You are on page 1of 2

‫‪2023-2-19‬‬ ‫كلية الهندسة المعمارية ‪ /‬قراءة‪،‬كتابة‪،‬نقد وتفسير لكتابات معمارية‬

‫ساجدة عساكرة‬ ‫تلخيص مقال العمران فلسفة الحياة البن خلدون‬ ‫د‪.‬عمر يوسف‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فيلسوف العمران "ابن خلدون" ‪ ،‬نشأ في تونس في عائلة سياسية نزحت من إشبيليا ‪ ،‬أثرت‬
‫حياته والحقبة الزمنية التي عاشها في شخصيته ‪ ،‬حيث أنه واكب زمن سقوط األندلس وتزعزع‬
‫الحضارة اإلسالمية ‪ ،‬من الفتن التي توغلت بين الحكام المسلمين ‪ ،‬وهجمات األعداء ‪ ،‬وانتشار‬
‫الطاعون ‪ ،‬وتراجع الحكم اإلسالمي في تلك الفترة ‪ ،‬فسافر بين المدن وتعرف على الكثير من‬
‫الحضارات التي ذكرها في مقدمته ‪ ،‬ودرس العمران االجتماعي ‪ ،‬فحلل الظواهر التي أدت لنشوء‬
‫هذه الحضارات والمجتمعات ‪ ،‬وتطرق للعلوم والفنون وغيرها ‪ ،‬وبذلك حاول فهم العالقة بين هذه‬
‫العوامل المعنوية الغير ملموسة وبين االنسان ‪.‬‬

‫فأخضع الظواهر العمرانية للعقل والتفسير ‪ ،‬ففسر هذه العمارة لكل بلد بثالث أجيال ‪ ،‬األول جيل‬
‫البناء والعناية الذي غلب عليه القسوة وشراسة العيش والبداية ‪ ،‬أما الثاني فهو جيل االستبداد‬
‫بالحكم وظلم الحكام ‪ ،‬أما الثالث فهو جيل الترف ونسيان األهداف الرئيسية للحكم ‪ ،‬فبرأيه أنه‬
‫أول مؤشر لسقوط الحضارة ‪ ،‬حيث أن الحكام يلتفتون عن مهامهم نحو الترف والبذخ والشهوات‬
‫الشخصية كما عايش من حكام تلك الفترة ‪ ،‬فهو عاش في قصور الملوك ‪ ،‬وبالمقابل عاش مع‬
‫البدو ‪ ،‬فالحظ الفرق بين هذا وذاك ‪ ،‬لكنه من وجهة نظره رأى أن عمارة البدو هي أصل عمارة‬
‫الحضارات التي نتجت من خشونتهم ‪.‬‬

‫كتب د‪.‬خالد عزب عن مقدمة ابن خلدون ‪ ،‬وكان له بعض وجهات النظر التي تخالف ابن خلدون ‪،‬‬
‫من حيث المقارنة بين حياة البدو والمدن ‪ ،‬حيث أنه يرى أن أساس هذا االختالف هو وجه المبنى‬
‫وجحمه ‪ ،‬وانتقاله أو استقراره ‪ ،‬فالبدو هم مجتمع يُعرف بكثرة الترحال وعدم استقرارهم على‬
‫خالف المدن ‪ ،‬وببداية بيوتهم وعمراتهم أيضاً على خالف المدينة ‪ ،‬بل وإن البدو قد استقروا في‬
‫مواقع جغرافية مع قضاء حوائجهم فتراجع عنهم مفهوم الترحال ‪.‬‬
‫وكان د‪.‬خالد يوافق ابن خلدون في جمعه للعلوم التي تنتج مفهوم واسع وواضح حول علم‬
‫االجتماع وفهم العالقة بين الجانب المادي والروحي ‪ ،‬وأعجب بتفكيره ورأى أنه سابق لعصره‬
‫لفهمه الكثير من أساسيات الحضارة والعمران االجتماعي ‪.‬‬

‫وفي النهاية ‪ ،‬أوافق كالم ابن خلدون بمقولته المشهورة "المغلوب مولع أبداً باالقتداء بالغالب‬
‫في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده" ‪ ،‬وهذا ما فسره د‪.‬خالد في كتابه ‪ ،‬فضرب مثال‬
‫المشربية التي كان دوماً الهدف منها في العمارة اإلسالمية القديمة هو ستر الداخل وتوفير‬
‫مجرى للهواء ‪ ،‬أما اليوم في كتب المستشرقين نرى أن أبناء الدولة اإلسالمية أخذوا ظاهر الشيء‬
‫ال جوهره ‪ ،‬فأصبحت المشربية شكل من أشكال العمارة اإلسالمية شكالً ‪ ،‬والقوس وغيرها من‬
‫العناصر ‪ ،‬بل واقتصرت على المساجد وأماكن العبادة ‪ ،‬فبرأيي أن اإلنسان يجب عليه فهم الجوهر‬
‫وفهم الظروف التي واجهها اإلنسان البدائي للخروج بمثل هذه العمارة ‪ ،‬وبالتالي تطبيق‬
‫جوهرها ال شكلها ‪ ،‬فلو عدنا لمثال المشربية ‪ ،‬وفي هذا العصر "عصر التكنولوجيا" ‪ ،‬برأيي أنه‬
‫يمكن تطبيق جوهرها ومفهومها ال شكلها من خالل الواجهات التي تسمح للهواء بالتغير من حين‬
‫إلى حين داخل المبنى ‪ ،‬وأن تكون بصورة تكنولوجية وحديثة ‪ ،‬من خالل استعمال مواد تسمح لمن‬
‫هو داخل المبنى كشف الخارج ومنع العكس ‪ ،‬دون اللجوء لوضع شكل المشربية أو الغطاء المفرغ‪.‬‬

You might also like