You are on page 1of 16

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطي ــة الشعبيــة‬

‫وزارة التعليـ ـ ـ ــم العال ـ ـ ــي والبحث العلمـ ـ ـ ــي‬


‫جامعة وه ـ ـ ـ ـ ـران ‪ 1‬أحم ـ ـ ــد بن بلة‬
‫ّ‬ ‫قسم اللغة العربية وآدابها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مادة "مصادر الأدب واللغة والنقد"‪ .‬اشراف‪ :‬ا‪.‬د‪ .‬امين مصرني‪.‬‬
‫َ‬ ‫املجموعتان‪( َ :‬أ‪ .‬ب‪ .‬ج‪ْ َ .‬د) ُو (ه ‪َ .‬و ‪َ .‬ز ‪ُ .‬ح) ْ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْب ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ ْ َ‬
‫اماب اَلمص ِاد ِر الد ِبيِة‪ِ " :‬ا ن عب ِد ربِة الند ي" و ِكيابة "الِعقد ا ف ِرند"‪.‬‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬

‫مولدُهُ‪ :‬هو أبو عمر شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن‬
‫سالم‪ ،‬ولد في قرطبة في ‪ 11‬رمضان ‪ 642‬هـ‪ ،.‬جده سالم كان مولى لألمير هشام بن عبد‬
‫هشام بن عبد امللك بن الحكم الاموي‪ .1‬نشأ في قرطبة‪ ،‬وامتاز بسعة‬
‫ٍ‬ ‫الرحمن بن معاوية بن‬
‫الاطالع في العلم والرواية والشعر‪ .‬كتب الشعر في الصبا والغزل‪ ،‬ثم عاد عن ذلك‪ ،‬وكتب‬

‫‪ 1‬ـ انظر‪ :‬ابن خلكان‪ ،‬وفيات ألاعيان وإنباء أبناء َّ‬


‫الزمان‪،‬ج‪ ،1‬تح‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،1791‬ص‪.111‬‬
‫أشعارا في املواعظ والزهد سماها "املمحصات"‪ .2‬وكان يتكسب بالشعر يمدح ألامراء‪ ،‬فعد‬
‫بذلك أحد الذين أثروا بأدبهم بعد فقر‪ .‬كما كان من الرواد في نشر فن املوشحات‪ ،‬فقد‬
‫أخذه عن مخترعه "مُقَ َّدمُ بْنُ مُعَافَى القُ َّبرِيْ"‪ .3‬إال أن أعظم أعماله كتابه "العقد الفريد"‬
‫الذي كان بمثابة موسوعة ثقافية تبين أحوال الحضارة إلاسالمية في عصره‪.4‬‬

‫‪2‬‬
‫نظر وتنقيح متعد ٍد‪ ،‬ومثيلها في الشعر‬ ‫ـ يقصد باملمحصات القصائد التي يخضعها أصحابها إلى ٍ‬
‫القديم "الحوليات"‪ ،‬وقد سمي هذا الضرب املنقحات أيضا‪ ،‬ولقب أصحابه بـ "عبيد الشعر"‪ ،‬وقد قال‬
‫صات‪ ،‬وذلك َّأنه نقض ك َّل قطع ٍة قالها في الصبا والغزل‬ ‫"سماها املم َّح َّ‬ ‫ميدي" في "جذوة املقتبس"‪َّ :‬‬ ‫"الح ُّ‬
‫ٌ‬ ‫التوبة منها‪ ،‬و َّ‬ ‫الزهد‪ ،‬م َّحصها بها‪ ،‬ك َّ‬ ‫بقطعة في املواعظ و ُّ‬
‫الندم عليها‪ ،‬ومن قطعة م َّحص بها القطعة‬ ‫ٍ‬
‫املذكورة َّأوال‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫هال ابتكرت لبي ٍن أن ـ ـ ـ ـ ـ ــت مبتكر** هي ـ ـ ــهات! يأبى عليك الله والقدر‪.‬‬
‫ما زلت أبكي حذار البين ملتهـ ـ ـفا ** ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـتى رثى لي فيك الريح واملطر‪.‬‬
‫َّ‬
‫يا برده من حيا مز ٍن على كب ـ ـ ـ ٍـد ** نيرانها بغلي ـ ـ ـ ــل الـ ـ ـ ــش ـ ــوق تستعر‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫آليت أال أرى شمسا وال قـ ـ ـ ـ ـمـرا ** ح َّتى أراك‪ ،‬فأنت الشمس والقمر‪.‬‬
‫م َّحصها بقوله‪:‬‬
‫يا ع ـ ـ ـ ـ ـ ــاجزا لي ـ ـس يع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفو حين يقتدر ** وال يـ ـ ــق َّـض ى ل ـ ـ ــه من عي ـ ــشه وط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪.‬‬
‫ٌ‬
‫عاين بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقلبك إ َّن ال ـ ـ ـ ــع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين غافــلـ ــة ** عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن الحقيقة‪ ،‬واعلم أ َّنها سقر‪.‬‬
‫َّ‬
‫س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوداء تزفر من غ ـ ـ ـ ــي ٍظ إذا س ـ ـ ـ ــعرت ** لل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاملين‪ ،‬فال تبقي وال تذر‪.‬‬
‫إ َّن الذين اش ـ ـ ـ ـ ــتروا دن ـ ـ ـ ـ ـ ــي ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآخ ـ ـ ــر ٍة ** وشق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوة بنع ٍيم ساء ما تج ـ ـ ــروا‪.‬‬
‫الرأس تن ـ ـ ــتظر‬ ‫يا من تلـ ـ ـ ـ َّـهى وشـ ـ ـيب ال ـ ـ ـ ـ ـ َّـرأس ي ـ ــندبه ** ماذا َّالذي بعد شيب َّ‬
‫َّ َّ‬ ‫ٌ‬
‫ل ـ ــو لم يك ــن لك غير املوت مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع ــظة ** ك ـ ـ ــان في ـ ـ ـ ــه عن الل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذات م ـ ــزدجر‪.‬‬
‫َّ‬
‫أنـ ـ ـ ـ ــت املقـ ـ ـ ـ ـ ــول له م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فات مبتدئا ** ه ـ ـ ــال ابتـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـرت لب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ٍن أنت مبتكر"‬
‫الحميدي‪ ،‬جذوةُ ا ْلمُقْتَبِس‪ ،‬تح‪ :‬بشار عواد معروف‪ ،‬محمد بشار عواد‪ ،‬دار الغرب إلاسالمي‪ ،‬تونس‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫ط‪ ،6111 ،1‬ص‪ 156‬ـ ‪.151‬‬

‫‪ 3‬ـ شاعر معروف في أيام عبد الرحمن الناصر ومن مدائحه في سعيد بن املنذر قصيدة ذكر من أولها‬
‫أحمد بن فرج في كتابه أبياتا وهي‪:‬‬
‫أشجيـت أن (طربت) حمامة وادي ‪ ...‬ميادة في ناعم مياد‬
‫تلهو ما مـ ـ ـنيـ ـ ـت بجفوة زي ـ ـ ـ ـ ـنب ‪ ...‬يوما وال بخيالها املعتاد‬
‫كما كان راوية سمع من "بَقِ ُّي بْنُ مَخْلَدْ"‪ 5‬و"ابن وضاح"‪ 6‬وغيرهما‪ ،‬درس الفقه والتفسير‬
‫والحديث والنحو والتاريخ وألادب‪ .‬أحب املوسيقى والغناء والزم أمير قرطبة "عبدالرحمن‬
‫الناصر"‪ .‬كان أهم كتبه (العقد الفريد) في مجال ألادب‪ ،‬وهو العلم الذي يهدف‪ ،‬في عرف‬
‫ذلك الزمان‪ ،‬إلى صالح اللسان من فصاحة وبالغة وغيرها‪ ،‬وصالح النفس في تحسين‬
‫السلوك ألاخالقي‪ ،‬ويشمل السياسة وألاخالق‪ ،‬ويقتض ي الانفتاح على شتى صنوف الثقافات‬
‫َّ‬
‫توفي في ‪ 11‬جمادى ألاولى ‪ 161‬هـ‪ ،‬ودفن في قرطبة‪7‬؛ قض ى حياته كلها في قرطبة‪ ،‬ولم‬
‫يغادرها أو يسافر منها إلى املشرق العربي‪ ،‬إلى أن توفي باملرض ذاته الذي توفي به الجاحظ‪،‬‬
‫وهو الفالج‪ ،‬مخلفا جوهرة من جواهر آلادب التي لم يصل إلينا منها عدا كتابه "العقد‬
‫الفريد"‪،‬‬

‫مكانته عند العلماء‪:‬‬

‫ش بغير فؤاد ‪ ،‬انظر‪ :‬الضبيُّ‪ ،‬بغية امللتمس يف تاريخِ‬ ‫ال ترج إذا سل ـ ــبت فؤادك زين ٌب ‪ ...‬عيشا فما عي ٌ‬
‫رجال أهل األندلس‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم ألابياري‪ ،‬دار الكتاب املصري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1717 ،1‬ص‪.914‬‬
‫‪4‬ـ‬
‫هبي‪ :‬بق ُّي بن مخلد‪ ،‬ابن يزيد‪ :‬إلامام‪ ،‬القدوة‪ ،‬شيخ إلاسالم‪ ،‬أبو عبد الرحمن ألاندلس ُّي‬ ‫‪ 5‬ـ يقول عنه الذ ُّ‬
‫َّ‬ ‫القرطب ُّي‪ ،‬الحافظ‪ ،‬صاحب َّ‬
‫"التفسير" و"املسند" اللذين ال نظير لهما ‪ ...‬أدخل جزيرة ألاندلس علما‬
‫بقليل‪ِ ،‬سيَرُ أَعْالَمِ النُّبَالءْ‪،‬ج‪ ،11‬الطبقة الخامسة عشر‪ ،‬تح ‪ :‬شعيب‬
‫ٍ‬ ‫ج ًّما‪...‬ولد سنة مائتين‪ ،‬أو قبلها‬
‫ألارنؤوط ومحمد نعيم العرقسوس ي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ ،1711 ،1‬ص‪.612 ،615‬‬
‫ُّ‬ ‫‪6‬‬
‫ـ يقول عنه الذهبي‪ :‬ابن وض ٍاح‪ ،‬إلامام الحافظ‪ ،‬محدث ألاندلس مع ب ٍ‬
‫قي‪ ،‬أبو عبد الله‪ ،‬محمد بن‬
‫املرواني‪ ،‬مولى صاحب ألاندلس‪ ،‬عبد الرحمن بن معاوية الداخل‪ ،‬ولد سنة تس ٍع‬ ‫ُّ‬ ‫وض ٍاح‪ ،‬بن بز ٍيع‪،‬‬
‫وتسعين ومائة‪ِ ،‬سيَرُ أَعْالَمِ النُّبَالءْ‪،‬ج‪ ،11‬الطبقة الخامسة عشر‪ ،‬ص‪.445‬‬
‫هبي‪ :‬ابن عبد ربه‪ :‬العالمة ألاديب ألاخبار ُّي‪ ،‬صاحب كتاب "العقد"‪ ،‬أبو عمر أحمد بن‬ ‫‪ 7‬ـ يقول عنه الذ ُّ‬
‫محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حذير املروان ُّي‪ ،‬مولى أمير ألاندلس هشام بن َّ‬
‫الداخل ألاندلس ُّي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ ٍ‬
‫القرطب ُّي‪ ،‬سمع بق َّي بن مخل ٍد‪ ،‬وجماعة‪ ،‬وكان موثقا نبيال بليغا شاعرا‪ ،‬عاش اثنتين وثمانين سنة‪،‬‬
‫النبالء‪،‬ج‪ ،15‬الطبقة الثامنة عشر‪ ،‬ص‪.611‬‬ ‫وتوفي سنة ثمان وعشرين وثالث مائة‪ ،‬سير أعالم ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قال "ابن خلكان"‪ :‬إنه من العلماء املكثرين من املحفوظات والاطالع على أخبار الناس‪،‬‬
‫شعر جي ٍد‪،8‬‬
‫وصنف كتابه (العقد)‪ ،‬وهو من الكتب املمتعة حوى من كل ش يء‪ ،‬وله ديوان ٍ‬
‫ومن شعره‪:‬‬
‫وبدلت البياض من َّ‬
‫السواد‬ ‫شبابي كيف صرت إلى نفاد‬
‫كما أبقت من القمر َّ‬ ‫َّ‬
‫الدآدي‬ ‫وما أبقى الحوادث منك إال‬
‫وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّرق بين جفني و ُّ‬
‫الرقاد‬ ‫فراقك ع َّرف ألاحزان قلـ ـ ـبي‬
‫َّ‬
‫ويا لغلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيل حز ٍن مستفاد‬ ‫ش قد تـولى‬
‫فيا لنعيم عي ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ولم أرت ـ ـ ـ ـ ـد به أح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلى مراد‬ ‫كأنـ ـي من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك لم أربع بربـ ٍع‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫وغادى نبته صـ ـ ـوب الغوادي‬ ‫سقى ذاك الثرى وب ـ ـل الثـرَّيا‬

‫ويل فيه بادي‬


‫وكـ ـ ـ ـم لي من ع ٍ‬ ‫خاف‬
‫ليل فيه ٍ‬
‫فكم لي من غ ٍ‬
‫وكـ ـ ـ ـ ـ ـان الغ ُّي فيه من َّ‬
‫الرشاد‬ ‫زمـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫ان كان فيه ُّ‬
‫الرشد غيا‬

‫ويسعـ ـ ـدني ب ـ ـوص ٍل من سعاد‬ ‫يقبـ ـ ـ ـلني بـ ـ ـ ـد ٍل م ـ ـ ـ ـ ـن قبـ ـو ٍل‬

‫ويجنبني فأع ـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـيه قي ـ ـ ـ ـادي‬ ‫وأج ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـبه فيع ـ ـ ـ ـطـ ـيني قيادا‬
‫‪9‬‬ ‫ُّ‬ ‫فكـ ـ ـم ه ـ ـ ـ ـذا َّ‬
‫وكم هذا التجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلد للجالد‬ ‫التمني للمنـ ـ ـ ـايا‬

‫ومن شعره أيضا‪ ،‬قوله‪:‬‬


‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫يا ذا الذي خـ ــط العذار‪ 10‬بوجهه ** خ ـ ـطـين ه ـ ـ ـ ـ ـ ــاجا لوعة وبالب ـال‬

‫‪ 8‬ـ ابن خلكان‪ ،‬وفيات ألاعيان وإنباء أبناء َّ‬


‫الزمان‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.111‬‬
‫‪ 9‬ـ ابن عبد ربه‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪52‬‬
‫‪11‬‬
‫ما ص َّح عندي أ َّن لحظك صار ٌم ** ح َّتى لبست بعارضيك حمائال‬

‫ومن شعره أيضا‪ ،‬قوله في معنى فضل املال‪:‬‬

‫وإن تغ َّربت عن أهلي وعن ولدي‪.‬‬ ‫دعني أصن ح َّر وجهي عن إذالته‬
‫‪12‬‬
‫مالي أ ٌخ غير ما تطوى عليه يدي‬ ‫قالوا نأيت عن إلاخوان قلت لهم‬
‫‪13‬‬
‫وقد أشاد بأعماله "الذهيب" أيضا ‪ ،‬فقال عنه ـ كما سبق ـ‪" :‬كان موثِّقًا نبيال بليغا شاعرا "‬
‫وقد أثنى عليه "الثعاليب" في كتابه "يتيمة الدهر فْي مَحَا ِسنِ أَهْلِ الْ َعصْر" فقال‪" :‬إنه أحد‬
‫حماسن األندلس علمًا وفضال وأدبًا ومثال‪ ،‬وشعره يف نهاية اجلزالة واحلالوة‪ ،‬وعليه رونق البالغة‬
‫والطالوة"‪.14‬‬

‫وقال عنه "احلُمَيْديُّ" في كتابه "جَذْوَةُ الْمُقْتَبِسْ"‪" :‬مِنْ أهل العلم واألدب وَالشِّعْر‪َ ،‬ولَهُ الْ ِكتَابُ‬
‫الْ َكبِريُ ا ْلمُ َسمَّى ِكتَابَ "الْعِقْد"‪ ،‬فِي ا َألخْبَارِ‪ ،‬وَهُوَ مُقَ َّسمٌ عَلَى مَعَانٍ‪ ،‬وَقَدْ َسمَّى كُلَّ قِ ْسمٍ مِنْهَا بِا ْسمٍ ِم ْن‬
‫ري مَ ْجمُوعٌ‪ ،‬رََأ ْيتُ مِنْهُ نَيِّفًا َوعِشْرِينَ جُزْءًا‪َ ....‬وكَانَ‬ ‫ظمِ الْعِ ْقدِ‪ ،‬كَالْوَاسِطَةِ َونَحْوِهَا‪ ،‬وَشِعْرُهُ كَثِ ٌ‬ ‫أَ ْسمَاءِ نَ ْ‬
‫لِأَبِي ُعمَرَ بِالْعِلْمِ جَلَالَةٌ‪ ،‬وَبِاألَدبِ ِريَاسَةٌ وَشُهْرَةْ‪َ ،‬معَ ِديَا َنتِهِ وَصِيَا َنتِهِ‪ ،‬وَاتَّفَ َقتْ لَهُ َأيَّامٌ َو ِولَايَا ٌ لِلْعِ ْلمِ‬
‫ري بِالتَّ ْفصِيلِ ِإلَيْه‪ ،‬إِالَّ َأنَّهُ غَ َلبَ الشِّعْرُ عَلَيْهْ"‪.15‬‬
‫فِيها نَفَاقٌ‪ ،‬فَسَا َد بَ ْعدَ ُخمُولٍ‪ ،‬وأَثْرَى بَ ْعدَ فَقْرٍ‪ ،‬وَأُشِ َ‬

‫‪ 10‬ـ العذار هو الحياء عند ابن منظور‪ ،‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬باب (عذر)‪ ،‬املجلد التاسع‪ ،‬دار صادر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ ،6114 ،1‬ص‪.99‬‬
‫‪ 11‬ـ ابن عبد ربه‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪ 12‬ـ املصدر السابق‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ 13‬ـ الذهبي‪ِ ،‬سيَرُ أَعْالَمِ النُّبَالءْ‪،‬ج‪ ،15‬الطبقة الثامنة عشر‪ ،‬ص‪.611‬‬
‫عالبي النيساب ُّ‬
‫وري‪ ،‬يتيم ُة الدَّهْرْ فِي مَحَا ِسنِ أَهْلِ الْعَصْرْ‪،‬ج‪ ،6‬تر‪ :‬مفيد محمد قميحة‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪ 14‬ـ الث ُّ‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1711 ،1‬ص‪.15‬‬
‫‪ 15‬ـ الحميد ُّي‪ ،‬جَذْ َوةُ ا ْلمُقْتَبِسْ‪ ،‬ص‪.156 – 151‬‬
‫وقال عنه ابن سعيد ألاندلس ي في كتابه "القدح املعلى"‪" :‬إمام أهل أدب املئة الرابعة‪ ،‬وفرسان‬
‫شعرائها يف املغرب كله"‪.16‬‬
‫يقول َّ‬
‫املقر ُّي عنه‪" :‬عاملٌ ساد بالعلم ورأَس‪ ،‬واقتبس به ما اقتبس‪ ،‬وشهر باألندلس حتى سار إىل‬
‫املشرق ذكره‪ ،‬واستطار شرر الذكاء فكره‪ ،‬وكانت له عناية بالعلم وثقة‪ ،‬ورواية له متسقة‪ ،‬وأما األدب؛‬
‫فهو كانت حُجته‪ ،‬وبه غمر األفهام لُجتُه‪ ،‬مع صيانة وورع‪ ،‬وديانة وردَ ماءها فكرع‪ ،‬وله التأليف‬
‫املشهور الذي مساه بالعقد الفريد‪.17"..‬‬

‫بني يديْ الكتاب‪:‬‬

‫توطئةٌ‪ :‬الظاهر املعلوم أن عملية جمع موضوعات ألادب قد نشأت ساذجة إلى أن‬
‫أنضجها "اجلاحظ" في كتابيه (البيان والتبيني) و (كتاب احليوان) ‪َّ ،‬‬
‫وتميز أسلوبه بتعدد‬
‫املوضوعات‪ ،‬ففي كل فصل من فصول الكتاب انتقال سريع للموضوعات‪ ،‬واستطراد ال‬
‫يح ُّد‪ .‬وقد جرى على منواله "املربِّد" في (الكامل)‪ ،‬و"ابن قتيبة" في (عيون األخبار)‪ ،‬ثم (أدب‬
‫الكاتب) ‪ ،18‬و"ابن عبد ربه" في (العقد الفريد)‪ ،‬فتلك املؤلفات فيها ش يء من روح الجاحظ‬
‫وإن دخلها ش يء من التبويب‪ .‬رَّتبها "ابن قتيبة" و"ابن عبد ربه" بحسب املوضوعات‬
‫املتشابهة‪ .‬ومع تشعب موضوعات ألادب‪ ،‬تحولت تلك الكتب إلى ما يشبه املوسوعات‪،‬‬
‫تجمع شتى العلوم‪ ،‬وأطرافا من السياسة والتاريخ‪ ،‬إلى الجغرافية‪ ،‬وآلاداب والسلوك‬

‫‪ 16‬ـ نقال عن‪ :‬محمد عبد الرحمن البشر‪ ،‬مباهج األندلس‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪( ،‬د ـ ت)‪،‬‬
‫ص‪.76‬‬
‫‪ 17‬ـ املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 18‬ـ انظر‪ :‬جورجي زيدان‪ ،‬تاريخ آدابِ اللّغة العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،6111 ،‬ص‪.115‬‬
‫وإلانسان والغناء وألالحان والبخل والكرم والصفات والطباع‪ ،19‬فذلك مضمون تعريف‬
‫ألادب آنذاك‪ ،‬وأعظم به من تعريف‪.‬‬

‫كتاب (ابن عبد ربه) "العقد الفريد" خير مثال على ذلك التأليف ألادبي الذي نشأ في‬
‫رحاب الحضارة العربية إلاسالمية‪ ،‬وهو كتاب يجمع بين ألاخبار‪ ،‬وألانساب‪ ،‬وألامثال‪،‬‬
‫والشعر‪ ،‬والعروض واملوسيقى‪ ،‬وقد شمل خالصة ما كتب ألاصمعي‪ ،‬وأبو عبيدة‪،‬‬
‫والجاحظ‪ ،‬وابن قتيبة‪ ،‬وابن طيفور‪ ،‬وغيرهم من ألادباء الكبار‪ ،‬حيث جعله يشتمل –كما‬
‫يقول أحمد أمين‪ -‬على فنون آلاداب والحكم والنوادر وألامثال‪ ،‬وأيضا على ما يسميه‬
‫صناعة ألالحان والغناء والحديث عن النساء‪ ،‬ثم يعرج على مدعي النبوة واملجانين‬
‫والبخالء‪ ،‬وال ينس ى طبائع الناس‪ ،‬وألامم والتفاضل بين صفاتها‪ ،‬ومزج الثقافات العربية‬
‫والثقافات ألاخرى‪ .‬لكنه يتأثر في شكل واضح باألدب اليوناني‪ ،‬بقدر تأثره باألدبين الفارس ي‬
‫ضمن كتابه حكما من أردشير وبزرجمهر أكثر من أفالطون وأرسطو‪ ،‬وي َّ‬
‫ضمنه‬ ‫والهندي‪ .‬في َّ‬
‫اقتباسات من نظام الحكم الفارس ي‪ ،‬وتصوره للعدل والتراتبية الاجتماعية وحكايا امللوك‪،20‬‬
‫هذا إضافة إلى أن للرجل العديد من املوشحات‪ ،‬وله شعر رقيق ذو أسلوب سلس‪ ،‬يشمل‬
‫املديح‪ ،‬والوصف‪ ،‬والغزل‪ ،‬والنسيب‪.‬‬

‫التسميةُ‪ :‬اسم الكتاب الثابت هو "العِقْدُ" وكلمة "الفَرِيدُ" لصقت به في وقت متأخر‪ ،‬وكان‬
‫الكاتب "شهابُ الدِّين األَبْشِيهَ ُّي" صاحب كتاب "املُسْتَطْرَفُ مِنْ كُ ِّل فَن مُسْتَظْرَفْ" هو أول من‬
‫وصفه بالفريد‪ ،‬إذ يقول‪" :‬نَقَ ْلتُ كَثِريًا ِممَّا َأوْ َدعَهُ ال َّزمَخْشَ ِريُّ فِي ِكتَابِهِ (رَبِيعُ األَبْرَارِ)‪َ ،‬وكَثِريًا ِممَّا‬
‫‪21‬‬
‫نَقَ َلهُ "ابنُ عَ ْبدِ رَبِّهِ" فِي كِتَابِهِ (الْعِ ْقدَ الْفَرِيدُ)"‬

‫‪ 19‬ـ انظر‪ :‬شمس الدين الكيالني‪ ،‬العقد الفريد‪ ،‬ابن عبد ربه األندلسي‪ ،‬مجلة الحياة‪ ،‬لبنان‪ ،‬السبت‪،‬‬
‫‪ ١٢‬مارس‪ /‬آذار ‪ ،١١٢٢‬ص‪.1‬‬

‫‪ 20‬ـ انظر‪ :‬ابن عبد ربه ألاندلس ي‪ ،‬كتاب العقد الفريد (مقدمة احملقّق‪ :‬أمحد أمني)‪ ،‬شرح وضبط وتصحيح‪:‬‬
‫أحمد أمين‪ ،‬أحمد الزين‪ ،‬إبراهيم ألابياري‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1741 ،6‬ص‪.5‬‬
‫ف ِم ْن كُلِّ فَن ُم ْستَظْرَفْ‪( ،‬مقدمة املؤَلّف)‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،6111 ،5‬ص‪.7‬‬ ‫ُّ‬
‫ألابشيهي‪ ،‬الْ ُم ْستَطْرَ ُ‬ ‫‪ 21‬ـ‬
‫مَنهجيَّةُ ابْنِ عَبْدِ رَبهِ فِي كتابه‪ ،‬وفَلْسَ َفتُهُ فِي التَّ ْألِيفْ‪:‬‬

‫خمس‬
‫ٍ‬ ‫يشبه املؤلف كتابه (العقد الفريد) في إلاخراج بـ (عِقْد النِّساء)‪ ،‬املكون من‬
‫وعشرين جوهرة‪ ،‬تتوسطها الواسطة‪ .‬فيقول في ذلك‪« :‬مسيْتُه كتاب العقد الفريد ملا فيه من‬

‫خمتلف جواهر الكالم مع دقة السِّلك وحسن النظام‪ .‬وجزأته على مخسة وعشرين كتاباً منها جُزْآَنِ‪،‬‬

‫فتلك مخسُونَ جُزْءًا يف مخسةٍ وعشرينَ كتابًا ‪ ،‬وقد انفرد كلُّ كتاب منها باسم جوهرة من جواهر‬

‫العِقد"‪،22‬‬

‫ثم يقولُ‪" :‬وقَدْ َألَّفْتُ َهذَا الْ ِكتَابَ‪ ،‬وَتَخَيَّرْ ُ جَوَاهِرَهُ ِمنْ َمتَخَيَّرِ جَوَاهِرِ اآلَدَابْ‪َ ،‬ومَ ْحصُولِ جَوَا ِمعِ‬
‫الْ َبيَانْ‪ ،‬فَكَانَ جَوْهَرَ الْجَوْهَرِ‪َ ،‬ولُبَابَ اللُّبَابْ‪ ،‬وَإنما لي فيه تأليف األخبار‪ ،‬وفضلُ االختيار‪ ،‬وحُسْنُ‬
‫ش يف صَدْرِ كُ ِّل كتاب‪ ،‬وما سِواهُ فمأخوذ من أفواه العلماء ومأثور عن احلكماء‬ ‫االختصار‪...‬وفَرْ ٌ‬
‫واألدباء‪ ،‬واختيار ُ الْكَالَمِ أَصْ َعبُ ِمنْ تَ ْألِيفِهْ‪ ،‬وَ َقدْ قَالُواْ‪ :‬ا ْختِيَارُ الرجُلِ وَافِدُ عَقْلِه‪ ،‬جعلت هذا الكتاب‬
‫كافياً شافياً جامعاً ألكثر املعاني اليت جتري على أفواه العامة واخلاصة‪ ،‬وتدور على ألسنة امللوك‬
‫‪23‬‬
‫والسوقة "‬

‫يبدأ بالكتاب األول املسمى (اللؤلؤة يف السلطان)‪ ،‬فيقول‪" :‬السُّلْطَانُ ِزمَامُ ا ُألمُورْ‪َ ،‬ونِظَامُ الْحُقُوقْ‪،‬‬
‫طبُ ا ّلذِي عَليْهِ َمدَارُ ال ُّدنْيَا‪ ،‬وَهُوَ ِحمَى اللَّهِ فِي بِالَدِهْ‪ ،‬وظِلُّهُ ا ْل َم ْمدُودُ فِي عِبادِهْ‪،‬‬
‫وَقِوَامُ الْ ُحدُودْ‪ ،‬وَالْقُ ْ‬
‫بِ ِه َيمْت ِنعُ حَ ِرميُ ُهمْ‪َ ،‬ويَ ْنتَصِرُ مَظْلُومُ ُهمْ‪َ ،‬و َيتَ َق َّمعُ ظَالِمُ ُهمْ‪َ ،‬ويَ ْأ َمنُ خَائِفُ ُهمْ"‪ 24‬ويقدم لـ‪ :‬كتابه الثاني‬
‫(الفريدة يف احلروب) بالقول‪" :‬احلرب رحى‪ ،‬ثقاهلا الصرب‪ ،‬وقطبها املكر‪ ،‬ومدارُها االجتهاد‪،‬‬

‫‪ 22‬ـ انظر‪ :‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪ 4‬ـ ‪.5‬‬


‫‪ 23‬ـ املصدر السابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ 24‬ـ ابن عبد ربه ألاندلس ي‪ ،‬العقد الفريد‪،‬ج‪ ،1‬تح‪ :‬الشربيني شريدة‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪،6111،‬‬
‫ص‪.11‬‬
‫وثِقافُها األناة‪ ،‬وزمامها احلذر‪ ......‬وقيل لعنرتة الفوارسِ صِف لنا احلرب‪ ،‬فقال‪ :‬اوهلا شكوى‪،‬‬
‫وأوسطها جنوى‪ ،‬وآخرها بلوى "‪ .25‬ويسوق عن الهند قولهم‪" :‬احلازم حيذر عدوه على كل حال‪،‬‬

‫حيذر املواثبة إن قرب‪ ،‬واملعاودة إن بعد"‪ .26‬ثم الكتابُ الثالث الذي هو‪( :‬كتاب الزبرجدة يف‬
‫األجواد واألصفياء)‪ ،‬ومنه قوله‪" :‬قال أكثم بن صيفي حكيمُ العرب‪َ :‬ذلِّلُوأْ َأخْالقَ ُكمْ لِ ْلمَطَا ِلبْ‪،‬‬
‫وَقُودُوهَا ِإلَى ا ْلمَحَا ِمدْ‪ ،‬وَعَ ِّلمُوهَا ا ْلمَكَارِمْ‪ ،‬وَال تُقِيمُواْ عَلَى خُلُقٍ َت ُذمُّوهُ ِمنْ غَيْ ِر ُكمْ‪ ،‬وَصِلُواْ َمنْ َرغِبَ‬
‫ِإلَيْ ُكمْ‪ ،‬وَتَحَلَّوْا بِالْجُودِ يُكْسِبْ ُكمُ ا ْلمَحَبَّةَ‪ ،‬وَال تَ ْقتَ ِعدُواْ الْبُخْ َل َف َتتَعجَّلُواْ الْفَقْرْ"‪ ،27‬وفي الكتاب مدح‬
‫بعض في العطاء‪ ،‬وفيه أيضا أجود أهل‬
‫ٍ‬ ‫الكرم وذم البخل‪ ،‬وفيه تفضيل بعض الناس على‬
‫الجاهلية‪ ،‬وأجود أهل إلاسالم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫تفصيل في الوفود‪ ،‬ومنه قصة‪" :‬وفودِ أبي‬ ‫و الكتاب الرابع‪( :‬اجلمانة يف الوفود)‪ ،‬فيه‬
‫سُفيان إىل كِسْرى"‪ ،‬يقول املؤلف‪" :‬األصمعيُّ قال‪ :‬حدثنا عبدُ اللَّهِ ْبنُ دِينَارٍ َعنْ عبدِ اللَّهِ ْبنِ بَكْرٍ‬
‫ا ْلمَرِّي‪ ،‬قال‪ :‬قال أَبُو سُفْيَانَ أَ ْه َد ْيتُ لِكِسْرَى خَيْلًا وَأُ ْدمًا‪ ،‬فَقَبِلَ الْخَيْلَ وَرَدَّ األُدْمَ‪ ،‬وأدخلت عليه فكان‬
‫وجهه وجهني من عظمه فألقى إلي خمدة كانت عنده فقلت‪ :‬وا جوعاه! أهذه حظي من كسرى بن‬
‫هرمز؟ قال‪ :‬فخرجت من عنده فما أمرُّ على أحد من حشمة إال أعظمها‪ ،‬حتى دفعت إىل خازن له‬
‫فأخذها وأعطاني مثامنائة إناء من فضة وذهب‪ ،.‬قال األصمعي‪ :‬فحدثت بهذا احلديث النوشجان‬
‫الفارسي فقال‪ :‬كانت وظيفة املخدة ألفاً أن اخلازن اقتطع منها مائتني"‪.28‬‬

‫أما الكتاب اخلامس (املرجانة يف خماطبة امللوك)‪ ،‬فمن جملة قوله فيه‪ ،‬قوله‪" :‬قَالُواْ‪:‬‬
‫الْ َبيَانُ بصَرٌ‪ ،‬وَالْعَيُّ عَ ًمى‪َ ،‬كمَا أَنَّ الْعِ ْلمَ َبصَرٌ‪ ،‬وَالْجَهْلَ َعمًى‪ .‬وَالْبَيَانُ ِمنْ َنتَاجِ العِ ْلمْ‪ ،‬وَالْعَيُّ ِمنْ َنتَاجِ‬
‫الْجَهْل‪ ،‬وَقَالُواْ‪ :‬لَيْسَ ِلمَنْقُوصِ الْبَيَانِ بَهَاءٌ‪َ ،‬ولَوْ حَكَّ بِيَافُوخِهِ عَنَانَ ال َّسمَاءْ"‪ .29‬يجيء بعدها الكتاب‬
‫السادس (الياقوتة يف العلم واألدب)‪ ،‬ومما يتخيره في هذا الكتاب‪ ،‬قوله‪" :‬قال سَهْلُ ْبنُ هَارُون‬

‫‪ 25‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.27‬‬


‫‪ 26‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ 27‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ 28‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.651‬‬
‫‪ 29‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫وَهُوَ عِنْدَ ا ْلمَ ْأمُونِ‪ :‬مِنْ أَصْنَافِ الْعِلْمِ مَا الَ يَنْبَغِي لِلْمُسْ ِلمِنيَ أَنْ يَ ْرغَبُواْ فِيهِن وَ َقدْ يُ ْر َغبُ َعنْ بَعْ ِ‬
‫ض‬
‫الْعِ ْلمِ َكمَا يُ ْر َغبُ َعنْ بَ ْعضِ الْحَرَامْ؟ فقال ا ْلمَ ْأمُونُ‪َ :‬قدْ يُ َسمِّي بَ ْعضُ النَّاسِ الشَّيْءَ عِ ْلمًا َولَيْسَ بِعِلْم‪،‬‬
‫فَإِنْ كَانَ َهذَا أَرَدْ َ فَ َوجْهُهُ ا ّلذِي َذكَرْ ُ‪َ ،‬ولَوْ قُ ْلتَ أَ ْيضًا‪ :‬إِنَّ الْعِلْمَ لَا ُيدْ َركُ غَوْرُهُ‪َ ،‬ولَا يُسْبَرُ قَعْرُهُ‪َ ،‬ولَا‬
‫صدَ ْقتَ‪ ،‬فَإِنْ كَانَ ا َألمْرُ َك َذلِكَ فَا ْبدَأْ بِاألَهَمِّ‬ ‫تُبْ َلغُ غَا َيتُهُ‪َ ،‬ولَا تُ ْستَقَى أُصُولُهُ‪َ ،‬ولَا تَ ْنضَبِطُ َأجْزَاؤُهُ‪َ ،‬‬
‫فَاألَهَمْ‪ ،‬وَا َأل ْو َكدِ فَا َأل ْو َكدْ"‪ 30‬والكتاب السابع (اجلوهرة يف األمثال)‪ .‬يقول عنها‪" :‬هِيَ وَشْيُ الْكَلَامْ‪،‬‬
‫وَجَوْهَرُ اللَّفْظْ‪ ،‬وَحَلْيُ الْمَعَانِي‪ ،‬وَالَتِي تَخَيَرَتْهَا الْعَرَبُ‪ ،‬وَقَدَمَتْهَا الْعَجَمُ‪ ،‬ونُطِقَ بِهَا فِي كُ ِّل زَمَانْ‪ ،‬وَعَلَى‬
‫كُ ِّل لِسَانْ‪ ،‬فَهِيَ أَبْقَى مِنَ الشِّعْرْ‪ ،‬وَأَشْرَفُ مِنَ الْخَطَابَةْ‪َ ،‬لمْ يَسِرْ شَيْءٌ مَسِريَهَا‪َ ،‬ولَا َعمَّ ُعمُومَهَا‪َ ،‬حتَّى‬
‫قِيلَ‪ :‬أَسْيَرُ مِنْ مَثَلْ"‪ 31‬والكتاب الثامن (الزمردة يف املواعظ والزهد)‪" ،‬املَوْعِظَةُ ثَقِيلَ ٌة عَلَى السَّمْعِ‪،‬‬
‫مُحْرِجَ ٌة عَلَى النَّفْسِ‪ ،‬بَعِيدَ ٌة عَنِ الْقَبُولِ لِاعْتِرَاضِهَا الشَّهْوَةَ‪ ،‬وَمُضَادَّاتِهَا الْهَوَى‪ ،‬الَّذِي هُوَ رَبِيعُ الْقَلْبِ‪،‬‬
‫َومُرَادُ الرُّوحِ‪َ ،‬ومَرْ َبعُ اللَّهْوِ‪َ ،‬ومَسْ َرحُ ا َألمَا ِني‪ِ ،‬إلَّا َمنْ وَعَظَهُ عِ ْلمُهُ‪ ،‬وَأَرْ َشدَهُ قَلْبُهُ‪ ،‬وََأحْ َك َمتْهُ تَجْرِ َبتُهْ"‪. 32‬‬

‫والكتاب التاسع (الدرَّة يف التعازي واملراثي)‪ .‬يقول في مقدمة ‪" :‬نَادِبَةٌ تُثِريُ الْحُزْنَ مِنْ‬
‫طعُ َأنْفَاسَ ا ْلمَآَ ِتمْ‪ ،‬وَ َتتْ ُركُ صَ ْدعًا فِي‬ ‫ضتِهْ‪ ،‬وَتَبْعَثُ الْ َو ْجدَ ِمنْ رَ ْقدَتِهْ‪ِ ،‬بصَوْ ٍ َكتَ ْرجِيعِ الطَّيْر‪ ،‬تَقْ َ‬‫رَ ْب َ‬
‫صدُ ِمنْ نَحِيبِهَا‪ ،‬وَ َتذْ َهبُ َمذْ َهبَ الصَّبْ ِر وَاال ْستِسْلَا ْم‪،‬‬
‫الْقُلُوبِ الْجَلَا ِمدْ‪َ ،‬ونَادِبَةٌ تُخْ ِفضُ مِنْ نَشِيجِهَا‪ ،‬وَتَ ْق ِ‬
‫ظتَ ُهمْ بَكَوْا‪ ،‬وَ إِذَا َوعَظَ ُهمْ‬‫والثِّقَةِ بِجَزِيلِ الثَّوَابْ‪ ،‬قَال ُعمَرُ بنُ ذَرٍ‪ :‬سَ َأ ْلتُ أَبِي‪ :‬مَا بضالُ النَّاسِ إِذَا َوعَ ْ‬
‫صمَعِيُّ‪ :‬قُلتُ‬ ‫غَيْ ُركَ َلمْ يَبْكُواْ؟ قَال‪ :‬يَا بُنَيْ‪ ،‬لَيْ َستِ النَّائِحَةُ الثَّكْلَى مِثْلَ النَّائِحَةِ ا ْلمُ ْستَ ْأجَرَةْ‪ .‬وَقال األ ْ‬
‫لِ َأعْرَابِي‪ :‬مَا بَالُ ا ْلمَرَاثِي أَشْرَفَ أَشْعَا ِر ُكمْ؟ قَال‪ :‬لِ َأنَّا نَقُولُهَا وَقُلُوبُنَا مُ ْحتَرِقَة"‪ . 33‬و في الكتاب العاشر‬
‫(اليتيمة في النسب وفضائل العرب)‪ .‬يقول في الافتتاح‪" :‬النَّ َسبُ سَ َببُ التَّعَارُفْ‪ ،‬وَسُ َّلمٌ ِإلَى‬
‫التَّوَاصُلْ‪ ،‬بِهِ َتتَعَاطَفُ األَ ْرحَامُ الْوَاشِجَةْ‪َ ،‬وعَلَيْهِ تُحَافِظُ ا َألوَاصِرُ الْقَرِيبَةْ‪ ...‬فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ النَّسَبَ لَمْ‬
‫يَعْرِفِ النَّاسْ‪ ،‬وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ النَّاسَ لَمْ يَعُدْ مِنَ النَّاسْ"‪ .34‬أما الكتاب الـحادي عشر (العسجدة في‬
‫كالم العرب)‪ ،‬وفيه يسوق من أجمل الكالم قوله‪" :‬كَلَامُ ا َألعْرَابِ أَشْرَفُ الْكَلَامِ حَسَبًا‪ ،‬وََأكْثَرُهُ‬

‫‪ 30‬ـ املصدر السابق‪،‬ج‪ ،6‬ص‪.6‬‬


‫‪ 31‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.621‬‬
‫‪ 32‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫‪33‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪ 34‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ج‪ .1‬ص‪.9‬‬
‫َر ْونَقًا‪ ،‬وََأحْسَنُهُ دِيبَاجًا‪ ،‬وَأَقَلُّهُ كُلْفَةً‪ ،‬وََأوْضَحُهُ طَرِيقَةً‪َ ..‬و َمدَارُ الْكَلَامِ كُلُّهُ عَليْه‪َ ،‬ومُ ْنتَسَبُهُ ِإلَيْه‪ ....‬تَكَلَّ َم‬
‫رَبِيعَةُ الرَّ ْأيِ يَ ْومًا بِكَلَامٍ فِي الْعِ ْلمِ فَ َأكْثَرَ‪ ،‬فَكَأَنَّ الْعُ ْجبَ دَاخَلَهُ‪ ،‬فَا ْلتَ َفتَ ِإلَى َأعْرَابِي ِإلَى جَنْبِهِ‪ ،‬فَقَالَ‪ :‬مَا‬
‫تَ ُعدُّونَ الْبَالغَةَ يَا َأعْرَابِيْ؟ قَالَ‪ :‬قِلَّةُ الْكَالمْ وَإَِجَازُ الصَّوَابْ؛ قَالَ‪َ :‬فمَا تَعُدُّونَ الْعَيْ‪35‬؟ قَالَ‪ :‬مَا‬
‫كُ ْنتَ فِيهِ مُنْذُ الْيَوْم‪ ،‬فَكَ َأ َّنمَا َألْ َقمَهُ حَجَرًا " ‪ .36‬ثم الكتاب الـثاني عشَرَ (كتاب املج َّنبة في ألاجوبة)‪،‬‬
‫ومن جميل قوله فيه‪ ،‬قوله‪ ..." :‬فَ َقدْ كَرِهُواْ الرَّ ْأيَ الْفَطِريْ‪َ ،37‬كمَا كَرِهُواْ الْجَوَابَ الدِّبْ ِريَّ‪ ، 38‬فَلَا‬
‫صمَهُ ُجمْ َلةً وَا ِحدَةْ‪ ،‬ثُ َّم‬
‫طمَأَنَّ شَارِدُهْ‪ ،‬وَسَ َكنَ نَافِرُهْ‪ ،‬صَكَّ بِهِ َخ ْ‬
‫يَزَالُ فِي نَسْجِ الْكَلَامِ وَا ْستِئْنَاسِهِ‪َ ،‬حتَّى إِذَا ا ْ‬
‫إِذَا قِيلَ لَهُ‪َ :‬أ ِجبْ َولَا تُخْطِئْ‪ ،‬وَأَسْرِعْ وَالَ تُبْطِئْ‪ ،‬تَرَاهُ يُجَاوِبُ ِمنْ غَيْرِ َأنَاةٍ وَالَ ا ْستِ ْعدَادْ‪ ،‬يُطْبِقُ ا ْلمَفَاصِلْ‪،‬‬
‫َويَنْ َفذُ ِإلَى ا ْلمَقَاتِلْ‪َ ،‬كمَا يُرْمَى الْجَ ْندَلُ ِإلَى الْجَ ْندَلْ‪َ ،39‬ويُقْرَعُ الْ َحدِيدُ بِالْ َحدِيدْ‪ ،‬فَيَحُلَّ بِهِ عُرَاهْ‪،‬‬
‫َويَنْ ُقضَ بِهِ مَرَاِئِرَهْ‪َ ،‬ويَكُونَ جَوَابُهُ عَلَى كَ َالمِه‪ ،‬كَسَحَابَةٍ لَ َبدَ ْ عَجَاجَةْ‪ ،40‬فَلَا شَيْءَ َأ ْعضَلُ ِمنَ الْجَوَابِ‬
‫صمِ ا َأللَدْ‪ ،‬ا َّلذِي يَقْرَعُ صَاحِبَهُ‪َ ،‬و َيصْرَعُ مُنَا ِزعَهُ بِقَوْلٍ َكمَثَلِ النَّارِ فِي الْحَطَ ِ‬
‫ب‬ ‫الْحَاضِرْ‪َ ،‬ولَا َأعَزَّ ِمنَ الْ َخ ْ‬
‫الْجَزْلْ؛ قَالَ أَبُو الْحَ َسنْ‪ :‬أَسْرَعُ النَّاسِ جَوَابًا عِ ْندَ الْ َبدِيهَةِ قُ َريْشٌ‪ُ ،‬ثمَّ بَقِيَّةُ الْعَرَبْ‪ ،‬وَأحْ َس ُن الْجَوَابِ كُلِّهِ‬
‫مَا كَانَ حَاضِرًا َمعَ إِصَابَةِ مَعْ ًنى‪ ،‬وَإَِجَازِ لَفْظْ"‪َّ ، 41‬أما الكتاب الثالث عشَرَ (الواسطة في الخطب)‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫فإنه وسط عقد الكتاب‪ ،‬منه قوله عن الخطبة‪ :‬والخطب التي يعنيها تلك التي‪" :‬يتخ َّير لها‬
‫الكالم‪ ،‬وتفاخرت بها العرب في مشاهدهم‪ ،‬ونطقت بها ألائ َّمة على منابرهم‪ ،‬وشهرت بها في‬
‫مواسمهم‪ ،‬وقامت بها على رؤوس خلفائهم‪ ،‬وتباهت بها في أعيادهم‪ ،‬ومساجدهم‪ ،‬ووصلتها‬
‫بصلواتهم‪ ،‬وخوطب بها العوام‪ ،‬واستجزلت لها ألالفاظ‪ ،‬وتخ َّيرت لها املعاني‪ .‬اِعْلَمْ أَ َّن جَمِيعَ‬
‫الْخُطَبِ عَلَى خَبَرَيْنِ‪ ،‬مِنْهَا الطِّوَالُ‪ ،‬وَمِنْهَا الْقِصَارْ‪ ،‬وَلِكُ ِّل ذَلِكَ مَوْضِ ٌع يَلِيقُ بِهْ‪ ،‬وَمَكَانٌ يَحْ ُسنُ فِيهْ‪ .‬وأول‬
‫ما نبدأ به خطب النيب صَلّى اللّه عليه وسلّم‪ ،‬ثم السلف املتقدمني‪ ،‬ثم اجللة من التابعني واجللة من‬

‫‪ 35‬ـ الع ُّي‪:‬‬


‫‪ 36‬ـ املصدر السابق‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪ 37‬ـ الرأي الفطير ‪ :‬ذلك الذي أبدي بال رو َّي ٍة وال تمحيص‪.‬‬
‫‪ 38‬ـ الجواب الدبر ُّي‪ :‬ذلك الذي يجيء أخيرا بعد فوات الحاجة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫‪ 39‬ـ الجندل‪ :‬في هذا املقام يقصد به الحجر‪ ،‬وإال فاملعاني كثيرة غزيرة‪.‬‬
‫‪ 40‬ـ معنى ذلك‪ :‬كسحاب ٍة لزمت غبارا‪ ،‬واختلطت به‪.‬‬
‫‪ 41‬ـ ابن عبد ربه‪ ،‬العقد الفريد‪ ،‬ج‪.151 ،1‬‬
‫اخللفاء املاضني والفصحاء املتكلمني"‪ .42‬والكتاب الـرابع عشر (املجنبة الثانية في التوقيعات‬
‫ُّ‬
‫يخص‪" :‬التوْقيعا ِ وَالْفُصُولِ وَال ُّ‬
‫صدُورِ وَأَ َدوَا ِ‬ ‫والفصول والصدور وأخبار الكتبة)‪ ،‬والقول فيه‬
‫ظمَهُ مِ َن‬ ‫الْ ِكتَابَةِ وََأخْبَارِ الْ ُكتَّابِ‪ ،‬وَ َفضْلِ اإلَِجَازِ‪ ،‬إِذْ كَانَ أَشْرَفَ الْكَلَامِ كُلِّهِ حَسَنًا‪ ،‬وَأَرْفَعَهُ َقدْرًا‪ ،‬وََأعْ َ‬
‫الْقُلُوبِ مَوْقِعًا‪ ،‬وَأَقَلَّهُ عَلَى اللِّسَانِ َعمَلًا‪ ،‬مَا دَلَّ بَ ْعضُهُ عَلَى كُلِّهِ‪َ ،‬وكَفَى قَلِيلُهُ َعنْ كَثِريِهِ‪ ،‬شَهِدَ ظَاهِرُهُ‬
‫عَلَى بَاطِنِهْ‪ ،‬وَ َذلِكَ أَنْ تَقِلَّ حُرُوفُهْ‪ ،‬وَتَكْثُرَ مَعَانِيهْ‪ ،‬ومنه قولُهُم‪ :‬رُبَّ إِشَارَةٍ أَبْ َلغُ ِمنْ لَفْظْ‪ ،‬لَيْسَ أَنَّ‬
‫اإلِشَارَةَ تُبَيِّنُ مَا لَا يُبَيِّنُهُ الْكَلَامْ‪ ،‬وَتَبْلُغُ مَا يَ ْقصُرُ عَنْهُ اللِّسَانْ‪َ ،‬ولَكِنَّهَا إِذَا قَامَتْ مَقَامَ اللَّفْظِ‪ ،‬وَ َسدَّ ْ مَسَدَّ‬
‫الْكَالمِ‪ ،‬كَانتْ أَبْ َلغَ‪ ،‬لِقِلَّةِ مَؤَو َنتِهَا‪َ ،‬وخِفَّةِ مَ ْحمَلِهَا‪ ،‬قَال أَبْ ُروِيز لِكَاتِبه‪ِ :‬ا ْج َمعْ الْكَثِريَ ِممَّا تُرِيدُ ِمنَ‬
‫ا ْلمَعْ َنى‪ ،‬فِي الْقَلِيلِ ِممَّا تَقُولْ‪ ،‬يَ ُحضَّهُ عَلَى اإلَِجَازِ‪َ ،‬ويَنْهَاهُ َعنِ ا ِإلكْثَارْ ‪.43"...‬‬

‫و في الكتاب اخلامس عشر (العسجدة الثانية في الخلفاء)‪ ،‬والكتاب الـسادس عشر (اليتيمة‬
‫الثانية في أخبار زياد والحجاج والطالبيين والبرامكة)‪ .‬والكتاب السابع عشر ( ُّ‬
‫الد َّرة الثانية في‬
‫أيام العرب)‪ ،‬من حسن ما جاء في هذا الكتاب قول املؤلف‪َ" :‬أيَّامُ الْعَرَبِ َووَقَائِعُ ُهمْ مَآَثِرُ‬
‫الْجَاهِلِيَّةْ‪َ ،‬ومَكَارِمُ ا َألخْلَاقِ السَّنِيَّةْ‪ ،‬قِيلَ لِبَ ْعضِ أصحابِ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلّم‪ :‬مَا كُ ْنتُمْ‬
‫َتتَ َحدَّثُونَ بِهِ إِذَا خَلَوْ ُتمْ فِي مَجَالِسِ ُكمْ؟ قَال‪ :‬كُنَّا َنتَنَا َشدُ الشِّعْرَ‪َ ،‬و َنتَ َحدَّثُّ بِ َأخْبَارِ جَاهِلِ َّيتِنَا"‪ 44‬أما‬
‫الكتاب الـثامن عشر (الزمردة الثانية في فضائل الشعر)‪ ،‬وفيه عم الشعر ومنه الكثير‬
‫الجميل‪ ،‬يقول عن الشعر العربي‪" :‬الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ خَاصَّةً وَا ْلمَنْظُومُ ِمنْ كَلَامِهَا‪ ،‬وَا ْلمُقَ ِّيدُ‬
‫ص الكتاب التاسع عشر (الجوهرة الثانية في أعاريض‬ ‫َأليَّامِهَا‪ ،‬والشَّا ِهدُ عَلَى َأحْكَامِهَا"‪ 45‬وقد خ َّ‬
‫الشعر) بأعاريض الشعر‪ ،‬وكل ما يتعلق به‪ ،‬وقال مبينا أن املتمرس وجب أن يتخصص ‪:‬‬
‫"فِي َأعَارِيضِهِ َوعِلَلِه‪َ ،‬ومَا يَحْ ُسنُ َومَا يَقْبُحُ ِمنْ ِزحَافِهْ‪َ ،‬ومَا يَنْفَكُّ ِمنَ ال َّدوَائِرِ الْخَمْسِ ِمنَ الشُّطُورِ ا َّلتِي‬
‫َّ‬
‫قَا َلتْ عَلَيْهَا الْعَرَبُ وَا َّلتِي َلمْ تَقُلْ"‪ ،46‬وبعد العروض يجيء اللحن والغناء في الكتاب الـعشرين‬

‫‪ 42‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫‪ 43‬ـ املصدر السابق‪ ،‬ص‪.621‬‬
‫‪ 44‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.79‬‬
‫‪ 45‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪171‬‬
‫‪ 46‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.9‬‬
‫(الياقوتة الثانية في علم ألالحان واختالف الناس فيها)‪ .‬ويبدأ "ابن عبد ربه" هذا الكتاب‬
‫بمبحث وسمه "فضْلُ الصو ِ الْحسن"‪ ،‬ويذهب إلى التأصيل له تأصيال به ًّيا جميال‪ ،‬إذ يبدأ‬ ‫ٍ‬
‫ٓ ُۖ‬ ‫ِ۬‬
‫قائال‪" :‬قال بعضُ أهْلِ التَّفْسِريِ يف قول اللّهِ ـ تبارك وتعاىل ـ ‪ ﴿ :‬يزيد فے الخلق ما يشاء ا َّن‬
‫ِ۬ َّ‬
‫الله على كل شے ٖء قد ُۖير ﴾ فاطر(‪ :)1‬هو الصوت الحسن‪ ،‬وقال النيب ﷺ لِأبي موسى األشعريِّ‪،‬‬
‫طبِّ أنَّ الصَّوْ َ الْحَسَ َن‬ ‫ملَّا أعجبَهُ حسنُ صوتِه‪" :‬لَ َقدْ أُوتِيتَ مِ ْزمَارًا ِمنْ مَزَامِريِ آَلِ دَاوُدْ"‪ ،‬وَ َز َعمَ أَهْلُ ال ِّ‬
‫يَ ْسرِي فِ ي الْجِ ْسمِ َويَجْرِي فِي الْعُرُوقِ‪ ،‬فَ َيصْفُو لَهُ الدَّمُ‪ ،‬ويَرْتَاحُ لَهُ القَ ْلبُ‪ ،‬وَتَهَشُّ لَهُ النَّفْسُ‪ ،‬وَتَ ْهتَزُّ‬
‫الْجَوَا ِرحُ‪ ،‬وَتَ ِخفُّ الْحَ َركَا ُ‪َ .‬و ِمنْ َذلِكَ كَرِهُواْ لِلطِّفْلِ أَنْ يُنَوَّمَ عَلَى أَثَرِ الْبُكَاءِ َحتَّى يَرْ ُقصَ َويَطْرَبْ‪،‬‬
‫وَقَا َلتْ لَيْلَى األَخْيَلِيَّة‪ 47‬لِلْحَجَّاجِ حِنيَ سَ َألَهَا عَنْ َو َلدِهَا‪ ،‬وََأعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ شَبَابِهِ‪ِ :‬إنِّي وَاللَّهِ مَا َحمَلْتُهُ‬
‫سَهْوًا‪َ ،‬ولَا وَضَ ْعتُهُ َيتْنًا‪َ ،‬ولَا أَرْضَ ْعتُهُ غِيلًا َولَا َأ َن ْمتُهُ مَثْقًا‪ .‬تَعْنِي‪َ :‬لمْ أُنَ ِّومْهُ مَ ْستَ ْوحِشًا بَاكِيًا‪ .‬مَا َحمَ ْلتُ ُه‬
‫سَهْوًا‪ .‬تعْنِي يف بَقَايَا الْحَيْض‪ .‬ويُقالُ‪َ :‬حمَ َلتْ املَرْأَةُ وَضْعًا وَ َتضْعًا‪ :‬إِذَا َحمَلَتْ فِي ا ْستِقْبَالِ الْحيض‪،‬‬
‫وقَ ْولُها وَالَ وَضَ ْعتُهُ َيتْنًا‪ ،‬تعْنِي‪ :‬مُنَكَّسًا‪ ،‬وقوهلا‪َ :‬ولَا أرْض ْعتُه غِيلًا‪ ،‬تعْنِي‪ :‬لَبَنًا فَا ِسدًا‪ ..‬وَزَ َع َمتِ الْفَلَاسِفَةُ‬
‫أَنَّ النَّغَمَ َفضْلٌ بَقِيَ ِمنَ املنطق َلمْ يَ ْقدِرِ اللِّسَانُ عَلَى ا ْستِخْرَاجِه‪ .‬فا ْستَخْ َر َجتْهُ الطَّبيعةُ با َأللْحَانِ عَلَى‬
‫التَّ ْرجِيعِ لَا عَلَى التَّقْطِيعْ‪ ،‬فَلمَّا ظَهَرَ عَشِ َقتْهُ النَّفْس‪َ ،‬وحَ َّنتْ إِليه الرُّوح‪ ،‬ولذلك قال أفالطون‪ :‬لَا‬
‫يَنْبَغِي أَنْ ُتمْ َنعَ النَّفْسُ ِمنْ مُعَاشَقَةِ بَ ْعضِهَا بَ ْعضًا‪ ،‬أَالَ تَرَى أَنَّ أَهْلَ الصِّنَاعَا ِ كُلِّهَا إِذَا خَافُواْ ا ْلمَلَالَةَ‬
‫والْ ُفتُورَ عَلَى أَ ْبدَانِ ِهمْ تَرَ َّنمُواْ بِا َأللْحَانِ فَا ْستَرَا َحتْ لَهَا َأنْفُسُ ُهمْ"‪،48‬وفي الكتاب الـحادي والعشرين‬
‫(املرجانة الثانية في النساء وصفاتهم)‪ .‬حديث عن النساء وصفاتهن‪ ،‬ومن ذلك قوله‪" :‬فِي‬
‫النِّسَاءِ وَصِفَاتِ ِهنَّ مَا يُحْ َمدُ َو ُيذَمُّ ِمنْ عِشْرَتِهِنْ‪ ،‬إِذْ كَانَ الْ َعيْشُ كُلُّهُ مَ ْقصُورًا عَلَى الْحَلِيلَةِ الصَّالِحَ ِة‬
‫وَال َّز ْوجَةِ ا ْلمُوَافِقَةْ‪ ،‬والْبَلَاءُ كُلُّهُ مُ َوكَّلًا بِالْقَرِينَةِ السُّوءِ ا َّلتِي لَا تَسْ ُكنُ النَّفْسُ إِلَى كَرِيمِ عِشْرَتِهَا وَالَ‬
‫تَقَرُّ الْعَيْنُ بِرُ ْؤ َيتِهَا‪...‬ويف حِكمة سليمان بن داوُد ـ عليهما السالم ـ ا ْلمَرْأَةُ الْعَاقِلَةُ تَبْنِي بَ ْيتَهَا‬
‫‪49‬‬
‫جلمَالُ كَاذِبٌ وَالْحُ ْسنُ مُ ْختَ ِلفْ‪ ،‬وَِإ َّنمَا تَ ْستَحِقُّ ا ْل َم ْدحَ ا ْلمَرْأَةُ ا ْلمُوَافِقَةْ"‬
‫وَالسَّفِيهَةُ تَ ْه ِدمُهْ‪ .‬وقال‪ :‬ا َ‬

‫‪ 47‬ـ ليلى ألاخيلية‪ :‬هي ليلى بنت عبد هللا بن الرحال بن شداد بن كعب ألاخيلية من بني عقيل من عامر بن صعصعة‬
‫من هوازن (توفيت حوالي عام ‪914‬م‪ 11 ،‬هجرية‪ ،‬شاعرة عربية عرفت بجمالها وقوة شخصيتها وفصاحتها عاصرت‬
‫صدر إلاسالم والعصر ألاموي‪.‬‬
‫‪ 48‬ـ ابن عبد ربه‪ ،‬العقد الفريد‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.11 – 19‬‬
‫‪ 49‬ـ املصدر نفسه‪.157 ،‬‬
‫والكتاب الـثاني والعِشرين (الجمانة الثانية في املتنبئين واملمرورين ‪50‬والبخالء والطفيلين)‪،‬‬
‫يقول املؤلف عن هذه الشريحة املجتمعية‪" :‬إنَّ َأخْبَارَ ُهمْ َحدَائِقُ مُونِقَةْ‪ ،‬وَ ِريَاضٌ زَاهِرَةٌ‪ِ ،‬لمَا فِيهَا‬
‫ِمنْ كُلِّ طُرْفَةٍ َونَادِرَةٍ‪ ،‬فَكَ َأنَّهَا َأنْوَارٌ مُ َزخْرَفَةْ‪َ ،‬أوْ حُلَلٌ مُ ْنتَشِرَةْ‪ ،‬دَانِيَةُ الْقُطُوفِ ِمنْ جَانِي َثمْرَتِهَا‪ ،‬قَرِيبَ ُة‬
‫ا ْلمَسَافَةِ ِل َمنْ طَلَبَهَا‪ ،‬فَإِذَا تَ َأمَّلَهَا النَّاظِرُ‪ ،‬وَأصْغَى إِلَيْهَ السَّا ِمعُ َو َجدَهَا مَلْهًى لِل َّس ْمعِ‪ ،‬وَمَرْتَعًا لِلنَّظَرْ‪،‬‬
‫وَ َسكَنًا لِلرُّوحْ‪َ ،‬ولِقَاحًا لِلْعَقْلْ‪ ،‬وَ َسمِريًا فِي الْ ِو ْحدَةْ‪ ،‬وََأنِيسًا فِي الْ َوحْشَةْ‪ ،‬وَصَاحِبًا فِي السَّفَرْ‪ ،‬وََأنِيسًا فِي‬
‫الْ َحضَرْ"‪ ،51‬والكتاب الـثالِثُ وَالعشرون (الزبرجدة الثانية في بيان طبائع إلانسان وسائر‬
‫الحيوان وتفاضل البلدان) يجمع بين البحث عن النفس‪ ،‬والبنيان والدور‪ ،‬إلى الزي‬
‫واللباس‪ ،‬إلى أنواع الحيوان‪ ،‬واملفاضالت بين البلدان‪ .‬وأخبار الطب َّ‬
‫والرقى والحجامة‬
‫والسحر‪ ،‬ف" طبائع اإلنسان وسَائِرُ الْحَيَوَانْ‪ ،‬وَتَفَاضُلُ الْبُ ْلدَانْ‪ ،‬وَالنِّ ْعمَةُ وَالسُّرُورُ‪َ ،‬مدَارُ ال ُّدنْيَا عَلَيْهَا‪،‬‬
‫وَ َال قَوَامَ لِلْأَ ْبدَانِ ِإلَّا بِهَا‪ ،‬وَهِيَ َثمْرَةُ الْفِرَاسَةِ‪ ،‬وَتَ ْركِيبُ الْغَرِيزَةِ‪ ،‬وَا ْختِلَافُ الْ ِه َممِ‪ ،‬وَطِيبُ الشِّ َيمِ‪ ،‬وَتَفَاضُلُ‬
‫الطُّعُومِ"‪ 52‬وفي الكتاب الـرا ِبعِ والعِشْرِينَ (الفريدة الثانية في الطعام والشراب)‪ ،‬فالحديث‬
‫ٌ‬
‫عنهما حديث عن الشيئين "ال َّل َذ ْينِ بِ ِهمَا ُنمُوُّ الْغِرَاسَةِ‪ ،‬وهُمَا قِوَامُ األَبْدَانْ‪ ،‬وَعَلَيْهِمَا بَقَاءُ‬
‫ٌ‬
‫األَرْوَاحْ"‪َّ .53‬أما الكتاب الـخَامسُ وَالْعِشْرُونَ (اللؤلؤة الثانية في الفكاهات وامللح)‪ ،‬فهو حديث‬
‫يث في ما يطرب َّ‬ ‫ٌ‬
‫النفس ويبهجها؛ فـ "هِيَ‬ ‫خات ٌم جميل‪ ،‬إذ الحديث عن الفكاهة وامللحة حد‬
‫نُزْهَةُ النَّفْسِ‪ ،‬وَرَبِيعُ الْقَلْبِ‪َ ،‬ومَرْ َتعُ السَّ ْمعِ‪َ ،‬ومَجْ َلبُ الرَّاحَةِ‪َ ،‬ومَ ْعدَنُ السُّرُورْ"‪. 54‬‬

‫‪ 50‬ـ املجانين‪.‬‬
‫‪ 51‬ـ ابن عبد ربه‪ ،‬العقد الفريد‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.611‬‬
‫‪ 52‬ـ املصدر السابق‪ ،‬ص‪.699‬‬
‫‪ 53‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ 54‬ـ املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫نِظَامُ الْعَقْدْ‪:55‬‬
‫الثانية في ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫اللؤلؤة في ُّ‬‫ُّ‬
‫النتف والهدايا والفكاهات وامللح‪.‬‬ ‫‪ 65‬ـ كتاب اللؤلؤة‬ ‫السلطان‪.‬‬ ‫‪ 1‬ـ كتاب‬
‫َّ‬
‫الطعام و َّ‬ ‫َّ‬
‫الشراب‪..‬‬ ‫‪ 64‬ـ كتاب الفريدة الثانية في‬ ‫‪ 6‬ـ كتاب الفريدة في الحروب ومدار أمرها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ 61‬ـ كتاب َّ‬ ‫‪ 1‬ـ كتاب َّ‬
‫الزبرجدة الثانية في بيان طبائع إلانسان وسائر‬ ‫الزبرجدة في ألاجواد وألاصفاد‪.‬‬
‫الحيوان وتفاضل البلدان‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ 66‬ـ كتاب الجمانة الثانية في املتنبئين واملمرورين والبخالء‬ ‫‪ 4‬ـ كتاب الجمانة في الوفود‪.‬‬
‫ُّ‬
‫والطفيليين‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪61‬ـ كتاب املرجانة الثانية في النساء وصفاته َّن‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ كتاب املرجانة في مخاطبة امللوك‪.‬‬
‫الثانية في علم ألالحان واختالف َّ‬ ‫َّ‬
‫الناس فيه‪.‬‬ ‫‪ 61‬ـ كتاب الياقوتة‬ ‫‪ 2‬ـ كتاب الياقوتة في العلم وألادب‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ 17‬ـ كتاب الجوهرة الثانية في أعاريض الشعر وعلل القوافي‪.‬‬ ‫‪ 9‬ـ كتاب الجوهرة في ألامثال‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ 11‬ـ كتاب ُّ‬ ‫الزم ُّردة في املواعظ و ُّ‬‫‪ 1‬ـ كتاب ُّ‬
‫الزم ُّردة الثانية في فضائل الشعر ومقاطعه ومخارجه‪.‬‬ ‫الزهد‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪19‬ـ كتاب ُّ‬ ‫الد َّرة في َّ‬
‫‪ 7‬ـ كتاب ُّ‬
‫الد َّرة الثانية في أ َّيام العرب ووقائعهم‪.‬‬ ‫التعازي واملراثي‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫‪ 11‬ـ كتاب اليتيمة في النسب وفضائل العرب‪ 12 .‬ـ كتاب اليتيمة الثانية في أخبار زي ٍاد والح َّجاج والطالبيين‬
‫والبرامكة‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ 15‬ـ كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأ َّيامهم‪.‬‬ ‫‪ 11‬ـ كتاب العسجدة في كالم العرب‪.‬‬
‫الثانية في َّ‬ ‫َّ‬
‫التوقيعات والفصول وأخبار الكتبة‪.‬‬ ‫‪ 14‬ـ كتاب املج َّنبة‬ ‫‪ 16‬ـ كتاب املج َّنبة في ألاجوبة‪.‬‬
‫‪11‬ـ كتاب الواسطة في الخطب‪.‬‬

‫باب (جوهرة) على الجهة املقابلة‪ ،‬انظر‪ :‬رحاب عكاوي‪ ،‬ابنُ عبدِ‬
‫(جوهرة)‪ ،‬وما يقابله من ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪ 55‬يمثل الجدول كل باب‬
‫ربِّه وعِقد ُه "الفريد"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،6111 ،1‬ص‪.41‬‬
‫خالصة يف منهج "ابن عبد ربه"‪ :‬أجمل ما سيق لبيان ما تخيره صاحب العقد‪ ،‬من منهج‪،‬‬
‫ما ذهبت إليه "رحاب عكاوي"‪ ،‬حين تقول‪ " :‬إن منهج ابن عبد ربه عموما هو أفضل منه ٍج‬
‫فالتصنيف‪ ،‬فجمع كل‬ ‫وإن أهم ما فيه هو الاختيار‪َّ ،‬‬ ‫في التواليف ألادبية حتى عصره‪َّ ،‬‬

‫تيبة قد سبق صاحب العقد‬ ‫َّ‬


‫دة ‪ ،‬ال التنويع بين ألاصناف ‪ ،‬وال شك أن ابن ق ٍ‬‫نف على ح ٍ‬‫ص ٍ‬
‫في "عيون ألاخبار" بهذه الخطوات الثالث‪ ،‬فكان أستاذه فيها‪ ،‬وابن عبد ربه لم يعول في‬
‫الاختيار على ذوقه فحسب‪ ،‬بل ع َّول أكثر وأش َّد على الثقات املشهود لهم بالريادة في علم‬
‫‪56‬‬ ‫ألادب‪ ،‬و ُّ‬
‫الدربة عليه"‬

‫ُ ْب َتبُ‬
‫‪ ..........‬ع‪...........‬‬

‫‪ 56‬ـ املرجع السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬

You might also like