You are on page 1of 51

‫المحاضرة األولى‪ :‬مفهوم المنهجية‬

‫يقصد بمفيوم المنيجية‪ ،‬الطريقة أو الكيفية المتبعة في ممارسة نشاط ما‪ ،‬سواء كان ىذا‬
‫النشاط ماديا أي عمل يدوي أو نشاطا معنويا أي عمال فكريا‪.‬‬

‫نتناول في ىذا المبحث بداية تعريف المنيجية من الناحية المغوية في مطمب أول وفي‬
‫المطمب الثاني نعرف المنيجية من الناحية االصطالحية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف اللغوي للمنهجية‪.‬‬

‫لفظ المنيجية‪ :‬مصدر مؤنث لفعل‪ ،‬نيج‪ ،‬ينيج‪ ،‬نيجا ومنياجا‪ ،‬وىي لفظة مبتدعة‬
‫أصميا النيج أو المنياج‪ ،‬ومنيا قولو تعالى‪" :‬ولكل جعمنا منكم شرعة ومنياجا" سورة المائدة‬
‫اآلية ‪ .48‬وفي ىذا المعنى اتفق المفسرون عمى شرح المفظة بالطريق الواضح البين الذي‬
‫يسير ويمشي عميو الناس‪.‬‬

‫فالمنيجية لغة تعني‪ :‬الكيفية أو السبيل أو الطريقة المتبعة في تعميم شيء معين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف االصطالحي للمنهجية‪.‬‬

‫تعرف المنيجية بأنيا الطريقة أو الصيغة أو األسموب المتبع في ترتيب األفكار‬


‫وعقمنة الفرضيات واخضاعيا لالمتحان والتحميل‪ ،‬بما يضمن التوصل إلى نتائج معرفية‬
‫جديدة‪ ،‬أو ىي الطريق األقصر واألسمم لموصول إلى اليدف المنشود‪.‬‬

‫كما يقصد بالمنيجية كطريقة عممية في البحث العممي‪ :‬الطريقة أو الكيفية العقالنية‬
‫المتبعة لتقصي الحقائق وادراك المعارف‪ ،‬فيي إذن الصيغة أو األسموب المتبع في ترتيب‬
‫األفكار‪ ،‬وعقمنة الفرضيات واخضاعيا لالمتحان والتحميل بما يضمن التوصل إلى نتائج‬
‫معرفية جديدة‪.‬‬
‫لممنيجية تعاريف كثيرة متداولة بين الكتاب نورد منيا‪:‬‬

‫‪ -1‬إنيا فن التنظيم الصحيح لؤلفكار‪ ،‬إما من أجل الكشف عن الحقيقة حين نكون بيا‬
‫جاىمين‪ ،‬واما من أجل البرىنة عمييا وتمقينيا لآلخرين حين نكون بيا عالمين‪.‬‬

‫‪ -2‬إنيا الطريقة المؤدية إلى الكشف عن الحقيقة في العموم بواسطة طائفة من القواعد‬
‫العامة التي تييمن عمى سير العقل وتحدد عممياتو حتى يصل إلى نتيجة معمومة‪ ،‬أو باتباع‬
‫مجموعة من القواعد التي تضبط سير العقل وتحدد المراحل التي يمر بيا حتى يصل إلى‬
‫النتيجة‪.‬‬

‫يقول كونياك‪" :‬إن المنيج ىو منظار فمكي‪ ،‬يبرز ما كان يفمت من العين المجردة"‪.‬‬

‫‪ -3‬أما األستاذ "توماس كون" فإنو باإلضافة إلى تعريفو لممنيجية بأنيا الطريقة العقالنية‬
‫المنضبطة لتمقي المعارف" فقد شرح مراحل بمورتيا في مؤلفو حول "ىيكمة الثورات العممية"‬
‫الذي ألفو سنة ‪ ،1967‬وىو يقول في ىذا المضمار بأن كل ثورة عممية تستند عمى منيج‬
‫عممي ناجع ودقيق‪ ،‬ونجاعة ىذا المنيج تكمن في استكمالو الدورة العممية وتوصمو إلى إثراء‬
‫الحقل المعرفي بقدرات ومكتسبات عممية جديدة‪ ،‬والدورة العممية حسب كون تشمل عمى عدة‬
‫محطات عممية فيي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬محطة االفتراض‪:‬‬

‫خالل ىذه المرحمة تتبمور االفتراضات األولى وتشكل انطالق البحث العممي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمييا مرحمة المالحظة والتأمل‪:‬‬

‫وىي المرحمة التي تدخل فييا االفتراضات الساحة العممية وتحتك بالظواىر الواقعية‪.‬‬
‫ويكتفي الباحث خالل ىذه المرحمة بالمالحظة ورصد ما يحدث من تغيرات وتطورات‬
‫لمعطياتو األولى‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تم تمييا مرحمة التحقيق‪:‬‬

‫وىي المرحمة التي تختم الدورة العممية وتقر نتائجيا بعد أن تتأكد من عموميتيا‬
‫وموضوعيتيا‪ ،‬وباكتمال الدورة العممية‪ ،‬تنتيي ىيكمة االكتشاف العممي‪ ،‬ويستقر المنظور‬
‫العممي ‪ Le paradigme‬الجديد‪.‬‬

‫يمكن القول إذن بأن المنيجية العممية ىي أقرب وأوضح وأصوب طريق لموصول إلى‬
‫العمم والمعرفة‪.‬‬

‫فيي أقرب طريق ألنيا تمكننا من االختزال وااليجاز وتجعمنا نتفادى الحشو واالطالة وتدفعنا‬
‫إلى تبني الدقة في التحميل‪.‬‬

‫وىي أوضح طريق ألنيا تممي عمينا تفادي الغموض والتعقيد والحرص عمى التسييل‬
‫والتبسيط‪ ،‬فبقدر ما يبسط الباحث فرضياتو واستنتاجاتو‪ ،‬وبقدر ما يقدم لنا شروحا مستوفية‬
‫وبسيطة‪ ،‬بقدر ما يسيل عمينا فيميا واستيعابيا‪ ،‬وبقدر ما يعقد الباحث في تحميالتو ويركبيا‬
‫بقدر ما ينفر الطالب عن عممو ويبعده عن االدراك‪.‬‬

‫وىي أخي ار أصوب طريق ألنيا تزودنا بمعارف منقحة ونتائج عممية محققة أخضعيا لمفحص‬
‫والتحقيق وتأكد من صحة محتواىا‪.‬‬

‫‪ -4‬يعرف البعض المنيجية بأنيا‪" :‬الطريقة التي يتبعيا العقل في معالجة أو دراسة موضوع‬
‫أو مسألة ما من أجل التوصل إلى نتائج معينة‪ ،‬عممية( الكشف عن الحقيقة)‪ ،‬مقصودة(‬
‫البرىنة عمييا إلقناع الغير)‪.‬‬

‫‪ -5‬وتعني أيضا تعميم االنسان كيفية استخدام ممكاتو الفكرية وقدراتو العقمية أحسن استخدام‬
‫لموصول إلى نتيجة معينة بأقل جيد وأقصر طريق ممكنة‪.‬‬
‫المحاضرة الثانية‪ :‬مفيوم البحث العممي ومميزاتو‬

‫يتم التطرق في ىذه المحاضرة إلى تحميل عبارة البحث العممي‬


‫والتعاريف المختمفة لو تم مميزات البحث العممي وعالقة العمم ببعض‬
‫المصطمحات‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفيوم البحث العممي‪.‬‬

‫يفيم معنى البحث العممي من تحميل ىذه العبارة تم من تعاريف‬


‫الكتاب العديدة لو‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تحميل عبارة البحث العممي‪.‬‬

‫إذا حاولنا تحميل عبارة "البحث العممي"‪ ،‬فإننا نجد أنيا تتكون من‬
‫كممتين‪:‬‬

‫‪ -1‬كممة "البحث"‪ :‬وىي مصدر لفعل بحث‪ ،‬ومعناه‪ :‬طمب وفتش‪،‬‬


‫تقصى‪ ،‬تحرى‪ .‬أي تعني الطمب والتفتيش وتقصي أمر من األمور‪.‬‬

‫‪ -2‬كممة "العممي"‪ :‬فيي تنسب إلى العمم‪ ،‬وىي تعني المعرفة والدراية‬
‫وادراك الحقائق واالحاطة واإللمام بيا‪.‬‬
‫و عميو فإن البحث العممي يعني التقصي المنظم باتباع أساليب ومناىج‬
‫عممية محددة لموصول إلى الحقائق العممية بقصد التأكد من صحتيا أو‬
‫تعديميا أو إضافة الجديد ليا أي تطويرىا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التعاريف المختمفة لمبحث العممي‪.‬‬

‫توجد عدة تعاريف لمبحث العممي منيا‪:‬‬

‫أوال‪ :‬البحث العممي‪ :‬ىو" نشاط منظم‪ ،‬وطريقة في التفكير‪ ،‬وأسموب لمنظر‬
‫في الوقائع‪ ،‬يسعى إلى كشف الحقائق‪ ،‬ثم استخالص المبادئ العامة‬
‫والقوانين العامة أو القواعد التفسيرية"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬البحث العممي‪ :‬ىو " عرض مفصل أو دراسة متعمقة‪ ،‬تمثل كشفا‬
‫لحقيقة جديدة أو التأكيد عمى حقيقة قديمة مبحوثة‪ ،‬أو إضافة شيء جديد‬
‫ليا‪ ،‬أو حل لمشكمة كان قد تعيد شخص بتقصييا وكشفيا وحميا"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬البحث العممي‪ :‬ىو " استقصاء دقيق‪ ،‬ييدف إلى كشف حقائق‬
‫وقواعد عامة‪ ،‬يمكن التحقق منيا مستقبال"‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مميزات البحث العممي وعالقة العمم ببعض المصطمحات‪.‬‬

‫يمكن استخالص المميزات األساسية لمبحث العممي من التعاريف‬


‫السابقة وىذا ما سنتطرق إليو في الفرع األول وفي الفرع الثاني من ىذا‬
‫المطمب نقف عمى عالقة العمم ببعض المصطمحات القريبة منو أو‬
‫الشبيية لو‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مميزات البحث العممي‪.‬‬

‫يتميز البحث العممي في أسموبو عن غيره من األساليب الفكرية‬


‫األخرى بالمميزات التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الموضوعية‪ :‬وىي التجرد من جميع األىواء والنزوات الذاتية‪ ،‬ودراسة‬


‫الموضوع بطريقة حيادية‪ ،‬تضمن لنا الوصول إلى نتائج معرفية وقيم‬
‫عممية خالصة‪.‬‬

‫تستوجب الموضوعية سمسمة من التحريات والقيم المعرفية من حياد‬


‫ودقة وتمحيص وصرامة ونزاىة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المنيجية‪ :‬إن االنسان غير المنظم وغير الخاضع لقواعد عقالنية‬
‫صارمة‪ ،‬لو فكر فوضوي وعشوائي‪ ،‬ال يضمن التوصل إلى نتائج معرفية‬
‫دقيقة ومظبوطة‪.‬‬

‫لقد اقترن العمم‪ -‬في عصرنا ىذا‪ -‬بالمنيجية إلى درجة أصبح فييا‪،‬‬
‫من الصعب التمييز بين المنيجية والعمم‪ ،‬حتى كاد أن يفقد أي من‬
‫المصطمحين معناه بمعزل عن اآلخر‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬السببية(أو العمية)‪ :‬وتعني البحث في تفسير الظواىر لموقوف عند‬
‫سبب وجودىا‪ ،‬والكشف عن العالقة التي تربط بين السبب(العمة) والنتيجة‪.‬‬

‫فالعقمية العممية تبحث في جوىر الشيء لتكشف عن أصمو وحقيقتو‪،‬‬


‫وذلك لرصد األحداث والتنبؤ بالوقائع عن طريق استعمال قواعد المعرفة‬
‫المستنبطة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عالقة العمم ببعض المصطمحات األخرى‪.‬‬

‫ندرس في ىذا الفرع عالقة العمم بكل من المعرفة‪ ،‬الثقافة‪ ،‬الفن‬


‫والتكنولوجيا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬العمم والمعرفة‪.‬‬

‫العمم في المغة ىو مصدر الفعل عمم‪ ،‬وجمعو عموم‪ ،‬وىو "إدراك‬


‫الشيء بحقيقتو"‪ .‬والعمم عبارة عن مفاىيم وقوانين متسمسمة ومترابطة مع‬
‫بعضيا وتنشأ ىذه المفاىيم من التجارب أو المالحظات‪ ،‬ويمكن تعريف‬
‫العمم أنو معرفة منظمة تأتي من البحث والتفكير‪ ،‬وىو نشاط يسعى بو‬
‫االنسان إلى تطوير قدراتو في السيطرة عمى الطبيعة‪ ،‬أما أىداف العمم‬
‫فيي وصف الظواىر المختمفة عن طريق المالحظة واستخدام أدوات‬
‫العمم‪ ،‬وتفسير الظواىر ومعرفة أسبابيا ودراسة التغيرات التي تؤدي إلى‬
‫حدوث الظاىرة التي تمت دراستيا ووصفيا‪ ،‬والتنبؤ بحدوث الظواىر في‬
‫المستقبل باالستعانة بنتائج سابقة عنيا‪ ،‬والتحكم في العوامل التي تؤدي‬
‫إلى حدوثيا بما يكون في صالح االنسان‪.‬‬

‫ولمعمم خصائص كثيرة منيا‪:‬‬

‫‪ -‬العمم في تطور مستمر‪ :‬فالعمم يتطور ويجدد نفسو باستمرار‪.‬‬

‫‪ -‬لمعمم أدوات خاصة بو‪ :‬فممحصول عمى درجة ح اررة الماء بدقة يجب‬
‫توفر مقياس ح اررة دقيق‪.‬‬

‫‪ -‬العمم عالمي‪ :‬بمجرد أن يتم استنتاج أو التوصل إلى معمومة حقيقية‬


‫فيي تصبح ممك لمجميع‪.‬‬

‫‪ -‬العمم شامل ويمكن تعميمو‪ :‬من أمثمتو أبحاث العالم مندل حول الوراثة‪،‬‬
‫ومثل قاعدة أرخميدس في طفو األجسام‪.‬‬

‫‪ -‬العمم تراكمي وقابل لمتعديل‪ :‬ال يبدأ من الصفر وانما يستفاد من تجارب‬
‫ودراسات سابقة‪.‬‬

‫‪ -‬العمم يتأثر بالمجتمع ويؤثر فيو‪ :‬يرتبط العمم بالمجتمع ارتباطا قويا‪،‬‬
‫وذلك ألن العمم يطور المجتمع‪ ،‬كما أنو يتطور ويتغير تبعا لمظروف‬
‫المحيطة التي تسود المجتمع‪.‬‬
‫المعرفة‪ :‬لغة‪ :‬ىي مصدر الفعل عرف‪ ،‬وىي حصيمة التعمم عبر‬
‫العصور‪.‬‬

‫وتعني المعرفة العمم بالشيء‪ ،‬وتتميز بأنيا أشمل من العمم حيث‬


‫تشمل عمى مختمف العموم والمجاالت والمعمومات التي توصل إلييا األفراد‬
‫عمى مر التاريخ‪ ،‬وىناك اختالف بين المعرفة العممية والمعرفة العادية‪،‬‬
‫فالمعرفة العادية ىي العمم نفسو‪ ،‬أما المعرفة العممية فيي التي تصل إلى‬
‫درجة أعمى من المصداقية وتكون قائمة عمى األدلة والبراىين‪.‬‬

‫كما يمكن تعريف المعرفة العممية بأنيا حصيمة اآلراء والتصورات‬


‫والحقائق والمعتقدات التي يكونيا الفرد من تكرار محاولتو لفيم ما يحدث‬
‫حولو من ظواىر‪ ،‬وىي تشتمل عمى كل ما يحيط بالفرد ويتعمق بو‪،‬‬
‫وتكمن أىميو المعرفة في أنيا تساعد الفرد أن يفيم األمور التي تواجيو‬
‫وتحول دون الوصول إلى ما يطمح إليو‪ ،‬كما تمنحو القدرة عمى اتخاذ‬
‫االجراءات والق اررات المناسبة ويستطيع من خالل معرفتو أن يدرك أخطاءه‬
‫ويصححيا‪.‬‬

‫تصنيف المعرفة‪ :‬تصنف المعرفة إلى ثالثة أنواع وىي‪:‬‬

‫‪ -1‬المعرفة التأممية‪ :‬إذ يجب أن يكون الفرد ناضجا من الناحية الفكرية‬


‫بشكل كاف يمكنو من دراسة الظواىر الحاصمة من حولو بعمق‪ ،‬وذلك‬
‫كي يستطيع أن يمم بدراسة معظم الحقائق واألدلة التي يحتاجيا‪ ،‬وتعتمد‬
‫ىذه المعرفة عمى الفمسفة بشكل كبير‪.‬‬

‫‪ -2‬المعرفة الحسية‪ :‬وىي المعرفة التي يحصل عمييا الفرد من خالل‬


‫الحواس‪ ،‬مثل االستماع أو الممس أو المشاىدة‪.‬‬

‫‪ -3‬المعرفة العممية‪ :‬وتعتمد عمى التجريب وىي قائمة المالحظة لمظواىر‬


‫الحاصمة‪ ،‬كما أنيا تعتمد عمى الفرضيات العممية الموضوعة بشكل مالئم‬
‫لمظواىر‪ ،‬كما يتم التأكد من ىذه الفرضيات عن طريق التجريب‪ ،‬تم جمع‬
‫البيانات التي يتم الحصول عمييا وتحميميا‪.‬‬

‫الفروق االصطالحية بين العمم والمعرفة‪:‬‬

‫*المعرفة أوسع وأشمل من العمم إذ تشتمل عمى معارف عممية وغير‬


‫عممية‪ ،‬فكل معرفة عمم وليس كل عمم معرفة‪.‬‬

‫*المعرفة نقيض االنكار والجحود‪ ،‬أما العمم فيو نقيض الجيل واليوى‪.‬‬

‫* ترتبط المعرفة بذات الشيء أما العمم يرتبط بصفاتو‪ ،‬ومن األمثمة عمى‬
‫ذلك عندما يقول شخص آلخر‪ ،‬لقد عرفت أباك وعممتو رجال صالحا‪.‬‬

‫يشبو بالتصور‪ ،‬أما العمم‬


‫*المعرفة ترتبط بحضور صورة الشيء‪ ،‬أي ّ‬
‫يشبو بالتصديق‪.‬‬
‫فيرتبط باألحوال والصفات ونسبتيا إلى الشيء أي ّ‬
‫* تسمى المعمومات المتراكمة معرفة سواء كانت فكرية أم تجريبية‪ ،‬أما إذا‬
‫تم تنسيقيا وترتيبيا فتسمى عمما‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العمم والثقافة‪.‬‬

‫الثقافة‪ :‬لغة الحذق‪ ،‬وىو سرعة الفيم مع الحفظ‪ ،‬فنقول إنسان حادق أي‬
‫مثقف وسريع الحفظ والفيم‪ ،‬وكثيرىما‪ ،‬وتطمق أيضا بمعنى التيذيب وتقويم‬
‫المعوج‪ ،‬وىي في االصطالح المعرفة التي تؤخذ عن طريق االخبار والتمقي‬
‫واالستنباط‪ ،‬فكل ىذه العوامل تحقق المعرفة‪ ،‬وىي نتائج جيود فردية‬
‫وجماعية تعممية في ذات الوقت‪.‬‬

‫أما العمم‪ ،‬فيو المعرفة التي تقوم عمى أسس وقواعد صحيحة‪ ،‬وىناك‬
‫عموم وخصوص بينيما‪ ،‬فالعمم أوسع وأشمل من الثقافة‪ ،‬فكل عمم ثقافة‬
‫وليس كل ثقافة عمما‪.‬‬

‫الفرق بين الثقافة والعمم‪.‬‬

‫من الفروق بين الثقافة والعمم نذكر‪:‬‬

‫* الشمول والعالمية‪ :‬العمم عالمي‪ ،‬فقواعد العمم وأسس العموم عالمية‪،‬‬


‫وتشترك فييا معظم األمم والشعوب بينما نجد أن الثقافات تختمف‪ ،‬فمكل‬
‫أمة ثقافتيا الخاصة بيا تبعا ليويتيا‪ ،‬ومصادر تمقي الثقافة فييا‪.‬‬
‫* االنتشار والتبادل‪ :‬يمكن تبادل العمم بين األمم والشعوب‪ ،‬أما الثقافة‬
‫فيي مقيدة بموافقة الدول والكيانات‪ ،‬فيناك أمم ال تسمح بدخول ثقافات‬
‫وافدة من غيرىا‪ ،‬لتعمق أمنيا القومي ووجودىا وشخصيتيا بذلك‪.‬‬

‫* البصمة واألثر‪ :‬تترك الثقافة بصماتيا الخاصة عمى األمم‪ ،‬فكل أمة‬
‫تنطبع بطابع ثقافتيا الخاص‪ ،‬في حين أن األمر بخالف ذلك فيما يتعمق‬
‫بالعمم‪.‬‬

‫* طريقة االكتساب والوصول‪ :‬يمكن التوصل إلى الثقافة واكتسابيا من‬


‫خالل البحث واالستكشاف‪ ،‬واألخبار والجيود العقمية المختمفة‪ ،‬أما العمم‬
‫فمن خالل التجارب العممية‪ ،‬الخاضعة لمبحث الدقيق والدراسة العميقة‪.‬‬

‫* الجوانب‪ :‬الثقافة ترتكز عمى الجانب السموكي واألخالقي‪ ،‬وغرس القيم‬


‫بين الناس‪ ،‬أما العمم فيو يقود إلى إنتاج األجيزة والمعدات وتصنيع‬
‫األدوية‪.‬‬

‫* الطابع الغالب‪ :‬الثقافة يغمب عمييا طابع العموم واالستغراق‪ ،‬أما العمم‬
‫فيغمب عميو جانب التخصصية والمنيجية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العمم والفن‪.‬‬


‫إن الفن ىو شكل نوعي من أشكال الوعي االجتماعي والنشاط‬
‫اإلنساني‪ ،‬يعكس الواقع في صورة فنية رائعة‪ ،‬وىو من أىم وسائل‬
‫االستيعاب والتصور الجمالي لمعالم‪.‬‬

‫من تعاريفو الفمسفية أنو العمل الذي يتميز بالصنعة والميارة‪،‬‬


‫وسيمتو الوجدان والحدس‪.‬‬

‫ومن تعاريف الفن أيضا ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬إنو نشاط إنساني خاص‪ ،‬ينبني ويدل عمى قدرات وممكات إحساسية‬
‫تأممية‪ ،‬أخالقية‪ ،‬ذىنية خارقة ومبدعة‪.‬‬

‫‪ -2‬يعني الميارة االنسانية والقدرة عمى االبتكار واالبداع والمبادرة‪.‬‬

‫أما العمم فيو‪ :‬االعتقاد الجازم المطابق لمواقع وىو يمثل اليقين والحكم‬
‫الجازم غير القابل لمتشكيك‪.‬‬

‫وسيمتو الممكة أو العقل يستطيع من خالليا إدراك األحكام الجزئية‪.‬‬

‫فوارق بين العمم والفن‪:‬‬

‫توجد فروق بين العمم والفن‪:‬‬


‫* من حيث األداة‪ :‬فالعمم أداتو الممكة أو العقل(وىو واحد لدى جميع‬
‫البشر وموضع اتفاق في النتائج التي يتوصل إلييا)‪ .‬في حين وسيمة الفن‬
‫الوجدان(وىو متعدد ومتغبر بتعدد وتغير المستعمل)‪.‬‬

‫* من حيث الغايات‪ :‬غاية العمم المنفعة والمعرفة والتعميم‪.‬‬

‫أما غاية الفن فيي البحث عن الجمال‪.‬‬

‫* من حيث معيار الصدق‪ :‬العمم قابل لمقياس ومن تم خاضع لمتطبيق‬


‫العممي المباشر‪.‬‬

‫الفن قريب من االستنارة وايقاظ البصيرة وبالتالي غير قابل لمقياس‪.‬‬

‫* من حيث الشمول‪ :‬العمم اعتقاد جازم مطابق لمواقع يقابمو الجيل‬


‫والتشكيك فيو إذا ثابت وشمولي‪.‬‬

‫أما الفن فيو ومضات رؤية خاطفة سرعان ما تنطفئ‪ ،‬إذا فيو أقل‬

‫رابعا‪ :‬العمم والتكنولوجيا‪.‬‬

‫التكنولوجيا كممة من أصل يوناني‪ ،‬وتعني دراسة الميارة أو دراسة‬


‫الحرفة أو الفن‪ ،‬بمعنى آخر فإن التكنولوجيا تعرف عمى أنيا عمم التطبيق‬
‫أو األداء‪ ،‬وىناك العديد من التعريفات التي تشرح المعنى العممي العممي‬
‫لمتكنولوجيا منيا‪:‬‬
‫‪ -1‬إن التكنولوجيا عبارة عن عممية شاممة‪ ،‬تطبق المعارف والعموم بشكل‬
‫دقيق ومنتظم في عدة ميادين‪ ،‬بيدف تحقيق الفائدة لممجتمع‪.‬‬

‫‪ -2‬تعرف أيضا عمى أنيا عممية االستخدام األمثل لمعموم والمعرفة وجميع‬
‫التطبيقات المتعمقة بيا‪ ،‬وتطويع ىذه العموم والمعارف في سبيل خدمة‬
‫االنسان‪ ،‬وكل ما يتعمق برفاىيتو‪.‬‬

‫وأيضا يشمل تعريف التكنولوجيا ثالث معان أخرى ىي‪:‬‬

‫* تعرف كعمميات(‪ ،)processes‬وتعني ىنا تطبيق منظم لممعرفة‪.‬‬

‫* تعرف كناتج(‪ ،)products‬أي األجيزة واألدوات وجميع المواد الناتجة‬


‫عن تطبيق جميع المعارف العممية‪.‬‬

‫* تعرف كعممية وناتج في الوقت ذاتو‪ ،‬كجميع العمميات ونواتجيا‪ ،‬عمى‬


‫سبيل المثال تقنيات الحاسوب التعميمي والمواضيع التي يحتوييا ويقدميا‬
‫في مجموعة من البرامج العممية اليادفة والمنظمة‪.‬‬

‫العالقة بين العمم والتكنولوجيا‪:‬‬

‫يعرف العمم عمى أنو المعرفة‪ ،‬والتكنولوجيا ىي وسيمة التطبيق ليذه‬


‫ّ‬
‫المعرفة‪ ،‬من ىنا يتبن لنا مدى العالقة التفاعمية بين التكنولوجيا والعمم‪،‬‬
‫فالعمم يمتقي مع التكنولوجيا في جميع التطبيقات االجتماعية‪ ،‬التي تسيم‬
‫في حل جميع المشاكل الناجمة عن التكنولوجيا في المجتمع‪ ،‬والتكنولوجيا‬
‫ال تتطور إال بتطور العموم‪.‬‬

‫لقد ساد سابقا أن العمم ىو المعرفة العممية التي توصل ليا االنسان‪،‬‬
‫بينما التكنولوجيا تعني التطبيقات العممية لتمك العموم والمعارف المنظمة‬
‫التي توصل ليا االنسان‪.‬‬
‫المحاضرة الثالثة‪ :‬أساس العلم وأهدافه‬

‫يتعمق موضوع ىذه المحاضرة بفكرتين رئيسيتين ىما أساس العمم‬


‫وأىدافو إذ يتم التطرق ليما في مطمبين كاالتي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أساس العلم‬

‫إن السؤال الذي يطرح نفسو بإلحاح حينما نود البحث في أساس‬
‫العمم ىو ىل العمم أساسو الفضول االنساني أم أساسو الحاجة؟‬

‫وقبل االجابة عمى ىذا السؤال‪ ،‬البد من التذكير بتعريف العمم"‬


‫بأنو مجموعة من المبادئ والقواعد التي تشرح بعض الظواىر والعالقات‬
‫القائمة بينيا‪ ،‬ومن تم نقول أنو‪ ،‬إذا كان الكون تنظمو قوانين‪ ،‬فإن معرفة‬
‫أي من ىذه القوانين ال يمكن إال بمعرفة أسبابو ومسبباتو ونتائجو‪.‬‬

‫فإذا عرفنا قوانين الوراثة مثال‪ ،‬صار بإمكاننا معرفة ما سيحدث إذا‬
‫ما توفرت شروط معينة إلخ‪ .‬وبالتالي فإن ربط األسباب بالمسببات‪ ،‬ىو‬
‫الذي يمكننا من فيم النواميس التي تنظم ىذا العالم الخارجي‪ ،‬الذي يعرفو‬
‫عامة الناس عن طريق الحواس‪.‬‬
‫إن األنظمة التي يخضع ليا العالم الخارجي(سواء سميناىا قوانين أو‬
‫فروض أو نظريات أو سنن)‪ ،‬ىي مجموعة المعارف االنسانية التي‬
‫تشمميا العموم المختمفة‪.‬‬

‫أما االجابة عمى السؤال المطروح‪ ،‬نقول بأن المفكرين اختمفوا بشأن‬
‫أساس العمم فمنيم من يرى أن النشاط العممي‪ ،‬يجب أن يستيدف الحقيقة‬
‫بدافع المعرفة‪ ،‬أي أن العمم وليد الفضول‪ ،‬في حين يرى فريق آخر بأن‬
‫العمل متقدم وسابق عمى العمم وباعث عميو‪ ،‬أي أن العمم وليد الحاجة‬
‫وىو ما سنتناولو في الفرعين التاليين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الفضول أساس العلم(العلم وليد الفضول)‪.‬‬

‫يعتبر العمم وليد الفضول أو المذة‪ ،‬لمكشف عن أسرار الطبيعة‬


‫وألغازىا‪ ،‬ومن المعروف أن الوسائل واألدوات التي يستعين بيا االنسان‬
‫في العصور القديمة من أجل االستفادة من الطبيعة وضمان حاجتو‬
‫البيولوجية‪ ،‬بل وتحسينيا لم يكن يعتمد عمى النظريات العممية‪ ،‬وبعيدا كل‬
‫البعد عن العمم‪ ،‬وذلك باعتبار أن الذين قاموا بصناعتيا أو اختراعيا لم‬
‫يمونوا قد درسوا نظريات عممية معينة‪ ،‬وانما كانوا صناعا ميرة‪ ،‬توارثوا‬
‫الخبرة أبا عن جد‪ ،‬مضافا إلييا تجاربيم الخاصة(كصناعة الخزف والنسيج‬
‫والسفن واألسمحة‪ ...‬إلخ)‪.‬‬
‫إن أنصار ىذا الرأي يعتمدون عمى حجج وأدلة أىميا‪:‬‬

‫أ‪ -‬حب االستطالع‪ :‬وىي صفة طبيعية وغريزية في االنسان تدفعو دائما‬
‫إلى إزالة الستار عن أسرار الطبيعة وألغازىا‪ ،‬وذلك إلشباع فضولو‪.‬‬

‫ب‪ -‬ينشأ العمم ويتطور عن طريق المذة العقمية(الفكرية) وىو ما عرف‬


‫عند فالسفة اليونان‪.‬‬

‫ج‪ -‬يمجأ العالم أو الباحث المختص بعد اكتشاف القوانين العممية‪ ،‬إلى‬
‫توظيفيا الختراع أشياء جديدة‪ ،‬إلشباع حاجياتو ورغباتو‪ ،‬ومثاليا‪،‬‬
‫الميندس الذي ينتفع بالقوانين الفزيائية والكيمائية والرياضيات إنشاء آالت‬
‫وأجيزة إلشباع حاجاتو‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العلم أساسه الحاجة(العلم وليد الحاجة)‪.‬‬

‫يرى أنصار ىذا الرأي أن العمم أساسو الحاجة وذلك الن التاريخ‬
‫يشيد أن المجتمعات ىي التي تحدد نوع العمم الذي تحتاجو في مرحمة‬
‫معينة‪ ،‬ولم يكن أبدا العمم في أي وقت من األوقات ظاىرة منعزلة عن‬
‫المجتمع‪ ،‬ينمو بدون أي توجيو من ىذا األخير‪.‬‬

‫وقد عقدت البشرية األمل عمى وضع حد لكابوس الخوف الذي‬


‫ييددىا وييدد حضارتيا والمتمثل في أسمحة الضمار الشامل‪ ،‬ومواجية‬
‫المشكالت الغذائية‪ ،‬والصحية والبيئية التي تيدد العالم‪ ،‬وبالخصوص القارة‬
‫االفريقية‪ ،‬وىذا لن يتأتى إال باستخدام العمم بنجاعة‪ ،‬وفيما يعود بالخير‬
‫عمى االنسان وحل ومشاكمو‪.‬‬

‫ويرى أنصار ىذا االتجاه أن العمم أساسو الحاجة‪ ،‬ألن ىذه األخيرة‬
‫ىي التي تدفع االنسان إلى السعي من أجل تحقيق حاجاتو وزيادة رفاىيتو‪.‬‬

‫ومن الحجج التي يستندون إلييا ما يمي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إن ما يتميز بو االنسان قبل كل شيء ىو العمل‪ ،‬وليس الحكمة(ألن‬


‫عدد الحكماء قميل جدا مقارنة مع الناس العاديين)‪ ،‬ذلك أن االنسان كان‬
‫صانعا قبل أن يمون فيمسوفا حكيما‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحاجة أم االختراع كما يقال‪ ،‬فالتاريخ يكشف لنا أن العموم لم تتولد‬
‫عن المذة‪ ،‬وانما المستمزمات الضرورية لمحياة ىي الدافع إلييا‪.‬‬

‫ج‪ -‬صعوبة مواجية المشاكل العممية‪( :‬أي المشاكل التي تعترض االنسان‬
‫في حياتو العممية يوميا)‪ ،‬ىذه المشاكل ىي التي نبيت التفكير العممي إلى‬
‫االىتمام ودراسة تمك المشاكل ومثاليا‪ ،‬دراسة ظاىرة االختمار التي توصل‬
‫إلييا العالم الفرنسي "باستور" بعد أن اعترضت صانعي كحول الشعير‪،‬‬
‫عقبات في صناعتيا‪ ،‬وكذا البحث عن الدواء لمعالجة األمراض الوبائية‪،‬‬
‫كما ىو الحال ىذه األيام إذ األبحاث جارية عمى قدم وساق في مختمف‬
‫المخابر العممية في مختمف دول العالم إليجاد دواء لفيروس كورونا‬
‫(كوفيد‪ )99‬الوباء العالمي الذي حير العالم وغير مجرى الحياة في‬
‫المعمورة‪.‬‬

‫خالصة القول‪ ،‬فإن مثاليات العمماء‪ ،‬ىو إشباع الفضول‪ ،‬أو بعبارة‬
‫أخرى(العمم من أجل العمم أو عمى منوال ما يقال‪ ،‬الفن من أجل الفن)‪،‬‬
‫ىو أسمى وأرقى في سمم الحضارة من العمم من أجل المنفعة‪.‬‬

‫والواقع أن العمم سيف ذو حدين‪ ،‬يمكن أن يستعمل فيما ينفع الناس‬


‫ويسيل حياتيم ويخفف من عناءىم ويوفر ليم وسائل الراحة والعيش‬
‫الرغد‪ ،‬كما يمكن أن يكون عمما ضارا‪ ،‬حين يستعمل الختراع أدوات‬
‫الدمار التي تقضي عمى االنسان عمى ىذا الكوكب الذي يعيش عميو‪ ،‬كما‬
‫حدث في الحروب المختمفة خاصة منيا الحرب العالمية األولى والثانية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف البحث العلمي‪.‬‬

‫نتساءل بخصوص أىداف البحث العممي ما ىي ىذه األىداف‬


‫بالنسبة لمطمبة وبالنسبة لفرق البحث والباحثين؟‪.‬‬

‫إن الغاية من كتابة البحوث بالنسبة لمطمبة‪ ،‬ىي تعود الطالب عمى‬
‫كيفية إنجاز ومناقشة ما يكمف بو من مواضيع بحث في إطار الفرق داخل‬
‫األفواج‪ ،‬وفي المواد التي فييا أعمال موجية وعبر سنوات التكوين في‬
‫الميسانس‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمباحث العممي‪ ،‬بشكل عام فاليدف ىو التنقيب عن‬


‫الحقائق في مواضيع حازت عمى حب الباحث وشغفو وذلك لممساىمة في‬
‫خدمة المعرفة وخدمة مجتمعو واالنسانية جمعاء‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬يمكن أن نمخص أىداف البحث العممي في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -9‬إثراء معمومات الطالب في المواضيع التي يعالجيا‪.‬‬

‫‪ -2‬االعتماد عمى النفس في دراسة المواضيع واصدار األحكام بشأنيا‪.‬‬

‫‪ -3‬تعويد الطمبة عمى اتباع األساليب والقواعد العممية في كتابة البحوث‪.‬‬

‫‪ -4‬اكتساب القدرة عمى التعبير والحصول عمى المصطمحات الجديدة‪.‬‬

‫‪ -5‬تدرب الطمبة عمى كيفية استعمال المراجع المختمفة وكيفية القراءة‬


‫واالستنباط‪.‬‬

‫‪ -6‬التعود عمى معالجة المواضيع بموضوعية ونزاىة واالبتعاد عن اآلراء‬


‫المسبقة‪.‬‬

‫‪ -7‬استعمال المنطق والمقارنة بين اآلراء المختمفة‪ ،‬القوية والضعيفة‬


‫والخروج بنتائج‪.‬‬
‫‪ -8‬تشغيل العقل وتعويده عمى التفكير والعمل بانتظام‪.‬‬

‫‪ -9‬تحصين النفس ضد الجيل والتعود عمى القراءة قبل المناقشة‪.‬‬

‫‪ -91‬االستفادة من تجربة األساتذة ومالحظاتيم‪ ،‬والتعرف عمى األخطاء‬


‫التي يقع فييا الباحث أو الطالب‪.‬‬
‫فصل في مناىج البحث العممي‬

‫لقد سبق لنا تعريف المنيجية في صيغتيا المفردة بأنيا الطريقة العممية المنظمة‬
‫المتبعة في تقصي الظواىر واألشياء إلدراك الحقائق التي تنطوي عمييا‪ ،‬وبالتالي الوصول‬
‫إلى نتائج معرفية كالوصول إلى قانون أو مبدأ أو نظرية عممية أو إلى ابتكار شيء‬
‫جديد‪...‬الخ‪.‬‬

‫فالمنيجية بيذا المفيوم تنطبق عمى كل جيد أو نشاط يمارسو االنسان‪ ،‬سواء كان‬
‫ىذا النشاط عمال ماديا أو عمال فكريا‪ ،‬وسواء كان ينحصر في مجال العموم االجتماعية أو‬
‫في دائرة العموم الطبيعية‪.‬‬

‫وبناء عمى ما سبق‪ ،‬نستخمص بأن المنيجية العممية‪ :‬ىي الطريقة العممية الوحيدة‬
‫الموحدة‪ ،‬التي يتبعيا العالم والباحث بغض النظر عن موضوع بحثو‪ ،‬وطبيعة نشاطو‪ ،‬سواء‬
‫كان بحثا نظريا أو تطبيقيا‪ ،‬في مراكز البحث العممي األكاديمي‪ ،‬أو مخابر البحث العممية أو‬
‫التطبيقية في عالم الصناعة والزراعة‪.‬‬

‫ىنا نطرح التساؤل لماذا استعمل مصطمح المناىج بصيغة الجمع؟‬

‫وما المقصود إذا بمناىج البحث العممي؟‬

‫إن مصطمح المنيج مشتق من األصل اليوناني‪ ،‬ومعناه طريقة المعرفة واليقين‪،‬‬
‫استعمل في بداية األمر من قبل أىل المنطق‪ ،‬وذلك لشرح التسمسل االستداللي الذي يجعمنا‬
‫ننتقل من فرضيات إلى نتائج معرفية مستخمصة‪ ،‬تم انتشر بعد ذلك استعمالو بين العمماء‪،‬‬
‫كطريقة مثمى لدراسة عممية‪.‬‬
‫لقد وقع إجماع العمماء عمى ضرورة إخضاع المنيج لقواعد عقالنية محددة وصارمة‪،‬‬
‫(من موضوعية و تحميل وتمحيص و تحقيق)‪ ،‬تحترم من جميع الباحثين‪ ،‬إال أن الحديث‬
‫عن مناىج بصفة الجمع عوض الحديث عن منيجية ما زال سائدا ومتفشيا بين الباحثين‪.‬‬

‫فيل يعني ىذا أن ىناك عدة مناىج عممية؟ أم أن صيغة الجمع ىنا تكتسي معنى‬
‫اصطالحيا موحدا من حيث الجوىر ومتعددة من حيث الشكل؟‬

‫إن المنهج العممي منهج واحد‪ ،‬ييدف إلى تمييز الطريقة العممية الجدية المنضبطة‬
‫التي يستعمميا العمماء في نشاطيم عن باقي الطرق األخرى التي تتسم بالعشوائية‬
‫والفوضوية‪.‬‬

‫إن الحديث عن مناىج البحث العممي‪ -‬بصيغة الجمع‪ -‬يراد بو التنبيو إلى تعداد‬
‫أدوات المعرفة المتنوعة التي يستعمميا العمماء والباحثين‪ ،‬والتي تختمف عن بعضيا البعض‪،‬‬
‫باختالف مواضيعيا‪.‬‬

‫المالحظ أن اليدف من توضيح ىذه المسألة –ىنا‪ -‬إنما ىو من أجل لفت انتباه‬
‫الدارس إلى ذلك الخمط والغموض الذي يكتنف الموضوع‪ ،‬ويدفع بالبعض –سيوا أو عمدا‪-‬‬
‫إلى المغاالة في تصنيف مناىج البحث العممي وتعدادىا‪ ،‬في حين أن رأي الكثير من‬
‫المفكرين هو أن المنهج العممي واحد مكتمل من ناحية الجوهر ومتعدد من ناحية الشكل‬
‫واألداة‪.‬‬

‫ىذه المناىج البحثية عديدة سنتطرق إلى أىميا ونبدأ بالمنيج االستداللي‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المنهج االستداللي‪.‬‬

‫المنيج االستداللي ىو ذلك المنيج الذي يتناول دراسة المسائل النظرية والفمسفية‬
‫بيدف التوصل إلى حقائق معرفية وقواعد عامة‪.‬‬
‫فالمنيج االستداللي‪ ،‬ىو منيج تحميمي‪ ،‬ال ييدف إلى إثبات صحة الفرضيات‬
‫فحسب‪ ،‬بل إلى إقناع الغير بصحة رأي ما أو نظرية أو موقف أو مسألة أو صحة تصرف‬
‫ما عن طريق االستدالل المنطقي أو الرياضي‪.‬‬

‫إن االستدالل عبارة عن تسمسل منطقي في األفكار‪ ،‬ينطمق من معطيات أولية‬


‫وبديييات لموصول إلى نتائج يستخمصيا عن طريق المصادرة والتركيب والتحميل‪ ،‬بدون‬
‫المجوء إلى التجربة‪.‬‬

‫فما ىو االستدالل؟‬

‫إن االستدالل ىو البرىان الذي ينطمق من المسممات ويندفع إلى الكشف عن قضايا‬
‫تنتج عنيا بالضرورة‪ ،‬وذلك دون المجوء إلى التجربة‪ ،‬وىذا عن طريق الشرح أو عن طريق‬
‫الحساب؟‪.‬‬

‫ىذا ىو االستدالل فماىي صوره؟ وما ىي مبادئو؟ وما ىي أدواتو؟‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬صور االستدالل‪.‬‬

‫يميز الفيمسوف اليوناني أرسطو بين نوعين من االستدالل ىما‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االستدالل التحميمي الصوري‪.‬‬

‫وىو االستدالل الذي ينطمق من فرضيات أولية‪ ،‬مرو ار بالتحميل المنطقي والوصول‬
‫إلى نتائج صحيحة‪.‬‬

‫ومثاليا‪ 7=5+2 .7=7+3 :‬ومنو ‪ .2+5= 4+3‬إذن ‪.7= 2+5=4+3‬‬

‫وكذلك‪ :‬أ=ب‪ ،‬ب=ج ومنو أ=ج‪ ،‬أذن أ=ب=ج‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستدالل الجدلي‪.‬‬


‫ىو االستدالل الذي يقوم عمى الجدل والمحاورة من أجل الوصول إلى الصواب و‬
‫الحقيقة واقرارىا عن طريق الحجة واالقناع‪.‬‬

‫ومثاليا‪ :‬المحامي الذي يقدم األدلة لمقاضي من أجل تبرئة ساحة موكمو من جريمة اتيم بيا‪،‬‬
‫حيث يبرىن بأن موكمو كان في الواليات المتحدة األمريكية طوال األسبوع األول من مارس‪،‬‬
‫مقدما كل المستندات واألدلة التي تبرىن عمى ذلك‪ ،‬وىذا يعني أن موكمو ال يمكن أن يكون‬
‫ىو الذي ارتكب تمك الجريمة في الجزائر بتاريخ‪ 2004/03/04 :‬أي في نفس الفترة التي‬
‫كان في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وبالتالي ال يمكن أن يكون في الجزائر في نفس الوقت‬
‫الذي كان في أمريكا‪.‬‬

‫لقد كان الفيمسوف اليوناني –سقراط‪ -‬يمجأ إلى االستدالل الجدلي في محاوراتو مع‬
‫الغير‪ ،‬وذلك لدحض وابطال استدالالتيم التحميمية الخاطئة‪ ،‬وىو يقول في ىذا الصدد‪:‬‬
‫"عندما أختمف أنا وأنت حول عدد حبات البيض داخل السمة‪ ،‬أو حول رقعة األرض أو حول‬
‫وزن كيس من الحبوب‪ ،‬فإن الخالف ال يصل بنا إلى حد التشاجر والخصام‪ ،‬ألنو بوسعنا‬
‫االحتكام إلى معايير وأدوات الحساب والقياس و الميزان لفض النزاع وحسم الخالف‪ .‬أما‬
‫عندما أختمف معك حول ما ىو جميل وقبيح أو ما ىو خير وشر‪ ،‬فالخصام سيكون أشد‬
‫وأعنف‪ ،‬ذلك ألننا ال نممك معايير دقيقة نحتكم بيا‪ ،‬وعميو فإنو إذا أردنا تجنب الصراع‬
‫واالقتتال أن ندخل في جدل وحوار لتقصي الحقائق والوصول إلى االقتناع والتراضي؟‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مبادئ االستدالل‪.‬‬

‫يقوم المنيج االستداللي عمى مجموعة من المبادئ التي تستخدم في عممية االستدالل‬
‫وىي‪ :‬البديييات والمصادرات والتعريفات‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬البديهيات‪.‬‬


‫إن البدييية ىي القضية البينة بنفسيا‪ ،‬وال تحتاج إلى البرىنة عمييا‪ ،‬لكونيا‪ :‬بينة‬
‫وعامة وأولية‪ ،‬ومثاليا‪ :‬الشمس تشرق من المشرق وتغيب إلى المغرب‪.‬‬

‫يسير القطار عمى السكة الحديدية‪.‬‬

‫الكل أكبر من أي جزء من أجزائو‪.‬‬

‫الكل يساوي مجموع أجزائو‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المصادرات‪.‬‬

‫إن المصادرة ليست بينة بنفسيا كالبدييية‪ ،‬إال أنو يصادر عمى صحتيا أي يفترض‬
‫أنيا صحيحة‪ ،‬ألن صحتيا تستبان من نتائجيا‪ .‬ومثاليا‪:‬‬

‫الخط المستقيم ينطمق من نقطة واحدة ويمتد إلى ما ال نياية‪.‬‬

‫ال يمكن إقامة أكثر من خط مستقيم واحد بين نقطتين‪.‬‬

‫وفي المجال األخالقي يمكن القول أن كل إنسان يطمب السعادة‪.‬‬

‫فيل كل ذلك صحيح؟ ال بد إذا من برىان‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التعريفات‪.‬‬

‫إنيا تصورات خالصة أي أفكار نظرية‪ ،‬يحاول الباحث بواسطتيا التعبير عن مكنون‬
‫األشياء والظواىر التي يبحث فييا‪.‬‬

‫من خواص التعريف‪ ،‬أنو جامع‪ ،‬مانع‪ ،‬مباشر‪ ،‬ويستعمل التجريد والتعميم‪.‬‬

‫إن التعريف يتركب من شيئين اثنين ىما‪:‬‬

‫المعرف‪ :‬ويقصد بو الشيء المراد تعريفو‪.‬‬


‫ّ‬ ‫أوال‪ :‬الشيء‬
‫المعرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ثانيا‪ :‬صيغة التعريف‪ :‬ويقصد بيا الصيغة التي حددت خواص الشيء‬

‫ومثاليا‪ :‬إذ ا قمنا بتعريف العمم بقولنا‪ :‬إنو "مجموع الخبرات االنسانية التي تجعل االنسان‬
‫قادر عمى التنبؤ"‪.‬‬

‫المعرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فنقول أن‪ :‬العمم ىو الشيء‬

‫أما عبارة‪" :‬مجموع الخبرات االنسانية التي تجعل االنسان قادر عمى التنبؤ"‪ ،‬ىي صيغة‬
‫التعريف‪ ،‬وىي التي حددت خواص الشيء المعرف( أو خواص العمم)‪.‬‬
‫فصل في مناهج البحث العممي (تابع المنهج االستداللي)‬

‫المطمب الثالث‪ :‬أدوات االستدالل‪.‬‬

‫إن لالستدالل أدوات عديدة‪ ،‬من أىميا‪ :‬القياس والتجريب العقمي والتركيب وغير ذلك‬
‫وىو ما نتناولو فيما يمي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القياس‪.‬‬

‫لمقياس تعريف لغوي وأخر اصطالحي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬القياس لغة‪ :‬يقصد بالقياس من الناحية المغوية‪ ،‬التقدير‪ ،‬ومثاليا‪ :‬قست الحقل‪ ،‬أي‬
‫عرفت مساحتو‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اصطالحا‪ :‬يعرف القياس بأنو‪" :‬إلحاق واقعة أو مسألة ال نص عمى حكميا بواقعة أو‬
‫مسألة ورد نص بحكميا ( أي شرع الحكم ألجميا) الشتراكيما في العمة"‪.‬‬

‫أو "إلحاق مجيول الحكم بمعموم الحكم‪ ،‬حيث يعطى لألول حكم الثاني"‪ .‬كتفسير قاعدة‬
‫قانونية بالقياس لقاعدة أخرى‪.‬‬

‫أو تفسير قضية بالقياس لقضية أخرى مشابية ليا من حيث المعطيات‪ ،‬ومثاليا‪ :‬الخمر مادة‬
‫مسكرة‪ ،‬تذهب العقل‪ ،‬فيي حرام‪.‬‬

‫ويقاس عميو‪ ،‬بأن كل مسكر يذىب بالعقل حرام‪ ،‬ولما كانت المخدرات بأنواعيا تذهب العقل‬
‫فيي حرام‪.‬‬

‫يتبين مما سبق أن القياس عممية تقييم موازية‪ ،‬نقيس فييا الشيء بمثيمو‪ ،‬غير أن‬
‫يحول االفتراضات إلى نتائج‪،‬‬
‫القياس ليس البرىان‪ ،‬إذ أنو ال يضيف شيئا لممعطيات‪ ،‬وال ّ‬
‫وانما يسمح لنا باالنطالق في عممية االستدالل والبرىنة‪ ،‬فيو يشكل خطوة من خطوات‬
‫البرىان‪.‬‬

‫أما أركان القياس فيي أربعة تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -1‬األصل‪ :‬وىو المقيس عميو أو المشبو بو‪.‬‬

‫‪ -2‬الفرع‪ :‬وىو المقيس أو المشبو( أي الحادث أو الواقعة التي نريد معرفة حكميا)‪.‬‬

‫‪ -3‬حكم األصل‪ :‬وىو الحكم الذي يراد بيان مساواة الفرع لألصل فيو‪.‬‬

‫‪ -4‬العمة‪ :‬وىي التي انبنى عمييا تشريع الحكم في األصل ويتساوى معو الفرع فييا وتسمى‬
‫جامعا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التركيب‪.‬‬

‫يتمثل التركيب في تفكيك االفتراضات ( الموضوع) ومحاولة تركيبيا أو إعادة تركيبيا‬


‫لتبين صحة مدلوليا‪ ،‬أي تنظيم وتركيب القوانين الجزئية حتى يتسنى وضع قانون عام‬
‫عقميا ّ‬
‫أو مبدأ‪ ،‬وبالتالي إذا كان األمر يتعمق بموضوع البحث‪ ،‬فإننا بعد تفكيك الموضوع إلى‬
‫عناصره األساسية الظاىرة منيا والباطنة‪ ،‬نقوم بإعادة تركيبيا وتنظيميا لموصول إلى اليدف‬
‫المنشود وىو وضع خطة لموضوع البحث‪.‬‬

‫يكون التركيب عادة من الخاص إلى العام‪ ،‬أي يبدأ من القضية الصحيحة المعمومة‬
‫كالمسألة الحسابية أو اليندسية‪ ،‬ومثاليا‪ :‬أ‪ +‬ب = ‪.15‬‬

‫فالتركيب يكون كاآلتي‪ :‬أ‪ +‬ب = ‪= 03+13 = 02+13 = 01+14 = 00+15 = 15‬‬
‫‪.15 = 07+08 = 06+09 = 05+10 = 04+11‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التجريب العقمي‪.‬‬

‫يقصد بالتجريب العقمي‪ ،‬أن يقوم االنسان بإدخال في ذىنو كل الفروض والتحقيقات‬
‫التي قد يكون من العسير عمى الباحث القيام بيا في الخارج‪ ،‬ويتصور الطريقة المثمى‬
‫لتركيبيا حتى يتوصل إلى النتائج المرجوة‪.‬‬

‫إن ىذه العممية سابقة عمى تنفيذ المشروع أو وضع الخطة أو المخطط‪ ،‬وذلك قبل‬
‫االنتقال إلى التنفيذ ( أي تجسيد المشروع)‪.‬‬

‫ينقسم التجريب العقمي إلى نوعين ىما‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التجريب العقمي الخيالي‪ :‬إنو يمثل نوع من التأمالت الخيالية‪ ،‬ومجال ىذا النوع من‬
‫التجريب األدب (القصة والشعر والرواية وغيرىا)‪ ،‬وال قيمة لو من الناحية العممية والتطبيقية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التجريب العقمي العممي‪ :‬وىذا النوع من التجريب‪ ،‬ذو قيمة عممية كبيرة‪ ،‬ألن الفروض‬
‫فيو‪ ،‬ال تقوم عمى موضوعات وىمية أو شعورية‪ ،‬بل تقوم عمى وقائع‪ ،‬خاضعة لمتجربة التي‬
‫تنتيي إلى نتائج‪ ،‬وكل ذلك طبعا يجري داخل الذىن‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬استعمال الدالة المضادة‪.‬‬

‫إنيا أداة من أدوات االستدالل‪ ،‬تستخدم من أجل استبعاد القضية المضادة أو‬
‫المتناقضة‪ ،‬ولتوضيح ذلك نسوق األمثمة التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إذا كانت الخدمة الوطنية واجب وطني عمى الذكور فيي تعني أنو ليس واجبا عمى‬
‫االناث‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إذا كان مجموع الطمبة الذين تضميم مجموعة "د" يساوي ألف (‪ )1000‬وحضر منيم‬
‫تسع مائة وخمسون (‪ )950‬طالبا‪ ،‬فيذا يعني أن ىناك خمسين طالبا غائب فقط‪.‬‬
‫يتضح مما تقدم أن مفيوم الدالة المضادة يقصد بو مفيوم المخالفة‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬االستدالل السابق‪:‬‬

‫يكون ىذا النوع من االستدالل عمى قضية استنادا لالستدالل السابق‪ ،‬ومن أمثمة ذلك‪:‬‬
‫إذا كان قطف أزىار الحديقة العامة عمل ممنوع‪ ،‬يعاقب عميو القانون فما بالك باقتالعيا‬
‫وتحطيميا‪.‬‬

‫نشير بالقول في األخير لمدى تطبيق المنيج االستداللي في العموم القانونية والذي‬
‫يعرف فييا بالمنيج التحميمي‪ ،‬أن رجال القانون يستخدمون المنيج لالستداللي في تفسير‬
‫وتركيب وتطبيق المبادئ والقواعد العامة المجردة في القضاء الجنائي والمدني‪ ،‬وعمى أساس‬
‫ىذه القواعد يستنبط رجال القضاء النتائج والحمول واألحكام‪ ،‬بعد إجراء عمميات االسناد‬
‫والتكييف القانوني لمظاىرة المطروحة‪.‬‬

‫كما يستعمل المنيج االستداللي الشراح في تفسير القواعد القانونية المعمول‬


‫بيا‪.‬‬

‫وأخي ار يستعمل المشرع المنيج االستداللي في رسم السياسة التشريعية التي ترتكز‬
‫عمى األسس الفمسفية وااليديولوجية والدينية السائدة في المجتمع‪ ،‬ويستميم منيا مختمف‬
‫التشريعات‪ ،‬وذلك باعتبارىا مصد ار ليا‪.‬‬
‫المبحـــث الثانـــــي‬

‫المنهــــــــج التـــاريخــــــــي‬

‫نتطرق في المنيج التاريخي إلى نقطتين أساسيتين ىما‪ :‬مفيوم كال من التاريخ‬
‫والمنيج التاريخي والعالقة بينيما في المطمب األول تم الخطوات األساسية لممنيج التاريخي‬
‫في المطمب الثاني‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفهوم عمم التاريخ والمنهج التاريخي والعالقة بينهما‪.‬‬

‫نتناول ىذا المطمب في ثالث فروع وفق اآلتي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم عمم التاريخ‪.‬‬

‫يعرف عمم التاريخ بأنو‪" :‬السجل المكتوب لمماضي أو لألحداث الماضية"‪.‬‬

‫ويعرفو بأنو‪" :‬وصف الحوادث أو الحقائق الماضية وكتابتيا بروح الباحث –الناقد‪ -‬عن‬
‫الحقيقة الكامنة"‪.‬‬

‫والواقع أن ميمة عمم التاريخ تكمن في القيام بوظيفة مضادة لسير الزمن‪ ،‬تتمثل في‬
‫استرداد أحداث الماضي واستعادتيا استعادة ذىنية‪ ،‬وذلك الستقرائيا وفيميا واستخراج العبر‬
‫منيا‪ ،‬وافادة الحاضر والمستقبل بمعارف الماضي وأس ارره‪.‬‬

‫وعمى ىذا األساس يعرف المنيج التاريخي عادة بأنو منيج "استردادي" أي أنو يقوم‬
‫باسترداد آثار الماضي ويطمعنا عمى الكثير من المعارف المحيطة بتمك اآلثار‪ .‬فما مفيوم‬
‫المنيج التاريخي؟‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مفهوم المنهج التاريخي‪.‬‬

‫المنيج التاريخي ىو الطريق الذي يتبعو الباحث في جمع معموماتو عن اآلثار‬


‫والحقائق الماضية وفحصيا وتحميميا ونقذىا والتأكد من صحتيا‪ ،‬وفي عرضيا وترتيبيا‬
‫وتفسيرىا واستخالص النتائج والتعميمات(أي القواعد العامة)‪ ،‬بل إن فيميا ال يقتصر عمى‬
‫فيم أحداث الماضي فحسب‪ ،‬وانما يتجاوز ذلك إلى تفسير األحداث والمشاكل الجارية‪ ،‬وفي‬
‫توجيو التخطيط بالنسبة لممستقبل‪.‬‬

‫يقوم المنيج التاريخي عمى دراسة األحداث الماضية بيدف إعادة بناء الماضي‪،‬‬
‫معتمدا في األساس عمى الوثائق واألرشيف‪ ،‬إذ يتضمن المنيج التاريخي كأي منيج‪ ،‬مسعى‬
‫خاصا‪ ،‬حيث ينبغي عمى الباحث في بادئ األمر أن يقوم بجمع الوثائق المتنوعة ثم يقوم‬
‫بتقييميا أو نفذىا‪ ،‬نقدا خارجيا وداخميا‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬العالقة بين التاريخ والمنهج التاريخي‪.‬‬

‫ال شك أن العالقة بين التاريخ كعمم من العموم‪ ،‬باعتباره يشكل مجاال من مجاالت‬
‫البحث العممي‪ ،‬والمنيج التاريخي عالقة وثيقة‪ ،‬فال وجود لعمم التاريخ‪ ،‬كعمم –وليس‬
‫كأساطير وحكايات وأحداث فقط‪ -‬إال بوجود المنيج العممي التاريخي الذي يتبعو الباحث‬
‫ويطبقو في جمع الحقائق التاريخية وفحصيا وتحميميا ونقدىا ثم تفسيرىا‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الخطوات األساسية لممنهج التاريخي‪.‬‬

‫إن منيج البحث التاريخي يشمل عمى خمس مراحل مختمفة يسير عمييا الباحث من‬
‫أجل بموغ الحقيقة التاريخية‪ ،‬وتقديميا إلى المختص بصفة خاصة ولعامة القراء بصفة عامة‪.‬‬
‫الفرع األ ول‪ :‬اختيار موووع البحث وتحييي‪..‬‬

‫يتم في ىذه المرحمة اختيار موضوع البحث التاريخي وتبيان عناصره بدقة‪ ،‬وكذا‬
‫تحديده من حيث المكان والزمان الذي حصل فييا الحدث التاريخي أو الظاىرة‪ ،‬وكذلك‬
‫تحديد األنشطة التي تضمنيا واألشخاص الذين تناوليم الحدث والذين اتصل بيم الباحث‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬جمع البيانات والمعمومات‪.‬‬

‫يقوم الباحث في ىذه المرحمة بجمع المادة التاريخية والمعمومات من مختمف المصادر‬
‫والمراجع األساسية والثانوية‪ ،‬وتصنيفيا وترتيبيا من أجل الحصول عمى أفضل مادة عممية‬
‫لحل المشكمة التي يبحثيا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المصاير األساسية‪ :‬وىي متعددة في البحوث التاريخية نتناوليا فيما يمي‪:‬‬

‫أ‪ -‬اآلثار‪ :‬تتمثل اآلثار في بقايا حضارة ماضية أو أحداث وقعت في الماضي وتشمل‬
‫المباني بأنواعيا المختمفة‪ :‬من معابد وكنائس ومساجد وقصور ومدرجات وأعمدة‬
‫وتماثيل وقنوات وجسور وغيرىا‪ ،‬كما تشمل األسمحة والعمالت وأدوات ذىبية وفضية‬
‫ونحاسية وفخارية وخشبية ونسيجية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الوثائق‪ :‬إنيا سجالت ألحداث أو وقائع ماضية قد تكون مكتوبة أو مصورة أو‬
‫منحوتة أو شفوية‪ ،‬نفصميا فيما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬السجالت المكتوبة‪ :‬وتشمل المخطوطات والرسائل والمذكرات وكتب وصحف‬


‫ومجالت وخرائط وغيرىا‪.‬‬

‫‪ -2‬السجالت المصورة‪ :‬وتضم السجالت االذاعية والتمفزيونية وأشرطة التسجيل الضوئي‬


‫وأشرطة الفديو والسينما‪.‬‬
‫‪ -3‬المنحوتات‪ :‬وتشمل التماثيل المختمفة فخارية‪ ،‬نحاسية‪ ،‬ذىبية‪ ،‬جبسية‪ ،‬حطبية‪ ،‬وكل‬
‫المجسمات وألواح الرسم‪.‬‬

‫‪ -4‬السجالت المنقولة(غير الميونة)‪ :‬وتتمثل في األمثال والحكم واألساطير واألغاني‬


‫الشعبية والعادات والتقاليد‪...‬إلخ‪ ،‬فيي كميا تشكل مصد ار ىاما لمتعرف عمى الحياة‬
‫االجتماعية والثقافية في مجتمع ما‪ ،‬باإلضافة إلى شيود عيان من الذين عاصروا‬
‫األحداث‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المصاير الثانوية‪ :‬تتضمن المصادر الثانوية معمومات غير مباشرة‪ ،‬تشمل كل ما‬
‫نقل أو كتب عن المصادر األساسية‪ ،‬وىي تعطينا فكرة عن الظروف التي أدت إلى‬
‫اندثار المصادر األساسية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نقي المصاير(الماية التاريخية)‪.‬‬

‫يقال أن الشك ىو بداية الحكمة‪ ،‬لذلك يقوم الباحث بإخضاع المادة التاريخية لمدراسة‬
‫والنقد‪ ،‬وذلك بالتعرف عمى جزئياتيا وتحديد العالقة التي تربط بينيا وبين موضوع‬
‫الدراسة و البحث‪.‬‬

‫إن عممية نقد المصادر التاريخية المختمفة تكون خارجية وداخمية‪ ،‬فما المقصود بالنقد‬
‫الخارجي والنقد الداخمي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النقي الخارجي‪ :‬الذي يسمى أيضا بنقي األصالة أو نقي التنقيب‪ ،‬فالباحث –عن‬
‫طريق النقد الخارجي‪ -‬يتأكد من صدق الوثيقة أو اآلثار حتى يقرر قبوليا كدليل في‬
‫بحثو أو عدم قبوليا‪.‬‬

‫يثير المؤرخ أو الباحث التاريخي بشأن مصادر المعمومات (الوثيقة مثال) مجموعة من‬
‫التساؤالت منيا‪:‬‬
‫‪ -‬متى ظيرت ىذه الوثيقة؟ وىل ىذه الوثيقة أصمية؟ أم أنيا صورة من األصل؟ وىل‬
‫أدخمت عمى ىذه الوثيقة األصمية تعديالت باإلضافة والحذف؟ ومن ىي الجية التي‬
‫أصدرت الوثيقة؟ ومن ىو كاتبيا؟ وىل ىي فعال صادرة عن ىذا المؤلف؟ فنسبة الوثيقة‬
‫إلى شخص آخر غير كاتبيا تختمف قيمتيا اختالفا كبي ار عما إذا نسبت إلى كاتبيا‬
‫األصمي أو إلى شخص مشيور‪ ،‬ومثاليا‪ :‬أن تكون وثيقة أو لوحة أثرية ضئيمة القيمة‪،‬‬
‫فتختم بخاتم شخصية مشيورة األمر الذي يرفع قيمة الوثيقة‪ ،‬وكأن تنسب لوحة زيتية إلى‬
‫الرسام بيكاسو لكي تباع بمبمغ مرتفع‪.‬‬

‫فالنقد الخارجي يتمثل إذا في إيجاد أصل الوثيقة‪ ،‬أي إرجاع الوثيقة إلى زمانيا‬
‫الحقيقي‪ ،‬ومعرفة كاتبيا أو مؤلفييا‪ ،‬ومكانيا األصمي وكذلك تقييم حالتيا‪ ،‬أي إدراك إن‬
‫كانت تامة أم ال‪ ،‬فاسدة أم ال‪ ،‬بالكشف عن مواطن الزيف والنسخ والعثور عمى األخطاء‬
‫الممكنة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النقي الياخمي‪ :‬يسمى أيوا بنقي التأويل أو نقي المصياقية والذي ينصب عمى‬
‫مضمون المصدر‪ ،‬فالوثيقة مثال يجب التأكد من حقيقة المعاني والمعمومات والبيانات‬
‫التي اشتممت عمييا لموقوف عمى ما يمكن أن تتضمنو من تناقضات وأخطاء‪...‬إلخ‪.‬‬

‫كما ييتم النقد الداخمي بالتحقق من صدق المادة الموجودة في الوثيقة‪ .‬ولكي يصل‬
‫الباحث إلى ذلك‪ ،‬ال بد أن يجيب عمى مجموعة من التساؤالت منيا‪:‬‬

‫‪ -‬ما الذي يعنيو الكاتب من كل كممة وعبارة كتبيا؟‬


‫‪ -‬ماذا كان يستيدف من خالل كالمو عن كذا وكذا؟‬
‫‪ -‬وماذا كان يقصد بكذا وكذا؟‪.‬‬

‫إن اليدف من النقد الداخمي ىو تحديد الظروف التي كتبت فييا الوثيقة والتحقق من‬
‫صدق المقدمات الفكرية التي بنى عمييا الكاتب أحكامو‪ ،‬والوصول إلى تفسير صحيح‬
‫لممعمومات‪ ،‬كمعرفة مكان ة المؤرخ وعالقتو باألحداث‪ ،‬ىل لو عالقة مباشرة أم غير‬
‫مباشرة بيا؟‪ .‬كأن تصدر الوثيقة من مؤرخ عرف بموقفو المساند لالستعمار الفرنسي‬
‫في الجزائر‪ ،‬فكيف نتوقع موقفو إذن من الثورة التحريرية ومن أحداثيا؟ أو أن يكون‬
‫أحد القادة الفرنسيين‪ ،‬أو متزوج من فرنسية معروفة بمواقفيا‪.‬‬

‫كما يتضمن النقد الداخمي عمى وجو الخصوص ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬تحديد المضمون الفعمي لنص الوثيقة‪.‬‬

‫‪ -2‬معرفة حقيقة الكاتب عن طريق‪ :‬أىمية كاتب الوثيقة من حيث سنو ولغة الوثيقة‬
‫وألفاظيا‪ ،‬ومن حيث خبرتو‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫‪ -3‬من حيث ظروف تدوين ا لوثيقة‪ ،‬ىل تمت كتابتيا مباشرة إثر الحدث؟ أم نقال عن شيود‬
‫عيان؟ أم نقموىا عمن سمعوا الحدث؟‪.‬‬

‫‪ -4‬مقارنة ىذه الوثيقة بالوثائق األخرى‪ ،‬وىل ىناك تطابق؟ أم ىناك تناقض؟‪.‬‬

‫وىكذا حتى يصل الباحث إلى الحقيقة أو يقترب منيا عمى األقل‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الفروض والتحقق منها‪.‬‬

‫إن الفروض التي يضعيا الباحث أو المؤرخ ىي التي تساعده في تحديد المادة العممية‬
‫الالزمة لبحثو واستبعاد تمك التي ال تيمو‪.‬‬

‫تكون صياغة المادة العممية وفقا لنظام زمني معين‪ ،‬أي تحديد الفترة ومثاليا‪ :‬دراسة‬
‫الثورة الجزائرية في الفترة ما بين ‪ 26‬أوت ‪ 1556‬و ‪ 15‬مارس ‪ 1562‬أو وفقا لنظام‬
‫جغرافي أي تحديد منطقة معينة ومثاليا‪ :‬استراتيجية الثورة في منطقة األوراس‪ ،‬أو كذلك وفقا‬
‫لموضوع معين‪ ،‬ومثاليا‪ :‬الجانب السياسي في الثورة الجزائرية‪ ،‬أو وفقا لنظام يمزج بين كل‬
‫تمك األنظمة( أي يشمل‪ :‬الموضوع والمنطقة والزمان)‪ ،‬ومثاليا‪ :‬الثورة الجزائرية من سنة‬
‫‪ 1554‬إلى ‪ 1562‬ويشمل االقميم الجزائري كمو واستراتيجية الثورة في الداخل والخارج‪.‬‬

‫بعد صياغة الفروض يختار الباحث األدلة التي تخدم موضوعو‪ ،‬ثم يقوم بتحميميا‬
‫ونقدىا حتى يتأكد أن تمك الفروض تعطي تفسي ار أكثر إقناعا من غيرىا من الفروض‪.‬‬

‫إن ما يزيد من تعقيد البحوث التاريخية عن غيرىا من البحوث‪ ،‬ىو صعوبة تركيب‬
‫المادة التي جمعيا الباحث‪ ،‬خاصة أنيا تتعمق بالماضي‪ ،‬أغمبيا اندثر وال تتوافر عنو سوى‬
‫بيانات جزئية خضعت وتخضع لتفسيرات وتأويالت متباينة أحيانا‪.‬‬

‫بعد انتياء الباحث من جمع المعمومات وفحصيا تم تحميميا ونقدىا يأتي دور صياغة‬
‫الفروض لتفسير الحوادث التي يدرسيا‪ ،‬واختيار من بين الفروض المطروحة أحسنيا‪ ،‬لينتقل‬
‫الباحث بعدىا إلى مرحمة استخالص النتائج وكتابة بحثو‪ ،‬الذي يمخص فيو الحقائق العممية‬
‫والنتائج التي توصل إلييا بأسموب عممي قوي وواضح‪.‬‬

‫إن معرفة قواعد وأحكام وأصول النظم القانونية واالدارية الحالية تقتضي معرفة‬
‫أصوليا وجذورىا التاريخية الماضية‪ ،‬وىذا ال يتحقق إال باستخدام المنيج التاريخي‪ ،‬فعن‬
‫طريقو يمكن معرفة جدور مبادئ وأحكام نظرية االلتزام في ماضي الحضارات االنسانية‬
‫المختمفة‪ ،‬وأحكام ومبادئ نظريات العقود والمسؤولية والبطالن والمركزية االدارية والرقابة‬
‫االدارية والوظيفة العامة وغيرىا من مواضيع القانون‪.‬‬
‫تابع المنهج التجريبي‬

‫المطمب الثالث‪ :‬الخصائص العامة لممنهج التجريبي‪.‬‬

‫يتضمن المنيج التجريبي مجموعة من الخصائص نتناوليا فيما يمي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬قيام المنهج التجريبي عمى المالحظة الدقيقة‪.‬‬

‫يقوم المنيج التجريبي عمى المالحظة الدقيقة في اختبار صدق الفرضية‪ ،‬وىي ليست‬
‫مجرد مالحظة سمبية لما يحدث في كل واحدة من المجموعتين‪ :‬التجريبية والضابطة‪ ،‬وانما‬
‫مالحظة إيجابية فاحصة‪ ،‬لموقوف عمى التغيير الذي يمكن أن يط أر عمى المجموعتين نتيجة‬
‫لتمقي إحداىا تأثير عامل معين عمييا وحرمان األخرى من تأثير ىذا العامل‪ ،‬وكل ذلك من‬
‫أجل الكشف عن العالقة السببية بين الظواىر مع ضبط ىذه العالقة ضبطا دقيقا ومحكما‪.‬‬

‫ومثاليا‪ :‬إذا أخذنا العجين ونضيف إليو خميرة الجعة وعجين دون خميرة‪ ،‬فماذا يالحظ عمى‬
‫كل منيما‪ ،‬مع العمم أنيما موضوعين في نفس المكان وفي ظل نفس الظروف ولمدة معينة‪.‬‬

‫ال شك أنك ستالحظ أ‪ ،‬العجين الذي أضيف إليو خميرة الجعة قد ظيرت عميو عالمات‬
‫التغيير‪ ،‬وتتمثل في االنتفاخ بسبب تكاثر الفطريات فيو‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬يقوم بالكشف عن العالقة السببية بين الظواهر‪.‬‬

‫يمتاز ىذا المنيج عن غيره من المناىج بأن ىدفو األساسي ىو الكشف عن العالقة‬
‫السببية بين الظواىر والمتغيرات وأنو يربط دراستو ليذه العالقة بضوابط أو شروط دقيقة ال‬
‫نجدىا في المناىج األخرى‪ ،‬وتتمثل ىذه الضوابط والشروط في‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الشرط التالزمي‪ :‬يتضح الشرط التالزمي من خالل المتال التالي‪ :‬شخص ما يدخن‬
‫ويكثر التدخين‪ ،‬ومع مرور الوقت تتحكم ىذه العادة في الشخص فال يستطيع االستغنا‬
‫عنيا‪ ،‬ويصبح مدخنا مدمنا‪ .‬وعميو نقول بأن تدخين السجائر يعتبر شرطا ضروريا لحدوث‬
‫ظاىرة االدمان عمى التدخين‪ ،‬أي أنو لكي يحدث االدمان ال بد أن يكون الشخص مدخنا ثم‬
‫يكثر من ىذا التدخين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشرط الكافي‪ :‬وىو الذي يتبع حدوثو حدوث ظاىرة ما‪ ،‬أي أن يكون وجوده كافيا‬
‫لحدوث الظاىرة‪ ،‬ومثاليا‪ :‬إن إتالف عصب االبصار يعتبر شرطا كافيا لحدوث فقدان‬
‫البصر‪ ،‬وقطع المسان شرط كاف ألن يصبح االنسان أبكم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬قد يكون الشرط ضروريا لحدوث الظاهرة‪.‬‬

‫من أمثمة ذلك‪ :‬أن كوكب األرض الذي يعيش عميو االنسان تتوفر فيو مادة‬
‫االكسجين التي تعتبر الشرط الضروري والالزم لحياتو ووجوده‪.‬‬

‫فوجود االنسان واستمرار حياتو يستمزم وجود االكسجين‪ ،‬كما أن عدم وجود ىذا األخير يؤدي‬
‫إلى انعدام الحياة عمى ىذا الكوكب‪ ،‬وبالتالي عدم وجود االنسان أو فنائو‪.‬‬

‫ومثال ذلك أيضا‪ :‬إلشعال الضو الكيربائي ال بد من إيصال المصباح بكل من القطب‬
‫الموجب والقطب السالب‪ .‬أما إذا قمنا بإيصال القطب الموجب لوحده –دون القطب السالب‪-‬‬
‫فإن ذلك ال يؤدي إلى إشعال المصباح‪ ،‬ونفس النتيجة نتحصل عمييا في حالة إيصال‬
‫القطب السالب فقط‪ ،‬أي عدم الحصول عمى الضو ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الشروط المساعدة‪.‬‬

‫قد يكون ىناك شرط يساعد أو يزيد من احتمال حدوث ظاىرة معينة‪ ،‬ولكنو ال يؤكد‬
‫حدوثيا‪ ،‬ألنو يعتبر واحدا من عدة عوامل‪ ،‬ومثاليا‪ :‬إن تدخين السجائر ال يعتبر شرطا كافيا‬
‫لحدوث ظاىرة االدمان‪ ،‬بل ال بد من عوامل أخرى تدفعو إلى كثرة التدخين‪ ،‬كالمشاكل‬
‫ونقص رقابة األوليا بالنسبة لمقصر وصغار السن‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬شرط التوافقية‪.‬‬

‫ومن أمثمتو‪ :‬إذا عاش الشخص في مجتمع يعتبر فيو التدخين أم ار سائدا وطبيعيا‪،‬‬
‫فمثل ىذا الجو في المجتمع يشكل رفا توافقيا‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬قوة المنهج تكمن في التجريب‪.‬‬

‫ال شك أن قوة المنيج التجريبي تكمن في أن الباحث يحاول في كل تجربة يجرييا أن‬
‫يختبر فرضية تقول بوجود عالقة سببية منتظمة بين متغير وظاهرة معينة‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق اختيار مجموعتين متكافئتين ومتساويتين من جميع الوجوه‪ ،‬ما عدا وجها واحدا أو‬
‫متغي ار واحدا‪ ،‬وهو ما يسمى بالعامل التجريبي‪ ،‬يسمط عمى إحدى مجموعتي التجربة‪،‬‬
‫ويحجب عن األخرى‪ ،‬وتسمى المجموعة التي سمط عميها العامل التجريبي‪ ،‬بالمجموعة‬
‫التجريبية‪ ،‬بينما يطمق عمى المجموعة األخرى بالمجموعة الضابطة‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬التحكم في المتغير المستقل‪.‬‬

‫إن متانة المنيج التجريبي تتمثل في خضوعو لمتحكم والضبط‪ ،‬فالباحث فيو ال يقوم‬
‫بوصف أو تفسير وتحميل ما ىو موجود‪ ،‬ولكن يتدخل في توجيو العوامل والظروف بالحذف‬
‫أو التثبيت وفي التنظيم والترتيب‪ ،‬وىو الذي يحدد ظروفيا بنفسو‪ ،‬وىو الذي يخضع ويعرض‬
‫المجموعة التجريبية لمع ـامل التج ـ ـ ـريبي‪ ،‬وعـ ـ ـدم تعريض المجموعة الضابطة لمعامل التجريبـ ـي‬

‫( العامل المستقل أو العامل المتغير)‪ ،‬وىذا ما يطمق عميو التحكم في المتغير المستقل‪.‬‬

‫المطمب الرابع‪ :‬أنواع التجارب‪.‬‬

‫ىناك عدة أنواع من التصميمات التجريبية‪ ،‬تتفاوت من حيث قوتيا وضعفيا ومن‬
‫حيث مزايا ىا وقصورىا‪ ،‬ومن حيث كفاية العامل التجريبي(العامل المؤثر) في المتغير التابع‪،‬‬
‫وتتمثل ىذه األنواع من التجارب في‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التجريب عمى المجموعة الواحدة‪.‬‬

‫يقوم الباحث في تجربتو ىذه عمى المجموعة الواحدة بإضافة عامل واحد معروف‬
‫بالعامل التجريبي لمجماعة‪ ،‬ثم يق وم بقياس التغير الناتج‪ ،‬إذا كان ىناك تغير‪ ،‬ولتوضيح ذلك‬
‫نقدم المثال التالي‪:‬‬

‫قدم إلى الجزائر مجموعة من الطمبة األجانب بغرض الدراسة(بالمغة العربية)‪ ،‬فقامت‬
‫الجامعة بتنظيم امتحان ليم بغية معرفة مستواىم في المغة العربية‪ ،‬فوضعت سمما لمتنقيط‪،‬‬
‫وبعد تصحيح االمتحان ومعرفة النتائج وحفظيا‪ ،‬يوزع الطمبة عمى األفواج حسب مستواىم‪.‬‬

‫تنظم دروس خاصة ومكثفة في المغة العربية ليؤال الطمبة األجانب حسب مستواىم‬
‫في ىذه المغة –استنادا إلى نتائج االمتحان السابق‪ -‬وذلك لمدة محددة ثالثة أشير أو ستة‬
‫أشير‪.‬‬

‫وبعد انقضا تمك المدة‪ ،‬ينظم امتحان من جديد ألولئك الطمبة‪ ،‬ويصحح عمى أساس‬
‫سمم التنقيط السابق‪.‬‬

‫المقارنة‪ :‬يقوم الباحث بعممية المقارنة بين نتائج االمتحان األول ونتائج االمتحان الثاني‪.‬‬

‫‪ -‬فما ىي النتائج بالنسبة لمجميع؟ وبالنسبة لألغمبية؟‪.‬‬

‫إذا كانت النتائج ذات قيمة‪ ،‬أو بعبارة أخرى إذا تحسنت نتائج االمتحان الثاني‪ ،‬فإن‬
‫الفضل في ذلك يعود إلى الدروس المكثفة في المغة العربية‪ ،‬وىذه النتيجة تشكل العامل‬
‫األساسي المسؤول عن هذا التغيير‪ ،‬وبالتالي تعتبر العامل المؤثر (العامل التجريبي)‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التجريب عمى المجموعات المتكافئة‪.‬‬

‫يمكن استخدام مجموعتين أو أكثر في تجربة الجماعات بطريقة التناوب وعمى أن‬
‫تكون الجماعات متكافئة قدر المستطاع‪.‬‬
‫يطبق العامل التجريبي عمى كل مجموعة الواحدة بعد األخرى‪ ،‬بحيث تصبح كل‬
‫واحدة‪ ،‬كمجموعة تجريبية مرة ومجموعة ضابطة مرة أخرى‪ ،‬وذلك أثنا المراحل المختمفة‬
‫لمدراسة‪.‬‬

‫وخالصة القول فإن استعمال المنيج التجريبي ليس أم ار ىينا بالنسبة لمباحث في‬
‫مجال العموم االجتماعية‪ ،‬أما في مجال العموم الطبيعية‪ ،‬فيجري الباحث معظم تجاربو داخل‬
‫المخبر‪ ،‬حيث يستطيع أن يستبعد كل أو جل العوامل الخارجية التي تؤثر في المتغير‬
‫المستقل(العامل التجريبي)‪ ،‬وضبط تمك التي ال يستطيع استبعادىا‪ ،‬ثم يدخل العامل‬
‫التجريبي‪ ،‬ويبدأ في مالحظة التغيرات التي تحدث ويقوم بقياسو‪.‬‬

‫وفي األخير تجدر االشارة إلى أن المنيج التجريبي يتميز بالعديد من المزايا من‬
‫أىميا‪ :‬إمكانية تكرار التجربة‪ ،‬تحت شروط محددة عمميا(نفس الشروط)‪ ،‬عن طريق أكثر‬
‫من باحث‪ ،‬مما سيؤكد ثبات النتائج المحصل عمييا ميما كانت صحيحة أم خاطئة‪.‬‬

‫أما عيوب المنيج التجريبي‪ ،‬خاصة في مجال العموم االجتماعية‪ ،‬فتتمثل في‪:‬‬

‫‪ -1‬الوقوع في األخطا أثنا ضبط واختيار العينات لمتجربة‪.‬‬

‫‪ -2‬صعوبة تثبيت كل العوامل في التجربة‪.‬‬

‫‪ -3‬صعوبة معالجة بعض الحقائق الذاتية لممفحوصين الذين تشمميم التجربة مثل‪ :‬المكانة‬
‫االجتماعية‪ ،‬الدين‪ ،‬االيديولوجيا‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪ -4‬كما أن من أكثر األخطا شيوعا في ىذا المنيج‪ ،‬ميل الباحث لالعتماد عمى النتائج‬
‫التي تحصل عمييا في التجربة األولى دون تكرارىا‪.‬‬

‫‪ -5‬عدم توفر األدوات واألجيزة الدقيقة‪ ،‬قد يؤدي إلى بيانات ونتائج غير دقيقة‪.‬‬

‫‪ -6‬صعوبة إيجاد المجموعات المتكافئة‪.‬‬


‫المبحــــــــث الثالـــــــــــث‬

‫المنهــــــــج التجـــــــريـــــــــــــــــــــبي‬

‫يعتبر المنيج التجريبي من أقرب مناىج البحث العممي لحل المشاكل بالطريقة‬
‫العممية‪ ،‬نتعرض ليذا المنيج بدء بمفيومو‪ ،‬تم الخطوات أو المراحل التي يجب أن تتبع فيو‪،‬‬
‫كما نتطرق إلى الخصائص العامة ليذا المنيج ونختم ىذا المبحث بالتعرض ألنواع التجارب‬
‫أو ما يعرف بالتصاميم التجريبية‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفهوم المنهج التجريبي‪.‬‬

‫المنيج التجريبي و ذلك المنيج الذي يسعى إلى التحكم في جميع المتغيرات والعوامل‬
‫األساسية باستثناء متغير واحد‪ ،‬حيث يقوم الباحث بتغييره بيدف تحديد وقياس تأثيره في‬
‫العممية التجريبية أي التجربة‪.‬‬

‫إن التجريب في جوىره‪ ،‬تغيير عمدي مقصود ومضبوط بالشروط المحددة لحدث ما‪،‬‬
‫مع مالحظة التغيرات الواقعية في الحادث نفسو‪ ،‬إذ الباحث التجريبي ىنا ال يقف عند مجرد‬
‫وصف موقف موجود‪ ،‬أو تحديد حالة وانما يسعى قاصدا معالجة عوامل معينة تحت شروط‬
‫مضبوطة ضبطا دقيقا لكي يتحقق من كيفية حدوث حالة أو حادثة معينة‪ ،‬ويحدد أسباب‬
‫حدوثيا‪.‬‬

‫فالتجربة إذا تعني‪ :‬تغيير متعمد ومضبوط لمشروط بالشروط المحددة لحدث ما‬
‫ومالحظة التغيرات الناتجة في الحدث ذاتو‪.‬‬

‫فما ىو المنيج التجريبي؟‬


‫المنيج التجريبي ىو ذلك المنيج الذي ييدف إلى إقامة العالقة التي تربط السبب بالنتيجة‬
‫بين ا لظواىر والمتغيرات‪ .‬وإلقامة العالقة بين السبب والنتيجة فإننا نقوم بإجراء التجربة التي‬
‫يتم خالليا معالجة متغير أو أكثر بتغيير محتواه عدة مرات‪ ،‬ويسمى ىذا المتغير بالمتغير‬
‫المستقل‪ .‬إن ىذه العممية تسمح بدراسة أثار المتغير المستقل في المتغير الذي يتمقى تأثيره‪،‬‬
‫والمسمى بالمتغير التابع‪.‬‬

‫إن المنيج التجريبي يدرس الظاىرة الطبيعية الخارجة عن العقل‪ ،‬فيقوم الباحث‬
‫بوصفيا وتحميميا واخضاعيا لمتجربة العممية(وىو بذلك عكس المنيج االستداللي)‪ ،‬حيث‬
‫ينتقل من الخاص إلى العام‪ ،‬ويستق أر الظواىر الطبيعية بواسطة التجربة‪ ،‬الستقصاء أو‬
‫ا ستخالص القوانين العامة التي تحكميا‪ ،‬وليذا السبب يعتبر المنيج التجريبي منيجا‬
‫استقرائيا‪.‬‬

‫فما المقصود باالستقراء؟‬

‫يعرف االستقراء بأنو مجموع األساليب والطرق العقمية والعممية التي يستخدميا الباحث‬
‫في االنتقال من عدد محدد من الحاالت الخاصة إلى قانون عام أو قواعد عامة‪ ،‬يمكن‬
‫التحقق من صدقيا بتطبيقيا عمى عدد من الحاالت المشابية‪.‬‬

‫واالستقراء نوعان ىما‪ :‬االستقراء التام واالستقراء الناقص‬

‫اوال‪ :‬االستقراء التام‪ :‬ىو الذي يبحث جميع الحاالت والظواىر التي ينطبق عمييا حكم معين‬
‫قبل صياغة ىذه النتيجة عمى شكل قاعدة أو قانون‪ ،‬وىو ال يعنينا ألنو شاق ومتعذر‬
‫التحقيق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االستقراء الناقص‪ :‬وىو االستقراء العممي‪ ،‬يقوم عمى دراسة عينات منتقاة من الظاىرة‪،‬‬
‫وتعميم حكميا عمى جميع الظواىر المشابية‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬خطوات المنهج التجريبي‪.‬‬

‫إن خطوات المنيج التجريبي ىي نفسيا خطوات المنيج العممي بوجو عام‪ ،‬وتتمثل‬
‫ىذه الخطوات في المالحظة وفي وضع الفروض والقيام بإجراء التجارب لمتأكد من صحة‬
‫الفروض‪ ،‬وأخي ار محاولة الوصول إلى القوانين التي تكشف عن العالقات الموجودة بين‬
‫الظواىر‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مرحمة المالحظة العممية‪.‬‬

‫تعني المالحظة العممية المشاىدة الحسية المقصودة‪ ،‬المنظمة والدقيقة لمحوادث‬


‫والظواىر واألشياء‪ ،‬وىي تختمف عن المشاىدة واالنتباه العفوي والعرضي الذي يحدث دون‬
‫قصد أو تركيز‪.‬‬

‫وقد تعتمد المالحظة العممية عمى وسائل تكنولوجية متطورة لتقوية ومساعدة الحواس‬
‫كالمجير والمجير االلكتروني والكمبيوتر وااليكوغرافي والسكانير‪.‬‬

‫تعتبر المالحظة العممية المحرك األساسي لبقية خطوات المنهج التجريبي‪ ،‬إذ أنيا ىي التي‬
‫تقود إلى وضع الفروض واجراء التجارب عمييا الستخراج القوانين العامة والنظريات العممية‪.‬‬

‫ومن أمثمة ذلك‪ :‬أن العالم الذي ينظر في النباتات المختمفة وأصناف األوراق وأنواع‬
‫األزىار يتعين عميو أن ينظر في ىذه األشياء‪ ،‬ثم يقوم بعممية الوصف‪ ،‬ثم التعريف‪ ،‬ثم‬
‫التصنيف‪ ،‬لكنو ال يقوم بعممية التفسير والتجريب‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مرحمة الفروض العممية واختبار مدى صحتها‪.‬‬

‫تعرف ىذه المرحمة بأنيا تحميمية‪ ،‬إذ يقوم الباحث فييا بمحاولة تفسير الظواىر عن‬
‫طريق وضع الفرضيات أو الفروض التي تبين الروابط والعالقات التفاعمية بين أجزائيا‪.‬‬
‫ويقابل ىذا في مجال العموم االجتماعية ما يطمق عميو االشكالية والتساؤالت الناتجة عنيا‪.‬‬
‫تم يقوم الباحث باختيار مدى صحة تمك الفرضيات مباشرة‪ ،‬أو أن تؤدي إلى إثبات‬
‫قضية تكفي صحتيا إلثبات صحة الفرضيات المطموب اختبار مدى صحتيا‪ ،‬وبالتالي‬
‫تتحول ىذه الفرضية إلى قانون عام أو نظرية عممية‪ .‬في حين تستبعد الفرضيات التي بثبت‬
‫عدم صحتيا‪.‬‬

‫وبصفة عامة فإن ىذه المرحمة تنتقل من المالحظة إلى بيان الروابط‪ ،‬ثم افتراض‬
‫صحة الفرضيات بإجراء التجارب المختمفة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تنظيم القوانين الجزئية‪.‬‬

‫تعرف ىذه المرجمة بأنيا مرحمة تركيبية لكون الباحث فييا –بعد التحقق من صحة‬
‫الفرضيات عن طريق التجريب‪ -‬يحاول أن يركب شيئا فشيئا القوانين الجزئية لمظواىر حتى‬
‫يتسنى لو وضع قانون كمي وعام أو مبادئ عامة كمية‪ ،‬تصمح ألن يستخمص منيا بقية‬
‫القوانين الفرعية بواسطة االستدالل‪.‬‬

You might also like