Professional Documents
Culture Documents
بعد سبعة عقود ،منذ تأسيس جمهورية الصين الش عبية في ع ام ،1949تح ولت الص ين من دول ة
فقيرة إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم ،ومع تمكين الصينيين من عيش حياة رغيدة ،ق دمت الص ين أيض ا
إسهامات بارزة للنمو االقتصادي العالمي.
تعتبر تجربة الصين في التنمية تجربة هامة؟
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية ،شرع االقتصاد الصيني في رحلة تنمية مستقلة .واستنادا إلى
األس اس االقتص ادي ال ذي تم بن اؤه على م دار الثالثين عام ا األولى ،طبقت الص ين سياس ة اإلص الح
واالنفتاح خالل األربعين عاما التالية .في هذه العملية ،تمت إزالة الحواجز المؤسسية لالقتصاد المخط ط،
وتم وضع آليات تحفيز فعالة لقواعد اقتصاد السوق ،بما يتيح إعادة تخصيص الموارد .وش اركت الص ين
أيضا مشاركة كاملة في التقسيم الع المي للعم ل .م ع دمج ه ذه الجه ود ،خلقت الص ين معج زة اقتص ادية
فريدة من نوعها لم يسبق لها مثيل في التاريخ بينم ا ق دمت أيض ا مس اهمة ب ارزة للتنمي ة االقتص ادية في
العالم.
مع دخول القرن الحادي والعش رين ،أص بحت الص ين ذات ت أثيرات أك بر على االقتص اد الع المي
نتيجة لمعدالت نموها العالية السرعة وتوسع حجم اقتصادها وتعاظم حصتها في االقتصاد الع المي .ف إلى
جانب طريقة إنتاجه ا الم ادي ،تعم ل البالد على خل ق من افع عام ة للمجتم ع ال دولي ،من خالل تجاربه ا
وفلسفاتها في مجاالت التنمية والتي اكتسبتها في اإلصالح واالنفت اح ،باإلض افة إلى ص وتها المتزاي د في
تشكيل وضع السياسات واالقتراحات البناءة إلستراتيجيات التنمية.
أوال ،الصين ال تسعى للهيمنة االقتصادية ،وال تصدر نمط التنمية .ومع ذلك ،باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد
في الع الم ،وأك بر بل د تص نيع ،وأك بر مص در للبض ائع ،والدول ة ال تي تمل ك أك بر حجم احتي اطي النق د
األجن بي ،ف إن الص ين ملزم ة ب أن تك ون ص وتا لنفس ها وللبل دان النامي ة األخ رى ،وال س يما ال دول
واالقتصادات الناشئة ،فيما يتعلق بالسياسات االقتصادية والتجاري ة الدولي ة ،في حين تق ود أيض ا الجه ود
المبذولة لتحسين نهج اإلدارة أو الحكومة العالمية.
مع ارتفاع حجم ومعدل النمو ألطول فترة ،شهد االقتصاد الصيني أيض ا أهمي ة متزاي دة في الع الم ،حيث
قدم مساهمة كبيرة في النمو العالمي .كانت الصين تساهم بأكثر من %10في النم و االقتص ادي الع المي
منذ عام .1990وظل هذا الرقم ثابتا عن د ح والي %30بع د األزم ة المالي ة العالمي ة في ع ام .2008
وخاصة أن االقتصاد الصيني يحافظ على نمو مس تقر بالمقارن ة م ع اقتص ادات المن اطق األخ رى ،وكن ا
سنشهد االقتصاد العالمي مختلفا تماما من دون النمو المرتفع الذي حققته الص ين ،حيث واص ل االقتص اد
الصيني توسعه وازداد استقرارا ونموا ،وأصبح دوره في تعزيز استقرار االقتصاد الع المي أك ثر أهمي ة.
بفضل أداء الصين ،تم تخفيف التقلبات االقتصادية العالمية إلى حد كبير خالل تلك السنوات القاتمة.
إن االقتص ادات الناش ئة والبل دان النامي ة ،باعتب ار الص ين قوامه ا الرئيس ي ،تجع ل نظري ة التق ارب
االقتصادي الع المي حقيق ة واقع ة .من ع ام 1978إلى ع ام ،2017ارتفعت حص ة البل دان المنخفض ة
والمتوس طة ال دخل في الن اتج المحلي اإلجم الي الع المي من 3ر %21إلى 3ر ،%35في حين ارتفعت
نسبة الن اتج المحلي اإلجم الي للص ين في إجم الي الن اتج االقتص ادي للبل دان المنخفض ة ال دخل والبل دان
المتوس طة ال دخل من ٪ 5.3إلى .٪ 36.0خالل تل ك الف ترة ،تض اعف حجم االقتص اد الكلي لجمي ع
البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أربعة أضعاف من حيث األسعار الثابتة وبلغت نسبة مساهمة الصين
فيها 6ر.%43
نتيجة للتقارب االقتصادي العالمي ،ارتفع متوسط دخل الفرد في البلدان النامي ة بش كل ملح وظ ،وانخفض
عدد السكان الذين يعيشون في فقر مدقع وت راجعت نس بة الفق ر في ع دد الس كان في جمي ع أنح اء الع الم
بدرجة غير مسبوقة .مع التحسن العام لدخل األسر في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء بفض ل
اإلصالح واالنفتاح ،خلصت الصين مئات الماليين من الناس من براثن الفقر وقدمت مساهمات كبيرة في
الجهود العالمية للحد من الفق ر .ق در البن ك ال دولي أن ع دد األش خاص ال ذين يع انون من الفق ر الم دقع،
والذين يعيشون على 9ر 1دوالر أمريكي في اليوم أو أقل ،قد انخفض بمقدار 14ر 1مليار فرد من ع ام
1981إلى عام ،2015وهذا يعني أن أكثر من %60من الذين يعيشون في فقر مدقع ق د تم تخليص هم
من العوز وضنك العيش ،وتبلغ مساهمة الصين في الحد من الفقر في العالم حوالي 2ر.%76
مساهمات جديدة في النمو االقتصادي العالمي
الهدف األول :هو ترقية محركات النمو االقتصادي .بينما يش هد االقتص اد الص يني نهاي ة ف ائض العمال ة
الريفية ،وهي معلم هام يسميه االقتصاديون "نقط ة تح ول ل ويس" ،مم ا يع ني أن ف ائض العمال ة الريفي ة
يص ل إلى الص فر ،وتق ل العوائ د الديموغرافي ة ،عندئ ذ تنتهي مرحل ة االقتص اد الثن ائي .س يكون النم و
االقتصادي أك ثر اعتم ادا على زي ادة اإلنتاجي ة مدفوع ة ب القوى العامل ة الم اهرة والمنافس ة القائم ة على
قواعد السوق واالبتكار التكنولوجي.
الهدف الثاني :هو توسيع اإلصالح واالنفت اح والنم و ليش مل المزي د من المن اطق والقطاع ات .في حال ة
الصين ،طبقت المناطق الساحلية أوال سياس ة اإلص الح واالنفت اح وحققت نم وا اقتص اديا ملموس ا .وم ع
اتساع الفوارق اإلقليمية ،هناك آليتان لعبتا دورا مُخففا للفوارق .األولى هي قواعد السوق .فقد خلق قطاع
التصنيع المزدهر في المناطق الساحلية طلبا كب يرا على الي د العامل ة ،وج ذب ت دفق الف ائض من العمال ة
الريفية من المناطق الوسطى والغربية .ونتيجة لذلك ،زاد دخل سكان الريف واإلنتاجية اإلجمالي ة .اآللي ة
الثانية مبنية على سياسات وإستراتيجيات حكومية تعزز االقتصاد .فقد ساعدت مبادرات التنمي ة اإلقليمي ة
المنسقة ،مثل تلك الخاصة بمناطق غربي الصين الشاسعة ،على تحسين البنية التحتية ومناخ األعم ال في
المناطق الوسطى والغربية.
أخ يرا وليس آخ را ،تعم ل الص ين على تعمي ق اإلص الح واالنفت اح من خالل مب دأ التنمي ة المش تركة
والشاملة .الدول في جميع أنحاء العالم تسعى إلى تحقيق تقدم اقتصادي ليس من أجل التنمية في حد ذاتها،
ولكن من أجل رفاهية الناس .إن السبب وراء تمسك وتطبيق الشعب الصيني لإلص الح واالنفت اح ه و أن
هذه السياسة تضع في الحسبان وفي أولوياتها أن رفاهية الشعب هي الهدف النه ائي .ه ذا ه و س ر نج اح
الصين على مدى العقود األربعة الماضية.