You are on page 1of 13

‫تاريخ اإلرسال‪ - 2016/10/11 :‬تاريخ القبول للنشر‪ 2016/11/21 :‬تاريخ النشر‪2016/12/26 :‬‬

‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫النشاط اإلشهاري في الجزائر‪:‬‬

‫أن سوق اإلشهار عرفت طفرة في مجال‬‫يتبين من خالل قراءة تحليلية لبيانات تتعلق بقطاع اإلشهار في الجزائر‪ّ ،‬‬
‫االستثمارات‪ ،‬حيث انتقلت من مبلغ ‪ 4‬ماليير دينار في ‪ 2004‬إلى ‪ 9.8‬مليار دينار في عام ‪ ،2006‬وفي‬
‫السياق ذاته تبين الدراسات حدوث تطور نوعي في الوسائل المختارة لبث اإلعالنات‪ ،‬بحيث قدر في ‪2004‬‬
‫المبلغ المخصص لإلشهار بواسطة الصحافة المكتوبة ب‪ 3‬ماليير من أصل أربعة ماليير و واحد مليار فقط ذهب‬
‫للراديو والتلفزيون‪ ،‬أما في عام ‪ 2006‬اختلف األمر تماما وخصص للتلفزيون والراديو ‪ 56%‬من هذا المبلغ ‪ ،‬من‬
‫أصل ‪ 9.8‬مليار دينار‪ ،‬و تحصلت الصحافة المكتوبة على ‪ 39%‬من هذا المبلغ‪ ،‬وهذا يعني أن المعلنين أضحى‬
‫اختيارهم يتجه أكثر للقطاع السمعي البصري رغم ارتفاع تكاليفها‪ ،‬ومنه يتبين أيضا أن المستثمرين ادرجوا عامل‬
‫اإلشهار ضمن عوامل إنجاح مشاريع أعمالهم‪.‬‬

‫هذا من ناحية االستثمارات المالية في اإلشهار‪ ،‬أمّا من ناحية االستثمارات في أنشاء المؤسسات اإلشهارية فالي‬
‫جانب الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار تسجل الساحة الوطنية حاليا أكثر من ‪ 800‬مؤسسة خاصة تنشط في ميدان‬
‫اإلشهار التجاري‪ ،‬بما فيها مستثمرين محليين وأجانب ذوي الطابع القانوني الجزائري‪ .‬وعلى رأس القطاعات‬
‫األكثر استثمارا في اإلشهار التجاري هي قطاع الهاتف النقال‪ ،‬والسيارات والمنتجات الزراعية والغذائية المصنعة‪.‬‬

‫بأنها سوق ضعيفة جدا ‪ ،‬لكن المالحظ‬‫تتسم سوق االعالن في الجزائر ‪-‬اذا ما قورنت بسوق االعالن العالمية‪ّ -‬‬
‫في السوق الجزائرية انها بدأت تعرف تناميا كبيرا لإلنفاق االشهاري بداية من التسعينيات ‪ ،‬حيث بدأ النشاط‬
‫االقتصادي يشهد حركة نوعية تحت تأثير مبادرة القطاع الخاص ونمو النشاط االشهاري خارج الوكالة الوطنية‬
‫للنشر واالشهار ‪ ،‬ففي الفترة القصيرة بين ‪ 1997-1998‬عرفت نسبة النمو لسوق االشهار في الجزائرقيمة ناهزت‬
‫‪ ، ٪14,34‬حيث ارتفع مجمل االنفاق االشهاري من ‪ 854‬الى ‪997‬مليون دينار جزائري سنة‪( .1998‬نور‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬
‫الدين هميسي‪ ،2005-2006 ،‬ص ‪)126‬‬

‫ويبين الجدول التالي اهم المتعاملين في مجال االشهار لسنة ‪ 2010‬حسب دراسة قامت بها وكالة ‪، sigma‬‬
‫أهم عشر متعاملين في مجال االنفاق االشهاري ‪ ،‬وكذا قيمة االستثمار االشهاري لكل متعامل من‬
‫والتي توضح ّ‬
‫المتعاملين ‪.‬‬
‫قيمة االستثمار االشهاري‬ ‫المعلنون‬
‫‪ 1246‬مليون دينار‬ ‫اوراسكوم تلكوم الجزائر‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 924‬مليون دينار‬ ‫الوطنية لالتصاالت الجزائر‬ ‫‪2‬‬
‫‪ 724‬مليون دينار‬ ‫الجزائرية لالتصاالت موبيليس‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 717‬مليون دينار‬ ‫مجموعة سيفيتال‬ ‫‪4‬‬

‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬ ‫‪384‬‬


‫‪384‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫‪ 427‬مليون دينار‬ ‫هيونداي موتورز(‪)HYUNDAI MOTORS‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪ 379‬مليون دينار‬ ‫رونو الجزائر(‪)RENAULT‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪ 235‬مليون دينار‬ ‫دانون الجزائر (‪)DANONE‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪ 220‬مليون دينار‬ ‫تويوتا الجزائر(‪)TOYOTA‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪ 208‬مليون دينار‬ ‫نيسان الجزائر(‪)NISSAN‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪ 148‬مليون دينار‬ ‫سامسونغ (‪)SAMSUNG‬‬ ‫‪10‬‬

‫من خالل الجدول السابق والذي يبين اهم المعلنين في الجزائر وحجم المبالغ المرصودة من قبل كل متعامل‬
‫‪ ،‬يأتي متعامل الهاتف النقال اوراسكوم تلكوم في المرتبة االولى ب ‪ 1246‬مليون دينار ثم الوطنية لالتصاالت‬
‫الجزائر بـ ‪924‬مليون دينار تليها الجزائرية لالتصاالت موبيليس بـ‪ 742‬مليون دينار ‪ ،‬لتاتي مجموعة سيفيتال‬
‫بـ‪717‬مليون دينار ثم باقي مؤسسات بيع السيارات ‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫فإن اهم المبالغ المالية التي تم ضخها في سوق‬
‫االشهار مصدرها مؤسسات االتصاالت والتي دخلت المنافسة فيما بينها لكسب سوق الهاتف النقال في الجزائر منذ‬
‫سنة ‪ ، 2001‬كما تمثل سوق السيارات في الجزائر مصدرا هاما للمداخيل االشهارية والتي تفوق ‪ 1200‬مليون‬
‫دينار مجتمعة ‪.‬‬

‫التنظيم القانوني لإلشهار في الجزائر‪:‬‬

‫إن غياب االهتمام باإلشهار في الجزائر في سنوات ما قبل التسعينات أعازه الكثيرون إلى النهج االشتراكي الذي‬
‫سلكته الجزائر غداة االستقالل والذي ال يفسح المجال للمنافسة في المجال التجاري واحتكار الدولة لكل النشاطات‬
‫التجارية واالقتصادية باإلضافة الى إهمال المؤسسات هذا الجانب اإلتصالي كما أن العمل بمفهوم اإلعالم واالتصال‬
‫كقطاع غير منتج أضاف لإلشهار إهماال وافتقارا‪ ،‬فمنذ االستقالل لم يظهر أي قانون لإلشهار في الجزائر‪ ،‬بل اقتصرت‬
‫سياسة السلطات على إهمال الظاهرة اإلشهارية باعتبارها تتعارض تماما مع الخط العام للسياسة اإلعالمية الجزائرية‪.‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬

‫فقانون اإلعالم الجزائري لسنة ‪ 1982‬وهو األول من نوعه الذي عرف اإلشهار بمصطلح اإلعالم االقتصادي والتي‬
‫مفادها التعريف بما تنتجه المؤسسات‪ ،‬ولم تبرز أهمية اإلشهار في الجزائر إال مع بروز الصحافة الخاصة وازدياد ما‬
‫يمكن تسميته بخطر القنوات األجنبية على الجمهور الجزائري‪ ،‬وقد تم تحضير نص قانون حول اإلشهار في مارس‬
‫‪ 1991‬من طرف المجلس األعلى لإلعالم‪ ،‬واقتضى هذا النص تأسيس المجلس األعلى لإلشهار كمجلس له الهيئة‬
‫المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬أما مهمته فهو تشجيع النشاط اإلشهاري وتقنياته‪ ،‬إضافة إلى السهر على احترام قواعد‬
‫اإلشهار ‪.‬‬

‫جاء هذا النص القانوني ليضع ويرسم الحدود التي يتم فيها اإلشهار‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪385‬‬
‫‪385‬‬ ‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫•يمنع اإلشهار الذي يحث على العنف‪.‬‬ ‫ ‬

‫•يمنع اإلشهار الذي يحتوي على مظاهر العنف‪.‬‬ ‫ ‬

‫•يمنع اإلشهار الذي يخل بالنظام العام‪.‬‬ ‫ ‬

‫•يمنع اإلشهار الذي يخالف العادات والسلوكيات الجنسية‪.‬‬ ‫ ‬

‫•يمنع اإلشهار الذي يشيد بالجريمة والعنصرية‪.‬‬ ‫ ‬

‫•يمنع اإلشهار الذي يعيب بمنتوج معين أو خدمة بطريقة محتقرة‪.‬‬ ‫ ‬

‫•يمنع اإلشهار المخالف للقيم الوطنية المكرسة للميثاق الوطني والقيم اإلنسانية المعروفة عالميا‪.‬‬ ‫ ‬

‫•يعاقب القانون من يخالف هذه التوصيات بالسجن أو بدفع غرامة مالية‪.‬‬ ‫ ‬

‫أما من حيث الشروط اإللزامية التي جاء بها هذا القانون فهي‪:‬‬

‫•الحصول على تأشيرة مسبقة من المجلس األعلى لإلعالم في حالة استعمال أحاديث قرآنية أو آيات دينية‪.‬‬ ‫ ‬

‫•تحديد نوع اإلشهار برمز وهذا حسب الحاالت‪.‬‬ ‫ ‬

‫•أن يكون اإلشهار شرعيا حقيقيا‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪ 1-2‬مختلف الضوابط القانونية لسوق اإلشهار في الجزائر‪:‬‬


‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬
‫في غياب قانون لإلشهار تعددت النصوص القانونية المنظمة لهذا القطاع في الجزائر منذ االستقالل وعرفت عدة‬
‫أشكال تختلف في مضامينها وتصب في قالب واحد وهو القبضة المحكمة من طرف القطاع العام لسوق اإلشهار‪،‬‬
‫وسنحاول في البداية التطرق للنصوص القانونية المتعلقة باإلشهار طيلة الفترة الممتدة من ‪ 1963‬إلى غاية‬
‫‪ 1989‬وقد عرفت هذه الفترة وقبل التأسيس لمرحلة االحتكار قانونين هما على التوالي‪:‬‬

‫المرسوم رقم ‪ 301 – 63‬المنظم لإلشهار التجاري‪:‬‬

‫أراد المشرع الجزائري بعد االستقالل سد الفراغ القانوني وإلغاء القوانين الفرنسية السابقة المنظمة لهذا المجال‬
‫وفقا للتصور السياسي واالقتصادي لجزائر ما بعد االستقالل‪ ،‬فجاء المرسوم رقم ‪ 301 – 63‬والذي تضمن ‪5‬‬

‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬ ‫‪386‬‬


‫‪386‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫مواد وردت المادة األولى من اجل حماية األسس العقائدية ألغراض اقتصادية محضة‪ ،‬ليعبر المشرع في الفقرة‬
‫الثانية بلفظة «المنع» على عدم سري أنها في كل العالمات واألسماء التجارية وعلى الشعارات ليذكر باقي القائمة‬
‫وينتهي باإلعالنات عن طريق الصحف أو بصفة عامة كل أنواع اإلشهار) زكية جدايني‪ ،2001 ،‬ص (‪ 65‬وتنص‬
‫المادة الثانية صراحة على أن اإلعالنات التي تكون محور منع‪ ،‬تخضع للفحص من قبل لجنة وطنية مختصة مقرها‬
‫الرئيسي بوزارة الداخلية وتتكون اللجنة من‪:‬‬

‫•ممثل وزارة الداخلية‬ ‫ ‬

‫•ممثل وزارة الشؤون الخارجية‬ ‫ ‬

‫•ممثل عن وزارة الصناعة والطاقة‬ ‫ ‬

‫•ممثل عن وزارة التجارة‬ ‫ ‬

‫•ممثل عن وزارة الحبوس‬ ‫ ‬

‫•ممثل عن اإلعالم‬ ‫ ‬

‫تعطي المادة الثالثة المدة الزمنية التي يقتضي لصاحب اإلعالن من خاللها تعديل منتوجه اإلشهاري ‪،‬ونزع العبارات‬
‫الدينية أو السياسية‪ ،‬وذلك من خالل ثالثة أشهر وبعد هذه المدة يطبق القرار الوزاري بالمنع ويعرض صاحبه‬
‫للحجز و محله للغلق الدائم أو المؤقت و هذا ما نصت عليه المادة الرابعة‪.‬‬

‫نالحظ أن هذا المرسوم هو أول قانون نظم اإلشهار التجاري‪ ،‬والجدير بالذكر أن كل القوانين الواردة فيما بعد لم‬
‫تأت إللغائه بمعنى أنه ساري المفعول إلى يومنا هذا‪ ،‬لكن يبقى حبيس عدم مراعاة أحكامه )بلقاسمي رابح‪،‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬

‫‪ ،2007‬ص (‪ ، 36‬ويلي هذا المرسوم‪ ،‬األمر رقم ‪.67-279‬‬

‫األمر رقم ‪ 67-279‬المتضمن إنشاء الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار‪.‬‬

‫احتوى األمر على أربعة مواد وملحق بالقانون األساسي المنظم للوكالة‪ ،‬المادة األولى أسست وأطلقت اسم الشركة‪،‬‬
‫أما المادة الثانية فقد حددت كيفيات تسييرها من خالل القانون األساسي وتلتها المادة الثالثة لتؤكد أن حل هذه‬
‫الشركة ال يتم إال بنص ذو صبغة تشريعية‪ ،‬مما يفسر أن األمر بالرغم من صدوره من السلطة التنفيذية إال أنه ذو‬
‫طبيعة تشريعية‪ ،‬وقد جاء هذا األمر بعد رسم الوجهة االقتصادية نحو النظام االشتراكي مما يستدعي تسيير‬
‫سوق اإلشهار من خالل القطاع العام‪.‬‬

‫‪387‬‬
‫‪387‬‬ ‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫وقد قسم المشرع القانون األساسي الملحق باألمر إلى ستة أبواب في ‪ 28‬مادة وهي كما يلي‪:‬‬

‫الباب األول‪ :‬التسمية والشخصية والمركز‪.‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬الموضوع والهدف والوسائل‪.‬‬

‫الباب الثالث‪ :‬رأسمال الشركة‪.‬‬

‫الباب الرابع‪ :‬المجلس االستشاري‪.‬‬

‫الباب الخامس‪ :‬أحكام مالية‪.‬‬

‫وما يهمنا هو الباب الثالث والذي يحتوي على المادة الثامنة‪ ،‬حيث تعطي صالحية تحديد رأسمال الشركة للقرار‬
‫المشترك بين وزيري اإلعالم والمالية مما توحي على طبيعة البيئة السائدة والمبنية على النظام المركزي‪ ،‬بدل‬
‫إخضاع تحديد رأس المال للمنطق االقتصادي‪.‬‬

‫بعد عرض القانون األساسي تكون الوكالة هي الممثل الرسمي التي تشرف على سوق اإلشهار في الجزائر وتبقى‬
‫المهيمنة الوحيدة إلى غاية دستور ‪ ،1989‬وإقرار التعددية السياسية دعمتها نصوص قانونية كرست االحتكار‬
‫وهيأت أرضية السوق والية نشاطه لصالح الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار»‪.« ANEP‬‬

‫النصوص القانونية المؤسسة الحتكار قطاع اإلشهار‪:‬‬

‫تحدثنا سابقا على العالقة الوطيدة بين آليات اإلشهار والنظام االقتصادي‪ ،‬وهو مرتبط بالدرجة األولى مع النظام‬
‫الليبرالي الذي يخضع لمنطق السوق ومتطلباته‪ ،‬فيما تكمن طبيعة اإلشهار في النظام االشتراكي إلى التوجيه‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬
‫والتسيير لخدمة المصلحة الجماعية و تدخل القطاع العام‪ ،‬في هذا الصدد سنتطرق الى اهم النصوص القانونية‬
‫التي استند اليها المشرع في إطار احتكار اإلشهار وأوكله للوكالة الوطنية للنشر و اإلشهار‪.‬‬

‫األمر رقم ‪ 68-78‬المتضمن تأسيس احتكار اإلشهار التجاري‪:‬‬

‫لم تمر سنة من صدور األمر المتعلق بإنشاء الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار‪ ،‬حتى صدر أمر يقرّ بتأسيس االحتكار‬
‫اإلشهاري متمثال في األمر رقم ‪ 68-78‬الذي يسند حق االحتكار للوكالة‪ ،‬ويتكون النص من إحدى عشر مادة‬
‫(الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،39‬ص ‪ ، )498‬المادة األولى تعلن صراحة عن تأسيس االحتكار لتليها المادة الثانية‬
‫وتسند هذا الحق للوكالة الوطنية للنشر واإلشهار بعد صدوره في الجريدة الرسمية مباشرة‪ ،‬ومن خالل قراءتنا‬

‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬ ‫‪388‬‬


‫‪388‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫المتأنية و الدقيقة لهذا األمر سنحاول التعليق على ما يهمنا في هذا المجال من خالل المادتين الثالثة و الثامنة‪:‬‬
‫تنص المادة الثالثة على « أنه ّ‬
‫يرخص للجماعات المحلية والهيئات الوطنية و الجمعيات الرياضية و الثقافية بإنتاج‬
‫و توزيع نشراتها الخاصة أو النشرات الصادرة من الغير بشرط أن تكون داخلة في اإلطار العادي لنشاطها»‪ ،‬و هو‬
‫ما سمح ضمنيا إلنشاء مكاتب نشاطات إشهارية حتى لغيرها دون مراعاة الشرط و هذه ثغرة قانونية كان باإلمكان‬
‫استغاللها من قبل الجمعيات و الهيئات الوطنية لممارسة نشاط مشابه للوكالة اإلشهارية لكن مع نوع من التحفظ‬
‫فقط‪.‬‬

‫أما المادة الثامنة فقد تضمنت» أن النشرات الصحفية والبالغات تعلن عن طريق الصحافة الوطنية دون غيرها»‬
‫والهيئات المرخص لها من قبل وزير األنباء‪.‬‬

‫والفقرة الثانية استثنت المؤسسات العمومية ذات الصبغة التجارية والصناعية و التي يمكن لها أنتاج شريطها‬
‫الدعائي‪ ،‬لكن بشرط أن يكون لها ترخيص من وزير األنباء‪ ،‬أما الشرط الثاني فالتوزيع يبقى حكرا للوكالة و الذي‬
‫يمكن قراءته بأنه يمكن للمؤسسات اللجوء في أنتاج الشريط الدعائي إلى وكالة إشهارية أجنبية‪ ،‬لكن يبقى‬
‫التوزيع حكرا على الوكالة‪.‬‬

‫مشروع قانون اإلشهار جويلية ‪:1999‬‬

‫نظرا لتنامي أهمية اإلشهار ودوره االقتصادي و اإلعالمي‪ ،‬و اعتبارا لواقع اإلشهار في الجزائر المتميز بوجود أحكام‬
‫مبعثرة في عدة قوانين‪ ،‬الشيء الذي أنتج ممارسات سلبية‪ ،‬ظهرت الحاجة الملحة لمعالجتها و بالتالي وضع إطار‬
‫قانوني خاص باإلشهار قصد مسايرة التحوالت الكبيرة التي تشهدها البالد‪.‬‬

‫ّ‬
‫إن نص القانون يكتسي أهمية بالغة باعتباره يهدف إلى استكمال المنظومة القانونية المتعلقة باإلعالم واالتصال‪،‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬

‫باعتباره أداة تسهم في إعالم وتوعية الجمهور وتؤثر مباشرة في سلوكياته االستهالكية هذا من جهة‪ ،‬و باعتباره‬
‫كذلك شكل من إشكال التعامالت التجارية من جهة أخرى‪.‬‬

‫وبخصوص الممارسة اإلشهارية يحدد المشروع مجال اختصاص كل طرف على صعيد آخر يكرس مبدأ حرية المعلن‬
‫في اختيار الدعائم التي من خاللها يبث إعالناته اإلشهارية‪ ،‬كما أدرج المشروع سلسلة من األحكام المعمول بها‬
‫عالميا قصد حماية البيئة واألمن العمومي‪ ،‬وحماية التراث الثقافي و الملكية الخاصة و هذا بتحديد األماكن التي‬
‫توضع فيها اإلعالنات اإلشهارية المختلفة‪.‬وفي هذا السياق ينبذ كل إشهار يمكن أن يلحق أضرارا بالجمهور أو‬
‫يتضمن مشاهد عنيفة أو يدفع للمجازفة‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫‪389‬‬ ‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫وفي األخير يتضمن المشروع سلسلة من العقوبات‪ ،‬و إذا كان مشروع هذا القانون قد حضر في عهد الرئيس‬
‫اليامين زروال ونوقشت مواده في عهد الرئيس بوتفليقة و مصادق عليه في الغرفة األولى للبرلمان إال أنه لم يصدر‬
‫بعد كقانون لإلشهار ولم يرفع عنه التجميد حتى كتابة هذه األسطر‪.‬‬

‫قراءة في نص مشروع القانون «جويلية ‪ »1999‬المتعلق باإلشهار‬

‫نظرًا لألهمية المذكورة‪ ،‬واعتبارا لواقع اإلشهار في الجزائر المتميز بوجود أحكام مبعثرة في عدة قوانين‪ ،‬الشيء‬
‫الذي أنتج ممارسات سلبية‪ ،‬ظهرت الحاجة الملحة لمعالجتها وبالتالي وضع إطار قانوني خاص باإلشهار قصد‬
‫مسايرة التحوالت الكبيرة التي تشهدها البالد‪ .‬لذا سنحاول تقديم قراءة في نص مشروع القانون المتعلق‬
‫باإلشهار والذي صودق عليه في الغرفة االولى للبرلمان وكان من المفروض ان يصدر كقانون منظم لمجال النشاط‬
‫االشهاري في الجزائر‬

‫محتوى النص ‪ :‬جاء النص في جانبه الشكلي في ستة ابواب معنونة كما يلي‬

‫الباب األول‪ :‬المبادئ العامة‪ 12 :‬مادة‪.‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬تنظيم وممارسة النشاطات اإلشهارية‪.‬‬

‫الفصل األول (‪ )06‬مواد‪ :‬تنظيم النشاطات اإلشهارية‪.‬‬

‫الفصل الثاني (‪ )06‬مواد‪ :‬ممارسة األنشطة اإلشهارية‪.‬‬

‫الفصل الثالث (‪ )09‬مواد‪ :‬اإلشهار الخارجي‪.‬‬


‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬
‫الباب الثالث (‪ )12‬مادة‪ :‬محتوى اإلشهار‪.‬‬

‫الباب الرابع (‪ )16‬مادة‪ :‬اإلشهارات الخاصة‪.‬‬

‫الباب الخامس (‪ )05‬مواد‪ :‬هيئة متابعة اإلشهار‪.‬‬

‫الباب السادس (‪ )04‬مواد‪ :‬أحكام خاصة‪.‬‬

‫تضمن الباب االول اثنتي عشرة مادة‪ ،‬حددت المادة االولى هدف هذا القانون‪ ،‬أمّا المادة الثانية فتضمنت تعريف‬
‫مفهوم االشهار على ّأنه « ذلك االسلوب االتصالي الذي يعد ويقدم في اشكال محددة في هذا القانون مهما‬

‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬ ‫‪390‬‬


‫‪390‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫كانت الدعامة المستعملة‪ ،‬قصد تعريف وترقية أي منتوج أو خدمة ‪ ،‬أو شعار ‪ ،‬أو صورة او عالمة تجارية ‪،‬أو سمعة‬
‫أي شخص طبيعي او معنوي ‪ ،‬كما تشمل العبارة كذلك االنشطة شبه اإلشهارية»‬

‫أمّا المادة الثانية فتضمّنت‪ّ :‬‬


‫أن المقصود « بالدعائم االشهارية» كل الوسائل المستعملة إليصال اإلعالن االشهاري‬
‫الى الجمهور‪ ،‬وكذا االشهار الخارجي واالشهار عن طريق الصحافة المكتوبة والوسائل السمعية البصرية» ‪ ،‬وهنا‬
‫أدرج المشرع مصطلح االعالن االشهاري ‪ ،‬وبالمقابل يقصد بها بالنص الفرنسي الرسالة االشهارية ‪le message‬‬
‫‪. publicitaire‬‬

‫كما تضمنت المادة الرابعة تفسير ما يقصد بعبارة االنشطة شبه االشهارية وحددتها في ثالث نقاط‬

‫أوال‪ :‬الرعاية االشهارية ‪ :‬وهي شكل من أشكال التمويل والدعم والمساهمة يقوم بها شخص معنوي لعمليات تهدف‬
‫الى ترقية البرامج والتظاهرات واالنشطة االقتصادية واالجتماعية والثقافية والرياضية ‪ ،‬بشكل يسمح بترقية اسم‬
‫هذا الشخص المعنوي أو عالمته أو صورته أو منتوجاته أو أنشطة خدماته‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرعاية وهي مساهمة شخص طبيعي أو معنوي لتمويل أو دعم أو ترقية نشاط مقابل حقه في ابراز اسمه أو‬
‫االسم التجاري لشركته قصد ترقية سمعته بشرط ان ال يكون القصد من وراء ذلك بصفة مباشرة‪ ،‬الترقية التجارية‬
‫للمواد أو المنتوجات او الخدمات‪.‬‬

‫ثالثا الرعاية األدبية او الفنية‪ :‬هي شكل من أشكال التمويل أو الدعم أو الترقية تكون تحت إشراف شخص معنوي‬
‫او طبيعي ومدعمة من ِقبله‪ ،‬من اجل إنجاز برنامج أو تنظيم أنشطة ذات أهمية ثقافية أو علمية او فنية أو اجتماعية‪،‬‬
‫تكون موجهة للبث او العرض ‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫أن الرعاية مرتبطة دائما باألعمال المتعلقة باإلبداعات الفنية واالدبية ‪.‬‬

‫اما المادة السادسة فعرفت من هو المعلن كما يلي « هو كل شخص طبيعي او معنوي يدرج اعالنا اشهاريا او يوكل‬
‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬

‫الغير بإدراجه»‬

‫أمّا النقطة الهامة واألساسية التي وردت في هذا المشروع فقد وردت في المادة السابعة ونصت على ما يلي‪ »:‬كل‬
‫معلن حر في اعداد االعالنات االشهارية واختيار الدعام التي ينشر ويبث بواسطتها اعالناته االشهارية مع مراعاة‬
‫احكام هذا القانون «‬

‫أن هذه المادة هي التي أعاقت المصادقة على مشروع قانون اإلشهار وتركته حبيس االدراج‪،‬‬ ‫ففي رأيي الشخصي ّ‬
‫فمع وجود المادة السابقة يعني رفع احتكار الدولة لإلشهار العمومي ‪ ،‬ويجعل من المعلن سواء كان مؤسسة‬
‫عمومية او خاصة حرية الذهاب مباشرة الى المؤسسات االعالمية دون المرور عبر الوكالة الوطنية للنشر واالشهار ‪،‬‬

‫‪391‬‬
‫‪391‬‬ ‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬
‫وبطبيعة الحال ّ‬
‫فإنه سيختار الوسيلة اإلعالمية األكثر جمهورا وهنا يفرض السوق من ناحية اخرى منطقه التجاري‬
‫على واقع الممارسة االعالمية ‪.‬‬

‫وخالل مناقشة هذا المشروع من ِقبل أعضاء مجلس االمة ّأكد ممثل الحكومة في تصريحه على « ضرورة رفع‬
‫القيود عن االشهار من خالل تكريس حق المعلن من اختيار الطريق والوسائل التي يرغب بث‪ ‬ومضاته اإلشهارية‬
‫بواسطتها وفي نفس الوقت تمكين من لهم اإلمكانيات من االستثمار في هذا النشاط من خالل إنشاء شركات أو‬
‫وكاالت في شكل تجاري ‪ ،‬فلقد أضحى من االهتمامات التي بإمكانها ان ترفع كل اشكال الضغوطات التي كانت‬
‫تواجه هذا النشاط والحيلولة دون العودة الى اي شكل من اشكال االستحواذ وعلى هذا االساس وقصد ضمان‬
‫حق كل العناوين الصحفية من االستفادة من االشهار باعتباره مصدر تمويلها االساسي حدد المشرع الحد االقصى‬
‫المسموح به لإلشهار في الصحافة المكتوبة ‪ ،‬ولقد روعي في تحديد النسبة المخصصة لذلك من جهة مصالح‬
‫العناوين ومن جهة أخرى مصالح المواطنين استنادا الى حقهم في االعالم»‪.‬‬

‫ليستطرد ممثل الحكومة بعدها خالل تدخله في مناقشة المشروع قائال « المادة السابعة التي تعطي الحرية‬
‫الكاملة في اعداد االعالنات االشهارية ‪ ،‬واختيار الدعائم وربطها بما سبق ‪ ،‬نحن لسنا ضد الحرية الخاصة بالمبادرة‬
‫وحرية التفكير واالبداع ‪ ،‬لكن فتح الباب على مصراعيه وعدم التكافؤ والتساوي وعدم التوازن يترك الكثير منهم‬
‫ينجر وراء التيار وبالتالي يكون الضياع وهذا مراعاة لحرية الجميع ‪ ،‬وأقصد بذلك رجال اإلعالم الشباب الذين‬
‫أسهموا بأموالهم وبجهدهم في جرائد ومجالت مستقلة لن يجدو مكانا لهم في الخناق الذي يخلقه القانون‬
‫ويصبحون بحكمه في وضع المفلسين «‬

‫كما ّ‬
‫أن وزير الثقافة واالتصال كان قد صرّح في رده على نواب المجلس الشعبي الوطني خالل مناقشة حيثيات‬
‫هذا المشروع ان تكريس مبدأ حرية المعلن في اختيار الوسيلة التي يرغب من خاللها نشر االشهار ‪ ،‬هو مبدأ‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬
‫أساسي جاء به القانون بدون التمييز بين القطاع العام والخاص ‪ ،‬ليؤكد من خالل رده على مضمون المادة‬
‫السابعة بقوله» اننا قيدنا لمدة تفوق ‪ 30‬سنة المؤسسات العمومية واالدارية بإشهار موحد ‪ ،‬مما أضرّ باإلشهار‬
‫في حد ذاته والميزانية العامة ‪ ،‬ألنه ال يمكن ان نفرض على أيّة مؤسسة جزائرية عمومية كانت أم إدارة أن تنشر‬
‫اشهارها بوسيلة ما» )بلقاسمي رابح‪ ،2007 ،‬ص( ‪ .61‬من خالل النقاش المعمق لمحتوى النص المعروض‬
‫على اللجنة برز الطابع االستراتيجي والحيوي لموضوع اإلشهار‪ ،‬ليس لكونه مرتكزًا أساسيًّا تعتمد عليه مختلف‬
‫األنشطة والممارسات التجارية فحسب‪ ،‬بل لكونه جاء ليسد فراغا قانونيا قائمًا ولتجميع األحكام اإلشهارية الواردة‬
‫في مختلف القوانين المسيرة للقطاع‪.‬‬

‫من أهداف هذا القانون تنظيم وتكييف المنظومة التشريعية الخاصة بقطاع االتصال مع متطلبات السوق وما‬

‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬ ‫‪392‬‬


‫‪392‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫تفرضه من قواعد الشفافية‪.‬‬

‫إن المعامالت المالية في هذا القطاع تقدر بعشرات الماليير وبالتالي فهي تشكل سوقا تحتاج إلى قواعد واضحة في‬ ‫ّ‬
‫الممارسة السيما وأن العملية لها صلة بحياة الفرد والمجتمع في مختلف جوانب الحياة سواء تعلق األمر بالجوانب‬
‫األخالقية أو األمنية أو البيئية أو غيرها‪.‬‬

‫الجوانب التنظيمية والقانونية للمشروع‪:‬‬

‫‪ -‬تنظيم وتكييف المنظومة التشريعية الخاصة بقطاع االتصال مع متطلبات السوق وما تفرضه من قواعد الشفافية‪.‬‬

‫‪ -‬حجم المعامالت المالية في هذا القطاع تقدر بعشرات الماليير وبالتالي فهي تشكل سوقا تحتاج إلى قواعد‬
‫واضحة في الممارسة السيما وأن العملية لها صلة بحياة الفرد والمجتمع في مختلف جوانب الحياة سواء تعلق األمر‬
‫بالجوانب األخالقية أو األمنية أو البيئية أو غيرها‪.‬‬

‫‪ -‬حساسية هذا القانون والتي سبقتنا إلى تناوله العديد من الدول سعت كلها إلى وضع الضوابط الكفيلة بالحيلولة‬
‫دون استعمال اإلشهار ألغراض المنافسة غير الشرعية والمساس بحقوق الغير والقواعد القانونية واألخالقية‪.‬‬

‫‪ -‬تشريعات معظم هذه الدول تتفق على األقل حول المبادئ والقواعد المتعلقة باإلشهار بخصوص التبغ‪،‬‬
‫المشروبات الكحولية‪ ،‬اإلشهار الكـاذب‪ ،‬حمـاية األطفال والقصر وحماية المستهلك…إلخ‪.‬‬

‫‪ -‬جاء هذا النص منسجما ومدعما للتجارب‪ ‬السابقة لدول أخرى‪ ‬من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يستجيب لمختلف‬
‫االنشغاالت التي بررت من الممارسة الميدانية في ظل فراغ قانوني ونصوص مبعثرة مسيرة للقطاع‪ :‬في قانون‬
‫اإلعالم ‪ ،‬قانون العقوبات ‪ ،‬الحقوق الملكية والفكرية ‪ ،‬وفي المجالس البلدية والوالئية والتجمعات الحزبية‬
‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬

‫والسياسية والمدنية‪...‬‬

‫مميزات نص مشروع القانون» جويلية ‪»1999‬‬

‫أهم ما يميز هذا النص عالوة على جوانبه القانونية والتنظيمية ارتكازه على‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تدعيم المسعى الهادف إلى استكمال المنظومة القانونية المرتبطة باإلعالم واالتصال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رفع االحتكار في مجال اإلشهار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إزالة التمييز بين القطاعين العام والخاص‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫‪393‬‬ ‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫رابعا‪ :‬تكريس حرية المعلن في اختيار الدعائم اإلشهارية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬وضع اآلليات الضرورية لضمان المتابعة والمراقبة والفصل في النزاعات من خالل متابعة اإلشهار‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬عدم إغفاله للتحفيزات الجبائية قصد ترقية األهداف الثقافية والرياضية من خالل تأكيده على الرعاية‬
‫اإلشهارية (‪ )Sponsoring‬والرعاية األدبية والفنية (‪ )Mécénat‬والرعاية عموما(‪ )Parrainage‬واإلشراف‬
‫(‪ )Patronage‬واالتصال االجتماعي‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬المخالفات واإلجراءات العقابية‪.‬‬

‫إن النص المعروض وإن كان قد اعتمد كمنطلق الواقع الذي يعانيه القطاع‪ ،‬والتحديات العديدة التي فرضها‬ ‫ّ‬
‫منطق اقتصاد السوق‪ ،‬فإنه لم ينطلق من العدم بل من خالل عملية تقييم تطبيق مختلف القوانين المسيّرة‬
‫لإلشهار‪ ،‬السيما تلك المرتبطة بتنظيم اإلشهار ورفع االحتكار‪.‬‬

‫وأبرز ما يمكن مالحظته على النص الذي كان محل نقاش واسع على مستوى اللجنة يتمثل في‪:‬‬

‫أوال‪ :‬حرية المعلن في إعداد اإلعالنات اإلشهارية واختيار الدعائم التي ينشر ويبث بواسطتها إعالناته‪ ،‬أي بعبارة‬
‫أدق تكريس الحرية في هذا المجال ولكن مضمون المادة (‪ )8‬يؤكد الحاجة إلى ضرورة وضع ضوابط أكثر صرامة‬
‫تحمي المؤسسات اإلعالمية الحديثة النشأة أو الضعيفة وتكرس حقها في االستفادة من الحد األدنى في المادة‬
‫اإلشهارية على األقل في مرحلة انتقالية يتم االتفاق عليها‪.‬‬

‫فبالرغم من ّ‬
‫أن مشروع القانون المتعلق باإلشهار قد أحاط تقريبا بكل الجوانب المتعلقة بتنظيم سوق اإلشهار في‬
‫الجزائر إلّ ّأنه بقي حبرا على ورق وذلك لرغبة الحكومة أن يبقى سوق اإلشهار دون تنظيم لتتمكن من كسب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬
‫آليات أخرى لفرض الرقابة والسيطرة على نشاط المؤسسات االعالمية الخاصة ‪ ،‬فقد اصطدم مشروع قانون اإلشهار‬
‫أن حظي بموافقة نواب المجلس الشعبي الوطني ‪ّ ،‬‬
‫فإنه لقي معارضة من طرف‬ ‫بالعديد من العراقيل حيث وبعد ْ‬
‫نواب مجلس األمة وقدمت حينها عدة تبريرات لهذا الرفض حيث صرح رئيس مجلس االمة في ذلك الوقت ‪ّ ،‬‬
‫إن‬
‫هذا الرفض راجع الى إمكانية تحويل هذا المشروع الحتكار القطاع اإلشهاري من قطاع الدولة إلى قطاع المال‬
‫الخاص ‪ ،‬في حين فسر بعض نواب مجلس االمة هذا الرفض بأسباب قانونية تقنية ‪،‬حيث انه من غير المنطقي‬
‫سن قانون لإلشهار قبل سن قانون عضوي ينظم مهنة االعالم‪ ،‬االمر الذي ترك الباب مفتوحا امام العديد من‬
‫الممارسات والتجاوزات‪.‬‬

‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬ ‫‪394‬‬


‫‪394‬‬
‫القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر‬

‫المراجــــــــــــــــع‬
‫‪ 1‬نور الدين هميسي‪ ،‬انماط االعالن في الصحافة الجزائرية المكتوبة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في علوم‬
‫االعالم واالتصال‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،2005-2006 ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪2/ SIGMA Conseil - Marketing Media Research: www.sigmaconseil.com.‬‬
‫‪le 22/09/2010‬‬
‫‪3‬زكية جدايني‪ ،‬اإلشهار والمنافسة في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،2001 ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ 4‬بلقاسمي رابح‪ ،‬اإلشهار والتوازن المالي للصحف الوطنية في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجيستير غير منشورة‪ ،‬كلية اإلعالم‬
‫واالتصال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2007،‬ص ‪.36‬‬
‫‪5‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬األمر رقم ‪ ،68-78‬المتضمن تأسيس احتكار‬
‫اإلشهار‪ ،‬العدد ‪ ،39‬سنة ‪ ،1968‬ص ‪.498‬‬
‫‪ 6‬مناقشات مجلس االمة ‪ ،‬محضر الجلسة العلنية العشرين ‪ 26 ،‬جويلية ‪1999‬‬
‫‪http://www.majliselouma.dz/textes/jod/Files/01-99/jelsa20-n10-99.htm 05 01‬‬
‫‪2015.‬‬
‫‪7 7‬المسلمي إبراهيم عبد اهلل‪ ،‬التشريعات اإلعالمية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪8 8‬بلقاسمي رابح‪ ،‬اإلشهار والتوازن المالي للصحف الوطنية في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجيستير غير منشورة‪ ،‬كلية اإلعالم‬
‫و االتصال‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2007،‬‬
‫‪9 9‬جدايني زكية‪ ،‬اإلشهار والمنافسة في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،‬الجزائر‪.2001 ،‬‬
‫‪1 10‬قادم جميلة‪ ،‬الصحافة المستقلة بين السلطة واالرهاب ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في علو م االعالم‬
‫ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت‬

‫واالتصال ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2002-2003 ،‬‬


‫‪1 11‬مناقشات مجلس االمة‪ ،‬محضر الجلسة العلنية العشرين‪ 26 ،‬جويلية ‪1999‬‬
‫‪http: / www.majliselouma.dz/textes/jod/Files/01-99/jelsa20-n10-99.htm 05‬‬
‫‪01 2015‬‬

‫‪395‬‬
‫‪395‬‬ ‫المجلد السابع‪ /‬العدد الثاني ديسمبر ‪2016‬‬

You might also like