You are on page 1of 27

‫املادة ‪:‬‬

‫‪RKQS 1321‬‬

‫املدخل إىل أصول الفقه‬


‫موضوع‪:‬‬

‫شرع من قبلنا‬
‫كلية معارف الوحي والعلوم اإلنسانية‬

‫الشعبة ‪2:‬‬

‫جمموعة‪7 :‬‬

‫رقم الشخصي‬ ‫أعضاء اجملموعة‪:‬‬


‫‪2013686‬‬ ‫صفية بنت حممد أحسان الدين‬
‫‪2211559‬‬ ‫أمحد مظفر بن ميسزيري‬
‫‪2114673‬‬ ‫حممد شعيل إقبال بن حممد شهريل‬

‫اسم حماضرة‪ :‬األستاذة سيدة األكمى بنت حممد يونس‬

‫الفصل الدراسي األول ‪2022/2023‬‬


‫تقدير والشكر‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬محدا كثريا طيبا مباركا فيه محدا يوايف نعمه ويكافئ مزيده‪ ،‬اي ربنا لك احلمد‬

‫كما ينبغي جلالل وجهك وعظيم سلطانك‪ .‬أشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك وله‬

‫احلمد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬وأشهد أن سيدان حممد عبده ورسوله‪ .‬اللهم صلي على سيدان حممد‬

‫وعلى آله وصحبه أمجعني‪ .‬فنشكر األستاذ املادة‪ ،‬األستاذة سيدة األكمى بنت حممد يونس لوقتها‬

‫وتعليمها ملادة املدخل إىل أصول الفقه طول هذين شهرين‪ .‬قد حان الوقت يل أن أكتب البحث حتت‬

‫املوضوع شرع من قبلنا‪.‬‬


‫فهرس‬

‫صفحة‬ ‫احملتوايت‬ ‫رقم‬


‫‪1‬‬ ‫‪ 1‬مقدمة‬

‫‪2 -6‬‬ ‫‪ 2‬املبحث األول ‪ -‬التعريف لغة واصطالح واحلجية بني املذاهب‬

‫‪7-11‬‬ ‫‪ 3‬املبحث الثاين ‪ -‬أقسام شرع من قبلنا ابملثال‬

‫‪12- 20‬‬ ‫‪ 4‬املبحث الثالث ‪ -‬الداللة من شرع من قبلنا‬

‫‪21‬‬ ‫‪ 5‬اخلالصة ‪ -‬اخلالصة والتوضيح‬

‫‪22-24‬‬ ‫‪ 6‬مصادر أم مراجع‬


‫مقدمة‬

‫احلمدّلل‬
‫ه‬ ‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على سيدان حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‪،‬‬

‫الذي بفضله قد وهبنا العلم وجعله لنا نورا ونرباس تفتدي به‪ ،‬أما بعد‪ .‬أقدم هذا البحث إىل مجيع من‬

‫يهتم ابلعلم وإىل زمالنا الطالب وإىل كل من جيتمعنا هبم رابط العلم وإىل مجيع املدرسني والدارسني‪،‬‬

‫وهذا البحث هو البحث العلمي عن مادة املدخل إىل أصول الفقه يف الدراسات اإلسالمية‪.‬‬

‫م ن ننن ونتق ن نندم ه ن ننذا البح ن ننث إىل زمالنن ن ننا التالمي ن ننذ وإىل ك ن ننل م ن ننن جيمعن ن نناهم رابط العل ن ننم م ن ننن‬

‫مس ن ننتمعني وق ن نراء ومدرس ن ننني‪ .‬فه ن ننذا البح ن ننث حت ن ننت موض ن ننوع ش ن ننرع م ن ننن قبلن ن ننا‪ .‬يُطل ن ننب م ن ننن املس ن ننلمني‬

‫التفك ن ن ننري يف خلوق ن ن ننات خل ن ن ننط هللا ح ن ن ننة يتمكن ن ن نوا هب ن ن ننذه الطريق ن ن ننة م ن ن ننن زايدة ق ن ن ننتهم يف اإل ن ن ننان ابهلل‪.‬‬

‫وق ن ن نند اجتمعن ن ن ننا م ن ن ننرة ن ن ننرة عل ن ن ننى اخل ن ن ن عن ن ن نند عملي ن ن ننة يف تكمي ن ن ننل ه ن ن ننذا البح ن ن ننث ش ن ن ننرع م ن ن ننن قبلن ن ن ننا‪.‬‬

‫ومن ننن هن ن ننا نن نندرث أن البح ن ننث‪ ،‬وه ن ننو جهن نند املق ن ننل‪ ،‬وبضن نناعة الفق ن ننري إىل عف ن ننو ربن ننه كم ن ننا ك ن ننان‬

‫فين ننه من ننن توفين ننط فمن ننن هللا وحن ننده‪ ،‬ومن ننا كن ننان فين ننه من ننن خطن ن أو زلن ننل أو نسن ننيان فمنن ننا ومن ننن الشن ننيطان‪،‬‬

‫وهللا ورسن ن ن نوله هللا لنن ن ن ننا التوفين ن ن ننط واوداين ن ن ننة‪ .‬ليهن ن ن نندان عيوبنن ن ن ننا‪ .‬وهللا ويل التوفين ن ن ننط واوداين ن ن ننة‪ .‬منن ن ن ننه بن ن ن نراء‪،‬‬

‫ورحم هللا لنا ليهدان عيوبنا‪ .‬وهللا ويل التوفيط واوداية‪.‬‬


‫املبحث األول ‪ -‬التعريف‪ /‬احلجية بني املذاهب‬

‫أول قبل كل شيء‪ ،‬هيا نرى اىل مقصود العموم شرع من قبلنا‪ ،‬وهي الشريعة اليت أنزوا هللا‬

‫على البشرية على قوم النيب حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهي عقيدة دينية قبل وصول التعاليم اإلسالمية‬

‫الشريعة اإلسالمية هي القانون الذي وضعه هللا سبحانه وتعاىل ملختلف األمم والشعوب اليت سبقتنا‪،‬‬

‫أي قبل النيب حممد صلى هللا عليه وسلم‪ .‬الشريعة اليت أنزوا هللا على أنبيانه‪ 1‬ورسله لينقلوا إىل قومهم‬

‫مثل شريعة النيب إبراهيم وموسى وعيسى‪ .‬هذا يعين أن الشريعة اليت أُعطيت للنيب من قبل والشريعة قد‬

‫أزيلت لنا ‪ ،‬لذلك مل يشرع القانون لنا‪.‬‬

‫ومن اجلدير ابلذكر‪ ،‬شرع من قبلنا لغة وهي الشرع عبادة عن البيان واألظهار يقال‪ :‬شرع هللا‬

‫كذا أى جعله طري ًقا ومذهبًا‪ ،‬ومنه املشرعة‪ .2‬أما واصطالحا‪ :‬يراد بشرع من قبلنا؛األحكام الة شرعها‬

‫هللا تعاىل لألمم السابقة وجاء هبا األنبياء السابقون ‪ ،‬وكلف هبا من كانوا قبل الشريعة احملمدية كشريعة‬

‫إبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصالة والسالم‪ .‬ثل هذا املوضوع مدى ارتباط الشريعة اإلسالمية‬

‫ابألداين والقوانني السابقة ‪ ،‬ففي شريعة النيب حممد أحكام مثل شريعة الشعوب السابقة من اليهود‬

‫واملسيحيني نطالب ابلعمل أو العكس‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن منظور‪ ،‬حممد بن مكرم بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬مجال الدين‪1232( ،‬م ‪1311 -‬م)‪ ،‬لسان العرب‪ ( ،‬بريوت‪:‬دار صادر‬
‫للطباعة والنشر) ‪ ،‬ص ‪١٧٦‬‬

‫‪ 2‬د‪.‬قطب مصطفى سانو‪ 1424 ( ،‬م)‪ ،‬معجم مصطلحات أصول الفقه (عريب ‪ -‬إجنليزي ) ‪ -‬نسخة مصورة‪ ،‬الصفحات‪:‬‬
‫‪ .482‬حجم امللفات‪ 17.67 :‬ميجا ابيت‪ .‬نوع امللفات‪PDF , RAR :‬‬
‫وذا جند أن‪ ،‬يف أصل الفقه ‪ ،‬يسمى قانون الشريعة املذكور يف القرآن والسنة شرع من قبلنا أو‬

‫قانون الشريعة أمامنا (املسلمون)‪ .‬الشريعة املتعلقة هبذا القانون هي املقصود بشريعة شرع من قبلنا‪ .‬ومن‬

‫مث‪ ،‬وأصل "الشريعة قبلنا" هبذا املعىن املذكور‪ ،‬تبناه اإلمام مالك رمحه هللا‪ ،‬ومعظم املذاهب املالكية من‬

‫بعده‪ ،‬وبناء عليه حكم فقهي‪ ،‬وانتهوا بصحته‪ .‬قاطع من الكتاب والسنة اليت حبثوا فيها‪ .‬اختلف‬

‫العلماء يف األحكام اليت مل تثبت يف شرعنا ‪ ،‬وقد عُرف بوهتا ‪ ،‬وال مانع ملن يبطلها ‪ ،‬وذلك على ال ة‬

‫أقوال‪.‬‬

‫وإىل جانب كل ذلك‪ ،‬القول األول‪ :‬قاله مجهور العلماء حنفي ومالكي وبعض الشافعي وأمحد‬

‫يف رواية أعظم منه فيظنون أن ما قبلنا هو يف الواقع مرسوم لنا‪ .‬الرأي الثاين‪ :‬كانت األمة السابقة من‬

‫أداين قليلة‪ 3‬عند بعض الشافعي واألشعري واملعتزلة والشيعة وأمحد‪ .‬كما أن هناث من يعتقد أن الشريعة‬

‫يف املاضي ليست شريعة ألمة اليوم ‪ ،‬ويتم اختيار هذا من األصوليني وهم الغزايل ‪ ،‬واألمازيدي ‪ ،‬والرازي‬

‫‪ ،‬وابن حزم الظاهري ‪ ،‬وغريهم‪ .‬العلماء كذلك‪ .‬والثالث‪ :‬ما قاله الزازا‪ :‬ال يقف يف هذا األمر حة‬

‫يكون فيه دليل صحيح ‪ ،‬وهو قول ابن القشريي وابن برهان ‪ ،‬وبعض علماء األصول ال ينسبونه‪ .‬من‬

‫اجل اي شخص‪.‬‬

‫‪ 3‬عبد الوهاب خالف‪١٣٧٥( ،‬هن)‪ ،‬علم أصول الفقه‪ ،‬دار القلم ‪ -‬دمشط‪ ،‬الطبعة الثامنة ‪،‬عدد الصفحات‪٢٣٢ :‬‬
‫وابإلضافة‪ ،‬مسانل العقيدة ال خالف بني العلماء أنه شرع قبلنا أنه شرع لنا ابلرضا ‪ ،‬ولكن‬

‫جيب أن نعلم أن قانوننا ال يلغي مسانل اإل ان لتلك الشرانع السابقة ‪ ،‬بل تقضي هبا‪ .‬وبصرف النظر‬

‫عن العقيدة ‪ ،‬كاألحكام الشرعية كالصيام واحلج ‪ ،‬فهذا مشروع لنا بال نزاع ‪ ،‬مثل األضحية ‪ ،‬وهي‬

‫السنة اليت اتبعت يف الشريعة السابقة ‪ ،‬وقد أخرب النيب صلى هللا عليه وسلم‪ .‬عنها أهنا سنة من عهد‬

‫النيب إبراهيم وسنة األنبياء الذين جاءوا من نسله من بعده‪.‬‬

‫يف ضوء هذا‪ ،‬حبسب املذهب احلنفي ‪ ،‬فإن املالكي واإلمام أمحد وبعض الشافعي وابن تيمية‬

‫مجيعا ‪ ،‬وتعترب ما استنتج منه ‪ ،‬و بت يف‬


‫وابن احلاجب يعتقدون ويقولون أن الشريعة أمامنا حجة لنا ً‬
‫بيان حكم الشرع ‪ ،‬والعمل وجبه ‪ ،‬إذا بت الشرع ابلنزوح ‪ ،‬سواء كان هذا الوحي يف القرآن أم يف‬

‫السنة الصحيحة ‪ ،‬وبيان أننا‪ .‬مت تكليفه هبا أو ال ينطبط إنكاره‪ .‬فمثالً هذا النوع خاص أبحكام‬

‫الشريعة الصادرة عن قوم سابقني ‪ ،‬كما شريعة هللا عن صيام‪( :‬اي أيها الذين آمنوا صوموا كما كان‬

‫على القوم السابقني)‪ .4‬سورة البقرة ‪ ،‬اآلية‪ .183 :‬وهذا النوع ال بد من اعتماده ‪ ،‬واحلجة فيه نص‬
‫‪5‬‬
‫اباب يف صحيحه وذكره‪.‬‬
‫شرعي ‪ ،‬وذلك ألن اإلسالم دين مجيع األنبياء ‪ ،‬وقد أدخل اإلمام البخاري ً‬
‫وهي‪ :‬سورة فيما نزل يف دين األنبياء سورة واحدة‪.‬‬

‫‪ 4‬فمثالً هذا النوع خاص أبحكام الشريعة الصادرة عن قوم سابقني ‪ ،‬وقد جاء القرآن أو السنة ليثبت ذلك لنا كما جاء يف كلمته‬
‫‪ -‬تعاىل ‪ -‬يف شريعة هللا‪ . .‬صيام‪:‬‬

‫سورة البقرة ‪ ،‬اآلية‪183 :‬‬


‫‪ 5‬عبد هللا اجلديع (‪ ،)1997‬تيسريُ علم أصول الفقه (الطبعة ‪ ،)1‬بريوت‪:‬مؤسسة الراين للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬صفحة‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫‪ .170-167‬ه‬
‫ومن وجهة أخرى‪ ،‬يقسم العلماء احلجج الشرعية بشكل عام إىل قسمني‪ :‬القسم األول‪ :‬احلجج‬

‫املتفط عليها ‪ ،‬أي على رأي اجلمهور‪ ،‬القرآن ‪ ،‬والسنة ‪ ،‬واإلمجاع‪ ،‬والقياس‪ ،‬وهناث‪ .‬ال اعتبار ملن‬

‫ينكر اإلمجاع مثل الشيعة واخلوارج‪ .‬الشط الثاين‪ :‬الدالنل اليت عليها خالف ‪ ،‬وهذه الرباهني مل يتفط‬

‫عليها مجهور املسلمني حجة ‪ ،‬ومنهم من يعلط على أحكامها ‪ ،‬ومنهم من ينفي إمتامها‪ .‬واألدلة‬

‫املختلفة منها كثرية جدا‪ .‬وقد أوصى به بعض أهل العلم على أكثر من عشرين حجة ‪ ،‬إال أن أشهرها‬

‫سبع براهني‪ :‬االستحسان ‪ ،‬ومصلحة املرسل ‪ ،‬واالستصحاب ‪ ،‬والعرف‪ ،‬وهي من الرباهني املتنازع‬

‫عليها ‪ ،‬ومذهب الصحابة‪ .‬اخلراء ‪ ،‬وهي من احلجج اليت يوجد فيها اخلالف أيضا ‪ ،‬وقد شرعناها ‪،‬‬

‫وهي أول حجة فيها خالف ذكرها ابن قدامة رمحه هللا‪.‬‬

‫وابلتفصيل‪ ،‬قال علماء احلنفية ‪ ،‬حنبله ‪ ،‬ابن حاجب (خبري املالكي أصل الفقه) ‪ ،‬البيضاوي‬

‫ملزما بشريعة ما‬


‫رسوال كان ً‬
‫(خبري شافعي أصل الفقه ) ‪ ،‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم قبل أن يصبح ً‬

‫قبل اإلسالم‪ .6‬وسببهم أن كل رسول أرسله هللا مدعو التباع أحكام الرسل السابقني‪ .‬النيب حممد مدرج‬

‫أيضا يف هذه الدعوة‪ .‬هناث الكثري من األدلة اليت تشري إىل أن حممد صلى هللا عليه وسلم قبل أن يصبح‬
‫ً‬

‫رسوال قد قام ببعض العبادات اليت مل يكن مصدرها جمرد سبب ‪ ،‬مثل أداء الصالة واحلج والعمرة ومتجيد‬
‫ً‬

‫الكعبة والطواف حووا وذبح ما كن أن يكون أيكله البشر‪.‬‬

‫‪ 6‬وهبة الزهيلي ‪ ،‬أصول الفقه اإلسالمي ‪ ،‬اجمللد الثاين ‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر ‪1986( ،‬م) ص ‪ ، 839‬وكذلك عبد الكرمي زيدان‬
‫‪ ،‬الوجيز يف أصل الفقه ‪ ،‬ص ‪.263‬‬
‫وكذلك‪ ،‬من آايت القرآن وممارسة الرسول حممد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬القول املقبول ‪ ،‬كما‬

‫قال السيوكاين ‪ ،‬هو القول أبن النيب حممد صلى هللا عليه وسلم قبله بعث حممد كرسوال ‪ ،‬واتبع شريعة‬

‫النيب إبراهيم عليه السالم‪ .7‬ألن النيب كان ارس شريعة النيب إبراهيم كثرياً‪ .‬كن فهم هذا بوضوح‬

‫خصوصية شريعة إبراهيم على النيب حممد‪ .‬فعبد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قبل أن يصري رسوالً‬

‫كان على اتباع شريعة إبراهيم‪ .‬فهذا هذا هو فهمي وذا املوضوع‪ .‬أنمل ‪ ،‬من خالل تبادل املعرفة إىل‬

‫حد ما ‪ ،‬أن نفتح عقول املسلمني لدراسة اتريخ هذه الشريعة اإلسالمية املقدسة‪.‬‬

‫‪ 7‬نشيح صاحل النعمان ‪ ،‬أحكام عاصي السريعي السماوية السبع وموقف علماء األشول منها‪1985( ، ،‬م) الصفحة ‪، 71‬مكة‬
‫املكرمة‪ :‬جامعة أم القرى‬
‫املبحث الثاين ‪ -‬أقسام شرع من قبلنا ابملثال‬

‫هناث نوعان من الشريعة للسابقني‪ ،‬شرانع من قبلنا على أربعة أقسام‪ :‬األول الشريعة اليت مل يرد ذكرها‬

‫يف القرآن أو السنة‪ ،‬بل يف الرسالة أو الكتب السابقة‪ .‬والنوع الثاين الشريعة اليت وردت يف القرآن والسنة‬

‫ع من قبلنا شرعٌ لنا ما‬ ‫وهي تقسم إىل ال ة أقسام‪ :‬ما قام الدليل أنه مفروض علينا قول األول‪َّ :‬‬
‫أن شر َ‬
‫ِ‬
‫األحناف‬ ‫قول مجهوِر العلماء من‬ ‫وورد من طر ِيط وح ٍي ال من طر ِيط كتبِهم َّ‬
‫احملرفة‪ ،‬وهو ُ‬ ‫مل يُنسخ‪َ ،‬‬
‫الراجح‪.8‬‬
‫أكثر أصحابه‪ ،‬وهو َّ‬ ‫أصح هِ‬ ‫و ِ‬
‫املالكية ِ‬
‫الروايتني عن اإلمام أمحد‪ ،‬وعليه ُ‬ ‫وبعض الشَّافعية‪ ،‬و ِه‬

‫إذا قص القرآن أو السنة الصحيحة حكما من األحكام الشرعية‪ ،‬اليت شرعها هللا ملن سبقنا‬

‫من األمم‪ ،‬على ألسنة رسلهم ونص على أهنا مكتوبة علينا‪ ،‬كما كانت مكتوبة عليهم‪ ،‬فال خالف يف‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫{اي أَينُّ َها الذ َ‬
‫‪9‬‬
‫ب َعلَْي ُك ُم‬
‫ين َآمنُوا ُكت َ‬ ‫أهنا شرع لنا وقانون واجب اتباعه بتقرير شرعنا وا ‪ ،‬كقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ين ِم ْن قَنْبلِ ُك ْم} سورة البقرة ‪ .193‬قد دلت هذه اآلية أن عبادة الصوم‬ ‫َّ ِ‬
‫ب َعلَى الذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصيَ ُام َك َما ُكت َ‬
‫ه‬
‫بدأت شرعيته إىل أمم السابقة‪ .‬كان الصيام األمم السابقة ليس له فروق كثرية ابلصيام الذي فرضت‬

‫على أمم النيب حممد صلى هللا عليه وسلم مثل اختالف عدد األايم والوقت احملدد‪ .‬ومع ذلك فهناث‬

‫تشابه بني الصيام أمم السابقة وأمة حممد حيث شرع االمتناع عن األكل والشرب والتواجد مع الزوجة‬

‫‪ ،‬ولكن الغرض املهم من الصوم نفسه والغاية منه هو الرضا وزايدة الطاعة إىل هللا سبحانه وتعاىل‪.‬‬

‫‪ 8‬العدة يف أصول الفقه(‪)751 /3‬‬


‫‪ 9‬عبد هللا اجلديع (‪ ،)1997‬تيسريُ علم أصول الفقه (الطبعة ‪ ،)1‬بريوت‪:‬مؤسسة الراين للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬صفحة‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫‪ .170-167‬ه‬
‫خاص ابألحكام اليت وردت يف شريعة من‬
‫ما قام الدليل على أنه منسوخ يف حقنا وذا النوع ٌ‬
‫فط على أنه ليس بشرٍع لنا‪،‬‬
‫السنة ببيان نسخها يف حقنا‪ ،‬وهذا النوع ُمته ٌ‬
‫قبلنا‪ ،‬ولكن جاء ال ُقرآن أو ُ‬
‫ودليل ذلك قوله‬ ‫ومن ذلك ما وضعه هللا ‪-‬تعاىل‪ -‬من الشرانع املُش هددة اليت كانت على األُمم السابقة‪ُ .‬‬
‫ض ُع َع ُنه ْم‬ ‫‪-‬تعاىل‪( :-‬ربنَا وَال َحت ِمل علَينَا إِصرا َكما َمح ْلته علَى الَّ ِذ ِ ِ‬
‫(ويَ َ‬
‫ين م ْن ْقبلنَا)‪ ،‬وقوله ‪-‬تعاىل‪َ :-‬‬
‫َ‬ ‫ًْ َ َ َُ َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ‬
‫ت َعلَْي ِه ْم)‪.‬‬ ‫إِ ْ‬
‫صَرُه ْم َو ْاألَ ْغ َال َل الَِّيت َكانَ ْ‬

‫احلكم‪ :‬ال يعمل به بال اخلالف من العلماء وقص القرآن الكرمي أو السنة الصحيحة حكما‬

‫من هذه األحكام‪ ،‬وقام الدليل الشرعي على نسخه ورفعه عنا‪ ،‬فال خالف يف أنه ليس شرعا لنا‬

‫ابلد ليل الناسخ من شرعنا‪ ،‬مثل ما كان يف شريعة موسى من أن العاصي ال يكفر ذنبه إال أن يقتل‬

‫نفسه‪ ،‬ومن أن الثوب إذا أصابته جناسة ال يطهره إال قطع ما أصيب منه‪ ،‬وغري ذلك من األحكام اليت‬

‫كانت إصرا محله الذين من قبلنا ورفعه هللا عنا‪.‬‬

‫وعلى سبيل املثال‪ ،‬أمر هللا سبحانه وتعاىل أمة موسى عليه السالم من الذي عبادة العجل قد‬

‫وس ٰى لَِق ْوِم ِه َاي ْقوِم إِنَّ ُك ْم ظَلَ ْمتُ ْم أَن ُف َس ُكم ِابِهّتَ ِاذ ُك ُم‬ ‫قتل بعضهم بعض كالتوبة إىل هللا‪َ ﴿ .‬وإِ ْذ قَ َ‬
‫ال ُم َ‬

‫اب َعلَْي ُك ْم ۚ إِنَّهُ ُه َو َّ‬ ‫الْعِجل فتُوبوا إِ َ ٰىل اب ِرنِ ُكم فَاقْتلُوا أَن ُفس ُكم َٰذلِ ُكم خري لَّ ُكم ِع َ ِ‬
‫اب‬
‫التو ُ‬ ‫ند َاب ِرن ُك ْم فتَ َ‬ ‫َ ْ ْ َ ٌْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ ُ‬
‫الرِح ُيم﴾‪ .‬وهذه اآلية تدل على كيفية التوبة على من الذي يعمل بعبادة العجل يف ذلك الوقت‪.‬‬
‫َّ‬
‫من أمثلة األخرى‪ ،‬حرم هللا اللحوم على اليهود كما دل النص من القرآن الكرمي ﴿‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ورُُهَا‬ ‫وم ُه َما إَِّال َما َمحَلَ ْ‬
‫ت ظُ ُه ُ‬ ‫ين َها ُدوا َحَّرْمنَا ُك َّل ذي ظُُف ٍر ۖ َوم َن الْب َق ِر َوالْغَنَِم َحَّرْمنَا َعلَْي ِه ْم ُش ُح َ‬
‫َو َعلَى الذ َ‬
‫ص ِادقُو َن﴾‪ .‬وجاءت اآلية اليت ينسخ تلك‬ ‫ِ‬
‫اهم بِب ْغيِ ِه ْم ۖ َوإِ َّان لَ َ‬ ‫اختَنلَ َ بِ َعظٍْم ۚ َٰذل َ‬
‫ك َجَزينَ ُ‬ ‫أَ ِو ْ‬
‫احلََو َااي أ َْو َما ْ‬
‫يل ُحمَّرما علَى طَ ِ‬
‫اع ٍم يَطْ َع ُمهُ إَِّال أَن يَ ُكو َن َمْينتَةً أ َْو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلكم كما قال هللا تعاىل ﴿ قُل َّال أَج ُد ِيف َما أُوح َي إِ ََّ َ ً َ ٰ‬
‫اضطَُّر َغ ْ َري َاب ٍغ َوَال َع ٍاد فَِإ َّن‬ ‫س أ َْو فِ ْس ًقا أ ُِه َّل لِغَ ِْري َّ‬
‫اّللِ بِِه ۚ فَ َم ِن ْ‬ ‫ِ ٍِ ِ ِ‬
‫وحا أ َْو َحلْ َم خنزير فَإنَّهُ ر ْج ٌ‬
‫َد ًما َّم ْس ُف ً‬
‫ور َّرِح ٌيم﴾‪.‬‬
‫ك َغ ُف ٌ‬
‫َربَّ َ‬

‫هذه اآلية تنسخ النهي عن احليواانت اليت حرمت وأصبحت شريعة لألنبياء السابقني وال تنطبط‬

‫على النيب حممد وأمته‪ .‬وف ًقا سيد الطنطاوي‪ ،‬توضح هذه اآلية أنه ال يوجد طعام ممنوع على أمة النيب‬

‫حممد إال إذا كان الطعام على شكل جيف (حيواانت ميتة ال تذبح وف ًقا للشريعة)‪ 10‬أو على شكل‬

‫دماء سانلة ‪ ،‬كالدم الذي خيرج من ذبح احليواانت ‪ ،‬ال يتخثر الدم مثل الكبد والطحال‪ .‬كما حيرم‬

‫أكل حلوم الكالب واخلنازير ألهنا تعترب قذرة ومكروهة من قبل الشخصيات الصحية ومضرة ابلصحة‪.‬‬

‫‪ 10‬حممد سيد طنطاوي ‪ ،1997،‬تفسري الوسي ص ‪ ، 1555‬دار هنضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الفجالة – القاهرة‬
‫‪،‬الطبعة‪ :‬األوىل‬
‫ما مل يقم الدليل على بقاء احلكم أو عدمه وموضع اخلالف هو ما قصه علينا هللا أو رسوله‬

‫من أحكام الشرانع السابقة‪ ،‬ومل يرد يف شرعنا ما يدل على أنه مكتوب علينا كما كتب عليهم‪ ،‬أو أنه‬

‫ك َكتبنَا َعلَى بَِين إِ ْسَرانِيل أَنَّهُ َم ْن قتَل ن ْف ًسا بِغَ ِْري ن ْف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َج ِل َذل َ‬
‫مرفوع عنا ومنسوخ كقوله تعاىل‪{ :‬م ْن أ ْ‬
‫ني‬
‫س َوالْ َع ْ َ‬ ‫َ‬ ‫{وَكتبنَا َعلَْي ِه ْم فِ َيها أ َّ‬
‫َن الن ْفس ِابلن ْف ِ‬ ‫َّاس َمج ًيعا} وقوله‪َ :‬‬
‫َ َ‬ ‫أ َْو فَ َس ٍاد ِيف ْاأل َْر ِ‬
‫ض فَ َك َََّّنَا قتَل الن ِ‬

‫اجلر ِ‬ ‫ف و ْاألُذُ َن ِاب ْألُذُ ِن و ِ ِ ِ‬


‫ني و ْاألَنْ َ ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫اص} ‪.‬‬
‫ص ٌ‬ ‫لس هِن َو ُُْ َ‬
‫وح ق َ‬ ‫الس َّن اب ه‬
‫َ ه‬ ‫ف اب ْألَنْ َ‬ ‫ابلْ َع ْ َ‬

‫فقال مجهور احلنفية وبعض املالكية والشافعية‪ :‬أنه يكون شرعا لنا وعلينا اتباعه وتطبيقه‪ ،‬ما‬

‫دام قد قص علينا ومل يرد يف شرعنا ما ينسخه؛ ألنه من األحكام اإلوية اليت شرعها هللا على ألسنة‬

‫رسله‪ ،‬وقصه علينا ومل يدل الدليل على نسخها‪ ،‬فيجب على املكلفني اتباعها‪ ،‬ووذا استدل احلنفية‬

‫على قتل املسلم ابلذمي‪ ،‬وقتل الرجل ابملرأة إبطالق قوله تعاىل‪{ :‬الن ْفس ِابلن ْف ِ‬
‫س}‪.‬‬ ‫َ‬

‫وقال بعض العلماء‪ :‬إنه ال يكون شرعا لنا؛ ألن شريعتنا انسخة للشرانع السابقة‪ ،‬إال إذا ورد يف شرعنا‬

‫ما يقرره‪ ،‬واحلط هو املذهب األول؛ ألن شريعتنا إَّنا نسخت من الشرانع السابقة ما خيالفها فق ؛‬

‫وألن قص القرآن علينا حكما شرعيا سابقا بدون نص على نسخه هو تشريع لنا ضمنا؛ ألنه حكم‬

‫إوي بلغة الرسول إلينا ومل يدل على رفعه عنا؛ وألن القرآن مصدق ملا بني يديه من التوراة واإلجنيل فما‬

‫مل ينسخ حكما يف أحدُها فهو مقرر له‪.‬‬


‫خاص ابألحكام الواردة يف‬
‫أحكام ش ن ن ن ننرعت ملن قبلنا ومل ترد يف الكتاب والس ن ن ن نننة وهذا النوع ٌ‬

‫ذكر يف ش نريعتنا‪ ،‬كاألحكام املوجودة عند أهل الكتاب ومل نعلم طريقاً‬
‫ش ننرع من قبلنا‪ ،‬ولكن مل يرد وا ٌ‬
‫تفط على أننه ليس بشن ن ن ن ن ن ننرٍع لننا‪ ،‬واألمر فينه‬
‫ونا إال منهم‪ ،‬ومل يرد يف شن ن ن ن ن ن نريعتننا منا يُبطلنه‪ ،‬وهنذا النوع ُم ٌ‬
‫النيب ‪-‬عليه الصن ن ن ننالةُ والسن ن ن ننالم‪:-‬‬
‫موقوف على التح هقط من ُبوت تشن ن ن نريعه من هللا تعاىل وذلك لقول ه‬
‫ٌ‬

‫اّللِ ‪-‬‬
‫نول َّ‬ ‫أله ِل اإل ْس ن ن ن َالِم‪ ،‬فَ َ‬
‫قال َرس ن ن ن ُ‬ ‫ِ‬
‫ابلعَربِيَّة ْ‬ ‫التوَراةَ ابلعِ ْ َربانِيَّ ِة‪ ،‬وي َف ِهس ن ن ن ُر َ‬
‫وهنَا َ‬
‫ِ ِ‬
‫(كا َن ْأه ُل الكتَاب ي ْقَرُؤو َن ْ‬
‫ابّللِ وما أُنْ ِزَل) [البقرة‪:‬‬
‫(آمنَّا َّ‬ ‫ِ‬ ‫صن ن نلَّى هللا عليه وسن ن نلَّم‪ :-‬ال تُصن ن ن هِدقُوا أهل ِ‬
‫الكتَ ِ‬
‫وه ْم وقُولوا‪َ :‬‬
‫اب وال تُ َك هذبُ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪11‬‬
‫‪.)]136‬‬

‫‪ 11‬رواه البخاري‪ ،‬يف صحيح البخاري‪ ،‬عن أبو هريرة‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،7542:‬صحيح‪.‬‬
‫املبحث الثالث ‪ -‬الداللة من شرع من قبلنا‬

‫أما النافون للتعبد بشرع سابط‪ ،‬أدلة النفاة‪ .‬استدل النافون قبل البعثة بدليلني عقليني‪ :‬أوال‪،‬‬

‫فلو كان النيب حممد ﷺ من أتباع داينة سابقة‪ ،‬لكان معروفا هبا ومرتبطا بطقوسها وأهلها‪ ،‬ولكن مل يتم‬

‫تسجيل مثل هذا االرتباط أو املمارسة عنه قبل نزول اإلسالم‪ .‬اثنيا‪ ،‬لو كان النيب حممد ﷺ قد اتبع‬

‫دينا سابقا‪ ،‬لكان أهل ذلك الدين يفتخرون ابرتباطه بدينهم‪ ،‬وكان من املمكن أن يكون معروفا بعد‬

‫نبوته‪ ،‬ولكن ال يوجد مثل هذا الكربايء أو االرتباط‪ ،‬مسجلة يف التاريخ‪ 12.‬وقد استدل النفاة أبدلة‬
‫‪13‬‬
‫أربعة‪:‬‬

‫وملا أرسل النيب ﷺ معاذ قاضيا إىل اليمن س له عما سيحكم به‪ .‬ف جاب معاذ أنه سيحكم ابلقرآن‬

‫والسنة‪ ،‬مث حبكمه إذا مل جيد حال واضحا فيها‪ .‬وقد وافط النيب ﷺ على ذلك دون أن يذكر أي حديث‬

‫شرعي سابط‪ ،‬فدل على أنه لو اتبع أحدا لكان قد وجه معاذها إليه‪ .‬قال تعاىل‪﴿ :‬لِ ُك ِهل َج َع ْلنَا ِمن ُك ْم‬

‫ِش ْر َعةً َوِمْنن َهاجا﴾ (املاندة‪ ،)48:‬يشري هذا إىل أن كل جمموعة وا شريعتها اخلاصة‪ ،‬وال كن جملموعة‬

‫واحدة أن تطالب ابتباع شريعة جمموعة أخرى‪ .‬حة أن املعتزلة ذهبت إىل حد االدعاء أنه من املستحيل‬

‫القيام بذلك‪.‬‬

‫‪ 12‬حسين حممد العطار‪ ،‬شرع من قبلنا‪ ،‬مؤسسة انفذ للبحث والطباعة والنشر‪ .‬ص ‪.183‬‬
‫‪ ، Ibid13‬ص ‪.199 – 198‬‬
‫إذا كان النيب حممد ﷺ من أتباع قانون ديين سابط‪ ،‬لكان جيب عليه تعلمه واتباعه‪ .‬وابملثل‪،‬‬

‫فإن والدته كانت ستُلزم بتعليمه هذا القانون‪ .‬كما كان يطلب من أصحاب النيب البحث واالستفسار‬

‫عن هذا القانون يف حالة وجود أي خالفات أو خالفات بينهم‪.‬كانت الشرانع السماوية السابقة خاصة‬

‫أبنبيانهم وأتباعهم‪ ،‬بينما الشريعة اإلسالمية عاملية وألغت مجيع القوانني السابقة‪ .‬أرسل الرسول حممد‬

‫رسوال جلميع الناس‪ ،‬وليس جمرد مجاعة معينة‪ .‬لذلك‪ ،‬إذا كان قد اتبع قانوان سابقا‪ ،‬لكان خاصا بشعبه‬

‫وليس قانوان عامليا‪.‬‬

‫أدلة املثبت‪ ،‬استدل املثبتون بدليلني‪ :‬أوال‪ ،‬دعا مجيع األنبياء السابقني الناس إىل اتباع شريعة‬

‫النيب حممد ﷺ بشكل عام‪ .‬اثنيا‪ ،‬تشري الرواايت إىل أن النيب حممد ﷺ قام قبل نبوته أبفعال ال يوجهها‬

‫كرم احليواانت ورعاها‪،‬‬


‫العقل وحده وتتطلب قانوان دينيا‪ .‬صلى‪ ،‬وأدى العمرة‪ ،‬وطاف حول الكعبة‪ ،‬و ه‬
‫وأكل اللحوم‪ ،‬وابتعد عن أكل اجليف‪ ،‬مشريا إىل أنه ينوي الطاعة واتباع الفرانض دون االعتماد على‬

‫املنطط وحده‪ 14.‬وقد استدل املثبتون وهم الفريط األول أبدلة أربعة‪ 15:‬أن شرع من قبلنا من الشرانع اليت‬

‫اّللُ فَن ُه َد ُاه ُم‬


‫ين َه َدى َّ‬ ‫أنزوا هللا ومل يوجد ما يدل على نسخه فنكون مطالبني به لقوله تعاىل‪﴿ :‬أُولَ َّ ِ‬
‫ك الذ َ‬‫َ‬

‫اقدهُ﴾ (األمام‪.)90:‬‬

‫‪ ، Ibid14‬ص ‪.184‬‬
‫‪ 15‬أخرجه البخاري يف صحيحه‪ :‬كتاب الصالة‪ ،‬ابب‪ :‬من نسي صالة‪ ...‬رقم (‪ )597‬ص ‪.1/194‬‬
‫صْيننَا بِِه‬ ‫ِ‬ ‫ع لَ ُك ْم ِم َن ال هِدي ِن َما َو َّ‬
‫صى بِِه نُوحاً َوالَّذي أ َْو َحْيننَا إِلَْي َ‬
‫ك َوَما َو َّ‬ ‫﴿شَر َ‬
‫قال هللا عز وجل‪َ :‬‬

‫ين َوَال تَن َفَّرقُوا فِ ِيه﴾ (الشورى‪ ،)13:‬فدل على وجوب إتباع شريعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسى أَ ْن أَق ُ‬
‫يموا ال هد َ‬
‫ِ‬
‫وسى َوع َ‬
‫ِ ِ‬
‫إبْنَراه َيم َوُم َ‬
‫نوح ألن كلمة (الدين) اسم ملا يدان هللا تعاىل به من اإل ان والشرانع‪ ،‬وقال تعاىل‪﴿ :‬أان أنزلنا الثورة‬

‫س‬ ‫﴿وَكبَننَا َعلَْي ِه ْم فِ َيها أ َّ‬


‫َن النَّن ْف َ‬
‫ِ ِ‬
‫ور َْحي ُك ُم هبَا النبيُّو َن﴾ (املاندة‪ .)44:‬استدلوا بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ف َيها ُهدى َوتُ ٌ‬
‫ِابلنَّن ْف ِ‬
‫س﴾ (املاندة‪ ،)45:‬وقد استخدم العلماء هذه احلجة إل بات وجوب القصاص يف شريعتنا‪ .‬فلو‬

‫كان النيب مل يتعبد وف ًقا لقانون سابط‪ ،‬ملا كانت احلجة القانمة على حقيقة أن القصاص واجبة يف بين‬

‫إسرانيل مل تكن صحيحة يف شريعتنا‪.‬‬

‫استدلوا على وجوب قضاء الصالة أبن النيب ﷺ ملا قال‪" :‬من نسي صالة فليصل إذا ذكرها‪،‬‬

‫ال كفارة وا إال ذلك وقرأ قوله تعاىل‪﴿ :‬وأقم الصالة لذكري﴾"‪ ،16‬فلو مل يكن النيب موسى ﷺ من‬

‫أتباع الشريعة اإلوية السابقة ملا كان تالوة اآلية اليت ّتاطبه ابلفاندة‪ .‬وابملثل‪ ،‬أشار إىل التوراة يف حالة‬

‫رجم رجل يهودي ابحلجارة‪ ،‬مما يدل على أُهية اإلملام ابلقوانني السماوية السابقة‪ .‬واحلجة أن النيب‬

‫حممد ﷺ كان يفضل االتفاق مع أهل الكتاب على أمور مل تُنزل عليه ابلوحي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كان هذا‬

‫التفضيل مفيدا فق إذا مت اعتبار قانوهنم مو وقا‪ ،‬وإال فلن تكون االتفاقية مفيدة‪.‬‬

‫‪ 16‬حسين حممد العطار‪ ،‬شرع من قبلنا‪ ،‬مؤسسة انفذ للبحث والطباعة والنشر‪ .‬ص ‪.200 – 199‬‬
‫شرح ما سبط‪ ،‬أدلة النافون‪ :‬يناقش عن كيف أنه ال جيوز ذكر القوانني السابقة يف احلديث‬

‫ألهنا مدرجة ابلفعل يف القرآن أو حمدودة النطاق‪ .‬ويشري املؤلف أيضا إىل أنه ال جيوز للعلماء الرجوع‬

‫إىل الكتب السابقة إال يف األمور اليت مل يتناووا القرآن‪ .‬ضي املقطع ليوضح أن اإلمجاع على أن‬

‫شريعتنا حتل حمل القوانني السابقة ليست مطلقة‪ ،‬ولكنها تنطبط فق على األمور اليت حتل حملها شريعتنا‬
‫‪17‬‬
‫بوضوح‪ ،‬مثل شرعية القصاص‪ ،‬وحترمي الزان والسرقة‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫القرآن مصدق ملا بني يديه من التوراة واإلجنيل‪ ،‬وبناء عليه استدل الفقهاء على جواز قسمة‬

‫َن الْ َماءَ قِ ْس َمةٌ‬


‫﴿وُه ْم أ َّ‬
‫منافع املال املشرتث بطريط املهاأية بقوله تعاىل يف قصة انقة صاحل عليه السالم‪َ :‬‬
‫بنَْيننَن ُه ْم ُك ُّل ِش ْر ٍب ختصر﴾ (القمر‪ ،)28:‬وهو املهاأية بعينها وهي جانزة يف املذاهب األربعة‪ ،‬واستدل‬

‫س ابلنفس﴾‬ ‫﴿وَكبَننَا َعلَْي ِه ْم فِ َيها أ َّ‬


‫َن النَّن ْف َ‬ ‫احلنفية على جواز قتل املسلم ابلذمي والرجل ابملرأة بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫(املادة‪ ،)45:‬أي يف التوراة واحتج ابآلية أيضا املالكية واحلنابلة على قتل الذكر ابألنثى واستدل املالكية‬

‫﴿ولَ َم ْن َجاءَ بِِه ِمحْ ُل بَعِ ٍري َوأ ََان بِِه‬


‫والشافعية واحلنابلة على جواز اجلعالة بقوله تعاىل يف قصة يوسف‪َ :‬‬
‫ال لَ ْن أ ُْرِسلَهُ َم َع ُك ْم‬
‫َزعيم﴾ (يوسف‪ ،)72:‬واحتج غري الشافعية جبواز الكفالة ابلنفس بقوله تعاىل‪﴿ :‬قَ َ‬

‫ون َم ْوِهتَا ِم َن َّ‬


‫اّللِ ََتْنُن َِّين بِِه﴾ (يوسف‪ ،)66:‬والشافعية است نسوا هبذه اآلية واحتجوا بعموم‬ ‫ح َّة تُن ْؤتُ ِ‬
‫َ‬
‫‪19‬‬
‫حديث‪" :‬الزعيم غارم"‪ 18‬وابلقياس على كفالة الدين‪.‬‬

‫‪ 17‬أخرجه ابن ماجه يف سننه‪ :‬كتاب الصدقات‪ ،‬ابب‪ :‬الكفالة‪ ،‬رقم (‪ )2405‬ص ‪.2/804‬‬
‫‪ 18‬حسين حممد العطار‪ ،‬شرع من قبلنا‪ ،‬مؤسسة انفذ للبحث والطباعة والنشر‪ .‬ص ‪.200 – 199‬‬
‫‪ ، Ibid19‬ص ‪.197 – 196‬‬
‫مث‪ ،‬أدلة املثبتني‪ :‬يناقش عن تفسري بعض اآلايت القرآنية وكيفية ارتباطها بعاملية التوجيه‬

‫الديين‪ .‬تشري اآلايت إىل املبادئ األساسية للدين‪ ،‬مثل احلفاظ على احلياة والفكر والنسب والشرف‬

‫ع لَ ُك ْم ِم َن ال هِدي ِن﴾‪ ،‬اليت تشرتث فيها مجيع األداين‪ .‬جيادل املؤلف‬


‫﴿شَر َ‬
‫وامللكية‪ ،‬واملراد من قوله تعاىل‪َ :‬‬

‫أبن هذه اآلايت ال تقدم أدلة قاطعة على أحكام شرعية حمددة‪ ،‬بل تؤكد على أُهية التوحيد ومثال‬

‫النيب إبراهيم بدليل هناية اآلية‪﴿ :‬وما كان من املشركني﴾‪ .‬ويشري املؤلف أيضا إىل أن آية "بواسطته‬

‫مشريا إىل أن هذه‬ ‫حيكم األنبياء" هي بيان للحقيقة وليست وصية وقوله تعاىل‪ِ َ :‬‬
‫﴿حي ُك ُم هبَا النبيُّو َن﴾‪ً ،‬‬
‫ْ‬
‫املبادئ أساسية جلميع األداين‪ ،‬ولكنها قد ال تنطبط بنفس الطريقة على مسانل قانونية حمددة‪ ،‬واليت‬
‫‪20‬‬
‫كن أن تتغري وقت‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ب َعلَْي ُك ُم‬ ‫﴿اي أَينُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُوا ُكت َ‬ ‫أما إجياب القصاص فهو اثبت يف شرعنا‪ ،‬قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫اعتَ ُدوا َعلَْي ِه ِِثْ ِل‬ ‫ِ‬
‫اص ِيف القتلى﴾ (البقرة‪ ،)178 :‬وقال سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬فَ َم ِن ْاعتَ َدى َعلَْي ُك ْم فَ ْ‬
‫ص ُ‬‫الْق َ‬
‫َما ْاعتَ َدى َعلَْي ُك ْم﴾ (البقرة‪ ،)194 :‬وقضاء الصالة اثبت ا أوحي إىل النيب ﷺ إال أنه نبه أمته على‬

‫مشاهبتها يف احلكم ألمة موسى عليه السالم‪ ،‬وأما رجوعه عليه السالم إىل التوراة فإَّنا كان إللزام اليهود‬

‫إبنكارهم مشروعية الرجم‪ ،‬وإظهار صدقه فيما كان قد أخرب به أن الرجم مذكور يف التوراة‪ ،‬ال ألن‬
‫‪21‬‬
‫يستفيد حكم الرجم منها‪ ،‬ويدل عليه أنه مل يرجع إليها فيما عداه‪.‬‬

‫‪ ، Ibid20‬ص ‪.197 – 196‬‬


‫‪ ، Ibid21‬ص ‪.197 – 196‬‬
‫أما خبصوص هل كان الرسول متعبدا بشريعة من قبله‪ ،‬فالعلماء يف ذلك على فريقني‪ .‬الفريط‬

‫األول‪ :‬قالوا إن البيان أبن استخدام املصطلح "مطلط" أو "غري مقيد" لشيء ما يعين املوافقة عليه‪،‬‬

‫ولكن جيب منح املوافقة فق إذا كانت مقبولة‪ .‬التوقيت هو مثال على ذلك‪ ،‬حيث يتطلب اعتماد‬
‫‪22‬‬
‫دليل‪ .‬كان النيب ملتزما بشرانع الدين‪ ،‬ومل تبطل هذه الشرانع إال بدليل النسخ بعد وفاته‪.‬‬

‫(ولِ ُك ِهل َج َع ْلنَا ِمن ُك ْم ِش ْر َعةً َوَمْنن َهاجاً) (املاندة‪،)48 :‬‬


‫والفريط الثاين‪ :‬فقد استدلوا بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫(و َج َع ْلنَاهُ ُهدى ليين إسرانيل) (اإلسراء‪ ،)2 :‬وقالوا إن التوراة هي دليل ألبناء إسرانيل‬
‫وبقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫وأنه ليس من الواجب على غري اليهود اتباع تعاليمها ما مل يكن هناث دليل واضح على القيام بذلك‬

‫يف قانوهنم الديين‪ .‬جيادل املؤلف أبن إرسال األنبياء كان لتوضيح ما حيتاج الناس إىل معرفته وأن نبيا‬

‫جديدا مل يرسل إال عند الضرورة‪ ،‬مع تعاليمهم اليت حتل حمل تعاليم النيب السابط‪ .‬لذلك‪ ،‬يستنتج املؤلف‬

‫أن مفهوم النسخ ينطبط فق على جوانب القانون الديين اليت كن أن تكون عرضة للنسخ وليس‬
‫‪23‬‬
‫ملبادئ أساسية مثل التوحيد‪.‬‬

‫‪ ، Ibid22‬ص ‪.186‬‬
‫‪ ، Ibid23‬ص ‪.187‬‬
‫أدلة األقوال يف املسألة (الفريق)‬

‫هد ُاه ُم اقتده)‪ .‬وجه الداللة‪ :‬أن‬


‫أدلة القول األول‪ :‬األوىل‪ ،‬قوله تعاىل‪...( :‬أوليك الذين هدى هللا فَ َ‬

‫النيب ﷺ م مور ابتباع هداية األنبياء السابقني‪ ،‬وهي الشريعة اإلوية ما مل يتم نسخها أو تعديلها‬

‫بشريعته‪ .‬واعرتض على أن اوداية هي اوداية املشرتكة واملتفط عليها بني األنبياء‪ ،‬وهي األصول والتوحيد‪.‬‬

‫إال أن جوابه‪ :‬أن التخصيص احملدد يتطلب أدلة‪ ،‬واألدلة غري موجودة لدى املعرتض‪ ،‬بل التوجيه شامل‬
‫‪24‬‬
‫لألصول والفروع‪ ،‬ومن حيدد العام جيب تقدمي الدليل‪.‬‬

‫الثاين‪ ،‬وقوله تعاىل‪( :‬إان أنزلنا التوراة فيها هدى ونور حيكم هبا النبيو َن الَّ ِذين أسلموا‪.)...‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬أن النيب حممد ﷺ أمر ابتباع شريعة األنبياء الذين سبقوه‪ .‬وقد أ ري اعرتاض على أن اآلية‬

‫املعنية ليست حتمية‪ ،‬بل بيان خري‪ .‬واجلواب ما سبط‪ :‬أنه ال يوجد دليل على هذا االعرتاض وأن‬
‫‪25‬‬
‫الثالث‪ ،‬وقوله تعاىل‪( :‬مث أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم‪ .)...‬وجه‬ ‫اجلملة أمر حتمي يتضمن أمرا‪.‬‬

‫الداللة‪ :‬أن حممدا م مور نصا ابتباع ملة إبراهيم فيكون متعبدا يشرع من قبله‪ .‬واعرتض ذلك أبن امللة‬

‫املقصودة هي أصول امللة والتوحيد املشرتث بيننا وبينهم‪.‬‬

‫‪ 24‬انظر املهذب يف أصول الفقه املقارن (ج‪-۳‬ص‪ ،)۹۷۲‬انظر اإلحكام يف أصول األحكام (ج‪-٤‬ص‪ ،)١٤٤‬انظر املهذب يف‬
‫أصول الفقه املقارن (ج‪-٣‬ص‪.)٩٧٢‬‬
‫‪25‬‬
‫انظر املهذب يف أصول الفقه املقارن (ج‪-۳‬ص‪ ،)٩٧٣‬انظر اإلحكام يف أصول األحكام (ج‪-4‬ص‪ ،)١٤٦‬ينظر‪ :‬أصول‬
‫البزدوي (‪ - )1/234‬اصول السرخسي (‪.)2/104‬‬
‫واجلواب‪ :‬أن ّتصيص ذلك ابلتوحيد غري صحيح‪ ،‬بل امللة تشمل الفروع واألصول وال دليل‬

‫على التخصيص‪ ،‬وإذا سلم املخالف أبن امللة األصول والفروع واعارض أبنه إَّنا وجب عليه اتباعها ا‬

‫أوحي‪ ،‬يرد عليه أن من شرانع األمم السابقة أحكام مل يرد فيها وحي فيجب اتباعها‪26.‬أدلة القول‬

‫الثاين‪:‬‬

‫األوىل‪ ،‬حوله تعاىل‪( :‬ل ُكل َج َع ْلنَا ِمْن ُك ْم ِش ْر َعةً َوِمْنن َهاجا)‪ .‬وجه الداللة‪ :‬أن كل نيب مكلف‬

‫معني ابلشرع الديين‬


‫ابتباع شريعته الدينية اخلاصة وعدم مشاركتها مع األنبياء اآلخرين‪ ،‬وكل جمتمع ه‬
‫لنبيهم‪ .‬اجلواب‪ :‬أنه يف حني قد يكون هناث بعض التداخل بني القانونني‪ ،‬فإن هذا ال يقلل من امللكية‬

‫احلصرية لكل نيب لقانونه الديين‪ .‬عادة ما أييت هذا النيب بغالبية القانون الديين‪ ،‬وحة إذا كان هناث‬

‫بعض أوجه التشابه مع شريعة نيب آخر‪ ،‬فإن احلكم يستند إىل األغلبية‪ .‬ليس املقصود من اآلية أن تدل‬
‫‪27‬‬
‫على املخالفة يف املنهاج للجميع‪ ،‬بل للبعض فق وهو ما قام الدليل فيه على انتساخه‪.‬‬

‫َصابَهُ ِم ْن‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬


‫صلَّى هللاُ َعلَْيه َو َسلَّ َم بِكتَاب أ َ‬
‫َن عُمر بْن اخلَطَّ ِ‬
‫اب‪ ،‬أَتَى النِ َّ‬
‫َّيب َ‬ ‫ِ‬
‫الثاين‪َ ،‬ع ْن َجاب ٍر‪" :‬أ َّ َ َ َ‬
‫كتااب حتنا ِمن بنَ ْعض أهل الكتاب‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪ :‬فغضب‬ ‫ال‪ :‬اي رس َ ِ‬ ‫بنَ ْع ِ‬
‫ت ً‬ ‫أصْي ُ‬
‫ول هللا‪ ،‬إين َ‬ ‫ض أهل الكتاب‪ ،‬فَن َق َ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ضاءَ نَقيَّة‪ ،‬ال تَ ْس َلُ ُ‬
‫وه ْم‬ ‫متهوكون فيها اي ابن اخلطاب‪ ،‬فوالذي نفسي بيده‪ ،‬لقد جئت ُك ْم هبا بنَْي َ‬
‫وقال‪ :‬أ ه‬
‫وسى َحيًّا‬ ‫عن َشي ٍء فَنيخربوُكم ِحب ِط فَنتَ َك َّذبوا بِِه‪ ،‬أَو بِب ِ‬
‫اط ِل فَنتُ ِ ِِ‬
‫ص هدقُوا به‪ ،‬والذي نفسي بيده‪ ،‬لَ ْو َكا َن ُم َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ْ ُ ُ ْ َه‬

‫‪26‬‬
‫انظر املهذب يف أصول الفقه املقارن (ج‪-۳‬ص‪ ،)۹۷۳‬انظر اإلحكام يف أصول األحكام (ج‪-٣‬ص‪ ،)١٤٧‬ينظر‪ :‬أصول‬
‫البزدوي (‪ - )۱/۲۳۲‬أصول السرخسي (‪.)2/103‬‬

‫‪ 27‬انظر املهذب يف أصول الفقه املقارن (ج‪-٣‬ص‪ ،)٩٧٦‬ينظر‪ :‬أصول البزدوي (‪ - )1/234‬أصول السرخسي (‪- )2/104‬‬
‫التحبري شرح التحرير (‪ ،)8/3786‬اثمر محزة داود وزارة‪ ،‬شرع من قبلنا وأ ره يف اختالفات الفقهاء مع َّناذج تطبيقية‪ .‬ص ‪.96‬‬
‫َما َو ِس َعة إال أن يتبعين‪ .‬ووجه الداللة‪ :‬أن النيب هنى عمر أن يرجع للتوراة وهي شرع من قبلنا فنهيه‬

‫داللة على عدم اتباعه شرع من قبله‪ .‬وأجيب‪ :‬أبن النيب ﷺ هنى عمر عن تتبع التوراة احملرفة أما ما‬
‫‪28‬‬
‫بت ابلقران والسنة فيجب االقتداء به‪.‬‬

‫اّللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم لِ ُم َع ِاذ بْ ِن‬


‫صلَّى َّ‬ ‫ول َِّ‬
‫اّلل َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫اس َر ِض َي َّ‬
‫اّللُ َعْنن ُه َما‪ ،‬قَ َال‪ :‬قَ َ‬ ‫الثالث‪َ ،‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬

‫اب‪ ،‬فَِإ َذا ِجْئنتَن ُه ْم‪ ،‬فَ ْادعُ ُه ْم إِ َىل أَ ْن يَ ْش َه ُدوا أَ ْن ال‬
‫َّك ستَ ِْيت قَنوما أ َْهل كِتَ ٍ‬
‫ًْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني بنَ َعثَهُ إ َىل اليَ َم ِن‪« :‬إن َ َ‬
‫ِ‬
‫َجبَ ٍل ح َ‬
‫َخِ ْربُه ْم أ َّ‬ ‫اّللِ‪ ،‬فَِإ ْن هم أَطَاعوا لَ ِ‬
‫س‬ ‫اّلل قَ ْد فَنر َ ِ‬
‫ض َعلَْيه ْم َخَْ َ‬ ‫َن ََّ َ‬ ‫ك‪ ،‬فَ ْ‬ ‫ك بِ َذل َ‬
‫ُْ ُ َ‬ ‫ول َّ‬ ‫َن ُحمَ َّم ًدا َر ُس ُ‬ ‫إِلَهَ إَِّال هللاُ‪َ ،‬وأ َّ‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صلَو ٍ‬


‫ض َعلَْي ِه ْم َ‬
‫ص َدقَةً تنُ ْؤ َخ ُذ‬ ‫َن هللاَ قَ ْد فَنَر َ‬ ‫َخِ ْربُه ْم أ َّ‬
‫ك‪ ،‬فَ ْ‬ ‫ات ِيف ُك ِهل ينَ ْوم َولَْينلَ ٍة‪ ،‬فَِإ ْن ُه ْم أَطَاعُوا لَ َ‬
‫ك بِ َذل َ‬ ‫ََ‬
‫ك‪ ،‬فَِإ َّاي َث َوَكَرانِ َم أ َْم َواوِِ ْم َواتَّ ِط َد ْع َوةَ املظلوم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ِم ْن أَ ْغنِيَانِ ِه ْم فََُرتُّد َعلَى فُن َقَرانِ ِه ْم‪ ،‬فَِإ ْن ُه ْم أَطَاعُوا لَ َ‬
‫ك بِ َذل َ‬

‫اب)‪ .‬ووجه الداللة ما قاله الرازي‪" :‬ومل يذكر التوراة واإلجنيل وشرع من‬ ‫فَِإنَّه لَيس بنيننَه وبني َِّ ِ‬
‫اّلل ح َج ٌ‬ ‫ُ ْ َ َْ ُ َ َ ْ َ‬
‫قبلنا فزكاه رسول هللا ﷺ وصوبه"‪ .‬ولو كان ذلك من مدارث األحكام ملا جاز العدول إىل االجتهاد إال‬

‫بعد العجز عنه‪ .‬واجلواب‪ :‬إَّنا مل يذكر التوراة واإلجنيل ألن يف الكتاب آايت تدل على الرجوع إليهما‬
‫‪29‬‬
‫وإنه لو كانت تلك الشرانع السابقة قد وصلتنا بطريط يو ط به بدون تغيري لرجع إليها الصحابة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫رواه أمحد يف مسند جابر (ج‪-٢٢‬ص‪ )٤٦٨‬والبيهقي وابن أيب شيبة‪ :‬ابب من كره النظر يف كتب أهل الكتاب (ج‪-5‬‬
‫ص‪ ،)٣١٢‬حممد بن إبراهيم بن جلبان‪( ،‬شرع من قبلنا) حبث للمستوى السادس بكلية الشريعة مادة البحث العلمي‪ .‬ص ‪.28‬‬

‫‪ 29‬صحيح البخاري‪ :‬ابب أخذ الصدقة من األغنياء فرتد يف الفقراء حيث كانوا (ج‪-٢‬ص‪ ،)۱۲۸‬وصحيح مسلم‪ :‬ابب الدعاء‬
‫إىل الشهادتني وشرانع اإلسالم (ج‪-۱‬ص‪ ،)٥٠‬املستصفى (ج‪۱-‬ص‪ ،)١٦٥‬املهذب يف أصول الفقه (ج‪-٣‬ص‪.)٩٧٥‬‬
‫خالصة‬

‫إن احلمد هلل‪ ،‬حنمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ ابهلل من شرور أنفسنا‪ ،‬ومن سيئات‬

‫أعمالنا‪ ،‬من يهده فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك‬

‫له‪ ،‬وأشهد أن حممدا عبده ورسوله‪ .‬أما بعد‪:‬‬

‫أشكر هللا تعاىل ألنين أستطيع أن أكمل هذا البحث كامال‪ .‬وألف شكر إىل فنشكر األستاذ‬

‫املادة‪ ،‬األستاذة سيدة األكمى بنت حممد يونس على إرشادها ومساعدهتا‪ .‬ونس ل هللا تعاىل أن جيمعنا‬

‫يف اجلنة مع النبيني والصديقني والشهداء والصاحلني وحسن أولئك رفيقا‪ .‬و صلى هللا على حممد وآله‬

‫وأصحابه ومن اهتدى هبديه ودعا بدعوته إىل يوم الدين‪ .‬ال شك وال ريب أن هذا البحث نذكركم‬

‫كبريا هبذا البحث‬


‫جهدا ً‬
‫اّلل‪ ،‬ألن هللا خلط الدقة يف هذه اللغة اجلميلة جدا وقد بذلك ً‬
‫نفسنا بتقوى إىل ه‬
‫خالصا هّلل تعاىل‪.‬‬
‫وهو عمل ً‬
‫وهبننذا البحننث نرتث البنناب مفتوح للطالب يكملون على هننذا البحننث‪ ،‬ويقنندموا مننا لننديهم من أفكننار‬

‫جديدة ورانعة وممتعة‪ .‬ونفهم كثري عن شن ننرع من قبلنا يف املدخل إىل أصن ننول الفقه ‪ .‬وندعو هللا أن يوفقنا‬

‫اّلل وبركاته‪.‬‬
‫وإايكم ملا حيبه ويرضاه‪ .‬والسالم عليكم ورمحة ه‬
‫مصادر أم مراجع‬

‫ابن منظور‪ ،‬حممد بن مكرم بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬مجال الدين‪1232( ،‬م ‪1311 -‬م)‪ ،‬لسان العرب‪،‬‬

‫( بريوت‪:‬دار صادر للطباعة والنشر) ‪ ،‬ص ‪١٧٦‬‬

‫د‪.‬قطب مصطفى سانو‪ 1424( ،‬م)‪ ،‬معجم مصطلحات أصول الفقه (عريب ‪ -‬إجنليزي ) ‪ -‬نسخة‬

‫‪PDF , RAR‬‬ ‫مصورة‪ ،‬الصفحات‪ .482 :‬حجم امللفات‪ 17.67 :‬ميجا ابيت‪ .‬نوع امللفات‪:‬‬

‫عبد الوهاب خالف‪١٣٧٥( ،‬هن)‪ ،‬علم أصول الفقه‪ ،‬دار القلم ‪ -‬دمشط‪ ،‬الطبعة الثامنة ‪،‬عدد‬

‫الصفحات‪٢٣٢ :‬‬

‫فمثالً هذا النوع خاص أبحكام الشريعة الصادرة عن قوم سابقني ‪ ،‬وقد جاء القرآن أو السنة ليثبت‬

‫ذلك لنا كما جاء يف كلمته ‪ -‬تعاىل ‪ -‬يف شريعة هللا‪ . .‬صيام‪:‬‬

‫عبد هللا اجلديع (‪ ،)1997‬تيسريُ علم أصول الفقه (الطبعة ‪ ،)1‬بريوت‪ :‬مؤسسة الراين للطباعة والنشر‬

‫بتصرف‪.‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬صفحة ‪ .170-167‬ه‬

‫وهبة الزهيلي‪ ،‬أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬اجمللد الثاين‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪1986( ،‬م) ص ‪،839‬‬

‫وكذلك عبد الكرمي زيدان‪ ،‬الوجيز يف أصل الفقه‪ ،‬ص ‪.263‬‬

‫نشيح صاحل النعمان‪ ،‬أحكام عاصي السريعي السماوية السبع وموقف علماء األشول منها‪1985( ،‬م)‬

‫الصفحة ‪ ،71‬مكة املكرمة‪ :‬جامعة أم القرى‬


‫حسين حممد العطار‪ ،‬شرع من قبلنا‪ ،‬مؤسسة انفذ للبحث والطباعة والنشر‪ ،‬األوىل ‪1443‬هن ‪-‬‬

‫‪2021‬م‪ ،‬مجيع احلقوق حمفوظة للمؤلف‪ ،‬تنسيط الكتاب وتصميم الغالف‪ :‬د‪ .‬انفذ اجلعب‪.‬‬

‫حممد بن إبراهيم بن جلبان‪( ،‬شرع من قبلنا) حبث للمستوى السادس بكلية الشريعة مادة البحث‬

‫العلمي‪ ،‬كلية الشريعة‪١٤٣٤ - ١٤٣٣ ،‬هن‪ ،‬وزارة التعليم العايل جامعة اإلمام حممد بن سعود‬

‫اإلسالمية‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪.‬‬

‫اثمر محزة داود وزارة‪ ،‬شرع من قبلنا وأ ره يف اختالفات الفقهاء مع َّناذج تطبيقية‪ ،‬العدد الرابع‪ /‬ج‪،۲‬‬

‫السنة الثانية ‪٢٠١٦‬م‪ ،‬وزارة الرتبية‪ /‬مديرية تربية الرصافة األوىل‪ ،‬مدير متوسطة األندلس‪ /‬األعظمية‪.‬‬

‫امله هدب يف علم أصول الفقه املقارن (حترير املسانلة ودراستها دراسة نظرية تطبيقية)‪ ،‬عبد الكرمي بن‬

‫علي بن حممد النملة‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرايض‪ ،‬الطبعة األوىل‪١٤٢٠ ،‬ه ‪1999 -‬م‪.‬‬

‫اإلحكام يف أصول األحكام‪ ،‬أبو احلسن سيد الدين علي بن أيب علي اآلمدي‪ ،‬احملقط‪ :‬عبد الرزاق‬

‫عفيفي‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪.‬‬

‫املستصفى‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد الغزايل الطوسي‪ ،‬حتقيط‪ :‬حممد عبد السالم عبد الشايف‪ ،‬الناشر‪:‬‬

‫دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‪١٤١٣ ،‬هن ‪١٩٩٣ -‬م‪.‬‬

‫أصول السرخسي‪ ،‬حممد بن امحد بن أيب سهل السرخسي (ت‪٤٩٠‬هن) حتقيط‪ :‬أبو الوفا األفغاين‪،‬‬

‫(ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪١٤١٤‬هن ‪.)١٩٩٣ -‬‬


‫التحبري شرح التحرير‪ ،‬عالء الدين علي بن سليمان املرداوي احلنبلي (ت‪٨٨٥.‬هن) حتقيط‪ :‬مجاعة من‬

‫العلماء‪( ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشد‪ ،‬السعودية‪١٤٢١،‬هن)‪.‬‬

‫علي بن حنمد البزدوي احلنفي ابن قطلوبغا الكرخي‪ ،‬كنز الوصول إىل معرفة األصول (أصول البزدوى)‬

‫وّتريج احاديث أصول البزدوي واصول الكرخي‪ ،‬الناشر‪ :‬مري حممد كتب خانة‪2009 ،‬م‪.‬‬

You might also like