You are on page 1of 2

‫أقسام التوحيد الثالثة‬

‫التوحيد في أصل اللغة والشريعة بمعنى اإلفراد‪ ،‬أي‪ :‬إفراده سبحانه بهذه الخصائص التي تفرد بها‪ ،‬فال يشاركه فيها أحد‪ ،‬مهما علت منزلته‪ ،‬سواء كان‬
‫ملكا ً مقرباً‪ ،‬أو نبيا مرسالً أو رجالً صالحاً‪.‬‬
‫والتوحيد ال يقوم حتى يجتمع فيه أمور ثالثة‪ :‬اإلقرار به في القلب‪ ،‬النطق باللسان‪ ،‬العمل به بالجوارح‪.‬‬
‫أقسام التوحيد‪:‬‬
‫توحيد الربوبية‬ ‫‪-1‬‬
‫توحيد األلوهية‬ ‫‪-2‬‬
‫توحيد األسماء والصفات‬ ‫‪-3‬‬
‫شملت سورة الفاتحة على هذه األنواع الثالثة‪:‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين (توحيد الربوبية)‬
‫الرحمن الرحيم (توحيد األسماء والصفات)‬
‫إياك نعبد وإياك نستعين (توحيد األلوهية)‬

‫أوال‪ :‬توحيد الربوبية ‪:‬‬


‫لفظ رب في اللغة‪ :‬هو المربي من التربية والتعهد واإلصالح‪ ،‬هو السيد والمالك‪ ،‬هو المدبر والقيم والمنعم‪.‬‬
‫والرب مطلقا هو هللا عز وجل فهو رب كل شيء وله الربوبية على جميع الخلق ال شريك له‪ ،‬ال يقال الرب في غير اهلل إال باإلضافة‪ ،‬فيقال فالن رب هذا‬
‫الشيء أي مالكه‪.‬‬
‫الربوبية في االصطالح الشرعي‪ :‬هو إفراد هللا عز وجل بأفعاله التي يختص بها والصادرة إلى العباد وهي‪ :‬الخلق والملك والتدبير‪ ،‬ويتبع ذلك الرزق‬
‫والبسط واإلحياء واإلماتة والبعث والنشور وغيره من معاني الربوبية‪.‬‬

‫تقوم الربوبية علي أمور ثالثة‪:‬‬


‫ارُئ‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ُ‬
‫ِق‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫خ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫هَّللا‬ ‫ُو‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫"‬ ‫غيره‪.‬‬ ‫فيه‬ ‫يشاركه‬ ‫ال‬ ‫الذي‬ ‫وجل‬ ‫عز‬ ‫باهلل‬ ‫المختص‬ ‫الخلق‬ ‫ومعني‬ ‫به‬ ‫وجل‬ ‫عز‬ ‫هللا‬ ‫تفرد‬ ‫ومعنى‬ ‫‪:‬‬ ‫بالخالقية‬ ‫تفرد هللا عز وجل‬ ‫‪-1‬‬
‫ض ۖ َوه َُو ْال َع ِزي ُز ْال َحكِي ُم " سورة الحشر(‪.)24‬‬ ‫ت َواَأْلرْ ِ‬ ‫صوِّ ُر ۖ لَ ُه اَأْلسْ َما ُء ْالحُسْ َن ٰى ۚ ي َُس ِّب ُح َل ُه َما فِي ال َّس َم َاوا ِ‬ ‫ْال ُم َ‬
‫ك َوه َُو َعلَ ٰى ُك ِّل َشيْ ٍء َقدِي ٌر "‬ ‫ك الَّذِي ِب َي ِد ِه ْالم ُْل ُ‬ ‫تفرد هللا سبحانه وتعالى بالملك ‪ :‬هللا عز وجل له الملك المطلق الذي ال يشاركه فيه غيره‪َ " .‬ت َب َ‬
‫ار َ‬ ‫‪-2‬‬
‫سورة الملك(‪.)1‬‬
‫ص ُل‬ ‫مْس َو ْال َق َم َر ۖ ُك ٌّل َيجْ ِري َأِل َج ٍل ُّم َس ًّمى ۚ ُي َد ِّب ُر اَأْل ْم َر ُي َف ِّ‬
‫(و َس َّخ َر ال َّش َ‬
‫التدبير ‪ :‬هللا عز وجل متفرد بتدبير األمور كلها وتصريف هذا الكون كله‪َ .‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ون) سورة الرعد(‪.)2‬‬ ‫اآْل َيا ِ‬
‫ت َل َعلَّ ُكم ِبلِ َقا ِء َر ِّب ُك ْم ُتوقِ ُن َ‬
‫ِين) سورة األعراف (‪.)54‬‬ ‫ك هَّللا ُ َربُّ ْال َعالَم َ‬ ‫وهناك أية جامعة‪ Z‬لهذه األمور الثالثة‪َ( :‬أال َل ُه ْال َخ ْل ُق َواَألمْ ُر َت َب َ‬
‫ار َ‬

‫ثانيا ‪:‬توحيد األلوهية‪:‬‬

‫األلوهية لغة‪ :‬مصدر أله يأله إالهة‪ ،‬أي‪ :‬عبد عبادة‪ ،‬ومنه لفظ الجاللة‪( :‬هللا) وأصله‪( :‬إله)‪ ،‬أي‪ :‬معبود‪ ،‬فإله بمعنى مألوه ومعبود‪ .‬واأللوهية‪ :‬العبودية‪.‬‬
‫أما في االصطالح‪ :‬فهو إفراد هللا جل وعال بأفعال العباد التعبدية‪ .‬أو إفراد هللا جل وعال بالعبادة‪ .‬كالدعاء والنذر والذبح والرجاء والحب والخوف والتوكل‬
‫واالعتصام واالستعاذة واالستغاثة واالستعانة‪ .‬فيفرد هللا تعالى بكل صور العبادة‪ ،‬فال يكون العبد عبدا لغير هللا عزوجل من ملك‪ ،‬أو نبي‪ ،‬أو ولي‪ ،‬أو شيخ‪،‬‬
‫أو صنم‪ ،‬أو وثن‪ ،‬أو أي خلق من خلق هللا عزوجل‪.‬‬
‫ويسمى‪( :‬توحيد العمل)‪ ،‬و(توحيد القصد)‪ ،‬و(توحيد اإلرادة والطلب)؛ ألنه قائم على إخالص القصد في جميع العبادات‪ ،‬بإرادة وجه هللا تعالى‪ ،‬وحده ال‬
‫شريك له‪.‬‬
‫وعليه فتوحيد األلوهية يقوم على‪:‬‬
‫إفراد هللا بالنية واإلرادة والقصد (اإلخالص)‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إفراد هللا بالدعاء والطلب‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫إفراد هللا بالمحبة والوالية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أدلة توحيد األلوهية األدلة على إثبات توحيد األلوهية كثيرة جدا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫قوله تعالى‪( :‬وما أرسلنا من قبلك من رسول إال نوحي إليه أنه ال إله إال أنا فاعبدون) [األنبياء‪.]25 :‬‬
‫قوله جل جالله‪« :‬ولقد بعثنا في كل أمة رسوال أن اعبدوا هللا واجتنبوا الطاغوت " [النحل‪.]36 :‬‬
‫قوله تعالى‪« :‬قل إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي هلل رب العالمين‪ ،‬ال شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾ [األنعام‪.]163-162 :‬‬
‫والنصوص في ذلك كثيرة جدا‪ ،‬بل إن أكثر نصوص القرآن هي في إثبات هذا األصل العظيم‪ ،‬والذي هو المقصد الحقيقي من إنزال القرآن‪ ،‬وسائر الكتب‪،‬‬
‫وإرسال النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وكل أنبياء هللا عليهم السّالم‪.‬‬
‫وهذا النوع من التوحيد هو الذي أشرك فيه الكفار‪ ،‬وأبوا أن يقروا به‪ ،‬قال تعالى حاكيا اعتراضهم على توحيد األلوهية والعبادة‪" :‬أجعل اآللهة إلها واحدا‬
‫إن هذا لشيء عجاب " [ص‪.] 5 :‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬إنهم كانوا إذا قيل لهم ال إله إال هللا يستكبرون (‪ )35‬ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون﴾ [الصافات‪]36 ،35 :‬‬
‫أهمية توحيد األلوهية‪:‬‬
‫تظهر أهمية توحيد األلوهية من خالل األمور التالية‪:‬‬
‫أنه الغاية من خلق الجن واإلنس‪ ،‬كما قال تعالى‪﴿ :‬وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون﴾ [الذاريات‪.]56 :‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أنه الغاية من إرسال الرسل‪ ،‬كما قال تعالى‪﴿ :‬وما أرسلنا من قبلك من رسول إال نوحي إليه أنه ال إله إال أنا فاعبدون﴾ [األنبياء‪ ،]25 :‬وقال جل‬ ‫‪-2‬‬
‫وعال‪" :‬ولقد بعثـنا في كل أمة رسوال أن اعبدوا هللا واجتنبوا الطاغوت " [النحل‪.]36 :‬‬
‫أنه الغاية من إنزال الكتب‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬الر كتب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير‪ .‬أال تعبدوا إال هللا إنني لكم منه نذير وبشير﴾ [هود‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪.]2-1‬‬
‫أنه ال دخول للعبد في دين اإلسالم إال باإلتيان به‪ ،‬كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال هللا‪ ،‬فمن‬ ‫‪-4‬‬
‫قال ال إله إال هللا فقد عصم م ّن ي نفسه وماله إال بحقه‪ ،‬وحسابه على هللا»‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫أنه أول فرض ينبغي للمكلف أن يتعلمه‪ ،‬كما قال تعالى‪« :‬فاعلم أنه ال إله إال هللا وأستغفر لذنبك» [محمد‪.]19 :‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أنه وصية هللا جل وعال لرسله عليهم ال ّس الم‪ ،‬قال تعالى‪« :‬شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به‪ ،‬إبراهيم‬ ‫‪-6‬‬
‫وموسى وعيسى أن أقيموا الدين وال تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه هللا يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب» [الشورى‪:‬‬
‫‪.]13‬‬
‫أن نجاة العبد في اآلخرة من حيث دخوله الجنة وتحريمه على النار ال تكون إال به‪ ،‬كما قال رسول هللا صل هللا عليه وسلم‪« :‬من شهد أن ال إله‬ ‫‪-7‬‬
‫إال هللا وحده ال شريك له وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬وأن عيسى عبد هللا ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه‪ ،‬والجنة حق والنار حق‬
‫أدخله هللا الجنة على ما كان من العمل»‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫أن حصول شفاعة النبي صلى هللا عليه وسلم للعبد في اآلخرة ال تكون إال به‪ ،‬كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أسعد الناس بشفاعتي‬ ‫‪-8‬‬
‫يوم القيامة من قال‪ :‬ال إله إال هللا خالصا من قلبه أو نفسه»‪ .‬أخرجه البخاري‪.‬‬

‫لذا نجد الخطاب القرآني يركز في دعوة ال ّن اس لتوحيد األلوهية‪ ،‬وعليه تدور أكثر النصوص القرآنية‪ ،‬بخالف توحيد الربوبية الذي يذكر في القرآن‪،‬‬
‫وكأنه مسلمة من المسلمات‪ Z،‬ال خالف فيه وال نزاع‪ .‬وكذلك القتال الذي جرى بين النبي صلى هللا عليه وسلم وبين المشركين لم يكن في توحيد‬
‫الربوبية‪ ،‬إذ إ ّن هم مقرون به‪ ،‬وإنما كان في توحيد األلوهية؛ لذا قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪ :‬ال إله إال هللا‪.‬‬
‫فمن قال‪ :‬ال إله إاّل هللا‪ ،‬فقد عصم مني نفسه وماله إال بحقه‪ ،‬وحسابه على هللا»‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬توحيد األسماء والصفات‪:‬‬

‫هو اإليمان بأسماء‪ Z‬هللا تعالى وصفاته الواردة في كتابه‪ ،‬وفي سنة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬واإليمان بمعانيها وأحكامها‪ ،‬على وجه يليق بجالله‬
‫سبحانه‪ ،‬من غير تحريف وال تعطيل وال تكييف وال تمثيل‪.‬‬
‫وهذا هو تعريف أهل السنة والجماعة في األسماء‪ Z‬والصفات‪ ،‬وطريقتهم في هذا الباب كاآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬في اإلثبات‪ :‬إثبات ما أثبته ما أثبته هللا لنفسه في كتابه‪ ،‬أو على لسان رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬من غير تحريف‪ ،‬وال تعطيل‪ ،‬وال تكييف‪ ،‬وال‬
‫تمثيل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬في النفي‪ :‬نفي ما نفاه هللا عن نفسه في كتابه‪ ،‬أو على لسان رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬مع اعتقاد ثبوت کمال ضده هللا تعالى‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ما لم يرد نفيه وال إثباته ‪ :‬مما تنازع أهل العلم فيه‪ ،‬كالجسم والحيز والجهة ونحو ذلك‪ ،‬فطريقتهم فيه كاآلتي‪ :‬التوقف في لفظه فليس في الكتاب‬
‫أو السنة ما يدل على نفيه أو إثباته‪ .‬أما معناه فيستفصلون عنه‪ :‬فإن أريد به باطل ينزه هللا عنه ردوه‪ ،‬وإن أريد به حق ال يمتنع على هللا قبلوه‪.‬‬
‫وهذا هو الواجب في هذا األمر؛ ألن تفصيل القول فيما يجب ويجوز ويمتنع على هللا تعالى ال يدرك إال بالرجوع إلى الكتاب والسنة‪ ،‬فما وافقهما قبل‪ ،‬وما‬
‫خالفهما رد‪ .‬وأصل أهل السنة والجماعة في باب األسماء والصفات‪ :‬قوله تعالى‪« :‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصير» [الشورى‪.]11 :‬‬
‫ففي هذه اآلية نفي المماثلة بين الخالق والمخلوق من كل وجه‪ ،‬مع إثبات السمع والبصر هلل عزوجل‪ ،‬وفي هذا إشارة إلى أن ما يثبت هللا من السمع والبصر‬
‫ليس كما يثبت للمخلوقين من هاتين الصفتين‪.‬‬
‫فهذه اآلية ميزان ألهل السنة والجماعة في نفي المماثل والمشابه هلل تعالى‪ ،‬مع إثبات الصفات له سبحانه على الوجه الالئق بجالله‪.‬‬
‫األدلة على توحيد األسماء والصفات‪:‬‬
‫األدلة كثيرة جدا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى‪« :‬وهلل األسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون» [األعراف‪.]180 :‬‬
‫‪ .2‬قوله جل وعال‪« :‬قل ادعوا هللا أو أدعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله األسماء الحسنى» [اإلسراء‪.]110 :‬‬
‫‪ .3‬قوله عزوجل‪« :‬هللا ال إله إال هو له األسماء‪ Z‬الحسنى» [طه‪]8 :‬‬
‫‪ .4‬قوله تعالى‪« :‬هو هللا الذي ال إله إال هو علم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو هللا الذي ال إله إال هو الملك القدوس السالم المؤمن المهيمن‬
‫العزيز الجبار المتكبر سبحان هللا عما يشركون‪ .‬هو هللا الخلق البارئ المصور له األسماء‪ Z‬الحسنى يسبح له ما في السماوات واألرض وهو العزيز‬
‫الحكيم» [الحشر‪.]24-22 :‬‬
‫‪ .5‬قوله تعالى‪« :‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصير» [الشورى‪.]11 :‬‬
‫‪ .6‬قوله تعالى‪ « :‬رب السموات واألرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته‪ ،‬هل تعلم له سميا » [مريم‪.]65 :‬‬
‫‪ .7‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إن هلل تسعة وتسعين اسما‪ ،‬مائة إال واحدا‪ ،‬من أحصاها دخل الجنة» أخرجه‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬

You might also like