You are on page 1of 6

‫الجهوية في المغرب وإسبانيا الرباط‪ 10 ،‬نوفمبر ‪2015‬‬

‫ال يخفى عنكم أن الجهوية بالنسبة للمملكة المغربية‪ ،‬تعتبر ورشا استراتيجيا كبيرا حيث تتقاطع رهانات الديمقراطية والتنمية وقد‬
‫كرس دستور ‪ 2011‬الجهويةَ المتقدمة كنظام للحكامة الترابية التي تقرب القرار العمومي من الساكنة المحلية‪ ،‬وتمنح الجهات‬
‫فرصة االنكباب على أولوياتها‪ ،‬وتطوير طاقاتها ونخبها‪ ،‬وذلك من خالل منح صالحيات واختصاصات موسعة لمجلس الجهة‬
‫المنتخب‪ ،‬من أجل وضع برامج تنموية تستجيب النتظارات الساكنة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالتشغيل وتحسين ظروف عيش الفئات‬
‫الهشة‪ ،‬وتوفير أسباب االرتقاء االجتماعي؛ هذا‪ ،‬وقد تتبعتم في األشهر القليلة الماضية‪ ،‬الشروع في عملية تطبيق هذا المسلسل‬
‫الجهوي‪ ،‬من خالل إصدار النصوص التشريعية الضرورية والمالئمة‪ ،‬وانتخاب المجالس الجهوية عبر االقتراع المباشر يوم ‪4‬‬
‫شتنبر الماضي؛ وقد أعطى جاللة الملك محمد السادس حفظه هللا‪ ،‬بمناسبة الذكرى األربعين للمسيرة الخضراء‪ ،‬انطالقة تفعيل‬
‫الجهوية المتقدمة على أرض الواقع‪ ،‬انطالقا من مدينة العيون‪ ،‬وإرسا ًء للنموذج التنموي الجديد لألقاليم الجنوبية للمملكة‪ ،‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬تم إحداث لجنة دائمة جديدة مكلفة بالجهوية المتقدمة‪ ،‬بحيث تشغل هذه اللجنة حاليا على إعداد تقرير حول متطلبات الجهوية‬
‫المتقدمة وتحديات إدماج السياسات القطاعية؛ ‪،‬واإلفادة من التجربة اإلسبانية التي تعتبر واحدة من التجارب الرائدة على الصعيد‬
‫الدولي في مجال النظام الجهوي‪ ،‬وذلك بما يساهم في بلورة توجهات واقتراحات كفيلة لمواكبة القضايا والمشاريع والسياسات ذات‬
‫الصلة؛ ال ينفي وجود صعوبات وإشكاليات في تدبيرها على أرض الواقع‪ ،‬وال سيما فيما يتعلق بالموارد البشرية‪ ،‬ونمط الحكامة‬
‫والالتمركز‪ ،‬والبعد المندمج للسياسات العمومية انطالقا من حاجيات كل جهة على حدة‪ ،‬والتعاقد بين الدولة والجهات‪ ،‬والتمويل‪،‬‬
‫والعالقات بين المؤسسات داخل الجهة‪.‬‬

‫في إطار تفعيل مشروع الجهوية الموسعة ‪،‬سيتعين على الجهات لعب دور أساسي في مجال التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وفي‬
‫هذا الصدد‪ ،‬قامت اللجنة االستشارية للجهوية بالقيام بتشخيص شمولي للوضع القائم‪ ،‬من أجل التوصل إلى مقترحات واقعية حيث‬
‫تمت مقارنتها بالتجارب الدولية األكثر نجاحا في هذا المجال‪ .‬وقد مكنت هذه الحصيلة التشخيصية من إبراز اإلنجازات المحققة‬
‫خالل العشرية األخيرة وتسليط الضوء على االختالالت والمعيقات التي تقف أمام مسيرة التنمية االقتصادية واالجتماعية للجهات‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ورغم تحقيق العديد من المنجزات الهامة‪ ،‬فإن الفوارق ما بين الجهات في مجال النمو االقتصادي والتنمية البشرية‬
‫واالستفادة من الخدمات األساسية ال تزال قائمة إلى اليوم‪ُ .‬وتظهر المؤشرات تباينا كبيرا في النمو ما بين الجهات وتمركزا للثروة‬
‫الوطنية على الشريط الساحلي الممتد من طنجة إلى أكادير‪ .‬وإلى جانب ذلك‪ ،‬فإن دراسة المالية المحلية تشير إلى ضعف الموارد‬
‫المالية التي تتوفر عليها الجماعات المحلية بصفة عامة والجهات على الخصوص والتي ال تستفيد البرامج الهادفة إلى تعزيز النمو‬
‫االقتصادي الجهوي إال من جزء يسير منها‪ .‬ينضاف إلى ذلك عدم استغالل اإلمكانيات الجبائية‪ ،‬وعجز الجماعات المحلية عن‬
‫صرف كافة مواردها ومحدودية اللجوء إلى االقتراض وتعقد المساطر وضرورة تعزيز الموارد البشرية‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬تظل‬
‫الدولة الفاع َل الرئيسي في مجال التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خالل المؤسسات العمومية‬
‫التابعة لها‪ .‬وعلى ضوء مختلف هذه الخالصات‪ ،‬استطاعت اللجنة االستشارية للجهوية أن تحدد سلسلة من التدابير الرئيسية الكفيلة‬
‫بتقوية المكتسبات وخلق الظروف المواتية للنهوض بهذا المشروع‪.‬‬

‫وتصب هذه االقتراحات في اتجاه تعزيز مبادئ اإلنصاف وضمان انخراط المجتمع ككل في هذا المشروع من خالل إحداث أدوات‬
‫مالية من قبيل صندوق التأهيل االجتماعي الذي يهدف إلى القضاء على مظاهر العجز الكبرى المسجلة في القطاعات المتعلقة‬
‫بالتنمية البشرية‪ .‬وسيكون عبارة عن أداة تندرج في إطار مبدأ أكثر شمولية يتعلق بالتضامن الترابي والمساهمة في تقليص‬
‫التفاوتات الموجودة بين الجهات‪ .‬أيضا‪ ،‬ينبغي لهذا التضامن أن يرتكز على تحسين التأثيرات الموا زنة للنظام الحالي لتحويل‬
‫الموارد ووضع آلية مالءمة قادرة على إعطاء محتوى ملموس ومباشر لهذا المبدأ‪.‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن اللجنة االستشارية‬
‫للجهوية‪ ،‬اقتناعا منها بأن تعزيز دور الجهات في مجال التنمية االقتصادية واالجتماعية مرتبط بالوسائل التي ستوضع رهن إشارتها‬
‫وانطالقا من الحصيلة التي توصلت إليها حول المالية المحلية‪ ،‬قد قامت باقتراح المحاور األساسية لإلصالح التي يتعين تطبيقها من‬
‫أجل تثمين إمكانيات الجهات ومالءمتها مع مهامها المستقبلية‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬اقترحت اللجنة القيام بتدابير حاسمة لتحسين تعبئة‬
‫اإلمكانيات الجبائية المحلية وتحسين عملية التحصيل وتثمين الموارد ألخرى (الرسوم شبه الضريبية والممتلكات)‪.‬‬

‫وفي ما يتعلق بالموارد المتأتية من االقتراض‪ ،‬أوصت اللجنة بتعزيز قدرات صندوق تجهيز الجماعات المحلية وإسهام القطاع‬
‫البنكي‪ ،‬السيما في مشاريع الجهات القادرة على إفراز تدفق نقدي خاص بها‪ ،‬واللجوء إلى سوق السندات الداخلية ثم الخارجية في‬
‫وقت الحق‪ .‬غير أن اللجنة االستشارية للجهوية تعتقد أن تبسيط مساطر تنفيذ المشاريع التنموية وتعزيز قدرات التدبير والالتمركز‬
‫تمثل شروطا ضرورية لضمان فعالية عمل الجهات ونجاعته‪ .‬وفي نفس الصدد‪ ،‬ترى اللجنة االستشارية للجهوية أن نجاح هذا‬
‫اإلصالح رهين أيضا بوضع إجراءات موا ِكبة من أجل ضمان حكامة أفضل على المستوى الجهوي‪.‬‬

‫وتتعلق هذه اإلجراءات أساسا بتنظيم‪,‬العالقات بين الدولة والجهة عن طريق التعاقد‪ ،‬وتعزيز دور القطاع الخاص من خالل تحسين‬
‫مناخ األعمال وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬وإحداث نظام جهوي للمعلومات اإلحصائية يستجيب للحاجيات‬
‫المتعددة للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وإدماج البعد الجهوي في مشروع إصالح القانون التنظيمي لقانون المالية‪ .‬يتعلق األمر‪،‬‬
‫إذن‪ ،‬بتحديد إجراءات الدعم التي ينبغي تفعيلها من أجل مواكبة نموذج مغربي‪-‬مغربي للجهوية‪.‬‬

‫التأهيل االجتماعي‬

‫توصي اللجنة االستشارية للجهوية باعتماد التأهيل االجتماعي للجهات كمبتغى أساسي وأولي لمشروع الجهوية المتقدمة‪ .‬فمن أجل‬
‫ضمان االنخراط التام للسكان في إصالح بنيوي من هذا الحجم‪ ،‬يتعين تحقيق تحسن ملموس في ظروف عيش هؤالء‪ ،‬وذلك في‬
‫آجال معقولة‪ .‬ولتحقيق هذا الهدف‪ ،‬تم تقييم الحاجيات الضرورية لسد العجز الكبير المسجل في ميادين الصحة والتربية والشبكة‬
‫الطرقية والماء الصالح للشرب والكهرباء والسكن االجتماعي‪ .‬وتعتبر هذه القطاعات المستهدفة ذات صلة مباشرة بالتنمية البشرية‪،‬‬
‫كما تشمل جزءا كبيرا من االختصاصات التي قد تخول للجهات في إطار هذا اإلصالح‪ .‬وقد تم تقدير الميزانية الالزمة لهذا‬
‫اإلصالح‪ ،‬على أساس سيناريوهين إثنين‪ ،‬في مبلغ يتراوح بين ‪ 128‬و ‪ 215‬مليار درهم‪ .‬ومن المنتظر أن تمكن هذه اإلمكانيات‬
‫المالية‪ ،‬من ناحية‪ ،‬من تعميم االستفادة من الماء الصالح للشرب والكهرباء ومن القضاء على دور الصفيح والسكن غير الالئق‪،‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬وفي ما يتعلق بقطاع الصحة والتربية والبنيات التحتية الطرقية‪ ،‬إما من تقريب مستوى الجهات من المتوسط‬
‫الوطني (السيناريو األول) أو من مالءمتها مع المعايير الوطنية والدولية في هذه المجاالت (السيناريو الثاني)‪ .‬وتأكيدا منها على أن‬
‫نظام التأهيل ال ينبغي اعتباره برنامجا للمساعدة الدائمة‪ ،‬بل كنظام للدعم من شأنه‪ ،‬في آخر المطاف‪ ،‬أن يمكن الجهات من التصدي‬
‫لمختلف االختالالت لديها‪ ،‬أوصت اللجنة بما يلي‪:‬‬

‫• أن يتم تنفيذ التأهيل في أفق فترتي انتداب‪ ،‬وهو أجل ليس بالطويل كي ال تفقد الساكنة الثقة في مشروع اإلصالح وليس بالقصير‬
‫كذلك كي ال تتزايد حدة الضغوط على موارد الدولة ويصبح من الممكن التكيف مع القدرة على مواكبة البنيات الجهوية الجديدة‪ ،‬من‬
‫جهة أخرى؛‬

‫• أن يتم إدراج المبالغ المخصصة لهذا البرنامج في القانون‪ ،‬بغية إعداد برمجة متعددة السنوات وضمان تتبع وتقييم مناسبين‪ .‬ولهذا‬
‫الغرض‪ ،‬ينبغي إنشاء صندوق للتأهيل ستعمل لجنة مختصة على تحديد معايير توزيع ميزانيته وشروط األهلية لالستفادة منها‪.‬‬

‫• أن يتم تطبيق المشروع مع مراعاة خصوصيات كل جهة‪.‬‬

‫الموارد‬

‫توصي اللجنة االستشارية للجهوية باتخاذ التدابير اآلتية‪:‬‬

‫• إعطاء األولوية لتنفيذ إصالح معمق للمالية المحلية‪ .‬وينبغي أن يشمل هذا اإلصالح بنية هذه المالية‪ ،‬وتبسيط مساطر التنفيذ‬
‫ومواءمة تبويب الميزانية؛‬

‫• اعتماد المبدأ القائم على ضرورة مصاحبة أي نقل لالختصاصات إلى الجهات بالموارد المالئمة‪ ،‬وترسيخ هذا المبدأ بنص‬
‫قانوني‪ ،‬وتكوين لجنة مختصة للسهر على التحديد الدقيق لالختصاصات والموارد على حد سواء؛‬

‫• في انتظار استكمال إصالح المالية المحلية‪ ،‬ولتمكين الجهات من تنفيذ اختصاصاتها الذاتية باعتبارها فاعال رئيسيا في التنمية‬
‫ومكلفا بالتجميع والتنسيق مع باقي الجماعات المحلية وبالتنشيط إزاء القطاع الخاص‪ ،‬ينبغي تزويد الجهات بموارد إضافية هامة‬
‫بمجرد إعطاء االنطالقة لورش اإلصالح الجهوي‪ .‬ولهذا الغرض‪ ،‬قامت اللجنة االستشارية للجهوية بتقييم الغالف المالي الالزم في‬
‫هذا الصدد‪ ،‬والذي ق ّدر بحوالي ‪ 8‬ماليير درهم‪ ،‬ستتم تعبئته عن طريق إعادة توزيع الموارد بين الدولة والجهات؛‬

‫• وبخصوص الموارد المتأتية من االقتراض‪ ،‬توسيع صالحيات صندوق تجهيز الجماعات المحلية وضمان مشاركة القطاع البنكي‬
‫عن طريق تكامل هذين الطرفين‪ ،‬خاصة في ما يتعلق بالمشاريع القابلة لالستفادة من التمويل البنكي؛‬

‫• تمكين الجهات من اللجوء إلى سوق السندات الداخلية‪ ،‬ثم الخارجية فيما بعد‪ ،‬شريطة أن تستعد هذه الجهات العتماد نظام للتنقيط‬
‫بالنسبة إلصداراتها كما هو الحال بالنسبة للدولة؛‬

‫• اتخاذ إجراءات حقيقية من أجل تعبئة أفضل لإلمكانيات الجبائية‪ ،‬وتعزيز عمليات التحصيل عن طريق توقيع اتفاقيات خدمات مع‬
‫الدولة (الوعاء والتحصيل بالسعر الحقيقي)‪ ،‬وتبسيط المساطر الرامية إلى تعزيز باقي الموارد األخرى (المتعلقة باألمالك والرسوم‬
‫شبه الضريبية)‪ ،‬وكذا ضمان تدبير جيد للخزينة؛‬

‫• تزويد الجهات بالموارد البشرية المالئمة (ك ّمًا ونوعًا)‪ ،‬وهذا شرط ضروري لضمان فعالية ونجاعة عمل الجهات‪.‬‬

‫التضامن الترابي‬

‫ينبغي أن يعمل مشروع الجهوية المتقدمة على ترسيخ مبدأ التضامن بين الجهات‪ ،‬بهدف المساهمة في التخفيف من اآلثار الناتجة‬
‫عن تمركز الثروات‪ ،‬والتأخر المسجل في مجال التنمية‪ ،‬والتنوع الجغرافي وكذا الخصوصيات الديموغرافية للجهات‪ .‬وفي هذا‬
‫السياق‪ ،‬توصي اللجنة االستشارية للجهوية بما يلي‪:‬‬

‫• اإلبقاء على النظام الحالي لتحويل الموارد من الدولة إلى الجماعات المحلية‪ ،‬مع تعزيز آثاره الموا زنة الرامية إلى تحقيق‬
‫اإلنصاف؛‬

‫• إنشاء صندوق للتأهيل االجتماعي؛‬

‫• إنشاء صندوق للتضامن‪ ،‬تخصص له في مرحلة أولى ‪ % 10‬من الموارد الجديدة التي ستمنح للجهات بغرض إعطاء بُعد ملموس‬
‫وفوري لتطبيق مبدأ التضامن‪.‬‬

‫آليات المواكبة‬

‫التعاقد‬

‫ترى اللجنة أن التعاقد يعد من أفضل وسائل تدبير العالقات بين الدولة والجهات‪ .‬فهو يمكن من مساءلة الفاعلين واستغالل‬
‫اإلمكانيات بشكل أمثل وتبسيط المساطر‪ .‬وهكذا‪ ،‬وفي إطار مبدأ التعاقد‪ ،‬ستشكل الجهات حلقة وصل مع الدولة‪ ،‬من جهة‪ ،‬وباقي‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬وبذلك‪ ،‬ستضطلع الجهة بمهمة تنسيق وتصميم وإتمام المقترحات المشتركة ذات الطابع‬
‫االقتصادي واالجتماعي والثقافي قبل رفعها إلى الدولة‪.‬‬

‫ويتطلب هذا النهج التعاقدي‪ ،‬حسب اللجنة‪ ،‬توفر ثالثة شروط‪ :‬ممثل وحيد للدولة‪ ،‬وسياسة حقيقية للالتمركز وإنشاء هيئة وطنية‬
‫مستقلة مكلفة بتتبع وتقييم السياسات الترابية‪.‬‬

‫تعزيز دور القطاع الخاص في إطار الجهوية المتقدمة‪ ،‬يتعين على القطاع الخاص القيام بدور حاسم في تثمين المؤهالت وخلق‬
‫الثروات‪ .‬وألجل ذلك‪ ،‬ترى اللجنة االستشارية للجهوية أنه سيكون من الضروري التغلب على العديد من اإلكراهات الهيكلية التي‬
‫تعيق تنمية القطاع‪ ،‬وذلك من خالل تحسين مناخ األعمال وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص على صعيد الجهة‪.‬‬

‫النظام الجهوي للمعلومات اإلحصائية‬


‫إن نجاح اإلصالح الجهوي المنشود يقتضي تحسين فعالية النظام الوطني للمعلومات اإلحصائية‪ .‬وبهذا الخصوص‪ ،‬توصي اللجنة‬
‫االستشارية للجهوية بالعمل على إحداث نظام جهوي للمعلومات اإلحصائية كنظام فرعي للنظام الوطني للمعلومات اإلحصائية‪،‬‬
‫وذلك بغية االستجابة للحاجيات المتعددة التي تتزايد مع تطور ديناميات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬ولهذا الغرض‪ ،‬توصي‬
‫اللجنة بالعمل على ضمان المركزية مساطر إعداد وإنتاج ومعالجة وتطوير اإلحصائيات العمومية‪ ،‬بصفتها معطيات ضرورية‬
‫إلعداد االستراتيجيات التنموية المناسبة ورسم أهدافها وتتبعها وتقييمها‪.‬‬

‫إصالح القانون التنظيمي لقانون المالية‬

‫ينبغي أن يُدرج مشروع الجهوية المتقدمة ضمن مشروع إصالح القانون التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬الذي يرسخ مبدأ الفعالية في تدبير‬
‫األموال العمومية وبرمجة النفقات وتطوير عملية افتحاص السياسات العمومية‪ ،‬وذلك عبر إدراج البعد الجهوي في تقديم ميزانية‬
‫الدولة‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬تؤكد اللجنة على ضرورة تكييف اإلطار المنظم لمالية الجهات مع المقتضيات الجديدة للقانون التنظيمي‬
‫لقانون المالية‪.‬‬

‫مشروع القانون التنظيمي حول الجهة الصادر في ‪ 07‬يناير ‪2015‬‬

‫يعرف مشروع القانون التنظيمي حول الجهة الصادر في ‪ 07‬يناير‪ 2015‬الجهة على أنها جماعة ترابية خاضعة للقانون‬
‫العام‪ ،‬تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل اإلداري والمالي‪ ،‬وتشكل أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة‪ ،‬باعتباره تنظيما ال‬
‫مركزيا يقوم على الجهوية المتقدمة‬

‫ويجب التمييز بين الجهوية الموسعة و الجهوية المتقدمة ‪ ،‬فاألولى تقوم على أساس الجهوية السياسية في إطار الالمركزية‬
‫السياسية‪ ،‬والذي يتطلب وجود برلمان جهوي منتخب وحكومة جهوية ذات صالحيات واسعة‪ ،‬ويقتصر دور ممثل السلطة‬
‫المركزية (الوالة والعمال)على ضمان التنسيق بين المركز والجهات‪ .‬بالمقابل فإن الثانية تدخل في إطار الالمركزية اإلدارية‬
‫وتقوم على منح الجهة اختصاصات إدارية واسعة‬

‫مر التنظيم القانوني للجهة بمحطات تاريخية مهمة‪ ،‬فقد برزت فكرة الجهة كبعد مجالي لعمليات التنمية االقتصادية و‬
‫االجتماعية في إطار مخطط ‪ 1972-1968‬إال أن هذا ال يعني أن هذه الفكرة كانت غائبة في المخططات السابقة‪ ،‬بل سبق لكل‬
‫من مخطط ‪ 1964-1960‬و مخطط ‪ 1967-1965‬أن مهدا لهذه الفكرة و ذلك من أجل تهيء الظروف المالئمة لوضع مخطط‬
‫‪ 1972-68‬الذي يعتبر خطوة هامة في المسار الجهوي ‪.‬‬
‫لكن اإلرهاصات الحقيقية للجهوية في المغرب بدأت مع صدور الظهير الشريف رقم ‪ 1-71-77‬بتاريخ ‪1971/06/16‬‬
‫المتعلق بإحداث الجهات االقتصادية السبعة بقصد المساهمة في توطين السكان و النشاطات و الخدمات بشكل عقالني ‪.‬غير أن‬
‫الجهة في صيغتها االقتصادية لم تحقق النتائج التنموية المنتظرة منها‪ ،‬على اعتبار أنها لم تكن تتوفر على مؤهالت قانونية و‬
‫مقومات مالية و بشرية‪ ،‬و ال على هياكل قارة للدخول في عالقات مع الوحدات الالمركزية األخرى‪ ،‬كما أن التقسيم الجهوي لم‬
‫يراع الخصوصيات االقتصادية و االجتماعية لمختلف الجهات و كرس التفاوت االقتصادي الحاصل بينها‪ ،‬وتبرز مظاهره في‬
‫احتكار الجهة الوسطى للبالد أغلب األنشطة االقتصادية على حساب باقي جهات المملكة و في ‪ 1992‬تم االرتقاء بالجهة إلى‬
‫مستوى المؤسسة الدستورية بموجب التعديل الدستوري ل ‪ ،1972‬و لقد توج هذا االرتقاء الدستوري بقفزة نوعية شهدتها الجهة‬
‫في ظل دستور ‪ 13‬شتنبر ‪ 1996‬الذي عمل على إدماج الجهة في المجال السياسي بواسطة نظام التمثيلية في إطار مجلس‬
‫المستشارين كمؤسسة دستورية تمارس السيادة بصفة غير مباشرة وفقا للفصل الثاني من الدستور‪ ،‬ثم جاء القانون رقم ‪47-96‬‬
‫في ‪ 1997‬الذي أمد الجهة بإمكانات مادية و مالية‪ .‬كما حظيت الجهة بالتأطير القانوني و التنظيمي مع المتعلق بالجهات و مرسوم‬
‫غشت ‪ 1997‬الخاص بالتقسيم الجهوي‪ ،‬حيث أصبحت الجهات الستة عشر وحدات ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية و االستقالل‬
‫المالي و اإلداري‪ ،‬و ذات صالحيات و موارد معينة ‪.‬كان بعد ذلك و استنادا للخطاب الملكي ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬سيتم إحداث اللجنة‬
‫االستشارية للجهوية و التي ستقدم مجموعة من االقتراحات بغية تطوير مشروع الجهوية ا بالمغرب ‪.‬‬

‫و أبرز ما جاءت به هذه اللجنة تقطيع جهوي جديد يتضمن إحداث ‪ 12‬جهة بدل ‪ 16‬أيضا توسيع صالحيات رئيس المجلس‬
‫الجهوي و اختصاصات المجلس‪،‬وإضافة موارد مالية جديدة‪ ...‬ثم سيأتي دستور ‪ 2011‬لينص على مجموعة من المبادئ التي‬
‫ستدعم مشروع الجهوية كمبدأ التفريع و مبدأ التضامن و المشاركة و التدبير الحر‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬وفي يونيو ‪2014‬صدرت مسودة مشروع القانون التنظيمي حول الجهة‪ .‬وبعد نقاش مع األحزاب السياسية وكافة‬
‫المهتمين صدر في ‪ 07‬يناير‪ 2015‬مشروع القانون التنظيمي للجهة‪.‬‬
‫صادق مجلس الحكومة‪ ،‬فبراير ‪ ،2015‬على مشروع مرسوم يقضي بتحديد عدد الجهات في ‪ 12‬جهة للمملكة‪ ،‬و تسمياتها‬
‫ومراكزها والعماالت واألقاليم المكونة لها‪.‬‬

‫جهة طنجة‪-‬تطوان الحسيمة‪ :‬مركزها طنجة‪-‬أصيلة‪ ،‬وتتكون من عماالت وأقاليم طنجة‪-‬أصيلة والمضيق‪-‬الفنيدق‪ ،‬وتطوان‪،‬‬
‫والفحص‪-‬أنجرة والعرائش‪ ،‬والحسيمة‪ ،‬وشفشاون‪ ،‬ووزان‪.‬‬

‫جهة الشرق‪ :‬مركزها وجدة‪-‬أنجاد‪ ،‬وتضم وجدة‪-‬أنجاد‪ ،‬والناضور‪ ،‬والدريوش‪ ،‬وجرادة‪ ،‬وبركان‪ ،‬وتاوريرت‪ ،‬وجرسيف‪ ،‬وفجيج‪.‬‬

‫جهة فاس‪-‬مكناس‪ :‬مركزها فاس‪ ،‬وتضم فاس ومكناس والحاجب‪ ،‬وإفران‪ ،‬وموالي يعقوب‪ ،‬وصفرو‪ ،‬وبولمان‪ ،‬وتاونات‪ ،‬وتازة‪.‬‬

‫جهة الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة‪ :‬مركزها الرباط‪ ،‬وتضم الرباط وسال‪ ،‬والصخيرات‪-‬تمارة‪ ،‬والقنيطرة‪ ،‬والخميسات‪ ،‬وسيدي قاسم‪،‬‬
‫وسيدي سليمان‪.‬‬

‫جهة بني مالل‪-‬خنيفرة‪ :‬مركزها بني مالل‪ ،‬وتضم بني مالل وأزيالل‪ ،‬والفقيه بن صالح‪ ،‬وخنيفرة‪ ،‬وخريبكة‪.‬‬

‫جهة الدارالبيضاء الكبرى‪-‬سطات‪ :‬مركزها الدارالبيضاء‪ ،‬وتضم الدارالبيضاء‪ ،‬والمحمدية‪ ،‬والجديدة‪ ،‬والنواصر‪ ،‬ومديونة‪،‬‬
‫وبنسليمان‪ ،‬وبرشيد‪ ،‬وسطات‪ ،‬وسيدي بنور‪.‬‬

‫جهة مراكش‪-‬آسفي‪ :‬مركزها مراكش‪ ،‬وتضم مراكش‪ ،‬وشيشاوة والحوز‪ ،‬وقلعة السراغنة‪ ،‬والصويرة‪ ،‬والرحامنة‪ ،‬وآسفي‪،‬‬
‫واليوسفية‪.‬‬

‫جهة درعة‪-‬تافياللت‪ :‬مركزها الرشيدية‪ ،‬وتضم الرشيدية‪ ،‬وورزازات‪ ،‬وميدلت‪ ،‬وتنغير‪ ،‬وزاكورة‪.‬‬

‫جهة سوس‪-‬ماسة‪ :‬مركزها أكادير إداوتنان‪ ،‬وتضم أكادير إداوتنان‪ ،‬وإنزكان آيت ملول‪ ،‬واشتوكة آيت باها‪ ،‬وتارودانت‪،‬‬
‫وتيزنيت‪ ،‬وطاطا‪.‬‬

‫جهة كلميم‪-‬واد نون‪ :‬مركزها كلميم‪ ،‬وتتكون من كلميم وآسا‪-‬الزاك‪ ،‬وطانطان‪ ،‬وسيدي إفني‪.‬‬

‫جهة العيون‪-‬الساقية الحمراء‪ :‬مركزها العيون‪ ،‬وتضم العيون‪ ،‬وبوجدور‪ ،‬وطرفاية‪ ،‬والسمارة‪.‬‬

‫جهة الداخلة‪-‬وادي الذهب‪ :‬مركزها وادي الذهب‪ ،‬وتضم وادي الذهب‪ ،‬وأوسرد‪.‬‬

‫قال مصطفى الخلفي‪ ،‬وزير االتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة‪ ،‬إن المشروع يمثل خطوة نوعية على مستوى ترجمة مشروع‬
‫الجهوية المتقدمة‪ ،‬ويأتي بعد استكمال إعداد مشاريع القوانين التنظيمية الثالث المرتبطة بالجهوية‪ ،‬ومصادقة المجلس الوزاري‬
‫عليها‪.‬‬

‫وأضاف الخلفي‪ ،‬أن المشروع يأتي وفق التقديم الذي تقدم به وزير الداخلية‪ ،‬في إطار تنزيل التوجيهات الملكية السامية القائمة على‬
‫إيجاد جهات قائمة الذات قابلة لالستمرار‪ ،‬من خالل بلورة معايير عقالنية وواقعية لمنظومة جهوية جديدة‪ ،‬وهو التوجيه الذي جاء‬
‫في خطاب جاللة الملك بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ ،2010‬وكان المضي فيه على ضوء االقتراحات الوجيهة للجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬وفق‬
‫ما دعا إليه جاللة الملك بمناسبة ترؤسه الفتتاح الوالية التشريعية الحالية‪.‬‬

‫وتحدث الخلفي عن اعتماد مقاييس لهذه الغاية‪ ،‬تتمثل في الفعالية والنجاعة كمفتاح أساسي للتحديد الجغرافي‪ ،‬يسمح باندماج مختلف‬
‫المكونات البشرية والجغرافية على المستوى الوطني‪ ،‬واعتماد القطبية الحضرية انطالقا من قطب أو قطبين حضريين‪ ،‬واالستناد‬
‫إلى الشبكة اإلدارية للعماالت واألقاليم بقصد البناء على التراكم القائم‪ ،‬والتقليص من الفوارق داخل الجهة‪ ،‬والتخفيف من التفاوتات‬
‫المرتبطة بنمو المجاالت الترابية والفوارق الجغرافية والديموغرافية بين الجهات‪ ،‬مع االستجابة قدر اإلمكان لمتطلبات سهولة‬
‫الولوجية والتنقل بين مختلف مجاالت الجهة‪.‬‬

‫ومن هذه المقاييس‪ ،‬يضيف الوزير‪ ،‬هناك معايير أخرى تهم التوفر على الحد األدنى من اإلمكانيات الطبيعية والبشرية والعمرانية‬
‫واالقتصادية القابلة لالستثمار‪ ،‬التي تمكن الوحدات الترابية من تحقيق تنميتها‪ ،‬وتكريس سياسة القرب‪.‬‬
‫أوضح الخلفي أنه ال يوجد تقسيم مثالي‪ ،‬وأن الحكومة أخذت بعين االعتبار معطيات "موضوعية مرجحة‪ ،‬اقتصادية واجتماعية‬
‫ميدانية"‪ ،‬مشيرا إلى إدخال تعديالت على مقترح اللجنة االستشارية للجهوية‪.‬‬

‫وأفاد الوزير أن مشروع الجهوية المتقدمة هو نتاج "مشروع وطني‪ ،‬يشمل مختلف مناطق المملكة وجهاتها‪ ،‬بهدف تعميق‬
‫الديمقراطية المحلية‪ ،‬ورفع تحديات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وهو يندرج ضمن تنزيل مقتضيات الدستور"‪.‬‬

‫أكد الخلفي أن مشروع الجهوية المتقدمة يعزز من مصداقية وجدية المقترح المغربي(الحكم الذاتي في الصحراء)‪ ،‬خصوصا أنه‬
‫توازى مع وضع نموذج تنموي جديد لألقاليم الجنوبية‪.‬‬

‫كما أوضح أن هذا المشروع التنموي جاء بالموازاة مع العمل على المستوى الحقوقي من خالل المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫وعلى المستوى الثقافي من خالل اإلجراءات الحترام الخصوصية الثقافية الصحراوية الحسانية‪ ،‬كان آخرها دعم األعمال السينمائية‬
‫ذات الصلة‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫بعد دراسة مستفيضة لموضوع الجهوية‪ ،‬من المنظورين االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬يتضح أن المغرب ال يزال يعاني من تفاوتات‬
‫حقيقية بين الجهات‪ ،‬حيث يتميز توزيع الثروات حسب الجهات بتمركز كبير في الشريط الساحلي الممتد من طنجة إلى أكادير (الدار‬
‫البيضاء الكبرى‪ ،‬والرباط–سال–زمور‪-‬زعير‪ ،‬وسوس–ماسة‪-‬درعة‪ ،‬وطنجة‪-‬تطوان‪ ،‬ومراكش‪-‬تانسيفت‪-‬الحوز)‪ .‬وعلى الصعيد‬
‫االجتماعي‪ ،‬تنعكس هذه التفاوتات على قطاعات التعليم والصحة واالستفادة من الخدمات األساسية (الماء الصالح للشرب والكهرباء‬
‫والسكن)‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬تظهر دراسة المالية المحلية معطى بارزا‪ ،‬وهو أن الوضعية الحالية للجماعات المحلية عموما‬
‫والجهات خصوصا ال تتالءم‪-‬من حيث الموارد‪ -‬مع األهداف التي قد يتوخاها لها مشروع الجهوية المتقدمة‪ .‬وموازاة مع ذلك‪ ،‬تم‬
‫رصد اختالالت أخرى ذات الصلة بالتحصيل واإلمكانيات الجبائية واالقتراض‪ ،‬وكذا الموارد البشرية والمساطر المتعلقة‬
‫بالميزانية‪ .‬وهي إكراهات من شأنها أن تح ّد من قدرة الجماعات المحلية على تقديم خدمات عمومية مالئمة‪ ،‬ك ّما ونوعا‪ ،‬والمساهمة‬
‫الكاملة في التنمية االقتصادية واالجتماعية للمجاالت الترابية في إطار الجهوية المتقدمة‪ .‬لذا‪ ،‬من الضروري القيام بعملية تأهيل‬
‫اجتماعي قصد التصدي ألوجه النقص الكبرى المسجلة في ميادين الصحة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والبنيات الطرقية‪ ،‬والتزود بالماء الصالح‬
‫للشرب والكهرباء والسكن االجتماعي‪ .‬إال أن هذه العملية لوحدها لن تضمن تحقيق التكافؤ على المستوى الجهوي‪ ،‬إذ يجب تعزيزها‬
‫عن طريق استكشاف ووضع آليات تضامن فعالة تجس ُد التكامل والتالحم بين الجهات‪ .‬ومن شأن هذه اآلليات أيضا أن تساهم في‬
‫التخفيف من التداعيات المرتبطة بتمركز الثروات والتأخر عن ركب التنمية وكذا بالخصوصيات الجغرافية والديموغرافية لبعض‬
‫الجهات‪.‬‬

‫ويظل تعزيز قدرات الجهات على االنخراط بشكل تام في مشروع الجهوية المتقدمة رهينا إلى حد كبير بمختلف اإلصالحات‬
‫والتدابير التي سيتم اتخاذها بهدف تثمين وتنويع والرفع من الموارد المالية للجماعات لتمكينها من االضطالع بمهامها الجديدة‪ .‬إن‬
‫المصداقية السياسية للجهة تقتضي توفير مستوى من الموارد يفوق بشكل ملموس المستوى الحالي حتى يتسنى تنشيط وتحريك‬
‫عجلة التنمية االقتصادية واالجتماعية بدعم وانخراط من الفاعلين المحليين‪ ،‬سيما القطاع الخاص‪ .‬وينبغي أن تشمل هذه القفزة‬
‫النوعية الضرورية أيضا إعادة تجديد المساطر من أجل فتح المجال أمام تعزيز السياسة التعاقدية وتوفير قاعدة فعلية لعملية‬
‫الالتمركز‪ .‬يتعلق األمر إذن ببرنامج واسع يمتد لسنوات متعددة ويتطلب تنفيذه االلتزام بأمرين‪ :‬الوضوح والتدرج‪ .‬وإجماال‪،‬‬
‫وبصرف النظر ع ّما تعكسه من طموح‪ ،‬فإن مختلف توصيات اللجنة االستشارية للجهوية المتعلقة بهذا المجال يحكمها‪ ،‬رغم كل‬
‫شيء‪ ،‬هاجس الواقعية والمرونة‪ ،‬حيث روعي في وضعها أهمية التطورات المؤسساتية والوظيفية للمشروع والهوامش التي يتيحها‬
‫اإلطار الماكرو اقتصادي والمالية العمومية دعما لعملية إصالحية من هذا الحجم‪.‬‬

‫نالحظ أن مشروع القانون التنظيمي حول الجهة يسير عامة في اتجاه إعطاء الجهة دور أكبر مما كان عليه في السابق‪ ،‬لكن هذا‬
‫الدور مع ذلك يبقى محدودا ومتحكما فيه ‪،‬فرغم االختصاصات الواسعة و التقريرية و التعديالت الطفيفة التي جاءت بها‬
‫المشروع هنا وهناك فإنه ال يزال يعطي الوالي سلطة تفوق سلطة رئيس المجلس الجهوي وبالتالي يتحكم من ال سند شعبي له في‬
‫من له سند شعبي ‪،‬كما الزلنا نالحظ اتساع تدخالت السلطات الحكومية واحتكارها لتعيين مسؤولين جهويين ناهيك عن التحكم بكل‬
‫دقة متناهية في مصير الميزانية الجهوية ‪.‬وخالصة األمر يمكن القول أننا الزلنا في مرحلة الجهوية الناشئة بعدما كنا أمام جهوية‬
‫متخلفة مع قانون‪ 47-96‬الصادر في‪ 1997‬والزلنا لم نصل على مرحلة الجهوية المتقدمة التي تتطلب التأسيس لتوازن حقيقي‬
‫بين سلطات رئيس المجلس الجهوي و الوالي‬

You might also like