Professional Documents
Culture Documents
القوانين التنظيمية لسوق الاشهار في الجزائر
القوانين التنظيمية لسوق الاشهار في الجزائر
أن سوق اإلشهار عرفت طفرة في مجاليتبين من خالل قراءة تحليلية لبيانات تتعلق بقطاع اإلشهار في الجزائرّ ،
االستثمارات ،حيث انتقلت من مبلغ 4ماليير دينار في 2004إلى 9.8مليار دينار في عام ،2006وفي
السياق ذاته تبين الدراسات حدوث تطور نوعي في الوسائل المختارة لبث اإلعالنات ،بحيث قدر في 2004
المبلغ المخصص لإلشهار بواسطة الصحافة المكتوبة ب 3ماليير من أصل أربعة ماليير و واحد مليار فقط ذهب
للراديو والتلفزيون ،أما في عام 2006اختلف األمر تماما وخصص للتلفزيون والراديو 56%من هذا المبلغ ،من
أصل 9.8مليار دينار ،و تحصلت الصحافة المكتوبة على 39%من هذا المبلغ ،وهذا يعني أن المعلنين أضحى
اختيارهم يتجه أكثر للقطاع السمعي البصري رغم ارتفاع تكاليفها ،ومنه يتبين أيضا أن المستثمرين ادرجوا عامل
اإلشهار ضمن عوامل إنجاح مشاريع أعمالهم.
هذا من ناحية االستثمارات المالية في اإلشهار ،أمّا من ناحية االستثمارات في أنشاء المؤسسات اإلشهارية فالي
جانب الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار تسجل الساحة الوطنية حاليا أكثر من 800مؤسسة خاصة تنشط في ميدان
اإلشهار التجاري ،بما فيها مستثمرين محليين وأجانب ذوي الطابع القانوني الجزائري .وعلى رأس القطاعات
األكثر استثمارا في اإلشهار التجاري هي قطاع الهاتف النقال ،والسيارات والمنتجات الزراعية والغذائية المصنعة.
بأنها سوق ضعيفة جدا ،لكن المالحظتتسم سوق االعالن في الجزائر -اذا ما قورنت بسوق االعالن العالميةّ -
في السوق الجزائرية انها بدأت تعرف تناميا كبيرا لإلنفاق االشهاري بداية من التسعينيات ،حيث بدأ النشاط
االقتصادي يشهد حركة نوعية تحت تأثير مبادرة القطاع الخاص ونمو النشاط االشهاري خارج الوكالة الوطنية
للنشر واالشهار ،ففي الفترة القصيرة بين 1997-1998عرفت نسبة النمو لسوق االشهار في الجزائرقيمة ناهزت
، ٪14,34حيث ارتفع مجمل االنفاق االشهاري من 854الى 997مليون دينار جزائري سنة( .1998نور ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
الدين هميسي ،2005-2006 ،ص )126
ويبين الجدول التالي اهم المتعاملين في مجال االشهار لسنة 2010حسب دراسة قامت بها وكالة ، sigma
أهم عشر متعاملين في مجال االنفاق االشهاري ،وكذا قيمة االستثمار االشهاري لكل متعامل من
والتي توضح ّ
المتعاملين .
قيمة االستثمار االشهاري المعلنون
1246مليون دينار اوراسكوم تلكوم الجزائر 1
924مليون دينار الوطنية لالتصاالت الجزائر 2
724مليون دينار الجزائرية لالتصاالت موبيليس 3
717مليون دينار مجموعة سيفيتال 4
من خالل الجدول السابق والذي يبين اهم المعلنين في الجزائر وحجم المبالغ المرصودة من قبل كل متعامل
،يأتي متعامل الهاتف النقال اوراسكوم تلكوم في المرتبة االولى ب 1246مليون دينار ثم الوطنية لالتصاالت
الجزائر بـ 924مليون دينار تليها الجزائرية لالتصاالت موبيليس بـ 742مليون دينار ،لتاتي مجموعة سيفيتال
بـ717مليون دينار ثم باقي مؤسسات بيع السيارات ،وبالتالي ّ
فإن اهم المبالغ المالية التي تم ضخها في سوق
االشهار مصدرها مؤسسات االتصاالت والتي دخلت المنافسة فيما بينها لكسب سوق الهاتف النقال في الجزائر منذ
سنة ، 2001كما تمثل سوق السيارات في الجزائر مصدرا هاما للمداخيل االشهارية والتي تفوق 1200مليون
دينار مجتمعة .
إن غياب االهتمام باإلشهار في الجزائر في سنوات ما قبل التسعينات أعازه الكثيرون إلى النهج االشتراكي الذي
سلكته الجزائر غداة االستقالل والذي ال يفسح المجال للمنافسة في المجال التجاري واحتكار الدولة لكل النشاطات
التجارية واالقتصادية باإلضافة الى إهمال المؤسسات هذا الجانب اإلتصالي كما أن العمل بمفهوم اإلعالم واالتصال
كقطاع غير منتج أضاف لإلشهار إهماال وافتقارا ،فمنذ االستقالل لم يظهر أي قانون لإلشهار في الجزائر ،بل اقتصرت
سياسة السلطات على إهمال الظاهرة اإلشهارية باعتبارها تتعارض تماما مع الخط العام للسياسة اإلعالمية الجزائرية.
ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
فقانون اإلعالم الجزائري لسنة 1982وهو األول من نوعه الذي عرف اإلشهار بمصطلح اإلعالم االقتصادي والتي
مفادها التعريف بما تنتجه المؤسسات ،ولم تبرز أهمية اإلشهار في الجزائر إال مع بروز الصحافة الخاصة وازدياد ما
يمكن تسميته بخطر القنوات األجنبية على الجمهور الجزائري ،وقد تم تحضير نص قانون حول اإلشهار في مارس
1991من طرف المجلس األعلى لإلعالم ،واقتضى هذا النص تأسيس المجلس األعلى لإلشهار كمجلس له الهيئة
المعنوية واالستقالل المالي ،أما مهمته فهو تشجيع النشاط اإلشهاري وتقنياته ،إضافة إلى السهر على احترام قواعد
اإلشهار .
جاء هذا النص القانوني ليضع ويرسم الحدود التي يتم فيها اإلشهار ،نذكر منها:
385
385 المجلد السابع /العدد الثاني ديسمبر 2016
القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر
•يمنع اإلشهار المخالف للقيم الوطنية المكرسة للميثاق الوطني والقيم اإلنسانية المعروفة عالميا.
أما من حيث الشروط اإللزامية التي جاء بها هذا القانون فهي:
•الحصول على تأشيرة مسبقة من المجلس األعلى لإلعالم في حالة استعمال أحاديث قرآنية أو آيات دينية.
أراد المشرع الجزائري بعد االستقالل سد الفراغ القانوني وإلغاء القوانين الفرنسية السابقة المنظمة لهذا المجال
وفقا للتصور السياسي واالقتصادي لجزائر ما بعد االستقالل ،فجاء المرسوم رقم 301 – 63والذي تضمن 5
مواد وردت المادة األولى من اجل حماية األسس العقائدية ألغراض اقتصادية محضة ،ليعبر المشرع في الفقرة
الثانية بلفظة «المنع» على عدم سري أنها في كل العالمات واألسماء التجارية وعلى الشعارات ليذكر باقي القائمة
وينتهي باإلعالنات عن طريق الصحف أو بصفة عامة كل أنواع اإلشهار) زكية جدايني ،2001 ،ص ( 65وتنص
المادة الثانية صراحة على أن اإلعالنات التي تكون محور منع ،تخضع للفحص من قبل لجنة وطنية مختصة مقرها
الرئيسي بوزارة الداخلية وتتكون اللجنة من:
•ممثل عن اإلعالم
تعطي المادة الثالثة المدة الزمنية التي يقتضي لصاحب اإلعالن من خاللها تعديل منتوجه اإلشهاري ،ونزع العبارات
الدينية أو السياسية ،وذلك من خالل ثالثة أشهر وبعد هذه المدة يطبق القرار الوزاري بالمنع ويعرض صاحبه
للحجز و محله للغلق الدائم أو المؤقت و هذا ما نصت عليه المادة الرابعة.
نالحظ أن هذا المرسوم هو أول قانون نظم اإلشهار التجاري ،والجدير بالذكر أن كل القوانين الواردة فيما بعد لم
تأت إللغائه بمعنى أنه ساري المفعول إلى يومنا هذا ،لكن يبقى حبيس عدم مراعاة أحكامه )بلقاسمي رابح،
ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
احتوى األمر على أربعة مواد وملحق بالقانون األساسي المنظم للوكالة ،المادة األولى أسست وأطلقت اسم الشركة،
أما المادة الثانية فقد حددت كيفيات تسييرها من خالل القانون األساسي وتلتها المادة الثالثة لتؤكد أن حل هذه
الشركة ال يتم إال بنص ذو صبغة تشريعية ،مما يفسر أن األمر بالرغم من صدوره من السلطة التنفيذية إال أنه ذو
طبيعة تشريعية ،وقد جاء هذا األمر بعد رسم الوجهة االقتصادية نحو النظام االشتراكي مما يستدعي تسيير
سوق اإلشهار من خالل القطاع العام.
387
387 المجلد السابع /العدد الثاني ديسمبر 2016
القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر
وقد قسم المشرع القانون األساسي الملحق باألمر إلى ستة أبواب في 28مادة وهي كما يلي:
وما يهمنا هو الباب الثالث والذي يحتوي على المادة الثامنة ،حيث تعطي صالحية تحديد رأسمال الشركة للقرار
المشترك بين وزيري اإلعالم والمالية مما توحي على طبيعة البيئة السائدة والمبنية على النظام المركزي ،بدل
إخضاع تحديد رأس المال للمنطق االقتصادي.
بعد عرض القانون األساسي تكون الوكالة هي الممثل الرسمي التي تشرف على سوق اإلشهار في الجزائر وتبقى
المهيمنة الوحيدة إلى غاية دستور ،1989وإقرار التعددية السياسية دعمتها نصوص قانونية كرست االحتكار
وهيأت أرضية السوق والية نشاطه لصالح الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار».« ANEP
تحدثنا سابقا على العالقة الوطيدة بين آليات اإلشهار والنظام االقتصادي ،وهو مرتبط بالدرجة األولى مع النظام
الليبرالي الذي يخضع لمنطق السوق ومتطلباته ،فيما تكمن طبيعة اإلشهار في النظام االشتراكي إلى التوجيه ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
والتسيير لخدمة المصلحة الجماعية و تدخل القطاع العام ،في هذا الصدد سنتطرق الى اهم النصوص القانونية
التي استند اليها المشرع في إطار احتكار اإلشهار وأوكله للوكالة الوطنية للنشر و اإلشهار.
لم تمر سنة من صدور األمر المتعلق بإنشاء الوكالة الوطنية للنشر واإلشهار ،حتى صدر أمر يقرّ بتأسيس االحتكار
اإلشهاري متمثال في األمر رقم 68-78الذي يسند حق االحتكار للوكالة ،ويتكون النص من إحدى عشر مادة
(الجريدة الرسمية ،العدد ،39ص ، )498المادة األولى تعلن صراحة عن تأسيس االحتكار لتليها المادة الثانية
وتسند هذا الحق للوكالة الوطنية للنشر واإلشهار بعد صدوره في الجريدة الرسمية مباشرة ،ومن خالل قراءتنا
المتأنية و الدقيقة لهذا األمر سنحاول التعليق على ما يهمنا في هذا المجال من خالل المادتين الثالثة و الثامنة:
تنص المادة الثالثة على « أنه ّ
يرخص للجماعات المحلية والهيئات الوطنية و الجمعيات الرياضية و الثقافية بإنتاج
و توزيع نشراتها الخاصة أو النشرات الصادرة من الغير بشرط أن تكون داخلة في اإلطار العادي لنشاطها» ،و هو
ما سمح ضمنيا إلنشاء مكاتب نشاطات إشهارية حتى لغيرها دون مراعاة الشرط و هذه ثغرة قانونية كان باإلمكان
استغاللها من قبل الجمعيات و الهيئات الوطنية لممارسة نشاط مشابه للوكالة اإلشهارية لكن مع نوع من التحفظ
فقط.
أما المادة الثامنة فقد تضمنت» أن النشرات الصحفية والبالغات تعلن عن طريق الصحافة الوطنية دون غيرها»
والهيئات المرخص لها من قبل وزير األنباء.
والفقرة الثانية استثنت المؤسسات العمومية ذات الصبغة التجارية والصناعية و التي يمكن لها أنتاج شريطها
الدعائي ،لكن بشرط أن يكون لها ترخيص من وزير األنباء ،أما الشرط الثاني فالتوزيع يبقى حكرا للوكالة و الذي
يمكن قراءته بأنه يمكن للمؤسسات اللجوء في أنتاج الشريط الدعائي إلى وكالة إشهارية أجنبية ،لكن يبقى
التوزيع حكرا على الوكالة.
نظرا لتنامي أهمية اإلشهار ودوره االقتصادي و اإلعالمي ،و اعتبارا لواقع اإلشهار في الجزائر المتميز بوجود أحكام
مبعثرة في عدة قوانين ،الشيء الذي أنتج ممارسات سلبية ،ظهرت الحاجة الملحة لمعالجتها و بالتالي وضع إطار
قانوني خاص باإلشهار قصد مسايرة التحوالت الكبيرة التي تشهدها البالد.
ّ
إن نص القانون يكتسي أهمية بالغة باعتباره يهدف إلى استكمال المنظومة القانونية المتعلقة باإلعالم واالتصال،
ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
باعتباره أداة تسهم في إعالم وتوعية الجمهور وتؤثر مباشرة في سلوكياته االستهالكية هذا من جهة ،و باعتباره
كذلك شكل من إشكال التعامالت التجارية من جهة أخرى.
وبخصوص الممارسة اإلشهارية يحدد المشروع مجال اختصاص كل طرف على صعيد آخر يكرس مبدأ حرية المعلن
في اختيار الدعائم التي من خاللها يبث إعالناته اإلشهارية ،كما أدرج المشروع سلسلة من األحكام المعمول بها
عالميا قصد حماية البيئة واألمن العمومي ،وحماية التراث الثقافي و الملكية الخاصة و هذا بتحديد األماكن التي
توضع فيها اإلعالنات اإلشهارية المختلفة.وفي هذا السياق ينبذ كل إشهار يمكن أن يلحق أضرارا بالجمهور أو
يتضمن مشاهد عنيفة أو يدفع للمجازفة.
389
389 المجلد السابع /العدد الثاني ديسمبر 2016
القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر
وفي األخير يتضمن المشروع سلسلة من العقوبات ،و إذا كان مشروع هذا القانون قد حضر في عهد الرئيس
اليامين زروال ونوقشت مواده في عهد الرئيس بوتفليقة و مصادق عليه في الغرفة األولى للبرلمان إال أنه لم يصدر
بعد كقانون لإلشهار ولم يرفع عنه التجميد حتى كتابة هذه األسطر.
نظرًا لألهمية المذكورة ،واعتبارا لواقع اإلشهار في الجزائر المتميز بوجود أحكام مبعثرة في عدة قوانين ،الشيء
الذي أنتج ممارسات سلبية ،ظهرت الحاجة الملحة لمعالجتها وبالتالي وضع إطار قانوني خاص باإلشهار قصد
مسايرة التحوالت الكبيرة التي تشهدها البالد .لذا سنحاول تقديم قراءة في نص مشروع القانون المتعلق
باإلشهار والذي صودق عليه في الغرفة االولى للبرلمان وكان من المفروض ان يصدر كقانون منظم لمجال النشاط
االشهاري في الجزائر
محتوى النص :جاء النص في جانبه الشكلي في ستة ابواب معنونة كما يلي
تضمن الباب االول اثنتي عشرة مادة ،حددت المادة االولى هدف هذا القانون ،أمّا المادة الثانية فتضمنت تعريف
مفهوم االشهار على ّأنه « ذلك االسلوب االتصالي الذي يعد ويقدم في اشكال محددة في هذا القانون مهما
كانت الدعامة المستعملة ،قصد تعريف وترقية أي منتوج أو خدمة ،أو شعار ،أو صورة او عالمة تجارية ،أو سمعة
أي شخص طبيعي او معنوي ،كما تشمل العبارة كذلك االنشطة شبه اإلشهارية»
كما تضمنت المادة الرابعة تفسير ما يقصد بعبارة االنشطة شبه االشهارية وحددتها في ثالث نقاط
أوال :الرعاية االشهارية :وهي شكل من أشكال التمويل والدعم والمساهمة يقوم بها شخص معنوي لعمليات تهدف
الى ترقية البرامج والتظاهرات واالنشطة االقتصادية واالجتماعية والثقافية والرياضية ،بشكل يسمح بترقية اسم
هذا الشخص المعنوي أو عالمته أو صورته أو منتوجاته أو أنشطة خدماته.
ثانيا :الرعاية وهي مساهمة شخص طبيعي أو معنوي لتمويل أو دعم أو ترقية نشاط مقابل حقه في ابراز اسمه أو
االسم التجاري لشركته قصد ترقية سمعته بشرط ان ال يكون القصد من وراء ذلك بصفة مباشرة ،الترقية التجارية
للمواد أو المنتوجات او الخدمات.
ثالثا الرعاية األدبية او الفنية :هي شكل من أشكال التمويل أو الدعم أو الترقية تكون تحت إشراف شخص معنوي
او طبيعي ومدعمة من ِقبله ،من اجل إنجاز برنامج أو تنظيم أنشطة ذات أهمية ثقافية أو علمية او فنية أو اجتماعية،
تكون موجهة للبث او العرض ،بمعنى ّ
أن الرعاية مرتبطة دائما باألعمال المتعلقة باإلبداعات الفنية واالدبية .
اما المادة السادسة فعرفت من هو المعلن كما يلي « هو كل شخص طبيعي او معنوي يدرج اعالنا اشهاريا او يوكل
ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
الغير بإدراجه»
أمّا النقطة الهامة واألساسية التي وردت في هذا المشروع فقد وردت في المادة السابعة ونصت على ما يلي »:كل
معلن حر في اعداد االعالنات االشهارية واختيار الدعام التي ينشر ويبث بواسطتها اعالناته االشهارية مع مراعاة
احكام هذا القانون «
أن هذه المادة هي التي أعاقت المصادقة على مشروع قانون اإلشهار وتركته حبيس االدراج، ففي رأيي الشخصي ّ
فمع وجود المادة السابقة يعني رفع احتكار الدولة لإلشهار العمومي ،ويجعل من المعلن سواء كان مؤسسة
عمومية او خاصة حرية الذهاب مباشرة الى المؤسسات االعالمية دون المرور عبر الوكالة الوطنية للنشر واالشهار ،
391
391 المجلد السابع /العدد الثاني ديسمبر 2016
القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر
وبطبيعة الحال ّ
فإنه سيختار الوسيلة اإلعالمية األكثر جمهورا وهنا يفرض السوق من ناحية اخرى منطقه التجاري
على واقع الممارسة االعالمية .
وخالل مناقشة هذا المشروع من ِقبل أعضاء مجلس االمة ّأكد ممثل الحكومة في تصريحه على « ضرورة رفع
القيود عن االشهار من خالل تكريس حق المعلن من اختيار الطريق والوسائل التي يرغب بث ومضاته اإلشهارية
بواسطتها وفي نفس الوقت تمكين من لهم اإلمكانيات من االستثمار في هذا النشاط من خالل إنشاء شركات أو
وكاالت في شكل تجاري ،فلقد أضحى من االهتمامات التي بإمكانها ان ترفع كل اشكال الضغوطات التي كانت
تواجه هذا النشاط والحيلولة دون العودة الى اي شكل من اشكال االستحواذ وعلى هذا االساس وقصد ضمان
حق كل العناوين الصحفية من االستفادة من االشهار باعتباره مصدر تمويلها االساسي حدد المشرع الحد االقصى
المسموح به لإلشهار في الصحافة المكتوبة ،ولقد روعي في تحديد النسبة المخصصة لذلك من جهة مصالح
العناوين ومن جهة أخرى مصالح المواطنين استنادا الى حقهم في االعالم».
ليستطرد ممثل الحكومة بعدها خالل تدخله في مناقشة المشروع قائال « المادة السابعة التي تعطي الحرية
الكاملة في اعداد االعالنات االشهارية ،واختيار الدعائم وربطها بما سبق ،نحن لسنا ضد الحرية الخاصة بالمبادرة
وحرية التفكير واالبداع ،لكن فتح الباب على مصراعيه وعدم التكافؤ والتساوي وعدم التوازن يترك الكثير منهم
ينجر وراء التيار وبالتالي يكون الضياع وهذا مراعاة لحرية الجميع ،وأقصد بذلك رجال اإلعالم الشباب الذين
أسهموا بأموالهم وبجهدهم في جرائد ومجالت مستقلة لن يجدو مكانا لهم في الخناق الذي يخلقه القانون
ويصبحون بحكمه في وضع المفلسين «
كما ّ
أن وزير الثقافة واالتصال كان قد صرّح في رده على نواب المجلس الشعبي الوطني خالل مناقشة حيثيات
هذا المشروع ان تكريس مبدأ حرية المعلن في اختيار الوسيلة التي يرغب من خاللها نشر االشهار ،هو مبدأ ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
أساسي جاء به القانون بدون التمييز بين القطاع العام والخاص ،ليؤكد من خالل رده على مضمون المادة
السابعة بقوله» اننا قيدنا لمدة تفوق 30سنة المؤسسات العمومية واالدارية بإشهار موحد ،مما أضرّ باإلشهار
في حد ذاته والميزانية العامة ،ألنه ال يمكن ان نفرض على أيّة مؤسسة جزائرية عمومية كانت أم إدارة أن تنشر
اشهارها بوسيلة ما» )بلقاسمي رابح ،2007 ،ص( .61من خالل النقاش المعمق لمحتوى النص المعروض
على اللجنة برز الطابع االستراتيجي والحيوي لموضوع اإلشهار ،ليس لكونه مرتكزًا أساسيًّا تعتمد عليه مختلف
األنشطة والممارسات التجارية فحسب ،بل لكونه جاء ليسد فراغا قانونيا قائمًا ولتجميع األحكام اإلشهارية الواردة
في مختلف القوانين المسيرة للقطاع.
من أهداف هذا القانون تنظيم وتكييف المنظومة التشريعية الخاصة بقطاع االتصال مع متطلبات السوق وما
إن المعامالت المالية في هذا القطاع تقدر بعشرات الماليير وبالتالي فهي تشكل سوقا تحتاج إلى قواعد واضحة في ّ
الممارسة السيما وأن العملية لها صلة بحياة الفرد والمجتمع في مختلف جوانب الحياة سواء تعلق األمر بالجوانب
األخالقية أو األمنية أو البيئية أو غيرها.
-تنظيم وتكييف المنظومة التشريعية الخاصة بقطاع االتصال مع متطلبات السوق وما تفرضه من قواعد الشفافية.
-حجم المعامالت المالية في هذا القطاع تقدر بعشرات الماليير وبالتالي فهي تشكل سوقا تحتاج إلى قواعد
واضحة في الممارسة السيما وأن العملية لها صلة بحياة الفرد والمجتمع في مختلف جوانب الحياة سواء تعلق األمر
بالجوانب األخالقية أو األمنية أو البيئية أو غيرها.
-حساسية هذا القانون والتي سبقتنا إلى تناوله العديد من الدول سعت كلها إلى وضع الضوابط الكفيلة بالحيلولة
دون استعمال اإلشهار ألغراض المنافسة غير الشرعية والمساس بحقوق الغير والقواعد القانونية واألخالقية.
-تشريعات معظم هذه الدول تتفق على األقل حول المبادئ والقواعد المتعلقة باإلشهار بخصوص التبغ،
المشروبات الكحولية ،اإلشهار الكـاذب ،حمـاية األطفال والقصر وحماية المستهلك…إلخ.
-جاء هذا النص منسجما ومدعما للتجارب السابقة لدول أخرى من جهة ،ومن جهة أخرى يستجيب لمختلف
االنشغاالت التي بررت من الممارسة الميدانية في ظل فراغ قانوني ونصوص مبعثرة مسيرة للقطاع :في قانون
اإلعالم ،قانون العقوبات ،الحقوق الملكية والفكرية ،وفي المجالس البلدية والوالئية والتجمعات الحزبية
ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
والسياسية والمدنية...
أهم ما يميز هذا النص عالوة على جوانبه القانونية والتنظيمية ارتكازه على:
أوال :تدعيم المسعى الهادف إلى استكمال المنظومة القانونية المرتبطة باإلعالم واالتصال.
393
393 المجلد السابع /العدد الثاني ديسمبر 2016
القوانني التنظيمية لسوق االشهار يف اجلزائر
خامسا :وضع اآلليات الضرورية لضمان المتابعة والمراقبة والفصل في النزاعات من خالل متابعة اإلشهار.
سادسا :عدم إغفاله للتحفيزات الجبائية قصد ترقية األهداف الثقافية والرياضية من خالل تأكيده على الرعاية
اإلشهارية ( )Sponsoringوالرعاية األدبية والفنية ( )Mécénatوالرعاية عموما( )Parrainageواإلشراف
( )Patronageواالتصال االجتماعي.
إن النص المعروض وإن كان قد اعتمد كمنطلق الواقع الذي يعانيه القطاع ،والتحديات العديدة التي فرضها ّ
منطق اقتصاد السوق ،فإنه لم ينطلق من العدم بل من خالل عملية تقييم تطبيق مختلف القوانين المسيّرة
لإلشهار ،السيما تلك المرتبطة بتنظيم اإلشهار ورفع االحتكار.
وأبرز ما يمكن مالحظته على النص الذي كان محل نقاش واسع على مستوى اللجنة يتمثل في:
أوال :حرية المعلن في إعداد اإلعالنات اإلشهارية واختيار الدعائم التي ينشر ويبث بواسطتها إعالناته ،أي بعبارة
أدق تكريس الحرية في هذا المجال ولكن مضمون المادة ( )8يؤكد الحاجة إلى ضرورة وضع ضوابط أكثر صرامة
تحمي المؤسسات اإلعالمية الحديثة النشأة أو الضعيفة وتكرس حقها في االستفادة من الحد األدنى في المادة
اإلشهارية على األقل في مرحلة انتقالية يتم االتفاق عليها.
فبالرغم من ّ
أن مشروع القانون المتعلق باإلشهار قد أحاط تقريبا بكل الجوانب المتعلقة بتنظيم سوق اإلشهار في
الجزائر إلّ ّأنه بقي حبرا على ورق وذلك لرغبة الحكومة أن يبقى سوق اإلشهار دون تنظيم لتتمكن من كسب ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
آليات أخرى لفرض الرقابة والسيطرة على نشاط المؤسسات االعالمية الخاصة ،فقد اصطدم مشروع قانون اإلشهار
أن حظي بموافقة نواب المجلس الشعبي الوطني ّ ،
فإنه لقي معارضة من طرف بالعديد من العراقيل حيث وبعد ْ
نواب مجلس األمة وقدمت حينها عدة تبريرات لهذا الرفض حيث صرح رئيس مجلس االمة في ذلك الوقت ّ ،
إن
هذا الرفض راجع الى إمكانية تحويل هذا المشروع الحتكار القطاع اإلشهاري من قطاع الدولة إلى قطاع المال
الخاص ،في حين فسر بعض نواب مجلس االمة هذا الرفض بأسباب قانونية تقنية ،حيث انه من غير المنطقي
سن قانون لإلشهار قبل سن قانون عضوي ينظم مهنة االعالم ،االمر الذي ترك الباب مفتوحا امام العديد من
الممارسات والتجاوزات.
المراجــــــــــــــــع
1نور الدين هميسي ،انماط االعالن في الصحافة الجزائرية المكتوبة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في علوم
االعالم واالتصال ،جامعة قسنطينة ،2005-2006 ،ص .126
2/ SIGMA Conseil - Marketing Media Research: www.sigmaconseil.com.
le 22/09/2010
3زكية جدايني ،اإلشهار والمنافسة في القانون الجزائري ،رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية الحقوق ،جامعة
الجزائر ،الجزائر ،2001 ،ص.65
4بلقاسمي رابح ،اإلشهار والتوازن المالي للصحف الوطنية في الجزائر ،رسالة ماجيستير غير منشورة ،كلية اإلعالم
واالتصال ،جامعة الجزائر ،2007،ص .36
5الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،الجريدة الرسمية ،األمر رقم ،68-78المتضمن تأسيس احتكار
اإلشهار ،العدد ،39سنة ،1968ص .498
6مناقشات مجلس االمة ،محضر الجلسة العلنية العشرين 26 ،جويلية 1999
http://www.majliselouma.dz/textes/jod/Files/01-99/jelsa20-n10-99.htm 05 01
2015.
7 7المسلمي إبراهيم عبد اهلل ،التشريعات اإلعالمية ،دار الفكر العربي ،القاهرة.
8 8بلقاسمي رابح ،اإلشهار والتوازن المالي للصحف الوطنية في الجزائر ،رسالة ماجيستير غير منشورة ،كلية اإلعالم
و االتصال ،جامعة الجزائر.2007،
9 9جدايني زكية ،اإلشهار والمنافسة في القانون الجزائري ،رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية الحقوق ،جامعة
الجزائر ،الجزائر.2001 ،
1 10قادم جميلة ،الصحافة المستقلة بين السلطة واالرهاب ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في علو م االعالم
ﻣﺠﻠﺔ أﻧﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت
395
395 المجلد السابع /العدد الثاني ديسمبر 2016