You are on page 1of 98

‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫‪1‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫‪2‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫لُغةُ ال ُحزن‬
‫عبد الرحمن معروف‬

‫فيسبوك‪:‬‬
‫‪https://www.facebook.com/profile.php?id=1‬‬
‫‪00051442894037&mibextid=ZbWKwL‬‬

‫تصميم الغالف‪:‬‬
‫مروة سالمة‪.‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة لدى المؤلف‪..‬‬

‫‪3‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫اإلهداء‬

‫" ال تنس من كان معك من البداية "‬

‫ال أنسى تلك التي لطالما كانت كلماتها‬


‫تصطحبني أينما ذرفت أحالمي اليأس‪..‬‬
‫كان حق للقين أن يتحقق‪..‬‬
‫فهذا إيمانك اليوم يجني ثمار يقينه‪..‬‬
‫وها أنا اليوم أهديك خالص شُكري على‬
‫دعمك القدير‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ثمة نص يُشبهك‪....‬‬

‫‪5‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أمتلكُ شيئا أعظم‬

‫لستُ كاتبا ً حتى أكتب عنك‪..‬‬


‫ولستُ أديبا ً أو شاعرا ً حتى أنهال عليك بكلماتي المعسولة‪..‬‬
‫ولستُ صاحب تجارب في الحياة حتى أقص عليك تجاربي‪..‬‬
‫ولستُ حكيما ً حتى تستمعي إلى حكمي ونصائحي‪..‬‬
‫ال أمتلكُ شيئا ً من هذا القبيل‪..‬‬
‫لكنني أمتلكُ ما يؤهلني أن أكون لك كل ذلك‪..‬‬
‫أمتلكُ ما يصن ُع المعجزات‪...‬‬
‫أمتلكُ الحب لك‪!..‬‬

‫‪6‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ما زلتُ أراك‬

‫ما زلتُ أراك رغم كل شيء‪ ،‬رغم رحيلك وبعدك‪ ،‬رغم‬


‫محاوالت تجنبك‪..‬‬
‫كعادتي ما زلت أحادثك وسط غرابيب الليل‪ ،‬أقضي الليل‬
‫متأمالا أسارير كلماتك‪..‬‬
‫أ ستيقظ في الصباح على أنغام صباحياتك الفريدة‪ ..‬فمعها تجتم ُع‬
‫ك ُل ألحان الجمال‪..‬‬
‫ما زلتُ أ ُمسك هاتفي وأرس ُل لك كل التفاصيل التي تحدث‬
‫معي‪..‬‬
‫ما زلتُ أفع ُل كل شيء وما زالوا في كل يوم يأخذون بيدي إلى‬
‫الطبيب‪..‬‬
‫وبعد جلسة طويلة من اليأس يخطُ بيديه في ورقة صغيرة بعض‬
‫وأكتب مكانها‪:‬‬
‫ُ‬ ‫األدوية فأخذ تلك الورقة وأغطي تلك النصوص‬
‫عودتك!‬

‫‪7‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫الضرباتُ نوعٌ من اإلدراك‬

‫الضرباتُ تجعلك تُدركُ حدود األشياء‪...‬‬


‫فـ ضربة الخذالن تجع ُل للثقة حدود‪..‬‬
‫وضربة الفراق تجعل للتعلق حدود‪..‬‬
‫أما ضربة الحب فتجعلك تقرأ كل من يقول لك‬
‫أنا أحبك‪:‬‬
‫أريدُ قتلك مرة أخرى!‬

‫‪8‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ابتسامةٌ مجهولة‬

‫في خضم المعاناة‬


‫وجراح الماضي‬
‫وبؤس الحاضر‪..‬‬
‫تتولد ابتسامة طفيفة تبعث بالحياة على مالمح قد فارقتها الروح‬
‫منذ أمد بعيد‪..‬‬
‫أسارير وجهك‪...‬‬
‫ُ‬ ‫تبته ُج‬
‫ولست تدري ماهية هذه االبتسامة!‬
‫أهي ابتسامةُ صمود في وجه الصعاب؟‬
‫أم غيث أقبل وسـيتوارى عما قريب!‪..‬‬
‫من ذا يسير ضاح اكا بينما رماح األلم تختزل روحه عن الحياة!؟‬
‫ال شيء من هذا القبيل يا صديقي‪..‬‬
‫فهذه ابتسامة الرمق األخير‪..‬‬
‫إنها بدايةُ النهاية‪!..‬‬

‫‪9‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ْ‬
‫خادعون‬ ‫ُم‬

‫إننا قوم عجاف المشاعر‪ ،‬ال نهتم وال نبالي بأحد‪..‬‬


‫نودعُ الراحلين بجفاء ونتلقى الخذالن بثبات‪..‬‬
‫ال العي ُن تحكي دموعا ا وال المالم ُح تشتكي حزنا ا‪ ..‬كأنما قلوبنا‬
‫خلقت من حجارة‪..‬‬
‫نحن قوم كذابون‪..‬‬
‫أفاكون‪..‬‬
‫مخادعون‪..‬‬
‫فنحن ضعفاء جدا ا‪..‬‬
‫إننا نبكي دما ا وتسود مالمحنا كمدا ا‪..‬‬
‫القمر يوما ا لهلكنا‪..‬‬
‫ُ‬ ‫لكن لنا ا‬
‫ليال يسترنا‪ ،‬فلو غاب‬
‫فنح ُن ضحايا كبريائنا‪..‬‬

‫‪10‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫لن تنسى‪!...‬‬

‫يسير عائدا ا إلى منزله‬


‫ُ‬ ‫بينما كان الطفل سالم ذو الثمانية أعوام‬
‫يحم ُل في يده بعض الحاجيات التي ابتاعها من البقال العم خالد‪،‬‬
‫وكعادة األطفال يجذبهم أي شيء يمرون به‪ ،‬مر الطفل على‬
‫مجموعة من العمال ينصبون صرحا ا عظيماا‪ ،‬وخلفهم أحدث‬
‫المعدات التي لم يرها الطفل في حياته قط‪ ،‬فأخذ يسير وعيناه‬
‫تنظر إليهم بدهشة‪ ،‬فجأة تعثر الطفل بحجر فاحتضنته األرض‬
‫بكل قوة حتى أوشكت عظامه أن تتهشم‪ ..‬سقط ولم يبرح مكانه‬
‫فال قوة له على النهوض‪ ،‬لم تكن أمه بجانبه كي تركض نحوه‬
‫وتشفي غليله بانتقامها من األرض التي آذته‪ ...‬حينها كان يتيما ا‬
‫من الحنان‪ ،‬ينخر الضعف جسده‪ ،‬فال أحد هنا يعرفه على نفسه‬
‫ليقول له أنت قوي‪ ،‬أنت بطل‪..‬‬
‫رآه شيخ فأقبل إليه وأجلسه على حافة الرصيف وضمه إلى‬
‫صدره ومسح على جرحه ثم ضمه إلى صدره ثانية وهمس في‬
‫أذنه ال تبك يا بُني سوف تكبر وتنسى‪ ،‬ثم تركه يلملم أنفاسه‬
‫يسير في حال سبيله‪ ،‬لحظات وينهض بعدها الطفل‬
‫ُ‬ ‫وراح الشيخ‬
‫ليكمل طريقه‪ ،‬سار كل منهما في طريق معاكس‪ ،‬توقف الشيخ‬

‫‪11‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫قليال ثم استدار بجسده يرقب الطفل‪ ،‬تبسم ابتسامة السعيد النادم‬


‫ثم همس في نفسه مخاطبا ا الطفل‪:‬‬

‫آسف يا صغيري‪ ،‬الحقيقةُ أنك لن تنسى ولو كبرت ألف عام‬


‫ح ليس نهاية الجراح حتى يعم السال ُم من بعده‪..‬‬
‫وعام‪ ،‬فهذا الجر ُ‬
‫ستصاب بجرح آخر أشد ظلمة من ذي قبل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫نعم ستكبر‪ ،‬لكنك‬
‫وآخر ُيهشمك فال يتركُ فيك إال بقايا محطمة‪ ،‬وآخر يلوي‬
‫ابتسامتك فال يُبقي منها شيئا ا‪..‬‬
‫ستكبر‪ ،‬لكنك لن تنسى‪...‬‬
‫ستكبر وتتمنى أنك لم تنس هذا الجرح الرحيم‪...‬‬
‫آسف يا صغيري‪ ،‬سامحني على كذبتي البيضاء‪...‬‬

‫‪12‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫مفاوضة‬

‫يدنو إليك الحنين‪..‬‬


‫يُفاوضك على العودة‪..‬‬
‫يتلو عليك أنين الذكريات‪..‬‬
‫يهديك رواية بعنوان "حديث الليل"‬
‫يرس ُم أحداث لقاء لن يحصل‪..‬‬
‫يحتوي األحالم بين قلبه ليسد مخمصة اشتياقه بكسرة من‬
‫األحالم اليابسة‪..‬‬
‫يشدو مترجالا بنصوص غزلية يلقيها على مسامع طيفك الحائم‬
‫في مكان ما هاهنا‪..‬‬
‫يهمس يائسا ا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُثرثر كثيرا ا ثم‬
‫ي ُ‬
‫أتسمعينني عزيزتي؟‬

‫‪13‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫اإلفراط انتحار‬

‫اإلفراطُ في األمل يخل ُق منك شخصا ا ُمتواكالا يتش ُ‬


‫بث بأحالم‬
‫ُمستحيلة‪..‬‬
‫فيطُو ُل االنتظ ُ‬
‫ار الذي ال نهاية له‪..‬‬
‫تندب أحالمك ال ُمتمردة‪..‬‬
‫ُ‬ ‫فتغدُو يائسا ا‬
‫اإلفراطُ في األمل انتـحار للواقع‪!..‬‬

‫‪14‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ذكريات‬

‫على ضفاف نهر الحنين عكفتُ أُحصي ذكرياتي‪..‬‬


‫صها برفق كـ كنز ثمين عثرتُ عليه حينا ا‪..‬‬
‫أتفح ُ‬
‫فأهُديها بعضا ا من ُمفردات الحب ثُم أحذفها إلى النهر فت ُ ُ‬
‫حدث‬
‫جلبة تدوي لها أحال ُم اللقاء‪..‬‬
‫فتُشر ُق الشمس متوهجةا لتُخبرني أن آن اند ُ‬
‫ثار األحالم ليحين‬
‫وقتُ االستيقاظ‪..‬‬

‫‪15‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ال شيء لنا‪..‬‬

‫ليس لنا من الحب إال الحديث‬


‫وليس لنا من السعادة إال األمل المركون في زاوية بمتاهة‬
‫على جزيرة ال خريطة لها‪!..‬‬
‫ليس لنا في اللقاء إال الخيال‪...‬‬
‫ليس لنا في شيء نتنفسهُ إال الخذالن‪ ،‬كأنما هو ملك وكأننا له‬
‫عبيد‪ ،‬ننحني حاملين على ظهورنا زادا ا من الثقة فيتبدد بين‬
‫ج من بابه إال رسول يؤذ ُن بحكم‬ ‫يديه‪ ،‬كملك جائر ال يخر ُ‬
‫اإلعدام‪!...‬‬

‫‪16‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫لسنا متكبرين‪..‬‬

‫غرورا‪...‬‬
‫ا‬ ‫ليس كبرا ا يا صديقي وليست غطرسةا أو‬
‫لكنهُ شيء آخر شاق على اآلخرين استيعابه‪ ..‬والتبرير لن يجدي‬
‫غالبا ا‪..‬‬
‫ربما تستطيع تسميته خوفا ا أو خشيةا‪..‬‬
‫خشية أن نُعلق أحدا ا بنا أو نتعلق بأحدهم‪ ،‬ما لنفسنا علينا من‬
‫بال‪...‬‬
‫ال نخشى أن نكون نح ُن وحدنا الضحايا‪ ..‬على األقل سيكون قد‬
‫زارنا الربيع قبيل العاصفة‪..‬‬
‫أو كما يقول غسان كنفاني‪:‬‬
‫"البقاء مع شخص تحبه وأنت تعلم أنك ستفارقه‪ ،‬كاللعب تحت‬
‫المطر؛ ممتع‪ ،‬لكنك تعلم أنك ستمرض الحقاا‪".‬‬
‫فقط نخشى إذا مر اسمنا في خاطر أحدهم تداعى له األلم‪،‬‬
‫ت ُرعبني كثيرا ا فكرة أن تقترن ذكراي بحزن أو ألم‪...‬‬
‫والنفس يا صديقي ال طاقة لها بصفعة أخرى وألم آخر ‪ ..‬والحياة ُ‬
‫ُ‬
‫ليست لنا طوعا ا‪!..‬‬
‫‪17‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫لستُ أنا‬

‫يجهش ألما ا‪..‬‬


‫ُ‬ ‫صوتُ بكاء يمأل أركان غرفته‪ ،‬يع ُج بحزن قاتم‪،‬‬
‫يترج ُل من شرنقة سريره‪..‬‬
‫يناديها بصوت خافت‪ ،‬لم تبكين يا صغيرتي؟ تعالي إلي أضمك‬
‫بين ذراعي ألهبك دفئا ا‪..‬‬
‫سأذهب بك في الصباح إلى الحديقة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫توقفي عن البكاء وأنا‬
‫يداعب نسي ُم الصباح خصالت شعرك‬‫ُ‬ ‫نهرول بين الحقول بينما‬
‫سنقطف الزهور ونتأمل بزوغ الصباح ثم سأشتري‬ ‫ُ‬ ‫الذهبية‪..‬‬
‫لك دمية ساندريال التي تشبهك كثيرا ا‪..‬‬
‫فقط أرجوك توقفي عن البكاء فصوتك يصيبني بصداع ويمنع‬
‫عني النوم‪...‬‬
‫يحث خطاه بتريث في أرجاء المنزل باحثا ا عنها‪...‬‬
‫ُ‬
‫ثم يتذكر بأنه وحيد ال زوجة له وال ابن‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫يقبض بيده على يسار صدره ويرتمي على أريكته وهو يتمتم‪..‬‬
‫ُ‬
‫آسف آسف‪ ،‬حاولتُ إلقاء اللوم على شخص آخر وتجاهلك‬
‫لكنني وحيد وحيد‪ ...‬توقف عن البكاء صغيري‪...‬‬

‫‪19‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ال بأس‬

‫لقلب حزين‪..‬‬
‫مسه من وغثاء ال ُحب حنين‪..‬‬
‫لعاشق بئيس‪..‬‬
‫ال أمل له في لقاء قريب‪..‬‬
‫لمجهول غريب‪..‬‬
‫بالغ في غرابته حتى بات عن نفسه غريب‪..‬‬
‫ل ُمهاجر بعيد‪..‬‬
‫يح ُن إلى وطن ال وصال له به سوى الحنين‪..‬‬
‫ال بأس‪ ،‬يوم آخر ليس بغريب وال عجيب‪!..‬‬

‫‪20‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫وداعا أنا‪...‬‬

‫ودعتك ملوحا ا بيدي أرفرف بها‬


‫أعزف حديثا ا‬ ‫ُ‬ ‫على قيثارة الشجو‪،‬‬
‫خافتا ا يسري ناحية صدري‬
‫تتراقص‬
‫ُ‬ ‫ليستقر على يساره‪،‬‬
‫المشاعر متخبطةا بين غد‬
‫تتبعثر األحال ُم على‬
‫ُ‬ ‫االنطواء‪،‬‬
‫وقع ُحزني‪ ..‬لم أكن أقص ُد‬
‫وداعك أنت‪ ،‬كنتُ أودعُ‬
‫ابتسامتي ومرحي وبشاشة‬
‫وجهي‪ ،‬كنتُ أودعُ غيثا ا يتهل ُل‬
‫من أمل يقط ُن بداخلي‪...‬‬
‫لوحتُ بيدي لوداعك لكني كنتُ‬
‫أودع نفسي‪!..‬‬

‫‪21‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫اغتيال‬

‫تظ ُل األشجار محافظةا على جمالها ورونقها‪،‬‬


‫تحتض ُن كل األوراق بين جذوعها‪ ،‬ال تهدمها‬
‫شدة الرياح وال غزارة األمطار‪..‬‬

‫تبقى كذلك طيلة ثالث فصول ثم يأتي فصل‬


‫فتجف‬
‫ُ‬ ‫واحد ل ُينهي كل صمود ويبدد كل بهاء‬
‫األوراق فتصب ُح هينةا رثةا تهوي بها نسمةُ‬
‫هواء‪!..‬‬

‫بعض األشخاص‪ ،‬يمرون عليك‬‫ُ‬ ‫وهكذا هم‬


‫فيغتالون بداخلك كل ثقة وكل إخالص‪ ،‬يمحون‬
‫كل حب وكل وفاء‪...‬‬
‫فيبددون كل شيء جميل فيك ويرحلون‪!..‬‬

‫‪22‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫غروب مؤلم‪..‬‬
‫ٌ‬

‫اعتدتُ أن أتلمس األمل في صديقي‪ ،‬فقد‬


‫كان وجههُ نابعا ا باألمل وابتسامته ساترا ا‬
‫لأللم‪...‬‬
‫عيناهُ الالمعتان بغد مشرق‪ ،‬مالمحهُ‬
‫الباعثة بالسرور‪ ،‬وحديثهُ المبهج‪..‬‬
‫كان مبتسما ا وسط وجوه شاحبة‬
‫بالحزن‪..‬‬
‫سعيدا ا ببين أبابيل من بؤس‪..‬‬
‫يغرب لحظةا واحدة‪..‬‬
‫ُ‬ ‫ُمشرقا ا ال‬
‫أمطرت األبابيل وغابت الشمس‪ ،‬فباتت‬
‫مالمحهُ تحكي كل مرادفات األسى‪!..‬‬

‫‪23‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫لقد عادوا‪ ...‬ولكن متى؟‬

‫حين تعتا ُد على وحدتك وتتصالح مع نفسك ُمستمتعا ا‬


‫تكتب روايةا ت ُخطها‬
‫ُ‬ ‫بتعاستك‪ُ ،‬منزويا ا بركن غرفتك‪،‬‬
‫في ُدجى أحالمك‪..‬‬
‫والسرور حيالا‬
‫ُ‬ ‫والنعاس عدوا ا‬
‫ُ‬ ‫حين يصب ُح األر ُق خالا‬
‫والحز ُن ردا اء يكسوك من صقيع السعادة المزيفة‪..‬‬
‫سيحضر ذاك‬
‫ُ‬ ‫حين يغدوا كل ذلك عاديا ا وروتينا ا يوميا ا‬
‫يطلب قُربك من جديد ليُخرجك‬ ‫ُ‬ ‫الغائب منذ زمن بعيد‬
‫من عالمك الذي ولجت فيه بعد عناء طويل ثم يهوي‬
‫بك مرة أخرى لتتجدد المعاناة‪..‬‬
‫محال أيها الغائب فنح ُن ال نموتُ مرتين!‬

‫‪24‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ُخذالن‪..‬‬

‫في الوقت الذي كانت فيه كل األمور جليةا كنتُ أضُمد خذالنك‬
‫بأعذار رثة اختلقها من وهن خوفي لرحيلك‪..‬‬
‫ى يخل ُق في القلب خرابا ا يجعلُني ُرغم‬
‫آويتك بما تحملين من أذ ا‬
‫ُ‬
‫تبحث‬ ‫فتش عن شقها الضائع بغير هدى‪،‬‬ ‫ترابُطي أشال اء ضالةا ت ُ ُ‬
‫عن قبلة قلبك لتهتدي في طريقها إلى البهجة‪..‬‬
‫آويتك كثيرا ا على حساب ثقتي وحسن ظني‪ ..‬حتى ما عاد‬
‫بداخلي فراغ يأوي إليه خذالنك‪..‬‬
‫أقف ب ُمفردي عارياا من الحب ومن الثقة‪ ،‬تستُرني‬
‫واليوم ها أنذا ُ‬
‫أعض على أنامل قلبي حسرة ا وأُعزي‬ ‫ُ‬ ‫الخيبة بوشاح الندم‪،‬‬
‫نفسي‪...‬‬
‫العزاء كل العزاء‪..‬‬
‫خالص العزاء لخيبتي األبدية‪!...‬‬
‫ُ‬

‫‪25‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أيها الغرباء‪..‬‬

‫أيها الغرباء‪..‬‬
‫تعالوا نكتب ألنفسنا لقا اء حافالا‪..‬‬
‫على قارعة الطريق نفترش مقعدنا‪..‬‬
‫نرص الكراسي الخشبية ونضع في المقدمة منصة صغيرة‪..‬‬
‫ثم نتقدم واحدا ا تلو اآلخر؛ نقص الحكايات المكبوتة بداخلنا‪،‬‬
‫نخرجها على هيئة نثر أو شعر أو قصيدة‪ ،‬أو حتى مشهد‬
‫تمثيلي‪..‬‬
‫فليُخرج كل منا ما يُثقله‪..‬‬
‫ال ضوابط للحديث هنا وال معايير القتناء العناوين‪..‬‬
‫لنتنفس قليالا من قواميس الكتمان‪..‬‬
‫وحين ننتهي من الحديث سنكون قد أصبحنا أصدقاء‪..‬‬
‫حينها ستأتي مجموعة من العصابة ملثمين بأقنعة سوداء‪،‬‬
‫حاملين بأيديهم عصيا ا من الفوالذ‪..‬‬

‫‪26‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫وبقوة سيضربون الجميع على رؤوسهم ضربة تؤدي إلى‬


‫اإلغماء وفقدان الذاكرة‪ ،‬حتى أنا الذي وكلتهم بذلك سأكون أحد‬
‫ضحاياهم‪!.‬‬
‫آسف أيها الغرباء لقد ارتكبتم جرما ا حين أصبحتم أصدقاء‪..‬‬
‫علينا أن نظل غرباء‪!..‬‬

‫‪27‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫كيف ينتهي الشتاء؟‬

‫‪-‬حين يرس ُل إليك أحدهم‪:‬‬


‫اشتقتُ إليك وإلى حديثك الماتع ثم يختم رسالته بكلمة تحمل كل‬
‫دفء العالم " أحبك" اعتن بنفسك جيدا ا‪...‬‬
‫‪-‬حين يطر ُق بابك صديقك الودود يدعوك إلى الخروج الحتساء‬
‫ُ‬
‫حيث جلسات االستراحة‬ ‫كوب من القهوة في جانب الطرقات‬
‫تعلوها األشجار الخريفية وصوت الهواء الخافت على قرع‬
‫عجالت السيارات فوق الرصيف المبلل‪..‬‬
‫‪-‬السير برفقة يد تدفئها يد أخرى‪ ،‬تحتضنها بحب وبقوة كما لو‬
‫أن حديثا ا يدور بين تلك اليدين وكل منهما تقول لألخرى‪ :‬أنت‬
‫لي‪ ،‬ابقي معي‪..‬‬
‫فتسير على أنغام الخطى فوق األوراق الخريفية‪ ،‬وتتباد ُل‬
‫ُ‬
‫أطراف الحديث بصوت هادئ كمقطوعة حب دافئة‪....‬‬
‫فكرة دافئة جدا ا لم نعشها إال في خيالنا‪!..‬‬

‫‪28‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫محكمة‬

‫‪ -‬تأكد من إغالق النوافذ واألبواب جيدا ا وخلو المكان بالكامل‪..‬‬


‫فبعد قليل سوف يُعقد االجتماع‪..‬‬
‫‪ -‬كل شيء على ما يرام‪ ،‬وكل المحيطين بنا أموات سوف‬
‫يبعثون مع شروق الشمس صباحا‪..‬‬
‫‪ -‬جيد‪ ،‬أسدل الستار حول مقعدنا بإحكام فقد تمطر السماء هنا‬
‫وأخشى أن يرى ضعفك أحد ما‪..‬‬

‫‪-‬كل شيء جيد‪ ،‬لنباشر اآلن‪..‬‬


‫‪-‬حسنا‪ ،‬كم مرة أخبرتك بأن تبتعد أشد االبتعاد‪ ،‬ارحل بعيدا ا‪..‬‬
‫غادر قبل أن يغادروك‪ ،‬حتى ترسيم الحدود التي زعمتها‬
‫وقوانينك الخاصة التي فرضتها جميعها ستهدم على رأسك‬
‫رويدا ا رويدا ا على غفلة منك‪ ،‬لن تصمد أبدا ا‪..‬‬
‫عليك بالرحيل األبدي‪..‬‬

‫‪29‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫‪ -‬لقد تالشت الحدود ونُقضت القوانين واحت ُلت األرض‪..‬‬


‫‪ -‬خذ ما تبقى من نفسك وغادر قبل أن تُغتال أيضا ا‪..‬‬
‫‪ -‬لن أفعل‪ ،‬أعلم بأن هذا اليوم آت ال محالة‪ ،‬لكنني سعيد بيومي‬
‫هذا ولست أحمل هم القادم‪ ،‬سأعيش يومي بكل سويعاته‬
‫ولحظاته حتى إذا انتهى كل شيء بإمكاني القول أنني كنت‬
‫سعيدا ا في يوم ما‪..‬‬
‫‪ -‬غباء‪ ،‬غباء‪ ،‬يجدر بك أن تعتبر ممن مضى‪ ..‬فأنت تلقي‬
‫بنفسك في التهلكة‪..‬‬
‫‪ -‬ها قد بسقت الشمس‪ ،‬ابق بخير وال تشغل تفكيرك بي‪..‬‬
‫سنكمل الصراع غدا ا‪.‬‬
‫في اليوم التالي‪:‬‬
‫تكرر ذات السيناريو بكل التفاصيل القديمة‪ ،‬وكذا كان األمر في‬
‫اليوم الثالث‪ ....‬الخ‬
‫وجسدي وحده ضحية هذا الصراع ليدخل بعدها في أرق حاد‪.‬‬
‫بين_العقل_والقلب‬

‫‪30‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫هل المدرسةُ تخد ُ‬


‫عنا؟‬

‫المدرسةُ تخدعنا!‬
‫تقو ُل لنا "العلم خير من المال "‬
‫نمضي‪ ،‬نسير‪ ،‬نهرول‪ ،‬نركض‪..‬‬
‫نجوب أرجاء العالم‬
‫ُ‬
‫نقت ُل راحتنا‬
‫وننحر وقتنا‬
‫ُ‬
‫ونفي ُء األسطر اغتصابا ا‪..‬‬
‫ننقشها في دهاليز عقولنا‪..‬‬
‫أفضينا من كل شيء‪..‬‬
‫ننظر ماذا سيصن ُع لنا علمنا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم ارتحلنا‬
‫نعكف على الليل نُجاري علمنا ألنفسنا وذو‬
‫ُ‬ ‫فوجدنا أنفسنا‬
‫الجهالة خطيب في القوم يؤخذُ عنه العلم!‬

‫‪31‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ولو أن نصف المجتمع انخدع بما انخدعنا به لما عز ذو جهل‪..‬‬


‫فالجه ُل صنيعة ال ُمتبعين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫نهايات غريبة‬

‫طال الغياب وآن اللقاء‪..‬‬


‫بعثتُ إليها ببرقية دعوة لتناول العشاء في أحد المطاعم‪..‬‬
‫ورحتُ أنتظر ردها‪ ،‬وفي تلك األثناء راح تفكيري يخوض في‬
‫رسم سيناريو الغد بتفاصيل دقيقة‪ ..‬لم يكن هدفي مجرد لقاء‬
‫ووجبة عشاء‪ ،‬كانت تحوم بداخلي فكرة أعظم من ذلك‪..‬‬
‫أرسلت تخبرني بقبول الدعوة بكل سرور‪..‬‬
‫أصب‬
‫ُ‬ ‫استبشرتُ وذهبتُ ألملم أفكاري عاكفا ا على األوراق‬
‫عليها مشاعري‪..‬‬
‫ذكر حينها أنني استيقظت صباح اليوم التالي وسط كومة من‬
‫أ ُ‬
‫األوراق التي عكفتُ عليها في ليلي‪..‬‬
‫يمر الوقت ويحين الموعد‪..‬‬
‫ُ‬
‫جمعتُ األوراق بين ملف مطرز بالزهور‪ ،‬فأصبح يبدو‬
‫كصندوق هدية‪..‬‬
‫تجوب أرجاء أفكاري‪..‬‬
‫ُ‬ ‫خرجتُ اترن ُح وكلي سعادة‬

‫‪33‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ها هي ذي ت ُقبل قريبة من باب المطعم‪ ،‬أسرعتُ قليال أللحق‬


‫بها‪..‬‬
‫ألقيتُ عليها السالم وأشرتُ لها بالدخول‪..‬‬
‫نصبنا جلستنا على طاولة في زاوية المطعم‪ ..‬تبادلنا أطراف‬
‫قليال قبل أن يقاطعنا النادل بابتسامة عريضة مقدما ا إلينا‬
‫الحديث ا‬
‫الئحة الطعام وانتصب ينتظر اختيارنا‪..‬‬
‫أحضرتُ لها وجبة من البيتزا بينما طلبتُ أنا كوبا ا من القهوة‬
‫مدعيا ا أنني ُ‬
‫أمر بحمية غذائية‪..‬‬
‫حضر الطعام وبدأت في تناول وجبتها بنهم ‪ ..‬وبينما هي كذلك‬
‫ارتشفتُ رشفةا من القهوة وأخرجتُ األوراق من الملف وبدأتُ‬
‫أقرأ عليها ما أمكنني مما كتبتُ البارحة‪ ..‬كنتُ أقرأ وأنا مطأطأ‬
‫الرأس خجالا‪ ..‬وفجأة سمعتُ صوتا ا يشبه زخات المطر‪ ..‬انتابني‬
‫فضول فرفعتُ ناظري إليها‪...‬‬
‫إنها تمطر! عيناها تذرف الدمع‪ ..‬لم أكن أتخيل أنها رقيقة‬
‫المشاعر إلى هذا الحد‪ ..‬لم أتخيل أنها ت ُخفي خلف ابتسامتها‬
‫المستدامة فيضا ا من المشاعر المرهفة‪..‬‬

‫‪34‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫آلمتني دموعها فأردتُ تلطيف الحدث فرحتُ أ ُ‬


‫قص عليها‬
‫الطرائف والحكايات المسلية‪ ..‬فجأة توقفت عن المضغ ورمقتني‬
‫بنظرة حادة وقالت‪:‬‬
‫الطعام حار جدا ا‪ ،‬اذهب واحضر لي كأسا من العصير!!‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫تنهيدة‬

‫على سفوح ليلة باردة‬


‫تتدلى عواصف من‬
‫الذكريات القاتمة‪..‬‬
‫أزيز من المشاعر ُ‬
‫يهز‬
‫كياني ‪..‬‬
‫سيول من األفكار‬
‫الجارفة تحتوي أنفاسي‬
‫ما بين مالمة وثبات‪..‬‬
‫فتغر ُق أنفاسي تارة ا‬
‫وتتجم ُد تارة ا أخرى‪..‬‬
‫وما بين كل فصل وآخر‬
‫تنهيدة طفيفة تحكي كل‬
‫شيء‪!..‬‬

‫‪36‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫كيف أخبرك؟‬

‫عزيزتي‪..‬‬
‫كيف يمكنني إخبارك أنني ُمثقل؟‬
‫مسجون أنا بين ُجدران أفكاري‪..‬‬
‫ُ‬
‫حيث وقعتي‪..‬‬ ‫تجتذبني في أقفاصها‬
‫كأنني باألفكار ثمل أو مجنون‪..‬‬
‫وددتُ أن أخبرك بأني لستُ على ما يُرام‬
‫وأنني بالحزن أروي بؤس اآلالم‪..‬‬
‫لكن ابتسامتك تردعني‪..‬‬
‫أنى لي أن أخفي ثنايا ثغرك عن ناظري‪..‬‬
‫حزنك يا عزيزتي أشد وطأة من ألمي‪..‬‬
‫فأنى لي أن أخبرك بأني مثقل!؟‬

‫‪37‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫إلى الوراء‪!..‬‬

‫إلى الوراء عزيزتي‪..‬‬


‫حين كنا نهرول مختبئين خلف باب منزلنا‬
‫تتصاعد أنفاسنا‪ ،‬ولست أدري أمن فرط اإلجهاد أم من فرط‬
‫الخجل‪..‬‬
‫أنظر إليك‪ ،‬تبدين قلقةا جداا‪ ،‬ترتعد فرائصك خوفا ا‪ ..‬أنظر إليك‬
‫وأتمنى حينها أن أربت على كتفك ألقول لك‪:‬‬
‫ال تقلقي لن يمسك بك أحد فأنا معك‪...‬‬
‫لكنني لم أفعل!‬
‫إلى الوراء عزيزتي‪..‬‬
‫حين كنت تقفزين بمرح وسعادة فوق خطوط المربعات بينما‬
‫هناك قلب مرهف ذُلل إحساسه لك يتوقف عند كل قفزة خوفا ا‬
‫عليك من الوقوع!‬
‫إلى الوراء عزيزتي‪..‬‬

‫‪38‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫حين كنت تتمرجحين بكل تهور‪ ،‬تُحلقين إلى األعلى حتى‬


‫يحاذي رأسك سقف الغرفة التي بجانبنا‪..‬‬
‫ومجددا ا أنظر إليك بصمت وال مباالة بينما يغشاني خوف شديد‬
‫بداخلي‪..‬‬
‫كنت أود أن أصرخ في وجهك وأقول لك كفى فأنت تقتلينني‬
‫خوفا ا‪..‬‬
‫لكنني أيضا ا لم أفعل!‬
‫إلى الحاضر عزيزتي‪..‬‬
‫تماما ا أنا ما زلتُ أنا‪ ،‬لم أفعل أي شيء‪ ،‬وتركتك ترحلين بكل‬
‫هدوء‪!..‬‬

‫‪39‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫خذالن‬

‫س منهُ‬
‫كان كلما خذلهُ العالم يهرعُ إلى شخصه ال ُمفضل يلتم ُ‬
‫ض بها أكوام الجليد عن صدره‪..‬‬‫كلمةا دافئةا ينف ُ‬
‫فيعتذ ُر له نيابةا عن كُل العالم‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫بركن غُرفته‪ُ ،‬متقوقعا ا حول نفسه‪..‬‬
‫رأيُتهُ اليوم وحيداا‪ ،‬قابعا ا ُ‬
‫س بشيء‪..‬‬
‫لم يكن يهم ُ‬
‫لكنه بدا كأنه ينتظ ُر شيئا ا ما‪...‬‬
‫كأن ينتظر من العالم أن يعتذر له‪!.‬‬

‫‪40‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫نصف العمر في ورقة‬


‫ُ‬

‫منذُ أن بلغتُ الحبو وبدأتُ أ ُدرك صغائر األمور وجدتُ أمام‬


‫مسامعي وفؤادي الصغير تزيينا ا للمدرسة وتعظيما ا لها حتى‬
‫شعرتُ بأن جل السعادة رضخت بين أروقة المدرسة‪..‬‬
‫ترسخت الفكرة في رأسي وتفرعت جذورها لتحتل أنحاء‬
‫جسدي‪..‬‬
‫فهذه يدي تكتب للمدرسة وقدماي تسعى إليها ورأسي بكل‬
‫حواسه يرتمي في جنباتها‪..‬‬
‫تربعتُ على عرش المراحل‪ ،‬مرحلة تلو المرحلة‪..‬‬
‫وبعد مرور سبعة عشر سنة جمعوا كل أرق وكل ألم وكل ضيق‬
‫وكل كمد ونكد في ورقة صغيرة وملؤها بالتوقيعات واألختام‬
‫وقدموها بين ذراعي‪..‬‬
‫تسلمتها بفرح وسعيتُ أتنقل بها بعناية شديدة من شركة إلى‬
‫أخرى من مكتب إلى آخر‪...‬‬
‫فما احتضن شهادتي إال حائط منزلنا الذي أقف قبالهُ كل يوم‬
‫أتمتم عليه أذكارا ا فضة في كل صباح ومساء…‬

‫‪41‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫خوف من األلم‬
‫ٌ‬

‫أحاطت بنا قضبان من األسى‬


‫حتى بتنا أسرى في زنزانة‬
‫تملؤها فيض من األفكار‬
‫المتناثرة في كل مكان‪ ..‬فـ غدا ا‬
‫الفراغ الذي يفترض أن نرنوا‬
‫فيه إلى كتلة من العذاب‪...‬‬

‫كنا نظن بأن كسر القضبان أشد‬


‫إيالما ا‪ ...‬لكننا أدركنا بأن كسر‬
‫القضبان ألم مؤقت وسيزول‪..‬‬
‫يستمر أبد‬
‫ُ‬ ‫لكن البقاء في القاع ألم‬
‫الدهر‪...‬‬

‫‪42‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫الماضي في حضرة الحاضر‬

‫لمحتُ ملف دردشتك أسفل زاوية الهاتف‪...‬‬


‫غبار األيام حتى أصبح صدأ ا باليا ا ال‬
‫ُ‬ ‫بدا عليه القدم‪ ..‬فقد اعتراه‬
‫تتحرك له ذرة مشاعر‪..‬‬
‫ولجتُ فيه‪..‬‬
‫تصفحته لبرهة من الزمن‪..‬‬
‫استوقفتني إحدى الرسائل فتمعنت وأطلت التأمل فيها وكلي‬
‫صمت مدقع‪ ،‬فجأة أصابتني هستيريا ضحك‪ ..‬أصبحت أسير‬
‫في أرجاء الغرفة وانا أقهقه‪ ..‬ثم أردفتُ متكأ ا على حائط غرفتي‬
‫والذي اعتدتُ أن أتعهده في كل مرة أنتهي من الحديث معك‪..‬‬
‫سخرتُ من نفسي كثيرا‪ ،‬كثيرا جدا ولو أن الحائط تحدث‬
‫لتعجب من فرط التغير الذي طرأ علي‪ ،‬إذ كان كانت العادة أن‬
‫أصقل أطرافه بأدمعي وأبث له سيالا من األحزان التي تؤرقني‪..‬‬
‫سخرت وسخرت ثم تساءلت‪..‬‬

‫‪43‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أهذه الرسالة التي كانت تأسرني في عالم كالح السواد؟! حتى‬


‫زيف االبتسامة كان منعد اما فيه‪!.‬‬

‫حينها أدركت أن العالق في شيء ما لن يرى حقيقته إال إذا‬


‫خرج من معقله ورآه من الخارج ‪ ..‬والعالقون في األشخاص‬
‫عليهم االبتعاد كي يروا كل شيء بوضوح‪!..‬‬

‫‪44‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫هلوسات‬

‫جالسا ا القرفصاء‪..‬‬
‫ُمدرعا بوسادتي‪..‬‬
‫أتأمل حلكة ظالم يحتويه‬
‫صور‪..‬‬
‫أصوات‪.‬‬
‫كلمات‪..‬‬
‫ال أحد يرى شيئا في ظالم كهذا‪..‬‬
‫المصابون بالهلوسة هم من يُدركون هذا‪...‬‬
‫مثلي تماما ا‪! ..‬‬
‫كيف يمكن لظالم يحتوي على تفاهات كهذه أن يُصيب جسدي‬
‫بهذا الجمود!؟‬
‫كيف لها أن تعتريني بشلل وتخطفني إلى عالم آخر؟‬
‫أت ُ ُ‬
‫مطر السماء هنا؟‪..‬‬

‫‪45‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أيخترق الماء كل هذه األسقف ليستقر على راحة يدي؟‬


‫أتسك ُن روحك راحةا لتغلق أجفانك بعد كل هذا!!؟‬

‫‪46‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أين ألقاك؟‬

‫طالت الذكرى واشتد الشوق ونفد الصبر وهاجت الروح‬


‫تنازعني األرق‪..‬‬
‫حملتُ نفسي وما بها من أوزار مهاجرا ا إلى حيث أجدك‪..‬‬
‫ال أعلم أين استقر بك المطاف لكنك حتما ا تتواجدين في مكان‬
‫ما من هذا الكون‪..‬‬
‫خرجتُ أتململ أجوب الطرقات مترنحا ا يمنة ويسرة‪ ،‬أرمق كل‬
‫شيء أمر به‪ ،‬األحجار المرصوفة على الطريق والجدران‬
‫الملطخة بـجداريات الحب والذكريات المزعومة‪ ..‬هؤالء قوم‬
‫حين فاضت بهم الذكرى أفضوها في الجدران وانصرفوا بينما‬
‫خرجت أنا أبحث في متاهة‪!.‬‬
‫أتراني أجدك تتكئين فوق أغصان األشجار؟‬
‫أم ألقاك تقفزين فوق خطوط طريق المارة‪...‬‬
‫أم ألقاك تركضين خلف الفراشات التي تحوم حول أعمدة‬
‫اإلنارة؟‬

‫‪47‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫كان كل شيء يُنذر بمروك من هنا‪ ..‬وكان كل شيء ينذر أنك‬


‫لم تعودي هنا‪ ..‬وكان علي تقبل هذه الحقيقة غير أنني غلبني‬
‫لهيب الشوق في خافقي فأنساني مرارة الواقع وعلقني بآمال‬
‫مستحيلة!‬

‫‪48‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ماذا طرأ عليه؟‬

‫كان بشوش الوجه‪ ،‬مرح الشخصية‪ ،‬يختل ُق المرح من ُجب‬


‫يزجر التعيس لتعاسته ويهفو يعانقهُ السعادة بين دهاليز‬
‫ُ‬ ‫األلم‪،‬‬
‫ال ُحزن‪..‬‬
‫لستُ أدري كيف تحول ما بين ليلة وضحاها إلى شخص هامد‬
‫معتكف في صومعة صمته‪ُ ،‬معلنا ا االنتقال إلى فصل آخر!‬
‫لم يكن يمأل تفكيري سوى معرفة ما مر به حتى يغدو شخصا ا‬
‫آخر ال نعرفه؟!‬
‫أشحتُ ناظري عنه ببؤس وتمتمتُ ‪:‬‬
‫ويل لمن أرداك حبيسا ا بين قضبان تعاستك!‬

‫‪49‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أرق‬

‫استيقظت مرعوبا ا على صرخات صديقي وقوة ضرباته على‬


‫جسدي بينما تعابير وجهه تكتحل حزنا‪..‬‬
‫اتتصبت أرمقه بنظرات تملؤها الدهشة والحيرة‪ ..‬فما إن رآني‬
‫مستيقظا ا حتى هدأ روعه واستعاد أنفاسه‪..‬‬
‫ال‪ :‬آسف يا صديقي‬ ‫دقيقة صمت حتى أردف يعتذر مني قائ ا‬
‫آسف‪ ...‬حمدا ا هلل أنك ما زلت على قيد الحياة‪ ...‬ظننتك ميتا ا فأنا‬
‫لم أعتد عليك النوم‪ ،‬اعتدت في كل وقت وحين إذا ما استيقظت‬
‫لقضاء حاجتي ألقاك تنظر إلي وتبادرني بسؤالك‪:‬‬
‫هل أنت بخير‪.‬‬
‫اعتدت على رؤيتك في أرق دائم‪..‬‬
‫تهلل قلبه فرحا ا بينما هو يلفظ كلماته‪:‬‬
‫سعيد ألنك تجاوزت هذا األرق يا صديقي‪.‬‬
‫شكرته الهتمامه بأمري وأنا أهمس بداخلي‪:‬‬
‫كيف لي أن أشرح له أنني نمت متأمالا على عدم االستيقاظ‬
‫مجددا ا‪..‬‬
‫‪50‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫فقدا ٌن ولقاء‬

‫كانت الساعة الثانية عشر ظهرا ا حين استيقظت بعد غفوة‬


‫صغيرة‪..‬‬
‫استيقظتُ وأنا أفقد طرفا ا كامالا من جسدي‪ ،‬امسح على عيني‬
‫بهلع شديد محاوالا التعذر بضعف نظري وتشوشه ما بعد‬
‫االستيقاظ‪..‬‬
‫يدي اليمنى لم تكن هنا‪!..‬‬
‫أراها هنا مرفوعة إلى األعلى من المعصم إلى األصابع لكني‬
‫ال أشعر بها مطلقاا‪ ،‬كانت محاولة تحركيها كمحاولة تحريك‬
‫شيء آخر ال عالقة له بجسدك مطلقا ا‪ ..‬كجماد التصق بجسدي‪..‬‬
‫لم تكن جز اء مني كانت قطعة أخرى غريبة تماما ا عن جسدي‪..‬‬
‫تلمستها بيدي األخرى وبلطف ورعب ينخر بداخلي وضعتها‬
‫على الوسادة بهدوء كمصاب بصدمة ال يقوى على الفوضى‬
‫لكن سكونه يحكي كل الفوضى العارمة‪..‬‬
‫بدأت أتخيل الحياة بيد واحدة فقط‪..‬‬

‫‪51‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫تذكرتُ جاري المصاب بـإعاقة في يده‪ ..‬عندها فقط شعرت‬


‫وكأنني عشت حياته كاملةا بكل ما تحمله من معاناة‪..‬‬
‫يا هللا كيف يحتمل عبدك هذا كل هذه المعاناة ثم يخرج علينا‬
‫بكل صالبة مرسومةا على وجهه ابتسامة عريضة‪..‬‬
‫فكرت في والدي‪..‬‬
‫محتار جدا ا عن كيفية إخبارهم بهذا المصاب‪..‬‬
‫كيف سأزف إليهم هذا النبأ المحزن حتى إذا أخبرتهم ال يصابون‬
‫بصدمة‪..‬‬
‫ماذا عن أمي بالتحديد؟ كيف لها أن تحتمل رؤية عنائي وهي‬
‫التي إذا مستني الحمى تزاورني الليل سهرا ا‪..‬‬
‫ستسهر دهرا ا‪!..‬‬
‫ُ‬ ‫واآلن ماذا ستنصع؟‬

‫اآلن وقت صالة‪ ،‬وهذه أولى حاجة سأقضيها بمفرد يدي‬


‫اليسرى فقط‪..‬‬
‫ترى كيف سأتوضأ بيد واحدة؟‬
‫نظرت إلى يدي وهرعت اضربها بيدي األخرى‪..‬‬

‫‪52‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أناجيها بأن تصحو من سباتها الموجع‪..‬‬


‫ما كان يُسمع لي صوت‪ ،‬لكنني من الداخل مليء بضجيج كل‬
‫ما يقطن األرض من ضوضاء‪!..‬‬
‫أصرخ مستغيثا ا‪:‬‬
‫يا هللا‪ ..‬يا ربي إني عبدك المضطر‪ ،‬رباه أنت المعطي وأنت‬
‫المنعم‪ ..‬رباه إني لو تعبدتك صباح مساء ما وافيت حقك وشكر‬
‫نعمك‪ ،‬فعاملني برحمتك ال بعدلك يا هللا‪..‬‬
‫حركت يدي مرة أخرى‪..‬‬
‫ثانية‪ ،‬ثانيتين‪ ،‬ثالث‪..‬‬
‫أخيرا ا أصبحت أشعر بوجودها‪ ،‬ثم عاد كل شيء إلى ما كان‬
‫عليه‪..‬‬
‫كانت ومضة لحظات اجتمع فيها كل متضادين‪..‬‬
‫رعب وأمان‪ ،‬حزن وسعادة‪ ،‬فقد ولقاء‪...‬‬
‫كانت محض ثوان معدودة استوعبت فيها فضل هللا علي ما لم‬
‫استوعبه في محاضرات على مدها‪..‬‬

‫‪53‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫محض ثوان تالشت فيها قوتي وغروري وشعرت بضعفي‬


‫الشديد وأنني حقا كائن ال حيلة له بشيء‪..‬‬
‫شكرا يا هللا على كل نعمة أنعمت بها علينا‪..‬‬

‫‪54‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫نح ُن الخائنين‬

‫أبدا ا لم يكونوا هم الخائنين‪..‬‬


‫كنا نح ُن الخائنين حين فتحنا لهم األبواب بعد أن عاهدنا أنفسنا‬
‫أن تبقى مغلقةا إلى األبد!‪..‬‬
‫نح ُن الخائنون حين قبلنا قرابين أعذارهم بعد أن وعدنا أنفسنا‬
‫أن ال نقبل عذرا ا‪..‬‬
‫نحن الخائنون يا صديقي حين ُخنا أنفسنا بنقضنا العهد‪..‬‬
‫ومن هانت عليه خيانةُ نفسه هان على اآلخرين خيانة!‬

‫‪55‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫العاطفة‬

‫إن من أشد األمور ضراوة ا أن يُبتلى اإلنسان بسطوة عاطفته‪..‬‬


‫حنين يقود إلى الهالك‪..‬‬
‫وحب يقود إلى الجنون‪..‬‬
‫وشوق يقود إلى شرود‪..‬‬
‫األمر أشبه بطفل يتأم ُل الجمر متألأل ا يُشع نورا ا ُ‬
‫يسر ناظريه‬ ‫ُ‬
‫فيسعى نحوه فتزجرهُ أمهُ وتُثنيه وتعظه‪ ،‬كانت األم محل إدراك‬
‫تحارب عاطفة طفلها‪...‬‬
‫كبرنا وال زلنا نعاني من عاطفتنا ولكننا أصبحنا نحارب‬
‫بمفردنا‪ ،‬فقدنا إدراكنا فاستحوذت علينا العاطفة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أمي‬

‫يا جنة ال ُخلد في قلبي‪..‬‬


‫وجنة النعيم في جحيم دنياي‪..‬‬
‫أنت رحمة هللا بي بين هذا العذاب‪..‬‬
‫يا ملجأ فؤادي من ذروة الحرب بين كدر الحياة‪..‬‬
‫يا أمالا ُيضيئ ظلمة يأسي‪..‬‬
‫ال أما ُن الدنيا يعوض أمانك وال رغد الدنيا يُستبدل‬
‫بحنانك‪..‬‬
‫إن الحديث عنك يا أمي طويل ال تنضب ذكراه‪ ،‬جميل‬
‫ال يُمل تدوينه‪..‬‬
‫لكن الحياة التي وهبتها لي أعظم وأرفع من أن ت ُحصر‬
‫بين الكتب واألوراق‪!..‬‬

‫‪57‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫مساف ٌر إلى مكان آخر‬

‫صادفته عند الشاطئ ليالا‪..‬‬


‫كان يبدو أنيقا ا‪ ،‬يرتدي معطفا ا بنيا ا وبنطاالا أسود يحيط بخاصرته‬
‫حزام تتوسطه قالدة ذهبية‪..‬‬
‫أدع ُج العينين‪ ،‬شاحب الوجه‪ ،‬تحيط بوجنتيه هالة شديدة السواد‬
‫ذو شعر أسود والمع‪ ،‬ووجه مستدير‪..‬‬
‫كانت خطاه تبدو ثقيلة كطفل يحاو ُل السير‪ ،‬شدني فضول نحوه‬
‫ألتعرف عليه‪..‬‬
‫ألقيتُ عليه السالم ووقفت بجانبه‪ ،‬بدا عليه االرتباك حين تمتم‬
‫برده‪ ،‬كان صوته متنهدا ا تطغى عليه رجفة خجل‪..‬‬
‫يبدوا وكأنه لم يخالط أحدا ا منذ زمن‪ ..‬تحدثنا لبرهة من الزمن‬
‫كنت حينها أبدو كالمحققين انتزع الكالم منه انتزاعا ا‪..‬‬
‫سألني عن سبب خروجي في هذا الوقت المتأخر من الليل؟‬
‫يمر بي‪..‬‬
‫أخبرته أنني أعاني من أرق شديد ُ‬

‫‪58‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أعدتُ عليه سؤاله فاستهواه الصمت لبرهة من الزمن‪ ،‬بدا وكأنه‬


‫يفكر في اختالق سبب أو في تحفظه عن اإلجابة‪...‬‬
‫لحظات من الصمت استهوت حديثنا المفعم قاطعتها نبرة صوت‬
‫كحفيف األوراق في الخريف‪:‬‬
‫إنه السفر يا صاح‪ ،‬ألم تلحظ خروجي وأنا بكامل أناقتي؟ فأنا‬
‫أستعد للذهاب إلى رحلة طويلة جدا ا يا صديقي‪..‬‬
‫فبينما هو يقص علي تفاصيل رحلته المبهمة صمت للحظة من‬
‫الزمن‪ ،‬بدا وكأنه تذكر شيئا ا ما‪ ،‬وبدون سابق إنذار بادرني‬
‫بسؤاله‪:‬‬
‫هل تجيد السباحة؟‬
‫أجبته نافيا ا‪ :‬ال أجيد السباحة‪.‬‬
‫شاح عني بوجهه وترجل من مكانه وقال لي سأقوم بجولة‬
‫سباحة في البحر لعلي أنتشي قليالا من األمل‪..‬‬
‫ثم دنا مني حتى أوشكت عيناه أن تلج في وجهي فأوجست خيفة‬
‫في نفسي‪ ،‬همس في أذني بجملة مبهمة المعنى قائالا‪ :‬من الجيد‬
‫والمحزن في الوقت ذاته أنك ال تجيد السباحة!‬

‫‪59‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ثم ابتعد عني وهو يهرول وقبيل أن تطأ قدمه شاطئ البحر‬
‫صاح بصوت عال‪ :‬ال تحزن يا صديقي حتى أنا ال أجيد‬
‫السباحة!!‬

‫‪60‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ما زلتُ أنتظرك‬

‫ما زلتُ أنتظرك‪..‬‬


‫منذ األمس ربما أو قبل ذلك‪..‬‬
‫لستُ أدري منذ متى لكنني أعلم أني ما زلت أنتظرك‪..‬‬
‫أنتظرك حيث تجتمع كل الخيبات‪..‬‬
‫عن ميمنتي حفنة من األوراق وعن يساري أوقية من الحبر‬
‫وحولي أسراب من الحمام ت ُمطرني بريشها الناعم‪...‬‬
‫اصطدتُ بيدي ريشة واجتذبتُ بيدي األخرى قبضةا من‬
‫قش بها رسائل‬
‫األوراق فأخذت أنقع الريشة بين أوقية الحبر وأن ُ‬
‫قد تصل وقد ال تصل‪..‬‬
‫نفدت األوراق وجف الحبر واشتدت الرياح بأوراقي‪..‬‬
‫همهمت في نفسي متمنيا ا أن تأخذ رياح األمل رسائلي نحوك‪..‬‬
‫لكنها دُفنت في تراب الخيبة‪!..‬‬

‫‪61‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫اعتراف مفاجئ‬
‫ٌ‬

‫قد يطول الكتمان يا‬


‫عزيزتي‪..‬‬
‫لكن الوقت كفيل بأن يغير‬
‫مجرى األمور دون أن‬
‫نشعر‪...‬‬
‫هكذا فجأة وبدون أي‬
‫مقدمات سأج ُدني أتلعثم‬
‫واقول لك انتبهي لنفسك‬
‫فإن بها نفسان!‬
‫معذرة ا عزيزتي فإن‬
‫األوراق قد كُشفت واهترأ‬
‫كتمانها وتالعبت بها‬
‫ح االشتياق حتى‬‫ريا ُ‬
‫ظهرت للعيان‪...‬‬

‫‪62‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫لغ ُز الغرفة‬

‫بعد حفل طويل من السعادة والفرح وبعد أن تفرق الجمع‬


‫واجتمع الرجل بزوجته‪ ،‬تبسم في وجهها ابتسامة تشبه سعادة‬
‫طفل برؤية أمه بعد طول بكاء‪..‬‬
‫ضم يدها إلى يده‪ ،‬فاحمر وجهه خجالا كاحمرار الشمس عند‬
‫الغروب‬
‫وبصمت تام أخذ بيدها ناحية إحدى الغرف ثم رفع يدها وأخرج‬
‫بيده األخرى مفتاحا ا ذهبيا ا ووضعه على راحة يدها وببطء شديد‬
‫وحنان أخذ يلف أناملها لتضم المفتاح بيدها‪..‬‬
‫صمت قليالا ثم مسح على وجنتيها بحب‪ ،‬وجعل عينه صوب‬
‫عينيها كأنما يتأمل نجوما ا تسير على األرض وتسكن إليه‪ ،‬ثم‬
‫أردف قائالا‪:‬‬
‫عزيزتي‪ ،‬يا عزيزة ا أينما حللت‪ ،‬يا بدرا ا يضيء عتمة فؤادي‪،‬‬
‫أيتها العزيزة هذا قلبي يخشع ثرى مملكته بين مقلتيك‪..‬‬
‫إننا سنعيش معاا‪ ،‬ال ريب في ذلك‪..‬‬

‫‪63‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫سنعيش بالحب الذي سيولد قبول اآلخر لنفسه األخرى بكل ما‬
‫يفرقه االختالف‪ ،‬ال لشيء إال ألنه يحبه ويرجوا قربه أبد‬
‫الدهر‪..‬‬

‫وكعادة الحياة فإنها ال تخلوا من المعضالت‪..‬‬


‫فإن جاز وخسف عني قمرك دون إرادتي فإنني ال أرجو منك‬
‫إال أن تفري إلى هذه الغرفة‪..‬‬
‫شدت بمعصمها تقبض على ما في يدها من لغز‪ ..‬وتعابير‬
‫وجهها خريطة استفاهم مجهولة‪..‬‬
‫مضى على هذا الحدث فترة وجيزة فلم تحتمل الفتاة ما يؤرقها‬
‫من تساؤالت عن ما تخفي تلك الغرفة الصغيرة‪..‬‬
‫ثم قررت بأن تستكشف ما بالداخل لتحل هذا اللغز‪..‬‬
‫وبعد طول تفكير وتردد عزمت على فعلتها فلم تر نفسها إال‬
‫وقد فتحت الباب ببطء‪ ،‬وعند أول نظرة تغشتها دهشة ممزوجة‬
‫بوقار الحب‪..‬‬
‫كانت الغرفة مفروشة بصوف شديد النعومة‪ ،‬تتدلى من أعلى‬
‫السقف إنارة خافته ُجمع فيها ألوان الطيف السبعة تتشكل على‬
‫قوس قزح‪..‬‬
‫‪64‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ما إن تدخل حتى تحيط بك عن اليمين وعن الشمال ورود تسير‬


‫بينها في خط مستقيم تقودك نحو طاولة خشبية مصنوعة من‬
‫خشب األبانوس‬
‫وكرسي خشبي هزاز‪ ،‬وعلى ظهر الطاولة ورقة مطرزة‬
‫بنقوش وردية مثبتة بقلم رفيع من الطراز الذهبي المرصع‬
‫بألماسة منحوت فيها مالمحها‪..‬‬
‫كانت الجدران مليئة بصور محاطة ببراويز متعددة األلوان‪،‬‬
‫وفي كل صورة مرفوق أسفلها تاريخ ووقت‪..‬‬
‫كانت الصور عبارة عن كل لحظة سعيدة جميلة بهية شعر كل‬
‫منهما بجمال تلك اللحظات‪ ..‬فقد كان الزوج يتخفى ليالا ليقوم‬
‫بتعليق كل لحظة أخرى سعيدة‪..‬‬
‫مضت الزوجة تسير نحو الورقة لتقرأ ما بها‪..‬‬
‫كانت الرسالة تحتوي على النص التالي‪:‬‬
‫مرحبا عزيزتي‪ ،‬السالم على عينيك الحزينة‪ ،‬السالم على سماء‬
‫وجهك الممتلئة بغيوم الحزن‪ ،‬هل خسف القمر حزنا ا دون إرادة‬
‫مني؟‬
‫هل تمعنت في الجدران الممتلئة بسعادتنا؟‬
‫ما رأيك بأن نبرم اتفاقا ا؟‬
‫‪65‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫إن لك دينا ا عندي بأن أجعلك تعيشين أضعاف هذه اللحظات‬


‫فرحا ا مقابل هذه اللحظة التعيسة التي سببتها لك‪..‬‬
‫القلم بجانبك‪ ،‬امض العقد إن شئت‪..‬‬

‫‪66‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أخشى أن أقع‪..‬‬

‫منذ رأيتك للوهلة األولى ومنذ حديثنا األول‪ ،‬لحظة أن تهلل‬


‫قلبي لكلماتك وأنا أخشى الوقوع‪..‬‬
‫أخشى أن أحبك فيشتعل فؤادي شوقا ا لك إذا ما غبت يوما ا أو‬
‫تأخرت في الرد قليالا‪..‬‬
‫ستملئين قلبي شغفا ا بك‪..‬‬
‫والهاتف الذي هو ملكي ستصبحين أنت شغله الشاغل‪..‬‬
‫فتتملكينه‪..‬‬
‫أليست إعادة أن من يملك المعلومة يكسب الحرب؟‬
‫فما خطبي أعلم كل شيء والضرر العائد علي ولم أستطع تجنب‬
‫كل ذلك وهُزمت؟!‬
‫الحقيقة أن ما نخشاه هو ما نقع فيه فالخوف نتاج الضعف‪!.‬‬

‫‪67‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫شي ٌء ما تغير‬

‫لم تتغيري يا عزيزتي‪..‬‬


‫ما زالت عيناك تبادلني ذات النظرات الساحرة وما زالت‬
‫سارير وجهك تبزغ عند رؤيتي‪..‬‬
‫ُ‬ ‫أ‬
‫ابتسامتك المفعمة بالسعادة‪ ،‬حديثك الشيق الذي تجيدينه بتألق‪،‬‬
‫ونبرات صوتك الممزوجة بألحان الحب‪ ..‬كلها ما زالت بينة‪..‬‬
‫لكن كلماتك ال تجيد حفظ السيناريو فال قوة لها على الحفظ‪...‬‬
‫لقد هرمت كلماتك يا عزيزتي فما عادت تقوى على إسعادي‪،‬‬
‫ربما نضب نهر المودة التي كانت ترتوي منه‪..‬‬

‫‪68‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫هل صدقت؟‬

‫قد طُمس على قلبه بالحب فآمن يقينا ا أن ثمة شخص يحبه‪ ،‬فبات‬
‫يهيم غارقا ا في أمل سيرديه قتيالا إذا ما اندثر عنه‪.‬‬
‫احترت كثيرا ا كيف أشرح له أن يزيل عن عينيه ضباب األوهام‬
‫ليرى الواقع بحقيقته‪..‬‬
‫كيف لي أن أصارحه بالحقيقة البشعة‪ ،‬فهو أشبه بمحطة انتظار‬
‫يلتف من حوله الناس فيرخون بظهورهم عليه ويفيضون‬
‫باألحاديث وتتعالى الضحكات وتفشى األسرار‪ ..‬وحين يحين‬
‫موعد القطار لن يتسنى ألحدهم أن يقول له وداعا ا‪!..‬‬
‫فهو لم يكن سوى بديل مؤقت‪!.‬‬

‫‪69‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫إنها تمطر‬

‫لم أشعر بها حين أمطرت‪..‬‬


‫لم أدرك إال آثار حقول المياه المتراكمة على وجنتي‪..‬‬
‫ال شيء يؤلمني من الداخل‪..‬‬
‫ال عشق يعتريني وال حب يستهويني وال ذكرى تشعل لهيبي‬
‫لقد مات كل شيء منذ زمن‪ ..‬أصبحت هامدا ا تقودني أمور‬
‫محسوسة في واقعي كـقطعة جماد يُحركها شخص من مكان‬
‫آلخر وتحركني أمور محسوسة‪...‬‬
‫باألمس غضب مني صديقي لحديثي معه بكل برود وهدوء إن‬
‫لم يكن بال مباالة! ‪ ..‬يسألني ما كل هذا البرود؟ فأجيبه ليتني‬
‫أعلم ليتني أدرك‪ ..‬لكنها تبقى أمور مبهمة يا صديقي!‬

‫‪70‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫كنا بخير‪..‬‬

‫كنا بخير حين كنا تعساء‪ ،‬لم نكن ننتظر عودة غائب أو تحقق‬
‫حلم أو تغير أمر ما‪..‬‬
‫كنا نعيش متصالحين بكل ما يمر بنا بمختلف األحداث‪..‬‬
‫أكانت فرحة دبت من حيث ال نشعر أم جائحة مصائب التوت‬
‫على أعناقنا‪ ،‬لم يكن يؤرقنا حزن أو يُسهرنا انتظار‪ ،‬كنا نكتفي‬
‫بوضع رأسنا على الوسادة دون أن ينبس تفكيرنا بشيء‪ ،‬فلم يعد‬
‫هناك روح للتفكير‪ ..‬لقد كنا سعداء جدا ا حين كنا تعساء‪ ...‬كنا‬
‫بخير إلى أن تأملنا‪!..‬‬

‫‪71‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ال تكن متاحا‬

‫ال تكن متاحا ا في كل لحظة وحين‪ ،‬متى ما شدت إليك الحاجة‬


‫هرولوا نحوك متصنعين كل مفردات الحب ومتى ما انتهوا‬
‫منك رجموك وحيدا ا بين أعذار مشاق الحياة وكأنك لم تكن‪!..‬‬
‫في بعض األحيان عليك أن ت ُعلم أحدهم درس الفقدان‪ ،‬الفقدان‬
‫دون عودة‪ ،‬لن يستطيع إعادتك لكنه سيكون حذرا ا من فقدان‬
‫آخرين من بعدك‪..‬‬
‫المتاح دائما ا ليس في الذاكرة!‬

‫‪72‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ليس كل شيء يُمحى‪..‬‬

‫بيننا وبين ذاك الغد البعيد‬


‫ماض نكص على أعقاب دربنا‪ ،‬فافترش غبراء الطريق يصد‬
‫السالكين‪..‬‬
‫بإمكاننا محو كل ما رسمناه في الذاكرة‪...‬إال أن هناك ماضياا‬
‫يأبى الرحيل‪ ..‬محونا الكثير عدا ذاك الجزء المتشبث في‬
‫جدران الذاكرة‪ ..‬ذاك ماض جازفنا من أجله باألمنيات وبذلنا‬
‫فيه كل اآلمال‪..‬‬
‫ليس كل شيء يُمحى‪ ،‬فهناك ما استنزف منا كل آيات النجاح‪!..‬‬

‫‪73‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫معادلة الحب‬

‫المعادلة‪:‬‬
‫الحب‬
‫المعطيات‪:‬‬
‫اشتياق حزن‬
‫أرق ذكرى خفقان‬
‫سريع في القلب‬
‫عند ذكر بعض‬
‫األسماء‪..‬‬
‫النتيجة‪:‬‬
‫موت ببطء‪..‬‬

‫‪74‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أزهر قلبي‬

‫دار الحول على بعضه سنينا ا‬


‫تعض على بعضها تلو البعض‪،‬‬
‫آنذاك كنت وحيدا ا عنك يملؤني‬
‫الفراغ ويربت على أضلعي أمل‬
‫اللقاء‪ ،‬كنت أخشى على فؤادي‬
‫الصغير غيابك‪ ،‬أخاف عليه من‬
‫هذا البرود الكامن‪..‬‬
‫لكنه أزهر من بعدك‬
‫فما عاد هناك من يقطف زهوره‪ ،‬لقد أزهر‬
‫قلبي‬

‫‪75‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫سجناء‬

‫نحن سجناء‬
‫يمر سريعا ا‪،‬‬
‫سجناء أنفسنا في صومعة أفكارنا‪ ،‬قد يبدو أن العمر ُ‬
‫يمر بتريث ومهل مدقع‪..‬‬‫نشعر به ُ‬
‫ُ‬ ‫لكننا‬
‫لن ننال حريتنا بحفنة من األحرف المصطنعة بجداريات‬
‫المشاعر‪ ..‬فقد هرمنا من الداخل منذ قرون‪..‬‬
‫لن تعيدنا الكلمات فنحن نفتقد إلى شيء آخر أعظم من الكلمات‬
‫وأعظم من المواساة‪ ..‬نحن نفتقد إلى أشخاص كانوا لنا كل شيء‬
‫فأصبحنا بال شيء‪!...‬‬

‫‪76‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أين اللصوص‪..‬؟‬

‫شاهدت جدتي ذات مرة تخفي بعض النقود بحرص شديد فقلت‬
‫لها لماذا تفعلين ذلك يا جدتي؟‬
‫قالت لي كي أخفيها من اللصوص‪ ،‬فاللصوص سيسرقونها إن‬
‫رأوها‪..‬‬
‫ومنذ ذلك الحين وأنا أظهر حزني عله أن يراني لص فيسرق‬
‫حزني‪!...‬‬

‫‪77‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫خيبة سريعة‪..‬‬

‫هذا الخريف‬
‫يا عزيزة قلبي‬
‫يا وحيدة فؤادي‬
‫يا أرجوزة‬
‫حديثي‪..‬‬
‫جاء الخريف‬
‫ليحدثني عنك‪،‬‬
‫ليخبرني أنك هنا‬
‫ولو عصف بنا‬
‫ألف خريف‬
‫وخريف‪ ..‬لكنه‬
‫مر سريعا فبعد‬
‫سقوطك سقطت‬
‫أنا وانقضى‬
‫الخريف إلى‬
‫األبد‪ ..‬لقد كانت‬

‫‪78‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫األمنيات أساطير‬
‫أمل‪..‬‬

‫‪79‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫بداخلي غيمة‬

‫وأنا يا صديقي أشبه الغيوم إلى حد‬


‫كبير‪...‬‬
‫فهي تبدو رخوة كالدخان تسبح في‬
‫الهواء‪..‬‬
‫بينما تزن أطنانا ا من الكيلو جرامات‪..‬‬
‫وأنا قد أبدو أسير وحيدا فارغا ا ال يملئني‬
‫شيء‪..‬‬
‫بينما تتزاحم بداخلي كل ضوضاء‬
‫العالم‪..‬‬
‫قد أبدو مرحا ا حفيف الظل بشوشا ا‪...‬‬
‫لكنني أفعل كل ذلك ألتحاشى نظرات‬
‫الناس‪..‬‬
‫الفارق الوحيد أنها تمطر بينما أنا ال‪..‬‬

‫‪80‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫رحلنا كُرها‬

‫لم نرحل بين ليلة وضحاها‪..‬‬


‫لم نكن يوما نبتغي الرحيل عن سعادتنا‪..‬‬
‫حاولنا قدر اإلمكان إن لم يكن فوق اإلمكان أن نتشبث بأدنى‬
‫مبرر نختلقه‪...‬‬
‫حاولنا أن نلتمس ما يمكن وما ال يمكن أن نلتمسه من األعذار‪..‬‬
‫حاولنا‪ ...‬ولكن قاموس األعذار نفد‪..‬‬
‫حاولنا‪ ..‬ولكن ي ادا واحدة ال تُصفق‪!..‬‬

‫‪81‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ترنيمات قصيرة‬

‫لم أكن أتخيل أن النجوم تسير على األرض إلى أن صادفتُ‬


‫ُمقلتيك‪.‬‬
‫*****‬
‫زرقاء كـ سماء صافية في صدر الربيع‪ ،‬رمادية كسحب مثقلة‬
‫بالماء‪ ..‬كما لو أن لونين يتصارعان بداخل عينيك‪ ،‬فانتهى بهما‬
‫الصراع إلى هدنة دائمة أصبحت على إثرها أتأمل السماء في‬
‫عينيك نهارا ا والسحب الماطرة ليال‪..‬‬
‫*****‬
‫إن كانت ك ُل الطرق تؤدي إلى روما‪..‬‬
‫فإن كل الجمال يؤدي إلى عينيك‬
‫*****‬
‫عرفتك كأنني لن أنساك أبدا ا‬
‫ونسيتك كأنك لم تكوني يوما ا!‬
‫*****‬

‫‪82‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ال شتاء يؤلمني كـ شتاء ذكراك المتحجرة على يسار صدري‪!..‬‬


‫*****‬
‫كل الطرقات التي مررتُ بها أصبحت تعرف حكايتي معك!‬
‫*****‬
‫تنهدتُ بين نسائم االشتياق متمتما ا‪:‬‬
‫يمر سريعا ا كما مر حضورك‪!..‬‬
‫ليت غيابك ُ‬
‫*****‬
‫وحدك تجعلينني أعرف من أنا‪ ،‬وأجهل أنا‪ ،‬وأكره أنا‪ ،‬وأنسى‬
‫من أنا‪!..‬‬
‫*****‬
‫كنت الركن المضيء الذي أرنو إليه هربا ا من ضوضاء العالم‪..‬‬
‫لستُ أدري كيف انتقل كل الضوضاء في هذا الركن الصغير‬
‫الذي كان مضيئا في يوم ما‪!..‬‬
‫*****‬
‫حين أذكر اسمك يعتريني فصال الحزن والسعادة في آن معا ا!‬
‫*****‬
‫‪83‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫أو تُدرك الشمس القمر؟‬


‫أو يسبق الليل النهار؟‬
‫أو يلتقي خطان متوازيان؟‬
‫أو يجتمع الشتاء والصيف في مكان وآن معاا؟‬
‫أو التقيك عزيزتي؟!‬
‫*****‬

‫لست سوى وهم عابر وكنتُ أنا محطته األخيرة!‬


‫*****‬

‫كـجندي أعزل وقعتُ في أسرك دون أي مقاومة!‬


‫*****‬
‫ثم إنك يا عزيزتي حالة مستعصية عجز دواء الوقت أن‬
‫يداويها‪!..‬‬
‫*****‬

‫‪84‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫حين تتأكدين بأنني أحببتك بصدق سيكون الكبرياء قد طغى على‬


‫الحب!‬
‫****‬
‫حبستُ كلماتي عن غيرك حتى وافتها المنية!‬
‫****‬
‫والعش ُق من بعدك طائر مبتور الجناحين‪.‬‬
‫****‬
‫رسالتك بحد ذاتها عيد مستقل عزيزتي‪!..‬‬
‫****‬
‫حتى بعد رحيلها كانت الذكريات تنوب عنها في قتلي مراراا‪!.‬‬
‫****‬
‫حين أشتاق لك أختبئ في وسادتي محاوالا النوم على أمل أن‬
‫يزورني طيفك‪..‬‬
‫فال أنام وال أراك‪..‬‬
‫****‬

‫‪85‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫هناك من يغنيني عن الحديث معك‪ ،‬كالوسادة التي تحتويني في‬


‫الظالم‪.‬‬
‫****‬
‫عيناك رواية فريدة‪ ،‬عاجز أنا عن تصنيفها‪ ،‬مشوقة‪ ،‬ال أستطيع‬
‫صرف النظر عنها‪.‬‬
‫*****‬
‫لو يرى معلمي رسائلي معك أكاد أجزم أنه سيرفع محضرا ا‬
‫ضدي بتهمة تزوير أوراقي‪ ..‬فقد خنت لغتي وشاركتك األخطاء‬
‫اإلمالئية‪.‬‬
‫*****‬
‫أحاول نسيانك‪ ،‬والمحاولة في قاموسي تعني‪:‬‬
‫الفشل!‬
‫*****‬
‫أراني أحببتك‬
‫وأراهم يقولون لي أضغاث يقظة‪..‬‬
‫لكني أنتظر من يقول أنا أنبئكم بتأويله‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫*****‬
‫إلي عزيزتي أُسار ُرك أنك سري و ُحزني و ُحبي ُ‬
‫ورزنامةُ‬
‫سعادتي‪.‬‬
‫*****‬
‫تجتس من نسيم هواك علها أن تأخذ‬
‫ُ‬ ‫قد سارت نحوك الذكرى‬
‫من نفسك شهقةا فتتذكرين أن هناك شخصا ا ما زال ينتظرك‪...‬‬
‫*****‬
‫ولو عاد بي الزما ُن إليك ثالثا ا ورابعا ا ل ُخدعتُ بلهفة قلبي مجدداا‪،‬‬
‫فقد كان يغمرهُ حنانك فال يرى في غيرك سبيالا‪..‬‬
‫*****‬
‫ال أحد يُشبهك‪ ،‬أنا ُجل أربعينك!‬
‫*****‬

‫نصيب‬
‫ُ‬ ‫كفى بالجمال رفعةا أن كان له من عينيك‬
‫*****‬

‫‪87‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ارحل قبل أن يرحلوا عنك‪..‬‬


‫تخل قبل أن يُتخلى عنك‪..‬‬
‫ال تنتظر أن يخبروك‪ ،‬فلكل شيء رائحة‪..‬‬
‫احمل ما تبقى من كبريائك وغادر‪!..‬‬
‫*****‬
‫بعض من االبتعاد وقليل من الصمت يخلق بداخلك نفسا ا ينس ُج‬
‫ُ‬
‫لك الدرب ليعيدك إليك‪.‬‬
‫*****‬
‫لقد تحطم سريرهُ باألمس‪..‬‬
‫لم يتحمل شدة تقلبه إثر إصابته بوعكة فكرية‪.‬‬
‫****‬
‫ما أتعس أن يُسامر اإلنسان خيبته‪!..‬‬
‫*****‬

‫وهذا الحني ُن أيا قل ُ‬


‫ب أين مرساه؟‬

‫‪88‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫على شاطئ اللقاء أم على شاطئ النسيان ألقاه؟‬


‫*****‬
‫إن لم يكن األحالم لقاء فليكن لآلمال فناء‪.‬‬
‫*****‬
‫ُ‬
‫األحاديث مستمرة ولكنها تترد ُد في نفس‬ ‫حتى بعد الغياب تبقى‬
‫واحدة‪!..‬‬
‫*****‬
‫نحتضر منذ أمد بعيد‪ ،‬فلم تحدث معجزة لتعيدنا إلى الحياة ولم‬
‫يعانقنا الموت كي نرتاح من سأم االحتضار‪!...‬‬
‫*****‬
‫صراخ دون صوت وألم دون مرض‪ ،‬شيء ما يُشبه الحلم‪،‬‬
‫تستيقظُ بعدها بصورة أخرى لكنك ما زلت تتذكر تفاصيل ذلك‬
‫الحلم فتعيشهُ مرة ا أخرى عند كُل ذكرى‪..‬‬
‫لم يكن ُحلما ا‪..‬‬
‫كان خيبة‪ ،‬خذالناا‪ ،‬انكسارا ا‬
‫كان شيئا ا مؤلما ا‪..‬‬

‫‪89‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫******‬
‫اإلفراط في النوم محاولة للهروب من الواقع أقصى مدة نستطيع‬
‫ليس إال‪..‬‬
‫*****‬
‫ينقشع النهار فـ تنقشع معه ابتسامتنا المزيفة!‬
‫*****‬
‫ما عدنا ننتظر الغد‪ ،‬فلينته اليوم ولينته معه كل شيء ولننتهي‬
‫نحن معه أيضا وليبقى الغد لمن ال زال ينتظره!‬
‫*****‬
‫خلف هذا الليل ليل آخر يسك ُن في داخل كُل منا‪...‬‬
‫*****‬
‫إن تكرار ذات األخطاء ال يعني سوى العمد!‬
‫*****‬
‫أليست األيام تمضي؟‬
‫فما بالنا ما زلنا نعيش في ذاك اليوم الذي مضى منذ وقت‬
‫طويل‪!..‬‬
‫*****‬
‫‪90‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ما أصعب أن تكون تائها ا في األماكن التي كنت تعرفها‪...‬‬


‫*****‬
‫كالعادة‪..‬‬
‫أخطأت يا صديقي‪...‬‬
‫كان أمرا ا مؤقتا ليس إال‪..‬‬
‫*****‬
‫وتـبـقـى غـريـبـا ا مـجـهـوالا حـتـى تـلـتـقـي مـن تُـحـب‪.‬‬
‫*****‬
‫قصة قصيرة‪:‬‬
‫أفرطنا فـ تُهنا فانتهينا‪..‬‬
‫*****‬
‫حتى تُدرك جيدا ا البد أن تتألم كثيراا!‬
‫*****‬
‫وحيث ال نعلم وال ندري حكايات مبهمة تتربع على عرشها‬
‫خيبات اإلدراك‪!..‬‬

‫‪91‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫*****‬
‫ويح الراحلين من جفاء القلوب إذا عادوا‪..‬‬
‫*****‬
‫لقد رحلوا إلى أعمق نقطة ألم في داخلنا تسمى الكآبة‪ ،‬أقصد‬
‫الذكرى !‬
‫*****‬
‫لم يعد هناك موسم للخريف فقد تساقط الجميع منذ زمن‪..‬‬
‫*****‬

‫ينعتونك بالجاهل إذا قلت لهم‪" :‬ال أعلم"‬


‫وكأنهم يعشقون الحكايات التي في جعبتك!‬
‫*****‬
‫مخاض واقعها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تول ُد الحروف بكامل أناقتها حين يشت ُد‬
‫*****‬
‫حتى األماكن لها من مشاعرنا نصيب‪...‬‬

‫‪92‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫*****‬
‫إن لم يكن لألحالم لقاء فليكن لآلمال فناء‪!..‬‬
‫*****‬
‫أخطأنا حين ظننا أنفسنا غصناا‪ ،‬بينما لم نكن سوى أوراق‬
‫تتساقط وتتغير من فصل آلخر‪..‬‬
‫*****‬
‫ُمرهق أنا‪..‬‬
‫من شيء ما ربما يشبهني‪!..‬‬
‫*****‬
‫صحيح بأن الكلمات ال تنتهي‪..‬‬
‫لكن الرغبة تنتهي‪..‬‬
‫*****‬
‫لكن في داخلي الكثير ما لو اطلعوا عليه لولوا عني من فيض‬
‫عتابهم‪!..‬‬
‫*****‬

‫‪93‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ثم تتالشى أحالم الواقع وتذروها الرياح في درك الشجو‪،‬‬


‫فنتمنى أن نُغلق أجفاننا حتى نحافظ على رؤية بقايا أحالمنا‪..‬‬
‫*****‬
‫جيلنا لم يعد يتطلع إلى المستقبل‪ ،‬أصبحنا نرتقب ونتمنى عودة‬
‫الماضي‪!..‬‬
‫*****‬
‫سلكنا سبيل الراحلين آملين أن نصادف بقايا ذاتنا المتناثرة في‬
‫قارعة الطريق‪!..‬‬
‫*****‬

‫تجاهلني‪ ...‬ال بأس‪ ،‬لن أتجاهلك لكنني سأتجاهل صداقتك‪،‬‬


‫سأعيدك إلى رف الغرباء كما أنزلتك منه سابقا ا!‬
‫*****‬
‫صدقني ال أحد يعلم فالكل عن بعضه جاهل‪!..‬‬
‫*****‬
‫توقف صراعنا الداخلي بداية لفصل آخر من البهوت‪...‬‬

‫‪94‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫*****‬
‫لقد رحلوا إلى أعمق نقطة ألم في داخلنا تسمى" الذكرى "‪..‬‬
‫*****‬
‫نح ُن لم نعتزل الحب‪ ،‬نح ُن اعتزلنا ما يؤذينا فقط‪!..‬‬
‫*****‬
‫بعد أن كان مشرقا باألمل باتت مالمحهُ تخطُ كل مرادفات‬
‫األسى‪!..‬‬
‫*****‬
‫لهيب القش‪ ،‬فخرجنا دون‬
‫ُ‬ ‫أحرقنا القش بحثا ا عن اإلبرة فأحرقنا‬
‫إبرة ودون روح‪!..‬‬
‫*****‬
‫وشاح وجهك بالهم متشحا ا‪ ،‬كأنما بدت على محياهُ سكينة‪...‬‬
‫عجباا‪ ،‬أهدو ُء البحر ينفي وجود الصدف؟‬
‫*****‬
‫أنت سعيد طالما لم يعلق أحدهم في شباك أفكارك‪.‬‬
‫*****‬

‫‪95‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫ليس كل من يفكر في شخص بمعنى أنه يحبه‪ ،‬قد يكون يفكر‬


‫في التخلص منه‪.‬‬
‫*****‬
‫أجمل ما في النهايات أنه ينتهي عندها تدخل البشر‪ ،‬تخرج عن‬
‫سيطرتنا كليا ا‪ ،‬فال يفيد الندم وال الحسرة‪ ،‬حينها ال يسعنا‬
‫سوى أن نبتسم ابتسامة عريضة‪ ،‬قد تكون ابتسامة رضى أو‬
‫ربما جنون‪!..‬‬
‫*****‬
‫كانت تُمطر‪...‬‬
‫ليس ضعفا ا وليس شوقا ا‪..‬‬
‫كانت تُمطر لتغسل قلبي من أثر حزنه‪...‬‬
‫*****‬
‫الحب ال يموت‪..‬‬
‫لكنه يهرم مع كل تجاهل وكل انكسار وكل ريبة‪ ،‬فيصبح عاجزا ا‬
‫ال يقوى على شيء سوى الحياة التي ال معنى لها‪..‬‬
‫*****‬

‫‪96‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫كخيبة عصفور اشتهى الطيران وحين ارتفع قليالا ارتطم بسقف‬


‫القفص‪!..‬‬
‫*****‬
‫إذا أوشك يومك على االنتهاء دون أية مشاكل اقرص نفسك‪،‬‬
‫فقد تكون تحلم‪..‬‬
‫*****‬
‫مرت السنين وأنا أنتظر حلول الربيع ليزهر قلبي من جديد‪..‬‬
‫لكن في داخلي شتا اء يأبى الرحيل‪!..‬‬
‫*****‬
‫كنتُ يائسا ا لكنني لم أصل حد أن أ ُغتال‪ ..‬وال متيقن األمل حد‬
‫التعثر‪..‬‬
‫كنت بين بين فال أموتُ يأسا ا وال أُصدم ُخذالناا‪...‬‬
‫*****‬

‫تنتهي ك ُل التساؤالت عند أول ضربة ُخذالن لتتحول إلى كتل‬


‫من الحزن يمأل دواخلك‪!..‬‬

‫‪97‬‬
‫_____________________________________________ لُغةُ الح ُْزنْ ___‬

‫*****‬
‫حدثني معلمي عن التكنولوجيا قائالا‪:‬‬
‫التكنولوجيا يا ولدي قربت البعيد وأبعدت القريب‪!..‬‬
‫*****‬
‫وأنا مثلك أيها البحر‪ ،‬أحتاج من يجوب أرجائي ويكسر صمتي‬
‫بثرثرته‪..‬‬
‫*****‬
‫وأخيرا ا وبعد ثمانين صفحة من البؤس أقول لك‪:‬‬
‫يجوز النفاق في االبتسامة فابتسامتك في وجه أخيك صدقة‪.‬‬

‫‪98‬‬

You might also like