You are on page 1of 67

‫وزارة التعميم العالي و البحث العممي‬

‫جامعة ‪ 8‬مـاي ‪ 5491‬قالمــة‬


‫كمية العموم اإلنسانية واالجتــماعية‬
‫قسم‪ :‬عمم اآلثار‬
‫تخصص‪ :‬آثار قديمة‬

‫مذكرة مقترحة لنيل شهادة الماستر‬


‫في اآلثار القديمة‬

‫الفسيفساء امليثولوجية املعروضة بمتحف سيرتا‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة‪:‬‬

‫‪ -‬مراد ز اررقـ ـ ـة‬ ‫‪ -‬محل العين بثينة‬

‫لجنة المناقشة‬

‫الجامعة‬ ‫الصفة‬ ‫الرتبة‬ ‫األستاذ‬

‫جامعة ‪ 80‬ماي ‪ 5491‬قالمة‬ ‫رئيسا‬ ‫أستاذ محاضر‬ ‫أ‪ .‬محند أكمي إيخربان‬

‫جامعة ‪ 80‬ماي ‪ 5491‬قالمة‬ ‫مشرف و مقر ار‬ ‫أستاذ محاضر‬ ‫د‪ .‬مراد ز اررقة‬

‫جامعة ‪ 80‬ماي ‪ 5491‬قالمة‬ ‫مناقشا‬ ‫أستاذ محاضر‬ ‫أ‪ .‬بوزيد فؤاد‬

‫السنة الجامعية‪1850-1857 :‬‬


‫بسم هللا الرحمه الرحيم‬

‫( وإذ قبه ابساهيٌ ألبيه آشز أجحخر أصْبٍب آىهة اّي ازاك وقىٍل في ظاله ٍبيِ* ومرىل‬

‫ّسي ابساهيٌ ٍينىت اىسَبوات واالزض وىينىُ ٍِ اىَىقْيِ فيَب جِ عييه اىييو زأي‬

‫مىمبب قبه هرا زبي فيَب افو قبه ال احب اآلفييِ* فيَب زأي اىقَس ببشغب قبه هرا زبي فيَب افو‬

‫قبه ىئِ ىٌ يهدّي زبي ألمىِّ ٍِ اىقىً اىضبىيِ* فيَب زأي ىشَس ببشغة قبه هرا زبي هرا‬

‫امبس فيَب افيث قبه يب قىً اّي بسيء ٍَب جشسمىُ* اّي وجهث وجهي ىيري فطس اىسَبوات‬

‫واالزض حْيفب وٍب أّب ٍِ اىَشسميِ )‬

‫صدق هللا العظيم‬

‫قرآن كريم‪ ،‬سورة االنعام‪ ،‬اآليات‪.47-47 ،‬‬


‫االهــــداء‬

‫نحمد اهلل ونشكره شك ار يميق بجاللو‪ ،‬سيل لنا الصعاب ووفقنا واليمنا القدرة إلنجاز ىذا‬
‫العمل الى الزىرة تنبعث احيانا من بين الصخر‪ ،‬وىذا ىو بصيص االمل في الميالي‬
‫المظممة‪ ،‬يعجز المسان عن التعبير والقمم عن الكتابة‪ ،‬فمو مكثت العمر كمو اجمع كممات‬
‫العالم لشكرك فال يكفيني عمري وال كمماتي‪ ،‬اليك انت يا باعثة كياني‪.‬‬
‫امي الغالية‬
‫الى الذي اطر حياتي طرز قمبي بالمعاني النبيمة التي تنبض سح ار وبرىانا في الوجود‪،‬‬
‫فتمقيت من نظرات عيونو دروسا عممني فييا معنى المروءة بعبارتين‪ :‬العمم واالخالق‬
‫ابي العزيز‬
‫الى سندي وعضدي ومتكئي في ىذه الحياة ‪:‬امينة‪ ،‬كريم‪ ،‬منال وشيماء‬
‫اخوتي‬
‫والى كتاكيت البيت‪ ،‬اريج‪ ،‬احمد اييم‪ ،‬وسجود‬
‫ابناء اخوتي‬
‫الى كل من قاسمتيم اياما من عمري‬
‫الى كل من عرفني وبادلني الحب واالحترام‬
‫الى كل ىؤالء أىدي ثمرة جيدي‬
‫شكر وعـــرفان‬

‫الحمد هلل جل ثناءه وتقدست اسماءه احمده واشكره عمى ما انعم عمينا من قوة وارادة التمام‬
‫ىذا العمل لقول خير المرسمين عميو الصالة والسالم ‪ :‬من لم يشكر اهلل القميل لم يشكر‬
‫الناس والتحدث بنعمة اهلل شكر وتركيا كفر‪.‬‬

‫أتقدم بالشكر‬

‫الى نخبة كل االساتذة الكرام عمى رأسيم مؤطري األستاذ الدكتور" مراد زرارقة "‬
‫الى مديرة "المتحف العمومي الوطني سيرتا " بقسنطينة االستاذة "سمطاني امال"‬
‫مساعدتي وموجيتي اثناء مشواري في التربص االنسة "لعناني نجمة "‬
‫الى كل عمال متحف سيرتا‬
‫والى كل من ساعدنا ولو بكممة‪.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫ى ى نغ‬ ‫على ىىرغم ى ىىنوعغاى ىىسغت ى ى غم من ى ى غ مألبح ى ى غم تى ىىلغ ى ىىال غم خ ى ى سغم اصتلخ ى ى غ ى ىىلغم‬

‫غ ل ى غ ى سغ‬ ‫م اتخنقى غإالغأسغا ضى غم خ ى سغداىىاغ م اى غ ىىلغم تاى نغم امدى غ م امدى غاىىسغم من ى‬

‫ى غ م تىىلغ ىلغاصتلخى غعىىسغ‬ ‫م خىسغد ى غاالى الغو اضى غد بىنغع ىحغ ىىاغب حى غاىسغ الاى غ اىنيغم ص‬

‫انغودني‪ .‬غ‬
‫غ‬ ‫الا غ‬

‫اسغ ذمغم ا طلقغد تبىنغم خىسغم ن اى لغب ىخ غع اى غاالى الغنحبى غد ى عغم خن ى غ ىاغب حى غ‬

‫ا باغعلرغم لعغأسغد ااغا ا غ ا غد ء غ دصت نغا غدحبحغ علرغم نوعغاسغذ ى غم ىعغم ا ىاغاىسغ‬

‫م تبغ م انمالعغمألال بد غم تلغع د غب خسغم ن ا لغباصتلى غ ن عىح غإالغم ىحغاىعغذ ى غاى مماغ ىلغ‬

‫ىىب غإ ىىرغتتبىىعغاى ن غاى غأ غأ ثىىنغاىىسغ‬ ‫ىىلغم ح ى قغ ى مءغب‬ ‫ح الى غإ ىىرغم امدى غغاىىسغم بحى غ ت‬

‫صىلاغم خ ى سغم اصتلخى غثىعغم دى عغب من ى غم تحلدلدى غ ع ى غم ا ن ى غبىدسغ ىذيغم اى ذ غم اصتلخى غ‬

‫ى غم خىىسغم ن اى لغ‬ ‫ى نغم اتلح ى غ ىىذمغ الغ ىىدا غقلى غم تىىبغ م ا منالىىعغم نبدى غم تىىلغت‬ ‫عبىىنغم‬

‫ى غ أ منضىلغ ىا اغم ند دى غتمصىنغبا مقىعغمثندى غ اى غتحتى غ‬ ‫ب خ غع ا غ م خ دخ ءغب ىخ غص‬

‫علىىرغاالا ع ى غاىىسغم خ دخ ى ءغم ن ا د ى غم الادل ى غ ا ىنمغ داتا ى غم ت ندصد ى غ ثنتا ى غ ى سغ من ىىتا غ‬

‫غم دى ى غا ىىسغم بى ى حثدسغ م من ىىدسغ ا ىىذمغم خ ىىسغا ىىسغاصتلى ى غأ حى ى ءغم ى ى عغ اى ى ن غم ت ى ى نغ‬ ‫أ ىىتا‬

‫ىىص نغم اصتلخى غ‬ ‫م خ دخ ى ءغ ىىلغمإلابنمط ندى غم ن ا دى غ ا ىىت انمتا غت ى غإ ىىرغو ىىرغم ا ط ى غب‬

‫اا غ مم غاسغمال تا عغباذمغم خسغ مم ني‪ .‬غ‬

‫‌أ‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫غ‬ ‫غ من ى غم خ دخ ى ءغا ضى غ ىىدقغ له دى غ اىىلغباث بى غ ى‬ ‫تالى نغمإل ى ن غإ ىىرغأسغا ضى‬

‫سغا ط غ ا اغإ ند د غ من تا غت ى ع غ ىلغ اىعغاضىا سغ‬ ‫ب غ ل د نغم اخضاغع غ‬ ‫ثادسغب‬

‫اغم ا ت ال غ داى غ ىذمغتخ ىدنغمأل ى طدنغ‬ ‫نغ ا لغم نا مغ مأل‬ ‫د غغاسغ‬ ‫م ل ح غم خ دخ‬

‫غم د د غ ال دا غم تلغاان غصلاغم ختن غم ن ا د ‪ .‬غ‬ ‫م دا غ حترغم‬

‫خلغم ب مدى غ ى غم خ دخ ى ءغذم غم ا مضىدعغم ادث الدى غقى غم بث ى غأل اغغ لى غ ىلغحدى غ‬

‫مإل ى ى سغ ىىلغحن ى ى غاتضى ى غ ىىلغم ى ى ن غمأل ىىرغو دتاى ى غمإلوى ىنمءغ ىىذمغاى ى غال ى ى غ ىىلغ حى ى غ‬

‫م ا ب ى غ د ى ا غ م ث د ى غب ى غم نعىىبغ ىىلغم خ ى اغ ىىذمغا ى غال ى تحغ ح ى غم ا ب ى غ بت ى س غأا ى غ‬

‫غم اذد سغ م تلغاثل غ لغ ح غم ا ب غب ص ا‪ .‬غ‬ ‫م ث ث غ الغا حغ‬

‫غ ا ى ىىحغ طى ىىن غمأل ى ى اغم ت ى ى لغ م اتاثى ىىاغ ى ىىل غا ى ى غا ى ىرغم ادث الد ى ى غ ا ى ى غ ى ىىلغم ل ح ى ى غ‬

‫د غغم ادث الد غم ا ال غب اتح غعلرغونمنغم ل ح غمألصنى؟ غ‬ ‫م خ دخ‬

‫ى غ ىىذيغم ل ح ى غ ىىذمغت ى دخا غح ىىبغم ا مضىىدعغم تىىلغ‬ ‫ى غ ىىلغ ىىذيغم من ى غ‬ ‫ى غح‬

‫ددسغأ اا غ اىن غ مألصىنغتطبد ىلغمأل اغاتاثىاغ ىلغ ىاغ‬ ‫لدسغأ‬ ‫تااغبحث غعلرغ‬ ‫ت الا غ‬

‫ا ى ى غ تى ىىبغعى ىىسغا ض ى ى غم خ دخ ى ى ءغ ى ى مءغ ى ىىلغم ا ى ى نغأ غم ا منالى ىىعغمألال بد ى ى غ م نبد ى ى غا ا ى ى غ‬

‫تص ا غ‬

‫الن غ دخ ءغم ند د غ ب ت نغ"‪De pachtere‬غ" م ا عغم دا غ لال مم نغ تدخ سغقىمماغ ‪Gsell‬‬

‫)‪(S‬غ"غأا ى غم ث ى لغ ى غتاثىىاغ ىىلغ من ى غ تحلدىىاغ ىىذيغم ل ح ى غادث غ الد ى غ ىىذمغت ى دخا غح ىىبغ‬

‫ى نغ اىىذيغمألصدىىن غ بى نوعغاىىسغإسغا ضى غبحث ى غ ىىذمغ م ىىعغ‬ ‫م ا مضىىدعغغم تىىلغت ىىالا غاىىعغمصىىذغم‬

‫‌ب‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫ىىنغم بحى غم ىىذ غتضىىاسغ‬ ‫ىىنغاىسغع‬ ‫م طى قغإالغأ ى غمقت ىن غعلىىرغإعطى ءغ بىىذ غ الدىىم غ ىاغع‬

‫ا‪.‬غ غ‬ ‫نغ مأل‬ ‫لدسغ أ اد يغبص تا غ ذمغالحقغ ل‬ ‫ا صاغ‬

‫خلغم ا صاغت غ غ بذ غت ندصد غعسغاتح غ دنت غغأ عغم احط غم تلغاىنغباى غ ىلغإ ى ءيغ‬

‫ءغم الا د غمألثندى غ ى غ‪2581‬عغاىسغطىن غم ى غو ن ىل غن ىلغ ىنب غ غ)غإ ىرغ‬ ‫ب مد غاسغإ‬

‫و د غد ا غ ذمغاعغمإل ن غإ رغأ عغأق احغ احت د تح‪ .‬غ‬

‫خلغم خ اغمأل اغتطنق ى غإ ىرغم من ى غم ت ندصدى غحدى غعن ى غاىسغصل اى غبخىسغم خ دخ ى ء غ‬

‫ذمغأ لحغ تط نيغاعغإعط ءغ اح غت ندصد غ الدم غباذمغم خسغم ندق‪ .‬غ‬

‫ماى ى غ ىىلغم خ ىىاغم ثى ى لغ ى ى غتطنقتى ى غإ ىىرغم ا ىىاغعل ىىرغم ل حى ى غم خ دخ ى ى د غم ادث الدى ى غغ‬

‫ىىخا غ تحلدلاى غ‬ ‫غ ىىلاغ غ حى غبى ص اغ ا ى غب‬ ‫م ا ن ضى غباىىذمغم اتحى غ ىىلغ د ى ا غمصتطى‬

‫نغ مألقد اغ ا غ‬ ‫ادث الد غاعغمصذغم د غاسغم‬

‫ىىلغمألصدىىنغ ضى غص تاى غ ى غعبى ن غعىىسغم ىىت ت ال غ م تىىلغتطنق ى غ داى غإ ىىرغمإلال بى غغغغغغغغغغغغ‬

‫اغم اطن غ لغم ا ا ‪.‬غ غ‬ ‫عسغمأل‬

‫‌ج‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول‬

‫ـ مقدمة‬

‫‪ -1‬المدخل‬

‫‪ -2‬تعريف الفسيفساء‬

‫‪ -3‬المراحل التاريخية لتطور فن الفسيفساء‬

‫أ‪ -‬في بالد الرافدين‬

‫ب‪ -‬في بالد المشرق‬

‫ج‪ -‬في بالد اليونان‬

‫د‪ -‬عند البيزنطيين‬

‫ىـ‪ -‬عند الرومان‬

‫‪ -4‬لمحة عن تاريخ الفسيفساء‬

‫أ‪ -‬المدرسة االغريقية وبداية ظيور الفسيفساء‬

‫ب‪ -‬المدرسة الرومانية‬

‫ج ‪ -‬المدرسة االفريقية‬

‫‪ -5‬تقنية صنع الفسيفساء عند االغريق‬

‫أ‪ -‬تقنية صنع الفسيفساء عند الرومان‬

‫ب‪ -‬صيانة وترميم الفسيفساء‬

‫‪5‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -1‬المدخل‪:‬‬

‫‪ ‬قسنطينة ‪:‬‬

‫عرفيا المؤرخون بعدة أسماء وألقاب عمى أرسيم الجغرافي العربي "البكري" الذي اطمق‬

‫عمييا اسم بالد اليواء ‪ ،1la cite aérienne‬ىذه المدينة التي كانت مرك از لتعاقب‬

‫الحضارات واستقطابيا لتترك لنا كل حضارة بصماتيا عمى حدى شاىدة بعراقة المنطقة‬

‫الضاربة في اعماق التاريخ ولعل كثرة المقى والمجموعات االثرية وتنوعيا اكبر دليل عمى‬

‫ذلك‪ ،‬وىو الشيء الذي دفع بكل من السادة ( كرولي‪ ،‬روني وشربونو( ‪1852‬الى انشاء‬

‫جمعية اثرية في ىذه المنطقة وذلك قصد المحافظة عمى المعالم واالثار التي تزخر بيا‬

‫المدينة ‪ ،2‬وقد كان مقر الجمعية في بداية االمر يتواجد بساحة الجمال او ما يعرف حاليا‬

‫برحبة الجبال‪ ،‬ولكن سرعان ما زاد عدد المقى والمجموعات االثرية من خالل االعمال‬

‫والحفريات التي قام بيا اعضاء الجمعية‪ ،‬حيث استفادت ىذه االخيرة من مبمغ مالي مقدم من‬

‫طرف البمدية يوم‪ 1855/11/28‬وذلك قصد اقتناء مجموعة "م‪ .‬كوستار الزار"‪ ،3‬وأمام‬

‫التزايد المستمر لمقى والمجموعات االثرية فقد تحصمت الجمعية عمى قاعة اضافية بمقر‬

‫البمدية الجديد سنة ‪ ،1860‬ولكن ىذه القاعة لم تكفي وعميو توجب وجود متحف بحد ذاتو‬

‫فاختيرت منطقة "كدية عاتي " كمكان لبنائو‪ ،‬الذي كان مقبرة سابقا‪ ،‬لما تتميز بو من‬

‫خصائص نظ ار لطبيعتو الصخرية‪ ،‬وتم تشييده سنة ‪ 1930‬في شكل عمارة نوميدية وبونية‬

‫‪1‬‬
‫‪ Annuaire de la société Archéologique de la province de Constantine, Paris, 1855; P102‬ـ‬
‫‪2‬‬
‫‪ Doublet(A) et Gauckler (P), Musée de Constantine, Paris, 1893 ; p6‬ـ‬
‫‪ .3‬دليل المتحف‪ :‬المتحف الوطني سيرتا قسنطينة‪ ،1991 ،1990 ،‬ص‪.4‬‬

‫‪6‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التي تجمع بين الطراز االغريقي والروماني‪ ،‬وىي مصممة من طرف الميندس "كاستمي"‬

‫)‪ ،(Castelli‬وقد فتح المتحف لمجميور في ‪15‬افريل ‪1931‬تحت تسمية "قوسطاف‬

‫ماريس" ‪ ،‬وىو االمين العام لجمعية االثار‪ ،‬وبقي يحمل ىذه التسمية الى غاية ‪ 5‬جويمية‬

‫‪ ،1975‬اين استبدلت وأصبحت " متحف سيرتا" نسبة الى االسم التاريخي الذي اشتيرت بو‬

‫المنطقة‪ ،‬وقد تم تصنيفو ضمن المتاحف الوطنية سنة ‪ 1986‬واصبح " المتحف الوطني‬

‫‪1‬‬
‫سيرتا "‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف الفسيفساء‪:‬‬

‫ىي لفظة اغريقية تعني الزخرفة‪ ،‬فالكممة تطمق عمى نوع معين من الحشرات المتميزة بتعدد‬

‫الوانيا وبياء مظيرىا ‪،‬فجاء لفظ الفسيفساء المعروف حاليا كأسموب فني وكصورة من‬

‫الجمال لتمك االلوان المتداخمة والمتشابكة فيما بينيا ‪.2‬‬

‫اما في كتابات فقد ظيرت كممة ‪ EMBELMA‬التي كتبت ابان وجود كل من‬

‫سوال‪ ،‬وقيصر وقد كانت ىذه الكممة تطمق عمى التابموىات الفسيفسائية ذات المستوى الراقي‪،‬‬

‫وقد كان ى ذا النوع ىو االقرب شبييا باألعمال المصورة عمى الحوائط‪ ،‬وقد اعتمد الفنان‬

‫الروماني عمى الرخام و العاج واالحجار الكريمة مثل ‪ :‬حجر االبيس الزولي والعقيق في‬

‫‪ .1‬دليل المتحف‪ :‬المتحف الوطني سيرتا قسنطينة‪ ،1999 ،‬ص‪.2‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ Rossi(F): La mosaïque, Paris, 1791 ; P6.‬ـ‬

‫‪7‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بعض االحيان ولإلضفاء الممعان عمى العمل كانوا يطعمون كل ذلك بالقطع الزجاجية كي‬

‫يخرج العمل في غاية الجمال ومتكامل‪ ،‬يتميز بالثراء في االلوان واالشكال البديعة‪.1‬‬

‫وىي ايضا عبارة عن فن من فنون التصوير يعتمد في تعبيره عمى عناصر عديدة‬

‫منيا الصور االدمية والحيوانية‪ ،‬الزخارف اليندسية والنباتية‪ ،‬اضافة الى زخارف خطية‬

‫(كتابية) مصاغة في قالب تقني موحد يعتمد في اساسو عمى قطع ال يتعدى حجم الواحدة‬

‫منيا سنتيمت ار واحدا‪، 2‬فيي فن زخرفة صناعة المكعبات الصغيرة واستعماليا في زخارف‬

‫ممونة معمولة بقطع صغيرة من المرمر او الزجاج او االصداف بشكل واحد تقريبا ومتشابية‬

‫بالحجم والسمك‪ ،‬فقد كان االستخدام االول لمفسيفساء ىو تزيين االرضيات‪ ،‬وقد شاع‬

‫استخداميا في بالد االغريق وخاصة في العصر الروماني ومدينة "بومبي" االيطالية ثم‬

‫استخدمت فيما بعد في تزيين الجدران من الداخل والخارج وكذا السقوف واالرضيات‬

‫‪3‬‬
‫والعمارة‪ ،‬برسومات فسيفسائية ذات صور واشكال متنوعة‪.‬‬

‫دكتور محمد ابراىيم عبد اهلل‪ :‬ترميم وصياتة الفسيفساء االثرية‪ ،‬المعيد العالي لمسياحة والفنادق وترميم االثارـ ابو قيرـ‬ ‫‪1‬ـ‬

‫االسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجماعية ‪ ،1437/2016،‬ص ‪.14‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ Gauckler(G), Musivum Opus, Paris. 1916, P.2.‬ـ‬
‫‪3‬ـ ناهض عبد الرزاق القيسي‪ .‬الفنون السخرفية العربية واالسالمية‪ ،‬االردن‪ ،‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪1227 ،‬ه‪2007،‬‬
‫م‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪8‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -3‬المراحل التاريخية لتطور فن الفسيفساء‪:‬‬

‫عرف فن الفسيفساء تطو ار ممحوظا‪ ،‬سواء فيما يخص المواضيع التي يتناوليا او فيما‬

‫يخص كيفية الصنع‪ ،‬وتشير الدراسات ان تطورىا كان من االسكندرية‪ ،‬فيي تعتبر مركز‬

‫اشعاع حيث انبعث منيا تياران رئيسيان ‪:‬االول اتجو نحو الشرق واسيا الصغرى‪ ،‬حيث‬

‫تكونت المدرسة الشرقية اليونانية‪ ،‬اما التيار الثاني فقد اتجو نحو الغرب وايطاليا‪ ،‬حيث‬

‫تكونت المدرسة الرومانية وشمال افريقيا منذ القرن الثاني ق‪.‬م عرفت الفسيفساء تطو ار‬

‫ممحوظا حيث اصبح حجم الحجارة مدروسا وتميز العمل بالدقة واالتقان والجودة مع سيطرة‬

‫الفن اليمنستي طيمة ىذه الفترة‪ ،‬اما فيما يخص فسيفساء شمال افريقيا فقد عرفت تطو ار كبي ار‬

‫وذلك بعد قدوم "ىدريان" حوالي ‪128‬م‪ ،‬ومعو معممين فسيفسائيين ىو السبب الذي ادى الى‬

‫تطور وازدىار ىذا الفن‪ ،‬حيث عرفت الفسيفساء في ىذه الفترة فن التصوير الذي كان في‬

‫غاية االتقان في تصوير االجسام وتنسيق االلوان مع سيطرة المواضيع الخرافية واألساطير‬

‫الميثولوجية‪ ،‬والمالحظ في ىذه الفترة ىو تعدد الورشات لصناعة الفسيفساء عمى سواحل‬

‫نوميديا وموريتانيا ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أ‪ -‬في بالد الرافدين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عرفت الفسيفساء منذ عيد مبكر في بالد ما بين النيرين القديم في معبد الوركاء‬

‫الذي يعود إلى االلف الثالثة ق‪.‬م حيث كانت الفسيفساء تصنع من أقالم أو مسامير من‬

‫األجر وكانت ىذه األقالم أو المسامير ذات رؤوس دائرية ممونة تغرس في جدران الطوب‬

‫حيث تشكل أشكاال زخرفية وفنية‪.2‬‬

‫ب‪ -‬في المشرق‪:‬‬

‫اصبحت الفسيفساء في العصرين اليوناني (‪ 30-333‬ق‪.‬م) و الروماني (‪30‬ق‪ .‬م‪-‬‬

‫‪ 313‬م) ذات تقنية متقدمة جدا واصبح ليا معممون وحرفيون ميرة في سوريا وبالد المشرق‬

‫عموما ومن الممكن ان تكون ىذه التقنيات قد تطورت محميا في عدة بقاع ‪ ،‬ونجد اثا ار ليا‬

‫بشكل اوضح في شمالي سوريا (انطاكيا) وفي تركيا لكنيا انتشرت بسرعة كبيرة في حوض‬

‫المتوسط كمو وذلك عمى شكل ‪ 3‬اساليب مختمفة ‪.‬‬

‫اـ فسيفساء المكعبات الدقيقة‪.‬‬

‫بـ ـ فسيفساء الحصى المستديرة ‪ :Opus Vermiculatum‬وىي غالبا غير منحوتة بدقة ‪.‬‬

‫جـ ـ فسيفساء المكعبات ‪ :Opus tesselatum‬حجارة مكعبة الشكل طول ضمعيا ‪1‬سم‬

‫تقريبا وكان افنان يقطعيا من الحجارة الممونة بدقة وميارة‪.3‬‬

‫‪1‬ـ احمد ابراىيم عطية‪ :‬ترميم الفسيفساء األثرية ط ‪ ،1‬القاىرة‪ ،‬دار الفجر لمنشر والتوزيع‪ ،2003 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪2‬ـ‬
‫ناىض عبد الرزاق القيسي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪3‬ـ‪.‬‬
‫موسى ديب الخوري‪ :‬الفسيفساء فن عريق ومتجدد‪ ،‬ماجد الزىر‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪10‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ج‪ -‬في بالد اليونان‪:‬‬

‫اعتبرت الفسيفساء اليونانية في بدايتيا فسيفساء تبميط تتوضع عمى عدة طبقات من‬

‫المالط فكانت تشكل زخرفة وزينة لألرضية ‪ ،‬وتسمح في الوقت بتنظيفيا بسيولة ‪،‬وخاصة‬

‫في ارضيات غرف االستقبال حيث تقدم الوالئم غالبا ‪.‬‬

‫حيث وجدت فسيفساء ىذه المرحمة في بيوت وصروح خاصة‪ ،‬كما وجدت في‬

‫مباني عامة وصروح دينية او مقدسة‬

‫وقد استخدم اليونان حصى االنيار وشظايا من الرخام ‪ ،‬اضافة الى بقايا الجرار‬

‫الكبيرة وبعض كسر الزجاج الممون لمحصول عمى الوان مختمفة من االسود والبني واالحمر‬

‫ظيرت خالل ىذه المرحمة في اليونان الزخارف ذات المواضيع اليندسية او النباتية التي‬

‫تشكل غالبا في شرائط مركزية ‪.‬‬

‫وكانت الموحة تحمل في بعض االحيان تواقيع الفنانين الذين انجزوىا لكن اسم الفنان‬

‫كان يظل مجيوال في غالب االحيان مما قد يشير الى ان اصحاب مشاغل الفسيفساء‪ ،‬لم‬

‫‪1‬‬
‫يكونوا بالضرورة من الفنانين او الحرفيين المعروفين‪.‬‬

‫د‪ -‬عند البيزنطيين‪:‬‬

‫ان كممة فسيفساء بالمفيوم البيزنطي نجدىا تطمق عمى زخارف الجدران المكونة من‬

‫القطع الصغيرة الزجاجية والعجائن الممونة او بعض االحجار الكريمة مثل ‪ :‬المؤلؤ حيث ان‬

‫فسيفساء الجدان والقبب قد بمغت مع الفن المسيحي ذروة ازدىارىا ‪ ،‬ويرجع ىذا النجاح في‬

‫‪1‬ـ موسى ديب الخوري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪11‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫جانب منو الى ادراك المسؤولين عن بناء الكنائس اىمية ىذا الفن واالمكانيات التي تقدميا‬

‫ىذه التقنية في نقل الرسائل الدينية الى المؤمنين ليذا اعتمدت الكنيسة وضع العبارات‬

‫الكتابية مدرجة ضمن لوحة الفسيفساء لمتعبير عن المعاني المقدسة وذلك كما في الصروح‬

‫الدينية والوثنية التي كانت ال تزال قائمة حتى ذلك الحين في الشرق األدنى وحوض‬

‫المتوسط‪.1‬‬

‫ه‪ -‬عند الرومان‬

‫لقد تطورت الفسيفساء تطو ار كبي ار في منطقة غرب البحر المتوسط خاصة بعد تدىور‬

‫المناطق الشرقية بسبب الحروب الداخمية واالستعمار الروماني‪ ،‬وىذا ما ادى الى ىجرة‬

‫الفنانين الفسيفسائيين الشرقيين من االسكندرية والجزر االغريقية الى روما حيث قاموا بتعميم‬

‫ىذا الفن لمرومان‪.‬‬

‫وقد انتشر استخدام المكعبات في ايطاليا خالل ق‪ 1‬م وخاصة المكعبات البيضاء‬

‫والسوداء وقد غطت ىذه المكعبات منذ ذلك الحين ارضيات وجدران البنايات العمومية‬

‫والمنازل بزخارف ىندسية متعددة‪ ،‬وقد تطور فن الفسيفساء في مناطق الغرب الروماني‬

‫خالل القرنين ‪ 1‬و‪ 2‬م فكان فنا جديدا عمى المنطقة وارتبطت بالحياة اليومية والعمارة‬

‫(البيوت‪ ،‬الحمامات والقصور) وسرعان ما بدأت تتولد خصوصيات محمية في االسموب‬

‫تشير الى نشوء مشاغل محمية في المدن الرومانية ‪ ،‬فظيرت اساليب مختمفة وجديدة بحسب‬

‫المقاطعات والمناطق‪.‬‬
‫‪1‬ـ‬
‫عزت زكي حامد قادوس‪ ،‬ومحمد عبد الفتاح السيد‪ :‬اآلثار القبطية والبيزنطية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬دار البستان لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.325‬‬

‫‪12‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وقد اعتمدت افريقيا الرومانية التحديثات التي ظيرت آنذاك واضافت عمييا مبدعة‬

‫اسموب متعدد االلوان ورائع الجمال لمزخارف النباتية‪.1‬‬

‫‪ -4‬لمحة عن تاريخ الفسيفساء‪:‬‬

‫أـ المدرسة اإلغريقية وبداية ظهور الفسيفساء‪:‬‬

‫تعتبر المدرسة اإلغريقية من أقدم المدارس في فن الفسيفساء وقد أرجعيا المؤرخون‬

‫إلى القرن ‪ 4‬ق‪.‬م وكان ميد ظيور العالم اإلغريقي‪ ،‬ثم انتشر في مختمف أنحاء العالم منذ‬

‫ق‪2‬ق‪.‬م ففي البدايات األولى لمفسيفساء كانت تحتوي عمى مواضيع مصورة وكانت مصنوعة‬

‫من حجارة غير منحوتة ذات أشكال طبيعية ومن نفس المون وىي تصور مواضيع أسطورية‬

‫أرضيات‬ ‫ىي‬ ‫اإلغريقية‬ ‫لممدرسة‬ ‫الفسيفسائية‬ ‫المجموعات‬ ‫أقدم‬ ‫من‬ ‫وزخرفيو‬

‫"اولنت")‪ (Olynthe‬شمال اليونان والتي يرجع تاريخيا الى‪348‬ق‪.‬م ويرجح أنيا أول‬

‫مجموعة فسيفسائية في تاريخ اإلنسانية‪ ،‬ويمكن اعتبار قطعة الفسيفساء المعروضة بقاعة‬

‫العصر المعيد لمتاريخ (فجر التاريخ ) بمتحف سيرتا نموذجا من الفسيفساء الخشنة الصنع‬

‫ويرجح أنيا تعود إلى الجيل األول ليذا الفن وىناك أيضا مجموعة "بيال")‪( Pella‬عاصمة‬

‫مقدونيا القديمة والتي ظيرت في أواسط القرن ‪3‬ق‪.‬م‪ ،‬كما وجدت بمدينة "مرقانتينة"‬

‫)‪ (MARGANTINA‬في صقمية لوحة فسيفسائية مصنوعة بتقنية "فرميكوالتوم"‬

‫)‪ (VERMICULATUM‬المتركبة من قطع صغيرة مكعبة صيغت في اشكال مختمفة‪،2‬‬

‫ونستعمل فييا الخطوط المنحنية وىي تشبو دودة االرض وىذه التقنية خاصة بتصوير‬
‫‪1‬ـ‬
‫موسى ديب الخوري‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ .2‬العالم االفريقي‪ :‬اسيا الصغرى‪ ،‬اليونان واليونان الصغرى‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الموحات الصغيرة‪ ،‬وذلك بمكعبات دقيقة ذات الوان مختمفة وطبيعية تسمح بالحصول عمى‬

‫تنوعات في االلوان‪.1‬‬

‫ب ـ المدرسة الرومانية‪:‬‬

‫عرفت التقنيات الفسيفسائية تطو ار كبي ار في منطقة غرب البحر المتوسط خاصة بعد‬

‫تدىور المناطق الشرقية بسبب الحروب الداخمية واالستعمار الروماني‪ ،‬وىذا ما ادى الى‬

‫ىجرة الفنانين الفسيفسائيين الشرقيين من االسكندرية والجزر االغريقية الى روما‪ ،‬حيث قاموا‬

‫بتعميم ىذا الفن لمرومان وقد اعطتنا مدينة "بومبي" مجموعة من الفسيفساء الجميمة المؤرخة‬

‫ما بين القرنين ‪2‬و‪1‬ق‪.‬م‪.2‬‬

‫ففي فترة حكم" يوليوس قيصر" اصبحت ايطاليا مرك از كبي ار وميما لصناعة الفسيفساء‬

‫‪3‬‬
‫التي تمقت شغفا واعجابا كبي ار في عيد "اغسطس‬

‫وقد انتشرت ىذه الصناعة في العالم عم طريق الحروب التي خاضتيا الجيوش‬

‫الرومانية‪ ،‬وظمت الفسيفساء الرومانية فنا ارستقراطيا الى غاية نياية القرن االول ميالدي‪،‬‬

‫وكان الفسيفسائيون الرومان عمى نفس المستوى الذي كان عميو الفنانون المصريون‪ ،‬فكانوا‬

‫يقفون عمى لوحاتيم ويدرسون كيفية صنعيا لمطالب وظيرت في ىذه الفترة مدرسة جديدة‬

‫لمفسيفساء تتميز بالبساطة واالعتدال والكالسيكية ‪ ،‬حيث تخمى الفنان ىذا عن التعدد في‬

‫‪ .1‬المنجي النيفري‪ :‬الحضارة التونسية من خالل الفسيفساء‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،‬الشركة التونسية‪ ،‬تونس‪ ،‬د‪ ،‬س‪ ،‬ن‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ginette (A), op cit ; p 241.‬ـ‬
‫‪3‬‬
‫‪ Gauckler(G), Op.cit. p, 9.‬ـ‬

‫‪14‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫االلوان وقمل من المواضيع المصورة واستعمل المواضيع الزخرفية اليندسية منيا والنباتية‬

‫بكثرة مع استعمال المونين االبيض واالسود‪.‬‬

‫وقد انتشرت ىذه المدرسة في معظم المستعمرات الرومانية منذ ق‪1‬م غير أنيا لم‬

‫تنتشر كثي ار في المستعمرات اإلفريقية‪ ،‬ومنذ بداية القرن ‪ 2‬م‪ ،‬عاد الفنانون الى المواضيع‬

‫المصورة وكذا التعدد في األلوان‪ ،‬ونالحظ ان الفسيفساء الرومانية قد ضعفت ونقصت‬

‫اىميتيا وذلك راجع الى ضعف االمبراطورية وتالشييا فاتحة المجال في ذلك إلى‬

‫اإلمبراطورية البيزنطية‪.1‬‬

‫ج ـ المدرسة االفريقية ‪.‬‬

‫يعود اصل الفسيفساء االفريقية الى الفترة البونية بقرطاج واشير مثال وجد ىو‬

‫فسيفساء "تانيت" التي عثر عمييا "بـ سمونست" )‪ (SELINOSTE‬بجزيرة صقمية المؤرخة بين‬

‫ق‪ 3‬و‪ 4‬ق‪.‬م ‪ ،1‬كما عثر أيضا عمى تبميطات لمنازل في مدينة "كيركون" بتونس والمؤرخة‬

‫بالنصف االول لمقرن ‪ 3‬ق‪.‬م‪ ،‬وتعود التأثيرات االولى لمفترة الرومانية ليذه المستعمرة الى‬

‫االسكندرية وذلك بقدوم الفسيفسائيين منيا ومن"سيران" )‪ (Syrene‬واقاموا بطرابمس خالل‬

‫النصف الثاني من القرن ‪ 1‬م ‪ ،‬وقد تعددت مواضيع فسيفساء ىاتو المدرسة بين ىندسية‬

‫وحياة يومية والعب رياضية‪.‬‬

‫وتطور فن الفسيفساء تحت حكم" االنطونيين والسيفريين" وذلك موازاتا مع تطور‬

‫فخامة البنايا ت وقد انتشر استعماليا في المباني العامة وخاصة الحمامات التي اصبحت‬

‫‪1‬‬
‫‪ Ginette(Ap), ibid. p 242.‬ـ‬

‫‪15‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المركز االجتماعي لمحياة اليومية ‪ ،‬وكان لقدوم "ىادريان" )‪ (Hadrian‬لشمال افريقيا حوالي‬

‫‪ 128‬م اثره عمى تطور ىذا النوع من الفن فكانت حاشية االمبراطور تضم بين لفرادىا‬

‫معممين فسيفسائيين جاؤوا لزخرفة المباني التي ستقام تشريفا وتكريما لإلمبراطور‪.‬‬

‫ففي بداية ق‪2‬م وفي عيد االنطونيين تعددت ورشات صناعة الفسيفساء عمى سواحل‬

‫نوميديا وموريطانيا نذكر منيا (عنابة) ‪HIPPO REGIUS‬و(قيصرية شرشال) ‪Jol‬‬

‫‪،Caesarea‬اما في المناطق الداخمية فنذكر (تازولت) ‪) Lambaesis‬وتيمقاد(‪،‬‬

‫‪Thamugadi‬اضافة إلى ورشات اوتيكا وقرطاج في تونس‪ ،‬وكانت الموحات الفسيفسائية‬

‫ليذه المدرسة تغطي ساحات كبيرة تصل حتى ‪100‬م‪ ،‬وفي عيد السيفريين زاد انتشار‬

‫الورشات في كل انحاء االمبراطورية‪.1‬‬

‫اما في افريقيا فقد ساعد تعدد االلوان عمى اثراء الفسيفساء وعمى انتشار ورشات‬

‫صنعيا في جميع انحائيا نذكر منيا‪ :‬تبسة (‪ ،)Theveste‬قسنطينة (‪ ،)Cirta‬سطيف‬

‫(‪ )Sitifis‬وسكيكدة (‪ )Resicade‬وفي نياية ق‪2‬م عرفت مواضيع الحياة اليومية رواجا كبي ار‬

‫بعد فترة طويمة من استبدال المواضيع الزخرفية المعتمدة في الفسيفساء بحيث عوضت شيئا‬

‫فشيئا بأشكال مستوحاة من الواقع ‪ ،‬وقد عبرت الفسيفساء عن عدة جوانب من الحياة‬

‫االجتماعية اإلفريقية والرومانية كالصيد‪ ،‬االبحار‪ ،‬وااللعاب واالعمال الفالحية‪.‬‬

‫كما ارتبطت الفسيفساء بوظيفة الغرف المبنى الذي يبمط مدخمو بفسيفساء كتابية او‬

‫بمواضيع رمزية تبعد الشر عن ذلك المبنى او ذلك المكان‪ ،‬اما في المعابد فنجد ان‬

‫ـ‪1‬‬
‫‪Gauckler (G) ; Op.cit., p 296‬‬

‫‪16‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المصميات تزخرف بزخارف تمتاز باالعتدال والتدين‪ ،‬بينما في الحمامات نجد مواضيع‬

‫االلعاب ومناظر بحرية‪ ،‬كما اصبحت الشخصيات االسطورية تمثل بنماذج زخرفية فقد فقدت‬

‫مفيوميا الديني‪.‬‬

‫وفي نياية ق ‪ 3‬م‪ ،‬اصبح تطوير الجسم االنساني ثقيال بحيث اختفت الرشاقة وخفت‬

‫الحركات وكذا الطابع التأثيري لألشخاص وتركت مكانيا لمييئات الجامدة‪ ،‬وفي ىذه الفترة‬

‫ايضا قمت الفسيفسائيات واصبح صانعوىا ال يقومون بتقميد النماذج المستوردة‪ ،‬وانما اتجيوا‬

‫الى المواضيع المجردة والفمسفية فاختاروا عدة صرر اسطورية اغريقية بسبب قيمتيا‬

‫المنفعية‪ ،‬فالفسيفساء لبتي وجدت في مقبرة "المبريدي" بباتنة ذات الموضوع الديني البحت‬

‫احسن مثال عمى ذلك‪.‬‬

‫ومع عودة السالم والثراء تحت الحكم الرباعي عرف فن الفسيفساء نفسا جديدا مع‬

‫االزدىار والتطور‪ ،‬واصبح الفنانون األفارقة معممين كبار يدعون الى صقمية واليونان‬

‫واسبانيا‪.1‬‬

‫‪.1‬‬
‫الحكم الرباعي‪ :‬االمبراطور ديوقمطيانوس‪ ،‬وبعد اتساع االمبراطورية الرومانية اشرك معو في الحكم ماكسيماتس‪،‬‬
‫خمورس‪.‬‬ ‫وغالريوس وقستنطيوس‬

‫‪17‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -5‬تقنية صنع الفسيفساء عند االغريق‪:‬‬

‫‪ -‬كسب وتسوية االرضية المستعممة جيدا ألنيا الدعامة االساسية لمفسيفساء‪.‬‬

‫‪ -‬وضع حصى ذات حجم كبير في الرمل‪.‬‬

‫‪ -‬صب حيط يتكون من الكمس‪ ،‬البوالزان‪ ،‬حصى صغيرة‪ ،‬كومة من الحجارة وجزئيات‬

‫صغيرة من األجر عمى الحصاة‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال ماسك او مادة ماسكة مكونة من عناصر دقيقة وناعمة وفي االخير توضع‬

‫وتمصق القطع الفسيفسائية ‪.1‬‬

‫أ‪ -‬تقنية صنع الفسيفساء عند الرومان‪:‬‬

‫‪ -‬بعد التسوية االرضية جيدا توضع طبقة متكونة من احجار صغيرة وتضاف ليا مادة‬

‫ماسكة‪.‬‬

‫‪ -‬وضع طبقة متكونة من جزيئات االجر ومادة ماسكة متكونة من الكمس والبزوالن‪.‬‬

‫‪ -‬وضع طبقة من المالط المتكون من خيط الكمس‪ ،‬مسحوق االجر‪ ،‬وبزوالن ومسحوق‬

‫الرخام‪.‬‬

‫‪ -‬وفي االخير توضع فوق ىذه الطبقات المكعبات الصغيرة ‪.2‬‬

‫ـ‪1‬‬
‫‪Giovanni )G(: La Mosaïque, Paris, 1989, P 33‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid. p 34‬ـ‬

‫‪18‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب‪ -‬صيانة وترميم الفسيفساء‪:‬‬

‫حماية الفسيفساء وصيانتيا ترتكز عمى االقالل من تأثير عمميات التغيير لمظروف‬

‫البيئية المحيطة (الرطوبة ‪ ،‬الح اررة والتموث)‪ ،‬ومن الحماية الشائعة اضافة منتجات طاردة‬

‫لمماء‪ ،‬واسترجاعية وان تكون مقاومة لإلشعاعات الفوق البنفسجية ومقاومة لتأثير االحماض‬

‫والفموريات والظروف لبيئية باستخدام الراتنجات الصناعية المالئمة ‪ ،‬وحماية الفسيفساء اثناء‬

‫عممية النقل والشحن لمعرض سواء في الداخل او الخارج وذلك باستخدام مواد مقاومة‬

‫لمصدمات كمخدات مثل‪ :‬رغوة يورثان‪ 1‬او رغوة البولي استيرين مع مالحظة دورية عمى‬

‫الفسيفساء وبحث ودراسة التغيرات لعالجيا وترميميا وسنرى دلك من خالل ىذه االمثمة‪.‬‬

‫تستخدم الفسيفساء والصور الجدارية والنقوش الجصية كعناصر زخرفية ممحقة‬

‫بالبناء‪ ،‬اي انيا عناصر غير اساسية في البناء من وجية النظر االنشائية‪ ،‬ويعني ذلك انو‬

‫ليس ضرورة او حاجة ماسة الستبدال االجزاء المفقودة منيا‪ ،‬وبالرغم من ذلك نجد ان‬

‫المرممين قد اختمفوا فيما بينيم في مدى التزاميم بيذا المفيوم‪.2‬‬

‫اخذ المرممون االيطاليون في "رافيينا" التي اشتيرت بكنائسيا المزينة بالفسيفساء‬

‫بمبدأ تكممة االجزاء الناقصة ان تأكد ليم شكميا القديم ثم يخيطونيا بخط احمر وذلك لمتفريق‬

‫بين الوحدات الجديدة والقديمة‪ ،‬ثم تخمو عن ىذا االسموب وفضموا عدم تجديد االجزاء‬

‫المفقودة منو‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫)‪Moncrieff (A) : poly Méthane foaming resins in studios in conservation vol, n3,(1971‬ـ‬
‫‪p 119.‬‬
‫‪2‬ـ د‪ .‬ابراىيم محمد عبد اهلل‪ :‬ترميم وصيانة الفسيفساء االثرية‪ ،‬المعيد العالي لمسياحة والفنادق وترميم االثارـ ابو فيرـ‬
‫االسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،1437/2016 ،‬ص ‪.304‬‬

‫‪19‬‬
‫عموميات حول الفسيفساء‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ىناك فريق اخرمن المرممين االيطاليين اخذوا مبدا تكممة الصور الجدارية بتجديد‬

‫الرسوم وااللوان المفقودة ‪ ،‬اذ تاكد ليم اصميا القديم ولكنيم ميزوىا بالوان افتح من االصمية‪.‬‬

‫وقد اسرف المرممون االسبان في تجديد االجزاء المفقودة من النقوش الجصية التي‬

‫تزين قصر الحمراء في غرناطة‪ ،‬وكانوا يستخدمون طريقة القوالب لالستبدال االجزاء المفقودة‬

‫من النقوش الجصية التي تزين قصر الحمراء في غرناطة‪ ،‬وكانوا يستخدمون طريقة القوالب‬

‫الستبدال االجزاء المفقودة من الوحدات الزخرفية المتكررة‪ ،1‬لكنيم ابدوا مؤخ ار تحفظا في‬

‫اعمال التجديد وتركوا االماكن الناقصة ممساء خالية من النقوش توخيا لألمانة العممية‪ ،‬ويرى‬

‫"ليتري")‪ (Littre‬بان المرمم ىو نفسو االصالح اي االرجاع االصمي لممظير االول‪ ،‬ىذا‬

‫بالنسبة لصيانة وترميم الفسيفساء المنزوعة من موقعيا‪ ،‬ولكن ماذا عن الفسيفساء التي لم‬

‫تنزع من موقعيا وبقيت معرضة لمعديد من العوامل المناخية التي تؤدي الى اتالفيا وافسادىا‬

‫ولكن ىماك حل لممحافظة عمييا والمتمثل في غطاء واقي والذي استعمل بكثرة عند‬

‫االيطاليين واعطى نتائج ايجابية والمتمثمة في‪:‬‬

‫‪1‬ـ وضع غطاء بالستيكي فوق الفسيفساء يكون مثقوب بفتحات ضيقة‪.‬‬

‫‪2‬ـ يوضع فوق ىذا الغطاء حوالي ‪ 20‬سم من الطين‪.‬‬

‫‪3‬ـ يوضع غطاء بالستيكي ثاني فوق الطين‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ 4‬ـ وفي االخير توضع طبقة سميكة من التربة حوالي‪ 20‬سم عمى األقل‪.‬‬

‫‪.1‬عبد المعز شاىين‪ :‬ترميم وصيانة المباني االثرية والتاريخية‪ ،‬دار الوفاء لدينا لمطباعة والنشر‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ص ‪.288‬‬
‫ـ‪2‬‬
‫‪Nardi )R( Travaux couverture provisoire pour les mosaïque, (Nicosie, chypre 1996), p13.‬‬

‫‪20‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‬

‫‪ -1‬تعريف الفسيفساء الميثولوجية‬

‫‪ -2‬المواضيع البحرية‪.‬‬

‫أ‪ -‬فسيفساء فينوس‪.‬‬

‫ب‪ -‬الدراسة الوصفية لفسيفساء فينوس‪.‬‬

‫ج‪ -‬التفسير الميثولوجي لموحة فينوس ‪.‬‬

‫‪ -3‬مواضيع خاصة باألبطال‪.‬‬

‫أ‪ -‬فسيفساء باخوس‪.‬‬

‫ب‪ -‬التعريف بالمعبود باخوس‪.‬‬

‫ج‪ -‬الدراسة الوصفية لفسيفساء باخوس‪.‬‬

‫د‪ -‬التفسير الميثولوجي لموحة باخوس ‪.‬‬

‫‪ -4‬فسيفساء اختطاف ىيالس‪.‬‬

‫أ‪ -‬الدراسة الوصفية لفسيفساء اختطاف ىيالس‪.‬‬

‫ب‪ -‬التفسير الميثولوجي لموحة اختطاف ىيالس‪.‬‬

‫ـ خاتمة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -1‬تعريف الفسيفساء الميثولوجية‪:‬‬

‫ىي تمك المشاىد والصور الفسيفسائية التي تروي القصص الخرافية ذات الخيال‬

‫والتصور حول األساطير الخرافية التي تروي عن األباطرة بصفة عامة ‪ ،‬كذلك تخصص‬

‫تصورات عن مدى عظمة وقوة اآللية ومعجزاتيا بصفة خاصة‪.‬‬

‫حيث تختمف جوانب حياتيم بمختمف مجاالتيا اليومية والدينية كمراحل متعددة بين‬

‫األباطرة واآللية مثل‪ :‬اإللو باخوس أو ما يعرف باألسطورة الديونيسية‪ ،‬حوريات البحر‬

‫األربعة الرب اوسيانوس ‪ ......‬وغيرىا من الموحات التي تتناول موضوعات مختمفة األحداث‬

‫والتي استخدمت فييا تقنيات مختمفة عن بعضيا البعض مما جعميا محل دراسة‪.1‬‬

‫‪1‬ـ‬
‫ع لطفي‪ ،‬م ياسين‪ :‬مذكرة تخرج لنيل شيادة الميسانس عمم اآلثار القديم‪ ،‬الفسيفساء الميثولوجية المعروضة بمتحف‬
‫تيمقاد‪ ،2009 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪23‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -2‬المواضيع البحرية‪:‬‬

‫أ‪ -‬فسيفساء فينوس‪:‬‬

‫تتمثل عمى الخصوص في الية البحر والصيد والبحارة ومن أشيرىا اآللية الموجودة‬

‫في معظم المدن الجزائرية القديمة‪ ،‬نذكر اآللية فينوس‪ ،‬نشأت في البحر الذي يعتبر مصدر‬

‫كل كائن حي تصور وىي جالسة عمى القوقعة التي ترمز الى الوالدة والحياة‪ ،‬ويتجنبو عمى‬

‫اليمين واليسار‪ ،‬آلية الحب المجنحة التي ترافقيا في معظم المشاىد الخاصة بيا‪.‬‬

‫استمر تمثيل ىذه المعبودة إلى غاية القرن‪ 5‬م مع إضافة الطراز النباتي المبسط في‬

‫ىذه الفترة فاإللية فينوس ترمز إلى الجمال وىي تقابل في الديانة الفينيقية‪ ،‬اآللية عشتارت‬

‫آلية الحب والجمال أما عند اإلغريق فتقابميا اآللية افروديت‪ ،‬وىذه الفكرة ترتبط مع‬

‫معمومات الباحث "فوشي" حينما تكمم عن األصل اإلغريقي لمعظم المواضيع المختارة من‬

‫طرف األفارقة ‪.‬‬

‫أما عن األسماك الدلفينات فيي تمثل أحيانا برفقة آلية الحب المجنحة واآللية‬

‫"بوسيدون" آلية البحر‪ ،‬وترمز إلى الحياة من جية كما تبعد العين الحسودة من جية أخرى‪.‬‬

‫ومنو فيذه المواضيع البحرية ليا عالقة مباشرة مع المياه وحركتيا‪ ،‬وعمى ىذا األساس‬

‫وجدت أثارىا في قاعات الحمامات المختمفة‪ ،‬كما زينت األحواض المائية والنافورات‪ ،‬ونظ ار‬

‫لدور المياه في الحياة اليومية لمسكان‪ ،‬فقد استغل الفنان اإلفريقي جميع المشاىير والمواضيع‬

‫المائية احتراما ليذا العنصر الطبيعي ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فالماء مصدر الحياة ورمز خصوبة األراضي ومصدر وفرة المنتوجات الزراعية‪ ،‬فمن‬

‫خالل تمثيل البحر يريد الفنان اإلغريقي أن يبين مدى اىتمام إنسان تمك الفترة بالتبادالت‬

‫التجارية والرحالت الطويمة التي كانت سائدة آنذاك ومن أشيرىا مشاىد برحالت البحرية‬

‫خاصة المتعمقة بأوليس ومغامراتو البحرية‪.‬‬

‫وتوفرت ىذه المواضيع الفسيفسائية في عدة مدن جزائرية قديمة سواء كانت ساحمية‬

‫كشرشال وىيبون او داخمية كقسنطينة والمبيز وتيمقاد‪.‬‬

‫وتمثيل كل ما لو عالقة بالمياه سواء في الساحل أو في المدن الداخمية دليل عمى‬

‫لعنصر الماء الذي يرمز إلى األمطار المتساقطة بفضل رغبة اآللية‬ ‫احترام األفارقة‬

‫المعبودة من طرفيم‪ ،‬والتي توفر بدورىا الخصوبة وثروة المحاصيل الزراعية التي تعتبر قوة‬

‫الشعب وىذا من الفترات البعيدة‪.‬‬

‫موضوع حوريات البحر‪ :‬تصور بجانب الشخصية األسطورية " اوليس" الذي تمكن‬

‫من مقاومتيا حين امسك بشدة العمود المركزي الموجود في الزورق الذي كان عمى متنو‬

‫واستطاع بعدىا أن يفر ليرجع إلى بالده‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ب‪ -‬دراسة وصفية لفينوس‪:‬‬

‫وجدت ىذه الفسيفساء في موقع خنشمة عمى بعد كيمومترات من وسط مدينة قسنطينة‬

‫من طرف السيد "العربي بوطارفة" سنة ‪1961‬م‪ ،‬كانت تغطي أرضية قاعة أكل‬

‫)‪ )triclinium‬خاصة بإحدى العائالت الرومانية‪ ،‬ويرجع تاريخيا إلى ق‪4‬م وىي في حالة‬

‫جيدة‪ ،‬مشيد ىده القاعة كان مقسم إلى خمسة عناصر أوال العتبة‪ ،‬ثم مشيد جيوميتريكي‬

‫والذي شغل فراغا عمى شكل حرف "‪ "U‬مشكل من معينات ومربعات غنية في حوافيا‬

‫باألزىار من جية‪ ،‬ومن جية أخرى العتبة بيا أرضية عمى شكل مربعين ممموئين الكل يمثل‬

‫مشيد صيد بحري كالسيكي أبعادىا (‪ 6.28‬م×‪ 6.23‬م) بسمك ‪ 4.42‬سم‪ ،‬صنعت ىذه‬

‫الموحة من مادة الرخام ولغرانيت‪ ،‬بمكعبات تراوحت بين ‪ 0.5‬و‪ 0.9‬سم اختمفت مكانتيا من‬

‫مكان إلى أخر فنجدىا في رجل الصياد الواقف ‪ 143‬دسم‪ 2‬وشريط أوراق الغار ‪120‬‬

‫دسم‪ ،2‬أما في الزخرفة اليندسية فوصمت إلى ‪ 79‬دسم‪ ،2‬وقد استعمل الفنان المون األسود‪،‬‬

‫األخضر‪ ،‬األبيض‪ ،‬البني الغامق والفاتح‪ ،‬الوردي‪ ،‬المغرة‪ ،‬األحمر األجوري‪ ،‬األرجواني‪،‬‬

‫والرمادي في رسم وتمثيل مشاىد الموحة‪.‬‬

‫وكذا الزخرفة المحيطة بيا‪ ،‬فقد صور فينوس عارية تجمس عمى ارداف نصف خيول‪،‬‬

‫وفي األسفل صيادين احدىما واقف واآلخر جالس‪ ،‬وأما في الوسط فنجد حيوانين بحريين‬

‫خرافيين ومشاىد الموحة المركزية ذات األبعاد (‪ 3.90‬م×‪ 2.20‬م)‪ ،‬جسدت عمى أرضية أو‬

‫خمفية بحرية مؤطرة ببساط ىندسي عريض مفتوح في األسفل‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقد وصف السيد السوس ىذه الموحة في المؤتمر العالمي حول الفسيفساء اليونانية‬

‫بقولو ‪":‬لقد ابدع الفنان في رسم المشاىد بحيويتيا وتأثيرىا إذ استعمل شخصية يعبر بيا عن‬

‫األحجام وقد احسن تنسيق األلوان النادرة‪ ،‬إن راس الربة ذاتو مع كبره وبساطتو ومع وجييا‬

‫األبيض واألزرق قميال يمثل آلية أخرى غير فينوس التي تسحر الشعراء"‪.‬‬

‫ىذه الموحة معروضة في متحف سيرتا عمى جدار القاعة الكبيرة بالطابق األرضي‪.‬‬

‫ج‪ -‬التفسير الميثولوجي لفينوس‪:‬‬

‫إن تصوير فينوس ىو احد المواضيع األكثر معالجة في فيرس الفسيفساء بصفة‬

‫عامة وفي فسيفساء شمال إفريقيا بصفة خاصة‪ ،‬ففينوس ىي معبودة التينية قديمة ففي‬

‫العصور القديمة عرفت كمعبودة لمحب والجمال والخصوبة‪ ،‬ىذه المعبودة ىي فينوس في‬

‫روما‪ ،‬وميميتا في بابل التي تعادل افر وديت اإلغريقية‪.‬‬

‫وان المعتقد بمعبودة الحب والجمال فينوس ليس محصور عمى اإلغريق والرومان بل‬

‫نجده في العديد من الحضارات القديمة بتسميات أخرى كعشتارت التي ىي معبودة الحب‬

‫والجمال في العراق القديم ولكن ليس لدييم نفس التصوير لموجو واالختالف يكمن خاصة في‬

‫الوظائف‪ ،‬حيث اصطمح عند العرب عمى المعبودة فينوس بتسميتيا الزىرة‪ ،‬حيث احتمت‬

‫المكانة األولى وضمن المعبودات التي انتشرت صورىا بمعظم مواقع شمال افريقيا ومن‬

‫‪27‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫شرقيا إلى غربيا‪ ،‬إذ يصل عدد الفسيفساء لتي تظير من خالليا المعبودة فينوس في‬

‫أوضاع وأشكال متنوعة إلى أكثر من‪ 22‬نموذج‪.1‬‬

‫ىذا ونجد أن المعبودة فينوس عرفت بأنيا والدة الشعب الروماني‪ ،‬حيث كانت عند‬

‫الرومان بمثابة ربة القوة والطبيعة المنتجة ‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك ربة الحدائق فقد أقام ليا ابنيا‬

‫"ايالس" حرم في صقمية ومن ىذا المقب اكتسبت فينوس المقب "ايرونيكا"‪ ،‬وقد عبدت تحت‬

‫لقب "فينوس فيميكس" أي جالبة النصر ولقبيا يوليوس قيصر بفينوس جينيتريكس‪ ،‬أي جدة‬

‫عائمة الشعب الروماني‪.2‬‬

‫كما كرم اإلمبراطور "ىادريان" فينوس بنى ليا معبدا عظيما مزدوج الشكل بروما‪،‬‬

‫وعبدت أيضا عمى أنيا "فينوس فيرتيكورديا" أ ي تمك التي تحول القمب حتى تحفظ نساء روما‬

‫من الخمود‪ ،‬وكان افريل شيرىا ‪ ،‬وقد كانت تساعد " انبياتي" واتبعو في رحالتيم البحرية‬

‫الطويمة الممموءة باألخطار من طروادة إلى ايطاليا وقد كانت نظرة الرومان الى فينوس‬

‫مطابقة إلى نظرة اإلغريق إلى افروديت‪.‬‬

‫كما أن فينوس فيكريكس كانت تصور نصف مغطاة مثل افروديت ‪ ،‬وتحمل في يدىا‬

‫اليسرى خوذة وخوذة في يدىا اليمنى وبجوارىا درع ‪ ،‬أما فينوس المعبد اليدرياني ‪ ،‬فتصور‬

‫جالسة وتحمل كوبيدو في يدىا الممتدة‪.3‬‬

‫‪1‬ـ بالكامل البيضاوية‪ :‬المرأة من خالل فسيفساء شمال إفريقيا‪ ،‬أصنافيا‪ ،‬أدوارىا ووظائفيا‪ ،‬مجمة امل‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪2‬ـ أمين سالمة‪ :‬معجم اإلعالم واألساطير اليونانية و الرومانية‪ ،‬ط ‪ ،2‬مؤسسة العروبة‪،1988 ،‬ص ‪.244‬‬
‫‪3‬ـ أمين سالمة‪ :‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.245‬‬

‫‪28‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حسب أقوال ىوميروس في اإللياذة ففينوس ىي ابنة زوس وديوني‪ ،1‬إال أن ىناك‬

‫بعض الشعراء لم يكونوا موافقين الرأي من خالل رأييم ان فينوس نسبت إلى زباد البحر‪،‬‬

‫ويقال أنيا ولدت منيا وقد حددت ىذه الوالدة قرب جزيرة ستيار‪ ،‬وتعتبر الصدفة الخاصية‬

‫‪2‬‬
‫الرئيسية لفينوس‪ ،‬ألنيا ولدت داخميا وسافرت فييا من سيتار إلى قبرص‪.‬‬

‫وبالتالي ففينوس يعني اسميا" وليدة الزبد" حممتيا األمواج إلى قبرص حيث خرجت‬

‫من الناء فاتخذت لقب "البارزة من الماء"‪.‬‬

‫ومنذ ذلك الحين ارتبطت ىتان الجزيرتان سيرتا وقبرص بفينوس فمقبت "بالسيتارية" أو‬

‫القبرصية‪ ،‬وقد جاءت فينوس من قبرص إلى االولمبيس كمعبودة الحب واليوى‪ ،‬ضف إلى‬

‫ذلك أنيا عبدت كمعبودة لمتناسل واإلخصاب‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Abedlouahab(N): le cortège de venus, A.M.N.A, N 5 ,1996.‬ـ‬
‫‪2‬‬
‫‪COMMELIN P ; mythologie grecque et romain, édition, illustrée de nombreuses,‬ـ‬
‫‪reproduction, bordas, paris, 1991, p 69.‬‬
‫‪3‬ـ‪ .‬مصطفى محمد قنديل زايد‪ :‬التعبير عن التعميم في الفن اليوناني والروماني‪ ،‬اطروحة مقدمة لنيل شيادة الدكتوراه‬
‫في اآلداب‪ ،‬بإشراف محمود حسين صقر‪ ،‬قسم عمم االثار‪ ،‬كمية اآلداب‪ ،‬جامعة طنطا‪ 2001 ،‬م‪ ،‬ص ‪.295‬‬

‫‪29‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما كان في استقبال فينوس الفصول األربعة "بنات تتيمس" وتيافتن عمييا والبسنيا‬

‫لباس لتغطي جسميا المكشوف وكانت فينوس كمما مشت او خطت خطوة تنبت الزىور او‬

‫الورود الجميمة تحت قدمييا وفي ىذه الجزيرة نمت فينوس وترعرعت كمعبودة لمحب‬

‫والجمال‪.1‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك نجد أن فينوس تعتبر من أجمل المعبودات وقد اثر جماليا في‬

‫البشر والمعبودات‪ ،‬حيث قام لفينوس الكثير من المغامرات الغرامية وأشيرىا ما حدث بينيا‬

‫وبين "ادونيس" وىو شاب رائع الجمال‪ ،‬وكان يتصف بأخالق الرجولة وىو مولع بالصيد‬

‫أكثر من كل شيء‪ ،‬وقد كانت فينوس تتجول معو وسط الغابات يوميا وما عادت تيتم‬

‫بزينتيا بل كانت تذىب معو في ثياب عادية تحمل قوسا وسيام‪.2‬‬

‫والمعبود ادونيس ىو الذي أحبتو وعشقتو المعبودة فينوس‪.3‬‬

‫ولما كان ادونيس يياجم الخنزير البري قام بمياجمتو وجرحو عمى رجمو مما ادى الى‬

‫موتو‪.4‬‬

‫‪1‬ـ‬
‫نايت وحمان وىيبة‪ :‬اجازة في األساطير اإلغريقية الرومانية من خالل فسيفساء تونس‪ ،‬كمية اآلداب والعموم اإلنسانية‬
‫جامعة محمد الخامس بالرباط‪ 1989،‬م‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪.2‬‬
‫امين سالمة‪ :‬األساطير اليونانية والرومانية‪ ،‬عظيمة ىي األساطير في نظر الشخص النبيل‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر العربي‬
‫‪ 1988‬م‪ ،‬ص ‪ 41‬ـ ‪.42‬‬
‫‪3‬ـ‬
‫ا‪.‬س‪ :‬سيفينسيسكايا‪ ،‬المسيحيون األوائل‪ ،‬اإلمبراطورية الرومانية‪ :‬خفايا القرون‪ ،‬تر‪ :‬حسان ميخائيل اسحق‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬
‫عالء الدين سورية‪ 2007 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪4‬ـ‪.‬‬
‫جيفري بيرنارد‪ :‬المعتقدات الدينية لدى الشعوب‪ ،‬تر‪ .‬امام عبد الفتاح إمام‪ .‬د‪.‬ط‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكويت ‪ 1993‬م‬
‫ص ‪.50‬‬

‫‪30‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ىذا وقد وجدت بعض الصور الفسيفسائية لممعبودة فينوس عمى المقابر حيث إذا ماتت فتاة‬

‫صغيرة السن يوضع عمى قبرىا لوحة فينوس وكان ذلك تقميدا شائعا‪.1‬‬

‫باإلضافة إلى انو تم وضع بعض الموحات الفسيفسائية لفينوس داخل المنازل لتزيين‬

‫جدران الغرف والممرات والحمامات لطرد الرواح الشريرة ‪ ،‬وقسوة العين الضارة فموحات‬

‫فينوس كان ليا داللتين ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ كانت لوحات لمتزيين ويتقرب منيا باعتبارىا معبودة الجمال وجالبة الحظ السعيد والرزق‬

‫الوفير‪.‬‬

‫‪2‬ـ تتمثل في أن القدماء كانوا يتفاءلون بيا وخاصة المموك والحكام ألنيم اعتبروىا جالبة‬

‫الحظ‪.2‬‬

‫ىذا وقد ذكر أن لممعبودة فينوس حزام يحمل البياء والسعادة وفيو قوة اإلقناع وحدة‬

‫النظر حيث قيل أن جونو استعارت الحزام من فينوس وذلك من اجل زيادة قوة النار‬

‫لجوبيتير ألجل االنتصار في معركة طروادة‪.3‬‬

‫‪1‬ـ‬
‫أمين سالمة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.245‬‬
‫‪2‬ـ‬
‫نايت وحمان نعيمة‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪.3‬‬
‫فراس السواح‪ ،‬موسوعة تاريخ األديان‪ :‬الكتاب الثالث اليونان والرومان‪ ،‬أوروبا ما قبل المسيحية‪ ،‬تر‪ :‬أسامة منزلجي‬
‫وآخرون‪ ،‬ط‪ ،1‬دار عالء الدين سورية‪2005،‬م‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪31‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما يعتبر كوكب فينوس ىو المفضل والزىرة‪ ،‬وطائرىا اليمامة قربانيا والخنزير البري‬

‫اما بالنسبة لمزخرفة المفضمة لدييا ىي الصدفة‪ ،‬وزىورىا المحببة ىي شقائق النعمان‪ ،‬التي‬

‫نبتت من سيالن دم ادونيس قتيال‪.1‬‬

‫‪ -3‬مواضيع خاصة باألبطال‪:‬‬

‫تتمثل في الموحات الفسيفسائية الحاممة لموضوع أشيل أو أو ليس ىيراكميس‪ ،‬ىذا‬

‫األخير الذي نال شيرة كبيرة في ىذا المجال‪ ،‬حيث مثل عمى العديد من الفنون التي انتشرت‬

‫في المدن الجزائرية القديمة‪ ،‬نذكر عمى سبيل المثال المدن المصابيح الفخارية لمفترة‬

‫الرومانية‪ ،‬وكذا القطع النقدية التي تعود إلى الفترتين النوميدية والرومانية إلى جانب التماثيل‬

‫الرخامية والتي تحفظ البعض منيا في المتاحف الوطنية‪.‬‬

‫ويحتفظ متحف زبانة بوىران عمى لوحة فسيفسائية تم الكشف عنيا في موقع بورتوس‬

‫ماغنوس (سان لو) وىي تحمل مشيد ىيراكميس والسنطور شيرون‪ ،‬والتي تبرز إرادة الفنان‬

‫في إبراز قوة وشجاعة ىيراكميس لغرض تمكنو من إلقاء القبض عمى الكائن العجيب شيرون‪.‬‬

‫‪1‬ـ‬
‫مصطفى محمد قنديل زايد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.295‬‬

‫‪32‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أ‪ -‬فسيفساء باخوس‪:‬‬

‫ب‪ -‬التعريف بالمعبود باخوس‪:‬‬

‫تنحدر تسمية باخوس من اسم المعبود اإلغريقي "باكوس" االسم الثاني "لديونيسوس"‪،1‬‬

‫معبود الكروم والخمر‪ ،2‬يعرف المعبود باخوس عند الالتين بـ ـ‪ :‬ليبرباتر‪ :‬اي االب المحررة‬

‫والمقصود بمعبود الخمر تخميص العقل من كل ىمومو وتحرير الروح من كل الظنون‬

‫والوساوس‪ ،‬وقد كان يقدس بشكل عام وخاص‪.3‬‬

‫كما أن باخوس يعتبر معبود النبات المزىر‪ ،‬معبود المسرح‪ ،‬معبود الجنون المقدس‪،‬‬

‫معبود سطوة الجنس‪ ،‬وىو معبود تمتد سطوتو إلى ما وراء القبر‪.4‬‬

‫يرمز العنب لممعبود باخوس ‪ ،‬حيث انو يعتبر المعبود الوحيد الذي يطمق عميو لقب‬

‫المعبود األعظم‪ ،5‬واىم مظير عظم فيو ىذا المعبود مظير سيد الكون وىو في عنفوان‬

‫شبابو‪.6‬‬

‫‪.1‬‬
‫ديونيسوس‪ :‬ىي اقدم تسمية ىمينية كان يطمقيا اإلغريق عمى معبود النبات والعنب ومانع نشوة اليذيان‪ ،‬والمعبود المرتبط‬
‫بالعالم األخروي‪ ،‬وبحيوية الطبيعة وبصفة خاصة بالكروم‪ ،‬حيث قام في مرحمة شبابو بزرع الكروم وعصرىا‪ ،‬ليذا‬
‫نجدان لديو عدة تسميات منيا‪ :‬مكتشف الخمر‪ ،‬غارس الكروم‪ ،‬والمشرف عمى معاصر الخمر‪.‬‬
‫‪2‬ـ‬
‫ابراىيم بورحمي‪ :‬مستعمرة مادوروس واقميميا الترابي‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شيادة دكتوراه دولة في اآلثار القديمة إلشراف‪:‬‬
‫محمد البشير شنيتي‪ ،‬جامعة بوزريعة‪ ،‬معيد اآلثار‪ ،2009 ،‬ص‪.47‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Hedi)s( ,Sols de la Tunisie Romain : Dionysos, édition : Cérès, Tunis, (S ,D), p81.‬ـ‬
‫‪.4‬‬
‫حسين الشيخ‪ :‬دراسات في تاريخ الحضارات القديمة‪ :‬ط‪ ،3‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪2004 ،‬م‪ ،‬ص ‪.257‬‬
‫‪5‬ـ‬
‫نجمة سراج رميمي‪ :‬الكروم والخمر في الجزائر القديمة‪ :‬معطيات أثرية واكنوغرافية حول زراعة الكروم وتصنيعيا وعبادة‬
‫الو العنب والخمر في المرحمة القديمة‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شيادة الماجستير في عمم اآلثار القديمة‪ ،‬إلشراف محمد‬
‫البشير شنيتي‪ ،‬كمية العموم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬معيد اآلثار‪2007 ،‬م ص ‪.373‬‬
‫‪6‬ـ‬
‫المنجي النيفر‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.96‬‬

‫‪33‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ولد باخوس قبل أوانو واستقبل من طرف أبيو الذي وضعو في فخذه ليكتمل نموه‬

‫وعندما حان وقت مولده أخرجو من جديد وذلك بمساعدة "ليثا"‪.‬‬

‫ترعرع باخوس في صغره في البادية‪ ،1‬واتصف إبان طفولتو بالبراءة والمرح وعندما كبر‬

‫أخذت "جونو" تطارده بدافع الغيرة فالتجأ إلى الترحال في الكثير من البالد ينشر زراعة‬

‫الكروم ويعمم الناس فائدتيا‪ ،‬وقد عيد جوبتير بتعميمو إلى "سيمينوس" العجوز السكير المرح‬

‫ذي األنف األفطس وأقدام العنزة‪.2‬‬

‫يحتل المعبود باخوس مكانة فريدة من نوعيا في فسيفساء شمال إفريقيا‪ ،3‬حيث أن‬

‫معظم الموحات الفسيفسائية اآلتي تناولت الموضوع الديونيزي مستوحات من الفن اليمنستي‪،‬‬

‫حيث نجد أن المعبود باخوس يعتبر واحد من أىم المعبودات الرومانية التي وجدت في‬

‫المسرح الروماني‪ ،‬ويرجح انو دخل شمال إفريقيا قبل االحتالل الروماني عبر قرطاج ابتداءا‬

‫‪4‬‬
‫من ق‪ 4‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫يصور المعبود باخوس كرجل ذي لحية في سن ناضج وجبين يعموه عادة إكميل من‬

‫المبالب وأصبح الحقا يظير كشاب غير ممتحي بمالمح نسوية يرتدي ثوبا طويال كالذي‬

‫ترتديو النساء‪ ،‬ويحمل بإحدى يديو صولجان وباألخرى عنبا أو كأسا من الخمر‪ ،5‬وقد غمب‬

‫‪1‬‬
‫‪Hedi (S) ; op.cit. p82‬ـ‬
‫‪2‬ـ أمين سالمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ the mosaics of Roman Northe Africa : Studios in iconography and patronage,‬ـ)‪:Katherine(D‬‬
‫‪in ;R .A, Edition ;clavendon, presse oxford, 1978, p173.‬‬
‫‪4‬ـ نجمة سراج رميمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.375‬‬
‫‪5‬ـ فراس السواح‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.142‬‬

‫‪34‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عميو التخنث في األقاليم المغربية من اإلمبراطورية الرومانية‪ ،1‬كما توج رأسو بشعر مجعد‬

‫ومشكل بعناقيد العنب وتنزل خصمة إلى الكتفين من جيتي الرقبة‪.2‬‬

‫كما كان يصور باخوس دائما وىو ثمل يحيط بو جمع من إتباعو السيمينتيين وىي‬

‫مخموقات بشرية ليا ذيول الخيل وآذانيا‪.3‬‬

‫ويظير باخوس في الصور عمى انو المعبود المحضر الذي يمنح البشرية إحدى‬

‫الزراعات األساسية ىي زراعة الكروم المرتبطة ارتباطا وثيقا بالحضارة المتوسطية في العيد‬

‫القديم‪ ،4‬من خالل صورتو عمى األواني الفخارية المقرونة بغصون الكروم‪ ،5‬وكما وجدت لو‬

‫تماثيل عديدة سواء عمى قطع نقدية أو نقوش حجرية في كل من خنشمة‪ ،‬تيمقاد وجميمة‪.6‬‬

‫لم تكن عبادة باخوس عامة كما ىو الحال لبقية العبادات‪ ،‬وانما اقتصرت عمى‬

‫الراغبين في تعمم عبادتو ذات الطابع البشري والغامض‪ ،‬والتي تقام في أماكن خاصة‪،‬‬

‫فالنقوش األثرية تخبرنا عن وجود جمعيات دينية تسير عن مراسيم عبادتو‪ ،‬حيث عثر عمى‬

‫خمسة تماثيل تعود ليذا المعبود وكميا مصنوعة من مادة الرخام‪.7‬‬

‫‪1‬ـ المنجي النيفر‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.95‬‬


‫‪2‬ـ سميم سعيدي‪ ،‬اآللية الوثنية األجنبية القديمة في مدينة كالما من خالل محتويات المسرح الروماني‪ ،‬مجمة المعالم‪،‬‬
‫العدد‪ ،15‬قالمة‪ ،‬نوفمبر‪2013،‬م‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪3‬ـ عاصم احمد حسين‪ :‬المدخل إلى تاريخ وحضارة اإلغريق‪ ،‬د‪،‬ط‪ ،‬مؤسسة األىرام‪ ،‬القاىرة‪1998،‬م‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪4‬ـ نجمة سراج رميمي‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.128‬‬
‫‪5‬ـ‬
‫عبد المطيف احمد عمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬
‫‪6‬ـ‬
‫محمد الصغير غانم‪ :‬المالمح الباكرة لمفكر الديني الوثني في شمال افريقيا‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،‬دار اليدى الجزائر‪،2005 ،‬‬
‫ص ‪.128‬‬
‫‪7‬ـ‬
‫نجمة سراج رميمي‪ :‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.196‬‬

‫‪35‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يصور باخوس في مختمف مراحل حياتو ومغامراتو من الطفولة إلى انتصاراتو‬

‫(انتصاره في اليند في فسيفساء سطيف ووىران) إلى جانب غرامياتو مع زوجتو أريان‬

‫(فسيفساء سيرتا)‪ ،‬واذ غاب المعبود نفسو من الموحات الفسيفسائية يوحى إليو من خالل‬

‫حضور إتباعو وأعضاء موكبو (سيالن‪ ،‬السكيرات‪ ،‬الحاضنات ساتير‪ ،‬جني‪ ،‬باخوس‪،‬‬

‫النمر‪ ،)...‬أو بالصورة التجريدية الرمزية عبر رموز مثل‪ :‬الباطنية المزراق‪ ،‬العنب الطاووس‬

‫‪.....‬وىذان النوعان من الموحات توجد بوفرة في كل من نوميديا‪ ،‬وموريتانيا أو الجزء الغربي‬

‫من البروقنصمية‪.1‬‬

‫يمكننا أن نحصر المشاىد الباخوسية حسب العناوين الثالث‪:‬‬

‫‪1‬ـ معارك الشاب باخوس مع الحيوانات الضارية‪.‬‬

‫‪2‬ـ انتصارات باخوس مع الجنس البشري‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬ـ باخوس في مواقف الحب‪.‬‬

‫ىذا وقد وقع باخوس في حب "اثينا" زوجة "اونيوس" وتزوجيا وانجبت "ديانيرا" كما تزوج من‬

‫"اريان "ابنة "مينوس" وانجب ثالثة ابناء‪.‬‬

‫ىذا ومن أىم خاصية تميز بيا المعبود باخوس انو يموت ويبعث من جديد بشكل‬

‫دوري حسب الفصول وكانت لو موىبة ترويض الوحوش وحماية البشرية من الحيوانات‬

‫‪1. Katherine(D) ; op, cit, p110.‬‬


‫‪2‬ـ‬
‫المنجي النيفر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬

‫‪36‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المفترسة ‪3.‬وقد كان الجدي حيوانو المفضل ويظير ذلك من خالل األدب والتراجيديا‬

‫اإلغريقية‪ ،‬حيث إن كممة تراجيديا اشتقت من اسم "تراجوس" أي "الجدي‪."1‬‬

‫ج‪ -‬الدراسة الوصفية لفسيفساء باخوس‪:‬‬

‫اكتشفت ىذه الموحة والتي تعود إلى القرن الرابع ميالدي بواد حميميم بقسنطينة سنة‬

‫‪1898‬م من طرف السيد "روكس" ‪ ،‬ويقدر عرض ىذه الموحة ب‪3.67‬م وبسمك ‪ 6.02‬سم‪،‬‬

‫وقد اندثر منيا جزء كبير وأما ما تبقى منيا فيو في حالة جيدة وقد استخدم الرخام ولغرانيت‬

‫في صناعتيا وجسدت مشاىدىا بعدة ألوان األبيض‪ ،‬األسود‪ ،‬البني الفاتح والغامق‪ ،‬األصفر‬

‫البرتقالي‪ ،‬األحمر األجوري‪ ،‬الرمادي الخردلي‪ ،‬األخضر العشبي والغامق‪ ،‬والمغرة‪ ،‬وتراوح‬

‫حجم المكعبات المستعممة من‪ 0.5‬إلى ‪ 1‬سم‪ ،‬بكثافة مختمفة من مكان إلى أخر‪ ،‬فنجدىا في‬

‫عازف المزمار ‪ 132‬دسم‪ 2‬وفخذ أنثى الفيد ‪ 110‬دسم‪ 2‬والخمفية ‪ 81‬دسم‪.‬‬

‫مثمت فسيفساء باخوس عمى أرضية بيضاء يتوسط المشيد أنثى نمر يبمغ طوليا‬

‫‪1.80‬م تقترب من إيناء الخمر ذو عروتين وعمى ظيرىا صبيان‪ ،‬وفي أسفل ىدا المشيد‬

‫نجد عمى اليمين عازف الناي‪ ،‬وفي الجية اليسرى ضاربة الطبل‪ ،‬غير ان الجزء الذي تظير‬

‫فيو ىذه األخيرة قد شوه وأطرت الموحة بشريطين أسودين توسطيما زخرفة لولبية تحيط‬

‫بجيات الموحة الثالث الجانبيان وكذا العموي‪.2‬‬

‫الموحة معروضة في متحف ـ سيرتاـ قسنطينة في رواق الطابق العموي‪.‬‬

‫‪1‬ـ‬
‫عاصم احمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪2‬ـ العايب رمضان‪ ،‬ذراع رضا‪ ،‬دليل متحف سيرتا قسنطينة‪ ،‬ب‪ ،‬ت‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪37‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫د‪ -‬التفسير الميثولوجي للوحة باخوس‪:‬‬

‫نظ ار لمتشوىات التي طرأت عمى الموحة‪ ،‬اعتمدنا في وصفيا وتحميل موضوعيا عمى‬

‫الصورة الحقيقية والتقريبية أن صح التعبير‪ ،‬وىي معمقة بالقرب من الموحة الفسيفسائية‬

‫بالمتحف‪ ،‬وقد اشتمل المشيد عمى أنثى نمر فوق ظيرىا صبيان ومن أماميا إناء خمر‬

‫وأسفل منيا نجد رجل وامرأة‪ ،‬أنثى النمر تقترب بخطى ثابتة وتدنو من قدح الخمر وفي‬

‫عنقيا شريط احمر‪ ،‬فاتحة فاىا وكأنيا تريد لعق الخمر ودلك من خالل تدلي لسانيا‪ ،‬أذناىا‬

‫منتصبتان وعينيا مفتوحة‪ ،‬تظير بعض الشعيرات عمى ذقنيا وشاربييا‪ ،‬العنق منحني نحو‬

‫إناء الخمر‪ ،‬الصدر عريض عضالتو ظاىرة‪ ،‬األرجل قوية بمخالب بارزة وىي في حالة‬

‫حركة‪ ،‬وأسفل البطن نالحظ ستة أثداء‪ ،‬جمدىا مزركش ببقع وأشكال بنية وسوداء‪ ،‬وايل‬

‫طويل ومنحني في حالة حركة‪ ،‬وقد صورت أنثى النمر وىي عمى أرضية مثمت بالمونين‬

‫الرمادي والبني أما الصبيان فيما عاريان‪ ،‬األول يمثل باخوس وىو صغير يحمل في يده‬

‫اليمنى عصا ويمسك بيده األخرى الشريط المشدود بعنق أنثى النمر‪ ،‬وىو في وضعية وكأنو‬

‫يمتطي حصان‪ ،‬أما الثاني فيو مجنح يحمل في يده اليمنى سوط ويده اليمنى معقوفة نحو‬

‫عنقو واضعا رجمو اليمنى عمى اليسرى في وضعية جانبية ـ وىو يمثل ممك ـ‬

‫وأمام أنثى النمر نجد إناء الخمر عمى شكل جرس مقموب لو عروتان طويمتان‪ ،‬يرتكز‬

‫عمى قاعدة اسطوانية وبداخل اإلناء خمر مثل بالمون األحمر الداكن وفي األسفل وعمى يمين‬

‫الموحة نالحظ عازف الناي عاري الجسم يحمل في يده اليمنى ناي وفي يده اليسرى عكاز‬

‫‪38‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ورداء ممفوف عمى ذراعو وقد صور بوضعية أفقية‪ ،‬شعره مزين بغصن الغار‪ ،‬العينين‬

‫سوداويين الحواجب كبيرة األنف عريض‪ ،‬الفم صغير الوجو ممتمئ وممتفت نحو اليسار‪،‬‬

‫العنق والمنكبين عريضين عضالت الصدر‪ ،‬الذراعين‪ ،‬البطن والفخذين قوية ومفتولة وقدماه‬

‫حافيتان‪ ،‬وفي مقابمو نجد ضاربة الطبل عارية الجسم عمييا رداء ممتف حول ذراعيا األيسر‬

‫وفخذييا يرفرف من حوليا في وضعية توحي بأنيا ترقص ماسكة الرداء بيدىا اليمنى‬

‫وباليسرى تحمل الطبل‪ ،‬شعرىا مسدول إلى الخاف ومزين بغصن الغار‪ ،‬عيناه صغيرتان‪،‬‬

‫األنف دقيق‪ ،‬الفم صغير الوجو ممتمئ ممتفت إلى اليمين‪ ،‬الرقبة متناسقة مع قوام الجسم‬

‫والرأس صدرىا عريض بأثداء مرتخية الخصر نحيل‪ ،‬الحوض واألوراك عريضة‪ ،‬الساقين‬

‫رشيقتين‪ ،‬القدمين حافيتين وعضدييا مزينة بأساور‪.‬‬

‫وقد أبدى الفنان الذي شكل ىذه الموحة براعة فائقة في توزيع المشاىد واختيار األلوان‪،‬‬

‫فنرى أنثى النمر قد توسطت المشيد وأخذت حي از كبي ار منو بألوان ومقاسات توحي بأنيا‬

‫حقيقية وكذلك تقنية الظل والنور التي أعطت األجسام تفصيال جميال ودقيقا‪.‬‬

‫ىذه الموحة وبحسب زخرفتيا الممتدة عمى الجيات الثالث والمفتوحة من األسفل توحي‬

‫بأنيا جزء من لوحة أخرى اكبر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -4‬فسيفساء اختطاف هالس‪:‬‬

‫أ‪ -‬الدراسة الوصفية ‪:‬‬

‫اكتشفت ىذه الموحة الفسيفسائية من طرف السيد "بارتيي جيرارد" ‪Berthier Girard‬‬

‫(محافظ متحف قسنطينة) خالل زياراتو التفقدية جنوب قسنطينة سنة ‪1933‬م‪ ،‬عمى بعد‬

‫حوالي ‪8‬كمم جنوب قسنطينة والتي بحسب تقديرىم تعود إلى القرن ‪ 4‬م‪،‬‬

‫وجدت ىذه الموحة في حالة جيدة بأبعاد (‪ )1.74×3.80‬م وذات سمك ‪ 6.7‬سم‪،‬‬

‫وقد اعتمد صانعيا في األساس عمى مادتي الرخام ولغرانيت وتراوحت أحجام المكعبات ما‬

‫بين ‪ 0.5‬و‪1‬سم أما الكثافة فقد اختمفت من مكان إلى أخر فنجدىا في بطن المرأة‬

‫المضطجعة ‪ 132‬دسم‪ 2‬ووصمت في الخمفية إلى ‪ 104‬دسم‪. 2‬‬

‫مثمت ىذه الموحة عمى أرضية بيضاء مؤطرة بإطار متكون من خطين أسودين‬

‫تتوسطيما زخرفة لولبية عمى شكل ضفيرة تحيط بالموحة من ثالث جيات الجانبيان والسفمي‬

‫أما المشيد فيتمثل في رجل وامرأتان فنشاىد امرأة تمسك بذراع الرجل وىما في حالة ركض‬

‫الرجل يحمل في يده سقاء وعمى يمينو نجد امرأة متكأه عمى جانبيا األيسر واضعة يدىا‬

‫اليسرى تحت خدىا وتحمل بيدىا اليمنى غصن اخضر ومن تحتيا نبع‪ ،‬أما األلوان فقد‬

‫استخدم األبيض‪ ،‬األسود‪ ،‬األخضر القاتم‪ ،‬الخردلي‪ ،‬الحمر‪ ،‬الوردي البني الفاتح والقاتم‬

‫‪1‬‬
‫الرمادي األصفر‪ ،‬البرتقالي والمغرة‪.‬‬

‫‪.1‬العايب رمضان‪ ،‬ذراع رضا‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪40‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فعند التمعن في كال لوحتي "ىيالس" و"باخوس" نالحظ أنيما عبارة عن لوحة واحدة‬

‫مقسومة الى طرفين وانتزعت بطريقة أفقية‪ ،‬المواضيع الرئيسية ليذه الموحة ىي بداخل تأطير‬

‫مضفر‪ ،‬فييا موضوعين باخوس طفل في الواجية العارية وفي الجية األخرى مشيد‬

‫اختطاف ىيالس‪ ،‬وفي الجية السفمى نشاىد منظر بو فيد يحمل عمى ظيره باخوس طفل‪،‬‬

‫مصحوبين بعازفين يمعبون عمى وسائل موسيقية ويظير لنا أنيا الناي واحد بواسطة "الفموت‬

‫"واألخر بواسطة "دف"‪ ،‬الموضوع الثاني كالسيكي ومستعمل كثي ار من طرف األفارقة وجد‬

‫في لومباز وباتنة‪ ،‬وىي جزء من مشيد ميثولوجي لنزول ىرقل وىيالس في بيكينيا اتوا لممئ‬

‫الماء من اجل السقي‪ ،‬ىيالس يحمل آنية فخارية (قمة) مقترب من الينبوع اين تم اختطافو‬

‫من طرف حورية‪ ،‬وىذه الموحة معروضة في متحف سيرتا ـ قسنطينة عمى جدار رواق‬

‫‪1‬‬
‫الطابق العموي‪.‬‬

‫ب‪ -‬التفسير الميثولوجي للوحة اختطاف هالس‪:‬‬

‫الموحة عبارة عن فسيفساء ميثولوجيو تمثل اختطاف "ىالس" البطل اإلغريقي رفيق‬

‫"ىرقل" من لدن عشيقتو آلية المياه‪ ،‬يتكون ىذا المشيد من ثالث أشخاص رجل وامرأتان‪.‬‬

‫‪1.‬‬
‫‪Amel soltani: sous presse.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ففي الجية اليسرى من الموحة نالحظ امرأة عارية ذات خصر عريض وصدر أنيد‬

‫متكئة عمى جانبيا األيسر واضعة يدىا اليسرى تحت خدىا‪ ،‬في وضعية توحي بأنيا تفكر‪،‬‬

‫وتمسك بيدىا اليمنى غصن اخضر ىذا المون الذي يدل عمى الخصوبة والعطاء‪ ،‬وىي‬

‫واضعة رجميا اليمنى فوق اليسرى وىما مغطيتان برداء أو لحاف ذو لون رمادي وممتف‬

‫بذراعيا األيسر‪ ،‬أما الوجو فيحمل مالمح توحي باليدوء والسكون‪ ،‬فميا صغير‪ ،‬انفيا دقيق‪،‬‬

‫ذات عينان ناعستان ووجو ممتمئ‪ ،‬وقد استعمل الفنان ىنا المون الرمادي والبني ال براز‬

‫مالمح الوجو‪ ،‬أما شعرىا فيو مصفف مسدول نحو الخمف كما يظير عمى كتفيا األيمن‪،‬‬

‫وقد استعمل في إب ارزه المون األسود والبني وزين شعرىا بأغصان نباتية خضراء‪ ،‬رأسيا ممتف‬

‫نحو اليسار الرقبة عريضة الكتفين متجيين نحو األمام‪ ،‬ويدىا اليمنى الماسكة بالغصن‬

‫مبسوطة عمى فخذىا األيمن أما القدم الظاىر فيو يتجو نحو اليمين وىو مناسب وقوام‬

‫الجسم‪.‬‬

‫وقد أبدع الفنان ىنا في إبراز مالمح الجسد وأعطانا شكال مثاليا لممرأة التي تمثل‬

‫حورية ـ آلية المياه العذبة التي نشأت من زيوس العاصف ـ كما يعتقد الرومان‪ ،‬ومن تحت‬

‫ىذه اآللية يتدفق نبع ماء‪ ،‬ىذا األخير الذي يرمز لمحياة والخصوبة‪ ،‬وعمى جانبي ىذا المنبع‬

‫نالحظ صخرتين وقد استعمل الفنان العديد من األلوان لتجسيد حركة وتدفق الماء كاألبيض‪،‬‬

‫األخضر الفاتح والغامق‪ ،‬األسود والرمادي ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وفي الجية المقابمة نجد مشيد يصور عممية اختطاف ىالس فنشاىده مندفعا نحو‬

‫اإلمام محاوال التممص واإلفالت من قبضة يد المرأة التي أمسكتو من يده اليسرى وردائو‪ ،‬إما‬

‫يده اليمنى فمبسوطة نحو األمام حاممة السقاء وىو يرتدي رداء احمر مربوط نحو عنقو‬

‫يرفرف من خمفو في اليواء نتيجة االندفاع وقد صور "ىالس" عاريا ذو قوام رشيق وعضالت‬

‫مفتولة واستطاع الفنان إبراز رد فعل "ىالس" عاريا ذو قوام رشيق وعضالت مفتولة واستطاع‬

‫الفنان إبراز رد فعل "ىالس" جسديا وكذا نفسيا وذلك بتجسيده لمحركة من خالل وضعية‬

‫األطراف والرداء وابراز مالمح الوجو التي ظير عمييا الفزع والذىول وقد بدت جميا في عينيو‬

‫المفتوحتين وكذا حاجبيو ولون وجيو المتغير‪.‬‬

‫ويظير ىنا "ىالس" بشعر كثيف ذو لون اسود مزين بألوان نباتية خضراء‪ ،‬عيناه‬

‫سوداوين كبيرتين‪ ،‬انفو عري ض‪ ،‬فمو صغير‪ ،‬وجيو ممتمئ‪ ،‬ذو رقبة ومنكبين عريضين‪،‬‬

‫وعضالت الصدر والبطن مفتولة فخذين عريضين‪ ،‬وقد استعمل الفنان األلوان وتقنية الظل‬

‫والنور لتحديد أبعاد الجسم ووضعياتو المختمفة فنالحظ الفخذ اليمنى ليالس قد تدرجت فييا‬

‫األلوان من األسود إلى البيض ثم من األجوري إلى األسود مرة ثانية‪ ،‬وىو ما يعطي أبعادا‬

‫شبو حقيقية لمفخذ ‪.‬‬

‫ومن وراء "ىالس" نجد امرأة ذات قوام رشيق وجسم ممتمئ تمسك بيدىا اليمنى ذراع‬

‫"ىالس" واألخرى ماسكة بردائو‪ ،‬شاخصة ببصرىا نحوه ومندفعة خمفو وذلك بحسب وضعية‬

‫الرجمين‪ ،‬وكذا الرداء الذي يتطاير في اليواء‪ ،‬ونالحظ أن جسد المرأة عاري ذو خصر‬

‫‪43‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وفخذين عريضين‪ ،‬شعرىا أشقر مجموع إلى الخمف مزين بأغصان نباتية ‪ ،‬الوجو ذو منظر‬

‫جانبي حيث بو عين كبيرة‪ ،‬األنف بارز‪ ،‬الفم صغير الوجو ممتمئ‪ ،‬الرقبة قصيرة والكتف‬

‫عريض‪ ،‬عمييا رداء احمر شفاف يغطي فخذييا وساقييا وممتف بعضدىا األيسر‪ ،‬واستعمل‬

‫الفنان المون األحمر واألبيض في تموين الرداء وكذا المون األسود لتحديد اطرافو وحركاتو‬

‫وتموجاتو‪.‬‬

‫وبعد تحميمنا ليذه الموحة الحظنا مدى تطور الذوق الفني والجمالي لمفنان الروماني‬

‫الذي استطاع تقسيم المشيد إلى جزئين متناقضين‪ ،‬جزء مميء بالحركة والنشاط واألخر‬

‫يغشاه السكون واليدوء واستطاع أن يمزج بينيما ليعطينا في األخير مشيد لعممية اختطاف‬

‫"ىالس" من طرف الحوريات‪.‬‬

‫وقد تشابيت ىذه الموحة بالموحة السابقة (فسيفساء باخوس ) في العديد من النقاط‪ ،‬بداية‬

‫من الزخرفة نالحظ أنيا أخذت في كال الموحتين نفس األلوان والمقاسات وكذا بانفتاح األولى‬

‫من األسفل والثانية من األعمى‪ ،‬وكذلك الخمفية واألرضية التي مثمتا عمييا‪ ،‬واذا رأينا األلوان‬

‫التي جسدت بيا الشخصيات وكذلك المحاف التي ترتديو ضاربة الطبل في فسيفساء باخوس‬

‫والحوريات في فسيفساء اختطاف ىالس وطريقة االلتحاف ظير تشابو كبير بينيما‪ ،‬كذلك‬

‫المقاسات‪ ،‬فطول األول فسيفساء باخوس ‪ 3.730‬م والثانيةـ‬

‫‪44‬‬
‫الفسيفساء الميثولوجية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إختطاف ىالس ‪ 3.80‬م فنجد الفرق بينيما ‪ 10‬سم واستنتجنا بأن ىذا الفارق يرجع‬

‫إلى عممية الترميم‪ ،‬فمو رجعنا إلى فسيفساء باخوس المرممة لوجدنا أن التمف قد قسميا‬

‫بالعرض إلى قسمين مما صعب من إرجاعيا إلى وضعيتيا الطبيعية فرممت بالتقريب‪ ،‬لذا‬

‫نشأ ىذا الفرق‪ ،‬ولو افترضنا أن أخذنا فسيفساء باخوس ووضعناىا فوق فسيفساء اختطاف‬

‫ىالس لكونت لنا لوحة واحدة بزخرفة متناسقة وأرضية متماثمة‪ ،‬ويبقى ىذا إال مجرد افتراض‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫خاتمـة‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫تعتبر الفسيفساء من أىم المقى األثرية في الفترة الرومانية حيث عرفت أىمية كبيرة حول‬

‫العديد من جوانب الحياة العتيقة‪ ،‬في الفترة القديمة بالتالي ىي من أجود الشيادات المصورة ‪.‬‬

‫كانت الفسيفساء وعبر كل العصور من أىم وأجود وسائل التعبير الديني واالجتماعي‬

‫والنفسي التي عبر اإلنسان من خالليا عن مكوناتو ومجد معبوداتو وصور األساطير والخرافات‬

‫بحسب معتقداتو حيث تكتسب مشاىد ىامة ذات قيمة جمالية تبير األعين‪ ،‬كذلك أنيا ال تكتفي‬

‫بالجانب الواقعي فقط بل أنيا تتعداه نسبة إلى انو فن زخرفي رائع بدوره‪.‬‬

‫ففسيفساء متحف سيرتا تقدم أروع المشاىد حول ىذا الفن الروماني الرائع فمن وراء كل‬

‫الموحات الفسيفسائية الموجودة في المتحف‪ ،‬فأنيا تضرب لنا موعد مع األلوان الفاخرة والمختمفة‬

‫لتبين لنا ذوق الفنان وصاحب المنزل اتجاه ىذه األلوان وكيفية تجسيدىا من الناحية المختمفة‬

‫الزخرفية لمزىور‪ ،‬وىدا لتميزىا بالدقة في اإلنجاز والتقنيات المعتمدة في ىده الموحات بتنوعيا‬

‫وبساطتيا نافذة مفتوحة وجذور ضاربة في أعماق التاريخ ما أن ننظر إلييا إال وتحاكينا عن‬

‫العظمة‪ ،‬وعن الغنى فيي بكل بساطة شاىد أبكم ومرآة تعكس كل ما تبصر‪ ،‬ورغم أىميتيا‬

‫التاريخية وقيمتيا األثرية وباعتبارىا وثيقة مادية لما تنقمو لنا من صور من مختمف جوانب‬

‫الحياة آنذاك‪،‬‬

‫إال أنيا ولألسف لم تحظى بالرعاية الكافية والعناية الالزمة رغم طبيعتيا الحساسة لذا‬

‫ارتأينا إعطاء حمول لبعض المشاكل التي رأيناىا ومنيا‪:‬‬

‫‪74‬‬
‫خاتمة‬

‫توفير قاعة خاصة بالموحات الفسيفسائية تكون مكيفة بدرجات ح اررة ورطوبة تتالءم‬

‫وطبيعة القطع المعروضة‪ ،‬وعرضيا حسب ترتيب زمني معين وارفاق كل لوحة ببطاقة تعريفية‬

‫تحتوي عمى ( رقم الجرد‪ ،‬االسم‪ ،‬المكان والزمان‪ ،‬التاريخ‪ ،‬وعنوان موضوعيا)‪.‬‬

‫توفير مرشد مختص بيا وكذا جعل الفتات وحواجز تمنع الزوار من لمس الموحات أو‬

‫المش ي عمييا‪ ،‬كما يجب خضوع الموحات لفحوصات دورية منتظمة وكتابة تقارير خاصة‬

‫بحالتيا‪.‬‬

‫وفي األخير أرجو أن يكون بحثي ىذا قد مس الموضوع المطموب‪ ،‬وأن يستفيد منو‬

‫جميع االختصاصات‪ ،‬وليس أصحاب ىذا االختصاص المعنيين فقط بيذا الفن بل وال بد من‬

‫تعريفو ونشره لمعامة خالل البحوث والممتقيات‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫قائمة المراجع بالمغة العربية‬

‫‪1‬ـ الكتب‪:‬‬

‫‪ .1‬محمد ابراهيم عبد اهلل‪ :‬ترميم وصيينة افسييسيينا اريريي ل افم ايد اف ينفي فةييينح وافسةيند‬
‫وترميم ارينري ابو قيري اريكةدري ل دار افم رف افجمنعي ل‪1437/2016‬ل‬
‫‪ .2‬ةيينهب عبييد افيير از افنييييي‪ :‬افسةييون افز رفي ي اف ربي ي واريييةمي ل ارردنل دار افمةيينه‬
‫فةةشر وافتوزيع ‪1429‬هل‪ 2009‬مل‬
‫‪1‬ل افنيينهرةل دار افسجيير فةةشيير وافتوزيييع‬ ‫‪ .3‬أحمييد اب يراهيم ع ي ي ‪ :‬تييرميم افسييسييينا ا يري ي‬
‫‪2003‬ل‬
‫‪ .4‬مويى ديب اف وري‪ :‬افسييسينا فن عري ومتجددل دل مل نل دل سلن‪.‬‬
‫‪ .5‬عييزت زكييي حنمييد قييندوس‪ :‬تيينري عةييم افسة يونل اريييكةدري ل دار افبشيينةي فةةشيير وافتوزيييع‬
‫‪2009‬ل‬
‫‪ .6‬عزت زكي حنمد قندوسل ومحمد عبد افستنح افييد‪ :‬اآلينر افنب ي وافبيزة ي ل ارييكةدري‬
‫دار افبيتنن فةةشر وافتوزيعل ‪2004‬ل‬
‫‪ .7‬افمةجي افةيسري‪ :‬افحضنرة افتوةييي مين يةل افسييسيينال دل ل افشيرك افتوةييي ل تيوةس‬
‫دل سل ن‪.‬‬
‫‪ .8‬ابراهيم محمد عبد اهلل‪ :‬ترميم وصيينة افسييسيينا اريريي ل افم ايد اف ينفي فةييينح وافسةيند‬
‫وترميم ارينري ابو فيري اريكةدري ل دار افم رف افجنم ي ل ‪1437/2016‬ل‬
‫‪ .9‬عبد افم ز شنهين‪ :‬ترميم وصينة افمبنةي اريري وافتنري ي ل اإليكةدري ل دار افوفنا فيديةن‬
‫فة بنع وافةشر‪.‬‬
‫‪ .10‬امين يةم ‪ :‬م جم اإلعيةم واريين ير افيوةنةيي وافرومنةيي ل ع يمي هيي اآليين ير فيي‬

‫ة ر افش ص افةبيللد ل لدار افسكر اف ربيل دل مل نل ‪1988‬م‪.‬‬

‫‪ .11‬ةني ييت وحم يينن ة يمي ي ‪ :‬اج يينزة ف ييي اري يين ير ارةرينيي ي وافرومنةيي ي م يين ييةل فييسي يينا‬

‫محمد اف نمس بنفربن ل ‪1989‬م‪.‬‬ ‫توةسل كةي ا داب واف ةوم اإلةينةي ل جنم‬

‫‪50‬‬
‫ل ‪3‬دار افم رف افجنم ي ل‬ ‫‪ .12‬حيين افشي ‪ :‬دراينت في تنري افحضنرات افنديم ل‬

‫اإليكةدري ل‪2003‬م‪.‬‬

‫‪ .13‬جيسري بيرةنرد‪ :‬افم تندات افديةي فدى افش وبل تر‪ :‬امنم عبد افستنح امنمل دن ل عينفم‬

‫افم رف ل افكويتل ‪1993‬م‪.‬‬

‫‪ .14‬عنص ييم احم ييد حي ييين‪ :‬افم ييد ل اف ييى ت يينري وحض يينرة اإلةريي ي لد ل ل م ييي ي اآله ي يرام‬

‫افننهرةل ‪1998‬م‪.‬‬

‫‪ .15‬محمييد افصييغير ةيينةم‪ :‬افمةميية افبيينكرة فةسكيير افييديةي افييويةي فييي شييمنل افرينييينل د ل ل‬

‫دار افادى افجزائرل‪2005‬م‪.‬‬

‫* الرسائل واالطروحات‬

‫‪ .1‬مص ي سى محمييد قةييديل ازيييد‪ :‬افت بييير عيين افت ةيييم فييي افسيين افيوةيينن وافروميينةيل ا روح ي‬

‫مندم فةيل شاندة افدكتوراه فيي اآلداب لرشيراف‪ :‬محميود حييين صينرل قييم اريينرل كةيي‬

‫ة نل‪2001‬م‪.‬‬ ‫اآلدابل جنم‬

‫‪ .2‬اب يراهيم بييورحةي‪ :‬ميييت مرة مييندوس واقةيمايين افت اربيييل ا روح ي مندم ي فةيييل شيياندة دكتييوراه‬

‫دوف ي فييي اآلييينر افنديم ي رش يراف‪ :‬محمييد افبشييير شييةيتي ل جنم ي بوزري ي ل م اييد اآلييينرل‬

‫‪2009‬م‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ .3‬يراج ةجم رميةي‪ :‬افكيروم واف مير فيي افج ازئير افنديمي ل م يينت ايريي اكةوةرافيي حيول‪:‬‬

‫زراع افكروم وتصةي ان وعبندة افه اف ةب واف مير فيي افمرحةي افنديمي ل ريينف مندمي فةييل‬

‫شاندة افمنجيتير في عةم اآلينر افنديم إلشراف محمد افبشير شةيتي‪.‬‬

‫*الموسوعات والمجالت‬

‫‪ .1‬ف يراس افي يواح لمويييوع تيينري ا دييينن‪ :‬افكتيينب افينفييثل افيوةيينن وافرومييننل اروبيين ميين قبييل‬

‫افمييحي ل تر‪ :‬اينم مةزفجي وا رونل ‪1‬ل دار عةا افدينل يوري ل ‪2005‬م‪.‬‬

‫‪ .2‬ي ييةيم يي ي يدي‪ :‬افآلفاي ي افويةيي ي ا جةبيي ي افنديمي ي ف ييي مديةي ي كنرم يين م يين ييةل محتوي يينت‬

‫افميرح افرومنةي مجة افم نفمل اف دد‪ .15‬أكتوبر ‪.2009‬‬

‫‪ .3‬بنفكنمي ييل افبيضي يينوي ‪ :‬افم ي يرأة مي يين ي ييةل فييسيي يينا شي ييمنل افرينيي يينل اصي ييةنفان ل ادوارهي يينل‬

‫وو نئسانل مجة امل اف دد ‪13‬ي ‪14‬ل افدار افبيضنا منرس‪1998‬م‪.‬‬

‫‪ .4‬اف نيب رمضننل ذراع رضن‪ :‬دفيل متحف ييرتنل قية ية ل ‪.1990‬‬

‫‪ .5‬دفيل افمتحف افو ةي ييرتنل قية ية ل‪1990‬ي ‪.1991‬‬

‫‪ .6‬دفيل افمتحف افو ةي ييرتنل قية ية ل ‪1999‬م‪.‬‬

‫‪ .7‬متنحف افجزائر (صور من افمنضي) يةية افسن وافيننف ل ‪.2011‬‬

‫‪52‬‬
:‫* قائمة المراجع بالمغة الفرنسية‬

1.Annuaire de la société Archéologique de la province de Constantine, Paris,


1855.
2. Doublet(A) et Gauckler (P), Musée de Constantine, Paris, 1893
3. Rossi(F): La mosaïque, Paris, 7917
4. Gauckler (G), Musivum Opus, Paris. 1916,
5. Giovanni(G( : la mosaïque, paris, 1989
6.Moncrieff (A) :poly Méthane foaming resins in studios in conservation vol,
N3,(1971)
7. Nardi, R, Travaux couverture provisoire pour les mosaïques, (Nicosie, chypre
1996)
8. : Abdelouahab (N): le cortège de venus, A.M.N.A, N 5 ,1996.
9 : Commelin (P); mythologie grecque et romaine, édition, illustrée bordas,
paris, 1991,
10 : Hedi )s( ,Sols de la Tunisie Romaine : Dionysos, édition : Cérès, Tunis,
(S ,D),

11:Katherine(D), the mosaics of Roman North Africa : Studios in icnography


and patronage, in ;R .A, Edition ; clavendon, presse oxford, 1978,

53
‫ملحق‬
‫الصور واألشكال‬
‫صورة رقم‪ :1‬تمثل فسيفساء فينوس‬

‫‪55‬‬
‫صورة رقم ‪ :2‬تمثل فسيفساء باخوس‬

‫‪56‬‬
‫صورة رقم‪ :3‬تمثل قطعة من فسيفساء‬

‫‪57‬‬
‫صورة رقم ‪ :4‬تمثل فسيفساء إختطاف هيالس‬

‫‪58‬‬
‫صورة رقم ‪ :5‬تمثل قطعة من فسيفساء اختطاف هيالس‬

‫‪59‬‬
‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫المحتوى‬

‫‪-‬‬ ‫شكر وعرفان‬

‫‪-‬‬ ‫إهداء‬

‫أ‪-‬ج‬ ‫مقدمة‬

‫الفصل األول‪ 9‬عموميات حول الفسيفساء‬


‫‪6‬‬ ‫المدخل‬

‫‪6‬‬ ‫تعريف الفسيفساء‬

‫‪8‬‬ ‫المراحل التاريخية لتطور فن لفسيفساء‬

‫‪01‬‬ ‫في بالد الرافدين‬

‫‪01‬‬ ‫في بالد المشرق‬

‫‪00‬‬ ‫في بالد اليونان‬

‫‪00‬‬ ‫عند البيزنطيين‬

‫‪01‬‬ ‫عند الرومان‬

‫‪02‬‬ ‫لمحة عن تاريخ الفسيفساء‬

‫‪02‬‬ ‫المدرسة اإلغريقية وبداية ظهور الفسيفساء‬

‫‪03‬‬ ‫المدرسة الرومانية‬

‫‪04‬‬ ‫المدرسة اإلفريقية‬

‫‪07‬‬ ‫تقنية صنع الفسيفساء عند اإلغريق‬

‫‪07‬‬ ‫تقنية صنع الفسيفساء عند الرومان‬

‫‪08‬‬ ‫صيانة وترميم الفسيفساء‬

‫‪16‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الفسيفساء الميثولوجية‬

‫‪12‬‬ ‫تعريف الفسيفساء الميثولوجية‬

‫‪13‬‬ ‫المواضيع البحرية‬

‫‪13‬‬ ‫فسيفساء فينوس‬

‫‪15‬‬ ‫الدراسة الوصفية لفسيفساء فينوس‬

‫‪16‬‬ ‫التفسير الميثولوجي لموحة فينوس‬

‫‪32‬‬ ‫مواضيع خاصة باألبطال‬

‫‪33‬‬ ‫فسيفساء باخوس‬

‫‪33‬‬ ‫التعريف بالمعبود باخوس‬

‫‪37‬‬ ‫الدراسة الوصفية لفسيفساء باخوس‬

‫‪38‬‬ ‫التفسير الميثولوجي لموحة باخوس‬

‫‪40‬‬ ‫فسيفساء اختطاف هيالس‬

‫‪40‬‬ ‫الدراسة الوصفية لفسيفساء اختطاف هيالس‬

‫‪41‬‬ ‫التفسير الميثولوجي لموحة اختطاف هيالس‬

‫‪47‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪50‬‬ ‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪44‬‬ ‫المالحق‬

‫‪50‬‬ ‫فهرس المحتويات‬

‫‪16‬‬

You might also like