Professional Documents
Culture Documents
1- ميثاق PDF
1- ميثاق PDF
الطبعة األولى
١٤٤٢هـ ٢٠٢١ -م
فهرس الموضوعات
الصفحة العنوان
11 مقدمة .....................................................................
15 مدخل معرفي ............................................................
33 مدخل منهجي ...........................................................
53 مفهوم اإليمان ............................................................
59 أركان اإليمان .............................................................
61 الركن األول :اإليمان باهلل تعالى ..............................
79 الركن الثاني :اإليمان بالمالئكة ................................
91 الركن الثالث :اإليمان بالكتب ..................................
103 الركن الرابع :اإليمان بالرسل عليهم الصالة والسالم .........
119 الركن الخامس :اإليمان باليوم اآلخر .........................
149 الركن السادس :اإليمان بالقدر ...............................
165 آثار اإليمان باألركان الستة ............................................
171 وسائل زيادة اإليمان .....................................................
177 نواقض اإليمان ...........................................................
187 التعامل مع الشبهات ....................................................
199 الخاتمة ...................................................................
203 المصادر والمراجع ......................................................
7
الحمد لله والصالة والسالم على رسول الله ،وبعد:
ٍ
خالصات سعيت فيه إلى تقييد
ُ علمي لفقه «اإليمان»، ٌ
مدخل فهذا الكتاب
ٌّ
يت فيه مناسبة عموم القراء.
توخ ُ ٍ
بأسلوب َّ ٍ
شاملة لقضاياه، مرك ٍ
َّزة
وقد كان جوهر الكتاب متع ِّل ًقا بأركان اإليمان الستة ،فذكرت في ٍّ
كل منها
تضمن ركن من خصوصي ٍ
ات معرف َّية ،كما كل ٍ يختص به ُّ حقيقتَه وثمراتِه ،مع ما
َّ َّ ُّ
النظر في وسائل زيادة اإليمان ،وما يناقضه.
َ الكتاب
وضع ُأ ُط ٍر
َ الغرض منهما
ُ ومنهجي ،كان
ٍّ معرفي
ٍّ قدمت الكتاب بمدخلين:
ُ وقد
َ
البحث في مصادر فتضمن المدخل األول
َّ ك ِّل َّي ٍة لدارس المعتقد ومتع َّلقات اإليمان،
ضت
تعر ُ
المعرفة ،ومكانة الوحي ،وعالقته بالعقل والعلم .وفي المدخل الثاني َّ
لمصادر التلقي ،وحجية السنة ،وقواعد االستدالل.
ثم ختمت الكتاب بما يتصل بمنهج التعامل مع الشبهات ،ليكون المسلم على
ٍ
شبهات. عرض له من ٍ
بصيرة فيما َي ِ
9
مقدمة
َّ
فإن اإلنسان بفطرته كائن يميل إلى اإليمان ،فهو محتاج بالضرورة إلى ركن
يستمد منه االطمئنان ،واالستقرار النفسي واألمــان ،يحتاج إلى ميزان يزن به
احتياجات نفسه وفطرته ومتطلبات وجوده ،يحتاج إلى إيمان يسكن إليه عندما
تثور في عقله أسئلة الوجود الكبرى ،ما هذه الحياة؟ ومن أين جئت؟ ولماذا؟ وماذا
بعدها؟ فالحياة بال إيمان ،حياة بال معنىَّ .
إن هذه األسئلة مشروعة لكل إنسان،
فهي أسئلة المعنى ،بل من دونها ال يكون اإلنسان إنسا ًنا .هذه األسئلة نابعة من
أعماق النفس اإلنسانية التي ال يختلف على أهميتها اثنان مهما تنوعت الثقافات
والمشارب ،ومن فقد اإلجابة عن هذه األسئلة عاش فاقدً ا للمعنى في الحياة
والفائدة من ورائها ،وأصبحت قِ َيمه ومبادئه سائلة ،ال يميز صوا ًبا من خطأ ،بل
تجده يلهث وراء الملهيات والملذات هر ًبا من ضغط فقدان معنى الحياة.
فإن أعظم واجب ُك ِّلف به اإلنسان هو تعلم اإليمان الذي يحقق له
وعليه َّ
معنى الحياة ،ولذلك َّ
فإن تعلم اإليمان الصحيح ودراسته من أهم المهمات
التي يحتاج إليها المسلم ،فبالعلم يصحح إيمانه ،وبالعلم يكون العملَّ .
إن
حقائق اإليمان تضبط الفكر ،وتوجه العمل ،وتشكل القيم ،وتوزن بها كل
شؤون الحياة.
11
لماذا الحديث عن أركان اإليمان؟
َّ
إن من األهداف الرئيسة للحديث عن اإليمان أ َّنه يعيد الحياة إلى القلب ويزيد
عالما بأسباب وجوده ،عار ًفا
انشراحه ونوره ،ويجعل اإلنسان مدركًا لطبيعة خلقهً ،
للطريقة الصحيحة التي يجب أن يعيش بها ويموت عليها .هذه الحياة المستمرة
للقلوب تتطلب زا ًدا معرف ًّيا وعمل ًّيا ال يستطيع المؤمن أن يذوق حالوة اإليمان
الحقيقي إال به ،فبالعلم يعرف حقيقة الطريق ،ويتحرر من سيطرة هواه ورغباته
النفسية والدنيوية ،وبالعمل يزداد مستوى اإليمان في قلبه ويرسخ ويرتقي مراقي
الفالح ،فاإليمان طائر أحد جناحيه العلم ،واآلخر العمل.
فإذا توازن األمران تحققت لإلنسان مرتبة اإلحسان ،وهيَ :
«أ ْن تَع ُبدَ ال َّل َه كَأنَّك
اك» (رواه البخاري ،)4777:ف ُي ْح ِسن المؤم ُن في عبادته فإن َل ْم َتك ُْن َت َرا ُه فإنَّه َي َر َ
تراهْ ،
متطل ًبا تحقيق أركانها وشروطها وواجباتها وسننها ،و ُي ْح ِسن في تعامله مع الخلق
متطل ًبا كمال النصح والصدق واإلحسان لهم ،وبعد هذا وذاك يحرص على االبتعاد
عن آفات األعمال واألقوال التي ُتبطلها أو ُتنقصها ،ألنه يرى الله في جميع شأنه
وعمله وقوله .وإن لم يصل المؤمن إلى رتبة المشاهدة ،انتقل إلى الرتبة التي تليها؛
وهي أن يعلم أنه يعمل على مرأى من الله ومسمع ،فيجتهد غاية االجتهاد في إتقان
العمل ،وتكون مشاعره منطلقة من وحي إيمانه ،فإنه بهذا يستكمل اإليمانَّ ،
ألن
اإليمان» (رواه أبو لله ،فقد استكمل لله ،ومنع ِ
لله ،وأع َطى ِلله ،وأبغض ِ«من أحب ِ
َ َّ
خص هذه األفعالداود ،)4681:أيَ :من جعل حياته ك َّلها لله؛ كمل إيمانه ،وإ َّنما َّ
األربعة ،أل َّنها حظوظ نفسية ،ومن استطاع أن يجعل هذه األمور لله تعالى ،كان
على غيرها أقدر.
وعندما يصل المؤمن إلى هذه المنزلة الرفيعة من اإليمان؛ تتحقق له مكانة
خيرا ،ومن ٍ
خير وإلى خير ،قال النبي ﷺَ « :ع َج ًبا ألَ ْمرِ جميع ِ
أمره ً ُ عجيبة ،إذ يكون
12
ٍ ِ ِ ِ
ذاك ألَ َحد َّإل ل ْل ُم ْؤم ِنْ ،
إن أصا َب ْت ُه َس َّرا ُء َشك ََرَ ،ف َ
كان الم ْؤم ِن ،إِ َّن ْأم َر ُه ُك َّل ُه َخ ْي ٌرَ ،
وليس َ ُ
وإن أصا َب ْت ُه َض َّرا ُءَ ،ص َب َر َف َ
كان َخ ْي ًرا له» (رواه مسلم ،)2999:فالمؤمن َخ ْي ًرا لهْ ،
فقط هو من ُي ْؤ َجر في األحوال ك ِّلها ،و ُيقيض الله له من األسباب التي يحصل له
فيها رفع الدرجات ،ومغفرة الذنوب ،وتكثير الحسنات ،سواء كان ذلك مما ُيجريه
عليه من األمور السارة التي تستوجب الشكر ،أو األمور الضارة التي تستوجب
الصبر .فإذا عرف المؤمن هذه الحقيقة كان متقل ًبا بين الشكر والصبر ،وربما أفضى
به األمر في مثل هذه األمور المكروهة إلى أن ينتقل من الصبر إلى الرضا ،فيكون
قدر الله تعالى له ،وهذه منزلة عالية من منازل اإليمان.
راض ًيا بما َّ
وتعليما ،فهو
ً وعمل
ً تعلما
فمن أراد الحياة الحقيقية فال بد له أن يبدأ باإليمان ً
الطريق إلى الله وال طريق إليه سواه ،وهو األصل الذي تبنى عليه رؤية اإلنسان
لنفسه وخلقه ووجوده ووجود العالم من حوله.
13
مدخل معرفي
قبل البداية في دراسة أركان اإليمان ،يحسن بنا ْ
أن نبدأ بمقدمة مختصرة عن
مصادر المعرفة والعالقة بينها في عدة مسائل ،وذلك َّ
ألن كل بناء معرفي يعتمد
على مصادر محددة في تكوين المعرفة ،والتي ينطلق منها في اإلجابة عن أسئلة
الوجود الكبرى وغيرها .فمن المصادر ُتبنى المعارف.
مصادر المعرفة ،ومعرفة الدين الصحيح ،والعالقة بين العقل والدين ،والعالقة
بين العلم والدين.
ومصادر المعرفة هي األوعية التي يكتسب منها اإلنسان معرفته ،ويبني عليها
وتفسيرا.
ً فهما
كيان رؤيته وقيمه ونظرته لنفسه ولألشياء من حوله ً
ومن أهم ما يجب معرفته في هذه المسألة:
أن مصادر المعرفة متعددة ،فمنها ما نقل إلينا بالخبر كالوحي وغيره ،ومنها
َّ 1.1
أن نعقل َّ
أن الكل أكبر من الجزء ،ومنها ما نشاهده ما نعرفه بالعقل مثلْ :
17
أو نشمه أو نسمعه أو نتذوقه بالحواس ،ومنها ما ندركه بالحدس ،ومنها
إلهام يقذف هكذا في القلب دون مقدمات معينة ،ومنها ما نتعرف إلى حقيقته
بالتجربة ،ومنها اإلجماع اإلنساني ،وهو اتفاق البشر التلقائي الفطري على
بعض القضايا ،على الرغم من اختالف الظروف ،والعادات ،والمعتقدات
بين المجتمعات ،وفي هذا إشارة إلى وجود طبيعة إنسانية عامة ،وهكذا.
َّ 3.3
أن العالقة بين تلك المصادر عالقة تكاملية ،وهذا يتمثل في أمور ،أولها:
بعضا ويستحيل التعارض بينها ،ألنَّها كلها
أن هذه المصادر يصدق بعضها ً
َّ
أن كل مصدر يعمل في
من عند الله سبحانه وتعالى فأصلها واحد ،وثانيهاَّ :
مكمل لبقية المصادر.
ً مجاله
وال يلزم استخدام كل هذه المصادر م ًعا في وقت واحد لتحصيل معرفة
واحدا في مجاله الصحيح فإنه يكفي في تحصيل
ً مصدرا
ً محددة ،فلو استخدمنا
المعرفة.
4.4تعتمد آلية تحديد المصدر على المجال المعرفي ،إذ عندنا عا َلمان؛ عا َلم
الغيب ،وعا َلم الشهادة ،أما عالم الغيب فال يوجد إال مصدر واحد للتعرف
إلى تفاصيله وهو الوحيْ ،
وإن كان العقل قد يتعرف إلى بعض قضاياه
ً
إجمال ،وأما عالم الشهادة ،فهناك عدة مصادر للتعرف إليه ،منها: الكبرى
الخبر والعقل والحس .وهذه المصادر كلها تتكامل وال تتعارض.
18
وهذه التكامل بين المصادر ال يعني أ َّنها متساوية في القوة أو الدرجة ،فهي
تتفاوت فيما بينها في تحصيل اليقين ،فالعلم الصحيح المتلقى من الوحي هو الحق
المطلق الذي يجب اتباعه ،أل َّنه علم مباشر من علم الله تعالى الذي ال يعتريه نقص
وال يشوبه قصور ،فهو المصدر المعصوم والميزان الذي توزن به المفاهيم.
أن المعرفة في اإلسالم ليست ذات طابع واحد ،فمنها المعرفة الغيبية،
َّ 5.5
والمعرفة الحسية ،والمعرفة العقلية ،وغيرها .وهذه المعارف المتعاضدة
التي ُتستمد من عالم الشهادة بالحس والعقل ،ومن عالم الغيب بالخبر
صحيحا ،وتجربة
ً ونظرا
ً (الوحي) ،هي معارف تقدم رؤية كونية متكاملة،
استقرارا ضرور ًّيا للبناء المعرفي
ً سديدا ،وهذا التكامل يولد
ً ثرية ،ورأ ًيا
اإليماني.
َّ 7.7
أن معرفتنا بمصادر المعرفة تقودنا إلى فهم التوجهات الفكرية والمدارس
الفلسفية التي ُتبنى عليها ،وهذا بدوره يجعلنا نفهم طبيعة الصراع بين
المذاهب الفكرية وأسباب النزاع بين نظيرات المعرفة المختلفة ،إذ لكل
مذهب فكري مصادر َت ْحكم معارفه وتنظمها ،وتتميز الرؤية المعرفية
في اإلسالم عن بقية المذاهب والمدارس الفلسفية بالتكامل واالتساق
والشمول واالتساع الذي يعترف بالمصادر المعرفية الصحيحة كلها،
بخالف المذاهب األخرى التي ضيقت واختزلت المصادر وحصرت
طريقها في طريق واحد ،أو جعلت هذا الطريق هو الحاكم على بقية
الطرق.
19
المسألة الثانية؛ معرفة الدين الصحيح:
-إذا حاولنا أن نضع بعض المعايير التي نميز بها الدين الذي يصح ْ
أن يكون
خاتما لألديان الصحيحة من بين سائر األديان الباطلة التي نراها اليوم،
ً
فال بد أن يكون في رأس تلك المعايير ما يلي:
ْ 1.1
أن يكون الدين وح ًيا سماو ًّيا من الخالق وليس من صناعة البشر( .ديانة
سماوية)
ْ 4.4
أن يتضمن ما يحفظ على الناس الضرورات الخمس ،ويضمن مبدأ العدالة،
شامل يغطي مجاالت الحياة المختلفة( .الشمولية)
ً وأن يكون
20
ْ 6.6
أن يتضمن إجابة مقنعة عن أسئلة اإلنسان الكبرى :من نحن؟ ومن أين
أتينا؟ وماذا يجب علينا؟ وإلى أين نذهب؟ (معنى الحياة)
ْ 7.7
أن يأمر بمكارم األخالق وينهى عن مساوئها( .الرقي األخالقي)
قادرا على إثبات أصالته والحفاظ عليها( .الحفظ والسالمة من ْ 1010
أن يكون ً
التحريف)
والعقل السليم يحكم ببطالن عبادة ما صنعناه نح ُن بأيدينا من التماثيل ،أو ما
عاجزا مخلو ًقا كالحيوانات والبشر ،وبناء على ذلك سنستبعد كل الديانات
ً رأيناه
منزلة من عند الله تعالى،
األرضية الوضعية ،ويبقى عندنا الشرائع التي تدَّ عي أ َّنها َّ
وهي :اليهودية ،والنصرانية ،واإلسالم.
أما اليهودية والنصرانية فقد طال التحريف مصادرهما ،وهذه الحقيقة ثابتة
بالدليل عند المحققين من الباحثين في علم األديان .واألمر اآلخر -وهو األهم-
َّ
أن اليهودية والنصرانية قد فقدتا جوهر رسالتيهما وهو التوحيد الخالص ،وعليه
بقي لدينا اإلسالم ،فهو ناسخ للشرائع قبله ،مع أنه أوجب اإليمان بها جملة ،ويمتاز
اإلسالم كذلك بأمور أخرى ،منها:
َّ 1.1
أن اإلســام رسالة عالمية لكل الناس ،قال تعالى﴿ :ﮥ ﮦ ﮧ
النبي ُي ْب َع ُ
ث ُّ «وكان
َ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ﴾ [سبأ ،]28:وقال ﷺ:
21
ت إلى النَّ ِ ِ ِِ
اس َكا َّفةً» (رواه البخاري.)438: اصةً ،و ُبع ْث ُ
إلى َق ْومه َخ َّ
أن سنة رسول اإلسالم ﷺ محفوظة ،فقد َح َف َظ ْت لنا دواوين السنة والسيرة
َّ 2.2
كل أفعاله وأقواله ،وليس أقواله فقط بل حتى سكتاته ﷺ.
الفت للنظر
ٌ أمر َّ 3.3
أن نصوص اإلسالم محفوظة كلها بأدق تفاصيلها ،وهذا ٌ
يصعب أن يكون بقدرة البشر لمدة 1400عام دون تقدير من الخالق
العظيم .قال تعالى﴿ :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠ﴾ [فصلت ،]42:وقال تعالى﴿ :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾
[الحجر.]9:
َّ 4.4
أن تصور اإلسالم عن الخالق تصور متسق واضح يقبله العقل السليم دون
أي تعقيد أو اضطراب.
َّ 5.5
أن القرآن ليس فيه تناقضات وأخطاء إن سلكنا في فهمه السبيل الصحيح،
ولو كان من كالم البشر لوجدنا فيه تناقضات كثيرة .قال تعالى﴿ :ﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾
[النساء.]82:
يفسر لنا فلسفة الكون واألحداث بطريقة مقتصدة ،ومقبولة َّ 6.6
أن اإلسالم ِّ
للعقل ،وسهلة وواضحة.
َّ 7.7
أن أحكام الشريعة اإلسالمية سمحة ميسرة عن بقية الشرائع قبله ،وعند
رؤية الشريعة كامل ًة تتضح معالم الجمال والكمال فيها ،قال تعالى﴿ :ﮪ
ين ُي ْس ٌر»
الد َ
«إن ِّ
ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ﴾ [الحج ،]78:وقال ﷺَّ :
(رواه البخاري.)39:
َّ 8.8
أن اإلســام ختم الله به عقد األديــان ،فكل دين سماوي سبقه قد َب َّشر
به ،ويمتنع أن يأتي دين بعده أو أفضل منه ،فهو خاتم األديان وأكملها،
22
فال وجود لدين حق سوى دين اإلسالم .قال تعالى﴿ :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ
ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ
ﯦ ﯧ﴾ [آل عــمــران ،]82-81:وقال تعالى﴿ :ﭻ ﭼ
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ﴾ [المائدة.]3:
والخالصة :أن الدين الصحيح الصالح لكل زمان ومكان ،هو ما كان وح ًيا
محفو ًظا من عند الله تعالى .وإذا َن َظرنا في اإلسالم وجدنا أ َّنه قد حاز سمات الدين
صحيحا عن قيمة
ً تصورا
ً الصحيح ،فتعاليمه شامل ٌة لمطالب الدين والدنيا ،ويمنح
الحياة ،وليس فيه ما يناقض العلم الطبيعي الصحيح ،بل يدعو إلى العلم الصحيح
أيضا رسالة عالمية ال يختص بها قوم دون قوم أو زمان دون زمان،
بأنواعه .وهو ً
ً
ومنقول إلينا بطريقة متواترة ناسخة ويملك كتا ًبا محفو ًظا من التبديل والتحريف
لكل دين سماوي قبله .قال تعالى﴿ :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ﴾ [المائدة ،]3:قال تعالى﴿ :ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾ [األنعام.]115:
هذا السؤال قد ُيوحي بأن العقل قسيم للدين ،وأن العقل ال تسليم فيه ،وأن
الدين ال عقل فيه ،وهذا غير صحيح ،فالعقل من الدين ،وهو أداة من أدوات
فهم الدين ،به تثبت جملة من أحكام الشريعة ،وهو مناط التكليف ،والمحافظة
عليه ضرورة من الضرورات الخمس التي جاء بحفظها الدين .ولكننا قد نجد من
ُي َع ِّظم مصدرية العقل في المعرفة ،ويجعله المصدر الوحيد -وهذا متعذر فحتى
23
المعرفة العقلية في تسلسلها ال بد أن تنتهي إلى معرفة مبنية على التسليم ،-وهذا
المنهج كما تقدم معنا خطأ في البناء المعرفي الذي ال يتم بنيانه إال على أعمدة
التكامل والتوازن واالتساع بين المصادر .وهنا ال بد من التنبيه على أمور يجب أن
يستحضرها من يدعو لالعتماد على العقل وحده ،وهي:
مجمل؛ فالعقل
ً يكون إدرا ًكا
ُ أن إدراك العقل للقضايا الكلية
األمر الثاني :معرفة َّ
مثل ُحسن العدل وقبح الظلم ،لكنه يعجز عن تقويم كل فع ٍل :هل هو عدل
يدرك ً
أو ظلم؟ حسن أو قبيح؟ وهذا يفسر التفاوت الكبير الذي يعرض للناس في تقويم
كثير من المسائل ،متى كان المرجع هو العقل وحدهَّ .
إن العقل بحاجة إلى مصدر
24
جزاء؛
ً مجمل َّ
أن في الحياة اآلخرة ً معرفي آخر يسنده ،فإذا أدرك العقل إدراكًا
خفيت عليه أحجام أو أبعاد بعض األشياء؛ يأتي
ْ يأتي الوحي ببعض تفاصيله ،وإذا
الحس ببعض تفاصيله ،وقد يتوهم العقل شي ًئا؛ فتأتي التجربة معارضة له بالدليل.
فالمصادر المعرفية األخرى في الحقيقة تسند العقل وتعطيه حقه ومكانته ،بل
يوصف أمر ما بأ َّنه عقلي؛ مع َّ
أن الحس قد شارك في تقديره وكثيرا ما َ
ً ومشروعيته.
وتقريره ،ولكنه ُنسب للعقل ُح ْك ًما.
وبسبب المبالغة في تقديس العقل وتضخيم قدراته ،وجعله مرج ًعا مركز ًّيا
للمعرفة من جهة ،والغفلة عن حقيقة محدودية العقل وقصوره وتفاوته في اإلدراك من
عقل لينفي به حقائق شرعية،
جهة أخرى؛ يتورط بعض الناس فيستند إلى ما يتوهمه ً
ولهذا فالتعامل مع األحكام الشرعية بمقولة« :هذا كالم ال يقبله العقل» تعامل فيه
قصور ظاهر ،وجهل بمفهوم العقل ذاته ،ومكانته بين مصادر المعرفة األخرى.
وينبغي التفريق بين أمرين يشتبهان عند كثير من الناس ،ووقوع االشتباه بينهما
هو ما يدفع بعض الناس إلى تصور وقوع المعارضة بين نصوص الوحي والعقل،
25
مستحيل ،وكذلك بين
ً فيجب أن نفرق بين ما يحتار العقل فيه ،وبين ما يراه العقل
المستحيالت العادية والمستحيالت العقلية.
دليل يوجب
إن بعض القضايا قد يحتار العقل في تصورها ،ولكنَّه ال يملك ً
َّ
حائرا مترد ًدا ،وهذا التوقف والتردد ال يبيح له رد الخبر كما
ردها ورفضها ،فيقف ً
الم ْثبِت على المتوقف،
هو ظاهر ،إذ الخبر ُم ْثبت والعقل متوقف ،والواجب تقديم ُ
وما يحتار العقل فيه ،فال يعني هذا أ َّنه من قبيل المستحيل.
َّأما المستحيل العادي ،فهو ما يقع مخالفًا لما جعله الله تعالى في الطبيعة من
وأما المستحيل العقلي ،فهو من األمور الممتنعة لذاتها ،ويحكم
سنن وقوانينَّ ،
العقل بعدم إمكان وقوعها مطل ًقا .فإذا أخبرت الشريعة بأمر ،فيمتنع ْ
أن يأتي هذا
مستحيل ،ولكن قد يأتي بما يكون من قبيل المستحيالت
ً األمر بما تراه العقول
ُ
ُ
اإلنسان ح ًّيا وم ِّي ًتا في الوقت نفسه؛ فهذا من المستحيالت فمثل :أن يكون
العاديةً .
أن يذهب اإلنسان إلى أقصى األرض ثم العقلية التي يمنع العقل وقوعهاَّ ،أما ْ
يعود في وقت قصير ،كما حدث للنبي ﷺ في قصة اإلسراء والمعراج ،فهذا من
المستحيالت العادية التي ال يمنع العقل وقوعها.
ُي َشكِّل الدين والعلوم التجريبية مظهرين من أهم المظاهر في الحياة من حولنا،
ومع تقدم العلوم التجريبية -وهي العلوم التي تسعى الكتشاف القوانين الطبيعية
عن طريق التجربة والمالحظة واعتماد الدليل المادي فقط -ظهرت بعض اآلراء
التي تقول بوجود نظرتين للعالم؛ األولى :نظرة الدين للعالم ،واألخــرى :نظرة
أن الدين والعلم شيئان مختلفان ،ثم
العلم التجريبي للعالم ،ثم ُبني على هذا التنظير َّ
إن النظرة للعلم
قرر كل فريق نظرته للعالقة بينهما بحسب رؤيته لكل منهما ،وإذ َّ
أن المصدر الوحيد للمعرفة
التجريبي ُتعد سمة بارزة في عصرنا ،فقد توهم البعض َّ
26
أن البناء المعرفي ال يكتمل
هو العلم التجريبي وأغفل بقية المصادر ،وقد تقدم معنا َّ
إال بالتوازن بين مصادر المعرفة ،دون إغفال أو تهميش أي منها على حساب اآلخر.
ويمكن حصر األقوال في مسألة العالقة بين العلم والدين فيما يأتي:
األول :التمايز بين العلم والدين ،بحيث يختص كل واحد منهما بأمور
ال تدخل في مجال اختصاص اآلخر ،فكل منهما مستقل عن اآلخر في مستويات
مختلفة.
الثاني :التناقض بين العلم والــديــن ،بحيث يقع التعارض بينهما ،فهما
متعارضان.
2.2ال يمكن أن يتناقض العلم التجريبي مع الدين الحق ،ألن الدين الحق
نظر في الكون الذي خلقه الله،
وحي من عند الله تعالى ،والعلم التجريبي ٌ
ٌ
ويستحيل أن يتناقض كالم الله تعالى مع خلقه؛ فكالهما من عند الله.
27
تعارضا بين العلم التجريبي والدين؟
ً ماذا نصنع عندما نجد
1.1األمــر األول :ال بد من تحرير مفهوم الدين والعلم الــذي وقــع توهم
المعارضة بينهما ،فالمقصود بالدين هو الوحي كتا ًبا وسنة ،وأما العلم
فالمقصود به المجال المادي القائم على المنهج التجريبي المعتمد على
التجربة الحسية ،وهدفه التعرف إلى الطبيعة وقوانينها.
28
قائما على المعطى
مختلفة ،والقطع في العلم التجريبي إنما يصح فيما كان ً
الحسي القطعي الذي يصح أن يوصف بكونه حقيقة علمية قاطعة -والقطع
هنا مستمد من الحس ،-وأما سعي اإلنسان في تقديم نماذج تفسيرية لما
يراه من ظواهر فهي دون ذلك في الرتبة ،والعلم التجريبي يصحح نفسه في
هذه المجاالت باستمرار.
3.3األمر الثالث :ينبغي أن نفرق بين العلم الطبيعي التجريبي وفلسفة العلم
التجريبي ،فالعلم التجريبي يكشف القوانين الطبيعية ،في حين تمثل
فلسفة العلم المواقف واآلراء الشخصية التي ُتبنى على هذه النظريات
ِ
والمكتشفات ،وم ْن َث َّم ُت َبنى الرؤى والتصورات ،وهي تعتمد ً
كثيرا على
الذاتية ال الموضوعية.
بعد ذلك ،نأتي للسؤال المحوري :هل يمكن أن يقع التعارض بين الوحي
والعلم التجريبي أم ال؟
والجواب:
-أما التعارض بين قطعيات الدين وقطعيات العلم التجريبي فال يمكن أن
يقعَّ ،
ألن النقل وحي من الله تعالى الذي خلق الكون بما فيه ،وهو العليم
سبحانه بتفاصيل أحوال العالم وسننه والخالق لها ،فال يمكن أن يأتي
الوحي بما يخالف شي ًئا من قطعيات العلم المستمدة من قوانين العالم،
وذلك لكمال علم الله تعالى وحكمته.
29
إن وجد ما يوهم التعارض بينهماَ ،ف َم َر ُّد ذلك لخل ٍل في تصور طبيعة
-أما ْ
الدين أو طبيعة العلم ،وهو ما يستدعي تدقي ًقا للنظر فيهما والتعرف إلى
صحيحا من جهة الثبوت،
ً مقدما ،فالنقل قد ال يكون
ً ما كان أقوى فيكون
محكما من جهة الداللة ،فإذا كانت المعرفة العلمية قطعية هنا
ً أو ال يكون
كانت مقدم ًة على هذا النقل وال إشكال ،والعكس بالعكس ،فإذا كان النقل
قطعي الثبوت والداللة فال بد َّ
أن اإلشكال فيما ُي َّدعى أنه حقيقة علمية ،أما
إن كانت داللة كل منهما ظنية فإ َّنه يتطلب حينها ما يرجح كفة أحدهما على
اآلخر.
أن منشأ اإلشكال هنا عادة يبدأ من النزعة المغالية في العلم التجريبي التي
غير َّ
تحصر المعرفة في إطارها ،وقد تقدم معنا َّ
أن مصادر المعرفة متعددة ،وحصرها
في مصدر تجريبي فقط قد يفضي بها إلى إنكار المعقوالت الضرورية التي مبناها
على العقل ،واألخبار اليقينية المبني بعضها على النقل ،وإنكارها ُيسبب انهيار
المنظومات العلمية ،ألن االعتماد على المصدر التجريبي فقط قد يلغي بقية
المصادر األخرى ،والتي ال يمكن ألي منظومة معرفية بل وحتى علمية أن تقوم إال
أن نعيهاَّ :
أن معارضة الوحي بالعلوم التجريبية على تكاملها .والخالصة التي ينبغي ْ
إنما ينشأ من سوء فهم للوحي ،أو سوء فهم للعلم ،وعلينا معرفة المنهجية الشرعية
الصحيحة في العالقة بينهما ،وأنها متى طبقت على نحو سليم ،انزاحت ُّ
كل
اإلشكاالت المتعلقة بهذا الباب.
30
مراجع لالستزادة:
1.1اإليمان ً
أول ،فكيف نبدأ به ،د .مجدي الهاللي.
31
1919ينبوع الغواية الفكرية ،عبد الله العجيري.
32
مدخل منهجي
بعد أن عرفنا مصادر المعرفة ،وعرفنا مكانة الوحي وعالقته مع العقل والعلم
في هذه المنظومة المعرفية ،وعرفنا كيف نميز الدين الصحيح ،يحسن بنا أن نتعرف
إلى ثالث مسائل مهمة ،وهي:
1.1القرآن الكريم؛ وهو كالم الله تعالى المنزل على محمد ﷺ ،والمتع َّبد
بتالوته.
2.2صحيح السنة النبوية؛ وهي كل ما أثر عن النبي ﷺ من قول ،أو عمل ،أو
تقرير ،أو صفة ُخ ُلقية أو َخ ْلقية ،أو سيرة ،وثبتت صحة نسبتها للرسول ﷺ.
35
المسألة الثانية؛ حج َّية السنة:
لقد ورد في القرآن الكريم العديد من اآليات الدا ّلة على حج َّية السنة ،وهى
على أنواع؛ فمنها:
36
-وقال تعالى﴿ :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ﴾
[آل عمران.]32:
37
-وقال تعالى﴿ :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [النور.]52 ،51:
38
-وقــال تعالى﴿ :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ﴾
[الجن.]23:
39
-وقـــال تــعــالــى﴿ :ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ﴾
[النساء.]69:
-الثانيَّ :
أن الله ۴حذر من مخالفة رسوله ﷺ.
-الثالثَّ :
أن الله ۴جعل طاعة رسوله ﷺ من لــوازم اإليمان ،وأمر
باالستجابة له ﷺ.
-الرابعَّ :
أن الله ۴أمر عند االختالف بالرجوع إليه ۴وإلى الرسول ﷺ.
40
لوال ظهور الدالئل الب ِّينة عليه ،والتي لو كانوا مخطئين فيها لكان هذا من التلبيس
في الدين ،وهذا محال ،ألن اإلجماع حجة وال حجة بباطل.
مما يدل على حج َّية السنة أنه ال يمكن االستقالل بفهم الشريعة وتفاصيلها
وأحكامها من القرآن وحده ،الشتماله على بعض النصوص المجملة التي تحتاج
إلى بيان ،وترك هذه المهمة للبشر دون النبي ﷺ سيفضي إلى العجز عن فهم
المراد ثم العجز عن العمل به .وال سبيل إلى فهم أحكام القرآن حق الفهم إال
عن طريق السنة ،قال تعالى﴿ :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
مثل :صفة الصالة ،وبيان ما يجتنب
ﭮ﴾[النحل ،]44:فكيف سنعرف ً
في الصوم ،وبيان كيفية الزكاة ،وبيان أعمال الحج ،وأحكام الحدود ،وصفة وقوع
الطالق ،وأحكام البيوع ،والصدقات وسائر أنواع الفقه؟
41
على َّ
أن األحكام المستمدة من السنة مأخوذة في الحقيقة من القرآن ،ومستقاة
ألن الله تعالى أحال عليها في كتابه ،فاألخذ بها في الواقع أخذ من أصوله ،وذلك َّ
اشم ِ ِ
ات الو َ بالقرآن ،ولهذا لما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنهَ « :ل َع َن ال َّل ُه َ
ات َخ ْل َق ال َّل ِه» َف َب َل َغ َ
ذلك ات لِ ْلحس ِن ،المغَير ِ
ُ ِّ َ ُ ْ
ات والمت َف ِّلج ِ
َُ َ
ات ،والمتنمص ِ
ُ َ َ ِّ َ
والموت ِشم ِ
ُ َ َ
ت َّك َل َعنْ َك أن َ ت :إنَّه َب َلغَنِي َعنْ َ وبَ ،ف َجا َء ْت َفقا َل ْ أسد ُي َق ُال َل َها ُأ ُّم َي ْع ُق َ
امر َأ ًة ِمن بنِي ٍ
َ َ َْ
ِ قال :وما لي ال أ ْل َع ُن َمن َل َع َن َر ُ تَ ،ف َ
ومن سول ال َّله َص َّلى الل ُه عليه وس َّل َمَ ، ت و َك ْي َ َك ْي َ
هو في كِت ِ ِ
قال: ولَ ، وج ْد ُت فيه ما َت ُق ُ ت :ل َق ْد َق َر ْأ ُت ما ْبي َن ال َّل ْو َح ْي ِنَ ،فما َ اب ال َّلهَ ،فقا َل ْ َ
ت﴿ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ت َقر ْأتِ ِيه ل َقد وجدتِ ِيه ،أما َقر ْأ ِ َلئِن ُكن ِ
َ ْ َ ْ َ ْ ْ
قال: ك َي ْف َع ُلو َن ُهَ ، أه َل َ
ت :فإنِّي َأرى ْ قد ن ََهى عنْه ،قا َل ْ قال :فإنَّه ْ تَ :ب َلىَ ، ﮧ﴾؟ قا َل ْ
ذلك َت َك َ قال :لو َكان ْ اجتِ َها شي ًئاَ ،ف َ ِ
ت َف َن َظ َر ْتَ ،ف َل ْم َت َر من َح َ َفا ْذ َهبِي َفا ْن ُظرِيَ ،ف َذ َه َب ْ
ما َج َام ْع ُت َها( .رواه البخاري.)4886:
فتب َّين مما سبق وجوب االحتجاج بالسنة والعمل بها ،وأ َّنها كالقرآن في
مستغن في الحقيقة عنٍ وجوب الطاعة واالتباعَّ ،
وأن المستغني عنها إنما هو
وأن طاعة الرسول ﷺ طاعة لله ،وعصيانه عصيان لله تعالىَّ ،
وأن العصمة القرآنَّ ،
من االنحراف والضالل إ َّنما هي بالتمسك بالقرآن والسنة جمي ًعا.
وقبل أن ننهي كالمنا في هذه المسألة فيحسن بنا أن نذكر طر ًفا من األحاديث
الصحيحة الدالة على عظم مكانة السنة ،والمحذرة من ردها بغير برهان أو مخالفتها؛
ٍ ِِ ِ
بحديث من ث جل م َّتك ًئا ع َلى أريكته ُي ِّ
حد ُ الر ُ ك َّ «يوش ُ فمن ذلك :قول النبي ﷺ:
حالل استح َللنا ُه ٍ فيه من وجل ما وجدنا ِ َّ كتاب ال َّل ِه ع َّز ُ
فيقول :بينَنا وبينَكُم حديثي
َ ُ
حر َم ال َّل ُه» رسول ال َّل ِه ﷺ ُ
مثل ما َّ ُ حر َم وإن ما َّحرمنا ُه .أال َّ
ِ
وما وجدنا فيه من حرا ٍم َّ
ومن َعصانِي ف َق ْد أطاع ال َّل َهَ ،
َ «من أطا َعنِي ف َق ْد (رواه ابن ماجه ،)12:وقال ﷺَ :
عصى ال َّله» (رواه البخاري ،)7137:وقال ﷺ« :عليكم بسنتي وسن ِة الخ َلف ِ
َاء ُ َّ ُ َ َ َ
وإيا ُكم ِ ِ ِ اش ِدين المه ِدي ِ الر ِ
ين م ْن َب ْعديَ ،ت َم َّسكُوا بها ،و َع ُّضوا عليها بالنَّ َواجذَّ ، َ َ ْ ِّ َ َّ
42
«نض َربدعة ضاللةٌ» (رواه أبو داود ،)4607:وقال ﷺَّ : ٍ فإن َّ
كل ِ ومحد َث ِ
األمور؛ َّ ات ُ ْ َ
حام ِل ف ْق ٍه إلى من هو أف َق ُه
فحف َظه حتى يب ِّلغَه غيره ،فرب ِ
َ ُ ُ َّ َُ ُ
سمع ِمنا حدي ًثا ِ
َ َّ
امرأ ِ
الل ُه ً
اج َتن ِ ُبو ُه ،وإ َذا ٍ
منه» (رواه الترمذي ،)2656:وقال ﷺَ « :فإِ َذا ن ََه ْي ُتك ُْم عن شيء َف ْ
َأ َم ْر ُتك ُْم بِ َأ ْمرٍ َف ْأ ُتوا منه ما ْ
اس َت َط ْع ُت ْم» (رواه البخاري.)7288:
فإذا تقرر كما ذكرنا حج َّية السنة ،ووجوب العمل بها ،فكيف نستطيع التأكد
من صحة األحاديث النبوية ،مع أن دواوين السنة النبوية لم تكتب إال بعد وفاة
النبي ﷺ بمدة؟!
ويمكن مناقشة هذا التساؤل بالحديث عن طبيعة نقل سنته ﷺ من زمانه وحتى
ظهور كتب السنة المعتمدة عند األمة ،إذ ُح ِف َظ ْت السنة في صدور الرجال ،وفي
سطور الكتب ،وقد تنوعت طرائق العلماء في ال َّت َث ُّبت من سنته ﷺ ،ووضعوا قواعد
علوم الحديث وعلم الرجال -هذا العلم الذي يختص به اإلسالم دون بقية األديان-
فهما حسنًا:
ونشير هنا لعدة أمور تعين على فهم المسألة ً
األول -السنة في زمنه ﷺ:
تتجلى مظاهر العناية بالسنة النبوية في زمانه ﷺ في أمور متعددة ،منها :طبيعة
كالمه ﷺ من جهة انتقاء ألفاظه ،وطريقة أدائه ،ومنها :تشجيعه ﷺ ودعوته لنقل
أحاديثه (رواه البخاري ،)3461:ودعاؤه ﷺ لمن فعل ذلك بنضرة الوجه (رواه
الترمذي ،)2657:ومنها :إظهاره ﷺ الحفاوة بمن كان معتن ًيا بحديثه من صحابته
(رواه البخاري ،)5670:ومنها :دعاء النبي ﷺ لبعض صحابته بالحفظ المتقن (رواه
البخاري ،)2047:ومنها :تحذير النبي ﷺ من الكذب عليه (رواه البخاري،)1291:
ومنها :ارتباط سنته ﷺ بشأن التشريع ،إذ في حفظها حفظ الدين .وقد كُتبت جملة
كبيرة من السنة في زمن الرسول ﷺ.
43
الثاني -السنة في زمن الصحابة رضي الله عنهم:
تتجلى مظاهر العناية بسنة النبي ﷺ زمن الصحابة في أمور ،منها :معرفة ما كان
عليه الصحابة من شديد المحبة للنبي ﷺ ،ومنها :شدة حرصهم على الخير ،ومنها:
استعمال الصحابة لحديث النبي ﷺ في دعوتهم وتقريراتهم ،ومنها :سعي الصحابة
لتحصيل ما فاتهم من حديث النبي ﷺ ،وتناوبهم في الجلوس عنده ﷺ طل ًبا
لحديثه ،ومنها :ضبط الصحابة الدقيق لما أخذوه عن النبي ﷺ ،ومنها :الحرص
على ضبط حديثه ﷺ كتابة ،فمشروع كتابة السنة قد بدأ منهمِ ،
فم َّمن كتب من
الصحابة :أبو أمامة الباهلي ،وأبو أيوب األنصاري ،وأبو بكر الصديق ،وأبو رافع،
وأبو سعيد الخدري ،وأبو موسى األشعري ،وأبو هريرة ،وأسماء بنت عميس،
وأسيد بن حضير ،وأنس بن مالك ،والبراء بن عازب ،وجابر بن سمرة ،وجابر بن
عبد الله ،وجرير بن عبد الله ،ورافع بن خديج ،وسعد بن عبادة ،وسلمان الفارسي،
وعبد الله بن عمرو ،وسمرة بن جندب ،وشداد بن أوس ،وعائشة بنت أبي بكر،
وعبد الله بن الزبير ،وعبد الله بن عباس ،وعبد الله بن عمر ،وعبد الله بن مسعود،
وعلي بن أبي طالب ،وعمر بن الخطاب ،ومعاذ بن جبل ،ومعاوية بن أبي سفيان،
والمغيرة بن شعبة ،وغيرهم كثير ،رضوان الله عليهم أجمعين.
حرص التابعون على مالزمة الصحابة وجمع أحاديثهم وكتابتها ،وعلى توثيق
ب ِ ٍ
السنة كتابة ،ففي القرن األول نجد أكثر من مئة من التابعين َك َت ُبوا الحديث ،أو كُت َ
مثل :النخعي ،وأبو سلمة ،وأبو قالبة ،وذكوان ،وأبو العالية ،وسعيد
عنهم ،ومنهم ً
بن جبير ،وشهر بن حوشب ،والضحاك ،وطاووس ،وعبيدة السلماني ،وعروة بن
الزبير ،وعكرمة ،وأيوب السختياني ،وثابت البناني ،والحسن البصري ،ورجاء بن
حيوة ،والزبير بن عدي ،واألعمش ،وشعبة بن دينار ،واألعرج ،وأبو الزناد ،وعطاء
44
بن أبي رباح ،وقتادة ،والزهري ،ونافع مولى ابن عمر ،وهشام بن عروة ،ووهب بن
منبه ،وعبيد الله بن عمر ،وغيرهم كثير ،رضي الله عنهم وأرضاهم .ومن أهم ما
يكشف عن عناية التابعين بضبط سنة النبي ﷺ؛ ظهور العناية الكبيرة بشأن اإلسناد
ومعرفة أحوال الرواة.
تم َّيزت هذه الحقبة بكتابة المصنفات في جمع السنة ،فصار االهتمام بالتصنيف،
فنجد الكثير من األئمة قد صنَّفوا قبل البخاري ومسلم رحمهم الله تعالى جمي ًعا،
ومن هؤالء :ابن جريج ،وسعيد بن أبي عروبة ،وشعبة ،وابن طهمان ،والفراهيدي،
ومالك ،ومعمر ،واألوزاعي ،والثوري ،وابن لهيعة ،وابن المبارك ،وأبو يوسف،
ومحمد بن الحسن ،والطيالسي ،والشافعي ،وابن عيينة ،ووكيع ،وأحمد بن حنبل،
والليث ،وعبد الرزاق ،والحميدي ،وعلي بن الجعد ،وابن أبي شيبة ،وغيرهم كثير.
تعد هذه المرحلة الممتدة من القرن الثاني وحتى القرن الثالث الهجري أوسع
في جمع السنة النبوية ،فقد اجتمع فيها أئم ٌة كبار :كيحيى الق َّطان ،وعبد الرحمن بن
مهدي ،وأحمد بن حنبل ،ويحيى بن معين ،وعلي بن المديني ،والبخاري ،ومسلم،
وأبي داود ،والترمذي ،والنسائي ،وأبي حاتم الرازي ،وأبي زرعة الرازي ،وغيرهم
كثير.
وهذه الكتب لم تظهر فجأة كما قد يتوهمه بعض الناس ،بل وقعت أحاديثها
ألصحابها متصلة اإلسناد بمن فوقهم حتى تصل إلى النبي ﷺ ،في جهد علمي
الم َت َأ ِّخ ُر ُج ْه َد المتقدم ويبني عليه ،في سلسلة علمية لم تنقطع ،بل
تراكمي ،يعتمد فيه ُ
انتخاب من ُك ُت ٍ
ب ٌ كثيرا من األحاديث الموجودة في هذه الكتب هي في الحقيقة إن ًَّ
كتبها من فوقهم ،إذ وقعت هذه الكتب لهم متصلة اإلسناد مشافهةً ،فسمعوا أحاديثها
45
حدي ًثا حدي ًثا ممن َح َّد َثهم بهذا الكتاب ،والذي بدوره سمعها ممن فوقه ،فوقعت
لهم هذه الكتب سما ًعا وكتاب ًة بعد أن قاموا بتدقيقها وحفظها ودراستها وعرضها.
أن تاريخ الرواية حظي بعناية فائقة ،وجهود عظيمة لضمان حفظ
والخالصة َّ
والتحوط.
ُّ سنته ﷺ ،والتي بلغت الغاية (بل إنها آية) في التث ُّبت
46
المسألة الثالثة؛ قواعد االستدالل:
َّ
إن االستدالل بهذه المصادر التي ذكرناها له قواعد تحكمه ،وهي التي يسير عليها
أهل العلم في استداللهم ومنهجياتهم العلمية ،وقواعد االستدالل تتمثل فيما يأتي:
1.1يعتمد أهل السنة في تلقي أصول اإليمان على الكتاب والسنة واإلجماع.
47
ُ 6.6ي َع ِّبرون عن حقائق اإليمان باأللفاظ الشرعية ،وال يستبدلون بها ألفا ًظا
مجملة أو موهمة ،ويرون َّ
أن ظواهر النصوص مفهومة لدى المخاطبين
ومطابقة لمراد الشارع ،ألنهم يؤمنون َّ
أن معانيها محفوظة وأ َّنه يمكن نقل
هذه المعاني من جيل إلى جيلَّ ،
وأن الخطأ في فهم ظواهر النصوص قد
يقع من قصور في معرفة الظاهر ال من الظاهر نفسه.
7.7يؤمنون بأ َّنه يستحيل التعارض بين العقل الصريح والنقل الصحيح ،بل
يصدق أحدهما اآلخر ويشهد أحدهما بصحة اآلخر.
8.8يرجعون عند التنازع إلى الله تعالى ورسوله ،قال تعالى﴿ :ﰀ ﰁ ﰂ
ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ﴾ [النساء.]59:
إن علوم الشريعة قرآنًا وسنة وما تفرع عنها تخصص علمي ،له قواعده
َّ
وفهما؛ فال يصح
ً تعلما
ومناهجه في الفهم والعلم ،ومن لم يمارس علوم الشريعة ً
له أن يخوض فيها بغير علم.
48
لنص من ً -
أول :بالبداهة والضرورة أنك متى طلبت أفضل الفهوم وأعالها ٍّ
النصوص ،لجأت إلى من يتكلم لغ َة هذا النص ،كما تلجأ إلى من عايش
ُم َب ِّلغَ النص وتلقَّاه عنه مباشرةّ ،
وطبقه أمامه وتربى بين يديه في فهمه.
-ثان ًيا :وردت مجموعة من النصوص التي تزكيهم وتترضى عنهم ،ومن
ذلك:
49
ونَ ،و َأ ْص َحابِي َأ َمنَ ٌة ِلُ َّمتِيَ ،فإِ َذا َأ َمنَ ٌة ألَ ْص َحابِيَ ،فإِ َذا َذ َه ْب ُ
ت َأ َتى َأ ْص َحابِي ما ُيو َع ُد َ
ون» (رواه مسلم.)2531: ب َأ ْص َحابِي َأ َتى ُأ َّمتي ما ُيو َع ُد َ َذ َه َ
أح َد ُك ْم أ ْنف ََق ِم ْث َل ُأ ُح ٍد َذ َه ًبا ما َب َل َغ ُم َّد
أن َ أصحابِيْ ،
فلو َّ وقال ﷺ« :ال َت ُس ُّبوا ْ
أح ِد ِه ْم وال ن َِصي َف ُه» (رواه البخاري.)3673:
َ
ِ كثيرا ،فعليكم بسنَّتي وسنَّ ِة ِ
الخلفاء فسيرى اختال ًفا ً وقال ﷺ« :من يع ْش منكم َ
ٍ
بدعة كل فإن َّ ِ واجذ ،وإياكم ومحد ِ الراشدين المهديين ،ع ُّضوا عليها بالن ِ
األمور؛ َّ ثات َ َّ ِّ َ َ َ
ضاللةٌ» (رواه الترمذي.)2676:
50
مراجع لالستزادة:
1.1منهج االستدالل على مسائل االعتقاد عند أهل السنة ،عثمان علي حسن.
9.9المدخل لدراسة العقيدة اإلسالمية على مذهب أهل السنة والجماعة ،د.
إبراهيم البريكان.
51
مفهوم اإليمان
تمهيد؛ وفيه أربع مسائل:
بعد ْ
أن عرفنا مصادر المعرفة والعالقة بينها ،وعرفنا مكانة الوحي وحاكم َّيته
على سائر المصادر ،وذكرنا مصادر التلقي التي يستمد منها المؤمن إيمانهَّ ،
فإن
أول ما يجب على كل مسلم معرفته :أصول اإليمان ،فهي أساس كل علم ،وعليها
ُيبنى كل فهم ،فهذه األصول أساس كل شيء يأتي من بعدها .فإن من أيسر الطرق
وأصحها لتعلم هذه األصول دراسة أركان اإليمان ،وقد َع َّظم الله تعالى ذكر اإليمان
ِ
وفهما
ً كثيرا في القرآن .وفي هذا داللة على عظمته ووجوب العناية به ،تع ُّل ًما وتعل ً
يما ً
وتجديدا .وسوف نتحدث في هذا التمهيد عن أربع مسائل ،وهي: ً وعمالً
الركن هو الجزء من الشيء الذي ال يقوم الشيء إال به ،فإذا زال الركن زال
الشيء بكامله.
وأما اإليمان فهو تصديق بالجنان ،وقول باللسان ،وعمل بالجوارح واألركان؛
يزيد بالطاعة ،وينقص بالمعصية.
وأركان اإليمان هي :اإليمان بالله تعالى ومالئكته ،وكتبه ،ورسله ،واليوم
اآلخر ،وبالقدر خيره وشره.
55
«أن ُت ْؤ ِم َن
حديث جبريل المشهور لما سأل رسول الله ﷺ عن اإليمان ،قال ﷺْ :
وش ِّر ِه» (رواهاآلخرِ ،و ُت ْؤ ِم َن بال َق َد ِر َخ ْيرِ ِه َ
بال َّل ِه ،ومالئِكَتِ ِه ،و ُكتبِ ِه ،ورس ِل ِه ،وا ْليو ِم ِ
َ ُ ُ ُ َ
مسلم.)8:
المرتبة الثانية :اإليمان الواجب ،وهذه المرتبة تكون بعد مرتبة أصل اإليمان.
ويكون صاحبها ممن يؤ ِّدي الواجبات ويتجنَّب الكبائر ،ويلتزم تفصيالت الشريعة
ظاهرا وباطنًا حسب استطاعته.
ً وعمل
ً الواجبة ،تصدي ًقا
المرتبة الثالثة :اإليمان المستحب ،وهذه المرتبة بعد مرتبة اإليمان الواجب،
وهي مرتبة اإلحسان ،وصاحبها ال يكتفي بعمل الواجبات ،وترك المنكرات؛ بل
56
يضيف إلى ذلك فعل المستح َّبات ،واجتناب المكروهات والمتشابهات ،بقدر ما
يسر الله تعالى له ذلك.
َّ
ويتفاوت أصحاب هذه المراتب بقدر تفاوتهم بالعلم والنية والعمل واالتباع.
57
ين َي ْزنِي ِ ِ ِ
﴿ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ﴾ [المدثر ،]31:وقال ﷺ« :ال َي ْزني ال َّزاني ح َ
ِ ِ ِ ِ
ين َي ْش َر ُب وهو ُم ْؤم ٌن ،وال َي ْسرِ ُق ح َ
ين الخ ْم َر ح َ وهو ُم ْؤم ٌن ،وال َي ْش َر ُب َ
«من َر َأى ِمنكُم َي ْسرِ ُق وهو ُم ْؤم ٌن» (رواه البخاري ،)2475:وقال ﷺَ :
ِ
َ
وذلك فإن َل ْم َي ْس َتطِ ْع َفبِ َق ْلبِ ِه، ِِ ِ
فإن َل ْم َي ْس َتط ْع َفبِ ِلسانهْ ،
ِِ
ُمنْك ًَرا َف ْل ُيغ َِّي ْر ُه َبيدهْ ،
اإليمان» (رواه مسلم.)49: ِ ف أض َع ُْ
58
أركان اإليمان
الركن األول
اإليمان باهلل تعالى
دلت الفطرة السليمة والعقل الصحيح والشرع على وجود الله تعالى ،فكل
مخلوق قد ُفطِر على اإليمان بخالقه ،ويدله تفكيره السليم على وجود إله مدبر
للكون.
اإليمان بالله :هو اإليمان بوجود الله سبحانه وتعالى ،واإليمان بربوبيته ،وأ َّنه
الرب المعطي الخالق الرازق المدبر ،واإليمان بألوهيته ،وتوحيده وأ َّنه المستحق
ُّ
للعبادة ال شريك له ،واإليمان بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ،المحققة للكمال
والجمال وتنزيهه عن النقائص وكل ما ينافي كماله سبحانه.
63
اإليمان بوجود اهلل تعالى:
1.1األدلة الفطرية:
إن داللة الفطرة على وجود الله تعالى أقوى من أي دليل آخرَّ .
ألن ضرورة َّ
االحتياج راسخة في النفس وال تحتاج إلى استدالل ،وهو أصل لكل األدلة األخرى.
أن اإلنسان لو ُت ِر َك وذاته ،دون ٍّ
مرب ،فإ َّنه يشعر في أعماق وأصل داللة الفطرة هي َّ
بأن لهذا الكون خال ًقا خلقه ،هذا الشعور يولد معه ،ويهتدي إليه بفطرته ،قال
نفسهَّ ،
تعالى﴿ :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [الروم،]30:
بأن له خال ًقا ،ويحس بعظيم الحاجة إليه ،فيتجه بقلبه إلى
فكل إنسان يشعر من نفسه َّ
السماء بعفوية ،ليطلب العون واالستجابة عند اكتراب المحن.
والقول بفطرية اإليمان بوجود الخالق أمر ضــروري ،فنفس الفطرة تستلزم
اإلقرار بوجود الخالق إذا سلمت من المعارض .ومما يدل على صحة دليل الفطرة
ما يأتي:
أن بني آدم أجمعين لهم شعور يشتركون فيه ،هو اللجوء إلى الخالق
أولَّ :
ً
سبحانه عند الشدائد .فاإلنسان ولو كان مشركًا يفزع عند المصيبة إلى ربه سبحانه،
ويشعر في قرارة قلبه بافتقاره إلى ربهْ ،
وإن أظهر غير ذلك .قال تعالى﴿ :ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ﴾ [النمل .]14 :وقد قرر القرآن الكريم هذا المعنى
في قوله تعالى﴿ :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾
[يونس .]12:فرجوع اإلنسان إلى ربه سبحانه عند الشدة ،برهان جلي على َّ
أن
قرة بوجود الله تعالىْ ،
وإن أظهر حال الرخاء عكس ذلك. فطرته ُم َّ
64
ثانيا :قال تعالى﴿ :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ﴾ ً
الف ْطر ِة ،فأبواه يهودانِهِ ود إِل يو َلد ع َلى ِ
[البقرة ،]138:وقال ﷺ« :ما ِمن مو ُل ٍ
َ َ ُ ُ َ ِّ َ َ َّ ُ ُ َْ
َو ُينَ ِّص َرانِ ِه َو ُي َش ِّر َكانِ ِه» (رواه مسلم ،)2658:وقال ﷺ فيما يرويه عن الله سبحانه
اج َتا َل ْت ُه ْم عن ادي حنفَاء ُك َّلهم ،وإنَّهم َأتتهم َّ ِوتعالى« :وإنَّي خ َل ْقت ِعب ِ
ين َف ْ
الش َياط ُ ُ ْ َُْ ُ ُ َ َ ُ ْ َ ُ َ
أن فطرته مقتضية لإليمان بخالق واإلقرار به ِدين ِ ِه ْم» (رواه مسلم ،)2865:والمراد َّ
ومحبته ،ومقتضيات هذه الفطرة وموجباتها تحصل شي ًئا بعد شيء ،وذلك بحسب
حينئذ نور الفطرة مع نور الوحي.ٍ سالمة فطرته وانتفاء موانعها ،فيلتقي
ثال ًثا :مما يدل على فطرية التدين :مالزمته لتاريخ البشرية .فلم ُ
يخل عصر من
العصور ،أو أمة من األمم ،من دين أو معبود ،سواء أكان ح ًّقا أو ً
باطل .وهذا يدل
أمر مركوز في الفطرة، أن التدين وقبله اإلقرار بوجود خالق للكون ٍ
مدبر لهٌ : على َّ
متجذر في النفوس ،يشترك الناس فيه ،على اختالف أحوالهم وعلومهم وبيئاتهم.
ٌ
راب ًعا :مما يدل على استقرار المعرفة الفطرية بوجود الله تعالى في نفوس
ينمي فيه الشعور باالفتقار إلى
البشر :أن اإلنسان ال ينفك عن العجز الذاتي ،الذي ِّ
ٍ
إله قادر مد ِّبر ،يلتجئ إليه في حاجاته ،ويجبر نقصه بالتوجه إليه .ولما كان العجز
أيضا .وهذه حقيقة ارتكازالزما له ً
الزما لإلنسان ،كان هذا الشعور الناشئ عنهً : ً
معرفة وجود الله تعالى في الفطرة اإلنسانية.
2.2األدلة العقلية:
َّ
إن العالم من حولنا حدثت فيه بعض الحوادث ،فمن الذي أوجدها وقام عليها؟
إما ْ
أن تكون هذه الحوادث ُوجدت هكذا صدفة من غير سبب يدعو لذلك ،فحينها
أوجدت
ْ أن تكون هذه الحوادثال أحد يعلم َم ْن أوجدها .وهناك احتمال آخر :وهو ْ
أن لهذه الحوادث خال ًقا قد خلقها. نفسها ِ
بنفسها .وهناك احتمال ثالث :وهو َّ َ
65
وعند النظر في هذه االحتماالت الثالثة نجد األول منها متعذر؛ فوجود هذا
أن يكون وجودها يمنع من ًعا با ًّتا ْ
النظام البديع ،والتناسق بين األسباب ومسبباتهاُ ،
وج ُد الشيء ذا َته ِ
بنفسه ،وعليه صدفة ،وكذلك االحتمال الثاني مستحيل؛ إذ كيف ي ِ
ُ ُ
فإن االحتمال الثالث هو الصحيح .وهذا ما ذكره القرآن الكريم ،قال الله تعالى:
﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾
[الطور.]36-35:
َّ
إن دليل الخلق واإلبــداع والتفكر فيه من أعظم األدلــة على الخالق ،قال
تعالى﴿ :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ﴾ [الطارق ،]6:ومثل قوله تعالى﴿ :ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫ ﮬ ﮭ﴾ [الغاشية ،]17:ومثل قوله تعالى﴿ :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ﴾ [األنعام ،]79 :وقوله:
﴿ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ﴾ [آل عمران.]191:
والتناسق والنظام والتدبير الموجود في الكون ،وقانون السببية الذي تنتظم به
قوانين الخلق ،ودليل العناية بالمخلوقات والتسخير ،كل هذه تعد من أقوى الدالئل
العقلية على وجود الله تعالى ،قال تعالى﴿ :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﴾
[الــنــبــأ ،]7-6:وقــال تعالى﴿ :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠ ﮡ﴾ [الفرقان ،]61:وقال تعالى﴿ :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾ [عبس.]24:
جاهل
ً ومعرفة هذه األدلة من األمور الضرورية التي يعرفها كل أحد مهما كان
بالحجاج وطرائق االستدالل وقواعد التفكير.
ومن األدلة التي يدل فيها األثر على المؤثر :هداية المخلوقات إلى ما فيه
سر حياتها ،وكذلك بعض ما يجريه الله على أيدي أنبيائه من خــوارق اآليات
66
والمعجزات والبراهين الحسية التي تثبت وجــوده وتأييده ونصرته لهم .ومن
أظهرها استجابة الله تعالى للدعاء ،فإن االنسان يدعو الله عز وجل ،ثم يستجاب
أخبارا متواترة أن الله تعالى استجاب ألناس دعواتهم،
ً له ،وكذلك نحن نسمع
وهذا أمر واقع يدل على وجود الخالق داللة حسية عقلية ،وفي القرآن كثير من هذا،
مثل قوله تعالى﴿ :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ
ﭫ ﭬ﴾ [األنبياء .]84-83:وكل مؤمن يجد أثر هذا الدليل في حياته ،بل
حتى الكفار يستجاب لهم حال إخالصهم في دعوة المضطر والمظلوم.
3.3األدلة النقلية:
حث القرآن على التفكر وتأمل اآليــات في الكون ،التي تدل على وجود
الله ،قال تعالى﴿ :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ــال َت َعا َلى﴿ :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾
ﮝ﴾ [الــنــمــل ،]60:و َق َ
[الطور ،]35:وقال تعالى﴿ :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ [البقرة،]22-21:
فهذه وما شابهها أدلة نقلية عقلية.
67
إن
أن نقولَّ :
وإن أردنا اختصار المعاني السابقة في عبارة جامعة ،فيمكن ْ
ْ
اإليمان بوجود الله تعالى ليس حاجة فطرية ووجدانية ونفسية وأخالقية فحسب،
أيضا ،ألن اإليمان بوجود الله تعالى هو الضمانة المعرفية التي
بل وحاجة معرفية ً
يحتاج إليها اإلنسان لتفسير الحياة .وأي معرفة للكون وقوانينه ال تنضبط انضبا ًطا
صحيحا ،وال تستقيم مسالك االستدالل فيها؛ إال عن طريق معرفة صانع هذا الكون،
ً
واإليمان بوجوده ومعرفة غايته من الخلق ،وأي تفسير معرفي للخلق والحياة من
دون اإليمان بوجود الخالق؛ فهو تفسير غير صحيح ،فالمخلوقات كلها تدل عليه
وهي قد أتت منه .قال تعالى﴿ :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾[الملك.]14:
68
-وقــال تعالى﴿ :ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾
[آل عمران.]26:
مستقر فـي فِ َطر عامة البشر ،فهم ُم ِق ُّرون لله تعالى به ،قال
ٌّ وهذا التوحيد
تعالى﴿ :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾ [لقمان ،]25:وقال
تعالى﴿ :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺ
ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ﴾ [يونس .]32-31:ولم يجحد هذا
التوحيد إال مكابر معاند ،قال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ﴾
[النمل.]14:
69
اإليمان بألوهيته سبحانه:
فهو اإلله المعبود بحق ،الذي ال تنبغي العبادة إال له ،ويجب طاعته تعالى
بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .وخالصة اإليمان باأللوهية هو :توحيد الله تعالى
بأفعال العباد ،وهذه األفعال مبن َّية على المح َّبة التي تأتي بالرغبة ،والتعظيم الذي
يأتي بالرهبة ،قال تعالى﴿ :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ
ﯭ﴾ [األنبياء ،]90:فالعبادة تجمع غاية الحب لله تعالى مع غاية الذل له
سبحانه.
70
-وقال تعالى﴿ :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ﴾ [اإلسراء.]23:
النبي ﷺ ع َلى ِحما ٍر -وعن ُمعاذ بن جبل رضي الله عنه قالُ :ك ْن ُت ِر ْد َف ِّ
هل ت َْد ِري َحقَّ ال َّل ِه ع َلى ِعبا ِد ِه ،وما َح ُّق ال ِعبا ِد قال له ُع َف ْي ٌرَ ،
فقال« :يا ُم ُ
عاذْ ، ُي ُ
فإن َحقَّ ال َّل ِه ع َلى ال ِعبا ِد ْ
أن َي ْع ُبدُ و ُه قالَّ : أع َل ُمَ ،ورسو ُل ُه ْ ع َلى ال َّل ِه؟ ُق ُ
لت :ال َّل ُه َ
أن ال ُي َع ِّذ َب َمن ال ُيشْ ر ُِك به شيئًا» وحقَّ ال ِعبا ِد ع َلى ال َّل ِه ْ
وال ُيشْ ر ُِكوا به شيئًاَ ،
(رواه البخاري ،6267:ومسلم)30:
وهذه العبادة ال تقبل إال بشرطين؛ األول :اإلخالص لله تعالى﴿ ،ﰐ ﰑ ﰒ
ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ﴾ [الكهف ،]110:وقال ﷺ« :إنَّما
ورسولِ ِهَ ،ف ِه ْج َر ُت ُه ِ األعم ُال بالني ِة ،وإنَّما ِلمرِ ٍئ ما نَوى ،فمن َكان ِ
َت ه ْج َر ُت ُه إلى ال َّله َ ْ َ َ ْ ِّ َّ ْ َ
ٍ ِ ِ
َت ه ْج َر ُت ُه إلى ُدن َْيا ُيصي ُب َها أو ْام َر َأة َي َت َز َّو ُج َهاَ ،ف ِه ْج َر ُت ُه إلى ِ ِ ِ
ومن َكان ْ
ورسولهَ ، إلى ال َّله َ
اج َر إ َل ْي ِه» (رواه البخاري.)6689: ما َه َ
أما الشرط الثاني فهو :المتابعة للرسول ﷺ ،فال ُيع َبد الله َّإل بما َ
شرع،
ليس فِ ِيهَ ،فهو َر ٌّد» (رواه البخاري.)2697:
ث في َأ ْمرِنَا هذا ما َ
«من َأ ْح َد َ
قال ﷺَ :
التوحيد الذي ُينجي صاح َبه في الدنيا
َ أن العبد ال يكون ُم َو ِّح ًدا
أن نعلم َّ
ويجب ْ
فإن هذا التوحيد كان ُي ِق ُّر ٍ
كل شيء وخالقه؛ َّ رب ِّ أن الله هو ُّ
بمجرد إيمانه َّ
َّ واآلخرة
به المشركون الذين ُأ ِم َر الرسول ﷺ بقتالهم ،بل ال َّبد مع توحيد الربوبية من توحيد
أجله خ َلق الله الخ ْلق،
الرسل ،والذي من ْ
األلوهية ،الذي هو الغاية ال ُعظمى من ب ْعثة ُّ
َّ
الرسل ،وأصل الخالف
وج َعل الجنة والنار .إن توحيد األلوهية هو مفتاح دعوة ُّ
71
بينهم وبين أقوامهم .قال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [األنبياء.]25:
َّ
إن ال إله إال الله :جمعت اإليمان وأساسه .وبقية أركان اإليمان واإلسالم
متفرعة عنها ،مقيدة بالتزام معناها ،والعمل بمقتضاها .ومعناها :ال معبود يستحق
العبادة إال الله سبحانه وتعالى.
-هي ُ
العروة الوثقى ،قال تعالى﴿ :ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ
ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ﴾ [البقرة.]256:
-وهي ُ
الحسنى ،قال تعالى﴿ :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ ﴾ [الليل.]7-5:
72
-وهي المثَل األعلى ،قال تعالى﴿ :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ﴾
[الروم.]27:
اسأس َعدُ ال َّن ِـول ال َّل ِه َمن ْ يل يا َرسـ َ -وهي سبب شفاعة الرسول ﷺِ « ،ق َ
سول ال َّل ِه ﷺ :ل َق ْد َظ َن ْن ُت يا أ َبا ُه َر ْي َر َة ْ
أن قال َر ُ اعتِ َك َيو َم ال ِق َيا َم ِة؟ َ
بش َف ََ
أحدٌ َّأو ُل ِم ْن َك لِما َر َأ ْي ُت ِمن ِح ْر ِص َك ع َلى الح ِ
ديث َ ال َي ْس َأ ُلنِي عن هذا َ
اعتي َيو َم ال ِق َيا َم ِةَ ،من َ
قال ال إ َل َه َّإل ال َّل ُهَ ،خالِ ًصا بش َف َ
اس َأس َعدُ ال َّن ِ ديثْ ،الح ِ َ
ِمن َق ْلبِ ِه ،أو َن ْف ِس ِه» (رواه البخاري.)99:
أن ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه، -وهي سبب دخول الجنة ،قال رسول الله ﷺْ :
«أش َهدُ ْ
غير ٍّ
شاك ِفي ِهماَّ ،إل َد َخ َل َ َ
الج َّن َة» سول الل ِه ،ال َي ْل َقى ال َّل َه ب ِهما َع ْبدٌ َ
وأ ِّني َر ُ
(رواه مسلم.)27:
وخير
ُ دعاء يو ِم عرف َة، «خير الدُّ عا ِء ُ
ُ -وهي خير ما قيل ،قال رسول الله ﷺ:
الملك و َل ُه
ُ شريك َل ُهَ ،ل ُه
َ قلت َأنا وال َّن ُّبيونَ من قبلي :ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه وحدَ ُه ال
ما ُ
كل َشي ٍء ٌ
قدير» (رواه الترمذي.)3585: هو على ِّ
الحمدُ َو َ
وس ْب ُعونَ ، -وهي أفضل ُش َعب اإليمان ،قال رسول الله ﷺ« :اإلِيمانُ ْ
بض ٌع َ
إماط ُة األ َذى وس ُّتونَ ُ ،ش ْع َب ًة ،فأ ْف َض ُلها َق ْو ُل ال إ َل َه َّإل ال َّل ُهَ ،
وأ ْدناها َ بض ٌع ِ
أو ْ
ِ
اإليمان» (رواه مسلم.)35: ياء ُش ْع َب ٌة ِم َن
ِيق ،وا ْل َح ُ َعنِ َّ
الطر ِ
73
وقد استنبط العلماء -من مجموع النصوصَّ -
أن العبد لكي ينتفع بهذه الكلمة
مناف للجهل ،قال تعالى﴿ :ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ بعلم ٍ
أن يقولها ٍ
«ال إله إال الله» فال بد ْ
مناف للشك ،قال تعالى﴿ :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ٍ ٍ
وبيقين ﰏ ﴾ [محمد،]19:
وبقبول ٍ
مناف للرد ،قال تعالى﴿ :ﮒ ٍ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [الحجرات،]15 :
ٍ
مناف للترك ،قال ٍ
وبانقياد ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [الصافات،]35:
تعالى﴿ :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ
وبصدق ٍ
مناف للتكذيب، ٍ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ﴾ [النساء،]65:
ٍ
وبإخالص ﴿ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾ [البقرة،]8:
ٍ
مناف للشرك ،قال تعالى﴿ :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [البينة،]5:
ٍ
وبمحبة منافية للبغض ،قال تعالى﴿ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [البقرة.]165 :
ونظرا َّ
ألن هذا النوع من التوحيد واإليمان هو أعظم أنــواع التوحيد؛ فقد ً
احتاط له الشارع الكريم ،ومنع كل وسيلة وذريعة تمس جناب التوحيد ،إذ نهى
عن كل األلفاظ التي توهم المساواة مع الله كقولك« :ما شاء الله وشئت» (رواه
أحمد ،)253/3:ونهى عن الحلف بغير الله (رواه البخاري ،)6646:ونهى عن
شد الرحال تع ُّب ًدا إال إلى المساجد الثالثة (رواه البخاري ،)1189:ونهى عن الوفاء
بالنذور عند أماكن عبادة األصنام وأعياد الجاهلية (رواه أبو داود ،)3313:ونهى
عن اعتقاد العدوى والطيرة (رواه البخاري ،)5707:ونهى عن الغلو في األنبياء
والصالحين (رواه البخاري ،)4920 ،3445:ونهى عن اتخاذ القبور مساجد (رواه
مسلم ،)532:ونهى عن التماثيل (رواه مسلم ،)969:ونهى عن الصالة عند طلوع
74
تعظيما ألصل التوحيد
ً الشمس وعند غروبها (رواه البخاري .)585:كل ذلك
وحماية له من أسباب الشرك ووسائله.
أحدهماَّ :
أن الله له األسماء الحسنى والصفات ال ُعلى الدالة على صفات
الكمال ،قال سبحانه وتعالى﴿ :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﴾ [األعراف.]180:
منزه عن صفات النقص مطل ًقا ،وأ َّنه ال يماثله أحد من الثانيَّ :
أن الله تعالى َّ
خلقه ،قال الله تعالى ﴿ :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾ [الشورى.]11:
وقد َّ
دل القرآن العظيم على أسس ثالثة في فهم صفات الله عز وجل:
األساس الثاني :اإليمان بما وصف الله تعالى به نفسه في الكتاب والسنة
الصحيحة ،ألنه ال أحد أعلم بالله مِ َن الله ،قال الله تعالى﴿ :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﴾
[البقرة ،]140:فيجب التزام النصوص الواردة في هذا الباب واإليمان بها على
ظاهرها.
األساس الثالث :العلم بأ َّنه ال يمكن إدراك الكيفية لصفات الله تعالى ،ألن
إدراك الكيفية يتطلب إدراك حقيقة الله تعالى ،واإلنسان عاجز عن ذلك ،قال الله
تعالى﴿ :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ﴾ [طه.]110:
75
ٍ
معان في غاية الكمال الذي َّ
إن أسماء الله الحسنى وصفاته العلى دالة على
ال نقص فيه بوجه من الوجوه ،فيجب اإليمان بتلك المعاني ،واإليمان بما يقتضيه
فمثل؛
كل اسم من تلك األسماء من األحكام ،وما يترتب عليها من األفعال واآلثارً ،
حين يعلم المؤمن َّ
أن الله تعالى هو الرازق الخالق فإن ذلك ُيثمر عبودية التوكل.
أن الله تعالى سميع بصير؛ َّ
فإن ذلك ُيثمر حفظ اللسان وهكذا. وحين يعلم المؤمن َّ
ويجب ْ
أن يتعلم المؤمن الثناء على الله تعالى ودعاءه فـي كل مقام بما يناسبه من
األسماء ،فعند طلب الرزق؛ يسأل الله تعالى بأسماء الغنى والجود والكرم ،وعند
طلب النصر على العدو؛ يسأل الله تعالى بأسماء القوة والقهر والعظمة والعلم،
وعند سؤال العفو والمغفرة؛ يسأل الله تعالى بأسماء اللطف والرحمة والحلم
والمغفرة والعفو ،وهكذا .وينبغي االهتمام بدراسة األسماء الحسنى والصفات
العلى و َت َع ُّلم معانيها وحفظها ،فهي تمأل قلب المؤمن بمعاني اإلجالل والحب
والخوف والرجاء والتوكل وصحة التوسل.
76
ويصبح اإلحسان إلى الخلق ورحمتهم والعفو عنهم؛ غاية لمن يرجو الله واليوم
اآلخر ،فالجزاء من جنس العمل .يقول تعالى﴿ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾
وإن من يتحقق له كمال اإليمان بالله تعالى؛ َّ
فإن الله يدافع عنه [النحلَّ .]97:
ويحفظه ،قال تعالى﴿ :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [الحج ،]38:وقال﴿ :ﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ﴾ [الطالق،]3 :
وإن اإليمان بالله وحدهُ ،ي َك ِّفر السيئات ،ويزيد الحسنات ،ويصلح البال ،قال تعالى:
َّ
﴿ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ
ﭫ ﭬ﴾ [محمد ،]2:وكلما زاد اإليمان؛ زادت البركات والسكينة والطمأنينة
في حياة المؤمن ،وزاد انتفاعه بها.
مراجع لالستزادة:
77
9.9األدلة العقلية النقلية على أصول االعتقاد ،د .سعود العريفي.
1313البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله ،عبد الرحمن السعدي.
78
الركن الثاين
اإليمان بالمالئكة
المالئكة :مخلوقات من نور خلقهم الله لعبادته وتنفيذ أوامره ،فهم ﴿ﭩ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾ [األنبياء،]27-26:
وإنهم ﴿ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ﴾ [التحريم ،]6:ال يعلم عددهم إال
الله تعالى ،وقد ك َّلفهم الله تعالى بأعمال ووظائف مختلفة .ومنهم رسل أرسلهم
الله تعالى إلى أنبيائه ورسله من البشر لتبليغ وحيه ورساالته ،قال تعالى﴿ :ﭼ
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [الحج.]75 :
َّ
إن اإليمان بالمالئكة تصديق باإليمان بالله تعالى ،فقد أخبر الله تعالى عنهم،
وهم رسله إلى خلقه ،فمن كمال رحمة الله تعالى وحكمتهْ ،
أن يب ِّين للناس الغاية
رسل من المالئكة
من خلقهم ،والمقصود من إيجادهم ،وعليه فقد اصطفى سبحانه ً
يقومون بإيصال الوحي إلى الرسل واألنبياء من البشر ،وكذلك من كمال قوة الله
تعالى وقدرته ْ
أن خلق جنو ًدا ال يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
81
أدلة اإليمان بالمالئكة:
الذي دل على وجود المالئكة :الوحي ،وليس للعقل أو الحس طريق لمعرفة
ذلكْ ،
وإن كان العقل ال ُيحيل وجودها ،فوجود المالئكة من قبيل المعرفة الغيبية
التي ال سبيل إلى معرفتها إال عن طريق الوحي فقط- ،والوحي أهم المصادر
المعرفية كما تقدم معنا -ومن أدلة ذلك ما يأتي:
«أن
رسول الله ﷺ عن اإليمان؟ قال ﷺْ : َ 6.6وفي حديث جبريل لما سأل
اآلخرِ ،و ُت ْؤ ِم َن بال َق َد ِر َخ ْيرِ ِه
تؤ ِمن بال َّل ِه ،ومالئِكَتِ ِه ،و ُكتبِ ِه ،ورس ِل ِه ،وا ْليو ِم ِ
َ ُ ُ ُ َ ُْ َ
وش ِّر ِه» (رواه مسلم.)8 : َ
82
فيتضمن أمو ًرا ،منها:
َّ بالمالئكة
ِ المفصل
َّ َّأما اإليمانُ
1.1أ َّنها مخلوقات موصوفة بالحسن والجمال فـي المنظر والخلق والطول،
قال تعالى﴿ :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾ [يوسف ،]31 :وقال تعالى:
﴿ﮍ ﮎ﴾ [عبس.]16 :
َّ 3.3
أن لهم أجنحة ،قال تعالى﴿ :ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ﴾
ماء ضرب ِ
ت [فاطر ،]1:وقال رسول الله ﷺ« :إذا قضى ال َّله األمر في الس ِ
َ َّ َ ُ
المالئِ َك ُة بأجنحتِها ُخضعانًا ل َقولِ ِه» (رواه البخاري.)4800:
4.4ال َي َم ُّلون وال يتعبون من ذكر الله تعالى وعبادته ،قال تعالى﴿ :ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [األنبياء ،]20 :وقال تعالى ﴿ :ﯮ ﯯ ﯰ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [فصلت.]38 :
83
المالئِ َك ُة 6.6خلق الله تعالى المالئكة من نور ،قال رسول الله ﷺِ ِ :
«خل َقت َ
ُ
ف َلك ُْم» (رواهمما ُو ِص َ
وخل َق آ َد ُم َّ مارجٍ ِمن ٍ
نارِ ُ ، الجان ِمن ِ
ُّ وخ ِل َق ِمن ن ٍ
ُورُ ،
مسلم)2996:
سمى الله تعالى لنا في القرآن ،أو سماه لنا رسوله ﷺ في
9.9اإليمان بمن َّ
السنة من المالئكة ،ومنهم :جبريل عليه السالم ،وميكائيل عليه السالم،
ان نَبِ ُّي ال َّل ِه ﷺ إِ َذا َق َام ِم َن ال َّل ْي ِل ا ْف َت َت َح َصال َت ُه
وإسرافيل عليه السالمَ « ،ك َ
يل» (رواه مسلم ،)270:ومالك يل َوإِ ْس َرافِ َ يل َو ِميكَائِ َ
ال َّل ُه َّم َر َّب َج ْب َرائِ َ
عليه السالم خازن النار ،قال تعالى﴿ :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮ﴾ [الزخرف ]77:وغيرهم.
1010أ َّنهم ليسوا على درجــة واحــدة في الخلق والمقدار بل يتفاوتون كما
ون َأ ْه َل َب ْد ٍر
يل إلى النَّبِ ِّي ﷺ َف َق َالَ :ما َت ُع ُّد َ «جا َء ِج ْبرِ ُ
يتفاوتون في الفضلَ ،
ك َم ْن َش ِه َد َب ْد ًرا ين أو َك ِل َم ًة ن َْح َو َهاَ ،ق َال َو َك َذلِ َ ِِ ِ ِ
فيك ُْم َق َال :م ْن َأ ْف َض ِل ا ْل ُم ْسلم َ
ِم َن ا ْل َمالئِك َِة» (رواه البخاري.)3992:
1111أعطى الله تعالى بعض مالئكته قدرة على التمثل بصورة البشر ،قال تعالى:
﴿ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [مريم ،]17:وحديث جبريل:
84
الش َعرِ ال ُي َرى َع َل ْي ِه اب َش ِديد سو ِ
اد َّ ُ َ َ «إِ ْذ َط َل َع َع َل ْينَا َر ُج ٌل َش ِد ُيد َب َي ِ
اض ال ِّث َي ِ
السفَرِ َوال َي ْعرِ ُف ُه ِم َّنا َأ َح ٌد» (رواه مسلم ،)8:وفي قصة من قتل تسعة َأ َث ُر َّ
ور ِة آ َد ِم ٍّي» (رواه مسلم.)2766: ك في ُص َ «فأتاه ْم َم َل ٌ
ُ نفسا: وتسعين ً
-األمر الثاني :اإليمان بما علمنا من وظائفهم وأعمالهم ،وما د َّلت عليه
النصوص من اختصاصهم ،واإليمان بأنَّهم يقومون بما كلفوا خير قيام:
فمنهم من ُخلِق لعبادة الله تعالى فقط ،فإذا رفعوا رؤوسهم قالوا :سبحانك ما
حق عبادتك ،قال تعالى﴿ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ
عبدناك َّ
ﮕ ﮖ ﴾ [الصافات ،]166-164:قال تعالى﴿ :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ﴾ [البقرة.]30:
85
ومنهم :المك َّلفون بتدبير األمر من السماء إلى األرض بإذن الله ومشيئته ،قال
تعالى﴿ :ﮮ ﮯ﴾ [النازعات.]5:
أن ُي ْخرِ َج األخ َش َب ْي ِن؟ َ أن ُأ ْطبِ َق فِيما ِشئتِ ،
النبي ﷺَ :ب ْل ْأر ُجو ْ فقال ُّ عليهم ُْ ت ْ إن ش ْئ َْ َ ْ
ِ
وح َد ُه ،ال ُي ْشرِ ُك به شي ًئا» (رواه البخاري.)3231: أصالبِ ِه ْم َمن َي ْع ُب ُد ال َّل َه ْ ال َّل ُه من ْ
ومنهم :المك َّلفون بحفظ بني آدم ،قال تعالى﴿ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ﴾ [الرعد.]11:
«ل َي ْق ُع ُد َق ْو ٌم َي ْذ ُك ُر َ
ون ومنهم :من يلتمس مجالس الذكر وحلق العلم ،قال ﷺَ :
السكِينَةُ،
ت عليه ِم َّ الر ْح َمةَُ ،و َن َز َل ْ
ِ ِ
ال َّل َه َع َّز َو َج َّل إِ َّل َح َّف ْت ُه ُم َ
الم َلئ َكةَُ ،وغَش َي ْت ُه ُم َّ
يمن ِعنْ َد ُه» (رواه مسلم.)2700: ِ
َو َذ َك َر ُه ُم ال َّل ُه ف َ
ومنهمُ :ك َّتاب الناس يوم الجمعة على أبواب المساجد األول فاألول ،قال ﷺ:
اب المس ِ ِ ِ ِ ِ
األو َلَ ،
وم َث ُل األو َل َف َّ
ون َّ جد َي ْك ُت ُب َ الم َلئ َك ُة ع َلى َب ِ َ ْ الج ُم َعة و َقفَت َ «إِ َذا َ
كان َي ْو ُم ُ
ِ ِ ِ
الم َه ِّجرِ َك َم َث ِل الذي ُي ْهدي َب َد َنةًُ ،ث َّم َكا َّلذي ُي ْهدي َب َق َر ًةُ ،ث َّم َك ْب ًشاُ ،ث َّم َد َج َ
اجةًُ ،ث َّم ُ
ِ
الذ ْك َر» (رواه البخاري.)929: ون ِّوي ْس َتم ُع َ َب ْي َضةًَ ،فإِ َذا َخ َر َج َ
اإلم ُام َط َو ْوا ُص ُحف َُه ْمَ ،
86
ومنهم :من يصلي على المصلين مدة انتظارهم لصالة الجماعة ،قال ﷺ:
ول: أح ِد ُك ْم ما َد َام في ُم َص َّل ُه الذي َص َّلى فِ ِيه ،ما َل ْم ُي ْح ِد ْ
ثَ ،ت ُق ُ ِ
«الم َلئ َك ُة ُت َص ِّلي ع َلى َ
َ
ال َّل ُه َّم اغ ِْف ْر له ،ال َّل ُه َّم ْار َح ْم ُه» (رواه البخاري.)445:
أح َد ُك ْم ُي ْج َم ُع
«إن َ ومنهم :المو َّك ُلون بنفخ الروح وكتابة رزقه وعمله ،قال ﷺَّ :
ذلكُ ،ث َّمكون ُم ْض َغ ًة ِم ْث َل َ
ذلكُ ،ث َّم َي ُ كون َع َل َق ًة ِم ْث َل َ ِ ِ
في َب ْط ِن ُأ ِّمه ْأر َبع َ
ين َي ْو ًماُ ،ث َّم َي ُ
وش ِق ٌّي أو َس ِع ٌيدُ ،ث َّم وأ َج ُل ُهِ ،
ور ْز ُق ُهَ ، ب َع َم ُل ُهَ ، ِ ٍ ِ
ث ال َّل ُه إ َل ْيه َم َلكًا َبأ ْر َب ِع َكل َماتُ ،في ْك َت ُ
َي ْب َع ُ
وح» (رواه البخاري.)3332: الر ُ ُينْف َُخ فيه ُّ
ومنهم :الموكَّلون بتبليغ النبي ﷺ سالم أمته عليه ،قال ﷺ« :إن ِ
لله مالئك ًة َّ
الم» (رواه ابن حبان .)914:وغيرهم كثير األرض ُيب ِّلغوني عن ُأ َّمتي َّ
الس َ ِ احين في
سي َ َّ
عليهم السالم.
87
-األمر الثالث :الواجب تجاه المالئكة:
َّ
إن من أهم ثمرات اإليمان بالمالئكة :زيادة اإليمان بالله تعالى ،واإليمان
بعظمته وقوته وقدرته وحكمته فـي خلق هذه المخلوقات العظيمة ،وكذلك اإليمان
بالمالئكة يحث العبد على شكر الله تعالى على عنايته بالكون واإلنسان ،إذ جعل
كراما يقومون بالمهام الموكلة إليهم تجاههمَّ .
إن اإليمان بالمالئكة يساعد مالئكة ً
والتأسي بهم فـي دوام طاعتهم وحسن عبادتهم للهَّ .
وإن اإليمان ِّ المؤمن في االمتثال
بالمالئكة كذلك يحافظ على المجتمع ويحميه من األذى باألقوال أو األفعال أو
مما َي َت َأ َّذى منه َبنُو آ َد َم» (رواه مسلمَّ .)564: ِ
إن المالئ َك َة َت َت َأ َّذى َّ
«فإن َ
الروائح الكريهةَّ ،
اإليمان بالمالئكة يعين المؤمن على االستقامة على أمر الله في السر والعلن ،فالعبد
إذا ذكر حضورهم استحى ْ
أن يرتكب ما يغضب الله تعالى ،وكذلك استحضار
حضورهم يعزز الطمأنينة والسكينة وتحقيق األمن النفسي ،ما يجعل العبد يحرص
على تطلب أماكنهم والحصول على دعواتهم وصلواتهم واستغفارهم.
88
مراجع لالستزادة:
89
الركن الثالث
اإليمان بالكتب
المراد بالكتب :هي الكتب التي فيها كالم الله تعالى ،الذي أوحاه إلى رسله عليهم
الم َلك مشافهة كالقرآن ،أو ما نزل مكتو ًبا من
سواء ما أنزله عن طريق َ
ٌ الصالة والسالم،
عند الله تعالى كالتوراة التي نزلت مكتوبة فـي األلواح ،كتبها الله تعالى بيده.
َّ
إن اإليمان بالكتب تصديق باإليمان بالله تعالى ،فقد أخبر الله تعالى عنها ،فهي
رسالته إلى خلقه ،ومن كمال علم الله تعالى وحكمته ورحمته ،أ َّنه أنزل الكتب على
الناس تِبيا ًنا لكل شيء ،توضح لهم الغاية من خلقهم ،والحكمة من إيجادهم ،و ُتب ِّين
لهم طرق الهداية والفالح ،وفق ما يناسبهم من شرائع وأحكام ،وهي التي ُت َع ِّرف
الخلق بالخالق ،و ُت َع ِّرفهم الغاية من خلقهم.
93
2.2ليكون الكتاب المنزل هو المرجع ألتباعه لمعرفة دينهم ،وهدايتهم ،قال
تعالى﴿ :ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ
ﯺ ﯻ﴾ [آل عمران.]164:
4.4لتكون هذه الكتب حجة الله تعالى على خلقه ،ال يسعهم مخالفتها وال
الخروج عنها ،قال تعالى﴿ :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [النساء.]165:
5.5لبيان صدق الرسل عليهم السالم الذين أرسلهم الله ،وإثبات ماحصل لهم
من نبوة واصطفاء ،قال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ﴾ [الحديد.]25:
6.6بيان عظيم فضل الله على عباده ،إذ أنــزل عليهم ُك ُت ًبا ُتخرجهم من
الظلمات إلى النور ،وتهديهم سبيل الرشاد ،قال تعالى﴿ :ﯣ ﯤ ﯥ
ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ
ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ﴾
[آل عمران.]164:
94
-ويشمل اإليمان بالكتب عامة ً
أمورا ،منها:
2.2اإليمان بأ َّنها من كالم الله تعالى ،تك َّلم بها حقيقة كما شاء بكيفية ال يعلمها
إال هو سبحانه ،قال تعالى ﴿ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ
ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾ [النساء ،]163:وقال
تعالى ﴿ :ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ﴾ [النساء.]164:
95
أن الحجة قامت على المخا َطبين بها في عصرها ،فيجب عليهم العمل
َّ 4.4
بها ،وال يجوز لهم مخالفتها ،قال تعالى﴿ :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ﴾ [المائدة،]47:
وقد كانت الكتب السابقة مق َّيدة بزمانها وقومها ،قال تعالى﴿ :ﮚ ﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ﴾ [المائدة ،]48:وقال تعالى﴿ :ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ
النبي ُي ْب َع ُ
ث إلى «وكان ُّ
َ ﮨ ﮩ ﮪ﴾ [إبراهيم ،]4:وقال ﷺ:
ِِ
َق ْومه َخ َّ
اصةً» (رواه البخاري ،438:ومسلم.)521:
1.1اإليمان بأنَّه كالم الله تعالى حروفه ومعانيه ،قال تعالى﴿ :ﯦ ﯧ ﯨ
ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [التوبة ،]6:قال ﷺ:
قريشا قد منعوني أن أب ِّل َغ كال َم ر ِّبي»
ً رجل يح ِم ُلني إلى قو ِم ِهَّ ،
فإن ٌ «أال
(رواه أبو داود.)4734:
ٌ
ناسخ لجميع الكتب السابقة ،قال َ
القرآن آخر الكتب ،وهو 3.3اإليمان َّ
بأن
تعالى﴿ :ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉ﴾ [الــمــائــدة ،]48:وقــال تعالى﴿ :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ
ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ
ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ﴾
[آل عمران.]82-81:
96
4.4اإليمان بحفظ الله تعالى للقرآن ،حفظ للفظه ومعناه وحفظ للعمل به،
قال تعالى﴿ :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾ [الحجر ،]9:وقال تعالى:
﴿ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [فصلت ،]42-41:فال يأتيه
الباطل وال يتغير ،وال يترك العمل به حتى يأتي الله تعالى بأمره.
بأن القرآن هو اآلية العظمى واألعم واألبقى ،قال ﷺ« :ما ِم َن 5.5اإليمان َّ
يتكان الذي ُأوتِ ُ
ياء َنبِ ٌّي َّإل ُأ ْعطِ َي ما ِم ْث ُل ُه َآم َن عليه ال َب َش ُر ،وإنَّما َ
األ ْنبِ ِ
97
وقال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ﴾ [هود ،]13:وقال تعالى﴿ :ﯢ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾ [البقرة.]23:
2.2سالمته من االختالف والنقصان ،ولو كان القرآن ليس كالم الله تعالى
لوجدنا فيه اختال ًفا ً
كثيرا ،قال تعالى﴿ :ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
نج ًما ولم ينزل ﮇ ﮈ﴾ [النساء ،]82:هذا مع َّ
أن القرآن نزل ُم َّ
دفعة واحدة.
98
ﮪ﴾ [ه ــود ،]49:وقــال تعالى﴿ :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾
[يوسف .]3:وكذلك ما ورد في القرآن الكريم من بعض العلوم التي لم
تعهدها العرب في ذلك الزمن ،قال تعالى﴿ :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ
ﰁ﴾ [فصلت.]53:
َّ 6.6
أن في القرآن بعض اآليات التي فيها معاتبة للنبي ﷺ ،فلو كان هذا القرآن
من عند رســول الله ﷺ ،لما احتاج إلى هــذا ،قال تعالى﴿ :ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ﴾ [األحزاب،]37:
بل قد يحتاج النبي ﷺ لنزول الوحي ،ومع ذلك تمضي األيام دون نزوله،
ما ُّ
يدل على أن الوحي ليس من عنده ﷺ.
99
َّ 1010
أن أسلوب القرآن مختلف في نظمه عن أساليب أحاديث العرب قاطبة،
ولو كان القرآن من عمل محمد ﷺ لكان أولى ْ
أن ينسبه لنفسه ،فعظمة
القرآن سترفع من مرتبته بينهم.
1111جوابه الشافي المحيط المباشر عن أسئلة اإلنسان الكبرى ،وعنايته التامة بمشكلة
معنى الحياة -وهي المشكلة الكبرى عند اإلنسان المتسائل عبر العصور-
فالقرآن َح َسم مادة الشكوك التي تراود اإلنسان حول حقيقة الوجود ،والخلود،
والغاية ،والمصير ،ولغز الكون ،ومعنى الحياة ،ومعنى الموت .قال تعالى:
﴿ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾ [المؤمنون.]115:
أن القرآن الذي بين أيدينا هو نفسه -س َّل ْمنا َّ
أن القرآن كالم الله ،فكيف نتأكد َّ
الذي جاء به الرسول ﷺ؟
َّ
إن األشياء إذا تكررت تقررت ،وإذا تواترت تأكدت ،وهذا القرآن قد نقل
جيل عن جيل- ،من غير قطع معلوم في
متواترا ،والمسلمون توارثوا نقله ً
ً إلينا
تاريخ نقله -محفو ًظا في الصدور والسطور على صفته التي وضع عليها أول مرة،
يتدارسونه في مجالسهم ،ويتلونه في صلواتهم ،ويع ِّلمونه أوالدهم حتى وصل
معصوما من الزيادة والنقصان،
ً إلينا بهذه العناية المزدوجة -الحفظ والكتابة-
ومحفو ًظا من التحريف والتبديل .ومع كثرة تربص أعداء الله تعالى؛ فإنهم لم
يجدوا ما يقدحون فيه ولم يستطيعوا محاكاته وال مجاراته .ولم يستطِع أحد ألبتة
ْ
أن يثبت أنه مختلق أو مكذوب؛ وال يعني هذا أنه لم يوجد من ا َّدعى ذلك ،فقد
ُوجد ،ولكن هذه الدعوى لم ولن تثبت.
100
لماذا نحتاج إلى كتاب هداية محفوظ؟
إذا كانت بعض اآلالت -وهي من صنع اإلنسان -تحتاج إلى كتيب إرشادي
يع ِّلمنا كيف نستخدمها االستخدام األمثل؛ فاإلنسان -بكل ما يحمله من غموض
وأسرار -والذي هو من صنع الله تعالى من باب أولى ْ
أن يحتاج إلى كتاب هداية
وإرشاد ،يع ِّلمه طريق النجاح والفالح والصالح في الدنيا واآلخرة .قال تعالى:
﴿ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ [الملك ،]14:وبما َّ
أن النبي محمد ﷺ هو
خاتم األنبياء ،فال بد من أن تستمر معجزته وتكون خالدة ،ألنه ال نبي بعده ،فيجب
واضحا
ً شامل
ً أن تبقى الحجة على الخلق قائمةْ ،
وأن يكون الكتاب األخير كتا ًبا ْ
محفو ًظا.
َّ 1.1
أن اإليمان بالكتب يزيد من اإليمان بالله تعالى ،ومعرفة كمال عناية الله
تعالى بعباده ورحمته بهم؛ إذ أنزل الكتب لتهديهم إلى سواء السبيل ،ما
ث النفس أما ًنا واطمئنا ًنا ،قال تعالى﴿ :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ُيـ ِ
ـور ُ
ﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﴾ [المائدة ،]16-15:وكذلك اإليمان بالكتب
ُي ِ
ور ُ
ث اإليمان بكمال حكمة الله وسعة علمه ،إذ شرع لكل قوم ما يناسب
أحوالهم.
َّ 2.2
أن اإليمان بالكتب يحفز المؤمن لطلب العلم واالهتمام به والحرص
عليه ،فهذه الكتب هي التي تقود اإلنسان إلى عبادة الله على بصيرة.
َّ 3.3
أن اإليمان بهذه الكتب والعلم بها يحقق األمان المعرفي الذي تنشده النفس
اإلنسانية ،ففي هذه الكتب نجد اإلجابات التي تبحث عنها النفس ،ونجد
101
فيها كذلك كمال الهداية التي يحتاج إليها اإلنسان ،فهذه الكتب تسعى إلى
هداية الناس إلى غاية كلية واحدة ،قال تعالى﴿ :ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ﴾ [طه.]123:
وأخيرا َّ
فإن اإليمان بالكتب يب ِّين للمؤمن عظيم فضل الله عليه ،إذ خصه ً 4.4
بالقرآن خاتمة الكتب وأعظمها وأيسرها.
مراجع لالستزادة:
102
الركن الرابع
اإليمان بالرسل
عليهم الصالة والسالم
األنبياء والرسل :هم بشر أوحى الله تعالى إليهم وأمرهم بتبليغ الرسالة ألقوامهم،
ودعوتهم إلى عبادة الله تعالى وحده ،أولهم آدم عليه السالم ،وآخرهم محمد ﷺ.
حقيقة النبوة :هي إنباء الله ۴لرسوله وأمره بتبليغ كالمه لعباده ،وهي خاصية
َي ُم ُّن الله تعالى بها على من يشاء من عباده ،ويختار لها من شاء من خلقه .قال
تعالى﴿ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾
[الحج.]75:
َّ
إن اإليمان بالرسل عليهم السالم تصديق باإليمان بالله تعالى ،فقد اختارهم
الله تعالى ل ُي َب ِّلغُوا رسالته إلى خلقه ،ويأمروهم بعبادة الله وحده ال شريك له ،وقد
رسل مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على الله حجة بعد الرسل،
اصطفاهم الله ً
فال طريق لمعرفة الله وشرعه والغاية من خلق الخلق؛ إال عن طريق هؤالء الرسل
الذين اصطفاهم الله بفضله وحكمته.
105
الفرق بين النبي والرسول:
يذكر بعض العلماء فرو ًقا بينهما ،منها :أن النبي والرسول كالهما ُأوحي إليه
بوحي ،إال َّ
أن الرسول أمره الله بتبليغه ،أما النبي فلم يؤمر بالتبليغ .ومنهم من يقول:
كالهما مأمور بالبالغ ،إال أن الرسول معه كتاب من عند الله ،والنبي يكون تب ًعا
لرسول آخر .ومنهم من يقول :الرسول مأمور بتبليغ رسالة ما إلى أمة من األمم
المكذبين ،وأما النبي فهو مأمور بالبالغ والدعوة ،دون أن يكون هناك رسالة مستقلة
يهمنا معرفته
إلى أمة جديدة من األمم المكذبة ،وقيل غير ذلك من الفروق ،والذي ُّ
ٌ
فضل أن الرسالة َمرتبة فوق النبوة؛ ولذا فالرسل أفضل من األنبياء ،وفي ٍّ
كل هوَّ :
عليهم الصالة والسالم.
106
2.2إقامة الحجة على البشر بإرسال الرسل ،قال تعالى﴿ :ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾
[النساء.]165:
107
من أدلة صدق األنبياء عليهم الصالة والسالم عامة:
2.2تأييد الله تعالى لهم على دعواهم بالحجج واآليات ،قال تعالى﴿ :ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ﴾ [الحديد.]25:
5.5بشارة األنبياء السابقين باألنبياء الالحقين والحديث عنهم ،قال تعالى﴿ :ﭑ
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾ [الصف.]6:
وبمجموع هذه األمور ُعلم صدق حالهم ومقالهم مما يوقن معه المرء أنهم
أنبياء الله ،ألن جنس ما يدعو إليه األنبياء وأحوالهم معلوم في الجملة ،وعليه
فاجتماع هذه األمور دليل الصدق.
108
أما دالئل صدق النبي محمد ﷺ فكثيرة ،ومنها:
1.1شهادة الناس بصدقه ﷺ ،وانتفاء الكذب عنه ،ومن ذلك :شهادة قومه
الذين نشأ بين ظهرانيهم ،وهم َمن ناصبوه العداء بعد نبوته .وهذا من أبلغ
قريش النبي ﷺ بالصدق أن تصف ٌ الداللة على كمال اتصافه بالصدقْ ،
وتنفي الكذب عنه مع عدائها له ،وال تتجرأ على أن ِ
تس َمه بالكذب مطل ًقا
طيلة حياته .وكذلك شهادة أهل الكتاب باتصاف النبي ﷺ بالصدق ونفي
الكذب عنه ،وكذلك شهادة أتباعه ﷺ باتصافه بالصدق ونفي الكذب عنه.
2.2شهادة كتب األنبياء السابقين له ،بل ليس فيها ما يوجب تكذيب النبي ﷺ،
وال التحذير منه ،فكل األنبياء حذروا من فتنة المسيح الدجال الكذاب،
ولم ُيحذروا من دعوة محمد ﷺ ،بل بشروا به .ولو كان محمد ﷺ كاذ ًبا
في دعوى النبوة لكانت فتنته أعظم؛ وعلى الرغم من ذلك ما زالت دعوته
قائمة إلى أن يرث الله تعالى األرض ومن عليها.
3.3الداللة على صدقه من جهة حاله ﷺ ،وتتبين هذه الداللة من عدة أمور،
منها :من المعلوم بالضرورة أنه ال يمكن لرجل كــاذب ،مــداوم على
وحي جديد من الله تعالى،
ٌ الكذب ،ويدعي النبوة ،وأنه في كل يوم يأتيه
ومع هذا لم يستطِع أحد أن يالحظ ذلك عليه ويعرف حقيقته ،ومنها؛ َّ
أن
َمن كان صاد ًقا مع البشر ُمحال أن يكذب على ربه فيما ُيبلغ عنه ،فهل تراه
يذر الكذب على الناس ثم يكذب على الله تعالى؟! ومنها؛ بقاء النبي ﷺ
على كمال أخالقه الحميدة من أول عمره إلى آخره ،ومنها؛ أنه القى أنواع
المشاق والمتاعب ألجل ما دعا إليه واستمراره على الدعوة إلى الحق،
حتى دان له األعداء فقهرهم ،وال يكون هذا إال بإعانة الله تعالى له ،فالنبي
وخلِقهُ ،مكمل لغيره بدعوته ،ومنها؛ أن الله تعالى ما أمره
كامل في َخ ْلقه ُ
المنتهين عنه،
بأمر إال كان أول الفاعلين له ،ولم ُين َه عن أمر إال كان أول ُ
109
ولو ثبت أنه أمر بشيء ولم يفعله ،ولم يمتثل به ،وفعل خالفه ،أو أنه ُنهي
عن شيء ومن ثم فعله؛ لكان كذبه ب ِّينًا صلوات ربي وسالمه عليه.
4.4آياته ﷺ ،وآيات النبي ﷺ كثيرة ثابتة بالتواتر المعنوي ،فمنها :أنَّه انشق
له القمر (رواه الــبــخــاري ،)3636:وعــدد من المرضى بــرأ بدعائه أو
بلمسة يده (رواه البخاري ،)2942:والطعام ُك ِّثر ببركته عدة مرات (رواه
الــبــخــاري ،)602:والماء نبع من بين أصابعه (رواه البخاري،)3579:
حن لفراقه (رواه البخاري .)918:وإخباره بحوادث مستقبلية،
والجذع َّ
عديا بأن الله تعالى سيتم هذا األمــر حتى يصير الراكب
منها :أ َّنــه أخبر ً
وأن الله تعالى سيفتح الشام
ال يخشى إال الله (رواه البخاريَّ ،)3595:
وأن نفرا من أصحابه سيخرجون إليها ويدعون المدينة
واليمن والعراقَّ ،
(رواه الــبــخــاري ،)1875:وأ َّنــه إذا هلك كسرى فال كسرى بعده (رواه
عمارا تقتله الفرقة الباغية (رواه البخاري،)447:
ً وأن
البخاريَّ ،)3120:
وأن أصحابه يقتلون أمية
وأن عمر وعثمان شهيدان (رواه البخاريَّ ،)3674:
َّ
بن خلف (رواه البخاري ،)3950:ونعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه
جعفرا
ً وهو بالحبشة ورسول الله ﷺ بالمدينة (رواه البخاري ،)1245:ونعى
وزيدا وابن رواحة حين قتلوا في مؤتة وهو بالمدينة ﷺ وكان يصف المعركة
ً
(رواه البخاري ،)1246:وأخبر عن أنباء الماضي ،فحكى عن مريم وعيسى،
وعن موسى وأهل مدين ،والمؤتفكات ،وقوم تبع ،وأصحاب الرس ،وثمود،
وعاد ،وفرعون ،وإخوان لوط ،هذا وهو أمي لم يقرأ ولم يكتب.
110
6.6من أعظم دالئل نبوته ﷺ :القرآن العظيم ،فهو الكتاب الذي﴿ :ﮓ ﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ﴾ [فصلت]42:؛ ومن
أعظم دالئل عظمته بالغته وفصاحته ،وقد تحدى به رسول الله ﷺ ُفحول
أن يأتوا بسورة من مثله ،وقد ب َّين لنا رسول الله ﷺ َّ
أن العرب في الفصاحة ْ
اتساق هذا القرآن وكماله هو أعظم آية تدل على صدقه.
بأن الله تعالى اصطفاهم واجتباهم على علم ل ُي َب ِّلغُوا رساالتِه إلى
1.1اإليمان َّ
خلقه ،قال تعالى﴿ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ﴾ [الحج.]75 :
111
5.5اإليمان بعصمتهم عن الخطأ فيما ُي َب ِّلغُون به عن ربهم ،فاآليات الدالة على
نبوة األنبياء دلت على أ َّنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله ،۴فال
يكون خبرهم إال ح ًّقا ،وهذا معنى النبوة ،قال تعالى﴿ :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [المائدة.]67:
6.6اإليمان بفضلهم ،وتفضيل الله تعالى بعضهم على بعض ،قال تعالى:
﴿ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ﴾ [اإلس ــراء ،]55:وقال تعالى﴿ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ﴾ [البقرة.]253 :
7.7اإليمان بمن ورد ذكر اسمه من األنبياء في القرآن ،وهم :آدم عليه السالم،
وإدريس عليه السالم ،ونوح عليه السالم ،وهود عليه السالم ،وصالح
عليه السالم ،وإبراهيم عليه السالم ،ولــوط عليه السالم ،وإسماعيل
عليه السالم ،وإسحاق عليه السالم ،ويعقوب عليه السالم ،ويوسف
عليه السالم ،وشعيب عليه السالم ،وأيــوب عليه السالم ،وذو الكفل
عليه السالم ،وموسى عليه السالم ،وهارون عليه السالم ،وداوود عليه
السالم ،وسليمان عليه السالم ،وإلياس عليه السالم ،واليسع عليه السالم،
ويونس عليه السالم ،وزكريا عليه السالم ،ويحيى عليه السالم ،وعيسى
عليه السالم ،وآخرهم محمد ﷺ ،وهــؤالء خمسة وعشرون نب ًّيا ،قال
تعالى﴿ :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ
112
ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ
ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ
ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ﴾ [األنــعــام،]90-83:
ً
إجمال بمن لم يذكر لنا منهم ،قال تعالى﴿ :ﭮ ﭯ ﭰ ونؤمن
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ
ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [النساء.]165 ،164:
2.2اإليمان بأ َّنه خاتم النبيين وآخر المرسلين ،فال نبي بعده ،قال تعالى:
بي ِ
«وخت َم َ
﴿ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ﴾ [األحزاب ،]40:وقال ﷺُ :
ون» (رواه البخاري ،2977:ومسلم.)523: النَّبِ ُّي َ
3.3أ َّنه سيد المرسلين ،قال ﷺ« :أنَا َس ِّي ُد النَّ ِ
اس» (رواه البخاري،4712:
ومسلم.)194:
113
النَّ ِ
اس َع َّامةً» (رواه البخاري.)335:
5.5أنه ﷺ صاحب الشفاعة العظمى ،فال يقضى بين الناس يوم القيامة إال
بشفاعته ﷺ (رواه البخاري ،4712:ومسلم.)194:
6.6أنه ﷺ أول مـن يستفتـح باب الجنة فيفتح له ،وأول من يدخلها ،ال يدخل
أحد قبله (رواه مسلم.)196:
ٌ
7.7أنه صاحب لواء الحمد يحمله ﷺ يوم القيامة ،قال ﷺ« :وبيدي لوا ُء
تحت لوائي» (رواه آدم فمن سوا ُه َّإل ٍ ِ
َ نبي يومئذ َ
فخر ،وما من ٍّ
الحمد وال َ
الترمذي.)3615:
8.8أنه ﷺ صاحب المقام المحمود ،أي :المنزلة التي يحمده عليها الخالق
والمخلوق (رواه البخاري.)4718:
9.9أنه ﷺ صاحب الوسيلة ،وهي المنزلة العالية فـي الجنة ،قال ﷺَ :
«وأ ْر ُجو
أن أ ُكون أنا هو ،فمن س َأ َل لي ِ
الشفا َعةُ» (رواه مسلم.)384: الوسي َل َة َح َّل ْ
ت له َّ َ َ ُ َ َ َ ْ
1111أنه ﷺ قد َب َّلغَ الرسالة ،وأدى األمانة ،ونصح األمة ،قال تعالى﴿ :ﮬ
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ
ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾ [التوبة.]128:
1212وجوب محبته ﷺ ،وتقديم محبته على النفس وسائر الخلق ،قال ﷺ:
ِ وو َل ِد ِه والنَّ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ
ين»
أج َمع َ
اس ْ ب إ َل ْيه من والده َ
أح َّ
ون َ
أح ُد ُك ْم ،ح َّتى أ ُك َ
«ال ُي ْؤم ُن َ
(رواه البخاري.)15:
114
1313محبة أصحابه ﷺ وأهل اإليمان من أهل بيته وأزواجه ،ومواالتهم جمي ًعا
والحذر من سبهم أو الطعن فيهم بشيء ،فإن الله تعالى قد رضي عنهم
واختارهم لصحبة نبيه ﷺ ،وأوجب مواالتهم ،قال تعالى﴿ :ﭑ
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ
أح َد ُك ْم أ ْنف ََق
أن َ أصحابِيْ ،
فلو َّ ﭪ﴾ [التوبة ،]100:وقال ﷺ« :ال َت ُس ُّبوا ْ
أح ِد ِه ْم ،وال ن َِصي َف ُه» (رواه البخاري.)3673: ٍ ِ
م ْث َل ُأ ُحدَ ،ذ َه ًبا ما َب َل َغ ُم َّد َ
العالقة بين اإليمان باهلل واإليمان بالنبي محمد ﷺ:
َّ
إن من لوازم اإليمان بالله تعالى اإليمان بكمال حكمته وعلمه وعدله ،ومن
ذلك إرسال الرسل عليه السالم ،وخاصة خاتمهم وآخرهم ،وقد ورد اإليمان
بالنبي ﷺ مقتر ًنا باإليمان بالله تعالى في مواضع كثيرة من كتاب الله ،كقوله تعالى:
﴿ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ﴾ [التغابن ،]8:وقوله تعالى:
﴿ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾ [الفتح،]9:
وقوله تعالى﴿ :ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [الحديد.]7:
وورد الكفر به ﷺ مقتر ًنا بالكفر بالله تعالى ،كما في قوله تعالى﴿ :ﯞ
ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾ [التوبة،]54:
وقوله تعالى﴿ :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾
[التوبة ،]80وقوله تعالى﴿ :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ﴾
[التوبة .]84
وعليه فال يتم اإليمان بالله تعالى إال عند اإليمان بنبيه محمد ﷺ ،وهذا هو
منطوق الركن األول من أركان اإلسالم ،وحقيقة أركان اإليمان.
115
التفاضل بين الرسل:
يتفاضل الرسل فيما بينهم كما َّقرر الله سبحانه وتعالى ذلك صراح ًة في
كتابه ،إذ قال تعالى ﴿ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
وخ ْي ُر الرسل هم أولو العزم من الرسل ،ومحمد ﷺ ﭠ﴾ [البقرةَ ،]253:
بستُ :أعطِيت ج ِ ِ ِ
وام َع ت ع َلى األنْبِياء ٍّ ْ ُ َ أفضل الرسل وخاتم النبيين ،قال ﷺُ « :ف ِّض ْل ُ
وم ْس ِ وأ ِح َّلت لِي الغَنائِم ،وج ِع َل ِ بُ ، بالر ْع ِ ِ ِ
ج ًدا، األر ُض َط ُه ً
ورا َ ت ل َي ْ ُ ُ ْ ْ َ الكَل ِم ،ونُص ْر ُت ُّ
وأر ِس ْلت إلى الخ ْل ِق كا َّفةًِ ،
ون» (رواه مسلم ،)523:وهذا التفضيل بي النَّبِ ُّي َ
وخت َم َ
ُ َ ُْ ُ
محض اصطفاء من الله تعالى ال ينقص من قدر أحدهم شي ًئا.
َّ
إن أمر إرسال الرسل مرتبط بحكمة الهداية واإلرشاد ،فالبشر ال يستغنون عن
الوحي بذاتهم ،وال بد من نبي يعلمهم أو كتاب يهديهم ،ولما أصاب الكتب السابقة
النقص والتحريف بعد موت الرسل عليهم السالم ،اقتضت حكمة الله تعالى أن
رسول و ُين َِّزل عليه كتا ًبا محفو ًظا إلى يوم القيامة ،إذ تك َّفل الله تعالى بحفظه
ً يرسل
إلى يوم القيامة ،وعليه فالحاجة إلى شريعة جديدة منتفية ،ألن النبي ﷺ قد جاء
بالدين الكامل ،قال تعالى ﴿ :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄ ﮅ﴾ [المائدة]3:
بحد ذاته ،وحجة قائمة على الخلق أجمعين ،ومحفوظ إلى وبما َّ
أن القرآن آية ِّ
يوم الدين؛ كان الرسول ﷺ هو خاتم األنبياء والمرسلين ،قال تعالى﴿ :ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ﴾ [األحزاب .]40 :وقال ﷺ:
وأ ْج َم َل ُهَّ ،إل َم ْو ِض َع
فأح َسنَ ُه َ ِ ِ ِ
وم َث َل األنْبِياء من َق ْبليَ ،ك َم َث ِل َر ُج ٍل َبنَى َب ْي ًتا ْ
َّ ِ
«إن َم َثلي َ
زاوي ٍةَ ،فجع َل الناس ي ُطو ُفون به ،ويعجبون له ،ويقولون هل و ِضعت ِ ِ ٍ ِ
هذه َ َ َّ ُ َ ْ َْ َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َلبِنَة من َ
ِ
ين» (رواه البخاري.)3535: قال :فأنا ال َّلبِ َن ُة وأنا خات ُم ِّ
النبي َ ال َّلبِ َنةُ؟ َ
116
ٍ
بختم للرسالة ،ألن النبوة أعم من وقد جاء الختم للنبوة المتضمن للحكم
الرسالة ،فختم النبوة يشمل األمرين م ًعا ،أما ختم الرسالة فال يشمل ختم النبوة،
َّ
ألن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة.
ومن لوازم اإليمان بختم النبوة اإليمان بكمال الدين ،وأنه ال يمكن الزيادة عليه،
ليس فِ ِيهَ ،فهو َر ٌّد» (رواه البخاري،)2697:
ث في َأ ْمرِنَا هذا ما َ
«من َأ ْح َد َ
قال ﷺَ :
وهذا يعني رد كل المخترعات والبدع في الدين التي ليس لها مستند من الكتاب
والسنة.
َّ
إن اإليمان بالرسل عليهم السالم يزيد من اإليمان بالله تعالى ،وبكمال علمه
وحكمته ،وكذلك يزيد من اإليمان برحمة الله تعالى وعنايته بعباده ،إذ أرسل لهم
رسل منهم تدعوهم إلى عبادة الله وحده ،وتعلمهم الكتاب والحكمة وتزكيهم،
ً
وهذا مما يوجب محبة الرسل عليهم الصالة والسالم ،ومعرفة َّ
أن محبتهم من محبة
الله تعالى ،إذ اصطفاهم لرساالته ،وخصهم بوحيهَّ .
إن اإليمان بالرسل عليهم
السالم خير معين للمؤمن الصادق الذي ينشد االستقامة على أمر الله ،فهم قدوة في
كل شيء ،ومن ذلك التأسي بهم في العبادة والدعوة ،واالقتداء بهم في حسن البيان،
وعظيم الصبر ،وجميل النصح ،وهذه المعاني تورث اليقين بحسن العاقبة للمتقين
وجزيل المثوبة للصابرين المحسنين .إن اإليمان بالرسل عليهم السالم ومطالعة
صدق سيرتهم وحسن عملهم وبذلهم يعزز اليقين بصحة هذا الدين ،ويستوجب
على المؤمن محبتهم والدعاء لهم والصالة عليهم.
117
مراجع لالستزادة:
118
الركن اخلامس
اإليمان باليوم اآلخر
المراد باليوم اآلخر :هو يوم القيامةُ ،س ِّمي باليوم اآلخر أل َّنه يأتي بعد هذه الدنيا
لرب العالمين ،ولـه أسماء عديدة،
ويسمى يوم القيامة لقيام الناس فيه ِّ
َّ أو في آخرها،
وكلها تدل على عظم شأنه ،وحث الناس على االستعداد له.
اإليمان باليوم اآلخر :هو اإليمان بالبعث في يوم عظيم هو يوم القيامة ،لمجازاة
الخلق ،فمن أحسن فله الجنة ،ومن أساء فله النار ،وهذا هو اإليمان الذي يجب
أيضا بكل ما بلغه من تفاصيل هذا الركن
على كل مؤمن أن يؤمن به ،ويجب أن يؤمن ً
الواردة في القرآن والسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ.
دل على تفاصيل اليوم اآلخر هو الوحي ،ولمجيء اليوم اآلخر ِح َك ٌم
الذي َّ
تضمنت اإلشارة إليها بعض اآليات المحكمات كقولـه تعالى﴿ :ﯙ ﯚ ﯛ َّ
121
ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [النحل ،]39 :وقال تعالى:
﴿ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ﴾
[سبأ ،]6-4:ويمكن إجمال تلك ِ
الح َكم باآلتي:
4.4إظهار صدق أتباع األنبياء الذين آمنوا وعملوا ودعوا إلى ما دعا إليه األنبياء
من قبلهم ،وإظهار كذب الكافرين ،قال تعالى﴿ :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
122
ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ
ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ
ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﴾ [الجاثية ،]32-27:وقال تعالى﴿ :ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [النحل،]39:
وق ــال تعالى﴿ :ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ
ﰊ﴾ [األعراف.]51:
3.3البعث.
4.4الحشر.
5.5الحساب.
6.6الميزان.
7.7الحوض.
8.8الصراط والقنطرة.
9.9الشفاعة وأنواعها.
1010الجنة والنار.
123
أول :الفتنة فـي القبر:
ً
دلت النصوص على سؤال المالئكة للميت فـي القبر ،ومن ذلك ما ورد عن
فيقول:ُ ك؟ ِ
فيقوالنَ :من ر ُّب َ جلسانِه، كان ،في ِ
ُ
أتيه م َل ِ
«في َ
ِ
النبي ﷺ أ َّنه قال عن الميتَ :
جل ا َّلذي الر ُ ِ
اإلسالم ،فيقوالن :ما هذا َّ ُ فيقول :ديني ُ ك؟فيقوالن :وما ِدينُ َ ِ ر ِّب َي الل ُه،
الله ﷺ» (رواه أبو داود ،)4753:وفي الحديث رسول ِ ُ فيقول :هو ُ ث فيكم؟ ُب ِع َ
ِ ِ
«إن ال َع ْب َد إ َذا ُوض َع في َق ْبرِه و َت َو َّلى ع ْنه ْ
أص َحا ُب ُه ،وإنَّه َل َي ْس َم ُع أيضاَّ : الصحيح أنه قال ً
الر ُج ِل لِ ُم َح َّم ٍد ول في هذا َّ ت َت ُق ُ ول ِن :ما ُكنْ َ
ِ ِِ
َان ُفي ْقع َدانهَ ،ف َي ُق َ َقر َع نِ َعالِ ِهم ،أ َتا ُه م َلك ِ
َ ْ ْ
ورسو ُل ُهُ ،في َق ُال له: ِ الم ْؤ ِم ُنَ ،في ُ
عبد ال َّله َ
أش َه ُد أنَّه ُ قولْ : فأما ُ َص َّلى الل ُه عليه وس َّل َم؟ َّ
الجنَّ ِةَ ،ف َي َر ُاهما َج ِمي ًعا َ
-قال ِ
ك ال َّل ُه به َم ْق َع ًدا م َن َ قد أ ْب َد َل َار ْ ا ْن ُظ ْر إلى َم ْق َع ِد َك ِم َن النَّ ِ
المنَافِ ُق قالَ :
وأ َّما ُ َسَ - َقتاد ُة :و ُذكِر َلنا :أنَّه يفْسح له في َقبرِ ِهُ ،ثم رجع إلى ح ِ
ديث أن ٍ َ َّ َ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ َ َ
ِ
ول ما ت أ ُق ُقول :ال أ ْد ِريُ ،كنْ ُ
الر ُج ِل؟ َفي ُ ت َت ُق ُ
ول في هذا َّ والكَاف ُر ُفي َق ُال له :ما ُكنْ َ
ِ ِ ٍ يقول الناس ،في َق ُال :ال دريت ول ت َليت ،وي ْضرب بم َط ِ ِ
ار َق من َحديد َض ْر َبةًَ ،ف َيص ُ
يح ََْ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ َ ُ َّ ُ ُ
غير ال َّث َق َل ْي ِن» (رواه البخاري.)1374: ِ ِ
َص ْي َح ًة َي ْس َم ُع َها َمن َيليه َ
-نعيم القبر وعذابه:
124
أن ال َتدا َفنُوا َل َد َع ْو ُت ال َّل َه ْ
أن 3.3وكذلك ما صح عن النبي ﷺ أ َّنه قالَ « :ل ْوال ْ
ذاب ال َق ْبرِ» (رواه مسلم.)2868: ُي ْس ِم َعك ُْم ِمن َع ِ
4.4وما صح َّ
أن النبي ﷺ مر بقبرين فقال« :إنهما ُليعذبان» (رواه البخاري،218:
ومسلم.)292:
جدا،
1.1العالمات الصغرى :وهي التي تدل على اقتراب الساعة ،وهي كثيرة ًّ
وقد وقع كثير منها ،مثل:
125
-وتطاول الرعاة في البنيان (رواه البخاري.)50:
2.2العالمات الكبرى :وهي التي تكون بين يدي الساعة ،وهي عشر عالمات
اطلع على أصحابه رضي أن النبي ﷺ َّ لم يظهر منها شيء بعدُ ،وقد ثبت َّ
اع َةَ ،
قال: الله عنهم وهم يتذاكرون فقال« :ما ت ََذ َاك ُرونَ ؟ قالواَ :ن ْذ ُك ُر َّ
الس َ
ـاتَ ،ف َذ َك َر :الدُّ َخانَ َ ،والدَّ َّج َ
ال، إن ََّها َل ْن ت َُقو َم ح َّتى َتَــر ْونَ َق ْب َل َها َعشْ َر آ َيـ ٍ
يسى ا ْبنِ َم ْر َي َم ﷺَ ،و َي َأ ُج َ
وج ول ِع َ س ِمن َمغْ ِربِ َهاَ ،و ُن ُز َ الش ْم ِ
وع َّ َوالدَّ ا َّب َةَ ،و ُط ُل َ
ِبَ ،و َخ ْس ٌف بالمشْ ر ِِقَ ،و َخ ْس ٌف َ
بالمغْ ر ِ وفَ :خ ْس ٌف َ َو َم ْأ ُج َ
وجَ ،و َث َل َث َة ُخ ُس ٍ
اس إلى َم ْح َش ِر ِه ْم» ذلك َن ٌار ت َْخ ُر ُج ِم َن ال َي َمنِ ،ت َْط ُر ُد ال َّن َ
آخ ُر َبَ ،و ِ ِير ِة َ
الع َر ِ بجز َ َ
(رواه مسلم.)2901:
ثال ًثا :البعث :وهو إحياء الناس بعد موتهم يوم القيامة.
1.1التذكير َّ
بأن الذي ابتدأ الخلق على غير مثال سبق قادر على إعادة بعثه،
فاإلعادة أهون من االبتداء ،قال تعالى :قال تعالى﴿ :ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾
[يــــس .]80-77:وقــال تعالى﴿ :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
126
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾
[الروم ،]27:وقال تعالى﴿ :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ
ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾ [مريم ،]68-66:وقال تعالى:
﴿ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ﴾ [ق.]15:
2.2التذكير بإحياء األرض بالمطر بعد موتها داللة على البعث ،قال تعالى:
﴿ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ﴾ [الحج.]7-5:
وقال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ﴾ [فصلت،]39:
وقال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠ ﭡ﴾ [النحل ،]65:وقــال تعالى﴿ :ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ﴾
[الروم.]50:
3.3التذكير َّ
بأن من خلق السماوات واألرض قادر على البعث ،قال تعالى:
﴿ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ﴾ [ األحقاف ،]33 :وقال تعالى:
127
﴿ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ﴾ [غــافــر ،]57:وقــال تعالى﴿ :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [الرعد.]2:
4.4اإلخبار ببعض الوقائع الحسية التي تدل على البعث؛ كإحياء قتيل بني
إسرائيل ،قال تعالى﴿ :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
مر على قرية بعد
ﮓ ﮔ ﮕ﴾ [البقرة .]73 :وإحياء الــذي َّ
موتها ،قال تعالى﴿ :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ
ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ
ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ
ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ
ﰂﰃ ﰄ ﰅ﴾ [البقرة ،]259 :وإخبار الله تعالى عن إماتة أناس ثم
أحياهم ،قال تعالى﴿ :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ﴾ [البقرة .]243 :وإخبار الله تعالى عن
أهل الكهف ،قال تعالى﴿ :ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮦ) ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾ [الكهف.]12-11:
فأول يوم القيامة النفخ فـي الصور نفخة الفزع والصعق ،ثم نفخة البعث التي
تعود فيها األرواح إلى األجساد فتحيا ،ثم ُتحشر الخالئق إلى رب العباد ،والصور
هو القرن الذي ينفخ فيه الملك الموكَّل بالنفخ ،قال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾
128
ت منه َأ ْج َسا ُدمطراَ « :ف َتنْ ُب ُ
أن الله تعالى ينزل ً أن النبي ﷺ أخبر َّ [الزمر .]68:وثبت َّ
ِ
ون» (رواه مسلم.)2940: اسُ ،ث َّم ُي ْنف َُخ فيه ُأ ْخ َرىَ ،فإِ َذا ُه ْم ق َي ٌام َي ْن ُظ ُر َ
ال َّن ِ
راب ًعا :الحشر :وهو جمـع الخالئق يوم القيامة لحسابهم والقضاء بينهم ،إذ
«مال ُقو ال َّل ِه ُحفا ًة ُعرا ًة ُمشا ًة غ ُْر ًل» (رواه
يؤمن أهل السنة والجماعة بأن الناس ُ
البخاري ،)6524:كما بدأ الله ۴أول خلق يعيده.
البخاري ،3361:ومسلم.)194:
خامسا :الحساب :وهو إطالع الله تعالى عباده على أعمالهم قبل االنصراف
ً
من المحشر.
129
2.2قال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾
[آل عمران.]30 :
130
-كيفية أخذ الكتب:
سادسا :الميزان :والميزان هو ما يضعه الله يوم القيامة لوزن الصحائف وأعمال
ً
العباد وغيرها ،وهو ميزان حقيقي له كفتان ال يعلم قدره وال كيفيته إال الله تعالى.
الميزان»
َ والحمد ل َّل ِه تمأل ُ
ُ 5.5قــال النَّبي ﷺ« :ال ُّطهور شطر اإليــمـ ِ
ـان، ُ ُ
(رواه مسلم.)223:
131
ـخ ـ ُلـ ِـق» ــس ِ ِ ِ ٍ ِ
ــن الـ ُ 6.6ق ــال ﷺ« :م ــا م ــن شـــيء أثــقـ ُـل فــي الــمــيــزان م ــن ُح ْ
(رواه أبو داود.)4799:
فمن ثقلت موازين حسناته على سيئاته دخل الجنة ،ومن رجحت سيئاته على
حسناته استحق النار ،إال ْ
أن يشفع فيه الشفعاء ،أو يعفو الله تعالى عنه ،ومن أعظم
األعمال التي تثقل الميزان؛ حسن الخلق وذكر الله.
ساب ًعا :الورود على الحوض :وهو مجتمع الماء النازل من الكوثر ،وهو حوض
النبي ﷺ فـي عرصات يوم القيامةَ ،ي ِر ُد عليه من أجابه واتبعه من أمته.
يح ُه
ور ُ «ح ْو ِضي َم ِس َير ُة َش ْهرٍ ،ماؤُ ُه أ ْب َي ُض ِم َن ال َّل َب ِنِ ،
1.1قال رسول الله ﷺَ :
ماءَ ،من َشرِ َب ِمنْها فال َي ْظ َم ُأ أ َب ًدا» ك ،وكِيزا ُنه َكنجو ِم الس ِ
َّ ُ ُ ُ
المس ِ
ِ أ ْطي ِ
ب م َن َْ ُ
(رواه البخاري ،6579:ومسلم ،)2292:والكيزان :جمع كوز؛ وهي
األكواب الموضوعة على جانبيه مثل نجوم السماء في عددها ولمعانها.
132
-الفرق بين الحوض والكوثر:
ثامنًا :الصراط :وهو جسر منصوب على جهنم ليعبر الناس عليه حسب
فناج مخدوش ،وناج ُمس َّلم وهؤالء يدخلون الجنة ،وأما المكردس
أعمالهمٍ ،
فـيلقى في نار جهنم.
133
قالَ :م ْد َح َض ٌةالجس ُر؟ َ ْ سول ال َّل ِه ،وما ي َج َهنَّ َمُ ،ق ْلنَا :يا َر َ ُفي ْج َع ُل ْبي َن َظ ْه َر ْ
ِ َم ِز َّلةٌ ،عليه َخ َطاطِ ُ
ُونوح َس َك ٌة ُم َف ْل َط َح ٌة َل َها َش ْو َك ٌة ُع َق ْيفَا ُءَ ،تك ُ
يبَ ، يف و َك َلل ُ
ِ ِ ِ ٍ
الريحِ ،الم ْؤم ُن َع َل ْي َها َكال َّط ْرف و َكا ْل َب ْرق و َك ِّ انُ ، الس ْع َد ُبنَ ْجدُ ،ي َق ُال َل َهاَّ :
وس في ن ِ والر َك ِ و َك َأج ِ ِ
َار ومك ُْد ٌ وشَ ، ابَ ،فنَاجٍ ُم َس َّل ٌم ،ونَاجٍ َم ْخ ُد ٌ الخ ْي ِل ِّ اويد َ َ
ب َس ْح ًبا» (رواه البخاري.)7439: ِ
َج َهنَّ َم ،ح َّتى َي ُم َّر آخ ُر ُه ْم ُي ْس َح ُ
5.5بعد ذلك ينتقل من نجا من الصراط إلى القنطرة :وهي موضع بين الجنة
والنار ،يقف فيه المؤمنون الذين جاوزوا الصراط ونجوا من النار ألجل
قتص لبعضهم من بعض قبل دخول الجنة ،فإذا ُه ِّذ ُبوا و ُن ُّق ْوا ُأ ِذ َن لهم أن ُي َّ
في دخولها ،حتى إذا دخلوا الجنة كانوا متطهرين مطهرين ،ليس ألحد عند
ون ِم َن ِ
«ي ْخ ُل ُص ُ
الم ْؤمنُ َ بعضا .قال ﷺَ : اآلخر مظلمة ،وال يطلب بعضهم ً
ض ارُ ،في َق ُّص لِ َب ْع ِض ِه ْم ِمن َب ْع ٍ الجنَّ ِة والنَّ ِ ٍ
ون ع َلى َقنْ َط َرة ْبي َن َ ارُ ،في ْح َب ُس َالنَّ ِ
الجنَّ ِة، ِ
لهم في ُد ُخول َ الدنْيا ،ح َّتى إذا ُه ِّذ ُبوا و ُن ُّقوا ُأ ِذ َن ْ َت ْبينَ ُه ْم في ُّ
ِ
َمظال ُم كان ْ
ِِ ِ ِِ ٍ ِِ
بم ْن ِزله َ
كان الج َّنة منه َ بم ْن ِزله في َ أه َدى َ ْس ُم َح َّمد َبيدهَ ،لَ َح ُد ُه ْم َْفوالذي َنف ُ
الدنْيا» (رواه البخاري.)6535:
في ُّ
تاس ًعا :الشفاعة :وهي سؤال الله التجاوز عن الذنوب واآلثام للغير ،ويندرج
تحتها عدة أنواع ،منها:
1 .الشفاعة العظمى فـي أهل الموقف ،عندما يشتد البالء بالناس في الموقف
العظيم ويطول مكثهم؛ يسعون ل ُيشفع لهم عند ربهم بتخليصهم من
كربات الموقف وأهواله ،فيعتذر أولو العزم من الرسل عنها حتى ينتهي
األمر إلى نبينا ﷺ .وهي خاصة بالنبي ﷺ ،فيشفع لهم ليقضي الله تعالى
بينهم ويتخلصوا من هول الموقف ،وهي من المقام المحمود ،قال ﷺ:
ون ِم َّم َ
ذلك؟ َي ْج َم ُع ال َّل ُه النَّ َ
اس الق َي َام ِةْ ،
وهل َتـ ْـد ُر َ
اس يوم ِ
«أنَا َس ِّي ُد النَّ ِ َ َ
134
ِ ِ ِ ٍ ِ ٍ ِ ِ
وينْف ُُذ ُه ُم ال َب َص ُر،
الداعي َ ين في َصعيد واحدُ ،ي ْسم ُع ُه ُم َّ ين واآلخرِ َ األول َ
َّ
ِ ِ اس ِم َن الغ َِّم والك َْر ِ
ول َي ْح َتم ُل َ
ون، ون َ ب ما ال ُيطي ُق َ الش ْم ُسَ ،ف َي ْب ُل ُغ ال َّن َ
و َت ْدنُو َّ
ون َمن َي ْشف َُع َلك ُْم إلى َر ِّبك ُْم؟ قد َب َل َغك ُْمَ ،أل َتنْ ُظ ُر َ اسَ :أل َت َر ْو َن ما ْ َفي ُ
قول النَّ ُ
قولون
َ الس َل ُم َفي
ون آ َد َم عليه َّ ض :ع َل ْيكُم بآ َد َمَ ،ف َي ْأ ُت َ اس لِ َب ْع ٍ قول َب ْع ُض النَّ ِ َفي ُ
الم َلئِ َك َة وأ َم َر َ وح ِهَ ، يك ِمن ر ِ
ُ ك ال َّل ُه َبي ِد ِه ،و َنف ََخ فِ َ ْت أبو ال َب َشرَِ ،خ َل َق َ له :أن َ
كَ ،أل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فِ ِيهَ ،أل َت َرى إلى ما كْ ،اشف َْع َلنَا إلى َر ِّب َ َف َس َج ُدوا َل َ
ب َق ْب َل ُه ِم ْث َل ُه،َض ًبا َل ْم َيغ َْض ْ
اليوم غ َ
َ ب ِ
قد غَض َ إن َر ِّبي ْ قول آ َد ُمَّ :قد َب َل َغنَا؟ َفي ُ ْ
الش َج َر ِة َف َع َص ْي ُت ُهَ ،نف ِْسي َنف ِْسي قد ن ََهانِي َع ِن َّ ِ
ب َب ْع َد ُه م ْث َل ُه ،وإنَّه ْ و َل ْن َيغ َْض َ
ِ
ُوح، قولون :يا ن ُ َ ُوحا َفي
ون ن ً َنفْسي ،ا ْذ َه ُبوا إلى غيرِي ،ا ْذ َه ُبوا إلى نُوحٍ َ ،ف َي ْأ ُت َ
ُوراْ ،اشف َْع اك ال َّل ُه َع ْب ًدا َشك ً وقد َس َّم َضْ ، األر ِ
أه ِل ْ الر ُس ِل إلى ْ ْت َّأو ُل ُّ َّك أن َ إن َ
ب ِ إن َر ِّبي ع َّز َّ كَ ،أل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فِ ِيه؟ َفي ُ َلنَا إلى َر ِّب َ
قد غَض َ وجل ْ قولَّ :
ِ ِ
َت لي قد َكان ْ ب َب ْع َد ُه م ْث َل ُه ،وإنَّه ْ ب َق ْب َل ُه م ْث َل ُه ،و َل ْن َيغ َْض َ َض ًبا َل ْم َيغ َْض ْ اليوم غ َ َ
ِ ِ ِ
َد ْع َو ٌة َد َع ْو ُت َها ع َلى َق ْوميَ ،نفْسي َنفْسي َنفْسي ،ا ْذ َه ُبوا إلى غيرِي ،ا ْذ َه ُبوا إلى ِ
اهيم أنْت نَبِي ال َّل ِه ِ ِ ِ ِ ِ
أه ِل وخلي ُل ُه من ْ َ قولون :يا إ ْب َر ُ َ ُّ َ يم َفي ون إ ْب َراه َ يمَ ،ف َي ْأ ُت َ إ ْب َراه َ
إن َر ِّبي لهمَّ : قول ْ ك َأل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فِ ِيه؟ َفي ُ ضْ ،اشف َْع َلنَا إلى َر ِّب َ األر ِ ْ
ِ
ب َب ْع َد ُه م ْث َل ُه ،وإنَّي ِ ِ
ب َق ْب َل ُه م ْث َل ُه ،و َل ْن َيغ َْض َ َض ًبا َل ْم َيغ َْض ْ اليوم غ َ َ ب قد غَض َ ْ
ديثَ -نف ِْسي ات َ -ف َذ َكرهن أبو حيان في الح ِ
َ َ َّ َ َ ُ َّ
ث َك ِذب ٍ
َ ت َث َل َ ت َك َذ ْب ُ قد ُكنْ ُ ْ
ِ ِ
قولون:
َ وسى َفي ون ُم َ وسىَ ،ف َي ْأ ُت َ َنفْسي َنفْسي ،ا ْذ َه ُبوا إلى غيرِي ،ا ْذ َه ُبوا إلى ُم َ
اسْ ،اشف َْع ك ال َّل ُه برِ َسا َلتِ ِه وبِك ََل ِم ِه ع َلى النَّ ِ سول ال َّل ِهَ ،ف َّض َل َ ْت َر ُ وسى أن َ يا ُم َ
َض ًبا اليوم غ َ ِ كَ ،أل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فِ ِيه؟ َفي ُ َلنَا إلى َر ِّب َ
ب َ قد غَض َ إن َر ِّبي ْ قولَّ :
ِ ِ
وم ْر ت َنف ًْسا َل ْم ُأ َ قد َق َت ْل ُ ب َب ْع َد ُه م ْث َل ُه ،وإنَّي ْ ب َق ْب َل ُه م ْث َل ُه ،و َل ْن َيغ َْض َ َل ْم َيغ َْض ْ
ِ ِ ِ ِ ِ
يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم، ب َق ْتل َهاَ ،نفْسي َنفْسي َنفْسي ،ا ْذ َه ُبوا إلى غيرِي ،ا ْذ َه ُبوا إلى ع َ
ِ َفي ْأتون ِعيسى ،فيقولون :يا ِعيسى أنْت ر ُ ِ
اها إلى َم ْر َي َم سول ال َّله ،و َكل َم ُت ُه أ ْل َق َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ
135
ك َأل َت َرى إلى الم ْه ِد َصبِ ًّياْ ،اشف َْع َلنَا إلى َر ِّب َ اس في َ ت النَّ َ وح منه ،و َك َّل ْم َ ور ٌ ُ
ب َق ْب َل ُه ِ ما نَحن فِ ِيه؟ في ُ ِ
َض ًبا َل ْم َيغ َْض ْ اليوم غ ََ بقد غَض َ إن َر ِّبي ْ يسىَّ : قول ع َ َ ْ ُ
ب َب ْع َد ُه ِم ْث َل ُه ،و َل ْم َي ْذ ُك ْر َذ ْن ًباَ ،نف ِْسي َنف ِْسي َنف ِْسي ا ْذ َه ُبوا م ْث َل ُه َق ُّط ،و َل ْن َيغ َْض َ
ِ
ٍ
سول ْت َر ُ قولون :يا ُم َح َّم ُد أن ََ إلى غيرِي ا ْذ َه ُبوا إلى ُم َح َّمدَ ،ف َي ْأ ُت َ
ون ُم َح َّم ًدا َفي
ك وما َت َأ َّخ َرْ ،اشف َْع َلنَا لك ما َت َق َّد َم ِمن َذنْبِ َوقد َغف ََر ال َّل ُه َ ِ
وخات ُم األنْبِ َياءْ ،
ِ ِ
ال َّله َ
ِ ِ
اج ًدا ش ،فأ َق ُع َس ِ ت ال َع ْر ِ كَ ،أل َت َرى إلى ما ن َْح ُن فيه؟ فأ ْن َط ِل ُق َفآتي َت ْح َ إلى َر ِّب َ
اء عليه شي ًئاَ ،ل ْم وجلُ ،ثم ي ْفتح ال َّله ع َلي ِمن مح ِام ِد ِه وحس ِن ال َّثن ِ ِ
َ ُ ْ َ َ ل َر ِّبي ع َّز َّ َّ َ َ ُ ُ َ َّ
واشف َْع ك َس ْل ُت ْع َط ْهْ ، أح ٍد َق ْب ِليُ ،ث َّم ُي َق ُال :يا ُم َح َّم ُد ْار َف ْع َر ْأ َس َ َي ْف َت ْح ُه ع َلى َ
ولُ :أ َّمتي يا َر ِّبُ ،أ َّمتي يا َر ِّبُ ،أ َّمتي يا َر ِّبُ ،في َق ُال: فأر َف ُع َر ْأ ِسي ،فأ ُق ُ ُت َشف َّْعْ ،
اب األي َم ِن ِمن أ ْب َو ِاب ْ اب عليهم ِم َن ال َب ِ ِ
ك َمن ال ح َس َ يا ُم َح َّم ُد أ ْد ِخ ْل ِمن ُأ َّمتِ َ
قال :والذي ابُ ،ث َّم َ ذلك ِم َن األ ْب َو ِ اس فِيما ِس َوى َ وه ْم ُش َر َكا ُء النَّ ِ الجنَّةُ ،
ِ
َ
وح ْم َي َر اري ِع الجن ِة ،كما بين م َّك َة ِ الم ْص َرا َع ْي ِن ِمن َم َص ِ َنف ِْسي بي ِد ِه ،إن ما بين ِ
َْ َ َ َّ َّ ْ َ َ
-أو كما ْبي َن َم َّك َة و ُب ْص َرى» (رواه البخاري.)4712:
2.2شفاعته ﷺ في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب وال عذاب ،قال ﷺ:
فقال َر ُج ٌل :يا َر َ
سول سابَ ، ون أ ْلفًا بغيرِ ِح ٍ الجنَّ َة َس ْب ُع َ
ِ
«ي ْد ُخ ُل من ُأ َّمتي َ
َ
آخ ُرَ ، منهمَ ، ِ ِ
فقال: قام َ اج َع ْل ُه ْ
منهمُ ،ث َّم َ قال :ال َّل ُه َّم ْ أن َي ْج َع َلني ْ الله ،ا ْد ُع الله ْ
ك بها ُعك َ
َّاشةُ» (رواه منهم َ
قالَ :س َب َق َ ْ أن َي ْج َع َلنِي ِ ِ
سول الله ،ا ْد ُع الله ْيا َر َ
البخاري ،6542:ومسلم.)216:
أن يؤذن لهم في دخول الجنة ،قال ﷺ« :آتي 3.3شفاعته ﷺ في أهل الجنة ْ
ْت؟ فأ ُق ُ
ولُ :م َح َّم ٌد، ِ
الخاز ُنَ :من أن َ فأستفْتِ ُحَ ،في ُ
قول يامة ْ
الق ِ
َ
باب الجن ِة يوم ِ
َ َ َّ َ َ
ك» (رواه مسلم.)197: بك ُأ ِم ْر ُت ال أ ْف َت ُح ألَ َح ٍد َق ْب َل َ َفي ُ
قولَ :
4.4شفاعته ﷺ في رفع درجات أهل الجنة في الجنة ،قال ﷺ شاف ًعا ألبي سلمة:
ِ ِ
ين» (رواه مسلم.)920: «ال َّل ُه َّم اغْف ْر ألَبِي َس َل َم َة َو ْار َف ْع َد َر َج َت ُه في َ
الم ْهد ِّي َ
136
5.5شفاعته ﷺ في أقوام استحقوا دخول النار بقدر ذنوبهم َّأل يدخلوها ،قال
ألهل الكبائرِ من َّأمتي» (رواه الترمذي.)2436:
ِ ﷺ« :شفاعتي
9.9وتبقى الشفاعة الكبرى وهي شفاعة أرحم الراحمين سبحانه وتعالى ،قال
ت َشفَا َعتِي، ِ
الج َّب ُارَ :بق َي ْ ونَ ،في ُ
قول َ
ِ
والم ْؤمنُ َ
ِ
والم َلئ َك ُة ُ
ون َ ﷺَ « :ف َي ْشف َُع النَّبِ ُّي َ
ح ُشواُ ،في ْل َق ْو َن في ن ََهرٍ َبأ ْف َو ِاه
ار ،فيخرِج أ ْقواما َق ِد امت ِ
ُْ
ِ
َف َي ْقبِ ُض َق ْب َض ًة م َن النَّ ِ ُ ْ ُ َ ً
الح َي ِاة» (رواه البخاري.)7439: ِ
الج َّنةُ ،ي َق ُال لهَ :ما ُء َ َ
وإن من يتأمل هذه الشفاعات؛ يظهر له عظيم رحمة الله بعباده ،وعظيم فضله
َّ
عليهم ،فهو لم يخلقهم ليعذبهم ،بل يسر لهم جميع األسباب التي يرحمهم بها
يعذب ِمن خلقه إال من أبى وعاند وكفر بموجب عدله .۴
بموجب فضله ،۴ولن ِّ
-شروط الشفاعة :وال تصح الشفاعة عند الله تعالى إال بشرطين:
137
قال تعالى﴿ :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [طه،]109:
وقوله تعالى﴿ :ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ
ﰕ ﰖ ﰗ ﴾ [النجم.]26:
عاشرا :الجنة والنار :والجنة هي الدار التي أعدها الله تعالى ألوليائه وأهل
ً
طاعته ،والنار هي الدار التي أعدها الله تعالى للكافرين.
للجنة عدة أسماء ،منها الجنة ،ومنها دار السالم قال تعالى﴿ :ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮀ﴾ [األنعام ،]127:ومنها دار المقامة قال تعالى﴿ :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ﴾ [فــاطــر ،]35-34:ومنها دار الخلد ،ومنها جنة
المأوى قال تعالى﴿ :ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [النازعات ،]41:وغيرها كثير.
-وصف الجنة:
دلت األحاديث الكثيرة على عظم الجنة ونعيمها ،ففيها «ما ال َع ْي ٌن َر َأ ْت ،وال
ِ
ب َب َشرٍ» (رواه البخاري ،)7498:وسنذكر هنا طر ًفا ُأ ُذ ٌن َسم َع ْ
ت ،وال َخ َط َر ع َلى َق ْل ِ
من وصف الجنة ونعيمها:
138
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﭑﭒ
ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ
ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [الواقعة.]24-10:
4.4أبواب الجنَّة ثمانية يدخل المؤمنون منها على حسب أعمالهم؛ قال رسول
الجنَّ ِة :يا َع ْب َد
اب َ ي ِمن أ ْب َو ِ ِ الله ﷺ« :من أ ْنف ََق زوجي ِن في س ِ ِ
بيل ال َّله ،نُود َ َ َْ َْ َ
كان ِمن ومن َ
ِ
الص َلةَ ، اب َّ الص َل ِة ُد ِعي ِمن َب ِ
َ أه ِل َّ
ِ
كان من ْفمن َ
ِ
ال َّله هذا َخ ْي ٌرَ ،
ابالص َيا ِم ُد ِعي ِمن َب ِ أه ِل ِّ
ِ
كان من ْ ومن َ
اب ِ ِ
الج َهادَ ، اد ُد ِعي ِمن َب ِ الجه ِ
أه ِل ِ َ ْ
َ َ
قال أبو َبكْرٍ َر ِض َي الص َد َق ِةَ ،ف َ
اب َّ الص َد َق ِة ُد ِعي ِمن َب ِ
َ أه ِل َّ
ِ
كان من ْ ومن َ ِ
الر َّيانَ ،
َّ
اب ِمن سول ال َّل ِه ما ع َلى َمن ُد ِع َي ِمن تِ َ
لك األ ْب َو ِ وأ ِّمي يا َر َْت ُال َّل ُه عنْهَ :بأبِي أن َ
ُون
أن َتك َ وأ ْر ُجو ْ قالَ :ن َع ْم َ اب ُك ِّل َهاَ ،لك األ ْب َو ِ أح ٌد ِمن تِ َ ور ٍةَ ،ف ْ
هل ُي ْد َعى َ َض ُر َ
منهم» (رواه البخاري.)1897:
ْ
للمجاهدين أعدها الل ُه ٍ
َ 5.5درجات الجنة ،قال ﷺ« :إن في الجنة مئة درجةَّ ،
سألتم الل َه ِ
واألرض ،فإذا ِ
السماء ِ
درجتين ما بينهما كما بين كل في ِ
سبيلهُّ ،
ْ
ِ
الرحمن، الجنة ،وفوقه ُ
عرش ِ ِ
الجنة ،وأعلى ُ
أوسط الفردوس ،فإنه فسلوه
َ
أنهار الجنة» (رواه البخاري.)7423:
تفج ُر ُ
ومنه َّ
ومال ُطها ِ
الم ُ
سك فض ٍة ِ
ذهب ولبِن ُة َّ
6.6وقد قال النبي ﷺ في وصف بنائها« :لبِن ُة ٍ
139
أح ِد ُك ْم،س َ اب َق ْو ِ إن أقل موضع فيها خير من الدنيا وما فيها ،قال ﷺ« :و َل َق ُ َّ 7.7
الدن َْيا وما فِ َيها» (رواه البخاري.)6567: ِ ِ ِ ِ
أو َم ْوض ُع َق َد ٍم م َن َ
الج َّنةَ ،خ ْي ٌر م َن ُّ
ِ ِ ِِ ِ 8.8قال ﷺَ :
ين ،ما ال َع ْي ٌن الصالح َ بار َك و َتعا َلى :أ ْع َد ْد ُت لعبادي َّ «قال ال َّل ُه َت َ
ِ
قال أبو ُه َر ْي َر َة :ا ْق َرؤُ وا ب َب َشرٍَ ،
ت ،وال َخ َط َر ع َلى َق ْل ِ َر َأ ْت ،وال ُأ ُذ ٌن َسم َع ْ
ـم﴿ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﴾ [الــســجــدة»]17: ِ
إن شـ ْئـ ُتـ ْْ
(رواه البخاري.)4779:
يحل الله تعالى عليهم رضوانه فال ومن أعظم ما ينال أهل الجنة من النعيم أن َّ
الجنَّ ِة؟
أه َل َ
ِ
أله ِل َ
الجنَّة :يا ْ بار َك و َتعا َلى ُ
يقول ْ «إن ال َّل َه َت َ
أبدا ،قال ﷺَّ : يسخط عليهم ً
وقد
قولون :وما لنا ال ن َْر َضى ْ َ هل َر ِضي ُت ْم؟ َفي
قولْ : كَ ،في ُ وس ْع َد ْي َ
ك َر َّبنا َقولونَ :ل َّب ْي َ
َ َفي
ذلك ،قالوا :يا قول :أنا ُأ ْعطِيك ُْم أ ْف َض َل ِمن َ كَ ،في ُ أح ًدا ِمن َخ ْل ِق َ ِ
أ ْع َط ْي َتنا ما َل ْم ُت ْعط َ
ِ ذلك؟ في ُ ِ ِ ٍ
قولُ :أح ُّل ع َل ْيكُم ِر ْضواني ،فال ْ
أس َخ ُط ع َل ْيكُم ي شيء أ ْف َض ُل من َ َ َر ِّبَ ،
وأ ُّ
َب ْع َد ُه أ َب ًدا» (رواه البخاري .)6549:وأعظم نعمة في الجنة على اإلطالق هي رؤية
قالُ : الجنَّةََ ، ِ
يقول أه ُل َ
الجنَّة َ وجهه الكريم سبحانه وتعالى ،قال ﷺ« :إذا َد َخ َل ْ
وهنا؟ أ َل ْم ُت ْد ِخ ْلنا
قولون :أ َل ْم ُت َب ِّي ْض ُو ُج َ
َ ون شي ًئا ِ
أز ُيد ُك ْم؟ َفي بار َك و َتعا َلىُ :ترِ ُيد َال َّل ُه َت َ
إليهم ِم َنب ِ جابَ ،فما ُأ ْع ُطوا شي ًئا َ
أح َّ
قالَ :فيك ِْش ُ ِ
ف الح َ ار؟ َ َ الجنَّةَ ،و ُتنَ ِّجنا ِم َن النَّ ِ
َ
ِ َّ النَّ َظرِ إلى َر ِّب ِه ْم ع َّز
وجل .وفي رواية :وزا َد ُث َّم َتال هذه َ
اآليةَ﴿ :ﭒ ﭓ ﭔ
يوما رسول الله ﷺ فقالوا:
ﭕ﴾» (رواه مسلم .)181:وقد سأل الصحابة ً
140
س وال َق َمرِ ون في ُرؤْ َي ِة َّ
الش ْم ِ ام ِة؟ َ
قالْ :
«هل ُت َض ُار َ
ِ
وم الق َي َ
هل َن َرى َر َّبنَا َي َ سول ال َّل ِه ْ
يا َر َ
قال :فإ َّنكُم ال ت َضارون في رؤْ ي ِة ربكُم يوم ٍ
ئذَّ ،إل كما ُ َ َ ِّ ْ َ َ ْ ُ ُ َ َت َص ْح ًوا؟ ُق ْلنَاَ :لَ ، إ َذا َكان ْ
ِ
بعضكم حجب ُ ون في ُرؤْ َيت ِهما»( .رواه البخاري ،)7439:وتضارون أي :ال َي ُ ُت َض ُار َ
فيضر به. ُّ بعضا عن الرؤية ً
-وصف النار:
دلت اآليات واألحاديث الكثيرة على بعض أوصاف النار ،وسنذكر هنا طر ًفا
منها:
ف ِزما ٍم ،مع ُك ِّل ون أ ْل َ ِ 1.1ع َظم َخ ْلقها ،قال ﷺ« :يؤتى بجهنم ي ٍ
ومئذ لها َس ْب ُع َ ُ ْ َ َ َ َّ َ َ َ
ف م َل ٍ
ك َي ُج ُّرونَها» (رواه مسلم.)2842: ِزما ٍم َس ْب ُع َ
ون أ ْل َ َ
قيل يا َار َج َهنَّ َمَ ، ين ُج ْز ًءا ِمن ن ِ ِ ِ
َار ُك ْم ُج ْز ٌء من َس ْبع َ
2.2شدة حرارتها ،قال ﷺ« :ن ُ
ين ُج ْز ًءا ُك ُّل ُه َّن ِ ٍ ِ َت َلكَافِ َي ًة َ ر َ ِ
عليهن بت ْس َعة وس ِّت َ
َّ تقالُ :ف ِّض َل ْ سول ال َّله ْ
إن َكان ْ َ
ِم ْث ُل َح ِّر َها» (رواه البخاري.)3265:
141
3.3للنار دركــات بحسب أعمال أهلها ،قال تعالى﴿ :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﴾ [النساء.]145:
جدا ،وكلما ضخُ مت أجسادهم زاد عذابهم، 8.8جسد الكافر في النار ضخم ًّ
الم ْسرِعِ» (رواه ب ُ للراكِ ِ ِ ِ ِ ِ
قال ﷺ« :ما ْبي َن َمنْك َب ِي الكافرِ َمس َير ُة َثال َثة َّأيا ٍم َّ
ناب الكافِرِِ ،م ْث ُل ُأ ُح ٍد ِ ِ
البخاري ،)6551:وقال ﷺ« :ض ْر ُس الكافرِ ،أو ُ
الث» (رواه مسلم.)2851: وغ َل ُظ ِج ْل ِد ِه م ِسير ُة َث ٍ
ِ
َ َ
واآليات واألحاديث في وصف الجنة والنار كثيرة ،نسأل الله تعالى أن يجعلنا
من أهل الجنة وأن يعيذنا من النار.
142
-األعمال التي تدخل المؤمن الجنة وتقيه من النار:
143
َ
رسول الجهاد» .ثم قــال« :أال أخبرك بمالك ذلك كله»ُ ،ق ْلت :بلى يا
ِ
الله ،قال« :فأخذ بلسانه ،قال :كف عليك هذا» .ف ُق ْلت :يا نبي الله ،وإنا
لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال« :ثكلتك أمك يا ُمعاذ ،وهل يكب الناس
في النار على وجوههم ،أو على مناخرهم ،إال حصائد ألسنتهم» (رواه
الترمذي.)2616:
144
5.5خــوف الله والـــدار اآلخـــرة؛ قــال تعالى﴿ :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﴾
[الرحمن ،]46:وقــال ﷺ« :ال يلِج النار رجـ ٌـل ب َكى من َخشي ِة ِ
الله» َ َ َ ُ
(رواه الترمذي.)2311:
أن كل
جدا ،والخالصةَّ :
واآليات واألحاديث التي تتناول هذه األعمال كثيرة ًّ
طاعة لله ورسوله هي من األعمال التي تقربك إلى الجنة ،وتبعدك عن النار.
145
بل وإلى سبعمئة ضعف ،وال يجزي السيئة إال بمثلها ،بل زاد على ذلك
هم هم بحسنة فلم يعملها؛ ْ
بأن يكتب له حسنة ،وم ْن َّ وتفضل على من َّ
بسيئة فلم يعملها خو ًفا من الله؛ َك َتب له حسنة ً
أيضا!
3.3ثواب الصيام ال يعلمه أحد إال الله ،قال ﷺُ « :ك ُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم له َّإل
أج ِزي به» (رواه البخاري.)5927: الص ْو َم ،فإنَّه لي وأنا ْ
َّ
4.4الشفاعة ،وقد مرت معنا وهي من أعظم نعم الله ۴على عباده يوم القيامة.
5.5يرفع درجة األدنى من اآلباء واألهل واألبناء إلى درجة األعلى في الجنة ،من
غير تنقيص لذلك األعلى عن درجته ،بل امتنا ًنا من الله وإحسا ًنا ،قال تعالى:
﴿ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﮛ ﮜ﴾ [الرعد ،]23:وقال تعالى﴿ :ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ﴾ [الطور.]21:
146
من ثمرات اإليمان باليوم اآلخر:
َّ
إن من أهم ثمرات اإليمان باليوم اآلخر :زيادة اإليمان بالله تعالى ،واإليمان
بكمال عدله وقدرته وحكمته ،إذ خلق الله اآلخرة ليفصل فيها بين الناس ،فيجازي
المحسن على إحسانه ويدخله الجنة ،ويجازي المسيء على إساءته ويدخله النارَّ .
إن
اإليمان بهذا اليوم اآلخر يعين على االجتهاد فـي كثرة العمل الصالح والثبات عليه،
والخوف من الله واالبتعاد عن المعاصي والمخالفات ومالزمة التوبة النصوح ،قال
تعالى﴿ :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ﴾ [التوبة،]18:
فالمسلم إذا آمن بحق َّ
أن الله تعالى سيبعث الخلق بعد موتهم ويحاسبهم ويجازيهم
على أعمالهم؛ استقام وانقطع شره وبذل خيره لنفسه وألهله ومجتمعهَّ .
إن اإليمان
بوجود يوم يفصل الله فيه بين الناس؛ يورث تسلية للمؤمن عما يفوته فـي الدنيا،
مؤمل حسن العاقبة وجزيل المثوبة فـي اآلخرةَّ .
إن اإليمان باليوم اآلخر مما يعين ً
على األخذ بأسباب الثبات عند الفتنة وما يترتب عليها ،من اإلخالص لله فـي
التوحيد ،واالستقامة على الشريعة ،واالتباع للنبي ﷺَّ .
إن اإليمان باليوم اآلخر أمان
نفسي للمظلوم الذي ُسلب ح ُّقه ،إذا أيقن َّ
بأن الحساب لن يغادر صغيرة وال كبيرة إال
قضاها ،ففي هذا اليوم سيظهر كمال عدل الله سبحانه ،وتقوم فيه الموازين بالقسط،
قال تعالى﴿ :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ﴾ [األنبياء،]47:
وإنه معي ٌن على اإليمان ببقية األركان ،قال تعالى﴿ :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ
ﮚ﴾ [األنــعــامَّ .]92:
إن اإليمان باليوم اآلخر يعين على االنتفاع بهدايات
القرآن ،قال تعالى﴿ :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ
ﮝ ﮞ ﮟ ﴾ [الطالق]2:
147
مراجع لالستزادة:
8.8الحياة اآلخرة ما بين البعث إلى دخول الجنة أو النار ،د .غالب عواجي.
9.9اليوم اآلخر في القرآن الكريم والسنة النبوية ،د .عبد المحسن المطيري.
1111معالم الرحمة في عقيدة اإليمان باليوم اآلخر ،د .عبد السالم يوسف.
148
الركن السادس
اإليمان بالقدر
القدر :هو قدرة الله وتقديره ،واإليمان بالقدر خيره وشره :هو اإليمان َّ
بأن الله
أزل ،وأ َّنه ال يكون شيء إال وقد علمه وشاءه وخلقه وكتبه قبل ْ
أن قدر كل شيء ً
َّ
أن يؤمن به ،ويجب عليه ْ
أن يكون ،وهذا هو اإليمان الذي يجب على كل مؤمن ْ
أيضا بكل ما بلغه من تفاصيل هذا الركن الواردة في القرآن والسنة الثابتة عن
يؤمن ً
رسول الله ﷺ.
َّ
إن اإليمان بالقدر تصديق باإليمان بالله تعالى ،فمن يؤمن بكمال قدرة الله
تعالى وعلمه وحكمته ومشيئته ولطفه؛ فإنه يؤمن َّ
بأن الله تعالى قد أحاط بكل شيء
علما ،وأ َّنه خلق كل شيء وأحسن َخ ْل َقه وتقديره ،وإذا آمن َّ
بأن الله له تمام الملك ً
خفيت عليه الحكمة منه ،وأ َّنه
ْ والحكمة؛ فإ َّنه َي ْع َلم َّ
أن الله ال يقدر شي ًئا عب ًثا مهما
أحدا ،ألنه ُي َق ِّدر المقادير بعدل ،وإذا آمن َّ
أن الله ليس كمثله شيء؛ سبحانه ال يظلم ً
فإ َّنه ال يمكن ْ
أن يطبق مقاييس الخلق على الخالق ،فالله خالق الخلق ومالكه ،يد ِّبر
َخ ْل َقه وعباده كيف شاء ،ال ُيسأل عما يفعل وهم ُيسألون.
151
3.3قال تعالى﴿ :ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﴾ [الفرقان.]2:
«فأخبِ ْرنِي
4.4ما ورد في حديث جبريل الطويل عندما سأل النبي ﷺ فقالْ :
قال :أن تؤ ِمن بال َّل ِه ،ومالئِكَتِ ِه ،و ُكتبِ ِه ،ورس ِل ِه ،وا ْليو ِم ِ
اآلخرِ، ِ َع ِن
َ ُ ُ ُ َ اإليمانَ ْ ُ ْ َ ،
وش ِّر ِه» (رواه البخاري ،50:ومسلم.)10: و ُت ْؤ ِم َن بال َق َد ِر َخ ْيرِ ِه َ
كلمات :احف ِ
ٍ
َظ 5.5ما ع َّلمه النبي ﷺ البن عباس ،إذ قال« :يا ُ
غالم ،إني أع ِّل ُمك
ِ
فاسأل الل َه ،وإذا استعنْ َت سألت جاهك ،إذا َظ الل َه ِ الله يح َف ْظك ،احف ِ
َ تج ْده ُت َ َ
ٍ
اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ،لم ينفعوك إال أن األم َة لو ِ ِ
ْ واعلم َّ
ْ فاستع ْن بالله،
ٍ
بشيء يضروك إالبشيء لم ُ ٍ يض ُّروكوإن اجتمعوا على أن ُ بشيء قد كتبه الل ُه لكِ ، ٍ
الص ُحفُ » (رواه الترمذي.)2516: ِ قد كتبه الل ُه عليكُ ،رفِ َع ِت
وجفَّت ُّ األقالم َ
ُ
2.2اإليمان بـ َّ
ـأن الله قد كتب هذا فـي اللوح المحفوظ ،قال تعالى﴿ :ﮫ
ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [الــحــج﴿ ،]70:ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ﴾ [القمر ،]53:وقال تعالى﴿ :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
الخ َلئِ ِق َق ْب َل ِ
ب ال َّل ُه َم َقاد َير َ ﮉ ﮊ﴾ [األنعام ،]38:قال ﷺَ « :ك َت َ
ف َسنَ ٍة» (رواه مسلم،)2653: ين َأ ْل َ ِ
األر َض بِ َخ ْمس َ
ِ
الس َم َوات َو َْأ ْن َي ْخ ُل َق َّ
كائن
فج َرى بما هو ٌ بَ . القلم ،فقال له :اك ُت ْ َ وقال ﷺ« :إن َّأول ما َخ َل َق الل ُه
إلى األَ َب ِد» (رواه الترمذي.)3319:
152
3.3اإليمان بأ َّنه ال يكون شيء إال بمشيئة الله تعالى ،فما شاء الله كان ،وما لم
يشأ لم يكن ،قال تعالى﴿ :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ﴾ [القصص،]68:
وقال تعالى﴿ :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [إبراهيم ،]27:وقال تعالى﴿ :ﮇ
ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ
ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾ [آل عــمــران ،]26:وقال
تعالى﴿ :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ﴾ [هود.]107:
4.4اإليمان َّ
بأن الله خالق كل شيء ،فهو خالق الخلق وجميع أعمالهم ،قال تعالى:
﴿ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ﴾ [الزمر ،]62:وقال تعالى:
﴿ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾ [الصافات ،]96:وقال تعالى ﴿ :ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ﴾ [الفرقان ،]2:وقال تعالى﴿ :ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ﴾ [فاطر،]3:
وقال تعالى﴿ :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾ [غافر.]62:
2.2التقدير العمري ،وهو ما يقدره الله تعالى من رزق اإلنسان وعمله وسعادته
أح َد ُك ْم ُي ْج َم ُع َخ ْل ُق ُه في َب ْط ِن
«إن َ
وشقاوته وأجله ،قال رسول الله ﷺَّ :
كون ُم ْض َغ ًة ِم ْث َل َ
ذلكُ ،ث َّم كون َع َل َق ًة ِم ْث َل َ
ذلكُ ،ث َّم َي ُ
ِ ِ
ُأ ِّمه ْأر َبع َ
ين َي ْو ًماُ ،ث َّم َي ُ
153
ب َع َم َل ُهِ ، ِ ٍ
ور ْز َق ُهَ ،
وأ َج َل ُه، وي َق ُال له :ا ْك ُت ْ ث ال َّل ُه َم َلكًا ُفي ْؤ َم ُر َبأ ْر َب ِع َكل َماتُ ،
َي ْب َع ُ
ِ ِ َ ِ
الر ُج َل منكُم َل َي ْع َم ُل ح َّتى ما َي ُ
كون فإن َّ وحَّ ، وشق ٌّي أو َسع ٌيدُ ،ث َّم ُي ْنف َُخ فيه ُّ
الر ُ
ِ ِ ِ
أه ِل النَّارَ ،
وي ْع َم ُل اعَ ،ف َي ْسبِ ُق عليه ك َتا ُب ُهَ ،ف َي ْع َم ُل ب َع َم ِل ْ الجنَّة َّإل ِذ َر ٌ
وبي َن َ ْبينَ ُه ْ
ِ وبي َن النَّ ِ
اعَ ،ف َي ْسبِ ُق عليه الك َت ُ
ابَ ،ف َي ْع َم ُل ب َع َم ِل ار َّإل ِذ َر ٌ كون ْبينَ ُه ْح َّتى ما َي ُ
الجنَّ ِة» (رواه البخاري.)3208: أه ِل َ ْ
يقدره الله تعالى في ليلة القدر من ِّ
كل سنة ،قال 3.3التقدير السنوي ،وهو ما ِّ
تعالى﴿ :ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ
ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ﴾ [الدخان.]5-3:
َّ
إن الله تعالى بعلمه وقدرته ومشيئته وخلقه وقوته قد جعل للمقاصد أسبا ًبا
ووسائل تحققها ،وهذا مما يشهد له العقل والشرع والفطرة السليمة ،فأمور الدنيا
والدين قد ُبنيت على بذل األسباب الشرعية والمادية الالزمة لها ،قال الله تعالى:
ميس ٌر
فكل َّ ﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ﴾ [التوبة ،]105:وقال ﷺ« :اعملواٌّ ،
ِ
ي، لما ُخلق لـه» (رواه البخاري ،4949:ومسلم .)2647:وقال ﷺ« :ا ْل ُم ْؤم ُن ال َق ِو ُّ
154
احرِ ْص ع َلى ما َينْ َف ُع َ الله ِمن المؤ ِم ِن َّ ِ ِ خير و َأحب إلى ِ
ك، الضعيف ،وفي ُك ٍّل َخ ْي ٌر ْ َ ُْ َ ْ ٌ َ َ ُّ
كان َك َذا َو َك َذا، وإن َأ َصا َب َ ِ ِ
ت َ ك شي ٌء ،فال َت ُق ْل لو أنَّي َف َع ْل ُ َو ْاس َتع ْن بال َّله َو َل َت ْع َج ْزْ ،
الشي َط ِ ِ ِ
ان» (رواه مسلم،)2664: فإن لو َت ْف َت ُح َع َم َل َّ ْ
َو َلك ْن ُق ْل َق َد ُر الله َوما َشا َء َف َع َلَّ ،
يحتج أحد بالقدر على فعل فعله باختياره ،بل َّ عقل وال يستقيم شر ًعا ْ
أن فال يصح ً
يجب عليه ْ
أن يعمل ويجتهد في بذل وسعه لتحصيل مصالحه الدينية والدنيوية.
1.1إرادة قدرية ،وهي اإلرادة الشاملة لجميع المخلوقات ،وهي التي يقال
فيها :ما شاء الله تعالى كان ،وما لم يشأ لم ي ُكن ،وهذه اإلرادة إرادة شاملة
ال يخرج عنها أحد من الخلق ،فكل ما يحدث في الكون داخل في إرادة
الله تعالى هذه ،ويدخل فيها كل ما يفعله المؤمن والكافر والبر والفاجر.
وهذه اإلرادة متعلقة بفعله سبحانه في الخلق واإليجاد ،فالمراد بها ال بد
أن يقع ،وهذا المراد قد يكون محبو ًبا لله تعالى ،وقد ال يكون محبو ًبا ،ومِ ْن
ْ
ذلك قوله تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [األنــعــام ،]125:وقوله تعالى﴿ :ﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ﴾ [هود.]34:
155
2.2إرادة شرعية ،وهذه اإلرادة تتناول جميع الطاعات ،وهي متعلقة بأفعال
العباد الصالحة ،فقد تقع وقد ال تقع ،وهي محبوبة لله تعالى ،ومن ذلك قوله
تعالى﴿ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [البقرة،]185:
وقوله تعالى ﴿ :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ﴾ [المائدة.]6 :
2.2ما تعلقت به اإلرادة الشرعية فقط ،وهو ما أمر الله تعالى به من األعمال
الصالحة ،فخالف في ذلك الكفار والعصاة ،فهذه إرادة شرعية ،وهو يحبها
ويرضاها وقعت أم لم تقع.
156
كامل العلم ،وكامل الرحمة ،وكامل القدرة؛ هو نفسه كامل الحكمة،
وكامل العدل ،وكامل اإلرادة ،وهكذا ،فكمال الله تعالى ال يمكن أن
وعلما بحقائق األمور؛ أدرك
ً علما بربه
يحيط به أحد .وكلما ازداد اإلنسان ً
عظيم حكمة الله تعالى وكمال عدله ورحمته.
أن الشر الواقع في هذا العالم -المقدمة الثالثة :الصورة الكلية؛ فالواقع يخبرنا َّ
متضمن لخير كثير ،فال يوجد شر إال ومعه خير كثير َع ِل َمه من َع ِل َمه وجهله
من جهله ،ولو تركنا هذا الخير الكثير بسبب الشر القليل الذي معه لنتج
جدا .فالذين عندنا شر كثير ،ومن تأمل العالم بتجرد وجد َّ
أن الخير كثير ًّ
ُّ
يشكون في وجود العناية اإللهية إنَّما وقفوا عند حوادث جزئية تبدو للناظر
شرورا محضة ،ولو اتسعت النظرة بشكل أعلى وارتفع اإلنسان
ً بمفردها
برؤيته للصورة الكلية ،فإنَّه سيرى العالم بجملته يغلب عليه الخير.
حر
إن اإلنسان ٌّ -المقدمة الرابعة :حرية اإلرادة؛ فمن الممتنع ً
عقل أنْ نقولَّ :
جبرا ً
مجبول على فعل الخير فقط ،فالخير هنا يفقد قيمته إذا كان ً إذا كان
دائما، اختيارا ،وال يمكن أنْ يكون اإلنسان ًّ
حرا وهو ال يفعل إال الخير ً ً ال
وشرعا و َقـدَ ًرا بحكم امتالك
ً فوجود الشر اإلنساني أمر ضروري ً
عقل
اإلنسان لحرية االختيار.
157
-المقدمة الخامسة :امتناع عالم امتحان وابتالء بال شر؛ قد يعترض أحدهم
ولكن هذا
َّ َّ
بأن الله تعالى قادر على خلق عالم امتحان وابتالء بال شر،
وقدرا ،فكيف يتصور وجود صفة الصبر ،واإليثار،
ً وشرعا
ً ممتنع ً
عقل
والعفو ،والمسامحة ،والصفح ،واإلحسان ،وغيرها من الصفات التي
تتطلب وجود نوع من البالء .فالمطالبة بعالم يحقق الحكمة والغاية من
الخلق ويكون بال شر ،هي مطالبة بعالم يخلو من الغاية التي ُخلق لهاَّ .
إن
الخير ال يكسب معناه إال بمعرفة ما يضاده وهو الشر ،وال يمكن أنْ يكون
شرا إال بوجود الخير ،فالدنيا بال شر هي عالم يخالف الغاية والحكمة
الشر ًّ
من الخلق واإليجاد ،وهي االبتالء واالختبار واألمر بالصبر عليهما.
َّ -
أن الدنيا دار عملٍ وابتالء ،قال تعالى﴿ :ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾
[األنبياء ،]35:ومن هذا االبتالء وجود الشر الذي به يحقق المؤمن عبادة
الصبر والرضا ،وحسن الظن بالله ،والتوبة واالستغفار والندم ،والدعاء
والتضرع ،وكل هذا يحقق تكفير الذنوب ورفع الدرجات.
158
َّ -
أن من مقتضيات ولوازم أسماء الله تعالى وصفاته ،وجود الخير والشر،
فمن لوازم اسم الغني الــرزاق؛ وجود الفقير المحتاج ،ومن لوازم اسم
التواب؛ وجود المذنبين الذين يتوبون ،ومن لوازم كونه سبحانه المنتقم
الجبار؛ وجود الظالمين الذين ينتقم منهم .وهكذا فكل اسم تجد أن له
مقتضيات في خلقه ال بد من ظهورها ووجودها!
َّ -
أن الخير الخالي من االبتالء ُيطغي صاحبه ،قال تعالى﴿ :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﴾ [العلق ،]7-6:فيأتي الشر ُليذكره ويؤطره.
وأن
وقدراَّ ، عقل وشر ًعا
أن خلق الشر في هذا العالم الزم ً وإذا تبين هذا ِ
عل ْمنا َّ
ً َّ
وجوده كان لحكمة ظاهرة مقدرة ،وإذا خفيت هذه ِ
الحكَم في بعض أحداثها على َّ
أن يركن إلى خمسة أصول:
فإن عليه ْ
المؤمن؛ َّ
-األصل األول :أنْ يوقن بكمال علم الله تعالى ،وأنَّه قد أحاط بكل شيء
علما.
ً
159
-األصل الثاني :أنْ يوقن بكمال حكمة الله تعالى ،وأنَّه متفرد بكمال الحكمة
وعظمة التقدير.
-األصل الثالث :أنْ يوقن بكمال عدل الله تعالى ،وأنَّه ال يظلم أحدً ا من
خلقه مثقال ذرة.
وقدرا،
ً شرعا -األصل الرابع :أنْ يعلم َّ
أن الله تعالى ربط األسباب بمسبباتها ً
وجعل األسباب محل حكمته في أمره الشرعي والكوني ،فالوجود كله
أسباب ومسببات والقدر جا ٍر عليها متصرف فيها.
والمسلم إذا اعتمد هذه األصول فقد أوى إلى ركن شديد يحميه من مشكالت
الحوادث ،ومن نوازل الفتن ،ويجعله مطمئن النفس مرتاح الجنان.
160
اختيارا ومشيئة وإرادة يرجح بها ،قال
ً ومع ذلك فقد جعل الله تعالى للعبد
تعالى﴿ :ﮠ ﮡ﴾ [البلد ،]10:وهما طريقا الخير والشر ،فالهداية هنا هداية
داللة وإرشاد ،وليست هداية تسيير وإجبار ،بل هو حر في إرادته بين ْ
أن يختار طريق
الخير أو الشر ،وعلى أساس هذا االختيار يحاسب يوم القيامة.
فاإلرادة واالختيار من أسباب التكليف ،فاإلكراه ُي ِ
خرج اإلنسان من تبعات
خيرا ،قال تعالى﴿ :ﮃ شرا ،وال يجازى عليه ْ
إن كان ً فعله ،فال يؤاخذ به ْ
إن كان ًّ
عمن
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [النحل ،]106:فهنا نفى المؤاخذة َّ
مكرها ،وقال تعالى﴿ :ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾ [البقرة ،]265:إذ َّ
إن من دخل ً فعل الكفر
كرها لن ينفعه عمله ذلك ،فاالختيار أساس التكليف ،بيد َّ
أن هذه اإلرادة للدين ُم ً
والمشيئة ال تخرج عن إرادة الله تعالى ومشيئته وتقديره ،فعلم الله تعالى الكامل قد
علما.
أحاط بكل شيء ً
وال يقال َّ
إن اإلنسان مسير أو مخير باإلطالق ،بل هو مخير ومسير ،وميسر لما
عقل وإرادة ،فيختار لنفسه ما يشاء َّ
فألن الله تعالى أعطاه ً مخيرا
ً ُخلق له ،أما كونه
من طريق الخير والشر ،وهو مس َّير في أشياء مثل جنسه وخلقته ونسبه ومكان نشأته،
وغيرها من األمور التي ال اختيار له فيها.
161
االختيارية فقط ،قال تعالى﴿ :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ﴾ [النحل .]32:فالعبد
مسير بقدر الله تعالى لكن له اختيار ومشيئة وإرادة يرجح بها ،وقدرة يوقع بها عمله،
فيجازى على عمله الطيب ،ويستحق العقاب على عمله الرديء إال ْ
أن يعفو الله
تعالى.
أن اإلنسان يفعل باختياره بال شك؛ لكن إذا فعل الفعل فيجب عليه
والخالصة َّ
مقدر إال بعد
أن يفعله؛ لكنه لم يعلم أنَّه َّ
مقدر عليه فعله قبل ْ
بأن هذا الفعل َّ
أن يؤمن َّ
وقوعه .ونحن نرى اإلنسان إذا وقع عليه شيء يكرهه حاول التخلص منه ،وإذا خاف
بأن
من شيء حاول الهرب منه ،وإذا اعتدى عليه شخص ر َّد عليه اعتداءه ،وال يتعلل َّ
بأن له إراد ًة ،ويفعل ما يشاء باختياره.
مقد ٌر ومكتوب ،وهذا يعني أنَّه مؤمن َّ
هذا َّ
َّ
إن من أهم ثمرات اإليمان بالقدر :زيادة اإليمان بالله تعالى ،واإليمان بكمال
علمه وخلقه وقدرته وحكمته ،وهذا اإليمان يثمر االعتماد الكامل على الله تعالى
عند فعل األسباب ،واألمان النفسي تجاه ما يجري من األقدار ،فالمؤمن ال يقلق وال
يغضب وال يحزن لفوات أمر أو حصول آخر ،ألنه يعلم َّ
أن ذلك كله بقدر الله تعالى
الذي له مقاليد السماوات واألرض .قال تعالى﴿ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ
162
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾ [التغابنَّ .]11:
إن اإليمان بالقضاء والقدر
بشكله الصحيح خير معين على مواجهة أمراض العصر الحديث كالقلق والتوتر
واالكتئابَّ .
إن اإليمان بكمال علم الله وقدرته وخلقه وحكمته يحفظ اإلنسان من
الطغيان عند نجاحه وحصول مراده ،لعلمه َّ
أن كل شيء بقدر من الله تعالى ،إذ رتب
المسببات على أسبابهاَّ .
إن اإليمان بالقدر يحقق عد ًدا من العبادات القلبية ،مثل:
اإلخالص لله ،والتوكل عليه ،والخوف والرجاء وإحسان الظن به ،والصبر والرضا،
والتواضع والقناعة وعزة النفس ،واالعتدال ،والسالمة من الحسد وطمأنينة القلب،
بل ويعين على مواجهة الشدائد في هذا الزمن الصعب ،الذي ال يحدث فيه شيء
إال وفيه خير للمؤمن ،وليس هذا إال للمؤمن فقط .وتأمل هذه اآليات التي تحقق
فعل األمان النفسي والسكينة ،قال تعالى﴿ :ﭫ ﭬ﴾ [البقرة،]155:
لك ً
وقال تعالى﴿ :ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ﴾ [غافر ،]44:وقال
تعالى﴿ :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ﴾ [الــطــاق،]7:وقــال تعالى﴿ :ﯟ ﯠ ﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ﴾ [التوبة ،]129:وقال تعالى:
﴿ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ﴾ [يــونــس ،]109:وقال
تعالى﴿ :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [الــروم ،]4:وقال تعالى﴿ :ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ
ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾ [آل عمران ،]26:وقال تعالى﴿ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾ [الحجر ،]21:وقال تعالى﴿ :ﭥ ﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ﴾
[األعراف.]156:
163
مراجع لالستزادة:
164
آثار اإليمان باألركان الستة
ور َسخ اإليمان الصادق بها في قلبه ،فإنَّه
إن العبد إذا آمن بهذه األركان الستةَ ،
َّ
سيرى العديد من اآلثار العظيمة على شخصيته وسلوكه ،ومستقبله وحياته ،ومن
هذه اآلثار ما يأتي:
2.2التأكد من وجود مرجع َّية كاملة تحقق لمن آمن بها العدالة المطلقةَّ ،
وأن كل
ما يجري في هذه الحياة على المؤمن فإنه سيؤول إلى خير في اليوم اآلخر،
ٍ
فحينئذ اليوم الذي يجمع الله به األولين واآلخرين ،و ُينبئهم بما عملوا،
يظهر الفرق والتفاوت بين الخالئق ،قال تعالى﴿ :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ
ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ﴾ [التغابن.]9:
َّ 3.3
أن المقاصد األساسية لهذه األركان الستة تتمحور حول ثالثة مقاصد :األول:
إثبات التوحيد ،والثاني :إثبات النبوات ،والثالث :إثبات المعاد ،ومعرفة هذه
المقاصد هي مدار السعادة والفالح للعبد في الدارين .ومما يدل على هذا َّ
أن
علي رقب ًة مؤمِنةً ،فإن َ ِ َّ
بأمة سوداء ،وقال :يا رسول الله ،إن َّ
رج ًل مِن األنصار جاء ٍ
َ ُ
أن ال إل َه إال الله ﷺ« :أت ِ رسول ُِ كنت َترى هذه مؤمِنةً ،أع َت ْق ُتها ،فقال لها
ين ْ
شهد ََ َ َ
ين ِِ ُ ِ الله؟» ،قالت :نعم ،قال« :أت ِ
عم ،قال« :أتؤمن َ رسول الله؟» ،قالتَ :ن ْ ين أنَّي
شهد َ َ َ َ ْ ُ
ِ
عم ،قال :أعت ْقها (رواه أحمد.)15743 : ِ ِ
بال َب ْعث بعد الموت؟» ،قالتَ :ن ْ
167
4.4الرغبة في الله تعالى؛ فكلما ازداد إيمان العبد ازدادت ثقته بالله تعالى وبأ َّنه
مالك الملك ،المتصرف في كل شيء .قال تعالى﴿ :ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ﴾ [هود.]56:
5.5المبادرة والمسارعة لفعل الخير؛ إذ تجد المؤمن ح ًّقا يبادر ويسارع ويسابق
لفعل الخيرات ،قال تعالى﴿ :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾
[المؤمنون ،]61:وقال النبي ﷺ« :من كان يؤ ِمن بال َّل ِه واليو ِم ِ
اآلخرِ َف ْل َي ُق ْل َ َ ُْ ُ َ
ِ ِ ِ ِ
كان
ومن َ واليو ِم اآلخرِ فال ُي ْؤ ِذ َ
جار ُهَ ، كان ُي ْؤم ُن بال َّله َ
ومن َتَ ،َخ ْي ًرا أو ل َي ْص ُم ْ
يؤ ِمن بال َّل ِه واليو ِم ِ
اآلخرِ َف ْل ُيكْرِ ْم َض ْي َف ُه» (رواه البخاري.)6475: َ ُْ ُ
6.6تقوية الــوازع الداخلي؛ فكلما قــوي اإليمان ازداد حــذر المؤمن من
الشبهات والمحرمات .فمن آمن أ َّنه في يوم القيامة سوف ﴿ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [الزلزلةَّ ،]8-6:
وأن الحساب سيكون
حتى على اليسير من العمل؛ فإنه سيمنعه ذلك عن كثير من المحرمات.
المنزلَ ،أل إن ِس ْلع َة ِ «من خاف َأ ْد َل َج ،ومن َأ ْد َل َج بلغ
الله َ َ َ يقول النبي ﷺَ :
الله الجنةُ» (رواه الترمذي.)2450: غاليةٌَ ،أل إن ِس ْلع َة ِ
َ َ
7.7إيثار اآلخــرة على الدنيا ،فاإليمان الحقيقي يجعل المؤمن زاهد القلب،
وهذا الزهد ال يستلزم الفقر ،وال يتنافى مع الغنى﴿ ،ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ﴾ [القصص ،]77:وقال تعالى:
﴿ﭖ ﭗ ﭘ﴾ [األعــلــى ،]17:وقال تعالى﴿ :ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ
ﰆ ﰇ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ﴾ [الزخرف.]35-33 :
168
8.8التأييد اإللهي؛ وقد وعد الله تعالى المؤمنين في الدنيا بوعود كثيرة،
منها :النصر على أعدائهم ،قال تعالى﴿ :ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾
[الـــــروم ،]47:والــدفــاع عنهم ،قــال تعالى﴿ :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ
ﰂ﴾ [الحج ،]38:والوالية لهم ،قال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾
[البقرة ،]257:والهداية لهم ،قال تعالى﴿ :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬ ﯭ﴾ [الــحــج ،]54:والــرزق الطيب ،قال تعالى﴿ :ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾
[األعراف ،]96:والعزة ،قال تعالى﴿ :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ﴾
[المنافقون ،]8:والجنة في اآلخرة ،قال تعالى﴿ :ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾
[لقمان.]9-8:
9.9إحياء روح الحزم والعزم؛ عندما يتمكن اإليمان من القلب تزداد رغبة
العبد في القيام بكل ما يحبه الله ويرضاه ،فتجده يتحدى الصعاب،
ويتحمل الشدائد في سبيل ذلك ،قال تعالى﴿ :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
َّ
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ [إبراهيم.]27:
169
1111الشعور بالسكينة والطمأنينة ،فاإليمان بالله تعالى القادر على كل شيء،
ورث الثقة واالطمئنان ،قال تعالى﴿ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ُي ِ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ [النحل ،]97:وقال تعالى﴿ :ﯶ ﯷ
ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ
ﰅﰆﰇﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ﴾ [آل عمران.]174 ،173:
شعب اإليمان:
أن اإليمان مركب من شعب، من القواعد المقررة عند أهل السنة والجماعة َّ
ون ،أووس ْب ُع َ وأن هذه الشعب تتفاوت وتتفاضل ،قال النبي ﷺِ : َّ
بض ٌع َيمان ْ«اإل ُ
وأ ْدناها إما َط ُة األ َذى َع ِن ال َّطرِ ِ
يق، ون ُش ْع َبةً ،فأ ْف َض ُلها َق ْو ُل ال إ َل َه َّإل ال َّل ُهَ ، ِ
بض ٌع وس ُّت َ ْ
مشتمل على شعب ً اإليمان» (رواه مسلم ،)35:وإذا كان اإليمان ِ وا ْل َحيا ُء ُش ْع َب ٌة ِم َن
متعددة ،ومتفاوتة ،وكل شعبة منه تسمى إيما ًنا ،فالصالة وسائر أعمال الجوارح من
اإليمان ،واألعمال الباطنة كالحياء والتوكل والرجاء من اإليمان ،وهذه الشعب
منها ما يزول اإليمان بزوالها،كشعبة الشهادة ،ومنها ما ال يزول بزوالها كترك إماطة
األذى عن الطريق ،وبينهما شعب متفاوتة ،منها ما يلحق بشعبة الشهادة ،ويكون
إليها أقرب ،ومنها ما يلحق بشعبة إماطة األذى ،ويكون إليها أقرب .وكل ما أمر الله
به ورسوله ﷺ فهو داخل في شعب اإليمان.
170
وسائل زيادة اإليمان
وهيأ له األسباب
أن جعل إيمانه يزيد بالطاعةَّ ،
إن من نعم الله على العبد المؤمن ْ
َّ
دائما لزيادة اإليمان وتجديده ،وتحصيل
وإن العبد المؤمن يتطلع ً التي تمكنه من زيادتهَّ ،
جوف ِ
أحدكم كما ِ اإليمان ليخ َل ُق في «إن
َ الفضائل العظيمة المترتبة عليه ،قال النبي ﷺَّ :
اإليمان في قلوبِكم» (رواه الطبراني في المعجم
َ فس ُلوا الل َه تعالى أن ُي ِّ
جد َد يخ َل ُق ال َّث ُ
وب َ
الكبير ،)84:ومن الوسائل المعينة على زيادة اإليمان ما يأتي:
ِ
ين» «من ُيرِد ال َّل ُه به َخ ْي ًرا ُي َف ِّق ْه ُه في ِّ
الد ِ 1.1طلب العلم النافع؛ قال النبي ﷺَ :
(رواه البخاري ،71:ومسلم.)1037:
2.2التعبد؛ وأهم ما يتقرب به العبد أداء الفرائض ثم النوافل ،قال رسول الله ﷺ:
ب ،وما َت َق َّر َب إ َل َّي َع ْب ِدي بالح ْر ِ ِ
قالَ :من عا َدى لي ول ًّيا ف َق ْد آ َذ ْن ُت ُه َ «إن ال َّل َه َ
َّ
زال َع ْب ِدي َي َت َق َّر ُب إ َل َّي بالنَّوافِ ِلت عليه ،وما َي ُ مما ا ْف َت َر ْض ُب إ َل َّي َّ
أح َّ بشيء َ
ٍ
173
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ [األنفال ،]2:وأعظم الذكر
مصد ٌق ِ
وماح ٌل شافع ومشف ٌَّع «القرآن قراءة القرآن؛ قال رسول الله ﷺ:
َّ ٌ ُ
الجنة ومن جعله خلفَه ساقه إلى ِ
النار» (رواه ِ أمامه قاده إلى
من جعله َ
مصد ٌق عند الله تعالى.
َّ شاهد
ٌ ابن حبان .)124:وماحل مصدق أي:
الس ْو ِء،
يس َّ والج ِل ِ
َ الصالِحِ
يس َّ الج ِل ِ «م َث ُل َ4.4الصحبة الصالحة؛ قال النبي ﷺَ :
ك َّإما المس ِ صاح ِ ِ ِ ك ِمن ك وكِيرِ الحد ِ
اد ،ال َي ْع َد ُم َ المس ِ
صاح ِ ِ
ِ َك َم َث ِل
ب ْ َ َّ ب ْ
ك ،أو َت ِ جد ِريحه ،وكِير الحد ِ ِ
ج ُد منه َك ،أو َث ْو َب َ اد ُي ْحرِ ُق َب َدن َ ُ َ َّ َت ْش َترِيه ،أو َت ِ ُ َ ُ
يحا َخبِي َثةً» (رواه البخاري ،2101:ومسلم.)2628: ِر ً
5.5التذكير والموعظة الحسنة؛ قــال الله تعالى﴿ :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ﴾ [الذاريات ،]55:وقال تعالى ﴿ :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ
ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ﴾ [البقرة ،]232:واألمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ،قال تعالى﴿ :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [التوبة ،]71:فاألمر بالمعروف يبقي
الخير ويجلبه ،والنهي عن المنكر يدفع الشر ويرفعه.
174
فرا ِ ُ «إن الل َه َحيِ ٌّي
الرجل إليه َيديه أن ير َّدهما ص ً كريم يستحيي إذا رفع ٌ َّ
ين» (رواه الترمذي ،)3556:واإلكثار من سؤال الله تعالى أن يجدد خائب َت ِ
ِ
جوف اإليمان ليخ َل ُق في «إن
َ اإليمان في القلب ،قال رسول الله ﷺَّ :
اإليمان في قلوبِكم» ِ
َ فس ُلوا الل َه تعالى أن ُي ِّ
جد َد أحدكم كما يخ َل ُق ال َّث ُ
وب َ
(رواه الهيثمي.)1/57:
175
1111مداومة االستغفار والتوبة؛ قال تعالى﴿ :ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [هــود ،]52:وقال تعالى﴿ :ﭲ ﭳ
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [الفرقان ،]70:وقــال تعالى﴿ :ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾ [األعــــــراف ،]143:وقــال تعالى﴿ :ﮉ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾
[األعراف.]201:
كامل
فإن من أراد فعل الخير بصدق آتاه الله أجره ً 1313مداومة إرادة الخير؛ َّ
ٍ
ُ
صادق مال َف َ
هو وإن لم يعمل ،قال ﷺ« :وعبد رز َق ُه ال َّل ُه ً
علما ولم ير ُزق ُه ً ْ
فالن فهو ِ مل ٍ ِ الني ِة ُ
بنيته َفأ ُ
جر ُهما سوا ٌء» َّ لت فيه ب َع ِ مال ل َعم ُ يقولَ :لو َّ
أن لي ً َّ
دائما.
(رواه الترمذي ،)2325:فأنت بخير ما دمت تنوي الخير بصدق ً
176
نواقض اإليمان
بعد الحديث عن اإليمان وأركانه الستة ،ومعرفتنا َّ
أن اإليمان له أركان يقوم
نتعرف هنا إلى األعمال واألقوال التي قد تنقضها وتكون
عليها ،وله وسائل يزيد بهاَّ ،
سب ًبا في هدمها ،وهي من القضايا العظيمة التي يجب ْ
أن يهتم بها المؤمن ويكون
على حذر منها.
المراد بالنواقض:
النواقض هي المفسدات ،وهي اعتقادات ،أو أقــوال ،أو أفعال ُتزيل أصل
اإليمان ،وتُخْ ِرج العبد من دائرة اإلسالم ،و ُتحبط جميع األعمال ،و ُتوجب الخلود
في النار ،ومن ذلك :الشرك األكبر ،وحقيقته :اتخاذ الند مع الله ،كأن يعتقد َّ
أن ثمة
متصر ًفا في الكون بالخلق والتدبير مع الله سبحانه وتعالى ،أو َيصرف العبادة لغير
الله ،قال تعالى﴿ :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﴾ [لقمان ،]13:وقال تعالى﴿ :ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾
[النساء ،]48:وقال تعالى﴿ :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾ [األنعام،]88:
وقال تعالى﴿ :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
أي الذنب أعظم عند الله؟
ﮈ ﮉ ﴾ [المائدة ،]72:ولما ُسئل النبي ﷺ عن ِّ
ك» (رواه البخاري.)4477:«أن َت ْج َع َل لِ َّل ِه نِ ًّدا وهو َخ َل َق َ
قالْ :
179
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ﴾ [العنكبوت ،]68:وقال تعالى﴿ :ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨ ﮩ﴾ [األحقاف.]3:
أما ما دون ذلك مما يدخل في :الكفر األصغر ،وهو الذي ال يخرج فاعله من
اإلسالم وال ينقض أصل اإليمان ،وإ َّنما ينقصه ،وهو الذي ورد في النصوص تسميته
كفرا ،ومن ذلك ما ثبت عن النبي ﷺ أنه سأل الصحابة رضي الله عنهم في إثر مطر
ً
قالقالَ : ورسو ُل ُه أ ْع َل ُمَ ،ف َ ون َما َذا َ
قال َر ُّبك ُْم؟ ُقالوا :ال َّل ُه َ كان من الليل فقال« :أ َت ْد ُر َ
قالُ :مطِ ْرنَا َبر ْح َم ِة ال َّل ِه وبِرِ ْز ِق فأما َمن َ ِ ِ ِ ِ ِ
أص َب َح من ع َبادي ُم ْؤم ٌن بي و َكاف ٌر بيَّ ، ال َّل ُهْ :
قالُ :مطِ ْرنَا بنَ ْج ِم َك َذا، وأ َّما َمن َ بَ ، ال َّل ِه وبِف َْض ِل ال َّل ِهَ ،فهو ُم ْؤ ِم ٌن بيَ ،كافِ ٌر بالك َْو َك ِ
باب ِ َفهو مؤ ِمن بالكَو َك ِ ِ
ب َكاف ٌر بي» (رواه البخاري ،)4147:وقول النبي ﷺ« :س ُ ْ ُْ ٌ
تان في وقتا ُل ُه ُكفْر» (رواه البخاري ،)6044:وقول النبي ﷺ« :ا ْثنَ ِ وقِ ، الم ْس ِل ِم ُف ُس ٌ
ٌ ُ
ب والنياح ُة ع َلى المي ِ اس ُهما ِ
ت» (رواه مسلم.)67: َ ِّ به ْم ُكف ٌْر :ال َّط ْع ُن في ال َّن َس ِ ِّ َ ال َّن ِ
أو الشرك األصغر ،وهو ما أتى في النصوص أ َّنه شرك ،ولم يصل إلى حد
ف ما أخ َو َ
«إن ْ
الشرك األكبر الذي ينقض أصل اإليمان ولكنَّه وسيلة إليه ،قال ﷺَّ :
الريا ُء» َ ِ الش ُ الش ُ
رسول الله؟ قالِّ : األصغ َُر يا
رك ْ األصغ َُر ،قالوا :وما ِّ
رك ْ أخاف عليكم ِّ
ُ
180
ِ
«من ح َلف بغيرِ الله فقد َ
كفر (رواه أحمد ،)23630:وما روي عن النبي ﷺ أ َّنه قالَ :
َ
أشرك» (رواه أبو داود.)3251: أو
أو النفاق األصغر ،وهو عمل شيء من أعمال المنافقين مع بقاء اإليمان في
القلب ،و ُيسمى النفاق العملي ،وهي خمسة أعمال :خيانة األمانة ،والكذب،
ــع َمن ُك َّن فيه والغدر ،والفجور في الخصومة ،وإخــاف الوعد ،قال ﷺَ :
«أ ْر َب ٌ
َت فيه َخ ْص َل ٌة ِم َن ال ِّنف ِ َت فيه َخ ْص َل ٌة ِ ِ
َاق ح َّتى منهن َكان ْ
َّ ومن َكان ْ كان ُم َناف ًقا َخال ًصاَ ، َ
ِ
اص َم َف َج َر» (رواه اه َد غ ََد َر ،وإ َذا َخ َث َك َذ َب ،وإ َذا َع َ ان ،وإ َذا َح َّد َ
َي َد َع َها :إ َذا اؤْ ُتم َن َخ َ
ف، ث َك َذ َب ،وإذا و َع َد ْ
أخ َل َ الث :إذا َح َّد َ المنافِ ِق َث ٌ«آي ُة ُ
البخاري ،)2459:وقال ﷺَ :
خان» (رواه البخاري.)6095: ِ
وإذا اؤْ ُتم َن َ
فهذه كلها -الكفر األصغر ،والشرك األصغر ،والنفاق األصغر -ال ُتخرج من
الملة وال تنقل عن اإلسالم؛ بل ينقص اإليمان بحسبها ويكون مستح ًّقا للعقوبة
أن يتوب صاح ُبها أو يعفو الله عنه .ويبقى َّ
أن الكفر األصغر أو الشرك بقدرها ،إال ْ
ْ
األصغر ُيحبط العمل الذي يقترن به فقط ،ألن فيه نوع التفات إلى غير الله ،ولكنَّه ال
يحبط جميع األعمال.
نواقض اإليمان:
1.1النواقض االعتقادية.
2.2النواقض القولية.
3.3النواقض العملية.
وهذه القسمة ليست فاصلة ،فبين هذه النواقض تداخل ،وإ َّنما هي قسمة
للتوضيح.
181
ً -
أول :نواقض اإليمان االعتقادية :وصورها كثيرة ،منها:
4.4الشك في حكم من أحكام الله ۴أو في خبر من أخباره التي ُعلِم ثبوتها
قطع ًّيا؛ كمن يشك في خبر القرآن أو في صدق النبي ﷺ ،قال تعالى:
﴿ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ
ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ﴾ [التوبة ،]45:وقال رسول الله ﷺْ :
«أش َه ُد
ب غير ٍّ سول ِ
الله ،ال ي ْل َقى ال َّل َه ِ أن ال إ َل َه َّإل ال َّل ُه ،وأنَّي َر ُ
شاكُ ،في ْح َج َ بهما َع ْب ٌد َ َ ْ
الجنَّ ِة» (رواه مسلم.)27: َع ِن َ
182
صحح مذهبهمَّ ،
ألن هذا 5.5من لم يك ِّفر المشركين أو َّ
شك في كفرهم ،أو َّ
تكذيب لخبر الله عنهم بأ َّنهم من الكافرين ،قال تعالى﴿ :ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ﴾ [آل عمران.]85:
أما عدم تكفير شخص لم يثبت كفره فال يدخل في ذلك.
7.7اإلعراض عن دين الله تعالى مطل ًقا ،فال يتعلم أصل الدين وال يعمل به،
قال تعالى ﴿ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ﴾ [السجدة.]22:
ستهز َأ بالله تعالى ،أو رسوله ﷺ ،أو دينه ،قال تعالى﴿ :ﮃ ْ 2.2
أن ُي َ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ
ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ
ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ﴾ [التوبة ،]66 ،65:وقال
تعالى﴿ :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
183
ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ
ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ﴾ [النساء.]140:
ون َك َّذا ُب َ
ون ث َد َّجا ُل َ
السا َع ُة َح َّتى ُي ْب َع َ
وم َّ يدعي النبوة :قال ﷺ« :الَ َت ُق ُ ْ 4.4
أن َّ
ين ُك ُّل ُه ْم َي ْز َع ُم أ َّن ُه َر ُس ُِ ِ
ول الله» (رواه البخاري)7121: ريب م ْن َثالَث َ
َق ٌ
يدعي علم الغيب ،قال تعالى﴿ :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ْ 5.5
أن َّ
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [النمل ،]65:وهناك صور أخرى كثيرة غيرها.
184
3.3رمي المصحف وتلويثه بالنجاسات أو دوسه باألقدام ،وهناك صور أخرى
كثيرة غيرها.
والخالصة :أنَّه ال يتم التصديق بأركان اإليمان إال باجتماع مراتب اإليمان
أخل بشيء منها َّ
اختل األربعة :قول القلب واللسان ،وعمل القلب والجوارح .فمن َّ
إيمانه بقدر ذلك.
األصل فيمن ينتسب لإلسالم بقاء إسالمه حتى ُيتحقق من كفره بمقتضى
يفرقون بين تكفير الفعل وتكفير الفاعل ،ففي األول
الدليل الشرعي ،وأهل السنة ِّ
يطلق القول بتكفير من تل َّبس بالكفر فيقال :من قال كذا ،أو فعل كذا؛ فهو كافر،
ولكن الشخص المع َّين الذي قاله أو فعله ،ال ُيحكم بكفره حتى تجتمع فيه الشروط
أن يكون مكل ًفا،
أن تتوفر فيه شروط التكفير وهيْ :
وتنتفي عنه الموانع ،فال بد ْ
مكرها أو
ً ومختارا ،وتنتفي عنه الموانع فال يكون مخط ًئا ،أو
ً وقاصدا،
ً وعالما،
ً
ً
متأول. جاهل ،أو
ً
185
مراجع لالستزادة:
5.5اإليمان حقيقته ،خوارمه ،نواقضه عند أهل السنة والجماعة ،عبد الله األثري.
1010ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة ،د .عبد الله القرني.
1111قواعد في بيان حقيقة اإليمان عند أهل السنة والجماعة ،عادل الشيخاني.
186
التعامل مع الشبهات
ذكرنا فيما سبق َّ
أن من وسائل زيادة اإليمان االبتعاد عن مواطن بث الشكوك
والشبهات ،والشبهة هي :ما اشتبه على اإلنسان وتردد فيه ،وهي ضد العلم ،والشبهة
قد تكون بسبب انعدام الدليل أو غموضه أو خفائه ،أو جهل صاحبها أو اتباعه هواه
وشهواته.
ونحن في زمن تعددت فيه وسائل التواصل واالتصال ،ويقع في هذه الوسائل
مقوالت يكثر فيها العبث بمصادر التلقي وقواعد االستدالل ،ورفض أو إنكار بعض
األصول واألحكام الشرعية المحكمة ،والتهوين من التزام أحكام الشريعة ،وهز
الثقة بكمالها ،أو إضعاف اليقين بها ،والمشكلة في مثل هذه األطروحات الكبرى
أ َّنها ُتوقع المسلم في حبائل التفريط في جنب الله تعالى ً
فهما وسلوكًا.
وحين تخبو جذوة اإليمان في قلب المسلم ،فإ َّنه ال يشعر بوقوعه في دوائر
الهوى ،لذلك كان جنس الشبهة أضر على المؤمن من جنس الشهوة ،فالشهوة ُيتاب
منها ،أما صاحب الشبهة فتوبته أصعب ،ويزيد األمر صعوبة حين تتداخل الشبهة
والشهوة ،ف ُتغ َّلف بعض شهوات النفوس وأهوائها بالشبهات ،وهذه الحالة تتطلب
نو ًعا من الصدمة اإليمانية؛ لتعيد للنفس توازنها ،وتدرك الفرق بين ميولها الشخصي
وتقريرات الوحي.
إن بعض الشبهات منزعها هوى شخصي يعتمد على العاطفة أو ال ُبعد النفسي،َّ
وحده لن
َ فالحجاج العلمي ومن وقع في الشبهات أو تعامل معها من هذا البابِ ،
189
وحده ليس ناف ًعا في كل حال ،وهذا مما ذكره القرآن ،فقال ولكون ِ
الحجاج العلمي َ
تعالى﴿ :ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ
ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾ [فصلت ،]44:بل قد يكون الحجاج بواب ًة لمزيد من
ً
ضالل ،كما قال تعالى﴿ :ﮤ االنحدار ،فال تزيده حجج الحق وبراهينه إال
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ﴾ [اإلسراء،]82:
وقال تعالى﴿ :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ
ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ﴾ [التوبة ،]125-124:وذلك بسبب أهواء
النفوس التي تمنعها من االنتفاع بالحق.
َّ
إن عملية الكشف عن أوجه المغالطات الموجودة في عدد من المقوالت
قدرا من دقة النظر ،وترك العجلة،
الفاسدة ليس باألمر الصعب ،لكنه يستدعي ً
وامتالك بعض األدوات النقدية التي ُت َم ِّكن صاحبها من رؤية مواضع الخلل منها،
فمن تلك األدوات ما يأتي:
1.1فك إجمال المقولة؛ فقد تتسم المقولة بقدر من اإلجمال ،ف ُتدخل في
وقدرا من الباطل ،فإطالق القول بقبولها خطأ ،كما َّ
أن ً قدرا من الحق
طياتها ً
أيضا ،والموقف السليم هنا في االستفصال الذي يؤدي بصاحبه
ردها خطأ ً
إلى إدراك مواضع الحق والباطل من المقولة .مثل قولهم :اإلسالم دين
190
التعايش .فإن كان يقصد أ َّنه ُيحسن إلى غير المسلمين ،ويعطيهم ح َّقهم
وإن كان يقصد َّ
أن التعايش يستلزم إلغاء أحكام وال يظلمهم ،فهذا حقْ ،
التكفير فهذا باطل ،وهكذا.
2.2كسر سطوة الشهرة واالنتشار؛ فبعض المقوالت تكتسب قوة زائفة بسبب
شهرتها وانتشارها وقبول كثير من الناس لها ،والعاقل يدرك َّ
أن مجرد
معيارا للحق والباطل ،بل معيار الحق والباطل
ً االنتشار والشهرة ليس
في األقوال والمعتقدات :ما تقوم عليه من األدلة والحجج .مثل قولهم:
اإلسالم دين المساواة ،فهذه الدعوى مشهورة ولكنها ليست صحيحة،
فاإلسالم دين العدل ،وهو إعطاء كل ذي حق حقه سواء اقتضى ذلك
المساواة أو ال.
191
5.5التحرر من سجن المقولة :فبعض المقوالت تصاغ بطريقة تستدعي
صحيحا مع
ً موق ًفا إما بالموافقة عليها وإما برفضها ،وهو موقف قد يكون
بعض المقوالت ،ولكن ليس معها كلها ،فليس بالزم ْ
أن ينحصر الموقف
الصحيح في الموافقة أو الرفض ،بل قد يكون الموقف الصحيح في موقف
ثالث أوهمت المقولة أ َّنه غير موجود .مثل قولهم :هل نقدم العقل أو
النقل؟ والصواب ليس في أحد الخيارين ،وإنما في تقديم القطعي منهما
كما تقدم شرحه.
192
9.9كشف المضمرات الفاسدة :بعض الناس يحملهم على تبني بعض
المقوالت مضمرات خارجة عن مضمونها المعرفي .مثل قولهم :أكثر
الناس يقولون هذا ويفعلونه ،والحكم هنا خيار األكثرية ال المعرفة ،وهناك
من قد يدفعه الكبر والحسد والعصبية وحب المال أو الجاه وغير ذلك إلى
تبني بعض المقوالت الباطلة.
1010ال يلزم من صحة الدليل صحة االستدالل :فقد يستدل البعض بدليل
صحيح ولكن يحمله على غير وجهه ،مثل :من يستدل بحديث «أنتم
أعلم بأمر دنياكم» (رواه مسلم )2363:على حث الشارع على الفصل بين
الدين والدنيا ،وهذا باطل.
حينما َت ِرد على اإلنسان شبهة يجب أال يجعل قلبه مثل اإلسفنجة ،فيتشربها؛ فال
ينضح إال بها ،ولكن يجعله كالزجاجة المصمتة ،تمر الشبهات بظاهرها وال تستقر
فيها؛ فيراها بصفائه ويدفعها بصالبته ،وهذا سر من أسرار تشريع طلب الهداية في
اليوم والليلة أكثر من ( )17مرة ،عن طريق تكرار سورة الفاتحة ،قال تعالى﴿ :ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ﴾ [الفاتحة .]6-5:فإن ُحملت
إن ُتركت مرت ًعا ِّ
لكل حب الحق واالستجابة له؛ انقادت وأسلمت ،أما ْ
القلوب على ِّ
193
ٍ
عارض تتقبله من غير تمييز فإنها تكون ُعرض ًة للشبهات والوساوس .وعليه ْ
فإن
محكما،
ً أمرا عرضت لإلنسان شبهة فعليه ْ
أن يتعامل معها على أ َّنها شبهة وليست ً
وعليه ْ
أن يتعامل معها وفق القواعد واألصول اآلتية:
2.2ال بد من السعي إلى معرفة األدلة العقلية والنقلية على صحة اإلسالم،
والقرآن ،والنبوة ،ومعرفة الثوابت ،بأدلة محكمة ،وال بد لإلنسان من الزاد
اإليماني .قال تعالى ﴿ :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [الزمر.]9:
َّ 3.3
إن قوة الشبهة ليست في ذاتها ،بل تقوى بسبب ضعف العلم الذي يملكه
عالما؛ ضعفت الشبهة واندثرت ،وك َّلما َّ
قل المتلقي .فكلما كان اإلنسان ً
علمه؛ َّ
فإن الشبه قد تؤثر في إيمانه وتزعزع يقينه ،فصراع األفكار كصراع
أن يقاوم بد ًنا أقوى منه ،وعليه قبل ْ
أن األبدان ،فالبدن الهزيل ال يستطيع ْ
يصارعه ْ
أن يتدرب ويتعلم.
5.5ال نقبل أي دعوى دون دليل ،فأي دعوى ال بد من ذكر الدليل عليها ،وال نقبل
مجرد الدعاوى المبنية على االنطباعات الذاتية واألهواء الشخصية .قال
تعالى﴿ :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [البقرة.]111:
194
6.6إذا كــان الدليل على الشبهة مــوجــو ًدا ،فهل الدليل يقود لنفس نتيجة
الدعوى؟ هل الدليل مجتزأ؟ هل هناك نصوص تم تجاهلها أو إغفالها؟
فمثل من يطعن بالسنة غال ًبا يحتج باألحاديث
هل الفهم للدليل صحيح؟ ً
واآلثار التي توافق هواه فقط دون سواها.
8.8معرفة َّ
أن وجود المتشابه هو من باب االختبار واالبتالء ،والتربية على
النظرة الشمولية ،وإظهار التفاضل في العلم والفهم واإليمان ،وعلينا ْ
أن
نجتهد في تحصيل العلوم التي تعين على فهم المتشابه وتعين على اتساع
المدارك.
9.9لكل مسألة مشكلة إجابة ،ومهمتنا هي البحث عنها ،فالدين كامل وصالح
لكل زمان ومكان ،ومما يساعدنا في ذلك البحث واالطالع على ردود
المتخصصين في هذه األبواب.
195
الدعاء والثناء على الله تعالى وسؤاله التوفيق والسداد ،واإلكثار من
ذكر الله تعالى ،قال تعالى﴿ :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ﴾ [األنــفــال ،]45:وأعظم الذكر:
قراءة القرآن وتدبره.
8.8معرفة َّ
أن صاحب الهوى ال تنفعه الحجج وال تزيده البراهين إال ُب ْع ًدا ،فمن
ال يبحث عن الحق بصدق؛ فسوف يتجاهله عندما يظهر له.
196
مراجع لالستزادة:
1010منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الفتن العامة ،د .عبد الله
الدميجي.
197
الخاتمة
فإن الله قد َّ
حث على االستزادة من اإليمان فقال﴿ :ﭻ ﭼ ﭽ وختاما َّ
ً
ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [النساء ،]136:وأخبرنا َّ
بأن فالح العبد وعزته ال يكون
إال باإليمان ،فقال﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ﴾ [المؤمنون ،]1:وأخبرنا بأ َّنه قد كتب
المغفرة والجنة للمؤمنين ،قال تعالى﴿ :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ﴾ [الحج ،]50:وقال تعالى﴿ :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ﴾ [الكهف ،]107:وقال تعالى﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ
وكر ْه إلينا ﭷ﴾ [البقرة ،]25:فال َّل ُه َّم ح ِّب ْ
ب إلينا اإليمان وز ِّينْه في قلوبناِّ ،
الكفر والفسوق والعصيان ،واج َع ْلنا من الراشدين.
201
المصادر والمراجع
1.1آثار اإليمان باليوم اآلخر من تفسير الطبري ،د .سعود العقيل.
205
1818اإليمان بالكتب ،د .محمد الجهني.
2323البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله ،عبد الرحمن السعدي.
206
3636حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ،د .محمد التميمي.
3737الحياة اآلخرة ما بين البعث إلى دخول الجنة أو النار ،د .غالب عواجي.
207
5555القبر عذابه ونعيمه ،حسين العوايشة.
6060قواعد في بيان حقيقة اإليمان عند أهل السنة والجماعة ،عادل الشيخاني.
6767المدخل لدراسة العقيدة اإلسالمية على مذهب أهل السنة والجماعة ،د.
إبراهيم البريكان.
6969معالم الرحمة في عقيدة اإليمان باليوم اآلخر ،د .عبد السالم يوسف.
208
7373المالئكة في القرآن الكريم ،دراسة تحليلية موضوعية ،د .عبد المنعم
الحواس.
7474منهج االستدالل على مسائل االعتقاد عند أهل السنة ،عثمان علي حسن.
8080اليوم اآلخر في القرآن الكريم والسنة النبوية ،د .عبد المحسن المطيري.
8484مقال :العالقة بين الدين والعلم التجريبي ،محمد بن عبد الله القرني.
8585مقاالت :أدلة صدق الرسل ،وبماذا يتحقق اإليمان باألنبياء ،ومن خصائص
النبي ﷺ ،لعبد الله القصير.
209
9090مقاالت :الحكمة من اليوم اآلخر ،وكيفية البعث يوم القيامة ،وكيف يكون
اإليمان بالقدر ،لعبد الله القصير.
9595مقاالت :كيف َّية اإليمان بالكتب ،واإليمان بالقرآن الكريم ،لعبد الله
القصير.
9696مقال :منهج أهل السنة في االستدالل وخصائصهم ،أ .د .ناصر القفاري.
9797مقال :ال إله إال الله فضلها وآثارها ،د .سعد البريك.
10104موقع السبيل.
210
10106موقع شبكة األلوكة.
211