You are on page 1of 11

‫د‪ .

‬رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫النـزاع الدولي وإدارة النـزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬


‫د‪ .‬رقولي كريم‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪02‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫تعتبر ظاهرة النزاعات أحد أقدم الظواهر التي عرفتها البشرية منذ فجر التاريخ‪ ،‬وقد تطورت الظاهرة مع‬
‫تطور الحياة البشرية على مر العصور حيث انتقلت من املستوى الفردي إلى املستوى األممي‪ ،‬إلى مستوى كيان‬
‫الدولة القومية‪.‬‬
‫ونظرا ملا يترتب عن هذه الظاهرة على املستوى الدولي من انعكاسات وتداعيات على األمن والسلم العالمي‪،‬‬
‫برزت جهود مختلف الفواعل البارزة على مستوى الساحة الدولية‪ -‬الدول واملنظمات االقليمية والدولية‪ -‬في‬
‫حل تلك النزاعات وتسويتها بمختلف الوسائل واآلليات السلمية منها والقهرية‪ ،‬وذلك طبقا الختالف أشكالها‪،‬‬
‫من حيث خصائصها ومستوياتها وحدتها والتي تميز أي نزاع دولي عن نزاع آخر‪ ،‬ومن ثم اختلفت التدابير‬
‫والجهود الدولية في كيفية التعامل معها بغية إحصاءها أو التحكم فيها أو حلها وتسويتها‪.‬‬
‫وعليه فإن هذه الورقة تهدف التعريف بالنزاع الدولي‪ ،‬وإدارة النزاع الدولي‪ ،‬وذلك من خالل التطرق إلى‬
‫الحدود املنهجية لظاهرة النزاع الدولي‪ ،‬وكذا إلى النزاع الدولي من الناحية املفاهيمية والنظرية‪ ،‬فضال عن ذلك‬
‫تم التطرق إلى آليات إدارة النزاعات الدولية‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬النزاع الدولي‪ ،‬إدارة النزاع الدولي‪ ،‬تسوية النزاع الدولي‬
‫‪Abstract:The phenomenon of conflict is old as humanity. He experienced a development‬‬
‫‪similar to that of this humanity going from the individual level to the collective level, before‬‬
‫‪reaching an (inter) national level.‬‬
‫‪As a result of the effects of these conflicts, there are many attempts by international actors -‬‬
‫‪countries, regional and international organizations - to solve them and put an end to them by‬‬
‫‪using soft and hard tools and mechanisms. . These are chosen depending on the type of‬‬
‫‪conflict, their characteristics, their levels and their intensity. Choices that are decisive in the‬‬
‫‪management of conflicts in order to identify them, handle them or find them a definitive‬‬
‫‪solution.‬‬
‫‪Thus, this contribution aims to define what is an international conflict and how to manage it,‬‬
‫‪and that by evoking the methodological limits of the phenomenon, its conception and its‬‬
‫‪theory, as well as the mechanisms of its management.‬‬
‫‪Keywords: international conflict - management of an international conflict - settlemen‬‬
‫‪settlement of an international conflict.‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪94‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫مــقدمــة‬
‫إن الصراع والتنازع ظاهرة قديمة قدم التاريخ‪ ،‬تطورت مع تطور حياة أو مجتمع اإلنسان من مستوى الفرد‬
‫إلى مستوى الجماعات أو الكيانات الجماعية (القبيلة والعشرية)‪ ،‬ثم الكيانات املؤسسية الحديثة واملتمثلة في‬
‫الدولة القومية‪ ،‬األحزاب‪ ،‬املنظمات‪ ،‬النظام اإلقليمي والدولي‪ ،‬مع هذا التطور تدرجت الصراعات من مستوى‬
‫الفرد إلى املستوى ال مجتمعي أ واملنظمات والهيئات ثم إلى مستوى الدولة الواحدة‪ ،‬وأيضا إلى مستوى الدول‪.‬‬
‫ونظرا ملا يترتب عن النزاعات على املستوى الدولي من انعكاسات وتداعيات على األمن والسلم العالمي‪،‬‬
‫برزت جهود الدول واملنظمات االقليمية والدولية في حل تلك النزاعات وتسويتها بمختلف اآلليات سوآءا‬
‫السلمية والقهرية‪ ،‬طبقا الختالف أشكال النزاعات الدولية‪ ،‬من حيث خصائها ومستوياتها وحدتها والتي تميز أي‬
‫نزاع دولي عن نزاع آخر‪ ،‬ومن ثم اختلفت التدابير والجهود الدولية في كيفية التعامل معها بغية إحصاءها أو‬
‫التحكم فيها أو حلها وتسويتها‪ .‬والسؤال الذي تحاول الدراسة اإلجابة عنه‪ :‬إلى أي مدى يمكن القول بأن إدارة‬
‫النزاع الدولي هو أنسب ميكانيزم للتعامل مع النزاع الدولي؟‬
‫ولإلجابة عن اإلشكالية الرئيسية وفقا للمتطلبات املنهجية تم االعتماد على الخطة التالية‪:‬‬
‫املحور األول‪ :‬الحدود املنهجية لظاهرة النزاع النزاع الدولي‬
‫املحور الثاني‪ :‬إدارة النزاع الدولي‪ :‬مقاربة مفاهيمية ونظرية‬
‫املحور الثالث‪ :‬آليات إدارة النزاعات الدولية‬
‫املحور األول‪ :‬الحدود املنهجية لظاهرة النزاع والنزاع الدولي‬
‫لكي نتعرف على مف هوم مصطلح النزاع الدولي ينبغي علينا الخوض في تعريف النزاع بداية لغة ومن ثم‬
‫اصطالحا‪.‬‬
‫*لغة‪ :‬يعرف النزاع أو التنازع لغة على أنه التخاصم والتجاذب‪ ،‬وتنازع القوم في ش يء‪ :‬اختصموا وبينهم‬
‫نزاعه‪ ،‬أي خصومة في حق‪.‬‬
‫*اصطالحا‪ :‬مأخوذ من الكلمة اإلنجليزية ‪ conflict‬والفرنسية ‪ conflit‬إن مصطلح النزاع هو ترجمة لكلمة‬
‫صراع‪ ،‬تصادم‪ ،‬تضارب‪ ،‬شقاق‪ ،‬قتال‪ ،‬و ‪ conflictus‬أصل الكلمة الالتينية‪.1‬‬
‫أما في ما يتعلق بمصطلح النزاع الدولي (‪ ،)international Conflit‬فلم تلتقي آراء الباحثين حول إعطاء‬
‫تعريف محدد ومتفق حوله‪ ،‬ومن أهم التعاريف‪:‬‬

‫‪ 1‬زينب وحيد دحام‪ ،‬الوسائل البديلة عن القضاء لحل النزاعات‪ ، ،‬مطبعة الثقافة‪ ،‬أربيل‪ ،2012 ،‬ص‪.19‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪95‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫‪ -‬تعريف كل من "ميال ورامسبوثام" و"ودر هاوسان" النزاع (‪ )Conflict‬هو‪" :‬متابعة ألهداف متضاربة‬
‫بواسطة جماعات متعددة تستخدم فيها الوسائل السليمة أو القوة املسلحة‪ ،‬كما يميزون بين النزاع‬
‫بمعنى ‪ Dispute‬حول مصالح يمكن التفاوض وحولها وتسويتها بعقد صفقة محددة ونزاعات متأصلة‬
‫(‪ )Deep – Seated‬يدور محورها حول تلبية الحاجيات اإلنسانية‪ ،‬والتي ال يمن تسويتها إال بإزالة‬
‫األسباب الرئيسية التي أدت لظهورها"‪.1‬‬
‫‪ -‬أما "ألن فرجسون" (‪ )Allen Verguson‬يرى بأن النزاع الدولي يبدأ عند ما تقوم دولة ما بفعل تكون‬
‫تكلفته كبيرة لدولة أخرى‪ ،‬وفي الوقت نفسه تعتقد الدولة األخرى ان بإمكانها تقليل خسارتها بالقيام‬
‫بفعل مضاد اتجاه الدولة األولى التي بادرت بالفعل وعليه فإن الوضع يدل على أننا أمام دولتان أو‬
‫مجموعة من الدول تحاول تحقيق أهدافها في نفس الوقت‪.2‬‬
‫‪ -‬كما يرى "روبرت نورث" (‪ )Robert North‬أن ما تقوم به بعض الدول من سياسات دفاعية و أفعال‬
‫و تحركات لحماية أمنها السياس ي واالقتصادي‪ ...‬تفهمه الدول األخرى على أنه تهديدا ألمنها‪ ،‬وكرد فعل‬
‫منها تقوم هي األخرى باتخاذ إجراءات مماثلة لحماية أمنها و هو ما يثير حفيظة الدول األولى فتتخذ تدابير‬
‫وقائية إضافية وترد الثانية عليها باملثل وهكذا في سلسلة من الفعل ورد الفعل ونييجة لذلك يحدث‬
‫النزاع بالرغم من أن كل دولة حاولت تجنبه‪.3‬‬
‫وعليه يمكن القول بأن النزاع أو الصراع هو تنازع اإلدارات القومية وهو التنازع الناتج عن االختالف في‬
‫دوافع الدول وفي تصوراتها وأهدافها وتطلعاتها وفي مواردها وإمكاناتها مما يؤدي إلى تعارض األحداث واملواقف‬
‫ويؤدي في التحليل األخير إلى اتخاذ قرارات وانتهاج سياسات خارجية تختلف أكثر مما تتفق‪.4‬‬
‫مما سبق ال يوجد تعريف محدد ومتفق عليه بشأن النزاع الدولي‪ ،‬فالبعض يعتبره سلسلة من‬
‫التفاعالت الصراعية‪ ،‬والبعض يراه تحول في نظام دولي عام أو فرعي‪ ،‬كما أن صوره املختلفة جعلت من‬
‫الحرب موضوعا للنزاع وأحيانا ليس بالضرورة أن يأخذ هذه الصفة‪.‬‬
‫وعليه فإن غياب النظرية التفسيرية العامة لظاهرة النزاع الدولي يعود إلى أن لكل نزاع خصوصياته‪ ،‬وإن‬
‫كان هذا ال يمنع من تقديم تعريفا للنزاع الدولي نراعي فيه عدة اعتبارات أهمها‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫محمد أحمد عبد الغفار‪ ،‬فض النزاعات في الفكر واملمارسة الغربية‪ ،‬دراسة نقدية تحليلية‪( ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬ج‪ ،)2003 ،1‬ص‪.237‬‬
‫‪2‬‬
‫قادري حسين‪ ،‬النزاعات الدولية‪ ،‬دراسة تحليل‪( ،‬الجزائر‪ ،‬منشورات خير جليس‪ ،‬ط‪ ،)2007 ،1‬ص‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ 4‬مهنا محمد نصر ومعروف خلدون ناجي‪ ،‬تسوية املنازعات الدولية‪( ،‬القاهرة‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر‪ ،)1996 ،‬ص‪.9‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪96‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫‪ -1‬تعدد موضوعات النزاع الدولي‪ ،‬نزاع ذو بعد سياسية‪ ،‬واقتصادي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬ثقافي‪ ،‬حدودي‪.‬‬
‫‪ -2‬عاملية النزاع‪ ،‬حيث تمتد آثاره ليشمل العديد من البلدان‪ ،‬بمعنى ال يقتصر‪-‬النزاع –على أطرافه‬
‫املباشرين‪ ،‬بل يشمل مصالح العديد من البلدان غير املباشرة‪.‬‬
‫‪-3‬النزاع ينطوي على آثار حالية وأخرى مستقبلية‪ ،‬تظهر على املدى البعيد‪ ،‬بمعنى أن النزاع ممتد واآلثار التي‬
‫يخلفها ستظل قائمة لعدة سنوات أخرى‪ ،‬فالنزاع يحدث نييجة تعارض املصالح أو عدم التوافق بين طرفين أو‬
‫أكثر مما يدفع باألطراف إلى عدم القبول بالوضع القائم والسعي إلى تغييره‪.‬‬
‫فالنزاع يعني تنازع اإلرادات الوطنية نييجة االختالف في دوافع الدول وفي تصوراتها وأهدافها وتطلعاتها وفي‬
‫مواردها وإمكانيتها مما يؤدي في النهاية إلى إتباع سياسات خارجية تختلف أكثر ما تتفق‪.‬‬
‫وعليه فإن النزاع الدولي وفقا لذلك هو‪ " :‬تناقض في املصالح غالبا ماتكون مفاجئة بين طرفين أو أكثر‬
‫تؤدي إلى التصعيد في املواقف بهدف الحفاظ على املصالح املهددة‪ ،‬مع اإلستعداد أو اإلستخدام الفعلي‬
‫لوسائل الضغط ومستوياته املختلفة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية"‪.1‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬إدارة النزاع الدولي‪ :‬مقاربة مفاهيمية ومنهجية‬
‫أوال‪ :‬مفهوم إدارة النزاع الدولي‬
‫إن ضبط مفهوم إلدارة النزاع غير متيسر بالنظر لصعوبة حصر الظاهرة النزاعية وتشابك أبعادها ‪ ،‬ومن‬
‫أهم التعاريف‪:‬‬
‫‪ -‬يرى جلين سنايدر أن‪" :‬إدارة النزاع مبناه على ممارسة التحكم املفصل بواسطة زعماء الحكام‬
‫املتورطين في أزمة ما‪ ،‬وذلك بهدف تقليل فرص إنفجار هذه األزمة ووصولها إلى حالة الحرب" وبمعنى‬
‫آخر "أن كل دولة ترغب في األزمة بالشكل الذي يؤدي إلى زيادة قيمتها إلى أقص ى حد في النييجة النهائية‬
‫وحل القضية موضوع الدراسة"‪.2‬‬
‫‪ -‬أما ويليامز فيعرفه على أنه‪ " :‬مجموعة من الخطوات والقدرات التي تستهدف تطويق األزمة ومنع‬
‫تفاقمها وتحولها إلى نزاع مسلح‪ ،‬حفاظا على املصالح الحيوية للدولة"‪ .‬وهو ما يؤكد عليه كذلك‬
‫آخرون باليشديد على أن إدارة النزاع هي كل اإلجراءات والقدرات املؤدية إلى ضبط النزاع‪ ،‬والحد منه‬
‫في مواجهة محاوالت االستفزاز وتصعيده‪.‬‬

‫‪ 1‬قادري حسين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.13،12‬‬


‫‪ 2‬إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬إدارة الصراعات واألزمات الدولية‪ ،‬نظرة مقارنة إلدارة الصراع العربي اإلسرائيلي في مراحله املختلفة‪ ،‬كتب‬
‫عربية‪ ،2006 ،‬ص‪.62‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪97‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫‪ -‬وهناك تعريف مماثل لستارفورد يقول فيه أن‪" :‬اإلدارة هي تلك اإلجراءات التي تهدف إلى تجنب‬
‫الحرب"‪.‬‬
‫‪ -‬أما فريد تانر ‪ fred tanner‬فيرى بأنها‪ " :‬تتمثل في الحد والتخفيف أو احتواء النزاع دون حله‬
‫بالضرورة‪ ،‬وبمعنى آخر الهدف من هذه العملية هي التقليل من حدة النزاع دون الحاجة لحله بصورة‬
‫نهائية"‪.1‬‬
‫‪ -‬وفي السياق نفسه‪ ،‬يرى كل من "جاكوب بركوفييش" و"باتريك رغان" أن‪ " :‬إدارة النزاع عادة ما‬
‫تتمثل في املساعي التي تباشرها األطراف املعنية ذاتها أو أطراف ثالثة لتقليص مستويات العداء وإقرار‬
‫نوع من النظام في العالقات بين املتنازعين‪ ،‬واإلدارة الناححة للنزاع هي تلك التي تقود إلى حل كلي‬
‫للقضايا الخالفية بما ينجر عنه تغير في املواقف والسلوكيات‪ ،‬أو على األقل التوصل إلى تسوية‬
‫مقبولة أو وقف إلطالق النار مثلما هو معهود في العالقات بين الدول"‪.2‬‬
‫وبشكل عام يمكن القول أنه‪" :‬عملية تشير إلى سلوك يقوم به بعض الفاعلين الدوليين (سواءا أكان من‬
‫أطراف الصراع أم أطراف وسيطة)‪ ،‬ومن أجل تحجيم مستويات الصراع‪ ،‬أو تفادي حدوث انماط صراعية‬
‫معينة مثل الحرب"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عالقة مفهوم إدارة النزاع ببعض املفاهيم‬
‫نظرا للتداخل الكبير بين إدارة النزاع الدولي ومصطلحات أخرى‪ ،‬فإننا نرى من املفيد التطرق ولو بإيجاز‬
‫إلى بعض هذه املصطلحات لتوضيح الرؤية ومعرفة نقاط التقاطع فيما بينها‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬تسوية النزاع (‪ :)settlement of conflict‬يعني التوصل إلى اتفاق بشأن النزاع بين أطرافه بحيث‬
‫يتمكنون من إنهاء حالة النزاع املسلح‪ ،‬وتنهي حالة السلوك النزاعي العنيف‪ ،‬وقد يعني هذا نهاية النزاع من‬
‫الناحية االتفاقية‪ ،‬ولكن نجد أن معظم النزاعات التي يتم تسويتها تعود إلى السطح مرة أخرى وتندلع من‬
‫جديد من الناحية العملية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Niklas L.P. Swanström and Mikael S. Weissmann, " Conflict, Conflict Prevention and Conflict Management and Beyond: A‬‬
‫‪Conceptual Exploration," Central Asia-Caucasus Institute & Silk Road Studies Program, (Summer 2005), p.23‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jacob Bercovitch and Patrick M.Regan, "The Structure of International Conflict Management: An Anakysis ofThe Effects of‬‬
‫‪Intractability and Mediation," The International Journal of Peace Studies,Vol.4, N.1, (1999),available from:‬‬
‫‪http://www.gmu.edu/programs/icar/ijps/vol4_1/bercovitch.htm‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪98‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫‪-2‬فض النزاع (‪ :)conflict Resolution‬وهو مصطلح أكثر شموال من مصطلح إدارة النزاع أو اليسوية‪،‬‬
‫ذلك أنه يتضمن مخاطبة األسباب الجذرية للنزاع وحلها‪ ،‬بمعنى إنهاء حالة العنف دون العودة مرة أخرى إلى‬
‫النزاع‪ ،‬وبمعنى إنهاء الحالة العدائية بين أطراف النزاع وتغيير بنية النزاع‪.‬‬
‫‪ -3‬تحويل النزاع(‪ :)Conflict transformation‬هو من مفاهيم مرحلة مابعد النزاع‪ ،‬وييناول املعالجة‬
‫الكلية ملختلف جذور الصراع‪ ،‬وبناء حالة من السالم الدائم والتنمية املستدامة‪ ،‬وبشكل عام هو عملية طويلة‬
‫املدى‪ ،‬تسعى إلحداث تغيير‪ ،‬ومعالجة عميقة وجذرية‪ ،‬هيكلية وبنيوية‪ ،‬لكامل مصادر ومسببات الصراع أو‬
‫العنف وعلى كافة الصعد واملستويات‪ ،‬وهي تعمل على إصالح العالقات‪ ،‬واملفاهيم والبيئة املحيطة بالصراع‬
‫وأطرافه"‪.‬‬
‫‪ -4‬بناء السالم‪ :‬يعرف بناء السالم على أنه "تشييد البنية األساسية و الهياكل التي تساعد أطراف النزاع على‬
‫العبور من مرحلة النزاع إلى مرحلة السالم االيجابي‪".‬‬
‫ويعرف أيضا بأنه مفهوم " يضم العمليات التي تهدف إلى إلنعاش املجتمع املدني و إعادة بناء البنية‬
‫التحتية و استعادة املؤسسات التي حطمتها الحرب أو النزاعات األهلية للمجتمعات‪ ،‬و قد تسعى هذه العمليات‬
‫إلى إقامة هذه املؤسسات إذا لم تكن موجودة بما يمنع نشوب الحرب مرة أخرى"‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬النظريات املفسرة إلدارة النزاع الدولي‬
‫توجد مجموعة منن النظريات املفسرة التي تسعى إلعطاء تصور يضمن ادارة فعالة للنزاع‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪-1‬نظرية الردع ‪ :‬أي يتم استخدام القوة املسلحة من اجل اكراه الخصم و اجباره على التراجع عن موقفه و‬
‫عدم التنازل ملطلب الخصوم ‪ ,‬مهما كان حجم التهديدات الذي يشكلونه ‪ ,‬و يعتمد هذا االسلوب على قدرة‬
‫الدولة على تحمل الخسائر و ايقاع العقاب الجسيم على الخصم ‪.‬‬
‫‪-2‬نظرية املساومة‪ :‬وتقدم هذه النظرية اسلوبا هو ‪ :‬التفاوض اساسا للموقف ‪ ,‬و االصل ان املفاوضة‬
‫معناها االستعداد للتنازل عن بعض املواقف املبدئية مقابل تنازل الخصم عن بعض مطالبه ‪ ,‬فهي اذن حلول‬
‫وسطى او عملية توفيقية ‪ ,‬وهذا في الواقع اساس التفاوض ‪ ,‬حيث يبدأ املفاوض بموقف ميشدد ‪ ,‬ثم يينازل‬
‫تدريجيا حتى يصل الى ادنى الحدود التي ال يستطيع التنازل بعدها‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد أحمد عبد الغفار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ 2‬إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.64‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪99‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫‪-3‬نظرية األلعاب‪ :‬تعد نظرية املباريات من إحدى االستراتيجية املهمة إلتخاذ القرارات في مواقف النزاعات‬
‫أو الصراعات الدولية‪ ،‬إن هدفها هو ترشيد االختيار من بين البدائل املختلفة التي تفرزها هذه املواقف‬
‫الصراعية‪ .‬سواءا السياسية بشكل عام أو الصراعات التي تتعلق بالسلم واألمن الدوليين‪.‬‬
‫هناك نوعين من الصراعات أو املباريات‪:‬‬
‫‪ -1‬النزاعات ال تنافسية (صفرية)‪ :‬بالنسبة لهذه الصراعات فإن الكسب الذي أحدهما‪ ،‬يمثل في القوت‬
‫نفسه خسارة للطرف اآلخر‪ ،‬ولو إفترضنا أن طرفا ما حقق إنتصار ثم مني بهزيمة أو بخسارة‪ ،‬فإن الحصيلة‬
‫النهائية تكون صفرا في مجموعها‪.‬‬
‫‪ -2‬النزاعات غير تنافسية (الغير صفرية)‪ :‬فإن مصالح أطرافها ال تكون متعارضة بالصورة السابقة نفسها‪،‬‬
‫وإنما تتداخل إلى حد يسمح باملساومة وتقديم التنازالت املتبادلة للوصول إلى نقطة إتفاق‪ ،‬مما يدفع أطراف‬
‫تلك املواقف التي تبني سياسة التعاون بحيث تتوزع نتائج املباراة بين الطرفين‪.‬‬
‫وهناك من يضيف نوع ثالث لنييجة املبارة وهي الكارثية‪ ،‬وفيها يتخاصمان الطرفان بهدف تدمير اآلخر‬
‫وبالتالي يخسران كالهما‪ ،‬كما هو الحال في الحروب النووية املدمرة‪.1‬‬
‫إن اللجوء إلى نظرية اللعبة في العالقات بين الدول تجنب الدول صراعات الحروب‪ ،‬وغالبا ما يلجأ‬
‫صناع السياسة إلى نظرية الصفر ألنها أكثر فعالية في تجنب الحروب‪ ،‬ومع القليل من الحذق السياس ي واملهارة‬
‫في اللعب يمكن تحويل هذا املوقف إلى جانب الالصفر‪.‬‬
‫املعادلة الصفرية و ادارة النزاعات هي نظرية تقدم تفسيرا و اسلوبا يمكن لصانع القرار انتهاجه في حاالت‬
‫التي تكون مصالحه الحيوية او وجوده ذاته يتوقف على خسارة الطرف االخر أو وجود أ يتوقف على القضاء‬
‫على ب ‪.‬‬
‫عند النظر بعمق أكثر الى هذه االساليب نرى انها تفسر زوايا و تغفل عن زوايا اخرى ‪ ,‬لذا نقول ان‬
‫االدارة الفعالة تكون اذا تم دمج هذه النظريات و خلق تكامل بين االساليب املختلفة‪.‬‬

‫‪ 1‬نفس املرجع‪.63-62 ،‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪100‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫املحور الثالث‪ :‬آليات إدارة النزاعات الدولية‬


‫أوال‪ :‬الطرق السياسية والدبلوماسية‬
‫‪-1‬املفاوضات‪ :‬وهي تعني تبادل الرأي بين الدولتين املتنازعتين بهدف إيجاد حل سلمي للنزاع عادة ما يقوم‬
‫بهذه املهمة املبعوث الدبلوماس ي‪ .‬املفاوضة إما أن تكون مباشرة أو غير مباشرة أو بالطريقتين‪ ،‬وإذا كان النزاع‬
‫يهم عدة دول فغالبا ما يعقد مؤتمرا بينهما لهذا الغرض‪.‬‬
‫‪-2‬املساعي الحميدة‪ :‬يقصد بها العمل الودي الذي تقوم به إحدى الدول في سبيل ايجاد مناخ التفاق ما‬
‫بين الدولتين املتنازعتين لحملها على القبول‪ .‬واملساعي الحميدة ترمي إما إلى تفادي نزاع مسلح وحله سلميا‬
‫ليسوية املنازعات اإلقليمية‪ ،‬كما هو الشأن بين فرنسا وسيام سنة ‪ 1946‬بفضل املساعي الحميدة‪ .‬وإما إلى‬
‫وضع حد لحرب قائمة كقبول اندونسييا وهولندا املساعي الحميدة التي قدمتها واشنطن سنة ‪ 1947‬بهدف‬
‫وضع حد للمعارك القائمة بين الطرفين‪.‬‬
‫‪-2‬الوساطة‪ :‬وهي عمل تقوم به دولة ما بغية إيجاد تسوية لخالف قام بين دولتين والفرق بين الوساطة‬
‫واملساعي الحميدة أن الدولة التي تقوم باملساعي الحميدة تكتفي بتقريب املسافات املتباعدة بين الدولتين‬
‫املتنازعتين وحثها على استئناف املفاوضات لحل النزاع دون أن تشترك هي في ذلك بينما ال تأخذ الدولة‬
‫الوسيطة أية صفة الزامية للدول املتنازعة‪.1‬‬
‫‪-3‬التوفيق‪ :‬ييشابه التوفيق مع الوساطة من حيث تدخل طرف ثالث في محاولة تسوية النزاع وتقريب‬
‫وجهات نظر األطراف‪ ،‬إال أن التوفيق يتميز بصالحيات أكبر للموفق‪ ،‬فيمكنه إقتراح حلول للنزاع أو دعوة‬
‫األطراف للجوء إلى التحكيم أو القضاء الدولي‪ ،‬وقد يكون التوفيق إلزاميا إذا نصت عليه معاهدة أبرمتها الدول‬
‫املتنازعة فيما بينها‪ ،‬إال أن مقترحات اللجنة املوفقة ال تتمتع بأي قوة إلزامية‪.‬‬
‫‪-4‬التحقيق‪ :‬يشكل التحقيق شكال آخر من أشكال اليسوية الودية للنزاعات الدولية‪ ،‬تتواله لجنة تحقيق‬
‫محايدة تقتصر مهمتها على عرض معطيات النزاع‪ ،‬بناءا على وقائع وأحداث دون أن يكون لها التعرض‬
‫ملسؤولية األطراف‪ .‬وتعمل لجان التحقيق عادة تحت إشراف منظمة دولية‪ ،‬فقد إعتمدت األمم املتحدة تقنية‬
‫التحقيق في عدة نزاعات دولية منها التحقيق في األراض ي العربية املحتلة عام ‪1947.‬‬
‫‪-5‬عرض النزاع على املنظمات الدولية‪ :‬نصت املادة (‪ )33‬من ميثاق األمم املتحدة على اللجوء إلى الوكاالت‬
‫والتنظيمات اإلقليمية من أجل اليسوية السلمية للنزاعات الدولية ‪.‬‬

‫‪ 1‬املخادمي عبد القادر الرزيق‪ ،‬النزاعات في القارة اإلفريقية‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2005،‬ص‪.192‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪101‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫ثانيا‪ :‬الطرق القضائية‬


‫‪-1‬التحكيم ‪ :‬يعتبر التحكيم من أقدم وسائل اليسوية السلمية للنزاعات الدولية‪ ،‬وهو النظر في النزاع من‬
‫طرف شخص أو هيئة يلجأ إليها املتنازعون مع إلتزامهم بينفيذ القرار الذي يصدر في النزاع‪ ،‬ويمكن للدول‬
‫عرض نزاعاتها ذات الطبيعة القانونية أو املادية على الهيئة التحكيمية بناءا على إتفاق بين الدول املتنازعة‪،‬‬
‫وقد يكون اللجوء للتحكيم بعد وقوع النزاع (مشارطة التحكيم)‪ ،‬كما قد يتم اإلتفاق بين األطراف على اللجوء‬
‫للتحكيم في حل النزاعات التي قد تقوم بين الدول املتعاقدة (شرط التحكيم)‪.‬‬
‫‪2-‬القضاء الدولي‪ :‬عن طريق اللجوء ملحكمة العدل الدولية لليسوية القضائية بين الدول في املنازعات‬
‫املتعلقة بتطبيق أو تفسير املعاهدات الدولية التي تعقد بينها‪ ،‬ثم خلفتها محكمة العدل الدولية املنشأة في إطار‬
‫هيئة األمم املتحدة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تسوية النزاعات الدولية بطرق اإلكراه‪:‬‬
‫يعتبر اإلكراه وسيلة اخرى ليسوية النزاعات الدولية يلجأ إليها في حاالت إخفاق كافة الوسائل السلمية‪.‬‬
‫ويتجلى اإلكراه في عدة أشكال‪ ،‬فقد يتخذ صورة املعاملة باملثل الذي يتجلى في صورة طرد الدبلوماسيين أو‬
‫مواطني الدولتين املتنازعتين‪ ،‬أو يأخذ شكل املقاطعة اإلقتصادية‪ ،‬ويمكن أن يظهر في شكل إحتالل جزء من‬
‫إقليم الدولة لدفعها إلى الوفاء بإلتزاماتها‪ ،‬ويمكن أن تتدخل املنظمات الدولية بمقتض ى الصالحيات التي‬
‫يخولها ميثاقها التأسيس ي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لصالحيات القمع واملنع بمقتض ى الصالحيات التي يخولها‬
‫ميثاقها التأسيس ي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لصالحيات القمع واملنع التي يباشرها مجلس األمن في إطار نظام‬
‫األمن الجماعي بناء على الفصل السابع من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫بموجب املادة ‪ 39‬من امليثاق يقرر مجلس األمن ما إذا كان قد وقع عمال من أعمال العدوان أو تهديد للسلم‬
‫أو إخالل به‪ ،‬وحينها يمكنه دعوة املتنازعين إلى إتخاذ اإلجراءات املؤقتة التي يراها مناسبة‪ ،‬منعا لتفاقم الوضع‬
‫(املادة‪ ،) 40‬وفي حالة ما إذا بقي التهديد للسلم يمكن للمجلس إتخاذ إجراءات القمع التي ال تتطلب إستخدام‬
‫القوة العسكرية مثل وقف الصالت اإلقتصادية وكل أشكال املواصالت او قطع العالقات الدبلوماسية‬
‫(املادة‪ ،)41‬وإذا رأى ان تلك التدابير غير كافية للردع جاز له إستخدام القوات العسكرية الجوية او البحرية او‬
‫البرية التابعة ألعضاء األمم املتحدة (املادة‪ ،)42‬باملشاورة مع لجنة أركان الحرب املشكلة من رؤساء أركان حرب‬
‫األعضاء الدائمين في مجلس األمن او من يقوم مقامهم (املادة‪.1)47‬‬
‫‪1‬‬
‫مهداوي عبد القادر‪ ،‬محاضرات قانون املنظمات الدولية‪ ،‬ألقيت على طلبة السنة الثالثة قانون عام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة قصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2015-2014‬ص ص ‪.6 -3‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪102‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫خاتمة‬
‫إن إدارة العملية النزاعية في ظل الواقع املعيش تبقى نسبية فالدول الكبرى بحكم هيمنتها تكون ادارتها‬
‫فعالة أو مفروضة و ادارة الدول الصغيرة بحكم ضعفها و قلة خبرتها تكون إدارة غير فعالة‪ ،‬فتطبيق الوسائل‬
‫إلدارة النزاع في الواقع مسألة نسبية حسب الظروف وشخصيات صناع القرار‪ ،‬وفي هذا السياق يحاج العديد‬
‫من الدارسين أن إدارة النزاع هي أداة ناححة ليسوية النزاعات الدولية على مدى مرحلة زمنية طويلة‪ ،‬ذلك أنها‬
‫أداة تخلق األساس لحل النزاع‪ ،‬وخالفا لذلك‪ ،‬فإن الحجة الغربية ترى بأن قدرتها تكمن في حل النزاع على‬
‫املدى القصير‪ .‬وذلك من خالل االستعمال األفضل لإلمكانيات والوسائل املتاحة‪ ،‬سوآءا كانت رؤوس أموال‪،‬‬
‫أمالك متنوعة‪ ،‬موظفين‪ ،‬دول‪ ،‬منظمات حكومية وغير حكومية‪ ،‬قوى خفية ‪.....‬إلخ بغية تحقيق األهداف‬
‫املسطرة في هذا النزاع أو ذاك سواءا من خالل املساهمة في حله أو في تعقيده أو في القضاء عليه وهو في املهد‪.‬‬
‫وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات‪:‬‬
‫‪-1‬إن بلوغ حالة خالفية بين دولتين ومرحلة االستقطاب وتزايد مستويات التأزم بشكل يهدد اإلستقرار‬
‫اإلقليمي والدولي‪ ،‬يقتض ي تفعيل اآلليات الكفيلة بيسوية الخالف او على األقل وضعه تحت السيطرة‪.‬‬
‫‪-2‬يجب على أطراف النزاع الدولي حل النزاع واملشاكل التي تحدث بينهما بالطرق الودية‪ ،‬وتجنب إستعمال‬
‫األداة العسكرية وإسيبدالها باآلليات الدبلوماسية املتاحة‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب اللجوء للمنظمات الدولية واإلقليمية لحل النزاعات التي تحدث بين الدول بالطرق السلمية‪ ،‬أي‬
‫عن طريق قنوات هيئة األمم املتحدة املتمثلة في مجلس األمن والجمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬وكذا املنظمات‬
‫االقليمية واملتمثلة في االتحاد االوروبي واإلفريقي وجامعة الدول العربية واملنظمات االمريكية على اعتبار أنها‬
‫أحسن وسيلة ليسوية النزاعات الدولية‪ ،‬وآلية هامة في حفظ السلم واألمن الدوليين‪.‬‬
‫‪ -4‬ضرورة تعزيز دور الطرف الثالث في تسوية النزاعات الدولية بإعتبارة حلقة أساسية إلدارة فعالة‬
‫للنزاعات الدولية‪ ،‬والتي اليمكن اإلستغناء في جميع مراحل النزاع‪.‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪103‬‬
‫رقولي كريم‬ ‫النزاع الدولي وإدارة النزاع الدولي‪ :‬مدخل مفاهيمي معرفي‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫‪/1‬باللغة العربية‬
‫‪ -1‬الرزيق عبد القادر املخادمي ‪ ،‬النزاعات في القارة اإلفرايقية‪ ،‬القاهرة‪( ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ط‪.)1،2005‬‬
‫‪ - 2‬عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬إدارة الصراعات واألزمات الدولية‪ :‬نظرة مقارنة إلدارة الصراع العربي‬
‫اإلسرائيلي في مراحله املختلفة‪( ،‬كتب عربية ‪.)2006،‬‬
‫‪ -3‬دحام وحيد زينب ‪ ،‬الوسائل البديلة عن القضاء لحل النزاعات‪( ،‬اربيل ‪ :‬مطبعة الثقافة‪. )2012 ،‬‬
‫‪ - 4‬نصر محمد مهنا و ناجي خلدون معروف ‪ ،‬تسوية املنازعات الدولية‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار غريب للطباعة‬
‫والنشر‪.)1996 ،‬‬
‫‪ -5‬عبد الغفار أحمد محمد ‪ ،‬فض النزاعات في الفكر واملمارسة الغربية‪ :‬دراسة نقدية تحليلية‪ ( ،‬الجزائر‪:‬‬
‫دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،)2003 ،1‬ص ‪.237‬‬
‫‪ -6‬حسين قادري‪ ،‬النزاعات الدولية‪ :‬دراسة تحليل‪( ،‬الجزائر‪ :‬منشورات خير جليس‪ ،‬ط‪.)2007 ،1‬‬
‫‪ -7‬عبد القادر مهداوي ‪ ،‬محاضرات قانون املنظمات الدولية‪ ،‬لطلبةالسنة الثالثة قانون عام‪( ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قصدي مرباح ورقلة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.)2015-2014‬‬
‫‪ /2‬باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪1- Niklas L.P. Swanström and Mikael S. Weissmann, " Conflict, Conflict Prevention‬‬
‫‪and Conflict Management and Beyond: A Conceptual Exploration," Central Asia-‬‬
‫‪Caucasus Institute & Silk Road Studies Program,(Summer 2005).‬‬
‫‪2- Jacob Bercovitch and Patrick M.Regan, "The Structure of International Conflict‬‬
‫‪Management: An Anakysis ofThe Effects of Intractability and Mediation," The‬‬
‫‪International Journal of Peace Studies,Vol.4, N.1, (1999),available;from:‬‬
‫‪http://www.gmu.edu/programs/icar/ijps/vol4_1/bercovitch‬‬

‫مجلة األبحاث القانونية والسياسية ‪ -‬العدد األول سبتمبر ‪ - 2019‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف‪2‬‬
‫‪104‬‬

You might also like