You are on page 1of 3

‫بسم هللا والصالة والسالم على نبيه الحبيب المصطفى خير خلق هللا وخاتم أنبيائه والمرسلين‪،‬‬

‫أما‬

‫يسود تصور خاطئ عند البعض ‪ -‬وبخاصة المثقفون والمتعلمون‪ - +‬بأن اإلسالم يعد عائقًا أمام‬
‫التفكير‪ ،‬وبأن الدين مانع للتفكر‪ ،‬وقد يكون هذا التصور نات ًجا عن موقف سياسي‪ ،‬أو ٍّ‬
‫تبن‬
‫فكري‪ ،‬أو ألحداث تاريخية قديمة ال عالقة لها باإلسالم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫اإلسالم باعتباره خاتم األديان قد جاء بما يدفع اإلنسان للعمل واإلبداع‪ ،‬والفكر والتفكير؛‬
‫ض فَتَ ُكونَ لَهُ ْم قُلُوبٌ يَ ْعقِلُونَ بِهَا َأوْ آ َذ ٌ‬
‫ان يَ ْس َمعُونَ بِهَا‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬أفَلَ ْم يَ ِسيرُوا فِي اَأْلرْ ِ‬
‫ور‪] ﴾ ‬الحج‪[46 :‬‬ ‫ْصا ُر َولَ ِك ْن تَ ْع َمى ْالقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّ ُد ِ‬
‫فَِإنَّهَا اَل تَ ْع َمى اَأْلب َ‬
‫بل لقد جعل اإلسالم في النظر في الكون ونشأته‪ ،‬وكذلك من مخلوقات هللا في األرض‬
‫ض فَا ْنظُرُوا َك ْيفَ بَ َدَأ ْالخ َْل َ‬
‫ق ثُ َّم هَّللا ُ يُ ْن ِشُئ‬ ‫ت التفكر‪ .‬فقال تعالى ‪ ﴿ :‬قُلْ ِسيرُوا فِي اَأْلرْ ِ‬ ‫مجاال ِ‬
‫النَّ ْشَأةَ اآْل ِخ َرةَ ِإ َّن هَّللا َ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَ ِدي ٌر‪﴾ ‬‬
‫‪[  ‬العنكبوت‪]20 :‬‬

‫وقد أدرك األستاذ محمود عباس العقاد رحمه هللا هذه الحقيقة اإلسالمية‪ ،‬فأعد‬
‫بحثه‪" :‬التفكير فريضة إسالمية"‪ ،‬وقدمه للمؤتمر اإلسالمي في ستينيات القرن العشرين‬
‫الميالدي‪ ،‬ونُشر في كتاب بواسطة دار العلم بالقاهرة؛ قال فيه‪" :‬القرآن ال يذكر العقل إال‬
‫في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه‪ ،‬وال تأتي اإلشارة إليه‬
‫عارضة في سياق اآلية‪ ،‬بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ‬
‫والداللة‪ ،‬فال ينحصر خطاب العقل في العقل الوازع‪ ،‬وال في العقل المدرك‪ ،‬وال في العقل‬
‫الذي يُناط به التأمل الصادق والحكم الصحيح‪ ،‬بل يعم الخطاب في اآليات القرآنية كل ما‬
‫يتسع له الذهن اإلنساني من خاصة أو وظيفة ‪.‬‬

‫‪ ‬ومفهوم التفكير ‪:‬‬


‫كل نشاط ذهني أو عقلي يختلف عن اإلحساس واإلدراك الحسي‪ ،‬أو يتجاوز االثنين إلى‬
‫األفكار المجردة‪ ،‬أو هو البحث عن المعنى‪ ،‬سواء كان هذا المعنى موجودًا بالفعل‪ ،‬ونحاول‬
‫العثور عليه والكشف عنه‪ ،‬أو استخالص المعنى من أمور ال يبدو فيها المعنى ظاهرًا‪ ،‬ونحن‬
‫نستخلصه أو نعيد تشكيله من متفرقات موجودة‪.‬‬
‫إن عملية التفكير عملية إنسانية تتطلب مجودات من أطراف عديدة خالل مراحل النمو‪،‬‬
‫ويؤثر فيها كثير من العوامل الوراثية والبيئية والثقافية‪ ،‬ويولد اإلنسان وهو مزود بآلة‬
‫التفكير؛ وهي العقل‪.‬‬

‫التفكير والتفكر في القرآن الكريم ‪:‬‬


‫يعد التفكير أرقى سمة يتسم بها اإلنسان الذي كرمه سبحانه وتعالى‪ ،‬وميزه عن غيره من‬
‫سائر الكائنات الحية‪ ،‬ولقد حث هللا سبحانه وتعالى البشر على التفكير في كثير من اآليات‬
‫القرآنية‪ ،‬وكرم العقل والعلم والعلماء‪ ،‬وإن األديان السماوية حثت على التفكير‪ ،‬واإلسالم أحد‬
‫هذه األديان‪ ،‬الذي اعتبر التفكير فريضة إسالمية‪ ،‬وفريضة التفكير في القرآن الكريم تشمل‬
‫العقل اإلنساني بكامل ما احتواه من الوظائف بخصائصها جميعًا‪.‬‬

‫أهمية التفكير‪:‬‬
‫‪ -1‬يساهم التفكير في إعداد اإلنسان للتعامل مع ظروف الحياة‪ ،‬وتحديد ما ينفعه وما يضره‪.‬‬
‫‪ -2‬إنشاء الفكر لدى المجتمع‪ ،‬واستغالل طاقات ومقدرات المجتمع بحيث تحدث النهضة‬
‫والتنمية المنشودة‪.‬‬
‫‪ -3‬امتالك مقومات القوة‪ ،‬سواء المادية أو المعنوية‪ ،‬وسواء كان ذلك لألفراد أو المجتمع أو‬
‫الدولة‪.‬‬
‫‪ -4‬صنع فرد صالح قادر على البناء والمساهمة في التنمية‪.‬‬
‫‪ -5‬مواكبة ما يحدث في العالم من تغيرات سريعة ومتالحقة‪ ،‬بل والمساهمة في هذه التغيرات‪.‬‬

‫التفكير والعلم‪:‬‬
‫ال شك أن التفكير والعقالنية والتدبر ال يمكن أن يتحقق إلنسان جاهل ال يعلم من الحياة شيًئا‪،‬‬
‫ويخطئ من يظن أن إطالق لفظ العلم والتعلم في اإلسالم مقصور على تعلم األمور الدينية‬
‫الشرعية فقط‪ ،‬بل المقصود بذلك ‪ -‬إلى جانب العلم الشرعي ‪ -‬كل ما يخدم األمة واإلنسانية‪،‬‬
‫ويحقق أهدافها بالخير والسعادة؛ قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪))  :‬فضل العالم على‬
‫العابد كفضلي على أدناكم ((‪ ،‬وهكذا تتضح المنزلة التي وصفها اإلسالم للعلم والعلماء؛ حيث‬
‫فضلهم وقدمهم على العبادات النافلة‪ ،‬وعن ابن مسعود قال‪" :‬الدراسة صالة"؛ أي‪ :‬العلم‬
‫والدراسة عبادة مثل الصالة‪ ،‬كما يولي اإلسالم عناية خاصة بالعلم التطبيقي التجريبي؛ إذ‬
‫يسعى اإلسالم إلى إيجاد العقلية العلمية العملية الواعية‬
‫التفكير والمعلومات‪:‬‬
‫في التفكير استقصاء وبحث‪ ،‬وهذا يحتاج إلى توفير المعلومات‪ ،‬بل قد يكون التفكير مستحياًل‬
‫في حال عدم توفر المعلومات أو إن كانت المعلومات منقوصة غير كاملة‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫كما أن توفر معلومات زائدة عن الحاجة تُشتِّت التفكير‪ ،‬وقد تُعيق العقل وتضيعه‪.‬‬

‫متفرقات في التفكر والتفكير‪:‬‬


‫•‪ ‬كلف هللا اإلنسان بعمارة األرض‪ ،‬وهذا تكليف ال يحتاج تكاساًل أو تجاهاًل ‪ ،‬إنما يحتاج‬
‫واع قادر على إعمار األرض اإلعمار الصحيح‪.‬‬ ‫لتفكير نشط ٍ‬
‫•‪ ‬ال بد من التفكير بالمستقبل‪ ،‬فاألمم البائسة أمم بال مستقبل؛ لذا مطلوب التفكير بالمستقبل‬
‫وتطوير هذا التفكير‪ ،‬وفتح المجال أمام اإلبداع‪.‬‬
‫•‪ ‬مطلوب الخروج من النمطية بالتفكير‪ ،‬والخروج من األنماط السائدة‪ ،‬وهذا يحتاج لتنوع‬
‫معرفي‪ ،‬وسعة اطالع‪ ،‬وخروج من الصندوق الضيق بالتفكير‪.‬‬

‫‪.‬‬

You might also like