطراف ولو كانوا إدارة عمومية .بيد أنه قد يكون أحد األطراف فقيرا
ومعوزا ال يقوى على أداء المصاريف التي تتطلبها الدعوى من بدايتها إلى نهايتها.
ومن ثم يستوجب األمر وضع قواعد خاصة به تجعله يتقاضى دون أن تقف
المصاريف عائقا أمام حصوله على حقوقه.
وقد انتبه المشرع إلى مثل هذه الحاالت فأصدر مقتضيات تعفي المتقاضي المعوز
من أداء المصاريف ،وهو ما يعرف بالمساعدة القضائية .ففي فاتح نونبر 1966
صدر مرسوم ملكي يتعلق بالمبدأ المشار إليه" .وتشمل المساعدة القضائية كل
مراحل التقاضي سواء تعلق األمر بالمرحلة االبتدائية ( الدرجة األولى) أو بمرحلة
21
االستثناف (الدرجة الثانية)أو بمرحلة النقض .وللحصول على المساعدة القضائية
ينبغي التوفر على الشروط اآلتية:
ـ تقديم طلب إلى وكيل الملك لدى المحكمة التي ستنظر في النزاع.
إثبات الطالب للمساعدة الفقره وحاجته وعدم قدرته على تحمل الصوائر والرسوم
القضائية الخاصة بالدعوى التي هو طرف فيها.
وتم إحداث مكاتب للمساعدة القضائية على مستوى محاكم الموضوع وكذا على
مستوى محكمة النقض مكونة من أعضاء ينتمون للنيابة العامة ،وقضاة ،وأعضاء
من حياة الدفاع وتجدر اإلشارة إلى أن ثمة نوعين من المساعدة القضائية :المساعدة
القضائية بناء على طلب ،والمساعدة القضائية بقوة القانون .وكما هو واضح من
خالل التسميتين فهناك عدة نقاط لالختالف بين النوعين نشير إلى بعضها باختصار
:
المساعدة القضائية بناء على طلب ال تمنح إال إذا توافرت الشروط التي ينص عليها
الرسوم المؤرخ في 1966والمتمثلة في تقديم طلب ،وإثبات العسر .أما المساعدة
الممنوحة بقوة القانون فال تستوجب مثل هذين الشرطين وإنما يكفي أن يكون
المستفيد ممن متعهم القانون بالمساعدة القضائية لغاية معينة كما هو الشأن بالنسبة
لألجراء في مجال الشغل.
تنتهي المساعدة القضائية بناء على طلب بمجرد صدور الحكم عن المحكمة ) التي
قدم الطلب أمام وكيل الملك لديها .بمعنى أنها تنتهي بانتهاء المرحلة التي تمت فيها.
وإن رغب المعنى في االستفادة منها في المرحلة القضائية الالحقة ،فما عليه إال أن
يقدم بطلب جديد إلى ممثل النيابة العامة لدى المحكمة األعلى .أما المساعدة
القضائية بقوة القانون فتستمر إلى حين انتهاء مرحلة البت على مستوى الدرجة
الثانية وبعد ذلك تفقد طابعها القانوني التلقائي لتصبح مساعدة قضائية بناء على طلب
أي أن المتقاضي الذي كان يتمتع بالمساعدة القضائية القانونية في المرحلتين
االبتدائية واالستثنافية ملزم بتقديم طلب إلى محكمة النقض وإال وجب عليه أداء كل
الصوائر والرسوم والمصاريف التي تتطلبها مرحلة النقض.
22
من النقاط التي تعكس الفرق بين المساعدة القضائية المبنية على طلب ،والمساعدة
القضائية بحكم القانون ،اقتصار االستفادة في األولى على الطرف وحده سواء كان
مدعيا أو مدعى عليه ،مستئنفا أو مستأنفا عليه ،طالبا للنقض أو مطلوبا في النقض.
في الوقت الذي تمتد االستفادة في المساعدة القضائية القانونية إلى ذوي حقوق
الطرف أيضا .وما يؤكد ذلك ما جاء في الفصل 273من قانون المسطرة المدنية
حيث :يستفيد من المساعدة القضائية بحكم القانون العامل مدعيا أو مدعى عليه أو
ذوو حقوقه في كل دعوى بما في ذلك االستئناف،
وتسري آثار مفعول المساعدة القضائية بحكم القانون على جميع إجراءات تنفيذ
األحكام القضاية.
وتتميز المساعدة القضائية بحكم القانون بنوع من التوسع من حيث النطاق ،إذ ال
تقتصر فقط على النتائج المباشرة للدعوى وإنما تتجاوز ذلك وبكثير خاصة من حيث
النطاق الزمني.
ففي المادة 177من القانون رقم 18.12المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل
الصادرفي 20دجنبر 2014جاء ما يلي:
يمكن للغير المثبتة عليه المسؤولية بمقتضى االتفاق المنصوص عليه في المادة 170
من هذا القانون أو بموجب حكم أو قرار قضائي وكذا لمؤمنه ،عند االقتضاء ،أن
يرفع
مع المصاب والمشغل ومؤمنه ،دعوى من أجل مراجعة اإليراد طبقا ألحكام هذا
القانون داخل خمس سنوات من تاريخ وقوع حادثة الشغل ،كما يجب أن يتحمل عند
1
االقتضاءالمصاريف المترتبة عن دعوى المصاب.
الفقرة التانية :اإلجراءات المسطرية المستحدثة
استحدت قانون التنظيم القضائي الجديد اجراءات مسطرية جديدة همت باألساس،
تفعيل مساطر الصلح والوساطة لحل المنازعة (المادة ,)13وتنظيم موضوع الراي
1الدكتور عبد الكريم الطالب ،التنظيم القضائي المغربي وفق قانون ،38:15الطبعة السابعة 2023من الصفحة 24الى الصفحة .40
23
المخالف في المداولة (المادة ,)16وتفعيل دور مكاتب المساعدة اإلجتماعية (المادة
.)50
ـأوال :تفعيل مساطر الصلح والوساطة لحل المنازعات
ال يخفي عليكم ما اصبحت تكتسيه الوسائل البديلة لحل المنازعات من اهمية في
تطويق الخالفات وتفادي تفاقمها وتخفيف الضغط عن المحاكم والتقليل من البطء في
معالجة القضايا ،وحماية العالقات االجتماعية من التفكك .لذلك حرس المشرع في
المادة 13من قانون التنظيم القضائي الجديد على التنصيص على هذه اآللية ،وذلك
من خالل إعطاء االمكانية للمحكمة لدعوة األطراف لحل النزاع عن طريق الصلح
أو الوساطة اإلتفاقية في الحاالت التي ال يمنع فيها القانون ذلك.
ثانيا :ـتنظيم الرأي المخالف في المداولة
نصت المادة 16من القانون التنظيم القضاء الجديد على ما يلي " تصدر أحكام
قضاة هيئه القضاء الجماعي باالجماع وباالغلبية بعد دراسة القضية والتداول فيها
سرا ،وتضمن وجهة نظر القاضي المخالف معللة ،بمبادرة منه ،في محضر سري
خاص موقع عليه من قبل اعضاء الهيئة ،يضعونه في غالف مختوم ،ويحتفظ به
لدى رئيس المحكمه المعنية بعد ان يسجله في سجل خاص يحدث لهذه الغاية ،وال
يمكن االطالع عليه من قبل الغير اال بناء على قرار من المجلس االعلى للسلطة
القضائية.
يحتفظ بالمحضر المذكور لمدة عشر سنوات من تاريخ إنجازه ،ويعتبر الكشف عن
مضمونه باي شكل كان ،خطا جسيما".
واذا كان المشرع قد استهدف من وراء تنظيم الراي المخالف في المداولة حماية
القاضي الذي كانت له وجهة نظر مخالفة لرأي األغلبيه اثناء المداولة ،في حالة
إتارة المساءلة التاديبية ،وتمكين المجلس االعلى للسلطة القضائية من كافه العناصر
والظروف المحيطة بالقضية بمناسبة بثه في المتابعة التاديبية في حالة إثارتها ،فإن
ممارسة هذا الحق من طرف القضاة ينبغي ان تتم وفقا للضوابط والشروط
واالجراءات التي حددها المشرع في المادة 16المشار اليها اعاله.
وفي هذا السياق اثير انتباهكم الى ضروره احترام الضوابط التالية:
24
-ال يلجأ الى تضمين وجهه نظر القاضي المخالف بشكل تلقائي في كل قضية لم
يتحقق فيها اجماع اعضاء الهيئه بل يتعين ان يكون ذلك بمبادرة من القاضي
صاحب الراي المخالف
-ان يتضمن المحضر المنجز بهذا الخصوص رايي القاضي صاحب الراي المخالف
-ان تكون وجهه نظر القاضي صاحب الراي المخالف معللة أي ان يبرر القاضي
المعني رأيه
-ان يوقع كل أعضاء الهيئة على المحضر المنجز بشان هذه العملية.
-أن يوضع المحضر المذكور في غالف مختوم ويسلم لرئيس المحكمه المعنية او
نائبه في حالة غيابه ،مقابل وصل يسلمه هذا األخير للهيئة ويعمل رئيس الهيئه على
تسليم الوصل للقاضي صاحب الراي المخالف وفي حالة عدم التمكن من تسليم
الغالف للرئيس بعد انتهاء الجلسة يحتفظ به القاضي صاحب الرأي المخالف لغاية
أول يوم عمل ،حيث تعمل الهيئة على تسليمه لرئيس المحكمة وفقا للكيفية المشار
اليها اعاله
-ان يتضمن الغالف المختوم ووصل االيداع ،رقم الملف القضائي موضوع الراي
المخالف وتاريخ صدور الحكم أو القرار وتاريخ إيداع الغالف
-أن يقوم رئيس المحكمة أو نائبه حسب الحاله بتسجيل الغالف في سجل خاص
ممسوك من طرف الرئيس
-حفاظا على طابع السرية الذي يميز محضر الرأي المخالف يحتفظ رئيس المحكمه
بالغالف المختوم الذي يتضمن المحضر المذكور في خزانة حديدية بمكتبه لمدة 10
سنوات وال يمكن االطالع عليه من طرف الغير بما فيه المسؤول القضائي نفسه إال
بناء على قرار من المجلس االعلى للسلطه القضائية ويتعين في حالة انتقال
المسؤول القضائي او انتهاء مهامه ان يسلم السجالت والمحاضر المذكوره لخلفه
مقابل محضر التسليم.
ـتفعيل دور مكاتب المساعدة اإلجتماعية
25
استحدثت قانون التنظيم القضائي الجديد في المادة 50منه،بينة إدارية جديدة داخل
المحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف وهي مكتب المساعدة االجتماعية.
واذا كانت محاكم المملكة قد عرفت ميالد هذه التجربة منذ سنة 2008فان القانون
رقم 15 38المتعلق بالتنظيم القضائي شكل مناسبة لتاطير عمل هذه المكاتب
،ومؤسساتها وتنظيمها وتحديد اختصاصاتها وجهة اإلشراف عليها.
فبمقتضى المادة 50من القانون الجديد " يمارس المساعدون االجتماعيون المنتمون
لهيئه كتابه الضبط بمكتب المساعدة االجتماعية بكل من المحاكم االبتدائية ومحاكم
االستئناف ،عالوة على المهام المسندة إليهم بموجب النصوص التشريعية والتنظيمبة
الجاري بها العمل ،وبتكليف من الجهات القضائية المختصة المهام التالية:
_القيام باالستقالل واإلستماع والتوجيه و مواكبة الفئات الخاصة
-إجراء األبحات اإلجتماعية
-ممارسة الوساطة أو الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء
-القيام بزيارات تفقدية ألماكن اإليداع وأماكن اإليواء
-تتبع تنفيد العقوبات والتدابير القضائية
-تتبع وضعية ضحايا الجرائم
_تتبع النساء ضحايا العنف.
يرفع مكتب المساعدة االجتماعية تقارير إدارية المسؤولين القضائيين واالداريين
بالمحكمه حول االحصائيات والدراسات والصعوبات واالكراهات المطروحه ،كل
سنة او كلما طلبت الهيئة القضائية منه ذلك.
كما ينجز مكتب المساعدة االجتماعية تقارير إدارية حول سير أشغاله والصعوبات
التي تعترضه والحلول الكفيلة بتطوير عمله ،ترفع الى السلطة الحكوميه المكلفة
بالعدل".
26
ويبدو من هذه المقتضيات أن مكاتب المساعدة االجتماعية مؤهلة للقيام بالمهام
المذكورة في المادة 50أعاله في حالة تكليفها بذلك من طرف الجهات القضائية
(المحاكم وقضاة التحقيق وقضاة االحداث وقضاة تطبيق العقوبات و قضاة النيابات
العامة).2
الطلب الثاني :المستجدات المتعلقة بالهيئات القضائية ومنظومة التدبير
إن المستجدات التي جاء بها القانون 38.15لم تمس فقط مبادئ التنظيم القضائي
المؤمأ إليها في المطلب األول ،بل امتدت لتشمل مقتضيات أخرى ،ذات صلة بتنظيم
وتشكيل واختصاص الهيئات القضائية (الفقرة االولى ) وكذلك بقواعد تدبير داخل
المحاكم (الفقرة الثانية )
الفقرة االولى :المستجدات المتعلقة بتنظيم وتشكيل الهيئات القضائية
واختصاصها
أوال :المستجدات على مستوى التأليف
استحدث القانون الجديد رقم 38.15تغييرات همت مجموعة من المقتضيات ذات
الصلة بالتنظيم القضائي للمملكة ،جسدها المشرع ابتداء من الفصول االولى
للقانون المذكور من خالل إتيانه بتسميات جديدة للمحاكم ،فاصبح التنظيم القضائي
بمقتضى المادة االولى يشمل ما يلي:
محاكم الدرجة االولى،والتي تضم:
-1المحاكم االبتدائية؛
-2المحاكم االبتدائية التجارية؛
-3المحاكم االبتدائية اإلدارية
2دورية الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية حول التنظيم القضائي الجديد من الصفحة 4الى الصفحة .8
27
وأخيرا محكمة النقض ،والتي يوجد مقرها بالرباط.
حرصا من المشرع على تقريب خدمات القضاء من المواطن،والتخفيف على
المتقاضين عناء التنقل نصت المادة الثالثة من القانون الجديد على إمكانيه إحداث
غرف ملحقه بمحاكم الدرجة الثانية داخل دائرة نفودها بمرسوم ،وأعطت نفس المادة
اإلمكانية للمحاكم بكل انواعها ودرجاتها لعقد جلسات تنقليه ضمن دوائر اختصاصها
المحلي .كما سمحت الفقرة األخيرة من المادة 52لغرف قضاء القرب بعقد جلسات
3
تنقليه باحدى الجماعات الواقعة بدائرة النفود الترابي التابع لها
وعلى مستوى مواعيد وشكليات انعقاد الجلسات الرسمية المخصصة الفتتاح
السنة القضائية وتنصيب المسؤولين القضائيين نصت المادة الثامنة من التنظيم
القضائي الجديد على ما يلي ":تفتتح السنه القضائية تحت الرئاسة الفعلية لجالله
الملك أو بأذن منه بمحكمة النقض ،أو بأي مكان آخر يحدده جاللته في جلسه رسميه
في بداية شهر يناير من كل سنة.
يتولى كل من الرئيس االول لمحكمه النقض والوكيل العام للملك لديها خالل هذه
الجلسة التعريف بالنشاط القضائي لمحاكم المملكة وبعمل محكمه النقض ونشاطها
برسم السنة القضائية المنتهية وكذلك بالبرامج التي تقرر تنفيذها خالل السنه الجديدة
التي يجري افتتاحها.
يعطي الرئيس االول لمحكمه النقض بهذه المناسبة انطالقة افتتاح السنة القضائية
في كافة المحاكم .عندئذ يترأس الرئيس االول لكل محكمة من محاكم الدرجة الثانية
خالل شهر يناير في جلسة رسميه افتتاح السنة القضائية على صعيد دائرة نفوذها
ويحضر هذه الجلسة الوكيل العام للملك بالنسبة لمحاكم االستئناف وبالنسبة لمحاكم
االستئناف التجارية الوكيل العام للملك لديها"
وهذا ،وانسجاما مع ما تمت اإلشارة اليه اعاله ،أكدت المادة 9من القانون الجديد
على ضرورة عقد المحاكم لجلسات رسمية بغية تنصيب المسؤولين القضائيين
والقضاة الجدد بها وذلك وفق االجراءات واالعراف المتبعة.
3الدورية
28
وعلى صعيد التغييرات التي أحدثها قانون التنظيم القضائي الجديد فيما يتعلق
بقواعد تشكيل الهيئات القضائية ،نجد عدم ترتيب جزاء البطالن في حالة مشاركة
4
قضاة في الجلسة زيادة على النصاب المحدد قانونا لتشكيل الهيئات
غير أن االمر هنا يتعلق بالمشاركة في الجلسة ،وليس المداولة التي تبقى خاضعه
5
للنصاب الذي يحدده القانون تحت طائله البطالن
وعالوة على ما ذكر تم التنصيص صراحة على عدم حضور قضاة النيابة العامة
مداوالت قضاة االحكام ( المادة )17دونما تحديد أي جزاء يترتب عن مخالفة هذا
المقتضى.
وبحكم كثرة االشكاالت والتعقيدات التي كان يطرحها تواجد غرف االستئنافات
بالمحاكم االبتدائية ،نص القانون الجديد على إلغاء هذه الغرف مع نقل اختصاصها
لمحاكم االستئناف .كما تم إلغاء اقسام قضاء القرب بالمحاكم االبتدائية وتعويضها
6
بغرف قضاء القرب
وارتباطا بمبدأ وحدة القضاء نص المشرع في قانون التنظيم القضائي الجديد على
إمكانية احداث اقسام متخصصة في القضاء االداري والقضاء التجاري في بعض
المحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف التي ال توجد في دوائر نفوذها محاكم
متخصصة في المادة التجارية والمادة المدنية وذلك بمقتضى المادتان 44و 68من
القانون المذكور ،كما تم إحداث عرفة جدية بمحكمة النقض ،وهي الغرفة العقارية
،ليصبح عدد الغرف سبع غرف بدال من ست غرف (المادة )86
ولقد جاء القانون 38،15بتنظيم موحد لتشكيل الهيئات القضائية بكل انواعها
ودرجاتها بما فيها محكمه النقض حيث تشتمل كل محكمه على عدد من الغرف
وتضم كل غرفه هيئة أو عدة هيئات مع إمكانيه بث كل غرفه من غرف المحكمة
االبتدائية في القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها مع مراعاة
29
االستثناءات المتعلقة باختصاصات القسمين االداري والتجاري باعتبارهما قسمين
7
متخصصين
ثانيا :المستجدات على مستوى االختصاص
يقصد باالختصاص في العمل القضائي صالحيه محكمه ما للبث في قضايا
معينه ،نوعيا وقيميا ومكانيا ،وهو من المسائل التي تجعل تداخل بين التنظيم
القضائي القانون المسطرة المدنية قائما ،فهو من جهة يتعلق بتنظيم محاكم من حيث
صالحيتها للفصل في القضايا ،ومن جهة اخرى يرتبط بالمسطرة التي يتعين االلتزام
8
بها وان كان ذلك في شكل قواعد الطابع عام
ولقد شملت المستجدات التي جاء بها القانون الجديد جوانب عدة ،سواء فيما يتعلق
بمحاكم الموضوع بمختلف درجاتها او بالنسبة الختصاص رؤساء هذه المحاكم .
وعليه فقد تم التنصيص في قانون التنظيم القضائي الجديد على اختصاص القسم
المتخصص في القضاء التجاري المحدث بالمحاكم االبتدائية العادية ،دون غيره
،بالبت في القضايا التجارية المسندة للمحاكم االبتدائية التجارية بمقتضى القانون ،مع
إسناد اختصاصات رؤساء المحاكم االبتدائية التجارية لرؤساء االقسام المتخصصة
في القضاء التجاري ،المحدث بالمحاكم االبتدائية العادية،فيما له عالقة
باختصاصات هذه األقسام (المادة )55
ونفس الشي بالنسبة بالنسبة للقسم المتخصص في القضاء االداري الذي سيتم إحداثه
في بعض المحاكم االبتدائية العادية ،بحيث سيسند له البت في القضايا اإلدارية التي
تختص فيها المحاكم االبتدائية اإلدارية بمقتضى القانون ،مع تخويل رؤساء االقسام
المتخصصة في القضايا اإلدارية بالمحاكم االبتدائية العادية نفس صالحيات رؤساء
المحاكم االبتدائية اإلدارية ،فيما له صلة باختصاصات هذه األقسام.
وفي المجال األسري ،فقد تم التنصيص على اختصاص قسم قضاء األسرة
بالمحاكم االبتدائية ،بالبث في قضايا االحوال الشخصية والميراث وقضايا الحالة
المدنية والكفالة والجنسية ،وفي كل القضايا التي لها عالقه برعاية وحماية األسرة،
30
مع اسناد اختصاصات رؤساء المحاكم االبتدائية لرؤساء أقسام قضاء األسرة فيما له
صله باختصاصات هذه االقسام.
وعلى مستوى محاكم الدرجة الثانية ،فقد تم التنصيص على اختصاص القسم
المتخصص في القضاء التجاري المحدث بمحاكم االستئناف العادية ،دون غيره،
بالبت في استئناف أحكام األقسام المتخصصة في القضاء التجاري الصادرة عن
المحاكم االبتدائية التابعة لمحكمة االستئناف ،مع اسناد اختصاصات الرؤساء
االولين لمحاكم االستئناف التجاري لرؤساء االقسام المتخصصة في القضاء التجاري
بمحاكم االستئناف فيما له صلة باختصاصات هذه االقسام (المادة ، )74باإلضافة
الى منح القسم المتخصص في القضاء االداري المحدث بمحكمه االستئناف العادية
،دون غيره ،صالحية البث في استئناف أحكام االقسام المتخصصة في القضاء
االداري بالمحاكم االبتدائية التابعة لمحكمة االستئناف ،وكذا األحكام الصادرة في
القضايا اإلدارية األخرى التي تدخل في اختصاص المحاكم االبتدائية المذكورة مع
اسناد اختصاصات الرؤساء االولين محاكم االستئناف اإلدارية لرؤساء االقسام
المتخصصة في القضاء االداري المهدده بمحاكم االستئناف فيما له صلة
باختصاصات هذه االقسام (المادة.)75
وفيما يتعلق بقواعد االختصاص بين القضاء الفردي والقضاء الجماعي بالمحاكم
االبتدائية ذات الوالية العامة ،فقد حافظ قانون التنظيم القضائي على مبدا االزدواجية
بين القضاء الفردي والقضاء الجماعي بالمحاكم االبتدائية العادية ،إال انه استحدث
تغييرات همت مجال اختصاص كل واحدة منهما.9
وفي هذا السياق ،فإنه وفقا للمادة ، 51اصبح القضاء الجماعي بالمحاكم االبتدائية
مختصا بالبت في القضايا التالية:
القضايا العينية والعقارية والمختلطة؛
قضايا االحوال الشخصية ،بما فيها قضايا االسرة ،باستثناء قضايا الطالق
االتفاقي والنفقة وأجرة الحضانة وباقي االلتزامات المادية للزوج او الملزم
بالنفقة ،والحق في زيارة المحضون ،والرجوع إلى بيت الزوجية ،وإعداد
بيت الزوجية ،وقضايا الحالة المدنية؛
9الدورية
31
القضايا الجنحية ،سواء كانت الجنح موضوع المتابعة ضبطية او تأديبية،
شريطة ان يكون المتابع فيها شخص في حالة اعتقال ولو تو بها معه
االشخاص في حاله صالح .مع بقى القضاء الجماعي مختصا للبت في
القضايا الى منح الصراح المؤقت للشخص المعتقل؛
القضايا التجارية المسندة الى القسم المتخصص في القضاء التجاري؛
القضايا االدارية المسنده الى القسم المتخصص في القضاء االداري.
اما القضاء الفردي بالمحاكم االبتدائية ذات الوالية العامة ،فقط أصبح مختصا بالبث
في كل ما يخرج عن نطاق اقتصاد قضاء الجماعي ،ويدخل ضمنه الدعاوى التالية:
الدعاوي الشخصية؛
قضايا المسؤولية التقصيرية؛
مختلف دعاوى االداء؛
قضايا نزاعات وحوادث الشغل واالمراض المهنية؛
قضايا الطالق االتفاقي؛
قضايا النفقة؛
قضايا اجره الحضانة وباقي االلتزامات المادية للزوج او الملزم بالنفقة؛
دعاوى الحق في زيارة المحضون؛
دعاوى الرجوع الى بيت الزوجية؛
دعاوى اعداد بيت للزوجية؛
قضايا الحالة المدنية؛
القضايا الجنحية،سواء كانت الجنح ضبطيه أو تأديبية ،التي يتابع فيها كل
المتابعين في حالة سراح؛
القضايا التي يختص بالبت فيها قضاء القرب.
الفقرة الثانية :المستجدات المتعلقة بمنظومة التدبير
في ظل الوضع الجديد الذي افرزه استقالل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية،
استحدث قانون تنظيم القضائي الجديد في المادة 21منه منظومه جديدة للتدبير االداري
والمالي للمحاكم قائمة على التنسيق والتعاون بين السلطة الحكومية المكلفة بالعدل
والمجلس االعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمسؤولية القضائيين
32
واالداريين بالمحاكم ،وممثل المصالح الالمركزه للسلطة الحكومية المكلف بالعدل .
مع اإلشارة الى أن تدبير الجانب القضائي من اإلدارة القضائية يبقى اختصاصا
حصريا للسلطة القضائية وغير قابل للتنسيق مع أي سلطه اخرى وفقا لما اكدته
10
المحكمة الدستورية في أحد قراراتها
وفي هذا اإلطار نص قانون التنظيم القضائي على المستجدات التالية المتعلقة
بمنظومة التدبير اإلداري للمحاكم:
-التنصيص في المادة 21على وضع هيكلة إدارية للمحاكم بمقتضى نص تنظيمي؛
-تحديد مهام رئيسي كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة ،بحيث نصت المادة 23من
القانون الجديد على أنه يمارس كل من رئيس كتابه الضبط ورئيس كتابه النيابة العامة
مهامهما ذات الطبيعة القضائية تحت سلطه مراقبه المسؤولين القضائيين بالمحكمة كل
في مجال اختصاصه باإلضافة الى خضوعهما فيما يتعلق بممارسه مهامهما اإلدارية
والماليه لسلطه مراقبه السلطة الحكومية المكلفة بالعدل واالشراف وللقضائيين
بالمحكمة كل في مجال اختصاصه .كما اكدت المادة 36على ان يسهر مسؤول
المحاكم على تحسين ظروف استقبل الوافدين عليها والتواصل مع المتقاضين بلغات
يفهمونها وتسهيل الوصول الى المعلومة القانونية والقضائية طبقا للقوانين الجاري بها
العمل ،وتمكينيهم من تتبع مسار اجراءات قضاياهم عن بعد في احترام تام للمعطيات
الشخصية لألفراد وحمايتها مع اعتبار كل مسؤول قضائي ومن ينيبه عنه ناطقا رسميا
باسم المحكمة كلهم فيما يخص مجاليه ،والذي يمكنه عند االقتضاء التواصل مع وسائل
االعالم من أجله تنوير الراي العام مع مراعاه التسلسل الرئاسي ألعضاء النيابة
العامة.
وتفعيال لمبدإ المقاربة التشاركية ،استحدث قانون التنظيم القضائي مؤسسات جديدة
على مستوى تدبير المحاكم نريدها على النحو اآلتي :
-1لجنة بحث الصعوبات التي تظهر حسب المادة 18على سير العمل بكل محكمه
للمحاكم المملكة تضم في عضويتها كال من المسؤول القضائيين واالداريين
33
بالمحكمة المعنية ونقيب هيئه المحامين ومن يمثله مع امكانيه اشراكم ممثلي
احدى المهن القضائية حسب موضوع االجتماع.
-2لجنة التنسيق على مستوى كل محكمة من محاكم المملكة والتي تتولى طبقا
للمادة 24تدبير شؤونها -اي المحكمة -وتضم هذه اللجنة في عضويتها كال من
المسؤول القضائيين واإلداريين بالمحكمة المعنية يوم الطل المصالح الالم
ومركزه للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل.
ونظرا لما تكتسيه مقتضيات المواد المشار اليها اعاله من اهميه بالغه في تعزيز
المقاربة التشاركية فقد دعى السيد رئيس المجلس األعلى للسلطة القضائية كل
الفاعلين والمتدخلين في المنظومة القضائية على المساهمة في تجويد خدمات
مرفق العدالة والتشبت بقواعد الحكامة الجيدة من اجل تقريب القضاء من المواطن
وجعله في خدمته وتحسين ظروف استقبال كل متقاضي وتمكينه من المعلومة
القضائية بمجرد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ والحرص على االجتماع بشكل
دوري ومنتظم وفق جدول اعمال دقيق وواضح يستهدف معالجة اإلشكاالت
الحقيقية بالمحاكم التي تشرفون عليها والسعي للخروج بقرارات وتوصيات تسهم
في تطوير وتجويد خدمات المحاكم مع العمل على موافاة المجلس األعلى المشتركة
المنصوص 54من القانون التنظيمي رقم 100.13المتعلق بالمجلس االعلى
11
للسلطة القضائية فيما يرجع الختصاص هذه الهيئة
-1مكتب المحكمة :نصت المادتان 26و 90من قانون التنظيم القضائي الجديد على
إحداث بنية جديدة ضمن منظومه التدبير بكل محكمه محاكم الدرجه االولى والثانيه
ومحكمه النقض ،ويتعلق االمر بمكتب المحكمه الذي انيطت به مهمه وضع برنامج
تنظيم العمل بالمحكمه خالل السنه القضائيه .ويتضمن هذا البرنامج تحديد الغرف
والهيئات وتاليفها وتوزيع القضايا والمهام على القضاة ،وضبط عدد الجلسات وايام
وساعه انعقادها.
وحددت المواد 27و28و 91تاليف هذا المكتب فبخصوص مكتب محكمة أول
درجة ،نصت المادة 27على تولي رئيس هذه المحكمة رئاسة المكتب ،والذي
يضم في عضويته باإلضافة إلى وكيل الملك ،كالمن :
11دورية السيد رئيس المجلس االعلى القضائية الموجهة إلى السادة رؤساء محاكم المملكة ،ص 19و20
34
-نائب او أكثر لرئيس المحكمة
و اكثر لرئيس المحكمة؛
-رئيس قسم قضاء األسرة؛
-رؤساء األقسام المتخصصة ؛
-أقدم القضاة بالمحكمة واصغرهم سنا؛
-نائب اول او اكثر لوكيل الملك.
أما مكتب محكمه الثاني درجه فقد نصت المادة 28على تولي الرئيس االول
للمحكمة رئاسته ويضم في عضويته باإلضافة الى الوكيل العام للملك ،كال من :
-نائب او اكثر للرئيس االول للمحكمة؛
-رؤساء االقسام المتخصصة؛
-اقدم المستشارين بالمحكمة واصغرهم سنا؛
-نائب أول أو أكثر للوكيل العام للملك.
وبالنسبة للمحاكم االبتدائية اإلدارية ومحاكم االستئناف اإلدارية فبحكم عدم توفرها
على نيابة عامه فقد نصت المادتان المذكورتان أعاله على عضويه المفوض الملكي
للدفاع عن القانون والحق األعلى درجه بها في هذا المكتب أو المفوض الملكي الذي
يختاره الرئيس في حاله تعددهم.
ويحضر رئيس كتابه الضبط ورئيس كتابه النيابة العامة أشغال المكتب بصفه
استشارية.
أما فيما يتعلق بمكتب محكمه النقد فقد نصت المادة 91من القانون الجديد على أن
يرأس مكتب محكمه النقض رئيسها االول ويضم هذا المكتب في عضويته باإلضافة
الى الوكيل العام للملك لديها ،كال من:
-نائب الرئيس األول لمحكمة النقض؛
-رؤساء الغرف وأقدم مستشار بكل غرفة وأصغرهم سنا بها؛
35
-المحامي العام األول وأقدم محام عام.
ويحضر رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة اشغال المكتب بصفه
استشاريه.
واعتبارا للدور المحوري الذي سيستطلع به هذا المكتب في تنظيم العمل داخل
المحكمة وحفاظا على مبدأي التنسيق والتكامل بين مؤسستي الرئاسة والنيابة العامة،
اوجبت المادة 29على كل من رئيس المحكمة او الرئيس االول التنسيق مع وكيل
الملك او الوكيل العام للملك ،حسب الحالة ،بشان الدعوة الى عقد اجتماع المكتب
والذي يتعين ان يكون خالل األسبوع األول من شهر دجنبر من كل سنة وكل ما دعت
الضروري ذلك ويتولى رئيس المكتب توجيه الدعوة لكافة األعضاء بالطرق المتاحة
والتي تفي بالغاية.
ويتعين على المسؤولين القضائيين بالمحكمة ،كل فيما يخص قبل انعقاد االجتماع
المذكور استطالع على القضاة بشان توزيع القضايا والمهام عليهم خالل السنة
القضائية الجديدة مع إطالع المكتب بنتائج هذا االستطالع.
وينجز رئيس كتابه الضبط محضرا بأشغال المكتب تدون فيه المناقشات والقرارات
المتخذة ويوقعه الرئيس ووكيل الملك أو الرئيس األول والوكيل العام للملك حسب
الحالة وكذا رئيس كتابه بالضبط.
-3الجمعية العامة للمحكمة :نظم القانون الجديد
التنظيم القضائي ،الجمعية العامة للمحكمة في الفرع الثاني من الباب الثاني.
طبقا لي المادتين 30و ،32فان الجمعية العامة تتكون من جميع قضاه الحكم وقضاة
النيابة العامة العاملين بها ويترأس رئيس المحكمة بالنسبة لمحاكم أول درجه والرئيس
األول للمحكمة بالنسبة لمحاكم ثاني درجه ويحضر وكيل الملك والوكيل العام للملك
حسب الحالة والمنفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق بالنسبة للمحاكم االستئناف
اإلدارية فضال عن رئيس كتابه رئيس كتابه النيابة العامة اللذين يحضران بصفة
استشارية.
36
وقد حددت المادة 30موعد انعقاد الجمعية العامة للمحكمة في النصف الثاني من
شهر دجنبر من كل سنة بعد التنسيق وجوبا بين رؤساء المحاكم ووكالء الملك
والوكالء العامين للملك.
وتضمنت المادة 31اجراءات مسطريه دقيقة يتعين واحترامها لصحه االجتماع،
حيث يتعين على رئيس المحكمة او الرئيس االول حسب الحالة توجيه الدعوة الى
جميع قضاه الحكم وقضاة النيابة العامة بالمحكمة لحضور االجتماع بكل الوسائل
الممكنة التي تفيد بالغاية وذلك ثمانية أيام على األقل قبل التاريخ المحدد لالجتماع وأن
تكون الدعوة مصحوبه بجدول األعمال من قبله.
وال تصح الجمعية العامة إال بحضور أكثر من نصف أعضائها وفي حالة عدم
اكتمال النصاب المذكور يؤجل االجتماع الذي ينعقد في أول أيام العمل وفي هذه الحالة
يعتبر االجتماع صحيحا بمن حضر.
ووفقا للمادة 33يتضمن جدول أعمال الجمعية العامة للمحكمة جميع القضايا التي
تهم سير العمل بها ،والسيما :
عرض النشاط القضائي للمحكمة خالل السنة القضائية المنصرمة من -
قبل رئيس المحكمة ووكيل الملك أو الرئيس االول والوكيل العام للملك
حسب الحالة كل فيما يخصه؛
عرض رئيس المحكمة والرئيس األول ،حسب الحالة ،لبرنامج تنظيم -
العمل بالمحكمة المعد من قبل المحكمة؛
دراسة الطرق الكفيلة بالرفع من نجاعة األداء بالمحكمه وتحديث أساليب -
العمل بها؛
دراسة البرنامج الثقافي والتواصلي للمحكمة وحصر مواضيع التكوين -
المستمر؛
تحديد حاجيات المحكمة من الموارد البشرية والمالية. -
ويتولى رئيس كتابه ضبط إنجاز محضر بأشغال الجمعية العامة تدون فيه
المناقشات والقرارات المتخذة ،ويوقعه المسؤوالن القضائيان بالمحكمة ورئيس
كتابة الضبط بها .وتوجه نسخة منه الى كل من الرئيس المنتدب للمجلس األعلى
للسلطة القضائية والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل من طرف رئيس المحكمة أو
37
الرئيس األول حسب الحالة ،وإلى رئيس النيابة العامة من طرف وكيل الملك
والوكيل العام للملك حسب الحالة ،وتوزع نسخة أخرى منه على جميع القضاة
العاملين بالمحكمة رئاسة ونيابة عامة.
38
وتقدر األحكام في جلسة علنية وفق الشروط المنصوص عليها قانونا .
تعتبر األحكام النهائية وكذا القابلة للتنفيذ،الصاظرة عن القضاء ملزمة للجميع ".
وبذلك يعتبر تعليل األحكام قاعدة دستورية طبقا للفصل 125منه الذي ين.ص على
أنه " تكون األحكام معللة وتصدر في جلسة علنية ،وفق الشروط المنصوص عليها
في القانون " .
ويدخل تعليل األحكام القضائية والنطق بها وهي محررة ضمن القواعد األساسية
التي تحمي حقوق المتقاضين
وضمان شفافية العدالة وتعزيز تقة المواطنين في القضاء وتحقيق النجاعة ،وتأكيد
مبدأ إصدار األحكام داخل أجل معقول ،بالتالي فاألمر يتعلق بقواعد آمرة يتعين
التقيد بها .
بقراءة متأنية الفقرة األولى من هذه المادة نالحظ أن المشرع حدف عبارة " جاللة "
وأبقى على أن األحكام تصدر وتنفيذ بإسم الملك وطبقا للقانون ،على خالف ،ما
ينص عليه الفصل 50من قانون المسطرة المدنية .
:2 إرتداء البدلة أثناء عقد الجلسات الرسمية
تنص المادة 20من قانون التنظيم القضائي الجديد على أنه " يرتدي القضاة بذلة
خاصة أثناء الجلسات فقط ،وتحدد أوصافها بقرار لرئيس المنتدب للمجلس األعلى
للسلطة القضائية .
يرتدي موظفو هيئة كتابة الضبط بذلة أثناء الجلسات فقط وتحدد أوصافها بقرار
للمجلس األعلى للسلطة القضائية ".
المشرع راع استقاللية القضاء وجعل أوصاف البذلة تحدد من الرئيس المنتذب لدى
المجلس األعلى للسلطة القضائية ،وألزم القضاة بارتدائها في الجلسات فقط سواء
كانت رسمية كافتتاح السنة القضائية وتنصيب المسؤولين القضائين .
ونفس األمر بالنسبة لهيئة كتابة الضبط لكن اوصاف بذلة هذا الجهاز تحدد حسب
الفصل من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالعمل .
39
ثانيا :تجاوز بعض نواقص التنظيم القضائي القديم ومشروع التنظيم القضائي الجديد
يتجلى تجاوز التنظيم القضائي الجديد لنواقص كل من قانون التنظيم القضائي القديم
ومشروع قانون التنظيم القضائي الجديد في :
:1 دقيق لمعايير تحديد الخريطة القضائية
هدف هذه الخريطة هي تحقيق القرب من المتقاضين وتسهيل الولوج إلى
العدالة وتتجلى هذه المعايير في :
حجم القضايا
المعطيات الجغرافية والديمغرافية
العوامل اإلقتصادية واإلجتماعية
التقسيم اإلداري للمملكة .
:2 تنظيم إمكانية عقد جلسات تنقلية ضمن دوائر المحمكمة
هدف إلتنصيص على إمكانية عقد جلسات تنقلية في دوائر المحكمة هو تقريب
القضاء من المواطن .
لكن هذا في حقيقة األمر تقريب مادي يرتبط بوضعية األشياء ،حيث هناك
تقريب أخر يرتبط بما هو حسي معنو ،ويقصد به جعل الشخص يحس
باإلطمئنان وذلك من خالل حث القضاة والموظفين باليونة والتواضع ،وهذه
األمور كلها أصبحت من حقوق المتقاضين .
وقد أشار التنظيم القضائي الجديد إلى مسألة عقد جلسات تنقلية في المادة
الثالثة منه .
:3 الحقوق المتقاضين
تفعيل حق التقاضي
المساعدة القضائية والقانونية
المحاكمة العادلة
احترام حقوق الدفاع
التعويض عن الخطاء القضائي
صدور األحكام في أجل معقول
تسهيل الولوج إلى المعلومة
الحق في الطعن طبقا األحكام القانون
40
اعتبار كل مسؤول قضائي ناطق باسم المحكمة تجسيدا للفصل 27من
الدستور ( الحق في المعلومة ).
:4اإلشراف بين مختلف الجهات مراعاة المبدأ اإلستقاللية
حيث جعل التنظيم القضائي مجال إنتاج العدالة وأصدار األحكام مجال خاص
بالسلطة القضائية
في حين أن المجال المالي واللوجستيكي مجال حكر على السلطة الحكومية
المكلفة بالعمل
ومجال ثالث يخص للسلطة القضائية والسلطة الحكومية مع ويتعلق األمر
باإلدارة القضائية .
:5استقاللية القضاء في تأكيده لموضوع اإلدارة القضائية
من المعلوم أن اإلدارة العمومية تقع تحت تصرف الحكومة ممثلة في الوزير
المعني بالقطاع طبقا للفصل 89من الدستور ،لكن موضوع اإلدارة القضائية
نظرا ألهميته خالف هذا المبدأ الدستوري ،وجعلها المشرع تحت تصرف
المسؤولين القضائين ( رئيس المحكمة والوكيل الملك لديها ) كل هذا مراعاة
باستقاللية القضاء .
:6تجاوز فكرة الكاتب العام
:7كان التفكير منصب حول جعل كتابة الضبط واحدة ،عوض كتابة الضبط
وكتابة النيابة العامة ،وتوضع تلك الكتابة تحت رئاسة الكاتب العام ،لكن
اإلسكالةكان في حضوره ألشغال الجمعية العامة التي تناقش األمور المتعلقة
بانتاج العدالة وهي أمور خاصة بالمسؤول القضائي وليس المسؤول اإلداري
والمالي .
لذلك تم تجاوز هذه المسألة في المادة 19من التنظيم القضائي الجديد .
:8مسألة طبيعة النيابة العامة أمام المحاكم التجارية في مشروع التنظيم
القضائي الجديد
كان مشروع التنظيم القضائية المحال على المحكمة الدستورية ،ينص على
إحداث بالمحكمة التجارية نائب وكيل الملك تابع لوكيل الملك بالمحكمة
اإلبتدائية ،ونائب وكيل العام للملك بالمحاكم االستئناف التجارية تابع لوكيل
العام للملك لدى محكمة اإلستئناف ،غير أنه تم التراجع عن هذا األمر وأصبح
41
بمقتضى المادة 58من التنظيم القضائي الجديد الوكيل الملك جزءا من تأليف
المحكمة التجارية عوض مجرد نائبه ونفس األمر بالنسبة لمحاكم االستتناف
التجارية طبقا للمادة 76من التنظيم القضائي الجديد .
بعد الوقوف على إيجابية تدقيق المبادئ األساسية للتقاضي والقيام بمحاولة تقييمها
للوقوف على بعض مظاهرها على أرض الواقع ،سنتقل للحديث عن إيجابية أخرى
ترتبط بتنظيم دقيق لعمل الهيئات القضائية .
الفقرة الثانية :تنظيم دقيق لعمل الهيئات القضائية
سنتوقف في هذه الفقرة على تنظيم دقيق لعقد الجلسات من خالل الوقوف على على
تنظيم الدقيق إلفتتاح السنة القضائية وتنظيم الجلسات الرسمية لتنصيب المسؤولين
القضائين ثم تشكيل هيئة الحكم اثناء عقد الجلسات وتنظيم دقيق االختصاص المحاكم
كل هذا في نقطة اوال ،ثم الوقوف على التنظيم الدقيق اسير الجلسات ،من خالل
االتطرق إلى مسألة العلينة كإيجابية من اإليجابيات إلى جانب ضبط نظام الجلسات
واإلشارة إلى المسطرة الكتابية و الشفوية مع ترك تنظيمها الدقيق في قانون
المسطرة المدنية وذلك في نقطة ثانية .
أوال :تنظيم دقيق لعقد الجلسات
يقتضي األمر الوقوف على تنظيم افتتاح السنة القضائية ألول مرة ،ثم تنظيم
جلسات تنصيب المسؤولين ،ناهيك عن تشكيل الهيئات وتنظيم اختصاص المحاكم .
: 1تنظيم افتتاح السنة القضائية
ينص الفصل الثامن من قانون التنظيم القضائي الجديد على أنه تبتدى السنة القضائية
في فاتح يناير وتنتهي في 31ديسمبر من كل سنة .تفتتح السنة القضائية تحت
الرئاسة الفعلية لجاللة الملك أو بإذن منه بمحكمة النقض،أو بأي مكان آخر يحدده
جاللته ،في جلسة رسمية في بداية شهر يناير من كل سنة.
يتولى كل من الرئيس األول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك لديها ،خالل هذه
الجلسة ،التعريف بالنشاط القضائي لمحاكم للمملكة ،وبعمل محكمة النقض ونشاطها
برسم السنة المنتهية ،وكذلك بالبرامج القضائية التي تقرر تنفيذها خالل السنة
42
الجديدة التي يجري افتتاحها .يعلن الرئيس األول لمحكمة النقض ،بهذه المناسبة،
انطالقة افتتاح السنة القضائية في جميع محاكم المملكة ".
يعطي الرئيس األول االنطالقة لكافة المحاكم .عندئذ يترأس الرئيس األول لكل
محكمة من محاكم الدرجة الثانية ،خالل شهر يناير جلسة رسمية الفتتاح السنة
القضائية على صعيد دائرة نفوذها ،ويحضر هذه الجلسة الوكيل العام للملك بالنسبة
لمحاكم االستئناف ،وبالنسبة لمحاكم االستئناف التجارية الوكيل العام للملك لديها.
تحدد هذه المادة في فقرتها األولى تاريخ افتتاح السنة القضائية بمجموع محاكم
المملكة في الفاتح من يناير من كل سنة ،وتاريخ اختامها في المتم من دجنبر من
السنة نفسها .بالتالي فالمدة الزمنية تحدد في اثني عشر شهرا من العمل القضائي.
وتفتتح السنة القضائية من حيث األصل تحت الرئاسة الفعلية وبالحضور الشخصي
الجاللة الملك باعتباره رئيس المجلس األعلى للسلطة القضائية طبقا للفصل 56و
115من الدستور والمادة 3من القانون التنظيمي رقم 100.13المتعلق بالمجلس
األعلى للسلطة القضائية ؛ كما يمكن أن تفتتح بإذن منه في حالة عدم توليه شخصيا
افتتاحها الفعلي ويقع هذا االفتتاح للسنة القضائية أصالة بمحكمة النقض كما يمكن
إقامتها أيضا في أي مكان آخر يحدده جاللة الملك يرى فائدة عملية أو رمزية في
عقدها فيه.
يترأسها جاللة الملك شخصيا في حالة توليه االفتتاح الفعلي؛ أو الرئيس األول
لمحكمة النقض ويتحقق هذا االفتتاح بعقد جلسة رسمية في األيام االولى من شهر
يناير من كل سنة ،ويحضرها المستشارون والمحامون العامون بهذه المحكمة .
ويستدعي المسؤولون القضائيون بمحاكم المملكة ،كما يمكن أن يستدعى للحضورها
بعض الشخصيات ا المسؤولين أو الوزراء ،كرئيس الحكومة ورئيسي غرفتي
البرلمان؛ وبعض الوزراء الذين يرتبط تدبير قطاعاتهم بمجال العدل كالوزير
المكلف بالعدل ،والوزير المكلف بحقوق اإلنسان وغيرهم من الوزراء؛ وكذا رؤساء
بعض الهيئات الوطنية ذات الصلة؛ وكل من يكون الحضوره فائدة عملية أو رمزية
أو شرفية من فقهاء وأساتذة هذه الجلسة باسم جاللة الملك ،بعد جلوس رئيسها في
المنصة إلى جانب الهيئة القضائية التي تبت في قضايا الغرف مجتمعة ،باإلضافة
إلى الوكيل العام للملك ،والمحامي العام األول .ويشغل مقعد كتابة الضبط الكاتب
43
العام بمحكمة النقض أو من ينوب عنه ،ما تفتتح السنة القضائية بإعالن شعار يكون
بمثابة عنوان لألهداف الكبرى المسطرة والتي يرجى تحقيقها خالل السنة القضائية
الجارية .ونذكر على سبيل المثال أن سنة 2015افتتحت تحت شعار الرأسمال
الالمادي لمحكمة النقض مصدر أساسي للنجاعة القضائية "؛ بينما افتتحت سنة
2016تحت شعار "تكريس الحقوق الدستورية"؛ وسنة 2018تحت شعار التنمية
الشاملة" .والمالحظ أن هذه افتتحت هي األخرى تحت شعار "من أجل قضاء
منصف وفعال" ،وسنة 2019افتتحت تحت القضاء ضيانة للحقوق والحريات،
وسنة 2020افتتحت تحت شعار "العدل أساس التنمية الشاملة".
وخالل هذه الكلمة االفتتاحية يتم أيضا عرض التعريف بالنشاط القضائي لمحاكم
المملكة عادية ومتخصصة ،ويعمل محكمة النقض ونشاطها برسم السنة المنتهية،
وكذلك التعريف بالبرامج القضائية التي تقرر تنفيذها خالل السنة الجديدة التي يجري
افتتاحها.
:2تنظيم الجلسات لتنصيب المسؤولين القضائيين
أشار إلى هذه المسألة المادة التاسعة من القانون التنظيمي القضائي الجديد "،تعقد
المحاكم جلسات رسمية لتنصيب المسؤولين القضائيين والقضاة الجدد بها ،وفق ا،
اإلجراءات واألعراف المتبعة .باإلضافة إلى الجلسة الرسمية االفتتاحية للسنة
القضائية بمحاكم المملكة.
تعقد المحاكم جلسات رسمية لتنصيب المسؤولين القضائيين والقضاة الجدد بها؛ وقد
حدد المشرع المسؤولية القضائية في المادة 3من القانون التنظيمي 106.13
المتعلق بالنظام األساسي لرجال القضاء 12في :
رئيس محكمة أول درجة
وكيل الملك لدى محكمة أول درجة
رئيس أول المحكمة استئناف
44
وكيل عام للملك لدى محكمة استئناف
الرئيس األول لمحكمة النقض
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
نائب الرئيس األول المحكمة النقض
رئيس الغرفة األولى بمحكمة النقض وباقي رؤساء الغرف بها؛
المحامي العام األول لدى محكمة النقض
وقد أسند المشرع صالحية تعيين القضاة الجدد ،وكذا تعيين القضاة بمهام المسؤولية
إلى المجلس األعلى للسلطة القضائية طبقا للمادة 67من القانون المنظم لهذا المجلس
باستثناء منصبي الرئيس األول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك لديها اللذان
يعينان من قبل جاللة الملك طبقا للمادة 22من القانون 106.03المتعلق بالنظام
األساسي لرجال القضاء .وهذا التعيين في جميع األحوال سواء كان من طرف
المجلس األعلى للسلطة القضائية أو من قبل الملك فإنه يتم بواسطة ظهير ملكي طبقا
للفصل 57من الدستور ،يوافق من خالله جاللته على مقترحات التعيين التي يرفعها
المجلس بالنسبة للحالة األولى ،ويتولى فيه التعيين أساسا في الحالة الثانية.
:3تنظيم دقيق للتشكيل هيئات الحكم أثناء عقد الجلسات وتنظيم دقيق لإلختصاص
تعتمد المحاكم االبتدائية القضاء الفردي أو القضاء الجماعي .حسب الحاالت التي
يحددها القانون مع مراعاة االختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى
النصوص
التشريعية الجاري بها العمل ،يعتمد القضاء الجماعي ما لم ينص القانون على
خالف ذلك في المحاكم االبتدائية التجارية والمحاكم االبتدائية اإلدارية وفي األقسام
المتخصصة في القضاء التجاري واألقسام المتخصصة في القضاء اإلداري المحدثة
45
بالمحاكم االبتدائية وفي محاكم الدرجة الثانية وفي محكمة النقض .ويعتمد القضاء
الجماعي أيضا في كل حالة يقرر فيها القانون ذلك.
تناولت هذه المادة بان الحاالت التي يأخذ فيها المشرع بمبدأ القضاء الجماعي
والحاالت التي يأخذ فيها بمبدأ القضاء الفردي بالمحاكم المغربية ،مؤكدا في بدايتها
على أن هيئات الحكم تتحدد طبقا للقانون.13
ويقصد بهيئة الحكم التشكيلة القضائية التي يسند لها االختصاص في عقد الجلسات
والفصل في القضايا المعروضة عليها ،والتي تتألف لزوما من قاض واحد على
األقل ،مع إمكانية االستعانة بكاتب للضبط ،وحضور النيابة العامة في الحاالت التي
ينص فيها القانون على ذلك.
و تشكيل هيئات الحكم يرجع أمر تحديده إلى القانون ،بمعنى أن هذا األخير هو الذي
يحدد عدد القضاة في الهيئة الحاكمة في كل نوع من القضايا ،وكذا مدى ضرورة
حضور كاتب الضبط والنيابة العامة أثناء عقد الجلسات؛ وذلك تحت طائلة بطالن
الحكم الذي يصدر دون مراعاة المقتضيات القانونية المحددة لشكل الهيئة الحاكمة
الواجب عرض القضية عليها ،ما يدل صراحة على أن تشكيل هيئة الحكم يعتبر من
النظام العام يحق إثارة مخالفته في أي وقت ولو ألول مرة أمام محكمة النقض ،غير
13ومن حسنات التنظيم القضائي الجديد تنظيمه بشكل دقيق للحاالت القضاء الفردي والقضاء الجماعي بالمحاكم االبتدائية وكان ذلك في المادة 51من
القانون 38.15التي نصت على أن "مع مراعاة االختصاصات المخولة لرئيس المحكمة االبتدائية بمقتضى قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة
الجنائية أو نصوص قانونية خاصة ،تعقد المحاكم االبتدائية بما فيها المصنفة جلساتها بقاض منفرد وبمساعدة كاتب للضبط عدا عند وجود نص قانوني
خاص ،أو في الحاالت التالية التي يبت فيها بهيئة مؤلفة من ثالثة قضاة بمن فيهم الرئيس ،وبمساعدة كاتب للضبط :
القضايا العينية العقارية والمختلطة ؛
-قضايا األحوال الشخصية بما فيها قضايا األسرة ،باستثناء قضايا الطالق االتفاقي والنفقة وأجرة الحضانة وباقي االلتزامات المادية للزوج أو الملزم
بالنفقة والحق في زيارة المحضون والرجوع إلى بيت الزوجية وإعداد بيت للزوجية وقضاي:ا الحالة المدنية
-القضايل الجنحية التي تقرر فيها متابعة شخص في حالة المتقال ولو توبع معه أشخاص في حالة سراح ،وتبقى الهيئة الجماعية مختصة بالبت في
القضية في حالة .المحكمة السراح المؤقت منح للشخص المتابع .
على طلب أحد األطراف ،أن أحد الطلبات األصلية أو المقابلة أو طلبات المقاصة يرجع النظر فيه إلى هيئة أخرى ،أو له ارتباط بدعوى جارية
أمامها ،أحيل ملف القضية بأمر والني إلى رئيس المحكمة ،الذي يتولى هو أو نائبه إحالة ملف القضية فورا إلى الهيئة المعنية.
وفي جميع األحوال ال يترتب البطالن عن بت هيئة القضاء الجماعي في قضية من اختصاص قاض منفرد.
أن المشرع نص في تتمة الفقرة األولى على أن هذا البطالن ال يترتب في حالة
مشاركة قاض إضافي أو أكثر في نفس الجلسة" ،فدل على أن البطالن يترتب في
حالة اإلخالل بالحد األدنى الذي قرره القانون والذي يجب أن تتعقد به الجلسة ،وأنه
ال يترتب في الحالة التي يرتفع فيها عدد القضاة عن العدد المنصوص عليه ،على
اعتبار أن مثل هذا األمر سوف لن يضر بالمسطرة وال بالضمانات الممنوحة
للمتقاضي ،بل بالعكس سيزيد منها؛ وبذلك فإنه في حالة ما إذا تعلق األمر بقضية
من اختصاص القضاء الفردي وبت فيها القضاء الجماعي فإن الحكم الصادر في
هذه القضية ال يطاله البطالن ،بشرط أن ال يكون هنالك نص خاص يلزم بالبقاء
على أصل احترام تشكيلة هيئة الحكم بعدم تغييرها مطلقا زيادة أو نقصانا ،كما هو
الشأن مثال بالنسبة للمقتضى المقرر بخصوص البت في الجنح والمخالفات التي ألزم
المشرع المحكمة في الفصل 374من قانون المسطرة الجنائية ،بضرورة عقد
جلساتها بقاض منفرد وبحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط " مرتبا
"البطالن عن اإلخالل بهذه المقتضيات".
ونرى في هذه الحالة ومثيالتها أنه يلزم احترام النص الخاص بعدم الزيادة في عدد
القضاة ،وأنه تبعا لذلك يترتب بطالن الحكم الصادر عن الهيئة التي لم تحترم
النصاب المقرر ،لكون القانون الخاص مقدم في اإلعمال على النص العام في هذا
الباب والنص الخاص في هذه الحالة قرر البطالن جزا ًء ولو تعلق األمر بزيادة عدد
القضاة الذين ينظرون قضايا الجنح والمخالفات.
والمشرع المغربي في قانون التنظيم القضائي بعد ان أقر مبدأ المزاوجة في القضاء
الفردي والقضاء الجماعي انتقل إلى إقرار القضاء الجماعي دون الفردي في بعض
المحاكم وبعض األقسام ݣالمحاكم التجارية االبتدائية واالستئنافية و اإلدارية
اإلبتدائية واالستئنافية ،ثم األقسام المتخصصة في القضاء التجاري واإلداري .
أما مسألة اإلختصاص فإن قانون التنظيم القضائي أحال في تنظيم قواعد
اإلختصاص مختلف المحاكم وشروط ممارستها على المقتضيات المتعلقة بالمسطرة
14
المدنية والمسطرة الجنائية ونصوص خاصة .
ثانيا :تنظيم دقيق األحكام سير الجلسات
14المادة 12من قانون التنظيم القضائي الجديد القانون رقم 15. 38
47
سنتخدث في هذه النقطة على عقد الجلسات بشكل علني مبدئيا ثم ،نظام ضبط
الجلسات بها ،ثم اإلشارة المسطرة الكتابية و الشفوية ،ونختم هذه النقطة باإلشارة
ولو عرضيا لمختلف اإليجابيات األخرى المرتبطة بتنظيم عمل الهيئات القضائية ،
كالرأي المخالف ولغة التقاضي والمرافعات ولجنة بحث الصعوبات وايجاد الحلول .
1 :علنية الجلسات وشفوية المرافعات
طبقا للفصل 123من الدستور ،تكون الجلسات علنية ما عدا في الحاالت التي يقرر
فيها القانون خالف ذلك.
يناط برئيس الجلسة ضبط نظامها.
تطبيق المساطر الكتابية والمساطر الشفوية في المحاكم حسب الحاالت التي يحددها
القانون.
تقرر هذه المادة مبدأ من المبادئ الدستورية المعمول بها في التنظيم القضائي
المغربي ويتعلق األمر بمبدأ علنية الجلسات الذي نص عليه الفصل 123من دستور
المملكة ،وأكد عليه المشرع في هذه المادة الحادية عشرة من هذا القانون ،وقبل ذلك
في الفصول 43و 50و 213و 214و 329و 334و 339و 372و 375و
431من قانون المسطرة المدنية ،والمادة و300و 364و 429و 543من قانون
المسطرة الجنائية.
ويقصد بمبدأ العلنية ،أن تتم المناقشات والمرافعات والنطق باألحكام في جلسات
عامة مفتوحة في وجه العموم ،يمكن ألي شخص ولو من غير المتقاضين حضورها
واالطالع
علي مجرياتها أمام المحكمة المعروضة عليها .ويترتب على اإلخالل بهذا المبدأ
بعقد الجلسات بشكل سري بطالن المسطرة واألحكام الصادرة فيها .
ما عدا في الحاالت التي يقرر فيها القانون عقد الجلسات بشكل سري فإن البطالن
ال يترتب كالحالة التي تنص فيها المادة 236من قانون المسطرة الجنائية على أن
المناقشات أمام الغرفة الجنحية تجرى بصفة سرية ،وأن هذه األخيرة تبت في
الطلبات في غرفة المشورة؛ وكذلك الشأن بالنسبة لمتابعة الحدث الجانح حيث يجب
48
أن يجرى البحث والمناقشات ويصدر الحكم بجلسة سرية طبقا للمادة 478و 490
من قانون المسطرة الجنائية.
وباإلضافة إلى هذه الحاالت التي تكون فيه الجلسة علينة بمقتضى النص القانون
صراحة ،يمكن أيضا عقد الجلسات بشكل سري بأمر تلقائي من المحكمة كلما رأت
مصلحة في ذلك في الحالة التى ترى فيها أن في علنية الجلسة خطرا على األمن أو
مساسا بالنظام العام أو باألخالق الحميدة طبقا للفصل 43و 339من قانون
المسطرة المدنية والمادة 302من قانون المسطرة الجنائية ،كما يمكن عقد الجلسة
أيضا بشكل سري بأمر من المحكمة بناء على طلب من الضحية إذا تعلق األمر
بقضية عنف أو اعتداء جنسي ضد المرأة أو القاصر ،مع ضرورة اإلشارة إلى أن
النطق باألحكام في هذه الحاالت يكون في جلسة علنية.
ويدخل إجراء نقل الجلسة من العلنية إلى السرية من قبل المحكمة في إطار االلتزام
الملقى على رئيسها ،والذي أشارت إليه الفقرة الثانية من هذه المادة موضوع الشرح
حينها أناطت به ضبط نظامها ،الذي يتجلى في ضمان سيرها سيرا عاديا بدون
تشويش أو إزعاج ،وبما يحافظ هيئة القضاء وكرامة المتقاضي ،فال يسمح أثناءها
بالضجيج والفوضى وال السب والقذف في الخصوم أو دفاعهم أو الهيئة الحاكمة،
ويتخذ الضبط ومنع ذلك كل التدابير القانونيتطبق أمام المحاكم االبتدائية وغرف
االستينافات بها قواعد المسطرة الكتابية المطبقة أمام محاكم االستيناف وفقا ألحكام
الفصول 329و 331و 332و 334و 335و 336و 342اآلتية بعده .
تمارس المحكمة االبتدائية ورئيسها أو القاضي المقرر كل فيما يخصه،
االختصاصات المخولة حسب الفصول المذكورة لمحكمة االستيناف ولرئيسها األول
أو للمستشار المقرر.
غير أن المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية اآلتية :
القضايا التي تختص المحاكم االبتدائية فيها ابتدائيا وانتهائيا ؛
قضايا النفقة والطالب والتطليق
القضايا اإلجتماعية
49
قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكرائية
قضايا الحالة المدنية .
وجدير بالذكر مشروع قانون المسطرة المدنية 15قد تعرض المسألة في مادتان
األولى تخص المسطرة الكتابية كمبدأ عام والثانية ترتبط بالمسطرة الشفوية ،وينص
الفصل 95على أنه " تطبق أمام محاكم الدرجة األولى قواعد المسطرة الكتابية،
غير أن المسطرة تكون شفوية أمام المحاكم االبتدائية في القضايا المشار إليها في
المادة 96أدناه.
وبالرجوع إلى المادة 96نجدها تنص على أن " تطبق مسطرة المناقشة الشفوية في
القضايا اآلتية:
-1القضايا التي تختص المحاكم االبتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا طبقا للمادة
30أعاله.
– 2قضايا الزواج والنفقة والرجوع لبيت الزوجية والطالق االتفاقي وأجرة
الحضانة
-3-القضايا المتعلقة بالحالة المدنية
-4-القضايا االجتماعية
-5قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء
-6-القضايا األخرى التي ينص عليها القانون.
:1ضبط نظام الجلسات
16
في هذا اإلطار نص المشرع المغربي في الفصل 43من قانون المسطرة المدنية
على أنه لرئيس الجلسة أن يحفظ النظام بها ،ويجوز له أن يطرد كل من تسبب في
الضوضاء أو االضطراب .وفي حالة امتناع الشخص المخل بنظام الجلسة
50
االنسحاب من الجلسة أو رجوعه إليها رغم طرده أن يتخذ اإلجراءات المناسبة في
حقه.
ولم يقتصر المشرع في تنظيمه لحفظ نظام الجلسات على ما يسببه األطراف أو
وكالؤهم من ضوضاء فحسب ،بل مدده ليشمل المحامين انفسهم إذ يمكن للرئيس أن
يحرر محضرا باإلخالل الذي قام به المحامي وأن يبعثه إلى نقيب المحامين (ف 44
من ق.م.م ).وتأكيدا لإلجراءات التي يمكن أن تتخذ في حق المحامين الذين لم
يلتزموا بنظام الجلسة ،جاء في الفصل 341من نفس القانون انه " إذا صدرت من
محامين أقوال تتضمن سبا أو إهانة أمكن لمحكمة االستئناف أن تطبق عليهم بقرار
مستقل العقوبات التأديبية باإلنذار والتوبيخ وحتى الحرمان المؤقت من مزاولة
المهنة لمدة ال تتجاوز شهرين ،أو ستة أشهر في حالة العود في نفس السنة».
3 :إيجابيات أخرى تهم عمل الهيئات القضاالحكم
تشير في هذه النقطة إلى مسألة محمودة وهي تنظيم الرأي المخالف التي تعتبر في
حقيقة األمر دفعة معنوية لتحقيق العدالة بالنسبة للقضاء ،سواء بشكل إيجابي من
خالل حتهم على إصدار أحكام تتطابق الحقيقة ،وحمايتهم من كل خطأ قد يسقط فيه
أحدهم أثناء النظر في القضية حيث كلما ضمن رأيه المخالف في محضر فإنه يكون
بمنأى عن المسؤولية عن مضمون الحكم ،او بشكل سلبي من خالل ردع كل قاض
سولت له نفسه اللعب بأوثار العدالة من خالل مسأءلته وحده دون باقي أفراد هيئة
الحكم .
وتنظيم هذا الرأي المخالف ال يكون له معنى إال في حالة التشكيلة الجماعية واصدار
الحكم باألغلبية اما في حالة القضاء الفردي واصدار الحكم باإلجماع فالمعنى لهذا
التضمين ويفقد دوره في هذه الحاالت .
ووجهة نظر القاضي المخالف يجب ان تكون معللة وبمبادرة منه وفي محضر سري
،موقعا عليه من قبل األعضاء ،ويوضع في غالف مختوم ،ويحتفظ به بصندوق
حديلدى رئيس المحكمة المعنية ،ويسجل في سجل خاص ،ويعتبر هذا األخير اي
السجل الخاص و المحضر سري و غالف مختوم نظاميا وموحدا بين مختلف
المحاكم .
51
وال يمكن اإلطالع عليه إال بناء على قرار المجلس األعلى للسلطة القضائية ولو
تعلق األمر بالمسؤول القضائي .
ويحتفظ به مدة 10سنوات ويعتبر الكشف عنه خطأ جسيمة مسأال عليه .
وقد أشار المشرع أيضا عدم حضور النيابة العامة المداوالت وتعمل تحت التسلسل
17
الرئاسي .
وتحدث على صعيد كل محكمة سواء الدرجة األولى أو الثانية ،لجنة لبحث
الصعوبات وسير العمل بالمحاكم وإيجاد الحلول ،وابرز ما يسثأترنا هو اعتبار نقيب
هيئة المحامين جزءا من تركيبته ،ويكمن اشراك باقي الهيئات المهنية األخرى في
18
شخص رئيسها حسب موضوع اإلجتماع .
وقبل هذا قد أشار المشرع إلى أن اللغة العربية هي لغة التقاضي والمرافعات
وصياغة األحكام مع تفعيل طابع األمازيغية .
بينما اعتبر أن هناك إمكانية لتقديم المستندات ولو كانت محررة بلغة أجنبية انداك
19
يمكن تلقائيا او بناء على طلب ترجمان محلف لترجمتها .
وفي المادة 20أشار إلى أن البذلة ترتدى فقط اثناء الجلسات ،وتحدد أوصافها بقرار
للمجلس األعلى للسلطة القضائية .
بينما بذلة الخاصة بهيية كتابة الضبط ترتدى فقط هي األخرى أثناء الجلسات وتحدد
اوصلفها بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالعمل
المطلب الثاني :مساوئ التنظيم القضائي الجديد.
على الرغم من المزايا التي جاء بها التنظيم القضائي الجديد ،فإنه حسب العديد من
الدراسات ال يخلو من العيوب التي اعتبرها البعض تراجعا خطيرا عن المكتسبات،
ولمعرفة تجلياتها قررنا تخصيص الفقرة األولى لعيوبه على مستوى الشكل ،والفقرة
الثانية نخصصها لعيوب التنظيم القضائي على مستوى الجوهر.
20من المقتضيات المتكررة في التنظيم القضائي والمشار إليها في القوانين السالفة الذكر نجد مسألة استقالل القضاة ومقتضيات الفصل 123من
الدستور التي تمت إعادة تدوينها في المادة 11من التنظيم القضائي بخصوص كون الجلسات علنية....
21يذهب الفقيه سافاتييه وهو بصدد عرضه لظاهرة التضخم التشريعي بالقول أنه يتجلى سواء من خالل ازدياد عدد القوانين الصادرة في كل سنة ،أم
من خالل تكدس النصوص التشريعية مع مرور الزمن وتطويل القوانين التي تشرد في أغلب األحيان خارج مجالها أو تتيه في الثرثرة ،وهي مسألة
تساهم في جعل القانون صعب المنال إلى حد ما وغير مستقر ...للمزيد من التوضيح حول هذه الظاهرة
انظر :عبد الكريم صالح عبد الكريم وعبد هللا فاضل احمد" تضخم القواعد القانونية دراسة تحليلية نقدية في القانون المدني" مقال منشور في مجلة
53
جامعة تكريت للعلوم القانونية السنة( )6العدد ( )23أيلول 2014م ،ص 147.وما بعدها.
المتخصص ،قضية تكافئ الفرص بين القضاة في الوصول إلى مناصب المسؤولية
داخل المحاكم.
-1التضييق على القضاء اإلداري مسألة غير دستورية:
وفي هذا اإلطار ،يقتضي تعزيز السلطة القضائية طرح مجموعة من التساؤالت
الدستورية عن موقع ومركز القضاء اإلداري في قانون التنظيم القضائي ،ال سيما
مع التنصيص على إمكانية إحداث غرف متخصصة قضائية للنظر في القضايا
اإلدارية في بعض المحاكم االبتدائية التي ال توجد في دوائرها محاكم إدارية .كما أن
تجاهل إحداث مجلس الدولة يقتضي مناقشة التفاضل بين وحدة النظام القضائي أو
حتمية ازدواجية هذا النظام .وهذه المناقشة تصبح أكثر إلحاحا ً بعدما أثبت القضاء
اإلداري ريادته في حماية الحقوق وصون الحريات وإنشاء وتطوير القواعد
القانونية ،مما يجعله خيارا استراتيجيا محميا ً ومحصنا ً دستوريا ً ال يمكن التراجع
عنه.
ولتفعيل المرتكزات الدستورية الموضوعية باعتبارها قواعد لسير العدالة وحماية
المتقاضين ،نص الدستور في فصله 114على إحداث هيئة قضائية إدارية عليا
باعتبارها المرجع القضائي الذي سيعلو هرم القضاء اإلداري .وينيط هذا الفصل
بهذا المرجع المزمع إنشاؤه ،النظر كمحكمة قانون في طلبات النقض الموجهة ضد
القرارات النهائية الصادرة عن محاكم االستئناف اإلدارية فضال عن تقديم
االستشارات القانونية لمختلف اإلدارات العمومية ومهام قضائية أخرى .وبذلك،
يستحدث هذا الفصل دعامة جديدة لبناء دولة الحق القائمة على احترام مبدأ
المشروعية الدستورية وصون الحقوق وحماية الحريات ،دعامة تضاف إلى ما كان
سبق النظام المغربي أن حققه مع إحداث محاكم االستئناف اإلدارية .لكن التنظيم
القضائي للمغرب ولألسف عاد للتمسك بمبدأ وحدة القضاء قاطعا كل أمل نحو
إزدواجية القضاء.
وهكذا وبعد تشخيص أهم المشاكل المثارة التي تعترض القضاء اإلداري قررنا
إبراز عيوب التنظيم القضائي الجديد في هذا اإلطار من خالل طرح تساؤالت
فرعية ومحاولة اإلجابة عنها.
54
-1هل إحداث األقسام المتخصصة للقضاء اإلداري تمهيد الستكمال صرح
القضاء اإلداري المستقل؟ أم إجهاض لقضاء جريء يكرس دولة الحق
والقانون ؟
إن اشتغال مختلف مكونات مختلف التنظيم القضائي وفق مبدأ القضاء المتخصص
يبقى مجرد شعار ألن واقع الممارسة القضائية تجعل من األقسام والغرف بالمحاكم
هيئات قضائية عامة ال صلة لها بالتخصص ،ألنه يمكن لكل قاض أو مستشار
بالمحكمة أن يكون عضوا في كل األقسام والغرف.
وهكذا نصت المادة من 42التنظيم القضائي على صنف من المحاكم االبتدائية ذات
الوالية العامة المشتملة على أقسام متخصصة في القضاء اإلداري ،وأضافت المادة
46على أن هذه األقسام المتخصصة تحدث بمرسوم بعد استشارة المجلس األعلى
للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والهيئات المهنية المعنية يبين عددها ودوائر
اختصاصها المحلي.
وإذا كان إحداث االقسام المتخصصة للقضاء اإلداري فسر بالرغبة في تقريب
القضاء من المتقاضين لعدم وجود المحاكم االدارية في كل جهات المملكة ولكون
عددها ال يتجاوز السبع محاكم متمركزة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء
والرباط ومراكش وأكادير وفاس ومكناس 22و وجدة 23على مستوى محاكم الدرجة
األولى ومحكمتي االستئناف االداريتين بكل من الرباط ومراكش ،فإن هذا الخيار
التبسيطي والسطحي يبدو متجاوزا ويستهدف التضييق على القضاء االداري وتمييع
قواعده ،بجعله قضاء عاديا على غرار القضاء العادي تحت مسمى "األقسام
المتخصصة" .وما يزيد األمر قابلية للنقد هو أنه ال دليل على تنظيم أي تكوين
للقضاة العاديين على طبيعة القضاء االداري وتقنياته ألنه قضاء متخصص بقواعد
وآليات خاصة ال تأتلف مع طبيعة وخصوصية القضاء العادي وقواعده.
لقد كان أمام واضعي قانون التنظيم القضائي حل دستوري وقانوني يتمثل في الزيادة
في عدد المحاكم اإلدارية لتشمل جميع جهات المغرب دعما لتجربة القضاء اإلداري
22تم حذف المحكمة اإلدارية بمكناس بموجب مرسوم 2.23.665المصادق عليه يوم 02.10.2023
23توجد سبع محاكم إدارية باإلضافة إلى 3أخرى جديدة أنشأت بمقتضى مرسوم تحديد الخريطة القضائية عدد 2.23.665في كل من العيون
والداخلة وبني مالل ،ليصبح عدد المحاكم اإلدارية محدد في .10
55
وتطويرا لها 24،ألن تقريب القضاء من المتقاضين يعني تقريب القضاء المتخصص
وليس االقسام المتخصصة .فمبدأ تحقيق فعالية الحق في التقاضي كحق مضمون
يقتضي ضمان قضاء مؤهل وكفؤ ومتخصص .فليس التقريب الجغرافي هو الح ّل
الناجع إن كان بعيدا عن تحقيق الغاية ،ألن المتقاضي قد ال تهمه المسافات إن كان
هناك قرب معنوي يوفر للمتقاضين حاجاتهم في الحماية القانونية لحقوقهم وحرياتهم
والتطبيق العادل للقانون بقضاء اجتهادي إداري مبدع وخالق.
ومن المهم اإلشارة أن توزيع االختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم اإلدارية
للمنازعات اإلدارية اختيار مخالف للدستور لكون الفصل 118واضحا ً وال يقبل أي
تأويل مخالف .فكل قرار اتخذ في المجال اإلداري يمكن الطعن فيه أمام الهيئة
القضائية المختصة .
وقد تجلّت إرادة المشرع الدستوري واضحة في حماية اختصاص القضاء اإلداري
بنظر المنازعات اإلدارية لتحقيق نجاعته وفعاليته .لكن إرادة واضعي التنظيم
القضائي لم تلتفت لهذا الخرق الدستوري ألن هناك قلقا وانزعاجا بالغين من
اجتهادات القضاء اإلداري عجال بهذا اإلصالح غير الدستوري.
وهكذا ،فإن توزيع االختصاصين األقسام والمحاكم المتخصصة في المنظومة
القضائية المغربية ال يمكن بتاتا ربطه بمبدأ حسن سير العدالة ،ألنه من األولى ضم
جميع المنازعات المتعلقة بالقضايا اإلدارية وإخضاعها لرقابة هيئة قضائية موحدة،
لتفادي تشتت منازعات بين أنظمة قضائية مختلفة ،مما قد يؤدي إلى تعارض
األحكام ،مع ما يستتبعه ذلك من إلحاق بالغ الضرر بالمتقاضين ،فالرغبة إذن يجب
ان تكمن في ضمان تفسير موحد للقانون وتوحيد االجتهاد القضائي .والجدير بالذكر
أن مبدأ حسن سير العدالة ،لم يعد ينحصر في المفهوم التقليدي الذي يعني السرعة
في التقاضي ،تكوين القضاة ،إنشاء مختلف األجهزة القضائية ،وحسن تنظيم إدارة
العدالة ،بل تطور ليبلغ حد البحث عن الهيئات القضائية األكثر مالءمة ،للنظر في
مثل هذه القضايا.
24وهذا ما نالحظه فعليا بموجب مرسوم 2.23.665المشار إليه أعاله ،حيث نشيد يتوجه المشرع الجديد الرامي إلى الزيادة في عدد المحاكم اإلدارية
( أصبحت 10بعد أن كانت سابقا ، )7و محاكم االستئناف اإلدارية ( أصبحت أربعة بعد أن كانت سابقا 2فقط) ،حيث تمت إضافة استئنافيتين
جديدتين بكل من مدينتي أكادير والعيون.
56
ومن المعلوم أن الطبيعة المعقدة للقضايا اإلدارية تتطلب تكوينا خاصا ،قد ال يتوافر
لدى معظم قضاة المحاكم العادية ،هذا من الناحية الموضوعية ،أما من الناحية
المسطرية ،فالقاضي العادي قد ال يتكيف على طبيعة المسطرة اإلدارية ،التي
تقتضي تدخال أكبر وفعالية أكثر ،في توجيه الدعوى ،والبحث عن وسائل اإلثبات،
بالنظر للسلطات الواسعة التي يتمتع بها القاضي اإلداري ،والتي تخوله دائرة واسعة
في استقصاء العدالة ،وتقصي العيوب التي تشوب القرارات اإلدارية للسلطات
25
اإلدارية.
ثانيا :لماذا االمتناع عن إحداث مجلس الدولة؟
تضمن قانون التنظيم القضائي للمغرب اإلبقاء على الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض
كجهة للطعن في قرارات المجلس األعلى للسلطة القضائية .وهذا المقترح غير
دستوري وغير منصف وهو يخالف مبادئ الحياد والعدالة التي تقتضي تولي جهة
قضائية حيادية ال ينتمي أعضاؤها أو رؤساؤها للمجلس .فالمتقاضي في حاجة إلى
قاضيه الطبيعي وهو القاضي اإلداري على مستوى الدرجة العليا إلحقاق الحقوق
ورفع المظالم ورد الشطط .كما أن المواطن يحتاج لقضاء كفئ مستقل ومحايد يتميز
بالتخصص واالحترافية على جميع مستويات التقاضي .
ومن المفيد هنا أن نسترجع نص الكلمة السامية للملك محمد السادس والتي ألقاها
أثناء افتتاح أشغال المجلس األعلى للقضاء بتاريخ 15دجنبر .1999وقد جاء فيها
أن "إنشاء مجلس للدولة يتوج الهرم القضائي واإلداري لبالدنا حتى تتسنى مواجهة
كل أشكال الشطط ،وحتى يتاح ضمان سيادة الشرعية ودعم اإلنصاف بين
المتقاضين" .وقد تكرست هذه الكلمة في الفصل 114من الدستور.
وإذ يتجه التفكير الحقوقي الجمعي في معظمه نحو المطالبة الملحة بإحداث مجلس
للدولة استكماال للهياكل المؤسساتية لقضاء إداري فعال،
إن التنظيم القضائي الحالي ،جاء مخيبا لآلمال لجهة استعادة ”نظام وحدة القضاء“.
وهذا الخيار إنما يطرح التساؤل عن سبب التحفظ على القضاء اإلداري .هل يرجع
لتكوين الهيئة ،أو لعدم تخصيص ندوات للقضاء اإلداري ،أم يتعلق األمر بمعاقبة
25محمد الهيني ،مالحظات على مشروع قانون التنظيم القضائي في المغرب ،التضييق على القضاء اإلداري غير دستوري ،مقال منشور بمجلة
المعرفة القانونية على األنترنت في تاريخ ،2016/06/09اطلع عليه يوم 2023/11/04على الساعة 23.45
57
القضاء اإلداري على جرأته؟ أو عدم الرغبة في أن يكون للقضاء رأسان ،أم جهل
بفلسفة القضاء اإلداري؟
إن المطالبة بإحداث مجلس الدولة ليس غاية في حد ذاته وإنما وسيلة القتضاء
الحقوق ودعم دولة المؤسسات وصيانة المشروعية والمساواة أمام القانون ورفع
الشطط في استعمال السلطة ،لذلك فإن تدعيم دوره وتقويته كمؤسسة دستورية تنتظر
التفعيل الدستوري يتطلب:
+دعم تخصص القضاء واحترافية في أعلى هرمه
+مواكبة التطور الحقوقي في ضوء المقاربة الدولية للحقوق والحريات
+مسايرة التجارب المقارنة اإلدارية التي تأخذ بمجلس الدولة
وبالطبع ،يفرض إحداث مجلس الدولة تحديات قانونية تتطلب معالجة مسألة
المالءمة مع القوانين الحالية السارية النفاذ بما يكفل والدة طبيعية دون أدنى مشاكل
عضوية أو بنيوية من قبيل توفير الظروف إلنجاح التجربة المستقبلية إلنجاح
المؤسسة .لهذا ،يدخل ضمن مقومات المواءمة:
+وجوب الحفاظ على مبدأ وحدة النظام األساسي للقضاة،
+تشكيل مجلس الدولة يمكن أن يأخذ نفس اآلليات المحددة لتشكيل محكمة النقض
بمعنى أن يترأسه رئيس أول وأن يتم تقسيمه إلى عدة غرف التي يمكن تقسيمها
بدورها إلى عدة أقسام،
+االحتفاظ بخصوصية القضاء اإلداري من حيث تواجد مفوضين ملكيين للدفاع عن
القانون والحق بدل النيابة العامة،
تحتفظ مؤسسة المفوض الملكي بنفس الصالحيات التي تمارسها أمام المحاكم
اإلدارية ومحاكم االستئناف اإلدارية.
فيما يتعلق باالختصاص ،تنقل إلى المجلس نفس االختصاصات المخولة للغرفة
اإلدارية بمحكمة النقض .
يمكن منح الرئيس األول لمجلس الدولة منح المساعدة القضائية طبقا لمرسوم 1966
58
يقتضي وضع خريطة قضائية أكثر توازنا من حيث توزيع المحاكم اإلدارية وكذا
عددها ،تماشيا مع التنظيم الجهوي.
+قانون إجرائي خاص بالقضاء اإلداري يتالءم مع خصوصية المادة اإلدارية،
ويتدارك االختالالت اإلجرائية التي كشفت عنها الممارسة القضائية.
+تنظيم الفحص المسبق للنظر في قبول الطعن "إذا كان هذا الطعن غير مقبول أو ال
يستند على سبب جدي".
+إشكالية إحداث غرفة التنازع للبت في تنازع االختصاص بجميع صوره بين
جهتي القضاء العادي واإلداري .
وباإلضافة إلى ما عرفه تكريس قضاء إداري مستقل من تراجعات في التنظيم
القضائي الجديد فإن قانون التنظيم القضائي الجديد سكت عن تنظيم مجموعة من
القضايا كان يجب الحسم أو التفصيل فيها ،رغم أن هذا القانون تضاعفت مواده أربع
مرات تقريبا مقارنة بالقانون الذي قبله الصادر في ،1974-07- 15وأهم هذه
القضايا ما يلي:
– المساعدة القضائية:
اكتفت المادة السادسة من قانون التنظيم القضائي الجديد بإعادة نص الفصل 121
من الدستور الخاص بمجانية التقاضي لمن ال يتوفر على موارد كافية حرفيا
واإلحالة على القانون المنظم للمساعدة القضائية ،مع أن هذا القانون لم يعد يساير
تطور المجتمع انطالقا من مؤشرات عدة ،وبالتالي كان يمكن الحسم في موضوع
المساعدة القضائية في قانون التنظيم القضائي أو على األقل وضع معايير عامة في
صلب هذا القانون باعتباره يشبه قوانين اإلطار ،ومن تم يحيل في بعض الشروط
األخرى التي ال عالقة لها بالمساس بالحقوق على القانون أو مجرد مرسوم.
26
– تشكيل هيئات الحكم:
نصت المادة العاشرة من قانون التنظيم القضائي على أن هيئات الحكم تتشكل وفقا
لما يحده القانون ،والمقصود هنا القضاء الفردي والجماعي .وإذا كان الفردي لن
26عبد اللطيف الشنتوف ،المسكوت عنه في قانون التنظيم القضائي الجديد ،مقال منشور باألنترنت في مجلة هسبرس االلكترونية في تاريخ
2018/09/19على الساعة ،19.15اطلع عليه يوم 2023/11/04على الساعة 22.30
59
يطرح أي إشكال ،فإن هناك غموضا يتعلق بالسماح بمشاركة قاض إضافي أو أكثر
في هيئة الحكم؛ إذ لم تحدد هذه المادة من الذي سيضيف هذا القاضي اإلضافي أو
أكثر لهيئة الحكم ،هل هو رئيس المحكمة أم الجمعية العامة التي تبقى هي صاحبة
الصالحية في تعيين هيئات األحكام والجلسات وتحديد وقت انعقادها؛ ذلك أن صيغة
المادة السابعة تفيد الظرفية ،أي يمكن في أي وقت إضافة قاض أو أكثرـ وهذا أمر
مخالف للقانون ومخالف ألهداف وجود الجمعية العامة للمحكمة التي من بينها إبعاد
شبهة إشراك قضاة معينين في قضايا بعينها .وهنا أشير إلى أن بعض األنظمة
القضائية ابتكرت نظام التوزيع االلكتروني حتى في توزيع الملفات على القضاة
داخل الهيئة المعينين بواسطة الجمعية العامة زيادة في الحرص.
– لغة التقاضي:
أكدت المادة 14من قانون التنظيم القضائي على أن “لغة التقاضي والمرافعات
وصياغة األحكام أمام المحاكم هي اللغة العربية ،مع العمل على تفعيل الطابع
الرسمي لألمازيغية طبقا ألحكام الفصل 05من الدستور” ،وهي صياغة غير
واضحة في قصدها بخصوص تفعيل اللغة األمازيغية ،فهل الخطاب موجه إلى
المحاكم أم إلى السلطة التشريعية أم التنفيذية أم ماذا؟
– الديمقراطية الداخلية للمحاكم:
الديمقراطية الداخلية للمحاكم التي تمثلها الجمعية العامة تم المساس بها في قانون
التنظيم القضائي بشكل كبير ،فرغم إيجابيات تنظيم طريقة عقد اجتماعات الجمعية
العامة وتحديد النصاب القانوني لالنعقاد والتصويت واتخاد القرار فمن حيث
المضمون أصبحت جمعية للمصادقة فقط بفعل عنصر جديد قبلي وهو مكتب
المحكمة الذي تم تشكيله عمليا من أعضاء في معظمهم يشكلون امتدادا لإلدارة
القضائية (رئيس المحكمة).
وبالتالي ،سيكون من السهل عليها تمرير أي مشروع للمصادقة في الجمعية العامة،
وحتى جدول األعمال الذي يمكن أن تناقشه الجمعية العامة الذي نصت عليه المادة
34من قانون التنظيم القضائي ،ولو أنه جاء على سبيل المثال ،فإن أغلبه نص على
جدول أعمال كله بروتوكولي (عرض النشاط القضائي من طرف المسؤولين
60
والبرنامج الثقافي و…) ال أق ّل وال أكثر عوض مناقشة القضايا الحقيقية التي يمكن
أن تعاني منها المحاكم بشكل دوري ،وما أكثرها.
– التعويض عن الخطأ القضائي:
تم االكتفاء بإعادة نص المادة 122من الدستور حرفيا دون تفصيل ،بحيث فضل
قانون التنظيم القضائي الجديد الصمت عن الموضوع بشكل مقصود لكون إحدى
مسودات التنظيم القضائي كانت تقترح إحالة األمر إلى الشروط التي سوف يحددها
القانون ،وبالتالي يبقى السؤال معلقا ،هل سوف ننتظر نصا ينظم هذا الموضوع من
شأنه أن يحدد ماهية الخطأ القضائي وشروط رفع دعاوى التعويض عنه ،أم سوف
يتم االكتفاء بالقواعد العامة التي يعتمد عليها القضاء حتى قبل دستور .2011
– حالة تنازع المصالح عند القضاة:
نصت الفقرة األخيرة من المادة 41من قانون التنظيم القضائي الجديد على أنه “يمنع
على القضاة النظر في أي قضية عند وجودهم في حالة تنازع المصالح” ،ولكنها
عبارة غامضة وتحتاج إلى تفصيل المقصود منها بشكل عام ،ثم إحالتها على قانون
المسطرة المدنية للتفصيل على شاكلة حاالت تجريح ومخاصمة القضاة وحتى يكون
المتقاضي والقاضي على بينة من األمر.
– القضاء المتخصص:
القضاء المتخصص في المغرب بعد إقرار قانون التنظيم القضائي الجديد أصبحت له
هوية مختلطة ،ما بين محاكم مستقلة للقضاء اإلداري والتجاري وما بين مجرد أقسام
مدمجة في صلب المحاكم االبتدائية قد
يعمل قضاتها في قضايا أخرى باإلضافة إلى القضايا المتخصصة ،لكون المادة 47
نصت على أن قضاة المحكمة االبتدائية ال يمكنهم أن ينظروا في قضايا القسم
المتخصص ،ولكنها لم تمنع قضاة القسم المتخصص من البت في القضايا األخرى
توخيا للجودة والتخصص ،وهذا من شأنه أن يؤثر على جودة االجتهاد القضائي لهذه
األقسام ،وكان يمكن التغلب على مشكلة البعد الجغرافي للمحاكم المتخصصة بخلق
أقسام تتبع لها توخيا للوحدة وليست تابعة لمحاكم ابتدائية مثقلة أصال بالقضايا،
61
وبالتالي الحفاظ على تجربة القضاء المتخصص امتددت ألزيد من 25سنة وانتجت
اجتهادات قضائية متميزة أحيانا.
– قضية تكافؤ الفرص بين القضاة في الوصول إلى مناصب المسؤولية داخل
المحاكم:
نصت المادتان 48و 71من قانون التنظيم القضائي الجديد على أن رؤساء أقسام
قضاة األسرة ورؤساء أقسام القضاء المتخصص في القضاء التجاري واإلداري
يعينون (في المحاكم االبتدائية واالستئنافية) وفقا لنص المادة 21من قانون التنظيمي
رقم 106-13المتعلق بالنظام األساسي للقضاة .وبالرجوع إلى هذه المادة األخيرة،
نجدها تنص على ما يلي“ :يعين المجلس ،باقتراح من المسؤول القضائي بالمحكمة
المعنية ،كال من:
نائب رئيس محكمة أول درجة ،والنائب األول لوكيل الملك لديها.
نائب الرئيس األول لمحكمة استئناف ،والنائب األول للوكيل العام للملك لديها…”.
وبالتالي ،يعتبر رؤساء األقسام هؤالء وفق هذه اإلحالة بمثابة نواب لرئيس المحكمة
يقترحون من قبله ليعينهم المجلس األعلى للسلطة القضائية (وال ننسى أنهم أعضاء
في مكتب المحكمة كما سبق القول).
وعليه ،نخلص إلى أن قانون التنظيم القضائي بخصوص هذه النقطة قد أعرض عن
مبدأ تكافؤ الفرص بين القضاة في الوصول إلى مناصب المسؤولية داخل المحاكم،
وهو ما يمكن أن يكون له تأثير سلبي على مناخ العمل وظروفه .وقد خالف بالتالي
مبدأ دستوريا يتجلى في اعتماد معيار تكافؤ الفرص في تولي المناصب العامة.
62
خاتمة:
إن قانون التنظيم القضائي الجديد رقم 38:15يعد مستجدا قانونيا في المنظومة
القانونية بشكل عام و التنظيم القضائي بشكل خاص ،حيث اتى به المشرع استكماال
للمقتضيات القانونية التي يتضمنها القانون السابق رقم ،42:10و قد تناول المشرع
في هذا القانون عدة مستجدات قانونية جديدة سواء على مستوى الشكل او على
مستوى الموضوع ،كالمبادئ العامة للتنظيم القضائي و كذا القواعد المتعلقة بالتنظيم
و الهيئات القضائية ،باإلضافة إلى األقسام المتخصصة في القضاء التجاري و
القضاء اإلداري.
و كنتيجة لهذه المستجدات فإن مسألة التقييم القانوني لهذا القانون يطرح عدة نقط
أساسية:
ـ أن المشرع المغربي بهذا القانون قد حقق عدة إيجابيات أساسية ،و منها المتعلقة
بإضافة بعض المبادئ العامة للتنظيم القضائي و منها مبدأ التخصص و الذي من
خالله أضاف المشرع بعض االقسام المتخصصة في كل من القضاء التجاري و
القضاء اإلداري ،وهذا ما نعتبره في رأينا الشخصي إمتياز لهذا القانون ألن بهذا
المبدأ سيتم التخفيف من كاهل بعض المحاكم بمختلف درجاتها بسبب كثرة القضايا
المعروضة عليها.
و من اإلجابيات كذلك تنظيم ما يسمى بالسنة القضائية .
ـ أن رغم اإليجابيات التي حققها هذا القانون قد فإن له بعض المساوئ كمسألة
التكرار من حيث الشكل و كذا التضييق على القضاء اإلداري من حيث الجوهر.
لكن في رأيينا الشخصي إننا نقول أن ميزان التقييم للتنظيم القضائي الجديد يفضي
إلى تغليب إجابيات هذا القانون أكثر من سلبياته ،و ذلك بحكم اإلضافات التي خلقها
المشرع بهذا القانون سواء على مستوى الشكل ـو على مستوى الموضوع ،و هذا
مايساهم في دعم المنظومة القضائية و القانونية.
63
الئحة المراجع المعتمدة:
الكتب:
ـ الدكتور محسن الصويب ،الشرح العملي للتنظيم القضائي المغربي
ط.2023 ، 1
ـ الدكتور عبد الكريم الطالب ،التنظيم القضائي المغربي وفق القانون
،38.15الطبعة السابعة .2023 ،
المقاالت:
ـ عبد اللطيف الشنتوف ،المسكوت عنه في التنظيم القضائي الجديد،
مقال منشور باألنترنيت في مجلة هسبريس اإللكترونية.
ـ محمد الهيني ،مالحظات على مشروع قانون التنظيم القضائي في
المغرب ،التضييق على القضاء اإلداري غير دستوري ،مقال منشور
بمجلة المعرفة القانونية على األنترنت.
64
فهرس المحتويات
مقدمة :
المبحث األول :مستجدات التنظيم القضائي الجديد 6 .........................................................................................................
المطلب األول :المبادئ األساسية التنظيم القضائي واإلجراءات المسطرية المستحدثة6 ....................................... .
الفقرة األولى :المبادئ األساسية التنظيم القضائي 6 .............................................................................
أوال -مبدأ استقالل السلطة القضائية 7 ............................................................................................
ثانيا -مبدأ التقاضي على درجتين10 ........................................................................................... :
ثالثا -مبدأ القاضي الفرد وتعدد القضاة12 ..................................................................................... :
رابعا -مبدأ علنية الجلسات وشفوية المرافعات14 ............................................................................ :
خامسا -مبدأ وحدة القضاء18 ................................................................................................... :
سادسا -مبدأ مجانية القضاء ومبدأ المساعدة القضائية20 .................................................................. :
الفقرة التانية :اإلجراءات المسطرية المستحدثة 23 ............................................................................
ـأوال :تفعيل مساطر الصلح والوساطة لحل المنازعات 24 .....................................................................
ثانيا :ـتنظيم الرأي المخالف في المداولة 24 .....................................................................................
الطلب الثاني :المستجدات المتعلقة بالهيئات القضائية ومنظومة التدبير 27 ...................................................
الفقرة االولى :المستجدات المتعلقة بتنظيم وتشكيل الهيئات القضائية واختصاصها 27 .....................................
أوال :المستجدات على مستوى التأليف 27 .......................................................................................
ثانيا :المستجدات على مستوى االختصاص 30 ..................................................................................
الفقرة الثانية :المستجدات المتعلقة بمنظومة التدبير 32 ........................................................................
المبحث الثاني :ميزان تقييم التنظيم القضائي الجديد 38 ...................................................................................................
المطلب األول :إيجابيات التنظيم القضائي الجديد 38 ...............................................................................
الفقرة األولى :تنظيم دقيق المبادئ األساسية للتقاضي 38 .....................................................................
الفقرة الثانية :تنظيم دقيق لعمل الهيئات القضائية 42 ..........................................................................
المطلب الثاني :مساوئ التنظيم القضائي الجديد52 ................................................................................ .
الفقرة األولى :عيوب التنظيم القضائي على مستوى الشكل53 ............................................................... .
الفقرة الثانية :عيوب التنظيم القضائي على مستوى الجوهر53 .............................................................. .
خاتمة63 ........................................................................................................................................................... :
الئحة المراجع المعتمدة64 ......................................................................................................................................:
65