Professional Documents
Culture Documents
Hilali - Madza Nuriidu min Ramadhanماذا-نريد-من-رمضان
Hilali - Madza Nuriidu min Ramadhanماذا-نريد-من-رمضان
من رمضان؟؟
جمدي اهلاليل
1
مقدمة
احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على أشرف املرسلني ،سيدان حممد وعلى آله وصحبه أمجعني0
وبعد:
فإن من رمحة هللا وفضله علينا أن جعل لنا يف هذه احلياة الدنيا حمطات نتزود فيها ابإلميان والتقوى ،ومنحو ما علق
بقلوبنا من أاثر الذنوب والغفالت ...نلتقط فيها أنفاسنا ،ونعيد ترتيب أوراقنا ،فنخرج منها بروح جديدة ،ومهة عالية وقوة
نفسية تعيننا على مواجهة احلياة وما فيها من جواذب وصوارف ،وتيسر لنا أداء املهمة اليت من أجلها خلقنا هللا عز وجل.
فإذا ما حبث الواحد منا عن تلك احملطات وجدها كثرية.....
فمنها اليومية كالصلوات اخلمس ،ومنها األسبوعية كيوم اجلمعة ،ومنها السنوية كشهر رمضان ،ومنها ما قد يكون مرة
واحدة يف العمر كاحلج والعمرة0
والسعيد من رتب أوراقه وهيأ نفسه لإلستفادة من تلك الفرص قبل قدومها عليه ،فال يدعها متر حىت يتزود منها بكل
ُويل راْلَلربَ ِ الز ِاد التَّ رقوى واتَّ ُق ِ ِ
اب ون ََي أ ِ َ َ ما حيتاجه يف رحلته إىل هللا عزوجل ،كما قال هللا تعاىلَ :وتَ َزَّو ُدوا فَإ َّن َخ ر َ
ْي َّ
(()197البقرة) ومن أهم احملطات اليت متر على املسلمني مرة واحدة كل عام :شهر رمضان ،فها هي األايم متضى ويهل
علينا الشهر الكرمي خبريه وبركته ...ولقد جعله هللا عز وجل مومسا إلستباق اخلريات،
النافلة فيه كالفريضة والفريضة كسبعني فريضة يف غريه ....شعاره ايابغى اخلري أقبل ....الشياطني فيه مصفدة ،وأبواب
النريان مغلقة ،واألجواء مهيأة لنيل املغفرة والرمحة والعتق من النار .تزينت فيه اجلنة واندت خطاهبا أن هلموا إىل وأسرعوا
اخلطى فالسوق مفتوح والبضاعة حاضرة ،واملالك جواد كرمي.
ومما يعنينا على ذلك معرفة ماذا نريد من هذا الضيف الكرمي؟ وما الوسائل اليت سنستخدمها؟
2
شهر املغفرة
يقول صلى هللا عليه وسلم ((رغم أنف رجل دخل عليه رمضان مث انسلخ قبل أن يغفر له ))....فمن مل يغفر له يف
رمضان فمىت يغفر له؟ ...
أيغفر له وهو غارق يف حبر الدنيا بعيدا عن اآلخرة؟ أم يغفر له وهو يلهث وراء الدرهم والدينار وطلبات الزوجة
واألوالد؟ حنن ال نتأىل على هللا تعاىل ولكن كما أخربان سبحانه وتعاىل – أن للمغفرة أسبااب ،ولدخول اجلنة تكاليف .فليس
اإلميان ابلتمين ولكن ما وقر يف القلب وصدقه العمل.
إن دخول اجلنة حيتاج بعد التعلق برمحة هللا إيل كثري من اجملهود نبذله يف طاعة هللا ،ومل ال؟ وما هي إال أايم معدودات
منكثها يف هذه احلياة الدنيا مث يعقبها سنوات طوال -ال هناية هلا -يف القرب والدار اآلخرة.
ليتخيل كل منا حجم الندم واحلسرة اليت متأل قلوب الغافلني عندما يتعرضون للحساب الرهيب جزاء تقصريهم يف
عبادة خالقهم:
ال إِ رن
ين ( )113قَ َ ض َع َد َد ِسنِني ( )112قَالُوا لَبِثر نَا ي وما أَو ب عض ي وٍم فَ ِ ِ ال َك رم لَبِثر تُ رم ِِف راْل رَر ِ
اسأَل ال َرعاد ََر ر َر َ َر ر َ قَ َ
لَبِثر تُ رم إََِّّل قَِليال لَ رو أَنَّ ُك رم ُك رن تُ رم تَ رعلَ ُمو َن ( )114أَفَ َح ِس رب تُ رم أَََّّنَا َخلَ رقنَا ُك رم َعبَ ثا َوأَنَّ ُك رم إِلَري نَا ََّل تُ رر َجعُو َن (( )115املؤمنون)
إن أغلى أماين أهل القبور أن يعودوا إىل الدنيا ولو للحظة :يسبحون هللا فيها تسبيحة أو يسجدون له سجدة واحدة.
فهل لنا فيهم من عربة؟! أما آن لنا أن نفيق من غفالتنا ونستعد ملواجهة املصري الذي ينتظران ؟!
3
إننا ما زلنا يف الدنيا والفرصة ساحنة أمامنا للتزود ملا بعد املوت ،وها هو شهر رمضان يدعوان لذلك.
هيا بنا نشمر عن سواعدان وهنجر فراشنا ونوقظ أهلنا ونرفع راية اجلهاد ضد أنفسنا وشهواهتا ورغباهتا.
رجٍأ يَ روَمئِ ٍذ َوَما ِ هيا بنا جنيب داعي هللا :است ِجيبوا لِربِ ُكم ِمن قَب ِل أَ رن َيِرِت ي وم ََّل مر َّد لَه ِمن َِّ
اَّلل َما لَ ُك رم م رن َمل َ َ َ َر ٌ ََ ُ َ رَ ُ َ ر ر ر
لَ ُك رم ِم رن نَ ِك ٍْي (( )47الشورى)
نعم ..رمضان فرصة عظيمة ال أتيت إال مرة واحدة يف العام ،ولكن هل يتعامل معها املسلمون بنفس املستوى؟
فمن الناس من يعترب جميء هذا الشهر عبئا ثقيال عليه يتمىن زواله فال يرى فيه إال احلرمان ..هؤالء دخل عليهم
رمضان مث خرج دون أن يرتك فيهم أثر أو حيدث هلم ذكرا.
ومنهم من أستشعر قيمته فشمر سواعد اجلد وأجتهد غاية اإلجتهاد يف اإلتيان أبكرب قدر من الطاعات فأكثر من
ختم القرآن وأداء الصلوات والقرابت دون اإلهتمام حبضور القلب فيها...
تعامل مع كل وسيلة علي أهنا هدف يف حد ذاته ،ومل ينظر إىل اهلدف األمسى الذي يرنو الصيام إيل حتقيقه .ومما ال
شك فيه أن هؤالء يشعرون أبثر طيب يف قلوهبم ..هذا األثر سرعان ما يزول بعد انتهاء رمضان أبايم قالئل.
وهناك صنف من الناس اعترب رمضان فرصة اندرة إلحياء القلب وإيقاظه من رقدته وإشعال فتيل التقوى وجذوة
ب ِ ِ ِ َّ ِ
ام َك َما ُكت َ
ب َعلَري ُك ُم الصيَ ُ
ين آ ََمنُوا ُكت َ
اإلميان فيه .نظر إىل مستهدف الصيام فوجده يف قول هللا عز وجلََ :ي أَيُّ َها الذ َ
َّاس ا رعبُ ُدوا َّ َعلَى الَّ ِذ ِ ِ
ين م رن قَ ربل ُك رم لَ َعل ُك رم تَتَّ ُقو َن (( )183البقرة) فتقوى هللا عزوجل هي مقصود العبادات ََ ي أَيُّ َها الن ُ َ
ين م رن قَ ربل ُك رم لَ َعلَّ ُك رم تَتَّ ُقو َن (( )21البقرة) وعلى قدرها يف القلب يكون قرب العبد أو بعده ِ ِ ِ َّ َّ ِ
َربَّ ُك ُم الذي َخلَ َق ُك رم َوالذ َ
اَّللَ َع ِل ِ من هللا عز وجل إِ َّن أَ ركرم ُكم ِع رن َد َِّ
ْي (( )13احلجرات) وعلم هذا الصنف أن شهر اَّلل أَتر َقا ُك رم إِ َّن َّ ٌ
يم َخب ٌ ََ ر
رمضان ما جاء إال ليقرب الناس من رهبم ويزيد من صالهتم به ،ويقطع عن قلوهبم صلتها ابلدنيا فهو يزود القلوب خبري زاد
ُويل راْلَلربَ ِ الز ِاد التَّ رقوى واتَّ ُق ِ ِ
اب (( )197البقرة) فشمر عن سواعد اجلد وأحسن استخدام ون ََي أ ِ َ َ َوتَ َزَّو ُدوا فَإ َّن َخ ر َ
ْي َّ
الوسائل اليت وضعها اإلسالم يف هذا الشهر املبارك ومجع بني عمل القلب وعمل اجلوارح ..ومما ال شك فيه أن الصنف
األخري هو الفائز األكرب من رمضان فلقد أصلح من خالله قلبه وانطلق به يف طريق السائرين إيل هللا ....
4
فإن قال قائل :وما عالمة صالح القلب اليت ينشدها رمضان؟
عندما يستيقظ اإلميان ،وتشتعل جذوته يف القلب فإن أمارات الصالح تظهر بوضوح على اجلوارح مصداقا لقول
الرسول صلى هللا عليه وسلم(( :أَّل إن ِف اجلسد مضغة إذا صلحت صلح اجلسد كله ،وإذا فسدت فسد اجلسد كله أَّل
وهي القلب)) فرتى صاحب هذا القلب مسارعا يف اخلريات معظما لشعائر هللا مصداقا لقوله تعاىلَ :وَم رن يُ َع ِظ رم َش َعائَِر
َّلل َوالريَ روِم
ك الَّ ِذين ي رؤِمنو َن ِِب َِّ
َ ُ ُ وب (( )32احلج) تتحقق فيه املبادأة و الذاتيةََّ :ل يَ رستَأ ِرذنُ َ اَّلل فَِإ َّهنَا ِم رن تَ رق َوى الر ُقلُ ِ
َِّ
ني (( )44التوبة) سريع اإلستجابة للتوجيه والنصحَ :ذلِ َ ِ اه ُدوا ِِبَمواهلِِم وأَنر ُف ِس ِهم و َّ ِ راْل ِ
َخ ِر أَ رن ُُي ِ
ك يم ِِبل ُرمتَّق َ
اَّللُ َعل ٌ ر َ رَ ر َ َ
َّلل والري وِم راْل ِ
ِ ِ ِ وع ُ ِ
َخ ِر( البقرة )232:وتراه كذلك زاهدا يف الدنيا راغبا فيما عند هللا قال ظ بِه َم رن َكا َن م رن ُك رم يُ رؤم ُن ِِب َّ َ َ ر يُ َ
صلى هللا عليه وسلم(( :إذا دخل النور القلب أنشرح وأنفتح)) قالوا :اي رسول هللا وما عالمة ذلك؟ قال(( :اإلانبة إىل
دار اخللود والتجاىف عن دار الغرور واإلستعداد للموت قبل نزوله)).
فإذا كانت هذه بعض عالمات حتقيق اهلدف فإنه يبق السؤال حول كيفية الوصول إليه؟
إن الوسائل معروفه لدينا ،بل مارسنا أغلبها من قبل ،ولكن اجلديد هو كيف نتعامل معها ،ونستفيد منها لنصل إيل
الغاية املنشودة من رمضان.
وميكن تقسيم هذه الوسائل إىل قسمني رئيسيني :قسم يصلح من خالله العبد ما بينه وبني هللا ،وهو ما ميكن أن
نطلق عليه اجلانب الشعوري الوجداين.
أما القسم األخر فيختص بعالقة الفرد مبجتمعه ويسمى اجلانب السلوكي االجتماعي.
وال ميكن اإلستغناء أبحد القسمني عن األخر ،فكالمها له دور يف إجناح مهمة املسلم على األرض ،قال تعاىل :
ومن أَحسن ِدينا ِِمَّن أَسلَم وجهه َِِّ
َّلل َو ُه َو ُرُم ِس ٌن( النساء )125:فإسالم الوجه هلل – وهو أمر شعوري ووجداين البد أن ر ر َ َ رَُ ََ ر ر َ ُ
يصاحبه إحسان إىل اخللق ،ومن اخلطأ الذي يقع فيه البعض الرتكيز على جانب دون األخر ...فالذي يعطى جل جهده
فيما يصلح بينه وما بني هللا اتركا كل ما يعود ابلنفع على الناس :إميانه انقص ،فاإلميان قول وعمل ..بل إن من أهم نتائج
الصالِ ُح
ب َوال َرع َم ُل َّ ِ َِّ ِ
األعمال الصاحلة أهنا تزيد إميان صاحبها وتثبت قواعده يف قلبه ،قال تعاىل :إِلَريه يَ ر
ص َع ُد الر َكل ُم الطي ُ
يَ ررفَ عُهُ( فاطر )10:جاء يف بعض األثر :إن العبد إذا قال ال إله إال هللا بنية صادقه نظرت املالئكة إيل عملة ،فإن كان
موافقا لقوله ،صعدا مجيعا ،وإن كان العمل خمالفا وقف قوله حىت يتوب من عمله.
وىف املقابل فإن اإلنشغال ابلعمل واحلركة وسط الناس لقضاء حوائجهم ،وحل مشكالهتم ،وإسداء النفع هلم دون أن
يصاحب ذلك وجود قلب حي متصل ابهلل أمر خطري من شأنه أن حيدث أثر سلبيا يف نفس صاحبه ،ولقد حذران رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم من هذا األمر فقال(( :مثل الذي يعلم الناس اخلْي ،وينسى نفسه مثل الفتيلة ،تضيء للناس وحترق
نفسها)).
5
ويقول الرافعي :إن اخلطأ أكرب اخلطأ أن تنظم احلياة من حولك وترتك الفوضى يف قلبك.
ِ
فال بد من وجود األمرين معا ليشكل كل منهما طرفا تنعقد به العروة الوثقى كما قال هللا تعاىلَ :وَم رن يُ رسل رم َو رج َههُ
ك ِِبلرعُ ررَوةِ ال ُروثر َقى( لقمان.)22:
سَ ِ ِ إِ َىل َِّ
استَ رم َ
اَّلل َو ُه َو ُرُمس ٌن فَ َقد ر
6
القسم اْلول
مع هللا
يتيح شهر رمضان للمسلم العديد من الوسائل اليت من شأهنا أن حتي قلبه ،وحتسن صلته بربه.
ومع الصيام عن الطعام والشراب علينا كذلك اإلقالل من الكالم والضحك قدر املستطاع ولنرفع شعار (( أمسك
عليك لسانك )) وليكن كالمنا بعيدا عن اللغو وسائر أفات اللسان.
إن قلب املؤمن كثري التقلب من حالة إىل حالة نتيجة التنازع املستمر بني داعي اإلميان وداعي اهلوى ،وهو حباجه إىل
صابِ ُروا َوَرابِطُوا( آل
اصِربُوا َو َ
ربطه وتثبيته على حالة اإلميان ..وهنا أييت دور املسجد ،قال أبو هريرة يف قوله تعاىل :ر
عمران )200 :مل يكن يف زمان النيب صلى هللا عليه وسلم غزو يرابط فيه ولكن انتظار الصالة بعد الصالة.
7
فلنبكر ابلذهاب إىل املسجد وال نرتك أماكننا بعد الصالة إال لضرورة كي ننعم بصالة املالئكة علينا .قال صلى هللا
عليه وسلم(( :املالئكة تصلى على أحدكم ما دام ِف مصاله الذي صلى فيه ما َل ُيدث :اللهم أغفر له اللهم ارمحه))
وعلى األخت املسلمة أن ختصص مكاان يف بيتها تتخذه مسجدا فتبكر يف الذهاب إليه وانتظار الصالة وترديد األذان وطول
املكث فيه كلما سنحت ظروفها.
لقد قرأان القرآن أبلسنتنا قبل ذلك مرات ومرات ،وكان هم الواحد منا اإلنتهاء مان ختمتاه ،بال وكاان بعضانا يتناافس يف
عدد املرات اليت قتماه فيهاا وخباصاة يف رمضاان ،فاأي اساتفادة حقيقياة اساتفدانها مان ذلاك؟! مااذا غاري فيناا القارآن إن القاراءة
ابللسان فقط – دون حضور القلب – كالنخالة كبرية احلجم قليلة الفائدة ،وهذا ما كان يؤكده الصاحلون على مر العصور
قااال علااى رضااي هللا عنااه :ال خااري يف ق اراءة لاايس فيهااا تاادبر ،وقااال احلساان ،كي اف ياارق قلبااك وإمنااا مهااك أخاار السااورة؟
ويؤكد هاذا املعاىن ابان القايم فيقاول رمحاه هللا :ال شايء أنفاع للقلاب مان قاراءة القارآن ابلتادبر والتفكار ،فإناه جاامع جلمياع مناازل
السااائرين ،وأحاوال العاااملني ،ومقامااات العااارفني ..فلااو علاام الناااس مااا يف قاراءة القاارآن ابلتاادبر الشااتغلوا هبااا عاان كاال مااا س اواه،
فقراءة آية بتفكر خري من ختمة بغري تدبر وتفهم.
8
وتااالوة القاارآن ح اق تالوتااه كم ااا يق ااول أب ااو حامااد الغ ازايل ه ااو أن يشاارتك فيااه اللس ااان والعقاال والقل ااب ،فح اظ اللس ااان
تصااحيح احلااروف ابلرتتياال ،وحااظ العقاال تفسااري املعاااين ،وحااظ القلااب اإلتعاااظ والتااأثر ابإلنزعاااج و اإلئتمااار ...فاللسااان يرتاال
والعقل يرتجم والقلب يتعظ.
وهذه بعض الوسائل العملية اليت من شأهنا أن تيسر لنا – بعون هللا – اإلنتفاع ابلقرآن:
-1قب ل ب دء الق راءة :دعاااء هللا واإلحلاااح عليااه أبن يفااتح قلوبنااا ألناوار كتابااه ،وأن يكرمنااا ويعيننااا علااى التاادبر والتااأثر،
ِ اَّلل ُْرلِ ِ ِ ِ
ين
ني لَ هُ ال د َص َ فهااذا الاادعاء لااه دور كبااري يف هتيئااه القلااب إلسااتقبال القاارآن َ وَم ا يَتَ َذ َّك ُر إ ََّّل َم رن يُني ُ
ب * فَ ا ردعُوا ََّ
(غافر.)13،14 :
-2اإلكث ار م ن ت الوة الق رآن ،وإطالااة فاارتة املكااث معااه ويفضاال أن يكااون اللقاااء ابلقاارآن يف مكااان هااادئ – قاادر
املستطاع – وبعيدا عن الضوضاء ليساعد املرء على الرتكيز وعدم شرود الذهن ،وال ننسى الوضوء والسواك قبل القراءة.
-3الق راءة م ن املص حف و بص وت مس مو وب تي ل :فالرتتياال لااه وظيفااة كباارية يف الط اارق علااى املش اااعر وماان مث
إستثارهتا وجتاوهبا مع الفهم الذي سيولده التدبر ،لينشأ بذلك اإلميان حينما يتعانق الفهم مع التأثري.
-4القراءة اهلادئة احلزينة :عليناا وحنان نرتال القارآن أن نعطاي احلاروف والغناات واملادود حقهاا حاىت يتيسار لناا معايشاة
اآلايت وتدبرها والتأثر هبا ،وعلينا كذلك أن نقرأ القرآن بصوت حزين إلستجالب التأثر.
-5الفه م اإلمج ايل ل َيت :ماان خااالل إعمااال العقاال يف تفهاام اخلطاااب ،وهااذا يسااتلزم منااا الرتكيااز التااام مااع الق اراءة،
ولاايس معااىن إعمااال العقاال يف تفهاام اخلطاااب أن نقااف عنااد كاال كلمااة ونتكلااف يف معرفااة معناهااا ومااا ورائهااا ،باال يكفااى املعااىن
اإلمجااايل الااذي ت ادل عليااه اآليااة أو اآلايت حااىت يتسااىن لنااا اإلسرتسااال يف الق اراءة ،وماان مث التصاااعد التاادرجيي حلركااة املشاااعر
فتصل إىل التأثر واإلنفعال يف أسرع وقت.
-6اإلجتهاد ِف التعامل م ع الق رآن :كأناه أنازل علياك ،وكأناك املخاطاب باه ،واإلجتهااد كاذلك يف التفاعال ماع هاذا
اخلطاب من خالل الرد على األسئلة اليت تتضمنتها اآلايت ،والتأمني عند مواضع الدعاء ......،وهكذا.
-7تكرار وترديد اْلية أو اْلَيت اليت حدث معها جتاوب وأتثر قليب:
حىت يتسىن للقلب اإلستزادة من النور الذي يدخل ،واإلميان الذي ينشأ يف هذه اللحظات.
9
َّ -8ل ِبس من وجود تفسْي ْتصر جبواران :جلالء شبهة أو معرفة معىن شق علينا فهمه ،وإن كان من األفضل
الرجوع إليه بعد إنتهاء القراءة حىت ال خنرج من جو القرآن واإلنفعاالت الوجدانية اليت نعيش يف رحاهبا ،إال إذا أحلت علينا
كلمة نريد معرفة معناها يف التو واللحظة.
إن هذه الوسيلة العظيمة اليت جتمع بني تدبر القرآن وما فيه مان كناوز وباني الركاوع والساجود ،وماا فيهاا مان معااين الاذل
واخلضوع واإلنكسار للموىل سبحانه وتعاىل ملن أهم وسائل التقرب إىل هللا عز وجل .فال ينبغاي أن تفوتناا ليلاة دون قياام مهماا
كاناات الظااروف ،واألفضاال بانااب أدائنااا لصااالة ال ارتاويح أن نسااتيقظ قباال طلااوع الفجاار بوقاات كاااف للتهجااد واإلسااتغفار،
لتذوق طعم احلياة احلقيقية ابستنشاق نسيم األسحار وحنن نناجى الرمحن.
قااال بعااض الصاااحلني :لاايس يف الاادنيا وقاات يشاابه نعاايم أهاال اجلنااة إال مااا جيااده أهاال التملااق يف قلااوهبم ابللياال ماان حااالوة
املناجاة .وقال إقبال :كان ماع مان شائت يف العلام واحلكماة ،ولكناك ال ترجاع بطائال حاىت تكاون لاك أناة يف الساحر ..إناه –
رمحة هللا – يريد أن يقول:
كان داعيااا انجحااا ..كاان خطيباا مفوهااا ..كاان حماضارا فااذا ،كان كمااا تريااد ولكنااك لان تفيااد نفسااك إال إذا كاناات لااك
وقفة مع هللا يف السحر ختلع فيها ثياب الشهرة والعزة ،وتنزع فيها األلقاب الزائفة وتعيش حال العبد اخلائف من غضاب ماواله
الطامع يف رمحته.
فجهز مطالبك ،وحدد أهدافك وكن خفيف النوم تنتظر دقات الساعة للخلوة ابحلبيب ....
10
فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ..ففاي الساجود ياتم إخاراج معااين الاذل واإلنكساار وإظهاار الفقار واملساكنة
ملن بيده ملكوت السماوات واألرض.
وهنا لفتة طيبة ذكرها د .عبد الستار فتح هللا ،وهي أن هللا عز وجل فرض علي رسوله قيام الليال بنازول ساورة املزمال ..
وسورة املزمل من أوائل ما نزل مان القارآن ..فكياف حيام ماا يقارب مان نصاف الليال آبايت قليلاة هاي كال ماا نازل مان القارآن
يف هذه الفرتة؟
فمناجاااة هللا يف السااجود ملاان أعظاام ص اور الف ارار إليااه ساابحانه واسرتضااائه ،وطل ااب العفااو والصاافح منااه وإظهااار الااذل
واخلضوع له ..وفيه يقدم العبد طلباته ويرفع حاجاته.
فإذا حدث ذلك فعلينا ابلفرار إىل هللا يف الصالة والدعاء نسرتضيه ونستغفره ونتملقه عساه يعفو عنا ..وعلينا أيضا
بصدقة السر فإهنا تطفىء غضب الرب.
ومن توصيات الرسول صلى هللا عليه وسلم أن من فاتته صالته ابلليل فليصلها ما بني صالة الفجر والظهر كما روى
اإلمام مسلم يف صحيحه.
11
وىف بعض األحوال قد نستيقظ قبل الفجر وعندما نبدأ يف الصالة نفاجأ هبروب قلوبنا منا يف أودية الدنيا وكلما
حاولنا مجعها مع هللا فرت منا فماذا نفعل؟! يقول ابن اجلو زى :إذا جلست يف ظالم الليل بني يدي سيدك ،فاستعمل
أخالق األطفال ،فإن الطفل إذا طلب من أبيه شيئا فلم يعطه بكى عليه.
فعلينا يف هذه احلالة ابإلحلاح واإلحلاح على هللا عز وجل واإلستغفار مرات ومرات حىت يفتح لنا الباب أمل يقل
ض َّرعُوا( األنعام )43 :فعدم القيام أو حرمان حالوة املناجاة وإقبال القلب على هللارسنَا تَ َ
اء ُه رم َِب ُ ِ
سبحانه :فَلَ روََّل إ رذ َج َ
عقوبة منه سبحانه تستوجب تضرعا وإحلاحا واستغفارا لعله يراان على هذا احلال فيعفو عنا.
هذه النفحات بال شك ستصيب من يتعرض هلا أما الغافل عنها فأحسن هللا عزاءه.
• فعلى مستوى اليوم هناك ثالثة أوقات يسميها العلماء أبوقات السري إىل هللا ابلطاعات وهي آخر الليل وأول النهار
وأخره قال صلى هللا عليه وسلم(( :إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إَّل غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا
ِبلغدوة والروحة وشيء من الدجلة)) وقد وردت من النصوص الكثرية يف أذكار الصباح واملساء وىف فضل من ذكر هللا حني
يصبح وحني ميسى ،وكان السلف ألخر النهار أشد تعظيما من أوله.
يقول اإلمام حسن البنا :أيها األخ العزيز أمامك كل يوم حلظة ابلغداة وحلظة ابلعشى وحلظة ابلسحر تستطيع أن
تسمو فيها كلها بروحك الطهور إىل املأل األعلى ،فتظفر خبري الدنيا واألخرة ..وأمامك مواسم الطاعات وأايم العبادات وليايل
القروابت اليت وجهك إليها كتابك الكرمي ورسولك العظيم صلى هللا عليه وسلم ،فأحرص أن تكون فيها من الذاكرين ال من
الغافلني ،ومن العاملني ال من اخلاملني ..واغتنم الوقت فالوقت كالسيف ،ودع التسويف فال أضر منه.
• أما ابلنسبة لألسبوع فليوم اجلمعة شرف عظيم وفيه ساعة جياب فيها الدعاء فلنحرص على التعرض هلا ،يقول
النووي :ويستحب اإلكثار من الدعاء يف مجيع يوم اجلمعة من طلوع الفجر إىل غروب الشمس رجاء مصادفة ساعة اإلجابة
12
فعلينا ابإلجتهاد يف هذا اليوم املبارك ولنضع له برانمج خاصا ،ولنبكر فيه الذهاب إىل املسجد ألداء صالة اجلمعة على
أحسن هيئة.
• وإن كان شهر رمضان له أفضلية خاصة عن بقية الشهور فإن ليلة القدر هلا شرف عظيم ،يقول صلى هللا عليه
وسلم ((من قام ليلة القدر إمياان واحتساِب غُفر له ما تقدم من ذنبه)) والتماس ليلة القدر إمنا يكون يف العشر األواخر من
رمضان ،لذلك يستحب اإلجتهاد فيها فلقد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا دخل العشر األواخر شد مئزره وأحيا
ليله وأيقظ أهله.
• ومن هذه املواسم أيضا :موسم العمرة فهي يف رمضان تعدل حجه فلنحرص علي القيام هبا ..وليعمل كل منا على
أن ينظم أموره ابلطريقة اليت تعينه على اإلستفادة من هذه األوقات الفاضلة ،فإن فاته وقت منها مل يرتك اإلجتهاد يف البقية
األخرى.
ولنحرص على اإلعتكاف يف العشر األواخر فإن مل نستطع فليكن ذلك يف لياليها وخباصة الوتر منها ،ولنحظر من
اخللطة والكالم وكل ما يقطع علينا خلوتنا ابهلل عز وجل ،يقول ابن رجب(( :فحقيقة اإلعتكاف قطع العالئق عن اخلالئق
لإلتصال خبدمة اخلالق)).
ولألخت املسلمة أن تعتكف يف مسجد بيتها استنادا على رأى األحناف يف جواز ذلك ولتقتطع من يومها وقتا تالزم
فيه مسجدها وتقبل فيه على هللا عز وجل.
ولنكثر من الدعاء إلخواننا املسلمني املضطهدين يف كل مكان ولنخص املرابطني يف فلسطني حبظ وافر من الدعاء..
ولندع كذلك علي الطغاة الظاملني الذين حيادون هللا ورسوله يف كل مكان عساه – سبحانه – أن يفرج الكرب ويكشف
ِ
ني( الروم.)47 : ص ُر ال ُرم رؤمنِ َ
الغمة وينزل نصره الذي وعد ،قال تعاىلَ :وَكا َن َح ًّقا َعلَري نَا نَ ر
فبداية انطالق النفس حنو السماء وختلصها من جواذب األرض هو تطهرها من الشح اجملبولة عليه بدوام اإلنفاق يف
سبيل هللا حىت يصري سجية من سجاايها فتزهد يف املال وقرج حبه من القلب.
وللصدقة فضل عظيم يف الدنيا واآلخرة فهي تداوى املرضى وتدفع البالء وتيسر األمور وجتلب الرزق وتقي مصارع
السوء وتطفيء غضب الرب وتزيل أثر الذنوب ،وهى ظل لصاحبها يوم القيامة وحتجبه عن النار وتدفع عنه العذاب..
ك َخ ر َِّ ِالسبِ ِ ِ ِ ِ
ين
ْي للذ َ يل َذل َ ٌ وللصدقة عالقة وثيقة ابلسري إيل هللا ،يقول تعاىل :فَآَت َذا الر ُق ررََب َح َّقهُ َوال ِرم رسك َ
ني َوابر َن َّ
اَّلل( الروم )38 :وال عذر ألحد يف تركها ،فاهلل عز وجل مل حيدد لنا قدر معينا نتصدق به ،فالباب مفتوح ي ِري ُدو َن وجه َِّ
َ رَ ُ
أمام اجلميع كل حسب استطاعته.
14
ولكي يستفيد املسلم من الذكر ويواطىء لسانه قلبه فيحدث فيه األثر املطلوب البد من ربطه بعبادة التفكر ،كما قال
اَّللَ ِقيَاما ُويل راْلَلرب ِ َّ ِ ٍ ِ ِ السماو ِ
ين يَ رذ ُك ُرو َن َّ
اب * الذ َ َّها ِر َْل َََيت ْل ِ َ ض َوا رختِ َالف اللَّري ِل َوالن َ
ات َو راْل رَر ِ تعاىل :إِ َّن ِِف َخل ِرق َّ َ َ
ت ه َذا ِب ِطال سبحانَ َ ِ السماو ِ ِِ
اب النَّا ِر
ك فَقنَا َع َذ َ ُر َ ض َربَّنَا َما َخلَ رق َ َ َات َو راْل رَر ِ َوقُعُودا َو َعلَى ُجنُوِب رم َويَتَ َف َّك ُرو َن ِِف َخل ِرق َّ َ َ
(آل عمران )190،191 :يقول حسن البصري :إن أهل العقل مل يزالوا يعودون ابلذكر علي الفكر وابلفكر على الذكر حىت
استنطقوا القلوب فنطقت ابحلكمة.
فالبداية تكون ابلتفكر يف جمال من اجملاالت مث يتبع ذلك ابلذكر املناسب له فعلى سبيل املثال ..إذا تفكر املرء يف
ذنوبه وتقصريه يف جنب هللا ،عليه أن يتبعه ابإلستغفار.
وإذا ما تفكر يف بديع صنع هللا وآايته يف النفس والكون اتبع ذلك ابلتسبيح واحلمد ،وعندما يتفكر العبد يف حاجاته
املاسة إيل هللا وفقره الذايت إليه ردد بعده ذكر :ال حول وال قوة إال ابهلل ،وهكذا يف بقية األذكار.
فعلينا أن نضع ألنفسنا أورادا من الذكر نلتزم هبا ونعمل على مواطأة القلب اللسان فيها ،ولنعلم أن الثواب التام على
قدر العمل التام ،فاألعمال ال تتفاضل بصورها وعددها وإمنا تتفاضل بتفاضل ما يف القلوب ،فتكون صورة العملني واحدة
وبينهما يف التفاضل كما بني السماء واألرض.
ويف أذكار الصباح واملساء وكذلك أذكار األحوال معاين عظيمة علينا أن نتدبرها وحنن نردد تلك األذكار يف أوقاهتا.
ب -معاصي اجلوارح :مثل الغيبة والنميمة ،السخرية ،اإلستهزاء ابآلخرين ،اجلدل واملراء ،إفشاء السر ،الغمز واللمز،
الكذب اللغو والثرثرة ،عدم غض البصر ،اخلوض يف الباطل ،سرعة الغضب ،إخالف الوعد.
15
ج -عبادات القلب :اخلشوع يف الصالة ،اخلوف من هللا واستشعار مراقبته ،الرضا بقضاء هللا وقدره ،التوكل علي
هللا ،الصرب عند املصيبة ،الشكر عند ورود النعم .....
د -معاصي القلوب :اإلعجاب ابلعمل والتسميع به ،الضيق ابلنقد ،احلسد ،الغرور ،املباهاة ،املن ابلعطااي ،إتباع
اهلوى ،احتقار اآلخرين ،وسوء الضن هبم.
و -احلقوق :حقوق الزوجة ،واألوالد ،الوالدين ،الرحم ،اجلريان ،حق الطريق ،الدعوة ،األخوة.
ى -السلوكيات وفضائل اْلعمال :السعي لقضاء حوائج الناس ،لني اجلانب ،التواضع ،عيادة املريض ،إتباع
اجلنائز ،اإلحسان إيل اآلخرين ،أداء األماانت إيل أهلها ،دوام التبسم والبشر ،إتقان العمل.
وعلينا بعد كل جلسة من هذه اجللسات اإلكثار من االستغفار ،ولو أمكن الصالة – ولتكن صالة التوبة – قال
اَّلل وََل ي ِ استَ غر َفروا لِ ُذنُوِبِِ رم َوَم رن يَغر ِفر ُّ تعاىل :والَّ ِذين إِذَا فَ علُوا فَ ِ
ص ُّروا وب إََِّّل َُّ َ ر ُ
الذنُ َ ُ س ُه رم ذَ َك ُروا َّ
اَّللَ فَ ر ُ شة أ رَو ظَلَ ُموا أَنر ُف َ
اح َ َ َ َ
َعلَى َما فَ َعلُوا َو ُه رم يَ رعلَ ُمو َن( آل عمران)135 :
16
خالصة القسم اْلول
هناك عشر وسائل تساهم يف حتقيق الثمرة املرجوة من رمضان علينا أن نضع من خالهلا برانجما ألنفسنا نسري عليه
طيلة هذا الشهر املبارك ،ولنجعل يف يومنا ثوابت ال حنيد عنها.
فنخصص وقتا اثبتا لإلعتكاف يف املسجد وليكن من الفجر حىت طلوع الشمس فإن مل نستطيع فمن بعد العصر إيل
املغرب ،نقرأ يف هذا الوقت ورد القرآن ابلطريقة اليت أشران إليها.
ولنخصص صندوقا يف البيت نضع فيه الصدقة اليومية وليكن لنا وقت للتهجد قبل الفجر ولو بنصف ساعة خبالف
صالة الرتاويح.
وعلينا كذلك ختصيص أورادا من الذكر املطلق كسبحان هللا وحبمده مائة مرة ،واستغفار ( )...مرة وصالة على
الرسول ( )...مرة ،وحوقلة ( ،)...ويقرتح تقسيم هذه األذكار على مدار اليوم والليلة.
وعلينا أن نستفيد من أوقات استجابة الدعاء فنلح فيها علي هللا عز وجل وندعوه دعاء املضطر املشرف على الغرق
لنا وألهلنا وإلخواننا وللمسلمني أمجعني ،ولنتحني الفرصة املناسبة اليت خنلو أبنفسنا ولنحاسبها على ما مضى ...
17
القسم الثاين
مع الناس
إن السعي ابخلري وسط الناس له مردود إمياين كبري يف قلب العبد املسلم ،فهو يزيد اإلميان ويثبته ويصل بصاحبه إيل أن
يكون حمبواب عند هللا عز وجل .قال صلى هللا عليه وسلم(( :أحب الناس إيل هللا أنفعهم ،وأحب اْلعمال إيل هللا عز وجل
سرور تدخله علي مسلم ،أو تكشف عنه كربة ،أو تقضى عنه دينا ،أو تطرد عنه جوعا ،وْلن أمشي مع أخي املسلم
ِف حاجة ،أحب إيل من أن أعتكف ِف املسجد شهرا ،ومن كف غضبه س هللا عورته ،ومن كتم غيظا – لو شاء أن
ميضيه أمضاه – مأل هللا قلبه رضا يوم القيامة ،ومن مشى مع أخيه املسلم ِف حاجته حىت يثبتها له ،أثبت هللا قدمه يوم
تزل اْلقدام ،وإن سوء اخللق ليفسد العمل كما يفسد اخلل العسل)) وإليك أخي املسلم بعضا من أعمال اخلري علينا أن
حنرص علي القيام هبا يف رمضان لتصبح بعد ذلك عادة وسجيه من سجاايان ،فكما قالوا :تعودوا اخلري فإن اخلري عادة.
وعلينا كذلك أن ننظم هلم أوقاهتم ليتمكنوا من القيام مبا عليهم من واجبات ولنخصص مكاان يف البيت ليكون مبثابة
مسجد هلم.
ولتكن لنا معهم جلسة يومية – وإن قصرت – وخنتار هلا الوقت املناسب للجميع ،وفيها نقرأ معا ما تيسر من القرآن
مع اإلستماع إيل خواطر التدبر.
ومع القرآن علينا أن نتدارس كتااب انفعا يف احلديث أو السرية ،مث نتابع حصيلة اليوم من األعمال الصاحلة فنشجع
احملسن ونشحذ مهة املقصر ،وخنتم اللقاء ابلدعاء ألنفسنا وللمسلمني.
-2اجلود والكرم:
وهذا ابب عظيم من أبواب اخلري علينا أن نلجه يف رمضان ((ولقد كان النيب صلى هللا عليه وسلم أجود ما يكون
ِف رمضان حني يلقاه جربيل ،وكان يلقاه ِف كل ليلة ِف رمضان ،فيدارسه القرآن فرسول هللا صلي هللا عليه وسلم أجود
من الريح املرسلة)) فلنري هللا من أنفسنا خريا يف هذا الشهر املبارك فهو سبحانه وتعاىل حيب أهل السخاء والكرم ،قال
18
رسول هللا عليه وسلم ((إن هللا كرمي ُيب الكرماء جواد ُيب اجلودةُ ،يب معايل اْلمور ويكره سفسافها)) ومن مسات
أهل الكرم و السخاء أهنم يبذلون من كل ما ميلكون بال حساب سواء كان ذلك ماال أو علما أو وقتا أو جهدا.
ولقد أوصى رسول هللا صلي هللا عليه وسلم أمساء بنت أيب بكر رضي هللا عنها بذلك فقال هلاَّ(( :ل حتصي فيحصي
عليك)) واملعىن كما يقول ابن حجر يف الفتح :النهي عن منع الصدقة خشية النفاد ،فإن ذلك أعظم األسباب لقطع مادة
الربكة ،ألن هللا يثيب علي العطاء بغري حساب ،ومن ال حياسب عند اجلزاء ال حيسب عليه عند العطاء ،ومن علم أن هللا
يرزقه من حيث ال حيتسب فحقه أن يعطى وال حيسب.
فلنجعل رمضان وسيلة للتعود على الكرم واجلود والسخاء ،فال نبخل علي هللا أبموالنا وال أوقاتنا وال جهدان ،ولنضح
هبا بغري حساب.
جاء يف شعب اإلميان للبيهقي أن يزيد بن مروان جاءه مال فجعل يصره صررا ويبعث به إيل إخوانه ويقول :إين
ألستحي من هللا عز وجل أن أسأل اجلنة ألخ من إخواين مث أخبل عليه ابلدينار والدرهم.
-3صلة الرحم:
قبل أن نتحدث عن واجبنا يف رمضان جتاه أرحامنا أدعو القارئ إيل التأمل يف هذا احلديث النبوي الشريف لنعلم كم
حنن مقصرون يف حق أنفسنا ،زاهدون يف خريي الدنيا و اآلخرة.
قال رسول هللا صلي هللا عليه وسلم(( :ما من ذنب أجدر أن يعجل هللا تعاىل لصاحبه ِبلعقوبة ِف الدنيا مع ما
يدخره له ِف اْلخرة من قطيعة الرحم ،واخليانة والكذب ،وإن أعجل الطاعة ثواب لصلة الرحم ،حىت إن أهل البيت
ليكونوا فجرة فتنموا أمواهلم ،ويكثر عددهم إذا تواصلوا)).
فلننتهز مناسبة دخول رمضان لزايرة أرحامنا ،أما ما حتول الظروف دون زايرته فعلينا ابإلطمئنان عليه من خالل
اهلاتف واخلطاابت.
قال صلي هللا عليه وسلم(( :بلوا أرحامكم ولو ِبلسالم)) وال يتعلل البعض بوجود قطيعة وعداوة قدمية بينه وبني
أهله وأرحامه ،فلقد أيت رجل النيب صلي هللا عليه وسلم :فقال اي رسول هللا إن يل قربة أصلهم ويقطعونين وأحسن إليهم
ويسيئون إيل وجيهلون علي وأحلم عنهم قال(( :لئن كان كما تقول فكأَّنا تسفهم امللل وَّل يزال معك من هللا ظهْي عليهم
ما دمت علي ذلك)).
-4إطعام الطعام:
19
وهذا ابب عظيم من أبواب اخلري غفل عنه الكثري من الناس .قال صلى هللا عليه وسلم(( :إن من اجلنة غرفا يري
ظاهرها من ِبطنها ،وِبطنها من ظاهرها)) قالوا :ملن هي اي رسول هللا؟ قال(( :ملن أطعم الطعام وأطاب الكالم ،وصلى
ِبلليل والناس نيام)) ولقد كان صهيب – رضي هللا عنه – يطعم الطعام الكثري ،فقال عمر رضي هللا عنه :ايصهيب ،إنك
تطعم الطعام الكثري وذلك صرف يف املال ،فقال صهيب :إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان يقول(( :خياركم من أطعم
الطعام ورد السالم ،فذلك الذي ُيملين علي أن أطعم الطعام)).
وكان علي رضي هللا عنه يقول :ألن أمجع انسا من أصحايب علي صاع من طعام أحب إيل من أن أخرج إيل السوق
فأشرتي نسمه فأعتقها.
وعلينا كذلك إطعام املساكني ففي ذلك خري عظيم ،قال صلى هللا عليه وسلم للرجل الذي أشتكي له من قسوة قلبه:
((إن أحببت أن يلني قلبك فأطعم املسكني وأمسح رأس اليتيم)).
فلنجهز وجبات اإلفطار للفقراء واملساكني وجنلس معهم نشاركهم طعامهم ونشعرهم إبخوتنا هلم ..ومع تذكران هلؤالء
علينا أال ننسي إخواننا املكروبني يف كثري من بلدان العامل واليت يعاين أهلها من الظلم واإلضطهاد واجلوع واحلرمان ،ولنتذكر
بشرى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم(( :من فطر صائما كان له مثل أجره غْي أنه َّل ينقص من أجر الصائم شيئا)).
ولقد وعد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم القائم هبذا العمل اجلليل بدرجة أعلى من درجة الصائم القائم املتصدق ملا
يف ذلك من إشاعة جو الرتاحم والتواد بني أفراد اجملتمع .قال صلى هللا عليه وسلم(( :أَّل أخربكم ِبفضل من درجة الصيام
والصالة والصدقة؟ قالوا :بلي ،قال :صالح ذات البني فإن فساد ذات البني هي احلالقة)) فلننتهز فرصة دخول رمضان
رح َخ رْيٌ( النساء .)128 :
الصل ُ
فنسعى بني املتخاصمني واملتدابرين ولنذكرهم بقول هللا تعاىلَ :و ُّ
ولنبدأ أبنفسنا فنعفو عمن ظلمنا ،وحنسن ملن يسيء إلينا ،ولنكن قدوة لغريان يف احللم واألانة وسعة الصدر.
20
-6قضاء حوائج الناس:
من صور اإلحسان العظيمة السعي يف قضاء حوائج الناس .وألن احملسن رجل قد سعى إىل خدمة اآلخرين حبا يف هللا
وشفقة علي خلقه كان جزاؤه من جنس عمله .قال صلى هللا عليه وسلم(( :أحب الناس إىل هللا أنفعهم ،وأحب اْلعمال
إيل هللا عز وجل سرور تدخله علي مسلم ،أو تكشف عنه كربة ،أو تقضى عنه دينا ،أو تطرد عنه جوعا ،وْلن أمشي
مع أخي املسلم ِف حاجة أحب إيل من أن أعتكف ِف املسجد شهرا ،ومن كف غضبه س هللا عورته ومن كتم غيظا –
لو شاء أن ميضيه أمضاه – مأل هللا قلبه رضا يوم القيامة ،ومن مشي مع أخيه املسلم ِف حاجة حىت يثبتها له ،أثبت هللا
قدمه يوم تزل اْلقدام ،وإن سوء اخللق ليفسد العمل كما يفسد اخلل العسل)) .أما الساعي علي األرملة واملسكني فله
أجر خاص .قال صلى هللا عليه وسلم(( :الساعي على اْلرملة واملسكني كاجملاهد ِف سبيل هللا أو القائم الليل الصائم
النهار)).
إن هذه األحاديث ال حتتاج إىل تعليق سوى اإلجتهاد يف تلمس حوائج الناس واملبادرة إىل قضائها ،ولقد كان حكيم
بن حزام حيزن على اليوم الذي ال جيد فيه حمتاجا ليقضي له حاجه فيقول(( :ما أصبحت وليس ببايب صاحب حاجة إال
علمت أهنا من املصائب اليت أسأل هللا األجر عليها)).
-7أنقذ غْيِ:
لقد جنح إبليس يف إغواء الكثري من الناس فصرفهم عن عبادة رهبم وشغلهم بزينة احلياة الدنيا ،وسار هبم يف طريق
يؤدي هبم إىل النار فهل نرتكهم وشأهنم أم حناول إنقاذهم؟!!
ِ ِ ِ
اَّلل و َع ِمل ص ِ ِ
ني( فصلت )33 :فال ال إِنَِّين م َن ال ُرم رسل ِم َ
احلا َوقَ َ َح َس ُن قَ روَّل ِمَّ رن َد َعا إِ َىل َّ َ َ َ
يقول تعاىلَ :وَم رن أ ر
سبيل إليقاظ هؤالء املساكني إال بدعوهتم إيل هللا .ولقد رغب –سبحانه وتعاىل– عباده املؤمنني للقيام هبذه املهمة فجعل
مقامها :مقام األنبياء والرسل ،أما أجرها فال حدود له.
فهل لنا اي أخي أن ننال شرف هذه املهمة ونعمل علي إنقاذ من حولنا من النار؟
هل لنا أن نستفيد من أجواء رمضان حيث النفوس طيعة والشياطني مصفدة؟
يقول صلي هللا عليه وسلم(( :لئن يهدي هللا بك رجال واحدا خْي لك ِما طلعت عليه الشمس)) فهيا بنا جنتهد
لنكون سببا يف هداية وإنقاذ غريان.
هيا بنا نوقظ غافال ،وهندي حائرا ،ونرشد ضاال.
21
هيا بنا نبدأ ابألقربني فنعمل على تبصريهم حبقيقة الدنيا وجنذهبم معنا إىل املسجد .هيا بنا نتخري بعضا ممن يقبلون
على املسجد يف رمضان فنصحح له فهمه ونبصره بطريق صحيح إيل هللا ..هيا نردد دعاء الرسول صلي هللا عليه وسلم:
((اللهم اجعلنا هداة مهتدين)).
22
خالصة القسم الثاين
إن مدار السعادة وقطب رحاها يدور علي أمرين :إخالص العبادة هلل ،واإلحسان إيل اخللق .وصور اإلحسان كثرية
علينا أن حنرص علي القيام هبا و أن نستفيد من األجواء اليت يشيعها رمضان يف التعود علي هذا السلوك.
ومن ذلك :اإلحسان إيل الزوجة واألوالد ابملتابعة املستمرة هلم ،ووضع الربامج اليت تنهض هبم ،والذي يساعد علي
جناح املهمة :احلرص علي اجللوس اليومي معهم يف وقت يناسبهم.
ومن صور اإلحسان أيضا :صلة الرحم وإطعام الطعام ومداومة البذل والعطاء والسعي يف قضاء حوائج الناس
وإصالح ذات بينهم ودعوهتم إىل هللا.
23
أتعهد
..وأخريا ،فهال وافقتين اي أخي أن أيخذ الواحد منا العهد على نفسه للقيام هبذه األمور ،فلقد قال تعاىل :إِ رن يَ رعلَ ِم
اَّللُ ِِف قُلُوبِ ُك رم َخ رْيا يُ رؤتِ ُك رم َخ رْيا( األنفال )70 :وقال صلى هللا عليه وسلم يف احلديث (( ..ومن يتحر اخلْي يعطه))،
َّ
فلعل هللا سبحانه وتعاىل يرى صدقنا فيعطينا سؤالنا ويبلغنا مرادان ،فكما قيل :اإلمداد على قدر اإلستعداد.
أخي إن النفس دائما تركن إىل اخلمول والكسل وكلما أعطيتها من الراحة طلبت املزيد ،وشهر رمضان ساعات
معدودات فخذ من نفسك لنفسك العهد وامليثاق لتنفيذ تلك الواجبات وخذها بقوة وسل هللا العون والقبول.
24
برانجمي ِف رمضان
أخي احلبيب :لكل منا ظروفه ومشاغله ،وحىت ال نفاجأ بتسرب أايم رمضان من بني أيدينا أقرتح عليك وضع برانمج
يومي تستعمل فيه الوسائل السابقة حسب ظروف وقتك ..وهذه بنود مقرتحه هلذا الربانمج يف صورة أسئلة ،عليك أن جتيب
عنها ،وتضيف ما تراه مناسبا.
اْلعمال اليومية
-1املسجد :أي الصلوات سأذهب فيها إيل املسجد مبكرا؟ ..........
-2القرآن :ميت سأقرأ القرآن بتدبر ودون سرحان؟ ................
-3اإلعتكاف :أي األوقات سأنوي فيها اإلعتكاف يف املسجد؟ ،وأين سأعتكف العشر األواخر؟.....
-4الصدقة :أين سأضع صندوق الصدقة؟ و يف أي أوقات اليوم سأتصدق؟ .......................
-5صالة ال اويح:
-أين سأصلي ؟ .........................................
-أي األايم سأصطحب فيها الزوجة واألوالد؟ ....
-6الذكر والفكر:
-ما مقدار وردي اليومي من الذكر املطلق؟ (يراعي التنويع) ...... .....
-مىت وأين سيكون أدائي للورد؟ (يف املسجد – املنزل – العمل) ..............
– 7قيام الليل:
-ميت سأستيقظ للصالة قبل الفجر؟ ..........................
-ما الوسائل اليت سأختذها كي تعينين على التهجد؟ ...........
-8الزوجة واْلوَّلد :
-أين سيكون مكان مسجد البيت؟ ..................................
-ميت سأجلس مع الزوجة واألوالد؟..............................
-ما برانمج هذه اجللسة؟ ..........................................
-ما البديل عندما يتعذر وجودي معهم؟ ..........................
-9الدعوة إيل هللا :مبن سأبدأ؟
-وما الوسائل اليت سأستخدمها يف الدعوة (كتاب -شريط ) ..؟ ..........
25
أعمال أسبوعية
أعمال اخلْي :ما أعمال اخلري اليت أنوي القيام هبا؟ -1
مع (الوالدين – األقارب – اجلريان – الزمالء
الفقراء – األيتام – اجملاهدين – عموم املسلمني )......
األسبوع األول .............................................. :
األسبوع الثاين............................................. :
األسبوع الثالث............................................. :
األسبوع الرابع ............................................ :
وِف النهاية
هل علمت َيأخي ماذا نريد من رمضان؟
نسأل هللا أن يتقبل منا ومنكم صيامنا وقيامنا وأن يبلغنا مرادان
واحلمد هلل رب العلمني
26