Professional Documents
Culture Documents
L
M
A
S
ﺸ ﺿ ﺮ ﻏ ﺋ ﺐ ﺼ ﺎﺸ ﻐ ﺋ ﻄ ﺗ ﺿ ,ﺋ ﺗ ﺧ ﺛ ر ﺲ ﻆ ﻄ ﺮ ﺾ ﺞ ا 6ﺎ ﺮ ا ث و ا 6ﺊ ﺗ ﻌ ث ا 6ﻐ ,ﻈ ﻎ A
R
ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد:
1
ﻧﺤﻮ ﻣﺮاﺟﻌﮥ ﻣﺴﺆوﻟﮥ
تصدُر عَن:
رﺋﻐﺟ ا&ﺎﺗﺮﻏﺮ
مَركَز التّراثِ وَالبُحوثِ اليَمَني
ز ﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻮ ز ﻳﺮ
اجلمهورية اليمنية -صنعاء
ﻄﺛﻏﺮ ا&ﺎﺗﺮﻏﺮ
ﻣﺤﻤﺪ &ﺤ(' ﻋﺰان mjltalmsar@gmail.com
www.al-masar.org
ﻊﻐﺆﺋ ا&ﺎﺗﺮﻏﺮ
د .محمد أحمد ز بارة
اﻗﺣﺎﺮا&ت
د .برنـارد هيكـل
لألفراد 27 :دوالرًا أمريكيًّا أو ما يعادلها
د .عبده حمود الشر يف
للمؤسسات 60 :دوالرًا أمريكيًّا أو ما
د .غبر يال فوم بروك يعادلها يرجى إضافة أجر البريد 24دوالرًا
الشتراكات خارج الواليات املتحدة.
2
اﻓ ﺘﺘﺎﺣ ﻴ ﺔ اﻟﻌ ﺪ د
7
❶ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﺪﻋﺎم ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ودوره ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺗﺎر ﻳﺦ ﻋﺼﺮه.
أ .ز يد بن ع لي الو ز ير
21
❷ اﻟﺸﻴﺦ اﻹﺑﺮاﻫﻴﻤﻲ ودوره ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎء اﻹﺳﻼﻣﻲ.
د .أي ت ب ع ز يز ع بد النو ر
85
109
انغلاق وشمولية وكبت ودكتاتور ية لمن يخالف هذا المنحى من التفكير -قد جعله
والمؤسف حق ًا أن "ابن بلا" وله جهاد لا ينكر ،قد وقع في قبضة "الرأي الواحد"،
إحدى مصائب الحزب الواحد والقائد الملهم الذي أصبح بتفرده بالرأي ظالم ًا
وأخير ًا أقول :لقد تناول الدكتور في مقاله هذا حياة خصبة لرجل بذل
م ا ي س ت ط ي ع م ن ج ه د ف ي ا ل د ف ا ع ع ن أ م ت ه ا ل جز ا ئ ر ي ة ،ف أ ع ط ا ن ا ب ق ل م ه ا ل ع ل م ي و ب حث ه
يطالع الدكتور عبد الـكر يم الوظاف قراء »المسار« بترجمة مقال ممتع
والدكتور :آرون ز يسو .حيث تناولا في مقالهما هذا ثلاثة عناو ين رئيسية:
تساؤلات عن نشأة المذهب .والجدل حول البنية الفقهية للمذهب .ونشر رسالة
) ا ل ت ف ك ي ك ل ع ق و د ا ل ت ش ك ي ك ( ل ل ع ل ا م ة ا ل ـ ك ب ي ر ي و س ف إ س حا ق .
كل منهما ،وفي أية مجلة نشر فيها هذا المقال ،معتبر ًا -وأنا أشركه -أنه يسهم »في
دراسة أصول المذهب الز يدي ،من خلال رؤ ية ز يدية ،وكيف تطور المذهب
الز يدي ليكون بهذه الصورة ،بداية ً بأصحاب النصوص ،ومن يليهم من المخرِ ّجين
و ع ل ى ا ل ر غ م م ن أ ن ن ي أ ت ف ق م ع ك ث ي ر م م ا ت ن ا و له ا ل مق ا ل ،إ ل ا أ ن ن ي أ ج د ن ف س ي ع ل ى
فالز يدية – برأيي -ليست مذهب ًا تنطبق عليها هذه التسمية ،بل تعُ د »مدرسة
ف ك ر ي ة « ب ا ل د ر ج ة ا ل أ و ل ى ،ش أ ن ه ا ش أ ن ا ل م د ا ر س ا ل أ خ ر ى ،ا ل ت ي ب ل غ ت ن حو ث ل ا ث ي ن
م د ر س ة م ن ت ش ر ة ف ي ج م ي ع أ ن حا ء ا ل ع ا ل م ا ل إ س ل ا م ي ،ق ب ل أ ن ي ؤ ط ر ه ا ا ل خل ي ف ة ا ل ع ب ا س ي
في أر بعة مذاهب ،عرفت بالمذاهب الأر بعة ،فانغلقت على نفسها ،وكي ّفت نفسها
وفق ذلك ،و بقيت تعيد نفسها دون أن تضيف إلى علمها علم ًا ،أما الز يدية -وهي
تؤمن بالاجتهاد المطلق وتمنع التقليد -فقد بقيت بنجوة عن ذلك المصير الجاف،
و ل م ي ك ن ف ي و س ع ه ا أ ن ت ن غ ل ق ف ي إ ط ا ر ح د ي د ي ل ا ت ت جد د د ا خ ل ه ر ي ا ح ت غ ي ي ر و ل ا
تط و ير .
ض ا ،فه و
ز يد بن ع لي ف ي المس ا ئل الل ا ه و ت ية ] أ ي ع ل م أ ص و ل الد ين [ و ا ل س ي ا س ي ة ،أ ي ً
ف ي ا ل مد ر س ة ا ل ز ي د ي ة ،و م ا د ا م ا ل أ م ر ك ذ ل ك ف ل ي س إ ل ى ت س م ي ت ها ب م ذ ه ب م ن س ب ي ل ،
ل أ ن ها ت حل ق د ا خ له و خ ا ر ج ه ،و ق د أ خ ت لف م ع ه م ا ف ي نق ا ط أ خ ر ى ،و ي تف ق م ع ه م ا
غ ي ر ي ،و ه ذ ه ط ب ي ع ة ا ل أ ب حا ث ا ل ج ا د ة ا ل ذ ي ي ت خ ل ق م ن ه ا ت ط و ر م ف ي د ،و ي ح و ل ب ج د ا ر ة
دون احتكار صواب الرأي الواحد الذي يؤدي حتم ًا إلى إعاقة بالغة لنمو الفكر.
ومما يؤكد أن الز يدية مدرسة وليست مذهب ًا ،أن أتباعها ،بشكل عام ،لم ي َت ّبعوا
حركتهم لم ٺتأسس على تعاليم فقهية ،كما قال المؤلفان .وهذا وذاك أمر لا يسمح
ومهما ذكرت من ملاحظات ،فإن هذا المقال من أوسع المقالات علم ًا،
وأكثرها إحاطة ،وأدقها التزام ًا ،تناول المؤلفان فيه بالدراسة والتحليل الجيدين،
وتعرضا للبحث فيه بوسائل موضوعية بدء ًا من تساؤل شاعر :هل الز يدية مذهب؟
واستمرار ًا في محاولة فهم الجواب حتى وصلا إلى جواب السؤال ،فكان هذا
البحث الممتع الذي طاف حول »أهم التحديات التي توُ اجه التماسك الداخلي
ل ل ز ي د ي ة ،س و ا ء ً م ن ا ل د ا خ ل أ و م ن ا ل خا ر ج ،ب ا ل إ ض ا ف ة إ ل ى م ج م و ع ة ت م ث ي ل ي ة م ن ا ل ر د و د
على هذه التحديات .وت َشمل هذه التحديات نقدًا ،بعيد المدى ،لبنية المرجعية
الفقهية داخل الز يدية ،التي لها آثار واضحة على الفقه الإسلامي ،بشكل عام.
رﺋﻐﺟ ا"ﺎﺗﺮﻏﺮ |16
وكان أحد الاعتراضات الخطيرة ،التي تم طرحها على ز يدية اليمن ،هو سؤال
)الم ُتوفى 122هـ740/م( ،من حيث إن الز يدية ،بشكل عام ،لم ي َت ّبعوا الآراء
ا ل ف ق ه ي ة ل ز ي د ،ك ما ك ا ن ا ل ن م و ذ ج ا ل م أ ل و ف م ن ا ل ت ق ا ل ي د ا ل ف ق ه ي ة ا ل ُ ّ
سن ِّية الرائدة
ا ل إ م ا م ة ،ه و ك ي ف ي ة ت ب ر ي ر ا ل خل ا ف ا ل ف ق ه ي « .
و ل ا أ ر ي د أ ن أ ق ت ط ف م ن ه ف حو ا ه ح ت ى أ ت ر ك ا ل ق ا ر ئ ن ف س ه ي ق ط ف م ن
ث ما ر ه م ا ي ر ي د .
الفصيحة .والثالث :ألفاظ اللهجة التهامية ،إسهام ًا منه »في استخلاص شيء من
قوانين اللهجات ،وكشف العلاقات بين الأصول اللغو ية واللهجة الدارجة في
ولا شك أن هذا المقال وما سبقه سيثير كثير ًا من الجدل والنقاش ،وخير
ﺗﺮﺟﻤﺔ:
ّ
د .ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮ W%اﻟﻮﻇﺎف
ﺗﺼﺛﻏﻃ
ن<رس هذا المقال باللغة اCالنجل 8 7رىية 87ىڡ مجلة آرابيكا ،Arabica
المجلد رقم ،59العدد الثالث والرابع؛ الصادر عام ،2012
الصفحات ،371-332والذي ن<رسته دار بريل ،بعنوان » What Makes
a Maḏhab a Maḏhab : Zaydī debates on the structure of legal
«authorityأي» :ما يجعل المذهب مذهًبا :مناقشات زيدية حول
ِبنية المرجعية الفقهية« ،ون<رس معه بحث بعنوان »التفكيك لعقود
التشكيك« للعالمة ضياء اCالسالم إسحاق بن يوسف بن اCالمام
المتوكل عىل هلِلَف .وتعاون 87ىڡ كتابته كل من:
الدكتور :برنارد هيكل ،من مواليد ،1968أمر يكي الجنسية من أصل لبناني،
أ س ت ا ذ ج ا م ع ي ف ي د ر ا س ا ت ا ل ش ر ق ا ل أ د ن ى ،و م د ي ر م ع ه د ا لد ر ا س ا ت ع ب ر
ا ل إ ق ل ي م ي ة ل ل ش ر ق ا ل أ و س ط ا ل م ع ا ص ر و ش م ا ل إ ف ر ي ق ي ا و آ س ي ا ا ل و س ط ى ب جا م ع ة
على درجة البكالور يوس في السياسة الدولية من جامعة جورجتاون ،وفي عام
مشارك؛ قبل أن يتولى منصبه في جامعة بر ينستون .حصل على زمالة في
والدكتور :آرون ز يسو .أمر يكي الجنسية .حصل على درجة البكالور يوس
والدكتوراة )في الدراسات الإسلامية( ،من جامعة هارفارد .ومنذ عام ،2007
ب ا ل إ ض ا ف ة إ ل ى ب ا ح ث م ش ا ر ك ف ي إ د ا ر ة د ر ا س ا ت ا ل ش ر ق ا ل أ د ن ى ب جا م ع ة ب ر ي ن س ت و ن .
هي الشر يعة الإسلامية ،و بخاصة النظر ية الفقهية )أصول الفقه( ،واللاهوت
)علم الكلام( .له مقالات و بحوث وكتب عديدة ،منها :اقتصاد اليقين :مقدمة
وقد تم عرض مسودة هذه الترجمة على الأستاذ الدكتور :آرون ز يسو ،الذي
وكيف تطور المذهب الز يدي ليكون بهذه الصورة ،بداية ً بأصحاب النصوص،
ومرور ًا بالمحصلين ،وانتهاء ً بالم ُذاكر ين .ومما ي ُنبه عليه ،هذا المقال ،أن من وافق
ف ي ا ل ف ر و ع .و ا ل س ي ا س ة ا ل ت ي تب ن ا ه ا ا ل إ م ا م ز ي د ك ا ن ت غ ا ئ ب ة ع ن ب ع ض ا ل ك ت ا ب ا ت ا ل ت ي
تحاول بيان سبب انتساب آل البيت إلى الإمام ز يد؛ حيث قصرت على المسائل
ُ
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |112
اللاهوتية ،وتناسوا المسائل السياسية .المقال مهم ،و ي ُسلط الضوء على أجو بة
كل ما يوُ ّ
ض ع ب ي ن م ع ق و ف ت ي ن ] [ ف ي ا ل مت ن أ و ا ل ه ا م ش ف ه و م ن إ ض ا ف ة أ و ت ع ل ي ق
ا"#ﺎﺮﺟﻃ*
ا5ﻂﺚﺺ:
على مر القرون ،تمت دعوة الز يدية للرد على سلسلة من التحديات ،من
الداخل ومن الخارج ،التي توُ اجه التماسك الداخلي لتقاليدهم .وفي إشارة إلى أن
الز يدية لا يتبعون ،عادة ً ،الآراء الفقهية لمن ينتسبون إليه ،ز يد بن علي )الم ُتوفى
جاء الرد التقليدي م ِن قبِ ل الإمام اليمني المنصور عبد الله بن حمزة )الم ُتوفى
614هـ1217/م( ،الذي أوضح أن الانتماء إلى ز يد هو من الناحية اللاهوتية }علم
النظر ية القائلة بأن كل مجتهد ،بمن في ذلك أئمة الز يدية ،م ُصيب .وكانت الأسئلة،
ا ل أ ك ث ر ت ق ن ي ة ،ه ي ا ل ت ي أ ح ا ط ت ب ش خ ص ي ة ا ل م د ر س ة ا ل ف ق ه ي ة ) ا ل م ذ ه ب ( ،ا ل ت ي
أ ص ب ح ت س ا ئ د ة ب ي ن ز ي د ي ة ا ل يم ن .و ٺ ت ع ل ق ه ذ ه ا ل أ س ئ ل ة ب م ص ا د ر ا ل آ ر ا ء ا ل ف ق ه ي ة ا ل ت ي
ت هذه
ت ُشكل عقيدة المذهب ،وما يتصل بها ببنية مرجعية المذهب .وقد اكتسب ْ
ص ا م ن ذ ا ل ق ر ن ا ل حا د ي ع ش ر ا ل ه ج ر ي /ا ل س ا ب ع
المسائل التار يخية والنظر ية إلحاح ًا خا ً
)*(
ت ش ع ب ي ة ً م ع ت د ا و ل إ س حا ق ب ن ي و س ف ) ا ل م ت و ف ى
ع ش ر الميل ا د ي ،و اك تس ب ْ
ت ز يد ية اليمن ،
1173هـ1760/م( قصيدة قصيرة ،عقود التشكيك ،التي تحد ْ
بشكل مباشر ،لتوضيح هو يتهم الفقهية .وقد تم الطعن ،بالقدر نفسه ،في ب ُنية
سن ِّية ،و بالتالي ،فإن القضايا التي ُأثيرت ،هنا ،ٺتعلق بالفقه
مرجعيةكل المذاهب ال ُ ّ
الإسلامي ،بشكل عام .وقد أثارت هذه القصيدة ردود ًا متنوعة ً ،نثر ًا وشعر ًا؛ بما
ف ي ذ ل ك أ ط ر و ح ة ق ص ي ر ة ل مؤ ل ف ا ل ق ص ي د ة ،ا ل ت ف ك ي ك ل ع ق و د ا ل ت ش ك ي ك .و ف ي ح ي ن
س ع ى ا ل ع د ي د م ن ا ل م س ت ج ي ب ي ن إ ل ى ا لت أ ك ي د ع ل ى ج د و ى ا ل مذ ه ب ا لف ق ه ي ،ف ق د س ع ى
آخرون ،لا سيما ابن الأمير الصنعاني )الم ُتوفى 1182هـ1769/م( ومحمد بن علي
الشوكاني )الم ُتوفى 1250هـ1834/م( ،إلى أنه لا جدوى منها .وتم تبني
ا ع ت ر ا ض ا ت ه م ع ل ى ا لمر ج ع ي ة ا ل ف ق ه ي ة ا ل ت ق ل ي د ي ة ) ا ل ت ق ل ي د ( د ا خ ل ا ل ز ي د ي ة ،ع ل ى ن ط ا ق
واسع ،م ِن قبِ ل الإصلاحيين المسلمين في القرنين التاسع عشر والعشر ين ،المهتمين
بتق و يض م ذ اه ب الف ق ه ال ُ ّ
سن ِّية.
ا&ﺿﻂ6ﺎت ا&6ﻔﺎﺎﺖﻐﺋ:
• الز يد ية ،الش يع ة ،المر ج ع ية الف ق ه ية ،المذ ه ب الف ق ه ي ،المذ ه ب ،
• } {...لا يتألف المذهب على عمل إمام واحد ،فحسب ،بل إنه يمُثل
م ج م و ع ة ً ك ب ي ر ة ً م ن ا ل ع ل م ا ء ا ل ذ ي ن ا ت س م ت أ ب حا ث هم ف ي ا ل ف ق ه و ت خ ص ص ا ت ه
الفرعية بتقسيم كبير للعمل ،والتخصص على مدى فترة طو يلة جدًا.
)(3
. • نوح حاميم كيلر Nuh Ha Mim Keller
) (1عبد الوهاب بن أحمد الشعراني .إرشاد الطالبين .بيروت ،دار الـكتب العلمية1428 ،هـ2007/م،
ص .183كان الشعراني من كبار الفقهاء والصوفية المصر يين.
) (2محمد بن صالح العثُ يمين .الشرح الممتع على زاد المستقنع ،الر ياض ،مؤسسة عصام:1 ،1994 ،
.15كان العثُ يمين من كبار الوهابية الحنابلة من المملـكة العر بية السعودية.
) (3في مقدمة تحقيقه لكتاب أحمد بن النقيب المصري ،عمدة السالكAhmad ibn Naqib -al .
. p. vii.، 1994، Sunna Book، Evans tone، Reliance of the Traveller،Misri
وكيلر ،هو عالم مسلم أمر يكي المولد ،و يقُ يم في الأردن.
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |116
ﻄﺼﺛﻄﺋ:
في عام 1134هـ1722/م ،بدأت الأبيات التالية ،المجهولة ،بالانتشار بين
ل
ومصابيح دياجي المْ ُشك ِ ساد َاتن َا
َأيه َا ا ْل َأع ْل َام من َ
ل
يقتفى في الق َو ْل أو في ال ْع َم َ ِ خبرونا ه َل لنا من م َ ْذه َب
)( 1
ل
س ـ ا ئ م ن ق ف ـ و ه ن هـ ج الس ب ـ ِ أم تركنـَا همـل ًا نرعـى ب ِـل َا
وتوُ ضح هذه الأبيات ،والردود المختلفة التي أثارتها ،الطابع المراوغ للتقليد
وسنستكشف ،في هذه المقالة ،أهم التحديات التي توُ اجه التماسك الداخلي
ل ل ز ي د ي ة ،س و ا ء ً م ن ا ل د ا خ ل أ و م ن ا ل خا ر ج ،ب ا ل إ ض ا ف ة إ ل ى م ج م و ع ة ت م ث ي ل ي ة م ن ا ل ر د و د
على هذه التحديات .وت َشمل هذه التحديات نقدًا ،بعيد المدى ،لبنية المرجعية
)الم ُتوفى 122هـ740/م( ،من حيث إن الز يدية ،بشكل عام ،لم ي َت ّبعوا الآراء
) (1محمد بن علي الشوكاني .البدر الطالع .بيروت ،دار المعرفة ،بدون تأريخ نشر.135 :1 ،
|117 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
س ُن ِّية الرائدة
ا ل ف ق ه ي ة ل ز ي د ،ك ما ك ا ن ا ل ن م و ذ ج ا ل م أ ل و ف م ن ا ل ت ق ا ل ي د ا ل ف ق ه ي ة ا ل ّ
أ ه م ي ة ح ا س م ة ب ي ن ز ي د ي ة ا ل ي م ن ؛ و ه و ا ل حا ج ة إ ل ى تو ص ي ف د ق ي ق لل ت ق ا لي د ا لف ق ه ي ة
الحسين ،الإمام الهادي )الم ُتوفى 298هـ911/م( ،مؤسس الإمامة الز يدية في
اليمن .وأخير ًا ،قام المنتقدون اليمنيون للمرجعية الفقهية التقليدية ،في جميع أنحاء
الإسلام ،بتحو يل القوة الكاملة لهجومهم ،العام على التقليد ،ضد هذه المدرسة
المهُ يمنة .وقد ول ّد هذا التحدي الأخير ،والأكثر خطورة ،موجة من الاستجابات
المتباينة ،التي لا توُ ضح سوى مدى تعقيد طبيعة المرجعية الفقهية التقليدية عند
النبي محمد .وكانت إمامة ز يد قصيرة ً جدًا ،مسألة أيام ،حيث تم سحق ثورته ضد
الأمو يين في الـكوفة بسرعة ،وتوُ في ز يد شهيدًا .وفي ما يتعلق بمسائل الفقه ،فإن
أهم مستودع لعلِ مه هو العمل المعروف بـمجموع ز يد بن علي :وفي الحقيقة فهو
ض ا .و ق د ز ع م ا ل ز ي د ي ة
ع مل م ز د و ج ،خ ل ا ص ة ف ق ه ي ة و ا ف ي ة ،و خ ل ا ص ة ح د ي ث ي ة ،أ ي ً
)(1
و بع ض الع ل م اء الغ ر ب يېن أ نه أق د م ع مل ف ي ا ل ف ق ه ا ل إ س ل ا م ي .و ف ق ط أ ق لي ة غ ا م ض ة
ل ل غ ا ي ة ،م ن ب ي ن أ و ل ئ ك ا ل ذ ي ن ي ز ع م و ن أ ن ه م م ن أ ت ب ا ع ز ي د ،ه م ا لذ ين ا لت ز م و ا ب ت ق ل ي د ه
في مسائل الفقه الإسلامي .ووفق ًا للز يدية ،فإن كل إمام يجب أن يكون مجتهدًا،
والأكثر أهمية ً تار يخية بين أولئك الأئمة المديني الحسني :القاسم بن إ براهيم )الم ُتوفى
246هـ860/م( ،وحفيده :الهادي يحيى بن الحسين )الم ُتوفى 298هـ911/م(،
وإمام بحر قزو ين :الناصر الحسن بن علي الأطروش )الم ُتوفى 304هـ917/م(.
وكان التطور المثير للاهتمام هو تطور الأئمة الذين شرحوا تعاليم هؤلاء الأئمة،
)(2
ب ي ن م ا و ض ع و ا -ف ي ا ل و ق ت ن ف س ه -م ج م و ع ة ا خ ت ي ا ر ا ت ه م ا ل خا ص ة .
ونظر ًا لأن الغالبية العظمى من الز يدية لم ي َت ّبعوا ز يد ًا في المسائل الفقهية ،فإن
م ن ت ق د ي ال ز ي د ي ة -م ن ا ل ُ ّ
س َن ّة -خرجوا بافتراض أن الز يدية كانت في الأساس
م د ر س ة ف ق ه ي ة ق ا ئ مة بذ ات ها ،و ق د أ د ى ذ ل ك إ ل ى ا ل ت س ا ؤ ل ح و ل أ س ا س ا ن ت س ا ب
الز يدية إلى ز يد ،في حين أنهم لم يلتزموا بآرائه الفقهية .وكان الرد المتوارث ،على
هذا السؤال ،موجود ًا في العمل المستفيض الـكبير للإمام المنصور عبد الله بن
حمزة )الم ُتوفى 614هـ1217/م( ،والذي يحمل عنوان كتاب الشافي .وفي هذا
) (1يعتمد تطو ير مثل هذه المدارس على الاعتراف بصلاحية اتباع مجتهد م ُتوفى ،انظر :ابن مفتاح.
شرح الأزهار .القاهرة ،التمدن1332 ،هـ1914/م.15-14 :1 ،
) (2الهادي بن إ براهيم الوز ير .هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهر ين .صعدة ،مركز أهل البيت
للدراسات الإسلامية1423 ،هـ2002/م ،ص.275
|119 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
)(1
ي جا د ل ا ل إ م ا م م ع م حا و ر ش ا ف ع ي أ ش ع ر ي ،ع ب د ا ل ر ح ي م ب ن أ ب ي ا ل ق ب ا ئ ل ،
الع م ل ُ ،
الذي أثار هذا التساؤل من بين عدة نقاط أخرى .واستمر رد المنصور في
ت حد د إ ج ا ب ت ه ب ع ض ا ل ت ع ا ل ي م ا ل ل ا ه و ت ي ة ،
ال ا س تش ه اد بمو اف ق ة الز يد ية ح ت ى يو م نا ه ذ ا .و ُ
الز يدي مناسبة بسبب ثورة ز يد الدرامية ضد الطغيان .وأي شيعي يوُ افق على
)(2
س ل و ك ز ي د ،و ي س ي ر ع لى خ ط اه ،ف ه و ز ي د ي .
وفي كتاب الشافي ،يتناول المنصور ،صراحة ً ،مسألة عدم اتباع الز يدية لز يد
في الفقه .و يبدو -كما يقول -أن محاوره ،الفقيه الشافعي ،قد ا ّطلع على مجموع ز يد
ب ش ك ل خ ا ط ئ ،أ ن ا ل ت م س ك ب م ذ ه ب ا ل إ م ا م ز يد ه و أ م ر أ س ا س ي ل ل ت س م ي ة ب ا ل ز ي د ية ،
و ف ي ع ل م ا ل ل ا ه و ت ،ي ع و د أ ص ل ا ل مع ت ق د ا ت ا ل ز ي د ي ة إ ل ى ع ل ي } ب ن أ ب ي ط ا ل ب { ،و ل ا
جدال بينهم في ذلك .وعلى أية حال ،ي ُتابع المنصور ،بأن الشافعي أو الحنفي
) (1لمز يد من المعلومات حول ابن أبي القبائل ،انظر :الحبِ شي ،مؤلفات ح ُكام اليمن[[al-Hibsi]] .
al-Habsi's Mu'allafot hukkdmal-Yaman, Wiesbaden, Harrassowitz, 1979, p. 44.
) (2عبد الله بن حمزة .كتاب الشافي .صنعاء ،مكتبة اليمن الـكبرى1406 ،هـ1986/م-130 :2 ،
.131
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |120
سيكون مكلف ًا بما ليس في وسعه لي ُصحح اعتزاؤه }إلى{ إمامه؛ إذا اضط ُر إلى
إ ظ ه ا ر ا ل ت ط ا ب ق ا ل م ط ل ق ب ي ن ا ل آ ر ا ء ا ل ف ق ه ي ة ل إ م ام المذ ه ب و ا خ تي ا ر أ ت ب ا ع ه ،و ه ي
)(1
نقطة سوف ٺ ُثبت أهميتها في مراحل لاحقة من الجدل .
إن رد الإمام المنصور -كما أشرنا -هو التفسير المتوارث للانتماء إلى الز يدية.
وما يجعل المرء ز يدياً هو مواقفه ُ اللاهوتية والسياسية ،مع التركيز ،ر بما ،بشكل
و ا ل حن ف ي ة ف ي ه ذ ا :ف إ ن ه ذ ي ن ا ل أ خ ي ر ي ن ي ن ت م ي ا ن إ ل ى أ ب ي ح ن ي ف ة و ا ل ش ا ف ع ي ب ا ت ب ا ع ه م ا
)(2
في الفروع .هذا اقتباس من أحمد بن يحيى المرتضى ،الإمام المهدي )الم ُتوفى
840هـ1436 /م( ،مؤلف العمل المعياري للفقه الز يدي في اليمن ،كتاب
ال أ ز ه ار .
وعلى الرغم من إصرار الز يدية على أن حركتهم لم ٺتأسس على تعاليم فقهية،
إ ل ا أ ن ا ل م ن ا ف س ة ب ي ن أ ت ب ا ع م خت ل ف ا ل م د ا ر س ا ل ف ق ه ي ة ،ا ل ت ي ظ ه ر ت ب ي ن ص ف و ف ه م ،
كانت تُهدد ،أحياناً ،بتقو يض الأهداف السياسية للز يدية .ومن الأمثلة المعروفة:
ا ل ا ح ت ك ا ك ا ل حا ص ل ف ي م ن ط ق ة ب ح ر ق ز و ي ن ،ف ي ا ل ق ر ن ا ل ر ا ب ع ا ل ه ج ر ي /ا ل ع ا ش ر
ا ل م ي ل ا د ي ،ب ي ن أ ت ب ا ع ا ل ق ا س م ب ن إ ب ر ا ه ي م ا ل ر س ي و ح ف ي د ه ا ل ه ا د ي ي حي ى ب ن ا ل حس ي ن
م ن ج ه ة ،و الناص ر الأ ط ر و ش م ن ج ه ة أخ ر ى .و و ص لت الأ م و ر إلى النق ط ة
ا ل م ؤ س ف ة ،و ه ي أ ن ك ل ف ص ي ل ا ت هم ا ل آ خ ر ب ا ر ت ك ا ب خ ط أ ج س ي م ) ض ا ل ( ؛ إ ن ل م
)(1
يكن كفر ًا صر يح ًا .
وقد تم تقديم العديد من الحلول لحل هذه الخلافات ،وكان أحدها هو الادعاء
)( 2
بأن الأئمة كانوا متفقين على الرغم من اختلافاتهم الظاهرة .ولـكن الحل،
الذي أثبت أنه الأكثر ديمومة ً وتأثير ًا ،كان قبول الاختلافات بين فقهاء الز يدية
ا ل ب ا ر ز ي ن ع ل ى أ ن ه ا ح ق ي ق ي ة ،و ا ل د ف ا ع ع ن م ر ج ع ي ا ت ه م ا ل م ت س ا و ي ة .و ت مت ع ت ه ذ ه
ا ل ع ق ي د ة ،و ه ي ع ب ا ر ة ع ن ت ص و ي ب ا ل م جت ه د ،ب ا ه ت م ا م ك ب ي ر ب ي ن ا ل ع د ي د م ن ا ل ب ص ر ي ي ن
) (1راجع :فيلفرد ماديلونغ )محرر( .أخبار أئمة الز يدية .بيروت ،فرانس شتاينر ،1987 ،ص-114
.115
) (2راجع :محمد بن إ براهيم الوز ير .الروض الباسم .صنعاء ،المكتبة اليمنية ،1985 ،ص.131-130
) (3يزعم المؤ يد بالله يحيى بن حمزة )الم ُتوفى 749هـ1349/م( أن التصو يب هو مذهب الأئمة الز يدية،
وأن هناك إجماع ًا على ذلك يعود إلى صحابة النبي) .راجع :يحيى بن حمزة .الانتصار على علماء
الأمصار .صنعاء ،مؤسسة الإمام ز يد بن علي الثقافية1422 ،هـ2002/م.(166-162 :1 ،
ضا ،الهادي بن إ براهيم الوز ير الذي حدد التصو يب ،صراحة ً ،على أنه موقف الأئمة:
وانظر ،أي ً
القاسم بن إ براهيم والهادي والناصر )الهادي الوز ير ،هداية الراغبين ،ص .(356وقد انتقل مبدأ
التصو يب إلى اليمن في القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي.
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |122
)(1
لم يثبت فاعليته ،عملي ًا ،في توحيد صفوف الأتباع، ك ما أ ن م ب د أ ا ل ت ص و ي ب
رد ًا على السؤال المتكرر :من هم الز يدية؟ والسؤال ذي الصلة :على أي أساس
يحيى بن حمزة )الم ُتوفى 749هـ1349/م( .ووفق ًا لهذا الإمام ،ي ُسمّى الز يدية ،بلا
ش ك ،ب س ب ب ا ن ت م ا ئ هم إ ل ى ا ل إ م ا م ز ي د ب ن ع ل ي ،ل أ ن ت س م ي ة ا ل ز ي د ي ك ا ن ت غ ي ر
)*(
ز يد ًا معروفة قبل يومه .و ينطبق ،بشكل مناسب ،على الشخص الذي ي ُشارك
في عقيدته اللاهوتية ،بما في ذلك آرائه حول الإمامة .ومن يقُ ر بعناصر هذا
الاعتقاد فهو ز يدي ،و بالمعنى الدقيق للكلمة ،فالانتماء الفقهي للفرد لا علاقة له
بقابلية تطبيق تسمية الز يدي ،لأن الآراء الفقهية لكل المجتهدين المؤهلين صحيحة.
و بالتالي ،لا يوجد أي عائق أمام الأئمة ،بعد إقرارهم بأصول ز يد ،في ممارستهم
) (1يمكن العثور على مناقشة أكمل لموضوع تصو يب المجتهدين في أطروحة ،غير منشورة؛ كتبها آرون
ز يسو ،اقتصاد اليقين :تصنيف النظر ية الفقهية الإسلاميةAson Zysow, the Economy of .
Certainty: The Typology of Islamic Legal Theory, PhD dissertation,
Harvard University 1984, p. 463-483.فالتصو يب المطروح لا يمتد إلا في نواتج
الاجتهاد ،ولا يمكن الخلط بينها و بين العصمة التي يعنيها مصطلح "العصمة".
)*( مشاركة أو موافقة الإمام ز يد في عقيدته اللاهوتية؛ إذ لا يجوز التقليد في مسائل اللاهوت،
بخلاف مسائل الفقه.
|123 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
للمرجعية الفقهية الكاملة باسمهم .وعلى الرغم من أن تصو يبات المجتهدين لم ترُ فع
إلى مستوى اللاهوت م ِن قبِ ل هذا الإمام ،و بالتالي ،فهي ليست ضرور ية
لتعر يف الز يدية .ومع ذلك ،فقد تم وصفها على أنها إحدى نقاط الاتفاق المم َي ّزة
)(1
بين الز يد ية في ع ص ر ه .
لقد أصبح الز يدية يعُ رِ ّفون أنفسهم ،بشكل أساسي ،على أنهم حركة لاهوتية؛
ذات أهداف سياسية متمي ِّزة في ضوء مبدأ الإمامة .إن مبدأ التصو يب ،الذي
ك ن هم م ن د ح ض ا ل ا ن ت ق ا د ا ت
أصبح منتشر ًا ،على نطاق واسع ،في ما بينهم ،م ّ
ح و ل ف ش ل ه م ف ي ا ت ب ا ع إ م ا م ه م ز ي د ف ي ا ل ف ق ه ؛ ب ا ع ت ب ا ر ه ذ ه ا ل ا ن ت ق ا د ا ت ف ي غ ي ر م حل ه ا ،
و ب ش ك ل ع ا م ،ت حو ي ل ا ل ب ع د ا ل ف ق ه ي ل تر ا ث ه م إ ل ى م ك ا ن ث ا ن و ي .و ف ي ح ي ن أ ن ت ع ر ي ف
الز يدية ،من حيث اللاهوت ،ظل ثابت ًا حتى يومنا هذا ،إلا أن القرون التالية
صا مكثف ًا لمسائل المرجعية الفقهية داخل المذهب ،والتي ظلت بحاجة
ج ل ب ت ت م حي ً
إلى التعامل معها بشكل مناسب .وقد تم فرض هذه الأسئلة على الز يدية م ِن
قبِ ل ال ُن ّقاد ،الداخليين والخارجيين ،لظاهرة المذاهب الفقهية برمتها .و بهذا المعنى،
فإن القضايا ،التي تمت دعوة الز يدية لمعالجتها ،لها أهمية بالنسبة لأتباع المذاهب
الف ق ه ية ال أ خ ر ى ،و لـك ن ها اك تس بت ،بلا ش ك ،أه مية ً خ ا ص ة ً بالنس بة للز يد ية .
أن مركز مرجعيتها الدقيق ظل بعيد المنال بالنسبة لأتباعها .فمن ناحية ،لدينا
) (1المؤ يد يحيى بن حمزة .الرسالة الوازعة .صنعاء ،مكتبة دار التراث ،1990 ،ص.56-50
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |124
وجهة نظر شائعة ،التي يتبناها جميع الناس العاديين ،تقر يب ًا ،وحتى بعض العلماء،
بأ ن أس اس التق ليد ك ان المذ ه ب ال ف ق ه ي للإ م ام اله اد ي ،نف س ه ،و بالتالي ،ف ا ل ت س م ي ة
للفقه ،من شأنه أن يوُ ازي ،بشكل وثيق ،تلك المألوفة بين ال ُ ّ
س َن ّة .ومن ناحية
أخرى ،كان هناك أولئك الذين ق ّدموا سرد ًا ،أكثر تعقيدًا ،لأسس المذهب،
أي أنها كانت نتاج جهد جماعي لتحديد المبادئ الفقهية المشتركة بين مجموعة
م خت ا ر ة م ن ا ل أ ئ م ة -ب م ن ف ي ه م ا ل ه ا د ي -ا ل ت ي ك ا ن ت م ط ب ق ة ع ل ى ا خ ت ي ا ر أ ص ح ا ل آ ر ا ء
ا ل م ت ع ا ر ض ة لط ب ي ع ة ا ل م ذ ه ب ق د ت ع ا ي ش ت ل ع د ة ق ر و ن .
إ ن م مث ل ا ل مو ق ف ا ل أ و ل ،و ه و أ ن ا ل م ذ ه ب ي ق و م ع ل ى آ ر ا ء ا ل إ م ا م ا ل ه ا د ي ،ه و
الهادي بن إ براهيم الوز ير )الم ُتوفى 822هـ1419/م( .وقد تناول هذا المؤلف
و ب ي ن م ا ك ا ن ي ت ص ا ر ع م ع ا ل م و ق ع ا لد ق ي ق ل م ر ج ع ي ة ا ل إ م ا م ا ل ه ا د ي ض م ن ا ل ت ر ا ث
الز يدي الأكبر ،فإنه يقبل ،دون شك ،تحديد المذهب السائد في اليمن على أنه
مذهب الإمام الهادي .و يوجد تطور في إجابته في عمل الشاعر والعال ِم ،عبد
)(1
) (1الهادي بن إ براهيم الوز ير .نهاية التنو يه في إزهاق التمو يه .صعدة ،مركز أهل البيت للدراسات
الإسلامية1421 ،هـ2000/م ،ص) 277-224ص :276وقد اختار أئمتنا المتأخرون مذهب
«
|125 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
)(1
الله بن المطهر الحمزي )المتوفى بعد 910هـ1504/م( ،الذي رأى أنه من
به .و ي َمضي الحمزي ،فيقول" :فر بما توهم متوهم أن المقصود بها مذهب الهادي،
وليس كذلك ،فإن الـكتب المتداولة ،في هذا الزمان ،يقُ ال فيها :كذا ،والمذهب
كذا ،و يقُ ال كلام أهل المذهب بخلاف قول الهادي ،فدل على أنه ليس
المقصود للمذهب مذهب الهادي ،وإنما المراد للمذهب ما ذهب إليه المؤ يد بالله
] أ ح م د ب ن ا ل حس ي ن [ و أ ب و ط ا ل ب ] ي ح ي ى ب ن ا ل حس ي ن [ و ا ل ق ا ض ي ز ي د ] ب ن م ح م د
)(2
ا ل ك ل ا ر ي [ ف ي ت خر ي جه م ل ل ه ا د ي م ن م ف ه و م ك ل ا م ه م ن م س أ ل ة أ خ ر ى " .
و بهذه الطر يقة ،يمكن للحمزي أن ي ُبدد ،بسهولة ،الالتباس حول كيفية
الهادي عليه السَلام ،وقرروه واعتمدوه وهذبوه وشيدوه ،وعليه مضى علماء اليمن ،وفرسان
ضا ،الهادي بن إ براهيم الوز ير ،هداية الراغبين ،ص .261وكان
الفرائض والسنن( .وانظر ،أي ً
التحدي بالنسبة لابن الوز ير هو تحديد موقف الإمام الهادي في مواجهة أسلافه في الإمامة
ومرجعيته التي تعود إلى الأئمة الأحياء اللاحقين.
) (1أحمد بن صالح بن أبي الرجال .مطلع البدور ومجمع البحور .صعدة ،مركز أهل البيت للدراسات
الإسلامية1425 ،هـ2004/م.144-136 :3 ،
) (2من كتاب ر ياحين الأنفاس ،للحمزي ،كما ورد في عبد الله بن الحسين دلامة .شذور الذهب في
تحقيق المذهب .ص .4ونود أن نشكر محمد عزان على تفضله بتقديم نسخة مطبوعة من هذا العمل،
راجع :حسين أحمد السياغي .أصول المذهب الز يدي اليمني .صنعاء ،مكتبة غمضان،1984 ،
ص.28-27
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |126
والمشكلة الرئيسة ،مع هذه الرواية المباشرة ،نسبي ًا ،هي الاستشهاد بآراء العديد
الفقهية .وفي الواقع ،كان ي ُنظر إلى الطابع المرُكب المعقد للمذهب الفقهي على
أنه م ُثبت في مقدمة كتاب التحر ير ،لإمام بحر قزو ين الناطق يحيى بن الحسين
)الم ُتوفى 424هـ1032/م( ،والذي ي ُشير ،هناك ،إلى التعاليم الفقهية لجد الهادي،
)(1
القاسم بن إ براهيم )الم ُتوفى 246هـ860/م( .وتعُ الج هذه الرواية المركبة ،بشكل
خ ا ص ،م ش ك لة ا ل إ ح ا لة ا ل مت ك ر ر ة إ ل ى آ ر ا ء ا لع د يد م ن ا ل أ ئ مة ،و ح ت ى إ ل ى ف ق ه ا ء
ال ُ ّ
س َن ّة ،ضمن الأعمال الفقهية المعيار ية للمذهب .ومن الجدير بالذكر ،أن أشهر نص
ف ق ه ي ز يد ي ،و ه و ش ر ح ال أ ز ه ار ل ا بن م ف تاح ،ي س ت ش ه د ب مز ي ج م ن ال مر ج ع ي ا ت ،
وكان سرد الطبيعة المركبة للمذهب تطور ،بالفعل ،بحلول زمن الإمام البارز
القاسم بن محمد )الم ُتوفى 1029هـ1620/م( .وقد جاء عرض القاسم موجز ًا؛
رد ًا على سؤال يتناول ،على وجه التحديد ،طبيعة محتو يات كتاب الأزهار ،نفسه.
المرتضى ،مؤلف الأزهار[ حاك له على مذهب المذكور ،كما هو المتبادر؟ فإن قلتم:
) (1راجع :يحيى بن الحسين الهاروني .كتاب التحر ير .صنعاء ،مكتبة بدر1418 ،هـ1997/م،
ص.43
|127 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
نعم ،يضعف كلام الهادي في بعض المواضع أو غيره ،و يجعل المذهب غيره،
ور بما ي َضعف المتن باعتراض م ِن صاحب الفتح أو كلام اختاره الإمام شرف
محمد والهادي إلى الحق وابنيه محمد وأحمد في فتاواهم وموضوعاتهم في جميع أبواب
ا ل ف ق ه ،و ج ع ل و ا ا ل مذ ه ب م ا ا ن ط ب ق ت ع ل ي ه ت ل ك ا ل ق و ا ع د و ا ل أ ص و ل ،م ن م س ا ئ ل
وأما جواب الطرف الثاني؛ في وجه تضعيف قول من ي ُنسب إليه المذهب،
فالمذهب هو الأصول والقواعد وما انطبقت عليه من المسائل ،كما تقرر سابق ًا،
)(1
ف ا ل ت ض ع ي ف إ ن ما ه و ل م خا ل ف ة ت ل ك ا ل أ ص و ل و ا ل ق و ا ع د .
إن السؤال الذي أورده القاسم بن محمد كان خطاباً متواصل ًا وثابت ًا ،وعندما
ورد على ابنه ،الإمام المتوكل إسماعيل )الم ُتوفى 1087هـ1676/م( ،أمر الإمام ُ
العلامة َ يحيى بن إ براهيم جحاف )الم ُتوفى 1102هـ1691/م( بالإجابة .وكان رد
) (1ابن مفتاح ،شرح الأزهار .45 :1 ،وللإمام شرف الدين ،وهو المتوكل يحيى )الم ُتوفى
965هـ1558/م( ،حفيد مؤلف الأزهار .عمل فقهي خاص به ،أعاد فيه شرح الأزهار ،فيما
ضا ،فنح الغفار ،للفقيه يحيى ابن محمد المقرائي )الم ُتوفى
ي ُسمى بـالأثمار ،وهناك ،أي ً
990هـ1582/م( ،هو تعليق على الأثمار.
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |128
جحاف طو يل ًا ،والذي يبدو أنه تضمن رد القاسم ،وكان أكثر تفصيل ًا ،بشكل
واضح ،و يوُ فر إطار عمل لفهم ب ُنية مرجعية المذهب .وتستند تعاليم المذهب،
بحسب جوابه ،على المبادئ الفقهية لخمسة أئمة ز يدية ،وهي مجموعة عائلية؛ تركز
الأئمة الخمسة -من ي ُسمون بأهل النصوص -كنقطة انطلاق لهم ،فإن العلماء
ص لو ن
لم يتم العثور على إجابة في المجموعة الفقهية للأئمة المعُ ترف بهم ،طبق المحُ ِّ
م ب ا د ئ ا ل م ذ ه ب ع ل ى ا ل م ص ا د ر ا ل أس ا س ي ة للف ق ه ال إ س ل ا م ي -ا ل ق ر آ ن و ا ل ُ ّ
س َن ّة والإجماع-
بن الحسين )الم ُتوفى 411هـ1020/م( وأخيه الناطق أبي طالب يحيى بن الحسين
)الم ُتوفى 424هـ1032/م(؛ امتدت إلى زمن الإمام الز يدي اليمني المنصور عبد
) (1تظهر مجموعة قواعد للمذهب في شكل قائمة ،من عدة مصادر ،قدمها أحمد بن محمد الشرفي في ابن
مفتاح ،شرح الأزهار48-46 :1 ،؛ وتظهر نسخة مشروحة من قائمته ،المكونة من 117قاعدة،
في كتاب محمد أحمد من الـكبسي .الفروق الواضحة البهية بين الفرق الإمامية و بين الفرقة الز يدية.
صنعاء ،مطبعة شركة الأدو ية1413 ،هـ1992/م ،ص .98-68وهناك قوائم أخرى مذكورة
بإ يجاز ؛ قائمة تضم 89قاعدة مرقمة؛ مأخوذة من حسن بن عبد الله دلامة ،الذي تمت مناقشته
أدناه ،و يمُكن الاطلاع عليها في السياغي ،أصول المذهب الز يدي اليمني وقواعده ،ص.35-29
|129 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
الله بن حمزة )الم ُتوفى 614هـ1217/م( .ومنذ يومه ،فصاعدًا ،أفسحت فترة
ض ا ،ب ا لن ظ ر -إ ل ى
صلين مكانها لفترة الم ُذاكر ين .و يتألف نشاطهم -المسمى ،أي ً
المح ُ ّ ِ
يحاول جحاف ،جاهدًا ،في تقديم عناصر تبر ير ية لهذه البنية المعقدة ،إلى حد
و ُ
ص ل ي ن ي تأ لف م ن :
ما .ووفق ًا لجحاف ،فإن نشاط المحُ ِّ
) (3في حالة عدم تقديم أي من هذه الآراء إجابة ً لمشكلة ما ،يتم إ يجاد حل
) (4عندما لا يمكن العثور على إجابة في هذه المجموعة الأكبر ،يتم التوصل
الأساس لوحدة أساسية في الأسلوب الفقهي .و بالتالي ،فإن المبادئ الأعمق،
) (1تم اقتبساها في كتاب دلامة ،شذور الذهب في تحقيق المذاهب ،ص .6-4و يرد اقتباس موا ٍز
لرد جحاف من شذور الذهب في مقدمة طبعة 1424هـ2003/م ،لشرح الأزهار .لابن مفتاح.
صعدة ،مكتبة التراث الإسلامي.13-11 :1 ،
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |130
ص لين ،آخ ذ ين ك نق ط ة
م ُصادقة ،فعلي ًا ،م ِن قبِ ل كل إمام .وم ِن ث َم ،فإن المحُ ِّ
انطلاقهم مجموعة متباينة من الآراء الفقهية ،قد حددوا المبادئ المشتركة الكامنة
مجموعة متماسكة وكافية من الفقه المذهب الز يدي .و يتكون هذا المذهب من
م ن خ ل ا ل ف حص ا ل م ص ا د ر ا ل أ و ل ي ة ف ي ض و ء م ب ا د ئ ا ل مذ ه ب .
وعلى هذا الأساس ،فإن التأييد الضمني ،م ِن قبِ ل كل أئمة أهل النصوص،
لمبادئ المذهب ،ي ُبرر إسناد أي رأي معتمد لكل إمام ،سواء ً كان صرح به أم
لا .وكما يوُ ضح جحاف ،أنه حتى لو لم يعُ رب إمام معي ّن عن رأي في مسألة ما،
"فلماّ ثبتت تلك الأصول مذهب ًا لكل واحد من هؤلاء الأئمة المذكور ين ،أهل
النص و ص ،ج ع لو ا المذ ه ب لك ل و اح د ؛ م ا انط بق ت ع ليه ال أ ص و ل و الق و اع د ،م ن
م س ا ئ ل ا لف ر و ع ف ي ك ل ب ا ب ،س و ا ء ً ن ص ع ل ى ت ل ك ا ل مس أ لة ك ل و ا ح د م ن ا ل أ ئ مة
المذكور ين أم لم ينص عليها إلا بعضهم ،وسكت الباقون ،لأنها ل َم ّا انطبقت عليها
تلك ال أ ص و ل ،ص ار ك ل و اح د م ن هم ك الناص ع لي ها " .إن م ر ج ع ية المباد ئ ه ي :
أنه حتى عندما يتم استخدامها لإلغاء الرأي الصريح لأحد الأئمة باعتباره ضعيف ًا،
|131 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
) (1يعُ تبر عمل الشهاري في شأن دور الناصر الأطروش أكثر اكتمال ًا بكثير من الأعمال السابقة،
كما هو مطلوب ،من خلال تركيزه التار يخي .و بالنسبة له ،فإن مشكلة مكانة الناصر حادة ،بشكل
خاص ،لأن تفسيره ،للأئمة الذين تم اختيارهم على أنهم أئمة نصوص ،ي َ ّدعي أن هؤلاء كانوا أئمة
لهم أتباع في ذلك الوقت .ولذلك ،فهو بحاجة إلى تعليل استبعاد الإمام الناصر من هذه القائمة.
علي بن عبد الله الشهاري .بلوغ الأرب وكنوز الذهب في معرفة المذهب .صنعاء ،مؤسسة الإمام
ز يد الثقافية1423 ،هـ2002/م ،ص .344-343و ي ُطلق على هذا العمل ،في بعض المخطوطات،
"المقصد الأقرب إلى معرفة المذهب".
|133 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
يحاول مجرد شرح ب ُنية المرجعية في المذهب ،كما فعلت الأعمال السابقة،
ف ك تا به ل ا ُ
ض ا ،ه د ف ج د ل ي و ا ض ح .ف ا ب ت د ا ء ً م ن ا ل ق ر ن ا ل ت ا س ع
ا ل ت ي ف حص ن ا ه ا ،و ل ـ ك ن ل ه ،أ ي ً
الهجري/الخامس عشر الميلادي ،ظهر في اليمن علماء ز يدية ،الذين طالبوا ،في
المقام الأول ،بمراجعة تعاليم المذهب في ضوء ما اعتبروه الحديث الأكثر موثوقية،
إ ل ى ح د ك ب ي ر ،ف ي ا ل م جم و ع ا ت ا ل ُ ّ
سن ِّية المعروفة .وأول ،ور بما أذكى ،ز يدية اليمن
الذين دعوا لهذا هو محمد بن إ براهيم الوز ير )الم ُتوفى 840هـ1436/م( ،شقيق
) (1
الهادي الوز ير ،المذكور أعلاه .
وقد تم تبني برنامج محمد بن الوز ير وتعميمه م ِن قبِ ل سلسلة من العلماء اليمنيين
المشهور ين ،حالي ًا ،بمن فيهم محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني )الم ُتوفى
ل م ت ز ا ي د ٍ ،ل ن ب ذ ا ل ت ق ل ي د ،و م ا ي ت ر ت ب ع ل ى ذ ل ك م ن ر ف ض ل ك ل
أصبحوا ي َدعون ،بشك ٍ
ا ل مذ اه ب الف ق ه ي ة ا ل ق ا ئ م ة .و م ن ا ل أ م و ر ا ل ب ا ر ز ة ف ي ك ت ا ب ا ل ش ه ا ر ي ،ا ه ت م ا م ه ا لو ا ض ح
بتأسيس ع َظمة المذهب الز يدي المتوارث ،والمساهمة ،غير العادية ،لأجيال من
)(2
الع ل ماء اليمنيين في تط و ير ه .
) (1كتابه الرائد في هذا الموضوع ،والمتعدد الأجزاء ،هو العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي
القاسم ،وقد قام المؤلف ،نفسه ،باختصاره في كتابه الروض الباسم ،وكلاهما تم طبعه ونشره.
) (2وللاطلاع على عمل معاصر في الموضوع نفسه ،انظر :الـكبسي ،الفروق الواضحة البهية .وفي
صلين
محـ ِّ
الصفحتين 61-60من هذا العمل ،يقول الـكبسي" :نحـو ثمانمائة سنة وعلماء الز يدية ،من ُ
مخـرِ ّجين وم ُعلقـين وم ُقرر ين ،يفحصون المذهب الز يدي مسألة ً مسألة ،كالع َ َمّار ؛ لا
وم ُـذاكر ين و ُ
«
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |134
و ه ك ذ ا ،خ ص ص أ ج ز ا ء ك ب ي ر ة م ن ع م له لس ر د ا لع د يد م ن ا ل أ س ر ا لع ل م ي ة ،ا ل م خل ص ة
للز يدية التقليدية ،الذين شاركوا في هذا المسعى .ثم أصبح قادر ًا على مقارنة تعاليم
ل م ر ج ع ي ة ا ل حد ي ث ا ل ُ ّ
سن ِ ّي .لأنه حتى التدقيق ،الأكثر دقة للحديث ،لا يمكن أن
يصل إلى أكثر من مجرد رأي محتمل )ظن( حول الأصالة ،وكان الشهاري
قادر ًا على المواجهة بالادعاء المعقول بأن الجهد الفكري ،الذي تم بذله لقرون في
تطو ير المذهب ،قد أنتج درجة ً من الاحتمالية التي يمُكن أن ٺتفوق على تلك التي
لد ى م ن ت ق د ي ه ا .
فقد ثبت أنه غير قادر ،تمام ًا ،على الصمود أمام الهجمات ،ذات الشقين،
ي حي ط ب ا ل ا ل ت ز ا م ب ا ل ف ق ه ا ل ز ي د ي ،م ن
ف ك ر ة ع ن ال ا ر ت با ك الن ظ ر ي ،ا ل ذ ي ل ا ي ز ا ل ُ
طرح على الإمام القاسم بن محمد ،والذي يستحق اقتباسه كامل ًا:
خ لا ل س ؤ ال ُ
»ما حكم من كان عامي ًا صرف ًا؛ تعلم من غيره شيئ ًا من العبادات والمعاملات،
يضع الحجـر في المبنى إلا وقد فحصها وشذبها ووزنها بـالميزان المعـماري ،حتـى أصـبح الفقه الز يدي
صرح ًا شامخ ًا متكامل ًا ،لا تهز كيانـه عاتيـات التـشكيك ،وهـو أصل القانون الشامل والدستور
الدائم لليمن الميمـون".
|135 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
سا ،ثم انكشف له بعد ذلك اختلافهم وشروط التقليد والمجتهد والمقُ ل ِّد
ب ي ن هم ،ر أ ً
البيت ،جملة ً ،اعتقاد ًا منه أن ذلك أحوط وأحسن؛ ليكون مخـير ًا للعمل بين
الأقوال ،فيعمل بقول من شاء عند الاختلاف ،وكان يظن أن له مع ذلك أن
ي ن ت ق ل م ن الق و ل الذ ي ق د ع مل به إل ى ق و ل ال آ خ ر الق ا ض ي ب خل ا ف ه ،ث م انك ش ف
له بعد ذلك أنه متى عمل بقول أحدهم ،صار لازم ًا له ،فعاد إلى ما كان يعمل
به ،بدياً ،م ِن الذي يعمله ق َبل انكشاف الاختلاف ،واستمر عليه ،مع التردد
ت م ذ ه ب إم ام م ع ين " .
و ا ل حـي ر ة ف ي أ م ر ه ،ف ت ا ر ة ي ق و ل " :ا ل ت ز م ُ
وتارة يقول" :الالتزام الأول قد لزم ،وكل هذا الصادر منه" .وهو يعتقد أن
ح ج من كل مجتهد مصيب ،لما ذكره أهل التصو يب من الحجُج ،فلما ا ّطلع على جُ
قال بعدم التصو يب ،تشوشت نفسه ،و بقي محتار ًا لا يدري ماذا يفعل ،وهو بعَ د
هذه الصورة لا يكَ ره التزام مذهب الهادي أو غيره من أجلة الأئمة؛ إذا ساغ له
ذلك؛ لأن الهادي ينبوع العلم والحلم ،وم ِن بحر علمه يغُ ترف ،والأئمة المعتبرون
م ُجمعون على أنه ذو بسطة في العلم ،وأن من بعده من الأئمة لا يرتقي إلى رتبته في
) (1
ذ لك « .
) (1القاسم بن محمد .مجموع كتب ورسائل .صنعاء ،مؤسسة الإمام ز يد بن علي الثقافية،
1424هـ2003/م.269-268 :1،
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |136
وأكثر ما يلُفت الانتباه ،حول هذا السؤال ،هو الدرجة التي يبدو أن
و يكمن وراء الخيارات المطروحة أمام هذا غير المجتهد ،الخلاف الذي نشأ
بين الز يدية ،الذين أيدوا تصو يب المجتهدين )الم ُصوِ ّبة( ،وتحديد ًا أئمة الز يدية
البار ز ين ،و أو لئك الذ ين ف ّ
ضلوا الرأي القائل بأن رأياً فقهي ًا واحدًا قائم ًا على
)*(
ط ِئة( .والموقف السابق ،الذي كان في
الاجتهاد يمكن أن يكون صحيح ًا )المخُ َ ّ
حالتنا هو الفهم المبدئي لهذا الز يدي المحُتار ،كان ،كما رأينا ،هو الذي سيطر،
أول ًا ،على ز يدية بحر قزو ين ،ثم بين ز يدية اليمن .وكان للإمام القاسم بن محمد دور
فع ّال في إحياء هذا الموقف الأخير ،والذي ادعى فيه ،القاسم ،أنه موقف غالبية
)(2
أئمة الز يد ية .
سوى إجابة وحيدة صحيحة ،كان جزء ًا لا يتجزأ مما فهمه على أنه إحياء للز يدية
ا ل حق ي ق ي ة ق ب ل ت غ ل غ ل ا ل ا ع ت ز ا ل ا ل ب ص ر ي ف ي ا ل ق ر ن ا ل س ا د س ا ل ه ج ر ي /ا ل ث ا ن ي ع ش ر
) (1لا يتناول نقاشنا قواعد الالتزام ،التي ُأثيرت في السؤال .وفي هذه ،انظر :ابن مفتاح ،شرح
الأزهار} .23-18 :1 ،طﺒﻌﺔ .2003اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ{.
)*( لعله التزام مذهب إمام معين.
) (2القاسم بن محمد .كتاب الأساس لعقائد الأكياس .صعدة ،مكتبة التراث الإسلامي،
1415هـ1994/م ،ص .141من الواضح أن إسناد القاسم التصو يب إلى أئمة الز يدية صحيح بالنسبة
للأئمة الأوائل ،بما في ذلك الهادي يحيى بن الحسين.
|137 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
)(1
الميلا د ي .
و بمجرد أن ع َل ِم َ الز يدي ،المحُتار ،الاختلاف بين أئمة الز يدية ،فقد كان ممزق ًا
بين ات ّبِاع تعاليم كتاب الأزهار واتباع آل البيت كمجموعة .ومن الواضح أن
ا ل ت ص و ي ب ض ر و ر ة ل جد و ى ا ل خي ا ر ا ل ث ا ن ي ،ا ل ذ ي ي ن ط و ي ع ل ى ا ت ب ا ع إ ج م ا ع ا ل أ ئ م ة ؛
ولـكن حتى الخيار الأول ،وهو اتباع كتاب الأزهار ،كان ي ُنظر إليه على أنه
ي س ت ن د إ ل ى ت ط ب ي ق أ س ا س ي ل ل ت ص و ي ب ف ي ع م ل ي ة ت ح د ي د ت ع ا ل ي م ا ل جم ا ع ة ،ه ذ ه ،ا ل م ع ر و ف ة
)( 2
باس م المذ ه ب ،و ا ل م ت و ا ف ق ة م ع ت ع ا ل ي م ك تاب ال أ ز ه ار .و م ن المثير للا ه ت م ا م ،أ ن
الخيار الثالث ،الذي لم يجذب ،على ما يبدو ،الز يدي المحُتار في هذه المرحلة من
بعد أن أصبح على دراية بالحجُج المناهضة للتصو يب .ور بما لم يكن من المستغرب،
بسمعة طيبة في ما يتعلق بعلمه في إطار التراث الز يدي اليمني .ونظر ًا لوجود إجابة
) (1راجع :والفرد مادلونغ ،الإمام القاسم بن إ براهيم والمذهب الز يديWilfred Madelung, Der .
Imam al-Qasim ibn Ibrahim und die Glaubenslehre der Zaiditen, Berlin, de
Gruyter, I965, p. 220.
) (2يظهر مبدأ تصو يب المجتهدين ،كمبدأ ثامن في قائمة السياغي ،أصول المذهب الز يدي اليمني وقواعده،
ص .30ومن الجدير بالذكر ،أنه لا يظهر في قائمة القواعد ،التي قدمها أحمد بن محمد الشرفي ،أحد
تلاميذ الم ُصوب الصارم الإمام القاسم بن محمد .راجع :ابن مفتاح ،شرح الأزهار.48-46 :1 ،
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |138
يمكن أن يكون واثق ًا من أنه اختار المسار الذي تم حسابه ليقوده إلى الإجابة
) (1
ا ل ص ح ي ح ة ،ف ي أ غ ل ب ا ل أ ح ي ا ن ،ب س ب ب ع ل و م ه ذ ا ا ل إ م ا م ا ل أ ع لى .
آ ر ا ء ا ل أ ئ م ة ا ل م تع ا ر ض ة .إ ن ا ل خي ا ر ا ل ث ا ل ث ،و ه و ا ت ب ا ع آ ر ا ء إ م ا م و ا ح د ؛ ف ي ه ذ ه
يحرمه القرآن .و بالإضافة إلى اعتراضه على التقليد ،يفُ رد القاسم انتقاد ًا
وهو شي ء ُ
صا للارتباك الذي دخل الفقه الز يدي من خلال ممارسة المذهب المم َي ّزة في
خا ً
ا ل ت خ ر ي ج ) ص ي ا غ ة ت ع ا ل ي م ا ل م جت ه د ع ل ى أ س ا س م ب ا د ئ ه ا ل أ س ا س ي ة ( .و ا ل ت خ ر ي ج ،و ه و
أ ص ب ح ا ل م ذ ه ب ك ما ه و م و ج و د ف ي ع م ل م ع ي ا ر ي م ث ل ك ت ا ب ا ل أ ز ه ا ر .و ف ي إ ج ا ب ت ه ،
ب،
يحدد القاسم ،بسهولة ،نقاًطا مهمة في التعاليم الفقهية؛ التي يرفض فيها المذه ُ
ُ
ضا قاطع ًا ،الرأي الصريح للأئمة المؤسسين .ولذلك ،فهو يضع هذه الممارسة
رف ً
) (1للاطلاع على مناقشة نموذجية حول الالتزام باتباع المجتهد الأكثر علم ًا ،انظر :ابن مفتاح ،شرح
الأزهار.15 :1 ،
) (2القاسم بن محمد ،المجموع.261 :1 ،
|139 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
) (1
المألوفة للمذهب في ضوء غير موات ،بشكل خاص .
و بموافقة ظاهرة ،يستشهد القاسم بوجهة نظر سلفه ،الإمام الناصر الحسن بن
علي )الم ُتوفى 1024هـ1615/م( ،الذي كان ،في ذلك الوقت ،سجين ًا لدى
العثمانيېن في تركيا ،في اعتبار أن ممارسة التخريج كانت بدعة شنيعة؛ تم نقلها إلى
و بدل ًا من اتباع الهادي ،أو أي إمام آخر ،ي ُناشد القاسم مرجعية الهادي
ن ف س ه ،و ي د ع و إ ل ى ف حص ا ل آ ر ا ء ا ل م ت ن ا ف س ة ف ي ض و ء ا ل ق ر آ ن و ا ل ُ ّ
س َن ّة )العرض على
) (3
ك ت ا ب ا ل ل ه و س ن ة ر س و ل ه م ع ا ل ا خ ت ل ا ف ( .و ع ن د م ا ي ف ت ق ر غ ي ر ا ل م جت ه د إ ل ى ت ع ل م
)( 4
إجراء هذا الفحص ،يوُ جهه القاسم إلى ممارسة الحيطة )العمل بالأحوط( .
و ت س ت ن د ت و ص ي ا ت ا ل ق ا س م ا ل إ ي جا ب ي ة ل ل ز ي د ي ا ل حا ئ ر ع ل ى ع م ل ه ا ل م و ج ز و ا ل ب ر ن ا م ج ي ،ك ت ا ب
) (5
ا ل إ ر ش ا د إ ل ى س ب ي ل ا ل ر ش ا د ،ا ل ذ ي أ ش ا ر إ ل ي ه ف ي ج و ابه .
) (1راجع :الحسين بن القاسم .كتاب هداية العقول .مكان النشر غير م ّدون ،المكتبة الإسلامية،
1401هـ1981/م) 680 :2 ،الحاشية(.
) (2القاسم بن محمد .الإرشاد إلى سبيل الرشاد .صنعاء ،دار الحكمة اليمانية1417 ،هـ1996/م،
ص.120-119
) (3القاسم بن محمد ،المجموع ،ص.270
) (4راجع :الحسين بن القاسم ،كتاب هداية العقول) 682 :2 ،الحاشية(.
) (5القاسم بن محمد ،المجموع ،ص.271
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |140
وفي هذا العمل ،المثير للاهتمام ،يعُ الج القاسم ،بشكل مباشر ،مشكلة
ي جا د ل
الاختلاف داخل الإسلام أو داخل الز يدية .إن الاختلاف ليس كما ُ
ب ع ض ه م ب ا ل حا ل ة ا ل م ر غ و ب ة .و ل ي س م ن ا ل ص ع ب ت ف س ي ر ا ل ا خ ت ل ا ف خ ا ر ج ا ل ز ي د ي ة ،
لأنه ينبع من رفض غير مبرر للدور الإرشادي لآل البيت .إن الاختلاف في
تع الي م آل البيت م ع ض لة ،ل أ نه بع د أن ت م ر ف ض التص و ي ب ،فمن الو اض ح أ ن و ج ه ة
ن ظ ر و ا ح د ة ،ف حس ب ،ه ي ا ل ص ح ي ح ة .و ي ق ت ر ح ا ل ق ا س م ت ف س ي ر ا ت م ح ت م ل ة ل ل ت ن و ع
ا ل ف ق ه ي د ا خ ل ا ل ز ي د ي ة :خ ط أ ب ش ر ي ب س ي ط و غ ي ر م ق ص و د ،و ،للأ س ف ،تد ف ق
ا ل ت أ ث ي ر ا ت ا ل خا ر ج ي ة .ك ما أ ن ه ي ض ع ض و ا ب ط ل ل ت ع ا م ل م ع م ث ل ه ذ ا ا ل ا خ ت ل ا ف ،ا ل ت ي
تلُهم المرجعيتين النهائيتين ،دائم ًا ،وهما القرآن وال ُ ّ
س َن ّة .ولا مكان للتمسك بتعاليم
أي إمام واحد من أئمة العترة ،باستثناء علي بن أبي طالب .ولـكن ،نظر ًا لأن
غ ي ر ا ل م جت ه د ل ا ي س ت ط ي ع ،ف ي ك ث ي ر م ن ا ل ح ا ل ا ت ،ا ل ب ت ف ي ا ل ق ض ا ي ا ؛ ب ا ل ر ج و ع ا ل م ب ا ش ر
إل ى الق ر آن و ال ُ ّ
س َن ّة ،فإن التوجيه مطلوب .و بإ يجاز ،يرُكز القاسم على إجماع آل
البيت ك مر ش د في الق ض ايا المتناز ع ع لي ها .و ي م ك ن ا ل ا ع ت م ا د ع ل ى إ ج م ا ع ه م ب ط ر ي ق ة
صارمة )احتيا َطا( في مختلف القضايا المتنازع عليها التي قد تنشأ .إنه يفهم طر يقته
الصارمة على أنها مجرد نتيجة لموقفه القائل بأن واحدًا ،فحسب ،من الآراء
المتنافسة يمكن أن يكون صحيح ًا )وجميع هذا مقتضى مذهب م َن يقول إن الحق
)(1
مخالف َه مخطئ( .
م ع و اح د و إن ُ
وستعُ طي مجموعة ٌ واحدة ٌ من الأمثلة فحوى نهجه .هذه نقاط من فقه الصلاة،
ا ل ي د ي ن و ا ل ض م و ق و ل آ م ي ن ب ع د ا ل ف ا ت حة و ا ل د ع ا ء ب غ ي ر ا ل آ ي ا ت ا ل ق ر آ ن ي ة .و ي ر ى ا ل ق ا س م ،
طبق ًا لمبادئه ،أنه رغم انقسام آل البيت حول صحة مثل هذه الهيئات ،إلا أنهم
)(1
متفقون على أن تركها لن ي ُبطل الصلاة ،و بالتالي ،فلا ينبغي أداؤها .
وفي قراءة دقيقة لكتابات القاسم بن محمد؛ سي ُظهر أن فكره لا يسمح بأي
م ك ا ن ل أ ي ش ي ء ك م ذ ه ب ف ق ه ي م ت و ا ر ث ؛ ب ما ف ي ذ لك م د ر س ة ز ي د ي ة ا ل ي م ن
لا يعني تقليدًا ،بالمعنى الدقيق للكلمة ،الاحتياط .وعلى الرغم من أن برنامج القاسم
ل ل ف ق ه ا ل ز ي د ي ،ف ي ر ف ض ه لل ت ق ل ي د و د ع و ت ه لل ع و د ة ا ل م س ت م ر ة إ ل ى ا ل ق ر آ ن و ا ل ُ ّ
س َن ّة في
القضايا المتنازع عليها ،لا يبدو أنه تم اتباعه على نطاق واسع ،إلا أنه يمكن اعتباره
سلف ًا ،غير مقصود ،لمنتقدي المذهب؛ الذين ،على النقيض منه ،تخلوا عن الهداية،
)(2
التي لايزال يجدها في آل البيت .و بدل ًا من ذلك ،بحث هؤلاء ال ُن ّقاد ،عن
) (3
ه ذ ه ا ل ه د ا ي ة ،ف ي م ص ن ف ا ت ا ل حد ي ث ا ل ُ ّ
سن ِّية .
وفي الجيل الذي يليه ،مباشرة ً ،نجد جهدًا متواضع ًا لإعادة تأكيد هذا التعر يف
في القصيدة المعنونة بـالطراز الم ُذهب في إسناد المذهب ،للقاضي إ براهيم بن يحيى
السحولي )الم ُتوفى 1060هـ1650/م( ،والذي كان يهدف إلى توفير سلسلة نقل
)( 1
)سند( لفقه المذهب ،والذي فهمه على أنه للإمام الهادي .وفي إنتاج سلسلة؛
يكون فيها الهادي رابطًا وحيدًا ،فحسب ،يعود إلى الرسول من خلال ذر يته،
فقد كان السحولي ي ُبرهن على أن المذهب كان ٺتو يج ًا موثوق ًا للشيعة الحقيقية.
ومن الواضح ،أنه ليس ،من قبيل الصدفة ،أن السحولي اشت ُهر بكونه أحد المعلمين
) (2
والمعلقين الرائدين للعمل الرئيس للمذهب ،كتاب الأزهار .
تعرضت سلسلة السحولي للنقد م ِن قبِ ل الحسن الجلال )الم ُتوفى 1084هـ/
) (1إن سند الفقه الحنفي ،الذي يعود إلى الله من خلال النبي والم لَك جبر يل ،الذي قدمه ابن
عابدين )الم ُتوفى 1252هـ1836 /م( في مقدمته لكتابه رد المحتار على الدر المختار .دمشق،
دار الثقافة والتراث1421 ،هـ2000 /م .9 :1 ،وفي الصفحة ،67من العمل نفسه ،ي ُشير
محمد بن علي الحصكفي )الم ُتوفى 1088هـ1677 /م( ،مؤلف النص الأساسي الدرر ،إلى سنده
لعلم الفقه.
) (2ابن أبي الرجال )أحمد بن صالح بن أبي الرجال( ،مطلع البدور ومجمع البحور.233-221 :1 ،
وراجع :محمد الحجري .مساجد صنعاء .صنعاء ،مكتبة اليمن الـكبرى1398 ،هـ،21978-1977/
ص.58-56
|143 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
)(1
1673م( ،أحد أبرز معارضي التقليد في ذلك الوقت .و يعتمد هجوم الجلال
السحولي ،لا يمكن الادعاء ،بشكل معقول ،أنها تدعم الروايات التي ذكرها
أن هذه السلسلة تهدف إلى دعم التعاليم الفقهية الز يدية في الروايات والآراء في
أعمال الهادي ،لا تمُثل أكثر من ع ُشر المذهب؛ لذلك كان من المستحيل ،لمثل
الاقتراح الذي ق ّدمه والده؛ بأنه لا بد أن تفُ سير هذه السلسلة بطر يقة روحية
وغير ح َرفية )إسناد معنوي( ،وأنه لا طائل من وراء القيام بغير ذلك .ومن
الأهمية بمكان ،أن الجلال ،في نقده ،ي ُناشد مرجعية القاسم بن محمد ،الذي ي ُسميه
بأنه أعظم مرجع العصر ،للمطالبة بالرجوع المستمر إلى المجتهدين الأحياء ،الذين
وكان الدافع وراء نقد المذهب ،الذي جاء من أشد منتقديه ،هو أنه ،مهما
) (1الحجري ،مساجد صنعاء ،ص .58-56وقد دافع يحيى بن صالح السحولي ،حفيد إ براهيم السحولي،
عن أعمال سلفه ضد نقد الجلال في عمل قصير ،بعنوان :التثبيت والجواز عن مزالق الاعتراض
على الطراز .وفي شأن مسلسلات الفقه الز يدي ،فقد قدمها ،بالفعل ،يحيى شرف الدين )الم ُتوفى
965هـ ،(1558/الذي يقول" :لنا سند في الفقه عجيب ،وسبب ممتد صليب؛ يتصل بخاتم
المرسلين" .وللاطلاع على هذه المسلسلات ،انظر :مجد الدين بن محمد المؤ يدي .لوامع الأنوار.
صعدة ،مكتبة التراث الإسلامي1414 ،هـ1993/م.129-128 :2 ،
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |144
منفرد أو مجموعة من الأئمة .وحتى ،بصرف النظر عن عدم قبول هؤلاء ال ُن ّقاد
للم ِثال الأكثر وضوح ًا للتقليد؛ حيث يتبع فيها الشخص العامي رأي المجتهد،
مباشرة ً ،فإن التطور المعُ قد لفقه المذهب جعله عرضة ً ،بشكل واضح ،لمشكلة
أخرى .وكما أوضح الجلال ،فإن الحكم الصادر ليس رأي من صدر منه ،ولا رأي
من قام بالاستنباط على أساس رأي المجتهد ،و بالتالي ،فإن هذا الحكم ليس برأي
أحد .وعلى هذا النحو ،كيف يرُ شد بشأن أحكام الطقوس والشعائر والفقه المدني
} ب ش أ ن ا ل ع ب ا د ا ت و ا ل م ع ا م ل ا ت { .و ب ا ل ن س ب ة ل ل جل ا ل ،ه ذ ا م س ت ن ق ع و ق ع ف ي ه ج م ي ع
)(1
ا ل ف ق ه ا ء ،ب ا س ت ث ن ا ء ا ل ذ ي ن ي ل ت ز م و ن ب ن ص و ص ا ل و ح ي .و ا ل ر أ ي ا ل م س ت م د ه و ،ب حك م
التعر يف ،ليس الرأي الصريح للمجتهد ،ولا يمُكن أن يكون رأي العال ِم المستنب ِط
)المخُرِ ّج( ،لأنه ليس مطروح ًا على هذا النحو ،ولذلك ،يبدو أنه يطفو بعيدًا عن
)(2
أ ي ة م ر ج ع ي ة ب ش ر ي ة و ا ض حة .و ه ك ذ ا ،ك ا ن ا ل ج ل ا ل ،و غ ي ر ه م ن ا ل م ن ت ق د ين ا ل ي م ن ي ي ن
للمذهب الز يدي ،يفضحون ،عن وعي ،إفلاس ليس ذلك المذهب ،فحسب،
ولـكن كل المذاهب التار يخية الفقهية الإسلامية.
المتوارث ،وكذلك محاولات إنقاذ هذا المذهب ،من خلال قصيدة قصيرة ،من
صاحبها الشاب معروفة ً ،على نطاق واسع .ووفق ًا للمؤرخ اليمني المعاصر ،إسماعيل
الأكوع )الم ُتوفى 1429هـ2008/م( ،فقد صيغت القصيدة نتيجة سلسلة من
المناق ش ات الس اخ نة ،الت ي بد أه ا م حمد بن إس ماع يل ال أ م ير الص نع ا ن ي ،الذ ي ك ان
)( 2
هو ،نفسه ،من بين الذين ردوا عليها .وت ُشكل الردود العديدة ،في كل من
ا ل ش ع ر و ا ل ن ث ر ،م ج م و ع ة ً غ ن ي ة ً م ن ا ل ن ظ ر ي ا ت ا ل ت ي ا ن خر ط ت ف ي ا ل ق ض ا ي ا ا ل ف ق ه ي ة ،ا ل ت ي
أصبحت تحيط بمفهوم المذهب .والقصيدة الكاملة ،التي نقلنا أول ثلاث أبيات
م ن ه ا ،ف ي ا ل م ق د م ة ،ه ي ك ما ي ل ي :
ل
المْ ُشك ِ د ياج ي و م ص ا ب يح ساد َاتن َا
َأيه َا ا ْل َأع ْل َام من َ
ل
يقتفى في الق َو ْل أو فى ال ْع َم َ ِ خبرونا ه َل لنا من م َ ْذه َب
ل
الس ب ِ ن هج نق ف و ه س ائ م أم ترُكناَ همل ًا نرعى ب ِل َا
) (1راجع :محمد ز بارة .نشر الع َرف .صنعاء ،مركز الدراسات والبحوث اليمني ،تأريخ النشر غير مد ّون،
.341-324 :1و يمُكن العثور على هذه الأبيات ،مع بعض التغييرات ،بما في ذلك العديد من
الردود عليها في إسماعيل الأكوع .الز يدية :نشأتها ومعتقداتها .بيروت ،اسم الناشر غير مد ّون،
.78-59 ،2000ومن بين المؤ يدين ،بالإضافة إلى الحسن بن إسحاق ،عبد الله بن علي الوز ير وابن
الأمير الصنعاني وصالح بن الحسين الأخفش.
) (2إسماعيل الأكوعِ .هجر العلِ م ومعاقله .بيروت ،دار الفكر المعاصر.1853-1850 :4 ،1995 ،
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |146
ع لي بن لز يد ا ْلحق ه َه ُن َا فإذا قلُنْ َا ليحيى قيل ل َا
ل
ال ْمل َ ِ جَم ِيع خ ير فه م و َلذاَ له َذ َا قلُنْ َا و إذ ا
ل ال ُر ّ ُ
س ِ بع د الو ح ي ُأم َن َاء َأو سواه ُم من بني ف َاطِم َة
ل
ص و ص ا ل آ ل ف ا ب حث و س ِ
ع َن ن ُ ُ قرروا المْ َ ْذه َب قول ًا خ َارِج ًا
ل
ل َه ُ ك َا ْلأو ِ تقليدًا ك َانَ قرَ َ ّر َه ُ مج ْت َهدًا
ُ يك ن إن
ل
ا ل جد ِ َطرِ يق انسّد فق د إن يكن قرَ َ ّر َه ُ من دونه
وقد أثارت هذه الأبيات العديد من القضايا المحُرجة للز يدية ،في تلك الفترة.
و بداية ً ،حول هو ية المرجعيات النهائية للمذهب ،والتي تعُ تبر ،في حد ذاتها،
إشكالية .ومن المثير للاهتمام ،أن الاحتمال يعَ تبر أن ز يد ًا بن علي هو ،في الواقع،
)( 2
م ر ج ع ا ل ت ق ل ي د ا ل ف ق ه ي ،أ و أ ن ه ي خد م ،ب ش ك ل م ش ت ر ك ،ف ي ه ذ ا ا لد و ر م ع ا ل ه ا د ي .
) (1الشوكاني ،البدر الطالع .136-135 :1 ،تم ذكر عدد من الردود على هذه القصيدة في ز بارة،
نشر الع َرف 334 :1 ،و يتحدث الشوكاني عن أنه أﺟﺎب ﻋن ھذا اﻟﺳؤال ﻋﻠﻣﺎء ﻋﺻره ،وﻛﺛرت
اﻟﺟواﺑﺎت اﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ،وھﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻋﻧد ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺎس .وقد أدى نشر هذه الأعمال إلى انتاج
العديد من النسخ؛ بعضها يحتوي على بعض المتغيرات.
) (2كان هناك ،في هذا الوقت ،مجموعة صغيرة من العلماء الذين اعتبروا أنفسهم أتباع ًا لفقه ز يد بن
علي ،وكان من بينهم صالح بن الحسين الأخفش )الم ُتوفى 1143هـ1731/م( ،الذي كان أحد
«
|147 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
و ه ن ا ك ا ح ت م ا ل آ خ ر ت م ت ق د ي م ه ،و ه و أ ن ا ل مذ ه ب م ت ج ذ ر ف ي آ ر ا ء م ج م و ع ة م ن
ا ل ع ل و ي ي ن .و ا ل س ؤ ا ل ا ل ث ا ن ي ،ه و ك ي ف ي ة تف س ي ر ن ش ا ط أ و لئ ك ا لذ ين ُ
ي حد د و ن ا ل إ ج ا ب ة
الحالية للمذهب على نقاط الفقه .وكان السؤال مزعج ًا ،لأنه إذا لم يكونوا ،هم
وتوُ ضح الأبيات الأخيرة مدى حساسية هذه الأسئلة؛ بقدر ما يمكن تفسيرها
على أنها محاولة لتقو يض المذهب ،وأما الشوكاني ،وهو أحد المجُيبين ،لاحق ًا،
تلاميذ محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني ،والذي صدرت عنه الأبيات .ولكل من الصنعاني
والأخفش ردود مكتو بة على قصيدة إسحاق بن يوسف .وفي وقت سابق من حياته المهنية ،اعتبر
الأخفش أن الز يدي الحقيقي هو الذي تبع ز يد بن علي في كل من اللاهوت والفقه .وليس من
المستغرب أن يكون هو والز يدية ،المتشابهون في التفكير ،احتفظوا بـمجموع ز يد ،وجعلوا له مكانة
كبيرة؛ ووضعوه بجانب القرآن كمرجعية لهم .راجع :ز بارة ،نشر الع َرف.794-793 :1 ،
و يعكس رده على أبيات أحمد بن إسحاق ،مشاركته المتزايدة في دراسة حديث أهل الس ُ َن ّة تحت
تأثير الصنعاني )راجع :إ براهيم بن عبد الله الحوثي .نفحات العنبر .بيروت ،مؤسسة التاريخ،
1429هـ2008/م .(140 :2 ،وقبل قرن من الزمان ،رفع أحمد بن يحيى حابس الصعدي
)الم ُتوفى 1061هـ1651/م( ،أحد رعايا الإمام القاسم بن محمد ،ز يد إلى موقع الإمام العام
للمدرسة الفقهية الز يدية؛ من خلال تقليل مدى عدم اتباع آرائه م ِن قبِ ل الز يدية ،لاحق ًا .ومع
ذلك ،فقد اعترف ابن حابس بالمدارس الفرعية الز يدية ،مثل الهادو ية .راجع :أحمد بن يحيى
حابس .مقدمات كتاب المقصد الحسن .صنعاء ،مؤسسة الإمام ز يد بن علي الثقافية،
1423هـ2002/م ،ص ،70-69 ،49كما تم استنساخ مواد من المقصد الحسن في مقدمة أ.
غر يفيني E. Griffiniلطبعته من مجموع ز يد بن علي )مدونة ز يد بن علي Corpus Iuris di
.(Zaid Ibn' Ali, Milan, Ulrico Hocpli, 1919, p. cxxi-cxxxviii
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |148
ال ا ع تبار .و في م ا يلي ،س و ف نف ح ص س لس لة م ن الرد و د ع لى ه ذ ه الأ بيات .و ع لى
أو بآخر -إلى الحفاظ على المذهب الز يدي ،برمته ،أو في بعض ال ُن ّسخ المعُ اد
صياغتها؛ ) (2أولئك الذين خلصوا إلى أن الحجُج المضادة للمذهب كانت مقنعة
ا ل أ ش ك ا ل .و ت جد ر ا ل إ ش ا ر ة إ ل ى أ ن م ع ظ م ا ل إ ج ا ب ا ت ت ف ت ر ض أ ن ا ل م ذ ه ب ه و
هو الأكثر إثارة للاهتمام؛ من حيث إنه يأتي من شخص يعُ لن ،صراحة ً ،أنهكان
ح ج هم، لفترة من الوقت يميل إلى تبني رفض مناهضي المذهبيين ،الذين أعاد ذكر جُ
ب إ ي جا ز ،ف ي م ق د م ة ش ر ح ه .و ل ـ ك ن ب ع د أ ن ق ر ر أ ن ب ع ض ع ن ا ص ر ا ل ت ق ل ي د أ م ر ل ا
م ف ر م ن ه و ح ا س م ف ي م م ا ر س ة ا ل ف ق ه ا ل إ س ل ا م ي ،ف إ ن ه ي ر ى أ ن ه م ن ا ل من ا س ب ت ق د ي م ت ب ر ي ر
) (1إسحاق بن يوسف .التفكيك لعقود التشكيك .مخطوطة صنعاء ،المكتبة الغر بية ،علم الكلام ،رقم
.33وانظر الطبعة الملحقة بهذا النص .وتستند الطبعة إلى ثلاث مخطوطات ،ولا ي ُدعى أنها ت ُمثل
إصدار ًا نقدياً من هذا العمل الشهير ،الذي بقيت العديد من المخطوطات على قيد الحياة.
|149 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
ن ظ ر ي ل ل ا ل ت ز ا م ا ل م س ت م ر ب ا ل م ذ ه ب ،ك م ا ه و ح ا ص ل .إ ن ا ل ن ق ط ة ا ل م حو ر ي ة ف ي ا ل ت ف ك ي ك
ه ي ت ق د ي م ت ب ر ي ر ،م ن ح ي ث ا ل ن ظ ر ي ة ا ل ف ق هي ة ا ل إ س ل ا م ي ة ،ل م م ا ر س ة ا ل ت ق ي د ب تع ا ل ي م
فقهية؛ لا يمكن أن ٺتطابق ،بشكل معقول ،مع تعاليم أي مجتهد وحيد .وكما هو
م ب ي ن ع ل ى ه ذ ا ا ل ن ح و ،ف إ ن ا ل م ش ك ل ة ب ع ي د ة ك ل ا ل ب ع د ع ن ك و ن ه ا ف ر يد ة م ن نو ع ه ا
المؤلف مهتم بتقديم حل؛ من شأنه أن يعُ الج هذه المشكلة في شكلها الشامل .وفي
ج ب ل ة ،ط ه ب ن ع ب د ا لل ه
ض ش افع ي ،م ن ذ ي ِ
الواقع ،ي ُلاحظ على أنه أشار إلى قا ٍ
السادة )الم ُتوفى 1141هـ1729/م( ،اضطر إلى الاعتراف ،لدى قراءة قصيدته،
والحل ،الذي يقُ دمه إسحاق بن يوسف ،يعترف بأن التقليد لا يمكن أن يتخذ،
ل له ،رأي شخص آخر غير المجتهد .وهذا يعني أنه بقدر ما يكون غير المجتهدين
ك مح ّ ٍ
م س ؤ و ل ي ن ع ن إ ن ش ا ء م ذ ه ب ف ق ه ي ،م ث ل ا ل م ذ ه ب ا ل ز ي د ي ،ف ل ا ي م ك ن لل آ خ ر ين
ق ب و ل آ ر ا ئ ه م ع ل ى أ س ا س ا ل ت ق ل ي د .و ل ل حف ا ظ ع ل ى م ؤ س س ة ا ل م ذ ه ب ،ي ل ت م س إ س ح ا ق
) (1يبدو أن السادة ،الذي أثارته القصيدة ،قد صاغ إجابة على الأسئلة التي أثارتها .راجع :ز بارة،
نشر الع َرف.807 :1 ،
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |150
ب ن ي و س ف م ب د أ ت ص و ي ب ك ل ا ل م جت ه د ي ن .إ ن ح ج ت ه ا ل م ت ط ر ف ة ،ه ي أ ن آ ر ا ء غ ي ر
المجتهدين ستتطابق في كل حالة ،تقر يب ًا ،مع آراء المجتهد الفعلي ،إن لم يكن بين
ن م ا ،و ف ي و ق ت م ا ،ف ي م جت م ع ا ل م س ل م ي ن ف ي ج م ي ع أ ن حا ء ا ل ع ا ل م
الز يد ية ،ف ف ي م ك ا ٍ
وعبر التأريخ .إن مرجعية ذلك المجتهد هي التي ٺ ُثبت صحة التمسك بالرأي المعني؛
بغض النظر عما إذا كان يقُ دمه على أنه رأيه أو ي ُطوره من تعاليم مجتهد آخر .وضد
ح ة مركز ية مناهضة للتصو يب؛ مفادها أن تعدد الآراء الصحيحة المتساو ية تفُ كك
جُ
ي ج ا د ل ب أ ن ه ب م ا أ ن ا ل ت ص و ي ب ي ح ـ ت ر م ك ل آ ر ا ء ا ل م جت ه د ي ن ،ف إ ن ه ل ا
م جت م ع ا ل م س ل م ي ن ُ ،
يُهدد وحدة المجتمع .و بدل ًا من ذلك ،فإن الموقف القوي من دعاة التخطئة هو
الذي يقُ وض تماسك المجتمع ،لأن دعاة التخطئة هم الذين ي ُشوهون الآراء
ي حط م و ن و ح د ة ا ل م س ل م ي ن .
المع ار ض ة ،و ُ
و يقُ دم هذا الفهم ،المتفائل للحقائق ،إجابة على الأسئلة المطروحة في القصيدة،
ولـكن على حساب التخفيف من النزاهة التار يخية للمذاهب ،التي تهدف إلى
ا ل حف ا ظ ع ل ي ه .و ي ر ى ا ل م ؤ ل ف أ ن ا ل ف ق ه ا ل إ س ل ا م ي ي ت ك و ن م ن آ ر ا ء ف ر د ي ة ل م ج م و ع ة
مجتهد وحيد ،يعُ ترف ،صراحة ً ،على أنه خيال ،والحل المقدم للحفاظ عليها يعتمد
ي حت م ل أ ن ت ت جا و ز ح د و د أ ي م ذ ه ب م ع ي ن .و ه ذ ا ا ل ح ل
ع ل ى ا ل أ نش ط ة ،ا ل ت ي ُ
المسكوني والشامل ،لما اعتبره المؤلف ،بشكل واضح وصحيح ،أنه مشكلة للمذاهب
|151 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
)( 1
الموجودة ،يتوافق مع روح برنامج إسحاق بن يوسف الأكبر .واستناد ًا إلى نسخة ٍ
ض ا ،آثار
متطرفة من التخطئة ،فإن هذا الفهم الذري للفقه الإسلامي له ،أي ً
محتملة على الممارسة الفقهية بين ز يدية اليمن .و بينما يعُ لن المؤلف عن تفضيله
ي جا د ل ب أ ن ا ل ز ي د ي ة ي ت م ت ع و ن ب حر ي ة ا ت ب ا ع أ ي ش خ ٍ
ص ي خت ا ر و ن ه م ن لتع الي م آل البيت ُ ،
ب ي ن ك ب ا ر ا ل م جت ه د ي ن ا ل ب ا ر ز ي ن ل آ ل ا ل ب ي ت ا ل ز ي د ي ة ،و أ ن ه ل ا ي و ج د أ س ا س ل ت ف ض ي ل
تعاليم الهادي ،إلا تعصب أتباعه .ومن خلال فهمه للمذهب الحالي ،فإن نظر يته
ت حي ي ف ك ر ة ا ت ب ا ع آ ل ا ل ب ي ت ،ب ش ك ل ج م ا ع ي ) ت ق ل ي د ج م ل ة آ ل ا ل ب ي ت ( .و إ ل ى ه ذ ا
ُ
ا ل حد ،ت ت جا و ز أ ط ر و ح ت ه ا ل حف ا ظ ع ل ى ا ل و ض ع ا ل ر ا ه ن ،و ت ف ت ح ا ل ب ا ب أ م ا م إ ص ل ا ح
ك بير.
الذي يحمل عنوان شذور الذهب في تحقيق المذهب ،أسئلة ً تار يخية وتقنية أكمل
) (1راجع :إسحاق بن يوسف .الوجه الحسن الم ُذهب للحزن لمن طلب السنة ومشى على السنن .صنعاء،
يحاول هذا العمل التوفيق بين التوترات الحاصلة بين معسكري،
مكتبة دار التراثُ .1990 ،
التقليديين الجدليين )أهل الحديث( وأتباع المذهب المخلصين في عصره.
) (2من المرجح أن يكون شذور الذهب م ُتطابق مع التفكيك لعقود التفكيك؛ والمنسوب إلى المؤلف
نفسه .راجع :ز بارة ،نشر الع َرف.92-90 :2 ،
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |152
بإثبات أن كل رأي ،في تعاليم المذهب ،له نسب يمكن إرجاعه إلى مجتهد معين
في الشروح المستفيضة على التراث الفقهي .وعلاوة ً على ذلك ،تم تخصيص ثلُث
ر د ه لت ق د ي م ق ا ئ مة و ا س ع ة م ن ا ل مب ا د ئ ا لت ي تق و م ع لي ها آ ر ا ء ا ل م ذ ه ب ،ا ل ت ي أ ض ا ف
إليها إضافات .وكما يتوقع المرء من عمل؛ يقُ دم نفسه كملحق؛ ،ٺتضمن محتو يات
ه ذ ه ا ل أ ط ر و ح ة م جم و ع ة ً م ت ن و ع ة ً م ن ا ل م و ض و ع ا ت ا ل م س ت ق ل ة .
صلابته بالجبل .وفي مواجهة ذلك ،لا يوُ فر العمل الحل الأنيق ،من الناحية
ا ل ن ظ ر ي ة ،ل إ س حا ق ب ن ي و س ف ؛ م ن ح ي ث إ ن ه ُ
يحاول الحفاظ على ب ُنية المرجعية
المتوارثة للمذهب ،جنب ًا إلى جنب ،مع إمكانية الاختيار الحر بين مجتهدي آل
تأصيله( .وفي دفاعه عن التخريج المتوارث ،يرفض الصعو بة التي ُأثيرت في
ق ص ي د ة إ س حا ق ب ن ي و س ف ؛ ع ن د م ا ي ك و ن ا ل ر أ ي ه و ر أ ي ُ
مخرِ ّج مجتهد ،فإن ات ّباعه
يرقى إلى تقليد ذلك المخُرِ ّج وليس الإمام .وستكون المشكلة ،عندئذ ،هي أن
|153 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
في هذه الحال ،ينطبق على كل من المخُرِ ّج والأئمة )فإذا قلدته ُ؛ قلدتهم( .وعلى
ا ل ق ا ئ ل ؛ ب أ ن ت خر ي ج ع ا ل م م و ث و ق ب ه غ ي ر م ج ت ه د ه و م ج ر د ش ك ل م ن أ ش ك ا ل ن ق ل و ج ه ة
نظر الإمام ،التي لا ٺتطلب الاجتهاد .وأخير ًا ،ففي تلك الحالات النادرة ،التي
ل ا ي أ ت ي ف ي ه ا ا س ت ن ب ا ط ا ل ف ق ه م ن م جت ه د و ل ا م ن ن ا ق ل م و ث و ق ب ه ،ف إ ن ا ل ت خ ر ي ج ل ه
) (1
القدر نفسه من المرجعية التي يتمتع بها راعي الإ بل .
) (1راجع :ز بارة ،نشر الع َرف .336-334 :1 ،و ي َستخدم مؤلف هذا الرد ،متبع ًا لغة السؤال
الأصلي ،مصطلح التقر ير للتعبير عن التخريج ،طوال الوقت .و يمُكن العثور على ردين آخر ين،
من الحسن بن إسحاق ،في المواد التي جمعها إسماعيل الأكوع في كتابه الز يدية )الصفحات -67
69و .(78-76و يوُ جه المؤلف نبرة ً أكثر صرامة ً في انتقاده موقف الصنعاني المناهض
للمذهب؛ باعتباره ترك غير المجتهد دون توجيه عملي؛ عندما كان بإمكانه ،ببساطة ،اتباع كتاب
الأزهار .وفي هذه الردود الأخرى ،يؤُكد أن المشاكل التي ُأثيرت في عقود التشكيك تنطبق
على كل المذاهب الفقهية:
فاسأل به الحنفي ثم الحنبلي ]وأرى السؤال على المذاهب وارد ًا[
ل
من آخر أضحى خلاف الأو ِ بها الشافعية كم علوم وانظر
ل
ومحص ِ بمقرِ ّر لـلرافعي كم قرر »الرملي« قول ًا لم يكن
)ص.(78
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |154
الذي ي ُشير إلى المحاولات المختلفة الفاشلة التي قام بها العلماء الأوائل للتعامل -
ض -مع الأسئلة التي طرحتها أبيات إسحاق بن يوسف ،ي َ ّدعي أنه
بش ك ل م ر ٍ
توصل إلى ح َلهّ من خلال فحص بحثي لأدبيات الفقه الز يدي .وهذا يتناقض
أسلافه .وكاستثناء ،فهو يعترف بالإلهام الذي استمده لعمله من شبه معاصر له،
والذي نوقش أعلاه ،علي بن عبد الله بن القاسم الشهاري )الم ُتوفى
و ن ت ي ج ة ل ت د ق ي ق ا ل ـ ك ب س ي ف ي ا ل مذ ه ب ،ف ق د د ف ع ه إ ل ى ا لق و ل ب أ ن ن ش ا ط أ و ل ئ ك ا ل ذ ي ن
) (1إسماعيل بن أحمد بن محمد الـكبسي .كتاب الأسرار المرضية الكاشفة عن حقيقة مذهب الز يدية.
صنعاء ،مكتبة مركز بدر1417 ،هـ1997/م.
) (2الـكبسي ،كتاب الأسرار المرضية ،ص.51-48 ،27
|155 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
)(1
عناصر نشاطهم ،عند الفحص الدقيق ،على ما يمكن اعتباره اجتهاد ًا .وفي
صلين ،فقد كان نشاطهم منظم ًا بطبيعته ،إلى حد ما ،من حيث إنهم
ح ا لة ا ل م ح ُ ّ ِ
قاموا بجمع آراء الأئمة المؤسسين ومقارنتها وغر بلتها ،وأوضحوا ،بطر يقة متماسكة،
المبادئ التي تستند إليها آراؤهم .وعلى النقيض من ذلك ،لم يفعل الم ُذاكرون
أكثر من مجرد استخلاص النتائج المنطقية )اللوازم العقلي ّة( للمادة التي رتبها
ص لين ،تط بيق ه م
صلون .ومن الأمثلة ،التي يفُ ضلها الـكبسي ،لتوضيح عمل المحُ ِّ
المح ُ ّ ِ
)( 2
ع ل ى و ج و ه م خت ل ف ة ل ق ا ع د ة م ا ل ا ي ت م ا ل و ا ج ب إ ل ا ب ه ف ه و و ا ج ب .
إلى جانب ادعائه بأنه يمُثل التعاليم الصحيحة لآل البيت .إن تفسيره البسيط ،غير
لعبوه .وكان هذه الرد غير التار يخي والطائش -بطبيعة الحال -مدفوع ًا بالهجمات
النظر ية المعاصرة على التخريج .وعلاوة ً على ذلك ،فإن ح َله لمشكلة التقليد يعمل
) (1هذا لا يستبعد احتمال أن تكون بعض هذه الأرقام قد وصلت إلى رتبة مجتهد .وكل ما في
الأمر ،أنهم ،بصفتهم مجرد واضعي مذهب ،لم ي ُطلب منهم ممارسة الاجتهاد .وللاطلاع على قائمة
الم ُذاكر ين ،التي قيل إنها حصلت على رتبة مجتهد ،انظر :ابن مفتاح ،شرح الأزهار.42 :1 ،
) (2ومن الأمثلة على تطبيق هذا المبدأ :من بعَ د عنه الماء ،وأراد الوضوء ،فيجب عليه قطع المسافة
إلى ذلك المكان .راجع :الـكبسي ،كتاب الأسرار المرضية ،ص.45-44
) (3الـكبسي ،كتاب الأسرار المرضية ،ص.52
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |156
كمذيب لحل الوحدة العضو ية للمذهب التي دافع عنها أسلافه .وتكمن الوحدة
العضو ية للمذهب بالنسبة لهم ،على وجه التحديد ،في هيئة مجردة من المبادئ
الأساسية ،ولـكن الهجوم النظري ،الذي رد عليه الـكبسي ،أثار إجابة ً؛ ليس
م ن م ن ظ و ر ت ق ل ي د ا ل م ب ا د ئ ا ل م جر د ة ،و ل ـ ك ن م ن ح ي ث ت ب ا ي ن ا ل م جت ه د ي ن ا ل ب ش ر ي ي ن .
فلم تنص نظر ية الفقه الإسلامي ،أبد ًا ،على تقليد المبادئ المجردة ،بل تقليد
إﺻﺧﺎء ا5ﺜﻊﺈ:
يعُ ّد ابن الأمير الصنعاني ،الذي سبق ذكره كشخصية محور ية حول الجدل
الذي أثارته القصيدة ،من بين منتقدي المذهب البارز ين في تأريخ الفقه
الإسلامي .وكانت ردود الصنعاني ،في النظم ،على الأسئلة المطروحة في قصيدة
ا ل ز ي د ي ة ك مذ ه ب ل ا ه و ت ي .و ل ه ذ ا أ ش ا ر إ ل ى أ ن ا ل ق ض ا ي ا ا ل ت ي أ ث ا ر ت ه ا ا ل ق ص ي د ة ك ا ن ت
فقهية بالكامل ،و بالتالي ،فإن أية مناشدة للاهوت لا علاقة لها بمناقشة حول
) (1ومع ذلك ،كان الصنعاني يعترف بالجهود الفكر ية الرائعة الذي تم بذله في عملية تطو ير تعاليم
الهادي ،لـكنه انتقد ،بشدة ،المرحلة الأخيرة في تطو ير المذهب .وهنا يكشف أن عدم كفاية تعلم
الفقهاء دفعهم إلى إ بداء آراء ضعيفة )راجع :الأكوع ،الز يدية ،ص.(71-70
|157 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
)(1
ا ل م ر ج ع ي ة ا ل ف ق ه ي ة ا ل م ر ت ك ز ة ع ل ى م ما ر س ة ا لت ق لي د .و ه ن ا ك ن ق ط ة ،ف ي ا ل أ ب ي ا ت
الأصلية ،عاملها الصنعاني بشدة خاصة؛ هي ما اعتبره اقتراح ًا سخيف ًا بعدم وجود
ت م ي ي ز ب ي ن م د ر س ة ز يد بن ع لي و م د ر س ة ا ل ه ا د ي .و إ ذ ا ت م ف ه م ه ذ ه الو ح د ة ؛ ب م ع ن ى
أنهم اتفقوا على المفاهيم الأكثر عمومية ً ،إذن ،فإنه ي ُشير إلى أن هذا ينبغي أن
يؤُ دي إلى انهيار كل المذاهب الرئيسة في وحدة غير متمايزة ،وهو استنتاج
س خي ف .
) (2
لا تقولوا :حنف ّ ٌي حنبلي ل قول ًا واحدًا
ف ا ج ع ل و ا ال أ ق و ا َ
وكانت أية محاولة للمطالبة بهو ية شاملة ،على مستوى التعاليم الفقهية المحددة
بين ز يد والهادي ،مستحيلة ً ،بطبيعة الحال .وفي الواقع ،ظل الصنعاني ي ُثير ،مرار ًا
وتكرار ًا ،في كتاباته الجدلية فشل ز يدية اليمن في اتباع ز يد في الفقه .و يمكن العثور
ح جه لهيئة رفع اليدين في بداية الصلاة على مثال على هذا الاستخدام الجدلي في جُ
) ر ف ع ا ل ي د ي ن ع ن د ت ك ب ي ر ة ا ل إ ح ر ا م ( .و ه ذ ه ا ل ه ي ئ ة ،ا ل ت ي ر ف ض ه ا ا ل م ذ ه ب ،ك ان ،ف ي
الواقع ،قد أي ّدها ز يد بن علي .وفي هذه القضية ،وما شابهها ،ي ُسجل الصنعاني
) (1فعلم اللاهوت ،كما هو معروف جيدًا ،كان يفُ هم على أنه تخصص ،حيث اعت ُبر الاجتهاد ،بالمعنى
التقني ،غير قابل للتطبيق ،لأن اليقين كان مطلو باً في علم اللاهوت ،في حين أن الاجتهاد ،بحكم
تعر يفه ،اقتصر على الأسئلة التي تعترف بالإجابات المحتملة ،فحسب.
) (2الأكوعِ ،هجر العلِ م .1853 :4 ،إن رد الصنعاني الأصلي ،في الشعر ،يستهدف ،إلى حد كبير،
قصيدة معلمه عبد الله بن علي الوز ير )الم ُتوفى 1144هـ1732/م(؛ وراجع :الأكوع ،الز يدية،
ص.64-63
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |158
نقطة جدلية؛ مفادها أن أتباع ز يد بن علي ،الذي ي ُسميه إمام مذهبهم ،يجب
مجموع ز يد بن علي ،وهو عمل تم تجاهله ،نسبي ًا ،م ِن قبِ ل ز يدية اليمن ،كما ورد
أعلاه .وقد أدى الجدل حول التقليد ،في الواقع ،إلى إحياء اهتمام معي ّن بهذا
) (1محمد بن إسماعيل العمراني .مسائل علمية .صنعاء ،مكتبة الإرشاد ،تأريخ النشر غير مد ّون،
ص .23-18وراجع :الشوكاني ،البدر الطالع .134 :11 ،و ي ُشير الصنعاني ،في رده الأول ،إلى
أن أولئك الذين كانوا يتبعون آراء ز يد ابن في عبادتهم ،كان مناسب ًا وصفهم بالشافعية والحنابلة؛
وإن كانوا عرضة للنبذ )راجع :الأكوع ،الز يدية ،ص .(65-64وفي أحد ردود الز يدية على
ادعاء الصنعاني بأنه كان على المرء أن يتبع ز يد في الفقه ليكون ز يدياً ،قد تم رفضها باعتبارها
خدعة مناظرة رخيصة )مغالطة(؛ لا يمكن إلا أن تخدع الز يدية الأكثر جهل ًا .و يتُ هم الصنعاني
بإحياء انتقاد كان قد عولج ،بشكل قاطع ،قبل قرون م ِن قبِ ل الإمام عبد الله بن حمزة ،في كتابه
الشافي من بين آخر ين .راجع :أحمد بن صالح الـكوكباني .البدور المضيئة الهادية إلى مذهب العترة
النبو ية .مخطوطة يمنية ،من مكتبة خاصة ،ص.15-14
) (2في هذا ،يبدو أنه كان لديه ،بالفعل ،سابقة في والده .انظر :البيت المذكور في مسائل علمية،
ص.16
ضا ،في
) (3لا ينبغي الخلط بينه و بين المؤرخ الشهير ،الذي يحمل الاسم نفسه ،والذي انخرط ،أي ً
دراسة لـمجموع ز يد.
|159 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
هو وتلامذته ،على حذف كل ما ي ُشير إلى نقاط الاختلاف مع المذهب } ،في
مجموع ز يد {،في ما يتعلق بأحكام العبادات ،التي كانت ت ُشكل جزء ًا من عمل
) (1
ز يد ية ا ل ي م ن ) ع ل ى س ب ي ل ا ل م ث ا ل :ر ف ع ا ل ي د ي ن ،ا ل ض م ،ا ل ت أ م ي ن ،إ ل خ ( .
ﻊﺔﻌم ا7ﺤﻌﺾﺎﻇﻎ
والنص الأخير ،الذي يتعي ّن بحثه في هذه الدراسة ،هو نص الفقيه المشهور
محمد بن علي الشوكاني )الم ُتوفى 1250هـ1834/م( ،والذي يحمل عنوان التشكيك
على التفكيك لعقود التشكيك .وهو تفنيد نثري للمبادئ النظر ية التي تقوم عليها
إجابة إسحاق بن يوسف على قصيدته .و ي ُشير الشوكاني ،في كتاباته الأخرى ،إلى
أ ن ق ص ي د ة إ س حا ق ب ن ي و س ف ك ا ن ت ت ه د ف إ ل ى ا ل ت ش ك ي ك ف ي ص ح ة ا ل م ذ ه ب ،و ل ـ ك ن
عندما أصبحت هو يته ،كمؤلف للقصيدة ،معروفة ،استسلم للضغط ،وصاغ رد ًا
)(2
ي تع ا ر ض م ع م ي و له ا ل حق ي ق ي ة .و ف ي م ع ر ض ت ف ص ي ل ه ل ه ذ ه ا ل ن ق ط ة ،ي ق ت ب س
الشوكاني في كتابه التشكيك أبيات إسحاق بن يوسف السابقة ضد التقليد التي
)(3
ُأعجب بها الشوكاني كثير ًا .
و يقتصر تفنيد الشوكاني على الصفحات الأولى من كتاب إسحاق بن يوسف،
التفكيك .و يقول إنه مع هدم أسس الرد ،فإن ما ي ُبنى عليه سوف يسقط من
آخر غير مذهب كالمذاهب الموجودة بالفعل ،يرد الشوكاني ،أنه في حين أن
م ذ ه ب ا ل ش ا ف ع ي -ع ل ى س ب ي ل ا ل م ث ا ل -ي ت ض م ن ع ن ا ص ر ك ب ي ر ة م ن م جر د ر أ ي ش خص ي ؛
ما يؤُ يده هو سيكون مذهب ًا فقهي ًا قائم ًا ،بشكل مباشر ،على النصوص الم ُنز ّلة في
)(2
جميع الحالات .وفي الواقع ،فإن رد الشوكاني يستفيد ،فحسب ،من الجدل
)( 3
حول الأبيات لدحض الحجُج المألوفة للتقليد والتخطئة .وهكذا ،يقف دحضه،
جنب ًا إلى جنب ،مع كتاباته المعروفة التي تُهاجم شرعية المذاهب ،والتي نجحت
) (1
ف ي ا ل يم ن ،ب ش ك ل م ل ح و ظ ،ف ي إ ض ع ا ف ا ل مد ر س ة ا ل ز ي د ي ة ا ل م ت و ا ر ث ة .
ا7ﺚﺎﺗJﺋ:
أ ث ا ر ت ق ص ي د ة إ س ح ا ق ب ن ي و س ف ا ل جد ل ف ي ا ل ي م ن ،ف ي ا ل ق ر ن ا ل ث ا ن ي ع ش ر
ب ُنية المرجعية في المذهب اليمني الز يدي المتوارث .ولم يغب عن المتجادلين أن
ه ذ ه ا ل أ س ئ لة ،م ع م ر ا ع ا ة م ا يق ت ض ي ه ا خ ت ل ا ف ا ل حا ل ،ك ان ت ش ا ئع ة ف ي ك ل
ا ل مذ ا ه ب ا ل ُ ّ
سن ِّية التأر يخية في الفقه الإسلامي .وأعطى تأر يخ ًا طو يل ًا من
عندما بدا ،مجدد ًا ،أن الز يدية ،كمذهب فقهي ،كان ي ُناضل من أجل بقائه .ولا
ي س ع ا ل م ر ء إ ل ا أ ن ي ن د ه ش م ن ا ل ن ط ا ق ا ل مذ ه ل ل ل ر د و د ا ل ز ي د ي ة ،و ف ش ل ه م ف ي ت ق د ي م
جبهة واحدة ضد منتقديهم الـكثير ين .و بعد 150عام ًا ،فحسب ،أصبحت
ا ل مذ ا ه ب ا لف ق ه ي ة ا ل ُ ّ
سن ِّية في مواجهة أي تهديد فكري ي ُمكن مقارنته عن بعُ د.
و ل ي س م ن ق ب ي ل ا ل ص د ف ة ،أ ن ه ف ي ه ذ ا ا ل ه ج و م ا ل أ خ ي ر ،ت م ن ش ر ا ل أ د بي ا ت ا ل م ن ا ه ض ة
طبعة أبي عبد الرحمن سعيد معشاشة )بيروت ،دار ابن حزم1421 ،هـ2000/م( ،ص،10-8
الذي يزُ ود العمل ،لسبب غير مفهوم ،بعنوان جديد» .سماه القول السديد في أدلة الاجتهاد
والتقليد« .المترجم.
) (1برنارد هيكل ،الإصلاح الديني في الإسلامRevival and Reform ، Bernard Haykel.
in 1slam, Cambridge, Cambridge University Press, 2003.
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |162
للمذهب من اليمن بقوة ،وأن العناصر الخاصة بالز يدية لم تكن ذات أهمية في
الاتجاه العام للح ُجج .ففي الهند ،على سبيل المثال ،كان صديق حسن خان
وتلاميذه أتباع ًا مخلصين للشوكاني وغيره من اليمنيين ،وفي مصر ،كان لرشيد رضا
دور فعال في النشر الأوسع للأعمال اليمنية المناهضة للمذهب .وفي هذا المقال،
ح ا و لن ا ا س ت ح ض ا ر ا لب ي ئ ة ا لف ك ر ي ة ل ز ي د ي ة ا ل ي م ن ،ا ل ذ ي ت م ت ع ف ي ه ه ذ ا ا ل ه ج و م ا ل أ و س ع
ع لى م ذ اه ب الف ق ه بذ ر و ته .
|163 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
"% $
! '(& #
ب س م ا ل ل ه ا ل ر ح م ن ا ل ر ح ي م ،ا ل حم د ل ل ه ر ب ا ل ع ا ل م ي ن ،و ص ل ى ا ل ل ه ع ل ى س ي د ن ا م ح م د و آ ل ه
وسلم ،اللهم ألهمنا التفكيك لعقود التشكيك ،و يس ّر لنا التخريج من مضائق
)( 1
المحمّدي ّة ،واهدنا إلى الهدي النبوي التحريج ،وأصدق منا الني ّة في ن ُصح الملةّ
والدين القي ِّم السوي ،واشرح منا الصدر لتلقي بينات الخطاب ،وأقر مناّ العين
بات ّباع ال ُ ّ
س َن ّة والكتاب .آمين.
حسن
اعلم أن م َلاك الأمر ،في الدين والسلوك ،في ات ّباع سيد المرسلين ،هو ُ
الني ّة وجمال الطو ي ّة ،قال صلى الله عليه وآله وسلم" :إنما الأعمال بالنيات ،وإنما
ح ر ج ع ليه ف ي أ ي ق و ل أ خ ذ به م ن أقو ال الع ل ماء المتد او لة بين المس ل مين ،ليس ع ليه
إلا العمل بما بين يديه ،من أي مذهب من هذه المذاهب ،ولم ي ُكلفه الله أن
وإنما هو وظيفة المجتهد ،وما ذكره جماعة من خلاف هذا ،فما هو إلا تشكيك
إ ن ك ا ر ا ل ت م ذ ه ب ،و ا ل حض ع ل ى ا ل ع م ل ب ا ل ك ت ا ب و ا ل ُ ّ
س َن ّة ،فيقول له :قد قبل ُ
ت ق و لك
في هذا ،فهات عل ّمني الدين ،واجعل لي موضوع ًا في الأحكام؛ مأخوذ ًا من
الك تاب و ال ُ ّ
س َن ّة ،فلا بد أن يقُ لده في ذلك ،و يكون موضوعه لهكسائر موضوعات
غيره من العلماء؛ إذ هم لم يصنعوا إلا هذا الصنع .فيصير هذا الموضوع مذهب ًا
كهذه المذاهب ،وهذا الذي أراده هذا القائل هو عين ما صنعه الشافعي ،مثل ًا،
ف إ نه د وّ ن ل ن ف س ه م ا أ خ ذ ه م ن ا ل ك ت ا ب و ا ل ُ ّ
س َن ّة ،وكان أشد الناس حر ً
ص ا ع ل ى ذ لك ،
ب ا ل م س ل م ي ن أ ن ه ذ ا ص ن ع ه م و د أ ب هم ،ل م ي س ل ك أ ح د م ن ه م ف ي م س ل ك ،إ ل ا ب ا ع ت ب ا ر م ا
ت ق ر ر ع ن د ه م ن أ ن ه م ر ا د ا ل ل ه م ن ه ،و ل ا ي ل ز م أ ن ٺ تف ق ا ل آ ر ا ء ؛ إ ذ م ن ض ر و ر ة
وجوب عمل كل مجتهد ،بما أدّى إليه رأيه ،أن تختلف الآراء ،والمقُ ل ِّد ،لو
ذهب /3/كل مذهب في البعُ د عن التقليد ،لم يكن سلوكه إلا على التقليد ،فما
بحسن خروجه عن التقليد ،لم ِ َا يترجح عنده ،وقطع بعضهم باجتهاده في ما رجحه،
لنفسه ،في من يقُ لده ،وهذه مسألة عقلية؛ أعني أن المقُ ل ِّد يطمئن إلى من يظنه
أعلم وأورع أكثر من اطمئنانه إلى من هو دونه .ثم اعلم ،أن لنا أصل ًا أصيل ًا هو
كالحكُ م القاطع للخلاف ،وهو أنه إذا تعارضت الأدلة والشبه ،رجع إلى ما عليه
المخالف الشاذ هو الممقوت في الشرع ،و ي َبعد أن يكون الجمهور على الخطأ وذلك
الفرد أو الأفراد على صواب ،وهذا الأصل قد رجع إليه العلماء ،قديم ًا وحديث ًا،
ف ع ن ال ا س تد ل ا ل .
ف ي ك ث ي ر م ن ا ل ر د و د ،ح ت ى أ ن م ن ه م م ن ي ق ط ع ب أ ن ذ لك ك ا ٍ
فإن عارضها الم ُناظر ،رجعوا إلى عمل المسلمين ،على الاحتجاج بالإجماع ،أولهم
و آ خ ر ه م ،و ذ ل ك ل ا ي ك و ن ع ن خ ط أ م ن ه م و ج ه ل ب و ج ه ا ل حق ا ل ذ ي ا د ع ا ه ه ذ ا
الشاذ ،ثم ما وقع من التشكيك في القياس حتى ذهب إلى ذلك ج ُلة من الأكابر،
و ل م ي خر ج و ا ب ذ ل ك ع ن ا ل ش ذ و ذ ل ع م ل ج م ه و ر ا ل م س ل م ي ن ع ل ي ه ،أ و ل ه م و آ خ ر ه م ،ح ت ى
إ ن أ ه ل ا ل أ ص و ل ك ا ن أ ع ظ م م ا د ف ع و ا ب ه ش ب هه م ؛ أ ن ق ا ل و ا :ه ذ ا ت ش ك ي ك ل ع م ل
ت م ن ا ل ت ش ك ي ك ف ي ه م ا ل ا ت جد ف ي د ف ع ه أ ن ف ع م ن ا ل ر ج و ع إ ل ى
الك ليات ،و ج د َ
هذا الأصل .ومسألة منع التقليد هي أقل قدر ًا من هذه الأصول ./4/وقد مال
إ ل ي ه ا أ ف ر ا د م ن ا ل م ت ق د م ي ن و ا ل م ت أ خ ر ي ن ؛ ل م ي خ ر ج و ا ع ن ا ل ش ذ و ذ و م خا ل ف ة ج م ه و ر
الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم م ِن أنهم لم يعبدوهم ،ولـكنهم كانوا
يحرمون .وقد طال في هذا البحث ،وأنا أعجب من عالم يرمي جمهور
يحلوّ ن لهم و ُ
ُ
يحلوّ ن
هذه الأمة الزكية بما رمى الله به أخبث البر ية ،فإن الظاهر من كونهم ُ
ل و لم
يحرمون؛ أنهم شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله .وأما المجتهد ،فلم يح ّ
و ُ
يحرم شيئ ًا ،لـكنه عامل بما هو فرضه من العمل ،بما أدى إليه اجتهاده ،فعمله
على ذلك هو الواجب عليه قطع ًا ،وتقليده في ذلك تمسك بشرع الله ،وقطع
وآله وسلم" :من ش ّذ ،ش ّذ إلى النار" ،و"القاصية للذئب" ،و"يد الله مع الجماعة"،
و غ ي ر ذ لك ك ث ي ر .
و قد ر و ى ص اح ب الن هاية ،م ا م ع ناه :أ ن الله يك ر ه الو ح د اني ،و ف س ر ه بالمتو ح د
|167 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
ت :إنه ل ا بد م ن
ب د ي ن ه ،ا ل م ف ا ر ق ل ل جم ا ع ة ،و ه و ف ي ب ا ب ا ل و ا و م ع ا ل حا ء ،و إ ن م ا ق ل ُ
قطع الشكوك؛ إذ لا يخلو عنها باب في أي مسلك ،وأعظم مسلك يرَ د على سالك
ا ل ش ك و ك ف ي ه ه و ه ذ ا ا ل م س ل ك ؛ أ ع ن ي أ ن ك ل م س ل ك ي م ك ن إ ير ا د ا ل ش ك و ك ف ي ه ،
فنحن نورد على المنفرد عما الناس عليه شكوك ًا؛ إذا نظر فيها ،شك في مسلـكه؛
اعلم أيها الأخ النبيه الذكي التقي الزكي ،وم ِن الله استمد ،وعلى الله اعتمد ،أن
ا ل ل ه ق د ر ف ع ا ل حر ج ع ن ا ل م ك ل ف ف ي ج ز ئ ي ا ت د ي ن ه ؛ أ ع ن ي ك ل ف ر د ف ر د م ن ت ك ا ل ي ف
ا ل ش ر ي ع ة ،ف ك ي ف ل ا ي ر ف ع ع ن ه ا ل حر ج ف ي ا ل أ م ر ا ل ك ل ي ؛ ا ل ذ ي ي ن ب ن ي ع ل ي ه ج م ل ة
الأعمال في شر يعته ،والناس بين رجلين ،لا ثالث لهما ،مجتهد أو م ُقل ِّد ،فالمجتهد
) (1
دينه /5/وشر يعته ما أدى إليه نظره من هذه الأقوال المتداولة بين الأئمة ؛ ما
لم يخرق الإجماع .ولا حرج عليه في ذلك ،بل هو م ُيس ّر له ،كما لا يخفى .والمقُ ل ِّد
د ي ن ه و ش ر ي ع ت ه ق و ل أ ي ع ا ل م م ن م ج ت ه د ي ا ل أ م ة ا ل م حم د ي ة ،م ا ل م ي خ ر ق ا ل إ ج م ا ع ،ف إ ن
ت :ل ي س ف ر ض ه إ ل ا إ ت ب ا ع ا ل م جت ه د
ت :ومن أين للم ُقل ِّد معرفة ما يخرق الإجماع؟ قل ُ
قل َ
العدل ،وهو لا يخالف الإجماع ،ولـكنه إذا ع َل ِم َ المقُ ل ِّد ،بأي طر يق ،في مسألة
ب ع ي ن ه ا ؛ أ ن ق ا ئله ا ق د خ ر ق ا ل إ ج م ا ع ،و ج ب ع ل ي ه ا ج ت ن ا ب ق و له و ت ق ل ي د ه ،و ا ل ع د و ل
إلى غيره من المجتهدين ،فلا حرج ،في الجملة ،على م ُقل ِّد يسلك أي مسلك ،ما لم
يخرج به ذلك إلى إرادة التلع ّب بالدين ،والأعمال بالنيات ،والظاهر أنه لو عمل،
ف ي م س ا ئ ل ا ل ع ب ا د ا ت ،ب ك ل ق و ل ق ي ل ف ي م س أ ل ة و ا ح د ة ،ف أ خ ذ ب ه ذ ا م ر ة و ب هذ ا
أخرى ،لم يكن متباعدًا عن الصواب .مثال ذلك :أن ي ُكب ّر في الجنازة أر بع ًا أو
خمسًا ،أو لا يحد ذلك ،فيز يد عليها ،فكل ذلك بالنسبة إليه سواء ،وكأن يسجد
للسهو قبل التسليم أو بعده ،سجدتين أو واحدة ،أو يتخلل التسليم بينهما ،إلى غير
ذ ل ك م ن ج م ي ع م س ا ئ ل ا ل ع ب ا د ا ت .و أ م ا ا ل م ع ا م ل ا ت ،ف ل ي س ل ه ا ل خر و ج إ ل ى ت ق ل ي د
آخر ؛ ي َبطل به حق إنسان قد لزمه ،وسيأتي فيه بحث في توجيه تحر يم الانتقال
ب ع د ا ل ا ل ت ز ا م ،و ع ل ى ا ل ع م ل ب أ ق و ا ل ا ل م جت ه د ي ن ج ر ى ج م ه و ر ا ل م س ل م ي ن ،ب ل ك ل م ن
فوق البسيطة ،وثمة شذوذ من العلماء شككوا في ذلك ،وضي ّقوا على الناس
ا ل م س ا ل ك ،ف أ ل ز م و ه م ا ت ب ا ع ا ل د ل ي ل ،م ن ه م م ن أ ص ح ا ب ن ا ا ل م ت أ خ ر ي ن :ا ل س ي د ا ل حس ن
المسلـكين ،وهما في مضيق والسيد محمد في فساح ،وليس لهما الاشتمام من ع ُرف
تحقيقه ،فللسيد الحسن القصيدة المسماة بفيض الشعاع ،وشرحها شرح ًا م ُفيدًا،
ت إلى
ت قد م ِل ُ
لـكنه ألزم المكلف القاصر ،ما هو من تكليف المجتهد الناظر ،وكن ُ
استحسان ذلك واعتمدته ،وتأي ّد قوله بما أورده المقبلي في العلم الشامخ وسائر
و ج د ت ا ل أ م ر ي د و ر آ خ ر ه ع ل ى أ و ل ه ،و ي ع و د ا ل خا ر ج ع ن ا ل ت ق ل ي د إ ل ى ا ل د خ و ل ف ي ه ،
ينظر لنفسه في الأقوال ،في ُميز ،بنظره ،ما هو الأقرب إلى الصواب ،لا أن يجتهد.
ت :ه ذ ا ا ل ن ا ظ ر ؛ إ م ا أ ن ي ك مل ل ه ا ل ن ظ ر ،و ي س ت و ف ي م ا ي ج ب ع ل ى ا ل م ج ت ه د م ن ك ل
قل ُ
الأطراف ،في مسألة مثل ًا ،فهذا هو القول بتبعيض الاجتهاد ،وقد تكلم فيه أهل
الأصول ،وع َلم أن ذلك من طرق الاجتهاد ،وإن كان غير ذلك من الترجيح فما
ت ف ي ه ج ماع ة م ن ا ل ع ل م ا ء ؛ أ ع ن ي
ت هذا القول ظهر ًا لبطن ،وراجع ُ
ه و؟ و قد ض ر ب ُ
في مسألة اجتناب التقليد ،فلم أجد ما ي ُشفي الغليل ،ولم يظهر لي إلا أن ما قالاه
فرض المجتهد لا يخاطب به سواه ،وما ذ ُكر من وجوب اتباع الدليل وترك أقوال
الناس لا يستقيم أن ي ُكلف به المقُ ل ِّد ،وهذا ،أعني تعي ّن ذلك على المجتهد ،متفق
ع ليه بين المس ل مين .
ف إ ن ك ا ن ذ ل ك ا ل ت ش ن ي ع و ا ل ت ه و ي ل ،ف ي ا ت ب ا ع أ ق و ا ل ا ل ن ا س ،ه و ع ل ى ا ل م جت ه د ا ل ذ ي
يعمل باجتهاد غيره ،فهو ظاهر ،وإن كان خطاباً للناس ،على العموم ،فأنا إلى
الآن لم أجده إلا تحر يج ًا عظيم ًا ،وتضييق ًا في طر يق الشر يعة .وهذا مبلغ علمي،
م ع ا ل ش غ ف و ا ل م حب ة م ن ي ل س ل و ك ت ل ك ا ل ط ر ي ق ة ؛ أ ع ن ي ا ل ك ت ا ب و ا ل ُ ّ
س َن ّة ،لي ولسائر
ا ل م س ل م ي ن ،ل ـ ك ن ي و ج د ت ذ لك ك ا ل ت ك ل ي ف ب ما ل ا ي ط ا ق ،و أ ن ا ل س ل و ك ع ل ي ه م ا ه و م ا
ع ليه الناس ،ف إ ن يك ن ع ن د أح د م ن ع ل مائنا نظ ر في ات باع الك تاب و ال ُ ّ
س َن ّة؛ ي ُكلف
ل ،و م ا أح س ن م ا
به المقُ ل ِّد ،هو غير ما عليه الناس ،فليظهره لنا ،فلنا إليه أشد اله ّ
سكله قائل ذلك القول لنفسه ،بل آل النظر إلى أن الم ُطول في هذا البحث لم
ت ب ش ي ء ي ع ت م د ع ل ي ه غ ي ر م ا ع ل ي ه ا ل م س ل م و ن ،و ه و أ ن ا ل م جت ه د ي ج ب ع ل ي ه ا ل ع م ل
يأ ِ
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |170
بالك تاب و ال ُ ّ
س َن ّة ،وترك نظر غيره ،وهذا معلوم ،والمقُ ل ِّد لا معنى لخطابه بذلك.
ال ُ ّ
س َن ّة والكتاب على ذلك وتكرر فيهما ،وأشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى
أ ن ه س ب ب ه ل ا ك ا ل أ م م ا ل م ا ض ي ة ؛ أ ع ن ي ا ل ا خ ت ل ا ف ،ك ق و ل ه ص ل ى ا ل ل ه ع ل ي ه و آ له
وسلم" :إنما أهلك من قبلـكم؛ كثرة اختلافهم /7/على أنبيائهم" ،وغيره ،فينبغي
ا ل ن ظ ر ف ي ه ذ ا ا ل ا خ ت ل ا ف و م ا ا ل ق ص د ب ه .ف أ ق و ل :ا ل ا خ ت ل ا ف ه و ت خط ئ ة ب ع ض
ا ل أ م ة ل ل ب ع ض ا ل آ خ ر أ و ا ل م جت هد ل م ج ت ه د آ خ ر ،و ا ل و ف ا ق ب ي ن هم ا ه و ت س ل ي م ك ل م ن ه م ا
ل ص ا ح ب ه أ ن ه ع ل ى س ب ي ل م ن ا ل ش ر ي ع ة ق و ي م ؛ و إ ن ا خ ت ل ف ا ف ي ذ لك ،و ل ي س ا ل ا خ ت ل ا ف
ا ل م ذ م و م ه و م ا ع ل ي ه ا ل ن ا س م ن ه ذ ه ا ل م ذ ا ه ب ،و ي د ل ع ل ى ذ لك و ج و ه م ن ه ا :أ ن ه ق د
علم أن تكليف الله للمجتهدين هو عمل كل منهم بما أدى إليه اجتهاده ،وهذا أمر
يقتضي ،بالضرورة ،الاختلاف ،كما هو الواقع ،فكيف ي ُكلف الله بما نهى عنه؟
ومنها :أن الله قد صو ّب المختلفين من الصحابة ،وهو الحجة في إصابة المجتهدين ،فلو
كان الاختلاف في نفسه قبيح ًا لذاته ،لم ي ُصو به الله في البعض من جزئياته ،وقد
نهى عنه وقب ّحه؛ باعتبار حقيقته وماهيته .ومنها :حديث أبي لبابة وعمر ،وهو
م ش ه و ر ف ي ك ت ب ا ل ص ح ي ح ؛ أ ع ن ي ا خ ت ل ا ف ه م ا ف ي ق ر اء ة ح ر ف م ن ك ت ا ب ا ل ل ه ،
فانتهيا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،فصو ّب كلاً منهما في قراءته ،ونهاهما
و أ م ا أ ن ي دّ ع ى أ ن ا خ ت ل ا ف ا ل م ج ت ه د ي ن ه و ا ل ت ش ر ي ع ف ي ا ل د ي ن ب م ا ل م ي أ ذ ن ب ه ا ل ل ه ،
ومنها :أن الأمة ،من عهد الصحابة إلى الآن ،لم يزل الاختلاف بينهم شائع ًا من
غ ي ر ن ك ي ر ،ف ق د ص ح ب ذ ل ك ا ل إ ج م ا ع ا ل ف ع ل ي و ا ل ق و ل ي و ا ل س ك و ت ي ،و ل ن ت جت م ع ا ل أ م ة
على ضلالة ،فيبعد أن يكون ذلك هو المراد بالنهي عن الاختلاف ،و بالجملة،
ف ا لن ه ي ع ن ا ل ا خ ت ل ا ف أ ص ل م ن أ ص و ل ا ل ش ر ي ع ة ق ط ع ي ،و و ق و ع ا ل ا خ ت ل ا ف ف ي
أدى إليه نظر منهي ًا عن مخالفة غيره ،ولن ي ُصو ّب أمرًا نهى عنه ،ولن تجمع الأمة
ع لى م ا ه و خ لا ف الك تاب و ال ُ ّ
س َن ّة قطع ًا ،فما بقي إلا تفسير /8/الاختلاف بتخطئة
ض ا ،ك ما ي د ل ع ل ي ه ح د ي ث ع م ر ف ي ا ل ق ر ا ء ة ،ف ا ل م ن ه ي ع ن ه ف ي ه ذ ا
ب ع ض ا ل م جت ه د ي ن ب ع ً
الحديث هو إنكار كل منهما على الآخر ،وكان الصحابة يختلفون وهم يتلون
ي خط ئ أ ح د م ن ه م ا ا ل آ خ ر ،م ا ذ ا ك إ ل ا أ ن ا ل ا خ ت ل ا ف م ح م و ل ع ن د ه م
الك تاب ،و لا ُ
ع ل ى ا ل ت خ ط ئ ة للغ ي ر و إ ن ك ا ر ق و له .
نعم ،وما ذكرتم في شأن التقر يرات ،لأهل الفروع ،والخلاف في ما بينهم،
) (1
ج ماع ة ،ه و إ ش ك ا ل ص ع ب ،و ق د ف ذ لك ا ل س ؤ ا ل ف ي ا ل أ ب ي ا ت ،ا ل ت ي أ ج ا ب ع ن ها
ا ل حر ج و ت ي س ي ر أ م ر ا ل د ي ن ،و إ ح س ا ن ا ل ظ ن ب ع ل م ا ء ا ل م س ل م ي ن ،و ع د م إ ط ل ا ق ا ل ل س ا ن
بمقتهم ،فليس ذلك من دأب المخلصين ،وذلك بأن يقُ ال :هذه التقر يرات ،التي
يقُ ال هي المذهب ،الظاهر أنهم يعنون به مذهب الهادي ،وإنما اختص إسناد
اليمن ،و به تجدد هذا الانتساب ،وكان أحد مجتهديهم ،فالقصد هو تقليد واحد
من مجتهدي أهل البيت؛ بقي النظر في نسبة المذهب إليه ،وكيف العمل على
على ذلك النحو ،فما ن ُسب إليه في كتب هؤلاء واتفقوا عليه فهو أقوى مما يوُ جد
صا ،فإنهم قد نخلوا كتبه و بلوها خبُ ر ًا ،فردوا الفرع إلى أصله ،والأول إلى
له ن ً
الآخر ،والمطلق إلى المقيد ،والمجمل إلى المبين ،ور ّجحوا بين أقواله عند التعارض،
ف ل ا ي تف ق و ن ع ل ى ذ لك إ ل ا ع ن ب ص ي ر ة ،ف إ ذ ن ت ق ر ي ر ا ت م ذ ه ب ه ،ف ي ك ت ب أ ه ل
ا ل م ذ ه ب ا ل م ع ت م د ة ،ل ا ش ك ف ي ص حة ن س ب ت ه ا إ ل ي ه ،و ع م ل م ن ق لد ه ع ل ي ه ا ،و أ ع ن ي ب ذ ل ك
التقر يرات المنصوصة في الـكتب ،لا المكتوب عليه صورة الهاء والباء ،مطلق ًا،
و ي ُسمون صاحبه مجتهد مذهب ،ولهم في الأصول بحث في المجتهد المطلق ومجتهد
ل م ن اد ع ى
ا ل م ذ ه ب .و أ ك ث ر ا ل م جت ه د ي ن م ن أ ه ل ا ل م ذ ا ه ب م ق ت ص ر و ن ع ل ى ذ ل ك ،و ق ّ
فالإمامان والقاضي ز يد ونحوهم هم الذين يقُ ال فيهم مجتهد مذهب ،وإن كان
يختار لنفسه ،لـكنه يستنبط من المذهب ،وكذلك من بعدهم إلى الإمام المهدي
و ا ل ف ق ي ه ي و س ف و ا ل ف ق ي ه ح س ن و ن حو ه م ،ف م ا ق ر ر ه ه ؤ ل ا ء ،ف ل ا ش ك ف ي ص ح ة ن س ب ت ه
إلى المذهب؛ وإن كان تخر يج ًا،؛ إذ الغرض أن المخُر َج ليس إلا ما تحتمله الأدلة
والأمارات ،فما هو من أقوال الأمة المحمدي ّة ،في الجملة ،غير خارق للإجماع ،وكل
قول قد عمل عليه مجتهد في الأمة ،فلا حرج على م ُقل ِّد يعمل عليه ،ولا يكاد أن
ك ا خ ت ل ا ف ا ل م جت ه د ي ن ب ا ل ن س ب ة إ ل ى ا ل ك ت ا ب و ا ل ُ ّ
س َن ّة؛ أعني أن كلاً قد رد تلك المسألة
المذهب ،اجتهاد ًا مطلق ًا أو مقي ّدًا ،فيكون ما قرره المفتي والشامي والسحولي
) (2
ت :إن تق ر ير ات ه ؤ ل ا ء إنما ه و
والمتوكل ونحوهم موثوق ًا بكونه مذهب ًا ،فإن قل َ
ض ا ،أ ن ي ق ا ل :ه و ا خ ت ي ا ر ه م ل أ نف س ه م ؛
ت :و يص ح ،أي ً
اختيارهم /10/لأنفسهم ،قل ُ
ب ا ع ت ب ا ر ق و ا ع د ا ل م ذ ه ب ،ك ل ي ق ر ر م ا ي خت ا ر ه ،و ل ي س ا ل ت ش ن ي ع ف ي ذ ل ك إ ل ا إ س ا ء ة
ظن بالعلماء ،واعتقاد أنهم لم يتبعوا الكتاب والس ُ َن ّة ،وفي هذا من تزكية النفس
و ح م ل أ ه ل ا ل ا ج ت ه ا د و ا ل ت ح ر ي ا ل ب ا ل غ ع ل ى ا ل م جا ز ف ة و ا ل ج ه ل ب م ا ي ج ب ل ل ه و ل ر س و ل ه
من العبودية ما لا يخفى ،وكل ذلك من ضيق العطن؛ إذ الشر يعة أوسع من أن
ي حج ر ه ا أ ح د ،ع ل ى أ ن ا ل ت خ ر ي ج م ن أ ق و ا ل ا ل ع ل م ا ء و ا ق ع ل ك ل أ ح د ،ف إ ن ه ل ي س إ ل ا
المفهوم من منطوقه ،ولا شك في صحة قول من يقول هذا اللفظ؛ يفُ هم منهكذا،
يخرَ ِ ّج من أقوال
ب أ ي ط ر ي ق م ن ا ل ط ر ق ا ل م ع ر و ف ة ل ل ع ل م ا ء ،و م ن أ ن ك ر ا ل ت خ ر ي ج ،ف إ ن ه ُ
الع ل ماء م ن ح ي ث ل ا يش ع ر ،و لو باع تق اد ه أن م ف ه و م ك لا م ف ل ا ن يق ض ي بك ذ ا و ر بما
ي ُصيب أو يخطئ.
) (1في الهامش :أي الذي وقع الاختلاف في تقر يره ،منه.
) (2له.
|175 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
أما إذا كان الأمر كذلك ،فإنه يرد السؤال في قوله" :كان تقليدًا له كالأول"،
ولـكن الظاهر في هذا أن هؤلاء إنما يقُ ررون من المسائل ما لم يوُ جد منصوص
له ،ولا ذ ُكر في كتب أئمة المذهب المتقدمين ،بتنصيص على مذهبه ،في عين تلك
المسألة ،فيحكم فيه هؤلاء المتأخرون بأنه المذهب ،رد ًا له إلى أصل معلوم من
يسو ّغ لهم الحكم بكونه مذهبه؛ من حمل ذلك على المعلوم من القواعد بطرق
القياس ،على حسب ما هو معروف للم ُخرِ ّجين ،وما هذا إلا عمل على ما عليه
فقهاء المذاهب ،خل ًافا للم ُخرِ ّجين ،على أن مثل هذا المقرر في أي مسألة يجوز
للم ُقل ِّد العمل عليه تقليدًا للهادي؛ إن كان من قوله ،أو للم ٌخر َج له من مذهبه؛
إن كان مجتهدًا ،أو لأي مجتهد من الأمة قد قال به .إذ الفرض أن المقررات
من المسلمين؛ إذ المعلوم أنك تجد ذلك المقرر هو موافق ًا لمذهب الشافعي أو أبي
ت:
ت :فإذا وجدنا قول ًا لم يقل به أحد؟ قل ُ
ح ن ي ف ة أ و غ ي ر ه م ا م ن ا ل م جت ه د ي ن .ف إ ن ق ل َ
أما هذا فما أراه يكون ،وإن وقع في الشاذ النادر ،فهو من مغالط المخُرِ ّجين؛ ليس
ل ه ن س ب ة ص حي ح ة ،إ ذ ا أ م ع ن ا ل ن ا ظ ر ف ي ت ص ف ح م آ خ ذ ه ؛ ا ت ض ح ل ه ه ذ ا ،و ق د و ق ع ف ي
ك ل ا ل م ذ ا ه ب ش ذ و ذ أ ق و ا ل ي ق و ل و ن ف ي ه ا :ه ذ ا خ ر و ج ع ن ا ل إ ج م ا ع ،و د ين ا ل ل ه
ا ل جم ه و ر م ن ا ل حف ظ و ا ل و ق ا ي ة و ل ح ظ إ ل ى ه ؤ ل ا ء ب ع ي ن ا ل ع ن ا ي ة .
)(1
م ا ج رى ع ليه أه ل ض ا ،أن م ا ه و و اقع م ن أه ل م ذ ه بنا ه و
و اع لم ،أي ً
ا ل م ذ ا ه ب ا ل أ ر ب ع ة ،ف ك ل إ م ا م م ن ه م ل ه أ ئ م ة م ن أ ه ل م ذ ه ب ه ؛ د و نو ا م ذ ه ب ه ،و ح ر ر و ه
و ق ر ر و ه و ر د و ا ا ل أ و ل إ ل ى ا ل آ خ ر ،و ا ل م ط ل ق إ ل ى ا ل م ق ي د ،إ ل ى غ ي ر ذ لك ؛ م ما ي ص ن ع ه
ا ل م جت ه د ف ي ا س ت ن ب ا ط ه م ن ا ل ك ت ا ب و ا ل ُ ّ
س َن ّة ،وهذا هو مجتهد المذهب عندهم ،وقد
ض ا ،ف ي ا ل ت ق ر ي ر ا ت ل م ذ ه ب ا ل ش ا ف ع ي ؛ إ ذ ه م ي ر د و ن م ا ل م ي نص ع لي ه
ا خ ت ل ف و ا ،أ ي ً
إ ل ى ق و ل ه ؛ ب ط ر ي ق ا ل ت خ ر ي ج و ا ل ا س ت ن ب ا ط ،ك ما ر أ ي ت ف ي أ ه ل م ذ ه ب ن ا ح ذ و َ ا ل ق ذ ة
بالقذة ،وهكذا /11/الحنفية والمالـكية ،فإن الشافعية يقولون تقر ير ابن حجر كذا،
وقرر الرملي كذا ،وكثير ما يقولون :هذا قول العراقيين ،هذا قول الخراسانيېن،
لا يحصر ؛ يختلفون في ما بينهم كثير ًا ،وذلك في غير المنصوص للشافعي ،لـكنه
إ ل ي ه ذ لك ا ل س ؤ ا ل :ه ذ ا ا ل أ م ر ا ل ك ا ئ ن ف ي م ذ ه ب أ ه ل ا ل ب ي ت ن ظ ي ر م ا ع ل ي ه ف ق ه ا ء
م ن ه م ي ق ص ر و ن ا ل م ذ ه ب ع ل ى ق و ل ي حي ى ،و ي ط ر ح و ن ق و ل ز ي د و ع م ر و ،ف ك ا ن ا ل أ ن س ب
و ا ل ز ي د ي ،و ت ك و ن ا ل جم ل ة ك ش ي ء و ا ح د ،و ه ذ ا ق د ك ر ر ه ص ا ح ب ا ل جو ا ب ف ي ذ ل ك
ل غ ي ر ه ،ف حل ه ي س ي ر ،و ذ ل ك أ ن
ا ل س ؤ ا ل ،و ا ل خط ب ف ي ذ ل ك غ ي ر ع س ي ر ،و إ ذ ا ا ن ح ّ
بالحبل الموصل إلى الله ،وهذا النكير على من خالف مذهب يحيى ليس قول ًا
لجميع علماء المذهب ،بل ولا بعضهم؛ إذ لا ي ُنكره العلماء ،وإنما هو ناشئ عن
العصبية ،وهو اعتبار عامي ،وأما الخاصة ،فهم بمعزل عن الإنكار على من قلَ ّد
غير الهادي ،من أهل البيت ،وخالف قوله ،بل الهادي ،نفسه ،لا ي ُنكر على مجتهد
أخذ بقول غيره ،ولا على م ُقل ِّد قلَ ّد غيره ،فكون عقد الضمير على التمسك بولاء
أ ه ل ا ل ب ي ت و ا ل أ خ ذ ب ق و ل أ ي م جت ه د م ن ه م و ت ر ك ا ل ت ع ص ب ل أ ه ل ه ه و ا ل م ع ت م د ع ن د
ا ل ص ا د ق ي ن ،ب ل إ ذ ا ص د ق ت ا ل م و ا ل ا ة ا ل م ط ل و ب ة م ن ا ل خل ق ،ف ل ا ي ض ر م ع ه ا ت ق ل ي د م ن
ت :إذ ا
كان أهل ًا من سائر علماء المسلمين ،إنما القصد هو صدق الموالاة ،فإن قل َ
ك ا ن ا ل أ م ر ك ذ ل ك ،ف م ا ب ا ل ا ل غ ل ب ة ل غ ي ر ا ل ع ل م ا ء ا ل م حق ق ي ن ،و ه ل ا أ ظ ه ر ا ل ع ل م ا ء م ن ه م
ت :ث م ة ن ك ت ة ي ن ب غ ي الت ن ب ه
ذلك ،و بينوا استواء الطرق لمن قلَ ّد واحدًا من الأئمة؟ قل ُ
ب ع ض أ ه ل ذ ل ك ا ل م ذ ه ب أ م ر م خا ل ف ل ل ق و ا ع د ا ل م أ ن و س ة ؛ م م ا ه و ع ن د ع ل م ا ئ ه م
و م حق ق ي ه م ص ح ي ح ،و ه و ع ن د ع ا م ت ه م ،ب ل و خ ا ص ت هم ا ل ذ ي ن ي ق ص ر و ن ع ن د ر ج ة
ا ل م حق ق ي ن م ن ه م غ ي ر ص ح ي ح ،أ ن ك ر ع ل ي ه و ر م ا ه أ ه ل م ذ ه ب ه ع ن ق و س و ا ح د ة ،و ل م
ﺑﺮﻇﺎرد ﻊﻐﺿﻀ .وآرون زﻏﺴﻌ |178
يجسر أحد من علمائهم على التنبيه على صحة ذلك المخالف؛ لم ِ َا هو عندهم ،وأن له
ض ا ،ب ما ر م و ا ب ه ا ل أ و ل ،ف ي ح ت ا ج إ ل ى ا ل ت ق ي ة
وجه ًا في مذهبهم ،فإن فعل رموه ،أي ً
و م م ا ش ا ة أ ه ل م ذ ه ب ه ؛ ب م ا ت ق ب ل ه ع ق و ل ه م و ع ل و م هم ،و ه ذ ا ا ل أ م ر و ا ق ع ف ي ك ل م ذ ه ب ،
ا ل ظ ا ه ر ث ب و ت ا ل حد ي ث ب ه ؛ ب أ ن ا ل إ ب ق ا ء ع ل ى ا ل ع ر ض و ا ج ب ف ي م ث ل ب ل د ه ،و ت ر ك
الس ُ َن ّة لذلك واجب ،هذا معناه وهو صحيح ،شرع ًا وعقل ًا ،وذلك لـكون الغلبة
للعوام ،ومن يقصر عن بلوغ درجة المحققين من العلماء ،وكل مجتهد ،من أي
فرقة من الفرق ،لا بد وأن تلُجئه الحال إلى كتم شيء مما يؤدي إليه نظره؛ لبعد
الأذهان عن قبوله ،سيما من تبحر في العلوم ،وعرف ما يجهلهكثير من أهل العلم،
وذلك لجبلة النفوس على إنكار ما لا يعرف ،وكم وكم قد وقع من كثير من
ا ل م جت ه د ي ن ا ل ن ظ ر ف ي م س أ ل ة ي خ ا ل ف ف ي ه ا أ ص ح ا ب ه ،ف ي ر م و ن ه ب ا ل ا ب ت د ا ع و ا ل خ ر و ج ع ن د ا ئ ر ة
الشرع .و ينبغي للمجتهد ،إذا وقع نظره على شيء من المسائل التي لم تؤنس ،أن
يكتمه؛ وقاية ً لع ِرضه ،ولقصور الأفهام عن معرفة قصده ،لقوله صلى الله عليه
و آ له و س ل م » :خ ا ط ب و ا ا ل ن ا س ب ق د ر ع ق و ل ه م « ،ف ر ب م ا ي ل ج أ ا ل ش خ ص إ ل ى ك ت م ا ن م ذ ه ب ه
و اخ تيار ه ؛ ع د م الف ه م لمر اد ه و إس اء ة الظ ن به ،س يما إذ ا ك ان م ن المس ائل البع يد ة
عن الأذهان ،القليلة الدوران ،وقد ذكر عدة من العلماء ذلك ،وتجرموا من أهل
عصرهم ،بل من أهل مذهبهم ،فالسيوطي قد ذكر شيئ ًا من إنكار أهل مصر عليه
في اجتهاداته حتى أنه ذكر شيئ ًا لا يذكره عالم ،وهو أنه ا ُعترُ ض عليه بالتسارع إلى
|179 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
ا ل إ ن ك ا ر ا ل ذ ي ه و ب م ع ز ل ع ن أ ق و ا ل ا ل ع ل م ا ء ،و ا ل حا ص ل أ ن ا ل و ا ق ع م ن إ ن ك ا ر ع ا م ة
الناس لمن انفرد بشيء من أقواله دون ما عليه أهل محله ومذهبه مشهور مذكور
معلوم للمتقدمين بالاختبار لأهل كل عصر ،بل هو منشأ العداوات بين المسلمين،
فلو كان الشخص يترك واختياره من اجتهاد /13/أو تقليد ،لظهر كل أحد بما
أراد ،وهذا أمر واقع في جميع الأقطار ،فالشافعية ،مثل ًا ،قد استقر عند أهل
مصر العمل على تقر يرات بعض علماء الشافعية ،من المتأخر ين ،كالرملي ،مثل ًا،
وأهل اليمن؛ منهم يعتمدون تقر يرات ابن حجر ،فلو أن إنساناً عمل في مصر بما
يعمل به أهل اليمن ،لم يأمن على نفسه ،بل هم أشد غلظة وتعصب ًا وتشدد ًا في
ح ف ظ ا ل م ر ا ك ز م ن ا ل ز ي د ي ة ،و ل ن ت جد أ س ل م و أ ل ي ن و أ ب ر ّ م ن أ ه ل ا ل ي م ن ،و ل و أ ن ي
أستقصي شيئ ًا ،مما قد رأيته لبعض العلماء من التجرم من أهل مذهبه لاختياره
يخالفهم ،لذكرت أكثر من هذا ،ولعل هذا عذر المجتهدين ،الذين لا يظهر
ما ُ
الآلة؟ وكيف يقُ ل ِّد؟ قال :ولم أذكره هو ،أي شيخه البلقيني ،استحياء ً منه لما ُأر يد
ت :م ا ع ن د ي أ ن ا ل ا م ت ن ا ع م ن ذ لك إ ل ا
ت ،فقل ُ
أ ن أ ر ت ب ع ل ى ذ لك ،ف س ك ُ
ل ل و ظ ا ئ ف ا ل ت ي ق ر ر ت ل ل ف ق ه ا ء ع ل ى ا ل م ذ ا ه ب ا ل أ ر ب ع ة ،و أ ن م ن خ ر ج ع ن ذ لك
ووافقني على ذلك ،انتهى .و ببعض هذا يسوغ للمجتهد التقية ،وهو مع ذلك عامل
ف ي ه ذ ه ا ل م س أ ل ة ب ا ج ت ه ا د ه ،و ع م ل ه ك ل ه ف ي م ا ب ي ن ه و ب ي ن ا ل ل ه ؛ ب ما ه و م ف ر و ض ع ل ي ه م ن
الاجتهاد ،وليس من شرط المجتهد أن ي ُظهر اجتهاده للناس و ي ُبېن اختياره لنفسه
في عين كل مسألة ،وما ذ ُكر من غلبة العوام فر بما يضطر أمامهم المتبوع أن يكون
لهم تابع ًا في شيء ي ُنكرون خلافه ،كما فعل محمد بن عبد الله في التكبير أر بع ًا في
ص ل ا ة ا ل جن ا ز ة ؛ ع ل ى م ا ق ا ل ه أ ص ح ا ب ن ا أ ن ه ل خش ي ة ا ن ف ض ا ض ا ل ن ا س ع ن ه ،و أ ن ه ي س و غ
للمجتهد ترك اجتهاده للعذر ،وقد حكى المسعودي من غلبة العوام على أهل
ا ل ع ق و ل و ا ل ـ ك ما ل غ ر ا ئ ب .
إذا عرفت ذلك ،فتلك التقر يرات ،الواقعة في المذاهب ،لا حرج على المقُ ل ِّد
في العمل بأيها شاء؛ إذ ليس منها خارق ًا للإجماع ،فباعتبار هذه الجملة؛ يصح
للم ُقل ِّد العمل بها ،وتقليد قائلها المقُ رِر لها؛ إذ الفرض أنه مجتهد؛ سواء إن كانت
م ن ت ر ج ي ح ه ل ن ف س ه أ و م ما خ ر ج ه ل إ م ا م ه ،و ف ي ذ لك م ا و ق ع م ن ا ل إ ش ك ا ل ف ي ع د
المخُرِ ّج مذهب ًا للم ُخر َج من قوله /14/،وقد تردد فيه بعض أهل الأصول؛ إذ
ك ل ا م ا ل م خل و ق غ ي ر م ح ر و س ع ن أ ف ه ا م م ا ل ا ي ر ي د ه ا ل م ت ك ل م ،و غ ي ر ذ ل ك م ن ا ل ش ك و ك ،
و َق َبله بعضهم؛ بناء ً على أنه قد صار المذهب ،لذلك المجتهد ،كالأصل من الكتاب
و ال ُ ّ
س َن ّة؛ يصنع فيه ما يصنع فيها ،وهذا ،وإن كان في الجزم به وقفة ،لـكنه لا
|181 ا"ِﺊﻈﻐﺋ ا"ﻔﺼﻋﻐﺋ "5ﺜﻊﺈ ا"ﺞﻏﺛﻏﺋ
عليها طوائف ،فإذ ًا لا يكون الإشكال هنا إلا في كون ذلك المخُ َر ّج مذهب ًا لفلان،
لا في العمل عليه للم ُقل ِّد ،فلا إشكال ،وهذه الكلمات ترد عليها إشكالات
)(1
إ ل ا ب ا ل ر ج و ع إ ل ى ذ لك ا ل أ ص ل ،و ه و ع ا د ة و ت ش ك ي ك ا ت ل ا ي م ك ن ت م ش ي ت ها م ع ه ا
العلماء المقرر ين للمذاهب في جميع أقطار الأرض ،في مذهب الشافعي وأبي حنيفة
al-masar.org