You are on page 1of 80

‫اآلثار القانونية املرتتبة عن استخدام الذكاء االصطناعي‬

‫‪ -‬عمري موسى‬
‫‪ -‬ويس بالل‬

‫عمران عطية‬
‫بن داود إبراهيم‬
‫مسلمي عبد اهلل‬

‫‪M071A/161639027109/161639033068‬‬
‫شكر وتقدير‬
‫امحلد هلل اذلي أنعم علينا بنعمة العمل‪ ،‬ووفقنا لإجناز هذا العمل‬
‫وامتامه‪ ،‬نتقدم ابلشكر اجلزيل والتقدير اخلالص والاحرتام الفائق‬
‫اىل لك من ساعدان من قريب أو بعيد يف اجناز هذا العمل‬
‫املتواضع‪ ،‬ونص ابذلكر الس تاذ املرشف ادلكتور‪ :‬بن داود براهي‪.‬‬
‫اذلي تفضل اب إلرشاف عل هذا البحث منذ أن اكن جمرد‬
‫فكرة حىت اكمتل يف صورته الهنائية‪ ،‬ومل يدخر هجدا يف‬
‫مساعدتنا مبا قدمه من توجهيات ونصاحئ مثينة زادت من قمية‬
‫ادلراسة‪.‬‬
‫كام نتقدم ابمس معاين الشكر والعرفان اىل الساتذة اذلين‬
‫درسوان طيةل مشواران ادلرايس‪ ،‬ولك أعضاء جلنة املناقشة املوقرة‬
‫عل قبوهلم مناقشة موضوع املذكرة‪ ،‬واملشاركة يف اثراء جوانبه‪.‬‬
‫" جزامك هللا عنا لك خري "‬
‫إهـــداء‬
‫امحلد هلل والصالة والسالم عل رسول هللا أما بعد‪:‬‬
‫أهدي هذا العمل املتواضع‬
‫إاىل ذكل الرصح العظي ذو اخللق الكرمي والفعل‬
‫الكبري أيب‪.‬‬
‫اإليك اي من علمتين العطاء دون انتظار مقابل اي من‬
‫زرعيت يف قليب أمسى معاين احلب والافتخار أيم‪.‬‬
‫وإاىل إاخويت وأخوايت حفظهم هللا‬
‫وإاىل الس تاذ الفاضل براهي بن داود‬
‫وإاىل لك أصدقائ والزمالء‪.‬‬
‫اإليك مجيعا الشكر والتقدير والإحرتام‪.‬‬
‫معري موس‬
‫إهـــداء‬
‫إاىل لك من علمين حرفا يف هذه ادلنيا الفانية إاىل روح‬
‫أيب الزاكية رمحه هللا وأسكنه فس يح جنانه‪.‬‬
‫إاىل من منحتين القوة والعزمية ملواصةل ادلرب‬
‫إاىل من علمتين الصرب والاجهتاد‬
‫أيم الغالية‪.‬‬
‫إاىل من زرع يف نفيس لك معاين احلب والوفاء وأورث‬
‫يف نفيس لك دوافع التضحية والعطاء أيخ‪.‬‬
‫إاىل لك من مل يدخر هجدا يف مساعديت‪.‬‬
‫إاىل من اكنوا يل أوفياء‪.‬‬
‫إاىل أساتذيت الفاضل‪.‬‬
‫بالل ويس‬
‫قائمة المختصرات‬

‫ طبعة‬:‫ط‬ •

‫ صفحة‬:‫ص‬ •

‫ الذكاء االصطناعي‬:‫ذ إ‬ •

‫ الجريدة الرسمية‬:‫ج ر‬ •

AI : Artificielle Intelligence
WIPO : Organisation mondiale de la propriété intellectuelle
P : page
‫مقدمـــــــــــة‬
‫مقــــدمـــــــة‬

‫مقدمـــــــة‪:‬‬
‫يعرف الذكاء البشري بأنه القدرة والمهارة على وضع وإيجاد الحلول للمشكالت باستخدام‬
‫الرموز وطرق البحث المختلفة للمشكالت والقدرة على استخدام الخبرة المكتسبة في اشتقاق‬
‫معلومات ومعارف جديدة تؤدي الى وضع الحلول لمشاكل ما في مجال معين‪ ،‬ويتفاوت مستوى‬
‫الذكاء من شخص الى اخر كما يعتبر الذكاء البشري هو المسؤول عن التطور واإلبداع في نمو‬
‫الحضارات المختلفة‪.‬‬
‫ونظ ار ألهمية الذكاء البشري فان االنسان كان وال يزال دائم البحث عن طبيعة هذا الذكاء‬
‫وكيف يمكن قياسه ووضع الخطوات لمحاكاة أساليبه في شكل برامج باستخدام الحاسبات‪ ،‬ولكن‬
‫التقدم السريع في جميع فروع العلوم في دراسة ومحاكاة نظم الذكاء االنساني ‌وتطويرها‪ ،‬فلقد‬
‫راود الباحثين األمل في انتقال أساليب الذكاء الفطري والخبرة المكتسبة لإلنسان الى نظم‬
‫البرمجة للحاسبات لكي يمكن االستفادة بها في كثير من شتى مجاالت الحياة المختلفة والتي‬
‫تتطلب قد ار من الذكاء والخبرة الالزمة لمسايرة التطور في التطبيقات الصناعية والزراعية‬
‫والتجارية ‪ ،‬وبذلك أدى استخدام الحاسبات في مجال التعرف على االشكال والرموز والنماذج‬
‫المختلفة الى ظهور نظم الذكاء االصطناعي والتي تميزت بانتقال جزء من اساليب الذكاء‬
‫‪1‬‬
‫االنساني الى تطبيقات للذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫أصبح الذكاء االصطناعي أكثر تطو اًر في السنوات الماضية ويلعب دو اًر مهماً في‬
‫المجتمع‪ ،‬حيث تم استخدامه في مجاالت مختلفة مثل المجالت الطبية والقانونية والعسكرية‬
‫والعديد من المجاالت األخرى‪ ،‬فالذكاء االصطناعي هو نظرية لتطوير اآلالت لتمكينها من‬
‫إتمام المهام التي تتطلب عادةً الذكاء البشري‪ ،‬مثل القدرة على التفكير واالدراك وحل المشاكل‬
‫من خالل التعلم من األ خطاء والتجارب والخبرات السابقة‪ ،‬واتخاذ القرار عن طريق جمع وتحليل‬
‫البيانات والمعلومات‪ ،‬والتعرف على الكالم‪ ،‬وترجمة اللغة‪ .‬ونتيجة لهذا التطور أصبح الذكاء‬
‫االصطناعي قاد اًر على محاكات البشر‪.‬‬
‫قد يترتب على سلوك التي يتخذها الذكاء بعض األضرار التي تلحق بالغير والتي يصعب‬
‫مواجهتها في ظل القوانين الحالية‪ ،‬وهذا يرجع التخاذه الق اررات الذاتية دون تلقي أي أوامر من‬
‫مالكه‪ ،‬مما يصعب التحكم فيه وهذه هي األسباب التي تجعله مصد اًر للمخاطر العامة‪ .‬وبالتالي‬

‫‪‌ 1‬أحمد كاظم‪ ،‬الذكاء الصناعي‪ ،‬محاضرات منشورة‪ ،‬كلية تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬جامعة محمد الصادق‪ ،‬العراق‪ ،2012 ،‬ص ‪‌ .03‬‬

‫أ‌‬
‫مقــــدمـــــــة‬

‫ال يمكن تحديد عما إذا كان الضرر وقع نتيجة سلوك تعلمه من البيئة التي يستخدم فيها أم‬
‫بسبب خلل في تصنيعه‪ .‬األمر الذي يدفعنا إلى التفكير في الشخصية القانونية ألن الغرض من‬
‫االعتراف بالشخصية القانونية ليس تمتع الذكاء االصطناعي بالحقوق الكاملة لإلنسان‪ ،‬بل‬
‫التوصل إلى تحديد الشخص المسئول عن حدوث الضرر وتحديد المسؤولية المدنية والجنائية‬
‫عن سلوك الذكاء االصطناعي قصد تعويض المضرور وإقرار عقوبات مناسبة لجسامة الجرائم‬
‫المرتكبة‪.‬‬

‫‪-1‬أهداف الموضوع‬
‫تقديم عمل علمي لفائدة الباحثين والمختصين في مجال القانون والطالب وغيرهم من‬ ‫‪-‬‬
‫المهتمين بهذا المجال‪.‬‬
‫‪ -‬الكشف عن اآلثار المترتبة عن استخدام الذكاء االصطناعي خاصة ما تعلق بالجانب‬
‫القانوني‪.‬‬
‫تسليط الضوء على موضوع اآلثار القانونية المترتبة عن استخدام الذكاء الصطناعي من‬ ‫‪-‬‬
‫أجل اإلحاطة بمختلف جوانب الذكاء االصطناعي وتطبيقاته المختلفة لمواجهة أخطاره‪.‬‬
‫إعطاء نظرة شاملة على الموضوع ومحاولة فهم كل اإلشكاالت ولكشف الجوانب المتعلقة‬ ‫‪-‬‬
‫به‪.‬‬
‫محاولة الوصول الى اهم النتائج المتعلقة بالموضوع‪ ،‬وإعطاء بعض التوصيات المتعلقة‬ ‫‪-‬‬
‫بشأنه‪.‬‬
‫‪-2‬أهمية الموضوع‬
‫تكمن أهمية هذه الدراسة في انتشار الذكاء االصطناعي في شتى مجاالت الحياة‪ ،‬ومع‬
‫هذا االنتشار الواسع واالستعمال لمختلف تطبيقاته ستزيد وتتوسع مجاالت تطبيقه وبالتالي ستزيد‬
‫جرئم توجب العقاب‪ ،‬وبالتالي كان ضرورياً‬
‫أخطائه مما يسبب أضرار على الغير وقد يرتكب ا‬
‫بحث الشخصية القانونية لكيانات الذكاء االصطناعي من أجل الوصول إلى مسئوليتهم عن‬
‫االضرار والجرائم المرتكبة طرفهم‪ ،‬ومن ستقع عليه المسئولية‪ ،‬لتحديد المرتكب الحقيقي قصد‬
‫تعويض الضرر أو تطبيق العقوبة القانونية‪ ،‬إضافة أن الموضوع يحظى بأهمية في كونه‬
‫محل أبحاث ودراسات قانونية واقتصادية ‪. ...‬‬

‫ب‬
‫‌‬
‫مقــــدمـــــــة‬

‫‪-3‬أسباب اختيار الموضوع‬


‫يعود اختيارنا لموضوع " اآلثار القانونية المترتبة عن استخدام الذكاء االصطناعي " الى‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫أسباب موضوعية‬ ‫•‬
‫‪ -‬موضوع جديد على الساحة الدولية والمحلية‪ ،‬وقدر الخطورة التي يشكلها استخدام الذكاء‬
‫االصطناعي واآلثار المترتبة من تطبيقه‪ ،‬قلة الدراسات ونقص البحوث حول الموضوع‪.‬‬
‫أسباب ذاتيــــــة‬ ‫•‬
‫‪ -‬الرغبة في البحث في هذا الموضوع ودراسته والمساهمة ولو بجزء بسيط في اثراء‬
‫المكتبة القانونية‪.‬‬
‫‪-‬الميل واالهتمام بهذه الموضوعات المتعلقة مباشرة بالواقع ولما لتطبيق الذكاء‬
‫االصطناعي من أهمية بالغة بالنسبة للدولة والمجتمع على حد سواء في مختلف‬
‫مجاالت الحياة‪.‬‬
‫‪-5‬منهج الدراسة‬
‫اعتمدنا على المنهجين الوصفي والتحليلي لدراسة موضوع اآلثار المترتبة عن استخدام‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬بحيث تم استعمال المنهج الوصفي في التعريفات والمفاهيم الخاصة‬
‫بمجاالت تطبيقه وأهم االخطار المتعلقة باستخدامه وتبيان بعض الحقائق الثابتة‪ ،‬في حين تم‬
‫استعمال المنهج التحليلي لدراسة مختلف اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي وتحليلها بإبراز‬
‫مكامن مختلف اآلراء والمواقف حول الجوانب القانونية المتعلقة بالذكاء االصطناعي‬
‫واستخدامه‪ ،‬كما استعملنا المنهج التاريخي لتتبع تطور الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ -6‬صعــوبات الــدراسة‪‌ :‬‬
‫ندرة المراجع القانونية الخاصة بموضوع الذكاء االصطناعي الذي مزال لم يلقى االهتمام‬
‫الكافي باعتبار أنه من المواضيع الجديدة الحديثة التي لم يسل عليها الحبر كثي ار من قبل رجال‬
‫القانون والدراسات األكاديمية المتخصصة‪ ،‬حيث انحصر تناول موضوع الذكاء االصطناعي‬
‫في بضع مقاالت قانونية وكتب خارج مجال القانون‪.‬‬

‫ج‌‬
‫مقــــدمـــــــة‬

‫‪ -7‬إشكالية الدراسة‬
‫يتمحور موضوع دراستنا حول اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫ما هو الذكاء االصطناعي‪ ،‬وما األثار القانونية الستخدامه؟‬
‫وتتفرع من هاته اإلشكالية مجموعة أسئلة هي‪:‬‬
‫‪ -‬ما هو مفهوم الذكاء االصطناعي ؟‬
‫‪ -‬فيما تتمثل مخاطر استخدامه ؟‬
‫‪ -‬هل للذكاء االصطناعي شخصية قانونية ؟‬
‫‪ -‬ماهي المسؤولية المترتبة عن استخدام الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ -‬ماهو النموذج اإلماراتي الستخدام الذكاء االصطناعي؟‬
‫‪ -‬فيما‌تتمثل‌جهود‌الجزائر‌في‌مجال‌الذكاء‌االصطناعي‌؟‌‬

‫‪-8‬خطة الدراسة‬

‫انطالقا من االعتبارات السابقة ومحاولة لتحليل االشكالية المطروحة‪ ،‬قمنا بتقسيم‬


‫الموضوع الى فصلين‪ :‬الفصل األول خصصناه ماهية الذكاء االصطناعي‪ ،‬الذي بدوره قسم‬
‫لمبحثين‪ ،‬أما األول فكان مفهوم الذكاء االصطناعي‪ ،‬والثاني مجاالت تطبيق الذكاء‬
‫االصطناعي ومخاطره ‪ ،‬أما الفصل الثاني فعنوانه اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي فقسم‬
‫بدوره الى مبحثين‪ ،‬فكان األول بعنوان المسؤولية القانونية عن استخدام الذكاء االصطناعي ‪،‬‬
‫والثاني نموذج االمارات وجهود الجزائر حول الذكاء االصطناعي‪.‬‬

‫د‌‬
‫الفصــل األول‪:‬‬
‫ماهية الذكاء‬
‫االصطناعي‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تمهيــــد‬
‫ميز هللا سبحانه وتعالى البشر عن باقي‬
‫ارتبط الذكاء منذ األزل بعقل االنسان‪ ،‬حيث ّ‬
‫متنوع من أشكال‬
‫عدد ّ‬‫التطور والتفكير واإلبداع‪ ،‬وهناك ٌ‬
‫ّ‬ ‫المخلوقات بالذكاء الذي يمنحهم القدرة على‬
‫كل فرد بدرجات متفاوتة وطرق مختلفة ترتبط بطريقة فهم اإلنسان‬
‫الذكاء المميزة التي يمتلكها ُّ‬
‫لماهية األشياء من حوله‪ ،‬وقدرته على إتقان عدد من المهارات‬
‫ّ‬ ‫للمعطيات المختلفة‪ ،‬وإدراكه‬
‫المتنوعة‪.‬‬
‫ّ‬
‫التقدم بالتقنية‪ ،‬اتجه اإلنسان نحو اآللة لالستفادة منها في مساعدته على‬
‫تطور العلوم و ّ‬
‫ومع ّ‬
‫إنجاز المهام على نحو أكثر إتقاناً وسرع ًة ومرونة‪ ،‬وصارت التحسينات تجري على اآلالت باستمرار‬
‫بحيث لم تعد تقتصر على إتمام األعمال على نحو روتيني‪ ،‬بل صارت تكتسب صفة الذكاء على‬
‫نحو يحاول أن يحاكي القدرات الذهنية الفريدة عند اإلنسان‪ ،‬وهو ما اصطلح العلماء والمختصون‬
‫على تسميته بالذكاء االصطناعي الذي يسمى اختصا اًر )‪. (AI‬‬
‫والذكاء االصطناعي يتعلق بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات أكثر من تعلقه بشكل‬
‫صور عن الروبوتات العالية‬
‫ًا‬ ‫معين أو وظيفة معينة‪ .‬وعلى الرغم من أن الذكاء االصطناعي يقدم‬
‫األداء الشبيهة باإلنسان التي تسيطر على العالم‪ ،‬فإنه ال يهدف إلى أن يحل محل البشر‪ .‬إنه يهدف‬
‫إلى تعزيز القدرات والمساهمات البشرية بشكل كبير‪ .‬مما يجعله أصالً ذا قيمة كبيرة من أصول‬
‫األعمال‪.‬‬
‫رغم كل مميزات ومحاسن الذكاء االصطناعي اال أن له جانب سلبي المتمثل في االخطار‬
‫التي يشكلها على مختلف األصعدة ‪ ،‬ماتعلق منها باألفراد و الدولة‪ ،‬اجتماعيا واقتصاديا‪ ،‬لذلك‬
‫توجب تقنين أوضاعها واستغاللها بما يتناسب مع طبيعة المجتمع‪ ،‬وذلك لتحقيق أكبر استفادة‬
‫ممكنه‪ ،‬باستغالل المميزات مقابل تجنب العيوب‪.‬‬
‫مما سبق التطرق اليه قمنا بتقسيم الفصل األول الى مبحثين كاآلتي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الذكاء االصطناعي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مجاالت تطبيق الذكاء االصطناعي ومخاطره‬

‫‪5‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الذكاء االصطناعي‬

‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬أحد علوم الحاسب‪ ،‬تعود جذور الذكاء االصطناعي إلى عهود بعيدة ‪،‬‬
‫فهو كعلم يعود إلى بداية استخدام اإلنسان لآللة ‪ ،‬ثم تمرد اإلنسان على فكرة اآللة العادية ‪،‬واتجه‬
‫بخياله إلى آلة تستطيع أن تجاريه وتحاكيه في التفكير ‪ ،‬وربما بدأ األمر بفكرة خيالية ‪ ،‬لكنها بدأت‬
‫تأخذ طريقها إلى حيز التنفيذ الفعلي عن طريق معامل الذكاء االصطناعي ‪.‬‬
‫يتكون الذكاء االصطناعي من كلمتين هما‪ :‬الذكاء وكلمة االصطناعي ولكل منهما معنى‪،‬‬
‫فالذكاء حسب قاموس ‪ Webster‬هو القدر على فهم الظروف أو الحاالت الجديدة والمتغيرة‪ .‬أي‬
‫هو القدرة على إدراك وفهم وتعلم الحاالت أو الظروف الجديدة‪ ،‬بمعنى آخر أن مفاتيح الذكاء هي‬
‫اإلدراك‪ ،‬الفهم‪ ،‬والتعلم‪ .‬أما كلمة الصناعي أو االصطناعي ترتبط بالفعل يصنع أو يصطنع‪ ،‬وبالتالي‬
‫تطلق الكلمة على كل األشياء ال تنشأ نتيجة النشاط أو الفعل الذي يتم من خالل اصطناع وتشكيل‬
‫‪1‬‬
‫األشياء تميي از عن األشياء الموجودة بالفعل والمولدة بصورة طبيعية من دون تدخل اإلنسان‪.‬‬
‫وعليه سنتطرق في هذا المبحث الى تعريف الذكاء االصطناعي في المطلب األول‪ ،‬والى نشأة‬
‫وتطور الذكاء االصطناعي كمطلب ثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الذكاء الصناعي‬

‫وردت الكثير من التعاريف الخاصة بالذكاء االصطناعي من بينها‪:‬‬

‫‪ -‬جاء تعريف الويبو ‪ wipo‬بشأن الملكية الفكرية والذكاء االصطناعي‬

‫"الذكاء االصطناعي" هو تخصص في علم الحاسوب يهدف إلى تطوير آالت وأنظمة بإمكانها أن‬
‫مهاما ُينظر إليها على أنها تتطلب ذكاء بشرًيا‪ ،‬سواء كان ذلك بتدخل بشري محدود أو‬
‫تؤدي ً‬
‫عموما "الذكاء االصطناعي‬
‫ً‬ ‫بدون تدخل بشري‪ .‬وألغراض هذه الوثيقة‪ ،‬الذكاء االصطناعي يساوي‬
‫الضيق" ويقصد بذلك التكنولوجيات والتطبيقات المبرمجة ألداء مهام منفردة‪ .‬ويش ّكل التعلم اآللي‬
‫ّ‬
‫والتعلم العميق مجموعتين فرعيتين من الذكاء االصطناعي‪ .‬وفي حين أن مجال الذكاء‬
‫االصطناعي يتطور بسرعة‪ ،‬فإنه ليس من الواضح متى سيتقدم العلم نحو مستويات أعلى من‬

‫كتاب جماعي‪ ،‬اشراف أبو بكر خوالد ‪ ،‬تطبيقات اذكاء االصطناعي كتوجه حديث لتعزيز تنافسية منظمات األعمال‪ ،‬المركز الديمقراطي‬ ‫‪1‬‬

‫العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬ط ‪ ،1‬برلين‪ .2019 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪6‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مصمما لحل مشاكل محددة ولكن للعمل عبر مجال واسع‬


‫ً‬ ‫الذكاء االصطناعي العام الذي لم يعد‬
‫‪1‬‬
‫من السياقات والمهام‪.‬‬
‫‪-‬هناك طريقة شائعة لتعريف الذكاء االصطناعي هي القيام بذلك عن طريق الرجوع إلى‬
‫الذكاء البشري‪ .‬حيث صاغ مكارثي مصطلح "الذكاء االصطناعي" في منتصف الخمسينيات من‬
‫القرن العشرين ‪ Peart, 2017 ،‬والذي عرفه بأنه "علم وهندسة صنع اآلالت الذكية‪ ،‬وخاصة‬
‫برامج الكمبيوتر الذكية‪ .‬إنه مرتبط بعمل مشابه لما هو مستخدم في أجهزة الكمبيوتر لفهم الذكاء‬
‫البشري‪ ،‬لكن ليس من الضروري أن يقتصر الذكاء االصطناعي على األساليب التي يمكن‬
‫‪2‬‬
‫مالحظتها من الناحية البيولوجية‪.‬‬
‫ويمكن تعريفه بأنه " ذلك الفرع من علوم الحاسب (‪ (computer science‬الذى يمكن‬
‫بواسطته خلق وتصميم برامج للحاسبات التي تحاكى اسلوب الذكاء اإلنساني لكى يتمكن الحاسب‬
‫من أداء بعض المهام بدال من االنسان والتي تتطلب التفكير والتفهم والسمع والتكلم والحركة " والتي‬
‫ترجع بدايته الى التحول من نظم البرمجة التقليدية بعد الحرب العالمية الثانية إلى استحداث برامج‬
‫للحاسبات تتسم بمحاكاة الذكاء اإلنساني في إجراء االلعاب و وضع الحلول لبعض االلغاز والتي‬
‫‪3‬‬
‫أدت بدورها إلى نظم اكبر للمحاكاة‪ ،‬والتي تبلورت بعد ذلك وأصبحت نظما للذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ويعن الذكاء الصناعي (االصطناعي) بصفة عامة الذكاء الذي يصنعه أو يصطنعه اإلنسان‬
‫في اآللة أو الحاسوب‪ ،‬الذكاء الذي يصدر عن اإلنسان باألصل ثم يمنحه لآللة أو للحاسوب‪.‬‬
‫وبالتالي فان الذكاء االصطناعي هو علم يعرف على أساس هدفه وهو جعل اآلالت‬
‫(منظومات الحاسوب) تعمل أشياء تحتاج ذكاء‪. 4‬‬
‫ولقد عرف بعض الباحثين والمتخصصين في الذكاء االصطناعي كل حسب وجهة نظره‪ ،‬حيث‬
‫اختلفوا في تعريفه لسبا بسيط يكمن في أن تعريف الذكاء البشري نفسه يشوبه الكثير من عدم الدقة‪،‬‬

‫المنظمة العالمية للملكية الفكرية‪ ،‬محادثة الويبو بشأن الملكية الفكرية والذكاء االصطناعي‪ ،‬الدورة الثانية‪ ،‬أمانة الويبو‪ ،2020/05/11 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.04‬‬
‫كتاب جماعي‪ ،‬اشراف أبو بكر خوالد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد علي الشرقاوي‪ ،‬الذكاء االصطناعي والشبكات العصبية‪ ،‬مركز الذكاء االصطناعي للحاسبات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬رقم اإليداع‪ ،96/3084 :‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪.23‬‬
‫ياسين سعد الغالب‪ ،‬أساسيات نظم المعلومات اإلدارية وتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،2012 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫ص ‪114‬‬

‫‪7‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وبالتالي فليد من المستغرب أن يكون هناك خالف على ما هو الذكاء االصطناعي‪ ،‬ومن أهم‬
‫‪1‬‬
‫التعريفات المقدمة ضمن هذا الصدد نجد‪:‬‬
‫‪ -‬أتمتة النشاطات المتعلقة بالتفكير البشري مثل صنع القرار‪ ،‬حل المشاكل‪،‬‬
‫التعلم‪Bellman...،‬‬
‫‪ -‬فن اختراع اآلالت التي تستطيع تحقيق عمليات تتطلب الذكاء اإلنساني…‪،‬‬
‫‪Chariak and Mc Dermott‬‬
‫‪ -‬دراسة الحاسبات التي تجعل عمليات اإلدراك‪ ،‬التفكير‪ ،‬التصرف ممكنة‪Winston .‬‬
‫‪ -‬دراسة كيفية جعل الحواسيب تقوم بأعمال يقوم بها اإلنسان حاليا بشكل أفضل ‪Rich‬‬
‫‪Knight and‬‬
‫‪ -‬فرع علوم الحاسب المهتم بأتمتة السلوك اإلنساني ‪Luger and Stubblefield‬‬

‫كما عرفه ‪ " Dan.W.Patterson‬أنه نوع من فروع علم الحاسبات الذي يهتم بدراسة و تكوين‬
‫منظومات حاسوبية تظهر بعض صيغ الذكاء‪ ،‬وهذه المنظومات لها القابلية على استنتاجات مفيدة‬
‫جدا حول المشكلة الموضوعة كما تستطيع هذه المنظومات فهم اللغات الطبيعية أو فهم اإلدراك‬
‫‪2‬‬
‫الحي وغيرها من اإلمكانيات ال تحتاج ذكاء م ى ما نفذت من قبل اإلنسان ‪.‬‬
‫بين الثورة التقنية ( التكنولوجية ) في مجال علم النظم والحاسوب والتحكم اآللي من جهة وعلم‬
‫المنطق والرياضيات واللغات وعلم النفس من جهة أخرى‪ ،‬ويهدف إلى فهم طبيعة الذكاء اإلنساني‬
‫عن طريق عمل برامج للحاسب اآللي قادرة على محاكاة السلوك اإلنساني المتسم بالذكاء لتزويد‬
‫الحاسوب اآللي بهذه البرامج التي تمكنه من حل مشكلة ما أو اتخاذ قرار في موقف ما وعليه فالذكاء‬
‫االصطناعي هو قيام برامج الحاسب اآللي بإيجاد الطريقة التي تسمح بحل المسألة أو التوصل إلى‬
‫القرار المالئم بالرجوع إلى العديد من العمليات االستداللية المتنوعة التي غذي بها البرنامج ويستخدم‬
‫‪3‬‬
‫الذكاء االصطناعي بسبب سرعته الفائقة في إعطاء االستدالالت التي تفوق القدرة البشرية ‪.‬‬

‫‪ 1‬خوالد أبوبكر‪ ،‬ثاليجية نوة‪ ،‬أنظمة المعلومات المعتمدة على الذكاء االصطناعي بين المفاهيم النظرية والتطبيقات العملية في المؤسسة‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬الملتقى الوطن العاشر حول أنظمة المعلومات المعتمدة على الذكاء االصطناعي و دورها في صنع ق اررات المؤسسة االقتصادية‪،‬‬
‫جامعة سكيكدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 2‬شيخ هجيرة‪ ،‬دور الذكاء االصطناعي في إدارة عالقة الزبون االلكتروني للقرض الشعب الجزائري‪ ، CPA‬مجلة األكاديمية للدراسات‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬المجلد‪، 10‬العدد‪، 02‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪ ،‬الجزائر‪ ،2018 ،‬ص ‪.18‬‬
‫إبراهيم الخالوق الملكاوي‪ ،‬إدارة المعرفة – الممارسات والمفاهيم‪ ،-‬الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬األردن‪ ،2007 ،‬ص ص ‪.217-216‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫هو بمثابة العلم والتكنولوجيا المعتمدة على فروع علمية مثل الحاسوب علم النفس علم اللغويات‪،‬‬
‫الرياضيات والهندسة‪ ،‬الذي يهدف إلى تطوير حواسيب تستطيع أن تفكر‪ ،‬تسير تتحرك‪ ،‬فعند ظهور‬
‫أول حاسوب آلي في العالم كان له الدور الكبير في إنجاز العمليات الحسابية في فترة قصيرة جدا‪،‬‬
‫وتخزين المعلومات فيه بكميات هائلة‪ ،‬وقد تم تطويره مما جعله يفكر ويق أر مع محاكاة سلوك‬
‫‪1‬‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫وبصف ة عامة يمكن تعريف الذكاء االصطناعي بأنه‪" :‬مجموعة الجهود المبذولة لتطوير نظم‬
‫المعلومات المحوسبة بطريقة تستطيع أن تتصرف فيها وتفكر بأسلوب مماثل للبشر‪ ،‬هذه النظم‬
‫تستطيع أن تتعلم اللغات الطبيعية‪ ،‬وانجاز مهام فعلية بتنسيق متكامل‪ ،‬أو استخدام صور وأشكال‬
‫إدراكية لترشيد السلوك المادي‪ ،‬كما تستطيع في نفد الوقت خزن الخبرات والمعارف اإلنسانية المتراكمة‬
‫‪2‬‬
‫واستخدامها في عملية اتخاذ الق اررات"‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة وتطور الذكاء االصطناعي‬

‫بدأ تاريخ الذكاء االصطناعي في العصور القديمة‪ ،‬من خالل األساطير والقصص والشائعات‬
‫عن الكائنات االصطناعية الموهوبة بالذكاء أو الوعي من قبل الحرفيين المهرة‪ُ .‬زرعت بذور الذكاء‬
‫االصطناعي الحديث من قبل الفالسفة الكالسيكيين الذين حاولوا وصف عملية التفكير اإلنساني‬
‫بأنها عبارة عن التالعب الميكانيكي للرموز‪ .‬تُوج هذا العمل باختراع الكمبيوتر الرقمي القابل للبرمجة‬
‫في األربعينيات من القرن العشرين‪ ،‬وهي آلة تعتمد على جوهر التفكير المنطقي الرياضي‪ .‬ألهم هذا‬
‫الجهاز واألفكار التي تقف وراءه حفنة من العلماء للبدء بجدية في مناقشة إمكانية‬
‫بناء الدماغ اإللكتروني‪ 3،‬مما سبق يمكن تقسيم الفترات الزمنية لتطور الذكاء االصطناعي إلى ثالثة‬
‫مراحل‪:‬‬

‫أصالة رقيق‪ ،‬استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي في إدارة أنشطة المؤسسة (دراسة حالة مجموعة من المؤسسات االقتصادية) ‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪1‬‬

‫ماستر‪ ،‬تخصص‪ :‬إدارة أعمال المؤسسة‪ ،‬شعبة علوم التسيير‪ ،‬جامعة أم البواقي‪ ،2015-2014 ،‬ص ‪.14‬‬
‫خوالد أبوبكر و ثاليجية نوة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬ ‫‪2‬‬

‫تاريخ الذكاء االصطناعي‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬شوهد يوم ‪ 2021/08/03‬على الساعة ‪ 11:18‬على موقع‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪/https://ar.wikipedia.org/wiki‬‬

‫‪9‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المرحلة األولى‬

‫فور انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأ العالم شانون عام ‪ 1950‬ببحثه عن لعبة الشطرنج‬
‫وانتهت بالعالم فيجن باووم وفيلد مان(‪ ،)1963‬وتميزت هذه المرحلة بإيجاد حلول لأللعاب وفك‬
‫األلغاز باستخدام الحاسب والتي اعتمدت على الفكرة االساسية بتطوير طرق البحث في التمثيل‬
‫الفراغي الذي يمثل الحالة وأدت إلى تطوير النمذجة الحسابية واستحداث النماذج الحسابية معتمدة‬
‫‪1‬‬
‫على ثالثة عوامل هي ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬تمثيل الحالة البدائية للموضوع قيد البحث ( مثل لوحة الشطرنج عند بدء اللعب )‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اختيار شروط إدراك الوصول إلى النهاية ( الوصول إلى التغلب على الخصم ) ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬مجموعة القواعد التي تحكم حركة الالعب بتحريك قطع الشطرنج على اللوحة ‪.‬‬

‫ركزت األبحاث األولية على كيفية منح اآلالت صفة الذكاء والقدرة على التحليل والتفكير‬
‫مشابه للبشر‪ ،‬وهو ما قاد رواد الذكاء االصطناعي في تلك الفترة لصياغة سبعة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫المنطقي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫جوانب أساسية يمكن عبرها فهم الذكاء االصطناعي وأهدافه‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬القدرة على محاكاة الوظائف العقلية المتقدمة للدماغ البشر ّي‬
‫‪ .2‬القدرة على برمجة الحواسيب لتستطيع استخدام اللغات‬
‫‪ .3‬ترتيب وتنظيم عصبونات افتراضية (اصطناعية) بطر ٍ‬
‫يقة تمكنها من تشكيل الوعي واألفكار‬
‫‪ .4‬القدرة على تحديد وقياس مدى تعقيد المشاكل‬
‫‪ .5‬القدرة على التحسين الذاتي‬
‫التجرد‪ :‬أي مدى الكفاءة التي تتمتع بها الحواسيب وبرمجيات الذكاء االصطناعي بالتعامل‬
‫ّ‬ ‫‪.6‬‬
‫ّ‬
‫مع األفكار والمفاهيم بدالً من اقتصارها على االستجابة لألحداث‬
‫‪ .7‬العشوائية واالبتكار‬

‫بدأ العلماء استكشاف نهج جديد لبناء آالت ذكية بناء على استكشافات حديثة في علم‬
‫األعصاب‪ ،‬ونظرية رياضية جديدة للمعلومات‪ ،‬وتطور علم التحكم اآللي وقبل كل ذلك‪ ،‬عن طريق‬

‫‪ 1‬محمد علي الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬


‫تطور الذكاء االصطناعي وآلية عمله‪ ،‬مقال شوهد بتاريخ ‪ 2021/09/01‬على الساعة ‪ 13:23‬على موقع‪:‬‬
‫‪ 2‬تعرف على تاريخ ّ‬
‫‪https://technologyreview.ae‬‬

‫‪10‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اختراع الحاسوب الرقمي‪ ،‬تم اختراع آلة يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي اإلنساني‪ ،‬أسس‬
‫المجال الحديث لبحوث الذكاء االصطناعي في مؤتمر في حرم كلية دارت موت في صيف عام‬
‫‪ ،1956‬أصبح هؤالء الحضور قادة بحوث الذكاء االصطناعي لعدة عقود وخاصة‬
‫‪ Herbert Simon,Allen Newell , Marvin lee Minsky‬الذي أسس مختبرات الذكاء االصطناعي‬
‫في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة كارينجي ميلون وستانفورد‪ ،‬هم وتالميذهم كتبوا برامج‬
‫‪1‬‬
‫أدهشت معظم الناس‪ ،‬كان الحاسب اآللي يحل مسائل في الجبر و يثبت النظريات المنطقية ويتكلم‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المرحلة الثانية‬

‫و يطلق عليها المرحلة " الشاعرية " والتي بدأت في منتصف الستينات إلى منتصف‬
‫السبعينات‪ ،‬حيث قام العالم منسكى بعمل اإلطارات لتمثيل المعلومات ووضع العالم ونجراد نظام‬
‫لفهم الجمل اإلنجليزية مثل القصص والمحادثات وقام العالم ونستون والعالم براون بتلخيص كل ما‬
‫تم تطويره في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والتي تحتوى على بعض األبحاث عن معالجة اللغات‬
‫‪2‬‬
‫الطبيعية والرؤية بالحاسب والروبوتات ( اإلنسان اآللي ) والمعالجة الشكلية او الرمزية‪.‬‬
‫ولكن فشل علماء الذكاء االصطناعي في إدراك صعوبة بعض المشاكل التي واجهتهم ففي‬
‫عام ‪ 1974‬وردت انتقادات موجهة للذكاء االصطناعي‪ ،‬والضغط المستمر من الكونغرس لتمويل‬
‫مشاريع أكثر إنتاجية ‪ ،‬قطعت الحكومتين األمريكية والبريطانية تمويليهما لكل األبحاث االستكشافية‬
‫الموجهة في مجال الذكاء االصطناعي ‪ ،‬كانت تلك أول انتكاسة تشهدها أبحاث الذكاء‬
‫‪3‬‬
‫االصطناعي‪.‬‬

‫أصالة رقيق‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد علي الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪2‬‬

‫أصالة رقيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪11‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‬

‫ويطلق عليها ( المرحلة الحديثة ) والتي بدأت في منتصف السبعينات والتي تميزت بظهور التقنيات‬
‫المختلفة التي تعالج كثير من التطبيقات الى أدت فعال إلى انتقال جزء كبير من الذكاء اإلنساني‬
‫إلى برامج الحاسبات‪ ،‬وتعتير هذه الفترة هي العصر الذهبي الزدهار هذا العلم والتي أدت الى ظهور‬
‫كثير من نظم الذكاء االصطناعي الحديثة مثل النمذجة الرمزية‪ ،‬ميكانيكيات معالجة القوائم‪ ،‬والتقنيات‬
‫‪1‬‬
‫المختلفة للبرمجة‪.‬‬
‫في أوائل الثمانينات شهدت أبحاث الذكاء االصطناعي صحوة جديدة من خالل النجاح‬
‫التجاري للنظم الخبيرة وهي أحد برامج الذكاء االصطناعي التي تحاكي المعرفة والمهارات التحليلية‬
‫لواحد أو أكثر من الخبراء البشريين بحلول عام ‪ 1985‬وصلت أرباح أبحاث الذكاء االصطناعي‬
‫في السوق إلى أكثر من مليار دوالر‪ ،‬وبدأت الحكومات التمويل من جديد وبعد سنوات قليلة بدء‬
‫انهيار سوق آلة (إحدى لغات البرمجة)‪ ،‬في عام ‪ 1987‬شهدت أبحاث الذكاء االصطناعي مرة‬
‫‪2‬‬
‫أخرى انتكاسة ولكن هذه المرة أطول‪.‬‬
‫في التسعينات وأوائل القرن الواحد والعشرين حقق الذكاء االصطناعي نجاحات أكبر يستخدم‬
‫في اللوجستية‪ ،‬واستخراج البيانات ‪ ،‬والتشخيص الطبي والعديد من المجاالت األخرى ‪ ،‬في جميع‬
‫أنحاء صناعة التكنولوجيا يرجع ذلك النجاح إلى عدة عوامل أهمها ‪ :‬القوة الكبيرة للحواسيب‬
‫اليوم‪ ،‬وزيادة التركيز على حل مشاكل فرعية محددة‪ ،‬وخلق عالقات جديدة في مجال الذكاء‬
‫االصطناعي وغيرها من مجاالت العمل في مشاكل مماثلة وفوق ذلك بدأ الباحثون االلتزام بمناهج‬
‫‪3‬‬
‫رياضية قوية ومعايير علمية صارمة‪.‬‬
‫في التسعينات وأوائل القرن الواحد والعشرين‪ ،‬حقق الذكاء االصطناعي نجاحات أكبر‪ ،‬وإن‬
‫كان ذلك إلى حد ما وراء الكواليس‪ .‬يستخدم الذكاء االصطناعي في اللوجستية‪ ،‬استخراج البيانات‪،‬‬
‫والتشخيص الطبي والعديد من المجاالت األخرى في جميع أنحاء صناعة التكنولوجيا‪ .‬يرجع ذلك‬
‫النجاح إلى عدة عوامل هي‪ :‬القوة الكبيرة للحواسيب اليوم‪ ،‬وزيادة التركيز على حل مشاكل فرعية‬

‫محمد علي الشرقاوي‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪1‬‬

‫أصالة رقيق‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪2‬‬

‫ذكاء اصطناعي‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬شوهد يوم ‪ 2021/08/03‬على الساعة ‪ 14:32‬على موقع‪/https://ar.wikipedia.org/wiki :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪12‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫محددة‪ ،‬وخلق عالقات جديدة بين مجال الذكاء االصطناعي وغيرها من مجاالت العمل في مشاكل‬
‫مماثلة‪ ،‬وفوق كل ذلك بدأ الباحثون االلتزام بمناهج رياضية قوية ومعايير علمية صارمة‪.‬‬
‫في القرن الواحد والعشرين‪ ،‬أصبحت أبحاث الذكاء االصطناعي على درجة عالية من‬
‫التخصص والتقنية‪ ،‬وانقسمت إلى مجاالت فرعية مستقلة بشكل عميق لدرجة أنها أصبحت قليلة‬
‫ببعضها البعض‪ .‬نمت أقسام المجال حول مؤسسات معينة‪ ،‬وعمل الباحثين‪ ،‬على حل مشكالت‬
‫محددة‪ ،‬وخالفات في الرأي نشأت منذ زمن طويل حول الطريقة التي ينبغي أن يعمل وفقا لها الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬وتطبيق أدوات مختلفة على نطاق واسع‪.1‬‬
‫تمكنت جوجل من تقديم برنامجها الرائد ألفا جو ‪ Alpha Go‬الذي تمكن سنة ‪ 2016‬من‬
‫هزيمة الكوري الجنوبي لي سيدول‪ ،‬بطل العالم في لعبة جو التي تعتبر أصعب وأعقد من الشطرنج‪،‬‬
‫والتي تتطلب قدرات تحليل ومعالجة معقدة تتجاوز إمكانية حساب االحتماالت الممكنة للعبة‪ُ .‬ينظر‬
‫لهذا الحدث من ِقبل العديد من الخبراء على أنه خطوة هامة في مجال تطور الذكاء االصطناعي؛‬
‫ّ‬
‫إذ يعتبر ألفا جو أول تطبيق ذكاء اصطناعي عام التوجه‪ ،‬بمعنى أنه قادر على تعلم حل المشاكل‬
‫ّ‬
‫مهما كانت طبيعتها‪ ،‬بخالف حاسوب ديب بلو الذي كان متخصصاً في لعبة الشطرنج ولم يكن‬
‫ٍ‬
‫مجال آخر‪.‬‬ ‫باإلمكان استخدامه في أي‬

‫‪1‬ذكاء اصطناعي‪ ،‬موقع ويكيبيديا سالف الذكر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مجاالت تطبيق الذكاء االصطناعي ومخاطره‬

‫تشكل تكنولوجيا الذكاء االصطناعي منظومة من العمليات التي تشارك أنماط الحياة‪ ،‬حيث‬
‫أصبحت اآلالت تقوم بالكثير من األعمال التي يقوم بها البشر‪ ،‬فصارت اآلالت تتكلم وتتحرك وتدبر‬
‫أمورها بالشكل الذي يحقق التكامل عن طريق البرامج الحاسوبية‪ ،‬ولعل من أهم وأبرز األمور التي‬
‫أدت إلى إنتاج اآلالت التي تسير بالذكاء االصطناعي إلى التعامل الجاد مع اآللة‪ ،‬والتي تعمل على‬
‫تحسين األمور المختلفة بما يتالءم مع الطبيعة البشرية‪.‬‬

‫يعد الذكاء االصطناعي قاطرة التطور البشري القادم‪ ،‬فال يمكن إغفال المميزات التي يقدمها‬
‫لخدمة البشر على كافة المستويات الشخصية والطبية والصناعية والتجارية‪ ،‬بل أن تطويره في كثير‬
‫من المجاالت يهدف في األساس إلى حماية البشر والحفاظ على أرواحهم‪ ،‬مثل استخدام اإلنسان‬
‫اآللي في األعمال الشاقة والخطرة وفي ميادين المعارك العسكرية‪ ،‬كما أنه قادر على متابعة الحالة‬
‫الصحية للمرضى وتوفير المساعدة لذوي اإلعاقة ومراقبة المنازل والمؤسسات من عمليات السرقة‬
‫واالعتداء وغير ذلك من االستخدامات الضرورية‪ ،‬في المقابل توجد العديد من التداعيات السلبية‬
‫المترتبة على تصاعد االعتماد على تقنيات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫مما سبق قسمنا المبحث الثاني الى مطلبين‪ ،‬أما المطلب األول فبعنوان مجاالت تطبيق الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬والثاني خصصناه الى مخاطر الذكاء الصناعي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مجاالت تطبيق الذكاء االصطناعي‪.‬‬

‫أساسا في التكنولوجيا وصناعاتها‪ ،‬وبهذا نجد أن كل التكنولوجيا‪،‬‬


‫ويعتبر الذكاء االصطناعي ً‬
‫والصناعات التكنولوجية الحديثة تعتمد على الذكاء االصطناعي‪ ،‬وكيفية تحويله إلى تطبيقات يمكن‬
‫لنا االستفادة منها في حياتنا‪ ،‬من حيث الراحة والرفاهية‪.‬‬

‫تتمثل مختلف تطبيقاته العملية التي لها عالقة بالعديد من المجاالت العلمية والتي تؤدي بدورها‬
‫وظائف مختلفة يستطيع االنسان القيام بها‪ ،‬لكن ليس بنفس السرعة ودقة هذه التطبيقات‪.‬‬
‫تتعدد مجاالت استخدام الذكاء االصطناعي في شتى مجاالت الحياة البشرية لذلك سنتناول في هذا‬
‫المطلب أهم تطبيقات الذكاء االصطناعي والذي قسمناه الى‪ :‬الفرع األول‪ :‬مجال التعليم‪ ،‬أما الفرع‬
‫الثاني‪ :‬المجال المصرفي‪ ،‬والفرع الثالث‪ :‬أنظمة النقل الذكية والفرع الرابع‪ :‬مجاالت أخرى‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مجال التعليم‬


‫توفر الطبيعة الرقمية والديناميكية للذكاء االصطناعي مجاال مختلفا ال يمكن العثور عليه في‬
‫البيئة التقليدية النمطية للمدرسة في وقتنا الحالي‪ ،‬ستمكن تطبيقات الذكاء االصطناعي في التعليم‬
‫من اكتشاف حدود جديدة للتعلم وتسرع في إنشاء تقنيات مبتكرة‪ .‬ومن بين تطبيقات الذكاء‬
‫االصطناعي في التعليم نجد‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المحتوى الذكي‬
‫تهتم مجموعة من الشركات والمنصات الرقمية حاليا بإنشاء محتوى ذكي وذلك من خالل تحويل‬
‫الكتب التعليمية التقليدية إلى كتب ذكية وثيقة الصلة بالغاية التعليمية‪ ،‬وتستخدم بعض أنظمة التدريس‬
‫الذكي عدداً من تقنيات التعّلم اآللي وخوارزميات التعّلم الذاتي التي تجمع مجموعات البيانات الكبيرة‬
‫تقرر نوع المحتوى الذي ينبغي تسليمه للمتعّلم بحسب قدراته‬
‫وتحّللها‪ .‬ويسمح هذا الجمع لألنظمة أن ّ‬
‫منصة نظام (‪ )iTalk2Learn‬التي تعّلم الكسور‪ .‬وتستخدم نموذج‬ ‫واحتياجاته‪ .‬ومثال على ذلك ّ‬
‫يخرن البيانات حول المعرفة الرياضية عند الطالب‪ ،‬واحتياجاته المعرفية وحالته العاطفية‬
‫المتعّلم الذي ّ‬
‫وردود الفعل التي تلقاها واستجابته على هذه التغذية المر ّتدة‪ ،‬أما منصة (‪ .)Brainly‬فهي مثال على‬
‫شبكة تواصل اجتماعي تعتمد على تقنيات الذكاء االصطناعي الخاص بأسئلة الفصل الدراسي‪ .‬إذ‬
‫يستخدم الذكاء االصطناعي فها خوارزميات التعلم اآللي لتصفية الرسائل غير المرغوب فيها‪ ،‬ويتيح‬
‫للمستخدمين طرح أسئلة حول الواجب المنزلي والحصول على إجابات تلقائية‪ .‬تم التحقق منها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويساعد الموقع الطالب على التعاون فيما بينهم للتوصل إلى إجابات صحيحة من تلقاء أنفسهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنظمة التعليم الذكي‬
‫تعرف كاتي هافنر‪ Katie Hafner‬أنظمة التعليم الذكية المعروفة اختصا ار بـ ‪ ITS‬بأنها أنظمة‬
‫تضم برامج تعليمية تحتوي على عنصر الذكاء االصطناعي حيث يقوم النظام بتتبع أعمال الطالب‬
‫وإرشادهم كلما تطلب األمر وذلك من خالل جمع معلومات عن أداء كل طالب على حدة‪ ،‬كما يمكن‬
‫‪2‬‬
‫أن يبرز نقاط القوة والضعف لدى كل متعلم‪ ،‬وتقديم الدعم الالزم له في الوقت المناسب‪.‬‬

‫‪ 1‬مكاوي مرام عبد الرحمان‪ ،‬الذكاء االصطناعي على أبواب التعليم‪ ،‬مجلة القافلة‪ ،‬املجلد ‪ ،67‬العدد ‪ ،06‬أرامكو السعودية‪.‬‬
‫‪ ،2018‬ص ‪.23‬‬
‫لطفي خديجة‪ ،‬كيف يستطيع الذكاء االصطناعي التأثير على التعليم ؟‪ ،‬مقال شوهد يوم ‪ 2021/08/05‬على الساعة ‪ 18:36‬على موقع‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪https://www.new-educ.com/category/studies‬‬

‫‪15‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتمثل نظم التعلم الذكية حلقة وصل بين األسلوب السلوكي ‪ Behavioral Approach‬للتعلم‬
‫المعتمد على الحاسوب كي والنمط اإلدراكي‪ Cognitive Paradigm.‬إنها نتاج البحث في مجال‬
‫الذكاء االصطناعي وتدعى ذكية ألنها تضم ّمكبات ‪ Models‬حول المجال المراد تعلمه ومركبات‬
‫عن الطالب ومركب عن المعلم الخبير في المجال‪ .‬ويعتقد المهتمون بالتعليم أن كفاءة النظام‬
‫التعليمي أيا كان نوعه يجب أن يقيم على أساس ما تم اكتسابه من معرفة وليس على ما تم تدريسه‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬تقنية الواقع االفتراضي‬
‫يشير الواقع االفتراض ي إلى تمثيل حاسوبي يعمل على إنشاء تصور للعالم يظهر لحواسنا‬
‫بشكل مشابه للعالم الحقيقي‪ ،‬فعن طريق الواقع االفتراض ي يمكن نقل المعلومات والخبرات إلى‬
‫األذهان بشكل جذاب وأكثر تفاعلية‪ ،‬ويمكن تعريف على الواقع االفتراض ي بأنه وسيلة تتكون من‬
‫عمليات محاكاة تفاعلية باستخدام الحاسب اآلليُ تشعر المستخدم بالمكان واألفعال‪ ،‬وهذه العمليات‬
‫‪2‬‬
‫مدعمة بتغذية راجعة صناعية لواحدة أو أكثر من الحواس تشعر المستخدم باالندماج داخل المشهد‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المجال المصرفي‬
‫تعتبر الثمانينيات المرحلة الحقيقية لبروز الذكاء االصطناعي في القطاع المالي‪ ،‬وذلك عندما‬
‫أصبحت النظم الخبيرة أكثر من منتج تجاري في الميدان المالي‪ ،‬فمثال قامت ‪ Dupont‬بإنشاء أكثر‬
‫من ‪100‬نظام خبير الذي ساعدها على توفير ق اربة ‪10‬ماليين دوالر في السنة‪ ،‬وواحد من أوائل‬
‫األنظمة الخبيرة المطبقة في القطاع المالي كان ‪ Pro Trader‬الذي صممه كل من ‪Chen K.C.‬‬
‫و ‪ Ting –Peng Lian‬الذي كان قاد ار على التنبؤ بانخفاض ‪ 87‬نقطة في المتوسط داو جونز‬
‫الصناعي في عام ‪.1986‬‬
‫من بين التطبيقات الممكنة للذكاء االصطناعي في مجال الخدمات المصرفية نذكر ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مكافحة غسيل األموال‬
‫تشير مكافحة غسيل األموال إلى مجموعة من اإلجراءات أو القوانين أو اللوائح المصممة‬
‫لوقف توليد الدخل من خالل إجراءات غير قانونية‪ ،‬ففي معظم األحيان يخفي غاسلوا األموال أفعالهم‬
‫من خالل سلسلة من الخطوات التي تجعل األموال التي تأتي من مصادر غير قانونية أو غير‬
‫أخالقية تبدو وكأنه يتم كسبها بطريقة مشروعة‪ ،‬وتتحول معظم البنوك الكبرى في جميع أنحاء العالم‬

‫كتاب جماعي‪ ،‬اشراف أبو بكر خوالد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.140‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪16‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من أنظمة البرامج القائمة على القواعد إلى األنظمة القائمة على الذكاء االصطناعي والتي هي أكثر‬
‫‪1‬‬
‫قوة وذكاء في مكافحة غسيل األموال خالل السنوات المقبلة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬روبوتات الدردشة‬
‫على صعيد تفاعل العمالء تستخدم المؤسسات المالية تطبيقات "روبوتات الدردشة" التي تقوم‬
‫بدور وكيل لخدمة العميل‪ ،‬حيث ترتبط هذه التطبيقات المبتكرة عادة بمنصات المراسلة المباشرة‬
‫الشائعة مثل فيسبوك‪ ،‬ماسنجر وواتساب‪ .‬وتتميز روبوتات الدردشة بمزايا متطورة للتعامل بفعالية مع‬
‫استفسارات العمالء المرسلة عبر المنصات االلكترونية‪ ،‬وتستطيع هذه التطبيقات ربط العمالء مباشرة‬
‫بالشخص المسئول الذي من شأنه إيجاد حل مناسب وسريع لمشكالتهم والتعامل بصورة فورية‬
‫ومباشرة مع قضاياهم‪ ،‬وتقوم بعض البنوك حاليا بإجراء اختبارات في واسعة لتحديد مدى دور‬
‫روبوتات الدردشة توقع احتياجات عمالئها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الكشف عن الغش واالحتيال‬
‫يعد اكتشاف االحتيال أحد الحقول التي حصلت على دعم كبير في تقديم نتائج دقيقة ومتفوقة‬
‫بتدخل الذكاء االصطناعي‪ ،‬حيث يعتبر أحد المجاالت الرئيسية في القطاع المصرفية حيث برزت‬
‫أنظمة الذكاء االصطناعي أكثر من غيرها‪ ،‬بدءا من المثال المبكر للتطبيق الناجح لتقنيات تحليل‬
‫البيانات في القطاع المصرفي وهو نظام تقييم االحتيال ‪ Fico-Falcon‬الذي يعتمد على شبكة‬
‫عصبية لنشر أنظمة الذكاء االصطناعي المتطورة القائمة على التعلم العميق‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التحليلت‬
‫تقوم التحليالت التي تعتمد على الذكاء االصطناعي باختبار كميات هائلة من البيانات للبحث‬
‫عن السلوكيات‪ ،‬التجمعات والعالقات وتسمح للصناعة باالنتقال من مجرد التحليل الوصفي إلى‬
‫التنبؤ في الوقت الفعلي‪ ،‬ويمكن للتعلم اآللي أن يحسن العمليات مثل نمذجة المخاطر أو التعرف‬
‫على الهوية أو كشف االحتيال أو ضمان االئتمان‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mangani D, 5 AI Application I Banking to Look out for in Next 5 Years, available at:‬‬
‫‪https://www.analyticsvidhya.com/blog/2017/04/5-ai-applications-in-banking-to-look-outfor-in-next-5-‬‬
‫)‪years/(18/07/2021 at 11h.02‬‬
‫‪ 2‬كتاب جماعي‪ ،‬اشراف أبو بكر خوالد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬

‫‪17‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خامسا‪ :‬إنشاء التقارير‬


‫يمكن أن تحول اللغات الطبيعية إلى نثر‪ ،‬ويمكن كتابة التقارير والملخصات عن طريق تجميع‬
‫كميات كبيرة من البيانات المهيكلة ووضعها في شكل فقرات تسلط الضوء على النقاط الرئيسية‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬أتمتة العمليات اآللية ‪RPA‬‬
‫يستخدم ‪RPA‬عددا من التقنيات لتكرار األنشطة البشرية الروتينية تلقائيا وبشكل متكرر وبدقة‬
‫أكبر‪ ،‬حيث يستعمل المدخالت (سواء على الورق أو رقميا)‪ ،‬وتفحص هذه المدخالت وتطبق‬
‫عليها القواعد‪ ،‬ثم يتم إرسال اإلخراج إلى الخطوة التالية في العملية‪ ،‬وقد استثمرت جي بي مورغان‬
‫في مثل هذه التكنولوجيا‪ ،‬ويطلق عليها اسم ‪ COIN،‬وتقوم المنصة بتحليل المستندات القانونية‬
‫‪1‬‬
‫واستخراج نقاط البيانات المهمة والعبارات بشكل أسرع بكثير‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أنظمة النقل الذكية‬
‫في صناعة النقل منذ عدة سنوات‪ ،‬بدأ المصنعون يزيدون من براعتهم في دمج التقنيـات الجديدة في‬
‫سيارات الركاب ووسائل النقل العام مـن أجـل تسـهيل الحيـاة اليوميـة‪ ،‬وبفضـل التقنيات المتطورة بشكل‬
‫متزايد‪ ،‬أصبحت مركبات النقل مثل السيارات والطائرات والقطارات وما إلى ذلك أكثر موثوقية وكفاءة‬
‫فهـي متصـلة ومجهـزة بـأجهزة استشعار مختلفة‪ ،‬وأجهزة رادار‪ ،‬وكاميرات‪ ،‬ونظام تحديـد المواقـع‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ونظـام تثبيـت السرعـة‪. ...‬‬
‫إذا تم استبدال أسطول السيارات بأكمله بسيارات ذاتية القيـادة‪ ،‬فـإن حركـة المـرور في المدن ستكون‬
‫أكر مرونة‪ ،‬ولن يكون هناك أي اختناقات مرورية تقريبـا ألن الشـبكة بأكملهـا ستكون مترابطة ولن‬
‫يتم إيقاف السيارات‪ ،‬ألنهم سيكونون قادرين عـلى إيقـاف سـياراتهم في أقرب موقف للسيارات بعد‬
‫التوقف‪ ،‬هذا باإلضافة الى تطور شبكة السكك والميترو والترامواي والى غير ذلك من وسائل النقل‬
‫الضخمة كالطائرات والبواخر‪ ،‬ومساهمتها في تسهيل التنقل والحركة عبر العالم للبشر والسلع‪.‬‬
‫الغرض من استعمال الذكاء االصطناعي في النقل هي كما يلي‪:3‬‬
‫• تحسن السالمة على الطرق‪.‬‬
‫• تحسن تدفق حركة المرور‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Fintechnews Singapore, the Potential of AI in Banking, available at:‬‬
‫‪http://fintechnews.sg/27160/ai/the-potential-of-ai-in-banking-report/ (15/07/2021 at 17h.00).‬‬
‫عبد هللا موسى‪ ،‬أحمد حبيب بالل‪ ،‬الذكاء االصطناعي (ثورة في تقنيات العصر)‪ ،‬المجموعة العربية للتدريب والنشر‪ ،‬ط ‪ ،1‬مصر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2019‬ص ‪.82‬‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪18‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫• إعــادة التفكــر في نمــوذج اســتخدام الســيارة عــن طريــق الــذكاء االصــطناعي والبيانــات‬
‫الضخمة‪.‬‬
‫• تحسن الوقت المستغرق أثناء النقل‪ ،‬واستخدام هذا الوقت لشيء آخر غر القيـادة‪ ،‬مثل السالمة‬
‫على الطرق فهي السبب الرئيسي‪ ،‬حيـث تشـر التقـديرات إلى أن أكثـر من ‪٪80‬من حوادث الطرق‬
‫سببها خطأ بشري‪ ،‬فإذا كانت جميع السيارات مستقلة ومتصلة‪ ،‬فإن عدد حوادث الطرق سوف‬
‫ينخفض بشكل كبر‪ ،‬فالسـيارات سـتتفاعل بسرعة أكبر‪ ،‬وقبل كل شيء‪ ،‬بشكل أكر عقالنية في‬
‫حالة الخطر‪.‬‬
‫ي‪1‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬المجال العسكر‬
‫الدور الواسع الذي يمكن أن يلعبه الذكاء االصطناعي في تعزيز القدرات العسكرية التقليدية‬
‫دور يفوق كونه‬
‫والمتطورة‪ ،‬سواء من الناحية التشغيلية أو على المستوى التكتيكي‪ .‬حيث إنه يلعب ًا‬
‫"سالحا" في حد ذاته‪ .‬فعلى المستوى التشغيلي‪ ،‬يعزز الذكاء االصطناعي من القدرات العسكرية من‬
‫ً‬
‫خالل إمكانات (االستشعار عن بعد‪ ،‬واإلدراك اللحظي للمتغيرات‪ ،‬والمناورة‪ ،‬واتخاذ القرار تحت‬
‫ضغط)‪.‬‬

‫أما على المستوى االستراتيجي التكتيكي في صنع القرار العسكري‪ ،‬فستتمكن أنظمة القيادة‬
‫المعززة بتكنولوجيا الذكاء االصطناعي من تجنب العديد من أوجه القصور المالزمة لعملية اتخاذ‬
‫بناء‬
‫الق اررات االستراتيجية التقليدية‪ ،‬حيث ستكتسب القدرة على اتخاذ القرار السريع ‪-‬بل والتلقائي‪ً -‬‬
‫ويكسبها ميزةً تنافسي ًة مقارن ًة‬
‫جنبها األخطاء البشرية‪ُ ،‬‬
‫على المعلومات المعززة‪ ،‬وهو األمر الذي ُي ّ‬
‫بأنظمة اتخاذ القرار التقليدية‪.‬‬

‫سيؤدي إدماج الذكاء االصطناعي في نظم األسلحة ذاتية التشغيل والروبوتات إلى التوسع في‬
‫استخدامها‪ ،‬وإلى الحد من قدرات أنظمة الردع الحالية‪ ،‬ولقد شهد استخدام أنظمة األسلحة المعززة‬
‫كبير‪.‬‬
‫توسعا ًا‬
‫ً‬ ‫بالذكاء االصطناعي‪ ،‬والتي تنفذ مهامها بالكامل دون تدخل بشري‪،‬‬

‫وبالتالي فإن إدماج الذكاء االصطناعي في المجال العسكري سيؤدي إلى إدخال متغير جديد‬
‫في المعادلة العسكرية‪ ،‬لن تتساوى فيه الجيوش التي تستخدم تلك التكنولوجيا الجديدة مع غيرها‪،‬‬

‫‪ 1‬جيمس جونسون‪ ،‬أتمتة الحرب ( تأثير الذكاء االصطناعي في سباق التسلح)‪ ،‬مقال شوهد بتاريخ ‪ 2021/08/23‬على الساعة‪14:57 :‬‬
‫على موقع‪https://futureuae.com/ar/Home/Index/2 :‬‬

‫‪19‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن ثم سيحدث مجموعة من اآلثار االستراتيجية التي من المحتمل أن تزعزع االستقرار األمني إلى‬
‫حد كبير‪ ،‬وتؤثر على ديناميكيات الصراع والتصعيد العسكري في المستقبل‪.‬‬

‫ومن بين أبرز التهديدات األمنية المحتملة والمترتبة على التوسع في استخدام الذكاء‬
‫االصطناعي في المجال العسكري‪ ،‬تشمل األمن بمفهومه الواسع الذي يتضمن األمن الرقمي (مثل‪:‬‬
‫التصيد الموجه‪ ،‬واختالق الخطاب أو التصنيع الصوتي‪ ،‬وانتحال الهوية‪ ،‬والتسلل اآللي والتطفل‬
‫على البيانات)؛ واألمن المادي (مثل الهجمات المنفذة من أسراب الطائرات بدون طيار)؛ و ًا‬
‫أخير‬
‫األمن السياسي (مثل عمليات المراقبة والخداع واإلكراه)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬المجال الطبي‬

‫إستفاد القطاع الصحي من إستخدامات الذكاء اإلصطناعي بشكل كبير في مجاالت عدة ‪،‬‬
‫حيث بات ُيعتمد عليه في التشخيص وإنتاج األدوية وتحسين سير العمل داخل أروقة المستشفيات‬
‫وبين األقسام الطبية وغيرها‪ .‬الذكاء اإلصطناعي يمنح جهاز الكمبيوتر القدرة على التعّلم من خالل‬
‫إدخال بيانات ضخمة والعمل على تطوير نظام آلي أي أنها آالت قادرة على التعلم والمعالجة‬
‫المنطقية للبحث لتحقيق التكامل بين عمل األطباء والمقصود هنا الذكاء البشري مع الذكاء‬
‫االصطناعي لتحقيق المزيد من التطورات في القطاع الصحي ‪.‬‬

‫استفادت المستشفيات من تقنيات الذكاء االصطناعي الدارة العمل وتنظيم ملفات المرضى بعد‬
‫إدخال مجموعة من البيانات الضخمة إلى أنظمة الحواسيب‪ ،‬ما يسمح الوصول الى المعلومة بفترة‬
‫زمنية أسرع‪ .‬السجالت الطبية اإللكترونية جعلت عملية إستخراج البيانات ودراسة أنواع العالج أسهل‬
‫بكثير‪ ،‬فتحولت ملفات المرضى والوصفات الطبية الورقية المكتوبة بخط اليد إلى شيء من الماضي‬
‫فازدادت بيانات الرعاية الصحية اإللكترونية بشكل هائل‪ .‬وبالتالي فإن تحليل تلك البيانات التي تضم‬
‫معلومات حول المرضى يمكن أن يتم إنجازه بشكل أسرع ويمكن إنقاذ المزيد من األرواح عبر تشغيل‬
‫خوارزميات تم تصميمها باستخدام الذكاء اإلصطناعي‪ ،‬هذه اإليجابية من شأنها أن تساعد أخصائي‬

‫ما هي إستخدامات الذكاء اإلصطناعي في قطاع الرعاية الصحية؟ ‪ ،‬مقال شوهد يوم ‪ 2021/08/25‬على الساعة‪ 15:38 :‬على موقع‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪https://www.thearabhospital.com‬‬

‫‪20‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الرعاية الصحية والعاملين في أقسام الطوارئ من الوصول إلى كميات كبيرة من المعلومات وفرزها‬
‫خالل مدة زمنية قصيرة‪ ،‬ما يسهم بالتالي في تقليص الوقت الحرج الذي يتم تكريسه للمريض الواحد‬
‫بالشكل األمثل‪.‬‬

‫تشخيص األمراض وإمكانية فحص أعداد كبيرة من المرضى في وقت قصير أبرز إستخدامات‬
‫الذكاء اإلصطناعي‪ ،‬حيث حّقق هذا المجال تقدماً ملحوظاً على مستوى التشخيص المبكر وإكتشاف‬
‫األمراض في أولى مراحلها وربما قبل حدوثها أو إنتشارها وتفاقمها من خالل تحليل صور األشعة‪،‬‬
‫وتفشيها من خالل إستخدام تحليالت الذكاء اإلصطناعي يعتمد‬
‫حيث أن إمكانية التنبؤ باألمراض ّ‬
‫على تحليل البيانات والتنبؤ باألمراض السيما السرطان‪ ،‬وبكل تأكيد من دون أن يلغي ذلك دور‬
‫الطبيب‪.‬‬
‫الدراسات والتجارب القائمة في هذا الشأن تثبت التكامل فيما بين عمل الطبيب المعالج مع‬
‫خوارزميات الذكاء اإلصطناعي حيث يمكن لتقنيات التعلم العميق تحليل البيانات الجينية ألعداد‬
‫كبيرة من األفراد‪ ،‬وتحديد التباين الشخصي في اإلستجابة للعقاقير‪ ،‬ما يسهم في دعم الق اررات السريرية‬
‫وبالتالي تقديم توصيات حول أنسب العقاقير لكل شخص‪ .‬التجارب الناجحة في هذا المجال أفضت‬
‫إلى القيام بالمزيد من اإلستخدامات فتم جمع بيانات صحية ضخمة لتحليلها باستخدام الذكاء‬
‫اإلصطناعي بهدف تطوير مجال الطب الدقيق‪.‬‬
‫المستخدم في غرف العمليات والذي يمكن أن يصل الى ما ال تصل إليه يد الجراح؛‬
‫الروبوت ُ‬
‫هذا الجراح القادر على تحريك أذرع الروبوت والوصول الى المكان المحدد فيساعد األطباء على‬
‫التخطيط للتدخل الجراحي بالتفصيل ما يعكس هذا التكامل في غرف العمليات‪.‬‬
‫اجراء اإلختبارات والتجارب العلمية واألبحاث السريرية القائمة حول العالم إستفادت بشكل كبير‬
‫من خوارزميات الذكاء اإلصطناعي‪ ،‬حيث توج العلماء والباحثون إلى إستخدام البيانات التي يتم‬
‫جمعها بواسطة تقنيات الذكاء اإلصطناعي من السجالت الصحية اإللكترونية واألجهزة القابلة‬
‫لإلرتداء ما أسهم في توفير األموال الضخمة التي كانت تُصرف في هذا المجال‪ .‬كما تسمح هذه‬
‫التقنيات بالبحث في التقارير الطبية عن األشخاص المؤهلين للمشاركة في التجارب السريرية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مجاالت أخرى‬


‫استخدم الذكاء االصطناعي بنجاح في مجموعة واسعة من المجاالت من بينها النظم الخبيرة‬
‫ومعالجة اللغات الطبيعية وتمييز األصوات وتمييز وتحليل الصور والصور والفيديو وكذلك التشخيص‬
‫الطبي‪ ،‬وتداول األسهم‪ ،‬والتحكم اآللي والروبوتات‪ ،‬والقانون‪ ،‬واالكتشافات العلمية‪ ،‬وألعاب‬
‫الفيديو ولعب أطفال ومحركات البحث على اإلنترنت‪ .‬والمنازل الذكية‪ ،‬وعلوم الفضاء خاصة في‬
‫تصميم مختلف اآلالت الخاصة بالقيام بمهام في الفضاء المتعلقة أساسا بغرض البحث العلمي‪ ،‬ففي‬
‫كثير من األحيان عندما يتسع استخدام التقنية ال ينظر إليها بوصفها ذكاء اصطناعيا‪ ،‬فتوصف‬
‫أحيانا بأنها أثر الذكاء االصطناعي‪ .‬ومن الممكن أيضا دمجها في الحياة االصطناعية‪.1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مخاطر الذكاء االصطناعي‬

‫الذكاء االصطناعي هو الموضة الجديدة التي يدور الحديث حولها في كل المجاالت‪ ،‬في‬
‫أجهزة الهواتف الذكية‪ ،‬في األجهزة المنزلية‪ ،‬في التلفزيونات‪ ،‬في األسلحة‪ ،‬وأيضاً في السيارت الذكية‪،‬‬
‫التي يفترض أن تنتشر قريباً في شوارع مدننا خالل ‪ 5‬سنوات‪ ..‬القلق الحقيقي‪ ،‬وفق بعض الخبراء‪،‬‬
‫هو أنه وبحلول العام ‪ ،2075‬سـتصل آالت مزودة بقدرات خاصة إلى مستويات ذكاء تفوق مستوى‬
‫اإلنسان تمكنها من اتخاذ ق اررات بشكل ذاتي‪ ،‬من دون العودة إلى أي مرجعية بشرية‪.‬‬

‫هذا التقدم سيكون له تأثيرات اجتماعية واقتصادية‪ ،‬فمن المتوقع أن يكون هناك مزيد من‬
‫الفروقات الهائلة في مستويات الدخل بين األفراد وما قد يتبعها من اهت اززات أمنية وسياسية واقتصادية‪،‬‬
‫وما نراه اليوم من احتجاجات عالمية من سائقي سيارات األجرة على تطبيقات توجيه القيادة لسيارات‬
‫األجرة يعطي لمحة واضحة عن هذا األثر‪.‬‬

‫مما سبق التطرق اليه قسمنا هذا المطلب الى فرعين‪ ،‬أما الفرع األول فخصص لألمن القومي‪،‬‬
‫والفرع الثاني خصصناه الى األمن الداخلي‪.‬‬

‫ذكاء االصطناعي‪ ،‬موقع ويكيبيديا السالف الذكر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪22‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األمن القومي‬


‫المخاطر المرتبطة بالذكاء االصطناعي في مجال األمن القومي يمكن على سبيل المثال‬
‫لعملية صنع القرار المؤتمتة بالكامل في مجال األمن القومي أن تؤدي إلى أخطاء مكلفة ووفيات‪.‬‬
‫إذ يكثر في الحكايات عن الحرب الباردة (وقصص األفالم) ذكر بلدان وصلت إلى حافة الحرب‬
‫‪1‬‬
‫النووية بسبب خلل في أنظمة دفاعها النووية المؤتمتة‪.‬‬
‫يبحث تقرير صدر مؤخ ار عن ‪DefenseOne Lohn, Parasiliti, and Welser,‬‬
‫‪ 2016‬موقع ديفنس وان بقلم باحثين في مؤسسة ‪ RAND‬في المسألة الشائكة حول أسلحةّ‬
‫الذكاء االصطناعي التي تعمل بدون تدخل بشري وتم تحديد األمن اإللكتروني كمجال خصب‬
‫بشكل خاص لمواطن الضعف الناجمة عن الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫من أبرز وظائف األدوات االصطناعية (سواء المعلوماتية أو اإللكترونية المادية منها) التالعب‬
‫الفعال بالمعلومات‪ ،‬لذا فقد تالئم األدوات االصطناعية علىٍ نحو خاص حروب المعلومات‬
‫وتطبيقات األمن اإللكتروني‪ ،‬ويمكن لتعزيز البرامج الضارة التي تستهدف إنترنت األشياء ‪ IoT‬أمثال‬
‫ميراي‪ Mirai Newman, 2017‬من خالل الذكاء أن يحسن إلى حد كبير من اإلمكانات‬
‫االستراتيجية لهذه البرامج‪ .‬ويشكل برنامج ستاكسنت ‪ Stuxnet Langner, 2011‬خير مثال عن‬
‫كم يمكنً للبرامج الضارة أن تكون حاسمة ومتقدم ًة ودقيقة في استهدافها االستراتيجي‪ ،‬ومن العوامل‬
‫التي تقيد الذكاء المستخدم في البرامج الضارة الحاجة إلبقاء حموالت هذه البرامج صغيرة لمنع‬
‫‪2‬‬
‫اكتشافها‪.‬‬

‫وأحد تلك المخاوف هو القلق من انفجار المعلومات االستخبارية بشكل مفاجئ يسبق البشر‪،‬‬
‫قادر على إعادة كتابة‬
‫ففي أحد السيناريوهات استطاع برنامج حاسوبي من مضاهاة صانعه‪ ،‬فكان ًا‬
‫خوارزمياته و مضاعفة سرعته و قدراته خالل ستة أشهر من زمن المعالجة المتوازية‪ ،‬و عليه من‬
‫المتوقع أن يستغرق برنامج الجيل الثاني ثالثة أشهر ألداء عمل مشابه‪ ،‬و في قد يستغرق مضاعفة‬
‫قدراته وقتًا أطول إذا كان يواجه فترة خمول أو أسرع إذا خضع إلى ثورة الذكاء االصطناعي و الذي‬
‫يسهل تحوير أفكار الجيل السابق بشكل خاص إلى الجيل التالي‪ .‬في هذا السيناريو يمر النظام لعدد‬
‫ْ‬

‫أوسوندي أوسوبا وويليام ويلسر الرابع‪ ،‬مخاطر الذكاء االصطناعي على األمن ومستقبل العمل‪ ،‬مؤسسة ‪،(www.rand.org) RAND‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2017‬ص‪.05‬‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.06‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪23‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كبير من األجيال التي تتطور في فترة زمنية قصيرة‪ ،‬تبدأ بأداء أقل من المستوى البشري وتصل إلى‬
‫أداء يفوق المستوى البشري في جميع المجاالت‪.1‬‬

‫استخدام تقنيات الذكاء االصطناعي التي تطبقها جهات خارجية ألساليب التدخل في الشبكات‪.‬‬
‫فقد أفادت وكاالت االستخبارات األمريكية أنها تعتقد أن دورة االنتخابات األمريكية التي انعقدت‬
‫تعرضت لتدخل أجنبي تجاوز حده من خالل هجمات إلكترونية خارجية ‪Paletta‬‬
‫ّ‬ ‫مؤخ ار عام ‪2016‬‬
‫‪ 2016‬وتمثلت هذه الهجمات بشكل إصدارات عامة انتقائية لبيانات خاصة مسربة في محاولة‬
‫للتأثير في آراء الناخبين‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األمن الداخلي‬

‫يترتب على انتشار الذكاء االصطناعي العديد من السلبيات والمشكالت التي تؤثر على المجتمع‬
‫ككل‪ ،‬فبالنسبة لحلوله محل األيدي العاملة في العديد من الوظائف‪ ،‬بسبب القدرة والمهارة الكبيرة‬
‫المتوافرة به مقارنه بالبشر‪ ،‬سوف يستغنى الكثير من أصحاب األعمال عن هؤالء مقابل برامج الذكاء‬
‫االصطناعي التي تقوم بأعمالهم بتكلفه أقل وجودة أعلى‪ ،‬مما ينتج عن ذلك البطالة وظهور العديد‬
‫من الجرائم المرتبطة بالبطالة كالسرقة والمخدرات ‪ -‬سواء اتجار أو تعاط ‪ -‬والجرائم الجنسية‬
‫‪2‬‬
‫واالنتحار‪.‬‬

‫انتهاك الحياة الخاصة وخصوصية اإلنسان تعتبر من أهم السلبيات التي ستنتج عن تنامى‬
‫الذكاء االصطناعي بدون تقنينه ووضع ضوابط وحدود قانونية له‪ ،‬فجميع الخدمات التكنولوجية حالياً‬
‫والتي يتسع انتشارها بكثرة تفرض على المستخدمين الموافقة على السماح لبرمجيات الذكاء‬
‫االصطناعي بسحب بيانات معينة سواء من هاتف المستخدم أو من الوسيلة التي يستخدمها في‬
‫الوصول لتلك التكنولوجيا‪ ،‬وتقوم بتحليل تلك البيانات والحصول على اهتماماته الستغاللها في أهداف‬
‫‪3‬‬
‫كثيرة وأهمها األهداف التجارية‪.‬‬

‫الخطر الوجودي من الذكاء االصطناعي العام‪ ،‬مقال شوهد يوم ‪ 2021/08/29‬على الساعة ‪ 13.32‬على موقع‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki‬‬
‫‪Gentsch P. , AI in Marketing, Sales and Service. Palgrave Macmillan, Cham, 2019, p. 50‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ 3‬يحي إبراهيم دهشان‪ ،‬المسئولية الجنائية عن جرائم الذكاء االصطناعي‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة االمارات‪ ،2019 ،‬ص‬
‫‪.20‬‬

‫‪24‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫استخدام األدوات االصطناعية في األمن الداخلي بتسليط الضوء على أبرز المخاطر المرتبطة‬
‫بالذكاء االصطناعي تعكس أعمال مراقبة الحكومة في أفضل حاالتها نية الحكومة بالعمل‪ ،‬إال أن‬
‫النية قد ال تحمل الثقل المعنوي أو القانوني نفسه كاألعمال سبق أن بات استخدام األدوات‬
‫االصطناعية في مجال األمن الداخلي شائعا وهو لم يعد بالتالي مجرد تبصر‪ ،‬وقد كتب علماء‬
‫ً‬
‫القانون ‪ Citron, 2007‬الكثير حول استخدام النظم الخوارزمية أو القائمة على البيانات للمراقبة أو‬
‫للقانون اإلداري (في مجال إدارة استحقاقات الرعاية االجتماعية على سبيل المثال)‪ .‬وتناقش تقارير‬
‫سابقة لمؤسسة ‪ Perry et al., 2013 RAND‬استخدام الخوارزميات التنبؤية للشرطة وحدودها‬
‫في إنفاذ القانون المدني األمريكي‪ ،‬ويصف تقرير منظمة برو بوبليكا ‪ ProPublica‬الذي صدر‬
‫مؤخ ار ‪ Angwin, Larson Mattu, and Kirchner, 2016‬حول تحيز اآلالت‪ ،‬استخدام‬
‫الخوارزميات في إجراءات العدالة الجنائية‪ ،‬ويناقش التقرير استخدام خوارزمية كومباس‬
‫‪COMPAS‬لتقدير العودة إلى اإلجرام في نظام العدالة الجنائية في جلسات استماع إطالق السراح‬
‫‪ COMPAS‬كان يعطي نتائج متحيزة على نحو منهجي‪.‬‬ ‫المشروط‪ ،‬إذّ تبين أن نظام كومباس‬
‫وهذا لتحيز‪ ،‬إلى جانب االستخدام المضلل للنظام في إجراءات الكفالة وإصدار األحكام‪ ،‬أدى إلى‬
‫أوجه تفاوت كبيرة في نتائج األحكام الجنائية في المحاكم التي تستخدم هذه التكنولوجيا‪. 1‬‬
‫وتعد أنظمة الذكاء االصطناعي المستخدمة في البنى التحتية الحيوية (مثل النقل)‪ ،‬التي يمكن‬
‫أن تعرض حياة المواطنين وصحتهم للخطر‪ ،‬والتدريب التعليمي أو المهني‪ ،‬الذي قد يحدد الوصول‬
‫إلى التعليم والمسار المهني لحياة شخص ما (مثل تسجيل االمتحانات)‪ ،‬ومكونات السالمة للمنتجات‬
‫(مثل تطبيقات الذكاء االصطناعي و التوظيف وإدارة العمال والوصول إلى العمل الحر مثل برامج‬
‫فرز السيرة الذاتية إلجراءات التوظيف)‪ ،‬والخدمات األساسية الخاصة والعامة (مثل الحرمان من‬
‫االئتمان الذي يحرم المواطنين من فرصة الحصول على قرض)‪ ،‬وإنفاذ القانون الذي قد يتعارض‬

‫الفرص والتحديات‪ ،‬مقال منشور بتاريخ ‪ 2021/07/03‬على الساعة ‪ 18:36‬على‬


‫أحمد نظيف‪ ،‬النهج األوروبي للذكاء االصطناعي‪ُ :‬‬
‫‪1‬‬

‫موقع‪https://epc.ae/ar/topic/annahj-aluwrubiy-lildhaka-aliastinaei-alfurs-waltahadiyat :‬‬

‫‪25‬‬
‫ماهية الذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مع الحقوق األساسية لألشخاص (مثل تقييم موثوقية األدلة)‪ ،‬وإدارة الهجرة واللجوء ومراقبة الحدود‬
‫(مثل التحقق من صحة وثائق السفر)‪ ،‬وإقامة العدل والعمليات القضائية (مثل تطبيق القانون)‪.‬‬

‫أنظمة الذكاء االصطناعي عالية المخاطر ستخضع الى إلتزامات صارمة قبل طرحها في‬
‫السوق ألنظمة مناسبة لتقييم المخاطر والتخفيف من حدتها‪ ،‬وجودة عالية لمجموعات البيانات التي‬
‫تغذي النظام لتقليل المخاطر والنتائج التمييزية‪ ،‬وتسجيل النشاط لضمان إمكانية تتبع النتائج ووثائق‬
‫مفصلة توفر جميع المعلومات الالزمة عن النظام والغرض منه للسلطات لتقييم االمتثال له‪،‬‬
‫ومعلومات واضحة وكافية للمستخدم‪ ،‬وتدابير الرقابة البشرية المناسبة لتقليل المخاطر‪ ،‬كما تعتبر‬
‫جميع أنظمة تحديد الهوية عن ُبعد عالية المخاطر وتخضع لمتطلبات صارمة‪ .‬ويحظر من حيث‬
‫المبدأ استخدامها المباشر في األماكن المتاحة للجمهور ألغراض إنفاذ القانون‪ ،‬ويتم تحديد‬
‫االستثناءات الضيقة وتنظيمها بدقة (على سبيل المثال عند الضرورة القصوى للبحث عن طفل مفقود‬
‫أو لمنع تهديد إرهابي محدد وشيك أو الكتشاف أو تحديد أو تحديد أو مقاضاة الجاني أو المشتبه‬
‫به في جريمة جنائية خطيرة)‪ ،‬ويخضع هذا االستخدام لترخيص من هيئة قضائية أو هيئة مستقلة‬
‫أخرى‪ ،‬ولحدود مناسبة من حيث الوقت والمدى الجغرافي وقواعد البيانات التي يتم البحث فيها‪.1‬‬

‫أحمد نظيف‪ ،‬مرجع سابق الذكر‬ ‫‪1‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء‬
‫االصطناعي‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تمهيــــد‬
‫الذكاء االصطناعي جديد ذو طبيعة خاصة باعتباره محاك للذكاء البشري في أهم تطبيقاته‪،‬‬
‫وهذا من خالل مجموعة من الميزات لعل من أهمها قدرته على التعلم واالدراك من ثم استقالليته‬
‫في إحداث أثار ملموسة بعيدا عن إرادة المستخدم‪ .‬وقدرة الذكاء االصطناعي في التعلم و االدراك‬
‫ال يعني في الحقيقة تقريبه من الذكاء البشري‪ ،‬لكن ان يكون قاد ار على تغيير افعاله بحسب‬
‫خبرته‪ ،‬وبالتالي ان ال يكون مربوطا باألفعال التي برمج عليها في األصل نتيجة قدرته على التعلم‬
‫واقع يعطيه إمكانية ان يطور نفسه بنفسه‪ ،‬فاألفعال التي برمج عليها في اصله ال تمثل اال إعطائه‬
‫القدرة على التعلم و لكن ليس التعلم في حد ذاته‪ ،‬بل قدرة الذكاء االصطناعي على التفكير‪ ،‬هذه‬
‫الميزة التي تعني التطبيق الحقيقي للمنطق الذي يعتمد في أساسه على الربط بين المعطيات‪،‬‬
‫القياس واالستنتاج‪ ،‬مما يكسبه حرية واستقاللية في تصرفاته واتخاذ الق اررات‪ ،‬حيث أصبح له كيان‬
‫وشخصية تحاكي البشر‪.‬‬
‫أصبح الذكاء االصطناعي يمثل تحد جديد للقانون في مستويات عدة وهذا من حيث مدى‬
‫إمكانية تطبيق القواعد القانونية الموجودة على جميع المسائل القانونية التي يمكن ان يثيرها الذكاء‬
‫االصطناعي كالشخصية القانونية للذكاء االصطناعي‪ ،‬والمسؤولية المدنية والجزائية والجرائم‬
‫والعقوبات‪ ،‬وغيرها من المسائل التي عالجها القانون بحكم االنسان فاعال فيها‪ ،‬فكيف سيكون‬
‫االمر لو كان الذكاء االصطناعي هو محركها األساسي‪.‬‬
‫من الدول الرائدة في استخدام الذكاء االصطناعي تبرز االمارات كدولة نموذجية في العالم‬
‫العربي في مجال استخدام الذكاء االصطناعي في مختلف مجاالت الحياة االجتماعية واالقتصادية‬
‫وغيرها حيث يلقى هذا المجال اهتمام الهيئات العليا في البالد‪ ،‬أما في الجزائر فالجهود التي تبذلها‬
‫الدولة في مجال الذكاء االصط ناعي تبرز من خالل استحداث مكز و مدرسة وطنية عليا للذكاء‬
‫االصطناعي قصد مواكبة التطور في هذا المجال‪.‬‬
‫مما سبق التطرق اليه قمنا بتقسيم هذا الفصل الى مبحثين كما يلي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المسؤولية القانونية عن استخدام الذكاء االصطناعي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نموذج االمارات وجهود الجزائر حول الذكاء االصطناعي‬

‫‪27‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المسؤولية القانونية عن استخدام الذكاء االصطناعي‬


‫الذكاء االصطناعي حقيقة هو سلوك يحاكي الذكاء البشري إلحداث اثار معينة من خالل‬
‫اتخاذ الق اررات بطريقة حرة ومستقلة‪ ،‬لكن يعتمد في أصله على الخوارزميات التي لها مدخالت‬
‫ومخرجات ال يمكن ان تتم اال بمجموعة من الوسائل المادية الملموسة‪ ،‬مما يجعل تصرفات الذكاء‬
‫االصطناعي محل تساؤالت قانونية حول شخصيته القانونية وكذلك مسؤوليته عن أثار تصرفاته‬
‫المدنية والجنائية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي‬
‫هل الذكاء االصطناعي شيء أم شخص‪ ،‬وان كان كذلك ففي أي طائفة يمكن شخصتنه؟‬
‫وبالتالي يجب معرفة مركزه القانوني‪ ،‬الذي تناولناه في الفرع األول‪ ،‬والى واقع الشخصية القانونية‬
‫للذكاء االصطناعي في التشريع كفرع ثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المركز القانوني للذكاء االصطناعي‬
‫يمثل الذكاء االصطناعي تحد جديد للقانون في مستويات عدة وهذا من حيث مدى إمكانية‬
‫تطبيق القواعد القانونية الموجودة على جميع المسائل القانونية التي يمكن ان يثيرها الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬لذلك حاول العديد من الفاعلين في ميدان الذكاء االصطناعي لفت انتباه القانونيين‬
‫الى ضرورة العمل وبجدية على خلق قواعد قانونية جديدة خاصة بالذكاء االصطناعي واستبعاد‬
‫تطبيق القواعد التقليدية‪ ،‬وكانت حجتهم األساسية في ذلك الطبيعة الخاصة التي تتميز بها هذه‬
‫‪1‬‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬وقد بدأت فعال الخطى تسير في هذا الطريق لكن بوتيرة بطيئة متخوفة‪.‬‬
‫إن منح الشخصية القانونية للروبوتات الذكية‪ ،‬يبدو أم اًر مهم ألنه يحد من مسئولية المالك‪.‬‬
‫ولكن هذا الخيال القانوني ال يفي بالمعايير التقليدية للشخصية القانونية‪ ،‬وذلك للمبالغة في تقدير‬
‫القدرات الفعلية للروبوتات‪ .‬فضالً عن أن منح الشخصية القانونية للروبوتات مثل الشخص‬
‫الطبيعي أم اًر صعب للغاية‪ ،‬ألن الروبوت في هذه الحالة سيتمتع بحقوق اإلنسان‪ ،‬مثل الحق في‬
‫الكرامة والمواطنة‪ .‬وهذا يتعارض مع ميثاق الحقوق األساسية لالتحاد األوربي واتفاقية حماية‬
‫حقوق اإلنسان والحريات األساسية‪ .‬كما أنه ال يمكن منحه الشخصية القانونية على غ ارر الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬وذلك ألن الشخص المعنوي يخضع لتوجيه األشخاص الذين يمثلونه‪ ،‬وهذا ال ينطبق‬

‫بن عثمان فريدة‪ ،‬الذكاء االصطناعي (مقاربة قانونية) ‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،2020 ،02‬ص ‪.157‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪28‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫على الروبوتات الذكية‪ ،‬فاالعتراف بالشخصية القانونية للذكاء االصطناعي ككيان قانوني‪ ،‬سيؤدي‬
‫‪1‬‬
‫إلى تخلص المنتجين والجهات المسئولة األخرى من مسئوليتهم‪.‬‬
‫ويري بعض الفقه أن الشخصية القانونية الطبيعية تمنح للكيان المادي لإلنسان بصرف‬
‫النظر عن إدراكه وفهمه‪ ،‬وهذا يعد أمر شائك بالنسبة للذكاء االصطناعي‪ .‬فربط المسؤولية‬
‫القانونية ب الشخصية القانونية أمر غير صحيح‪ ،‬ألنه ليس كل من يتمتع بالشخصية القانونية يعد‬
‫مسئوالً من الناحية القانونية عن أفعاله‪ ،‬فالشخص غير العاقل يتمتع بالشخصية القانونية والذمة‬
‫المالية المستقلة رغم أنه يفتقد للمسئولية المدنية‪ .‬وهذا ليس معناه أن مثل هذه األشخاص تعفي من‬
‫المسؤولية مطلقاً‪ ،‬بل يتم نقل عبء هذه المسؤولية للشخص المسئول عنه ومطالبته بالتعويض‪.2‬‬
‫ولكن في ظل التطور الذي وصلت إليه الروبوتات الذكية حتى أصبحت تحاكي البشر‪ ،‬هذا‬
‫يدعونا إلى التفكير في منحها الشخصية القانونية ألن الغرض من منح الشخصية ليس تمتع الذكاء‬
‫االصطناعي بالحقوق الكاملة لإلنسان‪ ،‬بل التوصل إلى تحديد الشخص المسئول عن حدوث‬
‫الضرر‪ .‬فنحن نعلم أن الذكاء االصطناعي يشترك في إنشائه ككيان أكثر من شخص (مثل المنتج‬
‫والمبرمج) فضالً عن استخدامه من قبل المالك‪ .‬فعندما يحدث الضرر يضطر الضحية للبحث عن‬
‫المسئول‪ .‬وهذا يدفعنا إلى القول بأنه يتعين معاملة كيانات الذكاء االصطناعي كشخصيات‬
‫قانونية‪ ،‬إلخضاعهم للمساءلة القان ونية مثل الشركات‪ ،‬ألن هذا من شأنه أن يعزز النظام القانوني‬
‫الحالي لمواجهة التحديات التي يمكن أن يثيرها الذكاء االصطناعي‪ .‬وذلك عن طريق إعداد النظام‬
‫القانوني الحالي للتغير التكنولوجي وتمكين تلك الكائنات من التفاعل مع البشر وإفادتهم‪.3‬‬
‫وخير مثال على ذلك ما حدث في قضية ‪ In Klein v. U.S‬التي تتلخص وقائعها في قيام‬
‫الطيار بوضع الطائرة على الطيار اآللي أثناء الهبوط على الرغم من تحذير اللوائح من استخدامه‬
‫في ذلك‪ .‬مما أدى إلى إلحاق ضرر جسيم بالطائرة بسبب الهبوط السيء من قبل الطيار اآللي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪J. Delcker, Europe divided over robot personhood available at https://www.politico.eu/article/europe-‬‬
‫‪divided-over-robot-aiartificial-intelligence-personhood/ ANOSCH DELCKE ANOSCH DELCKER‬‬
‫‪JANOSCH DELCKERR‬‬
‫محمد عرفان الخطيب‪ ،‬المسئولية المدنية والذكاء االصطناعي‪...‬إمكانية المساءلة؟‪ ،‬دراسة تحليلية معمقة لقواعد المسؤولية المدنية في القانون‬ ‫‪2‬‬

‫المدني الفرنسي‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‪ ،‬السنة الثامنة‪ ،‬العدد األول‪ ،2020، ،‬ص ‪.120‬‬
‫عبد الرازق وهبه سيد احمد محمد‪ ،‬المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء االصطناعي "دراسة تحليلية"‪ ،‬مجلة جيل األبحاث القانونية المعمقة‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫العام الخامس‪ ،‬العدد ‪ ،43‬لبنان‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2020‬ص ‪.19‬‬

‫‪29‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فعلى الرغم من وجود خطأ من جانب الطيار اآللي إال أن الطيار كان وراء هذا الخطأ‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪1‬‬
‫كان مسئوالً عن األضرار التي لحقت بالطائرة‪.‬‬
‫ونستنتج من ذلك أن الغرض من االعتراف بالشخصية القانونية للذكاء االصطناعي هو‬
‫التوصل إلى تحديد الشخص المسئول عن األضرار التي تسبب فيها الذكاء الصطناعي‪.‬‬
‫فاالعتراف للذكاء االصطناعي بالحقوق‪ ،‬يحميه من اعتداء الغير‪ ،‬كما أن تحمله االلتزامات‬
‫‪2‬‬
‫الناجمة عن أفعاله سيحمي األشخاص األخرين‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬واقع الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي في التشريع‬


‫اعترفت العديد من االتفاقيات الدولية والتشريعات الوضعية بطريقة غير مباشرة بخصائص‬
‫ودور الذكاء االصطناعي وتطبيقاته‪ ،‬لكنها لم تتضمن معالجة شاملة للجوانب المختلفة المتعلقة‬
‫به‪ ،‬حيث تعاملت معها بنفس الطريقة باعتبارها تنتمي لمجموعة واحدة دون التمييز بينها تبعا‬
‫لدرجة تطورها واستقالليتها‪ .‬كما خلطت بين مفهوم االستقاللية واألتمتة لهذه البرامج‪ ،‬فمعظمها‬
‫اعتبر اعماله امتدادا لمستخدميها‪ .‬وعلى الصعيد الدولي فان القانون النموذجي للتجارة االلكترونية‬
‫لم يتطرق صراحة للذكاء االصطناعي وانما أشار الي رسائل البيانات التي يتم انشاؤها اوتوماتيكيا‬
‫بواسطة أجهزة الكومبيوتر دون تدخل بشري‪ .‬كما تطرقت اتفاقية األمم المتحدة بخصوص استخدام‬
‫الخطابات االلكترونية في العقود الدولية الي األفعال التي تقوم بها نظم المعلومات أي الوكالء‬
‫‪3‬‬
‫االلكترونيون‪.‬‬
‫على الصعيد األوروبي وفي إطار تنظيم التجارة االلكترونية لم يشر مباشرة للذكاء‬
‫االصطناعي وتطبيقاته ولكن سمح بإبرام العقود بالوسائل االلكترونية‪ ،‬لكن النقلة القانونية النوعية‬
‫التي حدثت بخصوص االعتراف بالذكاء االصطناعي هو قرار البرلمان األوروبي لسنة ‪2017‬‬
‫حول قواعد القانون المدني بشأن الروبوتات أين يعترف بخصوصية الروبوتات المزودة بقدرة التعلم‬

‫‪1‬‬
‫– ‪S. Singh, Attribution of Legal Personhood to Artificially Intelligent Beings, Bharati Law Review, July‬‬
‫‪Sept., 2017, p.199.‬‬
‫عبد الرازق وهبه سيد احمد محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪2‬‬

‫بن عثمان فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.160‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪30‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وضرورة تطوير قواعد جديدة للمسؤولية تأخذ بعين االعتبار مدى تطور الروبوتات وسيطرة‬
‫‪1‬‬
‫المستخدم البشري عليها ‪.‬‬
‫فحسب هذا التقرير يعتبر أن الشخص االلكتروني هو كل روبوت يتخذ ق اررات مستقلة‬
‫بطريقة ذكية او يتفاعل بطريقة مستقلة مع الغير‪ ،‬والروبوت في حقيقة األمر هو آلة تحمل ذكاء‬
‫اصطناعيا في العالم المادي وعليه فالروبوت هو ذكاء اصطناعي غير ظاهر او افتراضي أين‬
‫يمكن لذلك الذكاء أن يظهر استقالليته‪ .‬وعليه يمكن للروبوت ان يحل محل االنسان إلتمام مهام‬
‫معينة حسب البرلمان األوروبي‪ ،‬وهذا ما دفع به للبحث عن طبيعة انتماء الروبوت من حيث‬
‫المجموعات القانونية الموجودة (شخص طبيعي‪ ،‬شخص معنوي‪ ،‬حيوان او شيء‪ )،‬وعليه فهو يرى‬
‫أنه ال يمكن إدخاله ضمن أحد المجموعات هاته‪ ،‬وانما يحتاج لمجموعة جديدة تحمل شخصية‬
‫قانونية خاصة بهذا التطبيق للذكاء االصطناعي‪ .‬البعض من القانونيين كانوا يرون أن القانون‬
‫قابل للتطبيق على المعامالت االلكترونية لكن في نهاية المطاف كان ذلك صعبا مما دفعهم في‬
‫األخير الى ابتداع قواعد خاصة بالمعامالت االلكترونية ال سيما تلك المتعلقة بالمعطيات‪ ،‬نفس‬
‫الشيء بالنسبة للذكاء االصطناعي الذي بدأ يأخذ مكانه شيئا فشيئا في حياة االنسان االجتماعية‬
‫واالقتصادية وغيرها من المجاالت مما يجعلها مصد ار للمسؤولية وهذا ما يبرر توجه االتحاد‬
‫األوروبي‪ ،‬فالروبوت حسب هذا التوجه يعتبر كشخص في المنظومة القانونية مثله مثل الشخص‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫هذا النظام القانوني الجديد يتطلب تعاون كل من له عالقة بخلق واستعمال الروبوت‬
‫( المصمم‪ ،‬مطور معالجة المعلومات‪ ،‬المصنع‪ ،‬المستعمل) وعليه خصائص هذه الشخصية‬
‫‪2‬‬
‫القانونية الجديدة تبقى غامضة‪.‬‬
‫أما الجزائر‪ ،‬وفي خضم القوانين التي صدرت مؤخ ار في إطار تنظم المعامالت االلكترونية‪،‬‬
‫ال سيما قانون التجارة االلكترونية ‪ 05/18‬لم يشر المشرع الجزائري تماما الى الذكاء االصطناعي‬
‫وتطبيقاته بطريقة مباشرة او غير مباشرة‪ ،‬وهذا ما يجعلنا في حيرة من النقائص التي تعاب على‬
‫هذا القانون‪ ،‬على عكس بعض التشريعات الوضعية التي اشارت بطريقة غير مباشرة للذكاء‬

‫عماد الدحيات ‪ ،‬نحو تنظيم قانوني للذكاء االصطناعي في حياتنا‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية ‪ ،‬المجلد ‪ ،08‬العدد ‪، 05‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر ‪ ،2019 ،‬ص ص ‪.27-25‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Odile Siary, 2017, Quelle personnalité juridique pour les ROBOTS, article Village de la justice , site‬‬
‫‪web village-justice.com. vu janvier 2020.‬‬
‫‪31‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االصطناعي من خالل صحة معامالت الوكيل االلكتروني او كما سمته بعض التشريعات‬
‫بالوسيط االلكتروني مثل دولة االمارات العربية المتحدة‪.1‬‬
‫لقد جسدت الروبوت صوفيا الواقع الفعلي الذي وصل اليه الذكاء االصطناعي وتطبيقاته‪ ،‬فقد‬
‫كانت اول روبوت صنعته مؤسسة هانسون روبوتيكس حيث اظهرت صوفيا ذكاء اصطناعيا أبهر‬
‫الجميع من خالل تعرفها على الوجوه والتحاور مع الناس خالل جلسات مؤتمر مبادرة مستقبل‬
‫االستثمار الذي انعقد في الرياض ‪ 2017‬حيث تحصلت على الجنسية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية المدنية والجزائية عن جرائم ذ إ‬
‫التحدي القانوني األول الذي قد يواجه القانون متعلق بالمسؤولية القانونية عن سلوك الذكاء‬
‫االصطناعي باعتباره وصل الى مرحلة اتخاذ ق اررات مستقلة بعيدة تماما عن إرادة البشر‪ ،‬وهذا من‬
‫خالل إحداث ضرر للغير في إطار المسؤولية المدنية أو بارتكاب جرائم تحت لواء المسؤولية‬
‫الجزائية وعليه قسمنا هذا المطلب الى فرعين‪ ،‬أما األول فبعنوان المسؤولية المدنية عن أضرار‬
‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬والثاني بعنوان المسؤولية الجزائية عن جرائم الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬
‫أصبح الذكاء االصطناعي قاد ار على محاكات البشر‪ ،‬إال أنه قد يترتب على سلوكه بعض‬
‫األضرار التي تلحق بالغير والتي يصعب مواجهتها في ظل قواعد المسؤولية المدنية التقليدية‪ ،‬وهذا‬
‫يرجع التخاذه الق اررات الذاتية دون تلقي أي أوامر من مالكه‪ ،‬مما يصعب التحكم فيه وهذه هي‬
‫األسباب التي تجعله مصد ار للمخاطر العامة‪ ،‬وبالتالي ال يمكن تحديد عما إذا كان الضرر وقع‬
‫‪2‬‬
‫نتيجة سلوك تعلمه من البيئة التي يستخدم فيها أم بسبب خلل في تصنيعه‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المسؤولية المدنية القائمة على االعتبار الشخصي‬
‫ا ن كانت الشخصية تجتمع مع المسؤولية في اإلنسان‪ ،‬فإن األمر بخالف ذلك في الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬ذلك أنـه‪ ،‬إن كان ال يمكن فصل العنصر المعنوي «العقل» في المسؤولية القانونية‬
‫عن حاملها المادي «اإلنسان» في المسؤولية المدنية التقليدية‪ ،‬فإن األمر ممكن وبسيط في الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬بتركيب العنصر المعنوي «محرك الذكاء االصطناعي» على حامل مادي له شكل‬
‫إنسان أو حيوان‪ ،‬األمر الذي يخشى عليه من انحدار مفهوم الشخصية القانونية‪ ،‬ما دفع العديد‬

‫‪ 1‬بن عثمان فريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.160‬‬


‫‪ 2‬عبد الرازق وهبه سيد احمد محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪32‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫من رجال الفقه إلى تأكيد حصر منح الشخصية القانونية على الروبوتات أو اإلنسآلة ‪Robots‬‬
‫التي تعمل بمفهوم التعلم العميق ذات الهيكل المادي المحاكي الجسد البشري‪ 1،‬مغفلين ما ينطوي‬
‫عليه ذلك من خطورة أخالقية على المتعاملين مع هذه الروبوتات‪ ،‬ذلك أنه وإن تشابه هذا الحامل‬
‫مع الجسد اإلنساني إال أنه يبقى هيكالً آلياً‪ ،‬شأنه شأن الشكل الحيواني‪.‬‬
‫هذا الخلط بين اآللي والبشري‪ ،‬دفع البعض إلى القول إن ارتباطنا العاطفي بهذا الهيكل‪ ،‬ال‬
‫الذكاء‪ ،‬هو ما يدفعنا إلى منحه الشخصية القانونية وذلك ضمن إسقاطاتنا العاطفية المحضة‪،‬‬
‫األمر الذي يقودنا إلى معضلة أكبر‪ ،‬مفادها لمن ننح الشخصية القانونية هل ننحها للهيكل المادي‬
‫الشبيه بالجسد اإلنساني أم للذكاء االصطناعي بحد ذاته؟ علماً بأننا حتى في الشخصية القانونية‬
‫الطبيعية نحن ننحها بالضرورة للحامل المادي للشخص الطبيعي «الجسد الحي» بغض النظر عن‬
‫مفهوم الذكاء أو الوعي في إطار ما يعرف بأهلية الوجوب‪ ،‬التي يتمتع بها كل إنسان حي والتي‬
‫مناطها الحياة اإلنسانية‪ ،‬دون أهلية األداء‪ ،‬التي ال يتمتع بها إال اإلنسان العاقل المدرك ألفعاله‬
‫‪2‬‬
‫وتصرفاته‪.‬‬
‫و تحميل الذكاء االصطناعي المسؤولية عن أفعاله‪ ،‬يطرح سؤالً استفهامياً حول مفهوم القصد‬
‫وعدم العمد في الفعل الموجب لمسؤولية هذا الذكاء‪ ،‬بمعنى إن كان الذكاء االصطناعي سيسأل‬
‫عن فعله العمد باعتباره خطأً مقصوداً‪ ،‬فهل يمكن تصور مساءلته عن الفعل غير العمد ضمن‬
‫النسيان أو قلة االحتراز الموجب للمساءلة‪ ،‬هي النفي بالتأكيد‪ ،‬فإن هذا األمر سيعيد تكييفنا‬
‫التقليدي لفكرة الخطأ الموجب للمساءلة‪ ،‬بحصره في الخطأ العمد والمقصود‪ ،‬علماً بأن هذا األخير‬
‫حتى حينه لم يتحقق بالنسبة لهذا الذكاء‪ ،‬نظ اًر لغياب الوعي اإلدراكي لديه بخطورة أو عدم خطورة‬
‫فعله‪ ،‬أو حتى مطابقته للقانون أو عدم مطابقته‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪A. Bensoussan, La protection de la dignité humaine s’étend au champ du numérique,Le Huffington Post,‬‬
‫‪6 juin 2014. R. Gelin, Droit de la robotique: Le robot demeure juridiquement un objet qui n’est pas‬‬
‫‪responsable de ses actes. L’humanité.fr [En ligne], 18 mai 2017, 143. R. Hasselvander, IA, robots: vers‬‬
‫‪un cadre juridique dédié? Les clés de demain [En ligne], 5 décembre 2016.‬‬
‫محمد عرفان الخطيب‪ ،‬المسؤولية المدنية والذكاء االصطناعي ‪ ....‬إمكانية المساءلة‪ ،‬دراسة تحليلية معمقة لقواعد المسؤولية المدنية في‬ ‫‪2‬‬

‫القانون المدني الفرنسي‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‪ ،‬العدد ‪ ،01‬السنة‪ ،08 ،‬الكريت‪ ،‬مارس ‪ ،2020‬ص ‪.123‬‬
‫‪3‬‬
‫‪N. El Kaakour, L’intelligence artificielle et la responsabilité civile délictuelle., op, cit., p. 18. Th. Leemans,‬‬
‫‪La Responsabilité Extracontractuelle de l’Intelligence Artificielle., op, cit., p. 50. G. Loiseau., A. Bonnet, La‬‬
‫‪responsabilité du fait de l’intelligence artificielle, op., cit., p. 13.‬‬

‫‪33‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فالقانون الذي يعمل عليه الذكاء االصطناعي هو برمجيته اللغوية والعصبية التي أعد لها‪،‬‬
‫وليس القانون بالمفهوم القانوني المتعارف عليه بين بني البشر‪ ،‬فكال المفهومين في الخطأ العمد‬
‫وغير العمد‪ ،‬يرتكزان لمفاهيم إنسانية صرفه بين القصد والنسيان المرتبطين بالحس اإلنساني الذي‬
‫‪1‬‬
‫لم يستطع الذكاء االصطناعي حتى حينه أن يجسدهما‪.‬‬
‫وعليه يمكن القول إن فكرة منح الشخصية عموماً والقانونية خصوصاً‪ ،‬وإن كانت‬
‫حاضرة اليوم في العديد من الكتابات الفقهية‪ ،‬إال أنه ال عالقة لها بالمسؤولية؛ كون‬
‫األخيرة ترتبط باإلدراك الواعي والعاقل لشرعية الفعل من عدمه‪ ،‬األمر غير المتحقق‬
‫‪2‬‬
‫في الذكاء االصطناعي‪ ،‬ما يجعل إمكانية مساءلته عن فعله الشخصي أم اًر غير متحقق‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المسؤولية المدنية القائمة على االعتبار الموضوعي‬
‫تطبيق قواعد المسؤولية المدنية الموضوعية على الذكاء االصطناعي‪ ،‬تقتضي البحث في‬
‫منتجاً تنطبقً عليه قواعد المسؤولية‬
‫صحة اعتباره شيئاًُ تنطبق عليه قواعد المسؤولية الشيئية‪ ،‬أو َ‬
‫الناجمة عن المنتجات المعيبة‪ ،‬إضافة إلمكانية تحقق قواعد الحراسة القانونية الموجبة للمسؤولية‬
‫على هذا الذكاء من عدمه‪.‬‬
‫‪ -1‬الذكاء االصطناعي بين مفهومي «الشيء» و«المنتج»‬
‫أ‪-‬الذكاء االصطناعي ومفهوم «الشيء»‬
‫مفهوم الذكاء االصطناعي بأصله اإلنشائي كجملة من البرمجيات المحاكية للذكاء البشري‬
‫وربما المتفوقة عليه‪ ،‬فنحن نتكلم عن إبداع فكري بشري يدخل في إطار حقوق الملكية الفكرية‬
‫المتعلقة بالجانب األدبي‪ 3،‬ما يبرز االختالف في تحديد كنه الذكاء االصطناعي بين الحق‬
‫والشيء باعتباره من الحقوق الشخصية ذات القيمة المالية‪ ،‬ما دفع جانباً كبي اًر من الفقه‪ ،‬وهو‬
‫محق‪ 4‬إلى انتقاد أي ربط للذكاء االصطناعي بالمفهوم الشيئي‪ ،‬مؤكدين أنه برمجية رقمية قادرة‬

‫محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.125‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪C. Aubin. Intelligence artificielle et brevets, Les Cahiers de propriété intellectuelle., op., cit., Pp. 949-986‬‬
‫‪4‬‬
‫‪M. Soulez, Propriété intellectuelle - Le droit de la propriété intellectuelle à l’épreuve des technologies‬‬
‫‪robotiques. 2016, JCP G, p. 972. M. Soulez, Questions juridiques au sujet de l’intelligence artificielle,‬‬
‫‪Enjeux numériques., n°1 mars 2018. J. Larrieu, Robot et propriété intellectuelle, Dalloz, Paris, 2016, IP/IT,‬‬
‫‪p. 291.‬‬

‫‪34‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫على التعلم واكتساب المهارات‪ ،‬ومن ثم التصرف باستقاللية‪ ،‬ترتبط بالعالم االفتراضي ال الواقعي‪.‬‬
‫ف فيما يتعلق بمفهوم‪« :‬عدم الحياة» في توصيف الشيء‪ ،‬فمن غير الخافي أن هذا التوصيف‬
‫هو المرادف لصفة الجمود‪ ،‬وعدم القدرة على التحرك المستقل أو على األقل غير المتوقع بشكل‬
‫كامل هنا‪ ،‬إن كان ينطبق مفهوم الشيء غير الحي على الذكاء االصطناعي‪ ،‬باعتباره مفهوماً‬
‫مرتبطاً بالحياة البشرية أو الحيوانية‪ ،‬فإن مفهوم الجمود وعدم القدرة على التحرك‪ ،‬ال ينطبق على‬
‫الذكاء االصطناعي؛ ذلك أن اآللية التي يعمل بها حامل الذكاء االصطناعي‪ ،‬السيما الروبوتات‬
‫أو اإلنسآلة ‪ Robots‬تجعله يخرج عن إطار الجمود إلى الحركة‪ ،‬بما فيها السيارات ذاتية القيادة‬
‫‪ Robotic Car‬والطائرات المسيرة ‪ Drones‬األمر الذي يجعل من الضرورة بمكان التمييز بين‬
‫اآللة ذات الطبيعة اإلجرائية الصرفة «اآللة األتوماتيكية» واآللة ذات الطبيعية التنفيذية المستقلة‬
‫' اآللة الذكية'‪ ،‬أي التمييز بين مفهوم المكننة واالستقاللية‪.1‬‬
‫إن المسؤولية المستندة إلى العمل اآللي ال تثير إي إشكاليات قانونية تذكر‪ ،‬فنصوص‬
‫القانون المدني الحالي كافية لإلحاطة بمختلف جوانبها‪ ،‬لكن اإلشكالية تبرز في قضية االستقاللية‬
‫التي يتمتع بها هذا الذكاء‪ ،‬ذلك أن هذه االستقاللية مهما َّقلت أو اتسعت مساحتها‪ ،‬إنا تضع قواعد‬
‫المسؤولية المدنية الحالية موضع نظر‪ ،‬في مدى قدرتها على تحديد المسؤول عن الضرر وتحقق‬
‫رقابته من عدمها‪ ،‬وبالتالي التمكين من التعويض عنه‪.‬‬
‫وبالتالي ف إن التحليل والتفكير بهذا الكائن الجديد المتعدد المهارات‪ 2،‬يجعل من اعتباره‪ ،‬في‬
‫ضوء أحكام هذه المسؤولية‪ ،‬بحكم الشيء أم اًر فيه نظر‪ ،‬فجميع سمات الشيء العامة لجهة‬
‫الطبيعة المادية‪ ،‬الجامدة غير الحية‪ ،‬ال يمكنَّ إطالقها على الذكاء االصطناعي‪ ،‬كما أن سمة‬
‫االنقياد األعمى المنعدم التفكير‪ ،‬ال توجد لديه كذلك‪ ،‬ما يجعله أيضا بعيدا عن فكرة الحيوان‪ ،‬ما‬
‫منتجاً‪ ،‬وبالتالي تطبيق قواعد المسؤولية المدنية عن المنتجات‬
‫يطرح السؤال عن إمكانية اعتبارهُ َ‬
‫المعيبة عليه‪.‬‬

‫محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.129-128‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪S. Canselier, Les intelligences non-humaines et le droit. Observations à partir de l’intelligence animale‬‬
‫‪et de l’intelligence artificielle, Archives de philosophie du droit, n° 55, 2012, p. 207.‬‬

‫‪35‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ب‪ -‬الذكاء االصطناعي ومفهوم «المنتج»‬


‫منتجاً ال يثير كثير إشكال‪ ،‬فإن األمر‬
‫ان كان اعتبار الحامل المادي للذكاء االصطناعي َ‬
‫يوجب بعض التفصيل في بعده المعنوي الخالص‪ ،‬المنسوب للذكاء ذاته ال للبشر‪ 1،‬فالذكاء‬
‫منتجاً فكريا معنوياًُ يرتبط بحق المؤلف‪ ،‬يمكن مع التحفظ‪،‬‬
‫االصطناعي بنسبته للبشر يعتبر َ‬
‫منتجاً‪ .‬لكن هل يمكن تطبيق نصوص هذه المسؤولية على المَنتج الرقمي الخالص‪ ،‬فيما‬‫اعتباره َ‬
‫بات يعرف بـ‪ :‬حقوق الملكية الفكرية الرقمية الخالصة‪ ،‬حينما تبدع اآللة بذاتها لوحة فنية أو تكتب‬
‫‪2‬‬
‫نصاً سينمائياً ما‪.‬‬
‫أما الخدمة التي يقدمهاُ المَنتج في ضوء الذكاء االصطناعي هي مَنتج جديد‪ ،‬غير منظم في‬
‫نصوص القانون‪ ،‬كما يـرون أن الذكاء االصطناعي ببعده المعنويُ الخالص ال يمكن أن يعتبر‬
‫‪3‬‬
‫منتجاً‪ ،‬إال في حال تجسيده في حامل مادي ملموس‪ ،‬ما يجعل الم َـنتج ذا طبيعة مادية ال معنوية‪،‬‬
‫َ‬
‫األمر الذي نعتقد أن فيه نظر‪ ،‬وبحاجة لتحليل أكثر دقة‪ ،‬فمما ال شك فيه أن شراء برمجية ذكية‬
‫معينة مع حاملها المتحرك ‪ Robots‬أو الساكن ‪ CD‬إنا يحقق الفرضية السابقة‪ ،‬يضاف إلى‬
‫ذلك‪ ،‬أن المسؤولية تقوم على مفهوم العيب ‪ Défaut ،‬المتمثل بعدم قدرة ‪ ،‬المنتج على تقديم‬
‫األمان «السالمة» الذي يمكن توقعه منه بشكل مشروع ما يجعل مفهوم العيب الموجب للمسؤولية‬
‫‪4‬‬
‫أضيق من مفهوم العيب الموجب للمسؤولية في النظرية العامة للمسؤولية المدنية‪.‬‬
‫منتجاً‪ ،‬فإن‬
‫من الممكن القول بأن تعريف المنتج قد يساعد في اعتبار الذكاء االصطناعيُ َ‬
‫روح وفلسفة النصوص القانونية التي تتناول أحكام هذه المسؤولية تجعل من الواجب التعامل مع‬
‫هذه النتيجة بكثير من الحيطة والحذر بما يضمن عدم فقدان جانب التنافسية القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬وهذا ما أكده القانون المدني الفرنسي والمنظومة القانونية الغربية عموماً واألوروبية‬
‫المَنتج الشيئي التقليدي‪.‬‬
‫خصوصاً‪ ،‬فنحن نتحدث عن م َـنتج شيء فريد يبتعد عن مواصفات ُ‬

‫‪1‬‬
‫‪J. Larrieu, Les robots et la propriété intellectuelle, Propriété industrielle., n°2, 2013. A. Lebois, Quelle‬‬
‫‪protection juridique pour 36 les créations des robots journalistes? Communication Commerce Electronique.,‬‬
‫‪n° 1, 2015. G. Loiseau., A. Bonnet, La responsabilité du fait de l’intelligence artificielle, op, cit., p. 36‬‬
‫‪ 2‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪3‬‬
‫‪I. Lutte, La responsabilité du fait des produits de la technologie, In Responsabilités : traité théorique et‬‬
‫‪pratique. Titre III. La responsabilité du fait des choses, Bruxelles, Kluwer, 2004, Livre 33.‬‬
‫محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.132‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪36‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ان اعتبار الذكاء االصطناعي منتوجا وبالتالي تطبق قواعد المسؤولية التي تلزم المنتج‬
‫بالتعويض عن الضرر الذي يحدثه المنتوج المعيب للغير‪ ،‬لكن تعرض هذا الجانب للنقد كذلك‬
‫باعتبار أنه من الصعب اثبات العيب في الذكاء االصطناعي ألن هذا األخير له القدرة على التعلم‬
‫والتطور وهذا ما قد يجعل عملية اثبات العيب في المنتوج لحظة إنتاجه فالتمييز بين الضرر الذي‬
‫احدثه الذكاء االصطناعي بسب ق ارراته المستقلة والضرر الذي يكون نتيجة عيب في المنتوج في‬
‫‪1‬‬
‫حد ذاته صعب‪.‬‬
‫‪ -2‬الذكاء االصطناعي وقواعد الحراسة‬
‫يختلف مفهوم الحارس في الذكاء االصطناعي‪ ،‬بين ما يمكن تسميته بالحارس الرقمي للذكاء‬
‫االصـطـنـاعـي الــذي يـدافـع عنه أنـصـار نظرية الشخصية القانونية للذكاء االصـطـنـاعـي والحـارس‬
‫التقليدي للذكاء االصطناعي الذي يراه أنصار النظرية التقليدية للحراسة‪ ،‬ممكن التطبيق على‬
‫الذكاء االصطناعي‪ 2،‬فالمنادون بفكرة الشخصية القانونية المستقلة للذكاء االصطناعي المؤسسة‬
‫لفكرة مسؤوليته القانونية‪ ،‬يرفضون بالمطلق فكرة الحارس التقليدي وينادون بفكرة الحارس‬
‫االفتراضي لهذا الذكاء المتمثل بمحرك الذكاء حيث يميزون ضمن الذكاء االصطناعي ذاته‪ ،‬بين‬
‫الذكاء االصطناعي كخوارزمية برمجية متكاملة‪ ،‬وبـين محرك الـذكـاء المـسـؤول عن عمل الذكاء‬
‫االصطناعي بوصفه العقل المتخذ للقرار الذي يقوم به الجسد المتمثل في الهيكل المادي الـذي‬
‫يبرز فيه هذا الـذكـاء وبالتالي هو حـارس هذا الجسد المـادي المتمثل بالمفهوم الشيئي‪ ،‬باعتباره‬
‫ضمن الروبوتات‪ ،‬هو من يعطي األمر‪ ،‬ما يجعله مسؤوالً عن الجانب التطبيقي والتنفيذي للذكاء‬
‫‪3‬‬
‫االصطناعي على أرض الواقع‪.‬‬
‫أما النظرية التقليدية في مفهوم الحارس التي تقوم على التمييز بين حارس الهيكل وحارس‬
‫االستعمال أو لكونه غير موجود بالمطلق ضمن نصوص القانون المدني‪ ،‬ولما يحز حتى حينه‬
‫اإلجماع الفقهي‪ ،‬وإنا لكونه يقوم على الخلط بين مفهوم الوعي أو اإلدراك االصطناعي ومفهوم‬
‫االستقاللية التي يتمتع بها محرك الـذكـاء كـون الـقـدرة على اتخاذ الق اررات من بين الخيارات‬

‫معمر بن طرية ‪ ،‬قادة شهيدة ‪، ،‬اضرار الروبوتات و تقنيات الذكاء االصطناعي تحد جديد للقانون ‪ ،‬مقال منشور في مجلة حوليات الجزائر‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،‬عدد خاص ‪ ، 2018،‬ص ‪.125-124‬‬


‫محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.134‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪M. Zalnieriute, et al., The Rule of Law and Automation of Government Decision-Making, Modern Law‬‬
‫‪Review 82. 2019, Pp. 397-424.‬‬

‫‪37‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المتعددة المتاحة أمامه‪ ،‬إنا تتم وفق عملية خوارزمية محددة‪ ،‬تتيح التعامل مع الظروف المستجدة‬
‫وفق ما يمكن وصفه بـ‪« :‬اآلليات االستداللية» بعيداً عن االعتبارات القيمية للمجتمع‪ ،‬أما عن‬
‫التوقع أو عدم التوقع‪ ،‬فذلك ليس له عالقة بالمنظور الحسابي المجرد‪ ،‬وهو بذلك قد يكون مختلفاً‬
‫‪1‬‬
‫عن المحاكمة اإلنسانية في تقدير جسامة الضرر أو حتى المفاضلة بين الضرر‪.‬‬
‫تؤسس المسؤولية عن األشياء على أساس أن حارس الشيء هو المسؤول عن فعل الشيء‬
‫الذي يكون تحت رقابته‪ ،‬أين يكون الحارس قاد ار على التوجيه والتسيير ومراقبة الشيء‪ .‬هذا‬
‫التصور يجعل من الذكاء االصطناعي شيئا خاضعا لتوجيه ورقابة حارسه وهذا ماال يتماشى تماما‬
‫وحقيقته‪ ،‬فهو يتميز بقدرته على التعلم واستقالليته في اتخاذ ق ارراته دون أي توجيه‪ .‬ضف إلى ذلك‬
‫صعوبة تحديد من يمكن اعتباره حارسا على الذكاء االصطناعي‪ ،‬هل مصممه أو مالكه أم‬
‫مستعمله‪ ،‬ومن من بين هؤالء له القدرة على توجيهه ومراقبته وهو في حقيقة االمر وجد ليكون ح ار‬
‫‪2‬‬
‫بعيدا عن أي رقابة أو توجيه ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المسؤولية الجزائية عن جرائم الذكاء االصطناعي‬
‫إن المسئولية الجنائية لجرائم الذكاء االصطناعي معقدة‪ ،‬فهناك أربعة أطراف ترتبط غالباً بهم‬
‫صنع لتقنية الذكاء االصطناعي‪ ،‬والمالك‪،‬‬
‫الم ّ‬
‫المسئولية الجنائية في هذا النوع من الجرائم وهم‪ُ :‬‬
‫والذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬والطرف الخارجي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أطراف المسؤولية الجنائية لجرائم الذكاء االصطناعي‬
‫لمصنع‬
‫‪ -1‬المسئولية الجنائية ل ُ‬
‫لمصنع الذكاء االصطناعي أهم ما ُيثار عند ارتكاب هذا األخير ألي‬ ‫المسئولية لجنائية ُ‬
‫صنع بحماية نفسه من خالل بنود يذكرها في‬ ‫سلوك يشكل جريمة طبقاً للقانون‪ ،‬فغالبا ما يقوم ُ‬
‫الم ّ‬
‫اتفاقية االستخدام والتي يوقع عليها المالك‪ ،‬وتحمل المالك وحده المسئولية الجنائية عن الجرائم‬
‫صنع عن أي‬
‫الم ّ‬
‫المرتكبة من خالل هذا الكيان الذى يعمل بالذكاء االصطناعي‪ ،‬وتُخلى مسئولية ُ‬
‫‪3‬‬
‫جريمة ترتكب من قبله‪.‬‬

‫محمد عرفان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬ ‫‪1‬‬

‫معمر بن طرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪2‬‬

‫يحي إبراهيم دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪38‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لكن قد تحدث الجريمة نتيجة خطأ برمجي من مبرمج الذكاء االصطناعي الذي يجعل الذكاء‬
‫االصطناعي يصدر خطأ يتسبب في جرائم جنائية‪ 1،‬فالهدف األسمى ألي ُمنتج هو تحقيق أعلى‬
‫ربح ممكن‪ ،‬دون مراعاة ألي أبعاد أخرى أو أضرار قد يحدثها عدم مراعاة الجودة في منتجه‪ ،‬ودور‬
‫التشريعات هو تحديد المعايير التي يجب توافرها في تلك المنتجات باإلضافة إلى تغليظ العقوبات‬
‫التي توقع عليه عند ارتكابه أي سلوك مجرم في تلك القوانين‪.‬‬
‫ويجب التأكيد على احترام الخصوصية‪ ،‬وحقوق المليكة الفكرية‪ ،‬وهما األكثر تعرضاً‬
‫لالنتهاك في ظل تكنولوجيا الذكاء االصطناعي وانتشارها والسبيل الوحيد لحمايتهم هو سن قوانين‬
‫‪2‬‬
‫تجرم التعدي عليهم أو انتهاكهم من المنبع أي من ُمنتج تقنيات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ -2‬المسئولية الجنائية للمالك‬
‫يعتبر المالك أو المستخدم هو الشخص الذي يتمتع بتقنيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬ولذلك من‬
‫المتوقع أن يقوم بإساءة استخدام ذلك البرنامج مما يترتب عليه حدوث جريمة معينه يعاقب عليها‬
‫‪3‬‬
‫القانون ونكون هنا أمام احتماالت وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬حدوث الجريمة نتيجة سلوك المالك (أو المستخدم) وحده فلوال السلوك الذى ارتكبه ما حدثت‬
‫الجريمة‪ ،‬فتقع هناك المسئولية الجنائية كاملة عليه مثال ذلك‪ :‬تعطيل المالك أو المستخدم التحكم‬
‫اآللي في السيارات ذاتيه القيادة واإلبقاء على التوجيهات الصوتية التي تصدر من برنامج الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬و بالتالي يكون هو وحده المتحكم في السيارة‪ ،‬فإذا صدر له تنبيه من البرنامج بأمر‬
‫معين لتجنب حادثة ولم ينفذ هذا األمر فتقع المسئولية الجنائية عليه وحده‪.‬‬
‫(كالمصنع‪ ،‬أو تقنية‬
‫ُ‬ ‫ب‪ -‬حدوث الجريمة نتيجة سلوك المالك باالشتراك مع أحد األطراف األخرى‬
‫الذكاء االصطناعي نفسها‪ ،‬أو طرف خارجي)‪ ،‬مثال ذلك‪ ،‬قيام مالك سيارة بتغيير أوامر التشغيل‬
‫الموجودة في السيارة ذاتية القيادة بمساعدة متخصص في هذا الموضوع‪ ،‬من أجل استغاللها في‬
‫صنعها‪ ،‬ففي هذه الحالة‬
‫وم ّ‬
‫ارتكاب جريمة ونفى المسئولية الجنائية عن شخصه والصاقها بالسيارة ُ‬
‫تكون المسئولية الجنائية مشتركة‪.‬‬

‫محمد العوضي‪ ،‬مسؤولية المنتج عن منتوجات الصناعة‪ ،‬مجلة القانون المدني‪ ،‬العدد ‪ ،01‬المركز المغربي للدراسات واالستشارات القانونية‬ ‫‪1‬‬

‫وحل المنازعات‪ ،2014 ،‬ص ‪.26‬‬


‫يحي إبراهيم دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪2‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪38‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪39‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -3‬المسئولية الجنائية للذكاء االصطناعي نفسه‬


‫الحديث عن ارتكاب الذكاء االصطناعي لجريمة من تلقاء نفسه في الوقت الحالي بدون خطأ‬
‫برمجي نتيجة حدوث تطور ذاتي في نظام الذكاء االصطناعي الذى يعمل بها والقادر على التفكير‬
‫وإصدار ق اررات أمر مستبعد‪ ،‬ولكن ذلك قد يحدث في المستقبل القريب ولذلك يجب وضع هذه‬
‫االحتمالية والتفكير بها ووضع حلولها من اآلن‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫هناك افتراضات في حالة ارتكاب الذكاء االصطناعي للجريمة بنفسه وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مشاركة طرف آخر للذكاء االصطناعي في ارتكاب الجريمة‪ ،‬وبالتالي يعد شريكاً في الجريمة‬
‫مع الذكاء االصطناعي ‪ -‬رغم أنه حالياً سوف يتحمل المسئولية الجنائية كاملة عن ارتكاب‬
‫الجريمة ولكن مستقبالً بعد إقرار مسئولية الذكاء االصطناعي سوف تكون المسئولية مشتركة ‪-‬‬
‫المصنع للذكاء االصطناعي مما يجعله غير‬
‫ّ‬ ‫ومثال ذلك‪ ،‬قيام شخص بإلغاء الحدود التي وضعها‬
‫بالمصنع ويعطيه الحرية الكاملة في تصرفاته بدون القيود التي وضعت في نظامه تمنعه‬
‫متصل ُّ‬
‫من ارتكاب الجرائم وكمثال واقعى حالياً على ذلك قيام مستخدمي الهوائف الذكية بعمل (‪)Root‬‬
‫للهاتف مما يفتح المجال لبعض التطبيقات بالتحكم في الهاتف وإعطائه أوامر قد تصل إلى أمر‬
‫الهائف بتدمير نفسه برمجياً‪.‬‬

‫ب‪ -‬ارتكاب الجريمة من قبل الذكاء االصطناعي بنفسه‪ ،‬بدون خطأ برمجي من ُ‬
‫المصنع أو تدخل‬
‫أي طرف وذلك عن طريق تقنيات حديثة تمكن الذكاء االصطناعي من التفكير وإصدار ق اررات‬
‫ذاتية يكون هو وحده المسئول عن إصدارها‪ ،‬ففي هذه الحالة من المفترض أن تكون المسئولية‬
‫الجنائية واقعة على الذكاء االصطناعي وحده‪.‬‬
‫‪ -4‬المسئولية الجنائية للطرف الخارجي‬
‫تحدث هذه الحالة عند قيام طرف خارجي بالدخول على نظام الذكاء االصطناعي عن طريق‬
‫االختراق أو بأية طريقة كانت والسيطرة عليه واستغالله في ارتكاب الجريمة؛ وفى هذه الحالة‬
‫‪2‬‬
‫نعرض افتراضين قد يحدثان وهما‪:‬‬
‫أ‪ -‬قيام الطرف الخارجي باستغالل ثغره في الذكاء االصطناعي الرتكاب جريمته‪ ،‬وكانت هذه‬
‫المصنع لهذه التقنية؛ فتكون المسئولية الجنائية هنا مشتركة‬
‫الثغرة نتيجة إهمال من المالك أو من ُ‬

‫يحي إبراهيم دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪40‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بين الطرف الخارجي وهذا الشخص الذي وقع منه اإلهمال المتسبب في استغالل هذه الثغرة‪ ،‬مثال‬
‫ذلك‪ ،‬إعطاء مالك الذكاء االصطناعي أكواد الدخول على نظام التحكم في تقنيه الذكاء‬
‫االصطناعي لهذا الطرف الخارجي مما سهل عليه إصدار أوامر للذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ب‪ -‬قيام الطرف الخارجي باستغالل ثغرة في الذكاء االصطناعي بدون المساعدة أو اإلهمال‬
‫المذكورين في الحالة السابقة‪ ،‬فتقع المسئولية الجنائية كاملة على هذا الطرف الخارجي‪ ،‬مثال ذلك‬
‫اختراق الطرف الخارجي للسحابة اإللكترونية التي يتم تخزين وإرسال األمور من خاللها لتقنية‬
‫الذكاء االصطناعي وقيامه بإصدار أوامر للذكاء االصطناعي على ارتكاب جريمة معينه كإعطاء‬
‫أمر برمجي باالعتداء على أشخاص يحملون صفات معينة (لون بشرة ‪ -‬زي معين)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬جرائم بالذكاء االصطناعي والعقوبات المقررة لها‪.‬‬
‫‪ -1‬جرائم الذكاء االصطناعي‬
‫تتنوع جرائم الذكاء االصطناعي وتتعدد‪ ،‬وكل يوم يظهر نوع وتصنيف جديد لتلك الجرائم‪،‬‬
‫هو تصنيف جرائم الذكاء االصطناعي في الواقع‪ ،‬والعالم االفتراضي‪:‬‬
‫أ‪ -‬جرائم الذكاء االصطناعي في الواقع‬
‫*السيارات الذاتية القيادة‬
‫تعتبر السيارات ذاتية القيادة أهم وأشهر تطبيقات الذكاء االصطناعي اآللية‪ ،‬حيث قامت‬
‫العديد من الشركات حالياً بتشغيل تجريبي للسيارات ذاتية القيادة‪ 1،‬حيث تعمل عن طريق برنامج‬
‫الذكاء االصطناعي الذى يصدر أوامر الحركة واإليقاف في السيارة بعد تلقيه بيانات ناتجة عن‬
‫أجهزة الرادار والليزر والمستشعرات الموجودة بالسيارة‪ ،‬والتي تجمع بيانات عن األجسام حول‬
‫السيارة‪ ،‬مثل المشاة‪ ،‬واتساع الطريق‪ ،‬والسيارات المجاورة ‪ ،...‬ومن أشهر الج ارئم الجنائية التي‬
‫ارتُكبت عن طريق السيارات ذاتية القيادة كانت في مارس ‪ ،2018‬حيث قامت سيارة ذاتية القيادة‬
‫‪2‬‬
‫تابعة لشركة ‪ Uber‬باالصطدام بسيدة في الطريق مما أدى إلى وفاتها متأثرة بجراحها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن هذا الحادث أخذ شهرة كبيرة‪ ،‬إال أن كثير من اآلراء كانت مع استمرار‬
‫تجارب السيارات ذاتيه القيادة متحججين أن السائقين من البشر يرتكبون مثل تلك الحوادث وأفظع‪،‬‬
‫وأن السيارات ذاتيه القيادة مازالت خيا اًر أفضل من السائقين البشر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪F. Patrick Hubbard, 'Sophisticated Robots': Balancing Liability, Regulation, and Innovation, 66 Florida‬‬
‫‪Law Review, 2014, p. 1803‬‬
‫‪ 2‬يحي إبراهيم دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪41‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫* اآللة التي تستخدم الذكاء االصطناعي (روبوتات)‬


‫عن طريق تقنيات حديثة تمكن الذكاء االصطناعي من التفكير وإصدار ق اررات ذاتية ‪ ،‬حيث‬
‫يقوم بإساءة استخدام النظام الرتكاب الجريمة‪ ،‬ويحدث عندما تُستخدم اإلجراءات العادية لنظام‬
‫امي‪ .‬ويقدم كينغستون ً‬
‫مثاال عن روبوت‬ ‫مناسب ألداء ٍ‬
‫عمل إجر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل غير‬ ‫الذكاء االصطناعي‬
‫ّ‬
‫عامال بشرًيا‪ ،‬ويقول‪" :‬حدد الروبوت الموظف‬‫ً‬ ‫ياباني قتل‬
‫ٍ‬ ‫ذكاء اصطناعي في معمل در ٍ‬
‫اجات‬
‫ّ‬
‫تهديدا لمهمته‪ ،‬واعتبر أن الطريقة األكثر فاعلي ًة للقضاء على هذا التهديد‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫خاطئ واعتبره‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬
‫جدا‬
‫العامل باستخدام ذراع الهيدروليك القوية ً‬
‫َ‬ ‫هي دفعه إلى آلة التشغيل المجاورة‪ .‬دفع الروبوت‬
‫باتجاه اآللة‪ ،‬ما أدى إلى مقتله على الفور ثم تابع واجباته‪".1‬‬
‫يثار هنا سؤال هل يتوافر هنا حق الدفاع الشرعي للروبوت اآللي؟ وهل تقوم المسئولية‬
‫الجنائية بالنسبة للجاني؟‪ ،‬على اعتبار أن أغلب التشريعات تمنح حق الدفاع الشرعي لإلنسان‬
‫حص ار دون غيره وال يوجد أي حق للدفاع الشرعي عن النفس بالنسبة للروبوت اآللي مهما كانت‬
‫قد ارته وتطوره‪، ،‬ففي أغلب التشريعات العربية ما زالت بعيده كل البعد عن الفكر المتطور‬
‫لتكنولوجيا الذكاء االصطناعي ‪ -‬والتي سرعان ما ستهيمن على جميع مجاالت الحياة ‪ -‬ولم‬
‫يتضمن أي قانون تنظيماً لها‪ ،‬أو تحديداً للحقوق والواجبات الملقاة على عاتق الكيانات التي تعمل‬
‫‪2‬‬
‫بالذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ب‪ -‬جرائم الذكاء االصطناعي في العالم االفتراضي‬
‫يعتبر العالم االفتراضي حالياً منصة شبه موازية للعالم الحقيقي حيث يقضى فيه الناس أوقاتاً‬
‫كثيرة من يومهم‪ ،‬وتعد مواقع التواصل االجتماعي أشهرها‪ ،‬لذلك سنأخذ موقع فايسبوك كنموذج‪.‬‬
‫يستخدم موقع الفيس بوك خوارزميات برمجية تُبنى عن طريق الذكاء االصطناعي‪ ،‬حيث‬
‫يمكنها القيام بعمليات يستحيل على العقل البشرى تصديقها على سبيل المثال‪ :‬يستطيع الفيس بوك‬
‫تحديد اهتمامات المستخدم من خالل ( تفاعالته على صور أو منشورات معينه‪ ،‬ومتابعته لمنتجات‬
‫محددة) وكل ذلك من أجل استخدامها في عرض إعالنات له تتوافق مع اهتماماته‪ ،‬وأيضاً عرض‬
‫محتوى يتوافق على اهتماماته لجعله يتواجد في الموقع أطول فترة ممكنة في يومه‪.‬‬

‫زين الهوشي‪ ،‬عندما يرتكب الذكاء االصطناعي الجرائم‪ ،‬من يتحمل العقوبة؟‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬شوهد يوم ‪ 2021/08/03‬على الساعة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 14:21‬عبى موقع‪https://nasainarabic.net/main/articles/view/when-an-ai-finally-kills-someone-who-will-be- :‬‬


‫‪responsible‬‬
‫يحي إبراهيم دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪42‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ال توجد خدمة بدون مقابل‪ ،‬فإذا كانت الخدمة مجانية فأعلم أنك أنت المقابل‪ ،‬وهذا ما يفعله‬
‫الفيس بوك‪ ،‬حيث لم يقتصر األمر على ملفات تعريف االرتباط التي يأخذها الفيس بوك من‬
‫متصفح المستخدم‪ ،‬بل وصل األمر إلى قيامه بفلترة المكالمات الصوتية والمحادثات الكتابية التي‬
‫يقوم بها المستخدم للعثور على الكلمات التي تمثل اهتماماته من أجل استخدامها في أغراض‬
‫إعالنية‪ ،‬وتقديم محتوى يتوافق مع اهتماماته ‪،‬فكثير منا يالحظ أنه بمجرد الحديث مع اآلخرين عن‬
‫اسم عالمة تجارية معينة أو رغبته في أكل نوع معين من الشوكوالتة‪ ،‬ظهور إعالنات تلك العالمة‬
‫التجارية أو نوع الشوكوالتة التي ذكرها أمامه على الفيس بوك‪ .‬فكل هذا يعد تجاوزات يقوم بها‬
‫‪1‬‬
‫الفيس بوك تنتهك خصوصية المستخدم وتشكل جرائماً جنائية‪.‬‬
‫إن حصول الفايسبوك على بيانات المستخدمين في أغلب األحوال يكون صحيحاً قانوناً وال‬
‫يشكل جريمة– وذلك بسبب حصوله على موافقة المستخدمين – ولكن هنا األمر اذا تعلق بتسريب‬
‫البيانات‪ ،‬وفى اإلجابة على هذه النقطة سوف نقسمها إلى جزئيتين‪:‬‬
‫‪ -‬في حال تسريب بيانات المستخدمين بموافقة الفيس بوك كأن يقوم الفيس بوك ببيع بيانات هؤالء‬
‫المستخدمين لشركات أخرى‪ ،‬فيكون هنا مسئوالً مسئولية كاملة‪ ،‬ومرتبكاً لجريمة انتهاك‬
‫الخصوصية‪.‬‬
‫‪ -‬في حال تسريب بيانات المستخدمين عن طريق اختراق أمنى تعرض له الموقع تكون المسئولية‬
‫الواقعة على عاتق الفيس بوك مسئولية جزئية وغير كاملة‪ ،‬حيث أن االختراق تم بدون قصده عن‬
‫طريق استغالل ثغرات أمنية‪ ،‬وبالتالي المسئولية هنا تقع على من قام باالختراق والحصول على‬
‫تلك البيانات‪ ،‬وتقتصر مسئولية الفيس بوك على مجرد عدم استخدامه أنظمة حماية كافية لحفظ‬
‫بيانات مستخدميه‪.‬‬
‫‪ -2‬العقوبات المقررة الذكاء االصطناعي‬
‫يعد مبدأ الشرعية الجنائية هو األساس في القانون الجنائي‪ ،‬فال جريمة وال عقوبة إال بنص‬
‫قانونى‪ 2،‬حيث ال نستطع تجريم سلوك‪ ،‬وال نستطع معاقبة شخص على فعل ارتكبه إال إذا‬
‫كانُ مجرماً في القانون‪.‬‬

‫يحي إبراهيم دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد فتحى سرور‪ ،‬القانون الجنائى الدستورى‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دار الشروق‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪43‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أ‪ -‬عقوبات توقع على ِّ‬


‫ُمصنع تقنيات الذكاء االصطناعي‬
‫يعتبرُ ِّ‬
‫مصنع تقنيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬هو الذىُ ينتج تلك التقنيات‪ ،‬وبالتالي هو المتحكم‬
‫ّ‬
‫الوحيد في وضع أنظمة تشغيلها‪ ،‬والتي يجب توافر ضوابط معينه بها‪ ،‬فيجب توافر نوع من أنواع‬
‫التحكم والتي قد نحتاجها من أجل السالمة واألمان في حالة خروج تلك التقنية عن السيطرة‪،‬‬
‫مصنع تقنيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬يمكن أن تندرج جسامتها طبقاً‬ ‫فالعقوبات التي توقع علىُ ِّ‬
‫ّ‬
‫مصنع عند وضعه لضوابط التحكم‬‫لجسامة الجريمة المرتكبة من قبل تلك التقنيات‪ ،‬والتي أهملها الُ ِّ‬
‫ّ‬
‫فيها لمنعها من ارتكاب الجرائم‪ ،‬فال مانع من توقيع عقوبات تندرج من اإلعدام للسجن المؤبد أو‬
‫‪1‬‬
‫المشدد أو السجن أو الحبس أو الغرامة تبعاً لدرجة خطورة وجسامة الجريمة والضرر الناتج عنها‪.‬‬
‫ب‪ -‬عقوبات ُتوقع على مالك تقنيات الذكاء االصطناعي‬
‫الجرائم التي تحدث من تقنيات الذكاء االصطناعي نتيجة تدخل أو إهمال من قبل المالك أو‬
‫المستخدم‪ ،‬حيث تعتبر هذه الجرائم هي الصورة الواقعية اآلن‪ ،‬ففي هذه الحالة يجب أن توقع‬
‫العقوبة على مالك هذه التقنية ألن سلوكه هو الذي أحدث تلك النتيجة اإلجرامية وتوافرت عالقة‬
‫السببية بين السلوك والنتيجة وهذه العناصر الثالثة تشكل الركن المادي للجريمة‪ ،‬بجانب الركن‬
‫المعنوي والذي يتم بحثه لكل حالة منفصلة فيختلف الحكم إذا ارتكب المالك ذلك السلوك عن قصد‬
‫جنائي أو عن خطأ غير عمدى‪ ،‬حيث تختلف العقوبة المقررة لكليهما‪.‬‬
‫ج‪ -‬عقوبات توقع على كيانات الذكاء االصطناعي‬
‫تتميز تقنيات أو كيانات الذكاء االصطناعي بخاصية التعلم الذاتي‪ ،‬حيث أنها تستخدم‬
‫خوارزميات حديثة ومتطورة تمكنها من اتخاذ ق اررات وتنفيذها بدون تدخل بشرى‪ ،‬بجانب التعلم من‬
‫المواقف التي تتعرض لها‪ ،‬ليكون بداخلها قواعد بيانات عمالقة ومتطورة تمكنها من القيام‬
‫بالتصرف الصحيح في أغلب المواقف‪ ،‬فمن المتصور مستقبالً ارتكاب جرائم بإرادة حرة منفردة‬
‫مصنعها‪ ،‬وبحكم أن المسئولية‬‫دون تدخل من مالك تلك التقنيات‪ ،‬ودون خطأ أو تقصير منُ ِّ‬
‫ّ‬
‫الجنائية شخصية فال يجوز توقيع عقاب عليهما (المالك والُمصنع) لعدم مسئوليتهما الجنائية عن‬
‫تلك الجرائم‪ ،‬فتظهر إشكالية جديدة وهى عقاب تلك التقنيات والكيانات التي تعمل بالذكاء‬
‫‪2‬‬
‫االصطناعي‪.‬‬

‫يحي إبراهيم دهشان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.47‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪44‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تحديد أنواع العقوبات المقررة على كيانات الذكاء االصطناعي‪ ،‬وحدود تلك العقوبات يجب‬
‫أن يكون أهم محاور اهتمام المشرع الحالي نظ ار للتوسع في استخدام تكنولوجيا الذكاء االصطناعي‬
‫في شتى مجاالت الحياة‪ ،‬ووجود دعم من القيادة السياسية على ذلك‪ ،‬فتلك فرصة لإلهتمام أيضا‬
‫بتطوير التشريعات والعقوبات من أجل إدخال عقوبات جديدة أو تحديد ما يتناسب مع الذكاء‬
‫‪1‬‬
‫االصطناعي من العقوبات الحالية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نموذج االمارات وجهود الجزائر حول الذكاء االصطناعي‬


‫لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة وتغيراتها المتسارعة أدركت دولة اإلمارات العربية المتحـدة‬
‫الـدور المطلـوب منهـا‪ ،‬وقامـت بأطالق االسـتراتيجية الوطنيـة لالبتكـار متضـمنة القطاعـات‬
‫االقتصـادية المحفزة على االبتكار‪ ،‬وكذا السياسة العليا للعلـوم والتكنولوجيـا واالبتكـار‪ ،‬واتخـذت مـن‬
‫االبتكـار والتجديد ثقافة عمل وأسلوب حيـاة‪ ،‬لبنـاء المجتمـع المعرفـي المنشـود الـذي يقـوده‬
‫المبتكـرون ذوو الرؤى المستقبلية‪ ،‬لتعزيز مسيرتها وترسيخ مكانتها العالمية‪.‬‬
‫وادراكا من الجزائر لتحديات المستقبل خاصة في المجال التقني والتكنولوجي بادرت الجزائر‬
‫مؤخ ار للحاق بالركب في مجال الذكاء االصطناعي من خالل مركز الذكاء االصطناعي وبعث‬
‫مدرسة وطنية عليا للذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطبيق االمارات للذكاء االصطناعي‬
‫تسعى دولة اإلمارات العربية المتحدة الى تحقيـق السـبق والريـادة في كافة مجاالت التنمية فقد‬
‫اعتادت عدم انتظار المستقبل‪ ،‬بل الدخول إليه والتنافس على تقنياتـه واستباق تحدياته ووضع‬
‫الحلول الناجعة لها‪ ،‬وهذا الـذي يفسـر توجـه الدولـة الحثيـث نحـو تقنيـات الجيل الرابع من الثورة‬
‫الصناعية والمتمثلة في الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬سبل االستشراف التشريعي للذكاء االصطناعي في االمارات‬
‫التقنية الحديثة والمجاالت القانونية وما تمثله من ترابط بات لزاما البحث عن آليات أكثر‬
‫فعالية لتحقيق األمن القانوني الذي يجعل من النص مشبعا بحلول تتوافق مع المتطلبات‬
‫المستحدثة‪ ،‬ويجعل من رجل القانون مستوعبا ومدركا لكل ما يدور في فلك التعامل اإللكتروني‪،‬‬

‫غنام محمد غنام‪ ،‬شيماء عبد الغنى عطا هللا‪ ،‬مبادئ علم اإلجرام‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬مصر‪، 2019،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪45‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بل ال بد من إعادة النظر في فلسفة التشريع وهندسة النصوص القانونية وفق منظور استشرافي‬
‫يجعل من النص مواكبا لتطورات الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫أوال‪ -‬األمن القانوني وصناعة التشريع باإلمارات‬
‫‪ -1‬طبيعة األمن القانوني‬
‫عرف األستاذ بيازون األمن القانوني بأنه " الفاعلية المثلى لقانون يمكن الوصول إليه وفهمه‬
‫والذي ُيتيح ألشخاص القانون بأن يتوقعوا بدرجة معقولة اآلثار القانونية لتصرفاتهم ويحترم‬
‫‪1‬‬
‫التوقعات المشروعة المبنية مسبقا من قبلهم وبذلك يعزز تحقيقها "‪.‬‬
‫ومتطلبات األمن القانوني يستوجب أن يكون األفراد قادرين على معرفة القانون الساري إزائهم‬
‫حتى يتمكنوا من التصرف على علم ودراية‪ ،‬ثم ُيفترض على القانون أن يحترم التوقعات القانونية‬
‫ألشخاص القانون والتي ال يجب الخروج عن نطاقها‪.2‬‬
‫يعتبر استقرار القاعدة القانونية مفتاحا إلدراك مضمونها واستيعابها من قبل األفراد وهنا يوجه‬
‫مطلب االستقرار لكل المساهمين في صناعة النص القانوني " قوانين مراسيم لوائح" وأيضا إلى‬
‫االجتهاد القضائي بدوره متمما ومفس ار للنص‪.3‬‬
‫‪ -2‬األمن القانوني وتكريس مبدأ سمو المعاهدات الدولية‬
‫أ‪ -‬في الدستور‬
‫نصت المادة ‪ 60‬من دستور دولة اإلمارات العربية المتحدة على أنه‪" :‬يتولى مجلس الوزراء‪،‬‬
‫بوصفه الهيئة التنفيذية لالتحاد وتحت الرقابة العليا لرئيس االتحاد وللمجلس األعلى‪ ،‬تصريف‬
‫جميع الشؤون الداخلية والخارجية التي يختص بها ‪.‬‬
‫وهذه المادة تتكلم عن الجانب العملي اإلجرائي الذي يجب القيام به فور التصديق على‬
‫المعاهدة أو االتفاقية الدولية؛ حيث تم توكيل مجلس الوزراء بصفته الهيئة التنفيذية المختصة على‬
‫أن يقوم بتصريف الشؤون الداخلية والدولية‪ ،‬أي ما تعلق بمجال القوانين الوطنية الداخلية وكذا ما‬
‫تعلق بالمعاهدات واالتفاقيات الدولية‪ ،‬على أن تكون هذه المهام تحت رقابة كل من رئيس االتحاد‬

‫براهيم بن داود‪ ،‬سبل استشراف مجاالت صناعة النص التشريعي وفق التطورات الحديثة‪ ،‬المؤتمر الدولي الثاني (تمكين التطبيقات الذكية‬ ‫‪1‬‬

‫بين الفقه والقانون رؤية مستقبلية في دولة االمارات العربية المتحدة)‪ ،‬الجزء ‪( 02‬التطبيقات الذكية للقانون)‪ ،‬كلية االمام مالك للشريعة والقانون‪،‬‬
‫دبي‪ 16-15 ،‬أفريل ‪ ،2021‬ص ‪.19‬‬
‫بوزيد صبرينة‪ ،‬قانون المافسة ال امن قانوني أم تصور جديد ل من القانوني‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قالمة‬ ‫‪2‬‬

‫الجزائر‪ ،2015-2016، ،‬ص ‪.05‬‬


‫بوزيد صبرينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪46‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والمجلس األعلى لالتحاد‪ ،‬وهذا إليجاد تكامل وتعاون وتشاور‪ ،‬وليس المقصد في ذلك البعد‬
‫الوصائي كما هو موجود في العديد من األنظمة والتشريعات العربية والغربية على حد سواء‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪125‬من دستور دولة اإلمارات العربية المتحدة لسنة ‪1971،‬على أنه "تقوم‬
‫حكومات اإلمارات باتخاذ ما ينبغي من تدابير لتنفيذ القوانين الصادرة عن االتحاد والمعاهدات‬
‫واالتفاقيات الدولية التي يبرمها‪ ،‬بما في ذلك إصدار القوانين واللوائح والق اررات واألوامر المحلية‬
‫الالزمة لهذا التنفيذ‪ ،‬وللسلطات االتحادية اإلشراف على تنفيذ حكومات اإلمارات للقوانين والق اررات‬
‫والمعاهدات واالتفاقيات الدولية واألحكام القضائية االتحادية‪ ،‬وعلى السلطات اإلدارية والقضائية‬
‫المختصة في اإلمارات تقديم كل المساعدات الممكنة لسلطات االتحاد في هذا الشأن‪.1‬‬
‫ب‪ -‬في القوانين الداخلية‬
‫نصت في ذلك المادة الثالثة من القانون االتحادي رقم ‪ 7‬لسنة ‪ 2002‬في شأن حقوق‬
‫المؤلف والحقوق المجاورة على أنه‪" :‬ال تشمل الحماية األفكار واإلجراءات وأساليب العمل‬
‫والمفاهيم الرياضية والمبادئ والحقائق المجردة لكنها تنطبق على التعبير المبتكر عن أي منها‪.‬‬
‫ونتاجا لذلك صادقت الدولة وانضمت لالتفاقيات والمعاهدات الدولية المبرمة في هذا الشأن‪ ،‬وقد‬
‫‪2‬‬
‫كان من أبرزها اآلتي‪:‬‬
‫‪-‬معاهدة الويبو المتعلقة األداء والتسجيل الصوتي وقد تمت المصادقة عليها من قبل دولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة في ‪ 09‬يونيو‪. 2005‬‬
‫‪ -‬اتفاقية روما الخاصة بحماية فناني األداء ومنتجي التسجيالت الصوتية وهيئات اإلذاعة صادقت‬
‫عليها دولة اإلمارات في ‪14‬يناير ‪.2005‬‬
‫‪-‬معاهدة الويبو الخاصة بحق المؤلف وقد صادقت عليها دولة اإلمارات في ‪14‬يوليو ‪.2004‬‬
‫‪-‬اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية والفنية صادقت عليها دولة اإلمارات في ‪14‬يوليو ‪.2004‬‬
‫‪-‬معاهدة التعاون المتعلقة ببراءات االختراع والتي تمت المصادقة عليها أيضا في ‪1999/03/10‬‬
‫‪-‬اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية المصادق عليها في ‪19‬سبتمبر ‪.1996‬‬
‫‪ -‬اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية المصادق عليها أيضا من دولة اإلمارات في ‪24‬‬
‫سبتمبر ‪.1997‬‬

‫‪ 1‬دستور دولة اإلمارات العربية المتحدة الصادر بتاريش ‪18/07/1971،‬المعدل والمتمم بموجب التعديل الدستوري رقم ‪01‬لسنة‬
‫‪1996‬الصادر بتاريش ‪02‬ديسمبر ‪1996،‬وبالتعديالت الالحقة ال سيما تعديل سنة ‪.2009‬‬
‫‪ 2‬براهيم بن داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪47‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور التقنية الحديثة في تطوير صناعة النص القانوني‬


‫‪ -1‬القانون الدولي اإلنساني والذكاء االصطناعي‬
‫وضعت اتفاقيات جنيف األربع ضوابط وأطر للنزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية وأرست‬
‫بذلك قواعد القانون الدولي اإلنساني المؤكدة على ضرورة التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين‬
‫والتمييز بين األعيان المدنية واألعيان العسكرية‪ ،‬غير أن هذا التمييز أضحى محل صعوبة في‬
‫ظل التقنية الحديثة المستخدمة حيث ظهرت الطائرات بدون طيار التي تبحث عن الهدف وتحدد‬
‫الموقع وتتولى توجيه ضرباتها ضمن مشتمالت الذكاء االصطناعي وهنا تُطرح األسئلة المتعددة‬
‫عن الجهة المسؤولة وعن كيفية التمييز بين المدنيين والعسكريين والتمييز بين األعيان المدنية‬
‫والعسكرية‪ ،‬بغض النظر عن األسلحة الذكية األخرى خاصة االنشطارية منها والتي يصعب معها‬
‫‪1‬‬
‫التمييز بين المحظور والمباح من هاته االسلحة‪.‬‬
‫ومع التطور التقني و ظهور الروبوتات المقاتلة وهي "منظومة سالح آلية تستطيع في حال‬
‫تشغيلها أن تختار االهداف وتشتبك معها دونما حاجة الى تدخل اضافي من العنصر البشري الذي‬
‫يشغلها"‪ 2،‬وهذا األمر ليس منعزال عن الحرب االلكترونية أو الحرب السيبرانية ‪ Cyber War‬التي‬
‫جعلت من األمن االلكتروني ضرورة قصوى وأحد أهم أولويات الدول في وقتنا الحالي‪ .‬حيث‬
‫وصفت استراتيجية األمن الوطني للملكة المتحدة التهديدات االلكترونية عام ‪ 2010‬أحد أربع‬
‫تهديدات تواجه أمنها الوطني‪ ،‬في حين اعتبرت الواليات المتحدة األمريكية التهديدات االلكترونية‬
‫بأنها أخطر التهديدات التي تواجه أمنها القومي‪ .‬وأصدرت في ذات اإلطار روسيا رؤيتها الخاصة‬
‫‪3‬‬
‫بالنزاعات المسلحة في الفضاء االلكتروني‪.‬‬

‫ومن أشرس الحروب نشر برمجيات خبيثة مثل ‪ wiper‬التي تقوم بطمس المعلومات وتظليل‬
‫البيانات وتتضمن كذلك القنابل المنطقية وديدان الحواسب وصناعة رقائق إلكترونية بها نقاط‬
‫ضعف‪ ،‬عند تصميمها تمكنها من تدمير نفسها ذاتيا حال استقبالها لذبذبات وإشارات معينة‪،‬‬

‫براهيم بن داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫دعاء جليل حاتم‪ ،‬لمى عبد الباقي العزاوي‪ ،‬الذكاء االصطناعي والمسؤولية الجنائية الدولية‪ ،‬مجلة المفكر‪ ،‬العدد ‪18‬كلية الحقوق جامعة‬ ‫‪2‬‬

‫بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،2019 ،‬ص‪.27‬‬


‫‪3‬‬
‫‪Michael N.Schmitt, Tallinn Manual on the International Law Applicale to Cyber Warfare,‬‬
‫‪Prepared by the International Group of Experts at the Invitationof the NATO cooperative‬‬
‫‪cyber defence Center of excellence, Cambridge University press, 2013, first published,‬‬
‫‪p.2-3.‬‬
‫‪48‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وأيضا رقائق المكونات التي يعتمد في تصميمها أن تشكل أبوابا سرية يمكن من خاللها فك‬
‫ا لرسائل المشفرة واعادة ارسالها ألجهزة استخباراتية قامت بتصنيعها وأيضا اشعاعات تُدعي‬
‫اشعاعات "فان آيك" التي تعيد تسريب معلومات و خدع من خالل ارسال معلومات مزيفة على‬
‫نظم االتصاالت الخاصة بالقوات في الجيوش بحيث تبدو كإحدى الرسائل المتبادلة بينها مما‬
‫‪1‬‬
‫يحدث ارباكا يترتب عليه اتخاذ ق اررات هامة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد تطرح إشكالية عميقة جدا وهي أن بعض الدول الكبرى تملتك أسلحة‬
‫إلكترونية في غاية الخطورة ومنظومة إلكترو تقنية فائقة التطور‪ ،‬في حين أن دوال أخرى ال تمتلك‬
‫حتى األسلحة التقليدية العادية‪ ،‬مما يجعل التناسب والتوافق في تحقيق متطلبات الدفاع الشرعي أو‬
‫صد العدوان أمر بعيدا عن التكافؤ في القوى وفق أحكام القانون الدولي االنساني‪ .‬مما جعل‬
‫اصطالح استخدام القوة والتهديد بها أم ار نسبيا ومتغي ار‪ .‬وضمن المؤتمر الثامن والعشرين للصليب‬
‫والهالل األحمر المنعقد سنة ‪2003‬تم الحث على ضرورة اخضاع وإسناد جميع األسلحة الجديدة‬
‫ووسائل الحرب الجديدة وكل االستخدامات االلكترونية للضوابط العامة لالستخدام الحربي وأال‬
‫يتخطى التطور التكنولوجي الحماية القانونية المكفولة وهذا ما استحضره دليل "تالين" سالف الذكر‪.‬‬
‫وسبق وأن ألزمت المادة ‪36‬من البروتوكول األول لعام ‪1977‬الملحق باتفاقيات جنيف األربع‬
‫بضرورة مراجعة األسلحة وأساليب الحرب التي تستخدمها حديثا أثناء النزاعات المسلحة‪.2‬‬
‫‪ -2‬المسؤولية القانونية والذكاء االصطناعي‬
‫قدرة الروبوتات على اكتساب الخبرة‪ ،‬حيث تعمد إلى اتخاذ ق اررات ذاتية مما يسوقنا أيضا‬
‫لمجال المسؤولية المدنية والجنائية عما تقترفه من جرائم وتسببه من اضرار‪ ،‬ففي المجال الطبي‬
‫مثال نجد آالت طبية في شكل روبوتات بدال عن جهود طاقم طبي كامل ذات كفاءة عالية‪،‬‬
‫لتجميع معلومات دقيقة عن المرضى ضمن سجالت الكرتونية وتستخدم تلك المعلومات لعالج‬
‫المريض ذاته وهذا باتخاذ الروبوت ذاته لق اررات عالجية‪ ،‬وقد طفى اإلشكال أكثر بعد ظهور‬
‫روبوت "صوفيا" الذي تم عرضه في دولة االمارات العربية المتحدة ضمن مؤتمر االذكاء‬
‫االصطناعي هذا الروبوت الذي منحته المملكة العربية السعودية الجنسية وجواز سفر أيضا فكان‬
‫ذلك سابقة جديرة باالهتمام في حصول روبوت "إنسان آلي على الجنسية وجواز سفر‪. 3‬‬

‫براهيم بن داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪2‬‬

‫يحي ابراهيم دهشان مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.06‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪49‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن إعطاء امتيازات للروبوت كما للشخص العادي فهل يمكن تحميله أيضا المسؤولية‬
‫واخضاعه للعقاب في حال ثبوت المسؤولية الجنائية‪ ،‬أم أن الوضع مختلف وهذا ما يعد من أبرز‬
‫االشكاالت القانونية المنبثقة عن الذكاء االصطناعي وقد كان من بين أشهر الجرائم الجنائية‬
‫المترتبة عن الذكاء االصطناعي السيارة ذاتية القيادة التابعة لشركة ‪ Uber‬باالصطدام بسيدة شهر‬
‫مارس ‪ 2018‬مما أدى إلى وفاتها‪ .‬وهنا يتعقد التساؤل وتتعقد معه اإلجابة هل المسؤولية على‬
‫المصنع أم على الروبوت ألنه هو من اتخذ القرار أم على الضحية وهل يمكن الحديث هنا عن‬
‫موانع المسؤولية الجنائية وغيرها من المسائل المرتبطة بها أم ال‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سبل استشراف مجاالت صناعة النص التشريعي باإلمارات‬
‫يعد االستشراف في حقل الدراسات القانونية أم ار في غاية األهمية حيث أنه ال يمكن إصدار‬
‫تشريع أو نص ما أو الئحة إال بعد النظر في المآالت والعواقب‪ ،‬والنظر في كل األبعاد‬
‫االقتصادية واالجتماعية وحتى النفسية منها‪ ،‬ألجل أن يكون النص مواكبا لواقع الحال‪.‬‬
‫وأنجع التشريعات هي التي توازن وتوائم بين الواقع المعيش والمستقبل المنظور أي األهداف‬
‫المتوخاة وإالُ ولدت النصوص ميتة وكان محكوما عليها باإلعدام منذ لحظة صدورها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أهمية استشراف المستقبل‬
‫االستشراف هو العمل وفق منهجية وهو ضد العشوائية والتلقائية‪ ،‬والتي تبدأ ببيان المشكلة‬
‫وتعريفها ومن ثم اختيار اإلجراء األكثر موائمة لبناء نموذج لتحديد المتغيرات األساسية‪ ،‬والتي‬
‫على إثرها يتم بناء قاعدة المعلومات من المعطيات التي بدورها تشكل النظريات التي تسهم في‬
‫انتقاء أفضل خيارات المستقبل الممكنة‪ ،‬والتي في نهاية األمر تعمل على تحديد الجهات التنظيمية‬
‫في الدوائر الحكومية والتشريعية والمؤسسات المعنية من تحديد الخيارات االستراتيجية‪ ،‬وعملية‬
‫االستشراف ليست عمال انفراديا بل هو أداء قائم على جهد جماعي يتشكل من أشخاص ذوي‬
‫كفاءة عالية في شتى مجاالت االختصاص‪ ،‬وتوفير ما يستوجب من شروط وإمكانات حتى يتأتى‬
‫لهم القيام بعملية استشراف المستقبل‪ ،‬وصناعة األطر االستشرافية لبناء رؤية ورسالة واقعية‬
‫وصحيحة وقابلة للتنفيذ‪. 2‬‬

‫براهيم بن داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫فتحي صبرون عبدالغفار‪ ،‬استشراف الـمستقبل (الدراسات المستقبلية‪ ، )،‬ط‪ ، 1‬أزمنة للنشر والتوزيع‪ ،‬قطر‪ ،2016 ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪50‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلطار العام الستشراف المستقبل‬


‫يعد مجال صناعة التشريع من األمور ذات األهمية القصوى فالصناعة التشريعية الجيدة‬
‫التي تهدف لتحقيق استشراف المستقبل عن طريق طرح العديد من المتطلبات اإلجرائية التي تكون‬
‫بعضها سابقة لصدوره وأخرى معاصرة لصدور التشريع‪ ،‬وهناك متطلبات إجرائية في صناعة‬
‫التشريعات تلك اإلجراءات والعناصر الواجب توافرها لضمان إخراج التشريع بصناعة جيدة وهي‪:1‬‬
‫أ‪ .‬وجود هيئات متخصصة لصناعة التشريع‪ :‬تستوجب الصناعة التشريعية وجود هيئة‬
‫متخصصة في بناء القواعد القانونية ومتابعتها في شتى المراحل التي تتطلبها العملية‬
‫التشريعية‪ ،‬ويقودنا هذا إلى أولوية وجود جهاز متخصص للعمل في المجال التشريعي في‬
‫السلطة التنفيذية بجانب أن يتوفر جهاز أو مؤسسة تُعنى بالصناعة التشريعية ‪.‬‬
‫ب‪ .‬توفير كفاءات متخصصة ومخصصات مالية مناسبة‪ُ :‬يعد توفير المتخصصين والمؤهلين‬
‫حلقة أساسية في بعث العملية التشريعية بما يضمن سالمة التشريع باإلضافة إلى أهمية‬
‫توافر المخصصات المالية الكافية للقائمين على الصناعة التشريعية ‪.‬‬
‫ت‪ .‬المعلومات القانونية للمختصين بصناعة التشريع‪ :‬فيجب توفير المصادر القانونية‬
‫للمشتغلين بالصناعة التشريعية‪ ،‬وأيضا توفير الدعم المعلوماتي والفني لضمان سهولة‬
‫الحصول على كل ما هو الزم ومرتبط بالتشريع المقترح للقيام بعمل الدراسات الالزمة‬
‫للوقوف على واقع الحال‪ ،‬وإلمكانية تحليل المعطيات ووضع الحلول المناسبة ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬معايير التشريع السليم الستشراف المستقبل وربطه بالتطور التقني‬
‫توجب على المتخصص في الصناعة التشريعية األخذ بالعديد من المعايير وإتباعها‪ ،‬وذلك‬
‫لغاية إخراج التشريعات التي ال تحقق االحتياجات والغايات المتوخاة منها فقط‪ ،‬وإنما بإمكانها أن‬
‫تستشرف من خالل نصوصها وأحكامها المستقبلية‪ ،‬فمن شأن هذه المعايير أن تضمن جودة‬
‫التشريعات وتجنب العيوب واألخطاء التي تشوبها وذلك وفق اآلتي‪:2‬‬
‫‪ -1‬مراعاة واحترم القواعد والمبادئ الدستورية‬
‫‪ -2‬تعزيز احترام الحقوق والحريات‬
‫‪ -3‬مراعاة ومتابعة التطورات الحاصلة في مجاالت التقنية الحديثة‬

‫براهيم بن داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪..38‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪51‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -4‬الربط بين المستجدات التقنية وصلتها بالمجاالت القانونية‬


‫‪ -5‬األخذ بعين االعتبار البعد الدولي في صناعة التشريع خاصة المعاهدات الدولية‬
‫‪ -6‬انتقاء المفردات والعبارات والصياغة اللغوية المتكاملة للنص التشريعي‬
‫‪1‬‬
‫رابعا‪ :‬أثر استشراف المستقبل في مجال صناعة التشريع‬
‫إن استشراف المستقبل في مجال التشريع يختزل الزمان والتكلفة ويجعلنا أمام تطبيق عملي‬
‫لعلم إدارة األزمات فيجعلنا أمام تحد وتصد كبيرين لكل ما قد يطرأ‪ ،‬خاصة إذا أيقنا بأن التشريع‬
‫يجمع في معالجته للظواهر بين األبعاد االقتصادية واالجتماعية وحتى النفسية منها‪.‬‬
‫ويظهر أثر استشراف المستقبل في التشريعات النافذة بصوره جلية وواضحة في‪:‬‬
‫‪ -1‬تنظيم سلوك أفراد المجتمع على نسق موحد‬
‫‪ -2‬تحقيق األمن المجتمعي‬
‫‪ -3‬تحقيق العدالة في أوسع مدلوالتها‬
‫‪ -4‬تحقيق األمن القانوني‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جهود الجزائر في مجال الذكاء االصطناعي‬
‫ال يمكن للجزائر أن تبقى في منأى عن التطور التكنولوجي السريع في العالم‪ ،‬والذكاء‬
‫االصطناعي يساعد على بلوغ سقف معتبر من األهداف التنموية المنشودة‪ ،‬على ضوء البيانات‬
‫الصحيحة والثابتة‪ ،‬ومعالجتها بطريقة خوارزمية‪ ،‬تفضي إلى حلول سليمة فائقة الدقة‪ ،‬ال مجال‬
‫فيها للخطأ‪ ،‬حيث تستعمل لحل المشاكل المتعلقة بمجاالت الحياة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مركز الذكاء االصطناعي‬
‫أوال‪ :‬نشأته‬
‫هو أول مركز ذكاء اصطناعي في الجزائر ‪.‬تم بناؤه في جامعة سكيكدة ‪ 20‬أوت ‪1955‬‬
‫في شمال شرق الجزائر‪ ،‬بدأ المشروع في فبراير ‪ ،2020‬وهو مبادرة للتدريب والبحث والتطوير‬
‫في مجال الذكاء االصطناعي بشكل عام والمجال الفرعي للتعلم اآللي )‪ (ML‬بشكل خاص‪ .‬عندما‬
‫تم إنشاؤه ‪ ،‬تولى فريق المركز التحدي المتمثل في االنفتاح على البيئة االجتماعية واالقتصادية‬
‫للجامعة ‪ ،‬من أجل تقديم حلول الذكاء االصطناعي للشركاء الصناعيين واالقتصاديين‬

‫‪ 1‬براهيم بن داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬


‫الموقع االلكتروني مركز الذكاء االصطناعي على الواب‪http://skailab2021.univ-skikda.dz/index.php :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪52‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واالجتماعيين ‪ ،‬مع تعزيز تراث بياناتهم من خالل تقنيات مستمدة من الذكاء االصطناعي وعلوم‬
‫البيانات ‪ ،‬وال سيما تقنيات التعلم اآللي ‪.‬تحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬حيث يتم استكشاف بيانات المسح‬
‫واالستقصاء باستخدام التعلم اآللي التقنيات ‪.‬سينظم المركز بشكل دوري تدريبات وورش عمل‬
‫ومؤتمرات متخصصة‪ ،‬حيث سيكون هناك تواصل وتبادل الخبرات للباحثين والمديرين التنفيذيين‬
‫العاملين في مجال الذكاء االصطناعي والتعلم اآللي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف المركز‬
‫‪ -1‬عقد اتصاالت شراكة مع المشغلين في مختلف المجاالت ‪.‬‬
‫‪ -2‬تنظيم عمل تعاوني مع مديري الشركة من أجل جمع البيانات والخبرات‪.‬‬
‫‪ -3‬مساعدة المستخدمين على التعبير عن احتياجاتهم من حيث نماذج اإلدارة ودعم القرار‪.‬‬
‫‪ -4‬جمع البيانات وترميزها وتصفيتها‪.‬‬
‫‪ -5‬تطوير نماذج الذكاء االصطناعي المالئمة للبيانات المتاحة ‪.‬‬
‫‪ -6‬تنفيذ واختبار ونشر النماذج المطورة‪.‬‬
‫‪ -7‬تدريب الباحثين الجامعيين ورجال األعمال هو الهدف النهائي لمركز الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪ -8‬المستفيدون هم بشكل أساسي طالب الدكتوراه في علوم الكمبيوتر وكذلك في مختلف‬
‫أيضا في العلوم‬
‫المجاالت باستخدام البيانات والتعلم اآللي مثل العلوم والتكنولوجيا ‪ ،‬ولكن ً‬
‫اإلنسانية واالجتماعية واالقتصادية ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المدرسة الوطنية العليا للذكاء االصطناعي‬
‫أوال‪ :‬نشأتها‬
‫وافق رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على إنشاء المدرسة الوطنية العليا للذكاء‬
‫االصطناعي سيدي عبدهللا بمرسوم رئاسي رقم ‪2،323-21‬هي مدرسة عليا جديدة افتتحت في‬
‫الموسم الجامعي ‪ 2022/2021‬تقع بالمدينة الجديدة سيدي عبد هللا بوالية الجزائر العاصمة ‪،‬توفر‬
‫المدرسة الوطنية العليا للذكاء االصطناعي تكوين عالي للطلبة في المهارات المتعلقة بالذكاء‬
‫االصطناعي‪ :‬برمجة‪ ،‬قواعد البيانات‪ ،‬هندسة البرمجيات‪ ،‬الشبكات الحاسوبية‪ ،‬أمن المعلومات‪،‬‬
‫برمجة الويب‪ ،Mobile computing،‬هندسة الحواسيب‪ ...،‬الخ‪.‬‬

‫موقع المدرسة الوطنية العليا للذكاء االصطناعي على الواب‪https://services.mesrs.dz/ensia/ensia-rtl/index.html :‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 323-21‬المؤرخ في ‪ 22‬غشت ‪ 2021‬المتضمن اشاء المدرسة العليا للذكاء االصطناعي‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،65‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مؤرخة في ‪.2021/08/26‬‬

‫‪53‬‬
‫اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهداف المدرسة الوطنية للذكاء االصطناعي‬


‫المدرسة الوطنية العليا للذكاء االصطناعي لها أهداف في مجال الذكاء االصطناعي وهي‪:‬‬
‫ضمان تدريب خريجين يصبحون إطارات هامة في عجلة االقتصاد الوطني ويكونون‬ ‫•‬

‫مؤهلين تأهيال عاليا للقيام بمهامهم في القطاعات االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬


‫إدخال ُبعد االبتكار ونقل التكنولوجيا وريادة األعمال في برامج تكوين الطلبة‪.‬‬ ‫•‬

‫تمكين الطالب من أساليب البحث العلمي وتوفير التدريب من خالل البحث ومن أجله‪.‬‬ ‫•‬

‫المساهمة في إنتاج ونشر المعرفة واكتسابها وتطويرها وتعميم الثقافة الرقمية‪.‬‬ ‫•‬

‫تعزيز أنشطة التعليم المتواصل وتحسين األداء وإعادة التدريب إلطارات القطاعات‬ ‫•‬

‫االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫المساهمة في الجهد الوطني للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي‪.‬‬ ‫•‬

‫المشاركة في تعزيز اإلمكانات التقنية الوطنية وتعزيز تطوير العلوم والتكنولوجيا‪.‬‬ ‫•‬

‫المساهمة في تطوير البحوث العلمية األساسية والتطبيقية داخل الشركات والمؤسسات‬ ‫•‬

‫الوطنية التي تنتمي إلى مختلف القطاعات االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬


‫إدخال أبعاد االبتكار ونقل التكنولوجيا وريادة األعمال فيما يتعلق بالبحث العلمي و‬ ‫•‬

‫اإلنتاج العلمي ‪.‬‬


‫تدريب المهندسين الذين سيكون لديهم أساس متين في الرياضيات ‪ ،‬وفهم نظري عميق‬ ‫•‬

‫للتقنيات المختلفة للذكاء االصطناعي وعالم ريادة األعمال ‪ ،‬ومهارات عملية تجعلهم‬
‫قابلين للتوظيف فور تخرجهم‪.‬‬
‫معالجة النقص في المتخصصين رفيعي المستوى في مجاالت مثل علوم البيانات والذكاء‬ ‫•‬

‫االصطناعي والرؤية الحاسوبية والمعالجة اآللية للغة ومعالجة الكالم‬


‫ضمان وجود ِّ‬
‫نشط ومستمر في المجاالت اإلدارية العامة ‪ ،‬وكذلك في دوائر األعمال ‪،‬‬ ‫•‬

‫وتطوير القدرة على االستماع لتوقعاتهم‪.‬‬


‫دعم الدولة الجزائرية في تطبيق الخطة االستراتيجية الوطنية للذكاء االصطناعي‬ ‫•‬

‫‪2030-2020‬‬

‫‪54‬‬
‫الخاتم ـ ـ ــة‬
‫الخــاتمة‬

‫الخـــاتمة‬

‫يتميز العصر الحالي بانتشار تقنيات الذكاء االصطناعي في شتى ميادين الحياة‪ ،‬ما يمثل‬
‫أهم التحديات القانونية التي تثيرها تطبيق برامج الذكاء االصطناعي‪ ،‬وبخاصة فيما يتعلق بكيفية‬
‫إسناد المسؤولية عن التصرفات غير المتوقعة لهذه البرامج‪ ،‬ولذلك أصبح االعتراف بالشخصية‬
‫القانونية و اسناد المسؤولية المدنية و بحث الجرائم المتعلقة بتلك التقنيات ضرورة حتمية‪ ،‬للوصول‬
‫إلى المسئولية الجنائية عن تلك الجرائم المرتكبة عن طريق الذكاء االصطناعي‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫ضرورة تقنين أوضاع الذكاء االصطناعي حتى نستطيع مساءلته جنائياً عن الجرائم المرتكبة من‬
‫خالله‪.‬‬

‫ومن خالل دراستنا لموضوعنا توصلنا إلى النتائج التالية‪:‬‬


‫‪-1‬اتضح أنه ال يوجد تعريف موحد للذكاء االصطناعي رغم أنه ليس بمصطلح جديد‪ ،‬وقد‬
‫تعددت تعريفات الفقه حول مفهوم الذكاء االصطناعي وأغلبها يدور حول قدرة اإلنسان‬
‫واآللة‪.‬‬
‫‪-2‬يعتبر الذكاء االصطناعي حقال حديثا من حقول المعرفة والذي يهتم بكافة األنشطة‬
‫والعمليات التي تكسب اآللة أو الحاسب االلكتروني القدرة على اإلدراك واالستنتاج‬
‫المنطقي‪ ،‬بهدف انجاز العديد من المهام الصعبة والمعقدة والدقيقة التي كانت تتم يدويا‪.‬‬
‫‪-3‬تستخدم تطبيقات الذكاء االصطناعي بنجاح في مجموعة واسعة من المجاالت‪ ،‬من بينها‬
‫النقل‪ ،‬والقطاع المصرفي‪ ،‬التشخيص الطبي‪ ،‬وتداول األسهم‪ ،‬والتحكم اآللي‪ ،‬وصناعات‬
‫ألعاب الفيديو وبرمجيات محركات البحث على اإلنترنت‪ ،‬إلى جانب تطبيقاتها الخاصة‬
‫بتحسين اإلنتاج الزراعي باإلضافة إلى التطور الكبير في إنترنت األشياء بما بات يسمح‬
‫بإدارة المصانع وعمليات اإلنتاج بشكل آلي بالكامل تقريبا‪ ،‬مع إمكانية استشراف األعطال‬
‫التصنيعية وتجنب تعطل سالسل التوريد‪.‬‬
‫‪-4‬تساعد تطبيقات الذكاء االصطناعي على اختصار الوقت والتكلفة نتيجة سرعتها ودقتها‬
‫الفائقة في انجاز المهام المطلوبة‪.‬‬
‫‪-5‬عدم وجود قوانين خاصة لتنظيم استخدام اآلالت التي تمتلك ذكاء اصطناعياً‪ ،‬كما أن األطر‬
‫التنظيمية المتوافرة ال تواكب التطور المتالحق في تقنية الذكاء االصطناعي‪ ،‬وصحة العقود‬

‫‪55‬‬
‫الخــاتمة‬

‫التي قد تبرمها البرامج الذكية دون أي تدخل بشري‪ ،‬وكيفية إسناد المسؤولية عن التصرفات‬
‫غير المتوقعة للبرامج التقنية‪ ،‬كما أن تكنولوجيا الذكاء االصطناعي لم تصل إلى درجة الكمال‬
‫القصوى‪ ،‬وبرامجها عرضة لإلصابة بالفيروسات أو األعطال الفنية‪ ،‬والتشريعات عاجزة عن‬
‫حماية المستخدم من أخطاء اآللة إذ تضع المسؤولية الكاملة على من يستخدم األنظمة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬دون اعتبار للبيئة المحيطة والعوامل ذات الصلة‪.‬‬
‫‪-6‬يترتب على قيام المسؤولية عن أضرار الذكاء االصطناعي تحقق التعويض سواء كان مادياً‬
‫أو أدبيا‪ .‬فالمضرور يحصل على التعويض من خالل القضاء حيث يقدر القاض التعويض‬
‫على أساس الضرر ال على أساس الفعل الضار مراعيا في ذلك الحالة المالية واالجتماعية‬
‫للمضرور ‪.‬‬
‫‪-7‬إن كان الذكاء االصطناعي قاد ار فعال على االبداع واالختراع وبالتالي التفكير في منحه حق‬
‫الملكية الفكرية فان ما توصل اليه في حقيقة االمر هو مجموعة جهود بشرية منحته تلك‬
‫القدرة وعليه يبقى االمر مبهما لمن له الحق فعال في حقوق الملكية‪.‬‬
‫‪-8‬زيادة االنتهاكات المتعلقة بخصوصية اإلنسان والتعدي على الحياة الخاصة‪ ،‬في ظل‬
‫تقنيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬مستغلين عدم المعرفة الكاملة للمستخدم بشأنها‪.‬‬
‫‪-9‬عدم وجود تشريعات كافية تحمى المجتمع من جرائم تقنيات الذكاء االصطناعي‪ ،‬وتضع‬
‫ضوابطاً لحدود تلك التقنيات‪.‬‬
‫‪-10‬تعد االمارات العربية المتحدة أنموذجا رائدا في العالم العربي في تطبيق الذكاء االصطناعي‬
‫وسن‬
‫في مجاالت مختلفة‪ ،‬من خالل إنشاء و ازرة للذكاء االصطناعي ‪ ،‬إضافة إلى صياغة ّ‬
‫منظومة ُمتكاملة من التشريعات واللوائح التنفيذية الضرورية لتشجيع االبتكار وريادة األعمال في‬
‫مجال الذكاء االصطناعي‪.‬‬

‫بعد دراستنا اآلثار القانونية المترتبة عن استخدام الذكاء االصطناعي يستوجب اتخاذ ما يلزم‬
‫به من أجل الحد من سنقوم باقتراح بعض التوصيات‪:‬‬

‫‪-1‬تشجيع استخدام تقنيات الذكاء االصطناعي في كافة المجاالت‪ ،‬واستغالل تقنيات الذكاء‬
‫االصطناعي في مجاالت العدالة وتحقيق األمن‪ ،‬لتحقيق أكبر قدر من الشفافية والمساواة‪،‬‬
‫والتي تتوافر من خالل تلك التقنيات‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الخــاتمة‬

‫شغل في أداء العمل بغاية تحديد مستوى‬ ‫الم ِّّ‬


‫‪-2‬اعتماد مقياس درجة استقالل الروبوت عن ُ‬
‫ملكاته المستوى القانوني المطلوب من الحقوق وااللتزامات في شخصيته‪.‬‬
‫‪-3‬االرتقاء بكيان الروبوت لن يكون حالَّ إلشكالية عدم عدالة قواعد المسؤوليَّة المدنيَّة بقدر‬
‫يتم تقييد تطوير تكنولوجيا الذكاء االصطناعي في‬
‫أخالقي ًة كبيرةً إن لم َّ‬
‫َّ‬ ‫ما يكون مشكل ًة‬
‫حدود تسخير الروبوت لخدمة اإلنسان‪.‬‬
‫‪-4‬يجب على القضاء أن يراعي بين درجة الخطأ اإلنساني في حدوث فعل الروبوت “الشخص”‬
‫الذمة الماليَّة للروبوت‪ ،‬ففي حال كان خطأ النائب بسيطاً وغير مقصوٍد وكان‬
‫بين مالءة َّ‬
‫الروبوت ليئاً فتكون َّ‬
‫ذمة الروبوت هي المحل الجائز الوحيد للرجوع بالتعويض‪.‬‬
‫‪-5‬الوصول لتصور قانوني يسمح بالمحاسبة الجنائية لتقنيات الذكاء االصطناعي المتطورة‬
‫عن الجرائم المرتكبة من قبلها ذاتياً‪ ،‬مع تشديد العقوبات المستخدم فيها تقنيات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬لخطورتها وضررها الكبير على المجتمع‪.‬‬
‫‪-6‬على الرغم من البحوث الكثيرة التي تجرى في هذا المجال إال أن منظومات الذكاء‬
‫االصطناعي ال تزال في بدايتها‪ ،‬حيث ما يزال هناك ضرورة ملحة إلجراء الكثير من‬
‫األبحاث والدراسات األخرى لتطوير تطبيقات الذكاء االصطناعي وزيادة فعاليتها‪.‬‬
‫‪ -7‬ضرورة تكوين القضاة تكوينا تخصصيا من خالل ورش أو دورات تؤهلهم لفهم واستيعاب‬
‫النوازل والمستجدات في كل المجاالت الشرعية والقانونية بغية إيجاد توافق بين األحكام‬
‫واالجتهادات القضائية والمسائل المستحدثة خاصة ما تعلق بالتطور اإللكترو تقني‪.‬‬
‫‪-8‬ضرورة تكاتف الجهود الدولية من خالل مختلف المنظمات العالمية من أجل تحقيق التعاون‬
‫الذي يهدف الى إيجاد أنجع السبل لخلق منظومة قانونية وتشريعية خاصة بالذكاء‬
‫االصطناعي قصد تنظيمه وتأطيره وضبطه واالحاطة بمختلف جوانبه‪ ،‬نظ ار للحاجة الملحة‬
‫اليه في وقتنا الراهن والمستقبل‪.‬‬
‫جرد واجب‬ ‫تغيير جذري ٍ‬
‫َّة في الفكر التشريعي وليس فقط ُم َّ‬ ‫ٍ‬ ‫مهم ِّة‬
‫‪-9‬أمام المشرع الجزائري َّ‬
‫يتم ِّاتّخاذ‬
‫العامة‪ ،‬فالمطلوب لمواجهة طوفان التكنولوجيا أن َّ‬
‫َّ‬ ‫إضافة تعديالت في القواعد‬
‫القرار التشريعي فيما إذا كانت الجزائر تتقبل وجود الروبوتات بغاية استغاللها في مختلف‬
‫مظاهر الحياة االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ -1‬باللغة العربية‬
‫‪ -‬الكتـب‬
‫‪ -1‬إبراهيم الخالوق الملكاوي‪ ،‬إدارة المعرفة – الممارسات والمفاهيم‪ ،-‬الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬األردن‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ -2‬أحمد فتحى سرور‪ ،‬القانون الجنائى الدستورى‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دار الشروق‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫‪ -3‬أحمد كاظم‪ ،‬الذكاء الصناعي‪ ،‬محاضرات منشورة‪ ،‬كلية تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬جامعة محمد الصادق‪،‬‬
‫العراق‪.2012 ،‬‬
‫‪ -4‬أوسوندي أوسوبا وويليام ويلسر الرابع‪ ،‬مخاطر الذكاء االصطناعي على األمن ومستقبل العمل‪ ،‬مؤسسة‬
‫‪.2017 ،(www.rand.org) RAND‬‬
‫‪ -5‬عبد هللا موسى‪ ،‬أحمد حبيب بالل‪ ،‬الذكاء االصطناعي (ثورة في تقنيات العصر)‪ ،‬المجموعة العربية‬
‫للتدريب والنشر‪ ،‬ط ‪ ،1‬مصر‪.2019 ،‬‬
‫‪ -6‬غنام محمد غنام‪ ،‬شيماء عبد الغنى عطا هللا‪ ،‬مبادئ علم اإلجرام‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة الزقازيق‪،‬‬
‫مصر‪.2019،‬‬
‫‪ -7‬فتحي صبرون عبدالغفار‪ ،‬استشراف الـمستقبل (الدراسات المستقبلية‪ ، )،‬ط‪ ، 1‬أزمنة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫قطر‪.2016 ،‬‬
‫‪ -8‬كتاب جماعي‪ ،‬اشراف أبو بكر خوالد ‪ ،‬تطبيقات اذكاء االصطناعي كتوجه حديث لتعزيز تنافسية‬
‫منظمات األعمال‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫برلين‪.2019 ،‬‬
‫محمد علي الشرقاوي‪ ،‬الذكاء االصطناعي والشبكات العصبية‪ ،‬مركز الذكاء االصطناعي للحاسبات‪،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫القاهرة‪ ،‬رقم اإليداع‪،96/3084 :‬‬
‫‪ -10‬ياسين سعد الغالب‪ ،‬أساسيات نظم المعلومات اإلدارية وتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المناهج للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2012 ،‬‬

‫‪ -‬الرسائل الجامعية‬
‫‪ -1‬بوزيد صبرينة‪ ،‬قانون المنافسة ‪-‬ال أمن قانوني أم تصور جديد لألمن القانوني ‪ ،-‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قالمة الجزائر‪.2015-2016، ،‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -2‬أصالة رقيق‪ ،‬استخدام تطبيقات الذكاء االصطناعي في إدارة أنشطة المؤسسة (دراسة حالة مجموعة‬
‫من المؤسسات االقتصادية) ‪ ،‬مذكرة ماستر‪ ،‬تخصص‪ :‬إدارة أعمال المؤسسة‪ ،‬شعبة علوم التسيير‪،‬‬
‫جامعة أم البواقي‪.2015-2014 ،‬‬
‫‪ -‬المقاالت العلمية وااللكترونية ومواقع الكترونية‬
‫‪ -1‬شيخ هجيرة‪ ،‬دور الذكاء االصطناعي في إدارة عالقة الزبون االلكتروني للقرض الشعب الجزائري‬
‫‪ ،CPA‬مجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬المجلد‪، 10‬العدد‪، 02‬جامعة حسيبة بن‬
‫بوعلي‪ ،‬الشلف‪ ،‬الجزائر‪،2018 ،‬‬
‫‪ -2‬مكاوي مرام عبد الرحمان‪ ،‬الذكاء االصطناعي على أبواب التعليم‪ ،‬مجلة القافلة‪ ،‬المجلد ‪ ،67‬العدد‬
‫‪ ،06‬أرامكو السعودية‪.2018 .‬‬
‫‪ -3‬لطفي خديجة‪ ،‬كيف يستطيع الذكاء االصطناعي التأثير على التعليم ؟‪ ،‬مقال شوهد يوم‬
‫‪ 2021/08/05‬على الساعة ‪ 18:36‬على موقع‪https://www.new- :‬‬
‫‪educ.com/category/studies‬‬
‫الفرص والتحديات‪ ،‬مقال منشور بتاريخ‬ ‫‪ -4‬أحمد نظيف‪َّ ،‬‬
‫النهج األوروبي للذكاء االصطناعي‪ُ :‬‬
‫‪ 2021/07/03‬على الساعة ‪ 18:36‬على موقع‪https://epc.ae/ar/topic/annahj- :‬‬
‫‪aluwrubiy-lildhaka-aliastinaei-alfurs-waltahadiyat‬‬
‫‪ -5‬بن عثمان فريدة‪ ،‬الذكاء االصطناعي (مقاربة قانونية) ‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬المجلد ‪،12‬‬
‫العدد ‪.2020 ،02‬‬
‫‪ -6‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬المسئولية المدنية والذكاء االصطناعي‪...‬إمكانية المساءلة؟‪ ،‬دراسة تحليلية‬
‫معمقة لقواعد المسؤولية المدنية في القانون المدني الفرنسي‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‪،‬‬
‫السنة الثامنة‪ ،‬العدد األول‪.2020، ،‬‬
‫‪ -7‬عبد الرازق وهبه سيد احمد محمد‪ ،‬المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء االصطناعي "دراسة تحليلية"‪،‬‬
‫مجلة جيل األبحاث القانونية المعمقة‪ ،‬العام الخامس‪ ،‬العدد ‪ ،43‬لبنان‪ ،‬أكتوبر ‪.2020‬‬
‫‪ -8‬عماد الدحيات ‪ ،‬نحو تنظيم قانوني للذكاء االصطناعي في حياتنا‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية‬
‫واالقتصادية ‪ ،‬المجلد ‪ ،08‬العدد ‪ ، 05‬الجزائر ‪.2019 ،‬‬
‫‪ -9‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬المسؤولية المدنية والذكاء االصطناعي ‪ ....‬إمكانية المساءلة‪ ،‬دراسة تحليلية‬
‫معمقة لقواعد المسؤولية المدنية في القانون المدني الفرنسي‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،01‬السنة‪ ،08 ،‬الكريت‪ ،‬مارس ‪.2020‬‬
‫‪ -10‬معمر بن طرية ‪ ،‬قادة شهيدة ‪2018، ،‬اضرار الروبوتات و تقنيات الذكاء االصطناعي تحد جديد‬
‫للقانون ‪ ،‬مقال منشور في مجلة حوليات الجزائر ‪ ،‬عدد خاص‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -11‬محمد العوضي‪ ،‬مسؤولية المنتج عن منتوجات الصناعة‪ ،‬مجلة القانون المدني‪ ،‬العدد ‪ ،01‬المركز‬
‫المغربي للدراسات واالستشارات القانونية وحل المنازعات‪.2014 ،‬‬
‫‪ -12‬زين الهوشي‪ ،‬عندما يرتكب الذكاء االصطناعي الجرائم‪ ،‬من يتحمل العقوبة؟‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬شوهد يوم‬
‫‪ 2021/08/03‬على الساعة ‪ 14:21‬عبى موقع‪:‬‬
‫‪https://nasainarabic.net/main/articles/view/when-an-ai-finally-kills-‬‬
‫‪someone-who-will-be-responsible‬‬
‫‪ -13‬دعاء جليل حاتم‪ ،‬لمى عبد الباقي العزاوي‪ ،‬الذكاء االصطناعي والمسؤولية الجنائية الدولية‪ ،‬مجلة‬
‫المفكر‪ ،‬العدد ‪18‬كلية الحقوق جامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪.2019 ،‬‬
‫‪ -14‬تاريخ الذكاء االصطناعي‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬شوهد يوم ‪ 2021/08/03‬على الساعة ‪ 11:18‬على‬
‫موقع‪/https://ar.wikipedia.org/wiki :‬‬
‫‪ -15‬ذكاء اصطناعي‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬شوهد يوم ‪ 2021/08/03‬على الساعة ‪ 14:32‬على موقع‪:‬‬
‫‪/https://ar.wikipedia.org/wiki‬‬
‫تطور الذكاء االصطناعي وآلية عمله‪ ،‬مقال شوهد بتاريخ ‪ 2021/09/01‬على‬
‫‪ -16‬تعرف على تاريخ ّ‬
‫الساعة ‪ 13:23‬على موقع‪https://technologyreview.ae :‬‬
‫‪ -17‬جيمس جونسون‪ ،‬أتمتة الحرب ( تأثير الذكاء االصطناعي في سباق التسلح)‪ ،‬مقال شوهد بتاريخ‬
‫‪ 2021/08/23‬على الساعة‪ 14:57 :‬على موقع‪:‬‬
‫‪https://futureuae.com/ar/Home/Index/2‬‬
‫‪ -18‬ما هي إستخدامات الذكاء اإلصطناعي في قطاع الرعاية الصحية؟ ‪ ،‬مقال شوهد يوم‬
‫‪ 2021/08/25‬على الساعة‪ 15:38 :‬على موقع‪https://www.thearabhospital.com :‬‬
‫‪ -19‬الخطر الوجودي من الذكاء االصطناعي العام‪ ،‬مقال شوهد يوم ‪ 2021/08/29‬على الساعة ‪13.32‬‬
‫على موقع‪https://ar.wikipedia.org/wiki :‬‬
‫‪ -20‬الموقع االلكتروني لمركز الذكاء االصطناعي على الواب‪:‬‬
‫‪http://skailab2021.univ-skikda.dz/index.php‬‬
‫‪ -21‬موقع المدرسة الوطنية العليا للذكاء االصطناعي على الواب‪:‬‬
‫‪https://services.mesrs.dz/ensia/ensia-rtl/index.html‬‬
‫‪-‬التظاهرات العلمية والندوات والملتقيات‬
‫‪ -1‬أحمد ماجد‪ ،‬الذكاء االصطناعي بدولة االمارات العربية المتحدة‪ ،‬إدارة الدراسات والسياسات االقتصادية‪،‬‬
‫االمارات العربية المتحدة‪ ،‬مبادرات الربع األول ‪.2018‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -2‬براهيم بن داود‪ ،‬سبل استشراف مجاالت صناعة النص التشريعي وفق التطورات الحديثة‪ ،‬المؤتمر الدولي‬
‫الثاني (تمكين التطبيقات الذكية بين الفقه والقانون رؤية مستقبلية في دولة االمارات العربية المتحدة)‪ ،‬الجزء‬
‫‪( 02‬التطبيقات الذكية للقانون)‪ ،‬كلية االمام مالك للشريعة والقانون‪ ،‬دبي‪ 16-15 ،‬أفريل ‪.2021‬‬
‫‪ -3‬خوالد أبوبكر‪ ،‬ثاليجية نوة‪ ،‬أنظمة المعلومات المعتمدة على الذكاء االصطناعي بين المفاهيم النظرية‬
‫والتطبيقات العملية في المؤسسة اإلقتصادية‪ ،‬الملتقى الوطن العاشر حول أنظمة المعلومات المعتمدة على‬
‫الذكاء االصطناعي و دورها في صنع ق اررات المؤسسة االقتصادية‪ ،‬جامعة سكيكدة‪ ،‬الجزائر‪،2012 ،‬‬
‫‪ -4‬المنظمة العالمية للملكية الفكرية‪ ،‬محادثة الويبو بشأن الملكية الفكرية والذكاء االصطناعي‪ ،‬الدورة الثانية‪،‬‬
‫أمانة الويبو‪.2020/05/11 ،‬‬
‫‪ -‬النصوص الدستورية القانونية واالوامر والمراسيم‬
‫‪ -1‬دستور دولة اإلمارات العربية المتحدة الصادر بتاريخ ‪18/07/1971،‬المعدل والمتمم بموجب التعديل‬
‫الدستوري رقم ‪ 01‬لسنة ‪1996‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬ديسمبر‪1996‬وبالتعديالت الالحقة ال سيما تعديل ‪.2009‬‬
‫‪-2‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 323-21‬المؤرخ في ‪ 22‬غشت ‪ 2021‬المتضمن اشاء المدرسة العليا للذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬ج ر‪ ،‬العدد ‪ ،65‬مؤرخة في ‪.2021/08/26‬‬

‫‪ -2‬باللغة األجنبية‬
‫‪1- A. Bensoussan, La protection de la dignité humaine s’étend au champ du numérique,Le‬‬
‫‪Huffington Post, 6 juin 2014. R. Gelin, Droit de la robotique: Le robot demeure‬‬
‫‪juridiquement un objet qui n’est pas responsable de ses actes. L’humanité.fr [En ligne],‬‬
‫‪18 mai 2017, 143. R. Hasselvander, IA, robots: vers un cadre juridique dédié? Les clés‬‬
‫‪de demain [En ligne], 5 décembre 2016.‬‬
‫‪2- C. Aubin. Intelligence artificielle et brevets, Les Cahiers de propriété intellectuelle., op.,‬‬
‫‪cit.,‬‬
‫‪3- F. Patrick Hubbard, 'Sophisticated Robots': Balancing Liability, Regulation, and‬‬
‫‪Innovation, 66 Florida Law Review, 2014 .‬‬
‫‪4- Fintechnews Singapore, the Potential of AI in Banking, available at:‬‬
‫‪http://fintechnews.sg/27160/ai/the-potential-of-ai-in-banking-report/ (15/07/2021 at‬‬
‫‪17h.00).‬‬
‫‪5- Gentsch P. , AI in Marketing, Sales and Service. Palgrave Macmillan, Cham, 2019 .‬‬
‫‪6- I. Lutte, La responsabilité du fait des produits de la technologie, In Responsabilités :‬‬
‫‪traité théorique et pratique. Titre III. La responsabilité du fait des choses, Bruxelles,‬‬
‫‪Kluwer, 2004, Livre 33.‬‬

‫‪61‬‬
7- J. Delcker, Europe divided over robot personhood available at
https://www.politico.eu/article/europe-divided-over-robot-aiartificial-intelligence-
personhood/ ANOSCH DELCKE ANOSCH DELCKER JANOSCH DELCKERR
8- J. Larrieu, Les robots et la propriété intellectuelle, Propriété industrielle., n°2, 2013. A.
Lebois, Quelle protection juridique pour 36 les créations des robots journalistes?
Communication Commerce Electronique., n° 1, 2015. G. Loiseau., A. Bonnet, La
responsabilité du fait de l’intelligence artificielle, op, cit.,
9- M. Soulez, Propriété intellectuelle - Le droit de la propriété intellectuelle à l’épreuve
des technologies robotiques. 2016, JCP G, p. 972. M. Soulez, Questions juridiques au
sujet de l’intelligence artificielle, Enjeux numériques., n°1 mars 2018. J. Larrieu, Robot
et propriété intellectuelle, Dalloz, Paris, 2016.
10- M. Zalnieriute, et al., The Rule of Law and Automation of Government Decision-
Making, Modern Law Review 82. 2019.
11- Mangani D, 5 AI Application I Banking to Look out for in Next 5 Years, available at:
https://www.analyticsvidhya.com/blog/2017/04/5-ai-applications-in-banking-to-look-
outfor-in-next-5- years/(18/07/2021 at 11h.02).
12- Michael N.Schmitt, Tallinn Manual on the International Law Applicale to Cyber
Warfare, Prepared by the International Group of Experts at the Invitationof the NATO
cooperative cyber defence Center of excellence, Cambridge University press, 2013 .
13- N. El Kaakour, L’intelligence artificielle et la responsabilité civile délictuelle., op, cit.,
p. 18. Th. Leemans, La Responsabilité Extracontractuelle de l’Intelligence Artificielle.,
op, cit., p. 50. G. Loiseau., A. Bonnet, La responsabilité du fait de l’intelligence
artificielle, op., cit.
14- Odile Siary, 2017, Quelle personnalité juridique pour les ROBOTS, article Village de
la justice , site web village-justice.com. vu janvier 2020.
15- S. Canselier, Les intelligences non-humaines et le droit. Observations à partir de
l’intelligence animale et de l’intelligence artificielle, Archives de philosophie du droit, n°
55, 2012.
16- S. Singh, Attribution of Legal Personhood to Artificially Intelligent Beings, Bharati
Law Review, July – Sept., 2017.

62
‫الفهرس‬
‫الفـهــرس‬
‫رقم الصفحة‬ ‫العنـــــوان‬
‫‪/‬‬ ‫البسملة‬
‫‪/‬‬ ‫شكر وتقدير‬
‫‪/‬‬ ‫اهداء‬
‫‪/‬‬ ‫قائمة المختصرات‬
‫أ‪ -‬د‬ ‫مـ ـ ـقدمة‬
‫الفصــل األول‪ :‬ماهية الذكاء االصطناعي‬
‫‪05‬‬ ‫تمهــيــد‬
‫‪06‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الذكاء االصطناعي‬
‫‪06‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الذكاء الصناعي‬
‫‪09‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة وتطور الذكاء االصطناعي‬
‫‪10‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المرحلة األولى‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المرحلة الثانية‬
‫‪12‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‬
‫‪14‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مجاالت تطبيق الذكاء االصطناعي ومخاطره‬
‫‪14‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مجاالت تطبيق الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مجال التعليم‬
‫‪15‬‬ ‫أوال‪ :‬المحتوى الذكي‬
‫‪15‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أنظمة التعليم الذكي‬
‫‪16‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تقنية الواقع االفتراضي‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المجال المصرفي‬
‫‪16‬‬ ‫أوال‪ :‬مكافحة غسيل األموال‬
‫‪17‬‬ ‫ثانيا‪ :‬روبوتات الدردشة‬

‫‪63‬‬
‫‪17‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الكشف عن الغش واالحتيال‬
‫‪17‬‬ ‫رابعا‪ :‬التحليلت‬
‫‪18‬‬ ‫خامسا‪ :‬إنشاء التقارير‬
‫‪18‬‬ ‫سادسا‪ :‬أتمتة العمليات اآللية ‪RPA‬‬
‫‪18‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬أنظمة النقل الذكية‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬مجاالت أخرى‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مخاطر الذكاء االصطناعي‬
‫‪23‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬األمن القومي‬
‫‪24‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬األمن الداخلي‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اآلثار القانونية للذكاء االصطناعي‬
‫‪27‬‬ ‫تمهيـــد‬
‫‪28‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المسؤولية القانونية عن استخدام الذكاء االصطناعي‬
‫‪28‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي‬
‫‪28‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المركز القانوني للذكاء االصطناعي‬
‫‪30‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬واقع الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي في التشريع‬
‫‪32‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية المدنية والجزائية عن جرائم ذ إ‬
‫‪32‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء االصطناعي‬
‫‪32‬‬ ‫أوال‪ :‬المسؤولية المدنية القائمة على االعتبار الشخصي‬
‫‪34‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المسؤولية المدنية القائمة على االعتبار الموضوعي‬
‫‪38‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المسؤولية الجزائية عن جرائم الذكاء االصطناعي‬
‫‪38‬‬ ‫أوال‪ :‬أطراف المسؤولية الجنائية لجرائم الذكاء االصطناعي‬
‫‪41‬‬ ‫ثانيا‪ :‬جرائم بالذكاء االصطناعي والعقوبات المقررة لها‬
‫‪45‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬نموذج االمارات وجهود الجزائر حول الذكاء‬
‫االصطناعي‬

‫‪64‬‬
‫‪45‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تطبيق االمارات للذكاء االصطناعي‬
‫‪45‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬سبل االستشراف التشريعي للذكاء االصطناعي في االمارات‬
‫‪46‬‬ ‫أوال‪ :‬األمن القانوني وصناعة التشريع باإلمارات‬
‫‪48‬‬ ‫ثانيا‪ :‬دور التقنية الحديثة في تطوير صناعة النص القانوني‬
‫‪50‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬سبل استشراف مجاالت صناعة النص التشريعي باإلمارات‬
‫‪50‬‬ ‫أوال‪ :‬أهمية استشراف المستقبل‬
‫‪51‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اإلطار العام الستشراف المستقبل‬
‫‪51‬‬ ‫ثالثا‪ :‬معايير التشريع السليم الستشراف المستقبل وربطه بالتطور التقني‬
‫‪52‬‬ ‫رابعا‪ :‬أثر استشراف المستقبل في مجال صناعة التشريع‬
‫‪52‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬جهود الجزائر في مجال الذكاء االصطناعي‬
‫‪52‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مركز الذكاء االصطناعي‬
‫‪52‬‬ ‫أوال‪ :‬نشأته‬
‫‪53‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أهداف المركز‬
‫‪53‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المدرسة الوطنية العليا للذكاء االصطناعي‬
‫‪53‬‬ ‫أوال‪ :‬نشأتها‬
‫‪54‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أهداف المدرسة الوطنية للذكاء االصطناعي‬
‫‪55‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪58‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪65‬‬
‫الملخص‬
‫الملخـــص‬

‫ حيث أصبح يستخدم في عديد المجاالت منها الطب‬،‫يعد الذكاء االصطناعي من أهم منتجات التكنولوجيا‬
‫ فهو ثمرة جهد بذل فيها االنسان ما أمكن من وقت ومعرفة وأموال للوصول‬،‫والتطبيقات العسكرية والنقل وغيرها‬
‫ فالذكاء االصطناعي له القدرة على التعلم الذاتي واكتساب الخبرة والتجربة‬،‫إلى اختراع يحاكي الذكاء اإلنساني‬
‫والتنظيم بفضل الخوارزميات والشبكات العصبية والتمتع بقدر من االستقاللية التي تمكنه من انجاز المهام واتخاذ‬
‫ هذه الخطوة كان لها أثرها على واقع المنظومة القانونية الحالية التي يعتبرها‬.‫الق اررات إزاء بعض المواقف‬
‫البعض عاجزة على حل المشاكل القانونية التي قد يثيرها الذكاء االصطناعي مع ازدياد المخاطر الناتجة عن‬
‫ خصوصا ما تعلق‬،‫ مما يستوجب التوجه لتنظيم قانوني خاص بهذه التكنولوجيا‬،‫تطبيقه في مختلف المجاالت‬
‫بإعطائه الشخصية القانونية وتحديد مسؤوليته المدنية عن االضرار المتسبب فيها و مسؤوليته الجزائية عن‬
‫ هذا وتعد االمارات العربية المتحدة نموذج رائدا في العالم‬،‫الجرائم المرتكبة من قبله مع إقرار العقوبة المناسبة له‬
‫العربي في مجال تطبيق الذكاء االصطناعي في مختلف مجاالت الحياة واستشراف المنظومة القانونية لتواكب‬
.‫التطور‬

،‫ الشخصية القانونية‬،‫ خوارزميات‬،‫ محاكاة الذكاء اإلنساني‬،‫الذكاء االصطناعي‬: ‫الكلمات المفتاحية‬


.‫ نموذج االمارات العربية المتحدة‬،‫المسؤولية المدنية والجزائية‬

Le Résumé
L'intelligence artificielle est l'un des produits les plus importants de la
technologie, car elle est devenue utilisée dans de nombreux domaines, notamment la
médecine, les applications militaires, les transports, etc... Et l'organisation grâce à des
algorithmes et des réseaux de neurones et bénéficie d'un degré d'indépendance qui lui
permet d’accomplir des tâches et prendre des décisions concernant certaines
situations. Cette étape a eu un impact sur la réalité du système juridique actuel, que
certains jugent incapable de résoudre les problèmes juridiques que peut soulever
l'intelligence artificielle avec les risques accrus résultant de son application dans
divers domaines, ce qui nécessite de se tourner vers une réglementation juridique
spécifique à cette technologie, notamment en ce qui concerne l'attribution de la
personnalité juridique et la détermination de sa responsabilité civile. Pour les
dommages causés et sa responsabilité pénale pour les crimes commis par lui avec
l'adoption de la peine appropriée pour lui, Les Emirats Arabes Unis sont un modèle
pionnier dans le monde arabe dans le domaine de l'application de l'intelligence
artificielle dans divers domaines de la vie Et prévoir le système juridique pour suivre
le rythme du développement.
Mots clés : intelligence artificielle, simulation de l'intelligence humaine,
algorithmes, responsabilité civile et pénale, personnalité juridique, modèle EAU.
The Summary

Artificial intelligence is one of the most important products of technology, as it


has become used in many fields, including medicine, military applications,
transportation, and others. And organization thanks to algorithms and neural
networks and enjoy a degree of independence that enables it to complete tasks and
make decisions about some situations. This step had an impact on the reality of the
current legal system, which some consider incapable of solving the legal problems
that artificial intelligence may raise with the increased risks resulting from its
application in various fields, which necessitates going to a legal regulation specific to
this technology, especially with regard to giving it legal personality and determining
its civil responsibility. For the damage caused and his criminal responsibility for the
crimes committed by him with the adoption of the appropriate punishment for him,
The United Arab Emirates is a pioneering model in the Arab world in the field of
applying artificial intelligence in various areas of life And foreseeing the legal system
to keep pace with development.

Keywords : artificiel intelligence, simulation of human intelligence,


algorithms, civil and criminal liability, legal personality, UAE model.

You might also like