Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
خالد نجوى
أرض األحالم
2
اإلهداء
إلى روح أبي وأخي رحمهما هللا وأسكنهما فسيح جنانه ،إلى أمي أطال هللا في عمرها وأدامها تاج ا
فوق رؤوسنا ،إلى إخوتي وسندي في الحياة حفظهم هللا وسدد خطاهم ،إلى زوجي وأوالدي حفظهم
هللا لي وب ارك لي فيهم ،إلى ص ديقاتي وزمالئي في العم ل ،إلى أهلي وأحب ابي ،إلى ك ل من ق رأ
حرفي أتمنى لكم قراءة ممتعة لكتابي مع تحيات الكاتبة نجوى خالد
3
أرض األحـالم
يحكى أنه كان هناك شاب كسالن ال يعمل وال يجيد غير الن وم ،وك ان فق ير الح ال مت ذمراً لفق ره،
يحب ال ثراء والم ال ،ويحلم دائم ا ً ب العثور على ك نز ليص بح من أثري اء البالد ،لكن ه ال يب ذل أي
مجهود حتى ألكله ،وفي يوم من األيام نام حتى الظه ر ثم اس تيقظ فلم يج د ش يئا ً يأكل ه ،فخ رج إلى
أحد الحقول البعيدة لعله يجد بعض التمر أو الفواكه ،وبينما هو يبحث ابتع د قليالً ح تى وج د ش يخا ً
جالسا ً فأقترب منه وقال :ماذا تفعل هنا يا عماه؟
ﻓﺮﺩ ّﺍﻟﺸﻴﺦ :ﻣﺎذا تفعل أﻧﺖ ﻫﻨﺎ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﺏ :أبحث ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ألﻛﻠﻬﺎ.
ﺭﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ :ﻫﻞ ﺗﺮﻳﺪ ﺳﺮﻗﺘﻲ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﺏ :ﻻ ....ال بل أحاول جمع بعض الفواكه المتناثرة هنا وهناك.
فرد الشيخ مبتسماً :هي سرقة بطريق ة ظريف ة ،لم اذا ال تعم ل وتقبض أج راً وتشتري أكالً حالالً
طيبا ً فهذا حرام يا بني.
فرد الشاب :وجلس ق رب الشيخ وق ال :آووه ي ا عم اه ال يوج د عم ل في ه ذا ال وقت ،ف الكثير من
الشباب عاطلون عن العمل .وأنا يتيم ووحيد ولم يترك لي أبي شيئاً ،ولكني أحلم يا عماه أن أجد في
يوم من األيام كنزاً وأصبح ثريا ً ج داً دون تعب أو جه د ،فأن ا ال أحب أن أتعب ،أحب الن وم كث يراً.
ابتسم الشيخ وقال :آممم أيها الشاب ال شيء يأتي بدون تعب وجهد ،ولكن عندي لك حل.
فرد الشاب :ما هو يا عماه؟
فقال الشيخ :أنا أستطيع تحقيق حلمك.
فرد الشاب :وكيف ذلك؟ فقال الشيخ :أرسلك في رحلة إلى أرض األحالم.
فرد الشاب :وما أرض األحالم؟
فرﺩ الشيخ :ﻫﻲ أرﺽ ﺗﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺩﻭﻥ ﺗﻌﺐ أﻭ ﺟﻬﺪ ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺐ أنت ﻟﻜﻦ ﺷﺮﻁ أن ﻻ
ﺗﺴﺄﻡ ﻭﻻ ﺗﻤﻞ ألﻧﻚ ﻟﻮ سئمت أﻭ ﻣﻠﻠﺖ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺧﻠﺖ ﻣﻨﻪ.
ﻗﺎل اﻟﺸﺎﺏ :أﺭﺽ أﺣﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ أﺭﻳﺪ ﺩﻭﻥ ﺗﻌﺐ أﻭ جهد ﻻ ﻟﻦ أﻣﻞ أﺑﺪﺍ ﻫﻴﺎ أﺭﺳﻠﻨﻲ ﻓﻮﺭﺍ.
قال الشيخ :انظر إلى تلك العين الجارية ،اشرب منها وبعد لحظات ستجد أمامك ب اب ُأدخل ه لكن
حذار ،ذهب الشاب فرحا ً مسروراً .وشرب وش رب ح تى ارت وى وش عر ببعض ِ حذار من السأم ثم
ِ
الدوار ،وفجأة وج د أمام ه ب اب ينبعث من ه ن ور ،فتح الب اب ودخ ل ليج د نفس ه في أرض س بحان
الخالق كل ما فيها يتمناه المرء ،وهناك الكثير من الن اس ب ا ٍد عليهم عالم ات ال ثراء والهن اء .ك ان
منبهراً جدا بهذه األرض التي تشبه الجنَّة ،وبينما ه و يتج ول ليكتشف المك ان ح تى ش عر ب الجوع
ووجد أمامه مطعم يبيع المأكوالت اللذيذة ورائحتها شهية.
4
فقال :كيف أحصل على الطعام هنا؟ ثم أكمل قائال :إن الشيخ لم يخبرني ش يئا ً س وف أطلب الطع ام
وآكل وأه رب ،المهم أس د ج وعي ،دخ ل الشاب المطعم وطلب ك ل األك ل ال ذي يشتهيه ثم تس لل
ليهرب ،فأمسكه صاحب المطعم وقال بغضب :لماذا ال تدفع يا هذا؟
فرد بخوف :أنا ال أملك نقوداً.
فقال صاحب المطعم :وما هي هذه النقود؟
فرد الشاب متعجباً! إذن وماذا سأدفع؟
فقال له صاحب المطعم :أن تحمد هللا عشر مرات.
فرد الشاب فرحاً :عشر مرات فقط !! أحمد هللا ألف مرة.
فرد صاحب المطعم :ألف مرة تشتري لك منزالً فخما ً وأشياء كثيرة ،ففرح الشاب كثيراً وقال :آ ه
هذا إذن سر ه ذه األرض ،حس نا ً س وف أدف ع وحم د هللا ،وخ رج س عيداً فرح ا ،وع رف س ر ه ذه
األرض وبات يشتري كل ما يريد بحمده هلل فقط دون جهد وعناء ،فاشترى ﺑﻴﺘﺎ ﻭأثثه ﻭﻗﺮﺭ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ
ﻓﺨﻄﺐ أﺟﻤﻞ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗﻢ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ،وكان سعيداً وكل ما أراد أن يشتري شيئا ً يحمد هللا تعالى
فقط ،ومرت األيام والشهور ،واألعوام ،وأنجب ابن واث نين وثالث ة ،وأص بح مس ؤوال عن عائل ة،
وكان كل ما أراد الخروج صباحا ً جاءته زوجته قائلة :أريد خبزاً وحليبا ً وس كراً و ....و ......الخ.
وفي يوم من األيام كثرت عليه الطلبات
فقال :آووه إني أصبحت أحمد هللا في اليوم أك ثر من خمس ة آالف م رة ،لق د تعبت لق د س ئمت ،م ا
هذااا يا امرأة؟ سوف أخرج هذه المرة وأشتري متطلبات شهر كامل حتى أرتاح بقية األيام من حمد
هللا كل يوم ،وفجأة وجد نفسه يخرج من الباب الذي دخل منه أول مرة ،ووجد الشيخ جالسا كما كان
في مكانه فنظر إليه الشيخ مبتسما ً وقال :هل عدت؟ ألم أحذرك من السأم والملل ،فأخذ الشاب يبكي
ويصيح أين الباب؟ يا حسرتاه أرجوك أعدني زوجتي وأوالدي ،مالي وجاهي أين ذهب كل هذا؟
فرد الشيخ :ألم أقل لك أنها رحلة إلى أرض األحالم ،لقد شربت م ا ًء من عين س حرية وه ذا الم اء
يجعلك تغط في نوم عميق وتحلم هذا الحلم ،وقد خض ت ه ذه التجرب ة قبل ك ،ومن يومه ا وأن ا أكُ ُّد
وأعمل حتى أصبحت أملك هذا البستان وأشياء كثيرة أخرى.
فرد الشاب :هذا مستحيل!
قال الشيخ :ال بل هذه الحقيقة انظ ر إلى الي وم لم ينقض ي بع د وأن ا م ازلت جالس ا ً في مك اني كم ا
تركتني ،أوصيك يا بني بشيء إن األحالم ال تفي دك الحي اة َّك ٌد وعم ل وتعب ،وأي ش يء يتحص ل
عليه اإلنسان بدون تعب ال حالوة فيه ،واإلنسان ال يرضيه ش يء في ال دنيا فق د تعبت من حم د هللا
فقط دون جهد منك يا بني لذلك عش الواق ع ودع األحالم ،وأعم ل كي تعيش ،وال تم د ي دك ألح د،
واترك األحالم فال وجود لها سوى في أرض ال وجود لها ،وهي أرض األحالم.
5
األخـوان مازن وقاسـم
كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر واألوان ،كان هناك ت اجر غ ني يعيش أرمالً م ع ابن ه
البالغ من العمر 04سنوات وقد تعب في تربيته لوحده ،وقرر ال زواج ب امرأة ت ربي ابن ه وترع اه،
ْ
وأنجبت قاسم ،وأصبح قاس م وخالل أيام تزوج بامرأة كانت تعامل ابنه معاملة حسنة إلى أن حملت
كل حياتها وكبر األخوين ،وأصبحا يلعبان مع بعضهما ،وفي جل األوقات ك ان األخ األك بر م ازن
يضرب أخاه قاسم ،وهنا بدأت زوجة والده تكرهه ،إلى أن أص بحا ش ابين وك بر ك ره زوج ة األب
لمازن معها ،وبما أن الوالد تاجر ثري وقد كبر ولداه قرر أوال أن يقسم ثروته بينهم ا ،وك ل منهم ا
يعمل لنفسه حتى يس تطيع ك ل واح د منهم ا ال زواج وفتح بيت ،وق د أعجبت م ازن إح دى الفتي ات
الجميالت وقرر خطبتها .فأخبر والده ،وهو بدوره أخبر زوجته التي ثارت ثائرته ا ،وجن جنونه ا،
وقالت لزوجها ابني قاسم أيضا أعجبته الفتاة وقد أخبرني عنه ا ،واحت ار الوال د في ه ذا األم ر ألن
مازن كان مصمما على خطبتها ،وبعد أيام فكرت زوجة األب أن تضع األخوين تحت اختب ار ومن
نجح فيه يتزوج الفتاة رغم أن قاسم كان ال يفكر في هذه الفتاة إطالق ا إال أن أم ه أرغمت ه على ه ذا
الشيء ،وك ان ه ذا االختب ار في التج ارة فمن ب اع وربح أك ثر ي تزوج الفت اة ،والتج ارة ك انت في
القماش.أحضر الوالد عربتين ،ومأل في أكي اس ك ل أن واع القم اش ،وفي الغ د ق ام األخ وين ب اكراً
مستعدان للرحيل ،وكان للقرية طريقان للخروج منها ،طريق سهل وقريب ،وطريق صعب ومليء
بقطاع الطرق ،واللصوص والمخاطر وعندما قرر األخ وين االنطالق ج اءت زوج ة األب وق الت
لمازن :بما أنك الكبير اسلك أنت الطري ق ال وعر ،أم ا قاس م فسيس لك الطري ق الس هل ،فق ال األب
ولماذا ال يذهبان معا؟ فردت قائلة :ال حتى ال يبيع أحد على بيع أخيه وكل منهما يج د حظ ه .واف ق
ي يا والدي سوف أكون بخ ير ،وتف رق األخ وان ك ل في طريق ه ،وبع د أن مازن قائال :ال تخف عل َّ
قطع مازن عدة أميال بدأ الجو يتغير والسحب تتراكم ،وبدأت الرياح تهب ،واألمطار تهطل وتهطل
بغزارة إلى أن ابتلت كل أكياس القماش ،فقرر مازن أن يتوق ف ويتفق د األكي اس ولم ا فتحه ا وج د
أول األكياس قماشا جديدا وكل ما بداخل األكياس قم اش ب ا ٍل مم زق ال يص لح لشيء ،وع رف أن
هذه أفعال زوجة والده حتى يربح أخوه التجارة ،بقي حزينا ،وق ال في نفس ه :لق د خس رت التج ارة
س أنتظر ه دوء العاص فة وأع ود أدراجي ،ولم ا انتهت العاص فة هم م ازن بالرحي ل ،وفج أة س مع
صوت أنين وصراخ وبقي يسمع الصوت إلى أن وصل إلى حفرة عميقة ب داخلها رج ل يب دو علي ه
جروح وكسور وهو يصرخ أنقذوني ،أنقذوني فاندهش مازن وفكر ،كيف أنقذك ي ا ه ذا !؟ ثم ق ال:
آه تذكرت القماش ،انتظر قليال ....وأخذ القماش الذي باألكياس وص نع من ه حبال ،ورم اه للرج ل،
ورفعه ثم أخذه في عربته ،وأوصله إلى بيته وقد أخبره الرجل أن ه وق ع في العاص فة ،وه رب من ه
جواده ،وقد أنقذ مازن حياته ،وكان هذا الرجل ثريا ،وكاف أ م ازن بكيس ين من النق ود ،ف رح م ازن
كثيرا وعاد سعيدا ليجد أخاه قاسم وصل قبله ،وباع ك ل القم اش بكيس واح د من النق ود ،وتفاج أت
زوجة األب بمازن الذي أحضر كيسين من النقود وغضبت غضبا شديدا ،ثم قالت :مازال االختب ار
6
الثاني فرد الوالد :أال يكفي هذا !! .قال مازن :ال عليك يا أبي أنا موافق .فأكملت قائلة إذا هذه الم رة
تغيرون التجارة ،وتغيرون الطريق ،التج ارة س تكون في القمح ،ثم ق الت في نفس ها :ال أع رف من
أين أحضر مازن هذه النق ود لكن حالف ه الح ظ في ه ذه الطري ق ولربم ا ه ذه الم رة س يكون الح ظ
بصف ابني قاسم .وفي الصباح انطلق األخوان مجددا وغيرا الطرق ،وسلك مازن الطريق الس هل،
ولما مشى قليال أراد أن يتفق د أكي اس القمح وي رى م ا فعلت زوج ة وال ده ه ذه الم رة .وم ا إن فتح
األكياس حتى وجدها مليئة بالملح فقال في حزن شديد :القماش البالي ص نعت من ه حبال ،ولكن ه ذا
الملح ماذا أص نع ب ه؟ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻤﻠﻜﻮﻧﻪ ﻭﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺑﻌﺘﻪ سيس تغرق ﺫﻟﻚ ﺷﻬﺮﺍ ﻭﺍﺛﻨﻴﻦ ....أﻭﻩ ﻳﺎ إلهي
ﺟﺪ ﻟﻲ ﺣﻼً ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻙ ﻭﻣﺸﻰ ﻗﻠﻴﻼً ﻭﺗﻔﺎﺟﺄ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﻧﻮﺭ ﻳﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ أﺣﺪ ﺍﻟﻜﻬﻮﻑ ،ﻓﺬﻫﺐ ليرى ﻭﺗﺒﻊ
ﺱ ﻗﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﻓﺘﺒﻊ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻟﻴﺨﺮﺝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ إلى أﻥ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻜﻬﻒ ،ﻭﺳﻤﻊ أﺻﻮﺍﺕ ﻧﺎ ٍ
ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﺔ ،وكانت هذه القرية غريبة وقديمة كل شيء فيها قديم وبالي ،البيوت قديمة،
وكل ش يء ق ديم ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺗﻐﻴﺮ ﻭﺫﻫﺐ إلى ﻋﺎﻡ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ .ب دأ يمشي ويمشي إلى أن أحس
بالجوع فدق أحد األبواب ،وطلب طعاما وقال :أرجوكم أنا عابر سبيل هل من طعام لديكم؟ خرجت
سيدة عجوز و قالت :انتظر يا ب ني س وف أطعم ك وأخ رجت ل ه طعام ا في أواني طيني ة .ش كرها
مازن ،وبدأ يأكل فلما تذوق الطعام وجده دون ملح ،فاس تغرب وذهب إلى العرب ة ،فأخ ذ القلي ل من
الملح ليضعه في الطعام ،وكانت العجوز تراقبه ولما أكل وش بع حم د هللا ،وش كر العج وز ،وذهب
وترك القليل من الطعام في الصحن .أخذت ه العج وز وتذوقت ه وق الت :آه م ا أجمل ه انتظ ر ي ا ه ذا.
فاستغرب مازن فقالت له :ماذا فعلت في هذا الطعام ي ا ب ني ح تى أص بح جميال ولذي ذا هك ذا .ف رد
مازن مستعجبا لقد وضعت ملحا أال تعرفين الملح؟! ردت قائلة :ما هو هذا الملح؟ ...فقال إنه س حر
يجعل الطعام لذيذا ،فقالت له :هل لك أن تبيعني منه؟ فابتسم قائال :سوف أهديك منه وأعطاها كيس ا
صغيرا وأنصرف ،فذهبت العج وز ووض عت الملح في بقي ة طعامه ا وأخ ذت إلى جمي ع الج يران
ليذوقوا الطعام كيف أصبح لذيذا ،وأخبرتهم أن هناك أحد لديه كمية كبيرة من سحر الطع ام وم ا إن
كان مازن يهم بالرجوع عن طريقه ،وكان يفك ر في ه ذه الحكم ة ال تي جعلت ه ي دخل ه ذا الكه ف،
ويدخل إلى زمن آخر حتى لحقت به مجموعة كبيرة من الناس انتظر ،انتظ ر ي ا ه ذا توق ف م ازن
مستغربا فقالوا له :نحن أتينا كي نشتري من عندك سحر الطعام بدنانير ذهبي ة ،فف رح م ازن كث يرا
وقال لهم :حسنا ً تفضلوا وباع مازن كل الملح الذي عنده ب دنانير ذهبي ة وخ رج م ازن من الكه ف
ليعود زمنه فرحا مستبشراً وهو يحمل نق ودا ذهبي ة ،أم ا أخ وه قاس م فق د س لك الطري ق الص عب،
وصادفته العاصفة ،وانقلبت به العربة وتناثرت أكياس القمح ،وما إن ه دأت العاص فة اجتمعت ك ل
أنواع الطيور والتقطت جميع حب ات القمح ،وع اد خائب ا ً وكل ه ج روح وكس ور وفي طري ق ع ودة
مازن التقى بأخيه قاسم ،مجروحا مكسورا فذهب إليه قاسم يجري وهو يبكي قائال :سامحني يا أخي
هذا جزائي وحكى له ما حدث قائالً :هذا جزائي ألني أردت أن أتحداك .أن ا أحب ك ي ا أخي أمي هي
التي أجبرتني على خطبة تلك الفتاة .أخطب تلك الفت اة وعش معه ا في س عادة أن ا ال أري دها ،فق ال
م ازن :ال علي ك ي ا أخي ف أنت دائم ا تبقى أخي وع اد م ازن ح امالً النق ود الذهبي ة ،وح امالً أخ اه
المجروح المكسور ،فشعرت زوجة أبيه بالخيب ة وبقيت تبكي حس رة على ابنه ا ،وك ان ه ذا ج زاء
مكرها ودهائها ،أما مازن فقد اشترى أحلى جهاز لعروسه وخطبها ،وتزوج وعاش سعيدا.
وانتــــهت حكـاية األخــــوان
7
البلــــورة العجيبـــة
كان هناك صياد في مقتبل العمر ش هم وش جاع وم اهر في الص يد وال أح د يماثل ه ،وفي ي وم من
األيام اتجه للصيد كالعادة ،ولما أمسك شبكته لمح شيئا يلم ع بين الس مكات إذ به ا بل ورة ماس ية
تلمع ،فطار فرحا من السعادة وق ال :إنه ا من الم اس أو األرج وان ....آه أص بحت غ ني س أبيعها،
وسأصبح من األثرياء ،شكرا يا رب لكن ه س مع ص وت يق ول :ال تبع ني أرج وك فان دهش! ووج د
الصوت ينبع من البلورة.
فقال :من غير المعقول أن تكون البلورة هي التي تكلمت فردت :بلى إنني أنا ،فأنا أم يرة مس حورة
محجوزة في هذه البلورة رمتني زوجة أبي في البحر هذا الصباح ،فالسحر يفك عني في الليل حتى
تغوص بي البلورة في المحيط وأغرق ،ولحسن حظي أنك التقطتني
وقالت لي :إن نجوت من الغرق س يبقى الس حر م دى الحي اة ولن يف ك ح تى تص بح عج وزا ،ولن
تصبح عجوزا ألنها تمتلك عشبة
الشباب تجعل اإلنسان شابا طوال حياته ،طالما يتناولها فتعجب الصياد وقال :كيف تأكلين إذن؟
فردت :سيفك السحر كل ليلة عني إذا نجوت من الغرق وأعود بلورة بعدها أس تطيع األك ل وقته ا،
أنقذني فقط .وابتعد عن المحيط
وساعدني ،ففكر الصياد وقال :أين والدك؟
فقالت :أبي جعلته يأكل عشبة تجعل اإلنس ان عج وزا ،فق د أص بح ش يخا كب يرا وه و في الخمس ين
عاما ،مسكين أبي حتى لو رآني فلن يعرفني ،فقد فعلت ه ذا ح تى تس تولي عن الحكم ،فهي اآلم رة
الناهية اآلن وقد سجنته في غرفة أعلى القصر ،فال يزوره أحد.
ف رد الص ياد :ج اءتني فك رة هي تمتل ك عشبة الشباب ،وعشبة الشيخوخة ،وه ل هن اك طريق ة
للوصول إلى العشبة؟
فردت :مستحيل فهي تزرع العشب في حديقة القصر الخاصة بها ،يحرسها مئات الح رس والكالب
وال يدخلها أحد غيرها ،فكر برهة
وقال :وجدتها ألم تقولي السحر يفك ليال؟
فردت :بلى كل ليلة يفك بساعة فقط ثم أعود بلورة هي قالت لي ذلك ألن هن اك س اعة في اللي ل ال
يقاوم السحر فيها ويفك ،فرد إذن أنت سوف تساعديني ألنق ذ وال دك س وف ن ذهب إلى بي تي وحين
يفك السحر عن ك نتف ق على خط ة ،وع اد الص ياد وفي اللي ل أص بحت البل ورة أم يرة جميل ة على
الحادية عشر تمام ا فلم ا رآه ا الص ياد عق دت الدهشة لس انه ،ثم ق ال :كم أنت جميل ة !! ابتس مت
األميرة
وقالت :أعطني شيئا آكله فأنا أموت جوعا ولنتفق على الخطة فأعطاه ا األك ل ثم اتفق ا على الخط ة
ك في حديق ة العشب ولم ا يف ك الس حر اقطفي عشبة قائال :لدي طائر ذكي س يأخذك غ دا ويرمي ِ
الشباب وعشبة الشيخوخة ،لن يشك الحراس في طائر يمر على الحديقة وبعدها أع ِط الطائر العشب
وحين تعودي بلورة يأخذك من جديد ويعيدك إل ّي ،وفي الغد عن دما ح ل اللي ل ق ام الص ياد بالخط ة
فأخذ الطائر البلورة وفي الحادية عشر رماها في الحديقة ،فتح ولت إلى أم يرة وقطفت العشبتين ثم
علقتهم برجلي الطائر وأوصلهم إلى ص ديقه الص ياد ،وع اد ألخ ذ األم يرة فق د رجعت بل ورة كم ا
كانت لكن الكالب الحظت الطائر وبدأت تنبح ،فأنتبه الحرس ل ذلك ودخل وا الحديق ة ليتفق دوا وق د
رأى أحد الحرس البلورة فأخذها
8
وقال :إن بعتها سوف أصبح غنيا وأتخلى عن الحراسة ،ثم قال :ال س وف أعطيه ا للملك ة ،س وف
تكافئني وتجعلني المقرب منها ثم وضعها في جيبه.
وذهب وكان الطائر الذكي يحوم ورأى الحارس الذي أخ ذها ،وع اد إلى الص ياد دون البل ورة فجن
جنونه وقلق على األميرة ،وتأكد أن األميرة في خطر .لكن الطائر ك ان ذكي بم ا يكفي لكي يخلص
األميرة .فقد ذهب وأحضر أصدقاءه الطيور ،ثم هاجموا الحارس ح تى وق ع في األرض ،وس قطت
البلورة منه فأخذها وعاد بها إلى صديقه الصياد.
فرح الصياد كثيرا لسالمة األميرة وشكر طائره ثم بدأ يخطط للخطة الثانية ،وفي الغد أخذ الص ياد
البلورة ولف بها عشبة الشباب لكي تأخذها لوالدها أعلى القصر ،فأخذها الطائر مجددا ورماه ا من
النافذة في غرفة والدها آملة أن يراها والدها فيأكل العشبة ويعود إلى ش بابه ووعي ه ،ويع ود للحكم.
لكن البلورة وقعت بعيدا على والدها الذي ه و ش يخ كب ير ال ي رى فلم يراه ا ،وظلت مرمي ة وظ ل
الطائر يحوم حول النافذة حتى انتبه الحارس إلى ذلك فقال لصديقه :لقد عاد الطائر المتوحش سوف
أخبر الملكة أنه يحوم فوق غرفة الملك فلما أخبروا الملكة قررت الذهاب إلى غرفة زوجها ،وكانت
البلورة لكن العشب يلفها فلم تعرفها ،وكانت على وش ك التقاطه ا لكنه ا س معت ص وتا يق ول :أبي ع
العشب الذي يجعلك شابا طول حياتك ....أبيع العشب ،فاستغربت الملكة وذهبت إلى الناف ذة ف رأت
الرجل فنادت ،انتظر يا هذا ....انتظر ،خرجت الملكة وكان التاجر هو الص ياد مرت ديا زي ت اجر،
وقالت له :من أين حصلت على العشب وال يملكه أحد غيري.
فرد الصياد :من قرية بعيدة وهذه العشبة نادرة وإن أكلت منه ا م رة واح دة فق ط ستص بحين ش ابة
مدى الحياة ولن تضطري ألكلها مرة أخرى ،ففرحت الملك ة وفك رت قليال وق الت :س وف اش تري
منك بشرط أن تجرب أنت العشب أوال فقد كانت ذكية ،فرد الصياد :وكان أذكى حاضر سيدتي أكل
الصياد من عشبة الشباب فازداد شبابا ووسامة ،ففرحت وقالت :حسنا أعطني ،وك ان يخ بئ عشبة
الشيخوخة أيضا فأعطاها منها وطبعا بعد أن طحن العشب ولم تعرف ه ،فأخ ذت تأك ل وتشيخ ح تى
أصبحت عجوزا في الغ ابرين وهن ا ف ك الس حر عن األم يرة ،وأخ ذت عشبة الشباب ناولته ا إلى
والدها الذي ما إن أكلها ح تى ع اد ش ابا كم ا ك ان واحتض ن ابنت ه األم يرة وه و يبكي ،وحكت ل ه
األميرة عن شهامة الصياد وما فعل لمس اعدتها ،اس تعاد المل ك منص به ولم يج د خ يرا من الص ياد
زوجا البنته فقام بتزويجها في حف ل بهي ،وأراد معاقب ة زوجت ه ولكنه ا أص بحت عج وزا ض عيفة
النظر ،فوضعها في نفس الغرفة ال تي حجزت ه فيه ا وأح رق حديق ة العشب ح تى ال تع ود لشبابها
وينتهي من شرها ،أما األميرة فقد عاشت بسعادة مع زوجها الصياد الذي صار وزيرا لوال دها ،ولم
ينسوا صديقهم الطائر فقد بنى عشه فوق قصرهم وكون أيضا عائلة ،وصار طائرهم المفضل.
9
ابـن النجـار واألميـرة
يحكى أن هناك نجارا يعمل بكد ونشاط ،متزوج من امرأة طيبة وقد أنجبت له صبي بهي الطلع ة
أسمته أحمد ،فرح بوالدة أحمد كثيرا ،وكبر أحمد مدلال كل ما أراد شيء حصل عليه بما أنه الوحيد
الذي أنجبته ،وكان أحمد طيبا عطوفا طائعا لوالديه ،ولم ا بل غ أحم د س ن الراب ع والعشرين فاتح ه
والده في موضوع الزواج.
فقال له :يا بني لقد كبرت وأنا أريد أن أرى أحفادي قبل م وتي ،وق د أص بحت نج ارا ش اطرا مثلي
وتستطيع أن تفتح بيتا.
فرد عليه أحمد :حسنا يا أبي سأفكر في الموض وع وأدع وا هللا أن يطي ل عم رك وت رى أحف ادك ثم
قبل يديه ،وفي الغد بينما أحمد عائد من دكان النجارة حتى رأى فتاة حسناء تقط ف ال ورود ال تك اد
تميزها من بين الوردات من حسنها ،اتجه نحوها وألقى عليها الس الم وتح دث إليه ا ،ك انت إنس انة
رائعة فقد أعجبت أحمد وخطفت قلبه وعقله من أول وهلة ،ولكن أخذه الحديث معها ولم يس ألها من
هي وما اسمها ،ثم غادرت وعاد أحمد إلى المنزل فرحا جدا ،ودخل وهو يق ول :آم اه ....آم اه لق د
وجدت العروس.
فرحت األم وردت :ما اسمها؟ وابنة من هي؟
فسكت أحمد برهة ثم قال :آه يا آماه من جمالها نسيت أن أسألها.
فابتسمت األم قائلة :إذن اسأل عنها وأن ا في أق رب فرص ة أتوج ه لخطبته ا ،وفي الي وم الت الي م ر
أحمد على كل من رأى الفتاة وسأله من تكون تلك الفت اة ال تي م رت علي ك ب األمس ،ولم ا يس ألونه
لماذا تسأل يقول لخطبتها فيضحكون عليه ،ولم يرد علي ه أح د منهم فاحت ار أحم د لم اذا يض حكون
عليه؟ ولم يخبروه من الفتاة !؟ وبعدما لهث أحمد في السؤال رآها من بعيد تتكلم مع أح د الفالحين،
فأسرع ليسألها لكن ما إن وصل حتى رحلت هي ،فوجد الفالح مازال واقفا.
فقال له :السالم عليك يا سيدي أريد أن أسال من هي تلك الفتاة الجميلة التي كانت تتحدث معك؟
فقال الفالح :آه تقصد األميرة سهى؟
فقال أحمد مندهشا :أميرة! ..يا إلهي.
فرد الفالح :أجل أميرة إنها ابنة ملك ظالم ونحن نعمل عنده كالعبيد وال يعطين ا حقن ا ،فهي تخ رج
خلسة وتترقب عملنا وتعطينا أجرنا فهي فتاة رائع ة وطيب ة ،فع اد أحم د خائب ا للم نزل وبقي ك ذلك
واألم تسأله ما الذي حل بك يا بني؟ لكنه لم يرد عليها وبقي أياما على ه ذا الح ال واألم قلق ة علي ه،
وكان ال يأكل وال يشرب ،وأخيرا وبعد إلحاح من أمه أخبرها :أمي تلك الفتاة أميرة وما يوصل ابن
نجار إلى أميرة.
فقالت األم :آه يا بني لقد ورطت نفسك وتريد الزواج من أميرة ،فطأطأ أحمد رأسه وقال :ال علي ك
يا أماه أنا أعجبت بها فقط سوف أنساها مع األيام ،والحظت األم تعلق أحمد بتلك األم يرة فق د ك ان
دائم التفكير واالنشغال ،وفي ليلة من الليالي باتت األم تفك ر بح ال أبنه ا ،وكي ف تج د حال ل ه وق د
وصلت إلى قرار وهو أن تذهب وتخطب األم يرة إلى أبنه ا أحم د ،وق الت في نفس ها :لع ل وال دها
يكون طيبا ويفهم أن أبني يحب أبنته وأنه سيسعدها فيقبل بخطب تي له ا ،وفي الص باح خ رجت األم
خلسة على أبنها وزوجها متجهة إلى القصر جاهلة لما ق د يح ل به ا ولس وء حظه ا أن الح اكم ك ان
رجال ال يعرف الرحمة ،ووصلت وقرعت أبواب القصر ولما أعلمت الحراس بغرضها في مكالمة
10
الحاكم ظنوا أنها مجنونة وفي األخير أخذوها وكبلوها باألغالل ورموها أمام الحاكم ،ولسوء حظها
أن الحاكم كان في قمة غضبه .
فقال بصوت عال :لماذا تريدين رؤيتي أيتها الحقيرة؟
فردت :جئت ،........جئت.......للقائك متلعثمة في الحديث ،جئت خاطبة األميرة سهى ألبني أحم د
قالتها دفعة واحدة .فازداد الحاكم غضبا وقال :ماذا ؟! ......ماذا أسمع؟ ه ل أنت مجنون ة ي ا ام رأة،
أجل إنك مجنونة ومن تكونين وزوجة من أنت؟
فردت :أنا زوجة النجار فالن.
فق ال الح اكم :ه ذا م ا ينقص ني خ ذوها إلى الس جن ،ي ا إلهي واقبض وا على ه ذا النج ار وابن ه
وسأعدمهم غدا حتى يكون وا ع برة لمن يتج رؤون على أس يادهم .وك ان أحم د م ع وال ده في دك ان
النجارة حيث وصل الحرس وقبضوا عليهما وكبلوهما ب األغالل وألق وا بهم ا إلى الس جن وهم ا ال
يعرفان السبب لماذا ،وبعدها أخبروه أن أمه أتت خاطبة لألميرة .ولما سمعت األميرة س هى ب األمر
أحست بالشفقة وخصوصا أنها إنسانة طيبة وتعرف والدها وطبائعه خصوصا عندما يكون غاضبا،
أما أحمد فقد كان في السجن يبكي بعد الكارثة ال تي وقعت على رؤوس هم بس ببه ،وفي ال وقت ذات ه
كانت األميرة سهى تفكر في ح ل لتنق ذ ب ه العائل ة ،وأخ يرا توص لت إلى فك رة ،ذهبت إلى وال دها
قائلة :أبي.
قال :نعم وكان يحبها ،وهي مدللة عنده وال يرفض لها طلبا.
ق الت :إن ك وع دتني ي ا أبي أن تزوج ني لرج ل يب ني لي قص را أك بر وأحلى من قص رك ومليء
بالجواهر.
رد :أجل يا بنيتي لقد قلت هذا.
فقالت األميرة :إذا لدي شرط على هذا الفتى الذي أتاني خاطبا لي.
فرد الوالد :ما هو هذا الشرط؟
فقالت األميرة :أن يبني لي قصرا أكبر من قصرك وأحلى منه وسأوافق عليه زوجا .فضحك الملك
ضحكا شديدا وقال :كيف لنجار ابن نجار أن يبني قصرا أحلى وأكبر من قصري لن يقدر على فعل
ذلك لو بقي مئة عام وهو يعمل.
فردت األميرة :المهم أطلق سراحه ،واشرط عليه الشرط وأعط ه مهل ة يب ني فيه ا القص ر وإن لم
يفعل ذلك فاعدمه ،أما اآلن فأوقف حكم اإلعدام.
رد الملك :حسنا سوف أفعل ذلك .فرحت األميرة لكن الملك قال :وسأترك والديه رهينة عندي ف إن
هرب أقتلهما ،والمهلة هي ثالثون يوما.
فقالت األميرة :آوه يا أبي ثالثون يوما ال تكفي لشيء.
فقال الملك :هذا شرطي وقراري ولن أرج ع في ه .اذهب وا وأطلق وا س راح الشاب واترك وا والدي ه
رهينة ،وأخبروه بشرطي وشرط األميرة.
قالت األميرة في نفسها :ال بأس ثالثون يوما تكفي ألجل خطة كي أنقذ والدا الشاب ،ولم ا أطلق وا
سراح أحمد أخبروه بالشرط فانصدم لهول هذه الورطة التي وقع فيها ،ولما خرج من القص ر بعثت
له األميرة برسالة تخبره فيها أنها فعلت هذا كي يحظى بفرصة للفرار وأنها ستجد خط ة كي تجع ل
والديه يفران أيضا خالل هذا الشهر أتجه أحمد إلى طريق ي ؤدي إلى خ ارج البالد وه و يبكي على
والديه اللذان لم ينجيا من الموت المحتوم ،من غ ير المعق ول بن اء قص ر في ظ رف ش هر وتحقي ق
طلب الحاكم ،وهو ليس سوى نجارا ابن نجار ،ومرت األيام واألميرة تحاول أن تخلص والدا أحمد
الذي يبدو عليها أيضا أنها أعجبت به وأحبته ،لكن لسوء الحظ أن والدها ش دد الحراس ة ،أم ا أحم د
فقد وصل إلى بالد ثم إلى أخرى وه و يحكي حكايت ه لك ل من وج ده أمام ه ،يك اد يفق د عقل ه وه و
11
يقول :أنا أوصلت والداي لهذا الحال وقد كبر شعر رأسه وشعر لحيت ه فمن رآه يق ول أن ه مجن ون،
وكان يردد :أنا غبي فكيف أعشق أميرة ......م رت س بعة وعشرون يوم ا وأحم د لم يفع ل ش يء
سوى التنقل من بالد إلى أخرى ،و قد اس تقر في إح دى الق رى ال تي س مع فيه ا حكاي ة غريب ة عن
قصر يس مى بقص ر الم وت ،وه ذا القص ر ك ل من ب ات في ه أص بح ميت ا ،وك ان مليئ ا ب الجواهر
واألس اور ،ولم يس تطع أح د أن يس رقه ،س أل أحم د جي دا عن ه ذا القص ر وعن مكان ه ،ثم اتج ه
مباشرة إليه ق ائال :لم يبقى س وى ثالث ة أي ام من الشهر وس يموت وال داي فلم ال أم وت أن ا أيض ا،
سأذهب وأبيت في القصر حتى أموت كما أوصلت والداي للموت ،ثم دخل أحمد القصر ال ذي ك ان
يبدو كبيت أشباح فهو قصر مرعب ومليء بالعناكب والخفافيش ،دخل أحمد فوجد س ريرا فاس تلقى
عليه ينتظر الموت المحت وم ،ومن ش دة التعب ن ام أحم د و غ ط في ن وم عمي ق ،وفج أة ب دأ يس مع
أصواتا مرعبة رهيبة فاستيقظ على وجه عفريت مخيف ،فنظر إليه أحمد وقال ببرود :أيا كنت أنت
فتعال وأقبض روحي .
فقال العفريت :ألست خائفا مني؟
قال أحمد :ال لقد أتيت من أجل موتي فإذا كنت تريد قتلي فتفضل.
فقال العفريت :لماذا يا بني؟
فقال أحمد :قصتي طويلة أيها العفريت فاعمل عملك.
فقال له العفريت :أريد أن أسمعها ،فأخذ أحمد يحكي قصته ويبكي دون أن يحس بذرة خوف.
فرد العفريت :قصتك محزنة يا بني وأنا العفريت صاحب هذا القصر ،وس أخبرك الس ر في م وت
من ي بيت في ه ذا القص ر ،أوال :الطم ع ألن ك ل من ي أتي يحب س رقة ممتلك اتي ،فالقص ر مليء
بالجواهر وكذلك الخوف فكل من خرجت عليه وكلمته يموت رعبا وخوفا ،أما أنت فجئت ال طامعا
وال خائفا ،وأنا كنت قد قررت أن أمنح هذا القصر هدية لرجل مثلك ألنه أول مرة يأتي إل ّي أحد هنا
ال طامع وال سارق وال خائف.
فرد أحمد :هو ال ينفع اآلن فبالدي بعيدة واستغرقت س بعة وعشرين يوم ا للوص ول له ذا القص ر،
وسأستغرق نفس المدة للعودة ،فأذهب وأجد والداي قد قتال لن ينفعني هذا القصر ،فضحك العفريت
وقال :نم هنيئا يا بني فنحن معشر الجن والعف اريت ،لن يص عب علين ا ش يء ،غ دا ص باحا س تجد
قصري هذا قرب قصر الملك وس ينجو وال داك ،وس تتزوج الفت اة ال تي أحببته ا .ف رح أحم د كث يرا
وشكر العفريت ثم نام وهو يفكر في الغد.
وفي الغد استيقظ على صوت الناس ملتفة حول القصر الذي كان بجوار قصر الملك ،وخ رج أحم د
منه وأنقذ والديه ،واضطر الحاكم أن يزوجه ابنته ألن هذا كان ش رطه ،فالقص ر ك ان أك بر وأحلى
من قصر الملك ومليء بالجواهر واألساور ،التي أصبحت مل ك أحم د وهك ذا اس تطاع ابن النج ار
الزواج من األميرة ،وعاش أحمد سعيدا مع أميرته.
انتهـــــــت الحكــــــــــاية
12
الجــــرة السحــــرية
كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر واألوان ،في إحدى القرى الريفية الفقيرة الحال تس كن
أرمل ة فق يرة ،ك ان له ا بن تين الك برى فت اة طيب ة وجميل ة مطيع ة ألمه ا ،وحنون ة ت دعى أمين ة،
والصغرى فتاة قليلة الجمال سيئة األفعال ،مشاكسة وعنيدة ت دعى أم يرة .ك انت الفتات ان عزيزت ان
على أمهما ،وكانت األم المسكينة تعمل كخادمة في البيوت كي تؤمن قوت بناتها .فق د ك انت تنهض
في الصباح الباكر وتجر الماء من النهر إلى البيوت ،فيدفعون لها القليل من الم ال ،فتشتري الخ بز
واألكل ثم تعود إلى البيت منهكة من شقاء عملها ،وفي يوم من األيام بينما كانت تجر الماء كعادته ا
حتى سمعت ص وت أنين ق ادم من بعي د ،فأخ ذت تتب ع الص وت إلى أن وص لت إلى مك ان س بحان
الخالق ،لم تره من قبل وفي هذا المكان منبع للنهر الذي تس قي من ه ،وه و عب ارة على نف ر ص غير
ينزل منه ماء عذب .كان المكان يشبه الجنة ،وقرب ه ذا المك ان توج د عج وز مس كينة ق د خ ارت
قواها وال تستطيع حتى الحركة ،فذهبت إليها األم الطيبة تجري وأخذت تس ألها م الكي ي ا ج دة ،م ا
الذي أتى بك إلى هنا؟
لكن العجوز كانت تتمتم وتقول :خذيني إلى كوخي ،إن ه ق ريب من هن ا ف راحت األم الطيب ة تأخ ذ
العجوز على ظهرها ،وجرتها التي تسقي به ا الم اء بي دها وأخ ذت تمشي م دة طويل ة ،وق د تعبت
كثيرا لكنها لم تتكلم وصبرت على التعب حتى الحظت كوخا ،فأوصلت العجوز إلي ه وق الت :أيته ا
ك س آويك عن دي ح تى يتحس ن لك من يرعاك فأن ا س أهتم ب ِك وحيدة؟ إن لم يكن ِ الجدة يظهر لي أن ِ
ك.
حال ِ
لك يا بنيتي فقد حملتني على ظهرك وأنت تعبة ،وك ان ك وخي ابتسمت العجوز وردت قائلة :شكرا ِ
بعيدا جدا ولم تكلي من حملي ولم تتكلمي .لذلك سوف أجازيك فأنت امرأة تستحقين الجزاء.
فقالت األم :أي جزاء هذا يا ج دتي ،أن ا لم أفع ل ش يئا .وعق دت الدهشة لس انها فق د ك انت العج وز
غريبة ولم تكلمها ولم ترد عليها ،بل وضعت يدها على الجرة فإذا به ينبعث نور جمي ل ،ثم نظ رت
إليها العجوز قائلة :إذا احتجت شيئا يا بنيتي قولي كلمة السر هذه <سبحان الذي جعل من الماء ك ل
شيء حي > .ثم اختفت ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻭاختفى ﺍﻟﻜﻮﺥ ،وهي تسمع صوتا يقول :ال تخبري بهذا السر أح دا
إال عند الضرورة القصوى ،انصدمت األم الطيبة وكأن كل ما حصل ك ان حلم ا أمامه ا .ثم ع ادت
مع حلول الظالم وهي سعيدة بما حدث لها هذا اليوم ،فقد اس تعملت الج رة وطلبت منه ا ك ل األك ل
الذي تشتهيه بناتها ،وعلمت أن العجوز لم تكن س وى ج زاء من هللا على ص برها وفقره ا ،ودخلت
على بناتها بكل ما لذ وطاب .فأخذت أمينة وأميرة تسأالن أمهما هل وقعت في كنز يا آمااه؟ م ا ك ل
هذا الخير؟ ومن فرحة األم كادت أن تخبر البنات ،لكن أخيرا تذكرت وص ية العج وز في أن تل تزم
الصمت ،ف اخترعت لهم حكاي ة وق الت :إني وج دت رجال ثري ا تص دق لي ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻟﻦ
أﺿﻄﺮ ﻟﺠﺮ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻣﺮﺓ أﺧﺮﻯ .ومرت أيام من السعادة والهن اء ولم تتفطن البن تين لس ر الج رة ال تي
تحولت من جرة عادية لجرة سحرية ،لكن السعادة لم تدم ط ويال فق د س قطت األم طريح ة الف راش
مصابة بمرض خبيث لم يف دها أي دواء ،وأدركت أن النهاي ة ق ربت .فق ررت أخ يرا إخب ار ابنته ا
الكبرى أمينة عن سر الجرة كونها العاقل ة وتحتف ظ بالس ر ،ن ادت ابنته ا أمين ة ب دأت أوال توص يها
13
خيرا بأختها ،ثم قالت لها :ابنتي حبيبتي حافظي على الجرة ....حافظي على الجرة إن له ذه الج رة
سر ،عديني أنك لن تخبري به أحد ،سوف أعطيك كلمة السر .وبدأت األم تشهق ويظهر أنه ا ب دأت
تلفظ أنفاسها األخيرة ،قبل أن تخبر ابنتها بكلم ة الس ر .م اتت األم وبع د أي ام نف ذ الطع ام ،والم ال،
وس اءت حال ة البن تين ،لكن البنت الك برى ق ررت مزاول ة مهن ة أمهم ا لكي تعين نفس ها وأخته ا
الصغيرة ،وأخذت تج ر الم اء لل بيوت ،وتقبض النق ود وتشتري م ايلزم من الطع ام ،وفي ي وم من
األيام بينما أمينة تسقي الماء إذ بها تسمع قطة تموء ،فأخ ذت تتب ع القط ة ألنه ا ك انت تحب القط ط
كثيرا .حتى أوصلتها القطة إلى النفر منبع ماء النهر .وكان المكان جميال كالجنة ،ومن حسن جمال
المنظر نظرت أمينة وتنفست وقالت :ما أجمل هذا المكان ،سبحان الذي جع ل من الم اء ك ل ش يء
حي .لقد قالت كلمة السر دون أن تشعر ،وفج أة انبعث ن ور من الج رة وس معت ص وتا يق ول :م ا
تطلبين مجاب .وحينها أدركت سر الجرة ،وسر توصية أمه ا به ا .تلعثمت واندهشت لكنه ا طلبت
ك ل م ا ل ذ وط اب ،وهمت ب العودة وطبع ا لم تخ بر أخته ا الص غرى ش يئا ،لكن األخت الص غرى
بأن هناك س ر .وق ررت مراقب ة أخته ا ومن أين ت أتي بك ل الطع ام والم ال، وبمرور األيام تفطنت َّ
وراحت إلى أختها الكبرى لتطلب منها بعض النقود كي تشتري فستانا ،لكن أختها أخبرتها أنه ا في
المساء حين تعمل سوف تعطيها المال .خرجت أمين ة م ع الج رة إلى الخالء كي تق ول كلم ة الس ر
وتحصل على النقود ،لكن هيهات فقد لحقت بها أميرة وفهمت السر ،ورأت ك ل ش يء ،ول دهائها لم
تخبر أمينة بأنها كشفت السر .وق ررت اس تعمال الج رة لوح دها ،وفي الغ د ذهبت أم يرة وس رقت
ال أمين ة أو أمه ا أن تطلب من الجرة واستعملتها لطلب الذهب والمجوهرات التي لم يخط ر على ب ِ
الجرة يوما ما هذا الكم الهائل من الذهب والمج وهرات .لبس ت أم يرة األس اور وال ذهب وخ رجت
لتخبر كل من هب ودب بأن لديهم جرة مليئة بال ذهب والفض ة واألس اور ،وبس رعة ال برق وص ل
الخبر لحاكم البالد ،ليطلب من حراسه أن يحضروا الجرة ويحضروا البنتين لكي يفهم قضية الجرة
المليئة بالذهب والمج وهرات .انطل ق ح رس المل ك إلى بيت الفت اتين وأمروهم ا بإعط ائهم الج رة
والكلمة السرية التي تجعل الجرة تفيض بالذهب واألساور ،لكن الفتات ان باقيت ا جام دتين ولم تنطق ا
بكلمة واحدة .فأخذ حارس الملك السيف ووضعه في رقبة أميرة .وقال ألمين ة :أعط ني كلم ة الس ر
وإال قتلت أختك الصغرى.
ارتعبت أمينة وقالت له :حاضر ...حاضر ولكن أترك أختي ،قاطعتها أميرة قائلة انتظر ي ا س يدي
سأعطيك أنا كلمة السر وهي "افتح يا سمسم ،افتح يا سمس م " .ف رح الح ارس كث يرا وأخ ذ الج رة
وأخذ يقول " :افتح يا سمسم ،افتح يا سمس م " .لكن الج رة لم تح رك س اكنا ،فغض ب وأخ ذ الج رة
وكسرها فتالشت أجزاءها على األرض وقال :إنكما كاذبتان وس ارقتان ،إنه ا ليس ت ج رة س حرية
وقد سرقتم األساور من القصر ،ثم أخذ منهم الحرس كل م ا ل ديهم وأخ ذوهم إلى الح اكم ليط ردهم
من القرية .بكت أمينة كثيرا على الجرة التي ك انت تعيلهم والمت أخته ا الص غرى بم ا فعلت ،لكن
أميرة تأسفت ألختها وأدركت خطأها ثم قالت :سامحيني يا أختي ظننت أني سأصبح أميرة فعال .أنا
آسفة ،فقد أخبرت كل الناس عن الجرة وسرها ،ض يعت بحمقي ك ل ش يء .وقب ل أن يغ ادرا البالد
ذهبت أمينة إلى بيتهم وقالت :سآخذ ما تبقى من أش الء الج رة كت ذكار من أمي فق د أوص تني به ا ،
وأخذت أشالء الجرة في كيس وأخذت أختها ورحلتا إلى حيث ال تعلمان ،وكانت ا تمشيان من قري ة
إلى أخرى حتى حل الظالم ودخلوا في غابة مخيفة فوجدوا كوخا ،فذهبتا وبقيت ا ق رب ه ذا الك وخ.
وارتعبتا من صوت الذئاب والعواء ،فبقيت األختان تبكيان حتى وصل شيخ كبير كان ص احب ه ذا
الكوخ.
فقال لهم :مالكم يا بنات؟ ما الذي حل بكما؟
14
فقصت عليه أمينة ما حدث لهم في القرية األخ رى ،وع رف أن ال م أوى لهم ،وع رض عليهم أن
يعيشا معه في الكوخ فهو وحيد .فرحت أمينة وأميرة ،وباتتا عند هذا الشيخ ونامتا للصباح من ش دة
تعب الطريق .وفي الصباح استيقظت أمينة لتلقي نظرة على المك ان ،ووج دت أرض ا كب يرة ق رب
هذا الكوخ.
فقالت للشيخ :يا عماه هل تملك هاته األرض؟
فقال الشيخ :نعم إنها لي.
فقالت :لماذا ال تزرعها؟
فقال :يا بنيتي منذ أعوام لم تمطر لذلك كل ما زرعنا ال ينبت شيء.
فقالت أمينة :نحن في فصل الخريف سنحاول زرعها ون دعو هللا أن يرزقن ا المط ر ،س أحرثها أن ا
وأنت وأختي ،ما رأيك بالفكرة؟ .
ابتسم الشيخ وقال :حسنا يا بنيتي لعلك فأل خير أنت وأختك عليا .عملت أمينة مع أختها أميرة بج د
بعد أن أصبحت أميرة فتاة عاقلة وبدت على وجهها مالمح الجمال .رجعت أمينة وأميرة إلى الكوخ
متعبتان ،ولكن أمينة تذكرت ما بقي من الجرة وأخذتها ودفنتها في األرض المحروثة ،ونامت وهي
تدعوا هللا أن يعوضها خيرا على الجرة .وأثناء نومها سمعت صوتا ،إن ه ص وت الرع د ب اتت تل ك
الليلة األمطار تهطل ،وبقيت تهطل أياما وأياما ،وفرح سكان القرية به ذا المط ر الوف ير وق د زرع
الفالح ون أراض يهم ومن بينهم أرض الشيخ ،ال تي ج اءت ب الخير الكث ير .وتكف ل الشيخ ب البنتين
وأصبحتا بمثابة ابنتيه إلى أن أوصلهما إلى بيت زوجيهما.
انتهت قصــة الجــرة السحــرية
15
أرجـــــــوانة والطـــــــائر
في قرية صغيرة وفي قديم الزمان يعيش رجل يعم ل كن احت ون اقش لل ذهب م ع أف راد عائلت ه
المتكونة من زوجته وابنته أرجوانة البالغة من العم ر عشر س نوات ،وهي الوحي دة عن ده ،وك انت
مدللة دالال شديدا ،وفي كل مرة يصنع لها شيئا ذهبي ا يهدي ه له ا .وك انت أرجوان ة متعلق ة بوال دها
تعلقا شديدا لدرجة أنها تذهب معه صباحا إلى الدكان وتعود مسا ًء ،وفي عيد ميالدها الث امن عشر.
صنع له ا قالدة ذهبي ة لم يص نع مثله ا من قب ل وكتب عليه ا اس م أرجوان ة ،ارت دتها أرجوان ة ولم
تنزعها منذ ذلك اليوم ،وفي يوم من األيام بعث لوالد أرجوانة رجل ث ري يس كن بقري ة أخ رى ،أن
يأتي ويمكث لمدة أسبوع عنده لينحت له مجموعة كبيرة من الذهب لزواجه ،وكانت أول مرة يسافر
فيها الوالد ويترك ابنته وحيدة ،و ّدعت أرجوانة والدها بال دموع ألنه ا أول م رة تفارق ه في حياته ا،
وبعد أيام ولسوء الحظ تخاصمت القبائل ووقعت الحرب ،وأش علت ق ذائف الع دو ك ل م ا في قري ة
أرجوانة ،وهربوا جميع ا بم ا فيهم أرجوان ة ووال دتها فق د اح ترقت ق ريتهم وأص بحت رم ادا ،أم ا
والدها فقد كان في القرية األخرى وسمع ماحدث لقريتهم واعتقد أن زوجته وابنت ه ق د مات ا في تل ك
الحرب ،وانتظرت أرجوانة عودة والدها دون جدوى واعتقدت هي أيض ا م وت وال دها ،وأص يبت
بصدمة كبيرة جعلتها تسكن عن الحركة والكالم ،والسمع ،وأصبحت أرجوانة في كرسي متح رك،
رحلت أرجوانة وأمها إلى قري ة يوج د به ا ط بيب أعشاب ،ومكثت أمه ا هن اك وب اعت ج ل حلي
أرجوانة كي تعالجها من هاته الحالة ،لكن الطبيب أخبرها بأن حالة ابنتها نفسية وال عالج لها ،فهي
كانت جراء صدمة موت وال دها ال ذي اعتق دت أن ه ت وفي ،ع اد وال د أرجوان ة إلى القري ة ليج دها
صارت رمادا ،وكل أهل القرية رحلوا وال أحد يعرف شيئا عن اآلخر ،سأل عن زوجته وابنته لكن
ال أحد أعطاه خبرا عنهما ،فرجع إلى تلك القرية التي ذهب إليها واستقر هناك ظانا أن ه فق د عائلت ه
وابنته الحبيبة إلى األبد .عاش أياما من الكآبة والحزن ،لكنه أخيرا بدأ يعمل كناحت وناقش في تل ك
القرية .بقيت أرجوانة مشلولة خرس اء وص ماء ،ولكنه ا احتفظت ب ذكرى واح دة من وال دها وهي
القالدة التي كتب عليها اسمها .مرت س نتان وال أح د يع رف ش يئا عن اآلخ ر ،ويئس ت العائل ة من
عودتها كما كانت .وظلت أرجوانة بكرسيها المتحرك ،تخرجه ا الوال دة إلى إح دى الح دائق للت نزه
حتى رأت أرجوانة طيرا لم تر ىمثله من قبل ،حط على كتفها وبدأ يزقزق ،لكن أرجوانة لم تس تطع
أن تسمعه وتتمتع بصوته الجميل .ومنذ ذل ك الي وم أل ف الط ائر أرجوان ة فأص بح ي أتي ويح ط في
شباك غرفتها فتعطيه فتات الخبز والماء ،وبدأت أرجوانة تعود إليها االبتسامة بعد غياب ق د ط ال،
وفي يوم مر أحد الرجال للتنزه فوجد الطائر الذي أبهره جماله ونوعه الذي لم ير مثله من قبل ،وما
إن بدأ الطائر بالزقزقة حتى أصيب الرجل بالنعاس ونام حتى المساء ،ولما أستيقظ أنصرف ثم عاد
صباحا ليرى الطائر من جديد ولم ا س مع ص وته ثاني ة ن ام مج ددا ولم ا اس تيقظ الرج ل تفطن أن
صوت الطائر يجعل من يسمعه ينام ،وفكر في خطة شريرة ليمس ك به ذا الط ائر ،وبالفع ل أمس كه
ووضعه في قفص ثم أخذه معه ووض عه في ش باك ب بيت أمام ه ،وبينم ا الط ائر يزق زق ين ام أه ل
البيت ،ويدخل هو ويسرق كل ما في البيت من أشياء ثمينة وذهب وأساور ،أما أرجوان ة فق د غ اب
طائرها المحبوب فكانت كل صباح تفتح النافذة تنتظره وهي تبكي ،وعاد إليها الحزن من جديد بع د
أن أعاد إليها صديقها الطائر االبتسامة ،واستمر الشرير يستعمل الطائر للسرقة حتى بدأ أهل القرية
يتحدثون عن السرقات التي تقع بعد سماع زقزقة هذا الطائر ،وأصبحوا يطلقون علي ه اس م الط ائر
السارق وفي هذا اليوم وصل الدور منزل أرجوانة وبدأ الطائر يزقزق عن د الناف ذة ورأت ه محبوس ا
في قفص فعرفت ما حل به ،فنامت األم لكن أرجوانة لم تنم ألنها ال تسمع ،ودخ ل الشرير ليس رق
16
وفوجئ لما رأى أرجوانة لم تنم فبدأ يصرخ ويقول لماذا لم تنامي أيتها الغبية؟ لماذا لم تنامي؟ لكن ه
أدرك أنها التسمع ،فهدأ وقال :آه ال بأس أنت خرساء حتى إن رأيتني لن تس تطيعي إخب ار أح د ،ثم
نظر إلى عنقها ليجد القالدة فمسكها وقطعها من عنقها بق وة وهي تبكي وال تس تطيع أن تص رخ ،ثم
أخذ الطائر ورحل ،وبعد مدة اس تيقظت األم من نومه ا فوج دت أرجوان ة م ازالت تبكي ،والحظت
اختفاء القالدة ،فخرجت األم تصرخ لقد سرقنا الطائر السارق .وحضر الصيادون بنادقهم ولما ع اد
الشرير ليسرق منزال آخر ،لم يزقزق الطير حزنا على صديقته أرجوانة وم ا ح ل به ا ،فق د س رق
الرجل أغلى قالدة على قلبها ،احتار الشرير في الطائر وحاول معه مرارا وتكرارا ح تى س ئم من ه
ففتح له القفص قائال :هيا ارحل لقد سئمت منك ،وعلى العموم فسوف تقت ل ألن ك الس ارق في نظ ر
أهل القرية ،أما أنا فق د جمعت م ا يكفي من حلي ح تى أبيعه ا وأك ون ت اجرا محترم ا ،ولم ا خ رج
الطائر من القفص كان وفيا لصديقته فالتقط قالدتها وقرر أن يعيدها إليها ،وم ا إن ط ار في الس ماء
والقالدة بين قدميه رآه أهل القرية وبدؤوا يص رخون ،إن ه الط ائر الس ارق مج ددا وم ا ك ان ألح د
الصيادين إال وأطلق النار عليه لتتناثر دماؤه في السماء لكنه قاوم اإلصابة ،وأخذ يبتعد ويبتعد حتى
سقط في إحدى الغابات وبالصدفة مرت فتاة صغيرة مع والدها فوجدت الط ائر وأخذت ه إلى وال دها
وهي تجري ،أبي .أبي هناك طائر مصاب وهو ينزف ويبدو أن قدمه مكسورة ،أخ ذ الوال د الط ائر
وق ال له ا :هي ا س وف نعالج ه ولمح القالدة تلم ع فق ال :آه م ا ه ذه؟ قالدة ذهبي ة فأخ ذها ووج دها
مقطوعة فقال البنته :سوف نعالج الطائر ،ونأخذ القالدة إلى ناحت الذهب في القري ة المج اورة كي
يصلحها وتلبسيها في عيد ميالدك ،وبعد أيام شفي الط ائر وب دأ يح اول الط يران ،ذهب وال د الفت اة
حامال القالدة إلى ناحت الذهب والذي هو والد أرجوانة ،وم ا إن أمس ك القالدة ح تى ص رخ ق ائال:
من أين لك هذه؟ إنها البنتي أرجوانة أخبرني ال بد أنها حية ،وحكى له والد الفتاة عن الطير ،فطلب
منه والد أرجوانة أن يأخذه إلى الطير ،ويطلق ه ثم يتبع ه لعل ه يدل ه على مك ان ابنت ه ،وأطل ق وال د
أرجوانة الط ائر ،ومشى وراءه ح تى أوص له إلى بيت أرجوان ة ال ذي تس كن ب ه ،ورأت أرجوان ة
طائرها حرا طليقا فسعدت كثيرا وخصوص ا لم ا رأت وال دها واقف ا وراءه ،وص رخت ص رخة لم
تص رخ مثله ا من قب ل قائل ة :أبي .أبي ،ونهض ت من كرس يها تج ري واحتض نته باكي ة ،وحينه ا
وصلت أمها التي لم تصدق عينيها ولم ت ترك أرجوان ة وال دها إال على ص وت الن اس وهم يقول ون
أمسكنا الطائر السارق ،فخرجت تجري بعدما استطاعت النطق اتركوا ه ذا الط ائر إن ه ب ريء ،إن
السارق هو التاجر الجديد الذي سكن في القرية فال بد أنه باع الذهب ليأتي بالم ال ال ذي عن ده ،فق د
اس تغل الط ائر المس كين ،فأتج ه الن اس إلى م نزل الت اجر ودخل وا وفتشوه ليج دوا بعض الحلي
المسروقة ،فعرفوا أنه هو السارق فعال ولم ا ب رأت أرجوان ة طائره ا أخذت ه ورجعت وهي س عيدة
جدا به وبوالدها ولبست أرجوانة قالدتها من جديد ،وجمع شمل عائلتها مجددا ،أما الط ائر فق د م ر
ينس ص ديقته سرب من نوع ه فأطلقت ه أرجوان ة ليلح ق بهم ويع ود إلى موطن ه األص لي ،لكن ه لم َ
أرجوانة ،ولم تنساه أرجوانة أبدا ،والتي عاشت سعيدة مجددا مع والديها.
17
الحـــــاوية الجــلدية المـــباركة
يحكى أن ه في ق ديم الزم ان ك ان يعيش ش اب طيب القلب ي دعى محم د األمين ابن ام رأة عج وز
كريمة ،كان محمد أمين فقير الحال ،لكنه يعمل بجد كي يعي ل والدت ه األرمل ة ،فه و وحي دها يعم ل
كموزع للخبز عند الخبازين ،فكل يوم يعطيه صاحب المخبزة بعد إيصال الخبز أج ر يوم ه دين ارا
أو دينارين فيشتري طعاما ويعود مساء لوالدته ،فتسعد األم وتدعو البنها بالخير ألنه دائما يرض يها
ويطيعها ،وفي صباح يوم من األيام الحظت األم بعض الحروق على ي دي محم د األمين ،فف زعت
وقالت له :ما بال يدك يا بني؟
فرد قائال :ال تخشي شيئا يا أماه هي بعض الحروق من جراء أخذ الخبز وهو ساخن.
داوت األم حروقه ،ثم قالت :لدي يا بني جلد ماعز قديم ومتين سأصنع ل ك من ه حاوي ة تحم ل فيه ا
الخبز حتى ال تحترق مج ددا ،وبع د أي ام انتهت األم من ص نع الحاوي ة وس لمتها إلى محم د األمين
الذي فرح بها كثيرا ،وش كر والدت ه ،وخ رج ودعواته ا ترافق ه مث ل ك ل م رة ،ولم ا قبض يوميت ه
اشترى الطعام وبقيت له بعض الدنانير فوضعها في الحاوية ،ولم ا ع اد إلى الم نزل تن اول طعام ه
وأخذ الدنانير من الحاوية فوجدها أكثر مما وضع ،اندهش وسأل والدته وق ال :ه ل وض عت بعض
الدنانير في الحاوية؟
فردت ال يا بني فأنا ال أملك فلسا ،ولما تسأل؟
فسكت قليال وقال :ال ،ال يهم ظننت أن النقود أكثر مما وضعت ربما أخطأت العد وفي الي وم الت الي
وضع النقود فيها ولما فتح الحاوية وجد النقود تضاعفت وهنا دخله الشك ،فذهب وأخبر والدت ه بم ا
حدث معه فسعدت كثيرا ،ثم قالت :يا بني إن هذا الجل د مب ارك والحاوي ة الجلدي ة أص بحت حاوي ة
مباركة ،وهذا يحدث في القديم ،ولكن إن تفشى ه ذا الس ر وتع دى ثالث أش خاص ستص بح عادي ة
والكثير من الناس حدث معهم هذا فأصبحوا أثرياء ،فحافظ على هذا السر فهذه مباركة من عند هللا،
فسمي هللا في كل مرة تضع فيها النقود وسترى العجب ،سيصبح رزقك وفير .وط ار محم د األمين
من الفرح وقال :شكرا لك يا أماه ه ذا بفض ل دعائ ك ورض اك وقبله ا من جبينه ا وي دها .وأص بح
األمين في كل يوم يعمل ويضع النقود فتزداد وتزداد ،وصار يشتري كل ما لذ وطاب ،وكان ألمين
زميل ل ه في العم ل اس مه رض ا فاحت ار في ح ال زميل ه محم د األمين ال ذي ك ان فق ير وبين ليل ة
وضحاها أصبح لديه الكثير من المال ،ويشتري كل م ا يري د ،فق رر رض ا مراقب ة األمين ومعرف ة
سره .وفي الصباح الباكر خ رج رض ا وبقي ق رب ناف ذة األمين وه و يراقب ه ورآه يحم ل الحاوي ة
ويقول لوالدته :أماه أكثرت البسملة البارحة حين وضعت النقود في الحاوية فتضاعفت النق ود أك ثر
فأكثر ،ابتسم رضا ابتسامة شر ،وقال ها ....إذن هذا هو السر وبعد مدة أصبح األمين على ق در من
الثراء وتخلى عن العمل في المخبزة وتزوج من إح دى الفتي ات الجميالت ،وفتح دكان ا يعم ل في ه.
وكان رضا يموت غيظا ويخطط كيف يأخذ الحاوية ،وبعد زواج األمين توصل إلى فك رة ،وانتظ ر
حتى خرج األمين مع والدته من منزله واستغل فرص ة أن زوج ة األمين ال تعرف ه ،وب دل زي ه في
زي شيخ يحمل أكياسا من القمح وقرع الباب .فخرجت زوجة األمين وقالت :ماذا تريد يا عماه؟
فرد :أنا يا بنيتي ،أنا عامل أجر القمح وأتقاضى أجرا يوميا ،وقد تمزق لي أحد األكي اس فخفت أن
يتناثر القمح منه وأخسر عملي ،فأرجوك إن كانت لكي حاوية جلدية متينة أقرضيني إياه ا ،أوص ل
القمح وأعيدها مسا ًء .فكرت وقالت :لدي بالفعل حاوي ة جلدي ة تخص زوجي ،لكن ه أوص اني أن ال
أعطيها ألحد.
فرد قائال :ال تخافي يا بنيتي سأعيدها قبل أن يعود زوجك.
18
فردت :أجل يبدو أنك طيب ،سأحضرها لك ،فرح رضا وأخذ الحاوية ،وه رع مس رعا قب ل ع ودة
األمين ،وانتظرت الزوجة إلى أن عاد زوجها ولم يعد الشيخ بالحاوي ة ،ف أخبرت األمين بم ا ح دث
فغضب غضبا شديدا ،ثم قال :هذه ال تكون سوى أفعال رضا فهو يكرهني ،لكن كي ف علم بس رها؟
فقالت الزوجة عن أي سر تتحدث ،ولماذا غضبت كل هذا؟ إنها مجرد حاوية جلدية.
سكت األمين وقال :سأعيدها بطريقتي الخاصة وفي هذا الوقت عاد رضا إلى المنزل يحمل الحاوية
الجلدية فقالت له والدته :ماهذا يا رضا؟
ففكر وقال :هذه الحاوية أعط اني إياه ا ش يخ كب ير م ريض س اعدته بحم ل بعض األغ راض إلى
منزله ،وقرر ع دم إخباره ا الحقيق ة ح تى ال تلوم ه عن أخ ذها ،ووض ع رض ا النق ود في الحاوي ة
وسمى بسم هللا كثيرا ،ولما استيقظ صباحا وجد الحاوية مليئة بالنقود .من فرحته أخذ النقود وخ رج
وترك الحاوية في المنزل وه و ي ردد سأص بح ثري ا ....سأص بح س يدا ،وك ان األمين يراقب ه ورآه
يحمل الكثير من النقود فعرف أنه السارق ،ف ذهب وأخ ذ مجموع ة من الجل ود على ظه ره وط رق
باب المنزل خرجت أم رضا وقالت :محمد األمين زميل ابني في العمل أهال وسهال تفضل.
فقال :ال جئت أحتاج رضا بأمر.
فردت لكن لألسف غير هو موجود ،ولكن ما كل هذه الجلود التي على ظهرك؟
فرد األمين :هناك وباء خطير يأتي من جراء الجلود الموجودة في البيت لذلك جمعت كاف ة الجل ود
التي بالبيت كي أدفنها بعيدا.
فقالت :أوه ...حقا انتظر هناك حاوية جلدية أحضرها المغف ل رض ا أرج وك انتظ ر .أعطيه ا ل ك
ادفنها مع جلودك وش كرا ألن ك نبهتن ا .وق الت في نفس ها ربم ا الرج ل ال ذي أعطى اب ني الحاوي ة
مرضه كان بسببها ،أخذ األمين الحاوية وعاد سعيدا .وفي طريقه سمع ح ارس المل ك يق ول ب أعلى
صوته :من يستطيع إنقاذ الملك وله مكافأة كبيرة ...فاتجه األمين نحوه سائال ماذا حل بالملك؟
ف رد الح ارس :إن المل ك م ريض ج دا وك ان يع الج بإح دى األعشاب الن ادرة الموج ودة في واد
المخاطر ،وكل من ذهب إلحضارها ال يعود .وقد وجدنا القليل منه ا عن د إح دى األطب اء ،لكنه ا ال
تكفي لعالجه ل ذلك وض ع األم ير ابن ه مكاف أة لمن ينق ذ حي اة وال ده ،وهي عب ارة عن قص ر مليء
ب الجواهر والخ دم ،والحشم ،ومنص ب وزي ر في الحكم ،ف رح األمين فرح ا ش ديدا وق ال :أن ا
سأحضرها.
فرد الحارس :هل تعني ما تقول؟
رد األمين :كن واثقا من ذلك لكن أحت اج القلي ل منه ا ح تى أتع رف عليه ا ،وبع د أس بوع س يكون
عندكم كل ما تحتاجون من عشب ،أحضر الحارس العشبة لألمين وأخبر األمير بذلك ،وبعد أسبوع
عاد األمين بالعشب .بع د وض ع العشبة في الحاوي ة وتكاثره ا ،ولم ا دخ ل األمين القص ر ح امال
العشب رأى األمير العشب فف رح كث يرا لم ا تأك د أنه ا العشبة ال تي يحتاجه ا ،وق رر منح الج ائزة
لألمين ،حتى دخل عليهم رضا وهو يصرخ ويقول :سيدي الحاكم إنه كاذب ولم يحضر العشبة من
واد المخاطر بل إنه لديه حاوية ...و ....وقص على األمير حكاية الحاوية ،وغضب األمير وق ال:
إن كان هذا األمر صحيحا فسوف أعاقب األمين ،وإن كان كذبا فسوف أعاقبك أنت .وأخ ذ الحاوي ة
منه ليجربوها ووضعوا فيها نقودا في انتظار تكاثرها صباحا فوجدوا النقود على حاله ا ،وه ذا ألن
سر الحاوية تعدى ثالثة أشخاص ،وتسلم األمين جائزته ومنصبه وعاش سعيدا ،وهذا بفض ل رض ا
أمه عليه ،أما رضا فقد دخل السجن وكان هذا جزاء الحسد والبغض والغيرة.
19
الحسناء الضائعة
يحكى أنه في قديم الزمان وسالف العص ر واألوان ك ان هن اك مل ك ق د أع رض عن ال زواج لم دة
طويلة وهذا خوفا من إنجاب البنات ،فقد كان وحيد والديه وسط سبعة بنات وقد كان والده يلقب بأبو
البنات فكبر في عقدة من البنات وخاف أن يكون مثل والده ،وبع د ض غط من وزرائ ه ومستشاريه
قرر أخيرا الزواج ،وأقنعوه أن الخلفة هي أمر مقدر من هللا وأن الزواج نص ف ال دين ،واف ق ولكن
في قرارة نفسه ال تزال هناك عقدة من البنات ومن لقب أبو البنات ،أختار فتاة جميلة وطيبة وتزوج
في حف ل كب ير حض ره ك ل أه ل المدين ة .ك انت الع روس س عيدة وكأنه ا في حلم ،فزواجه ا ك ان
أسطوري .مرت أيامها األولى كالحلم الى أن صارت حامال كي تس تيقظ على ك ابوس أقلب حياته ا
رأسا على عقب حيث أن الملك زوجها عادت له وساوس أن ينجب بنتا ،ووصل به األم ر أن أخ بر
زوجته أنها لو أنجبت بنتا أن يدفنها حيه ،لم تعرف عروسة المسكينة أن تفرح بحملها أو تخ اف من
أن تنجب بنتا ،وباتت تدعو هللا ليال نهارا أن ال يهبها بنتا وإن كانت بنتا أن يحفظه ا ويه دي وال دها
لعدم قتلها ،مرت سبعة أشهر من حملها كالبرق وبدأ يقترب موعد والدتها الذي بات فاجعة بالنس بة
إليها خوفا على جنينها إن كان بنت ا ،ك انت تجي د الحياك ة من ذ ص غرها فق ررت أن تحي ك ج ورب
لطفلها القادم لتلهي نفسها عن التفكير والخوف وكان هذا الجورب بالحرير الخالص وخيط ال ذهب،
انهت حياكته وخبأته لتلبسه لطفلها خصوصا أنها ستلد في الشتاء ،دخل أول يوم من شهرها التاسع
الذي بات نذير شؤم وأزداد قلق األم على جنينها ال ذي أص بح ي رفس وأحس ت ب ه وأحبت ه وخ افت
عليه قبل أن ت راه إنه ا األم تعطي دون مقاب ل ،ب دأ الع د التن ازلي وأق ترب موع د الوض ع ،وفج أة
ظه رت مهم ة للمل ك في أح دى القبائ ل التابع ة لمملكت ه وقعت ح روب وأض طر لتودي ع زوجت ه
والذهاب لحل المشكلة .وأعتقد أنه سيعود قبل أن تض ع زوجت ه لكن بع د أن ف اتت ثالث أي ام أش تد
البرد وس قطت الثل وج ح تى اكتس ت األرض حل ة بيض اء وأغلقت الط رق وص عبت ع ودة المل ك
واضطر للبقاء حتى تذوب الثلوج وتفتح الطرق ،وفي هذه األثناء بدأت آالم المخاض تقط ع أحشاء
الملكة في ليلة باردة وكانت العواصف الثلجية تصفر خارجا فلم يس تطيعوا إحض ار الط بيب س وى
إحدى الدايات التي كانت عج وزا ض عيفة تس كن قريب ة من القص ر ال تي أتت على جن اح الس رعة
لمساعدة الملكة في والدتها ،بعد صراع طوي ل م ع اآلالم وم د وج زر ص رخ مول ود الملك ة ال تي
خارت قواها .وأول سؤال سألته :ماذا أنجبت ؟؟
فقالت الداية :إنها بنت كالقمر ذات شعر ذهبي ووجه كالبدر ،مبروك عليك صاحبة الجاللة.
قالت الملكة :بنت ...يا إلهي ال أعلم هل أف رح أم أبكي هاته ا أخ ذتها وض متها ون زلت من مقلتيه ا
أنهار من الدموع
فنظرت الداية المسنة وقالت :لماذا تبكين ماذا يحدث؟
فردت الملكة :ساعديني ابنتي في خطر!! جدي لي حال س يدفنها وال دها حي ة وأص بحت تقب ل ي دي
العجوز وتقول لها :ساعدي ابنتي أرجوك
قالت العجوز :يا هللا لهذه الدرجة !!
ثم فكرت قليال وقالت :لدي فكرة لقد ساعدت ام رأة بدوي ة قبل ك في ال والدة وق د أنجبت طفال ميت ا
سآخذ ابنتك لها وأجلب الطف ل الميت ل ك وأخ بري زوج ك أن ك أنجبت طفال ميت ا الى أن نج د حال
ونقنعه بالبنت .مسحت الملكة دموعها وقالت :هل أنت واثقة منها؟ هل تحفظ السر؟
ردت العجوز :سنس كتها ببعض النق ود فهي فق يرة ولن أخبره ا أنه ا ابنت ك ح تى نج د حال .وافقت
الملكة على الفور لفت ابنتها جيدا ثم ألبستها الجورب الذي حاكته بيدها ،وأخذت تقبلها وتشم ريحها
20
وكأنها تودعها آلخ ر م رة ،خ رجت العج وز من القص ر والفج ر يك اد يل وح وش احه واتجهت الى
البدوية ،رفضت في بادئ األم ر ولم ا رأت النق ود وافقت على الف ور وأعطته ا الطف ل الميت ،ولم
تخبرها ابنة من هي لكن عرفت من جوربه ا والنق ود الكث يرة ال تي أعطته ا العج وز له ا أنه ا ابن ة
أثرياء ،اتجهت الداية العجوز الى القصر مسرعة والبرد يلفحها من كل اتجاه وأعطت الطفل الميت
للملكة وطمأنتها أن ابنتها في أمان وأن المرة القادمة سوف تخبرها عن مكان ابنتها واستأذنت منه ا
حتى تذهب وترتاح في بيتها فقد أحس ت بتعب ش ديد وفي الص باح انتشر خ بر والدة الملك ة لطف ل
ميت فكانت الملكة منهارة وتبكي بكاءا شديدا ظنوا الكل أنه ا تبكي ابنه ا الميت ولكنه ا ك انت تبكي
على ابنتها التي لم تفرح بها وسلمتها لحمة طرية إلنقاذه ا من بطش وال دها ال ذي ب ات في نظره ا
سفاحا ،اتجهوا حراس الملك إليصال الخبر إليه وإحضاره ووص ل المل ك وأتج ه مباش رة الى جث ة
ابنه المزعوم وأحتضنه وأنهار باكيا ثم قال :آه كم أن األبوة ش عور رائ ع ولكن .....بع د م اذا .دفن
الملك جثة ابنه بعد جنازة ملكية كبيرة حضرها الجميع وع اد خائب ا حزين ا للقص ر وك انت زوجت ه
منهارة أكثر منه وكانت تتجنب الحديث معه حتى ال يكتشف ما فعلته ،دخل الحاكم غرفت ه وأغلقه ا
على نفسه ثم بدأ يتحدث وحده قائال :أعلم يا إلهي أنك عاقبتني ألني وصلت الى قمة الجهل والغب اء
ورفضت نعمتك من قبل أن تأتي أدركت أنها العدالة اإللهية فقد أذنبت ورفضت فكرة أن أك ون أب و
البنات فأصبحت أبا لطفل ميت يا إلهي لقد ن دمت س امحني وأن ا اآلن راض بق درك تم نيت أني أب ا
لبنتا حية وليس البن تحت التراب سامحني يا رب ،كانت الملكة تنصت لح ديث زوجه ا وكم ك انت
فرحتها ألن زوجها استعاد رشده ووعيه ثم أخذت تدق الباب دق ات وراء بعض ها ،فتح الب اب نظ ر
إليها وأستغرب وجهها الذي باد عليه السعادة في ظل هذا الوضع
فقالت :احقا ما سمعت ؟؟؟ هل ندمت هل ستقبل البنات؟
طأطأ رأسه قائال :بعد ماذا بع د م وت ابنن ا وربم ا ك ان بس بب معانات ك م ني نفس يا وأنت حام ل.
فردت :أنت أب لطفلة جميلة وهي حية ترزق.رد الملك :ماذا؟ كيف والطفل ؟!.
فقصت عليه الملكة ما فعلت من أجل إنقاذ ابنتها ففرح كثيرا وأحتضن زوجته باكي ا طالب ا الس ماح
عما أقترفه في حقها وحق ابنته ورحل مسرعا الى الداية كي تخبره عن مكان ابنته وإحض ارها في
الحال ،كانت الملكة سعيدة أنه ا أخ يرا ستحتض ن ابنته ا وتعيش في حض نها ،واتجهت الى غرفته ا
وطلبت من الجواري تجهيز سرير طفلتها وفرشت األرض بالورود وذهبت تغير مالبسها وتتجم ل
لهذا اللقاء الذي كان حلما بالنسبة لها ،وصل الملك الى بيت الداية دق الباب مع الحرس مرة وأثنين
وثالثة ال حياة لمن تنادي ال أحد يجيب ،فأمر الملك الحراس بكس ر الب اب ودخل وا ليج دوا العج وز
ملقاة على سطح األرض يبدو كأنها تلفظ أنفاسا أخيرة .
صرخ الملك :احضروا طبيبا بسرعة وأخذها الملك ووضعها ف وق س ريرها وبع د لحظ ات وص ل
الطبيب كشف عليها وأغلق عيناها قائال :البقاء هلل توق ف قلبه ا .جن جن ون المل ك وص رخ ال ....ال
ابنتي وأمسك العجوز وهو يصرخ ابنتي ....أين هي؟ أخبريني وأخذ الطبيب يهدأ من روعه ق ائال:
جاللة الملك إنها ميتة ،سكن الملك عن الحركة وقال :ماذا أقول لزوجتي لقد فق دنا ابنتن ا الى األب د،
عاد الملك مهزوما خائبا وكانت الزوجة سعيدة تنتظ ر احتض ان فل ذة كب دها ،دخ ل المل ك اس تقبلته
بسعادة وتفاجأت بلون وجهه الذي ال يبشر بالخير.
فقالت :أين ابنتي ؟! فسكت الملك وطأطأ رأسه صرخت أين طفلتي هل خدعتني وقتلتها؟
رد :ال ....ال ابنتنا ضاعت الى األبد فالداية ماتت والسر معها ولم يكمل كالم ه ح تى وقعت الملك ة
مغشيا عليها من هول الصدمة وبقيت في غيبوبة وك ادت تم وت ولم ا ع ادت لوعيه ا بقيت منه ارة
نفسيا فقد أصبحت دائمة الصمت ،أما الملك فقد حاول البحث عن ابنته دون فائ دة فمربيته ا أخ ذتها
ورحلت حين لم تعد إليها الداية ،ومرت السنوات ........وأصبحت الطفلة حسناء تبهر كل من رآه ا
21
بجمالها وقد أسمتها مربيتها نور القمر .ك انت ن ور القم ر أحلى وأجم ل بدوي ة وك ل ش باب قريته ا
يتهاطلون خاطبين لها ،عانت األمرين عند مربيتها فق د أنجبت بع دها بنت ا وأحبته ا وب اتت تعامله ا
كخادمة ،لكن والدها كان ينصفها دائما ويحبها أكثر من ابنته الحقيقية فق د ك انت ن ور طيب ة حنون ة
مطيعة عاشت حياة الشقاء والفقر والبدو وهي أميرة مدللة ج راء ك ره وال دها للبن ات م ع أن البنت
نعمة وردة في األسرة رمز للحنان والعطاء إال أن الكثير من اآلباء ولألسف م ازالوا ينب ذون الفت اة
لحد اليوم ويعتقدون أنها وصمة عار قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة تصفر وجوههم حين سماع
نبأ والدتها متناسين أن البنت رزق ونعمة من هللا يقول أحد العلم اء إن األنبي اء أب اء البن ات ،ك انت
نور تقوم باكرا تطبخ وتغسل وتكنس وتتحمل فوقها اإلهانات والشتائم من أمها المربية وق د أعجبت
بأحد شباب قريتها وأتاها خاطبا لكن والدتها رفضت ،وهذه المرة قررت ن ور أن تنط ق وتتكلم عن
حقها.
فقالت ألمها :اليوم أريد تفسير لماذا تعامليني هذه المعاملة القاسية؟ لماذا ترفضين كل خاطب؟ لماذا
بخطأ أو صواب أسب وأشتم عكس أختي الصغرى ألست أبنتك من لحمك ودمك؟ أص فر وج ه األم
ولم تجد جوابا .وفي هذه األثناء دخل والدها قائال :ماذا يحدث؟ لكن نور ص رخت أبي ك رهت ه ذا
الوضع ذقت ذرعا من هذا العذاب هل أنا ابنتكم أم جارية أفهمني يا والدي .وقع الوال د أرض ا باكي ا
سامحيني يا ابن تي س أخبرك الحقيق ة ،نطقت زوجت ه ال .......ال فق الت ن ور ماس حة دموعه ا ال تي
انهمرت كالوديان :عن أي حقيقة تتحدث يا أبي؟ فقص الوال د له ا قص تها وكي ف أحض رتها الداي ة
ولما أكمل كالمه انفجرت باكية هل أنا ابنة حرام يا أبي ؟؟
فرد :ال...ال يبدو ذلك فهناك قصة ماء وراء إحضارك لنا وعائلتك تبدو غني ة وذهب وأحض ر له ا
الجورب التي كانت ترتديه وهي صغيرة قائال :هذا دليل عن عائلتك أنه من الحرير وخي ط ال ذهب.
أخذت الجورب ونظرت إليهما قائلة :لماذا لم تخبروني لليوم؟ أم انكم وجدتم خادم ة دون أج ر بكى
الوالد قائال :وهللا أحببتك كابنة وأكثر.
فق الت :أس كت أنت لس ت وال دي وكنت ت راني في ال ذل والع ذاب ولم تح رك س اكنا والتفتت الى
مربيتها التي سكنت عن الحرك ة والكالم وق الت :لن أس امحكم جميع ا فق د دم رتم حي اتي ،س أجمع
أغراضي وأرحل من هنا .ثم دخلت تجمع مالبسها لحقتها أختها الصغرى باكي ة بع دما س معت ك ل
شيء وقالت :ال ترحلي أنت أختي ولن تتركيني نظ رت إليه ا ن ور منه ارة وق الت :أنت ليس ل ديك
ذنب ستبقي أختي أما أنا يجب أن أرحل من هنا أنت لديك والديك أما أنا يجب أن أبحث عن ع ائلتي
يا حبيبتي ،ثم أخذت أغراضها وقبلتها أما والدها كان يبكي ويقول لها سامحيني لكنه ا لم تع بره ولم
ترد عليه بكلمة ورحلت تبكي ،وفي الطريق وجدها حسام الشاب الذي خطبها في تل ك الحال ة فق ال
لها :ما بك ماذا حدث؟ فقصت عليه ما حدث فص مم أن ال يتركه ا وأخ ذها الى أم ه وق رر أن يعق د
قرانه عليها ويبحث معها عن عائلتها ،تزوجت نور من حس ام ومكثت ثالث أش هر عن د زوجه ا ثم
قررت بدء رحلة البحث.
قال لها زوجها حسام :أنت حامل يا عزيزتي والسفر عبر العربة يضر الجنين
فردت نور :لن أصبر أكثر أريد ألبني أن يولد وسط جديه إن كانا أحياء.
فقال :حسنا عزيزتي سننطلق غدا بإذن هللا ،وفي الصباح حزما أمتعتهما لرحلة طويلة متجه ان الى
المدينة التي كانت مربية نور تسكن فيها لعلهما يجدا خيطا يوصلهما لوالديها ،أم ا الملك ة أمه ا فق د
بدأت تعود الى رشدها وقررت فتح ميتم وكان همها أن تدخل السعادة الى قلب كل طفل في م دينتها
وكانت كل عام وفي مولد ابنتها بالذات تشتري اله دايا وتقيم حفل ة كب يرة ت دعو فيه ا ك ل األطف ال
وتوزع عليهم الهدايا ،وصلت نور الى المدينة وأعجبتها المدينة وانبهرت به ا خصوص ا حين رأت
القص ر الملكي ومكثت في المدين ة وب دأت ب البحث ،و ك انت ك ل ي وم تخ رج م ع زوجه ا وتس أل
22
والجورب في يديها اضطرت ح تى على ال دق على ال بيوت للس ؤال عن ام رأة تحي ك به ذا الشكل
ومرت األيام والشهور وبدأ بطنها يبرز ولم تجد خيطا يدلها على والدتها التي كانت قريبة جدا منه ا
في القصر الذي تمر عليه نور يوميا مع زوجها وكانت كلما مرت ت ديم النظ ر إلي ه وك أن ش يئا م ا
يجذبها إليه ،كانت الملكة مهتمة بالتحضيرات لعيد مولد ابنتها الضائعة ال تي تعوض ه بجم ع أطف ال
المدينة حولها أما الملك فقد كان سعيدا لرؤية زوجته سعيدة التي بسببه ح رمت من ابنته ا وحرمه ا
القدر من أن تنجب بعد أن مرضت من جراء صدمتها على ابنتها ونزفت حتى الموت أثن اء نفاس ها
واضطروا الستئص ال رحمه ا وحرمانه ا من الخلف ة نهائي ا ،وق د طلبت من المل ك ع دة م رات أن
يتزوج وينجب لكنه أبى كونه السبب في ما وقع ،وفي ليلة باردة نهضت نور تص رخ آه .....آه إنه ا
آالم الوالدة أحضر حسام الطبيب بسرعة وبعد صراخ وآالم أنجبت ص بيا جميال وق د أس مته ب در،
فرح حسام وقال :مبروك عزيزتي نور .بكت نور واحتضنت ابنها قائلة :أردت أن يلد وسط جدي ه
لكني لم أتوصل إليهما قررت يا زوجي أن نعود الى القرية ال فائدة من بقائنا فلن أعثر على والديا.
فقال :حسنا يا عزيزتي أنا أيضا كنت سأقول هذا فقد انتهت كل نقودنا وكما ترين العمل في المدينة
صعب وصاحب البيت طلب اإليجار لذلك س أنتظر ح تى تطي بي أيام ا ثم نع ود س تفرح أمي كث يرا
بحفيدها.
ردت :اتفقن ا ،وبع د أي ام وفي ليل ة ب اردة والثلج يتس اقط ح زمت ن ور أمتعتهم مس تعدة للع ودة الى
قريتهم دخل حسام الى نور قائال :جهزي نفسك سنذهب الى حفلة تقيمها الملكة لكل األطفال وتوزع
عليهم الهدايا
قالت نور :لن أذهب الطقس بارد
رد حسام :المكان قريب البسي بدر جيدا ونذهب لطالما أعجبك القصر وجاءت فرصة كي تريه من
الداخل قبل أن نرح ل غ دا .فك رت ن ور وق الت :حس نا سألبس ه جي دا أه ت ذكرت الج ورب سألبس ه
جوربي حتى أحمي قدميه من البرد ألبست ابنها ولبست وخرجت متجهة الى القصر مس قط رأس ها
المكان الذي فيه ض التها ال تي تبحث عنه ا ،دخلت تحم ل ابنه ا بي دها تنظ ر يمين ا وش ماال منبه رة
بالمكان كانت الموسيقى واألطفال والجو رائعا سعدت نور كثيرا وقالت لحسام ش كرا عزي زي إن ه
جو رائع وفجأة دخلت الملكة وسكت الجميع وتكلمت الملكة قائلة :اليوم هو يوم عزيز عليا هو ي وم
والدتي البنتي وفقدانها في نفس اليوم وال شيء يدخل السعادة لقلبي قدر رؤية األطفال سعيدة.
نظرت ن ور إلى حس ام قائل ة :مس كينة الملك ة ت وفيت ابنته ا ودمعت عيناه ا .فق ال حس ام :ال وقت
للدموع عزيزتي انبسطي فقالت :تذكرت فقداني ألمي ولم تتصور واحد بالمائة أنه ا هي المقص ودة
بدأت الحفلة والكل يرقص واألطفال تأكل الحلوى ،والبالونات تطير ،والملكة تتج ول وس ط القاع ة
وتستمتع برؤية األطفال والحشود ،وصلت الملكة قرب نور ولمحت طفلها ولمحت لمع ان جورب ه،
توقفت تمعنت جيدا ما رأته وقالت :إنه جورب طفلتي غ ير معق ول؟ اق تربت تتمعن ون ور لم تنتب ه
لتحديق الملكة لرجلي طفلها وفجأة استدارت ن ور لتق ع عينه ا بعين الملك ة ،أحس ت ن ور بإحس اس
غريب لم تستطع الملكة الحديث من هول الصدمة ،فأشارت إلى جورب ابن نور والدموع ت ترقرق
من عينها ،فنظرت نور إلى الجورب ونظرت إلى حال الملك ة وق الت ن ور :ال ....تق ولي أن ك أنت
حائكة الجورب! انفجرت الملكة باكية مشيرة برأس ها :نعم ....نعم ،ثم نطقت :وأنت ال تق ولي أن ك
ص احبة الج ورب ،ص رخت ن ور أمي وأعطت طفله ا لحس ام ،حس ام لم يفهم ش يئا حض نت ن ور
والملكة بعض هما ،وكلتاهم ا تص رخان أمي ...ابن تي ت وقفت الموس يقى وه دأت الحشود وص متت
لتتفرج على هذا الموقف المحزن والمفرح في نفس الوقت ،هدأت الملكة قليال ،أخذت حفيدها لتقبل ه
من كل مكان وهي تشكر هللا وتحمده.
23
ثم قالت :أكملوا الحفلة فقد صارت حفلتين ،وأخذت نور وطفلها وزوجها واتجهت إلى المل ك ال ذي
ما إن عرف باألمر حتى خ ّر ساجدا يشكر هللا قائال :الحمد هلل فقدت بنتا فعاد اثنين ،بنتا وولدا.
فقال حسام :أحم أحم ثالثة ي ا عمي وأن ا لس ت محس وبا ،ض حك المل ك والملك ة ون ور ،وق الت ل ه
الملكة :أنت الكل في الكل يا ابني يكفي أنك حفظت ابنتي ورعيتها.
قالت له نور :أحمد هللا فحظك من ذهب تزوجت بدوية فتحولت إلى أميرة ،ضحك حسام وضحكوا
جميعا وانتهت سنين العذاب وعمت السعادة ،ولم تنسى نور العائلة التي ربته ا فق د زارتهم وانحنت
أمها المربية لها ،فقالت لها نور :ال تنحني لي فق د كنت في ي وم من األي ام أم ا لي ورعيت ني ،وأتت
أختها الصغرى من بعيد تصرخ أختي نور عادت ألم أقل لكم أنها لن تنسانا ،واحتضنت نور أخته ا
وجاء والدها المربي مطأطئا رأسه فاحتضنته قائلة :سامحتك يا أبي ثم قالت كم أن ا محظوظ ة ل د ّ
ي
ُأمين وأبوين ،جئت آخذكم لنعيش كلنا كعائلة واحدة ،وننسى الحقد والك ره والع ذاب ،ونفتح ص فحة
جديدة مليئة بالحب والسالم
24
هـــــذه ليـــست حـــياة
أقف على حافة الطريق حافية الق دمين أرت دي فس تان الشقاء وأحم ل على ظه ري أثق ال وهم وم
العالم وأنا بنت اإلثني عشر ربيعا ،تجرعت كؤوس األلم بك ل أش كالها فلم أدرس ولم أع رف كي ف
يحمل القلم كان حلمي منذ ص غري محفظ ة ،وكتب ،وأقالم ،وكنت أتم نى أن أص بح مدرس ة ،لكن
ُأغتيلت طفول تي وحكم على أحالمي باإلع دام ولم يع د للمس تقبل مك ان في حي اتي ،اح ترفت مهن ة
التسول وزينت وجهي بمالمح الحزن حتى يرأف المارون بي ويمنح وني م اال أو طعام ا ،وأحيان ا
أسرقهم إن لم يعطوني ش يئا ،هك ذا علمت ني أمي بع د أن خ ذلنا أبي ورح ل متهرب ا من مس ؤولياته
تجاهنا أنا وإخوتي ،وتركن ا لل زمن يعبث بن ا كم ا يري د ،كنت ألتقي ب ه وه و مخم ور يتالطم على
أسوار المدينة وينام أحيانا في الشارع ،وإذا رآني ينظر لي بنصف عين وكأنه ال يعرفني لم أعرف
حنانه ،ولم أتذوق عطفه ،كان بالنسبة لي غريبا اسمه أبي كنت يتيمة ألب حي ،في بيتي القصديري
أنام كل ليلة وسط كومة تبن أفترشها وأتغطى بها أو باألحرى أدخل وسطها كشرنقة ح تى ال يأك ل
البرد عظامي وينهشه الصقيع ،فأحتضن نفس ي ودم وعي الب اردة ت نزل على خ دي كقط ع الجلي د،
وأستيقظ بين الحين واآلخر على سعال إخوتي الذي يصاحبهم طيلة ليالي الشتاء الطويل ة ،ثم أغف و
مع موسيقى األمطار المتسربة من الس قف وهي تقط ر في ال دالء ال تي تض عها أمي تحت ك ل ثقب
حتى يحل الصباح ،فأنفض التبن عن وجهي وشعري األشعث الذي ت داخلت خص الته في بعض ها
فأصبح كأسالك شائكة ،وأضع قدمي على األرض فتصدر صوت كصوت طرق الحديد فقد تحدبت
وانفجرت بال دماء من ك ل ص وب ثم أنطل ق إلى عملي ومع دتي تص در أص وات النحيب وهي في
حرب مع الجوع الذي اخترق جدارها ومزقه فأضع يدي عليها ألسكتها ،وأنسى شكواها ،وأمد يدي
لكل مار مرددة بعض الكلمات التي حفظتها :هلل يا محسنين ،ص دقة تقي ك من الن ار ،البعض ي رأف
بي ويعطيني بعض الدنانير ،والبعض يدفعني كي يزيحني عن طريقه ،والبعض ينظرون لي نظ رة
شفقة وحين ينتهي يومي البائس أعود مسا ًء ألحمل ألمي ما جنيته حتى يأكل إخوتي الص غار ،وفي
يوم بارد وممطر خرجت كالع ادة إلى عملي وق د أخ ذ ال برد من جس دي النحي ل نص يبه ،فم ررت
صدفة بمحل ل بيع األلبس ة الشتوية لفت انتب اهي فت وقفت وأن ا أرتع د من ال برد ،رأيت دمي ة تلبس
معطفا فضحكت وقلت :ي ا لس خرية ال زمن نظ رت إليه ا وخاطبته ا قائل ة :أال يج در بي أن أك ون
مكانك وألبس معطفك ،ماذا يحدث للدنيا لو كنت أمتلك معطف ك ،ونظ رت إلى زج اج المح ل ،ك ان
مرآة رأيت نفسي فيه وقد بلل المطر وجهي ،وب دأ يزي ل س واد الفحم ال ذي يغطي ه فح اولت مس حه
بفستاني الممزق الذي أصبح كجلد قديم تفوح منه رائحة الدخان والتبن ،وحتى رائحة العفن فجسدي
منذ شهور لم يعرف حماما ،مسحت وجهي ونظرت إليه وقد ب دت مالمحي جميل ة ،وتخيلت نفس ي
نظيفة ومرتبة وشعري مسرح وينزل على كتفي مثل البنات في س ني ،وأق ف م ع أبي وه و ي دللني
ويخيرني أي معطف سأشتري ،ودخلت ع الم األحالم وأحسس ت بالس عادة ،ثم ب دأت أدور وأتخي ل
نفسي ألبسه حتى أني شعرت بدفئه وفجأة انصدمت بصاحب المحل ف دفعني ق ائال :اذه بي من هن ا،
ووقعت على األرض وتذكرت أنه ال يح ق لي أن أحلم وبكيت بع دد زخ ات المط ر ال تي تق ع على
رأسي ،وقلت ماذا لو تركتني أحلم قليال وأعيش كأي إنسان ،لماذا جعلتني أعود لواقعي الم ر ألج د
نفسي تلك المتسولة البائسة ذات الشعر المجعد المحشو بالتبن ،والتي ماتت آماله ا وانتح رت فرح ة
أيامها منذ صغرها ،أحسدتني في لحظات من السعادة ،ثم تذكرت أن ه يوج د أش خاص ين امون على
فراش من حرير وبيت دافئ ،ويستيقظون ليجدوا حماما ساخنا ،وفطورا لذيذا ووالد يدللهم ،وي ترك
25
لهم مصروفهم ،يذهبون إلى مدارسهم ويع ودون ،يملك ون هوات ف نقال ة وع الم أزرق خ اص بهم،
يتواصلون مع أصدقائهم فيه ثم يقولون مللن ا ..ه ذه ليس ت حي اة ،أين أنتم ي ا أص حاب ه ذه ليس ت
حياة ،وأخبروني هل حياتي أنا حياة؟ حياتكم التي تسمونها بليست حياة هي حلم لكل بائس وك ل من
ال يملك حياة.
26
الرحيـــــل
في شتاء قاس أقسى من قل وب بعض البشر ،وفي الس اعة الس ابعة والنص ف ص باحا من أح د
أيامه خرج أيمن من منزله يحمل سلة الفطائر الساخنة ،ذاك الطفل ذو الثانية عشر من عم ره ك ان
مستعجال فمشيته السريعة ووجهه الذي لبس ثوبا أصفرا يدل على قلقه وينذر ب أن هن اك خطب م ا،
كان الجو باردا والسماء ملبدة كاحلة الوجه ،والرياح الباردة تلفحه من كل اتجاه ،وتغير مساره ك ل
تارة وأخرى ،وجسده النحيل الذي لم يتحم ل ق وة دفعه ا ل ه ك ان يتماي ل معه ا ك المخمور ،وكأنه ا
غاضبة عليه وتحاول إزاحته من طريقه ا ،وفج أة ب دأت األمط ار ت نزل زخ ات من الس ماء ،فك ان
يسمع قرعها على رأسه كأنها مسامير باردة تحاول اختراق جمجمته ،ثم تنزل على وجهه فيمسحها
بيديه ،واحتضن سلة الفطائر حتى ال تتبلل وكأنه يحمل كنزا ثمينا أو يخبئ آمال ه وطموحات ه فيه ا،
كانت الفطائر ال تزال ساخنة ،فأحس بدفئها فألصق يده بها حتى يطير صقيعها ،نظر يمينا وشماال،
بدأ األطفال في مثل سنه يخرجون بحقائب الدراسة يلبس ون مع اطف وط رابيش من القطن ،فوق ف
هنيهة وتنهد فخرج بركان من فمه اختلط بين البرد والهم ،ونظر إلى حاله ولباسه البال الذي لم يق ه
برد هذا اليوم ،وقدمه التي بدأت تتلطخ بالوحل بسبب حذائه الذي يخرج أصبعه منه ،تذكر كم ك ان
تلميذا نجيب ا وكم ك ان يحب دراس ته ويحلم أن يص بح طبيب ا ،ن زلت دمع ة من مقلتي ه لكن الص قيع
سجنها بجنوده ،فتجمدت هناك واشتعل حريقا في جوف ه ووقعت جم رات من ه على أحشائه ف أحس
بالحسرة ،لكنه كان يبرد حريقه بتذكير نفسه أنه ترك دراسته من أجل أن يعيل أمه وإخوته األربع ة
بعد وفاة والده ،ت ذكر أن ه أص بح مس ؤوال عن عائل ة ،ت ذكر أن ه حم ل الهم على ظه ره وع وده لم
يخضر بعد ،ثم تذكر وعده ألمه ب أن يع ود بس رعة ،فأخ ذ يه رول فق د ت رك أخت ه الرض يعة تبكي
جوع ا ويجب أن ي بيع الفط ائر كي ي وفر ثمن الحليب ،بحث عن مك ان يحتمي في ه من المط ر فق د
بدأت تشتد ،كان يضع وشاحا أخضر طويال على رقبته فأخ ذ نص فه وض عه على رأس ه والنص ف
اآلخر غطى به الفطائر ،وانطلق بوجهه العابس المتجهم ،وصل إلى موق ف س يارات ،وق ف وأخ ذ
ينادي :فطائر س اخنة ....فط ائر ..ولكن قلت الم ارة ،وأخت ه في الم نزل تص رخ وأم ه تط ل من
النافذة وتنظر إلى غضب السماء وإلى خيوط البرق التي تضيء المكان بين الحين واألخر وصوت
الرعد الذي ي دوي كم دافع الح رب ،وهي خائف ة على ابنه ا وقلبه ا يخف ق بطريق ة لم يعت د عليه ا،
فأخذت تدور وتقول خير إن شاء هللا ،وتذكرت كيف خرج أيمن ابنها البار وهو يقبل ي ديها ويع دها
بأن يع ود بحليب أخت ه ،وفي تل ك األثن اء ك ان أيمن يطلب هللا أن يشتري أح د م ا فط ائره ،وفج أة
توقفت سيارة أجرة في الناحية األخرى من الطريق وأشار أح دهم إلي ه فف رح وأخ ذ يج ري متجه ا
نح وه ،وك انت تم ر بجانب ه س يارة فخم ة فوض ع قدم ه في برك ة من الوح ل ليتط اير الوح ل على
السيارة ،فأخذ يضرب صاحبها رنين الس يارة ثم توق ف ون زل منه ا ،انتب ه أيمن لم ا ح دث فتس مر
مكانه متوقعا أن يحدث شيء لم يكن في الحسبان ،اتجه الرج ل غاض با ص وب أيمن وص فعه دون
سابق إنذار قائال :تبا لك لق د وس خت س يارتي ثم ت ذمر ق ائال :كي ف سأحض ر اجتم اعي وس يارتي
هك ذا ،وق ع أيمن على األرض من ق وة الص فعة ،ووقعت مع ه أحالم ه وآمال ه ،ووقعت كرامت ه و
كبرياؤه أيضا ،تمرغت السلة في الوحل وانتشرت فطائره في ك ل مك ان ،لم يهتم ص احب الس يارة
إلى أيمن وركب سيارته ورحل تاركا أيمن في مكانه ،أم ا س يارة األج رة فق د أقلعت أيض ا وذهبت
خال الشارع ،اشتد البرد وأيمن مزاال في مكان ه مص دوما واألمط ار تتس اقط ف وق رأس ه ،وجس ده
يرتعد من البرد ويتجمد فقد أصبح كتلة من الوحل ،كانت دموع ه م درارا ،واش تدت دم وع الس ماء
وكأنه ا أحس ت ب ه وبكت لبكائ ه ،ثم التفت حول ه وق ال :م اذا أق ول ألمي كي ف أع ود دون حليب
ألختي ،ضاعت الفطائر ثم صرخ أهنت يا أماه ما ذنبي أن ا ،لم اذا األغني اء ال يروون ا بشر ،لم اذا
27
خلقن ا فق راء؟ آس ف ي ا أمي فأن ا لم أوفي بوع دي ل ك ،الفق ير لن يفع ل ش يء في حيات ه لن يتركن ا
األغنياء نعيش ولن يحسوا بن ا ،الفق ير ال يجب أن يعيش يجب أن ي ترك الطري ق لألغني اء ح تى ال
يزعجهم ،بدأ يحس بجسده يتجمد وه و م زال في مكان ه ،تس مر كتمث ال ولم يع د يحس بم ا حول ه،
فالحسرة والخيبة شلته عن الحركة واإلحساس ،وبعد عدة ساعات كان ذاك الرجل في شركته بعدما
أنهى اجتماعه ،وجلس في مكتبه وبدأ يرجع شريط ذاكرته ،وتذكر ذاك الطفل الذي صفعه ثم تفطن
ضميره وقرر العودة إلى نفس المكان ليبحث عنه ،ويطيب خ اطره بع د أن ه دأت األمط ار مخلف ة
عدة أضرار وانجرافات ووديان ،ركب س يارته وفي الطري ق ص ادف حشدا كب يرا ملتفين ف أوقف
سيارته ونزل ليرى األمر ،ولما اقترب سمع الناس يقول ون :ال ح ول وال ق وة إال باهلل م زال طفال،
اقترب أكثر وكانت صدمة إنه طفل جرفته مياه األمطار جثة هامدة ،ولما تمعن فيه عرف ه إن ه نفس
الطفل الذي ق ام بص فعه ،ووق ع على ركبتي ه من ه ول الص دمة وك ل الن اس اس تدارت تس أله ه ل
تعرفه؟ هل هو قريبك؟ لم نعرف ابن من بعد ،لكنه لم يجب عليهم ،ووصل شيخ من بعيد وقال :لق د
رأيته حين جرفه السيل كان متس مرا في مكان ه ولم يح اول النج اة بنفس ه ،ب دا وكأن ه ي ائس ويري د
الموت ،كان بعيدا عني والشارع خال ،صرخت وناديت عليه لكن ه لم يع رني اهتمام ا ،ولم أس تطع
فعل شيء له ،إنا هلل وإنا إليه راجعون ،ثم وص ل آخ ر وض رب رأس ه بي ده وق ال :أه إن ه أيمن ابن
جارتنا األرملة منذ عدة ساعات ونحن نبحث عنه ،يا إلهي كي ف س أخبر والدت ه ،إن ه أمله ا الوحي د
المسكين ترك دراسته من أجل أن يعمل ويعي ل أم ه وإخوت ه ،ك انت ه ذه الكلم ات بمثاب ة س كاكين
تنغرس في قلبه وظهره ،وأصبح يقول في نفسه أنا قتلته ،أنا قاتل ،أنا لست بشر كي ف فعلت بطف ل
بريء ما فعلته ،يا إلهي ما الذي سيمحو هذا الذنب؟ وكي ف س أحمل ه ذا الثق ل على ظه ري ط ول
حياتي ،قام من مكانه ثم قال :سأوصله إلى منزله بسيارتي دلوني من فضلكم على الطري ق ،ون زع
معطفه ثم ألبسه إياه بعدما جرده االنجراف من مالبسه ،وحمل ه بين ذراعي ه وال دموع ت ترقرق في
عينيه وهو يتذكر كيف صفعه ،وتلك اللقطة تتك رر أمام ه وه و يح اول نس يانها ،ركب مع ه بعض
الرجال وأوصلوه ليجد أم ه المس كينة وجهه ا متجهم ش احب وهي تن ادي ب ني أيمن أين أنت؟ ن زل
الرجل من السيارة ومن معه فاتجهت نحوهم تقول هل هناك خبر عن قرة عيني؟ هل ع ثرتم علي ه؟
أين أيمن هل هو معكم؟ كانت عيونهم تتهرب من الرد عليها ،وبدأت تفهم الموضوع فقالت بص وت
خافت :أرجوكم ال تقولوا أن مكروها أص ابه ال لن يح دث ل ه ش يء ،فق د خ رج ووع دني أن يع ود
ب الحليب ألخت ه ،اب ني لن يخ ذلني ص ح؟ س يأتي ح امال الحليب وق د ب اع ك ل فط ائري ،ثم ق الت:
أخبروني أين أيمن أرجوكم ال تحرقوني أكثر فقلبي محترق علي ه ،أغ رورقت عين ا الرج ل وأش ار
إلى السيارة ،فابتسمت متفائلة واتجهت نحوها تجري وما إن فتحت الباب ح تى وقعت على األرض
وصرخت :ابني.....
وبعد عشرين عاما وفي صباح يوم ربيعي جميل ،األزه ار متفتح ة وش ذاها يمأل الس ماء ،وخي وط
الشمس الذهبية تبعث بنورها على قط ر الن دى ال ذي يكلله ا فتزي دها بريق ا كالم اس ،تتس لل بعض
الفراشات إليها لتستمتع برحيقها ،وتتسابق مع بعض النحالت الختي ار أحلى زه رة ،فيق ع الخص ام
بينهم فتتخلى الفراشات عن المك ان لتترك ه إلى النح ل ذو الط نين الم زعج ،وفي ه ذه األثن اء ك ان
رج ل س تيني يجلس على إح دى كراس ي الحديق ة وه و ي راقبهم بوج ه ع ابس ،وش عر أبيض على
خصالت سوداء ،ولحية بيضاء يب دو أن ه يحم ل أثق اال من الهم ،وفج أة م رت علي ه فت اة عشرينية
وألقت السالم فرد ،ثم جلست قرب ه تحم ل محفظ ة وأخ رجت منه ا أوراق ا ،وأخ ذت تقلبه ا ،ك انت
مستعجلة وفجأة رن هاتفها أخذته وراحت تتكلم ولكن الرجل انتبه إلى وقوع أح د أوراقه ا ،فن ادى:
بنيتي تعالي وأشار بورقتها انتبهت الفتاة وعادت إليه وشكرته ،ثم نظرت إليه من رأسه ح تى قدم ه
قائلة :وجهك عابس وحالتك المادية تبدو جيدة من خالل لباسك لطقم فخم كه ذا ،هن اك قص ة مخب أة
28
في عينيك ،نظر إليها وجلس وتنهد قائال :آه يا بنيتي المال ال يحل كل األمور ،هناك أمور تح ز في
نفس البشر فال ينفع فيها ال مال وال كنوز الدنيا ،جلست قربه قائل ة :يب دو هم ك كب يرا م ا رأي ك أن
تعتبرني ابنة لك أو صديقة وتفضفض عما في قلب ك لتخف ف قليال عن نفس ك ،فق ال :همي كب ير ي ا
بنيتي ولن يزيحه شيء ،فقالت :كم أنت عنيد يا عم اه هي ا أخ رج م ا في جوف ك ص دقني س ترتاح،
صمت قليال وقال :أنا قاتل ...قتلت نفس ا بغ ير ذنب ،تفاج أت وأص ابها ال ذعر وابتع دت قليال من
قربه وكأنها تريد التسلل لتهرب ،فابتسم قائال :ال تخافي كان هذا في الماضي وليس بقصد فقد قتلت
طفال بحس رته ،كنت أعمى البص يرة وك ان ه ذا من عشرين س نة ك ان ي بيع الفط ائر و...
و..................قص عليها القصة ثم أكمل قائال :ولكي أكفر عن ذن بي تكفلت به ذه العائل ة دون أن
أريهم وجهي ،كلفت شخصا قام بالمهمة ،وجعلت لهم راتبا شهريا ،ونقلتهم إلى بيت جديد ولكن ك ل
ما فعلته لم يكفر عن ذنبي ،ولم يمحو صورته من مخيلتي ،انتبه الرجل لسكوت الفتاة واستدار ليجد
دموعه ا م درارا ،فق ال له ا :ألم أق ل ل ك همي كب ير فص رخت في وجه ه قائل ة :أنت قات ل،
قاتل ........أتعلم من أنا؟.....تعجب قائال :ال.
ردت :أنا تلك الرضيعة التي خرج أخوها من أجله ا لجلب الحليب أنت قات ل أخي ،وق د تحملت أن ا
ذنب موته كلما تذكرت أمي تلومني قائلة مات أخوك من أجل ك ح تى حفظت هت ه القص ة ،كم كنت
أتمنى أن أرى هذا المالك الذي كفلنا ويصرف علينا حتى وجدتك سفاحا ليتني لم أقابلك تب ا ل ك ،ثم
انصرفت تبكي وازداد هم الرجل أكثر ،وأجهش بالبكاء ،وبعد دق ائق ع ادت إلي ه ص امتة وجلس ت
قربه وقالت :عماه أنا آسفة أخي كان مقدر له أن يموت ذاك اليوم وأنت كنت سببا فقط ،فقد وض عك
هللا في طريقنا لتعيلنا ،ربما لو مات أخي بس بب آخ ر لن نج د من يعيلن ا أتعلم؟ أخي وع د أمي ب أن
يوفر لها منزال جميال بحنفية ساخنة وأخ رى ب اردة وأنت فعلت ذل ك ،وع دها ب أن يص رف علين ا،
ويدرسنا وأنت فعلت ،وعدها أن ترتاح وأنت فعلت ،أنت حققت جميع وعود أخي ألمي وقد درست
أنا ونجحت ،ودخلت كلية الطب كما كان يحلم هو أن يكون طبيبا وحققت حلمه ،فل والك مك ان ك ل
ه ذا ،فال تح زن فق د فعلت الكث ير وإن ت وفي أخي ليس ذنب ك فاهلل اخت اره ليك ون ط يرا من طي ور
الجنة ،ثم قالت شكرا لك يا عمي فأنت المالك الذي أردت أن أراه انهمرت دموعه ،وأحتضن الفت اة
قائال :سامحيني يا بنيتي ،أقسم أن عذاب الضمير دمرني ،مسحت دموع ه قائل ة :ال علي ك ي ا عم اه
انسى وعش مطمئنا فأكيد غفر هللا ذنبك ،فقد كفلت أرملة وأيتام ثم ابتسمت قائلة :ما رأي ك أن أقيس
ضغطك ألقوم ببث تجريبي كطبيبة ،أدواتي الطبية في المحفظة ،ابتسم ومسح دموع ه ق ائال :حس نا
موافق دكتورتي الصغيرة لكن ال أريد حقنة لدي فوبيا منه ا ،وض حكا مع ا ثم أخذت ه وعرفت ه على
إخوتها على أنه كفيلهم دون أن تخبرهم بقصته مع أخيها ،وأصبح بمثاب ة وال د لهم ،أحيان ا اإلنس ان
راع ألحاسيس ه المرهف ة وحين يتفطن يج د األوان ق د ف اتي رتكب خط أ في ح ق غ يره دون أن ي ِ
لتصحيحه ،لذلك مهما كانت طبقات البشر من غني وفقير كلنا نملك نفس القلب واإلحساس ،ففكروا
قبل أن ترتكبوا خطأ في حق غيركم تندمون علي ه ط وال حي اتكم وال تج دوا س بيال لتص حيحه ألن
األوان قد يفوتكم ،فالرحيل والفراق مقدر علينا ،ومن الممكن أن يكون شخص معك اليوم ولن تجده
غدا.
29
شـــــهرزاد البــــحار
كانت هناك فتاة جميلة وطيبة تدعى أزهار ،كانت أزهار تعيش في قرية بعي دة عن المدين ة م ع
والدها وشقيقها معتز الصغير الذي كانت بمثابة األم له بعد وفاة والدتها ،لم تدرس أزهار إال القلي ل
رغم أنها كانت ذكية جدا ،وهذا ألن الم دارس في المدين ة وال تس تطيع ال ذهاب للدراس ة والتغ رب
لوحدها وإكمال دراستها ،ووالدها رجل بسيط وال يستطيع أن يرحل للمدين ة وي وفر له ا مص اريف
الدراسة ،فاكتفت بقراءة القرآن ،وتعلم الكتابة والحروف في المدرسة القرآنية ،ك ان ألزه ار خي ال
واسع ،فكانت تألف قصصا لألطفال تشبه قصص ألف ليلة وليل ة وتس ردها على ش قيقها مع تز ك ل
ليلة حتى ينام ،كبر معتز وقرأ القرآن وآن األوان ليبدأ الدراسة في المدينة ،فقررت أزهار أن تفع ل
المستحيل حتى يدرس شقيقها ويحقق ما لم تحققه هي فأرسلته إلى المدينة ليدرس بمدرس ة داخلي ة،
وقررت العمل ومساعدة أبيها في مصاريف دراسته ،و ّدعت أزهار شقيقها معتز بالدموع ألنها أول
مرة تفارقه بعد وفاة أمها ،وبقيت وحيدة بعد أن كان أنيسها ،ومرت األيام وكان معتز يبعث برسائل
إلى أخته يطمئنها فيهم عليه ،ويطلب النقود وكثرت مصاريف معتز ،واألب أصبح ع اطال بع د م ا
أنهك جسمه الم رض ،واحت ارت أزه ار م اذا تفع ل ثم أخ ذت تق ترض الم ال من جيرانه ا وتبعث
ألخيها حتى تجد عمال ،ولكن كثُرت الديون ولم تجد أزهار عمال ،وبدأ أهل القرية يطالبونها بتسديد
الدين ،ففكرت أزهار وقالت :لماذا ال أستعمل أفكاري سوف أكتب قصص ي في أوراق وأبيعه ا في
الس وق لألطف ال س يفرح األطف ال كث يرا ،وس أجني الم ال وأس دد دي ني وابتهجت أزه ار وأحس ت
ببص يص أم ل ،ثم ق امت وأخ ذت ورق ة وقلم وألول م رة ب دأت تكتب قصص ها ،جمعت أزه ار
قصصها وخرجت للسوق متفائلة وتنادي بصوت عا ٍل أبيع قصص ا ..قص ص لألطف ال ،وم ر به ا
رجل فخاطبته قائلة :هاّل اشتريت مني قصصا ألوالدك ي ا عم اه؟ فنظ ر إليه ا نظ رة س خرية ورد
قائال :م اذا قصص ا؟ نري د قمح ا ،نري د خ بزا ،نحن نم وت جوع ا وأنت تق ولين قصص ا أكي د أنت
مجنون ة ورح ل وه و يتمتم ،اغ رورقت عين ا أزه ار واتجهت نح و البح يرة تبكي وتشكي همه ا،
وأخذت قصصها ووضعتهم في قوارير زجاجية ورمتهم في البح يرة قائل ة :أق رئي قصص ي أيته ا
األس ماك واس تمتعي به ا أنت وأم واج البح ر فلم يهتم أح د به ا ،وك انت كلم ا رمت ق ارورة تقف ز
األسماك فتفرح أزهار وتقول :فرحت األسماك بقصصي إنه ف أل جمي ل ون زلت من عينيه ا دم وع
لمعت مع آخر نور للشمس ،فأحست بالمساء ورفعت رأسها إلى السماء قائلة :لقد فشلت ،آه أخشى
أن يفقد معتز دراسته بسببي ،جد لي حال من عندك يا إلهي لقد تعبت ومسحت دموعها وع ادت إلى
البيت منهكة ،ومرت األيام استمرت بالكتاب ة ورمي قواربه ا في البح يرة ،وفي ص باح ي وم جمي ل
قرر األمير في المدينة زيارة القرية ،ولما وصل إليها تجول في ك ل مك ان ولم تبقى غ ير البح يرة،
ركب أحد القوارب وأخذ يجول عبر البحيرة ،وفجأة بدأ يلمح القوارير فاحتار وأتج ه نحوه ا وأخ ذ
يجمعها الواحدة تلو األخرى ثم جلس وبدأ يفتحها ،وكلما فتح واحدة قرأ قصة جميلة فاحتار في ه ذا
الكاتب المجهول الذي يكتب القصص ،وعرف من القصص أن الكاتب فت اة ،ولكن لم ت ترك اس مها
وبدأ يفكر في حيلة للوصول إليها ،أخذ األمير القصص واتجه إلى المدينة ،وجاءت ه فك رة أن يطب ع
كتابا يجمع فيه كل تلك القصص ،ويضع له عنوان "شهرزاد البح ار" وفعال ق ام بطبع ه ،وكتب في
ركن من الغالف مطل وب حض ور الكاتب ة إلى القص ر ،ثم وزع ه على كاف ة الم دارس والمراك ز
التعليمية ،وبينما معتز يدرس حتى وصله الكتاب ،وفتحه وبدأ يقرأه فهو يحب القصص كثيرا ليفاجأ
بأن القصص قصص أخته أزهار ،وقرأ العبارة والتي يبحثون فيها عن الكاتبة ،فقرر مع تز الع ودة
فورا وإخب ار أخت ه ب األمر .ولم ا وص ل مع تز تفاج أت أزه ار بعودت ه وف رحت في نفس ال وقت،
30
وتفاجأت أكثر حين سلمها الكتاب الذي يحوي كل قصص ها فعق دت الدهشة لس انها وق الت :آه إنه ا
قصصي ،معجزة يا إلهي أكيد حصلوا عليها من البحيرة ثم أمسكت الكتاب في ي دها ،ومع تز بي دها
األخ رى ،وأخ ذت ت رقص وت دور وتق ول :نجحت ..حم دا هلل س أذهب مع ك إلى القص ر ربم ا
سيكافئونني يا هللا ،سيصبح لدينا المال ،وسأسدد ديني ،وستدرس يا معتز وتنجح.
قال معتز :مهال ،مهال يا أختاه ما الذي يحدث أخبريني عن سر الكتاب ،فقصت علي ه أزه ار كي ف
وصلت قصصها للبحيرة واتفقت معه على الذهاب في الغد إلى المدينة ألول مرة في حياتها ،وباتت
وهي تتقلب في الفراش ،وتنتظر اليوم الموعود وفي الصباح ودعت والدها وكلها أمل وف رح ويقين
أن كل مشاكلها حلت بفضل قصصها ،ولما وص لت إلى القص ر وطلبت من الح رس رؤي ة األم ير
وأخبرتهم أنها الكاتبة التي يبحث عنها ،سخروا منها وطردوها قائلين :ريفية مجنون ة مثل ك ت دعي
أنها الكاتبة ،اذهبي من هنا وال تعودي ،بكت أزهار كثيرا ومعتز كان يهدئها قائال :ال بأس يا أخ تي
سنجد حال عودي إلى القرية اآلن يجب أن أذهب إلى مدرستي ،أخذت أزهار بعضها وعادت خائبة
إلى القرية لتجد أصحاب الدين في انتظارها يطالبونها بالتسديد لكنه ا أخ برتهم أنه ا ال تمل ك فلس ا،
وهنا ق رروا الشكوى إلى الح اكم ،ب اتت أزه ار ليلته ا تبكي وفي الص باح الب اكر دق الب اب بشدة
فخرجت أزهار ،وفتحت الباب لتجد حراس الحاكم فابتهجت قائل ة :ه ل ص دقتموني أخ يرا إني أن ا
الكاتبة؟
ضحك الحراس وردوا :مازالت تق ول أنه ا الكاتب ة أال يكفي س طوك على أم وال الغ ير ،تح ترفين
الكذب أيضا ثم صرخ أحدهم :هيا سنأخذك إلى السجن ألن أهل القري ة ق دموا ش كوى ض دك ،بكت
أزهار وصرخت ال أرجوكم ال أستطيع ت رك وال دي لوح ده فه و كب ير وم ريض ،لكن الح راس لم
يصغوا لها وأخذوها متجهين إلى سجن القصر ،وبينما هم في الطريق التق وا ب األمير رائ د ف أوقفهم
قائال :إلى أين تأخذونها؟
فقال الحارس :إنها متهمة لم تسدد دينا عليها ،وكذلك كاذبة فقد ادعت أنها الكاتبة.
فقال األمير :شهرزاد البحار؟ ثم اتجه نحوها قائال :هل أنت فعال الكاتبة؟
نظرت أزهار إليه وعيناها مليئة بالدموع قائلة :بلى يا سيدي ولكن أعرف أن ك لن تص دقني أيض ا
وستسجنني ،تركت والدي مريض إنها الظروف فقط هي من أجبرتني على ذل ك ...وب دأت تشرح
له لكنه قاطعها :وكيف أعرف أنك شهرزاد البحار؟ أقصد الكاتبة؟
ردت :سأروي لك كل القصص التي بالكتاب.
فقال األمير :القصص التي بالكتاب نشرت ولكني تركت واحدة لم أنشرها إن سردتها لي صدقت.
فقالت :حسنا موافقة ،وسردت له القصة بص وتها الع ذب ف أعجب األم ير بطيبته ا وبراءته ا وق ال:
اتركوها إنها فعال شهرزاد البح ار ،إنه ا الكاتب ة ال تي أبحث عنه ا ،سأس دد عنه ا ال دين وس أكافئها
وسأجعل لها مطبعة خاصة تطبع كل قصصها الجميل ة ليس تمتع به ا الن اس ،ف رحت أزه ار كث يرا
وقالت :شكرا لك أيه ا األم ير ،وحققت أزه ار ك ل م ا تمنت ،وم ع م رور الس نين أص بحت كاتب ة
مشهورة ومعروفة باسم شهرزاد البحار ،وخصص لها األم ير من يعلمه ا قواع د اللغ ة جي دا ح تى
تبدع أكثر ،وفي األخير تقدم لخطبتها قائال :يسعدني أن تكوني شهرزادي وتمتعيني بسرد قصص ك
لي طول العمر ،وافقت أزهار وتزوجت من األمير ،وعاشت في سعادة .
31
قــلــب المـالئـكـــة
يحكى أنه هن اك فت اة جميل ة بيض اء الوج ه والقلب كقطع ة الثلج ذات ش عر أش قر يشبه خي وط
الشمس الذهبية ،وعينان زرقاوان كالبحر تدعى ياسمين ،طيبة جدا ،ووجها مشرق منير كالمالئكة،
ومن كثر شبهها بالمالئك ة في ش كلها وطيبته ا ،وحبه ا للن اس ،ورق ة قلبه ا أطل ق عليه ا اس م قلب
المالئكة ،فهي تفرح لمن فرح ،وتبكي مع من بكى كل أهل قريتها يحبونها ،فقد كانت مثاال لهم في
الطيبة وفعل الخير فاقتدوا بها ،وأصبحت القرية سعيدة ،وسميت القري ة بقري ة الس عادة ،وه ذا كل ه
بفضل قلب المالئكة مثال الحب والخير ،وعلى بعد عدة كيلوم ترات تق ع بل دة تس مى ببل دة الظالم،
وترأسها ملكة شريرة ال تحب سوى الشر والكره ،والحقد ،والظالم فكان قلبها أس ود كظلم ة اللي ل،
وكانت تمنع األنوار عنهم وال تخرج س وى في اللي ل لتتمت ع بالس واد ،وك انت ه ذه الشريرة تمل ك
ينبوعا سحريا في قصرها ،فمن شرب منه ازداد صحة ،وإن كان مريض ا ش في أو مجروح ا الت أم
جرحه في الحين ،وحتى لو أصيب بطلق ناري يسمى هذا األخير ينبوع الحي اة ،وك انت تتمت ع هي
بشربه وال ت ترك أح دا من البل دة يشرب من ه ،فك انت رغم كبره ا ذات ص حة جي دة وكأنه ا في
العشرين من عمرها ،وفي يوم من األيام وصل لها خبر أن هناك قري ة اس مها قري ة الس عادة تابع ة
لمملكته ا ،وأن هن اك فت اة تنشر الخ ير والحب اس مها قلب المالئك ة فغض بت لس ماع ه ذا الخ بر،
وقررت قتل قلب المالئكة وأخذ قلبها ،وغرسه في الرم اد ح تى ينتهي الخ ير ويعم الشر والس واد،
فأمرت الحرس أن يذهبوا إليها ويحضروها كي تقتلها بنفسها وتتمتع بغرس قلبها في الرماد ،وكان
لديها ابن طيب ال يحب شرها وما تفعله يدعى سامي ،قرر سامي الرحي ل للبحث عن قلب المالئك ة
حتى ينبهها ،أخذ عدته ثم تسلل إلى ينبوع أمه ،وسرق ماء الحياة حتى يأخ ذه إلى قلب المالئك ة كي
ال يصيبها أذى أمه ويحميها من موت محتوم ،وانطلق في النهار حيث أمه تكون نائم ة وال تس تيقظ
قبل غياب الشمس ،وأخذ يسير ويسأل إلى أن وصل قرية السعادة وسأل عن قلب المالئكة ،أعجبت ه
القرية وطيبة أهلها وأعجبته ياسمين التي استقبلته بابتسامتها الجميلة قائل ة :أهال ب ك أيه ا الغ ريب،
سألت عني كيف أساعدك ؟فرد :مرحبا أنا سامي وسرد عليها قصة أمه وأنها تريد قتلها ،ويجب أن
تهرب من القرية ألن والدته ستصل إليها لكن ياسمين ابتسمت قائلة :ليست مشكلة .
فاستغرب سامي وقال :كيف ليست مشكلة وأنت معرضة للقتل؟
فردت :سأذهب إلى قرية جدي فهو يملك ينبوع الخير كل من شرب منه يمس ح ك ل الشر ال ذي في
قلبه ،سأمأل قارورة منه ألمك يجب أن تشربه دون علم منها.
رد سامي :آه أمي صعبة جدا ليس من السهل فعل ذلك ،لكن سنفكر في حيلة ،ثم أخرج قارورة ماء
الحياة وأكمل قائال :هذا ماء الحياة أحضرته لك كي تشربيه ه و يحمي ك من ك ل س وء ولن يص يبك
ت من ه فح رس أمي انطلق وا للبحث عن ك أنت في خط ر ،أخ ذت ياس مين الق ارورة أذى إذا ش رب ِ
وخبأتها وقالت :إذا كان الوضع خطير سأنطلق فورا لقرية جدي .رد سامي :اشربي الماء أوال.
فقالت :ال سأتركه ربما احتاجه أحد أكثر مني ،وربما لن يحدث لي شيء ولن أحتاج لشربه فأس اعد
أر أطيب منك في حياتي ،ليت أمي ك انت مثل ك ،ابتس مت قلب به غيري ،استغرب سامي وقال :لم َ
المالئكة واحمرت وجنتاها خجال ،وقالت :ستكون إن شاء هللا.
فق ال س امي :ه ل تس محين أن أرافق ك في رحلت ك لج دك؟ أري د حمايت ك من أمي ،قبلت ياس مين
وأخذت عدتها ،وانطلقت مع سامي إلى قرية جدها ،وبعد أن سارا عدة أميال وهم ا يركب ان عرب ة،
واقتربا من قرية جدها أدركهما حرس أمه بالخيول والسهام وهم في غفلة ،أخذ أحد الح رس س همه
وقال لآلخرين ابتعدوا قليال سأصوب نحو الفتاة ألصيبها وآخذها إلى الملكة ،لم تنتبه ياس مين ل ذلك
32
واستدار سامي لينتبه إلى السهم الذي أطلقه الحارس فحاول إبعاد ياسمين وصرخ :ياسمين احترسي
ف اخترق الس هم ص دره ،ووق ع أرض ا وأخ ذت ياس مين تص رخ ب أعلى ص وتها :س امي ي ا إلهي
ساعدوني ،أما الحارس أدرك أن المصاب ابن الملكة فارتبك وأخذ من معه وهرب خوفا من عق اب
الملكة ،بقيت ياسمين تبكي وسامي ينزف ومغمي عليه ،لكنها أخيرا تذكرت ماء الحياة ال ذي خبأت ه
في عدتها ،وأخذت الماء وبدأت تضعه في فم سامي وتسحب السهم من بطنه فاستفاق وس رعان م ا
التأم الجرح ،ففرحت ياسمين كثيرا والدموع في عينيها.
فنطق سامي :أنقذت حياتي فعال ،أنت قلب المالئكة.
فردت :ألم أقل لك ربما احتاج الماء أحد غيري ،هيا قم بسرعة لنكمل طريقنا اقتربنا كثيرا قبل أن
يعود حرس والدتك ،وصلت ياسمين وسامي إلى قرية ج دها ولم ا رآه ا الج د ف رح كث يرا لرؤيته ا
وأخذت ماء الخير وانطلقت للعودة بسرعة ،لكن الحرس لما ذهبوا إلى الملكة دون ياسمين وبختهم،
وأمرتهم أن ال يعودوا بدونها وهذه المرة قرروا أخذها ب القوة ،ولس وء الح ظ ع ادوا ليج دوها على
وشك الوصول لقريتها فانقضوا عليها وأخذوها ،وتركوا سامي يصرخ قائال :اتركوها أيها األوغاد
أنا ابن الملكة ،اسمعوا كالمي ،لكنهم لم يعيروه اهتماما ،وطبقوا أمر ملكتهم وانطلق وا بخي ولهم إلى
القصر ،وعرف سامي أن ياسمين في خطر كبير ،وأخذ يركض بعربته للحاق بها وحين وصل إلى
قرية ياسمين أخبرهم أن ياسمين في خطر فقرروا المساعدة ،وأحضروا الع دة والخي ول ،وانطلق وا
كجيش كبير إلنقاذ فرحة قريتهم قلب المالئكة ،وعند وصولهم كانت قلب المالئك ة مكبل ة من ي ديها
وقدميها والملكة تقيم حفال وتجهز سيفها كي يخترق قلبها مع حل ول الظالم وغ روب الشمس ح تى
تغرس القلب في الرماد ليسو ّد ذاك القلب ظنا منها أنه هكذا سينتهي الخ ير إلى األب د ،واق تربت من
ياسمين ،وأخذت سيفها إلى السماء كي تنزله إليها بقوة وهي تنظر إلى آخر خيط من ن ور الشمس،
أما سامي فق د وص ل القص ر وت رك أه ل القري ة خارج ا ،ثم ق ال لهم :انتظ روني هن ا إن احتجتكم
سأصفر واهجموا على القصر .تسلل ووصل في الوقت المناس ب م ع آخ ر ن ور لغ روب الشمس،
ك انت ياس مين خائف ة وترتج ف وتبكي ،وص رخ س امي :أمي ت وقفي ..ال تفعلي ذل ك س أخبرك
بشيء ...التفتت األم وصرخت :أنت خائن قد ساعدتها.
طأطأ رأسه وقال :آسف أمي خنتك فعال ،لكني ندمت وجئت أطلب الس ماح من ك ،فأن ا س رقت م اء
الحياة وأعطيته لقلب المالئكة ولكن لحسن الحظ لم تشربه مزال في عدتها.
غضبت األم وقالت :م اء الحي اة ؟! إن ه خاص تي ال أح د يج رؤ على ش ربه ثم بحثت في أغ راض
ياس مين ووج دت الق ارورة ،فأخ ذتها وهي تبتس م ابتس امة ش ر ،وفتحت الق ارورة وب دأت تشرب
وتشرب وتقول لن يتمتع غيري بشربه ،وما إن أكملتها حتى بدأت تتص بب عرق ا ،وأحس ت ب دوار
فأمسكت رأسها ووقعت أرضا مغمي ا عليه ا ووج د س امي فرص ته ،وب دأ يف ك أغالل ياس مين لكن
سرعان ما فتحت األم عينيها وقامت وهي تمس ك رأس ها وتنظ ر حوله ا باس تغراب ،وق الت :م اذا
يحدث؟ لماذا هذه الفتاة الجميلة هنا؟ ولماذا أنتم مجتمع ون هك ذا؟ وق ع س امي على األرض وس جد
قائال :آه الحمد هلل ثم نظر إلى ياسمين وانفجر ضاحكا ،وهو يقول :نجحنا ك انت ياس مين تبتس م ولم
تحس بنفسها إال وهي ترقص مع األمير فرحا لما حققاه ،ثم نظر سامي إلى أمه قائال :إنها مفاجأة يا
أمي وأطلق صفيرا فدخل أه ل القري ة كلهم إلى القص ر ،ثم ق ال س امي :أش علوا األن وار من الليل ة
انتهى زمن الشر والظالم ،من الليلة سيعم الخير ثم قال :يا أه ل قري ة الس عادة أري د أن أطلب منكم
خطبة قلب المالئكة لتكون أم يرة بل دتنا وتنيره ا بطيبته ا وقلبه ا األبيض ،احم رت وجنت ا ياس مين
خجال وهتف الكل موافقون ،وفرحوا كثيرا ثم استدار إلى قلب المالئكة قائال :هل توافقين؟ طأط أت
ياسمين رأسها وقالت :نعم ،وفرحت الملك ة لخطب ة ابنه ا بع د أن تغ يرت وان تزع الشر من قلبه ا،
33
ونسيت كل ما فعلته من شر وأصبحت طيبة جدا ،وتحكم بالعدل ،وت زوجت قلب المالئك ة في حف ل
كبير وعاشت في سعادة وهناء مع أميرها.
34
في قصـــــر نقـــــــــــــرين
في ليلة أول نوفمبر اجتمعنا حول المدفئة نحتفل بعيد الثورة مناش دين أمي أن ت روي لن ا
بعض قص ص الث ورة ،فحض رت أمي الشاي والحلوي ات وجلس ت ،التفين ا حوله ا متشوقين لم ا
سترويه لنا فقالت :الليلة س أروي لكم حكاي ة ع ني وعن وال دكم أثن اء الث ورة فنط ق أخي الص غير
قائال :وهل عايشتم الثورة يا أمي؟
فقالت :أجل يا بني وعشنا كل أنواع العذاب والخوف والكف اح ،كن ا حينه ا نس كن في قص ر نق رين
والية تبسة ،دائرة نقرين ربما الكثير لم يعرفها أو يسمع عنها إطالقا تل ك األرض الطيب ة والمدين ة
العريقة التي أصبحت اليوم معلما تاريخيا ومنطقة سياحية ما زلت محافظة على مبانيها المشيدة من
التراب وسقفها المغطى بخشب النخيل والجريد (ورق النخيل) ،كانت تمت از بك رم أهله ا وش جاعة
رجاله ا وغ يرتهم على بالدهم كغ يرهم من ش باب الجزائ ر حينه ا ك ان وال دكم محم د خال د ابن
مصطفى الملقب ب (األسد) مكافحا فذا .هاته الكنية (األسد) التي كان يحملها والدي رحم ه هللا من ذ
صغرنا وكنا دائم ا أوالده نتس اءل لم اذا لقب بهت ه الكني ة ولم نع رف الس بب ورغم أنن ا لم نع رف
السبب إال أننا كنا فخ ورين بلقب األس د وأوالد األس د ألن األس د ال يرم ز س وى للق وة والشجاعة
أكملت أمي قائلة :قبل زواجي كان والدكم ص احب دك ان فك ان يم ول المجاه دين ب المواد الغذائي ة
ويساعدهم وقد كان هو أول من أسس الكشافة في مدينة نقرين كان يدرس األطفال ويعلمهم الق رآن
وينمي فيهم حب الوطن والدفاع عنه كان ش ابا ش جاعا ويافع ا ،وفي ي وم من األي ام اعتقلت ق وات
المستعمر مجموعة من المجاهدين وحبسوهم في معتقل بالمنطقة المسماة (المرح ال) ومنع وا عنهم
الماء كأسلوب تعذيب الستنطاقهم كانت وقتها صيف وحر ومدينة نقرين منطق ة ص حراوية ص يفها
حار وجاف وال أحد يس تطيع الص مود أم ام العطش والح ر غ ير الجم ل فك ر وال دكم كث يرا كي ف
سيساعدهم وأخيرا توصل إلى قرار فذهب وبات ط وال اللي ل وه و يخ ترق س ور الس جن بالحدي د
خلسة عن أعين قوات العدو حتى أخترق الحائط وأحدث ثقبا فيه وأدخل أنبوب ا وجع ل األنب وب في
دلو كبير من الماء ومع بزوغ الفجر أوصل اليهم األنبوب وشربوا المجاهدين حتى ارت ووا ثم ذهب
لصالة الفجر كأن شيئا لم يكن ،أحتار العدو في ص مود المجاه دين ومق اومتهم للعطش وبحث وا في
األمر الى أن توصلوا الى والدكم فأدخلوه السجن وعذبوه ورغم ذل ك واص ل كفاح ه فبع د خروج ه
من السجن كلفوه بعدة مهام صعبة وأطلقوا عليه كني ة األس د من ذ ذل ك الحين ،وكلم ا ك انت المهم ة
صعبة قالوا علينا باألسد وإذا حذروه بالمحافظة على نفسه وحياته .
رد قائال :إن مت لست أعلى شئنا ممن ماتوا قبلي دفاعا عن الوطن.
فقال أخي :وماذا عنك يا أماه؟ ماذا فعلت للوطن؟ فأكملت :كنت صغيرة حينها ثالثة عشرة عام ا
وكانت أمي ترحي القمح وتطبخ به الخبز وتصنع منه أكلة الكسكس ي وتمال لي القف ة ألخ ذها الى
المجاهدين كن الفتيات في مثل سني نخرج للغسيل في الوادي فنمأل قففنا بالمئونة ومن فوقه ا نض ع
المالبس ونمر على الع دو فال يشكون بن ا فنق ول لهم ذاهب ات للغس يل ونوص ل األك ل للمجاه دين
ونغسل ثم نعود أو نمألها بمالبس نمول به ا المجاه دين للبس ها خصوص ا في فص ل الشتاء تحي ك
النساء بما نسموه البرنوس ونأخذه للمجاهدين كي يحتموا به من البرد وق د تعرض ت م رة للرك ل
والضرب من طرف أحد جنود المستعمر حين بحث في قفتي وعرف أني آخذ الطعام للمجاه دين
ومرضت خاللها مرضا شديدا من جراء الضربة القوي ة ال تي أخ ذتها بحذائ ه الكب ير على ركب تي.
وكم من مرة خبئن ا المجاه دين في بيتن ا حين ك انت عس اكر الع دو تط اردهم وق د اختب أ م رة أح د
المجاهدين في جرة كبيرة للقمح وغطيناه بالتبن حتى ال يراه العدو عشنا مغ امرات كث يرة وناض لنا
وجاهدنا منذ نعومة أظافرنا ولم نتوقف عن ذلك حتى االستقالل وكنا أول من خ رج هاتف ا مزغ ردا
35
لالنتصار ولن نعتبرها مجهودات جبارة فوطننا الغالي يس تحق أن نفدي ه ب دمائنا ونطلب من هللا أن
يحفظه ويجعله آمنا دائما فال شيء أغلى من الوطن يا أبنائي.
الفهرس
36
اإلهداء 03......................................................
أرض األحـالم07/04........................................
األخـوان مازن وقاسـم 11/08..............................
البلــــورة العجيبـــة15/12..................................
ابـن النجـار واألميـرة 21/16...............................
الجــــرة السحــــرية27/22.................................
أرجـــــــوانة والطـــــــائر 31/28.........................
الحـــــاوية الجــلدية المـــباركة36/32....................
الحسناء الضائعة 46/37.....................................
هـــــذه ليـــست حـــياة 49/47..............................
الرحيـــــل56/50.............................................
شـــــهرزاد البــــحار61/57................................
قــلــب المـالئـكـــة66/62...................................
في قصـــــر نقـــــــــــــرين69/67........................
37