Professional Documents
Culture Documents
ساجدة عساكرة تلخيص مقال العمران فلسفة الحياة البن خلدون د.عمر يوسف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيلسوف العمران "ابن خلدون" ،نشأ في تونس في عائلة سياسية نزحت من إشبيليا ،أثرت
حياته والحقبة الزمنية التي عاشها في شخصيته ،حيث أنه واكب زمن سقوط األندلس وتزعزع
الحضارة اإلسالمية ،من الفتن التي توغلت بين الحكام المسلمين ،وهجمات األعداء ،وانتشار
الطاعون ،وتراجع الحكم اإلسالمي في تلك الفترة ،فسافر بين المدن وتعرف على الكثير من
الحضارات التي ذكرها في مقدمته ،ودرس العمران االجتماعي ،فحلل الظواهر التي أدت لنشوء
هذه الحضارات والمجتمعات ،وتطرق للعلوم والفنون وغيرها ،وبذلك حاول فهم العالقة بين هذه
العوامل المعنوية الغير ملموسة وبين االنسان .
فأخضع الظواهر العمرانية للعقل والتفسير ،ففسر هذه العمارة لكل بلد بثالث أجيال ،األول جيل
البناء والعناية الذي غلب عليه القسوة وشراسة العيش والبداية ،أما الثاني فهو جيل االستبداد
بالحكم وظلم الحكام ،أما الثالث فهو جيل الترف ونسيان األهداف الرئيسية للحكم ،فبرأيه أنه
أول مؤشر لسقوط الحضارة ،حيث أن الحكام يلتفتون عن مهامهم نحو الترف والبذخ والشهوات
الشخصية كما عايش من حكام تلك الفترة ،فهو عاش في قصور الملوك ،وبالمقابل عاش مع
البدو ،فالحظ الفرق بين هذا وذاك ،لكنه من وجهة نظره رأى أن عمارة البدو هي أصل عمارة
الحضارات التي نتجت من خشونتهم .
كتب د.خالد عزب عن مقدمة ابن خلدون ،وكان له بعض وجهات النظر التي تخالف ابن خلدون ،
من حيث المقارنة بين حياة البدو والمدن ،حيث أنه يرى أن أساس هذا االختالف هو وجه المبنى
وجحمه ،وانتقاله أو استقراره ،فالبدو هم مجتمع يُعرف بكثرة الترحال وعدم استقرارهم على
خالف المدن ،وببداية بيوتهم وعمراتهم أيضاً على خالف المدينة ،بل وإن البدو قد استقروا في
مواقع جغرافية مع قضاء حوائجهم فتراجع عنهم مفهوم الترحال .
وكان د.خالد يوافق ابن خلدون في جمعه للعلوم التي تنتج مفهوم واسع وواضح حول علم
االجتماع وفهم العالقة بين الجانب المادي والروحي ،وأعجب بتفكيره ورأى أنه سابق لعصره
لفهمه الكثير من أساسيات الحضارة والعمران االجتماعي .
وفي النهاية ،أوافق كالم ابن خلدون بمقولته المشهورة "المغلوب مولع أبداً باالقتداء بالغالب
في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده" ،وهذا ما فسره د.خالد في كتابه ،فضرب مثال
المشربية التي كان دوماً الهدف منها في العمارة اإلسالمية القديمة هو ستر الداخل وتوفير
مجرى للهواء ،أما اليوم في كتب المستشرقين نرى أن أبناء الدولة اإلسالمية أخذوا ظاهر الشيء
ال جوهره ،فأصبحت المشربية شكل من أشكال العمارة اإلسالمية شكالً ،والقوس وغيرها من
العناصر ،بل واقتصرت على المساجد وأماكن العبادة ،فبرأيي أن اإلنسان يجب عليه فهم الجوهر
وفهم الظروف التي واجهها اإلنسان البدائي للخروج بمثل هذه العمارة ،وبالتالي تطبيق
جوهرها ال شكلها ،فلو عدنا لمثال المشربية ،وفي هذا العصر "عصر التكنولوجيا" ،برأيي أنه
يمكن تطبيق جوهرها ومفهومها ال شكلها من خالل الواجهات التي تسمح للهواء بالتغير من حين
إلى حين داخل المبنى ،وأن تكون بصورة تكنولوجية وحديثة ،من خالل استعمال مواد تسمح لمن
هو داخل المبنى كشف الخارج ومنع العكس ،دون اللجوء لوضع شكل المشربية أو الغطاء المفرغ.