You are on page 1of 212

KAYAN ALSHABAB

‫حقوق الطبع حمفوظة‬

‫شركة آفاق املعرفة للنشر والتوزيع‪١٤٤٢ ،‬هـ‬ ‫ح‬


‫فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية أثناء النرش‬
‫الركف‪ ،‬عبد اهلل بن محد بن عبد العزيز‬
‫ميثاق ‪ -‬مدخل إىل أركان اإليامن‪ /.‬عبد اهلل بن محد عبد العزيز‬
‫الركف ‪ -‬الرياض‪١٤٤٢ ،‬هـ‪.‬‬
‫‪٢١١‬ص؛ ‪ ٢٤ ×١٧‬سم‬
‫ردمك‪٩٧٨-٦٠٣-٩١٥٣٨-٥-٦ :‬‬
‫‪ - ٢‬اإليامن (اإلسالم)‬ ‫‪ - ١‬أركان اإلسالم ‬
‫أ‪ .‬العنوان‬

‫‪١٤٤٢/٦٨٧٢‬‬ ‫ديوي ‪٢٤٠‬‬

‫رقم اإليداع‪١٤٤٢/٦٨٧٢ :‬‬


‫ردمك‪٩٧٨-٦٠٣-٩١٥٣٨-٥-٦ :‬‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪١٤٤٢‬هـ ‪٢٠٢١ -‬م‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫‪11‬‬ ‫مقدمة ‪.....................................................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫مدخل معرفي ‪............................................................‬‬
‫‪33‬‬ ‫مدخل منهجي ‪...........................................................‬‬
‫‪53‬‬ ‫مفهوم اإليمان ‪............................................................‬‬
‫‪59‬‬ ‫أركان اإليمان ‪.............................................................‬‬
‫‪61‬‬ ‫الركن األول‪ :‬اإليمان باهلل تعالى ‪..............................‬‬
‫‪79‬‬ ‫الركن الثاني‪ :‬اإليمان بالمالئكة ‪................................‬‬
‫‪91‬‬ ‫الركن الثالث‪ :‬اإليمان بالكتب ‪..................................‬‬
‫‪103‬‬ ‫الركن الرابع‪ :‬اإليمان بالرسل عليهم الصالة والسالم ‪.........‬‬
‫‪119‬‬ ‫الركن الخامس‪ :‬اإليمان باليوم اآلخر ‪.........................‬‬
‫‪149‬‬ ‫الركن السادس‪ :‬اإليمان بالقدر ‪...............................‬‬
‫‪165‬‬ ‫آثار اإليمان باألركان الستة ‪............................................‬‬
‫‪171‬‬ ‫وسائل زيادة اإليمان ‪.....................................................‬‬
‫‪177‬‬ ‫نواقض اإليمان ‪...........................................................‬‬
‫‪187‬‬ ‫التعامل مع الشبهات ‪....................................................‬‬
‫‪199‬‬ ‫الخاتمة ‪...................................................................‬‬
‫‪203‬‬ ‫المصادر والمراجع ‪......................................................‬‬

‫‪7‬‬
‫الحمد لله والصالة والسالم على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫ٍ‬
‫خالصات‬ ‫سعيت فيه إلى تقييد‬
‫ُ‬ ‫علمي لفقه «اإليمان»‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫مدخل‬ ‫فهذا الكتاب‬
‫ٌّ‬
‫يت فيه مناسبة عموم القراء‪.‬‬
‫توخ ُ‬ ‫ٍ‬
‫بأسلوب َّ‬ ‫ٍ‬
‫شاملة لقضاياه‪،‬‬ ‫مرك ٍ‬
‫َّزة‬

‫وقد كان جوهر الكتاب متع ِّل ًقا بأركان اإليمان الستة‪ ،‬فذكرت في ٍّ‬
‫كل منها‬
‫تضمن‬ ‫ركن من خصوصي ٍ‬
‫ات معرف َّية‪ ،‬كما‬ ‫كل ٍ‬ ‫يختص به ُّ‬ ‫حقيقتَه وثمراتِه‪ ،‬مع ما‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫النظر في وسائل زيادة اإليمان‪ ،‬وما يناقضه‪.‬‬
‫َ‬ ‫الكتاب‬

‫وضع ُأ ُط ٍر‬
‫َ‬ ‫الغرض منهما‬
‫ُ‬ ‫ومنهجي‪ ،‬كان‬
‫ٍّ‬ ‫معرفي‬
‫ٍّ‬ ‫قدمت الكتاب بمدخلين‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫َ‬
‫البحث في مصادر‬ ‫فتضمن المدخل األول‬
‫َّ‬ ‫ك ِّل َّي ٍة لدارس المعتقد ومتع َّلقات اإليمان‪،‬‬
‫ضت‬
‫تعر ُ‬
‫المعرفة‪ ،‬ومكانة الوحي‪ ،‬وعالقته بالعقل والعلم‪ .‬وفي المدخل الثاني َّ‬
‫لمصادر التلقي‪ ،‬وحجية السنة‪ ،‬وقواعد االستدالل‪.‬‬

‫ثم ختمت الكتاب بما يتصل بمنهج التعامل مع الشبهات‪ ،‬ليكون المسلم على‬
‫ٍ‬
‫شبهات‪.‬‬ ‫عرض له من‬ ‫ٍ‬
‫بصيرة فيما َي ِ‬

‫تفضل بمراجعة مسودة الكتاب‪ ،‬وأفادني‬


‫هــذا‪ ،‬وأتقدم بالشكر لكل من ّ‬
‫بمالحظته ورأيه‪.‬‬

‫خالصا لوجهه‪ ،‬ناف ًعا لكاتبه وقارئه ودارسه‪.‬‬


‫ً‬ ‫والل َه أسأل أن يجعل هذا الكتاب‬

‫‪9‬‬
‫مقدمة‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على أشــرف األنبياء وخير‬


‫المرسلين‪ ،‬نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ..‬أما بعد‪:‬‬

‫َّ‬
‫فإن اإلنسان بفطرته كائن يميل إلى اإليمان‪ ،‬فهو محتاج بالضرورة إلى ركن‬
‫يستمد منه االطمئنان‪ ،‬واالستقرار النفسي واألمــان‪ ،‬يحتاج إلى ميزان يزن به‬
‫احتياجات نفسه وفطرته ومتطلبات وجوده‪ ،‬يحتاج إلى إيمان يسكن إليه عندما‬
‫تثور في عقله أسئلة الوجود الكبرى‪ ،‬ما هذه الحياة؟ ومن أين جئت؟ ولماذا؟ وماذا‬
‫بعدها؟ فالحياة بال إيمان‪ ،‬حياة بال معنى‪َّ .‬‬
‫إن هذه األسئلة مشروعة لكل إنسان‪،‬‬
‫فهي أسئلة المعنى‪ ،‬بل من دونها ال يكون اإلنسان إنسا ًنا‪ .‬هذه األسئلة نابعة من‬
‫أعماق النفس اإلنسانية التي ال يختلف على أهميتها اثنان مهما تنوعت الثقافات‬
‫والمشارب‪ ،‬ومن فقد اإلجابة عن هذه األسئلة عاش فاقدً ا للمعنى في الحياة‬
‫والفائدة من ورائها‪ ،‬وأصبحت قِ َيمه ومبادئه سائلة‪ ،‬ال يميز صوا ًبا من خطأ‪ ،‬بل‬
‫تجده يلهث وراء الملهيات والملذات هر ًبا من ضغط فقدان معنى الحياة‪.‬‬

‫فإن أعظم واجب ُك ِّلف به اإلنسان هو تعلم اإليمان الذي يحقق له‬
‫وعليه َّ‬
‫معنى الحياة‪ ،‬ولذلك َّ‬
‫فإن تعلم اإليمان الصحيح ودراسته من أهم المهمات‬
‫التي يحتاج إليها المسلم‪ ،‬فبالعلم يصحح إيمانه‪ ،‬وبالعلم يكون العمل‪َّ .‬‬
‫إن‬
‫حقائق اإليمان تضبط الفكر‪ ،‬وتوجه العمل‪ ،‬وتشكل القيم‪ ،‬وتوزن بها كل‬
‫شؤون الحياة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫لماذا الحديث عن أركان اإليمان؟‬

‫َّ‬
‫إن من األهداف الرئيسة للحديث عن اإليمان أ َّنه يعيد الحياة إلى القلب ويزيد‬
‫عالما بأسباب وجوده‪ ،‬عار ًفا‬
‫انشراحه ونوره‪ ،‬ويجعل اإلنسان مدركًا لطبيعة خلقه‪ً ،‬‬
‫للطريقة الصحيحة التي يجب أن يعيش بها ويموت عليها‪ .‬هذه الحياة المستمرة‬
‫للقلوب تتطلب زا ًدا معرف ًّيا وعمل ًّيا ال يستطيع المؤمن أن يذوق حالوة اإليمان‬
‫الحقيقي إال به‪ ،‬فبالعلم يعرف حقيقة الطريق‪ ،‬ويتحرر من سيطرة هواه ورغباته‬
‫النفسية والدنيوية‪ ،‬وبالعمل يزداد مستوى اإليمان في قلبه ويرسخ ويرتقي مراقي‬
‫الفالح‪ ،‬فاإليمان طائر أحد جناحيه العلم‪ ،‬واآلخر العمل‪.‬‬
‫فإذا توازن األمران تحققت لإلنسان مرتبة اإلحسان‪ ،‬وهي‪َ :‬‬
‫«أ ْن تَع ُبدَ ال َّل َه كَأنَّك‬
‫اك» (رواه البخاري‪ ،)4777:‬ف ُي ْح ِسن المؤم ُن في عبادته‬ ‫فإن َل ْم َتك ُْن َت َرا ُه فإنَّه َي َر َ‬
‫تراه‪ْ ،‬‬
‫متطل ًبا تحقيق أركانها وشروطها وواجباتها وسننها‪ ،‬و ُي ْح ِسن في تعامله مع الخلق‬
‫متطل ًبا كمال النصح والصدق واإلحسان لهم‪ ،‬وبعد هذا وذاك يحرص على االبتعاد‬
‫عن آفات األعمال واألقوال التي ُتبطلها أو ُتنقصها‪ ،‬ألنه يرى الله في جميع شأنه‬
‫وعمله وقوله‪ .‬وإن لم يصل المؤمن إلى رتبة المشاهدة‪ ،‬انتقل إلى الرتبة التي تليها؛‬
‫وهي أن يعلم أنه يعمل على مرأى من الله ومسمع‪ ،‬فيجتهد غاية االجتهاد في إتقان‬
‫العمل‪ ،‬وتكون مشاعره منطلقة من وحي إيمانه‪ ،‬فإنه بهذا يستكمل اإليمان‪َّ ،‬‬
‫ألن‬
‫اإليمان» (رواه أبو‬ ‫لله‪ ،‬فقد استكمل‬ ‫لله‪ ،‬ومنع ِ‬
‫لله‪ ،‬وأع َطى ِ‬‫لله‪ ،‬وأبغض ِ‬‫«من أحب ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫خص هذه األفعال‬‫داود‪ ،)4681:‬أي‪َ :‬من جعل حياته ك َّلها لله؛ كمل إيمانه‪ ،‬وإ َّنما َّ‬
‫األربعة‪ ،‬أل َّنها حظوظ نفسية‪ ،‬ومن استطاع أن يجعل هذه األمور لله تعالى‪ ،‬كان‬
‫على غيرها أقدر‪.‬‬

‫وعندما يصل المؤمن إلى هذه المنزلة الرفيعة من اإليمان؛ تتحقق له مكانة‬
‫خيرا‪ ،‬ومن ٍ‬
‫خير وإلى خير‪ ،‬قال النبي ﷺ‪َ « :‬ع َج ًبا ألَ ْمرِ‬ ‫جميع ِ‬
‫أمره ً‬ ‫ُ‬ ‫عجيبة‪ ،‬إذ يكون‬

‫‪12‬‬
‫ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ذاك ألَ َحد َّإل ل ْل ُم ْؤم ِن‪ْ ،‬‬
‫إن أصا َب ْت ُه َس َّرا ُء َشك ََر‪َ ،‬ف َ‬
‫كان‬ ‫الم ْؤم ِن‪ ،‬إِ َّن ْأم َر ُه ُك َّل ُه َخ ْي ٌر‪َ ،‬‬
‫وليس َ‬ ‫ُ‬
‫وإن أصا َب ْت ُه َض َّرا ُء‪َ ،‬ص َب َر َف َ‬
‫كان َخ ْي ًرا له» (رواه مسلم‪ ،)2999:‬فالمؤمن‬ ‫َخ ْي ًرا له‪ْ ،‬‬
‫فقط هو من ُي ْؤ َجر في األحوال ك ِّلها‪ ،‬و ُيقيض الله له من األسباب التي يحصل له‬
‫فيها رفع الدرجات‪ ،‬ومغفرة الذنوب‪ ،‬وتكثير الحسنات‪ ،‬سواء كان ذلك مما ُيجريه‬
‫عليه من األمور السارة التي تستوجب الشكر‪ ،‬أو األمور الضارة التي تستوجب‬
‫الصبر‪ .‬فإذا عرف المؤمن هذه الحقيقة كان متقل ًبا بين الشكر والصبر‪ ،‬وربما أفضى‬
‫به األمر في مثل هذه األمور المكروهة إلى أن ينتقل من الصبر إلى الرضا‪ ،‬فيكون‬
‫قدر الله تعالى له‪ ،‬وهذه منزلة عالية من منازل اإليمان‪.‬‬
‫راض ًيا بما َّ‬

‫وتعليما‪ ،‬فهو‬
‫ً‬ ‫وعمل‬
‫ً‬ ‫تعلما‬
‫فمن أراد الحياة الحقيقية فال بد له أن يبدأ باإليمان ً‬
‫الطريق إلى الله وال طريق إليه سواه‪ ،‬وهو األصل الذي تبنى عليه رؤية اإلنسان‬
‫لنفسه وخلقه ووجوده ووجود العالم من حوله‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مدخل معرفي‬
‫قبل البداية في دراسة أركان اإليمان‪ ،‬يحسن بنا ْ‬
‫أن نبدأ بمقدمة مختصرة عن‬
‫مصادر المعرفة والعالقة بينها في عدة مسائل‪ ،‬وذلك َّ‬
‫ألن كل بناء معرفي يعتمد‬
‫على مصادر محددة في تكوين المعرفة‪ ،‬والتي ينطلق منها في اإلجابة عن أسئلة‬
‫الوجود الكبرى وغيرها‪ .‬فمن المصادر ُتبنى المعارف‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن مصادر المعرفة‪ ،‬والعالقة فيما بينها في أربع مسائل‪،‬‬


‫وهي‪:‬‬

‫مصادر المعرفة‪ ،‬ومعرفة الدين الصحيح‪ ،‬والعالقة بين العقل والدين‪ ،‬والعالقة‬
‫بين العلم والدين‪.‬‬

‫المسألة األولى؛ مصادر المعرفة‪:‬‬

‫ومن حوله والعالم أجمع‪ ،‬تحوي‬ ‫َّ‬


‫إن لكل إنسان رؤية كونية ينظر بها إلى نفسه َ‬
‫نظاما معرف ًّيا يختص بها‪ ،‬وتصديقات إيمانية تقوم عليها‪ ،‬وبها يستطيع‬
‫هذه الرؤية ً‬
‫يكون الحقائق ويستمد المعلومات‪ ،‬ومن ثم يبني عليها مسيرته المعرفية‬ ‫اإلنسان ْ‬
‫أن ِّ‬
‫في هذه الحياة‪ .‬ومن أهم قواعد هذه النظم المعرفية‪ :‬مصادر المعرفة‪ ،‬وقد تسمى‬
‫وسائل المعرفة أو أصول المعرفة‪.‬‬

‫ومصادر المعرفة هي األوعية التي يكتسب منها اإلنسان معرفته‪ ،‬ويبني عليها‬
‫وتفسيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فهما‬
‫كيان رؤيته وقيمه ونظرته لنفسه ولألشياء من حوله ً‬
‫ومن أهم ما يجب معرفته في هذه المسألة‪:‬‬

‫أن مصادر المعرفة متعددة‪ ،‬فمنها ما نقل إلينا بالخبر كالوحي وغيره‪ ،‬ومنها‬
‫‪َّ 1.1‬‬
‫أن نعقل َّ‬
‫أن الكل أكبر من الجزء‪ ،‬ومنها ما نشاهده‬ ‫ما نعرفه بالعقل مثل‪ْ :‬‬

‫‪17‬‬
‫أو نشمه أو نسمعه أو نتذوقه بالحواس‪ ،‬ومنها ما ندركه بالحدس‪ ،‬ومنها‬
‫إلهام يقذف هكذا في القلب دون مقدمات معينة‪ ،‬ومنها ما نتعرف إلى حقيقته‬
‫بالتجربة‪ ،‬ومنها اإلجماع اإلنساني‪ ،‬وهو اتفاق البشر التلقائي الفطري على‬
‫بعض القضايا‪ ،‬على الرغم من اختالف الظروف‪ ،‬والعادات‪ ،‬والمعتقدات‬
‫بين المجتمعات‪ ،‬وفي هذا إشارة إلى وجود طبيعة إنسانية عامة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫مصدرا من هذه المصادر‬


‫ً‬ ‫ومن غ َّيب‬
‫‪2.2‬وجوب استخدام كل مصدر في مجاله‪َ ،‬‬
‫عاجزا عن الوصول إلى الحقيقة في بعض األمور‪ ،‬ومن‬
‫ً‬ ‫أو تجاهله؛ سيكون‬
‫أراد الحقيقة فعليه بالتوازن وذلك باستخدام كل مصدر في مجاله‪.‬‬

‫‪َّ 3.3‬‬
‫أن العالقة بين تلك المصادر عالقة تكاملية‪ ،‬وهذا يتمثل في أمور‪ ،‬أولها‪:‬‬
‫بعضا ويستحيل التعارض بينها‪ ،‬ألنَّها كلها‬
‫أن هذه المصادر يصدق بعضها ً‬
‫َّ‬
‫أن كل مصدر يعمل في‬
‫من عند الله سبحانه وتعالى فأصلها واحد‪ ،‬وثانيها‪َّ :‬‬
‫مكمل لبقية المصادر‪.‬‬
‫ً‬ ‫مجاله‬

‫وال يلزم استخدام كل هذه المصادر م ًعا في وقت واحد لتحصيل معرفة‬
‫واحدا في مجاله الصحيح فإنه يكفي في تحصيل‬
‫ً‬ ‫مصدرا‬
‫ً‬ ‫محددة‪ ،‬فلو استخدمنا‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫‪4.4‬تعتمد آلية تحديد المصدر على المجال المعرفي‪ ،‬إذ عندنا عا َلمان؛ عا َلم‬
‫الغيب‪ ،‬وعا َلم الشهادة‪ ،‬أما عالم الغيب فال يوجد إال مصدر واحد للتعرف‬
‫إلى تفاصيله وهو الوحي‪ْ ،‬‬
‫وإن كان العقل قد يتعرف إلى بعض قضاياه‬
‫ً‬
‫إجمال‪ ،‬وأما عالم الشهادة‪ ،‬فهناك عدة مصادر للتعرف إليه‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫الكبرى‬
‫الخبر والعقل والحس‪ .‬وهذه المصادر كلها تتكامل وال تتعارض‪.‬‬

‫القطعية يستحيل أن تتعارض سواء كان مصدرها‬


‫َّ‬ ‫أن الحقائق‬
‫أن نُوقن َّ‬
‫ويجب ْ‬
‫دائما على الظني مهما كان مصدره‪.‬‬
‫يقدم ً‬
‫وأن القطعي َّ‬
‫الخبر أو العقل أو هما م ًعا‪َّ ،‬‬

‫‪18‬‬
‫وهذه التكامل بين المصادر ال يعني أ َّنها متساوية في القوة أو الدرجة‪ ،‬فهي‬
‫تتفاوت فيما بينها في تحصيل اليقين‪ ،‬فالعلم الصحيح المتلقى من الوحي هو الحق‬
‫المطلق الذي يجب اتباعه‪ ،‬أل َّنه علم مباشر من علم الله تعالى الذي ال يعتريه نقص‬
‫وال يشوبه قصور‪ ،‬فهو المصدر المعصوم والميزان الذي توزن به المفاهيم‪.‬‬

‫أن المعرفة في اإلسالم ليست ذات طابع واحد‪ ،‬فمنها المعرفة الغيبية‪،‬‬
‫‪َّ 5.5‬‬
‫والمعرفة الحسية‪ ،‬والمعرفة العقلية‪ ،‬وغيرها‪ .‬وهذه المعارف المتعاضدة‬
‫التي ُتستمد من عالم الشهادة بالحس والعقل‪ ،‬ومن عالم الغيب بالخبر‬
‫صحيحا‪ ،‬وتجربة‬
‫ً‬ ‫ونظرا‬
‫ً‬ ‫(الوحي)‪ ،‬هي معارف تقدم رؤية كونية متكاملة‪،‬‬
‫استقرارا ضرور ًّيا للبناء المعرفي‬
‫ً‬ ‫سديدا‪ ،‬وهذا التكامل يولد‬
‫ً‬ ‫ثرية‪ ،‬ورأ ًيا‬
‫اإليماني‪.‬‬

‫أن من طبيعة المعرفة في اإلســام أنها تقدم األجوبة العملية وتورث‬


‫‪َّ 6.6‬‬
‫االستقرار المعرفي‪ ،‬فغايتها التعرف إلى الله سبحانه وتعالى‪ ،‬واقتضاء‬
‫العلم العمل‪ ،‬ال إثارة اإلشكاالت المستعصية على الحل‪.‬‬

‫‪َّ 7.7‬‬
‫أن معرفتنا بمصادر المعرفة تقودنا إلى فهم التوجهات الفكرية والمدارس‬
‫الفلسفية التي ُتبنى عليها‪ ،‬وهذا بدوره يجعلنا نفهم طبيعة الصراع بين‬
‫المذاهب الفكرية وأسباب النزاع بين نظيرات المعرفة المختلفة‪ ،‬إذ لكل‬
‫مذهب فكري مصادر َت ْحكم معارفه وتنظمها‪ ،‬وتتميز الرؤية المعرفية‬
‫في اإلسالم عن بقية المذاهب والمدارس الفلسفية بالتكامل واالتساق‬
‫والشمول واالتساع الذي يعترف بالمصادر المعرفية الصحيحة كلها‪،‬‬
‫بخالف المذاهب األخرى التي ضيقت واختزلت المصادر وحصرت‬
‫طريقها في طريق واحد‪ ،‬أو جعلت هذا الطريق هو الحاكم على بقية‬
‫الطرق‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المسألة الثانية؛ معرفة الدين الصحيح‪:‬‬

‫حري بنا هنا أن نوظفه‬


‫ٌّ‬ ‫أن تعرفنا إلى مصادر المعرفة‪ ،‬وذكرنا َّ‬
‫أن منها العقل‪،‬‬ ‫بعد ْ‬
‫في التمييز بين األديان لمعرفة الدين الصحيح‪ .‬إذ تدلنا مبادئ العقل الصحيحة على‬
‫وقدر مقاديره‪،‬‬ ‫خالق ٍ‬
‫عليم قدير خلقه َّ‬ ‫ِ‬
‫وجود ٍ‬ ‫أن هذا الكون البديع المخلوق ُّ‬
‫يدل على‬ ‫َّ‬
‫فالخالق ُي َع ِّلم المخلوقات الغاية‬
‫ُ‬ ‫ومن تمام الحكمة والعدل اإللهي‪ :‬إرسال الرسل‪.‬‬
‫من خلقهم‪ ،‬وهذا التعليم يكون عن طريق الرساالت التي تد ُّلهم على طريق الهداية‬
‫تدعي‬
‫الحق واحد ال يتعدد‪ ،‬وأن معظم األديان َّ‬
‫وكيفية تحقيق الغاية‪ .‬وإذا علمنا أن َّ‬
‫حق‪َّ ،‬‬
‫وأن النبوة قد ختمت‪ ،‬فال وجود ألنبياء معاصرين يدلون الناس على‬ ‫أنها على ٍّ‬
‫الحق‪ ،‬فكيف يمكننا إ ًذا معرفة الدين الصحيح م ْن بين ِّ‬
‫كل هذه األديان؟‬ ‫ِّ‬

‫ ‪-‬إذا حاولنا أن نضع بعض المعايير التي نميز بها الدين الذي يصح ْ‬
‫أن يكون‬
‫خاتما لألديان الصحيحة من بين سائر األديان الباطلة التي نراها اليوم‪،‬‬
‫ً‬
‫فال بد أن يكون في رأس تلك المعايير ما يلي‪:‬‬

‫‪ْ 1.1‬‬
‫أن يكون الدين وح ًيا سماو ًّيا من الخالق وليس من صناعة البشر‪( .‬ديانة‬
‫سماوية)‬

‫ويعرف الخلق به‪( .‬فطرة التوحيد)‬ ‫‪ْ 2.2‬‬


‫أن يدعو إلى إفراد الخالق وحده بالعبادة ِّ‬
‫متناقضا وال مختل ًفا‪ ،‬وإنما يشهد بعضه لبعض‪( .‬االتساق‬
‫ً‬ ‫‪3.3‬أال يكون‬
‫الداخلي)‬

‫‪ْ 4.4‬‬
‫أن يتضمن ما يحفظ على الناس الضرورات الخمس‪ ،‬ويضمن مبدأ العدالة‪،‬‬
‫شامل يغطي مجاالت الحياة المختلفة‪( .‬الشمولية)‬
‫ً‬ ‫وأن يكون‬

‫مختصا بقوم أو فئة‪.‬‬


‫ًّ‬ ‫‪ْ 5.5‬‬
‫أن يكون للناس كافة ورحمة للعالمين‪ ،‬وليس‬
‫(العالمية)‬

‫‪20‬‬
‫‪ْ 6.6‬‬
‫أن يتضمن إجابة مقنعة عن أسئلة اإلنسان الكبرى‪ :‬من نحن؟ ومن أين‬
‫أتينا؟ وماذا يجب علينا؟ وإلى أين نذهب؟ (معنى الحياة)‬

‫‪ْ 7.7‬‬
‫أن يأمر بمكارم األخالق وينهى عن مساوئها‪( .‬الرقي األخالقي)‬

‫‪8.8‬أال يتعارض مع المعارف القطعية األخرى‪( .‬االتساق الخارجي)‬

‫صالحا للتطبيق في كل زمان ومكان‪( .‬الصالحية الواقعية)‬


‫ً‬ ‫‪ْ 9.9‬‬
‫أن يكون‬

‫قادرا على إثبات أصالته والحفاظ عليها‪( .‬الحفظ والسالمة من‬ ‫‪ْ 1010‬‬
‫أن يكون ً‬
‫التحريف)‬

‫ولو تأملنا األديان لوجدناها تنقسم قسمين‪:‬‬

‫ ‪-‬أديان تدعو لعبادة الله خالق الكون‪.‬‬

‫ ‪-‬وأديان وضعية تدعو لعبادة المخلوقات؛ كاألصنام والحيوانات والبشر‪.‬‬

‫والعقل السليم يحكم ببطالن عبادة ما صنعناه نح ُن بأيدينا من التماثيل‪ ،‬أو ما‬
‫عاجزا مخلو ًقا كالحيوانات والبشر‪ ،‬وبناء على ذلك سنستبعد كل الديانات‬
‫ً‬ ‫رأيناه‬
‫منزلة من عند الله تعالى‪،‬‬
‫األرضية الوضعية‪ ،‬ويبقى عندنا الشرائع التي تدَّ عي أ َّنها َّ‬
‫وهي‪ :‬اليهودية‪ ،‬والنصرانية‪ ،‬واإلسالم‪.‬‬

‫أما اليهودية والنصرانية فقد طال التحريف مصادرهما‪ ،‬وهذه الحقيقة ثابتة‬
‫بالدليل عند المحققين من الباحثين في علم األديان‪ .‬واألمر اآلخر ‪-‬وهو األهم‪-‬‬
‫َّ‬
‫أن اليهودية والنصرانية قد فقدتا جوهر رسالتيهما وهو التوحيد الخالص‪ ،‬وعليه‬
‫بقي لدينا اإلسالم‪ ،‬فهو ناسخ للشرائع قبله‪ ،‬مع أنه أوجب اإليمان بها جملة‪ ،‬ويمتاز‬
‫اإلسالم كذلك بأمور أخرى‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪َّ 1.1‬‬
‫أن اإلســام رسالة عالمية لكل الناس‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫النبي ُي ْب َع ُ‬
‫ث‬ ‫ُّ‬ ‫«وكان‬
‫َ‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ﴾ [سبأ‪ ،]28:‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫ت إلى النَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اس َكا َّفةً» (رواه البخاري‪.)438:‬‬ ‫اصةً‪ ،‬و ُبع ْث ُ‬
‫إلى َق ْومه َخ َّ‬
‫أن سنة رسول اإلسالم ﷺ محفوظة‪ ،‬فقد َح َف َظ ْت لنا دواوين السنة والسيرة‬
‫‪َّ 2.2‬‬
‫كل أفعاله وأقواله‪ ،‬وليس أقواله فقط بل حتى سكتاته ﷺ‪.‬‬

‫الفت للنظر‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬ ‫‪َّ 3.3‬‬
‫أن نصوص اإلسالم محفوظة كلها بأدق تفاصيلها‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫يصعب أن يكون بقدرة البشر لمدة ‪ 1400‬عام دون تقدير من الخالق‬
‫العظيم‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ﴾ [فصلت‪ ،]42:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾‬
‫[الحجر‪.]9:‬‬

‫‪َّ 4.4‬‬
‫أن تصور اإلسالم عن الخالق تصور متسق واضح يقبله العقل السليم دون‬
‫أي تعقيد أو اضطراب‪.‬‬

‫‪َّ 5.5‬‬
‫أن القرآن ليس فيه تناقضات وأخطاء إن سلكنا في فهمه السبيل الصحيح‪،‬‬
‫ولو كان من كالم البشر لوجدنا فيه تناقضات كثيرة‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾‬
‫[النساء‪.]82:‬‬

‫يفسر لنا فلسفة الكون واألحداث بطريقة مقتصدة‪ ،‬ومقبولة‬ ‫‪َّ 6.6‬‬
‫أن اإلسالم ِّ‬
‫للعقل‪ ،‬وسهلة وواضحة‪.‬‬

‫‪َّ 7.7‬‬
‫أن أحكام الشريعة اإلسالمية سمحة ميسرة عن بقية الشرائع قبله‪ ،‬وعند‬
‫رؤية الشريعة كامل ًة تتضح معالم الجمال والكمال فيها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮪ‬
‫ين ُي ْس ٌر»‬
‫الد َ‬
‫«إن ِّ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ﴾ [الحج‪ ،]78:‬وقال ﷺ‪َّ :‬‬
‫(رواه البخاري‪.)39:‬‬

‫‪َّ 8.8‬‬
‫أن اإلســام ختم الله به عقد األديــان‪ ،‬فكل دين سماوي سبقه قد َب َّشر‬
‫به‪ ،‬ويمتنع أن يأتي دين بعده أو أفضل منه‪ ،‬فهو خاتم األديان وأكملها‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫فال وجود لدين حق سوى دين اإلسالم‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ‬
‫ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ‬
‫ﯦ ﯧ﴾ [آل عــمــران‪ ،]82-81:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭻ ﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ﴾ [المائدة‪.]3:‬‬

‫والخالصة‪ :‬أن الدين الصحيح الصالح لكل زمان ومكان‪ ،‬هو ما كان وح ًيا‬
‫محفو ًظا من عند الله تعالى‪ .‬وإذا َن َظرنا في اإلسالم وجدنا أ َّنه قد حاز سمات الدين‬
‫صحيحا عن قيمة‬
‫ً‬ ‫تصورا‬
‫ً‬ ‫الصحيح‪ ،‬فتعاليمه شامل ٌة لمطالب الدين والدنيا‪ ،‬ويمنح‬
‫الحياة‪ ،‬وليس فيه ما يناقض العلم الطبيعي الصحيح‪ ،‬بل يدعو إلى العلم الصحيح‬
‫أيضا رسالة عالمية ال يختص بها قوم دون قوم أو زمان دون زمان‪،‬‬
‫بأنواعه‪ .‬وهو ً‬
‫ً‬
‫ومنقول إلينا بطريقة متواترة ناسخة‬ ‫ويملك كتا ًبا محفو ًظا من التبديل والتحريف‬
‫لكل دين سماوي قبله‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ﴾ [المائدة‪ ،]3:‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾ [األنعام‪.]115:‬‬

‫المسألة الثالثة؛ العالقة بين العقل والدين‪:‬‬

‫قد يرد تساؤل عند بعضهم‪ :‬ماذا لو تعارض الدين مع العقل؟!‬

‫هذا السؤال قد ُيوحي بأن العقل قسيم للدين‪ ،‬وأن العقل ال تسليم فيه‪ ،‬وأن‬
‫الدين ال عقل فيه‪ ،‬وهذا غير صحيح‪ ،‬فالعقل من الدين‪ ،‬وهو أداة من أدوات‬
‫فهم الدين‪ ،‬به تثبت جملة من أحكام الشريعة‪ ،‬وهو مناط التكليف‪ ،‬والمحافظة‬
‫عليه ضرورة من الضرورات الخمس التي جاء بحفظها الدين‪ .‬ولكننا قد نجد من‬
‫ُي َع ِّظم مصدرية العقل في المعرفة‪ ،‬ويجعله المصدر الوحيد ‪-‬وهذا متعذر فحتى‬

‫‪23‬‬
‫المعرفة العقلية في تسلسلها ال بد أن تنتهي إلى معرفة مبنية على التسليم‪ ،-‬وهذا‬
‫المنهج كما تقدم معنا خطأ في البناء المعرفي الذي ال يتم بنيانه إال على أعمدة‬
‫التكامل والتوازن واالتساع بين المصادر‪ .‬وهنا ال بد من التنبيه على أمور يجب أن‬
‫يستحضرها من يدعو لالعتماد على العقل وحده‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أن العقل محدود اإلدراك ال يدرك كل شيء؛ فالعقل مهما‬


‫األمر األول‪ :‬معرفة َّ‬
‫بلغ من القوة والذكاء فهو أداة مخلوقة تربطنا بالعالم من حولنا‪ ،‬وكل ما هو مخلوق‬
‫مثل لها مدى ينتهي عنده مقدرتها على اإلبصار فال‬
‫فهو بالضرورة محدود‪ .‬فالعين ً‬
‫تدرك ما وراءه‪ ،‬والسمع له مدى ينتهي عنده فال يسمع ما بعده‪ ،‬وكذلك الشأن في‬
‫العقل أداة اإلدراك‪َّ ،‬‬
‫فإن له مجاله المحدود الذي يعمل فيه‪ ،‬ويعجز عن إدراك كثير‬
‫من األمور التي تغيب عنه‪.‬‬

‫إن المجاالت التي ال يصح ْ‬


‫أن يعمل فيها العقل وحده فقط ‪-‬مثل اإللهيات‬ ‫َّ‬
‫والغيبيات واألحكام التعبدية واألخبار الشرعية‪ -‬هي الحدود التي يجب أن‬
‫يتوقف عندها‪ ،‬و ُي َس ِّلم الراية للمصدر المعرفي الذي قرر العقل صوابيته قبل ذلك‪،‬‬
‫وآمن بصحة خبره وهو الوحي‪ .‬إذ ما أنزل الله الوحي إال َّ‬
‫ألن اإلنسان ال يستطيع‬
‫الوصول إلى تفاصيل الهدايات التي جاء بها الوحي بعقله فقط‪ ،‬وال يعني هذا بوجه‬
‫من الوجوه أن هذه المعارف تضاد العقل‪ ،‬بل هو مستطيع أن يدرك كليات قضاياها‪،‬‬
‫لكن تفاصيلها تفوق قدرات العقل المحدودة؛ فال بد لنا من مصدر معرفي آخر‬
‫يعين العقل على الوصول للمعرفة في هذه األبواب‪.‬‬

‫مجمل؛ فالعقل‬
‫ً‬ ‫يكون إدرا ًكا‬
‫ُ‬ ‫أن إدراك العقل للقضايا الكلية‬
‫األمر الثاني‪ :‬معرفة َّ‬
‫مثل ُحسن العدل وقبح الظلم‪ ،‬لكنه يعجز عن تقويم كل فع ٍل‪ :‬هل هو عدل‬
‫يدرك ً‬
‫أو ظلم؟ حسن أو قبيح؟ وهذا يفسر التفاوت الكبير الذي يعرض للناس في تقويم‬
‫كثير من المسائل‪ ،‬متى كان المرجع هو العقل وحده‪َّ .‬‬
‫إن العقل بحاجة إلى مصدر‬

‫‪24‬‬
‫جزاء؛‬
‫ً‬ ‫مجمل َّ‬
‫أن في الحياة اآلخرة‬ ‫ً‬ ‫معرفي آخر يسنده‪ ،‬فإذا أدرك العقل إدراكًا‬
‫خفيت عليه أحجام أو أبعاد بعض األشياء؛ يأتي‬
‫ْ‬ ‫يأتي الوحي ببعض تفاصيله‪ ،‬وإذا‬
‫الحس ببعض تفاصيله‪ ،‬وقد يتوهم العقل شي ًئا؛ فتأتي التجربة معارضة له بالدليل‪.‬‬

‫فالمصادر المعرفية األخرى في الحقيقة تسند العقل وتعطيه حقه ومكانته‪ ،‬بل‬
‫يوصف أمر ما بأ َّنه عقلي؛ مع َّ‬
‫أن الحس قد شارك في تقديره‬ ‫وكثيرا ما َ‬
‫ً‬ ‫ومشروعيته‪.‬‬
‫وتقريره‪ ،‬ولكنه ُنسب للعقل ُح ْك ًما‪.‬‬

‫أن الناس يتفاوتون في اإلدراك العقلي؛ فالعقل ْ‬


‫وإن كان‬ ‫األمر الثالث‪ :‬معرفة َّ‬
‫مشتركًا في أصله بين العقالء‪ ،‬فإنهم يتفاوتون فيما بينهم في اإلدراك‪ ،‬فما يعلمه‬
‫إنسان بعقله قد يجهله إنسان آخر‪ ،‬بل اإلنسان نفسه قد يعلم بعقله شي ًئا في وقت ثم‬
‫يجهله في وقت آخر‪ .‬وكما يتفاوت الناس في عقولهم‪ ،‬فإن العقل نفسه يتفاوت في‬
‫أيضا‪ ،‬وفي مجاالت النظر‪.‬‬
‫مراتبه ً‬

‫وبسبب المبالغة في تقديس العقل وتضخيم قدراته‪ ،‬وجعله مرج ًعا مركز ًّيا‬
‫للمعرفة من جهة‪ ،‬والغفلة عن حقيقة محدودية العقل وقصوره وتفاوته في اإلدراك من‬
‫عقل لينفي به حقائق شرعية‪،‬‬
‫جهة أخرى؛ يتورط بعض الناس فيستند إلى ما يتوهمه ً‬
‫ولهذا فالتعامل مع األحكام الشرعية بمقولة‪« :‬هذا كالم ال يقبله العقل» تعامل فيه‬
‫قصور ظاهر‪ ،‬وجهل بمفهوم العقل ذاته‪ ،‬ومكانته بين مصادر المعرفة األخرى‪.‬‬

‫وعليه فالمنهج الشرعي الصحيح يقوم على إدراك َّ‬


‫أن العقل الصريح ال يمكن‬
‫أن يعارض النقل الصحيح‪ ،‬فما ثبت في الشريعة قط ًعا ال يمكن ْ‬
‫أن يخالف العقل‬ ‫ْ‬
‫قط ًعا‪ ،‬وما يحدث من توهم مخالفة فهو إما بسبب خطأ في فهم العقل‪ ،‬وإما بسبب‬
‫خطأ في فهم الشريعة‪.‬‬

‫وينبغي التفريق بين أمرين يشتبهان عند كثير من الناس‪ ،‬ووقوع االشتباه بينهما‬
‫هو ما يدفع بعض الناس إلى تصور وقوع المعارضة بين نصوص الوحي والعقل‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫مستحيل‪ ،‬وكذلك بين‬
‫ً‬ ‫فيجب أن نفرق بين ما يحتار العقل فيه‪ ،‬وبين ما يراه العقل‬
‫المستحيالت العادية والمستحيالت العقلية‪.‬‬

‫دليل يوجب‬
‫إن بعض القضايا قد يحتار العقل في تصورها‪ ،‬ولكنَّه ال يملك ً‬
‫َّ‬
‫حائرا مترد ًدا‪ ،‬وهذا التوقف والتردد ال يبيح له رد الخبر كما‬
‫ردها ورفضها‪ ،‬فيقف ً‬
‫الم ْثبِت على المتوقف‪،‬‬
‫هو ظاهر‪ ،‬إذ الخبر ُم ْثبت والعقل متوقف‪ ،‬والواجب تقديم ُ‬
‫وما يحتار العقل فيه‪ ،‬فال يعني هذا أ َّنه من قبيل المستحيل‪.‬‬

‫َّأما المستحيل العادي‪ ،‬فهو ما يقع مخالفًا لما جعله الله تعالى في الطبيعة من‬
‫وأما المستحيل العقلي‪ ،‬فهو من األمور الممتنعة لذاتها‪ ،‬ويحكم‬
‫سنن وقوانين‪َّ ،‬‬
‫العقل بعدم إمكان وقوعها مطل ًقا‪ .‬فإذا أخبرت الشريعة بأمر‪ ،‬فيمتنع ْ‬
‫أن يأتي هذا‬
‫مستحيل‪ ،‬ولكن قد يأتي بما يكون من قبيل المستحيالت‬
‫ً‬ ‫األمر بما تراه العقول‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان ح ًّيا وم ِّي ًتا في الوقت نفسه؛ فهذا من المستحيالت‬ ‫فمثل‪ :‬أن يكون‬
‫العادية‪ً .‬‬
‫أن يذهب اإلنسان إلى أقصى األرض ثم‬ ‫العقلية التي يمنع العقل وقوعها‪َّ ،‬أما ْ‬
‫يعود في وقت قصير‪ ،‬كما حدث للنبي ﷺ في قصة اإلسراء والمعراج‪ ،‬فهذا من‬
‫المستحيالت العادية التي ال يمنع العقل وقوعها‪.‬‬

‫المسألة الرابعة؛ العالقة بين العلم التجريبي والدين‪:‬‬

‫ُي َشكِّل الدين والعلوم التجريبية مظهرين من أهم المظاهر في الحياة من حولنا‪،‬‬
‫ومع تقدم العلوم التجريبية ‪-‬وهي العلوم التي تسعى الكتشاف القوانين الطبيعية‬
‫عن طريق التجربة والمالحظة واعتماد الدليل المادي فقط‪ -‬ظهرت بعض اآلراء‬
‫التي تقول بوجود نظرتين للعالم؛ األولى‪ :‬نظرة الدين للعالم‪ ،‬واألخــرى‪ :‬نظرة‬
‫أن الدين والعلم شيئان مختلفان‪ ،‬ثم‬
‫العلم التجريبي للعالم‪ ،‬ثم ُبني على هذا التنظير َّ‬
‫إن النظرة للعلم‬
‫قرر كل فريق نظرته للعالقة بينهما بحسب رؤيته لكل منهما‪ ،‬وإذ َّ‬
‫أن المصدر الوحيد للمعرفة‬
‫التجريبي ُتعد سمة بارزة في عصرنا‪ ،‬فقد توهم البعض َّ‬

‫‪26‬‬
‫أن البناء المعرفي ال يكتمل‬
‫هو العلم التجريبي وأغفل بقية المصادر‪ ،‬وقد تقدم معنا َّ‬
‫إال بالتوازن بين مصادر المعرفة‪ ،‬دون إغفال أو تهميش أي منها على حساب اآلخر‪.‬‬

‫ويمكن حصر األقوال في مسألة العالقة بين العلم والدين فيما يأتي‪:‬‬

‫األول‪ :‬التمايز بين العلم والدين‪ ،‬بحيث يختص كل واحد منهما بأمور‬
‫ال تدخل في مجال اختصاص اآلخر‪ ،‬فكل منهما مستقل عن اآلخر في مستويات‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬التناقض بين العلم والــديــن‪ ،‬بحيث يقع التعارض بينهما‪ ،‬فهما‬
‫متعارضان‪.‬‬

‫مكمل للدين‪ ،‬فهما‬


‫ً‬ ‫الثالث‪ :‬التكامل بين العلم والدين‪ ،‬بحيث يكون العلم‬
‫متفقان ْ‬
‫وإن توهم بعضهم التعارض‪.‬‬

‫والثالث هو الصحيح‪ ،‬لثالثة أمور‪:‬‬

‫‪1.1‬ال يمكن أن يتمايز العلم التجريبي عن الدين الحق‪ ،‬ألن من خصائص‬


‫الدين الحق أن تشمل تعاليمه مطالب الدين والدنيا‪ ،‬فهو الحاكم على‬
‫الجميع‪ ،‬والعلم التجريبي من مطالب الدنيا‪.‬‬

‫‪2.2‬ال يمكن أن يتناقض العلم التجريبي مع الدين الحق‪ ،‬ألن الدين الحق‬
‫نظر في الكون الذي خلقه الله‪،‬‬
‫وحي من عند الله تعالى‪ ،‬والعلم التجريبي ٌ‬
‫ٌ‬
‫ويستحيل أن يتناقض كالم الله تعالى مع خلقه؛ فكالهما من عند الله‪.‬‬

‫‪3.3‬ال يعني التكامل بين العلم والدين هنا َّ‬


‫أن العلم التجريبي مستمد مباشرة من‬
‫الدين‪ ،‬بل المقصود َّ‬
‫أن العلم محكوم بالدين ال يناقضه وال يخرج عنه‪ ،‬بل‬
‫الدين يحث عليه‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫تعارضا بين العلم التجريبي والدين؟‬
‫ً‬ ‫ماذا نصنع عندما نجد‬

‫ال بد من التنبيه على أربعة أمور هنا‪:‬‬

‫‪1.1‬األمــر األول‪ :‬ال بد من تحرير مفهوم الدين والعلم الــذي وقــع توهم‬
‫المعارضة بينهما‪ ،‬فالمقصود بالدين هو الوحي كتا ًبا وسنة‪ ،‬وأما العلم‬
‫فالمقصود به المجال المادي القائم على المنهج التجريبي المعتمد على‬
‫التجربة الحسية‪ ،‬وهدفه التعرف إلى الطبيعة وقوانينها‪.‬‬

‫‪2.2‬األمر الثاني‪َّ :‬‬


‫أن ك ًُّل من الدين والعلم التجريبي يتضمن مسائل جزئية‬
‫ليست على درجة واحــدة من القطع والقوة‪ ،‬بل هي متفاوتة في ذلك‪،‬‬
‫فمن الدين ما هو قطعي في ثبوته أو داللته‪ ،‬ومنه ما هو دون ذلك‪ ،‬ومنه‬
‫الظني الذي يمكن أن يقع االختالف في ثبوته أو داللته‪ .‬فالنص القطعي‬
‫الداللة‪ :‬هو ما َّ‬
‫دل على معنى متع ّين ُيفهم من النص‪ ،‬وال يحتمل معنى‬
‫آخــر‪ ،‬مثل قوله تعالى‪﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ﴾ [النساء‪ ،]12:‬فهذا قطعي الداللة على أن فرض الزوج في‬
‫هذه الحالة النصف ال غير‪ ،‬وأما النص الظني الداللة‪ :‬فهو ما َّ‬
‫دل على‬
‫معنى‪ ،‬ولكن يحتمل أن ُيصرف عن هذا المعنى ويراد منه معنى غيره‪ ،‬مثل‬
‫ات َي َت َر َّب ْص َن بِ َأن ُف ِس ِه َّن َثالَ َث َة ُق ُر َو ٍء﴾ [البقرة‪،]228:‬‬
‫﴿وا ْل ُم َط َّل َق ُ‬
‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫فلفظ القرء في اللغة مشترك بين معنيين‪ ،‬إذ يطلق على الطهر‪ ،‬ويطلق على‬
‫الحيض‪ ،‬وعليه فالنص يحتمل أن يكون المقصود به ثالثة أطهار‪ ،‬ويحتمل‬
‫أن يكون ثالث حيضات‪ ،‬فهو ليس قطعي الداللة على معنى واحد من‬
‫المعنيين‪ ،‬ولهذا اختلف العلماء في معناه‪ .‬ومثل هذا التفاوت واقع في‬
‫العلم التجريبي وأشد‪ ،‬فهناك اآلراء‪ ،‬والفرضيات‪ ،‬والنظريات‪ ،‬والنماذج‬
‫التفسيرية‪ ،‬والحقائق العلمية‪ ،‬بل حتى الحقائق العلمية نجد لها تفسيرات‬

‫‪28‬‬
‫قائما على المعطى‬
‫مختلفة‪ ،‬والقطع في العلم التجريبي إنما يصح فيما كان ً‬
‫الحسي القطعي الذي يصح أن يوصف بكونه حقيقة علمية قاطعة ‪-‬والقطع‬
‫هنا مستمد من الحس‪ ،-‬وأما سعي اإلنسان في تقديم نماذج تفسيرية لما‬
‫يراه من ظواهر فهي دون ذلك في الرتبة‪ ،‬والعلم التجريبي يصحح نفسه في‬
‫هذه المجاالت باستمرار‪.‬‬

‫‪3.3‬األمر الثالث‪ :‬ينبغي أن نفرق بين العلم الطبيعي التجريبي وفلسفة العلم‬
‫التجريبي‪ ،‬فالعلم التجريبي يكشف القوانين الطبيعية‪ ،‬في حين تمثل‬
‫فلسفة العلم المواقف واآلراء الشخصية التي ُتبنى على هذه النظريات‬
‫ِ‬
‫والمكتشفات‪ ،‬وم ْن َث َّم ُت َبنى الرؤى والتصورات‪ ،‬وهي تعتمد ً‬
‫كثيرا على‬
‫الذاتية ال الموضوعية‪.‬‬

‫‪4.4‬األمر الرابع‪َّ :‬‬


‫أن طبيعة العلم التجريبي ظنية مبنية على الخبر‪ ،‬واستنتاجات‬
‫البشر التي تتغير حسب المعطيات والتجارب والظروف‪ ،‬فهي مهما بلغت‬
‫ستظل في حيز الظن الغالب‪ ،‬وتاريخ العلم يثبت بجالء أنه متغير ومتطور‪،‬‬
‫وحقيقته مقاربات احتمالية ال حتمية فيها وال ثبات‪.‬‬

‫بعد ذلك‪ ،‬نأتي للسؤال المحوري‪ :‬هل يمكن أن يقع التعارض بين الوحي‬
‫والعلم التجريبي أم ال؟‬

‫والجواب‪:‬‬

‫ ‪-‬أما التعارض بين قطعيات الدين وقطعيات العلم التجريبي فال يمكن أن‬
‫يقع‪َّ ،‬‬
‫ألن النقل وحي من الله تعالى الذي خلق الكون بما فيه‪ ،‬وهو العليم‬
‫سبحانه بتفاصيل أحوال العالم وسننه والخالق لها‪ ،‬فال يمكن أن يأتي‬
‫الوحي بما يخالف شي ًئا من قطعيات العلم المستمدة من قوانين العالم‪،‬‬
‫وذلك لكمال علم الله تعالى وحكمته‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫إن وجد ما يوهم التعارض بينهما‪َ ،‬ف َم َر ُّد ذلك لخل ٍل في تصور طبيعة‬
‫ ‪-‬أما ْ‬
‫الدين أو طبيعة العلم‪ ،‬وهو ما يستدعي تدقي ًقا للنظر فيهما والتعرف إلى‬
‫صحيحا من جهة الثبوت‪،‬‬
‫ً‬ ‫مقدما‪ ،‬فالنقل قد ال يكون‬
‫ً‬ ‫ما كان أقوى فيكون‬
‫محكما من جهة الداللة‪ ،‬فإذا كانت المعرفة العلمية قطعية هنا‬
‫ً‬ ‫أو ال يكون‬
‫كانت مقدم ًة على هذا النقل وال إشكال‪ ،‬والعكس بالعكس‪ ،‬فإذا كان النقل‬
‫قطعي الثبوت والداللة فال بد َّ‬
‫أن اإلشكال فيما ُي َّدعى أنه حقيقة علمية‪ ،‬أما‬
‫إن كانت داللة كل منهما ظنية فإ َّنه يتطلب حينها ما يرجح كفة أحدهما على‬
‫اآلخر‪.‬‬

‫أن منشأ اإلشكال هنا عادة يبدأ من النزعة المغالية في العلم التجريبي التي‬
‫غير َّ‬
‫تحصر المعرفة في إطارها‪ ،‬وقد تقدم معنا َّ‬
‫أن مصادر المعرفة متعددة‪ ،‬وحصرها‬
‫في مصدر تجريبي فقط قد يفضي بها إلى إنكار المعقوالت الضرورية التي مبناها‬
‫على العقل‪ ،‬واألخبار اليقينية المبني بعضها على النقل‪ ،‬وإنكارها ُيسبب انهيار‬
‫المنظومات العلمية‪ ،‬ألن االعتماد على المصدر التجريبي فقط قد يلغي بقية‬
‫المصادر األخرى‪ ،‬والتي ال يمكن ألي منظومة معرفية بل وحتى علمية أن تقوم إال‬
‫أن نعيها‪َّ :‬‬
‫أن معارضة الوحي بالعلوم التجريبية‬ ‫على تكاملها‪ .‬والخالصة التي ينبغي ْ‬
‫إنما ينشأ من سوء فهم للوحي‪ ،‬أو سوء فهم للعلم‪ ،‬وعلينا معرفة المنهجية الشرعية‬
‫الصحيحة في العالقة بينهما‪ ،‬وأنها متى طبقت على نحو سليم‪ ،‬انزاحت ُّ‬
‫كل‬
‫اإلشكاالت المتعلقة بهذا الباب‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬اإليمان ً‬
‫أول‪ ،‬فكيف نبدأ به‪ ،‬د‪ .‬مجدي الهاللي‪.‬‬

‫‪2.2‬مدخل إلى نظرية المعرفة‪ ،‬أحمد الكرساوي‪.‬‬

‫‪3.3‬مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي‪ ،‬د‪ .‬عبد الرحمن الزنيدي‪.‬‬

‫‪4.4‬نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة‪ ،‬راجح الكردي‪.‬‬

‫‪5.5‬اإلسالم والعلم‪ ،‬د‪ .‬هشام عزمي‪.‬‬

‫‪6.6‬حوار مع صديقي الملحد‪ ،‬مصطفى محمود‪.‬‬

‫‪7.7‬العقل مجاالته وآثاره في ضوء اإلسالم‪ ،‬د‪ .‬عبد الرحمن الزنيدي‪.‬‬

‫‪8.8‬منهج السلف بين العقل والتقليد‪ ،‬د‪ .‬محمد السيد الجليند‪.‬‬

‫‪9.9‬األدلة العقلية النقلية على أصول االعتقاد‪ ،‬د‪ .‬سعود العريفي‪.‬‬

‫‪1010‬زخرف القول‪ ،‬د‪ .‬فهد العجالن وعبد الله العجيري‪.‬‬

‫‪1111‬كامل الصورة‪ ،‬أحمد السيد‪.‬‬

‫‪1212‬الدين الصحيح يحل جميع المشاكل‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪1313‬الشريعة اإلسالمية ومحاسنها‪ ،‬وضرورة البشر إليها‪ ،‬عبد العزيز بن باز‪.‬‬

‫‪1414‬منهج أهل السنة والجماعة في إثبات أصول الدين‪ ،‬محمد المصري‪.‬‬

‫‪1515‬التسليم للنص الشرعي‪ ،‬د‪ .‬فهد العجالن‪.‬‬

‫‪1616‬نبذة في العقيدة اإلسالمية‪ ،‬محمد العثيمين‪.‬‬

‫‪1717‬اإلسالم هو دين الله ليس له دين سواه‪ ،‬عبد العزيز بن باز‪.‬‬

‫‪1818‬الدرة المختصرة في محاسن اإلسالم‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪1919‬ينبوع الغواية الفكرية‪ ،‬عبد الله العجيري‪.‬‬

‫‪2020‬النظريات العلمية الحديثة‪ ،‬د‪ .‬حسن األسمري‪.‬‬

‫‪2121‬استعادة النص األصلي لإلنجيل‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫مدخل منهجي‬
‫بعد أن عرفنا مصادر المعرفة‪ ،‬وعرفنا مكانة الوحي وعالقته مع العقل والعلم‬
‫في هذه المنظومة المعرفية‪ ،‬وعرفنا كيف نميز الدين الصحيح‪ ،‬يحسن بنا أن نتعرف‬
‫إلى ثالث مسائل مهمة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫مصادر التلقي‪ ،‬وحجية السنة‪ ،‬وقواعد االستدالل‪.‬‬

‫المسألة األولى؛ مصادر التلقي عند أهل السنة والجماعة‪:‬‬

‫‪1.1‬القرآن الكريم؛ وهو كالم الله تعالى المنزل على محمد ﷺ‪ ،‬والمتع َّبد‬
‫بتالوته‪.‬‬

‫‪2.2‬صحيح السنة النبوية؛ وهي كل ما أثر عن النبي ﷺ من قول‪ ،‬أو عمل‪ ،‬أو‬
‫تقرير‪ ،‬أو صفة ُخ ُلقية أو َخ ْلقية‪ ،‬أو سيرة‪ ،‬وثبتت صحة نسبتها للرسول ﷺ‪.‬‬

‫‪3.3‬اإلجماع؛ وهو اتفاق المجتهدين المعتبرين من أهل العلم بعد وفاة‬


‫النبي ﷺ على حكم شرعي‪ ،‬وأدلــة حجيته قوله تعالى‪﴿ :‬ﭮ ﭯ‬
‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [النساء‪ ،]115:‬فتوعد الله من خالف‬
‫«إن ال َّل َه َل َي ْج َم ُع ُأ َّمتِي‬
‫سبيل المؤمنين بأن مصيره إلى جهنم‪ .‬وقال ﷺ‪َّ :‬‬
‫َع َلى َض َل َل ٍة» (رواه الترمذي‪ ،)2167:‬والمراد إجماع العلماء‪.‬‬

‫ومدلول الثالثة واحد‪َّ ،‬‬


‫فإن كل ما في القرآن الكريم فصحيح السنة موافق له‪،‬‬
‫واألمة مجمعة عليه من حيث الجملة‪ ،‬وكذلك كل ما سنَّه الرسول ﷺ‪ ،‬فالقرآن يأمر‬
‫باتباعه‪ ،‬والمؤمنون مجمعون على ذلك‪ ،‬وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون‪،‬‬
‫فإ َّنه ال يكون إال ح ًّقا مواف ًقا لما في الكتاب والسنة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المسألة الثانية؛ حج َّية السنة‪:‬‬

‫األهمية بعد مرتبة القرآن الكريم‪ ،‬وال يمكن للدين‬


‫َّ‬ ‫ ‪-‬تأتي مرتبة السنة النبوية في‬
‫أنْ يكتمل‪ ،‬وال للشريعة أنْ تتم إال بأخذ السنة مع القرآن‪ ،‬وقد جاءت اآليات‬
‫المتكاثرة آمرة بطاعة الرسول ﷺ‪ ،‬واالحتجاج بسنته والعمل بها‪ ،‬إضافة إلى‬
‫ما ورد من إجماع األمة‪ ،‬وأقوال األئمة في إثبات حجيتها ووجوب األخذ بها‪.‬‬

‫أول‪ -‬اآليات التي تدل على حجية السنة‪:‬‬


‫ً‬

‫لقد ورد في القرآن الكريم العديد من اآليات الدا ّلة على حج َّية السنة‪ ،‬وهى‬
‫على أنواع؛ فمنها‪:‬‬

‫‪1.1‬آيات تبين الهدف من بعثة النبي ﷺ‪:‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬


‫ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾ [آل عمران‪.]164:‬‬

‫ ‪-‬وقـــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬


‫ﭮ ﴾ [النحل‪.]44:‬‬

‫ ‪-‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ‬


‫ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ﴾ [النحل‪.]64:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ‬


‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ﴾ [األحزاب‪.]46 ،45:‬‬

‫‪2 .2‬آيات تأمر بطاعة النبي ﷺ‪:‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬


‫ﭻ ﭼ﴾ [آل عمران‪.]31:‬‬

‫‪36‬‬
‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ﴾‬
‫[آل عمران‪.]32:‬‬

‫ ‪-‬وقـــــــال تــــعــــالــــى‪﴿ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾‬


‫[آل عمران‪.]132:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬


‫ﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ‬
‫ﰑ ﰒ﴾ [النساء‪.]59:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾ [النساء‪.]64:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫ﭝ﴾ [النساء‪.]80:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬


‫ﮂ ﮃ ﮄ ﴾ [المائدة‪.]92:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬


‫ﮖ﴾ [األنفال‪.]20:‬‬

‫ ‪-‬وق ــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬


‫ﯤ﴾ [األنفال‪.]24:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬


‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [األنفال‪.]46:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ‬


‫ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ﴾ [التوبة‪.]71:‬‬

‫‪37‬‬
‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [النور‪.]52 ،51:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬


‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﴾ [األحزاب‪.]21:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬


‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ﴾ [األحزاب‪.]36:‬‬

‫ ‪-‬وقــال تعالى‪ ﴿ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ﴾‬


‫[محمد‪.]33:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬


‫ﮭ ﮮ ﮯ﴾ [الحشر‪.]7:‬‬

‫‪3 .3‬آيات ِّ‬


‫تحذر من عصيان النبي ﷺ‪:‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬


‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ﴾ [النساء‪.]65:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬


‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [النساء‪.]115:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ﴾ [األنفال‪.]١٣:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬


‫ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ‬
‫ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ﴾ [التوبة‪.]24:‬‬

‫‪38‬‬
‫ ‪-‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾‬
‫[الجن‪.]23:‬‬

‫‪4 .4‬آيات تأمر بالتأدب مع النبي ﷺ‪:‬‬

‫ ‪-‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬


‫ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ﴾ [النور‪.]63:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬


‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ﴾ [المجادلة‪.]9:‬‬

‫ ‪-‬وقـــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬


‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾‬
‫[الحجرات‪.]2:‬‬

‫تبين فضل َم ِن ا َّت َبع النبي ﷺ‪:‬‬


‫‪5 .5‬آيات ِّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ﴾ [آل عمران‪.]172:‬‬

‫ ‪-‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬


‫ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ‬
‫ﯩ﴾ [النساء‪.]13:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾‬


‫[النور‪.]52:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [األحزاب‪.]71:‬‬

‫‪39‬‬
‫ ‪-‬وقـــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ﴾‬
‫[النساء‪.]69:‬‬

‫ ‪-‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬


‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ﴾ [الفتح‪.]17:‬‬

‫حجية السنة بأكثر من وجه‪:‬‬


‫َّ‬ ‫أن القرآن الكريم َّ‬
‫دل على‬ ‫ُّ‬
‫نستدل بما سبق على َّ‬
‫ ‪-‬األول‪َّ :‬‬
‫أن الله ‪ ۴‬قرن طاعته بطاعة رسوله ﷺ‪.‬‬

‫ ‪-‬الثاني‪َّ :‬‬
‫أن الله ‪ ۴‬حذر من مخالفة رسوله ﷺ‪.‬‬

‫ ‪-‬الثالث‪َّ :‬‬
‫أن الله ‪ ۴‬جعل طاعة رسوله ﷺ من لــوازم اإليمان‪ ،‬وأمر‬
‫باالستجابة له ﷺ‪.‬‬

‫ ‪-‬الرابع‪َّ :‬‬
‫أن الله ‪ ۴‬أمر عند االختالف بالرجوع إليه ‪ ۴‬وإلى الرسول ﷺ‪.‬‬

‫ ‪-‬الخامس‪ :‬لو كان في االحتجاج بالسنة مخالفة للقرآن أو انحراف عنه‪،‬‬


‫صريحا حتى‬
‫ً‬ ‫توضيحا‬
‫ً‬ ‫لوجب أنْ نجد في القرآن ما يوضح هذا األمر المهم‬
‫يعرف الناس دينهم‪ ،‬لكننا لم نجد شيئًا من ذلك في القرآن‪ ،‬بل وجدنا األمر‬
‫باتباع النبي ﷺ‪ ،‬وبيان فضل ذلك‪.‬‬

‫ومن بعدهم على اتباع السنة واالحتجاج بها‪:‬‬


‫ثانيا‪ -‬إجماع الصحابة والتابعين َ‬
‫ً‬
‫ضرب الصحابة رضوان الله عليهم أروع المثل في ُحسن اتباع ما جاء‬
‫لقد َ‬
‫به النبي ﷺ‪ ،‬فقد عملوا بالسنة في حياته وبعد وفاته ﷺ‪ ،‬وكذلك سار التابعون‬
‫وتابعوهم على نهجِ النبي ﷺ والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين‪ ،‬ونقل الناس‬
‫الدين عنهم في ذلك‪ ،‬ونقلته األمة وأجمعوا عليه‪ ،‬وما كانوا ليجمعوا على ذلك‬

‫‪40‬‬
‫لوال ظهور الدالئل الب ِّينة عليه‪ ،‬والتي لو كانوا مخطئين فيها لكان هذا من التلبيس‬
‫في الدين‪ ،‬وهذا محال‪ ،‬ألن اإلجماع حجة وال حجة بباطل‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ -‬داللة العقل على حجية السنة‪:‬‬

‫أن النبي ﷺ رسول من عند الله تعالى‪َّ ،‬‬


‫فإن هذا يقتضي تصديقه في كل ما‬ ‫بما َّ‬
‫أن يقال له‪َّ :‬‬
‫إن الله قد أرسل‬ ‫ألن العقل ال يقبل ْ‬
‫ُيخبر به‪ ،‬وطاعته في كل ما يأمر به‪َّ ،‬‬
‫ً‬
‫رسول إليك‪ ،‬ولكن ال تأخذ بقول هذا الرسول‪ ،‬وال تتبع أوامره‪ ،‬بل مقتضى العقل‬
‫إن الرسول األمين ُم َب ِّلغٌ عن ربه‪ ،‬فكل ما يقوله ويفعله على جهة التشريع‬
‫يقول‪َّ :‬‬
‫والتدين منسوب إلى ربه‪ ،‬فإذا أقره الله سبحانه وتعالى عليه فذلك دليل رضاه‪.‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ‬
‫إن تأييد الله سبحانه وتعالى ألنبيائه‬ ‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﴾ [الحاقة‪َّ .]47-44:‬‬
‫بالمعجزات إثبات لصدقهم‪ ،‬وتمكين لهم من إقامة الحجة على العباد ل َي َّتبِ ُعوهم‬
‫ويأخذوا منهم دينهم‪.‬‬

‫راب ًعا‪ -‬تعذر العمل بالقرآن وحده‪:‬‬

‫مما يدل على حج َّية السنة أنه ال يمكن االستقالل بفهم الشريعة وتفاصيلها‬
‫وأحكامها من القرآن وحده‪ ،‬الشتماله على بعض النصوص المجملة التي تحتاج‬
‫إلى بيان‪ ،‬وترك هذه المهمة للبشر دون النبي ﷺ سيفضي إلى العجز عن فهم‬
‫المراد ثم العجز عن العمل به‪ .‬وال سبيل إلى فهم أحكام القرآن حق الفهم إال‬
‫عن طريق السنة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫مثل‪ :‬صفة الصالة‪ ،‬وبيان ما يجتنب‬
‫ﭮ﴾[النحل‪ ،]44:‬فكيف سنعرف ً‬
‫في الصوم‪ ،‬وبيان كيفية الزكاة‪ ،‬وبيان أعمال الحج‪ ،‬وأحكام الحدود‪ ،‬وصفة وقوع‬
‫الطالق‪ ،‬وأحكام البيوع‪ ،‬والصدقات وسائر أنواع الفقه؟‬

‫‪41‬‬
‫على َّ‬
‫أن األحكام المستمدة من السنة مأخوذة في الحقيقة من القرآن‪ ،‬ومستقاة‬
‫ألن الله تعالى أحال عليها في كتابه‪ ،‬فاألخذ بها في الواقع أخذ‬ ‫من أصوله‪ ،‬وذلك َّ‬
‫اشم ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫الو َ‬ ‫بالقرآن‪ ،‬ولهذا لما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪َ « :‬ل َع َن ال َّل ُه َ‬
‫ات َخ ْل َق ال َّل ِه» َف َب َل َغ َ‬
‫ذلك‬ ‫ات لِ ْلحس ِن‪ ،‬المغَير ِ‬
‫ُ ِّ َ‬ ‫ُ ْ‬
‫ات والمت َف ِّلج ِ‬
‫َُ َ‬
‫ات‪ ،‬والمتنمص ِ‬
‫ُ َ َ ِّ َ‬
‫والموت ِشم ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫ت‬ ‫َّك َل َعنْ َ‬‫ك أن َ‬ ‫ت‪ :‬إنَّه َب َلغَنِي َعنْ َ‬ ‫وب‪َ ،‬ف َجا َء ْت َفقا َل ْ‬ ‫أسد ُي َق ُال َل َها ُأ ُّم َي ْع ُق َ‬
‫امر َأ ًة ِمن بنِي ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫قال‪ :‬وما لي ال أ ْل َع ُن َمن َل َع َن َر ُ‬ ‫ت‪َ ،‬ف َ‬
‫ومن‬ ‫سول ال َّله َص َّلى الل ُه عليه وس َّل َم‪َ ،‬‬ ‫ت و َك ْي َ‬ ‫َك ْي َ‬
‫هو في كِت ِ ِ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ول‪َ ،‬‬ ‫وج ْد ُت فيه ما َت ُق ُ‬ ‫ت‪ :‬ل َق ْد َق َر ْأ ُت ما ْبي َن ال َّل ْو َح ْي ِن‪َ ،‬فما َ‬ ‫اب ال َّله‪َ ،‬فقا َل ْ‬ ‫َ‬
‫ت‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ت َقر ْأتِ ِيه ل َقد وجدتِ ِيه‪ ،‬أما َقر ْأ ِ‬ ‫َلئِن ُكن ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ك َي ْف َع ُلو َن ُه‪َ ،‬‬ ‫أه َل َ‬
‫ت‪ :‬فإنِّي َأرى ْ‬ ‫قد ن ََهى عنْه‪ ،‬قا َل ْ‬ ‫قال‪ :‬فإنَّه ْ‬ ‫ت‪َ :‬ب َلى‪َ ،‬‬ ‫ﮧ﴾؟ قا َل ْ‬
‫ذلك‬ ‫َت َك َ‬ ‫قال‪ :‬لو َكان ْ‬ ‫اجتِ َها شي ًئا‪َ ،‬ف َ‬ ‫ِ‬
‫ت َف َن َظ َر ْت‪َ ،‬ف َل ْم َت َر من َح َ‬ ‫َفا ْذ َهبِي َفا ْن ُظرِي‪َ ،‬ف َذ َه َب ْ‬
‫ما َج َام ْع ُت َها‪( .‬رواه البخاري‪.)4886:‬‬

‫فتب َّين مما سبق وجوب االحتجاج بالسنة والعمل بها‪ ،‬وأ َّنها كالقرآن في‬
‫مستغن في الحقيقة عن‬‫ٍ‬ ‫وجوب الطاعة واالتباع‪َّ ،‬‬
‫وأن المستغني عنها إنما هو‬
‫وأن طاعة الرسول ﷺ طاعة لله‪ ،‬وعصيانه عصيان لله تعالى‪َّ ،‬‬
‫وأن العصمة‬ ‫القرآن‪َّ ،‬‬
‫من االنحراف والضالل إ َّنما هي بالتمسك بالقرآن والسنة جمي ًعا‪.‬‬

‫وقبل أن ننهي كالمنا في هذه المسألة فيحسن بنا أن نذكر طر ًفا من األحاديث‬
‫الصحيحة الدالة على عظم مكانة السنة‪ ،‬والمحذرة من ردها بغير برهان أو مخالفتها؛‬
‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫بحديث من‬ ‫ث‬ ‫جل م َّتك ًئا ع َلى أريكته ُي ِّ‬
‫حد ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫ك َّ‬ ‫«يوش ُ‬ ‫فمن ذلك‪ :‬قول النبي ﷺ‪:‬‬
‫حالل استح َللنا ُه‬ ‫ٍ‬ ‫فيه من‬ ‫وجل ما وجدنا ِ‬ ‫َّ‬ ‫كتاب ال َّل ِه ع َّز‬ ‫ُ‬
‫فيقول‪ :‬بينَنا وبينَكُم‬ ‫حديثي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حر َم ال َّل ُه»‬ ‫رسول ال َّل ِه ﷺ ُ‬
‫مثل ما َّ‬ ‫ُ‬ ‫حر َم‬ ‫وإن ما َّ‬‫حرمنا ُه‪ .‬أال َّ‬
‫ِ‬
‫وما وجدنا فيه من حرا ٍم َّ‬
‫ومن َعصانِي ف َق ْد‬ ‫أطاع ال َّل َه‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫«من أطا َعنِي ف َق ْد‬ ‫(رواه ابن ماجه‪ ،)12:‬وقال ﷺ‪َ :‬‬
‫عصى ال َّله» (رواه البخاري‪ ،)7137:‬وقال ﷺ‪« :‬عليكم بسنتي وسن ِة الخ َلف ِ‬
‫َاء‬ ‫ُ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وإيا ُكم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اش ِدين المه ِدي ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ين م ْن َب ْعدي‪َ ،‬ت َم َّسكُوا بها‪ ،‬و َع ُّضوا عليها بالنَّ َواجذ‪َّ ،‬‬ ‫َ َ ْ ِّ َ‬ ‫َّ‬

‫‪42‬‬
‫«نض َر‬‫بدعة ضاللةٌ» (رواه أبو داود‪ ،)4607:‬وقال ﷺ‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫فإن َّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ومحد َث ِ‬
‫األمور؛ َّ‬ ‫ات‬ ‫ُ ْ َ‬
‫حام ِل ف ْق ٍه إلى من هو أف َق ُه‬
‫فحف َظه حتى يب ِّلغَه غيره‪ ،‬فرب ِ‬
‫َ ُ ُ َّ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫سمع ِمنا حدي ًثا ِ‬
‫َ َّ‬
‫امرأ ِ‬
‫الل ُه ً‬
‫اج َتن ِ ُبو ُه‪ ،‬وإ َذا‬ ‫ٍ‬
‫منه» (رواه الترمذي‪ ،)2656:‬وقال ﷺ‪َ « :‬فإِ َذا ن ََه ْي ُتك ُْم عن شيء َف ْ‬
‫َأ َم ْر ُتك ُْم بِ َأ ْمرٍ َف ْأ ُتوا منه ما ْ‬
‫اس َت َط ْع ُت ْم» (رواه البخاري‪.)7288:‬‬

‫ ‪-‬تمييز الحديث الصحيح من غير الصحيح‪:‬‬

‫فإذا تقرر كما ذكرنا حج َّية السنة‪ ،‬ووجوب العمل بها‪ ،‬فكيف نستطيع التأكد‬
‫من صحة األحاديث النبوية‪ ،‬مع أن دواوين السنة النبوية لم تكتب إال بعد وفاة‬
‫النبي ﷺ بمدة؟!‬

‫ويمكن مناقشة هذا التساؤل بالحديث عن طبيعة نقل سنته ﷺ من زمانه وحتى‬
‫ظهور كتب السنة المعتمدة عند األمة‪ ،‬إذ ُح ِف َظ ْت السنة في صدور الرجال‪ ،‬وفي‬
‫سطور الكتب‪ ،‬وقد تنوعت طرائق العلماء في ال َّت َث ُّبت من سنته ﷺ‪ ،‬ووضعوا قواعد‬
‫علوم الحديث وعلم الرجال ‪-‬هذا العلم الذي يختص به اإلسالم دون بقية األديان‪-‬‬
‫فهما حسنًا‪:‬‬
‫ونشير هنا لعدة أمور تعين على فهم المسألة ً‬
‫األول‪ -‬السنة في زمنه ﷺ‪:‬‬

‫تتجلى مظاهر العناية بالسنة النبوية في زمانه ﷺ في أمور متعددة‪ ،‬منها‪ :‬طبيعة‬
‫كالمه ﷺ من جهة انتقاء ألفاظه‪ ،‬وطريقة أدائه‪ ،‬ومنها‪ :‬تشجيعه ﷺ ودعوته لنقل‬
‫أحاديثه (رواه البخاري‪ ،)3461:‬ودعاؤه ﷺ لمن فعل ذلك بنضرة الوجه (رواه‬
‫الترمذي‪ ،)2657:‬ومنها‪ :‬إظهاره ﷺ الحفاوة بمن كان معتن ًيا بحديثه من صحابته‬
‫(رواه البخاري‪ ،)5670:‬ومنها‪ :‬دعاء النبي ﷺ لبعض صحابته بالحفظ المتقن (رواه‬
‫البخاري‪ ،)2047:‬ومنها‪ :‬تحذير النبي ﷺ من الكذب عليه (رواه البخاري‪،)1291:‬‬
‫ومنها‪ :‬ارتباط سنته ﷺ بشأن التشريع‪ ،‬إذ في حفظها حفظ الدين‪ .‬وقد كُتبت جملة‬
‫كبيرة من السنة في زمن الرسول ﷺ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الثاني‪ -‬السنة في زمن الصحابة رضي الله عنهم‪:‬‬

‫تتجلى مظاهر العناية بسنة النبي ﷺ زمن الصحابة في أمور‪ ،‬منها‪ :‬معرفة ما كان‬
‫عليه الصحابة من شديد المحبة للنبي ﷺ‪ ،‬ومنها‪ :‬شدة حرصهم على الخير‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫استعمال الصحابة لحديث النبي ﷺ في دعوتهم وتقريراتهم‪ ،‬ومنها‪ :‬سعي الصحابة‬
‫لتحصيل ما فاتهم من حديث النبي ﷺ‪ ،‬وتناوبهم في الجلوس عنده ﷺ طل ًبا‬
‫لحديثه‪ ،‬ومنها‪ :‬ضبط الصحابة الدقيق لما أخذوه عن النبي ﷺ‪ ،‬ومنها‪ :‬الحرص‬
‫على ضبط حديثه ﷺ كتابة‪ ،‬فمشروع كتابة السنة قد بدأ منهم‪ِ ،‬‬
‫فم َّمن كتب من‬
‫الصحابة‪ :‬أبو أمامة الباهلي‪ ،‬وأبو أيوب األنصاري‪ ،‬وأبو بكر الصديق‪ ،‬وأبو رافع‪،‬‬
‫وأبو سعيد الخدري‪ ،‬وأبو موسى األشعري‪ ،‬وأبو هريرة‪ ،‬وأسماء بنت عميس‪،‬‬
‫وأسيد بن حضير‪ ،‬وأنس بن مالك‪ ،‬والبراء بن عازب‪ ،‬وجابر بن سمرة‪ ،‬وجابر بن‬
‫عبد الله‪ ،‬وجرير بن عبد الله‪ ،‬ورافع بن خديج‪ ،‬وسعد بن عبادة‪ ،‬وسلمان الفارسي‪،‬‬
‫وعبد الله بن عمرو‪ ،‬وسمرة بن جندب‪ ،‬وشداد بن أوس‪ ،‬وعائشة بنت أبي بكر‪،‬‬
‫وعبد الله بن الزبير‪ ،‬وعبد الله بن عباس‪ ،‬وعبد الله بن عمر‪ ،‬وعبد الله بن مسعود‪،‬‬
‫وعلي بن أبي طالب‪ ،‬وعمر بن الخطاب‪ ،‬ومعاذ بن جبل‪ ،‬ومعاوية بن أبي سفيان‪،‬‬
‫والمغيرة بن شعبة‪ ،‬وغيرهم كثير‪ ،‬رضوان الله عليهم أجمعين‪.‬‬

‫الثالث‪ -‬السنة في زمن التابعين‪:‬‬

‫حرص التابعون على مالزمة الصحابة وجمع أحاديثهم وكتابتها‪ ،‬وعلى توثيق‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫السنة كتابة‪ ،‬ففي القرن األول نجد أكثر من مئة من التابعين َك َت ُبوا الحديث‪ ،‬أو كُت َ‬
‫مثل‪ :‬النخعي‪ ،‬وأبو سلمة‪ ،‬وأبو قالبة‪ ،‬وذكوان‪ ،‬وأبو العالية‪ ،‬وسعيد‬
‫عنهم‪ ،‬ومنهم ً‬
‫بن جبير‪ ،‬وشهر بن حوشب‪ ،‬والضحاك‪ ،‬وطاووس‪ ،‬وعبيدة السلماني‪ ،‬وعروة بن‬
‫الزبير‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬وأيوب السختياني‪ ،‬وثابت البناني‪ ،‬والحسن البصري‪ ،‬ورجاء بن‬
‫حيوة‪ ،‬والزبير بن عدي‪ ،‬واألعمش‪ ،‬وشعبة بن دينار‪ ،‬واألعرج‪ ،‬وأبو الزناد‪ ،‬وعطاء‬

‫‪44‬‬
‫بن أبي رباح‪ ،‬وقتادة‪ ،‬والزهري‪ ،‬ونافع مولى ابن عمر‪ ،‬وهشام بن عروة‪ ،‬ووهب بن‬
‫منبه‪ ،‬وعبيد الله بن عمر‪ ،‬وغيرهم كثير‪ ،‬رضي الله عنهم وأرضاهم‪ .‬ومن أهم ما‬
‫يكشف عن عناية التابعين بضبط سنة النبي ﷺ؛ ظهور العناية الكبيرة بشأن اإلسناد‬
‫ومعرفة أحوال الرواة‪.‬‬

‫الرابع‪ -‬حفظ السنة في زمن أتباع التابعين‪:‬‬

‫تم َّيزت هذه الحقبة بكتابة المصنفات في جمع السنة‪ ،‬فصار االهتمام بالتصنيف‪،‬‬
‫فنجد الكثير من األئمة قد صنَّفوا قبل البخاري ومسلم رحمهم الله تعالى جمي ًعا‪،‬‬
‫ومن هؤالء‪ :‬ابن جريج‪ ،‬وسعيد بن أبي عروبة‪ ،‬وشعبة‪ ،‬وابن طهمان‪ ،‬والفراهيدي‪،‬‬
‫ومالك‪ ،‬ومعمر‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬والثوري‪ ،‬وابن لهيعة‪ ،‬وابن المبارك‪ ،‬وأبو يوسف‪،‬‬
‫ومحمد بن الحسن‪ ،‬والطيالسي‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وابن عيينة‪ ،‬ووكيع‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪،‬‬
‫والليث‪ ،‬وعبد الرزاق‪ ،‬والحميدي‪ ،‬وعلي بن الجعد‪ ،‬وابن أبي شيبة‪ ،‬وغيرهم كثير‪.‬‬

‫الخامس‪ -‬زمن اتساع دائرة التصنيف‪:‬‬

‫تعد هذه المرحلة الممتدة من القرن الثاني وحتى القرن الثالث الهجري أوسع‬
‫في جمع السنة النبوية‪ ،‬فقد اجتمع فيها أئم ٌة كبار‪ :‬كيحيى الق َّطان‪ ،‬وعبد الرحمن بن‬
‫مهدي‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪ ،‬ويحيى بن معين‪ ،‬وعلي بن المديني‪ ،‬والبخاري‪ ،‬ومسلم‪،‬‬
‫وأبي داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وأبي حاتم الرازي‪ ،‬وأبي زرعة الرازي‪ ،‬وغيرهم‬
‫كثير‪.‬‬

‫وهذه الكتب لم تظهر فجأة كما قد يتوهمه بعض الناس‪ ،‬بل وقعت أحاديثها‬
‫ألصحابها متصلة اإلسناد بمن فوقهم حتى تصل إلى النبي ﷺ‪ ،‬في جهد علمي‬
‫الم َت َأ ِّخ ُر ُج ْه َد المتقدم ويبني عليه‪ ،‬في سلسلة علمية لم تنقطع‪ ،‬بل‬
‫تراكمي‪ ،‬يعتمد فيه ُ‬
‫انتخاب من ُك ُت ٍ‬
‫ب‬ ‫ٌ‬ ‫كثيرا من األحاديث الموجودة في هذه الكتب هي في الحقيقة‬ ‫إن ً‬‫َّ‬
‫كتبها من فوقهم‪ ،‬إذ وقعت هذه الكتب لهم متصلة اإلسناد مشافهةً‪ ،‬فسمعوا أحاديثها‬

‫‪45‬‬
‫حدي ًثا حدي ًثا ممن َح َّد َثهم بهذا الكتاب‪ ،‬والذي بدوره سمعها ممن فوقه‪ ،‬فوقعت‬
‫لهم هذه الكتب سما ًعا وكتاب ًة بعد أن قاموا بتدقيقها وحفظها ودراستها وعرضها‪.‬‬

‫علوم أخرى تسعى إلى ضبطه وإحكامه‪ ،‬فازدهر‬


‫ٌ‬ ‫وفي جانب تدوين السنة َن َم ْت‬
‫التأليف في تواريخ الرجال‪ ،‬ورواة الحديث‪ ،‬وكتب الجرح والتعديل‪ ،‬إذ ُحصرت‬
‫جميع أسماء من قاموا بنقل السنة‪ ،‬ثم تكلموا عنهم وعن حياتهم بالتفصيل الذي‬
‫يمكنهم من الحكم بتوثيق الراوي أو تجريحه‪ ،‬وتكذيب روايته أو تصديقها‪ ،‬فنجد‬
‫كت ًبا تكلمت عن الصحابة والطبقات‪ ،‬وأخرى خاصة برجال بعض البلدان‪ ،‬وثالثة‬
‫عن الثقات‪ ،‬ورابعة عن الضعفاء‪ ،‬وخامسة عن رجال كتاب من كتب الحديث‬
‫خاصة‪ ،‬وسادسة عن رجــال علم الحديث عامة‪ ،‬وازدهــرت كذلك كتب علوم‬
‫مصطلح الحديث‪ ،‬والعشرات من كتب العلل ‪-‬علم العلل من أكثر العلوم دقة‬
‫ونفاسة‪ -‬وكتب السؤاالت ‪-‬كتب تجمع األجوبة التي يحصلها السائل من شيخه‬
‫في علم الحديث‪ ،-‬إضاف ًة إلى كتب غريب الحديث ‪-‬وهي كتب توضح األلفاظ‬
‫الغريبة والمعاني البعيدة‪ ،-‬وكتب شروح الحديث‪ ،‬وكتب التخريج ‪-‬وهي كتب‬
‫تهتم بمصادر الحديث األصل َّية وعزوه إليها‪ ،-‬والمستخرجات ‪-‬وهي كتب يعمد‬
‫فيها المؤلف إلى كتاب من كتب الحديث‪ ،‬فيخرج أحاديثه بأسانيد أخرى غير‬
‫أسانيد صاحب الكتاب‪ ،-‬والمستدركات ‪-‬وهي كتب تجمع األحاديث التي تكون‬
‫على شرط أحد المصنفين في علم الحديث ولكنه لم يخرجها في كتابه‪ ،-‬والزوائد‬
‫‪-‬وهي الكتب التي جمعت األحاديث التي زادها صاحب كتاب أو أكثر على كتاب‬
‫غيره‪ -‬وغير ذلك‪.‬‬

‫أن تاريخ الرواية حظي بعناية فائقة‪ ،‬وجهود عظيمة لضمان حفظ‬
‫والخالصة َّ‬
‫والتحوط‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫سنته ﷺ‪ ،‬والتي بلغت الغاية (بل إنها آية) في التث ُّبت‬

‫‪46‬‬
‫المسألة الثالثة؛ قواعد االستدالل‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن االستدالل بهذه المصادر التي ذكرناها له قواعد تحكمه‪ ،‬وهي التي يسير عليها‬
‫أهل العلم في استداللهم ومنهجياتهم العلمية‪ ،‬وقواعد االستدالل تتمثل فيما يأتي‪:‬‬

‫‪1.1‬يعتمد أهل السنة في تلقي أصول اإليمان على الكتاب والسنة واإلجماع‪.‬‬

‫صح عن الرسول ﷺ ويحتجون به‪ ،‬و ُي َس ِّلمون ِّ‬


‫بكل ما جاء‬ ‫‪َ 2.2‬يقبلون َّ‬
‫كل ما َّ‬
‫عن الله تعالى ورسوله ﷺ‪.‬‬

‫‪3.3‬يؤمنون بجميع نصوص الكتاب والسنة الثابتة‪ ،‬ويجمعون النصوص في‬


‫الباب الواحد‪ ،‬ويــردون المتشابه إلى المحكم‪ ،‬والمجمل إلى المبين‪،‬‬
‫ويجمعون بين نصوص الوعد والوعيد والنفي واإلثــبــات‪ ،‬والعموم‬
‫والخصوص‪ ،‬ويقولون بالنسخ في األحكام ونحو ذلك‪.‬‬

‫بأن الرسول ﷺ ب َّلغ الدين كله أصوله وفروعه‪َّ ،‬‬


‫وأن الله تعالى‬ ‫‪4.4‬يعتقدون َّ‬
‫قد أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا اإلسالم دينًا‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ﴾‬
‫[المائدة‪ ،]3:‬وأنــه ال يوجد نسخ في األخبار المحضة وال في أصول‬
‫اإليمان‪ ،‬أما األخبار؛ َّ‬
‫فألن الله تعالى إذا أخبر عن شيء فإنما يخبر بعلمه‪،‬‬
‫وعلمه ال يسبقه جهل‪ ،‬وال يعتريه وهم‪ ،‬وأما أصول اإليمان؛ فألن الشريعة‬
‫مبنية على حفظ هذه األصول‪.‬‬

‫‪5.5‬يعتمدون على تفسير القرآن بالقرآن‪ ،‬وعلى تفسيره بالسنة‪ ،‬ويعتمدون‬


‫معاني لغة العرب‪ ،‬ألنها لغة القرآن والسنة‪ .‬ويحتجون بتفسيرات الصحابة‪،‬‬
‫وفهمهم للنصوص وأقوالهم وأعمالهم وآثارهم‪ ،‬ألنهم أصحاب رسول‬
‫الله ﷺ‪ ،‬وهم أفضل األمة وأزكاها‪ ،‬وعاشوا وقت َتن َُّزل الوحي وهم أعلم‬
‫األمة باللغة ومقاصد الشرع‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ُ 6.6‬ي َع ِّبرون عن حقائق اإليمان باأللفاظ الشرعية‪ ،‬وال يستبدلون بها ألفا ًظا‬
‫مجملة أو موهمة‪ ،‬ويرون َّ‬
‫أن ظواهر النصوص مفهومة لدى المخاطبين‬
‫ومطابقة لمراد الشارع‪ ،‬ألنهم يؤمنون َّ‬
‫أن معانيها محفوظة وأ َّنه يمكن نقل‬
‫هذه المعاني من جيل إلى جيل‪َّ ،‬‬
‫وأن الخطأ في فهم ظواهر النصوص قد‬
‫يقع من قصور في معرفة الظاهر ال من الظاهر نفسه‪.‬‬

‫‪7.7‬يؤمنون بأ َّنه يستحيل التعارض بين العقل الصريح والنقل الصحيح‪ ،‬بل‬
‫يصدق أحدهما اآلخر ويشهد أحدهما بصحة اآلخر‪.‬‬

‫‪8.8‬يرجعون عند التنازع إلى الله تعالى ورسوله‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ﴾ [النساء‪.]59:‬‬

‫‪9.9‬ينفون التعارض بين نصوص الكتاب والسنة‪ ،‬فال يمكن أن تتعارض‬


‫نصوص الشرع الثابتة‪ ،‬أل َّنها من عند الله تعالى‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [النساء‪.]82:‬‬

‫‪1010‬يتفقون على أصــول مسائل االعتقاد مع اختالف أعصارهم‪ ،‬وتباعد‬


‫أمصارهم‪.‬‬

‫إن علوم الشريعة قرآنًا وسنة وما تفرع عنها تخصص علمي‪ ،‬له قواعده‬
‫َّ‬
‫وفهما؛ فال يصح‬
‫ً‬ ‫تعلما‬
‫ومناهجه في الفهم والعلم‪ ،‬ومن لم يمارس علوم الشريعة ً‬
‫له أن يخوض فيها بغير علم‪.‬‬

‫• فهم القرون المفضلة‪:‬‬

‫ذكرنا في قواعد االستدالل َّ‬


‫أن أهل السنة يعتمدون على القرون المفضلة في‬
‫فهم النصوص‪ ،‬والمقصود بالقرون المفضلة‪ :‬هم أئمة القرون الثالثة التي زكاها‬
‫َّاس َق ْرنِي‪ُ ،‬ث َّم ا َّل ِذي َن َي ُلو َن ُه ْم‪ُ ،‬ث َّم ا َّل ِذي َن َي ُلو َن ُه ْم»‬
‫«خ ْي ُر الن ِ‬
‫الرسول ﷺ‪ ،‬حيث قال ﷺ‪َ :‬‬
‫(رواه البخاري‪ ،)3651:‬ومما ُّ‬
‫يدل على حج َّية فهم القرون المفضلة ما يأتي‪:‬‬

‫‪48‬‬
‫لنص من‬ ‫ ‪ً -‬‬
‫أول‪ :‬بالبداهة والضرورة أنك متى طلبت أفضل الفهوم وأعالها ٍّ‬
‫النصوص‪ ،‬لجأت إلى من يتكلم لغ َة هذا النص‪ ،‬كما تلجأ إلى من عايش‬
‫ُم َب ِّلغَ النص وتلقَّاه عنه مباشرة‪ّ ،‬‬
‫وطبقه أمامه وتربى بين يديه في فهمه‪.‬‬

‫ ‪-‬ثان ًيا‪ :‬وردت مجموعة من النصوص التي تزكيهم وتترضى عنهم‪ ،‬ومن‬
‫ذلك‪:‬‬

‫قــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬


‫ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [التوبة‪.]100:‬‬

‫وقــال تعالى‪﴿ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬


‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [النساء‪.]115:‬‬

‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬


‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ‬
‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ﴾‬
‫[الفتح‪.]29 :‬‬

‫وقــــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ﴾‬


‫[التوبة‪.]119:‬‬

‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ﴾‬


‫[النمل‪.]59 :‬‬

‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ﴾ [البقرة‪.]137:‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َما َء ما ُتو َع ُد‪َ ،‬و َأنَا‬ ‫لس َماء‪َ ،‬فإِ َذا َذ َه َبت ال ُّن ُج ُ‬
‫وم َأ َتى َّ‬ ‫وم َأ َم َن ٌة ل َّ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال ُّن ُج ُ‬

‫‪49‬‬
‫ون‪َ ،‬و َأ ْص َحابِي َأ َمنَ ٌة ِلُ َّمتِي‪َ ،‬فإِ َذا‬ ‫َأ َمنَ ٌة ألَ ْص َحابِي‪َ ،‬فإِ َذا َذ َه ْب ُ‬
‫ت َأ َتى َأ ْص َحابِي ما ُيو َع ُد َ‬
‫ون» (رواه مسلم‪.)2531:‬‬ ‫ب َأ ْص َحابِي َأ َتى ُأ َّمتي ما ُيو َع ُد َ‬ ‫َذ َه َ‬
‫أح َد ُك ْم أ ْنف ََق ِم ْث َل ُأ ُح ٍد َذ َه ًبا ما َب َل َغ ُم َّد‬
‫أن َ‬ ‫أصحابِي‪ْ ،‬‬
‫فلو َّ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬ال َت ُس ُّبوا ْ‬
‫أح ِد ِه ْم وال ن َِصي َف ُه» (رواه البخاري‪.)3673:‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫كثيرا‪ ،‬فعليكم بسنَّتي وسنَّ ِة‬ ‫ِ‬
‫الخلفاء‬ ‫فسيرى اختال ًفا ً‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬من يع ْش منكم َ‬
‫ٍ‬
‫بدعة‬ ‫كل‬ ‫فإن َّ‬ ‫ِ‬ ‫واجذ‪ ،‬وإياكم ومحد ِ‬ ‫الراشدين المهديين‪ ،‬ع ُّضوا عليها بالن ِ‬
‫األمور؛ َّ‬ ‫ثات‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ َ َ‬ ‫َ‬
‫ضاللةٌ» (رواه الترمذي‪.)2676:‬‬

‫هل‬ ‫قولون‪ :‬ا ْن ُظ ُروا ْ‬ ‫َ‬ ‫ث َفي‬ ‫منهم ال َب ْع ُ‬


‫ُ‬ ‫ث‬‫مان‪ُ ،‬ي ْب َع ُ‬‫اس َز ٌ‬ ‫«ي ْأتي ع َلى النَّ ِ‬ ‫وقال ﷺ‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫جد ِ‬
‫الر ُج ُل‪ُ ،‬في ْف َت ُح‬ ‫وج ُد َّ‬ ‫النبي َص َّلى ال َّل ُه عليه وس َّل َم؟ ُفي َ‬ ‫أصحاب ِّ‬
‫ِ‬ ‫أح ًدا من ْ‬ ‫ون فيك ُْم َ‬ ‫َت ِ ُ َ‬
‫النبي َص َّلى ال َّل ُه‬
‫حاب ِّ‬ ‫أص َ‬ ‫هل فيهم َمن َر َأى ْ‬ ‫قولون‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫ث ال َّثانِي َفي‬ ‫ث ال َب ْع ُ‬ ‫لهم به‪ُ ،‬ث َّم ُي ْب َع ُ‬
‫ْ‬
‫هل َت َر ْو َن فيهم َمن‬ ‫قال‪ :‬ا ْن ُظ ُروا ْ‬ ‫ث ال َّثالِ ُ‬
‫ث ُفي ُ‬ ‫ث ال َب ْع ُ‬ ‫عليه وس َّل َم؟ ُفي ْف َت ُح ْ‬
‫لهم به‪ُ ،‬ث َّم ُي ْب َع ُ‬
‫قال‪:‬‬ ‫الرابِ ُع ُفي ُ‬‫ث َّ‬ ‫النبي َص َّلى ال َّل ُه عليه وس َّل َم؟ ُث َّم َي ُ‬
‫كون ال َب ْع ُ‬ ‫حاب ِّ‬ ‫أص َ‬ ‫َر َأى من َر َأى ْ‬
‫النبي َص َّلى ال َّل ُه عليه‬ ‫حاب ِّ‬ ‫أص َ‬ ‫أح ًدا َر َأى ْ‬ ‫أح ًدا َر َأى َمن َر َأى َ‬ ‫هل َت َر ْو َن فيهم َ‬ ‫ا ْن ُظ ُروا ْ‬
‫لهم ِبه» (رواه مسلم‪ ،)2532:‬وكل هذه النصوص‬ ‫الر ُج ُل ُفي ْف َت ُح ْ‬ ‫وج ُد َّ‬ ‫وس َّل َم؟ ُفي َ‬
‫وغيرها تزكيهم وتزكي فهمهم وعملهم وتطبيقهم لإلسالم‪.‬‬

‫ ‪-‬ثال ًثا‪ :‬أجمع أهل ُّ‬


‫الس َّنة على َّ‬
‫أن خير القرون هم الصحابة ثم الذين يلونهم‬
‫ثم الذين يلونهم‪ ،‬وهذه الخيرية خيرية إيمان وعلم وفهم وعمل‪ .‬وذلك‬
‫خيرا من‬
‫يقتضي تقديمهم في كل باب من أبــواب الخير‪ ،‬إذ لو كانوا ً‬
‫بعض الوجوه فقط‪ ،‬فال يكونون خير القرون مطل ًقا‪ ،‬ولو جاز أنْ يخطئ‬
‫الصواب‪ ،‬وإنَّما ظفر‬
‫قيتهم َّ‬
‫الرجل منهم في ُحكم من األحكام‪ ،‬ولم يذكر َب َّ‬
‫َّ‬
‫بالصواب من جاء بعدهم؛ للزم أن يكون ذلك القرن الذي حاز الصواب‬
‫َّ‬
‫خيرا منهم من هذا الوجه‪ ،‬وهذا غير صحيح‪.‬‬
‫ً‬

‫‪50‬‬
‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬منهج االستدالل على مسائل االعتقاد عند أهل السنة‪ ،‬عثمان علي حسن‪.‬‬

‫‪2.2‬تثبيت حجية السنة‪ ،‬أحمد السيد‪.‬‬

‫‪3.3‬دفاع عن السنة‪ ،‬د‪ .‬محمد أبو شهبة‪.‬‬

‫‪4.4‬حجية السنة‪ ،‬عبد الغني عبد الخالق‪.‬‬

‫‪5.5‬دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه‪ ،‬محمد األعظمي‪.‬‬

‫‪6.6‬عقيدة أهل السنة والجماعة‪ ،‬محمد العثيمين‪.‬‬

‫‪7.7‬مدخل لدراسة العقيدة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬عثمان ضميرية‪.‬‬

‫‪8.8‬مقدمات في االعتقاد‪ ،‬د‪ .‬ناصر القفاري‪.‬‬

‫‪9.9‬المدخل لدراسة العقيدة اإلسالمية على مذهب أهل السنة والجماعة‪ ،‬د‪.‬‬
‫إبراهيم البريكان‪.‬‬

‫‪1010‬مقدمة في عقيدة السلف‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪1111‬عقيدة أهل السنة والجماعة‪ ،‬د‪ .‬محمد إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪1212‬أهل السنة والجماعة‪ ،‬معالم االنطالقة الكبرى‪ ،‬محمد المصري‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مفهوم اإليمان‬
‫تمهيد؛ وفيه أربع مسائل‪:‬‬

‫بعد ْ‬
‫أن عرفنا مصادر المعرفة والعالقة بينها‪ ،‬وعرفنا مكانة الوحي وحاكم َّيته‬
‫على سائر المصادر‪ ،‬وذكرنا مصادر التلقي التي يستمد منها المؤمن إيمانه‪َّ ،‬‬
‫فإن‬
‫أول ما يجب على كل مسلم معرفته‪ :‬أصول اإليمان‪ ،‬فهي أساس كل علم‪ ،‬وعليها‬
‫ُيبنى كل فهم‪ ،‬فهذه األصول أساس كل شيء يأتي من بعدها‪ .‬فإن من أيسر الطرق‬
‫وأصحها لتعلم هذه األصول دراسة أركان اإليمان‪ ،‬وقد َع َّظم الله تعالى ذكر اإليمان‬
‫ِ‬
‫وفهما‬
‫ً‬ ‫كثيرا في القرآن‪ .‬وفي هذا داللة على عظمته ووجوب العناية به‪ ،‬تع ُّل ًما وتعل ً‬
‫يما‬ ‫ً‬
‫وتجديدا‪ .‬وسوف نتحدث في هذا التمهيد عن أربع مسائل‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫وعمالً‬

‫المسألة األولى؛ مفهوم أركان اإليمان‪:‬‬

‫الركن هو الجزء من الشيء الذي ال يقوم الشيء إال به‪ ،‬فإذا زال الركن زال‬
‫الشيء بكامله‪.‬‬

‫وأما اإليمان فهو تصديق بالجنان‪ ،‬وقول باللسان‪ ،‬وعمل بالجوارح واألركان؛‬
‫يزيد بالطاعة‪ ،‬وينقص بالمعصية‪.‬‬

‫وأركان اإليمان هي‪ :‬اإليمان بالله تعالى ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم‬
‫اآلخر‪ ،‬وبالقدر خيره وشره‪.‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬


‫ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ‬
‫ﯕ﴾ [البقرة‪ ،]285:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ﴾ [القمر‪ ،]49:‬وفي‬

‫‪55‬‬
‫«أن ُت ْؤ ِم َن‬
‫حديث جبريل المشهور لما سأل رسول الله ﷺ عن اإليمان‪ ،‬قال ﷺ‪ْ :‬‬
‫وش ِّر ِه» (رواه‬‫اآلخرِ‪ ،‬و ُت ْؤ ِم َن بال َق َد ِر َخ ْيرِ ِه َ‬
‫بال َّل ِه‪ ،‬ومالئِكَتِ ِه‪ ،‬و ُكتبِ ِه‪ ،‬ورس ِل ِه‪ ،‬وا ْليو ِم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مسلم‪.)8:‬‬

‫المسألة الثانية؛ الصلة بين أركان اإليمان‪:‬‬


‫ٍ‬
‫خالق لهذا الكون‪َّ ،‬‬
‫وأن هذا الخالق له كمال القدرة‬ ‫حينما ُي ِق ُّر المؤمن بوجود‬
‫والعلم والحكمة‪ ،‬فمن لوازم ذلك ْ‬
‫أن يكون لهذا الخالق غاية‪ ،‬وال طريق للوصول‬
‫إلى االطالع على هذه الغاية إال عن طريق رسالة تصل إلى الخلق تخبرهم بها‪ .‬ويقوم‬
‫بإيصال هذه الرسالة رسل يختارهم الله‪ ،‬رسل من السماء‪ ،‬ورسل من أهل األرض‪،‬‬
‫ُي َب ِّينون للناس ما فيها من الحق‪ ،‬و ُي َع ِّل ُمو َنهم أمور دينهم وما فيه صالح دنياهم‪ ،‬في‬
‫بيان واضح لما يجب عليهم في الدنيا‪ ،‬وماذا ينتظرهم في اآلخرة‪.‬‬

‫المسألة الثالثة؛ مراتب اإليمان‪:‬‬

‫مراتب اإليمان عند أهل السنة والجماعة كاآلتي‪:‬‬

‫أيضا مطلق اإليمان‪ ،‬أو اإليمان‬


‫ويسمى ً‬
‫َّ‬ ‫المرتبة األولــى‪ :‬أصل اإليمان‪،‬‬
‫المجمل‪ .‬وبــزوال هذه المرتبة يزول اإليمان‪ ،‬ألنها حد اإلســام‪ ،‬والفاصل بين‬
‫الكفر واإليمان‪ ،‬وهذا النوع واجب على كل من دخل دائرة اإلسالم‪ ،‬وبه يعلم ثبوت‬
‫األحكام الشرعية‪.‬‬

‫المرتبة الثانية‪ :‬اإليمان الواجب‪ ،‬وهذه المرتبة تكون بعد مرتبة أصل اإليمان‪.‬‬
‫ويكون صاحبها ممن يؤ ِّدي الواجبات ويتجنَّب الكبائر‪ ،‬ويلتزم تفصيالت الشريعة‬
‫ظاهرا وباطنًا حسب استطاعته‪.‬‬
‫ً‬ ‫وعمل‬
‫ً‬ ‫الواجبة‪ ،‬تصدي ًقا‬

‫المرتبة الثالثة‪ :‬اإليمان المستحب‪ ،‬وهذه المرتبة بعد مرتبة اإليمان الواجب‪،‬‬
‫وهي مرتبة اإلحسان‪ ،‬وصاحبها ال يكتفي بعمل الواجبات‪ ،‬وترك المنكرات؛ بل‬

‫‪56‬‬
‫يضيف إلى ذلك فعل المستح َّبات‪ ،‬واجتناب المكروهات والمتشابهات‪ ،‬بقدر ما‬
‫يسر الله تعالى له ذلك‪.‬‬
‫َّ‬
‫ويتفاوت أصحاب هذه المراتب بقدر تفاوتهم بالعلم والنية والعمل واالتباع‪.‬‬

‫المسألة الرابعة؛ حقيقة اإليمان عند أهل السنة‪:‬‬

‫من القضايا المهمة في مسألة اإليمان تأكيد أمرين‪:‬‬

‫أن حقيقة اإليمان مركبة من األعمال واألقوال الظاهرة والباطنة‪ ،‬فاإليمان‬


‫‪َّ 1.1‬‬
‫مركب من قول القلب واللسان‪ ،‬ومن عمل القلب واللسان والجوارح‪.‬‬
‫قــال تعالى‪ ﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [الــحــجــرات‪ ،]14:‬وقال‬
‫تــعــالــى‪ ﴿ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ﴾ [الــمــائــدة‪ ،]41:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﴾ [البقرة‪ ،]136 :‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫بض ٌع‬
‫يمان ْ‬ ‫ﮓ ﮔ﴾ [البقرة‪ ،]143:‬أي‪ :‬صالتكم‪ ،‬وقال ﷺ‪ِ :‬‬
‫«اإل ُ‬
‫ون‪ُ ،‬ش ْع َبةً‪ ،‬فأ ْف َض ُلها َق ْو ُل ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه‪َ ،‬‬
‫وأ ْدناها‬ ‫ِ‬
‫بض ٌع وس ُّت َ‬ ‫ون‪ ،‬أو ْ‬ ‫وس ْب ُع َ‬
‫َ‬
‫اإليمان» (رواه مسلم‪،)35:‬‬ ‫ِ‬ ‫يق‪ ،‬وا ْل َحيا ُء ُش ْع َب ٌة ِم َن‬‫إما َط ُة األ َذى َع ِن ال َّطرِ ِ‬
‫وحده؟ قالوا‪ :‬الل ُه ورسو ُله أع َل ُم‬ ‫ِ‬
‫اإليمان بالله َ‬ ‫ُ‬ ‫تدرون ما‬
‫َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬هل‬
‫الله‪ ،‬وإقام الص ِ‬ ‫رسول ِ‬‫ُ‬
‫الة‪ ،‬وإيتا ُء‬ ‫ُ َّ‬ ‫حم ًدا‬
‫وألن ُم َّ‬
‫أن ال إل َه َّإل الل ُه‪َّ ،‬‬ ‫قال‪َ :‬شهاد ُة ْ‬
‫ِ‬ ‫الز ِ‬
‫المغنَ ِم» (رواه البخاري‪.)87:‬‬ ‫الخ ُم َس من َ‬ ‫رمضان‪ ،‬و ُتع ُطوا ُ‬ ‫َ‬ ‫وصوم‬
‫ُ‬ ‫كاة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫‪َّ 2.2‬‬
‫أن اإليــمــان يــزيــد بالطاعة وينقص بالمعصية‪ .‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ [األنـــــفـــــال‪ ،]2:‬وقــــال تــعــالــى‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫ين َي ْزنِي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ﴾ [المدثر‪ ،]31:‬وقال ﷺ‪« :‬ال َي ْزني ال َّزاني ح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َي ْش َر ُب وهو ُم ْؤم ٌن‪ ،‬وال َي ْسرِ ُق ح َ‬
‫ين‬ ‫الخ ْم َر ح َ‬ ‫وهو ُم ْؤم ٌن‪ ،‬وال َي ْش َر ُب َ‬
‫«من َر َأى ِمنكُم‬ ‫َي ْسرِ ُق وهو ُم ْؤم ٌن» (رواه البخاري‪ ،)2475:‬وقال ﷺ‪َ :‬‬
‫ِ‬

‫َ‬
‫وذلك‬ ‫فإن َل ْم َي ْس َتطِ ْع َفبِ َق ْلبِ ِه‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫فإن َل ْم َي ْس َتط ْع َفبِ ِلسانه‪ْ ،‬‬
‫ِِ‬
‫ُمنْك ًَرا َف ْل ُيغ َِّي ْر ُه َبيده‪ْ ،‬‬
‫اإليمان» (رواه مسلم‪.)49:‬‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أض َع ُ‬‫ْ‬

‫‪58‬‬
‫أركان اإليمان‬
‫الركن األول‬
‫اإليمان باهلل تعالى‬
‫دلت الفطرة السليمة والعقل الصحيح والشرع على وجود الله تعالى‪ ،‬فكل‬
‫مخلوق قد ُفطِر على اإليمان بخالقه‪ ،‬ويدله تفكيره السليم على وجود إله مدبر‬
‫للكون‪.‬‬

‫يتضمن اإليمان بوجوده سبحانه‪ ،‬وأنَّه الخالق المدبر‬


‫َّ‬ ‫واإليمان بالله تعالى‬
‫لهذا الكون الرازق لمن فيه‪ ،‬وأنَّه المعبود الحق ال شريك له في ملكه وحكمه‪،‬‬
‫وأنَّه كامل في كل شيء له األسماء الحسنى والصفات العلى‪ .‬وهذا اإليمان الذي‬
‫أيضا بكل ما بلغه من تفاصيل‬
‫أن يؤمن ً‬
‫أن يؤمن به‪ ،‬ويجب ْ‬
‫يجب على كل مؤمن ْ‬
‫هذا الركن الــواردة في القرآن والسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ‪ ،‬وهذا الركن‬
‫األول لإليمان ُيعد األصل األول من أصول اإليمان‪ ،‬وعليه مدار اإلسالم وهو‬
‫لب القرآن العظيم‪ ،‬واإليمان بالله تعالى بالنسبة لبقية األركان كأصل الشجرة‬
‫ُّ‬
‫عظيما؛ كان حظه‬
‫ً‬ ‫بالنسبة للفروع‪ ،‬فكلما كان حظ المرء من اإليمان بالله تعالى‬
‫كبيرا‪ .‬وال تكتمل إنسانية اإلنسان إال باإليمان بالله ر ًّبا مستح ًّقا‬
‫في اإلسالم ً‬
‫وحده سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫َ‬ ‫للعبادة‬

‫اإليمان بالله‪ :‬هو اإليمان بوجود الله سبحانه وتعالى‪ ،‬واإليمان بربوبيته‪ ،‬وأ َّنه‬
‫الرب المعطي الخالق الرازق المدبر‪ ،‬واإليمان بألوهيته‪ ،‬وتوحيده وأ َّنه المستحق‬
‫ُّ‬
‫للعبادة ال شريك له‪ ،‬واإليمان بأسمائه الحسنى وصفاته العلى‪ ،‬المحققة للكمال‬
‫والجمال وتنزيهه عن النقائص وكل ما ينافي كماله سبحانه‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫اإليمان بوجود اهلل تعالى‪:‬‬

‫إن أدلة وجود الله تعالى تنقسم إلى أنواع‪ :‬أدلة‬


‫األدلة على وجود الله تعالى‪َّ :‬‬
‫فطرية‪ ،‬وأدلة عقلية‪ ،‬وأدلة نقلية‪.‬‬

‫‪1.1‬األدلة الفطرية‪:‬‬

‫إن داللة الفطرة على وجود الله تعالى أقوى من أي دليل آخر‪َّ .‬‬
‫ألن ضرورة‬ ‫َّ‬
‫االحتياج راسخة في النفس وال تحتاج إلى استدالل‪ ،‬وهو أصل لكل األدلة األخرى‪.‬‬
‫أن اإلنسان لو ُت ِر َك وذاته‪ ،‬دون ٍّ‬
‫مرب‪ ،‬فإ َّنه يشعر في أعماق‬ ‫وأصل داللة الفطرة هي َّ‬
‫بأن لهذا الكون خال ًقا خلقه‪ ،‬هذا الشعور يولد معه‪ ،‬ويهتدي إليه بفطرته‪ ،‬قال‬
‫نفسه‪َّ ،‬‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [الروم‪،]30:‬‬
‫بأن له خال ًقا‪ ،‬ويحس بعظيم الحاجة إليه‪ ،‬فيتجه بقلبه إلى‬
‫فكل إنسان يشعر من نفسه َّ‬
‫السماء بعفوية‪ ،‬ليطلب العون واالستجابة عند اكتراب المحن‪.‬‬

‫والقول بفطرية اإليمان بوجود الخالق أمر ضــروري‪ ،‬فنفس الفطرة تستلزم‬
‫اإلقرار بوجود الخالق إذا سلمت من المعارض‪ .‬ومما يدل على صحة دليل الفطرة‬
‫ما يأتي‪:‬‬

‫أن بني آدم أجمعين لهم شعور يشتركون فيه‪ ،‬هو اللجوء إلى الخالق‬
‫أول‪َّ :‬‬
‫ً‬
‫سبحانه عند الشدائد‪ .‬فاإلنسان ولو كان مشركًا يفزع عند المصيبة إلى ربه سبحانه‪،‬‬
‫ويشعر في قرارة قلبه بافتقاره إلى ربه‪ْ ،‬‬
‫وإن أظهر غير ذلك‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ﴾ [النمل‪ .]14 :‬وقد قرر القرآن الكريم هذا المعنى‬
‫في قوله تعالى‪﴿ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾‬
‫[يونس‪ .]12:‬فرجوع اإلنسان إلى ربه سبحانه عند الشدة‪ ،‬برهان جلي على َّ‬
‫أن‬
‫قرة بوجود الله تعالى‪ْ ،‬‬
‫وإن أظهر حال الرخاء عكس ذلك‪.‬‬ ‫فطرته ُم َّ‬

‫‪64‬‬
‫ثانيا‪ :‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ﴾‬ ‫ً‬
‫الف ْطر ِة‪ ،‬فأبواه يهودانِهِ‬ ‫ود إِل يو َلد ع َلى ِ‬
‫[البقرة‪ ،]138:‬وقال ﷺ‪« :‬ما ِمن مو ُل ٍ‬
‫َ َ ُ ُ َ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ ُ‬ ‫َْ‬
‫َو ُينَ ِّص َرانِ ِه َو ُي َش ِّر َكانِ ِه» (رواه مسلم‪ ،)2658:‬وقال ﷺ فيما يرويه عن الله سبحانه‬
‫اج َتا َل ْت ُه ْم عن‬ ‫ادي حنفَاء ُك َّلهم‪ ،‬وإنَّهم َأتتهم َّ ِ‬‫وتعالى‪« :‬وإنَّي خ َل ْقت ِعب ِ‬
‫ين َف ْ‬
‫الش َياط ُ‬ ‫ُ ْ َُْ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫أن فطرته مقتضية لإليمان بخالق واإلقرار به‬ ‫ِدين ِ ِه ْم» (رواه مسلم‪ ،)2865:‬والمراد َّ‬
‫ومحبته‪ ،‬ومقتضيات هذه الفطرة وموجباتها تحصل شي ًئا بعد شيء‪ ،‬وذلك بحسب‬
‫حينئذ نور الفطرة مع نور الوحي‪.‬‬‫ٍ‬ ‫سالمة فطرته وانتفاء موانعها‪ ،‬فيلتقي‬

‫ثال ًثا‪ :‬مما يدل على فطرية التدين‪ :‬مالزمته لتاريخ البشرية‪ .‬فلم ُ‬
‫يخل عصر من‬
‫العصور‪ ،‬أو أمة من األمم‪ ،‬من دين أو معبود‪ ،‬سواء أكان ح ًّقا أو ً‬
‫باطل‪ .‬وهذا يدل‬
‫أمر مركوز في الفطرة‪،‬‬ ‫أن التدين وقبله اإلقرار بوجود خالق للكون ٍ‬
‫مدبر له‪ٌ :‬‬ ‫على َّ‬
‫متجذر في النفوس‪ ،‬يشترك الناس فيه‪ ،‬على اختالف أحوالهم وعلومهم وبيئاتهم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫راب ًعا‪ :‬مما يدل على استقرار المعرفة الفطرية بوجود الله تعالى في نفوس‬
‫ينمي فيه الشعور باالفتقار إلى‬
‫البشر‪ :‬أن اإلنسان ال ينفك عن العجز الذاتي‪ ،‬الذي ِّ‬
‫ٍ‬
‫إله قادر مد ِّبر‪ ،‬يلتجئ إليه في حاجاته‪ ،‬ويجبر نقصه بالتوجه إليه‪ .‬ولما كان العجز‬
‫أيضا‪ .‬وهذه حقيقة ارتكاز‬‫الزما له ً‬
‫الزما لإلنسان‪ ،‬كان هذا الشعور الناشئ عنه‪ً :‬‬ ‫ً‬
‫معرفة وجود الله تعالى في الفطرة اإلنسانية‪.‬‬

‫‪2.2‬األدلة العقلية‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن العالم من حولنا حدثت فيه بعض الحوادث‪ ،‬فمن الذي أوجدها وقام عليها؟‬
‫إما ْ‬
‫أن تكون هذه الحوادث ُوجدت هكذا صدفة من غير سبب يدعو لذلك‪ ،‬فحينها‬
‫أوجدت‬
‫ْ‬ ‫أن تكون هذه الحوادث‬‫ال أحد يعلم َم ْن أوجدها‪ .‬وهناك احتمال آخر‪ :‬وهو ْ‬
‫أن لهذه الحوادث خال ًقا قد خلقها‪.‬‬ ‫نفسها ِ‬
‫بنفسها‪ .‬وهناك احتمال ثالث‪ :‬وهو َّ‬ ‫َ‬

‫‪65‬‬
‫وعند النظر في هذه االحتماالت الثالثة نجد األول منها متعذر؛ فوجود هذا‬
‫أن يكون وجودها‬ ‫يمنع من ًعا با ًّتا ْ‬
‫النظام البديع‪ ،‬والتناسق بين األسباب ومسبباتها‪ُ ،‬‬
‫وج ُد الشيء ذا َته ِ‬
‫بنفسه‪ ،‬وعليه‬ ‫صدفة‪ ،‬وكذلك االحتمال الثاني مستحيل؛ إذ كيف ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فإن االحتمال الثالث هو الصحيح‪ .‬وهذا ما ذكره القرآن الكريم‪ ،‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾‬
‫[الطور‪.]36-35:‬‬

‫َّ‬
‫إن دليل الخلق واإلبــداع والتفكر فيه من أعظم األدلــة على الخالق‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ﴾ [الطارق‪ ،]6:‬ومثل قوله تعالى‪﴿ :‬ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ﴾ [الغاشية‪ ،]17:‬ومثل قوله تعالى‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ﴾ [األنعام‪ ،]79 :‬وقوله‪:‬‬
‫﴿ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ﴾ [آل عمران‪.]191:‬‬

‫والتناسق والنظام والتدبير الموجود في الكون‪ ،‬وقانون السببية الذي تنتظم به‬
‫قوانين الخلق‪ ،‬ودليل العناية بالمخلوقات والتسخير‪ ،‬كل هذه تعد من أقوى الدالئل‬
‫العقلية على وجود الله تعالى‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﴾‬
‫[الــنــبــأ‪ ،]7-6:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ﴾ [الفرقان‪ ،]61:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾ [عبس‪.]24:‬‬

‫جاهل‬
‫ً‬ ‫ومعرفة هذه األدلة من األمور الضرورية التي يعرفها كل أحد مهما كان‬
‫بالحجاج وطرائق االستدالل وقواعد التفكير‪.‬‬

‫ومن األدلة التي يدل فيها األثر على المؤثر‪ :‬هداية المخلوقات إلى ما فيه‬
‫سر حياتها‪ ،‬وكذلك بعض ما يجريه الله على أيدي أنبيائه من خــوارق اآليات‬

‫‪66‬‬
‫والمعجزات والبراهين الحسية التي تثبت وجــوده وتأييده ونصرته لهم‪ .‬ومن‬
‫أظهرها استجابة الله تعالى للدعاء‪ ،‬فإن االنسان يدعو الله عز وجل‪ ،‬ثم يستجاب‬
‫أخبارا متواترة أن الله تعالى استجاب ألناس دعواتهم‪،‬‬
‫ً‬ ‫له‪ ،‬وكذلك نحن نسمع‬
‫وهذا أمر واقع يدل على وجود الخالق داللة حسية عقلية‪ ،‬وفي القرآن كثير من هذا‪،‬‬
‫مثل قوله تعالى‪﴿ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ﴾ [األنبياء‪ .]84-83:‬وكل مؤمن يجد أثر هذا الدليل في حياته‪ ،‬بل‬
‫حتى الكفار يستجاب لهم حال إخالصهم في دعوة المضطر والمظلوم‪.‬‬

‫‪3.3‬األدلة النقلية‪:‬‬

‫حث القرآن على التفكر وتأمل اآليــات في الكون‪ ،‬التي تدل على وجود‬
‫الله‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ‬
‫ــال َت َعا َلى‪﴿ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾‬
‫ﮝ﴾ [الــنــمــل‪ ،]60:‬و َق َ‬
‫[الطور‪ ،]35:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ [البقرة‪،]22-21:‬‬
‫فهذه وما شابهها أدلة نقلية عقلية‪.‬‬

‫ومن األدلة النقلية العقلية كذلك‪َّ ،‬‬


‫أن ما جاء به التشريع من األحكام المتضمنة‬
‫لمصالح الخلق في تكاملها وجمالها وإحكامها؛ دليل على أ َّنها ال تصدر إال من‬
‫خالق حكيم عليم بمصالح خلقه‪ ،‬وما جاءت به من األخبار الكونية التي شهد‬
‫رب قادر على إيجاد ما أخبر به‪ ،‬فالقرآن نفسه‬
‫الواقع بصدقها؛ دليل على أ َّنها من ٍّ‬
‫ونواه وقصص وأخبار وإشارات وإعجاز؛ دليل على‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫بكل ما فيه من أحكام وأوامر‬
‫وجود الله تعالى‪ ،‬فهو يحمل دليل صدقه فيه‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫إن‬
‫أن نقول‪َّ :‬‬
‫وإن أردنا اختصار المعاني السابقة في عبارة جامعة‪ ،‬فيمكن ْ‬
‫ْ‬
‫اإليمان بوجود الله تعالى ليس حاجة فطرية ووجدانية ونفسية وأخالقية فحسب‪،‬‬
‫أيضا‪ ،‬ألن اإليمان بوجود الله تعالى هو الضمانة المعرفية التي‬
‫بل وحاجة معرفية ً‬
‫يحتاج إليها اإلنسان لتفسير الحياة‪ .‬وأي معرفة للكون وقوانينه ال تنضبط انضبا ًطا‬
‫صحيحا‪ ،‬وال تستقيم مسالك االستدالل فيها؛ إال عن طريق معرفة صانع هذا الكون‪،‬‬
‫ً‬
‫واإليمان بوجوده ومعرفة غايته من الخلق‪ ،‬وأي تفسير معرفي للخلق والحياة من‬
‫دون اإليمان بوجود الخالق؛ فهو تفسير غير صحيح‪ ،‬فالمخلوقات كلها تدل عليه‬
‫وهي قد أتت منه‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾[الملك‪.]14:‬‬

‫اإليمان بربوبيته سبحانه‪:‬‬

‫ ‪-‬وهو اإليمان الجازم َّ‬


‫بأن الله تعالى وحده رب كل شيء ومليكه‪ ،‬ال شريك‬
‫له‪ ،‬وهو الخالق وحده وهو مدبر العالم والمتصرف فيه‪ ،‬وأنَّه خالق العباد‬
‫ورازقهم ومحييهم ومميتهم‪ ،‬فهم مفتقرون بأصل خلقهم إلى خالقهم‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ﴾ [فاطر‪.]15:‬‬
‫فالخلق بذاته دليل على افتقار المخلوق لمن خلقه وحاجته إليه‪ ،‬فاالفتقار‬
‫أن‬
‫وصف الزم للمخلوق في أصل وجوده واستمرار هذا الوجود‪ ،‬كما َّ‬
‫الغنى وصف الزم للخالق سبحانه وتعالى‪ ،‬وخالصة اإليمان بالربوبية هو‪:‬‬
‫توحيد الله تعالى بأفعاله‪.‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬


‫ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾‬
‫[البقرة‪.]22-21:‬‬

‫‪68‬‬
‫ ‪-‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾‬
‫[آل عمران‪.]26:‬‬

‫ ‪-‬وقــــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫ٍ‬
‫ﭢ﴾ [هود‪.]6:‬‬ ‫ﭝﭞﭟﭠﭡ‬

‫ ‪-‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬


‫ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ﴾ [األعراف‪.]54:‬‬

‫ ‪-‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬


‫ﯬ﴾ [األنبياء‪.]22:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬


‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾ [المؤمنون‪.]91:‬‬

‫ ‪-‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ﴾‬


‫[اإلسراء‪.]42:‬‬

‫مستقر فـي فِ َطر عامة البشر‪ ،‬فهم ُم ِق ُّرون لله تعالى به‪ ،‬قال‬
‫ٌّ‬ ‫وهذا التوحيد‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾ [لقمان‪ ،]25:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ﴾ [يونس‪ .]32-31:‬ولم يجحد هذا‬
‫التوحيد إال مكابر معاند‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ﴾‬
‫[النمل‪.]14:‬‬

‫‪69‬‬
‫اإليمان بألوهيته سبحانه‪:‬‬

‫وهو اإليمان َّ‬


‫بأن الله تعالى هو اإلله الحق المتفرد باستحقاق العبادات كلها‬
‫الظاهرة والباطنة وحده ال شريك له‪ ،‬والبراءة من ِّ‬
‫كل معبود دونه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯓ‬
‫ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ‬
‫ﯥ﴾ [األنعام‪]163-162:‬‬

‫فهو اإلله المعبود بحق‪ ،‬الذي ال تنبغي العبادة إال له‪ ،‬ويجب طاعته تعالى‬
‫بامتثال أوامره واجتناب نواهيه‪ .‬وخالصة اإليمان باأللوهية هو‪ :‬توحيد الله تعالى‬
‫بأفعال العباد‪ ،‬وهذه األفعال مبن َّية على المح َّبة التي تأتي بالرغبة‪ ،‬والتعظيم الذي‬
‫يأتي بالرهبة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭ﴾ [األنبياء‪ ،]90:‬فالعبادة تجمع غاية الحب لله تعالى مع غاية الذل له‬
‫سبحانه‪.‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬


‫ﮦ ﴾ [البقرة‪.]21:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ﴾ [النساء‪]36:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬


‫ﭾ﴾ [النحل‪ .]36:‬فما من رسول إال قال لقومه‪﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ [األعراف‪.]59:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬


‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾ [البينة‪.]5:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾ [الفاتحة‪.]5:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ [الذاريات‪.]56:‬‬

‫‪70‬‬
‫ ‪-‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ﴾ [اإلسراء‪.]23:‬‬

‫ ‪-‬وحذر من الشرك فقال تعالى‪﴿ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬


‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [المؤمنون‪.]117:‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬


‫ﮇ ﮈ ﮉ﴾ [المائدة‪.]72:‬‬

‫النبي ﷺ ع َلى ِحما ٍر‬ ‫ ‪-‬وعن ُمعاذ بن جبل رضي الله عنه قال‪ُ :‬ك ْن ُت ِر ْد َف ِّ‬
‫هل ت َْد ِري َحقَّ ال َّل ِه ع َلى ِعبا ِد ِه‪ ،‬وما َح ُّق ال ِعبا ِد‬ ‫قال له ُع َف ْي ٌر‪َ ،‬‬
‫فقال‪« :‬يا ُم ُ‬
‫عاذ‪ْ ،‬‬ ‫ُي ُ‬
‫فإن َحقَّ ال َّل ِه ع َلى ال ِعبا ِد ْ‬
‫أن َي ْع ُبدُ و ُه‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫أع َل ُم‪َ ،‬‬‫ورسو ُل ُه ْ‬ ‫ع َلى ال َّل ِه؟ ُق ُ‬
‫لت‪ :‬ال َّل ُه َ‬
‫أن ال ُي َع ِّذ َب َمن ال ُيشْ ر ُِك به شيئًا»‬ ‫وحقَّ ال ِعبا ِد ع َلى ال َّل ِه ْ‬
‫وال ُيشْ ر ُِكوا به شيئًا‪َ ،‬‬
‫(رواه البخاري‪ ،6267:‬ومسلم‪)30:‬‬

‫وهذه العبادة ال تقبل إال بشرطين؛ األول‪ :‬اإلخالص لله تعالى‪﴿ ،‬ﰐ ﰑ ﰒ‬
‫ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ﴾ [الكهف‪ ،]110:‬وقال ﷺ‪« :‬إنَّما‬
‫ورسولِ ِه‪َ ،‬ف ِه ْج َر ُت ُه‬ ‫ِ‬ ‫األعم ُال بالني ِة‪ ،‬وإنَّما ِلمرِ ٍئ ما نَوى‪ ،‬فمن َكان ِ‬
‫َت ه ْج َر ُت ُه إلى ال َّله َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ َّ‬ ‫ْ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت ه ْج َر ُت ُه إلى ُدن َْيا ُيصي ُب َها أو ْام َر َأة َي َت َز َّو ُج َها‪َ ،‬ف ِه ْج َر ُت ُه إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن َكان ْ‬
‫ورسوله‪َ ،‬‬ ‫إلى ال َّله َ‬
‫اج َر إ َل ْي ِه» (رواه البخاري‪.)6689:‬‬ ‫ما َه َ‬

‫أما الشرط الثاني فهو‪ :‬المتابعة للرسول ﷺ‪ ،‬فال ُيع َبد الله َّإل بما َ‬
‫شرع‪،‬‬
‫ليس فِ ِيه‪َ ،‬فهو َر ٌّد» (رواه البخاري‪.)2697:‬‬
‫ث في َأ ْمرِنَا هذا ما َ‬
‫«من َأ ْح َد َ‬
‫قال ﷺ‪َ :‬‬
‫التوحيد الذي ُينجي صاح َبه في الدنيا‬
‫َ‬ ‫أن العبد ال يكون ُم َو ِّح ًدا‬
‫أن نعلم َّ‬
‫ويجب ْ‬
‫فإن هذا التوحيد كان ُي ِق ُّر‬ ‫ٍ‬
‫كل شيء وخالقه؛ َّ‬ ‫رب ِّ‬ ‫أن الله هو ُّ‬
‫بمجرد إيمانه َّ‬
‫َّ‬ ‫واآلخرة‬
‫به المشركون الذين ُأ ِم َر الرسول ﷺ بقتالهم‪ ،‬بل ال َّبد مع توحيد الربوبية من توحيد‬
‫أجله خ َلق الله الخ ْلق‪،‬‬
‫الرسل‪ ،‬والذي من ْ‬
‫األلوهية‪ ،‬الذي هو الغاية ال ُعظمى من ب ْعثة ُّ‬
‫َّ‬
‫الرسل‪ ،‬وأصل الخالف‬
‫وج َعل الجنة والنار‪ .‬إن توحيد األلوهية هو مفتاح دعوة ُّ‬

‫‪71‬‬
‫بينهم وبين أقوامهم‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [األنبياء‪.]25:‬‬

‫َّ‬
‫إن ال إله إال الله‪ :‬جمعت اإليمان وأساسه‪ .‬وبقية أركان اإليمان واإلسالم‬
‫متفرعة عنها‪ ،‬مقيدة بالتزام معناها‪ ،‬والعمل بمقتضاها‪ .‬ومعناها‪ :‬ال معبود يستحق‬
‫العبادة إال الله سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫ ‪-‬هي ُ‬
‫العروة الوثقى‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ‬
‫ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ﴾ [البقرة‪.]256:‬‬

‫ ‪-‬وهــي العهد‪ ،‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬


‫ﮬ﴾ [مريم‪.]87:‬‬

‫ ‪-‬وهي ُ‬
‫الحسنى‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﴾ [الليل‪.]7-5:‬‬

‫ ‪-‬وه ــي كلمة الــحــق‪ ،‬ق ــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ﴾‬


‫[الزخرف‪.]86:‬‬

‫ ‪-‬وهي كلمة التقوى‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬


‫ﮨ﴾ [الفتح‪.]26:‬‬

‫ ‪-‬وهي الكلمة ِّ‬


‫الطيبة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾ [إبراهيم‪.]24:‬‬

‫ ‪-‬وهي القول الثابت‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬


‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ [إبراهيم‪.]27:‬‬

‫الحسنة‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ﴾ [النمل‪.]89:‬‬


‫َ‬ ‫ ‪-‬وهي‬

‫‪72‬‬
‫ ‪-‬وهي المثَل األعلى‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ﴾‬
‫[الروم‪.]27:‬‬

‫اس‬‫أس َعدُ ال َّن ِ‬‫ـول ال َّل ِه َمن ْ‬ ‫يل يا َرسـ َ‬ ‫ ‪-‬وهي سبب شفاعة الرسول ﷺ‪ِ « ،‬ق َ‬
‫سول ال َّل ِه ﷺ‪ :‬ل َق ْد َظ َن ْن ُت يا أ َبا ُه َر ْي َر َة ْ‬
‫أن‬ ‫قال َر ُ‬ ‫اعتِ َك َيو َم ال ِق َيا َم ِة؟ َ‬
‫بش َف َ‬‫َ‬
‫أحدٌ َّأو ُل ِم ْن َك لِما َر َأ ْي ُت ِمن ِح ْر ِص َك ع َلى‬ ‫الح ِ‬
‫ديث َ‬ ‫ال َي ْس َأ ُلنِي عن هذا َ‬
‫اعتي َيو َم ال ِق َيا َم ِة‪َ ،‬من َ‬
‫قال ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه‪َ ،‬خالِ ًصا‬ ‫بش َف َ‬
‫اس َ‬‫أس َعدُ ال َّن ِ‬ ‫ديث‪ْ ،‬‬‫الح ِ‬ ‫َ‬
‫ِمن َق ْلبِ ِه‪ ،‬أو َن ْف ِس ِه» (رواه البخاري‪.)99:‬‬

‫أن ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه‪،‬‬ ‫ ‪-‬وهي سبب دخول الجنة‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪ْ :‬‬
‫«أش َهدُ ْ‬
‫غير ٍّ‬
‫شاك ِفي ِهما‪َّ ،‬إل َد َخ َل َ‬ ‫َ‬
‫الج َّن َة»‬ ‫سول الل ِه‪ ،‬ال َي ْل َقى ال َّل َه ب ِهما َع ْبدٌ َ‬
‫وأ ِّني َر ُ‬
‫(رواه مسلم‪.)27:‬‬

‫«فإن ال َّل َه َح َّر َم ع َلى ال َّنا ِر‬


‫ ‪-‬وهي سبب النجاة من النار‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪َّ :‬‬
‫وج َه ال َّل ِه» (رواه البخاري‪.)5401:‬‬ ‫َ‬
‫بذلك ْ‬ ‫َمن َ‬
‫قال‪ :‬ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه‪َ ،‬ي ْب َت ِغي‬

‫وخير‬
‫ُ‬ ‫دعاء يو ِم عرف َة‪،‬‬ ‫«خير الدُّ عا ِء ُ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وهي خير ما قيل‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪:‬‬
‫الملك و َل ُه‬
‫ُ‬ ‫شريك َل ُه‪َ ،‬ل ُه‬
‫َ‬ ‫قلت َأنا وال َّن ُّبيونَ من قبلي‪ :‬ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه وحدَ ُه ال‬
‫ما ُ‬
‫كل َشي ٍء ٌ‬
‫قدير» (رواه الترمذي‪.)3585:‬‬ ‫هو على ِّ‬
‫الحمدُ َو َ‬
‫وس ْب ُعونَ ‪،‬‬ ‫ ‪-‬وهي أفضل ُش َعب اإليمان‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪« :‬اإلِيمانُ ْ‬
‫بض ٌع َ‬
‫إماط ُة األ َذى‬ ‫وس ُّتونَ ‪ُ ،‬ش ْع َب ًة‪ ،‬فأ ْف َض ُلها َق ْو ُل ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه‪َ ،‬‬
‫وأ ْدناها َ‬ ‫بض ٌع ِ‬
‫أو ْ‬
‫ِ‬
‫اإليمان» (رواه مسلم‪.)35:‬‬ ‫ياء ُش ْع َب ٌة ِم َن‬
‫ِيق‪ ،‬وا ْل َح ُ‬ ‫َعنِ َّ‬
‫الطر ِ‬

‫أن ُأ َقاتِ َل‬


‫«أ ِم ْر ُت ْ‬‫سبب لعصمة األموال والدماء‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪ُ :‬‬ ‫ ‪-‬وهي ٌ‬
‫فمن َ‬
‫قال‪ :‬ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه َع َص َم ِمنِّي َما َل ُه‬ ‫اس ح َّتى يقولوا‪ :‬ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه‪َ ،‬‬
‫ال َّن َ‬
‫وح َسا ُب ُه ع َلى ال َّل ِه» (رواه البخاري‪.)2946:‬‬
‫بح ِّق ِه ِ‬
‫و َن ْف َس ُه‪َّ ،‬إل َ‬

‫‪73‬‬
‫وقد استنبط العلماء ‪-‬من مجموع النصوص‪َّ -‬‬
‫أن العبد لكي ينتفع بهذه الكلمة‬
‫مناف للجهل‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ‬ ‫بعلم ٍ‬
‫أن يقولها ٍ‬
‫«ال إله إال الله» فال بد ْ‬
‫مناف للشك‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وبيقين‬ ‫ﰏ ﴾ [محمد‪،]19:‬‬
‫وبقبول ٍ‬
‫مناف للرد‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮒ‬ ‫ٍ‬ ‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [الحجرات‪،]15 :‬‬
‫ٍ‬
‫مناف للترك‪ ،‬قال‬ ‫ٍ‬
‫وبانقياد‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [الصافات‪،]35:‬‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫وبصدق ٍ‬
‫مناف للتكذيب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ﴾ [النساء‪،]65:‬‬
‫ٍ‬
‫وبإخالص‬ ‫﴿ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾ [البقرة‪،]8:‬‬
‫ٍ‬
‫مناف للشرك‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [البينة‪،]5:‬‬
‫ٍ‬
‫وبمحبة منافية للبغض‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [البقرة‪.]165 :‬‬

‫ونقصا‪ ،‬ألنها من اإليمان‪ ،‬واإليمان‬


‫ً‬ ‫يتفاوت الناس فيها زياد ًة‬
‫َ‬ ‫وهذه الشروط‬
‫يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية‪ ،‬وكلما ازداد اإلنسان تع ُّل ًما لدينه‪ ،‬زاد تحقيقه‬
‫أن نتع َّلمها ونعمل بها و ُن َع ِّل َمها‪ ،‬فالنجاة مرتبطة‬
‫لمعنى‪« :‬ال إله إال الله»‪ ،‬فيجب علينا ْ‬
‫بها‪ ،‬والفالح في الدنيا واآلخرة مع َّل ٌق بها وعليها‪.‬‬

‫ونظرا َّ‬
‫ألن هذا النوع من التوحيد واإليمان هو أعظم أنــواع التوحيد؛ فقد‬ ‫ً‬
‫احتاط له الشارع الكريم‪ ،‬ومنع كل وسيلة وذريعة تمس جناب التوحيد‪ ،‬إذ نهى‬
‫عن كل األلفاظ التي توهم المساواة مع الله كقولك‪« :‬ما شاء الله وشئت» (رواه‬
‫أحمد‪ ،)253/3:‬ونهى عن الحلف بغير الله (رواه البخاري‪ ،)6646:‬ونهى عن‬
‫شد الرحال تع ُّب ًدا إال إلى المساجد الثالثة (رواه البخاري‪ ،)1189:‬ونهى عن الوفاء‬
‫بالنذور عند أماكن عبادة األصنام وأعياد الجاهلية (رواه أبو داود‪ ،)3313:‬ونهى‬
‫عن اعتقاد العدوى والطيرة (رواه البخاري‪ ،)5707:‬ونهى عن الغلو في األنبياء‬
‫والصالحين (رواه البخاري‪ ،)4920 ،3445:‬ونهى عن اتخاذ القبور مساجد (رواه‬
‫مسلم‪ ،)532:‬ونهى عن التماثيل (رواه مسلم‪ ،)969:‬ونهى عن الصالة عند طلوع‬

‫‪74‬‬
‫تعظيما ألصل التوحيد‬
‫ً‬ ‫الشمس وعند غروبها (رواه البخاري‪ .)585:‬كل ذلك‬
‫وحماية له من أسباب الشرك ووسائله‪.‬‬

‫اإليمان بأسمائه وصفاته سبحانه‪:‬‬

‫بتفرد الله عز وجل بأحسن األسماء وأكمل الصفات‪ ،‬وهذا‬


‫وهو اإليمان ُّ‬
‫اإليمان يقوم على أصلين عظيمين‪:‬‬

‫أحدهما‪َّ :‬‬
‫أن الله له األسماء الحسنى والصفات ال ُعلى الدالة على صفات‬
‫الكمال‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‪﴿ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﴾ [األعراف‪.]180:‬‬

‫منزه عن صفات النقص مطل ًقا‪ ،‬وأ َّنه ال يماثله أحد من‬ ‫الثاني‪َّ :‬‬
‫أن الله تعالى َّ‬
‫خلقه‪ ،‬قال الله تعالى‪ ﴿ :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾ [الشورى‪.]11:‬‬

‫وقد َّ‬
‫دل القرآن العظيم على أسس ثالثة في فهم صفات الله عز وجل‪:‬‬

‫شيء من صفاته شي ًئا من صفات‬


‫ٌ‬ ‫األساس األول‪ :‬تنزيهه ‪ ۴‬عن ْ‬
‫أن يماثل‬
‫المخلوقين‪ ،‬قــال الــلــه تــعــالــى‪﴿ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾‬
‫[الشورى‪.]11:‬‬

‫األساس الثاني‪ :‬اإليمان بما وصف الله تعالى به نفسه في الكتاب والسنة‬
‫الصحيحة‪ ،‬ألنه ال أحد أعلم بالله مِ َن الله‪ ،‬قال الله تعالى‪﴿ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﴾‬
‫[البقرة‪ ،]140:‬فيجب التزام النصوص الواردة في هذا الباب واإليمان بها على‬
‫ظاهرها‪.‬‬

‫األساس الثالث‪ :‬العلم بأ َّنه ال يمكن إدراك الكيفية لصفات الله تعالى‪ ،‬ألن‬
‫إدراك الكيفية يتطلب إدراك حقيقة الله تعالى‪ ،‬واإلنسان عاجز عن ذلك‪ ،‬قال الله‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ﴾ [طه‪.]110:‬‬

‫‪75‬‬
‫ٍ‬
‫معان في غاية الكمال الذي‬ ‫َّ‬
‫إن أسماء الله الحسنى وصفاته العلى دالة على‬
‫ال نقص فيه بوجه من الوجوه‪ ،‬فيجب اإليمان بتلك المعاني‪ ،‬واإليمان بما يقتضيه‬
‫فمثل؛‬
‫كل اسم من تلك األسماء من األحكام‪ ،‬وما يترتب عليها من األفعال واآلثار‪ً ،‬‬
‫حين يعلم المؤمن َّ‬
‫أن الله تعالى هو الرازق الخالق فإن ذلك ُيثمر عبودية التوكل‪.‬‬
‫أن الله تعالى سميع بصير؛ َّ‬
‫فإن ذلك ُيثمر حفظ اللسان وهكذا‪.‬‬ ‫وحين يعلم المؤمن َّ‬
‫ويجب ْ‬
‫أن يتعلم المؤمن الثناء على الله تعالى ودعاءه فـي كل مقام بما يناسبه من‬
‫األسماء‪ ،‬فعند طلب الرزق؛ يسأل الله تعالى بأسماء الغنى والجود والكرم‪ ،‬وعند‬
‫طلب النصر على العدو؛ يسأل الله تعالى بأسماء القوة والقهر والعظمة والعلم‪،‬‬
‫وعند سؤال العفو والمغفرة؛ يسأل الله تعالى بأسماء اللطف والرحمة والحلم‬
‫والمغفرة والعفو‪ ،‬وهكذا‪ .‬وينبغي االهتمام بدراسة األسماء الحسنى والصفات‬
‫العلى و َت َع ُّلم معانيها وحفظها‪ ،‬فهي تمأل قلب المؤمن بمعاني اإلجالل والحب‬
‫والخوف والرجاء والتوكل وصحة التوسل‪.‬‬

‫من ثمرات اإليمان باهلل تعالى‪:‬‬

‫خالصا لله تعالى‪ ،‬فيبذل‬


‫ً‬ ‫إن من يتعرف إلى الله فإنه يسهل عليه ْ‬
‫أن يتوجه بقلبه‬ ‫َّ‬
‫له خالص المحبة وأصدقها وأكملها‪ ،‬ومن يتعرف إلى الله ويؤمن به‪ ،‬فإ َّنه يدعو الله‬
‫وم ْن يؤمن‬
‫تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بحسب حاالته وتنوع حاجاته‪َ ،‬‬
‫بالله‪ ،‬فإ َّنه يتعلم صدق التوكُّل على الله تعالى‪ ،‬وكمال تفويض األمر إليه‪ ،‬اعتما ًدا وثقة‬
‫وتع ُّل ًقا‪ .‬ومن يحقق كمال التوحيد الخالص واإليمان الراسخ لله تعالى بكمال قدرته‬
‫وعلمه وملكه وحكمته؛ تحقق له األمن والهـداية فـي الدنيا واآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ﴾ [األنعام‪َّ .]82 :‬‬
‫وإن‬
‫كمال المعرفة بالله تعالى‪ ،‬وتدبر عظمته وجالله وجماله وكماله؛ ُي ْو ِرث العبد خشية‬
‫وتقوى وقوة وهداية‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾‬
‫[التغابن‪ ،]11:‬ويكون الحب والرغبة والرجاء دوافعه للعمل والطاعة واالنقياد‪،‬‬

‫‪76‬‬
‫ويصبح اإلحسان إلى الخلق ورحمتهم والعفو عنهم؛ غاية لمن يرجو الله واليوم‬
‫اآلخر‪ ،‬فالجزاء من جنس العمل‪ .‬يقول تعالى‪﴿ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾‬
‫وإن من يتحقق له كمال اإليمان بالله تعالى؛ َّ‬
‫فإن الله يدافع عنه‬ ‫[النحل‪َّ .]97:‬‬
‫ويحفظه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [الحج‪ ،]38:‬وقال‪﴿ :‬ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ﴾ [الطالق‪،]3 :‬‬
‫وإن اإليمان بالله وحده‪ُ ،‬ي َك ِّفر السيئات‪ ،‬ويزيد الحسنات‪ ،‬ويصلح البال‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫َّ‬
‫﴿ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ﴾ [محمد‪ ،]2:‬وكلما زاد اإليمان؛ زادت البركات والسكينة والطمأنينة‬
‫في حياة المؤمن‪ ،‬وزاد انتفاعه بها‪.‬‬

‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬أصول اإليمان في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬نخبة من العلماء‪.‬‬

‫‪2.2‬عقيدة أهل السنة والجماعة‪ ،‬محمد العثيمين‪.‬‬

‫‪3.3‬المنهج الصحيح‪ ،‬د‪ .‬عبد الله الغنيمان‪.‬‬

‫‪4.4‬العقيدة في الله‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪5.5‬المختصر في مسائل اإليمان‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪6.6‬القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى‪ ،‬محمد العثيمين‪.‬‬

‫‪7.7‬توحيد الربوبية واأللوهية واألسماء والصفات‪ ،‬د‪ .‬محمد إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪8.8‬إتحاف أهل األلباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب‪ ،‬وليد‬


‫السعيدان‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫‪9.9‬األدلة العقلية النقلية على أصول االعتقاد‪ ،‬د‪ .‬سعود العريفي‪.‬‬

‫‪1010‬الدالئل القرآنية‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪1111‬شموع النهار‪ ،‬عبد الله العجيري‪.‬‬

‫‪1212‬داللة األسماء الحسنى على التنزيه‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪1313‬البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪1414‬الفيزياء ووجود الخالق‪ ،‬د‪ .‬جعفر شيخ إدريس‪.‬‬

‫‪1515‬ألنك الله‪ ،‬علي الفيفي‪.‬‬

‫‪1616‬اإليمان‪ ،‬حقيقته وزيادته وثمرته‪ ،‬د‪ .‬عبد الله الغنيمان‪.‬‬

‫‪1717‬العقيدة الصحيحة وما يضادها‪ ،‬عبد العزيز بن باز‪.‬‬

‫جميعا‪ ،‬عبد العزيز بن باز‪.‬‬


‫ً‬ ‫‪1818‬بيان التوحيد الذي بعث الله به الرسل‬

‫‪1919‬الحق الواضح المبين‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪2020‬براهين وأدلة إيمانية‪ ،‬عبد الرحمن الميداني‪.‬‬

‫‪2121‬دالئل أصول اإلسالم‪ ،‬إعداد مركز صناعة المحاور‪.‬‬

‫‪2222‬فقه األسماء الحسنى‪ ،‬عبد الرزاق البدر‪.‬‬

‫‪2323‬شرح األسماء الحسنى‪ ،‬سعيد القحطاني‪.‬‬

‫‪2424‬شروط شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬محمد عبد الله مختار‪.‬‬

‫‪2525‬أهمية توحيد األلوهية وكيفية تحقيقه‪ ،‬محمود العشري‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الركن الثاين‬
‫اإليمان بالمالئكة‬
‫المالئكة‪ :‬مخلوقات من نور خلقهم الله لعبادته وتنفيذ أوامره‪ ،‬فهم ﴿ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾ [األنبياء‪،]27-26:‬‬
‫وإنهم ﴿ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ﴾ [التحريم‪ ،]6:‬ال يعلم عددهم إال‬
‫الله تعالى‪ ،‬وقد ك َّلفهم الله تعالى بأعمال ووظائف مختلفة‪ .‬ومنهم رسل أرسلهم‬
‫الله تعالى إلى أنبيائه ورسله من البشر لتبليغ وحيه ورساالته‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [الحج‪.]75 :‬‬

‫اإليمان بالمالئكة‪ :‬هو اإليمان بأ َّنهم خلق من خلق الله‪َّ ،‬‬


‫وأن منهم من ينزل‬
‫أن يؤمن‬
‫بالوحي على األنبياء بأمر الله‪ ،‬وهذا هو اإليمان الذي يجب على كل مؤمن ْ‬
‫أيضا بكل ما بلغه من تفاصيل هذا الركن الواردة في القرآن‬
‫أن يؤمن ً‬
‫به‪ ،‬ويجب ْ‬
‫والسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ‪.‬‬

‫العالقة بين اإليمان باهلل تعالى واإليمان بالمالئكة‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن اإليمان بالمالئكة تصديق باإليمان بالله تعالى‪ ،‬فقد أخبر الله تعالى عنهم‪،‬‬
‫وهم رسله إلى خلقه‪ ،‬فمن كمال رحمة الله تعالى وحكمته‪ْ ،‬‬
‫أن يب ِّين للناس الغاية‬
‫رسل من المالئكة‬
‫من خلقهم‪ ،‬والمقصود من إيجادهم‪ ،‬وعليه فقد اصطفى سبحانه ً‬
‫يقومون بإيصال الوحي إلى الرسل واألنبياء من البشر‪ ،‬وكذلك من كمال قوة الله‬
‫تعالى وقدرته ْ‬
‫أن خلق جنو ًدا ال يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫أدلة اإليمان بالمالئكة‪:‬‬

‫الذي دل على وجود المالئكة‪ :‬الوحي‪ ،‬وليس للعقل أو الحس طريق لمعرفة‬
‫ذلك‪ْ ،‬‬
‫وإن كان العقل ال ُيحيل وجودها‪ ،‬فوجود المالئكة من قبيل المعرفة الغيبية‬
‫التي ال سبيل إلى معرفتها إال عن طريق الوحي فقط‪- ،‬والوحي أهم المصادر‬
‫المعرفية كما تقدم معنا‪ -‬ومن أدلة ذلك ما يأتي‪:‬‬

‫‪1.1‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬


‫ﭣ﴾ [البقرة‪.]177:‬‬

‫‪2.2‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬


‫ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [البقرة‪.]285:‬‬

‫‪3.3‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬


‫ﮖ ﮗ﴾ [النساء‪.]136:‬‬
‫‪4.4‬قال تعالى‪﴿ :‬ال َّل ُه َي ْص َط ِفي مِ َن ا ْل َمالئِ َك ِة ُر ُس ًل َومِ َن الن ِ‬
‫َّاس﴾ [الحج‪.]75:‬‬

‫‪5.5‬قال الله تعالى‪﴿ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬


‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾ [البقرة‪.]98:‬‬

‫«أن‬
‫رسول الله ﷺ عن اإليمان؟ قال ﷺ‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫‪6.6‬وفي حديث جبريل لما سأل‬
‫اآلخرِ‪ ،‬و ُت ْؤ ِم َن بال َق َد ِر َخ ْيرِ ِه‬
‫تؤ ِمن بال َّل ِه‪ ،‬ومالئِكَتِ ِه‪ ،‬و ُكتبِ ِه‪ ،‬ورس ِل ِه‪ ،‬وا ْليو ِم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫وش ِّر ِه» (رواه مسلم‪.)8 :‬‬ ‫َ‬

‫‪82‬‬
‫فيتضمن أمو ًرا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫َّ‬ ‫بالمالئكة‬
‫ِ‬ ‫المفصل‬
‫َّ‬ ‫َّأما اإليمانُ‬

‫ ‪-‬األمر األول‪ :‬اإليمان بما ورد من صفاتهم‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪1.1‬أ َّنها مخلوقات موصوفة بالحسن والجمال فـي المنظر والخلق والطول‪،‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾ [يوسف‪ ،]31 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮍ ﮎ﴾ [عبس‪.]16 :‬‬

‫‪2.2‬أ َّنهم ال يوصفون بالذكورة واألنــوثــة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮯ ﮰ‬


‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾‬
‫[الزخرف‪.]19 :‬‬

‫‪َّ 3.3‬‬
‫أن لهم أجنحة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ﴾‬
‫ماء ضرب ِ‬
‫ت‬ ‫[فاطر‪ ،]1:‬وقال رسول الله ﷺ‪« :‬إذا قضى ال َّله األمر في الس ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫المالئِ َك ُة بأجنحتِها ُخضعانًا ل َقولِ ِه» (رواه البخاري‪.)4800:‬‬

‫‪4.4‬ال َي َم ُّلون وال يتعبون من ذكر الله تعالى وعبادته‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [األنبياء‪ ،]20 :‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [فصلت‪.]38 :‬‬

‫‪5.5‬ال يحتاجون إلى طعام أو شراب‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬


‫ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﴾ [الذاريات‪ ،]28-26:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ﴾‬
‫[هود‪.]70:‬‬

‫‪83‬‬
‫المالئِ َك ُة‬ ‫‪6.6‬خلق الله تعالى المالئكة من نور‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪ِ ِ :‬‬
‫«خل َقت َ‬
‫ُ‬
‫ف َلك ُْم» (رواه‬‫مما ُو ِص َ‬
‫وخل َق آ َد ُم َّ‬ ‫مارجٍ ِمن ٍ‬
‫نار‪ِ ُ ،‬‬ ‫الجان ِمن ِ‬
‫ُّ‬ ‫وخ ِل َق‬ ‫ِمن ن ٍ‬
‫ُور‪ُ ،‬‬
‫مسلم‪)2996:‬‬

‫وخ ْل ُق ُه‬ ‫يل في ص ِ ِ‬


‫النبي ﷺ ِج ْبرِ َ‬ ‫‪َّ 7.7‬‬
‫ورته َ‬‫ُ َ‬ ‫أن منهم مخلوقات عظيمة‪ ،‬فقد «رأى ُّ‬
‫َسا ٌّد ما ْبي َن األُ ُف ِق» (رواه البخاري‪ ،)3234:‬وفي صفة حملة العرش َّ‬
‫«إن‬
‫ذنه إلى ِ‬
‫عاتقه‪ ،‬مسير ُة سبعمئة عا ٍم» (رواه أبو داود‪.)4727:‬‬ ‫شحمة ُأ ِ‬
‫ِ‬ ‫بين‬
‫ما َ‬
‫جدا ال يحصيهم إال الله تعالى‪« ،‬فما في السماء من موضع‬ ‫أن عددهم كثير ًّ‬ ‫‪َّ 8.8‬‬
‫ِ‬
‫ساجدا» (رواه الترمذي‪،)2312:‬‬ ‫ً‬ ‫جبه َت ُه لله‬
‫ك واض ٌع َ‬ ‫وم َل ٌ‬‫أرب ِع أصابِ َع إال َ‬
‫ف م َل ٍ‬
‫ك‪ ،‬إ َذا َخ َر ُجوا َل ْم‬ ‫ون أ ْل َ َ‬‫ور ُي َص ِّلي فيه ُك َّل َيو ٍم َس ْب ُع َ‬ ‫الم ْع ُم ُ‬
‫ت َ‬ ‫و«ال َب ْي ُ‬
‫َي ُعو ُدوا إ َل ْي ِه» (رواه البخاري‪.)3207:‬‬

‫سمى الله تعالى لنا في القرآن‪ ،‬أو سماه لنا رسوله ﷺ في‬
‫‪9.9‬اإليمان بمن َّ‬
‫السنة من المالئكة‪ ،‬ومنهم‪ :‬جبريل عليه السالم‪ ،‬وميكائيل عليه السالم‪،‬‬
‫ان نَبِ ُّي ال َّل ِه ﷺ إِ َذا َق َام ِم َن ال َّل ْي ِل ا ْف َت َت َح َصال َت ُه‬
‫وإسرافيل عليه السالم‪َ « ،‬ك َ‬
‫يل» (رواه مسلم‪ ،)270:‬ومالك‬ ‫يل َوإِ ْس َرافِ َ‬ ‫يل َو ِميكَائِ َ‬
‫ال َّل ُه َّم َر َّب َج ْب َرائِ َ‬
‫عليه السالم خازن النار‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ﴾ [الزخرف‪ ]77:‬وغيرهم‪.‬‬

‫‪1010‬أ َّنهم ليسوا على درجــة واحــدة في الخلق والمقدار بل يتفاوتون كما‬
‫ون َأ ْه َل َب ْد ٍر‬
‫يل إلى النَّبِ ِّي ﷺ َف َق َال‪َ :‬ما َت ُع ُّد َ‬ ‫«جا َء ِج ْبرِ ُ‬
‫يتفاوتون في الفضل‪َ ،‬‬
‫ك َم ْن َش ِه َد َب ْد ًرا‬ ‫ين أو َك ِل َم ًة ن َْح َو َها‪َ ،‬ق َال َو َك َذلِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيك ُْم َق َال‪ :‬م ْن َأ ْف َض ِل ا ْل ُم ْسلم َ‬
‫ِم َن ا ْل َمالئِك َِة» (رواه البخاري‪.)3992:‬‬

‫‪1111‬أعطى الله تعالى بعض مالئكته قدرة على التمثل بصورة البشر‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [مريم‪ ،]17:‬وحديث جبريل‪:‬‬

‫‪84‬‬
‫الش َعرِ ال ُي َرى َع َل ْي ِه‬ ‫اب َش ِديد سو ِ‬
‫اد َّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫«إِ ْذ َط َل َع َع َل ْينَا َر ُج ٌل َش ِد ُيد َب َي ِ‬
‫اض ال ِّث َي ِ‬
‫السفَرِ َوال َي ْعرِ ُف ُه ِم َّنا َأ َح ٌد» (رواه مسلم‪ ،)8:‬وفي قصة من قتل تسعة‬ ‫َأ َث ُر َّ‬
‫ور ِة آ َد ِم ٍّي» (رواه مسلم‪.)2766:‬‬ ‫ك في ُص َ‬ ‫«فأتاه ْم َم َل ٌ‬
‫ُ‬ ‫نفسا‪:‬‬ ‫وتسعين ً‬
‫ ‪-‬األمر الثاني‪ :‬اإليمان بما علمنا من وظائفهم وأعمالهم‪ ،‬وما د َّلت عليه‬
‫النصوص من اختصاصهم‪ ،‬واإليمان بأنَّهم يقومون بما كلفوا خير قيام‪:‬‬

‫فمنهم من ُخلِق لعبادة الله تعالى فقط‪ ،‬فإذا رفعوا رؤوسهم قالوا‪ :‬سبحانك ما‬
‫حق عبادتك‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ‬
‫عبدناك َّ‬
‫ﮕ ﮖ ﴾ [الصافات‪ ،]166-164:‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ﴾ [البقرة‪.]30:‬‬

‫ومنهم‪ :‬المكلفون بحمل العرش قال تعالى‪﴿ :‬ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ﴾‬


‫[الحاقة‪.]17:‬‬

‫ومنهم‪ :‬المكلفون بالتبليغ‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [الشعراء‪،]193:‬‬


‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ﴾ [فاطر‪ ،]1:‬وحمل‬
‫العرش وتبليغ الوحي أعظم مهام المالئكة عليهم السالم‪.‬‬

‫ومنهم‪ :‬خزنة الجنة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ‬


‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾‬
‫[الزمر‪.]73:‬‬

‫ومنهم‪ :‬خزنة النار‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ﴾ [المدثر‪.]31:‬‬

‫ومنهم‪ :‬مالئكة قبض األرواح‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬


‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ﴾ [السجدة‪ ،]11:‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ﴾ [النحل‪.]32:‬‬

‫‪85‬‬
‫ومنهم‪ :‬المك َّلفون بتدبير األمر من السماء إلى األرض بإذن الله ومشيئته‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮮ ﮯ﴾ [النازعات‪.]5:‬‬

‫للنبي ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬


‫ومنهم‪ :‬المكلف بالجبال‪ ،‬ومن ذلك أن عائشة رضي الله عنها قال ْت ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قال‪« :‬ل َقد َل ِق ِ‬ ‫أش َّد مِن َيو ِم ُأ ُح ٍد؟ َ‬
‫وكان‬
‫َ‬ ‫يت‪،‬‬ ‫يت من َق ْومك ما َلق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫كان َ‬‫هل أ َتى َع َل ْي َك َي ْو ٌم َ‬ ‫ْ‬
‫عبد ُك ٍ‬ ‫بن ِ‬ ‫يل ِ‬ ‫عبد يالِ َ‬‫أشد ما َل ِقيت منهم يوم الع َقب ِة‪ ،‬إ ْذ عر ْضت َنف ِْسي ع َلى اب ِن ِ‬
‫الل‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ْ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫أس َت ِف ْق َّإل وأنا ب َق ْر ِن‬ ‫وج ِهي‪َ ،‬ف َل ْم ْ‬ ‫وم ع َلى ْ‬ ‫ت وأنا َم ْه ُم ٌ‬ ‫ج ْبني إلى ما َأر ْد ُت‪ ،‬فا ْن َط َل ْق ُ‬
‫َف َلم ي ِ ِ‬
‫ْ ُ‬
‫يل‪َ ،‬فنادانِي‬ ‫قد أ َظ َّل ْتنِي‪َ ،‬فنَ َظ ْر ُت فإذا فيها ِج ْبرِ ُ‬ ‫ٍ‬
‫بسحا َبة ْ‬ ‫ت َر ْأسي‪ ،‬فإذا أنا َ‬
‫ِ‬
‫ب َف َر َف ْع ُ‬ ‫ال َّثعالِ ِ‬
‫بال‬ ‫الج ِ‬‫ك ِ‬ ‫ك َم َل َ‬ ‫ث إ َل ْي َ‬‫وقد َب َع َ‬
‫ك‪ْ ،‬‬ ‫ك‪ ،‬وما َر ُّدوا َع َل ْي َ‬ ‫ك َل َ‬ ‫قد َس ِم َع َق ْو َل َق ْو ِم َ‬ ‫إن ال َّل َه ْ‬ ‫فقال‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫ذلك‬ ‫فقال‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬يا ُم َح َّم ُد‪َ ،‬‬ ‫الج ِ‬
‫بال َف َس َّل َم َع َل َّي‪ُ ،‬ث َّم َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ت فيهم‪َ ،‬فنادانِي َم َل ُ‬ ‫ِ‬
‫ل َت ْأ ُم َر ُه بما ش ْئ َ‬
‫ِ‬

‫أن ُي ْخرِ َج‬ ‫األخ َش َب ْي ِن؟ َ‬ ‫أن ُأ ْطبِ َق‬ ‫فِيما ِشئت‪ِ ،‬‬
‫النبي ﷺ‪َ :‬ب ْل ْأر ُجو ْ‬ ‫فقال ُّ‬ ‫عليهم ْ‬‫ُ‬ ‫ت ْ‬ ‫إن ش ْئ َ‬‫ْ َ ْ‬
‫ِ‬
‫وح َد ُه‪ ،‬ال ُي ْشرِ ُك به شي ًئا» (رواه البخاري‪.)3231:‬‬ ‫أصالبِ ِه ْم َمن َي ْع ُب ُد ال َّل َه ْ‬ ‫ال َّل ُه من ْ‬
‫ومنهم‪ :‬المك َّلفون بحفظ بني آدم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ﴾ [الرعد‪.]11:‬‬

‫ومنهم‪ :‬من يحفظ أعمال بني آدم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬


‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ﴾ [الزخرف‪.]80 :‬‬

‫«ل َي ْق ُع ُد َق ْو ٌم َي ْذ ُك ُر َ‬
‫ون‬ ‫ومنهم‪ :‬من يلتمس مجالس الذكر وحلق العلم‪ ،‬قال ﷺ‪َ :‬‬
‫السكِينَةُ‪،‬‬
‫ت عليه ِم َّ‬ ‫الر ْح َمةُ‪َ ،‬و َن َز َل ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َّل َه َع َّز َو َج َّل إِ َّل َح َّف ْت ُه ُم َ‬
‫الم َلئ َكةُ‪َ ،‬وغَش َي ْت ُه ُم َّ‬
‫يمن ِعنْ َد ُه» (رواه مسلم‪.)2700:‬‬ ‫ِ‬
‫َو َذ َك َر ُه ُم ال َّل ُه ف َ‬
‫ومنهم‪ُ :‬ك َّتاب الناس يوم الجمعة على أبواب المساجد األول فاألول‪ ،‬قال ﷺ‪:‬‬
‫اب المس ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األو َل‪َ ،‬‬
‫وم َث ُل‬ ‫األو َل َف َّ‬
‫ون َّ‬ ‫جد َي ْك ُت ُب َ‬ ‫الم َلئ َك ُة ع َلى َب ِ َ ْ‬ ‫الج ُم َعة و َقفَت َ‬ ‫«إِ َذا َ‬
‫كان َي ْو ُم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َه ِّجرِ َك َم َث ِل الذي ُي ْهدي َب َد َنةً‪ُ ،‬ث َّم َكا َّلذي ُي ْهدي َب َق َر ًة‪ُ ،‬ث َّم َك ْب ًشا‪ُ ،‬ث َّم َد َج َ‬
‫اجةً‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الذ ْك َر» (رواه البخاري‪.)929:‬‬ ‫ون ِّ‬‫وي ْس َتم ُع َ‬ ‫َب ْي َضةً‪َ ،‬فإِ َذا َخ َر َج َ‬
‫اإلم ُام َط َو ْوا ُص ُحف َُه ْم‪َ ،‬‬

‫‪86‬‬
‫ومنهم‪ :‬من يصلي على المصلين مدة انتظارهم لصالة الجماعة‪ ،‬قال ﷺ‪:‬‬
‫ول‪:‬‬ ‫أح ِد ُك ْم ما َد َام في ُم َص َّل ُه الذي َص َّلى فِ ِيه‪ ،‬ما َل ْم ُي ْح ِد ْ‬
‫ث‪َ ،‬ت ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫«الم َلئ َك ُة ُت َص ِّلي ع َلى َ‬
‫َ‬
‫ال َّل ُه َّم اغ ِْف ْر له‪ ،‬ال َّل ُه َّم ْار َح ْم ُه» (رواه البخاري‪.)445:‬‬

‫«إن ال َع ْب َد إ َذا ُو ِض َع في َق ْبرِ ِه‬


‫ومنهم‪ :‬المك َّلفون بسؤال الميت في القبر‪ ،‬قال ﷺ‪َّ :‬‬
‫وتو َّلى عنه أصحابه‪ ،‬وإنَّه َليسمع َقرع نِعالِ ِهم‪ ،‬أتاه م َلك ِ ِ ِ ِ‬
‫ت‬ ‫ول ِن‪ :‬ما ُك ْن َ‬
‫َان ُفي ْقع َدانه‪َ ،‬ف َي ُق َ‬ ‫َْ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ْ ْ َ ُُ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫الم ْؤ ِم ُن‪َ ،‬في ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ورسو ُل ُه‪،‬‬ ‫عبد ال َّله َ‬
‫أش َه ُد أنَّه ُ‬ ‫قول‪ْ :‬‬ ‫فأما ُ‬ ‫الر ُج ِل ل ُم َح َّمد ﷺ‪َّ ،‬‬ ‫ول في هذا َّ‬ ‫َت ُق ُ‬
‫الجنَّ ِة‪َ ،‬ف َي َر ُاهما َج ِمي ًعا»‬ ‫ِ‬
‫ك ال َّل ُه به َم ْق َع ًدا م َن َ‬
‫قد أ ْب َد َل َ‬ ‫ُفي َق ُال له‪ :‬ا ْن ُظ ْر إلى َم ْق َع ِد َك ِم َن النَّ ِ‬
‫ار ْ‬
‫(رواه البخاري‪.)1374:‬‬

‫أح َد ُك ْم ُي ْج َم ُع‬
‫«إن َ‬ ‫ومنهم‪ :‬المو َّك ُلون بنفخ الروح وكتابة رزقه وعمله‪ ،‬قال ﷺ‪َّ :‬‬
‫ذلك‪ُ ،‬ث َّم‬‫كون ُم ْض َغ ًة ِم ْث َل َ‬
‫ذلك‪ُ ،‬ث َّم َي ُ‬ ‫كون َع َل َق ًة ِم ْث َل َ‬ ‫ِ ِ‬
‫في َب ْط ِن ُأ ِّمه ْأر َبع َ‬
‫ين َي ْو ًما‪ُ ،‬ث َّم َي ُ‬
‫وش ِق ٌّي أو َس ِع ٌيد‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫وأ َج ُل ُه‪ِ ،‬‬
‫ور ْز ُق ُه‪َ ،‬‬ ‫ب َع َم ُل ُه‪َ ،‬‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ث ال َّل ُه إ َل ْيه َم َلكًا َبأ ْر َب ِع َكل َمات‪ُ ،‬في ْك َت ُ‬
‫َي ْب َع ُ‬
‫وح» (رواه البخاري‪.)3332:‬‬ ‫الر ُ‬ ‫ُينْف َُخ فيه ُّ‬
‫ومنهم‪ :‬الموكَّلون بتبليغ النبي ﷺ سالم أمته عليه‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬إن ِ‬
‫لله مالئك ًة‬ ‫َّ‬
‫الم» (رواه ابن حبان‪ .)914:‬وغيرهم كثير‬ ‫األرض ُيب ِّلغوني عن ُأ َّمتي َّ‬
‫الس َ‬ ‫ِ‬ ‫احين في‬
‫سي َ‬ ‫َّ‬
‫عليهم السالم‪.‬‬

‫إن وجود المالئكة ِم ْن أهم األدلة التي ُّ‬


‫تدل على عظمة الله وكمال ربوبيته‬ ‫َّ‬
‫ومستغنيا بذاته‪ ،‬فهذا الكون محتاج إلى‬
‫ً‬ ‫مستقل‬
‫ًّ‬ ‫أن الكون ليس‬
‫وألوهيته‪ ،‬وعلى َّ‬
‫كثيرا من‬
‫أن ُيد ِّبروا ً‬
‫الله في وجوده واستمراره‪ ،‬وقد و َّكل الله بعض مالئكته ْ‬
‫أمور هذا الكون‪ ،‬من األمطار‪ ،‬والنبات‪ ،‬واألشجار‪ ،‬والرياح‪ ،‬والبحار‪ ،‬واألجنة‪،‬‬
‫والجبال‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬وهذا التدبير إنَّما هو تدبير بإذن الله تعالى وأمره وحكمته‬
‫وقدرته‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ ‪-‬األمر الثالث‪ :‬الواجب تجاه المالئكة‪:‬‬

‫يجب علينا محبتهم وتعظيمهم والحذر من س ِّبهم أو تنقصهم أو االستهزاء بهم‬


‫أو عداوتهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾ [البقرة‪ ،]98:‬وكذلك يجب البعد عن كل ما يؤذي‬
‫مما َي َت َأ َّذى منه َب ُنو آ َد َم» (رواه مسلم‪ ،)564:‬وال يجوز‬ ‫ِ‬
‫المالئ َك َة َت َت َأ َّذى َّ‬
‫«فإن َ‬
‫المالئكة‪َّ ،‬‬
‫وصفهم بأنوثة وال ذكــورة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [الزخرف‪ ،]19:‬وأما الوصف‬
‫بالذكورة فلعدم وروده‪ ،‬وال يجوز أن نصفهم بصفة لم ترد‪.‬‬

‫من ثمرات اإليمان بالمالئكة‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن من أهم ثمرات اإليمان بالمالئكة‪ :‬زيادة اإليمان بالله تعالى‪ ،‬واإليمان‬
‫بعظمته وقوته وقدرته وحكمته فـي خلق هذه المخلوقات العظيمة‪ ،‬وكذلك اإليمان‬
‫بالمالئكة يحث العبد على شكر الله تعالى على عنايته بالكون واإلنسان‪ ،‬إذ جعل‬
‫كراما يقومون بالمهام الموكلة إليهم تجاههم‪َّ .‬‬
‫إن اإليمان بالمالئكة يساعد‬ ‫مالئكة ً‬
‫والتأسي بهم فـي دوام طاعتهم وحسن عبادتهم لله‪َّ .‬‬
‫وإن اإليمان‬ ‫ِّ‬ ‫المؤمن في االمتثال‬
‫بالمالئكة كذلك يحافظ على المجتمع ويحميه من األذى باألقوال أو األفعال أو‬
‫مما َي َت َأ َّذى منه َبنُو آ َد َم» (رواه مسلم‪َّ .)564:‬‬ ‫ِ‬
‫إن‬ ‫المالئ َك َة َت َت َأ َّذى َّ‬
‫«فإن َ‬
‫الروائح الكريهة‪َّ ،‬‬
‫اإليمان بالمالئكة يعين المؤمن على االستقامة على أمر الله في السر والعلن‪ ،‬فالعبد‬
‫إذا ذكر حضورهم استحى ْ‬
‫أن يرتكب ما يغضب الله تعالى‪ ،‬وكذلك استحضار‬
‫حضورهم يعزز الطمأنينة والسكينة وتحقيق األمن النفسي‪ ،‬ما يجعل العبد يحرص‬
‫على تطلب أماكنهم والحصول على دعواتهم وصلواتهم واستغفارهم‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬أصول اإليمان في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬نخبة من العلماء‪.‬‬

‫‪2.2‬عالم المالئكة األبرار‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫ ‪ 3 .‬حقيقة المالئكة‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪4.4‬عقيدة اإليمان بالمالئكة وأدلتها‪ ،‬محمد الدريويش‪.‬‬

‫‪5.5‬المالئكة الكرام بين أهل السنة ومخالفيهم‪ ،‬فهد الساعدي‪.‬‬

‫‪6.6‬المالئكة في القرآن الكريم‪ ،‬دراسة تحليلية موضوعية‪ ،‬د‪ .‬عبد المنعم‬


‫الحواس‪.‬‬

‫‪7.7‬اإليمان بالمالئكة حقيقته وتأثيره في حياة المؤمن‪ ،‬الحضرمي الطلبة‪.‬‬

‫‪8.8‬اإليمان بالمالئكة وأثره في حياة األمة‪ ،‬د‪ .‬صالح الفوزان‪.‬‬

‫‪9.9‬أهمية اإليمان بالمالئكة وعالماته النفسية واالجتماعية والخلقية‪،‬‬


‫د‪ .‬محمود سعدات‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫الركن الثالث‬
‫اإليمان بالكتب‬
‫المراد بالكتب‪ :‬هي الكتب التي فيها كالم الله تعالى‪ ،‬الذي أوحاه إلى رسله عليهم‬
‫الم َلك مشافهة كالقرآن‪ ،‬أو ما نزل مكتو ًبا من‬
‫سواء ما أنزله عن طريق َ‬
‫ٌ‬ ‫الصالة والسالم‪،‬‬
‫عند الله تعالى كالتوراة التي نزلت مكتوبة فـي األلواح‪ ،‬كتبها الله تعالى بيده‪.‬‬

‫اإليمان بالكتب‪ :‬هو اإليمان َّ‬


‫بأن الله أنزل على من شاء من أنبيائه كت ًبا هي‬
‫كالمه‪ ،‬ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه‪ ،‬وأ َّنها جمي ًعا منسوخة بالقرآن‪ ،‬وهذا‬
‫أيضا بكل ما‬ ‫أن يؤمن به‪ ،‬ويجب ْ‬
‫أن يؤمن ً‬ ‫هو اإليمان الذي يجب على كل مؤمن ْ‬
‫بلغه من تفاصيل هذا الركن الواردة في القرآن والسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ‪.‬‬

‫العالقة بين اإليمان باهلل تعالى واإليمان بالكتب‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن اإليمان بالكتب تصديق باإليمان بالله تعالى‪ ،‬فقد أخبر الله تعالى عنها‪ ،‬فهي‬
‫رسالته إلى خلقه‪ ،‬ومن كمال علم الله تعالى وحكمته ورحمته‪ ،‬أ َّنه أنزل الكتب على‬
‫الناس تِبيا ًنا لكل شيء‪ ،‬توضح لهم الغاية من خلقهم‪ ،‬والحكمة من إيجادهم‪ ،‬و ُتب ِّين‬
‫لهم طرق الهداية والفالح‪ ،‬وفق ما يناسبهم من شرائع وأحكام‪ ،‬وهي التي ُت َع ِّرف‬
‫الخلق بالخالق‪ ،‬و ُت َع ِّرفهم الغاية من خلقهم‪.‬‬

‫الحكمة من إنزال الكتب‪:‬‬

‫‪1.1‬تعليم الخلق التوحيد وهو الغاية من خلقهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭳ ﭴ ﭵ‬


‫ﭶ ﭷ ﭸ﴾ [الذاريات‪ ،]56:‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ﴾ [آل عمران‪.]19:‬‬

‫‪93‬‬
‫‪2.2‬ليكون الكتاب المنزل هو المرجع ألتباعه لمعرفة دينهم‪ ،‬وهدايتهم‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ‬
‫ﯺ ﯻ﴾ [آل عمران‪.]164:‬‬

‫‪3.3‬ليكون الكتاب المنزل هو الحكم العدل بينهم في كل ما يختلفون فيه‪ ،‬قال‬


‫تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ﴾ [الحديد‪ ،]25:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ‬
‫ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ‬
‫ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ﴾ [البقرة‪.]213:‬‬

‫‪4.4‬لتكون هذه الكتب حجة الله تعالى على خلقه‪ ،‬ال يسعهم مخالفتها وال‬
‫الخروج عنها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [النساء‪.]165:‬‬

‫‪5.5‬لبيان صدق الرسل عليهم السالم الذين أرسلهم الله‪ ،‬وإثبات ماحصل لهم‬
‫من نبوة واصطفاء‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ﴾ [الحديد‪.]25:‬‬

‫‪6.6‬بيان عظيم فضل الله على عباده‪ ،‬إذ أنــزل عليهم ُك ُت ًبا ُتخرجهم من‬
‫الظلمات إلى النور‪ ،‬وتهديهم سبيل الرشاد‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ‬
‫ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ﴾‬
‫[آل عمران‪.]164:‬‬

‫‪94‬‬
‫ ‪-‬ويشمل اإليمان بالكتب عامة ً‬
‫أمورا‪ ،‬منها‪:‬‬

‫تفصيل‪ :‬كصحف إبراهيم‪ ،‬والتوراة‪،‬‬


‫ً‬ ‫سمى الله تعالى منها‬
‫‪1.1‬اإليمان بما َّ‬
‫يسمه منها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭛ‬ ‫ً‬
‫وإجمال بما لم ِّ‬ ‫والزبور‪ ،‬واإلنجيل‪ ،‬والقرآن‪،‬‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾ [آل عمران‪،]3:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ﴾ [األنــبــيــاء‪ ،]105:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﭠ ﭡ ﭢ﴾‬
‫[األعــلــى‪ ،]19:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾‬
‫[الــشــورى‪ ،]15:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ﴾‬
‫[الــبــقــرة‪ ،]136:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ﴾‬
‫[النساء‪.]136:‬‬

‫‪2.2‬اإليمان بأ َّنها من كالم الله تعالى‪ ،‬تك َّلم بها حقيقة كما شاء بكيفية ال يعلمها‬
‫إال هو سبحانه‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾ [النساء‪ ،]163:‬وقال‬
‫تعالى‪ ﴿ :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ﴾ [النساء‪.]164:‬‬

‫بعضا‪ ،‬وكلها تدعو إلى التوحيد‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬


‫بعضها ُي َص ِّدق ً‬ ‫‪3.3‬اإليمان َّ‬
‫بأن َ‬
‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ‬
‫ﭫ﴾ [المائدة‪ ،]46:‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ﴾ [النحل‪.]36:‬‬

‫‪95‬‬
‫أن الحجة قامت على المخا َطبين بها في عصرها‪ ،‬فيجب عليهم العمل‬
‫‪َّ 4.4‬‬
‫بها‪ ،‬وال يجوز لهم مخالفتها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ﴾ [المائدة‪،]47:‬‬
‫وقد كانت الكتب السابقة مق َّيدة بزمانها وقومها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮚ ﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ﴾ [المائدة‪ ،]48:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ‬
‫النبي ُي ْب َع ُ‬
‫ث إلى‬ ‫«وكان ُّ‬
‫َ‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ﴾ [إبراهيم‪ ،]4:‬وقال ﷺ‪:‬‬
‫ِِ‬
‫َق ْومه َخ َّ‬
‫اصةً» (رواه البخاري‪ ،438:‬ومسلم‪.)521:‬‬

‫ ‪-‬وأما اإليمان بالقرآن خاصة فيشمل ً‬


‫أمورا‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪1.1‬اإليمان بأنَّه كالم الله تعالى حروفه ومعانيه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [التوبة‪ ،]6:‬قال ﷺ‪:‬‬
‫قريشا قد منعوني أن أب ِّل َغ كال َم ر ِّبي»‬
‫ً‬ ‫رجل يح ِم ُلني إلى قو ِم ِه‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ٌ‬ ‫«أال‬
‫(رواه أبو داود‪.)4734:‬‬

‫‪2.2‬اإليمان بعموم دعوته وشمول شريعته‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬


‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾ [الفرقان‪.]1:‬‬

‫ٌ‬
‫ناسخ لجميع الكتب السابقة‪ ،‬قال‬ ‫َ‬
‫القرآن آخر الكتب‪ ،‬وهو‬ ‫‪3.3‬اإليمان َّ‬
‫بأن‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ﴾ [الــمــائــدة‪ ،]48:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ‬
‫ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ﴾‬
‫[آل عمران‪.]82-81:‬‬

‫‪96‬‬
‫‪4.4‬اإليمان بحفظ الله تعالى للقرآن‪ ،‬حفظ للفظه ومعناه وحفظ للعمل به‪،‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾ [الحجر‪ ،]9:‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [فصلت‪ ،]42-41:‬فال يأتيه‬
‫الباطل وال يتغير‪ ،‬وال يترك العمل به حتى يأتي الله تعالى بأمره‪.‬‬

‫بأن القرآن هو اآلية العظمى واألعم واألبقى‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬ما ِم َن‬ ‫‪5.5‬اإليمان َّ‬
‫يت‬‫كان الذي ُأوتِ ُ‬
‫ياء َنبِ ٌّي َّإل ُأ ْعطِ َي ما ِم ْث ُل ُه َآم َن عليه ال َب َش ُر‪ ،‬وإنَّما َ‬
‫األ ْنبِ ِ‬

‫يام ِة» (رواه‬ ‫ِ‬


‫ُون أ ْك َث َر ُه ْم تابِ ًعا َيو َم الق َ‬
‫أن أك َ‬ ‫َو ْح ًيا ْأوحا ُه ال َّل ُه إ َل َّي‪ْ ،‬‬
‫فأر ُجو ْ‬
‫البخاري‪ ،4981:‬ومسلم‪ ،)152:‬فهو أعظم أسباب كثرة أتباع النبي ﷺ‬
‫لعموم نفعه وعمق أثره على من يقرؤه ويسمعه‪.‬‬

‫‪6.6‬اإليمان بوجوب العمل به‪ ،‬والحرص على تع ُّلمه وتعليمه وتعظيمه‪،‬‬


‫قــال تعالى‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ﴾‬
‫[األنعام‪ ،]155:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫وع َّل َم ُه» (رواه‬ ‫«خ ْي ُر ُك ْم َمن ت ََع َّل َم ُ‬
‫الق ْر َ‬
‫آن َ‬ ‫ﭰ﴾ [الحج‪ ،]32:‬وقال ﷺ‪َ :‬‬
‫البخاري‪.)5027:‬‬

‫ما الذي يثبت َّأن القرآن كتاب اهلل ً‬


‫فعل؟‬

‫أن هذا القرآن كالم الله تعالى كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬


‫إن األدلة التي تثبت َّ‬
‫َّ‬
‫‪َّ 1.1‬‬
‫أن هذا القرآن تحدى الله تعالى به غير المؤمنين به على أن يأتوا بمثله‬
‫فعجزوا‪ ،‬مع َّ‬
‫أن الذين تحداهم كانوا أفصح َمن نطق بالعربية‪ ،‬ودواعيهم‬
‫أن عجزوا عن ْ‬
‫أن يأتوا بمثل‬ ‫متوفرة‪ .‬وقد حاربوه وناصبوه العداء بعد ْ‬
‫هذا القرآن‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ﴾ [اإلسراء‪،]88:‬‬

‫‪97‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ﴾ [هود‪ ،]13:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯢ‬
‫ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾ [البقرة‪.]23:‬‬

‫‪2.2‬سالمته من االختالف والنقصان‪ ،‬ولو كان القرآن ليس كالم الله تعالى‬
‫لوجدنا فيه اختال ًفا ً‬
‫كثيرا‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫نج ًما ولم ينزل‬ ‫ﮇ ﮈ﴾ [النساء‪ ،]82:‬هذا مع َّ‬
‫أن القرآن نزل ُم َّ‬
‫دفعة واحدة‪.‬‬

‫‪3.3‬لو حاول أي شخص ْ‬


‫أن يزيد أو ينقص فإن ذلك سيعرف مباشرة‪ ،‬ألن‬
‫الله تعالى هو الذي تكفل بحفظه‪ ،‬بخالف غيره من كتب الشرائع السابقة‬
‫التي َوكَل حفظها إلى أتباع األنبياء‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [فصلت‪ ،]42:‬وسر التفريق َّ‬
‫أن الكتب‬
‫السابقة جيء بها على التوقيت ال التأبيد‪ ،‬أما القرآن فجيء به على التأبيد‬
‫مصد ًقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنًا عليها‪ ،‬فكان جام ًعا لفضل ما سبق‬
‫وزائدا عليها‪.‬‬
‫ً‬

‫‪4.4‬اإلعجاز العظيم الذي اشتمل عليه القرآن في التشريعات واألحكام‪ ،‬مع‬


‫بلوغه الغاية في البيان‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾ [النحل‪ ،]90:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ﴾ [المائدة‪.]50:‬‬

‫‪5.5‬اإلخبار باألمور الغيبية الماضية والمعاصرة للتنزيل والمستقبلية مما ال‬


‫يمكن لبشر مهما بلغ من العلم ْ‬
‫أن يحيط بها‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ‬

‫‪98‬‬
‫ﮪ﴾ [ه ــود‪ ،]49:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾‬
‫[يوسف‪ .]3:‬وكذلك ما ورد في القرآن الكريم من بعض العلوم التي لم‬
‫تعهدها العرب في ذلك الزمن‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ‬
‫ﰁ﴾ [فصلت‪.]53:‬‬

‫‪َّ 6.6‬‬
‫أن في القرآن بعض اآليات التي فيها معاتبة للنبي ﷺ‪ ،‬فلو كان هذا القرآن‬
‫من عند رســول الله ﷺ‪ ،‬لما احتاج إلى هــذا‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ﴾ [األحزاب‪،]37:‬‬
‫بل قد يحتاج النبي ﷺ لنزول الوحي‪ ،‬ومع ذلك تمضي األيام دون نزوله‪،‬‬
‫ما ُّ‬
‫يدل على أن الوحي ليس من عنده ﷺ‪.‬‬

‫أيضا‪ ،‬ما يجده المسلم في نفسه من الراحة والطمأنينة عند‬


‫‪7.7‬ومن األدلة ً‬
‫قراءته‪ ،‬وهي راحة وطمأنينة ال يجدها عند قراءة غيره من الكتب‪ ،‬وذلك‬
‫مصدا ًقا لقوله تعالى‪﴿ :‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ‬
‫ﰑ ﰒ ﰓ﴾ [الرعد‪ ،]28:‬مع ما يعتري القارئ من هيبة وإجالل‬
‫فضل عن أنه ال ُّ‬
‫يمل من كثرة التكرار وال يسأم‪.‬‬ ‫وتعظيم له‪ ،‬هذا ً‬

‫أيضا ما يحصل به من االستشفاء عند تالوته‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬


‫‪8.8‬ومن الدالئل ً‬
‫﴿ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ﴾ [اإلسراء‪.]82:‬‬

‫ميسر للقراءة والحفظ‬


‫أن القرآن مع كونه بهذا اإلعجاز والكمال‪ ،‬فهو َّ‬‫‪َّ 9.9‬‬
‫والعمل به‪ ،‬إذ يستطيع المسلم تدبر معانيه وحفظ مبانيه والعمل به‪ .‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ﴾ [القمر‪.]17:‬‬

‫‪99‬‬
‫‪َّ 1010‬‬
‫أن أسلوب القرآن مختلف في نظمه عن أساليب أحاديث العرب قاطبة‪،‬‬
‫ولو كان القرآن من عمل محمد ﷺ لكان أولى ْ‬
‫أن ينسبه لنفسه‪ ،‬فعظمة‬
‫القرآن سترفع من مرتبته بينهم‪.‬‬

‫‪1111‬جوابه الشافي المحيط المباشر عن أسئلة اإلنسان الكبرى‪ ،‬وعنايته التامة بمشكلة‬
‫معنى الحياة ‪-‬وهي المشكلة الكبرى عند اإلنسان المتسائل عبر العصور‪-‬‬
‫فالقرآن َح َسم مادة الشكوك التي تراود اإلنسان حول حقيقة الوجود‪ ،‬والخلود‪،‬‬
‫والغاية‪ ،‬والمصير‪ ،‬ولغز الكون‪ ،‬ومعنى الحياة‪ ،‬ومعنى الموت‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾ [المؤمنون‪.]115:‬‬

‫أن هذا القرآن هو كالم الله تعالى‪ ،‬وليس من قول بشر‬


‫أيبقى بعد هذا شك في َّ‬
‫يعتري عملهم وقولهم التغير والنقص‪ ،‬فهو من عند الله الذي تكفَّل بحفظه وأثبت‬
‫إعجازه وأوجب اإليمان والعمل به‪.‬‬

‫أن القرآن الذي بين أيدينا هو نفسه‬ ‫ ‪-‬س َّل ْمنا َّ‬
‫أن القرآن كالم الله‪ ،‬فكيف نتأكد َّ‬
‫الذي جاء به الرسول ﷺ؟‬

‫َّ‬
‫إن األشياء إذا تكررت تقررت‪ ،‬وإذا تواترت تأكدت‪ ،‬وهذا القرآن قد نقل‬
‫جيل عن جيل‪- ،‬من غير قطع معلوم في‬
‫متواترا‪ ،‬والمسلمون توارثوا نقله ً‬
‫ً‬ ‫إلينا‬
‫تاريخ نقله‪ -‬محفو ًظا في الصدور والسطور على صفته التي وضع عليها أول مرة‪،‬‬
‫يتدارسونه في مجالسهم‪ ،‬ويتلونه في صلواتهم‪ ،‬ويع ِّلمونه أوالدهم حتى وصل‬
‫معصوما من الزيادة والنقصان‪،‬‬
‫ً‬ ‫إلينا بهذه العناية المزدوجة ‪-‬الحفظ والكتابة‪-‬‬
‫ومحفو ًظا من التحريف والتبديل‪ .‬ومع كثرة تربص أعداء الله تعالى؛ فإنهم لم‬
‫يجدوا ما يقدحون فيه ولم يستطيعوا محاكاته وال مجاراته‪ .‬ولم يستطِع أحد ألبتة‬
‫ْ‬
‫أن يثبت أنه مختلق أو مكذوب؛ وال يعني هذا أنه لم يوجد من ا َّدعى ذلك‪ ،‬فقد‬
‫ُوجد‪ ،‬ولكن هذه الدعوى لم ولن تثبت‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫لماذا نحتاج إلى كتاب هداية محفوظ؟‬

‫إذا كانت بعض اآلالت ‪-‬وهي من صنع اإلنسان‪ -‬تحتاج إلى كتيب إرشادي‬
‫يع ِّلمنا كيف نستخدمها االستخدام األمثل؛ فاإلنسان ‪-‬بكل ما يحمله من غموض‬
‫وأسرار‪ -‬والذي هو من صنع الله تعالى من باب أولى ْ‬
‫أن يحتاج إلى كتاب هداية‬
‫وإرشاد‪ ،‬يع ِّلمه طريق النجاح والفالح والصالح في الدنيا واآلخرة‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ [الملك‪ ،]14:‬وبما َّ‬
‫أن النبي محمد ﷺ هو‬
‫خاتم األنبياء‪ ،‬فال بد من أن تستمر معجزته وتكون خالدة‪ ،‬ألنه ال نبي بعده‪ ،‬فيجب‬
‫واضحا‬
‫ً‬ ‫شامل‬
‫ً‬ ‫أن تبقى الحجة على الخلق قائمة‪ْ ،‬‬
‫وأن يكون الكتاب األخير كتا ًبا‬ ‫ْ‬
‫محفو ًظا‪.‬‬

‫من ثمرات اإليمان بالكتب‪:‬‬

‫‪َّ 1.1‬‬
‫أن اإليمان بالكتب يزيد من اإليمان بالله تعالى‪ ،‬ومعرفة كمال عناية الله‬
‫تعالى بعباده ورحمته بهم؛ إذ أنزل الكتب لتهديهم إلى سواء السبيل‪ ،‬ما‬
‫ث النفس أما ًنا واطمئنا ًنا‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ُيـ ِ‬
‫ـور ُ‬
‫ﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬
‫ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﴾ [المائدة‪ ،]16-15:‬وكذلك اإليمان بالكتب‬
‫ُي ِ‬
‫ور ُ‬
‫ث اإليمان بكمال حكمة الله وسعة علمه‪ ،‬إذ شرع لكل قوم ما يناسب‬
‫أحوالهم‪.‬‬

‫‪َّ 2.2‬‬
‫أن اإليمان بالكتب يحفز المؤمن لطلب العلم واالهتمام به والحرص‬
‫عليه‪ ،‬فهذه الكتب هي التي تقود اإلنسان إلى عبادة الله على بصيرة‪.‬‬

‫‪َّ 3.3‬‬
‫أن اإليمان بهذه الكتب والعلم بها يحقق األمان المعرفي الذي تنشده النفس‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ففي هذه الكتب نجد اإلجابات التي تبحث عنها النفس‪ ،‬ونجد‬

‫‪101‬‬
‫فيها كذلك كمال الهداية التي يحتاج إليها اإلنسان‪ ،‬فهذه الكتب تسعى إلى‬
‫هداية الناس إلى غاية كلية واحدة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ﴾ [طه‪.]123:‬‬

‫وأخيرا َّ‬
‫فإن اإليمان بالكتب يب ِّين للمؤمن عظيم فضل الله عليه‪ ،‬إذ خصه‬ ‫ً‬ ‫‪4.4‬‬
‫بالقرآن خاتمة الكتب وأعظمها وأيسرها‪.‬‬

‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬اإليمان بالكتب‪ ،‬د‪ .‬محمد بن إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪2.2‬اإليمان بالكتب‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪3.3‬المدخل لدراسة القرآن الكريم‪ ،‬د‪ .‬محمد أبو شهبة‪.‬‬

‫‪4.4‬النبأ العظيم‪ ،‬محمد دراز‪.‬‬

‫‪5.5‬اإليمان بالقرآن‪ ،‬عبد العزيز المطيري‪.‬‬

‫‪6.6‬تنزيه القرآن الكريم عن دعاوى المبطلين‪ ،‬منقذ السقار‪.‬‬

‫‪7.7‬اإليمان بالكتب‪ ،‬د‪ .‬محمد الجهني‪.‬‬

‫‪8.8‬دالئل أصول اإلسالم‪ ،‬إعداد مركز صناعة المحاور‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫الركن الرابع‬
‫اإليمان بالرسل‬
‫عليهم الصالة والسالم‬
‫األنبياء والرسل‪ :‬هم بشر أوحى الله تعالى إليهم وأمرهم بتبليغ الرسالة ألقوامهم‪،‬‬
‫ودعوتهم إلى عبادة الله تعالى وحده‪ ،‬أولهم آدم عليه السالم‪ ،‬وآخرهم محمد ﷺ‪.‬‬

‫حقيقة النبوة‪ :‬هي إنباء الله ‪ ۴‬لرسوله وأمره بتبليغ كالمه لعباده‪ ،‬وهي خاصية‬
‫َي ُم ُّن الله تعالى بها على من يشاء من عباده‪ ،‬ويختار لها من شاء من خلقه‪ .‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾‬
‫[الحج‪.]75:‬‬

‫رسل منهم‪ ،‬ليأمروهم‬ ‫اإليمان بالرسل‪ :‬هو اإليمان َّ‬


‫بأن الله أرسل إلى الناس ً‬
‫بعبادة الله وحده‪َّ ،‬‬
‫وأن خاتمهم هو محمد ﷺ‪ ،‬وهذا هو اإليمان الذي يجب على‬
‫أيضا بكل ما بلغه من تفاصيل هذا الركن‬
‫كل مؤمن أن يؤمن به‪ ،‬ويجب أن يؤمن ً‬
‫الواردة في القرآن والسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ‪.‬‬

‫العالقة بين اإليمان باهلل تعالى واإليمان بالرسل عليهم السالم‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن اإليمان بالرسل عليهم السالم تصديق باإليمان بالله تعالى‪ ،‬فقد اختارهم‬
‫الله تعالى ل ُي َب ِّلغُوا رسالته إلى خلقه‪ ،‬ويأمروهم بعبادة الله وحده ال شريك له‪ ،‬وقد‬
‫رسل مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على الله حجة بعد الرسل‪،‬‬
‫اصطفاهم الله ً‬
‫فال طريق لمعرفة الله وشرعه والغاية من خلق الخلق؛ إال عن طريق هؤالء الرسل‬
‫الذين اصطفاهم الله بفضله وحكمته‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫الفرق بين النبي والرسول‪:‬‬

‫يذكر بعض العلماء فرو ًقا بينهما‪ ،‬منها‪ :‬أن النبي والرسول كالهما ُأوحي إليه‬
‫بوحي‪ ،‬إال َّ‬
‫أن الرسول أمره الله بتبليغه‪ ،‬أما النبي فلم يؤمر بالتبليغ‪ .‬ومنهم من يقول‪:‬‬
‫كالهما مأمور بالبالغ‪ ،‬إال أن الرسول معه كتاب من عند الله‪ ،‬والنبي يكون تب ًعا‬
‫لرسول آخر‪ .‬ومنهم من يقول‪ :‬الرسول مأمور بتبليغ رسالة ما إلى أمة من األمم‬
‫المكذبين‪ ،‬وأما النبي فهو مأمور بالبالغ والدعوة‪ ،‬دون أن يكون هناك رسالة مستقلة‬
‫يهمنا معرفته‬
‫إلى أمة جديدة من األمم المكذبة‪ ،‬وقيل غير ذلك من الفروق‪ ،‬والذي ُّ‬
‫ٌ‬
‫فضل‬ ‫أن الرسالة َمرتبة فوق النبوة؛ ولذا فالرسل أفضل من األنبياء‪ ،‬وفي ٍّ‬
‫كل‬ ‫هو‪َّ :‬‬
‫عليهم الصالة والسالم‪.‬‬

‫اإلسالم دين جميع األنبياء‪:‬‬

‫اإلســام دين جميع األنبياء والمرسلين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬


‫ﭼ﴾ [آل عــمــران‪ .]19:‬فكلهم يدعون إلى عبادة الله تعالى وحــده ونبذ‬
‫وإن اختلفت شرائعهم وأحكامهم فإ َّنهم متفقون على األصل‬ ‫عبادة ما سواه‪ ،‬فهم ْ‬
‫ت‪ُ ،‬أمهاتهم َشتى و ِدينهم و ِ‬
‫اح ٌد»‬ ‫وهو التوحيد‪ .‬قال ﷺ‪« :‬الَنْبِياء إِخــو ٌة لِعل ٍ‬
‫َّ َ ُ ُ ْ َّ َ ُ ُ ْ َ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ َ َّ‬
‫(رواه البخاري‪ ،)3443:‬فالنبي ﷺ ش َّبه األنبياء بإخوة ألب واحد وأمهاتهم‬
‫مختلفات‪ ،‬فدين التوحيد واحد‪ ،‬ولك َّن األحكام تختلف‪.‬‬

‫الحكمة من إرسال الرسل‪:‬‬

‫‪1.1‬تعبيد الناس لرب العالمين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬


‫ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ﴾‬
‫[النحل‪.]36:‬‬

‫‪106‬‬
‫‪2.2‬إقامة الحجة على البشر بإرسال الرسل‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾‬
‫[النساء‪.]165:‬‬

‫‪3.3‬إيجاد قدوات حسنة يقتدي الناس بها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬


‫ﯱ ﯲ﴾ [األنعام‪.]90:‬‬

‫‪4.4‬إصالح النفوس وتزكيتها وتطهيرها‪ ،‬وتعليم الناس بعض األمور الغيبية‬


‫التي ال يدركونها بعقولهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ‬
‫ﭲ﴾ [الجمعة‪.]2:‬‬

‫‪5.5‬تبليغ الشريعة وداللة الناس على الخير‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯘﯙﯚ‬


‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ﴾ [األحــــزاب‪،]39:‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إنَّه َل ْم َيك ُْن نَبِ ٌّي َق ْب ِلي َّإل َ‬
‫كان َح ًّقا عليه َأ ْن َي ُد َّل ُأ َّم َت ُه ع َلى َخ ْيرِ ما‬
‫ِ‬
‫لهم» (رواه مسلم‪.)1844:‬‬ ‫لهم‪َ ،‬و ُينْذ َر ُه ْم َش َّر ما َي ْع َل ُم ُه ْ‬
‫َي ْع َل ُم ُه ْ‬
‫دالئل النبوة‪:‬‬

‫يقول الله تعالى‪﴿ :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬


‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ﴾‬
‫[سبأ‪ ،]46 :‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾‬
‫[األعراف‪ ،]184:‬وهي دعوة منه سبحانه للتفكر في حال األنبياء إذ كانوا يقيمون‬
‫عامةً‪ ،‬ثم نذكر أدلة صدق‬
‫الدالئل والبينات‪ ،‬وسنذكر هنا أدلة صدق األنبياء والرسل َّ‬
‫خاصةً‪ ،‬وهي كما يأتي‪:‬‬
‫النبي محمد ﷺ َّ‬

‫‪107‬‬
‫من أدلة صدق األنبياء عليهم الصالة والسالم عامة‪:‬‬

‫‪1.1‬شهادة الله تعالى لهم بالصدق‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬


‫ﭧ﴾ [الزمر‪ ،]33 :‬ووصف سبحانه عد ًدا من رسله بالصديقية‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [مريم‪ ،]41:‬وقوله‪﴿ :‬ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [مريم‪ ،]56:‬وقوله‪﴿ :‬ﭧ ﭨ ﭩ﴾‬
‫[يوسف‪ ،]46:‬وغيرهم‪.‬‬

‫‪2.2‬تأييد الله تعالى لهم على دعواهم بالحجج واآليات‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ﴾ [الحديد‪.]25:‬‬

‫عقل‪ ،‬وأفضلهم سيرة‪ ،‬وأحسنهم أخال ًقا‪ ،‬وأكثرهم أمانة‪،‬‬


‫‪3.3‬أنهم أوفر الناس ً‬
‫وأصدقهم ديانة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾ [الحج‪.]75:‬‬

‫‪4.4‬تجردهم لدعوتهم التي جعلتهم يتبرؤون من قراباتهم وأرحامهم المخالفين‬


‫لهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [الممتحنة‪.]4:‬‬

‫‪5.5‬بشارة األنبياء السابقين باألنبياء الالحقين والحديث عنهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ‬
‫ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾ [الصف‪.]6:‬‬

‫وبمجموع هذه األمور ُعلم صدق حالهم ومقالهم مما يوقن معه المرء أنهم‬
‫أنبياء الله‪ ،‬ألن جنس ما يدعو إليه األنبياء وأحوالهم معلوم في الجملة‪ ،‬وعليه‬
‫فاجتماع هذه األمور دليل الصدق‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫أما دالئل صدق النبي محمد ﷺ فكثيرة‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪1.1‬شهادة الناس بصدقه ﷺ‪ ،‬وانتفاء الكذب عنه‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬شهادة قومه‬
‫الذين نشأ بين ظهرانيهم‪ ،‬وهم َمن ناصبوه العداء بعد نبوته‪ .‬وهذا من أبلغ‬
‫قريش النبي ﷺ بالصدق‬ ‫أن تصف ٌ‬ ‫الداللة على كمال اتصافه بالصدق‪ْ ،‬‬
‫وتنفي الكذب عنه مع عدائها له‪ ،‬وال تتجرأ على أن ِ‬
‫تس َمه بالكذب مطل ًقا‬
‫طيلة حياته‪ .‬وكذلك شهادة أهل الكتاب باتصاف النبي ﷺ بالصدق ونفي‬
‫الكذب عنه‪ ،‬وكذلك شهادة أتباعه ﷺ باتصافه بالصدق ونفي الكذب عنه‪.‬‬

‫‪2.2‬شهادة كتب األنبياء السابقين له‪ ،‬بل ليس فيها ما يوجب تكذيب النبي ﷺ‪،‬‬
‫وال التحذير منه‪ ،‬فكل األنبياء حذروا من فتنة المسيح الدجال الكذاب‪،‬‬
‫ولم ُيحذروا من دعوة محمد ﷺ‪ ،‬بل بشروا به‪ .‬ولو كان محمد ﷺ كاذ ًبا‬
‫في دعوى النبوة لكانت فتنته أعظم؛ وعلى الرغم من ذلك ما زالت دعوته‬
‫قائمة إلى أن يرث الله تعالى األرض ومن عليها‪.‬‬

‫‪3.3‬الداللة على صدقه من جهة حاله ﷺ‪ ،‬وتتبين هذه الداللة من عدة أمور‪،‬‬
‫منها‪ :‬من المعلوم بالضرورة أنه ال يمكن لرجل كــاذب‪ ،‬مــداوم على‬
‫وحي جديد من الله تعالى‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫الكذب‪ ،‬ويدعي النبوة‪ ،‬وأنه في كل يوم يأتيه‬
‫ومع هذا لم يستطِع أحد أن يالحظ ذلك عليه ويعرف حقيقته‪ ،‬ومنها؛ َّ‬
‫أن‬
‫َمن كان صاد ًقا مع البشر ُمحال أن يكذب على ربه فيما ُيبلغ عنه‪ ،‬فهل تراه‬
‫يذر الكذب على الناس ثم يكذب على الله تعالى؟! ومنها؛ بقاء النبي ﷺ‬
‫على كمال أخالقه الحميدة من أول عمره إلى آخره‪ ،‬ومنها؛ أنه القى أنواع‬
‫المشاق والمتاعب ألجل ما دعا إليه واستمراره على الدعوة إلى الحق‪،‬‬
‫حتى دان له األعداء فقهرهم‪ ،‬وال يكون هذا إال بإعانة الله تعالى له‪ ،‬فالنبي‬
‫وخلِقه‪ُ ،‬مكمل لغيره بدعوته‪ ،‬ومنها؛ أن الله تعالى ما أمره‬
‫كامل في َخ ْلقه ُ‬
‫المنتهين عنه‪،‬‬
‫بأمر إال كان أول الفاعلين له‪ ،‬ولم ُين َه عن أمر إال كان أول ُ‬

‫‪109‬‬
‫ولو ثبت أنه أمر بشيء ولم يفعله‪ ،‬ولم يمتثل به‪ ،‬وفعل خالفه‪ ،‬أو أنه ُنهي‬
‫عن شيء ومن ثم فعله؛ لكان كذبه ب ِّينًا صلوات ربي وسالمه عليه‪.‬‬

‫‪4.4‬آياته ﷺ‪ ،‬وآيات النبي ﷺ كثيرة ثابتة بالتواتر المعنوي‪ ،‬فمنها‪ :‬أنَّه انشق‬
‫له القمر (رواه الــبــخــاري‪ ،)3636:‬وعــدد من المرضى بــرأ بدعائه أو‬
‫بلمسة يده (رواه البخاري‪ ،)2942:‬والطعام ُك ِّثر ببركته عدة مرات (رواه‬
‫الــبــخــاري‪ ،)602:‬والماء نبع من بين أصابعه (رواه البخاري‪،)3579:‬‬
‫حن لفراقه (رواه البخاري‪ .)918:‬وإخباره بحوادث مستقبلية‪،‬‬
‫والجذع َّ‬
‫عديا بأن الله تعالى سيتم هذا األمــر حتى يصير الراكب‬
‫منها‪ :‬أ َّنــه أخبر ً‬
‫وأن الله تعالى سيفتح الشام‬
‫ال يخشى إال الله (رواه البخاري‪َّ ،)3595:‬‬
‫وأن نفرا من أصحابه سيخرجون إليها ويدعون المدينة‬
‫واليمن والعراق‪َّ ،‬‬
‫(رواه الــبــخــاري‪ ،)1875:‬وأ َّنــه إذا هلك كسرى فال كسرى بعده (رواه‬
‫عمارا تقتله الفرقة الباغية (رواه البخاري‪،)447:‬‬
‫ً‬ ‫وأن‬
‫البخاري‪َّ ،)3120:‬‬
‫وأن أصحابه يقتلون أمية‬
‫وأن عمر وعثمان شهيدان (رواه البخاري‪َّ ،)3674:‬‬
‫َّ‬
‫بن خلف (رواه البخاري‪ ،)3950:‬ونعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه‬
‫جعفرا‬
‫ً‬ ‫وهو بالحبشة ورسول الله ﷺ بالمدينة (رواه البخاري‪ ،)1245:‬ونعى‬
‫وزيدا وابن رواحة حين قتلوا في مؤتة وهو بالمدينة ﷺ وكان يصف المعركة‬
‫ً‬
‫(رواه البخاري‪ ،)1246:‬وأخبر عن أنباء الماضي‪ ،‬فحكى عن مريم وعيسى‪،‬‬
‫وعن موسى وأهل مدين‪ ،‬والمؤتفكات‪ ،‬وقوم تبع‪ ،‬وأصحاب الرس‪ ،‬وثمود‪،‬‬
‫وعاد‪ ،‬وفرعون‪ ،‬وإخوان لوط‪ ،‬هذا وهو أمي لم يقرأ ولم يكتب‪.‬‬

‫‪5.5‬ما اشتملت عليه شريعته ﷺ‪ ،‬مما يتعلق باالعتقاد والعبادات والمعامالت‬


‫واآلداب والحكم من الكمال واإلحسان واإلحكام‪ ،‬دليل على أ َّنها رسالة‬
‫أمس الحاجة لمن يهديهم إلى‬
‫سماوية‪ ،‬فظهر في وقت كان الناس في ِّ‬
‫الصراط المستقيم‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫‪6.6‬من أعظم دالئل نبوته ﷺ‪ :‬القرآن العظيم‪ ،‬فهو الكتاب الذي‪﴿ :‬ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [فصلت‪]42:‬؛ ومن‬
‫أعظم دالئل عظمته بالغته وفصاحته‪ ،‬وقد تحدى به رسول الله ﷺ ُفحول‬
‫أن يأتوا بسورة من مثله‪ ،‬وقد ب َّين لنا رسول الله ﷺ َّ‬
‫أن‬ ‫العرب في الفصاحة ْ‬
‫اتساق هذا القرآن وكماله هو أعظم آية تدل على صدقه‪.‬‬

‫‪7.7‬داللة اتصاف النبي ﷺ بكمال الصدق من جهة أتباعه‪ ،‬ومعلوم َّ‬


‫أن كل كمال‬
‫المع ِّلم‪ ،‬وهذا يقتضي أ َّنه كان أكمل الناس‬
‫المتع ِّلم هو من األصل ُ‬
‫في الفرع ُ‬
‫علما ودينًا‪ ،‬وهذه األمور توجب العلم الضروري بأ َّنه كان صاد ًقا في قوله‬
‫ً‬
‫إني رسول الله إليكم جمي ًعا‪ ،‬لم ي ُكن كاذ ًبا مفتر ًيا‪.‬‬

‫ ‪-‬ويشمل اإليمان بالرسل عليهم السالم ً‬


‫أمورا‪ ،‬منها‪:‬‬

‫بأن الله تعالى اصطفاهم واجتباهم على علم ل ُي َب ِّلغُوا رساالتِه إلى‬
‫‪1.1‬اإليمان َّ‬
‫خلقه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ﴾ [الحج‪.]75 :‬‬

‫‪2.2‬اإليمان بصدقهم‪ ،‬وتصديق الله تعالى لهم فيما جــاؤوا به من عنده‪،‬‬


‫قــال تعالى‪﴿ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ﴾ [غافر‪.]51:‬‬

‫وعمل وأخال ًقا‪ ،‬قال‬


‫ً‬ ‫علما‬
‫‪3.3‬اإليمان بأ َّنهم أشرف الخلق نس ًبا‪ ،‬وأكملهم ً‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ﴾ [األنعام‪.]90:‬‬

‫‪4.4‬اإليمان بأ َّنهم ب َّلغوا الرسالة ألقوام حق البالغ‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ‬


‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [النور‪.]54:‬‬

‫‪111‬‬
‫‪5.5‬اإليمان بعصمتهم عن الخطأ فيما ُي َب ِّلغُون به عن ربهم‪ ،‬فاآليات الدالة على‬
‫نبوة األنبياء دلت على أ َّنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله ‪ ،۴‬فال‬
‫يكون خبرهم إال ح ًّقا‪ ،‬وهذا معنى النبوة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [المائدة‪.]67:‬‬

‫‪6.6‬اإليمان بفضلهم‪ ،‬وتفضيل الله تعالى بعضهم على بعض‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ﴾ [اإلس ــراء‪ ،]55:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ﴾ [البقرة‪.]253 :‬‬

‫‪7.7‬اإليمان بمن ورد ذكر اسمه من األنبياء في القرآن‪ ،‬وهم‪ :‬آدم عليه السالم‪،‬‬
‫وإدريس عليه السالم‪ ،‬ونوح عليه السالم‪ ،‬وهود عليه السالم‪ ،‬وصالح‬
‫عليه السالم‪ ،‬وإبراهيم عليه السالم‪ ،‬ولــوط عليه السالم‪ ،‬وإسماعيل‬
‫عليه السالم‪ ،‬وإسحاق عليه السالم‪ ،‬ويعقوب عليه السالم‪ ،‬ويوسف‬
‫عليه السالم‪ ،‬وشعيب عليه السالم‪ ،‬وأيــوب عليه السالم‪ ،‬وذو الكفل‬
‫عليه السالم‪ ،‬وموسى عليه السالم‪ ،‬وهارون عليه السالم‪ ،‬وداوود عليه‬
‫السالم‪ ،‬وسليمان عليه السالم‪ ،‬وإلياس عليه السالم‪ ،‬واليسع عليه السالم‪،‬‬
‫ويونس عليه السالم‪ ،‬وزكريا عليه السالم‪ ،‬ويحيى عليه السالم‪ ،‬وعيسى‬
‫عليه السالم‪ ،‬وآخرهم محمد ﷺ‪ ،‬وهــؤالء خمسة وعشرون نب ًّيا‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ‬
‫ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ‬
‫ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ‬
‫ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ‬

‫‪112‬‬
‫ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ﴾ [األنــعــام‪،]90-83:‬‬
‫ً‬
‫إجمال بمن لم يذكر لنا منهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ونؤمن‬
‫ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ‬
‫ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [النساء‪.]165 ،164:‬‬

‫ ‪ -‬وأما اإليمان بنبوة نبينا محمد ﷺ فيشمل ً‬


‫أمورا‪:‬‬

‫‪1.1‬تصديقه فيما أخبر‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾‬


‫[النجم‪ ،]4 ،3:‬وطاعته فيما أمر‪ ،‬واجتناب ما نهى عنه وزجر‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ﴾ [الحشر‪َّ ،]7:‬‬
‫وأل يعبد‬
‫عمل ليس عليه أمرنُا فهو ر ٌّد» (رواه‬ ‫الله إال بما شرع‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬من َ‬
‫عمل ً‬
‫البخاري‪ ،2697:‬ومسلم‪.)1718:‬‬

‫‪2.2‬اإليمان بأ َّنه خاتم النبيين وآخر المرسلين‪ ،‬فال نبي بعده‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫بي‬ ‫ِ‬
‫«وخت َم َ‬
‫﴿ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ﴾ [األحزاب‪ ،]40:‬وقال ﷺ‪ُ :‬‬
‫ون» (رواه البخاري‪ ،2977:‬ومسلم‪.)523:‬‬ ‫النَّبِ ُّي َ‬
‫‪3.3‬أ َّنه سيد المرسلين‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬أنَا َس ِّي ُد النَّ ِ‬
‫اس» (رواه البخاري‪،4712:‬‬
‫ومسلم‪.)194:‬‬

‫‪4.4‬أ َّنه مرسل للناس كافة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ﴾‬


‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اص ًة و ُبع ْث ُ‬
‫ت إلى‬ ‫ث إلى َق ْومه َخ َّ‬
‫النبي ُي ْب َع ُ‬
‫ُّ‬ ‫«وكان‬
‫َ‬ ‫[سبأ‪ ،]28:‬وقال ﷺ‪:‬‬

‫‪113‬‬
‫النَّ ِ‬
‫اس َع َّامةً» (رواه البخاري‪.)335:‬‬

‫‪5.5‬أنه ﷺ صاحب الشفاعة العظمى‪ ،‬فال يقضى بين الناس يوم القيامة إال‬
‫بشفاعته ﷺ (رواه البخاري‪ ،4712:‬ومسلم‪.)194:‬‬

‫‪6.6‬أنه ﷺ أول مـن يستفتـح باب الجنة فيفتح له‪ ،‬وأول من يدخلها‪ ،‬ال يدخل‬
‫أحد قبله (رواه مسلم‪.)196:‬‬
‫ٌ‬

‫‪7.7‬أنه صاحب لواء الحمد يحمله ﷺ يوم القيامة‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬وبيدي لوا ُء‬
‫تحت لوائي» (رواه‬ ‫آدم فمن سوا ُه َّإل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫نبي يومئذ َ‬
‫فخر‪ ،‬وما من ٍّ‬
‫الحمد وال َ‬
‫الترمذي‪.)3615:‬‬

‫‪8.8‬أنه ﷺ صاحب المقام المحمود‪ ،‬أي‪ :‬المنزلة التي يحمده عليها الخالق‬
‫والمخلوق (رواه البخاري‪.)4718:‬‬
‫‪9.9‬أنه ﷺ صاحب الوسيلة‪ ،‬وهي المنزلة العالية فـي الجنة‪ ،‬قال ﷺ‪َ :‬‬
‫«وأ ْر ُجو‬
‫أن أ ُكون أنا هو‪ ،‬فمن س َأ َل لي ِ‬
‫الشفا َعةُ» (رواه مسلم‪.)384:‬‬ ‫الوسي َل َة َح َّل ْ‬
‫ت له َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫ْ‬

‫‪1010‬أن الله تعالى أ َّيــده بالقرآن‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬


‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ﴾‬
‫[اإلسراء‪.]88:‬‬

‫‪1111‬أنه ﷺ قد َب َّلغَ الرسالة‪ ،‬وأدى األمانة‪ ،‬ونصح األمة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮬ‬
‫ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾ [التوبة‪.]128:‬‬

‫‪1212‬وجوب محبته ﷺ‪ ،‬وتقديم محبته على النفس وسائر الخلق‪ ،‬قال ﷺ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وو َل ِد ِه والنَّ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين»‬
‫أج َمع َ‬
‫اس ْ‬ ‫ب إ َل ْيه من والده َ‬
‫أح َّ‬
‫ون َ‬
‫أح ُد ُك ْم‪ ،‬ح َّتى أ ُك َ‬
‫«ال ُي ْؤم ُن َ‬
‫(رواه البخاري‪.)15:‬‬

‫‪114‬‬
‫‪1313‬محبة أصحابه ﷺ وأهل اإليمان من أهل بيته وأزواجه‪ ،‬ومواالتهم جمي ًعا‬
‫والحذر من سبهم أو الطعن فيهم بشيء‪ ،‬فإن الله تعالى قد رضي عنهم‬
‫واختارهم لصحبة نبيه ﷺ‪ ،‬وأوجب مواالتهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ‬
‫ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ‬
‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ‬
‫أح َد ُك ْم أ ْنف ََق‬
‫أن َ‬ ‫أصحابِي‪ْ ،‬‬
‫فلو َّ‬ ‫ﭪ﴾ [التوبة‪ ،]100:‬وقال ﷺ‪« :‬ال َت ُس ُّبوا ْ‬
‫أح ِد ِه ْم‪ ،‬وال ن َِصي َف ُه» (رواه البخاري‪.)3673:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫م ْث َل ُأ ُحد‪َ ،‬ذ َه ًبا ما َب َل َغ ُم َّد َ‬
‫العالقة بين اإليمان باهلل واإليمان بالنبي محمد ﷺ‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن من لوازم اإليمان بالله تعالى اإليمان بكمال حكمته وعلمه وعدله‪ ،‬ومن‬
‫ذلك إرسال الرسل عليه السالم‪ ،‬وخاصة خاتمهم وآخرهم‪ ،‬وقد ورد اإليمان‬
‫بالنبي ﷺ مقتر ًنا باإليمان بالله تعالى في مواضع كثيرة من كتاب الله‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬
‫﴿ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ﴾ [التغابن‪ ،]8:‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫﴿ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾ [الفتح‪،]9:‬‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [الحديد‪.]7:‬‬

‫وورد الكفر به ﷺ مقتر ًنا بالكفر بالله تعالى‪ ،‬كما في قوله تعالى‪﴿ :‬ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾ [التوبة‪،]54:‬‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾‬
‫[التوبة ‪ ،]80‬وقوله تعالى‪﴿ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ﴾‬
‫[التوبة ‪.]84‬‬

‫وعليه فال يتم اإليمان بالله تعالى إال عند اإليمان بنبيه محمد ﷺ‪ ،‬وهذا هو‬
‫منطوق الركن األول من أركان اإلسالم‪ ،‬وحقيقة أركان اإليمان‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫التفاضل بين الرسل‪:‬‬

‫يتفاضل الرسل فيما بينهم كما َّقرر الله سبحانه وتعالى ذلك صراح ًة في‬
‫كتابه‪ ،‬إذ قال تعالى‪ ﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫وخ ْي ُر الرسل هم أولو العزم من الرسل‪ ،‬ومحمد ﷺ‬ ‫ﭠ﴾ [البقرة‪َ ،]253:‬‬
‫بست‪ُ :‬أعطِيت ج ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وام َع‬ ‫ت ع َلى األنْبِياء ٍّ ْ ُ َ‬ ‫أفضل الرسل وخاتم النبيين‪ ،‬قال ﷺ‪ُ « :‬ف ِّض ْل ُ‬
‫وم ْس ِ‬ ‫وأ ِح َّلت لِي الغَنائِم‪ ،‬وج ِع َل ِ‬ ‫ب‪ُ ،‬‬ ‫بالر ْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ج ًدا‪،‬‬ ‫األر ُض َط ُه ً‬
‫ورا َ‬ ‫ت ل َي ْ‬ ‫ُ ُ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫الكَل ِم‪ ،‬ونُص ْر ُت ُّ‬
‫وأر ِس ْلت إلى الخ ْل ِق كا َّفةً‪ِ ،‬‬
‫ون» (رواه مسلم‪ ،)523:‬وهذا التفضيل‬ ‫بي النَّبِ ُّي َ‬
‫وخت َم َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫محض اصطفاء من الله تعالى ال ينقص من قدر أحدهم شي ًئا‪.‬‬

‫لماذا ُختمت النبوة؟‬

‫َّ‬
‫إن أمر إرسال الرسل مرتبط بحكمة الهداية واإلرشاد‪ ،‬فالبشر ال يستغنون عن‬
‫الوحي بذاتهم‪ ،‬وال بد من نبي يعلمهم أو كتاب يهديهم‪ ،‬ولما أصاب الكتب السابقة‬
‫النقص والتحريف بعد موت الرسل عليهم السالم‪ ،‬اقتضت حكمة الله تعالى أن‬
‫رسول و ُين َِّزل عليه كتا ًبا محفو ًظا إلى يوم القيامة‪ ،‬إذ تك َّفل الله تعالى بحفظه‬
‫ً‬ ‫يرسل‬
‫إلى يوم القيامة‪ ،‬وعليه فالحاجة إلى شريعة جديدة منتفية‪ ،‬ألن النبي ﷺ قد جاء‬
‫بالدين الكامل‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ﴾ [المائدة‪]3:‬‬

‫بحد ذاته‪ ،‬وحجة قائمة على الخلق أجمعين‪ ،‬ومحفوظ إلى‬ ‫وبما َّ‬
‫أن القرآن آية ِّ‬
‫يوم الدين؛ كان الرسول ﷺ هو خاتم األنبياء والمرسلين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ﴾ [األحزاب‪ .]40 :‬وقال ﷺ‪:‬‬
‫وأ ْج َم َل ُه‪َّ ،‬إل َم ْو ِض َع‬
‫فأح َسنَ ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وم َث َل األنْبِياء من َق ْبلي‪َ ،‬ك َم َث ِل َر ُج ٍل َبنَى َب ْي ًتا ْ‬
‫َّ ِ‬
‫«إن َم َثلي َ‬
‫زاوي ٍة‪َ ،‬فجع َل الناس ي ُطو ُفون به‪ ،‬ويعجبون له‪ ،‬ويقولون هل و ِضعت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫هذه‬ ‫َ َ َّ ُ َ ْ‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ُ َ‬ ‫َلبِنَة من َ‬
‫ِ‬
‫ين» (رواه البخاري‪.)3535:‬‬ ‫قال‪ :‬فأنا ال َّلبِ َن ُة وأنا خات ُم ِّ‬
‫النبي َ‬ ‫ال َّلبِ َنةُ؟ َ‬

‫‪116‬‬
‫ٍ‬
‫بختم للرسالة‪ ،‬ألن النبوة أعم من‬ ‫وقد جاء الختم للنبوة المتضمن للحكم‬
‫الرسالة‪ ،‬فختم النبوة يشمل األمرين م ًعا‪ ،‬أما ختم الرسالة فال يشمل ختم النبوة‪،‬‬
‫َّ‬
‫ألن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة‪.‬‬

‫ومن لوازم اإليمان بختم النبوة اإليمان بكمال الدين‪ ،‬وأنه ال يمكن الزيادة عليه‪،‬‬
‫ليس فِ ِيه‪َ ،‬فهو َر ٌّد» (رواه البخاري‪،)2697:‬‬
‫ث في َأ ْمرِنَا هذا ما َ‬
‫«من َأ ْح َد َ‬
‫قال ﷺ‪َ :‬‬
‫وهذا يعني رد كل المخترعات والبدع في الدين التي ليس لها مستند من الكتاب‬
‫والسنة‪.‬‬

‫من ثمرات اإليمان بالرسل عليهم الصالة والسالم‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن اإليمان بالرسل عليهم السالم يزيد من اإليمان بالله تعالى‪ ،‬وبكمال علمه‬
‫وحكمته‪ ،‬وكذلك يزيد من اإليمان برحمة الله تعالى وعنايته بعباده‪ ،‬إذ أرسل لهم‬
‫رسل منهم تدعوهم إلى عبادة الله وحده‪ ،‬وتعلمهم الكتاب والحكمة وتزكيهم‪،‬‬
‫ً‬
‫وهذا مما يوجب محبة الرسل عليهم الصالة والسالم‪ ،‬ومعرفة َّ‬
‫أن محبتهم من محبة‬
‫الله تعالى‪ ،‬إذ اصطفاهم لرساالته‪ ،‬وخصهم بوحيه‪َّ .‬‬
‫إن اإليمان بالرسل عليهم‬
‫السالم خير معين للمؤمن الصادق الذي ينشد االستقامة على أمر الله‪ ،‬فهم قدوة في‬
‫كل شيء‪ ،‬ومن ذلك التأسي بهم في العبادة والدعوة‪ ،‬واالقتداء بهم في حسن البيان‪،‬‬
‫وعظيم الصبر‪ ،‬وجميل النصح‪ ،‬وهذه المعاني تورث اليقين بحسن العاقبة للمتقين‬
‫وجزيل المثوبة للصابرين المحسنين‪ .‬إن اإليمان بالرسل عليهم السالم ومطالعة‬
‫صدق سيرتهم وحسن عملهم وبذلهم يعزز اليقين بصحة هذا الدين‪ ،‬ويستوجب‬
‫على المؤمن محبتهم والدعاء لهم والصالة عليهم‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬الرسل والرساالت‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪2.2‬المباحث العقدية المتعلقة باإليمان بالرسل‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪3.3‬خالصات في مباحث النبوات‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪4.4‬حقوق النبي ﷺ على أمته‪ ،‬د‪ .‬محمد التميمي‪.‬‬

‫‪5.5‬دالئل النبوة‪ ،‬منقذ السقار‪.‬‬

‫‪6.6‬عقيدة ختم النبوة‪ ،‬أحمد الغامدي‪.‬‬

‫‪7.7‬نبوة محمد من الشك إلى اليقين‪ ،‬فاضل السامرائي‪.‬‬

‫‪8.8‬الرسول ﷺ‪ ،‬مكانته‪ ،‬حقوقه‪ ،‬وجوب اتباع سنته‪ ،‬عبد العزيز بن باز‪.‬‬

‫‪9.9‬دالئل أصول اإلسالم‪ ،‬إعداد مركز صناعة المحاور‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫الركن اخلامس‬
‫اإليمان باليوم اآلخر‬
‫المراد باليوم اآلخر‪ :‬هو يوم القيامة‪ُ ،‬س ِّمي باليوم اآلخر أل َّنه يأتي بعد هذه الدنيا‬
‫لرب العالمين‪ ،‬ولـه أسماء عديدة‪،‬‬
‫ويسمى يوم القيامة لقيام الناس فيه ِّ‬
‫َّ‬ ‫أو في آخرها‪،‬‬
‫وكلها تدل على عظم شأنه‪ ،‬وحث الناس على االستعداد له‪.‬‬

‫اإليمان باليوم اآلخر‪ :‬هو اإليمان بالبعث في يوم عظيم هو يوم القيامة‪ ،‬لمجازاة‬
‫الخلق‪ ،‬فمن أحسن فله الجنة‪ ،‬ومن أساء فله النار‪ ،‬وهذا هو اإليمان الذي يجب‬
‫أيضا بكل ما بلغه من تفاصيل هذا الركن‬
‫على كل مؤمن أن يؤمن به‪ ،‬ويجب أن يؤمن ً‬
‫الواردة في القرآن والسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ‪.‬‬

‫العالقة بين اإليمان باليوم اآلخر واإليمان باهلل‪:‬‬

‫إن اإليمان باليوم اآلخر من لوازم اإليمان بالله تعالى‪َّ ،‬‬


‫فإن من كمال عدل‬ ‫\ \ َّ‬
‫الله وحكمته وقدرته‪ ،‬أ َّنه يجمع الناس في اآلخرة ليحكم بين العباد بالحق‪ ،‬إذ تجد‬
‫قدمت‪ ،‬فيجازي المحسن على إحسانه‪ ،‬والمسيء على إساءته إال ْ‬
‫أن‬ ‫ْ‬ ‫كل نفس ما‬
‫إن من يؤمن باليوم اآلخر صد ًقا؛ فإ َّنه يؤمن بالله ح ًّقا‪َّ ،‬‬
‫ألن اليوم‬ ‫يعفو الله عنه‪َّ .‬‬
‫اآلخر من لوازم اإليمان بكمال عدل الله‪ ،‬فتجد المؤمن يرجو رحمة الله ويخشى‬
‫عذابه‪ ،‬وبذلك نجد آيات كثيرة تقرن بين اإليمان باليوم اآلخر واإليمان بالله‪.‬‬

‫الحكمة من مجيء اليوم اآلخر‪:‬‬

‫دل على تفاصيل اليوم اآلخر هو الوحي‪ ،‬ولمجيء اليوم اآلخر ِح َك ٌم‬
‫الذي َّ‬
‫تضمنت اإلشارة إليها بعض اآليات المحكمات كقولـه تعالى‪﴿ :‬ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫َّ‬

‫‪121‬‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [النحل‪ ،]39 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ‬
‫ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ﴾‬
‫[سبأ‪ ،]6-4:‬ويمكن إجمال تلك ِ‬
‫الح َكم باآلتي‪:‬‬

‫‪1.1‬مجازاة المحسنين باإلحسان‪ ،‬والمسيئين بما عملوا ْ‬


‫إن لم يغفر الله‬
‫لهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾‬
‫[المؤمنون‪ .]115:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [يونس‪.]4:‬‬

‫والح ْك ُم بين الخلق بالحق‪،‬‬


‫ُ‬ ‫‪2.2‬إظهار عدل الله وحكمته وفضله ورحمته‪،‬‬
‫وأداء الحقوق إلى أهلها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ‬
‫أه ِلها حتى ُيقا َد‬ ‫الح َ‬
‫قوق إلى ْ‬ ‫ﭿ ﴾ [األنبياء‪ ،]47:‬وقال ﷺ‪« :‬ل ُت َؤ ُّد َّن ُ‬
‫ناء» (رواه مسلم‪.)2582:‬‬ ‫الش ِاة ال َقر ِ‬
‫لحاء ِمن َّ‬
‫للش ِاة الج ِ‬
‫َّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪3.3‬إثبات صدق ما أخبرت به األنبياء والرسل عليهم السالم‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ﴾ [القصص‪.]65:‬‬

‫‪4.4‬إظهار صدق أتباع األنبياء الذين آمنوا وعملوا ودعوا إلى ما دعا إليه األنبياء‬
‫من قبلهم‪ ،‬وإظهار كذب الكافرين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬

‫‪122‬‬
‫ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ‬
‫ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ‬
‫ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﴾ [الجاثية‪ ،]32-27:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [النحل‪،]39:‬‬
‫وق ــال تعالى‪﴿ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ‬
‫ﰊ﴾ [األعراف‪.]51:‬‬

‫ ‪-‬ويشمل اإليمان باليوم اآلخر كل ما بعد الموت‪ ،‬وتفاصيله كثيرة‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪1.1‬اإليمان بفتنة القبر وعذابه ونعيمه‪.‬‬

‫‪2.2‬أشراط الساعة وعالماتها الكبرى والصغرى‪.‬‬

‫‪3.3‬البعث‪.‬‬

‫‪4.4‬الحشر‪.‬‬

‫‪5.5‬الحساب‪.‬‬

‫‪6.6‬الميزان‪.‬‬

‫‪7.7‬الحوض‪.‬‬

‫‪8.8‬الصراط والقنطرة‪.‬‬

‫‪9.9‬الشفاعة وأنواعها‪.‬‬

‫‪1010‬الجنة والنار‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫أول‪ :‬الفتنة فـي القبر‪:‬‬
‫ً‬

‫دلت النصوص على سؤال المالئكة للميت فـي القبر‪ ،‬ومن ذلك ما ورد عن‬
‫فيقول‪:‬‬‫ُ‬ ‫ك؟‬ ‫ِ‬
‫فيقوالن‪َ :‬من ر ُّب َ‬ ‫جلسانِه‪،‬‬ ‫كان‪ ،‬في ِ‬
‫ُ‬
‫أتيه م َل ِ‬
‫«في َ‬
‫ِ‬
‫النبي ﷺ أ َّنه قال عن الميت‪َ :‬‬
‫جل ا َّلذي‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم‪ ،‬فيقوالن‪ :‬ما هذا َّ‬ ‫ُ‬ ‫فيقول‪ :‬ديني‬ ‫ُ‬ ‫ك؟‬‫فيقوالن‪ :‬وما ِدينُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِّب َي الل ُه‪،‬‬
‫الله ﷺ» (رواه أبو داود‪ ،)4753:‬وفي الحديث‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيقول‪ :‬هو‬ ‫ُ‬ ‫ث فيكم؟‬ ‫ُب ِع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«إن ال َع ْب َد إ َذا ُوض َع في َق ْبرِه و َت َو َّلى ع ْنه ْ‬
‫أص َحا ُب ُه‪ ،‬وإنَّه َل َي ْس َم ُع‬ ‫أيضا‪َّ :‬‬ ‫الصحيح أنه قال ً‬
‫الر ُج ِل لِ ُم َح َّم ٍد‬ ‫ول في هذا َّ‬ ‫ت َت ُق ُ‬ ‫ول ِن‪ :‬ما ُكنْ َ‬
‫ِ ِِ‬
‫َان ُفي ْقع َدانه‪َ ،‬ف َي ُق َ‬ ‫َقر َع نِ َعالِ ِهم‪ ،‬أ َتا ُه م َلك ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ورسو ُل ُه‪ُ ،‬في َق ُال له‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الم ْؤ ِم ُن‪َ ،‬في ُ‬
‫عبد ال َّله َ‬
‫أش َه ُد أنَّه ُ‬ ‫قول‪ْ :‬‬ ‫فأما ُ‬ ‫َص َّلى الل ُه عليه وس َّل َم؟ َّ‬
‫الجنَّ ِة‪َ ،‬ف َي َر ُاهما َج ِمي ًعا َ‬
‫‪-‬قال‬ ‫ِ‬
‫ك ال َّل ُه به َم ْق َع ًدا م َن َ‬ ‫قد أ ْب َد َل َ‬‫ار ْ‬ ‫ا ْن ُظ ْر إلى َم ْق َع ِد َك ِم َن النَّ ِ‬
‫المنَافِ ُق‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫وأ َّما ُ‬ ‫َس‪َ -‬‬ ‫َقتاد ُة‪ :‬و ُذكِر َلنا‪ :‬أنَّه يفْسح له في َقبرِ ِه‪ُ ،‬ثم رجع إلى ح ِ‬
‫ديث أن ٍ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ول ما‬ ‫ت أ ُق ُ‬‫قول‪ :‬ال أ ْد ِري‪ُ ،‬كنْ ُ‬
‫الر ُج ِل؟ َفي ُ‬ ‫ت َت ُق ُ‬
‫ول في هذا َّ‬ ‫والكَاف ُر ُفي َق ُال له‪ :‬ما ُكنْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫يقول الناس‪ ،‬في َق ُال‪ :‬ال دريت ول ت َليت‪ ،‬وي ْضرب بم َط ِ ِ‬
‫ار َق من َحديد َض ْر َبةً‪َ ،‬ف َيص ُ‬
‫يح‬ ‫ََْ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ َّ ُ ُ‬
‫غير ال َّث َق َل ْي ِن» (رواه البخاري‪.)1374:‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َص ْي َح ًة َي ْس َم ُع َها َمن َيليه َ‬
‫ ‪-‬نعيم القبر وعذابه‪:‬‬

‫اتفق أهل السنة والجماعة على ما د َّلت عليه النصوص من َّ‬


‫أن نعيم القبر وعذابه‬
‫حق‪ ،‬وهو مترتب على فتنة القبر والسؤال فيه‪ ،‬وقد ورد في ذلك عدة نصوص منها‪:‬‬

‫‪1.1‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬


‫ﮩ ﮪ ﮫ﴾ [غافر‪.]46:‬‬

‫ات ُعرِ َض عليه َم ْق َع ُد ُه بالغ ََد ِاة وال َع ِش ِّي‪،‬‬


‫أح َد ُك ْم إ َذا َم َ‬
‫«إن َ‬
‫أن الرسول ﷺ قال‪َّ :‬‬ ‫‪َّ 2.2‬‬
‫أه ِل النَّ ِ‬ ‫إن كان ِمن أه ِل الجن ِة َف ِمن أه ِل الجن ِة‪ ،‬وإن كان ِمن أه ِل الن ِ ِ‬
‫ار‪،‬‬ ‫ار َفم ْن ْ‬ ‫ْ َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫الق َي َام ِة» (رواه البخاري‪،1379:‬‬ ‫ك ال َّله يوم ِ‬
‫ُفي َق ُال‪ :‬هذا َم ْق َع ُد َك ح َّتى َي ْب َع َث َ ُ َ َ‬
‫ومسلم‪.)2866:‬‬

‫‪124‬‬
‫أن ال َتدا َفنُوا َل َد َع ْو ُت ال َّل َه ْ‬
‫أن‬ ‫‪3.3‬وكذلك ما صح عن النبي ﷺ أ َّنه قال‪َ « :‬ل ْوال ْ‬
‫ذاب ال َق ْبرِ» (رواه مسلم‪.)2868:‬‬ ‫ُي ْس ِم َعك ُْم ِمن َع ِ‬

‫‪4.4‬وما صح َّ‬
‫أن النبي ﷺ مر بقبرين فقال‪« :‬إنهما ُليعذبان» (رواه البخاري‪،218:‬‬
‫ومسلم‪.)292:‬‬

‫يتعوذ من عذاب القبر (رواه البخاري‪ ،1376:‬ومسلم‪.)586:‬‬


‫‪5.5‬كان النبي ﷺ َّ‬
‫‪6.6‬وقد أجمع أهل السنة على إثبات نعيم القبر وعذابه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أشراط الساعة‪:‬‬


‫ً‬
‫أشراط الساعة‪ :‬عالماتها‪ ،‬وال يعلم متى تقوم الساعة إال الله تعالى وحده‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕ‬
‫ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ﴾ [األعراف‪.]187:‬‬
‫ٍ‬
‫عالمات لتنبيه الناس وتذكيرهم‬ ‫ولك َّن الله تعالى برحمة منه وضع بين يديها‬
‫وإيقاظ الغافلين منهم‪ ،‬وح َّثهم على التوبة واالستعداد‪ ،‬وقد َّ‬
‫قسم العلماء هذه‬
‫العالمات إلى قسمين‪:‬‬

‫جدا‪،‬‬
‫‪1.1‬العالمات الصغرى‪ :‬وهي التي تدل على اقتراب الساعة‪ ،‬وهي كثيرة ًّ‬
‫وقد وقع كثير منها‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫ ‪-‬بعثة النبي ﷺ (رواه البخاري‪.)6503:‬‬

‫ ‪-‬وموت النبي ﷺ (رواه البخاري‪.)3176:‬‬

‫ ‪-‬وضياع األمانة (رواه البخاري‪.)59:‬‬

‫ ‪-‬وزخرفة المساجد والتباهي بها (رواه أبو داود‪.)449:‬‬

‫‪125‬‬
‫ ‪-‬وتطاول الرعاة في البنيان (رواه البخاري‪.)50:‬‬

‫ ‪-‬وتقارب الزمن (رواه البخاري‪.)6037:‬‬

‫ ‪-‬وظهور الفتن (رواه أبو داود‪.)4259:‬‬

‫ ‪-‬وكثرة الزنا والفسوق (رواه البخاري‪.)80:‬‬

‫ ‪-‬وكثرة القتل والزالزل (رواه البخاري‪ )1036:‬وغيرها كثير‪.‬‬

‫‪2.2‬العالمات الكبرى‪ :‬وهي التي تكون بين يدي الساعة‪ ،‬وهي عشر عالمات‬
‫اطلع على أصحابه رضي‬ ‫أن النبي ﷺ َّ‬ ‫لم يظهر منها شيء بعدُ ‪ ،‬وقد ثبت َّ‬
‫اع َة‪َ ،‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫الله عنهم وهم يتذاكرون فقال‪« :‬ما ت ََذ َاك ُرونَ ؟ قالوا‪َ :‬ن ْذ ُك ُر َّ‬
‫الس َ‬
‫ـات‪َ ،‬ف َذ َك َر‪ :‬الدُّ َخانَ ‪َ ،‬والدَّ َّج َ‬
‫ال‪،‬‬ ‫إن ََّها َل ْن ت َُقو َم ح َّتى َتَــر ْونَ َق ْب َل َها َعشْ َر آ َيـ ٍ‬
‫يسى ا ْبنِ َم ْر َي َم ﷺ‪َ ،‬و َي َأ ُج َ‬
‫وج‬ ‫ول ِع َ‬ ‫س ِمن َمغْ ِربِ َها‪َ ،‬و ُن ُز َ‬ ‫الش ْم ِ‬
‫وع َّ‬ ‫َوالدَّ ا َّب َة‪َ ،‬و ُط ُل َ‬
‫ِب‪َ ،‬و َخ ْس ٌف‬ ‫بالمشْ ر ِِق‪َ ،‬و َخ ْس ٌف َ‬
‫بالمغْ ر ِ‬ ‫وف‪َ :‬خ ْس ٌف َ‬ ‫َو َم ْأ ُج َ‬
‫وج‪َ ،‬و َث َل َث َة ُخ ُس ٍ‬
‫اس إلى َم ْح َش ِر ِه ْم»‬ ‫ذلك َن ٌار ت َْخ ُر ُج ِم َن ال َي َمنِ ‪ ،‬ت َْط ُر ُد ال َّن َ‬
‫آخ ُر َ‬‫ب‪َ ،‬و ِ‬ ‫ِير ِة َ‬
‫الع َر ِ‬ ‫بجز َ‬ ‫َ‬
‫(رواه مسلم‪.)2901:‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬البعث‪ :‬وهو إحياء الناس بعد موتهم يوم القيامة‪.‬‬

‫ ‪-‬من األدلة على البعث‪:‬‬

‫‪1.1‬التذكير َّ‬
‫بأن الذي ابتدأ الخلق على غير مثال سبق قادر على إعادة بعثه‪،‬‬
‫فاإلعادة أهون من االبتداء‪ ،‬قال تعالى‪ :‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾‬
‫[يــــس‪ .]80-77:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬

‫‪126‬‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾‬
‫[الروم‪ ،]27:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾ [مريم‪ ،]68-66:‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ﴾ [ق‪.]15:‬‬

‫‪2.2‬التذكير بإحياء األرض بالمطر بعد موتها داللة على البعث‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ‬
‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ‬
‫ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ﴾ [الحج‪.]7-5:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ﴾ [فصلت‪،]39:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ﴾ [النحل‪ ،]65:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ﴾‬
‫[الروم‪.]50:‬‬

‫‪3.3‬التذكير َّ‬
‫بأن من خلق السماوات واألرض قادر على البعث‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ﴾ [ األحقاف‪ ،]33 :‬وقال تعالى‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫﴿ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﯟ﴾ [غــافــر‪ ،]57:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [الرعد‪.]2:‬‬

‫‪4.4‬اإلخبار ببعض الوقائع الحسية التي تدل على البعث؛ كإحياء قتيل بني‬
‫إسرائيل‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫مر على قرية بعد‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ﴾ [البقرة‪ .]73 :‬وإحياء الــذي َّ‬
‫موتها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ‬
‫ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ‬
‫ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ‬
‫ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ‬
‫ﰂﰃ ﰄ ﰅ﴾ [البقرة‪ ،]259 :‬وإخبار الله تعالى عن إماتة أناس ثم‬
‫أحياهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ﴾ [البقرة‪ .]243 :‬وإخبار الله تعالى عن‬
‫أهل الكهف‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ) ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾ [الكهف‪.]12-11:‬‬

‫ ‪-‬بيان كيفية البعث‪:‬‬

‫فأول يوم القيامة النفخ فـي الصور نفخة الفزع والصعق‪ ،‬ثم نفخة البعث التي‬
‫تعود فيها األرواح إلى األجساد فتحيا‪ ،‬ثم ُتحشر الخالئق إلى رب العباد‪ ،‬والصور‬
‫هو القرن الذي ينفخ فيه الملك الموكَّل بالنفخ‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾‬

‫‪128‬‬
‫ت منه َأ ْج َسا ُد‬‫مطرا‪َ « :‬ف َتنْ ُب ُ‬
‫أن الله تعالى ينزل ً‬ ‫أن النبي ﷺ أخبر َّ‬ ‫[الزمر‪ .]68:‬وثبت َّ‬
‫ِ‬
‫ون» (رواه مسلم‪.)2940:‬‬ ‫اس‪ُ ،‬ث َّم ُي ْنف َُخ فيه ُأ ْخ َرى‪َ ،‬فإِ َذا ُه ْم ق َي ٌام َي ْن ُظ ُر َ‬
‫ال َّن ِ‬

‫راب ًعا‪ :‬الحشر‪ :‬وهو جمـع الخالئق يوم القيامة لحسابهم والقضاء بينهم‪ ،‬إذ‬
‫«مال ُقو ال َّل ِه ُحفا ًة ُعرا ًة ُمشا ًة غ ُْر ًل» (رواه‬
‫يؤمن أهل السنة والجماعة بأن الناس ُ‬
‫البخاري‪ ،)6524:‬كما بدأ الله ‪ ۴‬أول خلق يعيده‪.‬‬

‫ ‪-‬من األدلة على الحشر‪:‬‬

‫‪1.1‬قولـه تعالى‪﴿ :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ﴾‬


‫[الواقعة‪.]50 ،49:‬‬

‫‪2.2‬وقولـه تعالى‪﴿ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﴾‬


‫[ق‪.]44:‬‬
‫واآلخ ِرين في ص ِع ٍ‬
‫ِ‬ ‫األولِي َن‬ ‫القي ِ‬ ‫ِ‬
‫يد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫امة َّ‬ ‫وم َ َ‬ ‫«إن ال َّل َه َي ْج َم ُع َي َ‬
‫‪3.3‬وقول النبي ﷺ‪َّ :‬‬
‫منهم» (رواه‬
‫ْ‬ ‫اعي و ُين ِْف ُذ ُه ُم ال َب َص ُر‪ ،‬و َت ْد ُنو َّ‬
‫الش ْم ُس‬ ‫الد ِ‬
‫واح ٍد‪ ،‬ف ُي ْس ِم ُع ُه ُم َّ‬
‫ِ‬

‫البخاري‪ ،3361:‬ومسلم‪.)194:‬‬

‫راء‪َ ،‬ك ُق ْر َص ِة َن ِق ٍّي‪،‬‬


‫ضاء َع ْف َ‬ ‫يام ِة ع َلى ْأر ٍ‬
‫ض َب ْي َ‬
‫ِ‬
‫وم الق َ‬ ‫َّاس َي َ‬
‫‪4.4‬وقال ﷺ‪ُ « :‬ي ْح َش ُر الن ُ‬
‫ألح ٍد» (رواه البخاري‪)6521:‬‬ ‫ليس فيها َم ْع َل ٌم َ‬
‫قال َس ْه ٌل أو َغ ْي ُر ُه‪َ :‬‬
‫َ‬

‫خامسا‪ :‬الحساب‪ :‬وهو إطالع الله تعالى عباده على أعمالهم قبل االنصراف‬
‫ً‬
‫من المحشر‪.‬‬

‫ ‪-‬من األدلة على الحساب‪:‬‬

‫‪1.1‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾‬


‫[المجادلة‪.]6 :‬‬

‫‪129‬‬
‫‪2.2‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾‬
‫[آل عمران‪.]30 :‬‬

‫‪3.3‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾ [الكهف‪.]49 :‬‬

‫‪4.4‬قولـه تعالى‪﴿ :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ﴾ [الغاشية‪.]26-25:‬‬

‫‪5.5‬وقولـه تعالى‪﴿ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ﴾‬


‫[االنشقاق‪.]8-7:‬‬

‫أه ِل‬ ‫اآلخر ِ‬


‫‪6.6‬أول من يحاسب من األمم هذه األمة‪ ،‬لقوله ﷺ‪« :‬نَحن ِ‬
‫ون من ْ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫الخالئِ ِق» (رواه مسلم‪.)856:‬‬
‫لهم َق ْب َل َ‬
‫ِ‬
‫الم ْقض ُّي ْ‬
‫الق ِ‬
‫يامة‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫وم َ‬ ‫واألو ُل َ‬
‫ون َي َ‬ ‫الدنْيا‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬
‫‪7.7‬أول ما ُيقضى بين الناس يوم القيامة فـي الدماء‪ ،‬لقولـه ﷺ‪َ :‬‬
‫«أ َّو ُل ما ُي ْق َضى‬
‫اء» (رواه البخاري‪.)6864:‬‬ ‫اس في الدم ِ‬
‫ْبي َن النَّ ِ‬
‫ِّ َ‬
‫‪8.8‬ورد التنصيص على السؤال عن بعض األعمال‪ ،‬ليهتم العبد بها ويجتهد في‬
‫االستعداد لذلك اليوم‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬السؤال عن الكفر والشرك‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﴾ [الشعراء‪ ،]92:‬وعن القرآن والعمل به‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾ [الزخرف‪ ،]44-43:‬وعن النعيم الذي حصل‬
‫له في الدنيا‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ﴾ [التكاثر‪ ،]8:‬وعن‬
‫العهود والمواثيق‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﴾‬
‫[اإلسراء‪ ،]34:‬وعن إضالل الناس‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ﴾ [العنكبوت‪،]13:‬‬
‫وعن السمع والبصر والفؤاد‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ﴾ [اإلسراء‪.]36:‬‬

‫‪130‬‬
‫ ‪-‬كيفية أخذ الكتب‪:‬‬

‫بعد الحساب تنشر صحائف األعــمــال‪ ،‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﭵ ﭶ ﭷ﴾‬


‫ٌ‬
‫فآخذ كتابه بيمينه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫[التكوير‪ ]10:‬أي‪ُ :‬ت ْف َت ُح و ُت ْب َس ُط‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وآخذ كتابه بشماله‪ ،‬قال‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ﴾ [االنشقاق‪،]8 ،7:‬‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ﴾ [الحاقة‪.]25 :‬‬

‫سادسا‪ :‬الميزان‪ :‬والميزان هو ما يضعه الله يوم القيامة لوزن الصحائف وأعمال‬
‫ً‬
‫العباد وغيرها‪ ،‬وهو ميزان حقيقي له كفتان ال يعلم قدره وال كيفيته إال الله تعالى‪.‬‬

‫ ‪-‬من األدلة على الميزان‪:‬‬

‫‪1.1‬قـــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬


‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ﴾‬
‫[األنبياء‪.]47:‬‬

‫‪2.2‬قــــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ‬


‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ﴾‬
‫[األعراف‪.]9-8:‬‬

‫‪3.3‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬


‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﴾ [القارعة‪.]9-6:‬‬
‫َع َلى ال ِّلس ِ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ان إلى الر ْحم ِن‪َ ،‬خ ِفي َف َت ِ‬
‫ان‬ ‫‪4.4‬قال النَّبي ﷺ‪َ « :‬ك ِلم َت ِ‬
‫ان َحبِي َب َت ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫ال َّل ِه ا ْل َعظِي ِم»‬ ‫ان‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ان ال َّله َوبِـ َ‬
‫ـحـ ْـمــده‪ُ ،‬س ْب َح َ‬ ‫ان‪ُ :‬س ْب َح َ‬
‫ان فِي ا ْلـ ِ‬
‫ـمــيـ َز ِ‬ ‫َث ِقي َل َت ِ‬
‫(رواه البخاري‪ ،7563:‬ومسلم‪.)2695:‬‬

‫الميزان»‬
‫َ‬ ‫والحمد ل َّل ِه تمأل ُ‬
‫ُ‬ ‫‪5.5‬قــال النَّبي ﷺ‪« :‬ال ُّطهور شطر اإليــمـ ِ‬
‫ـان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(رواه مسلم‪.)223:‬‬

‫‪131‬‬
‫ـخ ـ ُلـ ِـق»‬ ‫ــس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ــن الـ ُ‬ ‫‪6.6‬ق ــال ﷺ‪« :‬م ــا م ــن شـــيء أثــقـ ُـل فــي الــمــيــزان م ــن ُح ْ‬
‫(رواه أبو داود‪.)4799:‬‬

‫فمن ثقلت موازين حسناته على سيئاته دخل الجنة‪ ،‬ومن رجحت سيئاته على‬
‫حسناته استحق النار‪ ،‬إال ْ‬
‫أن يشفع فيه الشفعاء‪ ،‬أو يعفو الله تعالى عنه‪ ،‬ومن أعظم‬
‫األعمال التي تثقل الميزان؛ حسن الخلق وذكر الله‪.‬‬

‫ساب ًعا‪ :‬الورود على الحوض‪ :‬وهو مجتمع الماء النازل من الكوثر‪ ،‬وهو حوض‬
‫النبي ﷺ فـي عرصات يوم القيامة‪َ ،‬ي ِر ُد عليه من أجابه واتبعه من أمته‪.‬‬

‫ ‪-‬من األدلة على الحوض‪:‬‬

‫يح ُه‬
‫ور ُ‬ ‫«ح ْو ِضي َم ِس َير ُة َش ْهرٍ‪ ،‬ماؤُ ُه أ ْب َي ُض ِم َن ال َّل َب ِن‪ِ ،‬‬
‫‪1.1‬قال رسول الله ﷺ‪َ :‬‬
‫ماء‪َ ،‬من َشرِ َب ِمنْها فال َي ْظ َم ُأ أ َب ًدا»‬ ‫ك‪ ،‬وكِيزا ُنه َكنجو ِم الس ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫المس ِ‬
‫ِ‬ ‫أ ْطي ِ‬
‫ب م َن ْ‬‫َ ُ‬
‫(رواه البخاري‪ ،6579:‬ومسلم‪ ،)2292:‬والكيزان‪ :‬جمع كوز؛ وهي‬
‫األكواب الموضوعة على جانبيه مثل نجوم السماء في عددها ولمعانها‪.‬‬

‫وإن فيه ِم َن‬


‫الي َم ِن‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«إن َق ْد َر َح ْوضي كما ْبي َن ْأي َل َة َ‬
‫وصنْعا َء م َن َ‬ ‫‪2.2‬قال ﷺ‪َّ :‬‬
‫يق َكعد ِد نُجو ِم الس ِ‬ ‫ِ‬
‫ماء» (رواه البخاري‪ ،)6580:‬وأيلة مدينة من‬ ‫َّ‬ ‫األبار ِ َ َ ُ‬
‫طرف الشام‪.‬‬
‫ِ‬
‫الناس ورو ًدا عليه ف َقرا ُء‬ ‫‪3.3‬أول من َي ِر ُد عليه فقراء المهاجرين‪ ،‬قال ﷺ‪ُ :‬‬
‫«أول‬
‫المهاجرين» (رواه الترمذي‪.)2444:‬‬
‫َ‬
‫‪4.4‬يطرد عنه من أحدث في دين الله ما ال يرضاه الله تعالى‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬أنا َف َر ُطك ُْم‬
‫ول‪ :‬يا َر ِّب‬ ‫جال ِمنكُم ُث َّم َل ُي ْخ َت َل ُج َّن ُدونِي‪ ،‬فأ ُق ُ‬
‫ض‪ ،‬و َل ُي ْر َف َع َّن َم ِعي ِر ٌ‬
‫الح ْو ِ‬
‫ع َلى َ‬
‫أح َد ُثوا َب ْع َد َك» (رواه البخاري‪،)6576:‬‬ ‫َّك ال َت ْد ِري ما ْ‬‫قال‪ :‬إن َ‬ ‫أصحابِي‪ُ ،‬في ُ‬
‫ْ‬
‫وليختلجن أي‪ :‬يعدل بهم عن الحوض ويبعدون عنه‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫ ‪-‬الفرق بين الحوض والكوثر‪:‬‬

‫الكوثر هو الخير الكثير‪ ،‬قال الله تعالى‪﴿ :‬ﮆﮇﮈ﴾ [الكوثر‪،]1:‬‬


‫الجنَّ ِة‪ ،‬إذا أنا‬ ‫ِ‬
‫«بينَما أنا أس ُير في َ‬
‫ومنه نهر في الجنة أعطاه الله للنبي ﷺ‪ ،‬قال ﷺ‪ْ :‬‬
‫لت‪ :‬ما هذا يا ِج ْبرِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل؟ َ‬
‫قال‪ :‬هذا الك َْو َث ُر‪ ،‬الذي‬ ‫الم َج َّوف‪ُ ،‬ق ُ‬
‫الد ِّر ُ‬ ‫بنَ َهرٍ‪ ،‬حا َفتا ُه ق ُ‬
‫باب ُّ‬
‫ك» (رواه البخاري‪ .)6581:‬وأما الحوض فيكون في أرض المحشر‪،‬‬ ‫أ ْع َ‬
‫طاك َر ُّب َ‬
‫يتدفق فيه «ميزابان يمدانه من الجنة» (رواه مسلم‪ ،)2301:‬ف َي ِر ُد عليه المؤمنون قبل‬
‫دخولهم الجنة‪.‬‬

‫ثامنًا‪ :‬الصراط‪ :‬وهو جسر منصوب على جهنم ليعبر الناس عليه حسب‬
‫فناج مخدوش‪ ،‬وناج ُمس َّلم وهؤالء يدخلون الجنة‪ ،‬وأما المكردس‬
‫أعمالهم‪ٍ ،‬‬
‫فـيلقى في نار جهنم‪.‬‬

‫ ‪-‬من األدلة على الصراط‪:‬‬

‫‪1.1‬قال الله تعالى‪﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬


‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ﴾ [مــريــم‪ُ ،]72-71:‬ف ِّسر الــورود هنا‬
‫بالصراط على أحد األقوال‪.‬‬
‫ون أنَا ُ‬
‫وأ َّمتي َّأو َل َمن‬ ‫اط ْبي َن َظ ْه َر ْ‬
‫ي َج َهنَّ َم‪ ،‬فأ ُك ُ‬ ‫الص َر ُ‬
‫«وي ْض َر ُب ِّ‬
‫‪2.2‬وقال ﷺ‪ُ :‬‬
‫جي ُز َها» (رواه البخاري‪ ،7437:‬ومسلم‪.)182:‬‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫ون َّأو َل َمن‬ ‫ِ‬ ‫قال َر ُ‬ ‫«وي ْض َر ُب ِج ْس ُر َج َهنَّ َم‪َ ،‬‬
‫سول ال َّله ﷺ‪ :‬فأ ُك ُ‬ ‫‪3.3‬وقال ﷺ‪ُ :‬‬
‫جيز‪ ،‬ودعاء الرس ِل يوم ٍ‬
‫ئذ‪ :‬ال َّل ُه َّم َس ِّل ْم َس ِّل ْم» (رواه البخاري‪.)6573:‬‬ ‫ُي ِ ُ ُ َ ُ ُّ ُ َ َ‬
‫‪4.4‬يكون الصراط زل ًقا‪ ،‬ويتفاوت الناس في المرور على الصراط تفاو ًتا‬
‫عظيما؛ وذلك َّ‬
‫ألن المرور عليه إنما يكون بقدر األعمال الصالحة التي‬ ‫ً‬
‫بالجسرِ‬
‫ْ‬ ‫قدمها المرء المسلم لربه في الحياة الدنيا‪ ،‬قال ﷺ‪ُ « :‬ث َّم ُي ْؤ َتى‬

‫‪133‬‬
‫قال‪َ :‬م ْد َح َض ٌة‬‫الجس ُر؟ َ‬ ‫ْ‬ ‫سول ال َّل ِه‪ ،‬وما‬ ‫ي َج َهنَّ َم‪ُ ،‬ق ْلنَا‪ :‬يا َر َ‬ ‫ُفي ْج َع ُل ْبي َن َظ ْه َر ْ‬
‫ِ‬ ‫َم ِز َّلةٌ‪ ،‬عليه َخ َطاطِ ُ‬
‫ُون‬‫وح َس َك ٌة ُم َف ْل َط َح ٌة َل َها َش ْو َك ٌة ُع َق ْيفَا ُء‪َ ،‬تك ُ‬
‫يب‪َ ،‬‬ ‫يف و َك َلل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الريحِ ‪،‬‬‫الم ْؤم ُن َع َل ْي َها َكال َّط ْرف و َكا ْل َب ْرق و َك ِّ‬ ‫ان‪ُ ،‬‬ ‫الس ْع َد ُ‬‫بنَ ْجد‪ُ ،‬ي َق ُال َل َها‪َّ :‬‬
‫وس في ن ِ‬ ‫والر َك ِ‬ ‫و َك َأج ِ ِ‬
‫َار‬ ‫ومك ُْد ٌ‬ ‫وش‪َ ،‬‬ ‫اب‪َ ،‬فنَاجٍ ُم َس َّل ٌم‪ ،‬ونَاجٍ َم ْخ ُد ٌ‬ ‫الخ ْي ِل ِّ‬ ‫اويد َ‬ ‫َ‬
‫ب َس ْح ًبا» (رواه البخاري‪.)7439:‬‬ ‫ِ‬
‫َج َهنَّ َم‪ ،‬ح َّتى َي ُم َّر آخ ُر ُه ْم ُي ْس َح ُ‬
‫‪5.5‬بعد ذلك ينتقل من نجا من الصراط إلى القنطرة‪ :‬وهي موضع بين الجنة‬
‫والنار‪ ،‬يقف فيه المؤمنون الذين جاوزوا الصراط ونجوا من النار ألجل‬
‫قتص لبعضهم من بعض قبل دخول الجنة‪ ،‬فإذا ُه ِّذ ُبوا و ُن ُّق ْوا ُأ ِذ َن لهم‬ ‫أن ُي َّ‬
‫في دخولها‪ ،‬حتى إذا دخلوا الجنة كانوا متطهرين مطهرين‪ ،‬ليس ألحد عند‬
‫ون ِم َن‬ ‫ِ‬
‫«ي ْخ ُل ُص ُ‬
‫الم ْؤمنُ َ‬ ‫بعضا‪ .‬قال ﷺ‪َ :‬‬ ‫اآلخر مظلمة‪ ،‬وال يطلب بعضهم ً‬
‫ض‬ ‫ار‪ُ ،‬في َق ُّص لِ َب ْع ِض ِه ْم ِمن َب ْع ٍ‬ ‫الجنَّ ِة والنَّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ون ع َلى َقنْ َط َرة ْبي َن َ‬ ‫ار‪ُ ،‬في ْح َب ُس َ‬‫النَّ ِ‬
‫الجنَّ ِة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لهم في ُد ُخول َ‬ ‫الدنْيا‪ ،‬ح َّتى إذا ُه ِّذ ُبوا و ُن ُّقوا ُأ ِذ َن ْ‬ ‫َت ْبينَ ُه ْم في ُّ‬
‫ِ‬
‫َمظال ُم كان ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ ِِ‬
‫بم ْن ِزله َ‬
‫كان‬ ‫الج َّنة منه َ‬ ‫بم ْن ِزله في َ‬ ‫أه َدى َ‬ ‫ْس ُم َح َّمد َبيده‪َ ،‬لَ َح ُد ُه ْم ْ‬‫َفوالذي َنف ُ‬
‫الدنْيا» (رواه البخاري‪.)6535:‬‬
‫في ُّ‬

‫تاس ًعا‪ :‬الشفاعة‪ :‬وهي سؤال الله التجاوز عن الذنوب واآلثام للغير‪ ،‬ويندرج‬
‫تحتها عدة أنواع‪ ،‬منها‪:‬‬

‫ ‪ 1 .‬الشفاعة العظمى فـي أهل الموقف‪ ،‬عندما يشتد البالء بالناس في الموقف‬
‫العظيم ويطول مكثهم؛ يسعون ل ُيشفع لهم عند ربهم بتخليصهم من‬
‫كربات الموقف وأهواله‪ ،‬فيعتذر أولو العزم من الرسل عنها حتى ينتهي‬
‫األمر إلى نبينا ﷺ‪ .‬وهي خاصة بالنبي ﷺ‪ ،‬فيشفع لهم ليقضي الله تعالى‬
‫بينهم ويتخلصوا من هول الموقف‪ ،‬وهي من المقام المحمود‪ ،‬قال ﷺ‪:‬‬
‫ون ِم َّم َ‬
‫ذلك؟ َي ْج َم ُع ال َّل ُه النَّ َ‬
‫اس‬ ‫الق َي َام ِة‪ْ ،‬‬
‫وهل َتـ ْـد ُر َ‬
‫اس يوم ِ‬
‫«أنَا َس ِّي ُد النَّ ِ َ َ‬

‫‪134‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وينْف ُُذ ُه ُم ال َب َص ُر‪،‬‬
‫الداعي َ‬ ‫ين في َصعيد واحد‪ُ ،‬ي ْسم ُع ُه ُم َّ‬ ‫ين واآلخرِ َ‬ ‫األول َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس ِم َن الغ َِّم والك َْر ِ‬
‫ول َي ْح َتم ُل َ‬
‫ون‪،‬‬ ‫ون َ‬ ‫ب ما ال ُيطي ُق َ‬ ‫الش ْم ُس‪َ ،‬ف َي ْب ُل ُغ ال َّن َ‬
‫و َت ْدنُو َّ‬
‫ون َمن َي ْشف َُع َلك ُْم إلى َر ِّبك ُْم؟‬ ‫قد َب َل َغك ُْم‪َ ،‬أل َتنْ ُظ ُر َ‬ ‫اس‪َ :‬أل َت َر ْو َن ما ْ‬ ‫َفي ُ‬
‫قول النَّ ُ‬
‫قولون‬
‫َ‬ ‫الس َل ُم َفي‬
‫ون آ َد َم عليه َّ‬ ‫ض‪ :‬ع َل ْيكُم بآ َد َم‪َ ،‬ف َي ْأ ُت َ‬ ‫اس لِ َب ْع ٍ‬ ‫قول َب ْع ُض النَّ ِ‬ ‫َفي ُ‬
‫الم َلئِ َك َة‬ ‫وأ َم َر َ‬ ‫وح ِه‪َ ،‬‬ ‫يك ِمن ر ِ‬
‫ُ‬ ‫ك ال َّل ُه َبي ِد ِه‪ ،‬و َنف ََخ فِ َ‬ ‫ْت أبو ال َب َشرِ‪َ ،‬خ َل َق َ‬ ‫له‪ :‬أن َ‬
‫ك‪َ ،‬أل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فِ ِيه‪َ ،‬أل َت َرى إلى ما‬ ‫ك‪ْ ،‬اشف َْع َلنَا إلى َر ِّب َ‬ ‫َف َس َج ُدوا َل َ‬
‫ب َق ْب َل ُه ِم ْث َل ُه‪،‬‬‫َض ًبا َل ْم َيغ َْض ْ‬
‫اليوم غ َ‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫قد غَض َ‬ ‫إن َر ِّبي ْ‬ ‫قول آ َد ُم‪َّ :‬‬‫قد َب َل َغنَا؟ َفي ُ‬ ‫ْ‬
‫الش َج َر ِة َف َع َص ْي ُت ُه‪َ ،‬نف ِْسي َنف ِْسي‬ ‫قد ن ََهانِي َع ِن َّ‬ ‫ِ‬
‫ب َب ْع َد ُه م ْث َل ُه‪ ،‬وإنَّه ْ‬ ‫و َل ْن َيغ َْض َ‬
‫ِ‬
‫ُوح‪،‬‬ ‫قولون‪ :‬يا ن ُ‬ ‫َ‬ ‫ُوحا َفي‬
‫ون ن ً‬ ‫َنفْسي‪ ،‬ا ْذ َه ُبوا إلى غيرِي‪ ،‬ا ْذ َه ُبوا إلى نُوحٍ ‪َ ،‬ف َي ْأ ُت َ‬
‫ُورا‪ْ ،‬اشف َْع‬ ‫اك ال َّل ُه َع ْب ًدا َشك ً‬ ‫وقد َس َّم َ‬‫ض‪ْ ،‬‬ ‫األر ِ‬
‫أه ِل ْ‬ ‫الر ُس ِل إلى ْ‬ ‫ْت َّأو ُل ُّ‬ ‫َّك أن َ‬ ‫إن َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫إن َر ِّبي ع َّز َّ‬ ‫ك‪َ ،‬أل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فِ ِيه؟ َفي ُ‬ ‫َلنَا إلى َر ِّب َ‬
‫قد غَض َ‬ ‫وجل ْ‬ ‫قول‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت لي‬ ‫قد َكان ْ‬ ‫ب َب ْع َد ُه م ْث َل ُه‪ ،‬وإنَّه ْ‬ ‫ب َق ْب َل ُه م ْث َل ُه‪ ،‬و َل ْن َيغ َْض َ‬ ‫َض ًبا َل ْم َيغ َْض ْ‬ ‫اليوم غ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َد ْع َو ٌة َد َع ْو ُت َها ع َلى َق ْومي‪َ ،‬نفْسي َنفْسي َنفْسي‪ ،‬ا ْذ َه ُبوا إلى غيرِي‪ ،‬ا ْذ َه ُبوا إلى‬ ‫ِ‬
‫اهيم أنْت نَبِي ال َّل ِه ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أه ِل‬ ‫وخلي ُل ُه من ْ‬ ‫َ‬ ‫قولون‪ :‬يا إ ْب َر ُ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫يم َفي‬ ‫ون إ ْب َراه َ‬ ‫يم‪َ ،‬ف َي ْأ ُت َ‬ ‫إ ْب َراه َ‬
‫إن َر ِّبي‬ ‫لهم‪َّ :‬‬ ‫قول ْ‬ ‫ك َأل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فِ ِيه؟ َفي ُ‬ ‫ض‪ْ ،‬اشف َْع َلنَا إلى َر ِّب َ‬ ‫األر ِ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ب َب ْع َد ُه م ْث َل ُه‪ ،‬وإنَّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َق ْب َل ُه م ْث َل ُه‪ ،‬و َل ْن َيغ َْض َ‬ ‫َض ًبا َل ْم َيغ َْض ْ‬ ‫اليوم غ َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫قد غَض َ‬ ‫ْ‬
‫ديث‪َ -‬نف ِْسي‬ ‫ات ‪َ -‬ف َذ َكرهن أبو حيان في الح ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ ُ َّ‬
‫ث َك ِذب ٍ‬
‫َ‬ ‫ت َث َل َ‬ ‫ت َك َذ ْب ُ‬ ‫قد ُكنْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قولون‪:‬‬
‫َ‬ ‫وسى َفي‬ ‫ون ُم َ‬ ‫وسى‪َ ،‬ف َي ْأ ُت َ‬ ‫َنفْسي َنفْسي‪ ،‬ا ْذ َه ُبوا إلى غيرِي‪ ،‬ا ْذ َه ُبوا إلى ُم َ‬
‫اس‪ْ ،‬اشف َْع‬ ‫ك ال َّل ُه برِ َسا َلتِ ِه وبِك ََل ِم ِه ع َلى النَّ ِ‬ ‫سول ال َّل ِه‪َ ،‬ف َّض َل َ‬ ‫ْت َر ُ‬ ‫وسى أن َ‬ ‫يا ُم َ‬
‫َض ًبا‬ ‫اليوم غ َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‪َ ،‬أل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فِ ِيه؟ َفي ُ‬ ‫َلنَا إلى َر ِّب َ‬
‫ب َ‬ ‫قد غَض َ‬ ‫إن َر ِّبي ْ‬ ‫قول‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ْر‬ ‫ت َنف ًْسا َل ْم ُأ َ‬ ‫قد َق َت ْل ُ‬ ‫ب َب ْع َد ُه م ْث َل ُه‪ ،‬وإنَّي ْ‬ ‫ب َق ْب َل ُه م ْث َل ُه‪ ،‬و َل ْن َيغ َْض َ‬ ‫َل ْم َيغ َْض ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم‪،‬‬ ‫ب َق ْتل َها‪َ ،‬نفْسي َنفْسي َنفْسي‪ ،‬ا ْذ َه ُبوا إلى غيرِي‪ ،‬ا ْذ َه ُبوا إلى ع َ‬
‫ِ‬ ‫َفي ْأتون ِعيسى‪ ،‬فيقولون‪ :‬يا ِعيسى أنْت ر ُ ِ‬
‫اها إلى َم ْر َي َم‬ ‫سول ال َّله‪ ،‬و َكل َم ُت ُه أ ْل َق َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬

‫‪135‬‬
‫ك َأل َت َرى إلى‬ ‫الم ْه ِد َصبِ ًّيا‪ْ ،‬اشف َْع َلنَا إلى َر ِّب َ‬ ‫اس في َ‬ ‫ت النَّ َ‬ ‫وح منه‪ ،‬و َك َّل ْم َ‬ ‫ور ٌ‬ ‫ُ‬
‫ب َق ْب َل ُه‬ ‫ِ‬ ‫ما نَحن فِ ِيه؟ في ُ ِ‬
‫َض ًبا َل ْم َيغ َْض ْ‬ ‫اليوم غ َ‬‫َ‬ ‫ب‬‫قد غَض َ‬ ‫إن َر ِّبي ْ‬ ‫يسى‪َّ :‬‬ ‫قول ع َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬
‫ب َب ْع َد ُه ِم ْث َل ُه‪ ،‬و َل ْم َي ْذ ُك ْر َذ ْن ًبا‪َ ،‬نف ِْسي َنف ِْسي َنف ِْسي ا ْذ َه ُبوا‬ ‫م ْث َل ُه َق ُّط‪ ،‬و َل ْن َيغ َْض َ‬
‫ِ‬
‫ٍ‬
‫سول‬ ‫ْت َر ُ‬ ‫قولون‪ :‬يا ُم َح َّم ُد أن َ‬‫َ‬ ‫إلى غيرِي ا ْذ َه ُبوا إلى ُم َح َّمد‪َ ،‬ف َي ْأ ُت َ‬
‫ون ُم َح َّم ًدا َفي‬
‫ك وما َت َأ َّخ َر‪ْ ،‬اشف َْع َلنَا‬ ‫لك ما َت َق َّد َم ِمن َذنْبِ َ‬‫وقد َغف ََر ال َّل ُه َ‬ ‫ِ‬
‫وخات ُم األنْبِ َياء‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َّله َ‬
‫ِ ِ‬
‫اج ًدا‬ ‫ش‪ ،‬فأ َق ُع َس ِ‬ ‫ت ال َع ْر ِ‬ ‫ك‪َ ،‬أل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فيه؟ فأ ْن َط ِل ُق َفآتي َت ْح َ‬ ‫إلى َر ِّب َ‬
‫اء عليه شي ًئا‪َ ،‬ل ْم‬ ‫وجل‪ُ ،‬ثم ي ْفتح ال َّله ع َلي ِمن مح ِام ِد ِه وحس ِن ال َّثن ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ل َر ِّبي ع َّز َّ َّ َ َ ُ ُ َ َّ‬
‫واشف َْع‬ ‫ك َس ْل ُت ْع َط ْه‪ْ ،‬‬ ‫أح ٍد َق ْب ِلي‪ُ ،‬ث َّم ُي َق ُال‪ :‬يا ُم َح َّم ُد ْار َف ْع َر ْأ َس َ‬ ‫َي ْف َت ْح ُه ع َلى َ‬
‫ول‪ُ :‬أ َّمتي يا َر ِّب‪ُ ،‬أ َّمتي يا َر ِّب‪ُ ،‬أ َّمتي يا َر ِّب‪ُ ،‬في َق ُال‪:‬‬ ‫فأر َف ُع َر ْأ ِسي‪ ،‬فأ ُق ُ‬ ‫ُت َشف َّْع‪ْ ،‬‬
‫اب‬ ‫األي َم ِن ِمن أ ْب َو ِ‬‫اب ْ‬ ‫اب عليهم ِم َن ال َب ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َمن ال ح َس َ‬ ‫يا ُم َح َّم ُد أ ْد ِخ ْل ِمن ُأ َّمتِ َ‬
‫قال‪ :‬والذي‬ ‫اب‪ُ ،‬ث َّم َ‬ ‫ذلك ِم َن األ ْب َو ِ‬ ‫اس فِيما ِس َوى َ‬ ‫وه ْم ُش َر َكا ُء النَّ ِ‬ ‫الجنَّة‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫وح ْم َي َر‬ ‫اري ِع الجن ِة‪ ،‬كما بين م َّك َة ِ‬ ‫الم ْص َرا َع ْي ِن ِمن َم َص ِ‬ ‫َنف ِْسي بي ِد ِه‪ ،‬إن ما بين ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪-‬أو كما ْبي َن َم َّك َة و ُب ْص َرى» (رواه البخاري‪.)4712:‬‬

‫‪2.2‬شفاعته ﷺ في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب وال عذاب‪ ،‬قال ﷺ‪:‬‬
‫فقال َر ُج ٌل‪ :‬يا َر َ‬
‫سول‬ ‫ساب‪َ ،‬‬ ‫ون أ ْلفًا بغيرِ ِح ٍ‬ ‫الجنَّ َة َس ْب ُع َ‬
‫ِ‬
‫«ي ْد ُخ ُل من ُأ َّمتي َ‬
‫َ‬
‫آخ ُر‪َ ،‬‬ ‫منهم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫قام َ‬ ‫اج َع ْل ُه ْ‬
‫منهم‪ُ ،‬ث َّم َ‬ ‫قال‪ :‬ال َّل ُه َّم ْ‬ ‫أن َي ْج َع َلني ْ‬ ‫الله‪ ،‬ا ْد ُع الله ْ‬
‫ك بها ُعك َ‬
‫َّاشةُ» (رواه‬ ‫منهم َ‬
‫قال‪َ :‬س َب َق َ‬ ‫ْ‬ ‫أن َي ْج َع َلنِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سول الله‪ ،‬ا ْد ُع الله ْ‬‫يا َر َ‬
‫البخاري‪ ،6542:‬ومسلم‪.)216:‬‬

‫أن يؤذن لهم في دخول الجنة‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬آتي‬ ‫‪3.3‬شفاعته ﷺ في أهل الجنة ْ‬
‫ْت؟ فأ ُق ُ‬
‫ول‪ُ :‬م َح َّم ٌد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الخاز ُن‪َ :‬من أن َ‬ ‫فأستفْتِ ُح‪َ ،‬في ُ‬
‫قول‬ ‫يامة ْ‬
‫الق ِ‬
‫َ‬
‫باب الجن ِة يوم ِ‬
‫َ َ َّ َ َ‬
‫ك» (رواه مسلم‪.)197:‬‬ ‫بك ُأ ِم ْر ُت ال أ ْف َت ُح ألَ َح ٍد َق ْب َل َ‬ ‫َفي ُ‬
‫قول‪َ :‬‬

‫‪4.4‬شفاعته ﷺ في رفع درجات أهل الجنة في الجنة‪ ،‬قال ﷺ شاف ًعا ألبي سلمة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين» (رواه مسلم‪.)920:‬‬ ‫«ال َّل ُه َّم اغْف ْر ألَبِي َس َل َم َة َو ْار َف ْع َد َر َج َت ُه في َ‬
‫الم ْهد ِّي َ‬

‫‪136‬‬
‫‪5.5‬شفاعته ﷺ في أقوام استحقوا دخول النار بقدر ذنوبهم َّأل يدخلوها‪ ،‬قال‬
‫ألهل الكبائرِ من َّأمتي» (رواه الترمذي‪.)2436:‬‬
‫ِ‬ ‫ﷺ‪« :‬شفاعتي‬

‫‪6.6‬شفاعته ﷺ في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار أن يخرج منها‪،‬‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قال ﷺ‪« :‬ي ْخ ُر ُج َق ْو ٌم ِم َن النَّ ِ‬
‫الجنَّةَ‪ُ ،‬ي َس َّم ْو َن‬
‫ون َ‬‫بشفا َعة ُم َح َّمد ﷺ َف َي ْد ُخ ُل َ‬
‫ار َ‬ ‫َ‬
‫ين» (رواه البخاري‪.)6566:‬‬ ‫ِ‬
‫الج َه َّنم ِّي َ‬
‫َ‬
‫‪7.7‬شفاعته ﷺ في تخفيف العذاب عمن كان يستحقه كشفاعته في عمه أبي‬
‫الد َر ِك‬ ‫طالب‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬هو في َض ْح َضاحٍ ِمن ن ٍ‬
‫َار‪ ،‬و َلـ ْـو َل أنَا َل َ‬
‫كان في َّ‬
‫ار» (رواه البخاري‪ ،3883:‬ومسلم‪.)209‬‬ ‫َل ِم َن النَّ ِ‬
‫األسف ِ‬
‫ْ‬
‫‪8.8‬يشفع المالئكة والنبيون والشهداء والصديقون‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬ثم ُيـ ْـؤ َذ ُن‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َعون‪،‬‬
‫جون‪َ ،‬و َيشف َ‬ ‫َعون‪َ ،‬و ُيخرِ َ‬
‫أن َيشفَعوا‪َ ،‬ف َيشف َ‬
‫الش َهداء ْ‬ ‫لمالئكَة َوالنَّبِ ِّي َ‬
‫ين َو ُّ‬ ‫ل َ‬
‫َعون‪َ ،‬و ُيخرِ َ‬
‫جون» (رواه أحمد‪.)20440:‬‬ ‫َو ُيخرِ َ‬
‫جون‪َ ،‬و َيشف َ‬

‫‪9.9‬وتبقى الشفاعة الكبرى وهي شفاعة أرحم الراحمين سبحانه وتعالى‪ ،‬قال‬
‫ت َشفَا َعتِي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الج َّب ُار‪َ :‬بق َي ْ‬ ‫ون‪َ ،‬في ُ‬
‫قول َ‬
‫ِ‬
‫والم ْؤمنُ َ‬
‫ِ‬
‫والم َلئ َك ُة ُ‬
‫ون َ‬ ‫ﷺ‪َ « :‬ف َي ْشف َُع النَّبِ ُّي َ‬
‫ح ُشوا‪ُ ،‬في ْل َق ْو َن في ن ََهرٍ َبأ ْف َو ِاه‬
‫ار‪ ،‬فيخرِج أ ْقواما َق ِد امت ِ‬
‫ُْ‬
‫ِ‬
‫َف َي ْقبِ ُض َق ْب َض ًة م َن النَّ ِ ُ ْ ُ َ ً‬
‫الح َي ِاة» (رواه البخاري‪.)7439:‬‬ ‫ِ‬
‫الج َّنة‪ُ ،‬ي َق ُال له‪َ :‬ما ُء َ‬ ‫َ‬
‫وإن من يتأمل هذه الشفاعات؛ يظهر له عظيم رحمة الله بعباده‪ ،‬وعظيم فضله‬
‫َّ‬
‫عليهم‪ ،‬فهو لم يخلقهم ليعذبهم‪ ،‬بل يسر لهم جميع األسباب التي يرحمهم بها‬
‫يعذب ِمن خلقه إال من أبى وعاند وكفر بموجب عدله ‪.۴‬‬
‫بموجب فضله ‪ ،۴‬ولن ِّ‬

‫ ‪-‬شروط الشفاعة‪ :‬وال تصح الشفاعة عند الله تعالى إال بشرطين‪:‬‬

‫‪1.1‬رضا الله عن الشافع‪.‬‬

‫‪2.2‬إذن الله تعالى للشافع أن يشفع‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [طه‪،]109:‬‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ‬
‫ﰕ ﰖ ﰗ ﴾ [النجم‪.]26:‬‬

‫عاشرا‪ :‬الجنة والنار‪ :‬والجنة هي الدار التي أعدها الله تعالى ألوليائه وأهل‬
‫ً‬
‫طاعته‪ ،‬والنار هي الدار التي أعدها الله تعالى للكافرين‪.‬‬

‫ ‪-‬الجنة؛ دار المؤمنين‪:‬‬

‫للجنة عدة أسماء‪ ،‬منها الجنة‪ ،‬ومنها دار السالم قال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀ﴾ [األنعام‪ ،]127:‬ومنها دار المقامة قال تعالى‪﴿ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ﴾ [فــاطــر‪ ،]35-34:‬ومنها دار الخلد‪ ،‬ومنها جنة‬
‫المأوى قال تعالى‪﴿ :‬ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [النازعات‪ ،]41:‬وغيرها كثير‪.‬‬

‫ ‪-‬وصف الجنة‪:‬‬

‫دلت األحاديث الكثيرة على عظم الجنة ونعيمها‪ ،‬ففيها «ما ال َع ْي ٌن َر َأ ْت‪ ،‬وال‬
‫ِ‬
‫ب َب َشرٍ» (رواه البخاري‪ ،)7498:‬وسنذكر هنا طر ًفا‬ ‫ُأ ُذ ٌن َسم َع ْ‬
‫ت‪ ،‬وال َخ َط َر ع َلى َق ْل ِ‬
‫من وصف الجنة ونعيمها‪:‬‬

‫‪1.1‬قال الله تعالى في وصف ثمارها وأنهارها‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬


‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬
‫ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ [البقرة‪.]25:‬‬

‫‪2.2‬وقال تعالى في وصف سررها وخدمها وشرابها وطعامها‪﴿ :‬ﯖ‬


‫ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ‬

‫‪138‬‬
‫ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﭑﭒ‬
‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ‬
‫ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [الواقعة‪.]24-10:‬‬

‫‪3.3‬عرضها كعرض السماوات واألرض‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬


‫ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ﴾ [الحديد‪.]21:‬‬

‫‪4.4‬أبواب الجنَّة ثمانية يدخل المؤمنون منها على حسب أعمالهم؛ قال رسول‬
‫الجنَّ ِة‪ :‬يا َع ْب َد‬
‫اب َ‬ ‫ي ِمن أ ْب َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ﷺ‪« :‬من أ ْنف ََق زوجي ِن في س ِ ِ‬
‫بيل ال َّله‪ ،‬نُود َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َْ‬ ‫َ‬
‫كان ِمن‬ ‫ومن َ‬
‫ِ‬
‫الص َلة‪َ ،‬‬ ‫اب َّ‬ ‫الص َل ِة ُد ِعي ِمن َب ِ‬
‫َ‬ ‫أه ِل َّ‬
‫ِ‬
‫كان من ْ‬‫فمن َ‬
‫ِ‬
‫ال َّله هذا َخ ْي ٌر‪َ ،‬‬
‫اب‬‫الص َيا ِم ُد ِعي ِمن َب ِ‬ ‫أه ِل ِّ‬
‫ِ‬
‫كان من ْ‬ ‫ومن َ‬
‫اب ِ ِ‬
‫الج َهاد‪َ ،‬‬ ‫اد ُد ِعي ِمن َب ِ‬ ‫الجه ِ‬
‫أه ِل ِ َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال أبو َبكْرٍ َر ِض َي‬ ‫الص َد َق ِة‪َ ،‬ف َ‬
‫اب َّ‬ ‫الص َد َق ِة ُد ِعي ِمن َب ِ‬
‫َ‬ ‫أه ِل َّ‬
‫ِ‬
‫كان من ْ‬ ‫ومن َ‬ ‫ِ‬
‫الر َّيان‪َ ،‬‬
‫َّ‬
‫اب ِمن‬ ‫سول ال َّل ِه ما ع َلى َمن ُد ِع َي ِمن تِ َ‬
‫لك األ ْب َو ِ‬ ‫وأ ِّمي يا َر َ‬‫ْت ُ‬‫ال َّل ُه عنْه‪َ :‬بأبِي أن َ‬
‫ُون‬
‫أن َتك َ‬ ‫وأ ْر ُجو ْ‬ ‫قال‪َ :‬ن َع ْم َ‬ ‫اب ُك ِّل َها‪َ ،‬‬‫لك األ ْب َو ِ‬ ‫أح ٌد ِمن تِ َ‬ ‫ور ٍة‪َ ،‬ف ْ‬
‫هل ُي ْد َعى َ‬ ‫َض ُر َ‬
‫منهم» (رواه البخاري‪.)1897:‬‬
‫ْ‬
‫للمجاهدين‬ ‫أعدها الل ُه‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫‪5.5‬درجات الجنة‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬إن في الجنة مئة درجة‪َّ ،‬‬
‫سألتم الل َه‬ ‫ِ‬
‫واألرض‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬
‫السماء‬ ‫ِ‬
‫درجتين ما بينهما كما بين‬ ‫كل‬ ‫في ِ‬
‫سبيله‪ُّ ،‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الرحمن‪،‬‬ ‫الجنة‪ ،‬وفوقه ُ‬
‫عرش‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجنة‪ ،‬وأعلى‬ ‫ُ‬
‫أوسط‬ ‫الفردوس‪ ،‬فإنه‬ ‫فسلوه‬
‫َ‬
‫أنهار الجنة» (رواه البخاري‪.)7423:‬‬
‫تفج ُر ُ‬
‫ومنه َّ‬
‫ومال ُطها ِ‬
‫الم ُ‬
‫سك‬ ‫فض ٍة ِ‬
‫ذهب ولبِن ُة َّ‬
‫‪6.6‬وقد قال النبي ﷺ في وصف بنائها‪« :‬لبِن ُة ٍ‬

‫يدخ ُلها ين َع ُم وال ُ‬


‫يبأس‪،‬‬ ‫عفران من ُ‬
‫ُ‬ ‫والياقوت و ُترا ُبها ال َّز‬
‫ُ‬ ‫وحصباؤُ ها ال ُّل ُ‬
‫ؤلؤ‬ ‫ْ‬
‫يموت‪ ،‬ال تب َلى ثيا ُبه‪ ،‬وال يفنَى شبا ُبه» (رواه الترمذي‪.)2526:‬‬
‫ُ‬ ‫ويخ ُل ُد ال‬

‫‪139‬‬
‫أح ِد ُك ْم‪،‬‬‫س َ‬ ‫اب َق ْو ِ‬ ‫إن أقل موضع فيها خير من الدنيا وما فيها‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬و َل َق ُ‬ ‫‪َّ 7.7‬‬
‫الدن َْيا وما فِ َيها» (رواه البخاري‪.)6567:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أو َم ْوض ُع َق َد ٍم م َن َ‬
‫الج َّنة‪َ ،‬خ ْي ٌر م َن ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫‪8.8‬قال ﷺ‪َ :‬‬
‫ين‪ ،‬ما ال َع ْي ٌن‬ ‫الصالح َ‬ ‫بار َك و َتعا َلى‪ :‬أ ْع َد ْد ُت لعبادي َّ‬ ‫«قال ال َّل ُه َت َ‬
‫ِ‬
‫قال أبو ُه َر ْي َر َة‪ :‬ا ْق َرؤُ وا‬ ‫ب َب َشرٍ‪َ ،‬‬
‫ت‪ ،‬وال َخ َط َر ع َلى َق ْل ِ‬ ‫َر َأ ْت‪ ،‬وال ُأ ُذ ٌن َسم َع ْ‬
‫ـم‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﴾ [الــســجــدة‪»]17:‬‬ ‫ِ‬
‫إن شـ ْئـ ُتـ ْ‬‫ْ‬
‫(رواه البخاري‪.)4779:‬‬

‫أن َت ِص ُّحوا فال َت ْس َق ُموا أ َب ًدا‪،‬‬


‫إن َلك ُْم ْ‬
‫ٍ‬
‫«ينادي ُمناد‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫‪9.9‬الخلود فيها‪ ،‬قال ﷺ‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫وإن‬ ‫وإن َلك ُْم ْ‬
‫أن َتش ُّبوا فال َت ْه َر ُموا أ َب ًدا‪َّ ،‬‬ ‫وإن َلك ُْم ْ‬
‫أن َت ْح َي ْوا فال َت ُمو ُتوا أ َب ًدا‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫وجل‪﴿ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬ ‫أن َت ْن َع ُموا فال َت ْب َأ ُسوا أ َب ًدا‪َ ،‬ف َ‬
‫ذلك َق ْو ُل ُه ع َّز َّ‬ ‫َلك ُْم ْ‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ﴾ [األعراف‪( »]43:‬رواه مسلم‪.)2837:‬‬

‫ ‪-‬أعظم نعيم الجنة‪:‬‬

‫يحل الله تعالى عليهم رضوانه فال‬ ‫ومن أعظم ما ينال أهل الجنة من النعيم أن َّ‬
‫الجنَّ ِة؟‬
‫أه َل َ‬
‫ِ‬
‫أله ِل َ‬
‫الجنَّة‪ :‬يا ْ‬ ‫بار َك و َتعا َلى ُ‬
‫يقول ْ‬ ‫«إن ال َّل َه َت َ‬
‫أبدا‪ ،‬قال ﷺ‪َّ :‬‬ ‫يسخط عليهم ً‬
‫وقد‬
‫قولون‪ :‬وما لنا ال ن َْر َضى ْ‬ ‫َ‬ ‫هل َر ِضي ُت ْم؟ َفي‬
‫قول‪ْ :‬‬ ‫ك‪َ ،‬في ُ‬ ‫وس ْع َد ْي َ‬
‫ك َر َّبنا َ‬‫قولون‪َ :‬ل َّب ْي َ‬
‫َ‬ ‫َفي‬
‫ذلك‪ ،‬قالوا‪ :‬يا‬ ‫قول‪ :‬أنا ُأ ْعطِيك ُْم أ ْف َض َل ِمن َ‬ ‫ك‪َ ،‬في ُ‬ ‫أح ًدا ِمن َخ ْل ِق َ‬ ‫ِ‬
‫أ ْع َط ْي َتنا ما َل ْم ُت ْعط َ‬
‫ِ‬ ‫ذلك؟ في ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قول‪ُ :‬أح ُّل ع َل ْيكُم ِر ْضواني‪ ،‬فال ْ‬
‫أس َخ ُط ع َل ْيكُم‬ ‫ي شيء أ ْف َض ُل من َ َ‬ ‫َر ِّب‪َ ،‬‬
‫وأ ُّ‬
‫َب ْع َد ُه أ َب ًدا» (رواه البخاري‪ .)6549:‬وأعظم نعمة في الجنة على اإلطالق هي رؤية‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫الجنَّةَ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫يقول‬ ‫أه ُل َ‬
‫الجنَّة َ‬ ‫وجهه الكريم سبحانه وتعالى‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬إذا َد َخ َل ْ‬
‫وهنا؟ أ َل ْم ُت ْد ِخ ْلنا‬
‫قولون‪ :‬أ َل ْم ُت َب ِّي ْض ُو ُج َ‬
‫َ‬ ‫ون شي ًئا ِ‬
‫أز ُيد ُك ْم؟ َفي‬ ‫بار َك و َتعا َلى‪ُ :‬ترِ ُيد َ‬‫ال َّل ُه َت َ‬
‫إليهم ِم َن‬‫ب ِ‬ ‫جاب‪َ ،‬فما ُأ ْع ُطوا شي ًئا َ‬
‫أح َّ‬
‫قال‪َ :‬فيك ِْش ُ ِ‬
‫ف الح َ‬ ‫ار؟ َ َ‬ ‫الجنَّةَ‪ ،‬و ُتنَ ِّجنا ِم َن النَّ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫النَّ َظرِ إلى َر ِّب ِه ْم ع َّز‬
‫وجل‪ .‬وفي رواية‪ :‬وزا َد ُث َّم َتال هذه َ‬
‫اآليةَ‪﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫يوما رسول الله ﷺ فقالوا‪:‬‬
‫ﭕ﴾» (رواه مسلم‪ .)181:‬وقد سأل الصحابة ً‬

‫‪140‬‬
‫س وال َق َمرِ‬ ‫ون في ُرؤْ َي ِة َّ‬
‫الش ْم ِ‬ ‫ام ِة؟ َ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫«هل ُت َض ُار َ‬
‫ِ‬
‫وم الق َي َ‬
‫هل َن َرى َر َّبنَا َي َ‬ ‫سول ال َّل ِه ْ‬
‫يا َر َ‬
‫قال‪ :‬فإ َّنكُم ال ت َضارون في رؤْ ي ِة ربكُم يوم ٍ‬
‫ئذ‪َّ ،‬إل كما‬ ‫ُ َ َ ِّ ْ َ َ‬ ‫ْ ُ ُ َ‬ ‫َت َص ْح ًوا؟ ُق ْلنَا‪َ :‬ل‪َ ،‬‬ ‫إ َذا َكان ْ‬
‫ِ‬
‫بعضكم‬ ‫حجب ُ‬ ‫ون في ُرؤْ َيت ِهما»‪( .‬رواه البخاري‪ ،)7439:‬وتضارون أي‪ :‬ال َي ُ‬ ‫ُت َض ُار َ‬
‫فيضر به‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫بعضا عن الرؤية‬ ‫ً‬

‫ ‪-‬النار دار الكافرين‪:‬‬

‫للنار عدة أسماء‪ ،‬منها‪ :‬جهنم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ‬


‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾ [آل عــمــران‪ ،]162:‬ومنها لظى‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [الــمــعــارج‪ ،]17-15:‬ومنها‬
‫الحطمة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﴾ [المعارج‪ ،]17-15:‬ومنها السعير‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾ [الملك‪ ،]11:‬ومنها سقر‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﴾ [المدثر‪ ،]28-26:‬ومنها الجحيم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ﴾ [المائدة‪ ،]10:‬وغيرها كثير‪.‬‬

‫ ‪-‬وصف النار‪:‬‬

‫دلت اآليات واألحاديث الكثيرة على بعض أوصاف النار‪ ،‬وسنذكر هنا طر ًفا‬
‫منها‪:‬‬

‫ف ِزما ٍم‪ ،‬مع ُك ِّل‬ ‫ون أ ْل َ‬ ‫‪ِ 1.1‬ع َظم َخ ْلقها‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬يؤتى بجهنم ي ٍ‬
‫ومئذ لها َس ْب ُع َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َّ َ َ َ‬
‫ف م َل ٍ‬
‫ك َي ُج ُّرونَها» (رواه مسلم‪.)2842:‬‬ ‫ِزما ٍم َس ْب ُع َ‬
‫ون أ ْل َ َ‬
‫قيل يا‬ ‫َار َج َهنَّ َم‪َ ،‬‬ ‫ين ُج ْز ًءا ِمن ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َار ُك ْم ُج ْز ٌء من َس ْبع َ‬
‫‪2.2‬شدة حرارتها‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬ن ُ‬
‫ين ُج ْز ًءا ُك ُّل ُه َّن‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫َت َلكَافِ َي ًة َ‬ ‫ر َ ِ‬
‫عليهن بت ْس َعة وس ِّت َ‬
‫َّ‬ ‫ت‬‫قال‪ُ :‬ف ِّض َل ْ‬ ‫سول ال َّله ْ‬
‫إن َكان ْ‬ ‫َ‬
‫ِم ْث ُل َح ِّر َها» (رواه البخاري‪.)3265:‬‬

‫‪141‬‬
‫‪3.3‬للنار دركــات بحسب أعمال أهلها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﴾ [النساء‪.]145:‬‬

‫‪4.4‬جعل الله تعالى في أعناق أهلها األغــال‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮖ ﮗ ﮘ‬


‫ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [غافر‪.]71:‬‬

‫‪5.5‬وقودها الناس والحجارة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬


‫ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ﴾ [التحريم‪.]6:‬‬

‫‪6.6‬لها سبعة أبـــواب‪ ،‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬


‫ٍ‬
‫أبواب» (رواه ابن‬ ‫ﯓ﴾ [الحجر‪ ،]44:‬وفي الحديث‪« :‬ولجهنَّ َم سبع َة‬
‫حبان‪.)4663:‬‬

‫‪7.7‬طعامهم الشوك‪ ،‬وشرابهم الصديد‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬


‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ﴾ [الغاشية‪ ،]7-6:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﴾ [إبراهيم‪.]17-16:‬‬

‫جدا‪ ،‬وكلما ضخُ مت أجسادهم زاد عذابهم‪،‬‬ ‫‪8.8‬جسد الكافر في النار ضخم ًّ‬
‫الم ْسرِعِ» (رواه‬ ‫ب ُ‬ ‫للراكِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قال ﷺ‪« :‬ما ْبي َن َمنْك َب ِي الكافرِ َمس َير ُة َثال َثة َّأيا ٍم َّ‬
‫ناب الكافِرِ‪ِ ،‬م ْث ُل ُأ ُح ٍد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البخاري‪ ،)6551:‬وقال ﷺ‪« :‬ض ْر ُس الكافرِ‪ ،‬أو ُ‬
‫الث» (رواه مسلم‪.)2851:‬‬ ‫وغ َل ُظ ِج ْل ِد ِه م ِسير ُة َث ٍ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬
‫واآليات واألحاديث في وصف الجنة والنار كثيرة‪ ،‬نسأل الله تعالى أن يجعلنا‬
‫من أهل الجنة وأن يعيذنا من النار‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫ ‪-‬األعمال التي تدخل المؤمن الجنة وتقيه من النار‪:‬‬

‫سائل الله ‪ْ ۴‬‬


‫أن ينجيه من النار‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪1.1‬الدعاء؛ فيلهج المؤمن في كل وقت‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ‬
‫ﯰ﴾ [البقرة‪ ،]202 ،201:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ‬
‫«من َ‬
‫سأل‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﴾ [آل عمران‪ ،]191:‬وقال ﷺ‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫استجار من‬
‫َ‬ ‫مرات قالت الجنَّةُ‪ :‬ال َّل َّ‬
‫هم أدخل ُه الجنَّةَ‪ ،‬ومن‬ ‫َ‬
‫ثالث َّ‬ ‫ال َّل َه الجنَّ َة‬
‫هم َأ ِج ْر ُه من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫النار» (رواه الترمذي‪.)2572:‬‬ ‫النار‪ :‬ال َّل َّ‬
‫ثالث مرات قالت ُ‬ ‫النار َ‬

‫‪2.2‬األعمال الصالحة؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ‬


‫ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ﴾‬
‫[الــكــهــف‪ ،]110:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﴾‬
‫[الــرحــمــن‪ ،]60:‬وقــال تعالى‪ ﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾ [يونس‪ ،]26:‬وعن‬
‫يوما قري ًبا منه ونحن نسير‪،‬‬
‫النبي ﷺ في سفر فأصبحت ً‬
‫مع ِّ‬ ‫كنت َ‬
‫معاذ قال‪ُ :‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ف ُق ْلت‪ :‬يا‬
‫قال‪« :‬لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه‪ :‬تعبد الله‬
‫وال تشرك به شي ًئا‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤتي الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وتحج‬
‫البيت‪ ،‬ثم قال‪ :‬أال أدلك على أبواب الخير‪ :‬الصوم جنة‪ ،‬والصدقة تطفئ‬
‫ُ‬
‫الرجل من جوف الليل»‪ ،‬قال‪ :‬ثم‬ ‫الخطيئة‪ ،‬كما يطفئ الماء النار‪ ،‬وصالة‬
‫تال‪﴿ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ﴾ حتى بلغ ﴿ ﮬ﴾‪،‬‬
‫ثم قال‪« :‬أال أخبرك برأس األمر كله وعموده وذروة سنامه»‪ُ ،‬ق ْلت‪ :‬بلى‬
‫رسول ِ‬
‫الله‪ ،‬قال‪« :‬رأس األمر اإلسالم‪ ،‬وعموده الصالة‪ ،‬وذروة سنامه‬ ‫َ‬ ‫يا‬

‫‪143‬‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫الجهاد»‪ .‬ثم قــال‪« :‬أال أخبرك بمالك ذلك كله»‪ُ ،‬ق ْلت‪ :‬بلى يا‬
‫ِ‬
‫الله‪ ،‬قال‪« :‬فأخذ بلسانه‪ ،‬قال‪ :‬كف عليك هذا»‪ .‬ف ُق ْلت‪ :‬يا نبي الله‪ ،‬وإنا‬
‫لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال‪« :‬ثكلتك أمك يا ُمعاذ‪ ،‬وهل يكب الناس‬
‫في النار على وجوههم‪ ،‬أو على مناخرهم‪ ،‬إال حصائد ألسنتهم» (رواه‬
‫الترمذي‪.)2616:‬‬

‫‪3.3‬االستغفار؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬


‫ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [األنفال‪.]33:‬‬

‫ون في ال ُّط ُر ِق‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫«إن ل َّله َمالئ َك ًة َي ُطو ُف َ‬ ‫‪4.4‬العلم وحلق الذكر؛ قال رسول الله ﷺ‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫ون ال َّل َه َتنا َد ْوا‪َ :‬ه ُل ُّموا إلى‬ ‫وج ُدوا َق ْو ًما َي ْذ ُك ُر َ‬ ‫الذ ْكرِ‪ ،‬فإذا َ‬ ‫أه َل ِّ‬ ‫ون ْ‬ ‫َي ْل َتم ُس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حاجتِك ُْم َ‬
‫قال‪َ :‬ف َي ْس َأ ُل ُه ْم َر ُّب ُه ْم‪،‬‬ ‫الدنْيا َ‬ ‫السماء ُّ‬ ‫قال‪َ :‬ف َي ُحفُّون َُه ْم َبأ ْجن َحت ِه ْم إلى َّ‬ ‫َ‬
‫َك‬ ‫وي َك ِّب ُرون َ‬ ‫يقولون‪ُ :‬ي َس ِّب ُحون َ‬ ‫يقول ِع ِ‬ ‫منهم‪ ،‬ما ُ‬ ‫وهو أ ْع َل ُم‬
‫َك ُ‬ ‫َ‬ ‫بادي؟ قالوا‪:‬‬ ‫ْ‬
‫قولون‪ :‬ال وال َّل ِه‬ ‫َ‬ ‫قال‪َ :‬في‬ ‫هل َر َأ ْونِي؟ َ‬ ‫قول‪ْ :‬‬ ‫قال‪َ :‬في ُ‬ ‫َك َ‬ ‫وي َم ِّج ُدون َ‬ ‫َك ُ‬ ‫وي ْح َم ُدون َ‬ ‫َ‬
‫يقولون‪ :‬لو َر َأ ْو َك كانُوا‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وكيف لو َر َأ ْونــي؟ َ‬ ‫َ‬ ‫قول‪:‬‬‫قال‪َ :‬في ُ‬ ‫ما َر َأ ْو َك؟ َ‬
‫َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫يحا َ‬ ‫لك َت ْسبِ ً‬ ‫وأ ْك َث َر َ‬ ‫ج ًيدا و َت ْح ِم ًيدا‪َ ،‬‬ ‫لك َت ْم ِ‬ ‫وأ َشـ َّـد َ‬ ‫لك ِعبا َد ًة‪َ ،‬‬ ‫أش َّد َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫وهل َر َأ ْوها؟ َ‬ ‫يقول‪ْ :‬‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫الجنَّ َة َ‬ ‫َك َ‬ ‫قال‪َ :‬ي ْس َأ ُلون َ‬ ‫يقول‪َ :‬فما َي ْس َأ ُلونِي؟ َ‬ ‫ُ‬
‫قال‪:‬‬ ‫كيف لو أن َُّه ْم َر َأ ْوها؟ َ‬ ‫يقول‪َ :‬ف َ‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫يقولون‪ :‬ال وال َّل ِه يا َر ِّب ما َر َأ ْوها َ‬ ‫َ‬
‫وأ ْع َظ َم‬ ‫وأ َش َّد لها َط َل ًبا‪َ ،‬‬ ‫أش َّد عليها ِح ْر ًصا‪َ ،‬‬ ‫يقولون‪ :‬لو أن َُّه ْم َر َأ ْوها كانُوا َ‬ ‫َ‬
‫وهل‬‫يقول‪ْ :‬‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫ار َ‬ ‫يقولون‪ِ :‬م َن النَّ ِ‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬‫ون؟ َ‬ ‫فيها ر ْغبةً‪ِ َ ،‬‬
‫قال‪َ :‬فم َّم َي َت َع َّو ُذ َ‬ ‫َ َ‬
‫كيف لو َر َأ ْوها؟‬ ‫يقول‪َ :‬ف َ‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫يقولون‪ :‬ال وال َّل ِه يا َر ِّب ما َر َأ ْوها َ‬ ‫َ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫َر َأ ْوها؟ َ‬
‫قول‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬في ُ‬ ‫وأ َش َّد لها َمخا َف ًة َ‬ ‫رارا‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬يقولون‪ :‬لو ر َأوها كانُوا َ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫أش َّد منْها ف ً‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫يقول م َل ٌ ِ‬
‫المالئكَة‪ :‬فيهم ُف ٌ‬
‫الن‬ ‫ك م َن َ‬ ‫قال‪َ ُ :‬‬ ‫لهم‪َ ،‬‬ ‫قد َغف َْر ُت ْ‬ ‫َف ُأ ْش ِه ُد ُك ْم أنَّي ْ‬
‫يس ُه ْم»‬ ‫ِ‬
‫به ْم َجل ُ‬ ‫الج َلسا ُء ال ي ْش َقى ِ‬
‫َ‬ ‫قال‪ُ :‬ه ُم ُ‬ ‫حاج ٍة‪َ .‬‬ ‫ِ‬
‫منهم‪ ،‬إنَّما جا َء ل َ‬ ‫ْ‬ ‫ليس‬ ‫َ‬
‫(رواه البخاري‪.)6408:‬‬

‫‪144‬‬
‫‪5.5‬خــوف الله والـــدار اآلخـــرة؛ قــال تعالى‪﴿ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﴾‬
‫[الرحمن‪ ،]46:‬وقــال ﷺ‪« :‬ال يلِج النار رجـ ٌـل ب َكى من َخشي ِة ِ‬
‫الله»‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫(رواه الترمذي‪.)2311:‬‬

‫‪6.6‬الــصــدقــة؛ قــال تــعــالــى‪﴿ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬


‫ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ﴾‬
‫[الليل‪ ،]21-17:‬وقال ﷺ‪« :‬يا مع َشر النس ِ‬
‫اء َت َص َّد ْق َن فإنَّي ُأ ِري ُتك َُّن أ ْك َث َر‬ ‫َ ْ َ ِّ َ‬
‫أه ِل النَّ ِ‬
‫ار» (رواه البخاري‪ ،304:‬ومسلم‪.)80:‬‬ ‫ْ‬
‫‪7.7‬طاعة الله ورسوله ﷺ؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﴾ [الفتح‪ ،]17:‬وقال ﷺ‪ُ « :‬ك ُّل‬
‫قال‪َ :‬من‬ ‫ول ال َّل ِه‪َ ،‬و َمن َي ْأ َبى؟ َ‬
‫الجنَّ َة إِ َّل َمن َأ َبى‪ ،‬قالوا‪ :‬يا َر ُس َ‬
‫ون َ‬‫ُأ َّمتي َي ْد ُخ ُل َ‬
‫الج َّنةَ‪َ ،‬و َمن َع َصانِي ف َق ْد َأ َبى» (رواه البخاري‪.)7280:‬‬ ‫ِ‬
‫َأ َطا َعني َد َخ َل َ‬
‫‪8.8‬التقوى؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ﴾ [مريم‪.]63:‬‬

‫‪9.9‬االبتعاد عن الكبائر؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬


‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾ [النساء‪.]31:‬‬

‫أن كل‬
‫جدا‪ ،‬والخالصة‪َّ :‬‬
‫واآليات واألحاديث التي تتناول هذه األعمال كثيرة ًّ‬
‫طاعة لله ورسوله هي من األعمال التي تقربك إلى الجنة‪ ،‬وتبعدك عن النار‪.‬‬

‫ ‪-‬مظاهر رحمة الله في اآلخرة‪:‬‬

‫‪1.1‬مضاعفة الحسنات دون السيئات‪ ،‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﮒ ﮓ ﮔ‬


‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾‬
‫فإن العدل في الميزان البشري ْ‬
‫أن تكون الحسنة بمثلها‪،‬‬ ‫[األنعام‪َّ ،]160:‬‬
‫عشرا‬
‫ً‬ ‫والسيئة بمثلها‪ ،‬ولك َّن الله بمقتضى رحمته يضاعف الحسنات‬

‫‪145‬‬
‫بل وإلى سبعمئة ضعف‪ ،‬وال يجزي السيئة إال بمثلها‪ ،‬بل زاد على ذلك‬
‫هم‬ ‫هم بحسنة فلم يعملها؛ ْ‬
‫بأن يكتب له حسنة‪ ،‬وم ْن َّ‬ ‫وتفضل على من َّ‬
‫بسيئة فلم يعملها خو ًفا من الله؛ َك َتب له حسنة ً‬
‫أيضا!‬

‫‪2.2‬أنَّه يعطي األجور العظيمة بغير حساب‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ‬


‫ﰗ ﰘ﴾ [الزمر‪.]10:‬‬

‫‪3.3‬ثواب الصيام ال يعلمه أحد إال الله‪ ،‬قال ﷺ‪ُ « :‬ك ُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم له َّإل‬
‫أج ِزي به» (رواه البخاري‪.)5927:‬‬ ‫الص ْو َم‪ ،‬فإنَّه لي وأنا ْ‬
‫َّ‬
‫‪4.4‬الشفاعة‪ ،‬وقد مرت معنا وهي من أعظم نعم الله ‪ ۴‬على عباده يوم القيامة‪.‬‬

‫‪5.5‬يرفع درجة األدنى من اآلباء واألهل واألبناء إلى درجة األعلى في الجنة‪ ،‬من‬
‫غير تنقيص لذلك األعلى عن درجته‪ ،‬بل امتنا ًنا من الله وإحسا ًنا‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ﴾ [الرعد‪ ،]23:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ﴾ [الطور‪.]21:‬‬

‫وجا ِمنْها‪،‬‬ ‫أه ِل النَّ ِ‬


‫ار ُخ ُر ً‬
‫ِ‬
‫‪6.6‬آخر من يدخل الجنة‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬إنَّي ألَ ْع َل ُم آخ َر ْ‬
‫بار َك‬
‫قول ال َّل ُه َت َ‬ ‫الجنَّةَ‪َ ،‬ر ُج ٌل ي ْخ ُر ُج ِم َن النَّ ِ‬
‫ار َح ْب ًوا‪َ ،‬في ُ‬ ‫ول َ‬
‫ِ‬
‫أه ِل َ‬
‫الجنَّة ُد ُخ ً‬
‫ِ‬
‫وآخ َر ْ‬
‫َ‬
‫الجنَّةَ‪َ ،‬ف َي ْأتِيها ُفي َخ َّي ُل إ َل ْي ِه أنَّها َم ْلَى‪َ ،‬ف َي ْر ِج ُع َفي ُ‬
‫قول‪:‬‬ ‫ب فا ْد ُخ ِل َ‬
‫و َتعا َلى له‪ :‬ا ْذ َه ْ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ب فا ْد ُخ ِل َ‬
‫الجنَّةَ‪َ ،‬‬ ‫بار َك و َتعا َلى له‪ :‬ا ْذ َه ْ‬ ‫وج ْد ُتها َم ْلَى‪َ ،‬في ُ‬
‫قول ال َّل ُه َت َ‬ ‫يا َر ِّب‪َ ،‬‬
‫وج ْد ُتها َم ْلَى‪َ ،‬في ُ‬
‫قول‬ ‫قول‪ :‬يا َر ِّب‪َ ،‬‬ ‫َف َي ْأتِيها‪ُ ،‬في َخ َّي ُل إ َل ْي ِه أنَّها َم ْلَى‪َ ،‬ف َي ْر ِج ُع َفي ُ‬
‫ِ‬ ‫ال َّله له‪ :‬ا ْذهب فادخ ِل الجنةَ‪ ،‬فإن َ ِ‬
‫إن َ‬
‫لك‬ ‫لك م ْث َل ُّ‬
‫الدنْيا و َع َش َر َة ْأمثالها‪ ،‬أو َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ْ ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫الم ِل ُك؟‬
‫ْت َ‬ ‫قول‪ :‬أ َت ْس َخ ُر بي‪ ،‬أو أ َت ْض َح ُك بي‪َ ،‬‬
‫وأن َ‬ ‫قال‪َ :‬في ُ‬
‫الدنْيا‪َ ،‬‬ ‫ثال ُّ‬ ‫ع َشر َة أم ِ‬
‫َ َ ْ‬
‫قال‪:‬‬‫كان ُي ُ‬
‫قال‪َ :‬ف َ‬ ‫الله ﷺ َض ِح َك ح َّتى َب َد ْت ن ِ‬
‫َواج ُذ ُه‪َ .‬‬ ‫سول ِ‬
‫ت َر َ‬ ‫قال‪ :‬ل َق ْد َر َأ ْي ُ‬ ‫َ‬
‫الجنَّ ِة َمنْ ِز َلةً» (رواه البخاري‪ ،6571:‬ومسلم‪.)186:‬‬ ‫أه ِل َ‬ ‫ذاك أ ْدنَى ْ‬ ‫َ‬

‫‪146‬‬
‫من ثمرات اإليمان باليوم اآلخر‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن من أهم ثمرات اإليمان باليوم اآلخر‪ :‬زيادة اإليمان بالله تعالى‪ ،‬واإليمان‬
‫بكمال عدله وقدرته وحكمته‪ ،‬إذ خلق الله اآلخرة ليفصل فيها بين الناس‪ ،‬فيجازي‬
‫المحسن على إحسانه ويدخله الجنة‪ ،‬ويجازي المسيء على إساءته ويدخله النار‪َّ .‬‬
‫إن‬
‫اإليمان بهذا اليوم اآلخر يعين على االجتهاد فـي كثرة العمل الصالح والثبات عليه‪،‬‬
‫والخوف من الله واالبتعاد عن المعاصي والمخالفات ومالزمة التوبة النصوح‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ﴾ [التوبة‪،]18:‬‬
‫فالمسلم إذا آمن بحق َّ‬
‫أن الله تعالى سيبعث الخلق بعد موتهم ويحاسبهم ويجازيهم‬
‫على أعمالهم؛ استقام وانقطع شره وبذل خيره لنفسه وألهله ومجتمعه‪َّ .‬‬
‫إن اإليمان‬
‫بوجود يوم يفصل الله فيه بين الناس؛ يورث تسلية للمؤمن عما يفوته فـي الدنيا‪،‬‬
‫مؤمل حسن العاقبة وجزيل المثوبة فـي اآلخرة‪َّ .‬‬
‫إن اإليمان باليوم اآلخر مما يعين‬ ‫ً‬
‫على األخذ بأسباب الثبات عند الفتنة وما يترتب عليها‪ ،‬من اإلخالص لله فـي‬
‫التوحيد‪ ،‬واالستقامة على الشريعة‪ ،‬واالتباع للنبي ﷺ‪َّ .‬‬
‫إن اإليمان باليوم اآلخر أمان‬
‫نفسي للمظلوم الذي ُسلب ح ُّقه‪ ،‬إذا أيقن َّ‬
‫بأن الحساب لن يغادر صغيرة وال كبيرة إال‬
‫قضاها‪ ،‬ففي هذا اليوم سيظهر كمال عدل الله سبحانه‪ ،‬وتقوم فيه الموازين بالقسط‪،‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ﴾ [األنبياء‪،]47:‬‬
‫وإنه معي ٌن على اإليمان ببقية األركان‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ‬
‫ﮚ﴾ [األنــعــام‪َّ .]92:‬‬
‫إن اإليمان باليوم اآلخر يعين على االنتفاع بهدايات‬
‫القرآن‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﴾ [الطالق‪]2:‬‬

‫‪147‬‬
‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬اإليمان باليوم اآلخر‪ ،‬د‪ .‬محمد بن إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪2.2‬اليوم اآلخر‪ ،‬القيامة الصغرى‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪3.3‬اليوم اآلخر‪ ،‬القيامة الكبرى‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪4.4‬اليوم اآلخر‪ ،‬الجنة والنار‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪5.5‬أشراط الساعة‪ ،‬يوسف الوابل‪.‬‬

‫‪6.6‬القبر عذابه ونعيمه‪ ،‬حسين العوايشة‪.‬‬

‫‪7.7‬اإليمان بما بعد الموت (مسائل ودالئل)‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪8.8‬الحياة اآلخرة ما بين البعث إلى دخول الجنة أو النار‪ ،‬د‪ .‬غالب عواجي‪.‬‬

‫‪9.9‬اليوم اآلخر في القرآن الكريم والسنة النبوية‪ ،‬د‪ .‬عبد المحسن المطيري‪.‬‬

‫‪1010‬أسباب دخول الجنة‪ ،‬ندا أبو أحمد‪.‬‬

‫‪1111‬معالم الرحمة في عقيدة اإليمان باليوم اآلخر‪ ،‬د‪ .‬عبد السالم يوسف‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫الركن السادس‬
‫اإليمان بالقدر‬
‫القدر‪ :‬هو قدرة الله وتقديره‪ ،‬واإليمان بالقدر خيره وشره‪ :‬هو اإليمان َّ‬
‫بأن الله‬
‫أزل‪ ،‬وأ َّنه ال يكون شيء إال وقد علمه وشاءه وخلقه وكتبه قبل ْ‬
‫أن‬ ‫قدر كل شيء ً‬
‫َّ‬
‫أن يؤمن به‪ ،‬ويجب عليه ْ‬
‫أن‬ ‫يكون‪ ،‬وهذا هو اإليمان الذي يجب على كل مؤمن ْ‬
‫أيضا بكل ما بلغه من تفاصيل هذا الركن الواردة في القرآن والسنة الثابتة عن‬
‫يؤمن ً‬
‫رسول الله ﷺ‪.‬‬

‫العالقة بين اإليمان باهلل تعالى واإليمان بالقدر‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن اإليمان بالقدر تصديق باإليمان بالله تعالى‪ ،‬فمن يؤمن بكمال قدرة الله‬
‫تعالى وعلمه وحكمته ومشيئته ولطفه؛ فإنه يؤمن َّ‬
‫بأن الله تعالى قد أحاط بكل شيء‬
‫علما‪ ،‬وأ َّنه خلق كل شيء وأحسن َخ ْل َقه وتقديره‪ ،‬وإذا آمن َّ‬
‫بأن الله له تمام الملك‬ ‫ً‬
‫خفيت عليه الحكمة منه‪ ،‬وأ َّنه‬
‫ْ‬ ‫والحكمة؛ فإ َّنه َي ْع َلم َّ‬
‫أن الله ال يقدر شي ًئا عب ًثا مهما‬
‫أحدا‪ ،‬ألنه ُي َق ِّدر المقادير بعدل‪ ،‬وإذا آمن َّ‬
‫أن الله ليس كمثله شيء؛‬ ‫سبحانه ال يظلم ً‬
‫فإ َّنه ال يمكن ْ‬
‫أن يطبق مقاييس الخلق على الخالق‪ ،‬فالله خالق الخلق ومالكه‪ ،‬يد ِّبر‬
‫َخ ْل َقه وعباده كيف شاء‪ ،‬ال ُيسأل عما يفعل وهم ُيسألون‪.‬‬

‫أدلة اإليمان بالقدر‪:‬‬

‫‪1.1‬قال تعالى‪﴿ :‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ﴾ [القمر‪.]49:‬‬

‫‪2.2‬قال تعالـى‪﴿ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ﴾‬


‫[القمر‪.]53 ،52:‬‬

‫‪151‬‬
‫‪3.3‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﴾ [الفرقان‪.]2:‬‬

‫«فأخبِ ْرنِي‬
‫‪4.4‬ما ورد في حديث جبريل الطويل عندما سأل النبي ﷺ فقال‪ْ :‬‬
‫قال‪ :‬أن تؤ ِمن بال َّل ِه‪ ،‬ومالئِكَتِ ِه‪ ،‬و ُكتبِ ِه‪ ،‬ورس ِل ِه‪ ،‬وا ْليو ِم ِ‬
‫اآلخرِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َع ِن‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اإليمان‪َ ْ ُ ْ َ ،‬‬
‫وش ِّر ِه» (رواه البخاري‪ ،50:‬ومسلم‪.)10:‬‬ ‫و ُت ْؤ ِم َن بال َق َد ِر َخ ْيرِ ِه َ‬
‫كلمات‪ :‬احف ِ‬
‫ٍ‬
‫َظ‬ ‫‪5.5‬ما ع َّلمه النبي ﷺ البن عباس‪ ،‬إذ قال‪« :‬يا ُ‬
‫غالم‪ ،‬إني أع ِّل ُمك‬
‫ِ‬
‫فاسأل الل َه‪ ،‬وإذا استعنْ َت‬ ‫سألت‬ ‫جاهك‪ ،‬إذا‬ ‫َظ الل َه ِ‬ ‫الله يح َف ْظك‪ ،‬احف ِ‬
‫َ‬ ‫تج ْده ُت َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫اجتمعت على أن ينفعوك بشيء‪ ،‬لم ينفعوك إال‬ ‫أن األم َة لو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫واعلم َّ‬
‫ْ‬ ‫فاستع ْن بالله‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بشيء‬ ‫يضروك إال‬‫بشيء لم ُ‬ ‫ٍ‬ ‫يض ُّروك‬‫وإن اجتمعوا على أن ُ‬ ‫بشيء قد كتبه الل ُه لك‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬

‫الص ُحفُ » (رواه الترمذي‪.)2516:‬‬ ‫ِ‬ ‫قد كتبه الل ُه عليك‪ُ ،‬رفِ َع ِت‬
‫وجفَّت ُّ‬ ‫األقالم َ‬
‫ُ‬

‫ ‪-‬ويشمل اإليمان بالقدر ً‬


‫أمورا‪ ،‬هي‪:‬‬

‫وتفصيل‪ ،‬وأنه قد أحاط ِّ‬


‫بكل شيء‬ ‫ً‬ ‫‪1.1‬اإليمان َّ‬
‫بأن الله علم بكل شيء جملة‬
‫علما‪ ،‬وعلمه غير مسبوق بجهل‪ ،‬وال يعرض له نسيان‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ً‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ﴾ [العنكبوت‪ ،]62:‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ‬
‫ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﴾ [الطالق‪ ،]12:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ [الملك‪.]14:‬‬

‫‪2.2‬اإليمان بـ َّ‬
‫ـأن الله قد كتب هذا فـي اللوح المحفوظ‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [الــحــج‪﴿ ،]70:‬ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ﴾ [القمر‪ ،]53:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫الخ َلئِ ِق َق ْب َل‬ ‫ِ‬
‫ب ال َّل ُه َم َقاد َير َ‬ ‫ﮉ ﮊ﴾ [األنعام‪ ،]38:‬قال ﷺ‪َ « :‬ك َت َ‬
‫ف َسنَ ٍة» (رواه مسلم‪،)2653:‬‬ ‫ين َأ ْل َ‬ ‫ِ‬
‫األر َض بِ َخ ْمس َ‬
‫ِ‬
‫الس َم َوات َو ْ‬‫َأ ْن َي ْخ ُل َق َّ‬
‫كائن‬
‫فج َرى بما هو ٌ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫القلم‪ ،‬فقال له‪ :‬اك ُت ْ‬ ‫َ‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬إن َّأول ما َخ َل َق الل ُه‬
‫إلى األَ َب ِد» (رواه الترمذي‪.)3319:‬‬

‫‪152‬‬
‫‪3.3‬اإليمان بأ َّنه ال يكون شيء إال بمشيئة الله تعالى‪ ،‬فما شاء الله كان‪ ،‬وما لم‬
‫يشأ لم يكن‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ﴾ [القصص‪،]68:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [إبراهيم‪ ،]27:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮇ‬
‫ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾ [آل عــمــران‪ ،]26:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ﴾ [هود‪.]107:‬‬

‫‪4.4‬اإليمان َّ‬
‫بأن الله خالق كل شيء‪ ،‬فهو خالق الخلق وجميع أعمالهم‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ﴾ [الزمر‪ ،]62:‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾ [الصافات‪ ،]96:‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ﴾ [الفرقان‪ ،]2:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ﴾ [فاطر‪،]3:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾ [غافر‪.]62:‬‬

‫ ‪-‬مراتب التقدير اإللهي‪ :‬مراتب التقدير أربع‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫قدره الله تعالى لجميع‬


‫ويسمى بالتقدير األزلي‪ ،‬وهو ما ُي ِّ‬
‫َّ‬ ‫‪1.1‬التقدير العام‪،‬‬
‫المخلوقات‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ﴾ [سبأ‪،]3:‬‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﴾ [الحديد‪ ،]22 :‬وإن النبي ﷺ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األر َض بِ َخ ْمس َ‬
‫ين‬ ‫الخ َلئ ِق َق ْب َل َأ ْن َي ْخ ُل َق َّ‬
‫الس َم َوات َو ْ‬ ‫ب ال َّل ُه َم َقاد َير َ‬
‫قال‪َ « :‬ك َت َ‬
‫ف َسنَ ٍة» (رواه مسلم‪.)2653:‬‬ ‫َأ ْل َ‬

‫‪2.2‬التقدير العمري‪ ،‬وهو ما يقدره الله تعالى من رزق اإلنسان وعمله وسعادته‬
‫أح َد ُك ْم ُي ْج َم ُع َخ ْل ُق ُه في َب ْط ِن‬
‫«إن َ‬
‫وشقاوته وأجله‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪َّ :‬‬
‫كون ُم ْض َغ ًة ِم ْث َل َ‬
‫ذلك‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫كون َع َل َق ًة ِم ْث َل َ‬
‫ذلك‪ُ ،‬ث َّم َي ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ُأ ِّمه ْأر َبع َ‬
‫ين َي ْو ًما‪ُ ،‬ث َّم َي ُ‬

‫‪153‬‬
‫ب َع َم َل ُه‪ِ ،‬‬ ‫ِ ٍ‬
‫ور ْز َق ُه‪َ ،‬‬
‫وأ َج َل ُه‪،‬‬ ‫وي َق ُال له‪ :‬ا ْك ُت ْ‬ ‫ث ال َّل ُه َم َلكًا ُفي ْؤ َم ُر َبأ ْر َب ِع َكل َمات‪ُ ،‬‬
‫َي ْب َع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫الر ُج َل منكُم َل َي ْع َم ُل ح َّتى ما َي ُ‬
‫كون‬ ‫فإن َّ‬ ‫وح‪َّ ،‬‬ ‫وشق ٌّي أو َسع ٌيد‪ُ ،‬ث َّم ُي ْنف َُخ فيه ُّ‬
‫الر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أه ِل النَّار‪َ ،‬‬
‫وي ْع َم ُل‬ ‫اع‪َ ،‬ف َي ْسبِ ُق عليه ك َتا ُب ُه‪َ ،‬ف َي ْع َم ُل ب َع َم ِل ْ‬ ‫الجنَّة َّإل ِذ َر ٌ‬
‫وبي َن َ‬ ‫ْبينَ ُه ْ‬
‫ِ‬ ‫وبي َن النَّ ِ‬
‫اع‪َ ،‬ف َي ْسبِ ُق عليه الك َت ُ‬
‫اب‪َ ،‬ف َي ْع َم ُل ب َع َم ِل‬ ‫ار َّإل ِذ َر ٌ‬ ‫كون ْبينَ ُه ْ‬‫ح َّتى ما َي ُ‬
‫الجنَّ ِة» (رواه البخاري‪.)3208:‬‬ ‫أه ِل َ‬ ‫ْ‬
‫يقدره الله تعالى في ليلة القدر من ِّ‬
‫كل سنة‪ ،‬قال‬ ‫‪3.3‬التقدير السنوي‪ ،‬وهو ما ِّ‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾ [الدخان‪.]5-3:‬‬

‫يقدره الله ويجريه في ذلك اليوم‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬


‫‪4.4‬التقدير اليومي‪ ،‬وهو ما ِّ‬
‫﴿ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾ [الرحمن‪.]29:‬‬

‫شأن عن شأن‪ ،‬فتبارك الله رب العالمين‪ ،‬وكل‬


‫وال يشغله سبحانه في ذلك ٌ‬
‫واحد من هذه التقادير كالتفصيل للتقدير السابق له‪ ،‬وفي ذلك دليل على كمال علم‬
‫الرب وقدرته وحكمته‪ ،‬وهذه التقديرات كلها قبل وقوع العمل‪ ،‬أما الكتابة بعد‬
‫وقوع العمل من اإلنسان فهي التي تكتبها المالئكة‪ ،‬قال الله تعالى‪﴿ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾ [ق‪ ،]18:‬وقال تعالى ﴿ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﴾ [االنفطار‪.]12-10:‬‬

‫ ‪-‬اإليمان بالقدر يستلزم العمل‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن الله تعالى بعلمه وقدرته ومشيئته وخلقه وقوته قد جعل للمقاصد أسبا ًبا‬
‫ووسائل تحققها‪ ،‬وهذا مما يشهد له العقل والشرع والفطرة السليمة‪ ،‬فأمور الدنيا‬
‫والدين قد ُبنيت على بذل األسباب الشرعية والمادية الالزمة لها‪ ،‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫ميس ٌر‬
‫فكل َّ‬ ‫﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ﴾ [التوبة‪ ،]105:‬وقال ﷺ‪« :‬اعملوا‪ٌّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ي‪،‬‬ ‫لما ُخلق لـه» (رواه البخاري‪ ،4949:‬ومسلم‪ .)2647:‬وقال ﷺ‪« :‬ا ْل ُم ْؤم ُن ال َق ِو ُّ‬

‫‪154‬‬
‫احرِ ْص ع َلى ما َينْ َف ُع َ‬ ‫الله ِمن المؤ ِم ِن َّ ِ ِ‬ ‫خير و َأحب إلى ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫الضعيف‪ ،‬وفي ُك ٍّل َخ ْي ٌر ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ ْ ٌ َ َ ُّ‬
‫كان َك َذا َو َك َذا‪،‬‬ ‫وإن َأ َصا َب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َ‬ ‫ك شي ٌء‪ ،‬فال َت ُق ْل لو أنَّي َف َع ْل ُ‬ ‫َو ْاس َتع ْن بال َّله َو َل َت ْع َج ْز‪ْ ،‬‬
‫الشي َط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان» (رواه مسلم‪،)2664:‬‬ ‫فإن لو َت ْف َت ُح َع َم َل َّ ْ‬
‫َو َلك ْن ُق ْل َق َد ُر الله َوما َشا َء َف َع َل‪َّ ،‬‬
‫يحتج أحد بالقدر على فعل فعله باختياره‪ ،‬بل‬ ‫َّ‬ ‫عقل وال يستقيم شر ًعا ْ‬
‫أن‬ ‫فال يصح ً‬
‫يجب عليه ْ‬
‫أن يعمل ويجتهد في بذل وسعه لتحصيل مصالحه الدينية والدنيوية‪.‬‬

‫ ‪-‬مسائل في القضاء والقدر‪َّ :‬‬


‫إن من أهم المسائل التي ينبغي لنا معرفتها في‬
‫باب القدر‪ ،‬ثالث مسائل‪:‬‬

‫ ‪-‬المسألة األولى؛ مسألة اإلرادة اإللهية‪:‬‬

‫قدره على خلقه‪َّ ،‬‬


‫فإن بعضهم قد يستشكل‬ ‫إذا آمن المسلم َّ‬
‫بأن الله قد شاء كل ما َّ‬
‫ذلك‪ ،‬إذ كيف يقدر الله وقوع الكفر والمعاصي‪ ،‬مع أ َّنه لو شاء ما كفر أحد وال عصى‪،‬‬
‫وهذا هو ما احتج به كفار قريش على النبي ﷺ كما في قوله تعالى‪﴿ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﴾ [األنعام‪ ،]148:‬وليس في هذا حجة لهم‪،‬‬
‫أن نعلم َّ‬
‫أن اإلرادة اإللهية عند أهل السنة تنقسم إلى نوعين‪:‬‬ ‫ولتوضيح هذا ينبغي ْ‬

‫‪1.1‬إرادة قدرية‪ ،‬وهي اإلرادة الشاملة لجميع المخلوقات‪ ،‬وهي التي يقال‬
‫فيها‪ :‬ما شاء الله تعالى كان‪ ،‬وما لم يشأ لم ي ُكن‪ ،‬وهذه اإلرادة إرادة شاملة‬
‫ال يخرج عنها أحد من الخلق‪ ،‬فكل ما يحدث في الكون داخل في إرادة‬
‫الله تعالى هذه‪ ،‬ويدخل فيها كل ما يفعله المؤمن والكافر والبر والفاجر‪.‬‬
‫وهذه اإلرادة متعلقة بفعله سبحانه في الخلق واإليجاد‪ ،‬فالمراد بها ال بد‬
‫أن يقع‪ ،‬وهذا المراد قد يكون محبو ًبا لله تعالى‪ ،‬وقد ال يكون محبو ًبا‪ ،‬ومِ ْن‬
‫ْ‬
‫ذلك قوله تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [األنــعــام‪ ،]125:‬وقوله تعالى‪﴿ :‬ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ﴾ [هود‪.]34:‬‬

‫‪155‬‬
‫‪2.2‬إرادة شرعية‪ ،‬وهذه اإلرادة تتناول جميع الطاعات‪ ،‬وهي متعلقة بأفعال‬
‫العباد الصالحة‪ ،‬فقد تقع وقد ال تقع‪ ،‬وهي محبوبة لله تعالى‪ ،‬ومن ذلك قوله‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [البقرة‪،]185:‬‬
‫وقوله تعالى‪ ﴿ :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ﴾ [المائدة‪.]6 :‬‬

‫وللمخلوقات مع هاتين اإلرادتين ثالثة أقسام‪:‬‬

‫ ‪ 1 .‬ما تعلقت به اإلرادة الشرعية والقدرية‪ ،‬وهو ما وقع في الوجود من‬


‫األعمال الصالحة‪َّ ،‬‬
‫فإن الله تعالى أرادها إرادة شرعية وأمر بها ورضيها‪،‬‬
‫وأرادها إرادة قدرية فوقعت‪.‬‬

‫‪2.2‬ما تعلقت به اإلرادة الشرعية فقط‪ ،‬وهو ما أمر الله تعالى به من األعمال‬
‫الصالحة‪ ،‬فخالف في ذلك الكفار والعصاة‪ ،‬فهذه إرادة شرعية‪ ،‬وهو يحبها‬
‫ويرضاها وقعت أم لم تقع‪.‬‬

‫قدره الله تعالى من الحوادث‬


‫‪3.3‬ما تعلقت به اإلرادة القدرية فقط‪ ،‬وهو ما َّ‬
‫التي لم يأمر بها وال يحبها كالمعاصي‪ ،‬فالله ال يأمر بالفحشاء وال يرضى‬
‫لعباده الكفر‪ ،‬ولوال مشيئته وقدرته وخلقه لها لما وجدت‪.‬‬

‫ ‪-‬المسألة الثانية؛ مسألة وجود الشر‪:‬‬

‫إذا آمنا َّ‬


‫بأن الله متصف بكمال الرحمة والقدرة والعدل‪ ،‬فقد يستشكل بعضهم‬
‫وجود الشر في هذا العالم‪ ،‬ويسأل عن سبب خلق الشر وتقديره‪ ،‬ويمكن الجواب‬
‫عن هذا السؤال عن طريق عدة مقدمات‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫ ‪-‬المقدمة األولى‪ :‬الكمال في صفات الله تعالى؛ َّ‬


‫إن سوء التصور لمعنى‬
‫الكمال اإللهي هو السبب المباشر العتبار وجود الشر مشكلة‪ ،‬فالله تعالى‬

‫‪156‬‬
‫كامل العلم‪ ،‬وكامل الرحمة‪ ،‬وكامل القدرة؛ هو نفسه كامل الحكمة‪،‬‬
‫وكامل العدل‪ ،‬وكامل اإلرادة‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فكمال الله تعالى ال يمكن أن‬
‫وعلما بحقائق األمور؛ أدرك‬
‫ً‬ ‫علما بربه‬
‫يحيط به أحد‪ .‬وكلما ازداد اإلنسان ً‬
‫عظيم حكمة الله تعالى وكمال عدله ورحمته‪.‬‬

‫ ‪-‬المقدمة الثانية‪ :‬قصور العقل البشري؛ فعقل اإلنسان محدود‪ ،‬ومن‬


‫هنا كانت الحاجة اإلنسانية مستمرة لالسترشاد بهداية خارجية عنها‪،‬‬
‫أن العقل ُم ِق ٌّر لزو ًما َّ‬
‫أن الكمال المطلق هو‬ ‫والمتمثلة بالوحي اإللهي‪ .‬وبما َّ‬
‫تسليما ً‬
‫كامل لله ولحكمته‪ ،‬فكل‬ ‫ً‬ ‫لله سبحانه وتعالى؛ أوجبت هذه المعرفة‬
‫مسألة جزئية خفيت عليه حكمتها‪ ،‬فيجب عليه أنْ ُيرجعها لألصل الكلي‬
‫القطعي‪ :‬وهو َّ‬
‫أن الله تعالى متصف بكمال الحكمة والعلم والرحمة‪.‬‬

‫أن الشر الواقع في هذا العالم‬ ‫ ‪-‬المقدمة الثالثة‪ :‬الصورة الكلية؛ فالواقع يخبرنا َّ‬
‫متضمن لخير كثير‪ ،‬فال يوجد شر إال ومعه خير كثير َع ِل َمه من َع ِل َمه وجهله‬
‫من جهله‪ ،‬ولو تركنا هذا الخير الكثير بسبب الشر القليل الذي معه لنتج‬
‫جدا‪ .‬فالذين‬ ‫عندنا شر كثير‪ ،‬ومن تأمل العالم بتجرد وجد َّ‬
‫أن الخير كثير ًّ‬
‫ُّ‬
‫يشكون في وجود العناية اإللهية إنَّما وقفوا عند حوادث جزئية تبدو للناظر‬
‫شرورا محضة‪ ،‬ولو اتسعت النظرة بشكل أعلى وارتفع اإلنسان‬
‫ً‬ ‫بمفردها‬
‫برؤيته للصورة الكلية‪ ،‬فإنَّه سيرى العالم بجملته يغلب عليه الخير‪.‬‬

‫حر‬
‫إن اإلنسان ٌّ‬ ‫ ‪-‬المقدمة الرابعة‪ :‬حرية اإلرادة؛ فمن الممتنع ً‬
‫عقل أنْ نقول‪َّ :‬‬
‫جبرا‬ ‫ً‬
‫مجبول على فعل الخير فقط‪ ،‬فالخير هنا يفقد قيمته إذا كان ً‬ ‫إذا كان‬
‫دائما‪،‬‬ ‫اختيارا‪ ،‬وال يمكن أنْ يكون اإلنسان ًّ‬
‫حرا وهو ال يفعل إال الخير ً‬ ‫ً‬ ‫ال‬
‫وشرعا و َقـدَ ًرا بحكم امتالك‬
‫ً‬ ‫فوجود الشر اإلنساني أمر ضروري ً‬
‫عقل‬
‫اإلنسان لحرية االختيار‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫ ‪-‬المقدمة الخامسة‪ :‬امتناع عالم امتحان وابتالء بال شر؛ قد يعترض أحدهم‬
‫ولكن هذا‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫بأن الله تعالى قادر على خلق عالم امتحان وابتالء بال شر‪،‬‬
‫وقدرا‪ ،‬فكيف يتصور وجود صفة الصبر‪ ،‬واإليثار‪،‬‬
‫ً‬ ‫وشرعا‬
‫ً‬ ‫ممتنع ً‬
‫عقل‬
‫والعفو‪ ،‬والمسامحة‪ ،‬والصفح‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬وغيرها من الصفات التي‬
‫تتطلب وجود نوع من البالء‪ .‬فالمطالبة بعالم يحقق الحكمة والغاية من‬
‫الخلق ويكون بال شر‪ ،‬هي مطالبة بعالم يخلو من الغاية التي ُخلق لها‪َّ .‬‬
‫إن‬
‫الخير ال يكسب معناه إال بمعرفة ما يضاده وهو الشر‪ ،‬وال يمكن أنْ يكون‬
‫شرا إال بوجود الخير‪ ،‬فالدنيا بال شر هي عالم يخالف الغاية والحكمة‬
‫الشر ًّ‬
‫من الخلق واإليجاد‪ ،‬وهي االبتالء واالختبار واألمر بالصبر عليهما‪.‬‬

‫ ‪-‬المقدمة السادسة‪ :‬النعيم ال يــدرك بالنعيم؛ َّ‬


‫إن غاية الخلق هي تعبيد‬
‫الناس لرب العالمين‪ ،‬وهذه الدنيا دار ابتالء وامتحان واختبار‪ ،‬واالبتالء‬
‫من لوازم هذه الغاية التي قصدها الخالق‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾‬
‫[البقرة‪ ،]155:‬فالصبر على االبتالء مطلب شرعي ومقصد إلهي‪ ،‬ولذلك‬
‫كانت سنة الله تعالى َّ‬
‫أن النعيم األخروي ال يدرك بالنعيم الدنيوي‪.‬‬
‫وبعد استحضار هذه المقدمات‪ ،‬يمكن أن نذكر بعض ِ‬
‫الحكَم من وجود الشر؛‬ ‫ْ‬
‫إذ هناك ِحكَم يمكن معرفتها واستنباطها من اآليات واألحاديث والتاريخ‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫ ‪َّ -‬‬
‫أن الدنيا دار عملٍ وابتالء‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾‬
‫[األنبياء‪ ،]35:‬ومن هذا االبتالء وجود الشر الذي به يحقق المؤمن عبادة‬
‫الصبر والرضا‪ ،‬وحسن الظن بالله‪ ،‬والتوبة واالستغفار والندم‪ ،‬والدعاء‬
‫والتضرع‪ ،‬وكل هذا يحقق تكفير الذنوب ورفع الدرجات‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫ ‪َّ -‬‬
‫أن من مقتضيات ولوازم أسماء الله تعالى وصفاته‪ ،‬وجود الخير والشر‪،‬‬
‫فمن لوازم اسم الغني الــرزاق؛ وجود الفقير المحتاج‪ ،‬ومن لوازم اسم‬
‫التواب؛ وجود المذنبين الذين يتوبون‪ ،‬ومن لوازم كونه سبحانه المنتقم‬
‫الجبار؛ وجود الظالمين الذين ينتقم منهم‪ .‬وهكذا فكل اسم تجد أن له‬
‫مقتضيات في خلقه ال بد من ظهورها ووجودها!‬

‫ ‪َّ -‬‬
‫أن الخير الخالي من االبتالء ُيطغي صاحبه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﴾ [العلق‪ ،]7-6:‬فيأتي الشر ُليذكره ويؤطره‪.‬‬

‫شرا أكبر منه؛ كما حصل في خرق الخضر‬ ‫ ‪َّ -‬‬


‫أن الله تعالى يدفع بالشر القليل ًّ‬
‫للسفينة‪ ،‬وقتله الغالم‪ ،‬وما أكثر الشواهد على ذلك‪.‬‬

‫ ‪-‬أن ينتقم الله تعالى من الظالمين فيسلط بعضهم على بعض‪.‬‬

‫ ‪-‬أنْ ُيعرف المؤمن الصابر من غيره عن طريق االبتالء‪ ،‬ليزدادوا رفعة‬


‫وأجورا‪.‬‬
‫ً‬
‫ ‪َّ -‬‬
‫أن من لوازم وجود الجنة والنار‪ ،‬وجود الخير والشر والحق والباطل‪ ،‬إذ‬
‫يدخل كل فريق إلى ما يستحقه بحسب أعمالهم في الدنيا‪.‬‬
‫ ‪-‬هــذه بعض الـ ِ‬
‫ـحـ َـكــم مــن وجـــود الــشــر‪﴿ ،‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾‬
‫[آل عمران‪.]66:‬‬

‫وأن‬
‫وقدرا‪َّ ،‬‬ ‫عقل وشر ًعا‬
‫أن خلق الشر في هذا العالم الزم ً‬ ‫وإذا تبين هذا ِ‬
‫عل ْمنا َّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫وجوده كان لحكمة ظاهرة مقدرة‪ ،‬وإذا خفيت هذه ِ‬
‫الحكَم في بعض أحداثها على‬ ‫َّ‬
‫أن يركن إلى خمسة أصول‪:‬‬
‫فإن عليه ْ‬
‫المؤمن؛ َّ‬

‫ ‪-‬األصل األول‪ :‬أنْ يوقن بكمال علم الله تعالى‪ ،‬وأنَّه قد أحاط بكل شيء‬
‫علما‪.‬‬
‫ً‬

‫‪159‬‬
‫ ‪-‬األصل الثاني‪ :‬أنْ يوقن بكمال حكمة الله تعالى‪ ،‬وأنَّه متفرد بكمال الحكمة‬
‫وعظمة التقدير‪.‬‬

‫ ‪-‬األصل الثالث‪ :‬أنْ يوقن بكمال عدل الله تعالى‪ ،‬وأنَّه ال يظلم أحدً ا من‬
‫خلقه مثقال ذرة‪.‬‬

‫وقدرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫شرعا‬ ‫ ‪-‬األصل الرابع‪ :‬أنْ يعلم َّ‬
‫أن الله تعالى ربط األسباب بمسبباتها ً‬
‫وجعل األسباب محل حكمته في أمره الشرعي والكوني‪ ،‬فالوجود كله‬
‫أسباب ومسببات والقدر جا ٍر عليها متصرف فيها‪.‬‬

‫ ‪-‬األصل الخامس‪ :‬أنْ يعلم َّ‬


‫أن عقل اإلنسان قاصر‪ ،‬وجهده ناقص‪ ،‬وأنْ يرد‬
‫حاكما على أقدار‬
‫ً‬ ‫كل جهل في تحصيل الحكمة إلى نفسه‪ ،‬وال يجعل عقله‬
‫الله تعالى وسنته في خلقه‪.‬‬

‫والمسلم إذا اعتمد هذه األصول فقد أوى إلى ركن شديد يحميه من مشكالت‬
‫الحوادث‪ ،‬ومن نوازل الفتن‪ ،‬ويجعله مطمئن النفس مرتاح الجنان‪.‬‬

‫ ‪-‬المسألة الثالثة؛ حرية االختيار‪:‬‬

‫إذا آمنا َّ‬


‫بأن الله كتب مقادير الخلق قبل خلقهم‪ ،‬فقد يشكل على بعضهم كيف‬
‫مختارا في أفعاله وتصرفاته واختياراته‪ ،‬وهي مكتوبة عليه قبل ْ‬
‫أن‬ ‫ً‬ ‫يكون اإلنسان‬
‫يخلق؟!‬

‫ويمكن الجواب فيقال‪َّ :‬‬


‫إن منطلق اإلشكال يبدأ في تطبيق مقاييس البشر على‬
‫القضاء والقدر‪ ،‬فتبدأ السؤاالت عن سر الله تعالى في خلقه‪ ،‬والواجب على المسلم‬
‫أن كل ما يجري في هذه الدنيا هو بقضاء الله تعالى وقدره‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮀ‬ ‫أن يوقن َّ‬ ‫ْ‬
‫الخ َلئِ ِق‬ ‫ِ‬
‫ب ال َّل ُه َم َقاد َير َ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ﴾ [األنعام‪ ،]38:‬وقال النبي ﷺ‪َ « :‬ك َت َ‬
‫ف َسنَ ٍة» (رواه مسلم‪ .)2653:‬فكل‬ ‫ين َأ ْل َ‬ ‫ِ‬
‫األر َض بِ َخ ْمس َ‬
‫ِ‬
‫َق ْب َل َأ ْن َي ْخ ُل َق َّ‬
‫الس َم َوات َو ْ‬
‫ما يعمله اإلنسان أو يحصل له فهو مقدر قبل ْ‬
‫أن يخلق‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫اختيارا ومشيئة وإرادة يرجح بها‪ ،‬قال‬
‫ً‬ ‫ومع ذلك فقد جعل الله تعالى للعبد‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮠ ﮡ﴾ [البلد‪ ،]10:‬وهما طريقا الخير والشر‪ ،‬فالهداية هنا هداية‬
‫داللة وإرشاد‪ ،‬وليست هداية تسيير وإجبار‪ ،‬بل هو حر في إرادته بين ْ‬
‫أن يختار طريق‬
‫الخير أو الشر‪ ،‬وعلى أساس هذا االختيار يحاسب يوم القيامة‪.‬‬
‫فاإلرادة واالختيار من أسباب التكليف‪ ،‬فاإلكراه ُي ِ‬
‫خرج اإلنسان من تبعات‬
‫خيرا‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮃ‬ ‫شرا‪ ،‬وال يجازى عليه ْ‬
‫إن كان ً‬ ‫فعله‪ ،‬فال يؤاخذ به ْ‬
‫إن كان ًّ‬
‫عمن‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [النحل‪ ،]106:‬فهنا نفى المؤاخذة َّ‬
‫مكرها‪ ،‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [البقرة‪ ،]265:‬إذ َّ‬
‫إن من دخل‬ ‫ً‬ ‫فعل الكفر‬
‫كرها لن ينفعه عمله ذلك‪ ،‬فاالختيار أساس التكليف‪ ،‬بيد َّ‬
‫أن هذه اإلرادة‬ ‫للدين ُم ً‬
‫والمشيئة ال تخرج عن إرادة الله تعالى ومشيئته وتقديره‪ ،‬فعلم الله تعالى الكامل قد‬
‫علما‪.‬‬
‫أحاط بكل شيء ً‬
‫وال يقال َّ‬
‫إن اإلنسان مسير أو مخير باإلطالق‪ ،‬بل هو مخير ومسير‪ ،‬وميسر لما‬
‫عقل وإرادة‪ ،‬فيختار لنفسه ما يشاء‬ ‫َّ‬
‫فألن الله تعالى أعطاه ً‬ ‫مخيرا‬
‫ً‬ ‫ُخلق له‪ ،‬أما كونه‬
‫من طريق الخير والشر‪ ،‬وهو مس َّير في أشياء مثل جنسه وخلقته ونسبه ومكان نشأته‪،‬‬
‫وغيرها من األمور التي ال اختيار له فيها‪.‬‬

‫الله‪َ ،‬ب ِّي ْن َلنَا ِدينَنَا َكأنَّا‬


‫ول ِ‬ ‫وقد رد النبي ﷺ على الصحابي عندما سأله‪ :‬يا َر ُس َ‬
‫اد ُير‪َ ،‬أ ْم فِيما‬‫خ ِل ْقنا اآلن‪ ،‬فِيما العم ُل اليوم؟ َأفِيما جفَّت به األ ْقلم‪ ،‬وجرت به الم َق ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ ََ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫يم ال َع َم ُل؟‬ ‫ادير»‪ِ َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن َْس َت ْقبِ ُل؟ َ‬
‫قال‪َ :‬فف َ‬ ‫الم َق ُ‬ ‫«ل‪َ ،‬ب ْل فيما َجف ْ‬
‫َّت به األ ْق َل ُم َو َج َر ْت به َ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‪« :‬ا ْع َم ُلوا َفك ٌُّل ُم َي َّس ٌر» (رواه مسلم‪ ،)2648:‬والحديث نص على العمل‬ ‫َف َ‬
‫واالجتهاد‪ ،‬ونهى عن االتكال على ما جرت به المقادير‪.‬‬

‫مختارا‪ ،‬وبين ما يقع منه بغير اختيار‪،‬‬


‫ً‬ ‫وكل إنسان يعرف الفرق بين ما يفعله‬
‫واليقين النفسي ال يزول بالشك العقلي‪ .‬والجزاء في اآلخرة يكون على األعمال‬

‫‪161‬‬
‫االختيارية فقط‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ﴾ [النحل‪ .]32:‬فالعبد‬
‫مسير بقدر الله تعالى لكن له اختيار ومشيئة وإرادة يرجح بها‪ ،‬وقدرة يوقع بها عمله‪،‬‬
‫فيجازى على عمله الطيب‪ ،‬ويستحق العقاب على عمله الرديء إال ْ‬
‫أن يعفو الله‬
‫تعالى‪.‬‬

‫أن يقع‪ ،‬فيجب عليه ْ‬


‫أن يلتزم الشرع‪،‬‬ ‫أن اإلنسان ال يدري ما ُق ِّدر له إال بعد ْ‬
‫وبما َّ‬
‫وأن يتق َّيد باألمر والنهي‪ْ ،‬‬
‫وأن يستعين بالله تعالى على كل ذلك‪ ،‬وال ينظر إلى القدر‬ ‫ْ‬
‫نظر من يحتج به على ترك األوامر وفعل المحرمات‪.‬‬

‫أن اإلنسان يفعل باختياره بال شك؛ لكن إذا فعل الفعل فيجب عليه‬
‫والخالصة َّ‬
‫مقدر إال بعد‬
‫أن يفعله؛ لكنه لم يعلم أنَّه َّ‬
‫مقدر عليه فعله قبل ْ‬
‫بأن هذا الفعل َّ‬
‫أن يؤمن َّ‬
‫وقوعه‪ .‬ونحن نرى اإلنسان إذا وقع عليه شيء يكرهه حاول التخلص منه‪ ،‬وإذا خاف‬
‫بأن‬
‫من شيء حاول الهرب منه‪ ،‬وإذا اعتدى عليه شخص ر َّد عليه اعتداءه‪ ،‬وال يتعلل َّ‬
‫بأن له إراد ًة‪ ،‬ويفعل ما يشاء باختياره‪.‬‬
‫مقد ٌر ومكتوب‪ ،‬وهذا يعني أنَّه مؤمن َّ‬
‫هذا َّ‬

‫سره ليبتلي العباد ويمتحن‬


‫إن القدر سر الله تعالى في خلقه‪ ،‬وقد أخفى الله تعالى َّ‬
‫َّ‬
‫التعمق فيه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ﴾‬
‫ُّ‬ ‫إيمانهم‪ ،‬ونهاهم عن‬
‫[األنبياء‪.]23:‬‬

‫من ثمرات اإليمان بالقدر‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن من أهم ثمرات اإليمان بالقدر‪ :‬زيادة اإليمان بالله تعالى‪ ،‬واإليمان بكمال‬
‫علمه وخلقه وقدرته وحكمته‪ ،‬وهذا اإليمان يثمر االعتماد الكامل على الله تعالى‬
‫عند فعل األسباب‪ ،‬واألمان النفسي تجاه ما يجري من األقدار‪ ،‬فالمؤمن ال يقلق وال‬
‫يغضب وال يحزن لفوات أمر أو حصول آخر‪ ،‬ألنه يعلم َّ‬
‫أن ذلك كله بقدر الله تعالى‬
‫الذي له مقاليد السماوات واألرض‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫‪162‬‬
‫ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾ [التغابن‪َّ .]11:‬‬
‫إن اإليمان بالقضاء والقدر‬
‫بشكله الصحيح خير معين على مواجهة أمراض العصر الحديث كالقلق والتوتر‬
‫واالكتئاب‪َّ .‬‬
‫إن اإليمان بكمال علم الله وقدرته وخلقه وحكمته يحفظ اإلنسان من‬
‫الطغيان عند نجاحه وحصول مراده‪ ،‬لعلمه َّ‬
‫أن كل شيء بقدر من الله تعالى‪ ،‬إذ رتب‬
‫المسببات على أسبابها‪َّ .‬‬
‫إن اإليمان بالقدر يحقق عد ًدا من العبادات القلبية‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫اإلخالص لله‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬والخوف والرجاء وإحسان الظن به‪ ،‬والصبر والرضا‪،‬‬
‫والتواضع والقناعة وعزة النفس‪ ،‬واالعتدال‪ ،‬والسالمة من الحسد وطمأنينة القلب‪،‬‬
‫بل ويعين على مواجهة الشدائد في هذا الزمن الصعب‪ ،‬الذي ال يحدث فيه شيء‬
‫إال وفيه خير للمؤمن‪ ،‬وليس هذا إال للمؤمن فقط‪ .‬وتأمل هذه اآليات التي تحقق‬
‫فعل األمان النفسي والسكينة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭫ ﭬ﴾ [البقرة‪،]155:‬‬
‫لك ً‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ﴾ [غافر‪ ،]44:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ﴾ [الــطــاق‪،]7:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ﴾ [التوبة‪ ،]129:‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ﴾ [يــونــس‪ ،]109:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [الــروم‪ ،]4:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾ [آل عمران‪ ،]26:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾ [الحجر‪ ،]21:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ﴾‬
‫[األعراف‪.]156:‬‬

‫‪163‬‬
‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬القضاء والقدر‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪2.2‬اإليمان بالقضاء والقدر‪ ،‬د‪ .‬محمد بن إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪3.3‬قواعد أهل األثر في اإليمان بالقدر‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪4.4‬مباحث الربوبية والقدر‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪5.5‬القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬د‪ .‬عبد الرحمن المحمود‪.‬‬

‫‪6.6‬رسالة في القضاء والقدر‪ ،‬محمد العثيمين‪.‬‬

‫‪7.7‬السكينة واالطمئنان في آيات من القرآن‪ ،‬د‪ .‬عبد السميع األنيس‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫آثار اإليمان باألركان الستة‬
‫ور َسخ اإليمان الصادق بها في قلبه‪ ،‬فإنَّه‬
‫إن العبد إذا آمن بهذه األركان الستة‪َ ،‬‬
‫َّ‬
‫سيرى العديد من اآلثار العظيمة على شخصيته وسلوكه‪ ،‬ومستقبله وحياته‪ ،‬ومن‬
‫هذه اآلثار ما يأتي‪:‬‬

‫مفاهيميا ُي َم ِّكنُه من فهم‬


‫ًّ‬ ‫إطارا‬
‫يكون لإلنسان ً‬
‫أن اإليمان بهذه األركان الستة ِّ‬
‫‪َّ 1.1‬‬
‫وأن يجد معنى للحياة‪ ،‬ويبني‬
‫وأن يجيب به عن األسئلة الكبرى‪ْ ،‬‬
‫العالم‪ْ ،‬‬
‫المعايير التي يميز بها الصواب من الخطأ‪ ،‬ويجيب عن أهم اإلشكاالت‬
‫التي يفرضها علينا نموذج الحياة الحديثة‪.‬‬

‫‪2.2‬التأكد من وجود مرجع َّية كاملة تحقق لمن آمن بها العدالة المطلقة‪َّ ،‬‬
‫وأن كل‬
‫ما يجري في هذه الحياة على المؤمن فإنه سيؤول إلى خير في اليوم اآلخر‪،‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫اليوم الذي يجمع الله به األولين واآلخرين‪ ،‬و ُينبئهم بما عملوا‪،‬‬
‫يظهر الفرق والتفاوت بين الخالئق‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ‬
‫ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ﴾ [التغابن‪.]9:‬‬

‫‪َّ 3.3‬‬
‫أن المقاصد األساسية لهذه األركان الستة تتمحور حول ثالثة مقاصد‪ :‬األول‪:‬‬
‫إثبات التوحيد‪ ،‬والثاني‪ :‬إثبات النبوات‪ ،‬والثالث‪ :‬إثبات المعاد‪ ،‬ومعرفة هذه‬
‫المقاصد هي مدار السعادة والفالح للعبد في الدارين‪ .‬ومما يدل على هذا َّ‬
‫أن‬
‫علي رقب ًة مؤمِنةً‪ ،‬فإن‬ ‫َ ِ َّ‬
‫بأمة سوداء‪ ،‬وقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إن َّ‬
‫رج ًل مِن األنصار جاء ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أن ال إل َه إال‬ ‫الله ﷺ‪« :‬أت ِ‬ ‫رسول ِ‬‫ُ‬ ‫كنت َترى هذه مؤمِنةً‪ ،‬أع َت ْق ُتها‪ ،‬فقال لها‬
‫ين ْ‬
‫شهد َ‬‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫الله؟»‪ ،‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪« :‬أت ِ‬
‫عم‪ ،‬قال‪« :‬أتؤمن َ‬ ‫رسول الله؟»‪ ،‬قالت‪َ :‬ن ْ‬ ‫ين أنَّي‬
‫شهد َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عم‪ ،‬قال‪ :‬أعت ْقها (رواه أحمد‪.)15743 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بال َب ْعث بعد الموت؟»‪ ،‬قالت‪َ :‬ن ْ‬

‫‪167‬‬
‫‪4.4‬الرغبة في الله تعالى؛ فكلما ازداد إيمان العبد ازدادت ثقته بالله تعالى وبأ َّنه‬
‫مالك الملك‪ ،‬المتصرف في كل شيء‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ﴾ [هود‪.]56:‬‬

‫‪5.5‬المبادرة والمسارعة لفعل الخير؛ إذ تجد المؤمن ح ًّقا يبادر ويسارع ويسابق‬
‫لفعل الخيرات‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾‬
‫[المؤمنون‪ ،]61:‬وقال النبي ﷺ‪« :‬من كان يؤ ِمن بال َّل ِه واليو ِم ِ‬
‫اآلخرِ َف ْل َي ُق ْل‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان‬
‫ومن َ‬ ‫واليو ِم اآلخرِ فال ُي ْؤ ِذ َ‬
‫جار ُه‪َ ،‬‬ ‫كان ُي ْؤم ُن بال َّله َ‬
‫ومن َ‬‫ت‪َ ،‬‬‫َخ ْي ًرا أو ل َي ْص ُم ْ‬
‫يؤ ِمن بال َّل ِه واليو ِم ِ‬
‫اآلخرِ َف ْل ُيكْرِ ْم َض ْي َف ُه» (رواه البخاري‪.)6475:‬‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫‪6.6‬تقوية الــوازع الداخلي؛ فكلما قــوي اإليمان ازداد حــذر المؤمن من‬
‫الشبهات والمحرمات‪ .‬فمن آمن أ َّنه في يوم القيامة سوف ﴿ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [الزلزلة‪َّ ،]8-6:‬‬
‫وأن الحساب سيكون‬
‫حتى على اليسير من العمل؛ فإنه سيمنعه ذلك عن كثير من المحرمات‪.‬‬
‫المنزل‪َ ،‬أل إن ِس ْلع َة ِ‬ ‫«من خاف َأ ْد َل َج‪ ،‬ومن َأ ْد َل َج بلغ‬
‫الله‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫يقول النبي ﷺ‪َ :‬‬
‫الله الجنةُ» (رواه الترمذي‪.)2450:‬‬ ‫غاليةٌ‪َ ،‬أل إن ِس ْلع َة ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫‪7.7‬إيثار اآلخــرة على الدنيا‪ ،‬فاإليمان الحقيقي يجعل المؤمن زاهد القلب‪،‬‬
‫وهذا الزهد ال يستلزم الفقر‪ ،‬وال يتنافى مع الغنى‪﴿ ،‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ﴾ [القصص‪ ،]77:‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﭖ ﭗ ﭘ﴾ [األعــلــى‪ ،]17:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ‬
‫ﰆ ﰇ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾ [الزخرف‪.]35-33 :‬‬

‫‪168‬‬
‫‪8.8‬التأييد اإللهي؛ وقد وعد الله تعالى المؤمنين في الدنيا بوعود كثيرة‪،‬‬
‫منها‪ :‬النصر على أعدائهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾‬
‫[الـــــروم‪ ،]47:‬والــدفــاع عنهم‪ ،‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬
‫ﰂ﴾ [الحج‪ ،]38:‬والوالية لهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾‬
‫[البقرة‪ ،]257:‬والهداية لهم‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ﴾ [الــحــج‪ ،]54:‬والــرزق الطيب‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾‬
‫[األعراف‪ ،]96:‬والعزة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ﴾‬
‫[المنافقون‪ ،]8:‬والجنة في اآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾‬
‫[لقمان‪.]9-8:‬‬

‫‪9.9‬إحياء روح الحزم والعزم؛ عندما يتمكن اإليمان من القلب تزداد رغبة‬
‫العبد في القيام بكل ما يحبه الله ويرضاه‪ ،‬فتجده يتحدى الصعاب‪،‬‬
‫ويتحمل الشدائد في سبيل ذلك‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫َّ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ [إبراهيم‪.]27:‬‬

‫‪1010‬اختفاء الظواهر السلبية وقلة المشكالت بين األفــراد والمجتمعات‪،‬‬


‫فالمجتمعات اآلمنة هي التي يتحقق في مجموع أفرادها اإليمان الصحيح‪،‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠﮡﮢﮣﮤ﴾ [آل عمران‪ ،]104:‬فيكثر التأثير اإليجابي‬
‫في الناس عن طريق الدعوة والقول الحسن‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [فصلت‪،]33:‬‬
‫المؤمنين إيمانًا أحسنُ ُهم خل ًقا» (رواه الترمذي‪.)1162:‬‬
‫َ‬ ‫مل‬ ‫وقال ﷺ‪َ :‬‬
‫«أ ْك ُ‬

‫‪169‬‬
‫‪1111‬الشعور بالسكينة والطمأنينة‪ ،‬فاإليمان بالله تعالى القادر على كل شيء‪،‬‬
‫ورث الثقة واالطمئنان‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ُي ِ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [النحل‪ ،]97:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯶ ﯷ‬
‫ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ‬
‫ﰅﰆﰇﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ﴾ [آل عمران‪.]174 ،173:‬‬

‫‪1212‬زيادة الهداية والتوفيق من الله‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬


‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ﴾ [مريم‪.]76:‬‬

‫شعب اإليمان‪:‬‬

‫أن اإليمان مركب من شعب‪،‬‬ ‫من القواعد المقررة عند أهل السنة والجماعة َّ‬
‫ون‪ ،‬أو‬‫وس ْب ُع َ‬ ‫وأن هذه الشعب تتفاوت وتتفاضل‪ ،‬قال النبي ﷺ‪ِ :‬‬ ‫َّ‬
‫بض ٌع َ‬‫يمان ْ‬‫«اإل ُ‬
‫وأ ْدناها إما َط ُة األ َذى َع ِن ال َّطرِ ِ‬
‫يق‪،‬‬ ‫ون ُش ْع َبةً‪ ،‬فأ ْف َض ُلها َق ْو ُل ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بض ٌع وس ُّت َ‬ ‫ْ‬
‫مشتمل على شعب‬ ‫ً‬ ‫اإليمان» (رواه مسلم‪ ،)35:‬وإذا كان اإليمان‬ ‫ِ‬ ‫وا ْل َحيا ُء ُش ْع َب ٌة ِم َن‬
‫متعددة‪ ،‬ومتفاوتة‪ ،‬وكل شعبة منه تسمى إيما ًنا‪ ،‬فالصالة وسائر أعمال الجوارح من‬
‫اإليمان‪ ،‬واألعمال الباطنة كالحياء والتوكل والرجاء من اإليمان‪ ،‬وهذه الشعب‬
‫منها ما يزول اإليمان بزوالها‪،‬كشعبة الشهادة‪ ،‬ومنها ما ال يزول بزوالها كترك إماطة‬
‫األذى عن الطريق‪ ،‬وبينهما شعب متفاوتة‪ ،‬منها ما يلحق بشعبة الشهادة‪ ،‬ويكون‬
‫إليها أقرب‪ ،‬ومنها ما يلحق بشعبة إماطة األذى‪ ،‬ويكون إليها أقرب‪ .‬وكل ما أمر الله‬
‫به ورسوله ﷺ فهو داخل في شعب اإليمان‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫وسائل زيادة اإليمان‬
‫وهيأ له األسباب‬
‫أن جعل إيمانه يزيد بالطاعة‪َّ ،‬‬
‫إن من نعم الله على العبد المؤمن ْ‬
‫َّ‬
‫دائما لزيادة اإليمان وتجديده‪ ،‬وتحصيل‬
‫وإن العبد المؤمن يتطلع ً‬ ‫التي تمكنه من زيادته‪َّ ،‬‬
‫جوف ِ‬
‫أحدكم كما‬ ‫ِ‬ ‫اإليمان ليخ َل ُق في‬ ‫«إن‬
‫َ‬ ‫الفضائل العظيمة المترتبة عليه‪ ،‬قال النبي ﷺ‪َّ :‬‬
‫اإليمان في قلوبِكم» (رواه الطبراني في المعجم‬
‫َ‬ ‫فس ُلوا الل َه تعالى أن ُي ِّ‬
‫جد َد‬ ‫يخ َل ُق ال َّث ُ‬
‫وب َ‬
‫الكبير‪ ،)84:‬ومن الوسائل المعينة على زيادة اإليمان ما يأتي‪:‬‬
‫ِ‬
‫ين»‬ ‫«من ُيرِد ال َّل ُه به َخ ْي ًرا ُي َف ِّق ْه ُه في ِّ‬
‫الد ِ‬ ‫‪1.1‬طلب العلم النافع؛ قال النبي ﷺ‪َ :‬‬
‫(رواه البخاري‪ ،71:‬ومسلم‪.)1037:‬‬

‫‪2.2‬التعبد؛ وأهم ما يتقرب به العبد أداء الفرائض ثم النوافل‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪:‬‬
‫ب‪ ،‬وما َت َق َّر َب إ َل َّي َع ْب ِدي‬ ‫بالح ْر ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‪َ :‬من عا َدى لي ول ًّيا ف َق ْد آ َذ ْن ُت ُه َ‬ ‫«إن ال َّل َه َ‬
‫َّ‬
‫زال َع ْب ِدي َي َت َق َّر ُب إ َل َّي بالنَّوافِ ِل‬‫ت عليه‪ ،‬وما َي ُ‬ ‫مما ا ْف َت َر ْض ُ‬‫ب إ َل َّي َّ‬
‫أح َّ‬ ‫بشيء َ‬
‫ٍ‬

‫ت َس ْم َع ُه الذي َي ْس َم ُع به‪ ،‬و َب َص َر ُه الذي ُي ْب ِص ُر به‪،‬‬ ‫ِ‬


‫ح َّتى ُأح َّب ُه‪ ،‬فإذا ْ‬
‫أح َب ْب ُت ُه‪ُ :‬كنْ ُ‬
‫وإن َس َأ َلنِي َلُ ْعطِ َينَّ ُه‪ ،‬و َلئِ ِن‬ ‫ِ‬
‫ور ْج َل ُه ا َّلتي َي ْمشي بها‪ْ ،‬‬ ‫وي َد ُه ا َّلتي ي ْبطِ ُش بها‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الم ْؤ ِم ِن‪،‬‬
‫ْس ُ‬ ‫فاع ُل ُه َت َر ُّد ِدي عن َنف ِ‬
‫شيء أنا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ْاس َتعا َذنِي َلُ ِع َيذ َّن ُه‪ ،‬وما َت َر َّد ْد ُت عن‬
‫الم ْو َت وأنا أ ْك َر ُه َمسا َء َت ُه» (رواه البخاري‪.)6502:‬‬
‫َيك َْر ُه َ‬
‫‪3.3‬الذكر وقــراءة القرآن بتدبر ‪-‬وهو من التعبد إال أننا أفردناه ألهميته‪،-‬‬
‫قــال تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [الــتــوبــة‪ ،]124:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ﴾‬
‫[آل عمران‪ ،]191:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬

‫‪173‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ [األنفال‪ ،]2:‬وأعظم الذكر‬
‫مصد ٌق‬ ‫ِ‬
‫وماح ٌل‬ ‫شافع ومشف ٌَّع‬ ‫«القرآن‬ ‫قراءة القرآن؛ قال رسول الله ﷺ‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫الجنة ومن جعله خلفَه ساقه إلى ِ‬
‫النار» (رواه‬ ‫ِ‬ ‫أمامه قاده إلى‬
‫من جعله َ‬
‫مصد ٌق عند الله تعالى‪.‬‬
‫َّ‬ ‫شاهد‬
‫ٌ‬ ‫ابن حبان‪ .)124:‬وماحل مصدق أي‪:‬‬

‫الس ْو ِء‪،‬‬
‫يس َّ‬ ‫والج ِل ِ‬
‫َ‬ ‫الصالِحِ‬
‫يس َّ‬ ‫الج ِل ِ‬ ‫«م َث ُل َ‬‫‪4.4‬الصحبة الصالحة؛ قال النبي ﷺ‪َ :‬‬
‫ك َّإما‬ ‫المس ِ‬ ‫صاح ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِمن‬ ‫ك وكِيرِ الحد ِ‬
‫اد‪ ،‬ال َي ْع َد ُم َ‬ ‫المس ِ‬
‫صاح ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫َك َم َث ِل‬
‫ب ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ب ْ‬
‫ك‪ ،‬أو َت ِ‬ ‫جد ِريحه‪ ،‬وكِير الحد ِ‬ ‫ِ‬
‫ج ُد منه‬ ‫َك‪ ،‬أو َث ْو َب َ‬ ‫اد ُي ْحرِ ُق َب َدن َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َت ْش َترِيه‪ ،‬أو َت ِ ُ َ ُ‬
‫يحا َخبِي َثةً» (رواه البخاري‪ ،2101:‬ومسلم‪.)2628:‬‬ ‫ِر ً‬
‫‪5.5‬التذكير والموعظة الحسنة؛ قــال الله تعالى‪﴿ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ﴾ [الذاريات‪ ،]55:‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ﴾ [البقرة‪ ،]232:‬واألمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [التوبة‪ ،]71:‬فاألمر بالمعروف يبقي‬
‫الخير ويجلبه‪ ،‬والنهي عن المنكر يدفع الشر ويرفعه‪.‬‬

‫‪6.6‬المحاسبة للنفس واالجتهاد في تحقيق التقوى؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﭝ ﭞ‬


‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾‬
‫[الحشر‪.]18:‬‬

‫‪7.7‬االستعانة بالله تعالى والدعاء؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬


‫ﭦﭧ ﭨ ﭩ﴾ [الــفــاتــحــة‪ ،]6-5:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﯩ‬
‫ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾ [الــبــقــرة‪ ،]186:‬وقــال الرسول ﷺ‪:‬‬

‫‪174‬‬
‫فرا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫«إن الل َه َحيِ ٌّي‬
‫الرجل إليه َيديه أن ير َّدهما ص ً‬ ‫كريم يستحيي إذا رفع‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ين» (رواه الترمذي‪ ،)3556:‬واإلكثار من سؤال الله تعالى أن يجدد‬ ‫خائب َت ِ‬
‫ِ‬
‫جوف‬ ‫اإليمان ليخ َل ُق في‬ ‫«إن‬
‫َ‬ ‫اإليمان في القلب‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪َّ :‬‬
‫اإليمان في قلوبِكم»‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فس ُلوا الل َه تعالى أن ُي ِّ‬
‫جد َد‬ ‫أحدكم كما يخ َل ُق ال َّث ُ‬
‫وب َ‬
‫(رواه الهيثمي‪.)1/57:‬‬

‫‪8.8‬التفكر والتأمل؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ‬


‫ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ﴾ [الجاثية‪ ،]13:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮉ ﮊ‬
‫ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﴾ [الحشر‪ ،]21:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﮕ‬
‫ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ﴾ [آل عمران‪ ،]191:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬
‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ﴾ [البقرة‪.]164 :‬‬

‫‪9.9‬تذكر الموت والــدار اآلخــرة؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬


‫ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾ [آل عــمــران‪ ،]185:‬وقال ﷺ‪:‬‬
‫اللذ ِ‬
‫ات» (رواه الترمذي‪.)2307:‬‬ ‫«أكثِروا ذكر ِ‬
‫هاد ِم َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪1010‬قراءة سير الصالحين‪ ،‬من األنبياء والصحابة والتابعين ومن بعدهم‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [هود‪.]120:‬‬

‫‪175‬‬
‫‪1111‬مداومة االستغفار والتوبة؛ قال تعالى‪﴿ :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [هــود‪ ،]52:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭲ ﭳ‬
‫ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [الفرقان‪ ،]70:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾ [األعــــــراف‪ ،]143:‬وقــال تعالى‪﴿ :‬ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾‬
‫[األعراف‪.]201:‬‬

‫‪1212‬عدم االستماع لحديث المتشككين أو الجلوس معهم؛ ويستوي في هذا‬


‫الجلوس الحقيقي الواقعي والجلوس االفتراضي عن طريق التلفاز‪ ،‬أو‬
‫اإلنترنت‪ ،‬أو الكتاب‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ﴾‬
‫[النساء‪ ،]140:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ‬
‫ﰍ ﰎ﴾ [األنعام‪ .]68:‬فيجب على المسلم ْ‬
‫أن يبتعد عن مواطن‬
‫الشبهات‪ ،‬وهذا أصل عظيم في حفظ إيمان المرء وسالمة دينه وقلبه‪،‬‬
‫فكثرة االستماع للباطل تؤثر في اإليمان‪.‬‬

‫كامل‬
‫فإن من أراد فعل الخير بصدق آتاه الله أجره ً‬ ‫‪1313‬مداومة إرادة الخير؛ َّ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫صادق‬ ‫مال َف َ‬
‫هو‬ ‫وإن لم يعمل‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬وعبد رز َق ُه ال َّل ُه ً‬
‫علما ولم ير ُزق ُه ً‬ ‫ْ‬
‫فالن فهو ِ‬ ‫مل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الني ِة ُ‬
‫بنيته َفأ ُ‬
‫جر ُهما سوا ٌء»‬ ‫َّ‬ ‫لت فيه ب َع ِ‬ ‫مال ل َعم ُ‬ ‫يقول‪َ :‬لو َّ‬
‫أن لي ً‬ ‫َّ‬
‫دائما‪.‬‬
‫(رواه الترمذي‪ ،)2325:‬فأنت بخير ما دمت تنوي الخير بصدق ً‬

‫‪176‬‬
‫نواقض اإليمان‬
‫بعد الحديث عن اإليمان وأركانه الستة‪ ،‬ومعرفتنا َّ‬
‫أن اإليمان له أركان يقوم‬
‫نتعرف هنا إلى األعمال واألقوال التي قد تنقضها وتكون‬
‫عليها‪ ،‬وله وسائل يزيد بها‪َّ ،‬‬
‫سب ًبا في هدمها‪ ،‬وهي من القضايا العظيمة التي يجب ْ‬
‫أن يهتم بها المؤمن ويكون‬
‫على حذر منها‪.‬‬

‫المراد بالنواقض‪:‬‬

‫النواقض هي المفسدات‪ ،‬وهي اعتقادات‪ ،‬أو أقــوال‪ ،‬أو أفعال ُتزيل أصل‬
‫اإليمان‪ ،‬وتُخْ ِرج العبد من دائرة اإلسالم‪ ،‬و ُتحبط جميع األعمال‪ ،‬و ُتوجب الخلود‬
‫في النار‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬الشرك األكبر‪ ،‬وحقيقته‪ :‬اتخاذ الند مع الله‪ ،‬كأن يعتقد َّ‬
‫أن ثمة‬
‫متصر ًفا في الكون بالخلق والتدبير مع الله سبحانه وتعالى‪ ،‬أو َيصرف العبادة لغير‬
‫الله‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﴾ [لقمان‪ ،]13:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾‬
‫[النساء‪ ،]48:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾ [األنعام‪،]88:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫أي الذنب أعظم عند الله؟‬
‫ﮈ ﮉ ﴾ [المائدة‪ ،]72:‬ولما ُسئل النبي ﷺ عن ِّ‬
‫ك» (رواه البخاري‪.)4477:‬‬‫«أن َت ْج َع َل لِ َّل ِه نِ ًّدا وهو َخ َل َق َ‬
‫قال‪ْ :‬‬

‫أيضا‪ :‬الكفر األكبر‪ ،‬وهو عدم اإليمان‬


‫ومن النواقض التي ُتخرج من اإلسالم ً‬
‫بالله ورسله وشريعته‪ ،‬سواء كان معه تكذيب أو لم ي ُكن معه تكذيب‪ ،‬أو كان ش ًّكا‬
‫كبرا أو اتبا ًعا لبعض األهواء الصارفة عن اتباع‬
‫حسدا أو ً‬
‫ً‬ ‫إعراضا عن هذا كله‪،‬‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫الرسالة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬

‫‪179‬‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ﴾ [العنكبوت‪ ،]68:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ﴾ [األحقاف‪.]3:‬‬

‫أيضا‪ :‬النفاق األكبر‪ ،‬وهو إظهار اإلسالم‬


‫ومن النواقض التي ُتخرج من اإلسالم ً‬
‫وإبطان الكفر‪ ،‬و ُيسمى النفاق االعتقادي‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ﴾ [المائدة‪ ،]61:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮐ‬
‫ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ‬
‫ﮡ﴾ [المنافقون‪ ،]1:‬وهو من أشـ ِّـد أنــواع الكفر‪ ،‬ألن المنافق يتظاهر‬
‫باإلسالم وهو في حقيقته كافر به ويعاديه‪ ،‬لذلك كانت عقوبتهم أ َّنهم في الدرك‬
‫األسفل من النار‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ﴾ [النساء‪.]145:‬‬

‫أما ما دون ذلك مما يدخل في‪ :‬الكفر األصغر‪ ،‬وهو الذي ال يخرج فاعله من‬
‫اإلسالم وال ينقض أصل اإليمان‪ ،‬وإ َّنما ينقصه‪ ،‬وهو الذي ورد في النصوص تسميته‬
‫كفرا‪ ،‬ومن ذلك ما ثبت عن النبي ﷺ أنه سأل الصحابة رضي الله عنهم في إثر مطر‬
‫ً‬
‫قال‬‫قال‪َ :‬‬ ‫ورسو ُل ُه أ ْع َل ُم‪َ ،‬ف َ‬ ‫ون َما َذا َ‬
‫قال َر ُّبك ُْم؟ ُقالوا‪ :‬ال َّل ُه َ‬ ‫كان من الليل فقال‪« :‬أ َت ْد ُر َ‬
‫قال‪ُ :‬مطِ ْرنَا َبر ْح َم ِة ال َّل ِه وبِرِ ْز ِق‬ ‫فأما َمن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫أص َب َح من ع َبادي ُم ْؤم ٌن بي و َكاف ٌر بي‪َّ ،‬‬ ‫ال َّل ُه‪ْ :‬‬
‫قال‪ُ :‬مطِ ْرنَا بنَ ْج ِم َك َذا‪،‬‬ ‫وأ َّما َمن َ‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫ال َّل ِه وبِف َْض ِل ال َّل ِه‪َ ،‬فهو ُم ْؤ ِم ٌن بي‪َ ،‬كافِ ٌر بالك َْو َك ِ‬
‫باب‬ ‫ِ‬ ‫َفهو مؤ ِمن بالكَو َك ِ ِ‬
‫ب َكاف ٌر بي» (رواه البخاري‪ ،)4147:‬وقول النبي ﷺ‪« :‬س ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ٌ‬
‫تان في‬ ‫وقتا ُل ُه ُكفْر» (رواه البخاري‪ ،)6044:‬وقول النبي ﷺ‪« :‬ا ْثنَ ِ‬ ‫وق‪ِ ،‬‬ ‫الم ْس ِل ِم ُف ُس ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ب والنياح ُة ع َلى المي ِ‬ ‫اس ُهما ِ‬
‫ت» (رواه مسلم‪.)67:‬‬ ‫َ ِّ‬ ‫به ْم ُكف ٌْر‪ :‬ال َّط ْع ُن في ال َّن َس ِ ِّ َ‬ ‫ال َّن ِ‬

‫أو الشرك األصغر‪ ،‬وهو ما أتى في النصوص أ َّنه شرك‪ ،‬ولم يصل إلى حد‬
‫ف ما‬ ‫أخ َو َ‬
‫«إن ْ‬
‫الشرك األكبر الذي ينقض أصل اإليمان ولكنَّه وسيلة إليه‪ ،‬قال ﷺ‪َّ :‬‬
‫الريا ُء»‬ ‫َ ِ‬ ‫الش ُ‬ ‫الش ُ‬
‫رسول الله؟ قال‪ِّ :‬‬ ‫األصغ َُر يا‬
‫رك ْ‬ ‫األصغ َُر‪ ،‬قالوا‪ :‬وما ِّ‬
‫رك ْ‬ ‫أخاف عليكم ِّ‬
‫ُ‬

‫‪180‬‬
‫ِ‬
‫«من ح َلف بغيرِ الله فقد َ‬
‫كفر‬ ‫(رواه أحمد‪ ،)23630:‬وما روي عن النبي ﷺ أ َّنه قال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫أشرك» (رواه أبو داود‪.)3251:‬‬ ‫أو‬

‫أو النفاق األصغر‪ ،‬وهو عمل شيء من أعمال المنافقين مع بقاء اإليمان في‬
‫القلب‪ ،‬و ُيسمى النفاق العملي‪ ،‬وهي خمسة أعمال‪ :‬خيانة األمانة‪ ،‬والكذب‪،‬‬
‫ــع َمن ُك َّن فيه‬ ‫والغدر‪ ،‬والفجور في الخصومة‪ ،‬وإخــاف الوعد‪ ،‬قال ﷺ‪َ :‬‬
‫«أ ْر َب ٌ‬
‫َت فيه َخ ْص َل ٌة ِم َن ال ِّنف ِ‬ ‫َت فيه َخ ْص َل ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َاق ح َّتى‬ ‫منهن َكان ْ‬
‫َّ‬ ‫ومن َكان ْ‬ ‫كان ُم َناف ًقا َخال ًصا‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اص َم َف َج َر» (رواه‬ ‫اه َد غ ََد َر‪ ،‬وإ َذا َخ َ‬‫ث َك َذ َب‪ ،‬وإ َذا َع َ‬ ‫ان‪ ،‬وإ َذا َح َّد َ‬
‫َي َد َع َها‪ :‬إ َذا اؤْ ُتم َن َخ َ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ث َك َذ َب‪ ،‬وإذا و َع َد ْ‬
‫أخ َل َ‬ ‫الث‪ :‬إذا َح َّد َ‬ ‫المنافِ ِق َث ٌ‬‫«آي ُة ُ‬
‫البخاري‪ ،)2459:‬وقال ﷺ‪َ :‬‬
‫خان» (رواه البخاري‪.)6095:‬‬ ‫ِ‬
‫وإذا اؤْ ُتم َن َ‬

‫فهذه كلها ‪-‬الكفر األصغر‪ ،‬والشرك األصغر‪ ،‬والنفاق األصغر‪ -‬ال ُتخرج من‬
‫الملة وال تنقل عن اإلسالم؛ بل ينقص اإليمان بحسبها ويكون مستح ًّقا للعقوبة‬
‫أن يتوب صاح ُبها أو يعفو الله عنه‪ .‬ويبقى َّ‬
‫أن الكفر األصغر أو الشرك‬ ‫بقدرها‪ ،‬إال ْ‬
‫ْ‬
‫األصغر ُيحبط العمل الذي يقترن به فقط‪ ،‬ألن فيه نوع التفات إلى غير الله‪ ،‬ولكنَّه ال‬
‫يحبط جميع األعمال‪.‬‬

‫نواقض اإليمان‪:‬‬

‫نواقض اإليمان كثيرة في تفصيالتها‪ ،‬لكنَّها تجتمع في ثالثة أنواع‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪1.1‬النواقض االعتقادية‪.‬‬

‫‪2.2‬النواقض القولية‪.‬‬

‫‪3.3‬النواقض العملية‪.‬‬

‫وهذه القسمة ليست فاصلة‪ ،‬فبين هذه النواقض تداخل‪ ،‬وإ َّنما هي قسمة‬
‫للتوضيح‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫ ‪ً -‬‬
‫أول‪ :‬نواقض اإليمان االعتقادية‪ :‬وصورها كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أن ثمة متصر ًفا في‬


‫‪1.1‬الشرك بالله تعالى أي‪ :‬الشرك االعتقادي‪ :‬وهو اعتقاد َّ‬
‫مستحق‬
‫ٌّ‬ ‫الكون بالخلق والتدبير مع الله سبحانه‪ ،‬أو اعتقاد َّ‬
‫أن غير الله‬
‫للعبادة مع الله‪ .‬قـال تعالى‪﴿ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ﴾ [النساء‪.]116:‬‬

‫‪2.2‬الجحود والتكذيب‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬


‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ [األنعام‪ ،]33:‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ ﮞ﴾ [العنكبوت‪ ،]68:‬وللجحود والتكذيب أسباب منها؛‬
‫التكبر‪ ،‬والحسد‪ ،‬والكراهية وغيرها‪.‬‬

‫‪3.3‬النفاق األكبر أي‪ :‬النفاق االعتقادي‪ :‬وهــو ْ‬


‫أن يظهر اإلســام ويبطن‬
‫الكفر‪ ،‬قال الله تعالى‪﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫أن ُي ِّ‬
‫كذب في باطنه دون ظاهره‬ ‫ﯛ ﯜ﴾ [النساء‪ .]145:‬ومن ذلك ْ‬
‫الرسول ﷺ‪ ،‬أو بعض ما جاء به‪ ،‬وكذلك ْ‬
‫أن يبغض الرسول ﷺ‪ ،‬أو يبغض‬
‫ما جاء به‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ﴾ [محمد‪.]9-8:‬‬

‫‪4.4‬الشك في حكم من أحكام الله ‪ ۴‬أو في خبر من أخباره التي ُعلِم ثبوتها‬
‫قطع ًّيا؛ كمن يشك في خبر القرآن أو في صدق النبي ﷺ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ﴾ [التوبة‪ ،]45:‬وقال رسول الله ﷺ‪ْ :‬‬
‫«أش َه ُد‬
‫ب‬ ‫غير ٍّ‬ ‫سول ِ‬
‫الله‪ ،‬ال ي ْل َقى ال َّل َه ِ‬ ‫أن ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه‪ ،‬وأنَّي َر ُ‬
‫شاك‪ُ ،‬في ْح َج َ‬ ‫بهما َع ْب ٌد َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الجنَّ ِة» (رواه مسلم‪.)27:‬‬ ‫َع ِن َ‬

‫‪182‬‬
‫صحح مذهبهم‪َّ ،‬‬
‫ألن هذا‬ ‫‪5.5‬من لم يك ِّفر المشركين أو َّ‬
‫شك في كفرهم‪ ،‬أو َّ‬
‫تكذيب لخبر الله عنهم بأ َّنهم من الكافرين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ﴾ [آل عمران‪.]85:‬‬
‫أما عدم تكفير شخص لم يثبت كفره فال يدخل في ذلك‪.‬‬

‫‪6.6‬استحالل أمر معلوم من الدين بالضرورة تحريمه‪.‬‬

‫‪7.7‬اإلعراض عن دين الله تعالى مطل ًقا‪ ،‬فال يتعلم أصل الدين وال يعمل به‪،‬‬
‫قال تعالى ﴿ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ﴾ [السجدة‪.]22:‬‬

‫‪8.8‬االستكبار عن طاعة الله‪ ،‬قال الله تعالى‪ ﴿ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬


‫ﮰ ﮱ ﯓ﴾ [البقرة‪ ،]34:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [الصافات‪ ،]35:‬وقال الله تعالى‪ ﴿ :‬ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [غافر‪ .]60:‬وهناك‬
‫صور أخرى كثيرة غيرها‪.‬‬

‫ ‪-‬ثان ًيا‪ :‬نواقض اإليمان القولية‪ :‬وصورها كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫ب الله تعالى‪ ،‬أو رسوله ﷺ‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬ ‫‪ْ 1.1‬‬


‫أن ُي َس َّ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ﴾ [األحزاب‪.]57:‬‬

‫ستهز َأ بالله تعالى‪ ،‬أو رسوله ﷺ‪ ،‬أو دينه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮃ‬ ‫‪ْ 2.2‬‬
‫أن ُي َ‬
‫ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ﴾ [التوبة‪ ،]66 ،65:‬وقال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬

‫‪183‬‬
‫ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ‬
‫ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ﴾ [النساء‪.]140:‬‬

‫معلوما من الدين بالضرورة‪ ،‬مثل‪ :‬إنكار المالئكة‪ ،‬أو الجن‪،‬‬


‫ً‬ ‫‪ْ 3.3‬‬
‫أن ُينكر بلسانه‬
‫أو البعث‪.‬‬

‫ون َك َّذا ُب َ‬
‫ون‬ ‫ث َد َّجا ُل َ‬
‫السا َع ُة َح َّتى ُي ْب َع َ‬
‫وم َّ‬ ‫يدعي النبوة‪ :‬قال ﷺ‪« :‬الَ َت ُق ُ‬ ‫‪ْ 4.4‬‬
‫أن َّ‬
‫ين ُك ُّل ُه ْم َي ْز َع ُم أ َّن ُه َر ُس ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول الله» (رواه البخاري‪)7121:‬‬ ‫ريب م ْن َثالَث َ‬
‫َق ٌ‬
‫يدعي علم الغيب‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫‪ْ 5.5‬‬
‫أن َّ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [النمل‪ ،]65:‬وهناك صور أخرى كثيرة غيرها‪.‬‬

‫ ‪-‬ثال ًثا‪ :‬نواقض اإليمان العملية‪ :‬وصورها كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪1.1‬الشرك في عبادة الله‪ ،‬وهو ْ‬


‫أن يصرف العبادة لغير الله؛ كالذبح والنذر‬
‫لــه‪ ،‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﴾ [النساء‪ ،]116:‬وقال تعالى‪:‬‬
‫﴿ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ﴾ [المائدة‪.]72:‬‬

‫‪2.2‬السحر‪ ،‬قال الله تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬


‫ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ‬
‫ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ‬
‫ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ‬
‫ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ‬
‫ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ﴾ [البقرة‪.]102:‬‬

‫‪184‬‬
‫‪3.3‬رمي المصحف وتلويثه بالنجاسات أو دوسه باألقدام‪ ،‬وهناك صور أخرى‬
‫كثيرة غيرها‪.‬‬

‫والخالصة‪ :‬أنَّه ال يتم التصديق بأركان اإليمان إال باجتماع مراتب اإليمان‬
‫أخل بشيء منها َّ‬
‫اختل‬ ‫األربعة‪ :‬قول القلب واللسان‪ ،‬وعمل القلب والجوارح‪ .‬فمن َّ‬
‫إيمانه بقدر ذلك‪.‬‬

‫تكفير المع ّ َين‪:‬‬

‫األصل فيمن ينتسب لإلسالم بقاء إسالمه حتى ُيتحقق من كفره بمقتضى‬
‫يفرقون بين تكفير الفعل وتكفير الفاعل‪ ،‬ففي األول‬
‫الدليل الشرعي‪ ،‬وأهل السنة ِّ‬
‫يطلق القول بتكفير من تل َّبس بالكفر فيقال‪ :‬من قال كذا‪ ،‬أو فعل كذا؛ فهو كافر‪،‬‬
‫ولكن الشخص المع َّين الذي قاله أو فعله‪ ،‬ال ُيحكم بكفره حتى تجتمع فيه الشروط‬
‫أن يكون مكل ًفا‪،‬‬
‫أن تتوفر فيه شروط التكفير وهي‪ْ :‬‬
‫وتنتفي عنه الموانع‪ ،‬فال بد ْ‬
‫مكرها أو‬
‫ً‬ ‫ومختارا‪ ،‬وتنتفي عنه الموانع فال يكون مخط ًئا‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫وقاصدا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وعالما‪،‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫متأول‪.‬‬ ‫جاهل‪ ،‬أو‬
‫ً‬

‫‪185‬‬
‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬هيا بنا نؤمن ساعة‪ ،‬د‪ .‬مجدي الهاللي‪.‬‬

‫‪2.2‬قوادح اإليمان‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪3.3‬اإليمان حقيقته وما يتعلق به من مسائل‪ ،‬د‪ .‬محمد بن إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪4.4‬جواب في اإليمان ونواقضه‪ ،‬د‪ .‬عبد الرحمن البراك‪.‬‬

‫‪5.5‬اإليمان حقيقته‪ ،‬خوارمه‪ ،‬نواقضه عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬عبد الله األثري‪.‬‬

‫‪6.6‬التوسط واالقتصاد في أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو االعتقاد‪ ،‬علوي‬


‫السقاف‪.‬‬

‫‪7.7‬التعبد باألسماء والصفات لمحات علمية إيمانية‪ ،‬وليد الودعان‪.‬‬

‫‪8.8‬أثر اإليمان بصفات الله في سلوك العبد‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪9.9‬التوضيح والبيان لشجرة اإليمان‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪1010‬ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬د‪ .‬عبد الله القرني‪.‬‬

‫‪1111‬قواعد في بيان حقيقة اإليمان عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬عادل الشيخاني‪.‬‬

‫‪1212‬نواقض اإليمان القولية والعملية‪ ،‬د‪ .‬عبد العزيز العبد اللطيف‪.‬‬

‫‪1313‬نواقض اإليمان االعتقادية‪ ،‬د‪ .‬محمد الوهيبي‪.‬‬

‫‪1414‬منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل‪ ،‬محمد العثيمين‪.‬‬

‫‪1515‬القوادح في العقيدة‪ ،‬عبد العزيز بن باز‪.‬‬

‫‪1616‬سؤال وجواب في أهم المهمات‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪1717‬أسئلة مهمة متعلقة بالشرك األصغر‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫التعامل مع الشبهات‬
‫ذكرنا فيما سبق َّ‬
‫أن من وسائل زيادة اإليمان االبتعاد عن مواطن بث الشكوك‬
‫والشبهات‪ ،‬والشبهة هي‪ :‬ما اشتبه على اإلنسان وتردد فيه‪ ،‬وهي ضد العلم‪ ،‬والشبهة‬
‫قد تكون بسبب انعدام الدليل أو غموضه أو خفائه‪ ،‬أو جهل صاحبها أو اتباعه هواه‬
‫وشهواته‪.‬‬

‫ونحن في زمن تعددت فيه وسائل التواصل واالتصال‪ ،‬ويقع في هذه الوسائل‬
‫مقوالت يكثر فيها العبث بمصادر التلقي وقواعد االستدالل‪ ،‬ورفض أو إنكار بعض‬
‫األصول واألحكام الشرعية المحكمة‪ ،‬والتهوين من التزام أحكام الشريعة‪ ،‬وهز‬
‫الثقة بكمالها‪ ،‬أو إضعاف اليقين بها‪ ،‬والمشكلة في مثل هذه األطروحات الكبرى‬
‫أ َّنها ُتوقع المسلم في حبائل التفريط في جنب الله تعالى ً‬
‫فهما وسلوكًا‪.‬‬

‫وحين تخبو جذوة اإليمان في قلب المسلم‪ ،‬فإ َّنه ال يشعر بوقوعه في دوائر‬
‫الهوى‪ ،‬لذلك كان جنس الشبهة أضر على المؤمن من جنس الشهوة‪ ،‬فالشهوة ُيتاب‬
‫منها‪ ،‬أما صاحب الشبهة فتوبته أصعب‪ ،‬ويزيد األمر صعوبة حين تتداخل الشبهة‬
‫والشهوة‪ ،‬ف ُتغ َّلف بعض شهوات النفوس وأهوائها بالشبهات‪ ،‬وهذه الحالة تتطلب‬
‫نو ًعا من الصدمة اإليمانية؛ لتعيد للنفس توازنها‪ ،‬وتدرك الفرق بين ميولها الشخصي‬
‫وتقريرات الوحي‪.‬‬

‫إن بعض الشبهات منزعها هوى شخصي يعتمد على العاطفة أو ال ُبعد النفسي‪،‬‬‫َّ‬
‫وحده لن‬
‫َ‬ ‫فالحجاج العلمي‬ ‫ومن وقع في الشبهات أو تعامل معها من هذا الباب‪ِ ،‬‬

‫ينفعه غال ًبا‪ ،‬ألنه ال يبحث عن الحق ب َق ْدر ما يهمه ْ‬


‫أن تتعامل مع وضعه النفسي‬
‫والعاطفي‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫وحده ليس ناف ًعا في كل حال‪ ،‬وهذا مما ذكره القرآن‪ ،‬فقال‬ ‫ولكون ِ‬
‫الحجاج العلمي َ‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [فصلت‪ ،]44:‬بل قد يكون الحجاج بواب ًة لمزيد من‬
‫ً‬
‫ضالل‪ ،‬كما قال تعالى‪﴿ :‬ﮤ‬ ‫االنحدار‪ ،‬فال تزيده حجج الحق وبراهينه إال‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ﴾ [اإلسراء‪،]82:‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [التوبة‪ ،]125-124:‬وذلك بسبب أهواء‬
‫النفوس التي تمنعها من االنتفاع بالحق‪.‬‬

‫أن نعلم َّ‬


‫أن حصول العلم النافع ال يكون بالنظر واالستدالل وحده‪،‬‬ ‫وينبغي ْ‬
‫بل ال بد من توفيق الله ومعونته‪ ،‬فهي من أهم أسباب حصول اليقين‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ﴾ [التغابن‪.]11:‬‬

‫ ‪-‬األدوات النقدية لكشف الشبهات‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن عملية الكشف عن أوجه المغالطات الموجودة في عدد من المقوالت‬
‫قدرا من دقة النظر‪ ،‬وترك العجلة‪،‬‬
‫الفاسدة ليس باألمر الصعب‪ ،‬لكنه يستدعي ً‬
‫وامتالك بعض األدوات النقدية التي ُت َم ِّكن صاحبها من رؤية مواضع الخلل منها‪،‬‬
‫فمن تلك األدوات ما يأتي‪:‬‬

‫‪1.1‬فك إجمال المقولة؛ فقد تتسم المقولة بقدر من اإلجمال‪ ،‬ف ُتدخل في‬
‫وقدرا من الباطل‪ ،‬فإطالق القول بقبولها خطأ‪ ،‬كما َّ‬
‫أن‬ ‫ً‬ ‫قدرا من الحق‬
‫طياتها ً‬
‫أيضا‪ ،‬والموقف السليم هنا في االستفصال الذي يؤدي بصاحبه‬
‫ردها خطأ ً‬
‫إلى إدراك مواضع الحق والباطل من المقولة‪ .‬مثل قولهم‪ :‬اإلسالم دين‬

‫‪190‬‬
‫التعايش‪ .‬فإن كان يقصد أ َّنه ُيحسن إلى غير المسلمين‪ ،‬ويعطيهم ح َّقهم‬
‫وإن كان يقصد َّ‬
‫أن التعايش يستلزم إلغاء أحكام‬ ‫وال يظلمهم‪ ،‬فهذا حق‪ْ ،‬‬
‫التكفير فهذا باطل‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫‪2.2‬كسر سطوة الشهرة واالنتشار؛ فبعض المقوالت تكتسب قوة زائفة بسبب‬
‫شهرتها وانتشارها وقبول كثير من الناس لها‪ ،‬والعاقل يدرك َّ‬
‫أن مجرد‬
‫معيارا للحق والباطل‪ ،‬بل معيار الحق والباطل‬
‫ً‬ ‫االنتشار والشهرة ليس‬
‫في األقوال والمعتقدات‪ :‬ما تقوم عليه من األدلة والحجج‪ .‬مثل قولهم‪:‬‬
‫اإلسالم دين المساواة‪ ،‬فهذه الدعوى مشهورة ولكنها ليست صحيحة‪،‬‬
‫فاإلسالم دين العدل‪ ،‬وهو إعطاء كل ذي حق حقه سواء اقتضى ذلك‬
‫المساواة أو ال‪.‬‬

‫‪3.3‬إزالة البهرجة اللفظية‪ :‬فبعض المقوالت تتسم بقدر من الصياغة اللفظية‪،‬‬


‫أو العبارة الفلسفية‪ ،‬تحمل بعض النفوس على أن تقبلها‪ ،‬ولو عوملت‬
‫كأفكار مجردة انكشف غال ًبا وجه الخلل فيها بمجرد ذلك‪ .‬مثل قولهم‪:‬‬
‫هذا ال يقبله العقل‪ ،‬وهذه الصياغة لو تح َّقق منها اإلنسان لوجد فيها ً‬
‫جهل‬
‫بحقيقة العقل‪ ،‬وحدوده ومقدار تفاوته بين الناس‪ ،‬ومن ثم فهو يحيل على‬
‫عقل ُم َتو َّهم يرد به كل حكم شرعي ال يستقيم مع هواه‪.‬‬

‫‪4.4‬الوعي بالمقدمات الفاسدة‪ :‬فقد تتكئ العبارات على مقدمات غير‬


‫صحيحة‪ ،‬وتحت ضغط المقولة ُي َس ِّلم بعضهم بمقدماتها‪ ،‬والمنهج‬
‫الصحيح يستوجب النظر في المقدمات التي انبنت عليها المقولة‪ ،‬وما‬
‫تفضي إليه من نتائج وآثــار‪ .‬مثل قولهم‪ :‬يجب تقديم المصلحة على‬
‫النصوص الشرعية‪ ،‬فهذه المقولة مبنية على مقدمة َّ‬
‫أن المصالح قد تنفك‬
‫عن النصوص‪ ،‬وهذا غير صحيح فال يوجد في الشرع حكم بال مصلحة‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫‪5.5‬التحرر من سجن المقولة‪ :‬فبعض المقوالت تصاغ بطريقة تستدعي‬
‫صحيحا مع‬
‫ً‬ ‫موق ًفا إما بالموافقة عليها وإما برفضها‪ ،‬وهو موقف قد يكون‬
‫بعض المقوالت‪ ،‬ولكن ليس معها كلها‪ ،‬فليس بالزم ْ‬
‫أن ينحصر الموقف‬
‫الصحيح في الموافقة أو الرفض‪ ،‬بل قد يكون الموقف الصحيح في موقف‬
‫ثالث أوهمت المقولة أ َّنه غير موجود‪ .‬مثل قولهم‪ :‬هل نقدم العقل أو‬
‫النقل؟ والصواب ليس في أحد الخيارين‪ ،‬وإنما في تقديم القطعي منهما‬
‫كما تقدم شرحه‪.‬‬

‫‪6.6‬مالحظة السياق الذي ُتوضع فيه الشبهة‪ :‬فكثير من المقوالت قد تكون‬


‫ح ًّقا من حيث هي‪ ،‬لكن َي ِرد اإلشكال في طبيعة السياق الذي توظف فيه‪،‬‬
‫باطل‪ .‬مثل قولهم‪:‬‬
‫فإذا وضعت كلمة حق في سياق باطل‪ ،‬أوهمت معنى ً‬
‫المسألة فيها خالف‪ ،‬فهذا صحيح في المسائل االجتهادية‪ ،‬ويأتي الخلل‬
‫من استحضار الخالف لتتبع الرخص والتهاون في أداء الواجبات‪.‬‬

‫‪7.7‬إدراك اللوازم والمآالت‪ :‬فكثير من المقوالت ال تتضح مشكالتها إال‬


‫أن ُتفضي إليه من مآالت‪،‬‬
‫بمالحظة ما يترتب عليها من لوازم‪ ،‬وما يمكن ْ‬
‫وهذه تحتاج إلى دقة نظر وفهم‪ .‬مثل قولهم‪ :‬ليس هناك دليل قطعي‪ ،‬وهذا‬
‫يعني عدم حجية النصوص غير القطعية‪ ،‬وبناء عليه ُتلغى كثير من أحكام‬
‫الشريعة الظنية‪ ،‬وهذا الالزم باطل قط ًعا‪.‬‬

‫‪8.8‬العناية باألصول المركزية لألفكار‪ :‬فإدراك األصل الفكري للمقوالت‬


‫ُيم ِّكن من معرفتها وإدراكها‪ ،‬وتمييز باطلها‪ .‬مثل قولهم‪ :‬اإلسالم يدعو إلى‬
‫الحرية‪ ،‬وقائلها يتبنى المفهوم الليبرالي للحرية ويتأول بعض النصوص‬
‫الشرعية لها‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫‪9.9‬كشف المضمرات الفاسدة‪ :‬بعض الناس يحملهم على تبني بعض‬
‫المقوالت مضمرات خارجة عن مضمونها المعرفي‪ .‬مثل قولهم‪ :‬أكثر‬
‫الناس يقولون هذا ويفعلونه‪ ،‬والحكم هنا خيار األكثرية ال المعرفة‪ ،‬وهناك‬
‫من قد يدفعه الكبر والحسد والعصبية وحب المال أو الجاه وغير ذلك إلى‬
‫تبني بعض المقوالت الباطلة‪.‬‬

‫‪1010‬ال يلزم من صحة الدليل صحة االستدالل‪ :‬فقد يستدل البعض بدليل‬
‫صحيح ولكن يحمله على غير وجهه‪ ،‬مثل‪ :‬من يستدل بحديث «أنتم‬
‫أعلم بأمر دنياكم» (رواه مسلم‪ )2363:‬على حث الشارع على الفصل بين‬
‫الدين والدنيا‪ ،‬وهذا باطل‪.‬‬

‫‪1111‬الوعي بأساليب تمرير الشبهات‪ ،‬فبعض المقوالت ال يكون الهدف منها‬


‫تقرير المقولة الجزئية‪ ،‬وإنما تمرير بعض المفاهيم والمعاني التي تقوم‬
‫باطل بحد ذاته‪ .‬مثل‪ :‬من‬
‫عليها‪ ،‬ومجرد قبول مناقشتها دون تمييز يعد معنى ً‬
‫يبدأ الحوار انطال ًقا من ُمس َّلمة َّ‬
‫أن الدين عنيف‪ ،‬ثم يناقش بعض األحكام‬
‫المس َّلمة دون‬
‫وحدها يجعلك تتبنى هذه ُ‬
‫والحدود‪ .‬فنقاش المسألة الجزئية َ‬
‫مساءلة‪.‬‬

‫ ‪-‬خطوات عملية لتفكيك الشبهة‪:‬‬

‫حينما َت ِرد على اإلنسان شبهة يجب أال يجعل قلبه مثل اإلسفنجة‪ ،‬فيتشربها؛ فال‬
‫ينضح إال بها‪ ،‬ولكن يجعله كالزجاجة المصمتة‪ ،‬تمر الشبهات بظاهرها وال تستقر‬
‫فيها؛ فيراها بصفائه ويدفعها بصالبته‪ ،‬وهذا سر من أسرار تشريع طلب الهداية في‬
‫اليوم والليلة أكثر من (‪ )17‬مرة‪ ،‬عن طريق تكرار سورة الفاتحة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ﴾ [الفاتحة‪ .]6-5:‬فإن ُحملت‬
‫إن ُتركت مرت ًعا ِّ‬
‫لكل‬ ‫حب الحق واالستجابة له؛ انقادت وأسلمت‪ ،‬أما ْ‬
‫القلوب على ِّ‬

‫‪193‬‬
‫ٍ‬
‫عارض تتقبله من غير تمييز فإنها تكون ُعرض ًة للشبهات والوساوس‪ .‬وعليه ْ‬
‫فإن‬
‫محكما‪،‬‬
‫ً‬ ‫أمرا‬ ‫عرضت لإلنسان شبهة فعليه ْ‬
‫أن يتعامل معها على أ َّنها شبهة وليست ً‬
‫وعليه ْ‬
‫أن يتعامل معها وفق القواعد واألصول اآلتية‪:‬‬

‫‪1.1‬األصل المحكم هو وجوب عدم االستماع للمتشككين‪ ،‬واالبتعاد عن‬


‫أن يعرف المسلم َّ‬
‫أن الشبهات‬ ‫مواطن الشبهات وأصحابها‪ .‬ويجب ْ‬
‫والتعامل معها نوع من العلم‪ ،‬فمن لم ي ُكن من أهل العلم بها‪ ،‬فال يجوز‬
‫له الخوض فيها‪ .‬وقد حذر الرسول ﷺ من االقتراب من الشبهات‪ ،‬فقال‬
‫َّ‬
‫«وإن الرجل ليأتيه‪ ،‬وهو يحسب أنه مؤمن‪ ،‬فيتبعه‬ ‫محذرا من فتنة الدجال‪:‬‬
‫ً‬
‫مما يبعث فيه من الشبهات» (رواه أبو داود‪.)4319:‬‬

‫‪2.2‬ال بد من السعي إلى معرفة األدلة العقلية والنقلية على صحة اإلسالم‪،‬‬
‫والقرآن‪ ،‬والنبوة‪ ،‬ومعرفة الثوابت‪ ،‬بأدلة محكمة‪ ،‬وال بد لإلنسان من الزاد‬
‫اإليماني‪ .‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [الزمر‪.]9:‬‬

‫‪َّ 3.3‬‬
‫إن قوة الشبهة ليست في ذاتها‪ ،‬بل تقوى بسبب ضعف العلم الذي يملكه‬
‫عالما؛ ضعفت الشبهة واندثرت‪ ،‬وك َّلما َّ‬
‫قل‬ ‫المتلقي‪ .‬فكلما كان اإلنسان ً‬
‫علمه؛ َّ‬
‫فإن الشبه قد تؤثر في إيمانه وتزعزع يقينه‪ ،‬فصراع األفكار كصراع‬
‫أن يقاوم بد ًنا أقوى منه‪ ،‬وعليه قبل ْ‬
‫أن‬ ‫األبدان‪ ،‬فالبدن الهزيل ال يستطيع ْ‬
‫يصارعه ْ‬
‫أن يتدرب ويتعلم‪.‬‬

‫وتقريرا شرع ًّيا‬


‫ً‬ ‫أن نقوم بتحليل الشبهة‪ ،‬هل هي تعارض ح ًّقا ً‬
‫نصا‬ ‫‪4.4‬يجب ْ‬
‫أصيل‪ ،‬أو هي معارضة لرأي غير معتبر شر ًعا؟‬
‫ً‬

‫‪5.5‬ال نقبل أي دعوى دون دليل‪ ،‬فأي دعوى ال بد من ذكر الدليل عليها‪ ،‬وال نقبل‬
‫مجرد الدعاوى المبنية على االنطباعات الذاتية واألهواء الشخصية‪ .‬قال‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [البقرة‪.]111:‬‬

‫‪194‬‬
‫‪6.6‬إذا كــان الدليل على الشبهة مــوجــو ًدا‪ ،‬فهل الدليل يقود لنفس نتيجة‬
‫الدعوى؟ هل الدليل مجتزأ؟ هل هناك نصوص تم تجاهلها أو إغفالها؟‬
‫فمثل من يطعن بالسنة غال ًبا يحتج باألحاديث‬
‫هل الفهم للدليل صحيح؟ ً‬
‫واآلثار التي توافق هواه فقط دون سواها‪.‬‬

‫الم ْحكَم‪ ،‬وكما عرفنا فإ َّنه من‬


‫‪7.7‬من القواعد المحكمات‪ :‬ر ُّد المتشابه إلى ُ‬
‫المستحيل ْ‬
‫أن تتعارض األمور القطعية في المعقول والمنقول‪ .‬وأصل‬
‫الشبهة يأتي غال ًبا من عدم التفريق بين ما يحتار منه العقل وبين ما يجزم‬
‫العقل باستحالته‪.‬‬

‫‪8.8‬معرفة َّ‬
‫أن وجود المتشابه هو من باب االختبار واالبتالء‪ ،‬والتربية على‬
‫النظرة الشمولية‪ ،‬وإظهار التفاضل في العلم والفهم واإليمان‪ ،‬وعلينا ْ‬
‫أن‬
‫نجتهد في تحصيل العلوم التي تعين على فهم المتشابه وتعين على اتساع‬
‫المدارك‪.‬‬

‫‪9.9‬لكل مسألة مشكلة إجابة‪ ،‬ومهمتنا هي البحث عنها‪ ،‬فالدين كامل وصالح‬
‫لكل زمان ومكان‪ ،‬ومما يساعدنا في ذلك البحث واالطالع على ردود‬
‫المتخصصين في هذه األبواب‪.‬‬

‫‪1010‬وقبل كل ما سبق وفي أثنائه وبعده اإلكثار من الدعاء واالستعانة بالله‪،‬‬


‫وسؤاله الثبات على الحق حتى الممات‪.‬‬

‫ ‪-‬مهارات للتميز في الرد على الشبهات‪:‬‬

‫‪1.1‬تعزيز اليقين وترسيخ اإليمان والخشية والتعلق بالله تعالى‪ ،‬والتزود‬


‫المعرفي في باب اإليمان‪ ،‬ومحاسن اإلسالم‪ ،‬كل هذا ببراهين صحيحة‪.‬‬

‫‪2.2‬كثرة التع ُّبد لله في الخلوات‪ ،‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾‬


‫[الزمر‪ ،]36:‬فالتع ُّبد حبل المؤمن الممتد إلى الله تعالى‪ ،‬واإلكثار من‬

‫‪195‬‬
‫الدعاء والثناء على الله تعالى وسؤاله التوفيق والسداد‪ ،‬واإلكثار من‬
‫ذكر الله تعالى‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ﴾ [األنــفــال‪ ،]45:‬وأعظم الذكر‪:‬‬
‫قراءة القرآن وتدبره‪.‬‬

‫‪3.3‬التأصيل الشرعي في مختلف أبواب الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬


‫اإليمان‪ ،‬وأصول الفقه‪ ،‬والتفسير‪ ،‬وعلم الحديث‪ ،‬وعلوم اللغة العربية‪.‬‬
‫وضبط منهجية التلقي واالستدالل عند أهل السنة‪.‬‬

‫‪4.4‬العمل على توسعة الوعي الفكري المعاصر‪ ،‬واإللمام بأصول الشبهات‬


‫المعاصرة وتاريخها ورموزها‪ ،‬وهو أمر يأتي بعد مسألة التأصيل الشرعي‪.‬‬

‫‪5.5‬تعلم مهارات الجدل والحوار‪ ،‬والمهارات البحثية والنقدية‪ ،‬فالمهارة قدر‬


‫زائد على مجرد العلم‪.‬‬

‫‪6.6‬التحلي بأخالق القرآن والتأسي بالمنهج النبوي في العلم والتعليم‬


‫والــدعــوة‪ ،‬قــال تعالى‪﴿ :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬
‫ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ‬
‫ﯟ﴾ [النحل‪.]125:‬‬

‫‪7.7‬محاورة أهل العلم وســؤال المتخصصين وأهل الذكر منهم‪ ،‬فالحوار‬


‫والنقاش معهم من أهم أدوات بناء الملكات‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ﴾ [النحل‪.]43:‬‬

‫‪8.8‬معرفة َّ‬
‫أن صاحب الهوى ال تنفعه الحجج وال تزيده البراهين إال ُب ْع ًدا‪ ،‬فمن‬
‫ال يبحث عن الحق بصدق؛ فسوف يتجاهله عندما يظهر له‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫مراجع لالستزادة‪:‬‬

‫‪1.1‬زخرف القول‪ ،‬د‪ .‬فهد العجالن وعبد الله العجيري‪.‬‬

‫‪2.2‬أسس غائبة‪ ،‬أحمد حسن‪.‬‬

‫‪3.3‬سابغات‪ ،‬أحمد السيد‪.‬‬

‫‪4.4‬اإلجابة القرآنية وأسئلتك الوجودية‪ ،‬مهاب السعيد‪.‬‬

‫‪5.5‬أصول الخطأ في الشبهات المثارة حول اإلسالم‪ ،‬أحمد السيد‪.‬‬

‫‪6.6‬فتاة الضباب‪ ،‬مجموعة مؤلفات‪.‬‬

‫‪7.7‬التسليم للنص الشرعي‪ ،‬د‪ .‬فهد العجالن‪.‬‬

‫‪8.8‬ينبوع الغواية الفكرية‪ ،‬عبد الله العجيري‪.‬‬

‫‪9.9‬تربية الملكة على رد الشبهة‪ ،‬وليد السعيدان‪.‬‬

‫‪1010‬منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الفتن العامة‪ ،‬د‪ .‬عبد الله‬
‫الدميجي‪.‬‬

‫‪1111‬صناعة التفكير العقدي‪ ،‬مجموعة مؤلفين‪ ،‬تحرير‪ :‬د‪ .‬سلطان العميري‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫الخاتمة‬
‫فإن الله قد َّ‬
‫حث على االستزادة من اإليمان فقال‪﴿ :‬ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫وختاما َّ‬
‫ً‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [النساء‪ ،]136:‬وأخبرنا َّ‬
‫بأن فالح العبد وعزته ال يكون‬
‫إال باإليمان‪ ،‬فقال‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ﴾ [المؤمنون‪ ،]1:‬وأخبرنا بأ َّنه قد كتب‬
‫المغفرة والجنة للمؤمنين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ﴾ [الحج‪ ،]50:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾ [الكهف‪ ،]107:‬وقال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ‬
‫وكر ْه إلينا‬ ‫ﭷ﴾ [البقرة‪ ،]25:‬فال َّل ُه َّم ح ِّب ْ‬
‫ب إلينا اإليمان وز ِّينْه في قلوبنا‪ِّ ،‬‬
‫الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬واج َع ْلنا من الراشدين‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪1.1‬آثار اإليمان باليوم اآلخر من تفسير الطبري‪ ،‬د‪ .‬سعود العقيل‪.‬‬

‫‪2.2‬أثر اإليمان بصفات الله في سلوك العبد‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪3.3‬اإلجابة‪ ،‬القرآن وأسئلتك الوجودية‪ ،‬مهاب السعيد‪.‬‬

‫‪4.4‬األدلة العقلية النقلية على أصول االعتقاد‪ ،‬د‪ .‬سعود العريفي‪.‬‬

‫‪5.5‬أسباب دخول الجنة‪ ،‬ندا أبو أحمد‪.‬‬

‫‪6.6‬أسس غائبة‪ ،‬أحمد حسن‪.‬‬

‫‪7.7‬أشراط الساعة‪ ،‬يوسف الوابل‪.‬‬

‫‪8.8‬أصول اإليمان في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬نخبة من العلماء‪.‬‬

‫‪9.9‬أصول الخطأ في الشبهات المثارة حول اإلسالم‪ ،‬أحمد السيد‪.‬‬

‫‪1010‬إعجاز القرآن في داللة الفطرة على اإليمان‪ ،‬د‪ .‬سعد الشهراني‪.‬‬

‫‪1111‬أفي النبوة شك‪ ،‬د‪ .‬سامية البدري‪.‬‬

‫‪1212‬االنتصار للتدمرية‪ ،‬ماهر أمير‪.‬‬

‫‪1313‬أهل السنة والجماعة‪ ،‬معالم االنطالقة الكبرى‪ ،‬محمد المصري‪.‬‬

‫‪1414‬أهمية اإليمان بالمالئكة وعالماته النفسية واالجتماعية والخلفية‪ ،‬د‪.‬‬


‫محمود سعدات‪.‬‬

‫‪1515‬اإليمان بالقرآن‪ ،‬عبد العزيز المطيري‪.‬‬

‫‪1616‬اإليمان بالقضاء والقدر‪ ،‬د‪ .‬محمد بن إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪1717‬اإليمان بالكتب‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫‪1818‬اإليمان بالكتب‪ ،‬د‪ .‬محمد الجهني‪.‬‬

‫‪1919‬اإليمان بالمالئكة حقيقته وتأثيره في حياة المؤمن‪ ،‬الحضرمي الطلبة‪.‬‬

‫‪2020‬اإليمان بالمالئكة وأثره في حياة األمة‪ ،‬د‪ .‬صالح الفوزان‪.‬‬

‫‪2121‬اإليمان بما بعد الموت (مسائل ودالئل)‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪2222‬اإليمان حقيقته وما يتعلق به من مسائل‪ ،‬د‪ .‬محمد بن إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪2323‬البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪2424‬تثبيت حجية السنة‪ ،‬أحمد السيد‪.‬‬

‫‪2525‬تربية الملكة على رد الشبهة‪ ،‬وليد السعيدان‪.‬‬

‫‪2626‬التسليم للنص الشرعي‪ ،‬د‪ .‬فهد العجالن‪.‬‬

‫‪2727‬التعبد باألسماء والصفات لمحات علمية إيمانية‪ ،‬وليد الودعان‪.‬‬

‫‪2828‬تنزيه القرآن الكريم عن دعاوى المبطلين‪ ،‬منقذ السقار‪.‬‬

‫‪2929‬توحيد األلوهية‪ ،‬محمود العشري‪.‬‬

‫‪3030‬التوسط واالقتصاد في أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو االعتقاد‪ ،‬علوي‬


‫السقاف‪.‬‬

‫‪3131‬التوضيح والبيان لشجرة اإليمان‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪3232‬جهود شيخ اإلسالم ابن تيمية في توضيح القدر‪ ،‬تامر متولي‪.‬‬

‫‪3333‬الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح‪ ،‬ابن تيمية‪.‬‬

‫‪3434‬جواب في اإليمان ونواقضه‪ ،‬د‪ .‬عبد الرحمن البراك‪.‬‬

‫‪3535‬حجية السنة‪ ،‬عبد الغني عبد الخالق‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫‪3636‬حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته‪ ،‬د‪ .‬محمد التميمي‪.‬‬

‫‪3737‬الحياة اآلخرة ما بين البعث إلى دخول الجنة أو النار‪ ،‬د‪ .‬غالب عواجي‪.‬‬

‫‪3838‬خالصات في مباحث النبوات‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪3939‬دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه‪ ،‬محمد األعظمي‪.‬‬

‫‪4040‬دالئل النبوة‪ ،‬منقذ السقار‪.‬‬

‫‪4141‬الدين الصحيح يحل جميع المشاكل‪ ،‬عبد الرحمن السعدي‪.‬‬

‫‪4242‬الرجل ذو السروال األحمر‪ ،‬عبد الرحيم جرين‪ ،‬ترجمة‪ :‬مركز دالئل‪.‬‬

‫‪4343‬الرسل والرساالت‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪4444‬زخرف القول‪ ،‬د‪ .‬فهد العجالن وعبد الله العجيري‪.‬‬

‫‪4545‬سابغات‪ ،‬أحمد السيد‪.‬‬

‫‪4646‬شروط شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬محمد عبد الله مختار‪.‬‬

‫‪4747‬شموع النهار‪ ،‬عبد الله العجيري‪.‬‬

‫‪4848‬كتاب الصالة‪ ،‬ابن القيم‪.‬‬

‫‪4949‬عالم المالئكة األبرار‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪5050‬عقيدة أهل السنة والجماعة‪ ،‬د‪ .‬محمد إبراهيم الحمد‪.‬‬

‫‪5151‬العقيدة في الله‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪5252‬علم أصول الفقه‪ ،‬عبد الوهاب خالف‪.‬‬

‫‪5353‬الفرق بين النبي والرسول‪ ،‬د‪ .‬ذياب العلوي‪.‬‬

‫‪5454‬الفيزياء ووجود الخالق‪ ،‬د‪ .‬جعفر شيخ إدريس‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫‪5555‬القبر عذابه ونعيمه‪ ،‬حسين العوايشة‪.‬‬

‫‪5656‬القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬د‪ .‬عبد الرحمن المحمود‪.‬‬

‫‪5757‬القضاء والقدر‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪5858‬قوادح اإليمان‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪5959‬قواعد أهل األثر في اإليمان بالقدر‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪6060‬قواعد في بيان حقيقة اإليمان عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬عادل الشيخاني‪.‬‬

‫‪6161‬كامل الصورة‪ ،‬أحمد السيد‪.‬‬

‫‪6262‬مباحث الربوبية والقدر‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪6363‬المباحث العقدية المتعلقة باإليمان بالرسل‪ ،‬أحمد النجار‪.‬‬

‫‪6464‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن تيمية‪.‬‬

‫‪6565‬المختصر في مسائل اإليمان‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪6666‬المخرج الوحيد‪ ،‬د‪ .‬عبد الله بن سعيد الشهري‪.‬‬

‫‪6767‬المدخل لدراسة العقيدة اإلسالمية على مذهب أهل السنة والجماعة‪ ،‬د‪.‬‬
‫إبراهيم البريكان‪.‬‬

‫‪6868‬مدخل لدراسة العقيدة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬عثمان ضميرية‪.‬‬

‫‪6969‬معالم الرحمة في عقيدة اإليمان باليوم اآلخر‪ ،‬د‪ .‬عبد السالم يوسف‪.‬‬

‫‪7070‬مفتاح دار السعادة‪ ،‬ابن القيم‪.‬‬

‫‪7171‬مقدمات في االعتقاد‪ ،‬د‪ .‬ناصر القفاري‪.‬‬

‫‪7272‬مقدمة في عقيدة السلف‪ ،‬د‪ .‬عيسى السعدي‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫‪7373‬المالئكة في القرآن الكريم‪ ،‬دراسة تحليلية موضوعية‪ ،‬د‪ .‬عبد المنعم‬
‫الحواس‪.‬‬

‫‪7474‬منهج االستدالل على مسائل االعتقاد عند أهل السنة‪ ،‬عثمان علي حسن‪.‬‬

‫‪7575‬النبأ العظيم‪ ،‬محمد دراز‪.‬‬

‫‪7676‬نظرات في التربية اإليمانية‪ ،‬مجدي الهاللي‪.‬‬

‫‪7777‬نواقض اإليمان االعتقادية‪ ،‬د‪ .‬محمد الوهيبي‪.‬‬

‫‪7878‬نواقض اإليمان القولية والعملية‪ ،‬د‪ .‬عبد العزيز العبد اللطيف‪.‬‬

‫‪7979‬ينبوع الغواية الفكرية‪ ،‬عبد الله العجيري‪.‬‬

‫‪8080‬اليوم اآلخر في القرآن الكريم والسنة النبوية‪ ،‬د‪ .‬عبد المحسن المطيري‪.‬‬

‫‪8181‬اليوم اآلخر‪ ،‬الجنة والنار‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪8282‬اليوم اآلخر‪ ،‬القيامة الصغرى‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪8383‬اليوم اآلخر‪ ،‬القيامة الكبرى‪ ،‬د‪ .‬عمر األشقر‪.‬‬

‫‪8484‬مقال‪ :‬العالقة بين الدين والعلم التجريبي‪ ،‬محمد بن عبد الله القرني‪.‬‬

‫‪8585‬مقاالت‪ :‬أدلة صدق الرسل‪ ،‬وبماذا يتحقق اإليمان باألنبياء‪ ،‬ومن خصائص‬
‫النبي ﷺ‪ ،‬لعبد الله القصير‪.‬‬

‫‪8686‬مقال‪ :‬التقديرات اإللهية وكتابة األعمال‪ ،‬أكرم غانم تكاي‪.‬‬

‫‪8787‬مقال‪ :‬مشيئة الله وإرادته‪ ،‬محمد المطري‪.‬‬

‫‪8888‬مقال‪ :‬نواقض اإليمان‪ ،‬د‪ .‬محمد السحيم‪.‬‬

‫‪8989‬مقال‪ :‬المنهج في فهم صفات الله‪ ،‬عادل العزازي‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫‪9090‬مقاالت‪ :‬الحكمة من اليوم اآلخر‪ ،‬وكيفية البعث يوم القيامة‪ ،‬وكيف يكون‬
‫اإليمان بالقدر‪ ،‬لعبد الله القصير‪.‬‬

‫‪9191‬مقال‪ :‬أدلة وجود الله‪ ،‬د‪ .‬البشير عصام المراكشي‪.‬‬

‫‪9292‬مقال‪ :‬حجية السنة النبوية المطهرة‪ ،‬محمد عبد الرحمن صادق‪.‬‬

‫‪9393‬مقال‪ :‬السكينة واالطمئنان في آيات من القرآن‪ ،‬د‪ .‬عبد السميع األنيس‪.‬‬

‫‪9494‬مقال‪ :‬أهمية توحيد األلوهية وكيفية تحقيقه‪ ،‬محمود العشري‪.‬‬

‫‪9595‬مقاالت‪ :‬كيف َّية اإليمان بالكتب‪ ،‬واإليمان بالقرآن الكريم‪ ،‬لعبد الله‬
‫القصير‪.‬‬

‫‪9696‬مقال‪ :‬منهج أهل السنة في االستدالل وخصائصهم‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬ناصر القفاري‪.‬‬

‫‪9797‬مقال‪ :‬ال إله إال الله فضلها وآثارها‪ ،‬د‪ .‬سعد البريك‪.‬‬

‫محمدا رسول الله‪ ،‬محمد‬


‫ً‬ ‫‪9898‬مقال‪ :‬اإلسالم أن تشهد أن ال إله إال الله وأن‬
‫طه شعبان‪.‬‬

‫‪9999‬مقال‪ :‬حكمة إرسال الرسل‪ ،‬محمد العثيمين‪.‬‬

‫‪10100‬موقع الدرر السنية‪.‬‬

‫‪10101‬موقع اإلسالم سؤال وجواب‪.‬‬

‫‪10102‬موقع صيد الفوائد‪.‬‬

‫‪10103‬موقع ملتقى أهل الحديث‪.‬‬

‫‪10104‬موقع السبيل‪.‬‬

‫‪10105‬موقع مركز سلف للبحوث والدراسات‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫‪10106‬موقع شبكة األلوكة‪.‬‬

‫‪10107‬موقع ابن باز‪.‬‬

‫‪10108‬موقع ابن عثيمين‪.‬‬

‫‪10109‬موقع د‪ .‬خالد السبت‪.‬‬

‫‪211‬‬

You might also like