Professional Documents
Culture Documents
8ـ مصادر صحيح البخاري
8ـ مصادر صحيح البخاري
املراد بمصادر صحيح البخاري الكتب واملصنفات والصحف التي سبقته ،والتي استفاد منها
وانتقى منها األحاديث ،ومعرفة هذه النقطة مهمة جدا ،ألن الكثري من املغرضني يشككون يف
صحيح البخاري ،ويزعمون أن هناك أكثر من مئتي سنة مفقودة ،ويظنون أن الرواية كانت شفاهية
حمضة كل هذه السنني ،والواقع أن كتابة احلديث بدأت مفرقة منذ عهد النبي صىل اهلل عليه وسلم
وعرص الصحابة ،وبدأ التدوين الرسمي يف عهد التابعني ،وكانوا يكتبون األحاديث يف الصحف
التي تعرف بالنسخ ،وهي األحاديث املروية عن راو معني ،مثل صحيفة مهام بن منبه عن أيب هريرة،
أو املروية بسند معني مثل صحيفة أيب الزناد عن األعر عن أيب هريرة.
ثم ظهرت املصنفات اجلامعة ،كمصنفات عبد اهلل بن املبارك ،ومالك بن أنس ،وعبد اهلل بن
وهب ،ومحاد بن زيد ،وسفيان الثوري ،واألوزاعي ،وعبد امللك بن جريح ،والليث بن سعد،
وغريهم.
1
فالبخاري ـ وكذا غريه من األئمة املصنفني ـ مل تصلهم هذه األحاديث باملشافهة املحضة
وبحفظ الصدور فقط ،بل وصلتهم هذه النسخ والصحف والكتب واملصنفات ،وسمعوها عىل
مؤلفيها أو عىل تالميذهم أو من بعدهم ،وانتسخوها منهم ورووها عنهم ،والبخاري رمحه اهلل انتقى
منها ما يوافق رشطه ورواه باإلسناد ،وهذا ال يمنع أن يكون البخاري أحيانا يدون من الكتب
وأحيانا يكتب من حفظه ،ألنه تلقى هذه األحاديث ضمن هذه الكتب وحفظ ما فيها.
ـ نسخة إبراهيم بن طهامن ،وهي مطبوعة خطأ باسم مشيخة ابن طهامن.
2
ـ مصنفات عبد الرزاق الصنعاين.
ـ موطأ اإلمام مالك ،حيث روى ما يف املوطأ عن بعض تالميذ مالك :كعبد اهلل بن يوسف
التنييس.
ـ مسند احلميدي عبد اهلل بن الزبري ،وأول حديث يف البخاري رواه من طريقه.
ونستطيع أن نقول :إن معظم ما يف صحيح البخاري مروي من طريق كتب أو مصنفات
سبقته ،أو من طريق صحف مكتوبة كانوا يتداولوهنا باحلفظ والسامع والرواية.
بل كان اإلمام البخاري كثريا ما يطلب من شيوخه إخرا أصوهلم ليأخذ األحاديث منها،
وخصوصا إذا كان شيخه الذي يأخذ عنه ضعيف احلفظ ،فالبخاري حيرص عىل األخذ من كتبه
ال من حفظه ،ومن أمثلة ذلك ما قاله شيخه إسامعيل بن أيب أويس( :ما أخذ عني أحد ما أخذ عني
حممد ،نظر إىل كتبي فرآها دارسة ،فقال يل :أتأذن يل أن أجددها؟ فقلت :نعم ،فاستخر عامة
3
وقال البخاري( :مل تكن كتابتي للحديث كام كتب هؤالء ،كنت إذا كتبت عن رجل سألته
احلديث إن كان الرجل فهام ،فإن مل يكن ،سألته أن خير إيل أص َله
َ ومحله
عن اسمه وكنيته ونسبته َ
ونسخته).
واحلقيقة أن قضية مصادر صحيح البخاري ينبغي أن تعد هلا دراسة خاصة ،بحيث تطبق عىل
ما وصلنا من الكتب السابقة عىل صحيح البخاري ،وختر األحاديث منها ،فسنجد املطابقة بينها
وبني البخاري تامة ،فنعلم أن املصادر األخرى التي مل تصلنا قد اعتمدها البخاري ونقل منها بطريقة
لكن طريقة الرواية كانت بحدثنا وأخربنا ،ومل يكونوا يرصحون بأهنم يروون من طريق
الكتب إال قليال ،مثل قول البخاري رقم (( :)333حدثنا احلسن بن مدرك قال :حدثنا حييى بن محاد
قال :أخربنا أبو عوانه ـ اسمه الوضاح ـ من كتابه ،قال :أخربنا سليامن الشيباين).
4