You are on page 1of 6

‫تحليل نص مقتل ماري أبو خليل‬

‫تعرف اآلن أنها قامرت بكل شيء‬


‫ما ذا قالت‪ :‬ال تعرف‪ ،‬لم تقل شيئا مما جهزته‬
‫ولم يفه هو بكلمة‪.‬‬
‫ونزلت تميمه نصور السلم الخش((بي وح((دها إلى الجنين((ة‪ .‬ومن الجنين((ة إلى الب((اب تعالج((ه وال‬
‫تهتدي إلى فتحه‪ .‬وهاني الراعي حيث هو على السطح‪ ،‬واقف‪ ،‬وهذا ظله ينداح من فوقها فال تلتفت‪.‬‬
‫ثم كالخائفة منه‪ ،‬أو من نفسها‪ ،‬وضعت رأسها ومشت‪.‬‬
‫ودارت بها الطريق على التلة‪ ،‬فبرز ص ّنين ينفض عنه الليل‪ ،‬فجمدت إزاءه‪.‬‬
‫وظلت جامدة هكذا دقيقة طويلة‪ .‬وفجأة رفعت ك ّفها تمسح على وجهها صفعته‪.‬‬
‫ودفقت دموعها بوجه الفجر‪...‬‬
‫بقي هاني على الس((طح س((اهما‪ .‬وربم((ا دار على نفس((ه بين الع((رزال والعلّي((ة أو اس((تلقى على‬
‫حجر من حجاره‪ ،‬ولكنه ال يلبث حتى يثب‪ ،‬ما يستقر به مكان‪.‬‬
‫ول ّما وافته أم خاتون بقهوة الصباح وجدته مرتميا على سريره‪ ،‬وقد ش((بك يدي((ه تحت رأس((ه‪،‬‬
‫سو ته أمس‪ .‬فلم تتمالك أن قالت إنها كانت تسمع في الليل وقع خطاه على السطح‪ .‬قد‬
‫والفراش على ما ّ‬
‫رأت أص((حابه يخرج((ون ومعهم( الفتات((ان‪ ،‬ثم رأت إح((داهما ترج((ع وح((دها وال تغ((ادر إال قب((ل س((اعة أو‬
‫ساعتين‪ .‬ولكنها ال تحب التدخل في شؤونه وما تجسر‪ ،‬ومع ذلك لم تتمال((ك من الس((ؤال ه((ل من ش((يء‬
‫يشغل باله‪.‬‬
‫ال شيء‪ ،‬ال شيء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ودون أن يلتفت إلى القهوة‪ ،‬تركتها له أم خ((اتون وتركت((ه‪ ،‬ب((ادر الس((لم إلى س((يارته إلى رأس‬
‫بيروت إلى المستشفى األميركي فلوى بها إلى شارع عبد العزيز فالطريق المؤدّ ي إلى الش((قة‪ .‬وش(دّ م((ا‬
‫كانت دهشته إذ اعترضه شرطيان فمنعاه من المرور فانثنى فأوقفها حيث استطاع وأقبل ك(الراكض‪ .‬في‬
‫الطريق إلى البناية حيث ش ّقتها ‪-‬أجل هي البناية ذاتها‪ -‬ناس يتقاطرون وشرطة ينهرون الن((اس ط((البين‬
‫التنح ي‪ ،‬فينكفئون الهجين بالخبر‪ :‬واحد أطلق الرصاص على أخته‪ ،‬هنا في الطابق الثاني‪ ،‬الشقة‬
‫ّ‬ ‫إليهم‬
‫الش(ا ّذ‪ ،‬اس((مها تميم((ه ّ‬
‫نص(ور‪ ،‬تس((كن م((ع ممرض((ة في‬ ‫ال((تي على اليمين‪ ،‬أراد التخلص منه((ا لس((لوكها ّ‬
‫المستش((فى األم((ريكي في ّ‬
‫الش (قة ذاته((ا‪ ،‬أرادت الممرض((ة أن تحميه((ا فج((اءت الرصاص((ة في ص((درها‪،‬‬
‫اسمها ماري أبو خليل‪ ،‬أخذوها إلى المستشفى‪ ،‬الممرضة هي التي أخذوها إلى المستشفى‪.‬‬
‫وأخته؟‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫خلّصها الجار الذي يسكن الشقة المقابلة‪ .‬كان بالب((اب خارج((ا إذ طلعت الخناق((ة بوجه((ه‬ ‫‪-‬‬
‫على عتبة الباب اآلخر‪ .‬هو الذي قبض على الجاني وصرخ بها‪ :‬اهربي! هللا يعلم أين صارت‪.‬‬
‫فهرول هاني إلى المستشفى األميركي‪.‬‬
‫كانت المس ماري قد فارقت الحياة‪.‬‬
‫الساعة الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم تحولت بيروت إلى بحر هائج‪ .‬وحينما خرج هاني‬
‫تعج ب((الطالب المض((ربين وهم يرفع((ون‬
‫الراعي من المستشفى رأى الشوارع بوج((ه الجامع((ة األميركي((ة ّ‬
‫الالفتات متهيئين للسير إلى ساحة الشهداء من حيث تأتي أخبار تكسير محاّل ت وإحراق س((يارات "أه((و‬
‫مأتم أبي الهول اليافاوي؟"‪.‬‬
‫ولكن((ه لم يلبث أن ا ّطل((ع على األم((ر من س((ائر وجوه((ه‪ .‬فعلم أن م((وكب النعش لم يص((ل إلى‬
‫س((احة الش((هداء ح((تى اختل((ط بتظ((اهرة عظيم((ة ك((ان يق((وم به((ا الن((اس في الس((احة‪ .‬فس((قط الم((أتم على‬
‫التظاهرة كما يسقط الزيت على النار‪ ،‬فب((يروت في اض((طرام من أطرافه((ا األربع((ة‪ ،‬وعلى الوج((وه فيه((ا‬
‫هول النبأ‪ :‬في الليل زحفت القوات االسرائيلية على الجن((وب من ال((بر والج((و‪ ،‬وض((ربت المدفعي((ة ش((بعا‬
‫وكف((ر ش((وبا والفري((ديس والمهدي((ه‪ ،‬وهب((ط مظلي((و الع((دو فيه((ا والتحم((وا م((ع ق((وات الجيش واأله((الي‬
‫والف((دائيين في مع((ارك ض((ارية‪ .‬والجرائ((د تتح((دث ‪ -‬خط((ف ه((اني إح((داها يق((رأ العن((اوين على ع((رض‬
‫الص((فحات‪ -‬عن عش((رات القتلى والج((رحى‪ ،‬والمع((ارك مس((تمرة‪ ،‬ومجلس ال((وزراء منعق((د ط((ول اللي((ل‪،‬‬
‫والحكوم((ة أب((رقت إلى وف((دها في األمم المتح((دة بش((كواها الص((ارخة إلى مجلس األمن‪ ،‬تناش((د ض((مير‬
‫اإلنسانية وتشهد العالم على هذا االعتداء الجديد األثيم طالبة انس((حاب الق((وات االس((رائيلية من أراض((ي‬
‫الفارين من ميادين القتال تت((د ّفق على ص((يدا‪ ،‬ق((د وقف((وا أمس س((دّا بوج((ه وف((د‬
‫ّ‬ ‫لبنان‪ .‬وسيول النازحين‬
‫الصليب األحمر اآلتي من بيروت‪ ،‬وعلى رأسه عقيلة رئيس الجمهوري((ة‪ ،‬فلم ي((دعوه يت((ابع طريق((ه إلى‬
‫القرى المنكوبة ليفرغ ما تحمل سياراته من أغذية وإسعافات صارخين‪:‬‬
‫نريد سالحا ال نريد طحينا!‬ ‫‪-‬‬
‫وألقى هاني بالجريدة ونظر‪ .‬وصل الصراخ إلى ب((يروت‪ ،‬ف((الطالب يرفعون((ه ش((عارا إلى ج((انب‬
‫ّ‬
‫فشق لنفسه بين الجموع وقد شرعوا بمس((يرتهم‪ ،‬ي((دور بينهم‬ ‫شعارات أخرى كلها تنذر بالخطر الداهم‪.‬‬
‫في كل ناحية باحثا عن أصحابه‪ .‬والح له أحمد عدنان فناداه‪ ،‬ثم ليا شارون‪ ،‬وقف((ز الثالث((ة إلى الفي((ات‪،‬‬
‫مندفعين في الطريق الفرعية إلى قلب المدينة المشتعل‪.‬‬
‫‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫دفتر الخرطوش‬
‫بيروت في‪- ...‬المذكرة األخيرة في هذا الدفتر إلي((ك أكتبه((ا ي((ا ه((اني‪ ،‬من مك((ان م((ا‪ ،‬هن((ا على‬
‫خطوات من علّ يتك‪ .‬كان الرجل ينتظرني يريد أن نذهب من المرفأ رأسا ويلحقنا أبو عزيز اليافاوي بع((د‬

‫‪2‬‬
‫دفن ابنه‪ .‬ولك ّني لم أكن قادرة على التغيب عن مأتم أبي الهول‪ ،‬وعدت نفس((ي ب((ذلك في اجتماعن((ا أمس‬
‫حينما بحث األصحاب مسألة االشتراك في التشييع‪.‬‬
‫ولكن هل أنا عائدة من مأتم أبي الهول أم من مأتم نفسي؟‬
‫إن ضربة ك ّفك أثرها لن يزول‪ّ .‬‬
‫الصفعات ال((تي تلقيته((ا ح((تى من أمي وأخي ك((انت تلهب دمي‪.‬‬
‫وأحس لصفعتك على خدي مثل الندى‪ ،‬وفي قلبي سيتردد صداها كأجراس دير المطل حتى الموت‪.‬‬
‫َ‬
‫سبقت بها الن((اس ال((ذين يلعن((وني اآلن من ك((ل ص((وب؟ مع((اذ هللا‪ .‬ويقي((ني أن((ك م((ا‬ ‫أهي اللعنة‬
‫أعلي غض((بت أم على‬
‫ّ‬ ‫فك((رت بش((يء من ذل((ك ح((تى في اللحظ((ة ال((تي غض((بت فيه((ا غض((بتك الخرس((اء‪.‬‬
‫موجهة من خاللي إليه فضربك في ميت‪ .‬أما إذا كانت‪ ،‬كما أرج((و‪،‬‬
‫ّ‬ ‫صاحب ذلك االسم؟ إذا كانت صفعتك‬
‫لي أنا فهات يدك أق ّبلها‪ .‬ألنك لو أردت الستطعت بدال من ذلك أن تق((ول لي في وجهي م((ا يقول((ه حس((ين‬
‫علي كما أطلقه هو هذا‬
‫في ابن أبي وأمي‪ .‬أن ترجمني‪ .‬تذبحني‪ .‬أو تطلق الرصاص ّ‬
‫الق ّموعي وما يظنه ّ‬
‫الصباح يريدني‪ .‬وليته أصاب!‬
‫ك((ان باس((تطاعتك‪ ،‬على األق((ل أن تط((ردني‪ .‬أن ت((دير ظه((رك لي‪ .‬ولك((ني رأيت((ك تبقى س((اكتا‪،‬‬
‫منتصبا بوجه النجوم‪ ،‬ورأيت ظلّك ينداح من السطح فوقي ويغمرني‪.‬‬
‫إلي أن أعود؟ حسنا فعلت أنك تركتني‪ .‬أحب أن أعتقد أنك ت((ركت نفس((ك‬
‫لو ناديتني؟ لو طلبت ّ‬
‫لنفسك‪ .‬أما أنا فاعترف لك‪ .‬هممت بالرجوع‪ ،‬بالركوع على قدميك وغسلهما بالدموع‪ .‬وحسنا فعلت أن((ا‬
‫أيضا بأنني تابعت طريقي‪.‬‬
‫طريق مصيري‬
‫مرة أخرى‪ ،‬كان بإمكاني العودة وبإمكانك إرجاعي‪ ،‬هل س((ألت ع((ني‬
‫أنا ماضية فيه إل أقصاه‪ّ .‬‬
‫اليوم؟ هل مررت بج(انب الش( ّقة؟ ه((ل تلفنت؟ أن(ا واثق((ة ستس(أل ع((ني إن لم يكن الي(وم فغ(دا ‪-‬ولكن م((ا‬
‫الفائدة؟ إنه قدري شاء لي ولك‪ ،‬وال مردّ له‪ .‬وها هو قد قطع علينا كلينا‪ ،‬فال أنا أستطيع أن أع((ود إلي((ك‬
‫إلي‪.‬‬
‫بعد مصرع ماري أبو خليل من أجلي‪ ،‬وال أنت أرضى لك أن ترجع ّ‬
‫يتيس(ر لي أن أحض((ر م((أتم ز ّن((وب من قبله((ا‪ .‬فه((ل لي أن‬
‫ّ‬ ‫لن أحضر مأتم المس ماري‪ ،‬كما لم‬
‫أطلب منك أن تنوب عني‪ ،‬يا هاني‪ ،‬وأن تسألها أن تغفر في سمائها لتميمه‪.‬‬
‫إلى أين أنا ذاهبة؟ مع الليل إلى أن يطلع فجره‪.‬‬
‫ربما علمت أنت قبلي‪ .‬كل ما يمكنني اآلن أن أقوله إنني قاص((دة م((ع الرج((ل إلى حيث يع ّين((ون‬
‫لي وجهتي ومه ّمتي‪ .‬وكذلك أبو شرش((ور‪ .‬ه((و اآلن إلى ج((انبي ينتظ((ر ف((راغي من كتاب((ة ه((ذه الكلم((ات‬
‫إليك‪ .‬أبو عزيز اليافاوي ماش إلى الحرب‪ .‬هكذا يقول وهذا كل ما يعرفه‪ ،‬أما أنا‪...‬‬
‫تذكر أننا تكلمنا أمس في االجتماع عن أعم((ال العن(ف المخالف(ة للق(وانين المرع ّي((ة واألع(راف‬
‫المسلّم بها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مكاني هناك‪.‬‬
‫سأحارب تحت كل سماء ضدّ كل الشرائع والتقاليد التي ارتضاها المجتمع وأطعنها بيدي‪ .‬ألنه‬
‫علي حق الحياة‪ .‬ولما أراد أن يس((لبني باس((مها الحي((اة نفس((ها اق((ترف‬
‫ّ‬ ‫باسمها ‪-‬تحت سماء بالدي‪ -‬أنكر‬
‫بدل الجريمة اثنتين‪ :‬قتل ّ‬
‫أعز الصديقات وأنبلهن وأطهرهن‪ ،‬ونحر حبي‪.‬‬
‫ترى‪ ،‬يا هاني‪ ،‬أننا ما نزال على خالف‪ .‬اختلفنا على هذا أيضا أمس‪ ...‬أنت قلت من((ذ البداي((ة‪:‬‬
‫سنختلف على أمور كثيرة‪ .‬وهذا طريقي اآلن يختلف عن طريقك في النهاية‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬أهي النهاية حقا؟‬
‫أتصور ذلك‪ .‬ال أقدر‪ .‬ال أقدر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال أقدر أن‬
‫هات يدك‪ ،‬أياها‪ ،‬على خدّ ي‪ .‬فالرج((ل يس((تعجلني‪ .‬ويالقين((ا أب((و شرش((ور بع((د أن يوص((ل دف((تر‬
‫الخرطوش إلى أم خاتون لتسلّمه إليك‪ .‬فيه كل حياتي‪ ،‬وه((و ل((ك‪ ،‬وأن((ا بغ((ير حاج((ة إلي((ه‪ ،‬فلن أتكلّم بع((د‬
‫نصور‪.‬‬‫اليوم‪ .‬ومنذ اللحظة التي سأمشي فيها مع الرجل سيخرس اسم تميمه ّ‬

‫التحليل‬
‫مقدمة‪ :‬تعريف مختصر بالكاتب – تعريف بالرواية – طرح اإلشكالية (العامة والخاصة)‬
‫عرض ‪:‬‬
‫سياق النص‪:‬‬
‫يقع هذا الفصل في نهاية الرواية‪ ،‬وهو يأتي بعد محاولة اغتيال تميمة من طرف أخيها جابر‪.‬‬
‫المتن الحكائي‪:‬‬
‫يحتوي* هذا الفصل على مجموعة من األحداث أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬استرجاع هاني الراعي لما حكته له تميمة عن ماضيها مع رمزي رعد رغبة منها في أن يكون الزواج‬
‫الذي اتفقا عليه مبني على الصدق والصراحة‪ ،‬غ**ير أن**ه لم يتحم**ل ه**ذه الص**راحة فص**فعها على وجهه**ا‬
‫فخرجت غاضبة ال تلوي على شيء‪.‬‬
‫‪ -‬بقاء هاني الراعي في بيته حزينا قلقا ثم توجهه نحو شقة ماري* أب**و خلي**ل حيث تقطن تميم**ة الس**تئناف*‬
‫الحوار معها‪.‬‬
‫‪ -‬مفاجأة هاني الراعي بوجود الشرطة أمام الشقة وهم يصرفون الناس‪ ،‬ويمنعونهم من االقتراب‪.‬‬
‫‪ -‬اكتشافه لمحاولة اغتيال صديقته تميمة من طرف أخيها ج**ابر‪ ،‬وم**وت ص**ديقتها م**اري أب**و خلي**ل إث**ر‬
‫الرصاصة التي أصابتها خطأ بعد أن حاولت ان تحمي صديقتها‪*.‬‬
‫‪ -‬اعتقال جابر ونجاة تميمة‪.‬‬
‫‪ -‬الحديث عن سقوط شهداء في الساحة الطالبية بسبب المواجهات مع األمن‪.‬‬
‫‪ -‬اجتياح القوات اإلسرائيلية لبعض المدن في جنوب لبنان‪.‬‬
‫‪ -‬احتجاج لبنان في األمم المتحدة على غزو إسرائيل لبعض أراضيها‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة من تميمة إلى هاني الراعي تخبره فيها بمجموعة من األشياء أهمها‪ :‬حضورها* لم**أتم أبي اله**ول‬
‫وز ّنوب* نيابة عنها‪ ،‬وتأثرها* بالصفعة التي وجّهها* لها ألنها صدرت عن إنسان كانت تعتقد أنه يختلف عن‬
‫اآلخرين‪ .‬ثم إخباره بأنها التحقت بالفدائيين بشكل ال رجعة فيه‪.‬‬
‫الرهان‬
‫توجد رهانات كثيرة في هذا النص‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬حماس الّشبان الدائم‪ ،‬لقضايا سياسية واجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬معاناة الفلسطينيين بلبنان في ستينيات القرن العشرين‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫القوى الفاعلة‪:‬‬
‫يحتوي* هذا النص على مجموعة من القوى الفاعلة أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬تميم((ة‪ :‬وهي شابة متح**ررة تس**عى إلى تحقي**ق ذاته**ا واالنعت**اق من وص**ايا* المجتم**ع‪ ،‬تت**ابع دراس**تها*‬
‫بمدرسة المعلمين والمعلمات كما أنها تشتغل كي تعول نفسها‪ .‬ارتبطت بهاني الراعي بعد ان اف**ترقت* م**ع‬
‫رمزي* رعد‪ .‬وألنها فتاة صادقة فقد كشفت لصديقها عن عالقتها السابقة برمزي رعد غير أن هذا األخير‬
‫لم يتحمل األمر فصفعها الشيء الذي آلمها كثيرا‪ .‬تعرضت لمحاولة اغتيال من طرف أخيها‪ ،‬وفي* األخير‬
‫التحقت بالمقاوم**ة الفلس**طينية ألنه**ا اقتنعت أن النض**ال والمقاوم**ة هي الح**ل للقض**اء على ك**ل مظ**اهر*‬
‫التخلف واالستبداد‪*.‬‬
‫‪ -‬هاني الراعي‪ :‬شاب مسيحي من دير المطل يتابع دراسته في تخصص الهندسة‪ .‬هو ال**ذي س**بق ل**ه أن‬
‫ساعد تميمة عندما أصيبت في إحدى المظاهرات بعد ذلك صارا صديقين ثم عاشقين‪ .‬لم يتحم**ل ص**راحة‬
‫تميمة عندما حدثته عن عالقتها السابقة بالصحافي رمزي* رعد‪.‬‬
‫‪ -‬ماري خليل‪ :‬هي الصديقة الحميمة لتميمة‪ .‬وهي ممرضة كانت على وشك الزواج بأكرم الج**ردي قب**ل‬
‫وفاتها* متأثرة بالرصاصة التي أطلقها عليها جابر‪.‬‬
‫‪ -‬جابر‪ :‬أخ تميمة‪ ،‬شاب فاشل وفاسد‪ .‬سرق* ثروة والده وب**ذرها* في المالهي والحان**ات كم**ا س**بق ل*ه أن‬
‫نص*ب نفس*ه‬ ‫اغتصب أخته من أبيه وه*و الش*يء ال*ذي أث*ر على أم*ه إلى أن أص*يبت بالش*لل‪ .‬رغم ذل*ك ّ‬
‫وصيا* على األخالق وقرر* قتل أخته ألن سلوكاتها كما يعتقد‪ ،‬تضر بسمعة العائلة‪ ! ‬‬
‫‪ -‬كما أن هناك قوى فاعلة أخرى مثل الشرطة‪ ،‬المستشفى‪ ،‬الموت‪ ،‬المقاومة الفلسطينية‪ ،‬الجار الذي أنقذ‬
‫تميمة وقبض على جابر وغيرها‪ .‬ويمكن تنظيم مختلف هذه القوى ضمن الخطاطة العاملية التالية‪:‬‬
‫الموضوع‪ :‬متابعة النضال ضد كل أشكال الظلم‬ ‫الذات‪ :‬تميمة‬
‫المرسل إليه‪ :‬المرأة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام‬ ‫المرسل‪ :‬خيبة أملها في الجميع‬
‫المعيق‪ :‬إسرائيل والعقلية الذكورية‪.‬‬ ‫المساعد‪ :‬المقاومة الفلسطينية‬

‫الرؤية السردية‪ :‬هي الرؤية من الخلف ألن السارد عالم بكل شيء والضمير الموظف* هو ضمير‬
‫الغائب‪.‬‬
‫البعد االجتماعي والتاريخي‪:‬‬
‫البع((د الت((اريخي‪ :‬يص**ور* النص األح**داث ال**تي عاش**ها لبن**ان في الس**تينيات من الق**رن العش**رين‪ ،‬من‬
‫صراعات سياسية وإثنية طاحنة سواء على المستوى* الداخلي أو الخارجي الشيء الذي جعل هذه الرواي**ة‬
‫تستحق* أن تنعت بكونها* رواية الح**رب قب**ل الح**رب (المقص**ود ه**و الح**رب األهلي**ة ال**تي انفج**رت س**نة‬
‫‪.)1975‬‬
‫يحتوي* النص على مجموعة من األحداث واألبعاد* االجتماعية‪ ،‬وهي على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬تنامي المقاومة الفلسطينية بجنوب لبنان واجتياح إسرائيل أكثر من م**رة لألراض*ي* اللبناني**ة مم**ا ك**ان‬
‫يدفع بالحكومة أن تحتج لدى األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلضرابات المستمرة من طرف الطلبة مم**ا ي**بين أن األوض**اع السياس**ية في لبن*ان ك**انت على ص*فيح‬
‫ساخن‪.‬‬
‫‪ -‬سيادة القيم الذكورية األبوية المتخلفة وتمكنها حتى الفئات التي تعتقد أنها متح**ررة وعص**رية (تعام**ل‬
‫هاني مثال مع تميمة لما حكت له عن ماضيها* مع رمزي رعد)‪ ،‬وتتجلى* ه**ذه القيم أيض*ا بش**كل مكش**وف‬
‫في محاولة جابر قتل أخته صونا لما يعتقده شرفه رغم أنه ال يتردد في مرافقة الفتيات كما شاء‪ ،‬كم**ا أن**ه‬
‫اغتصب الخادمة زنوب التي انتحرت وهذا دليل على حجم النفاق المتفشي في المجتمعات العربية‪.‬‬

‫البعد النفسي‬
‫يحضر* البعد النفسي في هذا النص من خالل مجموعة من التيمات العاطفية والنفسية‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬غضب تميمة بسبب رد فعل هاني الراعي الذي صفعها عندما صارحته بماضيها " ظلت جام**دة هك**ذا‪،‬‬
‫تعرف اآلن أنها قامرت* بكل شيء"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬قلق هاني الراعي بسبب تعامل**ه الخس**يس م**ع تميم**ة " م**ا يس**تقر ب**ه مك**ان" يبقى ه**اني على الس**طح‬
‫ساهما"‪ .‬كما أن إحساسه بالندم دفعه إلى أخذ سيارته والتحاقه بتميمة‪.‬‬
‫‪ -‬دهشة هاني الراعي لما اعترضته الشرطة ومنعته من الدخول لشقة حبيبته "وش**د م**ا ك**انت دهش**ته إذ‬
‫اعترضه شرطي* فمنعه من المرور"‪.‬‬
‫‪ -‬الحقد والكراهية وهي الصفات االتي يتصف بها جابر مما دفعه إلى محاولة قتل أخته‪.‬‬
‫‪ -‬خبث ونفاق المجتمع وهو الشيء الذي جعلها تعتزل الناس وتلتحق بصفوف الفدائيين‪.‬‬
‫األسلوب‬
‫يتميز أسلوب هذا النص بمجموعة من المقومات أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬السرد بضمير الغائب‪ ،‬إذ أن الكاتب انتدب ساردا غير مشارك* في األحداث لرواية وقائع هذا النص‪.‬‬
‫أما عن طرائق العرض فنذكر‪*:‬‬
‫‪ -‬الحوار الخارجي الذي يدور* بين ه**اني ال**راعي والش**رطي* ال**ذي أخ**بره بوف**اة م**اري خلي**ل‪ ،‬وللح**وار*‬
‫وظائف* كثيرة منها أنه يترجم* مواقف ووجهات نظر الشخصيات‪.‬‬
‫‪ -‬الوصف‪ ،‬وهو مكون اساسي يضيء بعض الجوانب التي تحتاج إلى اإلضاءة كالخصائص* الفزيولوجية‬
‫والنفسية للشخصيات واألماكن وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬إلى جانب هذه الخصائص األسلوبية يتميز النص بمجموعة من المقومات األس*لوبية األخ*رى كتوظي*ف*‬
‫بعض التعابير* الشعرية‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫تلخيص‪:‬‬
‫الصراع بين السلطة والحرية‪:‬‬
‫يتضح من خالل هذا الفص**ل أن المعرك*ة ض**د المجتم*ع ال*ذكوري* وس*لطته الممت**دة‪ ،‬والعقلي**ات التقليدي**ة‬
‫شبان أو الكبار ليست بالمهمة السهلة‪ ،‬ألن العقبات التي اعترضت طريق* تميمة ك**انت كث**يرة‬ ‫سواء لدى ال ّ‬
‫ومعقدة وغير منتظرة‪ .‬فهاني الراعي الذي كان يقدم نفسه على أنه ش**اب متح**رر* وتق**دمي ويح**ارب القيم‬
‫التقليدية سرعان ما انكشفت حقيقته بمجرد أن ص**ارحته تميم**ة بعالقته**ا الس**ابقة برم**زي* رع**د‪ .‬وأخوه**ا‬
‫حاول اغتيالها ألنها أرادت فقط‪ ،‬أن تكون إنسانة ح*رة‪ .‬وأمه*ا ب*الرغم من وض*عيتها* البئيس*ة‪ ،‬وتفاهمهم*ا*‬
‫المتقطع لم تستطع أن تم* ّد له**ا ي**دا ألن تتح*رّر‪ .‬ل**ذلك يمكن اعتب**ار التحاقه**ا بالف**دائيين الفلس**طينيين ليس‬
‫هزيمة أو هروبا‪ ،‬بل استمرارا في النضال بطريقة أخرى‪ ،‬ربما أك**ثر جذري**ة‪ ،‬ألن التح**رر من االحتالل‬
‫واالرتباط بقضايا كبرى‪ ..‬ه**و الطري*ق* للتح**رر من ك**ل أش**كال االس**تبداد والقه**ر والظلم بم**ا فيه**ا الظلم‬
‫االجتماعي والذكوري منه بش*كل خ*اص‪ .‬وختام**ا يمكن الق*ول إن توفي**ق يوس**ف ع**واد ق*د توف**ق ‪ ،‬به*ذه‬
‫الرهان**ات الداللي**ة والجمالي**ة ال**تي ح ّققه**ا في عمل**ه في إنت**اج نص روائي* متم**يز ومقن**ع في العدي**د من‬
‫المستويات* أثنى عليه الكثير من القُ ّراء والنقاد‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like